رواية تمرد عاشق الجزء الثاني جواد وغزل كاملة جميع الفصول

رواية تمرد عاشق الجزء الثاني جواد وغزل للكاتبة سيلا وليد هي حكاية تنبض بالمشاعر وتفيض بالصراعات الداخلية والخارجية، حيث تتقاطع الأقدار وتتشابك المصائر في قصة حب مختلفة لا تخضع للمنطق أو الزمن.في رواية تمرد عاشق، يعيش القارئ حالة من الانجذاب العاطفي والتوتر النفسي، وسط أحداث متسارعة تكشف أسرارًا مدفونة وقرارات مصيرية تغير كل شيء. الرواية لا تقدم حبًا مثاليًا، بل واقعيًا، مليئًا بالتحديات والتضحيات.

رواية تمرد عاشق الجزء الثاني جواد وغزل كاملة جميع الفصول

رواية تمرد عاشق الجزء الثاني من الفصل الاول للاخير بقلم سيلا وليد

بالأسكندرية
رجع من عمله مساء وجدها تلعب مع أولادها بسعاده وقف ينظر لهم بحب ثم اقترب بهدوء وجلس على المقعد الذي يجاورهم بالحديقة
استنشقت رائحة عطره. ثم توجهت بأنظارها تبحث عنه وجدته يجلس بالقرب منهم ويشاهدهم
وقفت واتجهت اليه، سار عدة خطوات نحوها وضمها إلى ص. دره ثم وضع رأسه في عن. قها يستنشق رائحتها
ضمته من خص. ره بعشق ككل مرة يضمها كأنها أول مرة
رفع رأسه ينظر في عينيها بحب
وحشتيني قوي يانغومتي.

وضعت رأسها على ص. دره
وإنت وحشتني قوي ياحبيب نغم، اتأخرت ليه كدا
رفع ذقنها واقترب من شف. تيها يهمس لها
آسف وحاول أن يق. بلها
وضعت يدها ونظرت حولها
ريان الولاد هنا، ضيق عيناه وأردف متسائلاً
وايه يعني هو إنتِ مش مراتي ولا إيه؟
أجابته بإبتسامة حالمة
لا ياحبيبي دول كبرو وبدأوا ياخدو بالهم، عيب نعمل كدا قدامهم
جذبها من ي. دها متجها بها للداخل. قابله عمر نظر إليه مستغرباً
بابا إنت ماسك ماما ليه كدا زي الحرامي.

التفت إليه بحنق وأردف: -خد بالك من بيجاد ياعمر اوعى يروح يلعب عند البيسين
ضيق عمر عيناه مستفهما
-ليه وانتوا رايحين فين إن شاء الله
وقف ريان فجأة واستدار له ينظر بهدوء
-وحضرتك بتحقق معانا ولا إيه يا أستاذ عمر
نظر للأرض بخجل مش قصدي يابابا والله
- أنا بس بقول
- قاطعه متقولش حاجة فيه موضوع هكلم ماما فيه
ضيق عمر عيناه وأردف مس. تاءًا من والده.

- والله موضوع، وياتري ياريان باشا الموضوع دا مايتقالش قدامنا ولا شكله موضوع برايفت
- فيه ايه يلا هو تحقيق ولا إيه
وقفت نغم بينهم ونظرت لريان تستعطفه بنظراتها ألا يخجلها أمام ولدها
-خلاص ياريان ممكن نتغدى حبيبي وبعدين تكلمني على الموضوع، أردفت بها وهي تنظر لعمر بخجل
ضحك عمر عليها: - لا ياماما روحي شوفي موضوع ريان باشا ليكون موضوع خاص بالقوات المسلحة بس خدي بالك ليكون قايل الموضوع دا لكذا حد.

- اقترب منه ريان بتحفز وأمس. كه من تلابيبه
انت بتقول إيه يلا، سمعني كدا بتقول إيه
قب. له عمر على خده
-بقول إنك أحسن أب في الدنيا حتى اسال نغم مش كدا يانغومته
ثم اقترب من والده، إنت كبرت يابابا اهدي ياحبيبي عشان صحتك
-يخربيت طولة لسانك إنت بتقول ايه يامفعوص إنت
رفع منكبيه بطريقة مضحكة
- ابنك والحمد لله كبر وداخل على الخماستشر بس إنت اللي مش واخد بالك، أو يمكن بتتناسى ياوالدي العزيز.

- امشي ياعمر من قدامي ولا اقولك
أنا هروح لسيلا وأعرفها حوارتك كلها مع البنات ايه رأيك
أسرع عمر من أمامه. أنا هروح أشوف حمزة أصل يلعب جنب البيسين وي. وقع ثم غمز بعينيه لأبيه وترجع تلوم حالك إنت وقطتك يانمس
ضحك ريان عليه ثم اتجه بأنظاره لنغم
-الواد دا كبر امتى لا وفاهم وعارف كل حاجه يانغم
نظرت إليه بغض. ب
- كدا تفضحني قدامه ياريان قولتلك ولادك كبروا
- وبعدهالك يانغمتي ماهو إنتي اللي غلطانة.

ضيقت عيناها مستفهمة وأردفت
- أنا ذنبي ايه إن شاء الله. أقول لابنك خليك صغير بلاش تكبر وتكون طول أبوك
- لا ياحبي
قوليله بعشق أبوك ومبقدرش أبعد عنه ولا لحظة. وهو بيعشقني قد عشق العالم دا كله
سحبها من ي. ديها. أنا مبحبش أشرح نظري ياقلبي بحب العملي على طول
بعد فترة ليست بقليلة كانت تجلس بجواره. بقولك ياريان عايزة أكلمك في موضوع بس متتعصبش
رفع رأسه مضيقا عيناه ثم أردف متسائلا.

: مالك ياحبي من إمتى وأنا بتعص. ب عليكي يانغم
جلست ساحبة غطائها عليها ثم فركت يديها ونظرت داخل مقلتيه
-عايزة أحمل كمان مرة ياريان. نفسي في بنت قوي ياحبيبي
تنهد بضي. ق ثم سحب نفسا عميقا وأخرجه بهدوء متجها لها
- إنتِ عارفة كل مرة أنا بكون عامل إزاي يانغم وإنتِ حامل، بكون مر، عوب عليكي ياقلبي. غير الولادة
- ‏أمس. ك يديها وق. بلها ناظرا لها بعشق.

كفاية علينا الولاد ماشاء الله عندك أربع ولاد قمرات وبكرة يكبروا ويجبولك أربع بنات زي القمر.
ملست على وجهه بحب
- بس إنت كان نفسك في بنت
- إنتِ بنتي وحبيبتي ومراتي وكل حاجه ياعمري كله إنتِ ثم ضمها لأحضانه
بفيلا الألفي
جلست غزل بجوار جاسر بالحديقة وهو يسبح بالمسبح مع مدربته وتقرأ بعض الكتب الطبيبة
وصلت غنى إليها تتأفف
-مامي شوفي شعري، عز ابن عمو شدني منه وقالي أو خليتي بيجاد يشيلك هضربك
جذبتها لاحضانها.

-حبيبة مامي متخليش حد يمسك شعرك ولا حتى عز، هو بس زعلان منك، عشان انتِ دلوقتي عندك خمس سنين كبرتي وبقيتي آنسة حلوة وجميلة
جلست تضع ابهامها على شفتيها
-يعني كدا مينفعش العب تاني مع بيجو يامامي، بس هو بيزعل مني، وبيقولي بيجي مخصوص عسانى
مسدت على خصلاتها ثم طبعت قبلة على خصلاتها
-هو أنتِ بتحبي بيجو ياغنى. صفقت بكفيها الصغير
-بحبه اد البحر يامامي
بس معرفش ليه عز بيزعل مني.

خرج جاسر من المسبح متجها إليهما وبجواره مربيته
-لبسيه يانورة عشان مايخدش برد
جلس بجوار والدته تجفف خصلاته، ثم طبعت قبلة على خديها
-حبيبي ارتحت لما عمت، بابي لو عرف هيزعل، عشان لازم نسمع كلام بابي هو قال نعوم بس في الصيف واحنا لسة الحو برد شوية
-اوف مامي انا كبرت وعايز العب على طول في البيسين وبابي مش بيرضى
وصلت نهى إليهما وهي تكاد تتحرك بسبب حملها
ساعدتها غزل بالجلوس
-ايه ياقلبي، شكلك هتولدي ولا ايه.

تراجعت على الشيزلونج
-تعبانة اوي ياغزل، حمل البنات دا مقرف اوي، متعبتش كدا في عز
قهقهت غزل عليها وأردفت
-اومال لو حامل في توام، اسكتي انا بقيت بالونة قابلة للأنفجار
تحرك جاسر إليها يمسد على خصلاتها
-متزعليش انطي نهى، بكرة لما تولدي انا هلعب مع النونو
جذبته نهى لأحضانها
-هتلعب معها ياجاسر، وهتخاف عليها
صمت ينظر لوالدته، ثم اتجه إلى نهى
-هي اسمها ايه
-ابتسمت نهى، تلمس وجنتيه وتطبع قبلة عليه.

-عمو صهيب عايز يسميها جنى
-جنى، يعني ايه جنى
جذبته لأحضانها
-جنى يعني هتجمع حاجات كتيرة حلوة
ضيق عيناه غير مدرك لحديثها بسبب صغر سنه ولكنه طالعها قائلا
-لو حاجة حلوة هتكون جنتي أنا ياانطي، اما لو وحسة هخلي بيجاد ابن عمو ريان ياخدها زي غنى
دفعته غنى حتى سقط في المسبح
-انا مس وحشه انا حلوة، وهقول لبيجو
صرخت غزل عندما وجدته يحاول السباحة ولكن لا يستطع.

وصل صهيب الذي كان بمكتبة على صراخ غزل، قفز سريعا بالمسبح محاولا إنقاذه
حمله واخرجه، ثم وضعه على حافة المسبح
-ارتجف جسد غزل وهي تنظر لأبنها الذي يقوم بإخراج الماء من فمه
جثت بصعوبة أمامه بسبب حملها، تمسد على خصلاته عندما جذبه صهيب لاحضانه يضمه
-حبيبي سامعني
أجاب صهيب
-أنا كويس، انكمشت غنى وبدأت تبكي بشهقات تنظر لأخيها بحزن
رفع نظره إليها وتحدث.

-غنى مش تعيطي، انا كويس. رفعت غزل عيناها لأبنتها المنكمشة الخائفة، أسرعت إليها تضمها
-حبيبتي اهدي، اخوكي كويس. مسحت
دموعها بظهر كفيها
-مامي انا وقعته، مكنتش اقصد
حمل صهيب جاسر متجها به للداخل قائلا
-هتصل بالدكتور، لازم يجي يشوفه، مش عايز جواد يرجع ويقول قصرت مع الولاد
أوقفته غزل
-سيبه ياصهيب هو كويس، ملحقش يشرب ميه، استدار وهو مازال يحمله
-لا ياغزل لازم يجي يشوفه ويطمنا عليه
في فيلا المصري
في غرفة النوم.

تنام مرام بعمق ويجلس بجوارها عمر وهو يعمل على اللاب. قامت سيلا بطرق الباب
أذن لها بالدخول
-بابي ممكن نروح عند خالو النهاردة، أنا عايزة أكل كيك الشيكولاته بتاع طنط نغم
أمس. ك يدها وقب. لها عليها
-حبيبتي ماما تعبانة عشان هتجبلنا البيبي قريب
مدت شفتيها للأمام وتحدثت يعني مش هعرف أكل الكيك ياسي بابا
ضيق عيناه وتحدث بخبث
كيك برضو يابنت عمر، عادي أتصل بالحلواني يبعتلك أحلى كيك
ض. ربت قدمها بالأرض وتحدثت غاضبة.

أوف أوف إنت عارف بتضايقني ليه
استيقظت مرام على صوت ابنتها، فتحت عيونها بصعوبة
الجميل زعلان ليه، مزعل سيلا ليه ياعمر
رفع عمر حاجبيه ونظر لابنته مردفا
-قولي لماما زعلانة ليه ياسيلو
ضمت يديها على ص. درها
-عايزة أروح لخالو ياماما، كل ماأقول لبابا يقولي ماما تعبانة، قاطع حديثها ماسة التي أسرعت إلى والداتها
-مامي خالو جه برة وبيسأل عليكي
قبلتها مرام على خدها، حبيبتي انزلي قوليله ماما نازلة.

نظرت لعمر، انزل لريان ياعمر وأنا هجهز وأنزل.
- حبيبتي لو تعبانة أقوله يجي لك هنا
- لا انا زهقت من النوم وعايزة أشوف الولاد وحشوني جدا وخاصة بيجاد العفريت دا
نظر عمر لسيلا بتسلي
-بيجاد دا حبيبنا كلنا مش زي الزفت الكبير
اتجهت سيلا لوالدتها
-أنا هنزل لخالو ياماما لحد ما بابا يخلص تلاقيح الكلام
بالأسفل
يجلس ريان مع اولاده
-عمر، بيجاد، حمزة، مالك، يتحدث لهم.

مش عايز تنطيط. عمتو تعبانة هتخرجو تلعبوا مع ماسة وسيلا شوية بهدوء سامعين، أسرع بيجاد للخارج. هروح أركب عجلة سيلا بابي لحد ماتخلص دروس التربية بتعتك ثم أسرع للخارج
نظر لنغم- شوفي الولد بيقول ايه، شوفي ياهانم تربيتك، لا وعايزة تخلفي تاني، وصل عمر إليهما وهو يضحك
-يخربيت طولة لسانك زي ما انت، احترم طيب البيت اللي قاعد فيه
رفع حاجبه ونظر له
-مش لما صاحب البيت يكون محترم
ضحكا الاثنان.

- طول عمري مابعرفش أغلبك ياريو
- إنت أهبل يابني ايش جاب لجاب
وقف عمر واتجه للخارج يبحث عنها، وجدها تجلس على الأرجوحة مغمضة العينين
- الجميل زعلان ليه
مطت شفتيها - والله و الأستاذ مايعرفش ولا إيه
-مالك يابت بتكلميني كدا ليه
وضعت يد يها بخ. ، صرها. بقولك ياعمر خف ياحبيبي عشان مزعلكش
اتجه إليهما بيجاد
-الله الله الجميل زعلان ليه قوليلي بس ياسيلو وأنا أضربلك وأكسرلك دماغه
لكمه عمر بص. دره.

-تض. رب مين يالا إنت اتجننت ولا ايه، ضحك عليه بيجاد بقوة، أعصابك ياعموري
ثم جذب سيلا تعالي: - ياسيلا وسيبك منه دا واد بارد، شوفي همرجحك
رفع عمر حاجبيه
-لا والله طيب خليها تروح معاك كدا
ضيقت عيناها مردفة لكليهما
: - هو إنتوا بتتخ. انقوا ولا أنا اللي مأفورة
اتجه بيجاد لعمر وهمس له
- براحة على البت يالا يخربيتك، هتكرهك ياعبيط، قطع حديثهما عندما أسرع حمزة وماسة إلى محمود.

- جدو جه، جدو جه، أردف بها الأطفال وهم يسرعون إليه
أسرع مالك خلف حمزة الذي يبلغ من العمر خمس سنوات وماسة التي تبلغ من العمر أربع سنوات وأردف
متجروش يابت منك له هتقعوا
حملهم محمود وقبلهم
- حبايب جدو اللي وحشوني قد البحر
قبلته ماسة على خديه
ماسة زعلانة من جدو عشان مجبليش شكولاته
قب. لها: - وأنا أقدر على زعل ماستي ثم قام بالمناداه على السائق الخاص به
-هات الشنط ياحسين اللي في العربية.

وأنا ماليش أي احضان ياحلوين، هذا ما أردفت به جميلة والدة ريان
اتجه إليها بيجاد ذا الاثنى عشرة سنة
-كفاية أنا عليكي ياتيتا، سيبك من العيال الباردة، ض. مته إلى أحضانها إنت حبيبي الغالي ياجاد
رفع عمر حاجبه: لا والله وأنا ابن البطة السودا، ضحك محمود عليه
الواد دا شبه أبوه مبيسبش حد
-عيب ياجدو لما تغلط في حفيدك الكبير
ضمه جده وقبله
-وأغلى حفيد ياحبيب جدو
دار حولهما بيجاد وبدأ بالتصفير.

-أوبا وأنا بقول حظي قليل ليه أتاري جدي الغالي بيحب الواد عمر بس
خرج ريان وعمر لمقابلة والده
- حبيبي يابابا مقولتش إنك جي ليه
- حوش ولادك عني ياريان مش عارف أراضي مين ولا مين
ضحكت جميلة عليهم ثم نظرت لعمر
- مرام عاملة ايه النهاردة ياحبيبي
- الحمد لله كويسة هانت أهو بقالها أسبوعين وتولد
برضو مش عايزة تروح للدكتور ياعمر
-رافضة والله ياطنط هعمل فيها ايه بس
توجهت اليها، وجدتها تجلس هي ونغم.

: ازيكم ياحلوين عاملين ايه وحشتوني
وقفت نغم وتوجهت اليها
-ماما جميلة وإنتِ كمان وحشتيني جدا جدا
يابكاشة كدا يعدي يومين من غير ماتجيبي الولاد وتيجي
تعبانة والله ياماما ولسة معرفتش ريان بموضوع الحمل دا
زفرت جميلة لأنها تعلم أن ابنها لن يرضى بحملها ابدا. نظرت إليها
لازم تقوليله يانغم مش هيفضل الموضوع مستخبي
-هقوله الليلة إن شاء الله ادعيلي ربنا يهديه ومايهدش الدنيا على دماغي
بحي الألفي.

مساء كانت تقف خلف الباب تنظر لأخيها المتسطح على الفراش، ودموعها تنساب على خديها، تحركت إليه بخطواتها الطفولية حتى وصلت إليه ثم طبعت قبلة على وجنتيه
-جاسر انا آسفة، مكنتس اعرف انك هتوقع، غنى آسفة اد البحر
فتح عيناه الرمادي التي تشبه عين والدته
-غنى أنا كويس، اعتدل يجذبها لأحضانه، صعدت على الفراش بجواره
غنى تحب جاسر اد بيجو
ضحك جاسر، وأجابها
-وجاسر يحب غنى اد البحر. ضم الأخوين بعضهما وهما يبتسمان.

خرجت من أحضانه
-اقولك حاجة، قطب مابين حاجبيه
-قولي يافتانة
اقتربت تهمس له بجوار أذنه
-سمعت مامي الصبح بتقول لبابي هتعمل عيد ميلادنا الخامس وهتعزم ناس كتير عسان بابي عايز يدبح عجل ويوزعه للناس ال مس معهم فلوس حرام، فأنا محوسة سوية فلوس من بيجو، عايزة ادفعهم للناس دي حرام جاسر
مس معاهم فلوس ياكلوا
قهقه عليها وهو يضرب كفيه ببعضهما
-اسكتي ياغنى متقوليش كدا عشان كلامك عبيط
مطت شفتيها للأسفل بحزن.

-يعني مس هعرف اساعدهم ياخسارة
ضمها يربت على ظهرها
-مش تزعلي ياغنى، يوم الجمعة هروح اصلي مع بأبي وهاخد فلوسك كلها واحطها في المسجد، وانا معايا شوية صغيرين
كان يقف على باب الغرفة يستمع لحديث أطفاله، رفع جاسر نظره وجده مستندا على باب الغرفة، اسرع إليه
-بابي جه، حمله جواد يضمها لصدره
-حبيب بابي عامل ايه، وازاي وقعت في البيسين مش تاخد بالك.

أما غنى التي جلست منكمشة على فراش أخيها ولم تقابله كعادتها ببهجتها، علم جواد بما تشعر به
جلس على عقبيه امام ابنه بعدما أنزله
-جسور انت كويس، بتعرف تتكلم كويس، مش بتكح
هز رأسه نافيا
-لا يابابي انا كويس، وعمو الدكتور قالي انت كويس، حتى أسال مامي وعمو صهيب
طبع قبلة على جبينه قائلا
-حبيب بابي، روح خلي مامي تقولهم يجهزو الغدا، بابي جعان
قبله جاسر على وجنتيه.

-حاضر ياأحسن بابي. قالها جاسر وتحرك للخارج. اتجه ببطئ لأبنته التي تفرك كفيها وعبراتها تحتجز بعيناها
جلس بجوارها يجذبها لاحضانه متمددا على فراش ابنه
-حبيبة بابي قاعدة وزعلانة ليه، وكمان مجتش تقابل بابي
رفعت عيناها الرمادية التي تشبه والدتها كثيرا من احضانه، تنظر اليه، ثم تحدثت بصوتها الطفولي
-بابي زعلان من غنى عسان زقت جاسر في البيسين
تصنع الذهول فرفع نظره إليها.

-ايه دا، هو غنى زقت اخوها توأمها ال بتحبه اكتر واحد في الدنيا في البيسين
انساب عبراتها على وجنتيها تبكي وتهز رأسها
-آسفة بابي مكنس قصدي، انا كنت اهزر مع جاسر، هو وقع وماما عيطت كتير، وعمو صهيب جري كتير وحضنه، وجاب عمو دكتور يكسف عليه، وانا اعيط كتير اد بحر بابي
رفعها حتى جلست بأحضانه
-حبيبة قلبي وأميرتي الغالية، هي غنى كانت تقصد توجع توأم روحها في البيسين
هزت رأسها بالنفي.

-لا بابي، انا كنتس اقصد، انا كنت اهزر معه، هو كان يقول جنى بنت عمو صهيب تروح عند بيجو لو وحشة
قطب جبينه متسائلا
-جنى مين دي؟!
أشارت لبطنها قائلة
-جنى هنا في بطن انطي نهى، هي تقول هتجيب جنى، زي مامي قالت هتجيب واحد وواحد
قهقه جواد عليها يضمها لاحضانها
-احسن مافيكي انك فنانة موت ياقلبي، شبه امك ماشاء الله
ضيقت عيناها تنظر لوالدها بتساؤل
-يعني ايه امك دي
نصب عوده واقفا وهو يحملها وضحكاته بالأرتفاع.

-امك دي هتكون مرات ابوبكي. رفعت كفيها تعد عليه
-امك وابوكي، هي غنى عرفت امك عسان تعرف ابوكي. خرج بها وهو ينادي على غزل
كانت تجلس تضع ساقيها على الأريكة
-تعالى مش قادرة اتحرك من ولادك، وصل وجلس بجوارها يضمها من أكتافها بذراع وبالاخر غنى
-بنتك بتقولي عايزة اروح اشوف مرات ابويا
رفعت حاجبها ساخرة
-لا والله، وبنتي شافت مرات ابوها فين. نزلت غنى من فوق ساق والدها متجهة لغزل
-لا مامي، بابي بيقول مرات ابوكي.

قهقه جواد عليها يقبلها على جبينها
-غنى روحي نادي جاسر عشان نتغدى، بدل مااكلك أنتِ وامك
-هو انت حيوان يابابي عسان تاكلنا. قهقهت غزل تراقص حاجبيها
-رد ياحيوان. جز على أسنانه ينظر إليها بتعمق
-هرد بس مش دلوقتي، اصبري عليا ياغزالتي
ضربت غنى بقدمها بالأرض
-بابي انت تكلم مامي وأنا لأ، أمسكت كفيه، متجهة لمائدة الطعام
-جاسر جه، تعالى جنبي عسان ناكل
استني ياغنى نقوم الكرنبة دي أصلها مبتقدرش تتحرك
دفعته بعيدا.

انا كرنبة ياجواد طيب والله لاعرفك الكرنبة دي هتعمل فيك ايه
بالأسكندرية وخاصة
بعد فترة رجعوا إلى المنزل
صعدت نغم إلى غرفتها. وبدأت بتجهيز نفسها حتى تستعد لمعرفته بالحمل
صعد ريان إلى غرفته بعد خلود أبنائه جميعا في النوم
دخل وجد الغرفة مزينة بالشموع، وكانت مزينة للقاء بليلة خاصة بينهما، سعد كثيرا بزوجته التي دائما تسعى لإسعاده
خرجت من غرفة الملابس وجدته يقف بمنتصف الغرفة.

كانت ترتدي منامة حمراء تصل ماقبل الركبة، ذو حمالة رفيعة، مك. شوفة الظهر
مفت. وحة من مقدمتها لتبرز جمالها
ترفع شعرها للأعلى بشكل فوضوي فتنساب بعض خصلاتها على وجهها مع لمستها الخفيفة التجميليلة مما أعطاها طلة بهية جميلة
اتجه إليها بهدوء ناظرا إلى جمال عينيها التي مازالت تختطفه، ضمه. ا لحضنه واضعا رأسه في عن. قها مستنشقا رائحتها العبقة التي تخطف أنفاسه.

كل مرة بشوفك بحسها أول مرة وأول لقاء بينا، كانت لم. ساته بمثابه كهرباء بعمودها الفقري مازال حبيبها التي يؤثرها بقربه
بدأت تهمهم باسمه، وماكان منه إلا أن يبعثر كيانها بقبلاته
بعد يومين كان يجلس بغرفة المكتب يراجع بعض أعماله. دخلت إليه مقررة مواجهته
اتجهت إليه نظر إليها مبتسما بحب.

تعالي يابيبي، اتجهت إليه ودقات قلبها في ارتفاع، وكانت تفرك بي. ديها. ح، ملها فجأة وأجلسها فوق المكتب أمامه، مالك شكلك عاملة مصيبة
ضمت وجهه بين يد، يها، إنت أكيد عارف أنا بحبك قد ايه
ضيق عيناه مستغربا حديثها
-فيه ايه يانغم، مالك اللي يشوفك يقول عاملة مصيبة
اخفضت رأسها إليه ثم قب. لته قبلة سطحية ونزلت من المكتب وأولته ظهرها، بصراحة ياريان هو ووو
جذ، بها وأجلسها على قدميه
بدأ يملس على وجهها بحنان بي. ديه.

أومال ايه ياروحي
أنا قررت أحمل مرة كمان
أردفت بها سريعا، ظل ينظر لها بهدوء، وفجأة أنزل يد، يه وأنزلها
احنا مش اتكلمنا في الموضوع دا يانغم
-بس أنا مش مقتنعة ياريان عايزة أجيب بنت
اتجه بنظره إليه بهدوء
ممكن أعرف ناوية تعملي فيا إيه تاني، ليه مصرة إنك تزع. ليني منك يانغم، يعني أحلف عليك بالط. لاق دلوقتى
جحظت عيناها وصوبت نظرات ن. ارية اتجاهه
دا ليه ياريان عشان نفسي دايما تكون أسعد واحد في الدنيا.

إنت نفسك في بنت وأنا هفضل أحمل لحد ما أجبلك البنت
اتجه إليها ببطئ وعيناه لم تفارق نظراتها المتحدية له
ثم جذ بها بق. ، وة من خص. رها مما جعلها تت. ألم. واضعا رأسه في عن. قها مستنشقا رائحتها الندية العطرة، عايز أعرف مراتي الحلوة هتحمل بعد كدا إزاي من غيري، اردف بها وهو رافعا حاجبه بتسلي
ضيقت عيناها ونظرت مستفهمة عن معنى حديثه
ممكن اعرف زو جي المبجل يقصد ايه.

دار حولها بهدوء ومتسليا بحالتها التي تنم على مدى غي. ظها منه
ودي عايزة كلام ياروحي، عيب أفسرلك معناها. تغيرت ملامحه مردفا
اهدي يانغم أصلي أعملها بجد ابنك ياقلبي داخل على الخمستاشر سنة يعني بقى طولي وحضرتك عايزة تحملي وتخلفي تاني وتتعبي أعص. ابي زي كل مرة، ثم رفع سبابته أمامها: المرادي مش هضعف قدامك إنتِ دلوقتي معاكي أربع ولاد رجالة مستنية ايه تاني.

ابتلعت غض. به وابتسمت ابتسامة سمجة على ملامح وجهها الجميل...
هو أنا مقولتلكش ياحبيبي، أنا حامل بالفعل وفي الشهر التاني، يعني ته. ديدك تب. ، له وتشرب ميته، واه نسيت أقولك ابقى اسهر عشان تعاندني زي كل مرة مع السنيورة بتاعتك اللي بتنسى تلبس باقي هدومها
في فيلا المصري
تعالي ياحبيبتي شكلك تعبان أنا هكمل مكانك.
معرفش ياعمر المرادي حاسة إني تعبانة قوي، بنتك المرادي شكلها طلعالك
قهقه عليها بصوت مرتفع.

يعني عشان البنت شقية تقوليلي طلعالك كدا يامرمر أزعل منك، أنا دلوقتي مش عاجبك...
دخلت ماسة ذات العيون البنية الصافية وأردفت ببكاء
بابي أنا عايزة أروح عند خالو ريان بيجاد وحشني قوي وهو مخاصمني عشان زعلت عشق
ضيق عمر عيناه ناظرا إلى مرام
البت دي بتقول ايه، هو أنا أخلص من عمر يطلعلي بيجاد
ربنا يصبرني على ريان وولاده
أشارت مرام إليها
-تعالى ياماسة حبيبة مامي. تحركت إلى أن وصلت إليها.

-مامي بيجاد النهاردة زعل مني عشان اتريقت على بنت عمو جواد
جذبها عمر وأوقفها أمامه
-مش عيب نتريق على حد، وبعدين دي لسة صغيرة انتي اكبر منها، يعني لما تكبر وتبقى ادك كدا هتكون بتعرف تتكلم كويس، رفع ذقنها ونظر لمقلتيها
-مش عايزك تعيبي على حد ياماسة سمعتيني ولا لا
-آسفة يابابا. طبع قبلة على جبينها ثم تحدث
-دلوقتي روحي اغسلي اسنانك ونامي، وبكرة نروح لبيجاد. صفقت بيديها واقتربت تطبع قبلة على جبينه
-شكرا بابي.

بفيلا صهيب الألفي
جالسًا على فراش ابنه يضمه لأحضانه ويقص له قصة سيدنا أيوب
تعرف نبي الله أيوب عليه السلام.
مين نبي الله ايوب دا يابابا.

فقال: هو من ذرية إسحاق عليه السلام، ضرب الله به مثلاً للبشرية في نموذج لرجل أعطاه الله النبوة والمال والأولاد والصحة، وابتلاه الله أعظم البلاء رغم نبوته، فصبر صبراً لم تعهده البشرية كما كان أيوب عليه السلام، قال تعالى: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ? كُلًّا هَدَيْنَا ? وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ? وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى? وَهَارُونَ ? وَكَذَ?لِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ). [الأنعام: 84].

أكمل لابنه
كان أيوب رجلاً كثير المال، يمتلك الأنعام والعبيد والمواشي والأراضي المتسعة بأرض الثنية من أرض حوران، وكان له أولاد وأهلون كثير، وعاش على هذه النعم عشرات السنين. ابتلى الله أيوب في جسده فأصيب بأمراض لم ينجُ منها عضو في جسده سوى قلبه ولسانه، فكان صابراً محتسباً ذاكراً لله في ليله ونهاره.

السدي أنه من شدة مرضه، تساقط لحم أيوب من جسده، فلم يبق إلا العظم والعصب، فكانت تأتيه امرأته بالرماد فتفرشه تحته، فلما طال عليها قالت يا أيوب، لو دعوت ربك لفرج عنك، فقال لها عشت 70 سنة صحيحا، فهل قليل لله أن أصبر 70 سنة؟ ، فجزعت من هذا الكلام.
قاطعه عز يعني فضل مريض الوقت دا كله يابابا
طبع قبلة على جبين ابنه قائلا
-ايوة ياحبيبي ورغم كدا مطلبش من ربه
أسئلة أخرى
ما هو مرض سيدنا ايوب عليه السلام؟

روى السدي أنه من شدة مرضه، تساقط لحم أيوب من جسده، فلم يبق إلا العظم والعصب، فكانت تأتيه امرأته بالرماد فتفرشه تحته، فلما طال عليها قالت يا أيوب، لو دعوت ربك لفرج عنك، فقال لها عشت 70 سنة صحيحا، فهل قليل لله أن أصبر 70 سنة؟ ، ف
كيف شفى أيوب عليه السلام من المرض؟ تسائل بها عز.

أمره الله أن يضرب برجله الأرض، فامتثل عليه الصلاة والسلام ما أمره الله به، وأنبع الله تبارك وتعالى له بمشيئته وقدرته عينين فشرب من إحداهما واغتسل من الأخرى، فأذهب الله عنه ما كان يجده من المرض وتكاملت العافية وأبدله بعد ذلك كله صحة ظاهرة وباطنة.
-ياله نام حبيبي وبكرة نكمل قصة نبي أخر
بغرفة جاسر
امسك جواد بعض دفاتره التعليمية
-برافو حبيبي، الميس بتقول انك شاطر وبتسمع كلامها وبتسمع الليسون كويس.

اتجه وجذب إليه بعض الألوان
-بابي عايز ارسم المسجد الأقصى حضرتك وعدتني انك تعلمني، وقلت هتقولي ايه هو المسجد الاقصى، والفرق بينه وبين المسجد الحرام ال روحناه
جذبه لاحضانه متكأ على فراشه.

الأقصى هو المسجد الذي أسري بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام إليه، وقد خلَّد القرآن قصة الإسراء، إذ قال الله تعالى في بداية سورة الإسراء: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى? بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ...

ذكر: أن سليمان عليه السلام هو الذي بنى المسجد الأقصى، وأن إبراهيم هو الذي بنى المسجد الحرام، ولا يمكن أن يكون بينهما أربعون عاماً، لأن سليمان وإبراهيم بينهما آماد طويلة.
دا ياحبيبي ال عرفناه على المسجدين
وفيه مؤرخين وعلماء بيقولوا
طيب يابابا وهو المسجد دا فيه ايه
تنهد جواد بحزن على مسرى الرسول الذي بين أيدي اليهود فأجابه
يوجد في المسجد الأقصى حاجات كتير ياحبيبي
أبواب ومساجد وأسبلة.

أولًا واجهة المسجد القبلية شيدها الفاطميين في عام 1065م، وأعيد رسمها في العصر الأيوبي والمملوكى...
الجامع القبلى...
قبة محراب النبي عليه الصلاة والسلام: ...
قبة المعراج...
مسجد البراق: ...
مصلى الأقصى القديم: ...
مئذنة باب الغوانمة: ...
ان شاء الله لما تكبر ياحبيبي يبقى تروح تستمتع بيع
حضرتك قولت مين ال بنى المسجد الأقصى؟
اجابه جواد
حبيبي مش قولتلك مفيش حاجة دقيقة.

بشكل دقيق مين ال بنى المسجد الأقصى أول مرة، اختلف المؤرخون فيما بينهم على من وضع اللبنة الأولى لبناء المسجد، فمنهم من قال إن النبي آدم أبو البشر هو من بناه.
نام وبكرة ندخل على جوجل وتعرف كل حاجة
خرج بعد فترة متجها لغرفة صغيرته، وجدها تجلس بجوار مربيتها تعلمها الرسم. اقترب طابعا قبلة على رأسها
-حبيبتي عملتي ايه مع الميس
رفعت دفترها لوالدها
-بص بابي رسمتك انت ومامي وجاسر، امسك رسمتها وتساءل.

-انتِ فين ياحبي
رفعت كتفها للأعلى
-غنى متعرفس ترسم نفسها، بيجو هيجي بكرة يرسم غنى
اتجه بانظاره لمربيتها
-حكيتلها ايه النهاردة
أعطته بعض القصص الدينية
-نساء مؤمنات.
تحرك للخارج بعدما تحدث مع ابنته
-نامي بدري ياحبيبة بابي عشان نصحى كويسين
حاضر بابي، هخلص رسمتي وانام
خرج متجها لغرفته، جحظت عيناه عندما وجد غزل تستند على الجدار، وتنزل من بين ساقيها الدماء، وجبينها يغزوها التعرق. رفعت نظرها إليه.

-جواد الحقني هولد. اتجه سريعا إليها
عندما تلاشت قدرتها على الحركة وهو يمسك هاتفه للاتصال بسيارة الاسعاف.
أعدُكَي
أنْ لن أقرأ إلا هتاف أحرفكِ
ولنْ أشتاقَ إلا لِعطركِ
ولنْ يكونَ مُلهمي إلا أنتِ
رمقها بامتعاض- يعني عملتي اللي في دماغك برضو يانغم
وايه الهبل اللي بتقوليه دا. مين اللي بسهر معها عشان اعاندك انتِ شكلك اتجننتي
اسبلت اهدابها متحاشية النظر إليه كي لاتتقابل عيونهما وتضعف أمامه
- حياتي وأنا حرة ياريان، أعمل اللي انا شيفاه صح وبدل أنا اللي بتعب يبقى إنت زعلان ليه
اقترب منها بهدوء مميت.

عيدي الكلام اللي قولتيه كدا يا نغم، حياتك وانتِ حرة، طيب وأنا فين من حياتك. وانتِ بتتعبي بس، يعني أنا بكون مرتاح وأنا شايف تعبك
بدأت ش. ، فتيها بالار تعاش.

- ريان إنت كل مرة بتعاتبني عشان الحمل. من بعد ماخلفت عمر وكل مرة بقعد أتحايل عليك، ولازم يحصل مشاكل. ليه مابنكوش متفاهمين وتاخدني في حض. نك وتقولي إن شاء الله هتقومي بالسلامة. لا كل اللي بتعمله بتهيج وتك. سر الدنيا، وتفضل مخصمني بالأيام وفي الآخر بترضى بالأمر الواقع
ابت. لع ري. قه بصعوبة بعد حديثها ونظر لها بحزن.

أنا كدا يانغم مش متفاهم وبك. سر الدنيا دا كل عشان بكون مرع. وب عليكي، دا انا بعشقك بجنون
هي تعلم بعشقه وحبه المتزايد يوما بعد يوم...
خطت إليه وأم. سكت ي. ، ديه وقب. ّ لتها بحب
عارفة دا كله، إنت قولت عايز بنت وأنا مستحيل أخلي نفسك في حاجة وبأي. ، دي أعملها لك ليه مش أعملها
ض. م وجهها وق. ، بّل رأ سها
طيب لو جه ولد هتفضلي تحملي كدا يانغم، ليه ياقلبي مابنرضاش بالأمر الواقع
وضعت رأ سها في حض. نه.

نفسي تكون أسعد را جل في الدنيا، نفسي مايكونش نفسك في حاجة وأقدر أعملها وماعملهاش
رع. شة قوية ضر بت ج. سده من كلماتها التي وصلت لك. يانه ووش. مته بعشقه لها، وماكان عليه إن الت. هم ش. فتيها في قُب. لة شغو فة مل. تهما عشقها وعشقه في ق. بلتهما.

بعد فترة ليست بقليلة وضع جبينه فوق جبينها وأردف متحدثا بالقرب من ش. ، فتيها وجودك معايا دا أجمل سعادة ليا حتى لو مفيش ولاد خالص. أنا بحبك اد الدنيا بالبشر اللي عليها
اقتر بت منه ثم دا عبت أنفها بأنفه. وأنا بعشقك وبمو ت فيك وعندي إح. ساس المرادي هجبلك بنوته
حملها بين ي. ديه وصعد إلى غرفتهما
- يبقى كدا لازم أسلم على بنوتي الحلوة وأوجب معها. عشان أوحشها وتطلبني زي اخوتها
وضعت رأ سها في ح. ضنه.

-بس بقى إسكت ايه اللي بتقوله دا
خرج بها من مكتبه متجها إلى غرفتهما
قابلهما بيجاد وهو يهبط الدرج، ضيق
عيناه متسائلا
ماما انتِ تعبانة ولا حاجة.
رمقه والده بنظرة اخر صته
وإنت مالك يالا شوف وراك ايه...
-انت مش وراك تدريب؟
وقف بامتعاض من حديث والده
- أنا غلطان لما شوفتك شايلها زي قفص الطماطم يعني، كنت مفكرها تعبانة، وأهو طلعت أنا اللي تعبان، أنا خايف على صحتك ياحج
صوب ليه نظرات نا رية.

- عارف قدامك ثانيتين لو شفتك قدامي
قاطعه بيجاد برفعة حاجب
- هتعمل إيه وإنت شايلها كدا
- نزلني ياريان بقى
استخف بيجاد بحديثها، لا خليكي مرتاحة ياماما، عشان ض. ، هرك ياحبيبتي كل الطلوع والنزول من السلم بيجيب الدوالي
-يخربيتك انزلي يانغم لما أشوف ابنك الحيلة دا عايز ايه
ضحك بصخب على والده، اتى عمر من الخارج وهو يراهم بهذا الحال، قام بالتصفير.

- ايه دا يابو عمر، مش عيب قدامنا كدا، دا ياراجل أنا بكرة اتجو ز واجبلك حفيد وانت لسة بتشيل نغم
ضر بت نغم ريان
-نزلني ياريان العيال فض. ، حوني، ض. مها اكثر إلى قلبه
- والله ابدا ماانتِ نازلة واللي مش عجبه يشرب من البحر إمشي ياض إنت وهو
وبعدين ماما تعبا نة أصلها هتجبلكم نونو قريب
جحظت عينا عمر وبيجاد
إيه اللي بتقوله دا يابابا. اكيد بتهزري. نظر عمر لوالدته التي تضع رأ سهافي ح. ، ضن ريان واردف متسائلا.

- ماما صحيح اللي بيقوله بابا دا
صعد بها ريان إلى الغرفة وأردف بسعادة لأنه وصل الى حر ق د مهما
- اه صحيح وريني أنت وهو هتعملوا إيه، ولا اقولكم فكروا في اسم الببيى الجديد
صاح عمر بصوتا مرتفع بعد صعود ريان
- ماهو دا مش غريب على ريان المنشاوي، بدل ماهو بيح. س سني عنده عشرين سنه
- بس ياعمر عيب اللي بتقوله دا، أنا عارف ماما عايزة تجيب بنت ودا حقها وحياتهم وهم حرين. بدأ يثو ر عمر ويهيج.

- انت بتقول ايه اتجننت عارف أمك دلوقتى عندها كام سنة، يالا دا أنا عندي خماستشر سنه، يعني بقيت شاب. ازاي تفكر في حاجه زي دي. مستحيل أسكت
رمقه بيجاد بغ. ضب- عمر اسكت مالكش حق تتكلم وتقول المفروض يعملوا إيه دا مش من حقنا
في غرفة ريان
وض. عها على الفراش بهدوء. وجد حزنا بعيناها. ليه كدا حبيبي زعلانة ليه
مشفتش نظ. رات الولاد ياريان، أنا مقدرش اواجهم بعد كدا
رفع وجهها ونظر إلى عيونها التي تؤ ثره.

- الولاد بتهزر يانغومتي وبعدين حتى لو زعلانين محدش له دخل فيهم ياحبي، اعملي اللي إنتِ عيزاه، أنا بس اللي من حقي اقولك يرضيني ولا لا
وضعت رأ سها داخل ح. ، ضنه
-ربنا يخليك ليا ياحبيبي، بس برضو مش عايزة الولاد يزعلو
رفع رأسها مل تقطا ش. ، فتيها وبدأ يه. مس لها بكلمات العشق حتى ضاع كلا منهما في عشق الاخر وخاضوا معركة عشقهما
بعد اسبوعين
كانت نغم تنام بعمق على ص. در ريان استيقظت على رنين هاتفه.

قام ريان بالايجاب
- ايوة ياعمر، تمام حبيبي عشر دقايق وهنكون عند
وقف سريعا متجها للخزانه...
فتحت عيناها وأردفت متسائلة فيه ايه ياريان
نظر لها وتحدث بصوتا حزين
- مرام بتو لد وحالتها صعبة لازم اروحلهم، وإنتِ كلمي ماما وعرّفيها
وقفت واتجهت له ام. ، سكت ي. ديه وأردفت باطمئنان
- حبيبي أهدى إن شاء الله هتقوم بالسلامة
م. ، سد على ش. ، عرها بحنان
- ان شاء الله حبيبتي، انا لازم انزل دلوقتي، ام. ، سكته من ذر اعه.

- لا هروح معاك، وقف ونظر لها بهدوء.
- إنتِ تعبانة يانغم عايزة تروحي فين وانت بالشكل دا
وضعت وجهه بين راحتيه
- أنا كويسه متخافش عليا لازم أكون جنب مرام.
زفر بغ. ضب وتحدث
- طيب إجهزي بسرعة، اسرعت لتجهيز نفسها
بعد عدة ساعات
وقف الجميع يرتقب خروج مرام من غرفة العمليات، كان عمر يسير ذهابا وإيابا
والقلق والحزن على وجهه
فجأة استمع لصراخ طفله، أسرع ريان له
وقام باحت. ضانه.

- ولدت ياحبيبي مبروك ماجالك، ض. مه بحب وأردف بعيون لامعة
- الله يبارك فيك ياريان...
كانت جميلة تقف وقلبها يكاد يخ. ، تنق من خو فها على إبنتها
- لازم حد يطلع ويطمنا عليها
خرجت الممرضة وهي تحمل جنينه
- ألف مبروك لحضرتك يتربى في عزك
جحظت عيناه عندما ام. ، سكه بحنان
- ولد ياريان، مرام جابت ولد ابتسم وهو يردف بها
ربت ريان على ك. تفه
- ربنا يباركلك فيه ياحبيبي ويجعله ذرية صالحة ويكون أمنك وأمان لك ولأخواته.

أم. سكه عمر متجها لوالده
- سمي الله يابابا، ام. ، سكه على والده
سم الله وبدأ ياذن في آذان المولود، هتسميه ايه ياحبيبي، اتجه بنظره لريان
امري لله يابابا هسميه على اسم الز فت اللي هناك دا
رفع ريان حا جبه وتحدث بغلاظة
- والله مافيه زفت غيرك مش كفاية مصحيني من نومي ياحما ر بس أقول إيه أنا لولا مرام والله لو علقوك بسلك عر يان
ضحك كل الموجودين عليهما
نظر للممرضة
-مرام عاملة ايه، اجابته بعملية.

- هي كويسه الحمدلله هتخرج بعد شوية
اتجهت جميلة لهما عندما خرجوا بمرام لغرفتها وام. سكت حفيدها تض. مه وتق. ، بله
- خلى الدكتور يشوفه حبيبي، ربنا يباركلك فيه ويحفظه. نظرت لزو جها
- شوف يامحمود حلو إزاي شبه عمر
وضع ي. ديه بجيب بنطاله رافعا حا جبه بسخريه
- ايه ياست ماما دا لسة طالع من بطن امه وحالا شبهتيه للحما ر دا، لازم تسد نفسي على الصبح
لك. ، مه عمر.

- والله هو هيطلع للي متسمي عليه، اتجه ريان وحمل الطفل من والده، سمّ الله
- تصدق يالا ياعمر شبهي حلو اوي
ضحكت نغم عليهما
وأخذته متجه لمرام وجميلة
رجعت مساءا لمنزلها
وجدته يجلس وعلامات الغ. ، ضب تظ. ، هر على وج. هه
- ماما صحيح اللي بابا قاله حضرتك حامل، تدخل بيجاد في الحديث
- اصل عمر خايف على حضرتك ياماما
جلست جواره واشارت بي. ، ديها لجلوسهما.

- مش من حقي لما أكبر يبقى عندي بنت اروح اتكلم معها وافضفضلها زي ماتيتا بتيجلي كدا، مش من حقي لما أكبر الاقي اللي تشلني في تعبي ياحبيبي
نظر للارض بخ. ، جل من حديثه منذ قليل
- احنا مش هنسيبك ابدا ياماما
- بس فيه حاجات بتكون البنت اقرب من الولد فيها ياحبيبي لأمها، أنا نفسي ربنا يرزقني ببنت، دا معناه مش بعترض عليكم ابدا
بس بجد أنا زعلانة اوي حا سة نقصني حاجة كبيرة اوي، اكملت مفسرة.

- فيه حاجات نفسي احكيها معها مينفعش غير معها بس، مل. ، ست على شع. ، ره بحنان
- اعذرني يابني، عارفة اني زعلتك بس بجد عملت كدا من احتياجي لونس بعد كدا، بكرة لما تكبر وتتجو ز هتعرف قصدي ايه
بعد عدة سنوات.

كان (عمر ريان) يبلغ من العمر خمسة وعشرون عاما، يدرس بكليه الهندسة بالسنة الاخيرة ليختم دراسته الجامعية، أما بيجاد في العام الثاني والعشرون في الفرقة الثالثة من الكليه الجوية، ومالك الذي يبلغ من العمر عشرون عاما، وحمزة الذي يبلغ ثمانية عشر عاما، ومسك الختام التي اضافت الحب والحيوية أكثر لهذه العائلة وهي سندريلا ياسمينا الريان
تبلغ من العمر عشر سنوات.

تجلس بجوار والدها وتلعب بعروستها الجميلة التي تعشقها وتطلق عليها بسندريلا روبنزول، اتجهت نغم وهي تض. م زو جها من الخلف
- حمد الله على سلامتك حبيبي
ض. ، مها لأحض. ، انه
- الله يسلمك ياعمر حبيبك...
ض. مت ش. ، فتاها كالأطفال
- انا زعلانة اوي ياريان
كدا تيجي على ياسمينا وتنسى مر اتك، ابتسم لملاكه الذي تلعب بجواره
ومنشغلة بهدية والدها
- بحبها وبعشقها علشان شبهك وطباعها طباعك بمو ت فيكم انتوا الاتنين.

ض. ، مت وجهه بين را حتيها
- ريان لسة حبيبي مش عايز تخرج من احزانك، ادعيله حبيبي بالرحمة، هنا لم يعد القدرة على التحمل والسيطرة على نفسه، هنا أبت دمو عه وانسدلت من محجر يها
- بحاول والله يانغم، وحشني أوي نفسي ارمي نفسي في حض. نه الفر اق صعب أوي حبيبتي ازاي استحملتي الوجع دا
جلست امامه وض. مته لاحض. انها.

- هو صعب بس الانسان من النسيان ودي نعمة ربنا اكرمنا بيها، أنا مش هقدر اخفف الآمك بس هو أمانا وحبنا كلنا، ادعيله حبيبه
فى مكانا آخر بأحد أحياء القاهرة الراقية
دلف غرفتها بعدما سمحت له بالدخول
- صباح الفل ياروح بابي
اسرعت وقبّ لته على خ ديه
- صباح الحب والحنان على أحلى بابي في الدنيا
جلس على فراشها
- تعالي ياقلبي عايز اتكلم معاكي في موضوع مهم
جلست بجواره وانتظرت حديثه
- اتفضل حضرتك يابابا سامعة حضرتك.

اتجه بنظره لها محاولا إقناعها
- ليه مُصّرة تسافري تكملي تعليمك برة ياحبيبتي، عندنا جامعات كويسة جدا
م سد على خ صلاتها بحنان أبوي وذهب حنينه لنبض قلبه الأخر، قاطعته رُبى
- بابي حبيبي إنت عارف إن مجال الاديكويشن بالخارج أفضل بكتير من مصر يابابي
تنه د بألما: - مين قالك كدا يابابي، عندنا جامعات كتير حلوة أي جامعة شاوري عليها بس يا روبي وأنا مستعد، استطرد حديثه مفسرا.

- مامي مكملة تعليمها هنا وشوفيها دلوقتي من أمهر الدكاترة حبيبتي، الموضوع مالوش دعوة بالمكان. أهم حاجة الغاية إنتِ هتقدري توصلي وتنجحي ولا لا
ام سكت ي ديه وقب لتها
- بليز بابي ماتوقفش قدام مستقبلي. بليز، أنا غير مامي وكمان عايزة اتفوق واكتسب، اكسبريمنت (خبرات) الدول اللي برة، أنا دخلت طب علشان أوصل وأحقق حلمي
ض مها لأح ضانه ولا يعلم كيف سيخبر.

زو جته بهذا الخبر الذي سيؤدي بها إلى آلام قلبها التي لا تنتهي
بالجانب الأخر
كانت تقف تعد فطارهم من جو من الحب العائلي فاليوم أجازة جميع من بالأسرة
دخل زو جها
- صباح الخير حبيبتي، قالها وهو يُقبّ لها على جب ينها
ابتسمت بحب وردت تحيته
- صباح الفل حبيبي، الولاد صحيوا
- كريم وجنى صحيوا، لكن الفاشل عز نايم
قهقهت عليه
- معرفش مالك ومال عزي بس
رفع جانب وج هه وابتسامة بتهكم
- طيب ياحنينة هشوف آخرة دلعك إيه.

في كلية الهندسة
اتجهت ماسة إليه ووقفت أمامه
- عمر لازم اتكلم معاك لو فاضي، س. حبها من ي. ، ديها بعدما ترك اصدقائه
- انا مش حذرتك مليون مرة إنك متجيش تتكلمي معايا قدام صحابي
زفرت بغ. ضب منه
- عمر كفاية محاضراتك دي واسمعني كويس، لازم تصالحني على بيجاد. بجد ياعمر مش قادرة اتخطاه
جحظت عيناه من حديثها الذي اعتبره غير لائق من فتاه بتر بيتها
حاول السيطرة على نفسه من الغ. ، ضب، ضغط على را حتيه ونظر لها شرزا.

- امشي من قدامي أصل والله ما هبقى على حاجة وأنسى إنك بنت عمتي...
أقترب منها
- انتِ مش فارق معاك نفسك ياماسة، بيجاد مبيفكرش فيكي، هو مش بتاع حب كل مرة أقولك كدا، قاطعهم وصول سيلا وهي تنظر لهم بنظرات غامضة
- في إيه ومالك ياماسة بتعيطي ليه
زفر ت بغ. ضب وغادرت سريعا وهي تتحدث شوفي حبيب القلب
اتجهت لعمر الذي حاول التحكم بأعصابه.

- اختك هتجنن أبويا. بتحب بيجاد وبيجاد انتي عرفاه مش بتاع حب ولو سمعها كدا وحياة ربنا ممكن يق. تلها، دا معندوش ياما أرحميني
عند مالك
خرج من سباق الدراجات ينظر لأخيه حمزة
ايه رأيك حلو
ضحك حمزة عليه بش. ، قاوة عاش ياوحش ايه ياولا الحلاوة دي، والله لو ريان المنشاوي قفشك ليخلص عليك
لك. ، مه بك. ، تفه ونظر بإمتعاض
- ايه ياحما ر ملافظك دي، إيه قفشك ليه م. ، سكني مع واحدة...

في فيلا عمر المصري
تجلس مع ابنتها وتتحدث بغ. ، ضب
- وبعدهالك ياست ماسة، مش هنخلص من بيجاد، زفرت بضيق من محاولات ابنتها المست. فزة كما شبهتها
- حبيبتي بيجاد قالهالك صريحة، ليه تر خصي نفسك، يرضيكي تكون رخ. يصة في عي. ، ونه
تساقطت دمو عها رغما عنها وأردفت باكية
- انا حبيته والله ياماما، معرفش ليه هو مش شايفني غير اني اخت له.

م. سحت دمو عها بحنان أموي وق. ، بّلتها على رأ سها وتذكرت نفسها في إبنتها، فكأن الماضي يعيد نفسه، ولكن بطريقة مؤ ذية لإبنتها، فعمر كان يُحبها ?ما بيجاد لا يش. ، عر بها سوى إنها اخته فقط
في فيلا مالك وهمس
خرجت من المرحاض وهو تل. ف نف. ، سها بمنشفة كبيرة وجدته رجع من عمله وينتظرها بالخارج عندما علم إنها بداخل المرحاض، تيبست قدمها عندما وجدته يتقدم إليها بخطى سُلحفية وهو ين. ، ظر لجمالها.

- مالك قالتها بش. فتين مرت، . ، عشتين.
- ايه اللي جابك دلوقتي؟
لم. ، س وج. ، هها بحنان
جاي أصالح مر اتي الحلوة، وأخدها وننزل نتعشى برة، بما أن الولاد عند جدهم
استدارت بظ، . هرها له
- أنا خلاص مش زعلانة، عندك حق إنت أبوه وأكتر واحد هتخاف عليه
نا ظرها بإبتسامة واقترب محاوط ج. سدها بي. ، ديه حتى أصبحت بأحض. انه، أخذ يستنشق رائحة ج. سدها المن. ، عشة برا ئحة اللافندر.

- ه. ، مس وحشتيني اوي، ميبقاش قلبك أسود كدا، ناظرته بعيناها الرمادية الجميلة
- انت وعدتني إنك مش هتزعلني بس اه. نتني أوي يامالك قدام ولادك، يعني ايه ماليش حق ادّخل في مستقبلهم
ض. ، م وجهها بين را حتيه
- همس انا بحبك اوي وآسف اني اتع. صبت عليكي ياقلبي
ض. ، مت نفسها لأحض. انه بقوة مما جعله ير فعها بين ي. ، ديه ويتوجه بها الى فراشهما.

في مدينة طنطا
خرجت فتاه جميلة ذات عيون رمادية، وخص. لات شع. ، رها الذهبي المموج ينسدل خلفها حتى وصل لمنتصف ظ هرها، تقف صديقتها يُمنى تنظرها
- اتأخرتي ليه ياغِنى ينفع كدا، بابا هيزعل مني؟
ضحكت على شقا وة صديقتها المحببة لقلبها
- آسفة يامينو. أقولك على حاجة أنا كر هت الألسن دي يابنتي من كتر ابحاثها
وقفت تمط ش. فتيها كالأطفال.

- وبعدهالك ياحضرة الطالبة الكسولة هتفضلي كدا لحد امتى، غِنى بالله عليكي عايزين ننجح السنادي من غير، مانشيل مواد، امي هتد بحني المرادي بجد
وضعت ي. ديها بخ. صرها وتحدثت بفت. ور مصتنع
- وبعدين في س. ت وداد مامتك دي، ليه ماتكونش فرفوشة دي مامتي الجميلة
ج. ذبتها بع. نف وتحدثت بغض. ب
- ماهي مامتك الفرفوشة دي هي اللي مودياكي في داهية ياقلبي، تعالي السواق جالك اهو اكيد الدكتور طارق جاب اخره من كتر حوادثك.

رفعت خص. ، لات شعرها المتمردة بسبب الهواء ونظرت بفتو ر من تحكمات والدها
را فعة جانب وج. هها بسخرية
- معرفش ليه بابا دايما شايفني البنت المستهترة
فجأة ضيقت عينا ها ونظرت لصديقتها يمنى
- عربيتك معاكي يايمنى مش كدا
رفعت حا جبها بسخرية وتحدثت بتحذير
- لا بقولك إيه ابعدي عن عربيتي ابويا موظف حكومي وجبهالي بالتقسيط
ضحكت بمشا كسة على صديقتها اتجهت لسائقها الخاص
- انا هروح مع يمنى، روح إنت يامحسن.

قالتها وتحركت دون انتظار رده
اثناء قيادتهما السيارة
كانت تستمع للموسيقى التي كانت تصم الأذان ويرددون مع مطربهم المفضل، فجأة اصطدمت السيارة بسيارة أمامهما
نزل شاب في اوائل العشرينات من سيارته وهو ين. ، ظر لهم نظرات نا رية
- لما انتو مبتعرفوش تتنيلوا تسوقو عربيات بتسوقوا ليه
وضعت نظارتها على شع. رها المموج ونظرت له بامتعاض
- نعم بتقول إيه، نزلت وتوجهت ووقفت أمامه كأنها ليست المخطأة.

- لما تيجي تتكلم تتكلم بأدب ماشي قالتها بعنجهية...
أقترب إليها بخُطى سُلحفية
رفع نظره لها ونظ. ، ر مشمئزا
- روحي اتعلمي الادب وبعد كدا تعالي اتكلمي، قالها ثم تحرك مغادرا وهو يس. ، بها في سره
- بنات هبلة مشفتش تربية بربع جنيه، جتك الهم في حلاوتك
ظلت تقف تنظر لظ هره وهو ذاهبا لسيارته
صاحت يمنى صديقتها
- غِنى ياله يابنتي أتأخرنا.

هنا تسّمر في مكانه واستدار سريعا، وجدها تذهب وخ صلاتها الذهبية تتطاير بفعل نسيم رياح الربيع
غِنى هم س بها بين ش فتيها.
إن لكل روح توأمها
وانا لم أجد فيها توأمي فقط
بل وجدت فيها روحي
اخبروها
انها الامنية التي اغمض عيني
عليها في نهاية كل يوم
وأتمنى ان لا تنتهي ابدا
فانتي لستي شيئآ عاديآ بحياتي
لستي احساسآ عابرآ
تجلس بجواره على الفراش تمسد على خصلاته التي كثُرت بها الخصلات البيضاء
تمددت بجواره تنظر بعمق لملامحه التي تنقشها برماديتها لتجعلها صورة خلابة
أقتربت من أنفاسه وتغمض عيناها باستمتاع فقربها منه هي السعادة في حد ذاتها.

- كل مانكبر بحبك أكتر واكتر، لمست خديه بحب، واكملت استرسال حديثها
كنت بتمنى بس اني أكون قريبة منك العمر كله، مكنتش متخيلة ربنا هيكرمني بالسعادة دي كلها، رغم اننا فقدنا حاجات غالية كتير، انسدلت عبراتها لتكوي خديها
مش مجرد حاجات لا دا جزء من جوانا، آهة حارقة خرجت من جوفها جعلتها تضع يديها على فمها لتمنع صوت بكائها
هنا ذهبت بذكرياتها السيئة لذلك اليوم التعيس الذي قلب حياتهما
فلاش باك قبل خمسة عشر عاما.

- دلف الغرفة وجدها أنهت زينتها فاليوم عيد ميلاد أولادها الخامس، مع طلفيها الآخرين الذين اتموا سنة اخرى من عمرهما
أقترب ونظر لانعكاس صورتها بالمرآة
- حبيبي النهارده هيتخطف في الحفلة، وكدا مش هقدر اتحمل نظرات الكل عليكي، نظر لفستانها الذي جسدها بأحمل طلة...
-لا غيري فستانك دا يازوزو مش هتحضري بيه
قطبت مابين جبينها
- اكيد بتهزر ياجواد مش كدا، انت نسيت انك اللي جبت الفستان دا...

طوق خصرها بيديه وقام بفك حجابها
واضعا رأسه بعنقها يستنشقها كالمدن الذي يتجرع جرعته
- زوزو مينفعش صدقيني تخرجي بجمالك دا، مكنتش أعرف الدريس هيكون عليكي كدا حبيبي، رفع رأسه وتقابلت نظراته برماديتها
- كتير على جوزك حبيبك انه يغير عليكي، شعرت برجفة بعمودها الفقري من نظراته وبحة صوته الرجولي التي خطفت قلبها وتمنت ضمها لأحضانه في ذلك الوقت.

كان يناظرها وكأنه شعر بها، جذبها بقوة لأحضانه ملتقطا ثغرها الذي يمثل له شهد الحياةبقبلة شغوفة لتفصله عن غيرته العمياء عليها، تمادت قبلته لمشاعر آخرى ولم يشعر بنفسه إلا بقبضة يديه على فستنها ليشقه لنصفين، ذاهبا بها الى عشقه السرمدي الذي لايتغير بل يتزايد يوما بعد يوم
بعد فترة يضمها الى أحضانها يمسد على خصلاتها مقبل وجنتيها
- خلاص بقى يازوزو أنا اصلا مكتتش هخليكي تنزلي بيه، الفستان مفصل جمالك ياحبيبي.

زفرت بغضب منه
- على فكرة ياجواد قولتلك ميت مرة مفيش حد غريب احنا العيلة بس غير ريان ومراته، ليه مكبر الدنيا
رفع ذقنها ملمسا خديها بإبهامه
- حتى لو قدام ابويا نفسه مينفعش ياغزل، الفستان ضيق بجد، ينفع نبين جسمنا كدا، انا معرفش جبته ازاي ومااخدتش بالي ان وزنك زاد عن غني وجاسر
اعتدلت كمن لدغت بأفعى
- انا تخينة ياجواد، دلوقتي تخينة ووحشة...
قهقه عليها.

- انت حبيبة قلبي حتى لو تخنتي مليون مرة هتفضلي متربعة جوايا ياحتة مني
صرخت به
- يعني انا اتخنت فعلا، وبتراضيني بكلامك دا
قاطعها بقبلته الشغوفة
- حبيبي والله ماتخنت ولا حاجة بس طبيعي بعد الولادة جسمك يزيد شوية، وبعدين نسيتي بعد غنى وجاسر كنتي زيدتي ورجعتي تاني.
وقفت وهي ترتدي مأزرها متجهة للمرحاض.

- بتكلم في إيه أنا، الناس مستنينا تحت وحضرتك هنا بتقطع هدومي، أنا معرفش هفضل هبلة على طول بنسى نفسي معاك ببوسة
هب سريعا إليها: - بوسة، وهبلة. إنتِ اتجننتي ياحبي
أغلقت الباب بوجه
- ابعد عني دلوقتي اصلي والله اصرخ وألم عليك الناس تحت
قهقه عليها
- لسة زي ماانتِ ياغزالتي هبلة ومجنونة بس بعشقك
ايوة هيفضل يبصلي بعيونه الحلوة دي، ويضحك عليا بكلمتين وأنا زي الهبلة هروح اترمي في حضنه.

- اتجننتي ياحبي بتكلمي نفسك يازوزو، ياله ياقلبي البسي بسرعة زمان المعازيم وصلت وشكلنا بقى وحش وخصوصا هم عارفين إحنا بنعمل إيه دلوقتي
ضربت قدمها بالأرض كالأطفال وهي تتمتم
بارد ومستفز، فجأة وجدت نفسها معلقه بالهواء، كريشه خفيفة، وضعها على الفراش وحجزها بين يديه
- مهما تعملي وتقولي وتشتمي فيا هيفضل حبك بيجري بوريدي ياحبيبي
رفعت ذراعيها وطوقت عنقه وابتسمت.

- وأنا بعشق كل تفصيلة فيك ياحبيبي، ومهما تعمل فيا هيفضل حبك حياتي ونبض قلبي، اقترب ملتقطا ثغرها إلى أن انقطعت انفاسهما
- تعالي نمشي الناس اللي تحت دول بسرعة وبعدين نرجع نشوف مين بيحب مين، فجأة استمعوا إلى طرقات فوق باب غرفتهما
- بابي، مامي، ياله بقى تيتا وجدوا جم تحت وعمو ريان وبيجاد
ضحك على غزل عندما هبت مسرعة للمرحاض، ثم اعدل ثيابه متجها للباب وقام بفتحه.

- حبيبة بابي كل سنه وإنتِ طيبة، وملكة قلب بابي، رفعت ذراعيها
عايزة بابي يشيل غني فوق هنا ويبوسها زي مابيبوس مامي، وضعت يديها على شفتيه ومسحت الروج من على شفتيه
وحتى عايزة احط روج زي مامي
قهقه عليها وحملها وهو يضحك بصوت مرتفع
- يخربيتك ياغزل ياصغيرة هتفضحي أبوكي يابت، خرجت غزل وهي ترتدي ثياب الحمام
- وبعدين مع البت وأبوها دول، صفقت غنى وهي تضحك على نظرات والدتها.

- بابي هيجبلي روج زيك يامامي ويبوسني، كمان
جحظت عيناها ونظرت لجواد الذي يقهقه عليها
- نهار اسوح إنت بتضحك، البنت هتفضحنا
شعر بمدى حماقتها
- بس يابت ياهبلة هو أنا شاقتك دا إنتِ مراتي، ثم اتجه بنظره لغنى
- وإنتِ ياغزل ياصغيرة إياكي اسمعك تتكلمي قدام حد كدا، سامعة ياام لسانين، انزلها واكمل حديثه بعدما قبلها على خديها
- روحي لانطي والبسي فستان عيد ميلادك، وشوفي جاسر خلص ولا لسة
- شور بابي، غنى راحت اهو.

بعد فترة قليلة اجتمع الجميع تحت بحفلة عيد ميلاد (جاسر&غنى) الخامس
جلس جواد بجوار والده ينظر لأطفاله
- شكرا يابابا على الحفلة الحلوة دي، رجِعت جمعت شمل العيلة. ناقص بس سيف ومراته
التفت والده إليه بحنق وأردف
- بتشكر أبوك علشان بيحتفل بأحفاده ياحضرة الظابط
ابتسم له وتحدث
- مش قصدي، أنا عارف إني قصرت مع الكل الفترة اللي فاتت بسبب الشغل، بس تتعوض إن شاء الله
ربت والده على ساقه.

- ربنا يعينك حبيبي المهم أنا عايز أخد(رُبى ويس) يباتوا معايا الليلة. وحشوني، وهسبلك الكبار تفرح بعيد ميلادهم وكمان شايف ولاد ريان مندمجين أوي معهم
اومأ برأسه
- فعلا بيجاد ومالك مرتبطين جدا بغنى وجاسر، رفع نظره لبيجاد الذي يحمل غنى على كتفه ويسرع بها بين الالعاب المعدة للأطفال
اتجه ريان الذي كان يجلس مع صهيب
- أنا بقول هيكون بينا نسب أهو ياحضرة الظابط
ضحك بعلو صوته.

- هتقدر تدفع المهر إنت وولادك، ضيق ريان عيناه
- نعم يااخويا، إنت عايز ابن ريان المنشاوي مايعرفش يدفع مهر عروسته ولا ايه، تدخل حسين
- ماتهزرش إنت بالذات في المواضيع دي ياجواد، تعالى نرجع لعشر سنين ورا وشوف حالتك كانت ازاي
ذهب بشروده لتلك الايام التي كانت بمثابة الأسى ولآلام الفؤاد
- فعلا يابابا، ثم اتجه لريان
- وأنا اكتر واحد حاسس بدا، ورغم أن ريان بيهزر بس بقوله إبنك متعلق بحبال الهوى يابشمهندس.

اقترب بيجاد وهو مازال يحملها على كتفه
- شوف ياعمو جواد غنى مش مسمحولها تلعب مع الولاد الكبار مش صح كدا ولا لا
ضيق جواد عيناه واردف
- ماأنا لسة بقول لابوك كدا، مينفعش تبقى كبير كدا وتشيل البنت على كتفك كدا
رمق بيجاد جواد بنظرة جانبية
- انزلي ياغِنى روحي إلعبي مع ياسمينا، مااشوف باباكي بيقول لسة قايل لابوك، ايه ابوك دي يابابي، نظر لغنى التي توقفت روحي العبي هشوف بابي جواد بيقول إيه.

صعق جواد من كلامته، نظر لريان وتحدث
- الولد دا مش طبيعي، دا جاي بيهددني
حمحم بيجاد وجلس بجواره
- حضرتك ياعمو قولت الولد بيجاد أنا دلوقتي عندي اتناشر سنة يعني مش صغير، علشان تقول الولد، وكمان ماينفعش تقول ألفاظ كدا قدام غِنى، مش كدا يابابي.
رفع حاجبه بسخرية
- لا والله كبرت يالا وجاي تهددني وتعلمني اتكلم، لا وكمان بتعرفني أقول ايه
ابعد عن بنتي يالا، جذبه ريان لأحضانه.

- هو انت تطول أصلا تجوز بنتك لزين الشباب، دا احسن شاب في اسكندرية وبكرة أفكرك
قاطعهم حسين
- والله قولوا يانصيب بتتخانقوا على بطيخة قرعة، وصل صهيب اثناء حديث والده
- انتوا جبتوا بطيخة وطلعت قرعة ولا ايه
ضحك ريان وأردف من بين ضحكاته
- قرعة زي ابوها...
رفع جواد حاجبه
- والله طيب وحياة إبنك لأطفح ابنك مرار المرار
قضم صهيب التفاحة
- هي فيها بطيخة وابنك ومرار، انتوا قاعدين بتوزعوا التركة من غيري
ضيق ريان عيناه.

- التركة هي بقت غِنى المفعوصة تركة
- بابا لو سمحت متقولش عليها مفعوصة، انا بقالي خمس سنين بربي فيها وأكبر علشان تقول عليها مفعوصة
اشار جواد لريان
- شوف إبنك بيقول إيه، والله الولد بيفهم ثم رفع حاجبه وتحدث ليغيظه
- بقولك إيه يالا
جبت ايه هدية لعروستك، والله لاخليك تكح تراب بدل ماإنت عاملي فيها فلانتينوا كدا
أخرج سلسال رقيق بفراشه يكتوب عليه
(غنى بيجاد).

أمسك جواد السلسال وهو ينظر لوالده واغروقت عيناه بالدموع كأنه يرى نفسه في ذلك الشاب
- معقول أنا كنت بهزر يابيحاد، إنت كنت جايب واحد، تعرف بتفكرني بنفسي اوي
ضمه من أكتافه
- وعد مني بقولك قدام باباك أهو لو ليا عمر وفيه بينكم مشاعر وقتها أنا اللي هودهالك لحد عندك
ابتسم بيجاد وتحدث.

- مش معنى إني بهزر ياعمو او اهتميت بيها هتكون حبيبتي، أنا معرفش شدتني ليه من أول مااتولدت يمكن عيونها، يمكن علشان أول مرة اشوف بابي صغنون اوي كدا، ومسكت إيدي يومها، يمكن علشان مامي مكنتش لسة خلفت ياسمينا، حقيقي معرفش
رغم جلوسه بهدوئه الغير معتاد إلا أنه
كان ينظر لبيجاد بهدوء وفجأة تحدث
- ويمكن مشاعر طفولة بريئة مدفونه جوانا ونظرات بريئة لطفلة خرجتها، قالها صهيب وهو ينظر لجواد، ثم اكمل حديثه.

- تعرف مشاعر الطفولة من أنقى المشاعر اللي لو حفظنا عليها وبدأنا نكبرها من غير ما نموتها بغرورنا وتمردنا
كان يعلم أن صهيب يقصده بحديثه
- فعلا ياصهيب، بس إحنا بنقول اهو، واديك سمعته دا مجرد طفل، تحرك بيجاد عندما وجد الحديث خارج عن فهمه
بعد أكثر من ساعتين وبعد الانتهاء، من الحفل، غادر الجميع سوى ريان وأولاده
كان يجلس الجميع بحديقة منزلهما.

- ايه اخبار المجمع الخيري يادكتورة فيه حاجة ناقصة من ادوية او معدات
تسائل بها ريان
أمسكت بيد جواد وهي تبتسم له
- لا جواد كل اسبوع بينزل ويشوف الناقص وبيجيبه، وكمان البشمهندس إلياس الصراحة مش مقصر، متنسوش دا اصلا شغله، كل الأدوية اللي بتتغير بيتابع معايا وبيبعت منها
- ربنا يجعله في ميزان حسناتكم
آمن الجميع عليها
مفيش أحسن من الصدقة الجارية بتطهر ذنوبنا وتفضل تشفعلنا لبعض موتنا
وقف ريان ونظر لنغم.

- احنا يادوب نروح كفاية كدا الساعة اتنين، الصبح إن شاء هنرجع اسكندرية
اردف جواد
- ماتباتوا هنا يابني
أجابه
- على اساس البيت بعيد. دا عشر دقايق وهنكون هنا
بعد قليل ذهب ريان بصحبة أسرته وتبقى غزل وجواد بالحديقة
كان ينام على ساقيها
- بيجاد النهاردة فكرني بنفسي حبيبي أول ماشلتك، كنت عامل زيه بالظبط، بخاف عليكي بجنون، بس الفرق بينا. هو بينه وبين غنى سنوات بسيطة
لامست خده بحب وابتسمت.

- مش بالسنوات ياحبيبي، بالقلوب، وياترى هنشوف جواد وغزل جداد فيهم ولا لا
اعتدل متكأ على منكبيه ونظر لعينها بعشق
- مستحيل يكون فيه جواد وغزل غير مرة واحدة بس، وضعت جبهتها فوق جبينه
- مفيش حد ممكن يعشق حد زي ماغزل عشقت جواد، التقط شفتيها
- بموت فيكي ياحبي. وشكل موتي هيكون قريب على ايدك
قطع حديثهما صوت انذار حريق بفيلا حازم
هب الجميع واقفا
نظر جواد لغزل. العيال فين ناموا
اومأت براسها.

- كلهم نامو من ساعة كدا، أسرع اتجاه فيلا اخته
- حازم سافر من شوية مفيش غير مليكة وولادها جوا لازم ادخل انقذهم، وصل صهيب على صوت الانذار
- فيه ايه اللي بيحصل
جحظت عيناه عندما وجد الدخان يخرج من منزل اخته
- اتصل بالاسعاف فورا، اتجه جواد سريعا لمنزل اخته وبدا يصرخ بالامن للاتصال بالمطافي
دفع الباب هو وصهيب ولكن ألسنة اللهيب بدأت تحاوط الداخل.

حاول الأمن التدخل وقاموا بفتح الباب الرئيسي، أمسك صهيب جواد عندما وجد الاشتعال يغمر المنزل كاملا
- انت رايح فين
دفعه بقوة اختك جوا وولادها إنت مجنون
لا مش مجنون بس انت هتعمل ايه
النار مولعة في البيت. اقلق على مين فيكم المطافي وصلت وهم هيتصرفوا
- انت مجنون سبني، نظر لغزل روحي للولاد اوعي تسبيهم أنا معرفش ازاي الفيلا ولعت. روحي شوفي الولاد بسرعة. دفع صهيب بقوة ودلف للداخل بوسط الهبة النيران.

وقفت جاحظة عيناها عندما صرخ صهيب به وهو يدلف للداخل، دخل صهيب سريعا خلفه...
ظلت تصرخ بصوتها كاملا
- لا ياجواد، اتت نهى على صوت صراخها وكذلك حسين ونجاة
جلست على الارض تبكي بعدما خرج صهيب وهو يختنق من الدخان
- مالحقتوش، أسرعت إليه وبدات تبكي بنشيج
- يعني راح فين ياصهيب، تحركت نجاة بخطى متعثرة وهي تتمتم
- اخواتك ياصهيب، ولادي ياحسين جوا، الاتنين جوا، جلس حسين واضعا رأسه بين يديه.

- اللهم لااعتراض، لاحول ولاقوة الابالله العلي العظيم
دلف رجال الحماية المدنية لانقاذ مايمكن انقاذه، فجأة سمعوا بكاء مليكة بجوار الحائط وهي تحاول التنفس، أسرع إليها صهيب...
- حبيبتي إنتِ كويسة، اومأت برأسها عدة مرات، خرجنا من الباب اللي ورا بس جواد دخل علشان يجيب مازن، ابني جوا ياصهيب معرفتش انقذه، اسرعت نجاة تضمها لأحضانه وتحمد ربها.

- الحمدلله ياحبيبتي، احمدك واشكر فضلك يارب، اخوكي فين يابنتي، جواد فين
مسحت دموعها وبدأت تسعل
- دخل يجيب مازن ياماما ولسة ماخرجش
هيخرج ياحبيبتي وهيجيب الولد
- يارب يابني يسلمك من كل أذى
تحركت كانسانا آلي لا تشعر بشئ غير أنه بخطر، ظلت تتمتم باسمه ودموعها تنسدل بقوة، أخيرا استعادت نبضاتها عندما وجدته أمامها يحمل ابن اخته. اسرعت اليه وهي ترتمي بأحضانه وتبكي بشهقات
- كنت هموت من الخوف عليك.

حاول ان يضمها ولكن آثار الحروق التي أصابته تعيق حركته
أشش اهدي أنا اهو. لازم اخلي المسعفين يشوفوا الولد مبيتنفسش كويس.
امسكت وجهه بين راحتيها
- إنت كويس، اسرعت مليكة وصهيب إليهما
- صهيب خد مازن وديه الإسعاف بسرعة. يعملوا جلسة تنفس على صدره
بكت مليكة وهي تنظر لإبنها الذي لا حول له ولا قوة
- اهدي حبيبتي الولد كويس بس شكل الدخان، قاطعته غزل وهي تصرخ
- جواد ايه الحروق دي كلها
جذبها لاحضانه.

- أنا كويس ياغزل، دي شوية لهب طالت دراعي وضهري بس...
ارتعشت يديها وهي تحاول ان تقوم بخلع قميصه بهدوء
- آهة خرجت من جوفه متألما بسب اذيته، اتت والدته
- حبيبي إنت كويس. أومأ لها دون حديث
وصل احد ضباط المعاينة
- دا مش حريق عادي ياحضرة الظابط، دي شُبه جنائية، لقينا دا جوا
فجأة نزع نفسه بجوار غزل، وهب واقفا
- يعني ايه الكلام دا، ومين له عداوة مع حازم.

هنا برقت عيناه ونظر لمنزله عندما وجد امنه محاصر منزل حازم. اتجه لغزل
- فين الولاد، انت مرحتيش عندهم
هزت رأسها بلا
- كنت خايفة عليك الولاد نايمين، ورُبى وياسين وأوس عند ماما
أسرع إتجاه منزله ودقات قلبه تنبض بعنف داخل قفصه الصدري
- يارب خيب ظني، يارب ظل يرددها وهو يسابق الزمن بخطواته
فتح باب غرفة ابنته اولا.

وجد جاسر ينام بهدوء على فراشها، قبله وبحث بعينيه بالغرفة عن غنى ولكنه لم يجدها، حمد ربه، ظنا انها بغرفته
وصلت غزل وصهيب اللذان قام بملاحقته
- ايه ياجواد
اسرعت غزل لغرفة جاسر وجدت باب الغرفة مفتوح وبعض الأشياء ملقية على ارضية الغرفة
- غنى حبيبتي إنتِ صحيتي، ياله تعالي لمامي، هو مش إنتِ طلبتي تنامي الليلة مكان جاسر علشان بابي يحكيلك حدوتة بابي جه. يالا تعالي
ظلت تنادي عليها، ولكن دون جدوى.

استمع جواد الذي اعتقد بوجود ابنته بغرفته كعادتها، هب واقفا متجها لزوجته
كانت تجلس بأرضية الغرفة وهي تمسك بيديها ورقة يكتب عليها
تعيش وتاخد غيرها يابن الالفي
العين بالعين والسن بالسن والبادي اظلم
وضعت رأسها فوق ركبتيها وهي تهز رأسها ويديها ترتعش
- لا غنى عاملة مقلب في باباها وهتخرج
ظلت تردد كلماتها كأنها فقدت عقلها.

تحرك وعيناه مثبته على هيئة غزل، خطوات بطيئة كالذي يتحرك على زجاج منثور، جلس بهدوء على عكس مايشعر به
جذب الورقة من يدي غزل ونظر يقرأ
عدة الكلمات البسيطة التي تكتب بها. رغم أنها بسيطة إلا إنها سحقته بقوة، حتى شعر بتوقف نبضه، وكأنه يفارق الحياه
برودة اجتاحت جسده بالكامل، وقبضة قوية اعتصرته
دلف صهيب إلى الغرفة يبحث بعينه عن غنى، ولكن تسمرت خطواته عندما وجد جواد يجلس بأرضية الغرفة.

بظهر منحني، ومقلتين مغشيتين بالدموع
ويقبض على ورقة بيديه
اتجه إليه ودقاته تتسارع بقوة من مظهر أخيه المبكي للعين
نزل بركبتيه ونظر إليه
- جواد مالك، وفين غنى ياجواد
رفع نظره لأخيه وارتعشت شفتيه وانسدلت دموعه بغزارة لأول مرة
- عرفوا يكسروا اخوك ياصهيب، عرفوا يسحبوا روحي، خططوا ونجحوا، خطفوا غنى ياصهيب
لم يكد يكمل حديثه اذ استمع لصراخ غزل باسم ابنتها بجواره
واصطدام شيئا ما سقط على الارض.

نظر فإذ بوالدته الذي اغشي عليها إثر سماعها حديث جواد.
لو كنت استطيع ان اهديك قلبى...
لكى يخبرك، بمدى حبى وعشقى لك
لنزعته من صدرى. واهديتك إياه...
نهض بجسد ينزف داخليا متجها لوالدته، ساعد صهيب في رفعها
وقام الاتصال بالطبيب
أما تلك التي جلست على فراش طفلتها تحتضن ثيابها وعبراتها تنساب بصمت
اتجه إليها يضمها ويمسد على خصلاتها
-زوزو حبيبتي، فوقي ياقلبي، وعد هرجعها
رفعت عيناها المتورمة بنظرات تحمل بين طياتها الكثير والكثير من العتاب
أشارت لقلبها.

-قولتلك حاسة بقلبي بيوجعني، ضحكت عليا وقولت دا حلم ياغزل، متخليش الشيطان يلعب بيكي
شهقت شهقات مرتفعة وهي تنظر لثياب ابنتها
-عايزة بنتي ياجواد، هاتلي بنتي ياجواد. كان يقف على باب الغرفة. فدلف ينظر بنظراته الطفولية
-ماما بتعيطي ليه وفين غنى. شهقت شهقة عالية خرجت بلهيب ام فقدت فلذة كبدها
-اه يارب. صاحت بها بقلب يأن المًا، وهي تضم ابنها لأحضانها، دلفت نهى تنظر إليها بحزن.

اتجهت ببصرها إلى جواد تحاول أن تبتلع غصتها من حزنها على غزل
-باسم تحت مع صهيب. أشار على زوجته
-خدي بالك منها
اومأت تجلس بجوارها تجذب جاسر من أحضانها
-سيبي الولد ياغزل، بتخوفيه
رفعت عيناها الحمراء
-شوفتي يانهى عملوا فيا ايه، خدوا روحي، خطفوا بنتي يانهى
تراجع جاسر بحركاته الطفولية وترقرقت عيناه بالدموع
-الحرامي خطف غنى يامامي، هي غنى راحت للحرامي
استمعت إلى رنين هاتفها حملته سريعا.

-مدام غزل الألفي. أجابته سريعا بتقطع
-ايوة انتِ مين.
اجابتها الأخرى. فاعلة خير
قالتها امل بشماتة ثم اردفت
-لو عايزة بنتك قابليني في (. )من غير ماجوزك يعرف، عشر دقايق وتكوني في المكان
نهضت سريعا، امسك جاسر كفيها المرتعش
-مامي مش هشوف غنى تاني. انحنت تطبع قبلة على رأسه
-خليك هنا مع طنط نهى وأنا هروح اجبها واجي ماشي
توقفت نهى أمامها
-مش هتروحي في حتة سمعاني، لازم تقولي لجوزك.

دفعت نهى صارخة حتى افزعت جاسر الذي اختبأ خلف نهى يبكي
-ابعدي عني، لازم اشوف بنتي
توقفت نهى وأردفت بتحذير
-قولي لجواد الأول. دنت منها كالمجنونة تدفعها وتصرخ بوجهها توبخها
-ابعدي يانهى هزعلك. دفعتها كانت قوية مما ارتطم جسد نهى بالحائط متأوهة
مما أفزع غزل وهي تراها تجثو تمسك احشائها تبكي من قوة آلامها
اتجهت ببصرها للأسفل وجحظت عيناها وهي تجد المياه التي انسابت من بين أقدامها.

صرخة مدوية باسم صهيب خرجت من جوفها من كل مااوتيت من قوة عندما رأت نهى تفترش الأرض مغشيا عليها
هرول كلا من جواد الذي وصل اولا، ليه صهيب الذي جحظت عيناه وهو يرى زوجته الممدة على الأرض وتحتها كم من مياه الولادة
دفعه جواد بقوة
-شلها بسرعة دي شكلها بتولد، اتجه يجثو بجوار غزل التي تقوم بالكشف عليها بجسد مرتجف
-ولادة ياصهيب بسرعة انقلها للمستشفى لازم دكتورة نسا تشوفها.

حملها بين ذراعيه متحركا سريعا، وخلفه غزل. أما جواد تحرك إلى ابنه الذي جلس منكمشا يبكي على مارآه
حمله جواد يضمه إلى صدره
-حبيبي أهدى دي طنط نهى هتجيب بيبي. مسح عبراته بظهر كفيه واردف بتقطع
-بابي غنى. عايز غنى، تحرك متجها لمنزل والده، دلف للداخل ثم أنزله بهدوء أمام اخواته
-خلي بالك من أوس وربى، وأنا هروح اجبلك غنى، ماشي ياجاسر، انت كبيرهم حبيبي وبقيت راجل لازم اعتمد عليك نانا تعبانة متعملش قلق.

دلف عز بجواره فارس أخيه
-عمو جواد. قالها عز، استدار إليه جواد
سحبه لأحضانه ثم طبع قبلة على رأسه
-خليكوا مع جدو هنا ياعز، لما عمتو مليكة ترجع بمازن وجواد من المستشفى وبلاش تتشاقوا، وشوية كمان وماما هتجيب البييي وتيجي
أومأ عز برأسه واتجه يقف أمام مهد الاطفال ثم استدار قائلا
-ماتقلقش ياعمو احنا هنهتم بالولادة.

مساء بعد يومين دلف جواد غرفة ابنته، وجد زوجته تجلس بالغرفة وهي مظلمة تتسطح بوضع الجنين تضم ملابس ابنتها إلى صدرها
توقف على باب الغرفة وهو يحمل في صدره من الغصص مايكفي لا نقطاع حبل وريده مما يشعر به
اتجه بخطى سلحفية يكاد أن يأخذ أنفاسه بصعوبة، جثى أمام الفراش يمسد على خصلاتها
-زوزو، حبيبتي فوق عشان ولادك محتاجينك. رفعت عيناها المتورمة.

-اتصلوا بيا وقالوا لو عايزة بنتك تعالي خديها، بس هي منعتني، وبعد كدا ملحقتش اروح اجيب بنتي ياجواد، طيب دلوقتي هي نايمة ولا صاحية
رفعت كفها المرتعش على وجهه وازالت دموعه
-قولي هتقدر تتحمل يوم وغنى ماتدخلش عليك الاوضة وتتشاقى ياجواد، هتقدر تنام قبل ماتيجي وتعاندني وتقولي قومي من حضن بابي، بابي دا ملكي انا.

بكت بنشيج وارتجف جسدها مما أدى إلى انهيار جواد بالكامل، ذاك الجبل خر صريعا أمامها يبكي ويضمها إلى صدره
-انا مش ساكت ياغزل، بدور في كل مكان، وريان كلم كل ماعارفه، يعتبر قالبين الدنيا في كل مكان، وان شاء الله نرجعها ياحبيبة قلبي
بعد عدة شهور والوضع كما هو. دلفت ذات مساء لغرفة اولادها التوأم
توقفت أمام ابنتها تنظر إليها بصمت وهي تبكي بصوت مرتفع تان بصوت متقطع جلست بجوارها تمسد على خصلاتها بحنان أموي.

-عارفة اني قصرت معاكم ياحبايب مامي، داعبت وجنتيها ولكنها توقفت فجأة وهي ترى حرارة ابنتها المرتفعة
حملتها سريعا متجهة للخارج، قابلتها نجاة بجسد منهك يبدو عليها آثار التعب
-ماما ربى سخنة أوي لازم دكتور يشوفها، جلست نجاة بإرهاق
-خديها حبيبتي، وانا هاخد بالي من أوس وجاسر عند عمه صهيب
وصلت غزل المشفى بعد قليل.
-البنت لازم تتحجز يادكتورة، مصابة بفيروس كورونا.

صدمة إصابتها مما جعلها تنظر الى ابنتها بذهول من اين جنيت ذاك المرض اللعين، اقتربت منها وانسابت عبراتها
-يعني ايه، مفيش حد عندنا مصاب، ارتفع صيحات ابنتها وصوتها المختنق
اخذتها الممرضة المرتدية ثياب الوقاية، جلست أمام العناية تضع رأسها بين راحتيها
وصلت مليكة إليها متسائلة
-غزل ايه ال حصل
أشارت بعينها
-ربى مصابة كورونا يامليكة، وحجوزها، وصلت الطبيبة.

-دكتورة غزل تعالي معايا لو سمحتي. تحركت وقلبها ينبض بعنف يكاد يتوقف من الخوف
جلست أمامها، أعطتها مظروف
-شوفي دا يادكتورة، فتحت المظروف الذي يحتوي على إشاعة صدر لأبنتها
انسابت عبراتها تحرق وجنتيها رفعت عيناها للطبيبة
-الرئة مصابة بشكل كبير، ليه كدا. تنهدت الطبيبة
-للأسف يادكتورة حالة الرئة وحشة جدا، واحتمال نفقد البنت
هوت على المقعد وهي تهز رأسها بعنف وعبراتها كزخات المطر، دلف جواد الذي وصل للتو.

-غزل فيه ايه، مالها ربى؟!
كانت تجلس كالذي فقدت الحياة دموعها فقط تنساب عبر وجنتيها
اتجه بأنظاره للطبيبة متسائلا بلهفة؟!
-فيه ايه يادكتورة؟! بنتي مالها
اتجهت الطبيبة بانظارها الى غزل بحزن واجابته
-البنت مصابة بالكرونا، وحالتها صعبة ياحالتها صعبة وممكن نفقدها الرئة مصابة بالكامل
هزة عنيفة أصابت جسده حتى شعر بفقدان وعيه فهوى على المقعد مردد حديثها
-كورونا، طب ازاي، رفع نظره لغزل الشاردة بنظراتها.

آهة خفيضة خرجت من بين شفتيه وهو ينظر لزوجته التي ذهبت لملكوت الاموات
اتجه إليها محاولا السيطرة على نفسه وحاوطها بذراعه كالقلعة الحصينة ليشعرها بالاطمئنان ولكن كيف لكِ صغيرتي أن تتحملي كل تلك الصدمات
ماارحمك ربي بعبدك الضعيف
أوقفها متجها للخارج، تحركت معه بخطوات هذيلة كالذي فقد الحياة
نهضت مليكة سريعا بجوارها صهيب الذي وصل
-ايه في ايه، اتجه بنظره لجواد الصامت وعلامات الحزن والألم تكسو وجهه.

امسكه من مرافقيه
-جواد حبيبي ايه ال حصل؟!
اجلسها وطبق على جفنيه يمنع عبراته من السقوط
-خدوا بالكم منها شوية وراجع، تحرك صهيب سريعا خلفه وجده توقف أمام نافذة العناية ينظر لابنته وعبراتها متحجرة بجفنيه
ربت على ظهره متسائلا
-فيه أي ياحبيبي مالها ربى؟!
-بتموت. قالها بصوت متقطع، اتجه بنظره لأخيه واجابه
-بنتي بتموت ياصهيب. دي كل الحكاية
بعد عدة أيام ومازال الوضع كما هو بداخل فيلا صهيب.

يجلس عز يحمل جنى على قدميه ويلاعبها
دلف جاسر وهو يبكي انطي نهى، انطي نهى، أسرعت نهى للخارج
-جاسر حبيبي فيه ايه. ازال عبراتها بظهر يديه قائلا
-مامي أغمى عليها ومش بترد. سحبته وأجلسته بجوار عز
-عز خلي بالك من ابن عمك لحد ما اشوف انطي غزل وارجع
هز رأسه وضمه وهو يحمل أخته
-متزعلش ياجاسر، انطي غزل لسة زعلانة على غنى، وعمو جواد بيدور عليها لسة
بكى جاسر وتحدث من بين بكائه.

-عمو الدكتور قال لماما ربى راحت عند ربنا، هو يعني هي كمان مش هترجع صح ياعز
ضمه عز متفاجأ من حديثه فتسائل
-امتى الكلام دا، لا ربى عيانة في المستشفى عشان انطي غزل مش رضعتها فعيانة عشان كدا
هز رأسه رافضا حديثه واجابه
-لا عمو الدكتور قال لماما شدي حيلك يادكتورة البقاء لله، سألت تيتا قالتلي راحت عند ربنا عشان كدا ماما أغمى عليها واتصلوا ببابا هو مسافر بعيد اوي
قطب جبينه وتسائل.

-ازاي ربى ماتت، دي لسة صغنونة. استمع لصوت بكاء جنى رفعها واجلسها على ساقيه ينظر إلى جاسر
-مش تزعل مش انت قولت قبل كدا غنى وربى اخواتك ياعز، وانا دلوقتي بقولك ياجسورة جنجونة اختك اهي
بسط يديه ليحملها، طالعه بصمت
ثم رفعها ووضعها على ساقيه
-شلها شوية قبل الدادة ماتيجي تاخدها
رفعها لأحضانه ثم طبع قبلة على وجنتيها.

-انتِ حلوة اوي ياجنجون، انا بحبك اوي تعرفي هخليكي زي غنى وربى، وعز هكون اخوكي ايه رأيك لما تكبري نكون صحاب ونلعب مع بعض
قهقه عز عليه واردف
-صحاب مرة واحدة ياجسورة، دي بنت على فكرة مش ولد، ضمها لأحضانه وهو يهز رأسه
-ملكش دعوة انت ياعز انا وهي هنكون صحاب واخوات، اطلع منها انت بس داعبها بأنفه فأطلقت ضحكاتها تداعب وجهه الصغير، وتضحك بضحكاتها الطفولية
ظل ينظر إليها هامسا بجوار أذنها.

-انا بحبك اوي ياجنجونة اكتر من عز وعايزك تحبيني اكتر ماتحبيه عشان مش ازعل منك واخاصمك
لمست وجنتيه بكفها وهي تضحك إليه فابتسم له عز
-بتحرض اختي عليا ياجاسر، طيب بكرة لما تكبر هشوفها هتحب اخوها ولا ابن عمها
هز كتفه بعدم معرفته واجابه
-مش مهم مين انا مش عارف معنى كلامك، بس اعرف زي مابابا قال انتوا اخوات حبوا اد بعض، انا بحبك زي غنى، بابا قالي كدا
طبع عز قبلة على رأسه.

-برافو عليك ياجاسر، افضل حبني كدا يلا عشان انا احبك
ابتسم له قائلا
-بس هحب جنجونة اكتر منك ياعز، انا بحب البنات اكتر
ظل الاطفال يضحكون
مرت سنوات وحبهم وترابطهم أقوى
ذات يوم بحديقة المنزل، كانت تجلس ترسم إحدى رسوماتها
جلس جاسر بجوار
-بتعملي ايه حبيبتي. استدارت بجسدها ولم تجيبه
-جنى بكلمك على فكرة وبسال بتعملي ايه
زفرت بضيق قائلة.

-لسة بدري يااستاذ، ازاي تسمح لنفسك تبات برة البيت، كدا ياجاسر تبات برة البيت هونت عليك
جلس بجوارها وجذبها لأحضانه
-آسف ياجنى، بس محبتش ارجع وأشوف حزن امي وابويا، هربت كالعادة مش كدا
اردفت بها بغضب
-حاجة زي كدا، بقولك بطلي رسم وروحي شوفي مذاكرتك، وانا كمان بكرة اول يوم في امتحاناتي عايز ادخل كلية الشرطة بمجهودي، مش عايز يقولوا عشان ابن ظابط
رفعت كفها على وجنتيه.

-جسورة حبيبي بلاش اشوف الزعل في عينك، بزعل اوي
انت عارف انت وعز اغلى اتنين عندي
قبل كفيها ورفع نظره لعيناها مبتسما
-وانتِ غالية عليا اوي ياحبيتي، عشان كدا عايزك تسمعي كلامي وتقومي تذاكري عشان تجيبي مجموع حلو
استدارت مرة أخرى لرسمتها وهزت أكتافها
-انا لسة في تانية اعدادي أما أنت ثانوية عامة، روح ذاكر ومالكش دعوة بيا
جذب لوحتها وقام بتمزيقها.

-وادي الرسمة، قومي يابت عشان تذاكري، ولا اقولك هتيجي عندنا ونذاكر مع أوس وعز
قومي ومش عايز كلام. ضربت أقدامها في الأرض ثم جمعت اشيائها متحركة وهي تسبه
دلفوا للمنزل قابلته غزل أوقفته
-استنى عندك، توقف ينظر للأرض
-آسف ياماما، عمو ريان أصر ابات عنده، وسهرت مع بيجاد ومالك لحد الفجر فمقدرتش اجي
تحركت إلى أن توقفت أمامه
-اول وأخر مرة تبات برة البيت ياستاذ جاسر سمعتني ولا لا.

-حاضر ياماما، اقترب ثم طبع قبلة على رأسها قاىلا
-آسف يازوزو، قالها وتحرك لغرفته
توقفت جنى تنظر لذهابه بحزن فهمست إلى غزل
-هو كان زعلان ومش عايز يرجع عشان عيد ميلاده
جزت على أسنانها تقترب من جنى تضع ذراعها على كتفها
-وانتِ بير أسراره مش كدا
هزت رأسها بالنفي
-لا هو صديق واخ ثم غمزت بعينها لغزل واكملت
-وأكبر فتانة لجسورة وعزي
قهقهت غزل عليها تضربها بخفة على رأسها
-فعلا فتانة برجلين ياجنجونة اللي.

عادت من ذكرياتها المأسوية. نظرت لحبيب روحها. بأطراف أصابعها كانت تغازل وجنتيه وثغره. لامستهم ثم اقتربت من زوجها تضمه
فتح عيونه مبتسما ثم أردف بصوتا شبه مستيقظ
- صباح الخير حبيبي، هتفضلي تعاكسيني طول عمرك كدا، اتكأت على ذراعها، ومسدت على خصلاته
- ربنا يخليك ليا وأفضل أعاكسك كدا على طول...
داعب أنفها واعتدل جالسا
- الساعة كام دلوقتي
نظرت في هاتفه
- الساعة عشرة الصبح ياكسلان، كبرت ياحبيبي وبقيت تنام للضهر.

وضع يديه تحت رأسه ونظر لسقف الغرفة مردفا
- نمت متأخر وقومت للفجر ومنمتش غير ساعتين بس، نظر إليها متسائلا
- جاسر نزل الشغل ولا لسة
اتجهت لخزانة ملابسها لاستبدال ما ترتديه
- نزل بقاله نص ساعة و رُبى نزلت مع جنى قالوا رايحين المكتبة، جنى محتاجة مراجع...
خرجت بعد مابدلت ثيابها
جاسر وصلهم في طريقه
توقفت تطالعه بهدوء.

-جاسر كبر يابوجاسر، لما تشوفه النهاردة وهوماشي وضامهم هما الاتنين كان شكله حلو، لو مش خايفة صهيب يفهم كلامي غلط كنت قولتله مايمسكش جنى كدا
ضيق عيناه متتسائلا
-ليه حبيبتي بتقولي كدا؟!
جلست أمامه تحتضن كفيه
-جواد انا عارفة جنى زيها زي ربى، بس لازم يكون فيه حدود بينهم بلاش فيهم حد يتأذي ويرجعوا يكرروا قصة جواد وغزل
دقق النظر بمقلتيها
-وحكاية غزل وجواد مؤلمة اوي كدا لدرجة مش عايزة تكرريها.

ملست على وجهه واقتربت تضع قبلة على جبينه
-دا وهيتكتب قصة عشق عن اتنين مش هيلاقوا اجمل من قصتنا ياحبيب عمري
جذبها بقوة حتى سقطت على الفراش
-بلاش تلعبي بيا يازوزو
احتضنت عيناه رماديتها قائلا
-متخافيش جاسر مش صغير، وكمان براعي ربنا، احنا مريبنه كويس، وجنى كمان مش في دماغها جاسر خالص ماتخافيش
مع اني اتمنى الصراحة جنى بعشقها زيها زي ربى، وبعدين دي تربيتنا يازوزو
نهضت تجلب ثيابه قائلة.

-عارفة دا كله بس مش عايزة فيهم يتوجع، خايفة على جاسر يتوجع كفاية وجعه السنين ال فاتت دي على أخته. وضعت الثياب أمامه متسائلة
- إنت مش كنت بتقول عندك شغل مع ريان النهاردة، إيه مش هتخرج
أغمض عيناه وتحدث
- ريان هيجي بعد الضهر لسة، ثم رفع نظره إليها
- هخرج مع ياسين النهاردة بيقولي محتاج مني استشاره قبل مايقدم في الحربية
جلست وشعرت بغصة وعينها اغرورقت بدموع الوجع ثم ناظرته.

- مابلاش موضوع الحربية دا ياجواد. كفاية جاسر. أمسكت يديه وقبلتها
- وحياتي عندك ياجواد اقنعه يبعد الحربيه دى دماغه عن خالص، أنا شبعت وجع قلب
ضمها بقوة لصدره ثم أطبق جفنيه بعيون حزينة يعلم إنها تألمت كثيرا في الماضي ولكن ماذا يفعل، تنهد بوجع
- حبيبتي مش إحنا اتكلمنا في الموضوع دا كتير وقولت كل حاجة بتحصل لنا قضاء وقدر، يعني لو مكتوب له حاجة هتحصل لو في حضنك
خرجت من حضنه وهي تهز رأسها برفض.

- لا ياجواد قلبي مبقاش مستحمل، علشان خاطري ياحبيبي، ثم أكملت مستطردة
- يعني جاسر بفضل قلقانة طول الوقت وخصوصا لو عنده مأمورية مهمة مع إنه لسة في الكلية وتدريبات بس
قبّل جبينها وتحدث
- هكلمه ياقلبي وعد هحاول معاه. بس موعدكيش إني أضغط عليه. رفع ذقنها وتحدث مفسرا
- مش عايز يجي في يوم ويقولي حرمتني من مستقبلي يابابا
أومأت له بابتسامة باهتة
- ان شاء الله هيوافق.
جذبها وأجلسها بحضنه
- عندك شغل كتير النهاردة.

رفعت نظرها له
- لا ساعتين وراجعة، فيه حاجه ولا ايه
ليكون وحشتك، وضعت يديها موضع نبضه وتلاقت بعيناه
- وحشتني أوي ياجواد، بقالك فترة بعيد عني، مالك حبيبي
خفق قلبه بشدة عندما لامست يداها قلبه حتى شعر بارتجاف جسده كعهدهما السابق ورغم ذلك تحدث
- عايز ننزل يومين الفيوم، البلد وحشتني اوي. ضم وجهها بين راحتيه.

- عايز أعمل زي مابابا وماما الله يرحمهم كانوا بيعملوا، ننزل أول رمضان ونلم شمل العيلة تاني، ونروح نزور قبورهم
وضعت رأسها على صدره
- أنا كنت فعلا قررت أخد أجازة طويلة من الشغل، أعصابي تعبت كتير ياجواد، على أد مامهنة الطب رسالة لازم نؤديها بكل حرص وأمانة إلا إنها تعبتني جدا
قبّل جبينها وتحدث مشجعا
- لازم تعملي اللي تقدري عليه، وزي مالرسول قال
كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته.

وانت حبيبتي مسؤلة عن ألم الناس دي بدل في إيدك إنك تساعدي في تخفيف آلامهم، ثم استطرد مكملا
- خدي أجازة ريحي بس إوعي شغفك في اكمال رسالتك يقل يازوزو
ضمت نفسها لأحضانه
- ربنا يخليك ليا ودايما سندي وداعم ليا ياحبيبي
في فيلا المنشاوي بالاسكندرية
استيقظ من نومه الذي لم ينال منه إلا سويعات قليلة، قام بأداء روتينه من صلاة وأذكار ثم نزل للأسفل وجد الجميع على مائدة الإفطار
- صباح الخير ياريو باشا.

رفع ريان حاجبه بسخط وتحدث
- إنت هتحترم أبوك إمتى يالا
جلس واضعا محرمة الطعام على ساقيه وبدأ يتناول طعامه وكأن والده لم يوجه له حديث
- بابا لو سمحت فيه موضوع عايز أكلمك فيه، هذا ماقاله عمر نجله الكبير
اتجه ريان لعمر وتحدث
- فيه ايه ياعمر...
حمحم عمر وتحدث بهدوء
- عايز من حضرتك تكلم عمو عمر على سيلا، هنفضل قاعدين مركونين لحد إمتى
ابتسم ريان لولده.

- متأكد من قرارك دا ياحبيبي، يعني شايف إن سيلا البنت اللي هتقدر تكمل معاها حياتك كلها، ثم أكمل حديثه مفسرا
- الجواز ياحبيبي مش حب بين اتنين وبس، الجواز ارتباط روحين لأخر العمر. نص بيكمل التاني وقت مايضعف التاني يقويه، وقت مايقع يلاقي اللي يسنده. فوق دا كله ياحبيبي أخلاق البنت فوق كل حاجة، ثم اكمل مستطردا.

- عارف سيلا معلهاش غبار، ومحترمة وفيها كل المميزات اللي تعجب أي شاب، بس أنا من مسؤليتي وواجبي عليك إني أعرفك طريقك رايح فين
ابتسمت نغم بحب لزوجها ثم وضعت يديها فوق يديه
- طول عمرك وعندك قوة اقناع غير عادية لرأيك ياحبيبي...
حمحم بيجاد وتحدث بسخرية
- ومين يشهد للعروسة يامامتي الجميلة غير عريسها
أمسك ريان حبة من الزيتون المخلل وألقاها بوجهه
- هي مين العروسة يابغل، أبوك عروسة يالا.

قهقه بيجاد عليه وهو يرفع يديه
- والله ابدا يابشمهندس أنا قصدي على المثل، بس نقول إيه اللي على راسه ست اصيلة زي نغومته
تحول غضبه من ولده الى صدمة من حديثه ثم آشار لنغم
- شوفتي ابنك المحروس بيقول ايه
ضحك حمزة الذي كان يتابع بصمت
- ماهو بيجاد بيقول الحق ياحج، هو مين بيشهدلك دايما غير ست الحسن نغم المنشاوي
أما مالك الذي يأكل بصمت
حمحم وهو ينظر لحمزة
- مش ملاحظ حاجة ياحمزة، قهقه حمزة وهو ينظر لبيجاد وعمر.

- لا أنا مش ملاحظ بس يمكن الكبار يكونوا ملاحظين
رفع بيجاد حاجبه بسخرية من حديث حمزة
- مالك يالا انت وهو شكل ركوب درجات السباق لحست دماغكم
سباق ايه يابيجاد اللي بتقول عنه
أردف بها ريان
وضع حمزة طعامه بفمه وبدأ يلوكه بهدوء
وهو ينظر لمالك حتى يتحدث
- اتجه بيجاد لوالده
- سباق سيارات يابابا، حبايب قلبك بيلعبوا
صمت ريان هنيهة دون حديث، أما نغم التي نظرت بصدمة لأولادها.

- احنا مش اتكلمنا في الموضوع دا. ليه مصرين تزعلوني
رفع ريان قهوته وأرتشف منها ثم اتجه لعمر
- العيال دول ممنوعين من الكريدت كارت وكمان عربياتهم تتسحب منهم، سمعتني ياكبيرهم ولا لا، ثم اتجه بنظره لبيجاد
اما إنت ياطيار الزفت عقاباً لحضرتك
- ممنوع من ركوب اليخت شهرين علشان يبقى تشجعهم من ورا ابوك
رفع بيجاد حاجبه بسخرية
- وايه كمان ياريو باشا. اقترب من والده.

بقولك ياريو باشا شايفك بقيت مؤدب اوي من زمان هو إنت كبرت ولا ايه ياحج، ولا البت ياسمينا عجزتك بعد ماجت
وضعت نغم يديها على فمها من صدمة حديث ولدها
- ولد احترم نفسك، اتجننت
جذب ريان مفرش الطاولة الموضوع عليه الطعام بقوة ملقيه على الارضية
- طيب وحياة أمكم اللي عمّاله تضحك وفرحانه بيكم لتخرجوا من غير فطار
صرخ فيهم بقوة
- إمشي ياض منك له وعلى الله اشوف
وشكم النهاردة
ضرب عمر كف بالاخر.

- وأنا كان ذنبي إيه بس ياريو باشا
دفعه بيجاد وتحرك ونزل بمستوى جلوس والده
- يرضيك ابنك حبيبك ينزل الشغل وهو نفسه في الزتوناية اللي وقعت على الارض
هب واقفا وحاول أن يجذبه من ملابسه، وقفت نغم بينهما
- خلاص ياريان خلي قلبك ابيض، توجهت بنظرها لبيجاد
- امشي روح شوف شغلك جاتك زتونة في بوقك
خرج هو وعمر ومازال يقهقه على والده
باليوم التالي بفيلا طارق عزيز.

في غرفة تمتاز بالانوثة والحيوية، فتحت الجميلة عيناها وهي تغلق منبه هاتفها الذي ايقظها، دلفت والدتها المدعوة بتهاني
- صباح الخير يا قلب مامي، الساعة اتناشر ايه مش رايحة الجامعة
رفعت خصلاتها التي تغطي وجهها بالكامل
- مامي سيبيني شوية كمان عايزة انام
مسدت على خصلاتها مقبلة خديها
- تمام حبيبة مامي نامي، وبلاش كلية وارتاحي، انا هخرج رايحة النادي محتاجة حاجة
أشارت بيديها وهي مازالت على وضعيتها.

- لا باي، بعد دقائق استيقظت على صوت هاتفها
- فينك يابت ياغنى عندنا امتحان النهاردة وانت لسة ماجتيش
اعتدلت جالسة
- اوف اوف يالبني هي إيه الكلية اللي كل شهر فيها امتحان دي، بقولك أنا هقول لبابي يحولي كلية تربية رياضية زهقت انا من الكليات الخنقة دي
قهقهت عليها لبني
- فوقي كدا وتعالي بسرعة، فجأة توقفت عن الحديث، يالهوي ياغنى انتِ عارفة مين ماشي قدامي دلوقتي
قطبت جبيناها وتسائلت.

- اه شايفة ياختي اصل البعيدة مش واخدة بالها اني جنبها، هو إنتِ عبيطة يابنتي هو أنا جنبك
ضحكت لبنى عليها
- الولد الحليوة اللي اتخانقتي معاه من يومين، اللي خبطنا عربيته
اعتدلت وانصتت باهتمام
- قصدك اللي اتخانقت معاه الولد ابو لسان طويل دا
ايوة غريبة دا داخل ومعاه بنت حلوة أوي يخربيته طلع حبيب ولا إيه
اغلقت الهاتف وهي تنفخ بضجر وبدأت تتسائل بينها وبين نفسها
- ياترى العيون دي شوفتها فين ياربي، اكيد هو
فلاش.

تذكرت حديثه
بعدما دلفت للسيارة اتجه سريعا لها
- انت اسمك غنى
مطت شفتيها ونظرت له بعينها الرمادية من تحت نظارتها
- وبعدين بقى هو إنت مش كنت ماشي وعمّال تشتم...
اقترب يطبع ملامحها
- انت إسمك غِنى
رفعت حاجبها بسخريه
- ليه اسم الله عليه بيشبه عليا ولا يكونش بيدور على واحدة بأسمي، ثم وضعت اصبعها فوق ذقنها كعلامة للتفكير
- ولا يكونش عايز تتعرف وخلاص
نظر لها بغضب ثم
فتح باب السيارة وتحدث بفظاظة.

- انزلي يابت هو انت تغلطي وتشتمي، انزلي لازم اعملك محضر تعدي
نزلت لبنى وتحدثت بهدوء، .
- احنا آسفين غِنى متقصدش معلش أصل ماما تعبانة وهي كانت بتسوق بسرعة ومااخدتش بالها
رفع حاجبه متزامنا مع شفتيه العلوية وتحدث بسخرية
- اه ماهو باين إن مامتك تعبانة وعمالين تسمعوا اغاني. وتضحكوا
خرجت من السيارة ووقفت بمقابلته واقتربت ولم تفصل بينهما سوى سنتيمترات.

- هو انت ماصدقت. ايه شكلك مش ولا بد ياله طريقك اخضر ياحبيبي مش فاضية للأشكال اللي زيك
إنما إنك واحدة عديمة التربية، أقترب منها كالثور الهائج، تدخل بعض المارة عندما ارتفعت أصواتهم. وقفت لبني بينهما
إحنا آسفين. دفعت غنى حتى تدلف للسيارة بعدما تحدث أحد المارة بأنها المخطئة
رفعت نظارتها على شعرها وأشارت بسبابتها
- الناس رحمتك مني، ثم اتجهت مندفعة للسيارة، دفع احد المارة وجذبها بقوة حتى اصطدمت بصدره.

- تعرفي إنك واحدة أهلك معرفوش يربوكي، بس اللي اهله معرفوش يربوه بيجاد المنشاوي يربيه، ولكنه توقف عن الحديث عندما وجد تلك الشامة على عنقها عندما قامت برفع شعرها للأعلى
لحظة اتنين، تلاتة وكأن عقله توقف عن التفكير. وشل لسانه فقط ينظر لتلك الشامة وهو يتذكرها
فلاش
لو سمحت ياعمو جواد هركبها قدامي متخافش عليها، عايزك تعتمد عليا، الاول كنت صغير وهي صغيرة دلوقتي هي كملت الخمس سنين.

جلس جواد على عقبيه أمام ابنته التي تبكي لتركب الخيل ثم قام بمسح دموعها
- عايزة تركبي الحصان ياغنى.
اومأت برأسها
- اوي يابابي بليييز
وقف جاذبا بيجاد بأحضانه مربتا على خصلاته الغزيرة
- أنا واثق فيك ياحبيبي، بس بخاف توقع من على الحصان، هتقدر تحافظ عليها
صعد فوق الحصان سريعا وبسط يديه لغنى
- متخافش وعد مني هحافظ عليها. ثم توقف فجأة
- عمو جواد هو أنا ممكن أعمل ايه علشان اخبي عيونها دي
قهقه جواد عليه.

- عايز تخبي عيونها ياجاد، حافظ عليها
ثم حمل ابنته وقبّلها
- اسمعي كلامه وإياكي تتشاقي لتوقعي من على الحصان، ووعد مني ياغنى لو سمعتي الكلام كل مانيجي هنا هخليكي تركبي الحصان بتاع جاد افندي
وضعها أمامه وأمن جلوسها، ثم تحرك بيجاد بالحصان وهو يسرع بهما بين الحقول بمزرعة ريان
وصل بيجاد إلى المكان المنشود وهو عبارة عن أرض زراعية مزروعه بالفول الأخضر وبها بعض أشجار التوت.

نزل بيجاد أولاً ثم حمل غنى وأنزلها بهدوء
أسرعت غِنى لجاسر أخيها وعمر وعز الذين كانوا يقطفون التوت من فوق أشجاره بمساعدة بعض المزارعين
صعدت بجوار أخيها وهي تقطف التوت وتضحك فجأة أختل توازنها وسقطت تصرخ، أسرع بيجاد الذي كان بالقرب منها
أمسكت ذراعها وظلت تبكي، حملها متوجها إلى المنزل سريعا وما هي إلا دقائق ووصل بها، رآهما جواد الذي يجلس بصحبة ريان
أسرع عندما وجدها تبكي بأحضان بيجاد وعمر أخيه.

نظر بيجاد إلى عنقها الذي نزف بسبب جرح بعنقها بجانب تلك الشامة التي تميزت بها
حملها جواد منه ونظر بغضب لبيجاد
- هي دي الأمانة اللي أمنتك عليها، قولتلك بلاش فضلت تعملي ابو زيد الهلالي
حمحم عمر ثم تحدث
- بيجاد مالوش دخل هي طلعت الشجرة مع جاسر ووقعت
زفر ريان بغضب من أفعال أولاده عندما وجدها تتألم من ذراعها
- جواد تعالى ناخدها لدكتور. ممكن يكون كسر ولا حاجة
ضمها لأحضانه يحاول تهدأتها.

- خلاص ياعمري، اهدي هنروح نشوف دكتور ثم توجه بنظره لريان
أنا هاخدها حاول متخليش غزل تعرف حاجة لحد ماأرجع
امسك بذراعه وحاول تهدئته
- استنى هنروح مع بعض
هز رأسه برفض
- لا. خليك مع الولاد، ثم اتجه بنظره لبيجاد الذي وقف ينظر بحزن على التي تبكي من شدة آلامها.
- هاخد بيجاد معايا، رفع نظر سريعا إليه
وأسرع لسيارته
أخذ شهيقا عميقا ثم زفره ببطئ عندما أسرع بالحكم عليه.

جلس يضم غنى ويحاول تهدئتها. نظر جواد الذي يقود السيارة بحزن على بكاء ابنته
- خلاص ياحبيتي اهدي، رفع نظره لجرح عنقها، رفع شعرها ونظر بصدمة
- هي وقعت إزاي، ايه اللي جرح رقبتها كدا
أهتزت نظرات بيجاد أمامه
- وقعت من على غصن الشجرة وشكله جرحها كدا
ضرب على مقود السيارة
- اعمل فيك ايه قولتلك بلاش البنت مش هتسكت...
خرج من شروده
عندما لكمته بكتفه
- انتَ بتبصلي كدا ليه. والله أنا قولت إنك واحد مش تمام.

اقترب منها وفجأة أمسك ذراعها للخلف وهمس لها
- مش هسيبك. هكون كابوس أحلامك. افتكري الكلمتين دول
ياغنى بيجاد، ثم دفعها بقوة على لبنى
ودلوقتي عايز أعرف هتعملي إيه لما اعملك محضر تعدي
أسرعت تلكمه حتى إجتمع بعض المارة حولهم
- انت مفكر اني هسكت لك. لا إنسى يااسمك ايه
جذبها بقوة وعيناه تنظر شرزا
- هقولك إسمي إيه يابت، متنفزنيش، حسابك تقل معايا
ثم قام بالاتصال بقسم الشرطة
حاولت لبنى أن تتحدث معه ولكنه كان كالاصم.

انتزعت يديها من قبضته بقوة والتفتت إليه والغضب يتقاذف من عيناها
- انت مفكر نفسك مين، جذبها مرة اخرى الى أن جاء الضابط
وقفت لبني أمامه
- يا استاذ لو سمحت الموضوع مش مستاهل ووعد مني هصلحلك عربيتك
وضع يديه بجيب بنطاله
- لا اللي غلط لازم يتحاسب
تصاعد غضبها وامسكت هاتفها
- بابي أنا في القسم واحد مالوش لازمة اتخانق معايا.

ببطئ بدأ يخفف ضراوة يده حول ذراعها، ودقق النظر إلى وجهها مرة وإلى عنقها الذي ظهر امامه بشامتها التي تميزها، أقسم انها هي التي اختفت منذ أكثر من خمسة عشر عاما، من هذا الذي تناديه بابابا، هل جُن أم خيل له إنها هي
هي يعلم ولابد له من التأكد
ولكن كيف، وماذا سيفعل حتى يؤكد شكوكه. مهلا ياغنايا مهلا سترجعين ولكن انتظري، رجع بنظره إليه وهي تتحدث مع والدها.

صمت للحظات وهو يفكر في تلك المعضلة التي تكاد تذهب بعقول الجميع
اتجه الجميع لقسم الشرطة بعد ماتطاولت بالسباب
جلس واضعا ساق فوق الاخرى أمام الضابط المسؤل وقام بقص ماصار
دلف والدها إليها بعد قليل
- غنى حبيبتي إيه اللي حصل، وقف الضابط احتراماً له فهو رجل ذو سمعه طيبه ومشهور بمدينة طنطا، يعد من اشهر الجراحين
مسح على وجهه بعنف فهو فعل كل مايلزم حتى يلتقي بمن تناديه بوالدي.

هل يمكن ان يكون الشبه قريبا لهذه الدرجة
ماذا عن الشامة، اذ نقول يخلق من الشبه اربعين كما يقال بأمثالنا
مهلا بيجاد مهلا هناك مايعرف بالقدر الذي يغير كل شيئا
بعد فترة خرجت من قسم الشرطة بعدما اعتذر والدها منه
خرج وهو يبتسم لها بسخرية كلما تذكر اعتذارها، وكل يتخيل إنها غناه وسيعاقبها أشد العقاب
في فيلا صهيب الالفي
تجلس نهى بجوار إبنتها جنى تستمع إليها
- وبعدين كملي
فركت جنى يديها ورفعت نظرها.

- دا كل اللي حصل يامامي، سبته بعدها ومشيت.
دققت نهى النظر بأبنتها هي تعلم إنها لا تكذب ثم استطردت
- هو معيد بقاله كام سنة متعرفيش
هزت أكتافها: معرفش هو دخل لنا السنادي بس
تمام اطلعي غيري هدومك زمان بابي على وصول علشان نتغدى، وأنا هروح أشوف عز صحي ولا لسة والفاشل بتاع الكرة التاني دا جه ولا لسة
صعدت غرفة عز
- حبيبي ياله قوم إنت قولت أصحيك الساعة خمسة ودلوقتي الساعة خمسة قوم ياله.

اعتدل بفراشه يرجع خصلاته المتناثرة على وجهه
- قومت أهو ياحبيبتي، بابا رجع من الشغل ولا لسة
جلست على الاريكة بمقابلته
- على وصول. عز عايزة اتكلم معاك في موضوع مهم
- هو ينفع تسيب باباك لوحده في الشغل وعايز تعمل مشروع لوحدك ياحبيبي
رفع نظره لوالدته وتحدث
- ماما أنا مبفهمش في شغل بابا أنا مهندس أجهزة إلكترونية وبابا معماري يعني مفيش رابط خالص، ثم أكمل مفسرا
- عايز أعتمد على نفسي ياماما لو سمحتى.

اتجهت وجلست بجواره
- محدش قالك ماتعتمدش على نفسك، ماهو جاسر شغال ظابط بس ماشاء الله مع باباه هو ياسين كمان اللي لسة صغير، وكمان جواد ابن عمتك مليكة مبيسبش باباه مع أنه بعيد عن شغله
مسدت على كتفه
- بلاش تحسس باباك إنه وحيد ياحبيبي
جحظت عيناه ونظر لها
- إيه اللي بتقوليه حضرتك دا ياماما، أنا اتكلمت مع بابا وهو قالي اللي يريحك اعمله، دلف صهيب واستمع لكلامات ابنه
- فعلا ياحبيبي اللي يريحك اعمله.

وقفت نهى متجة له
- حمد الله على السلامة ياحبيبي
قبل رأسها: الله يسلمك ياحبيبتي
- قوم ياعز ياله أنا واقع من الجوع وزي ماقولتلك ياحبيبي اللي يريحك اعمله، اتجه بنظره لنهى
- فين الصايع التاني
جذبته من يديه وخرجت من غرفة إبنها وهي تضحك
- عنده تدريب بالله عليك ياصهيب سيب الولد في حاله
في فيلا جواد الالفي
وقف أمام المرآة يهندم ملابسه، دلفت غزل إليه
- إنت خارج ياجاسر
أومأ بعينيه واستدار لها.

- فيه حاجه ياحبيبتي، لو محتاجة حاجة الغي الخروج
-ايوة فيه عريس جي لجنى بنت عمك، وباباك لسة مرجعش وبما انك موجود لازم تروح تقابله مع عمك
-عريس لجنى، ازاي هي لسة صغيرة وبعدين ازاي ماقلتليش
دنت غزل تنظر لمقلتيه
-عشان مش كل حاجة لازم الولاد يعرفوها وخصوصا لو مكنش اخوها مش كدا ولا ايه
ضيق عيناه وتسائل
-مش فاهم قصدك ياماما من واحنا صغيرين ومبنخبيش حاجة عن بعض ليه حنى خبت عليا الموضوع دا.

ربعت غزل يديها على صدرها
-وانتِ ايه دخلك ياحضرة الضابط، قولتلك البنت بتكبر بلاش تقرب اوي، لازم يكون فيه حدود ياحبيبي
اكمل ثيابه وشعر بقبضة تعتصر صدره فاستدار لوالدته
- عايزة توصلي لأيه ياماما، كل شوية تقولي ابعد عن جنى، وانا بقولك زيها زي ربى وعمري ماهفرق بنهم، ولو غنى هنا كانت هتبقى زيهم، دلوقتي انا خارج ومش راجع وماليش دعوة بعريس وغيره، اليوم دا بالذات محدش يطلب مني حاجة، بعد اذنك.

جلست وعيناها اغروقت بالدموع
- ليه يابني كل سنة توجع قلبي. ليه بتهرب في اليوم دا
وضع سلاحه الناري بخصره وجمع أشيائه الخاصه، مقبل جبين والدته
- ومش كل سنة في اليوم دا لازم اشوف الحزن في عيونك الحلوين دول ياغاليه
بلاش ياماما لو سمحتي تزعليني وتزعلي بابا، أنا بابا بيكسرني اوي لما بشوف دموعه ياماما
اقتربت منه وقبلت كتفه
- جسورة حبيب قلبي بلاش توجعني حبيبي، عايزة تقرب مننا اليوم دا، كفايا اللي ضاع يابني...

امسكت وجهه بين راحتيها
- ابوك يبان أنه قوي بس ياحبيبي هو هش أوي من جوا، خطف اختك كسرو يابني. وبعدين إزاي مش عايزنا نفرح بيك
قبّل يديها وأردف مبتسما
- حبيبة قلبي إنت ياماما. بس سامحيني مبقدرش اشوف حزن في عين بابا علشان كدا بهرب، ثم قبل رأسها
- سامحيني ياست الكل، أنا هخرج دلوقتي.

تنهدت بحزن على عائلتها الصغيرة التي حاولت بكل مالديها جلب السعادة لها، ولكن كيف يعرف قلبهم السعادة وفلذة كبدها لم تعرف عنها شيئا، اتجهت لغرفة ابنها الثاني اوس
شاب يبلغ من العمر تسعة عشر عاما. بالفرقة الثانية بكلية الهندسة
دلفت لغرفته وقامت بفتح الستائر التي تحجب ضوء النهار عن الغرفة
- أوس قوم ياحبيبي بقينا المغرب
فتح عيناه الرمادية ينظر لوالدته بإبتسامته
- إيه دا أنا نمت دا كله
اقتربت تقبل جبينه.

- كنت جاي تعبان من الكلية ماردتش أصحيك. يالا قوم علشان نتغدى
اومأ برأسه وأردف مبتسما
- حاضر ياست الكل. هصلي العصر وانزل
في فيلا عمر المصري
جلست بمرسم والدتها ترسم وهي تتحدث بالهاتف
- مافهمتش برضو ياعمر يعني باباك وافق ولا لأ
ابتسم عمر على الجانب الاخر
- ياحبيبة قلبي بابا موافق بس بيحب يشتغلني شوية...
ابتسمت بحب وأردفت
- اكيد خالو ريان هيوافق، إنت ناسي سيلا حبيبة قلبه ولا إيه.

- اخرصي يابت هي مين دي اللي حبيبة قلبه، مفيش حبيبة قلب بابا غير نغمته
نعم وأنا اللي مفكراك هتقولي إنت حبيبة قلبي أنا
قهقه عليها
- هو أنا لازم أقول ياسيلو ولا ايه. قطع حديثه عندما اقتربت احد المعيدين منه
- عمر عامل ايه
رفع نظره لها ثم أكمل حديثه لسيلا
هقفل دلوقتي حبيبتي عندي محاضرة سلام
في فيلا حازم الالفي.

يجلس بالحديقة بمقابل غرفتها ينظر لشرفتها لعله يرتوي بنظرة عيناها التي يهيم بها عشقا. قاطع شروده والدته عندما اتجهت له بقهوته
- قاعد كدا ليه ياحبيبي
استدار لها ينظر بابتسامة
- تعالي ياست الكل، بتراقبيني
ضحكت وهي تجلس بجواره
- نايمة دلوقتي، مابتصحاش إلا لما باباها يرجع، وجواد مش موجود
ضيق عيناه وتحدث
- إنتِ بتتكلمي عن إيه ياماما
أشارت بعيناها لغرفة رُبى
بتكلم عن اللي خاطفة قلب ابني حبيبي.

بغرفة ذات الطابع الانثوي
تجلس تقرأ قصة نبي الله أيوب، التي تعلمت منها الكثير. ابتسمت برضا عندما تذكرت حديث واالدها عن رغبته في تخليها عن كلية الطب فهي انتهت من الثانوية العامة وبانتظار نتيجتها التي تؤكد حصولها على أعلى الدرجات لتصل لحلمها وهي دخولها لكلية الطب، ولكن حزنت عندما رغب والدها ووالدتها باكمال تعليمها داخل مصر
انهت القصة التي تعلمت منها كيف يواجه الإنسان الابتلاء ويصبر عليه.

قطع قرأتها اتصال والدها، أمسكت هاتفها
ثم خرجت إلى شرفتها تتحدث بهاتفها
- تمام ياحبيبة بابي، ربع ساعة وهكون في البيت إن شاء الله
أنهت حديثها وهي تنظر لعمتها وجواد
- عمتو مليكة، ثم أشارت بيديها
ابتسمت. إليها مليكة
- عاملة ايه ياحبيبة عمتو
استندت على السور وتحدثت
الحمدلله كويسة. ثم اتجهت بنظرها لجواد
عامل ايه ياحضرة الضابط الأمين
اومأ برأسه
الحمدلله ياروبي أخبارك إيه
رغم أنه خصها لنفسه ولكنها لم تعي كلمته.

الحمدلله، فينك معنتش بشوفك انت وجاسر
وقف مقتربا من الشرفة
- انزلي عايز أتكلم معاكي، أومأت برأسها
تمام ياحضرة الضابط
ظلت تراقب نظرات إبنها المتيمة بأبنة أخيها عشقا
- جواد اردفت بها مليكة بهدوء
تعالى أقولك حاجه قبل مارُِبى توصل
جلس بجوار والدته
- متتكلمش مع ربى في حاجة البنت لسة صغيرة، ومعرفش لسة خالك هيقول ايه
اتجه بنظره للجهة الأخرى وأردف بمايؤلم قلبه.

- أنا مش مجنون ياماما، عارف وبعدين فرق العمر بينا كبير معتقدش خالي هيوافق اصلا
قهقهت عليه ثم رفعت نظرها له
- انت تعرف بين خالك ومرات خالك كام سنه
ضيق عيناه متسائلا
- قصدك ايه بينهم كتير
اومأت برأسها
اتناشر سنة ياحبيبي، يعني سبعة زيك
اتجه بنظره للجهة الاخرى واردف مايؤلم قلبه
تنهد باستسلام وظهر اليأس على ملامحه لعلمه صحة حديث والدته ولكن كيف للقلب أن يصبر. اتجه يرسم ابتسامة مردفا.

- أنا مش مجنون ياماما، عارف وبعدين فرق السن بينا كبير معتقدش خالي هيوافق اصلا
ليه بتقول كدا ياحبيبي
خبأ آلام قلبه وتحدث وأجابها بإبتسامة باهتة
- مش الشرط ياماما إن خالي كبير ونجح في الجواز من طنط غزل يبقى هيوافق.
إنتِ مش شايفة عنده رُبى ملكة العيلة كلها، ومحدش يقدر يقرب منها حتى
ثم رفع نظره للسماء وأكمل حتى لايضعف ويبكي أمام والدته
- دا بيخاف عليها مننا، شوفتي وصل لأيه
ربتت على يديه وتحدثت بحزن.

- مش خوف منكم يابني، خوف من القدر اللي دايما بيسرق فرحتهم، خالك اتعذب كتير وحزن وتوجع كتير. إوعى تحسبها كدا
قاطع حديثهما وصول رُبى التي ترتدي إسدالا يظهر جمالها بطريقة ملفته لذاك العاشق الولهان
في فيلا صهيب
دلفت لزوجها الذي يجلس بغرفة المكتب حامله قهوته
عملتلك فنجان قهوة من ايد نهانيهو انما إيه تسلم ايديا عليه
وقف متجها اليها يأخذ منها الفنجان
- تسلم ايدك ياعمري جت في وقتها، أنا عندي صداع ومحتاجها فعلا.

جلس وجلست بجواره
- لسة مخلصتوش المشروع ياحبيبي ولا إيه
لسة مستني جواد، مشغول الأيام دي بموضوع ياسين
فركت يديها وبدأت تنظر بكافة الاتجاهات إلا من نظراته التي يحاوطها
نصب عوده وخطى للنافذة وهو يرتشف من فنجانه وتحدث
- مالك يانهى أنا سامعك عايزة تقولي إيه
ثم استدار إليها يتفحصها
- بلاش تدخلي بحياة عز يانهى، عز مش صغير علشان نرسم مستقبله
وقفت متجه إليه ووقفت بجواره
- لا مش عز ياصهيب الموضوع متعلق بجنى.

ضيق عيناه وانصت بإهتمام
- مالها جنى يانهى تعبانة جملة تسائل بها بجبين مقطب
سحبته من ذراعيه وجلست واجلسته بجوارها
- تعالى بس هفهمك
- فيه واحد معيد بالكلية عايز يقابلك، هب واقفا وتحدث
- إزاي اصلا يكلمها ويوقف معها من غير مايرجعلي
شعرت بمدى حماقتها زفرت بيأس
- الموضوع مش زي ماانت متخيل ياصهيب...
نظر إليها بتمعن وترقب ثم اكملت مسترسلة.

- بعد ماخلصت المحاضرة نداها وقالها عايز اقابل والدك، لو ممكن رقم تليفون. ومتعرفش هو عايز إيه
أستطرد بمهادنة
- إسمه إيه المعيد دا؟
- إسمه جمال العطار
أومأ برأسه وتحدث بهدوء
- تمام هشوف الموضوع دا، وأعرف عايز إيه ثم اتجه بنظره إليها
- لو موضوع جواز إنسي يانهى، مستحيل اجوز بنتي دلوقتي. تمام
ناظرته باستفهام لم تفصح عنه شفتيها
ابتسم وتحدث
- عايز اشوف الأول ولاد جواد الاول ممكن جاسر أو اوس.
اقتربت وتسائلت.

- هتجوز بنتك لأوس وهو اكبر منها بشهور بس ياصهيب ينفع
مسد على خصلاتها ومقبلا خصلاتها
- نفسي اوي يانهى حد من ولاد جواد او حازم. عايزها قدامي طول الوقت، أنا مقدرش ابعدها عني
قطبت جبينها ورفعت إحدى حاجبيها
- بتهزر ياصهيب مش كدا
بغرفته يجلس أمام جهازه المحمول يتحدث لأحد أصدقائه
- متأكد ياحسن انه هيساعدني اني أسافر العب في الدوري الأنجليزي
أجابه برسالته.

- اكيد يافارس بس زي مااكدلك بلاش تعرف باباك دلوقتي لحد ماأقولك
رد عليه سريعا
- اكيد متخافش بابا اصلا الايام دي مشغول بمشروع الوزارة، مش هيفضى
بس مقولتليش ليه الراجل دا عايزني أنا علشان يسفرني
صمت للحظات ثم اجابه
- شاف لعبك وتدريباتك في النادي فعجبته
بعد فترة دلف اخاه الاكبر عز
- فارس ايه دا
وقف سريعا متجها إليه
- دي واحد صاحبي نسيها معايا
أوقفه بنظرة مرعبة ثم
اقترب منه ينظر له بعمق وتحدث محذرا.

- إياك تغلط يافارس إياك ثم خرج سريعا
خرج عله يستطيع التنفس هو يعلم أن أخيه يكذب بسبب تصرفاته الاخيرة
وقف في الحديقة مغمض العينين ولكنه فتح عيناه سريعا عندما أستمع إليها
- ياترى حضرة المهندس العظيم واقف بيفكر في مين
إستدار ينظر إليها بابتسامته
- دا إنتِ مراقباني ياطفلتي اللذيذة
حاوطت نفسها بذراعيها ثم رفعت إحدى حاجبيها
- والله إنت شايف كدا...

ضحك بصوته الرجولي الذي جعل دقات قلبها بالأرتفاع ظلت تنظر إليه بعشق
- بتضحك ياآبيه طيب أنا زعلانة منك ومخصماك
ارتجف قلبه لسماعه كلماتها التي اثارته عشقا ولكنه ظهر الحزن بعينيه وتحدث
- مش قولت بلاش آبيه دي، ليه مصرة تزعليني يارُبى
أقتربت منه حتى لم يفصل بينهما انش واحد
- بابا رافض خالص ياعز بيقولي دا اخوكي اكبر منك لازم تقوليله ياآبيه ومش انت بس
كمان جاسر وجواد واوس.

حاوط يديها بين راحتيه وتحدث ماجعلها كفراشة
- عز غير دول ياروبي، دول أخواتك إنما عز لا
خرج متجها لسيارته قابلته
-جاسر بنادي عليك مبتردش ليه
ارتدى نظارته واجابه
-مش فاضي، عندي شغل
أمسكت كفيه ونظرت لداخل عيناه
-انت زعلان مني ولا ايه، أول مرة متردش عليا
نفض يديها بقوة
-يبقى اكيد عاملة حاجة كبيرة يابنت عمي، قالها وركب سيارته مغادرا، وقفت تنظر لخروج السيارة بقلب يأن وجعا.

-لدرجادي ياجاسر مش فارق معاك زعلي، طيب يابن عمي
في قسم الشرطة
بعد عدة ساعات دلف إليه بيجاد
- إزاي حضرتك ياسيادة اللوا العظيم
وقف مرحبا به وهو يقهقه عليه
- بيجاد حبيب قلبي يالا وحشتني فينك مختفي بقالك كتير مشفتكش
جلس واضعا أشيائه الخاصة ثم اخرج هاتفه وفتحه
- إيه رأيك في الصورة دي
هب سريعا ينظر إليه بصدمة ثم اردف متسائلا مين دي الرابع.
مساء بفيلا المنشاوي
تجلس نغم بأحضان ريان على الارجوحة، مسد على خصلاتها بحنان بقولك يانغمتي
- أنا كلمت جواد يجيب غزل ويجوا نقضي الليلة دي على اليخت، وهو وافق
اعتدلت تنظر له
- فيه حاجة ولا إيه
تنهد بحزن وأردف
- النهارده عيد ميلاد جاسر، وكالعادة هو بيهرب من البيت علشان ميشفش زعلهم وكمان جواد بيصعب عليا أوي، فقولت نبعدهم الليلة عن الذكرى الحزينة دي
وضعت رأسها على صدره وأرفت بصوتا حزين
- كويس أوي حبيبي.

- غزل صعبان عليا أوي ياريان، شعور صعب أوي على الأم لما يكون فيه حاجة منها ضايعة. ومش أي حاجة لا فلذة كبدها وبنتها، إنسدلت دموعها عندما تذكرت ذلك اليوم
- انا فاكرة حالتها اليوم دا كأنه لسة إمبارح. شوف أنا الغريبة كنت متعلقة بالبنت أوي
قبّل ريان رأسها وذهب بذكراه لذلك اليوم
فلاش باك
قبل خمسة عشر عاما
جلس على طاولة الطعام، نظر لهاتفه وجد عدد كبير من الإتصالات.

- صباح الخير ياصهيب، لسة شايف اتصالاتك معلش الفون كان سايلنت
تنهد صهيب بحزن، ثم أوقف سيارته بجانب الطريق، بعدما ظل يسير بالشوارع ودموعه تتساقط يبحث بكل مكان عله يجدها
أرجع خصلاته للخلف وأردف بحزن
- غنى اتخطفت ياريان
هب واقفا وهو يلوك طعامه
- إنتت بتقول إيه ياصهيب إزاي حصل دا، وجواد فين دلوقتي
وضع رأسه على المقود وهما لم يسيطر على حاله
- هيتجنن. تفتكر حالته هتكون إيه.

أنا مش عارف أعمل إيه، أمي في المستشفى فقدت النطق وأبويا في العناية
والدنيا إسودت اوي ياريان وأنا عاجز
وحازم وهو سيف مش موجودين لسة جايين بالطريق
اتجهت نغم ووقفت بجواره وهي تنظر لأولادها
- فيه إيه ياريان...
أشار بيديه إليها ألا تتحدث
- إهدى ياصهيب
- عشر دقايق وهكون عندك
جلس وهو يمسح على وجهه يحاول أن يستوعب ماصار، فتح هاتفه يبحث عن أي شخص مهم يساعده
ربتت على يديه عندما وجدت حالته
- ريان أنا بسألك فيه إيه؟

- غنى بنت جواد اتخطفت يانغم، إجهزي بسرعة علشان هنروحلهم
وضعت يديها على فمها من الصدمة وأرتجف قلبها من الصدمة
أسرع بيجاد وعمر
- إزاي ياماما غنى إتخطفت. وقف بيجاد أمام والده، يعني إيه إتخطفت في وسط الحراسة دي كلها، وكمان عمو جواد كان فين
مسد على خصلاته وهو يتمنى أن لايصيب غنى بأي مكروه، تنهد بوجع وتحدث متمنيا...
- هنلاقيها يابابا إن شاء الله هنلاقيها ونعرف إيه اللي حصل
بفيلا الألفي.

جلست بالنافذة تنظر لصور أولادها، وتبتسم فاليوم عيد ميلاد إبنها الأكبر جاسر سيتم الواحد والعشرون عاما
فلاش باك
بعد خطف غنى بأسبوعين
كانت غزل تجلس بغرفة إبنتها تحتضن ملابسها وتجلس على فراشها ودموعها تنسدل بصمت على وجنتيها، تستنشق رائحتها، وحشتيني أوي ياغنى. تعالي لمامي ياقلبي، جلست مليكة تضمها وتربط على خصلاتها ودموعها هي الأخرى تتسابق في الهطول.

دلفت نغم الذي أبكى قلبها وجعا وحزنا على حالة غزل المبكية للقلب قبل العين، فمنذ اسبوعين وهي بهذا الحال الذي يدمي له القلب
خطت إلى أن وصلت إليها. وكل ذرة بمشاعرها تنتحب وحزينة على مظهرها
- غزل حبيبتي عاملة إيه
كانت تنظر إليها بقلب مفطور، مسدت على خصلاتها وارجعتها للخلف
حبيبتي ياغزل إن شاءالله بنتك هترجعلك
كأنها لم تستمع لأحد فقط سوى صوت ابنتها تتساقط عبراتها وهي تتذكر ضحكاتها.

- مامي، غنى جت وعايزة تنام في حضن بابي، ياله قومي.
ابتسمت فجأة وهي تهمهم بصوتها الحزين
- تعالي ياقلبي. بابي في الطريق وهياخدك في حضنه، بدأت تهمهم كالفاقدة عقلها
وضعت يديها على صدرها عندما شعرت بآلالامه، نعم فراقها ينخر عظامها ألما فكيف لقلبها
- عايزة بنتي، أنا عايزة بنتي، جواد فين خليه يرجعلي روحي، مليكة خطفوا روحي. نظرت ودموعها كالشلال.

- مليكة خليهم يرجعولي بنتي، ياخدوا كل حاجة، عايزين فلوسي كلها ياخدوها. لو عايزين يموتوني أنا موافقة بس يرجعولي بنتي
آه يارب، إنت الحنون على عبادك يارب
ضمتها مليكة بقوة وبكت: - غزل حبيبتي فوقي ياقلبي ماتخوفنيش عليكي، دخل جاسر وهو يبكي
- مامي هو بابي رجع من غير غنى مش هو قال هيروح يجيب غنى ويجي. أنا استنتها علشان نلعب بالجاردن زي كل يوم، ونزلت البيسكل بتعتي علشان اعلمها بس هي مجتش لسة.

شهقت شهقات مرتفع وضمته لأحضانها
-اختك خلاص ضاعت ياجاسر، غنى مش هترجع تاني، شوفت شغل بابا عمل ايه، أيوة هما ال خطفوها، قولتله سيب الشغل دا
اه يابنتي
جعلت كل من بالغرفة يبكي على بكائها
وضعت نغم وجهها بين راحتيها
- غزل بلاش تخوفي الولد، سيبي جاسر، حبيبتي. إن شاء الله هترجع ياحبيبتي خلي يقينك بربنا كبير
بكت بنشيج مرير، وضعت يديها على صدرها
- محدش حاسس بنار قلبي...

نظرت بعينيها المنتفخة من البكاء
- تعتقدي جواد هيلاقيها لسة ماهو رجع ماجبهاش، يعني بعد الوقت دا تفتكري هترجع لحضني تاني، أنا هموت يانغم، بنتي معرفش عاملة ايه، تشبست بملابس نغم ودموعها تسبق كلماتها
- تفتكري هي عاملة إيه دلوقتي يانغم ياترى هي جعانة ولا شبعانة. واللي خطفها دا هيعمل فيها إيه.

آهة حارقة خرجت من صدرها: -يارب اني استودعك بنتي فاحفظها بحفظك ياواحد ياقهار، يارب، قالتها بقلب أم مقهور على فلذة كبدها
ظلت تردد بدعائها للواحد القهار
دلفت نهى بكوب الليمون وجلست بجوارها
- غزل اشربي الليمونادا، إهدي، أنا خايفة عليكي، كفاية جواد هتكونوا انتوا الاتنين
هنا فاقت من حالتها وقفت ومسحت دموعها، آهة ملتاعة صاحبتها بنبرة مرتعشة عندما تخيلت حالاته آلان
وقفت وتسائلت
- فين جواد يانهى...

وقفت مليكة وجذبتها لأحضانها
- جواد قافل على نفسه مش عايز يكلم حد، صهيب وريان حاولوا معاه بس هو رافض خالص، وماماوبابا تعبانين وأنا ضايعة بينكم ياحبيبتي فوقي ياغزل أنا حاسة إن جواد هيحصله حاجة، دا ماشي وكأنه مضروب مش حاسس باللي حواليه
بخطى متعثرة اندفعت للخارج بخطوات مهزوزة تبحث عنه بعيناها، هي تعلم كيف ستكون حالته
أعتصرت عينيها الباكية، وتوجهت لغرفتهما، وجدته جالسا على الارضية.

يضع رأسه بين ركبتيه وينظر للأسفل فقط
ينظر بشرود أعينه دامية تائه مشتت لا يشعر بالعالم من حوله كمن وثبت روحه خارج جسده. صدره مختنق. يدلكه كأنه يشعر بإنقباض تنفسه، أرتجف قلبها عندما وجدته بتلك الهيئة
أغمضت عينيها وسحبت نفسا عميقا وإتجهت إليه بأنين روحها الحزينة
جلست بجوراه وتمددت واضعة رأسها على ساقيه، نظر إليها شعر حينها بنخر داخل عظامه بالكامل فكيف لها أن تتحمل كل هذا الوجع، كيف لها وهو لم يتحمل.

رفع يديه ووضعها على خصلاتها
تحدثت قائلة بصوتا باكي: - أنا أسفة حبيبي، مكنتش أعرف ان كل دا هيحصل
رفع يديه مره آخرى ممسدا على خصلاتها، عندما وجد انتفاخ عينيها وتورم وجهها
- دا قدر ومكتوب ياغزل، وإن شاءالله ربنا هيوقف معانا في مصيبتنا ثم أكمل مستطردا:
كل اللي يجيبه ربنا كويس، الحمد لله في السراء والضراء، اعتدلت وضمته بكل قوتها
- عيط ياجواد، نزّل وجع قلبك ياحبيبي في دموعك
حاوطها بذراعيها وضمها بكل قوته.

لم يستطع تمالك نفسه أكثر من ذلك وأنهارت حصونه كلها وتحدث بصوتا حزينا:
- غزل أنا حاسس إن روحي بتنسحب مني، حبيبتي مش عارف دلوقتي حالتها إيه، أنا عاجز ياغزل، ثم تابع: - لما كنتي بتغيبي عني كنت بعرف هوصلك علشان التتبع بتاع سلسالك بس دي مالحقتش أفرح بيها علشان أفكر انهم هيؤذوني فيها من صغرهم
حصل اللي مكنتش عامل حسابه...
شهقت شهقات متتالية بأحضانه عندما تسلل الرعب إلى قلبها بفقدانها للابد.

حاوطت وجهه وأنسدلت دموعها بغزارة
- جواد أنا بموت، عايزة بنتي، أنا عايزة بنتي ياجواد مش هرتاح غير لما اشوف بنتي بلاش ضعفك دا. حبيبي أنا عارفة إنك هترجعها...
أغمض عيناه قهرا لشعوره بالعجز
ضمها لحضنه وأردف: - هرجعها ياغزل، وعد مني ههد الدنيا وارجعها.
نظرت بعينان تغشاها الدموع
- أنا واثقة فيك أوي ياجواد. واثقة فيك اكتر مابثق في نفسي، فوق دا كله واثقة في قدرة ربنا
اللهم لا أعتراض على قدرك يارب.

قاطعهما رنين هاتفه
وقف بعيدا عنها ببعض الخطوات
- ايوة ياباسم، فيه جديد
أجابه باسم
- وزعنا الصور على المطارات المنياءات ياجواد. وزي ماقولت البنت خرجت من مصر، كاميرا المطار رصدتها
اللي خطفها كان مرتب لكل حاجة، دي ناس إيدهم واصلة
أحس بوخزة مؤلمة شقت صدره لنصفين. واحتراق قلبه بالكامل
- يعني إيه ياباسم، يعني بنتي كدا خلاص. إزاي خرجت من المطار، طيب سافرت لأي بلد قالها بدموع تزرف من عيناه بقوة...

مسحها بسرعة، محاولا الثبات أمام زوجته، اقتربت غزل منه
- جواد فيه جديد!
هز رأسه بالنفي. عندما عجز عن الحديث
ظل مواليها ظهره لبعض اللحظات حتى سيطر على نفسه. ثم استدار يرسم ابتسامة باهتة
- حبيبتي لازم أروح أشوف هعمل إيه
وقفت أمامه حتى أصطدمت بوجهه القريب جدا ونظرت له
- أنا عندي يقين بالله إنك هترجعلي بنتنا. مش كدا ياحبيبي، مش إنت هتهد الدنيا وترجعها زي ماكنت بتعمل معايا
قبّل جبينها مغمضا عيناه.

- وعد مني هعمل كل اللي أقدر عليه علشان أرجعها، قالها ثم غادر، قابله سيف الذي وصل للتو من تركيا هو وزوجته وابنته
- جواد فيه أخبار جديدة
ربت على كتف اخيه
- ربك يسهل ونلاقيها إن شاءالله
روح عند بابا في المستشفى وأنا هحصلك على هناك، وإتصل بصهيب خليه مايفرقش بابا وماما خالص...
مرت عدة أيام والوضع كما هو.
سافر جواد إلى البلد التي اخُتطفت ابنته بها وعدة محاولات من السفارة والمخابرات ولكن لم يتم العثور عليها.

خرجت من شرودها، على صوت جنى
-انطي غزل ممكن اتكلم معاكي شوية
أزالت عبراتها وأشارت بيديها
-تعالي ياجنجونة. دلفت تجلس بمقابلتها تمسح دموعها
-كنت عارفة أن انك بتعيطي، جاسر قابلني تحت وكان متعصب اوي
مسدت غزل على خصلاتها
-معلش متزعليش منه، أنتِ عارفة اليوم دا بيكون صعب على الكل. رسمت ابتسامة مردفة.

-انا مش زعلانة منه، انا زعلانة عليه، تعرفي أول مرة النهاردة ازعل منه، شوفي بعد السنين دي كلها انادي عليه ميردش ويقولي روحي شوفي عملتي ايه
ضمتها غزل وهي تضحك عليها
-شكل ابن عمك غيران من العريس ولا ايه ياجنجونة. رفعت حاجبها وأردفت
-لا دا هو وعز اتجننوا، تعرفي عز عمل كدا بردو، وقالي هقطع رقبتك
احتضنت ذراع غزل.

-وحياتك ياانطي انا معرفوش، دا مجرد واحد وقف وقالي عايز اقابل باباكي، خدي ميعاد، جيت قولت لماما الكلمتين دول بس
رفعت ذقنها ونظرت لمقلتيها متسائلة بمغذى: -جنى انا عارفة انك اقرب واحدة لجاسر، وفيه حاجات كتير بتفكرني بطفولتي، عشان كدا عايزة أسالك سؤال ووعد هيكون بينا
-جاسر زي عز مش كدا. قطبت جبينها متسائلة: -مش فاهمة معنى كلامك ياطنط تقصدي ايه
-نهضت غزل تنظر إلى الحديقة تتذكر طفولتهم فاستدارت إليها.

-يعني شعورك مع جاسر نفس شعورك مع عز ياحبيبتي وياريت محدش يعرف بكلامنا دا
اقتربت جنى ووضعت رأسها بأحضان غزل
-انا بحبهم هم الاتنين اوي، بس بتكسف من أبيه اوس، جواد ابن عمتو، بس جاسر وعز لا، بتكلم معاهم كاني بتكلم مع نفسي، ليه هو فيه مشكلة
قبلت غزل جبينها ثم رفعت وجهها تحتضنه
-طيب وجاسر مش كلمك في أي حاجة، يعني كلمك مثلا أنه معجب ببنت، بما أنه خلص الشرطة ودا سن طبيعي للجواز
قفزت فوق الفراش وأشارت بيديها.

-وترجعي تقولي عليا فتانة، انسي ياانطي مش هقولك
ظلت غزل تراقب رد فعلها، فاقتربت تلكزه بكتفها
-دا ايه الهدوء دا، طيب مش عايزة اعرف يافتنة هانم، كنت عايزة اتأكد
نهضت ترتدي حذاىها
-معرفش مالكم النهاردة ياآل جواد الالفي، بس مش مشكلة، المهم كنت عايزة اجيب حاجة لحضرة الضابط فعيد ميلاده ومهما يعمل لازم نحتفل به
دققت النظر بها فأردفت.

-برافو عليكي حبيبتى، هو دا ال اقدر عليكي فيه، بس فيه طلب كمان ممكن اطلبه من بنتي الحلوة
-طبعا ياانطي حضرتك تؤمري
-لو جيتي في يوم حسيت بإحساس تاني اتجاه جاسر تعالي وقوليلي ياجنى
شعرت برجفة تسري بجسدها، فاهتز جسدها وتحدثت بشفتين مرتجفتين: -تقصدي ايه ياطنط، قصدك اني ممكن احب جاسر. قالتها بعيون شاردة، تحركت غزل إليها ثم رفعت ذقنها
-قلوبنا مش عليها سلطان ياحبيبتي، جاسر راجل واكيد بكرة يقابل ال تحبه ويحبها.

هزت رأسها رافضة حديثها وتحدثت سريعا: -جاسر اخويا ومستحيل افكر فيه غير كدا ياطنط، وعشان تطمني هو فيه واحدة معجبة بيها بس اعجاب معرفش هيتحول لحب ولا لا
ضمت غزل كفيها
-وانتِ زعلانة ليه طيب
ترقرقت عيناها بالدموع
-عشان حضرتك خايفة انا وجاسر نحب بعض، بس هو اخويا عمري ماشفته غير كدا
ضمتها غزل لاحضانها بقوة تربت على ظهرها
-لا ياحبيبتي مش دا قصدي
هزت رأسها متجهة للخارج.

-استني ياجنى، ولكن قاطعها رنين هاتفها، أجابت غزل وعيناها على جنى التي تحركت مغادرة سريعا
- أيوة حبيبي، إنت في الطريق
أجابها جواد
- غزل إجهزي هعدي عليكي نروح إسكندرية، نقضي اليوم دا عند ريان، إتصل عازمنا على جمبري ياستي
ضحكت بهدوء على أفعال ريان
- لسة ريان زي ماهو والسمك والبحر
اجابته بهدوء
- ماليش نفس ياجود مش عايزة أخرج ولا أسافر في أي مكان.

قاطعها بصوت مرتجف بعض الشئ رغم غصته من ذكريات ذلك اليوم إلا أنه أشفق عليها كثيرا. فهي الأم. شهور مؤلم وحزين لديها من فقدانها لقرة عينيها
- علشان خاطر جود حبيبك هتجهزي ونروح نغير جو، أنا محتاج أغير جو فعلا، ومفيش غير البحر
أغلقت الهاتف بعدما شعرت بحالته
- تمام ياحبيبي، هستناك
ضحك بصوته الرجولي
- زوزو متنسيش بدلة الرقص، وحشني رقصك ياعمري
قهقهت عليه بصوتها الانثوي.

- ياااه ياجود لسة فاكرة، دا أنا نسيت الحركات. ظل يضحك بصوتا صاخب
إجهزي بس وأنا هفكرك ياحبي
أغلقت الهاتف تتنهد بحزن قائلة
-يارب ياجنى ماتتوجعيش زيي مفيش اصعب من وجع القلب
بالاسكندرية عند ريان
- إيه رأيك حبيبي في اللي قولته لجواد إنه يجيب غزل ويقعدوا يومين.

كويس ياريان اللي عملته، الله يكون بعونهم، أنا مقدرش أعيش وجع القلب دا وخصوصا إن جاسر توأمها، يعني كل سنة بعيد ميلاده هيفتكروا غير البنت اتخطفت يوم عيد ميلادها
اعتدلت تنظر له بعمق ثم استطردت
- ريان ليه بيجاد رافض ماسة بنت عمر، هو لسة بيفكر بغنى وكلامه الأهبل وهو صغير دا
رجع بجسده للخلف
- الوحيد من الولاد اللي تعبني يانغم مش عارف بيفكر إزاي وفي إيه
عمره ماكلمني عن واحدة، او إن فيه بنت جذبته...

قطبت جبينها وتسائلت
- إزاي دا عنده سبعة وعشرين سنه هتفضل ساكت كدا، يعني عمر خلاص هيتجوز أهو أما دا مش في دماغه خالص
جذبها لأحضانه
- بقولك يانغمتي. سيبك من بيجاد بقولك عايز ليلة زي بتوع زمان
هبت واقفة ثم أسرعت للداخل
- هروح أشوفهم خلصوا الجمبري ولا لا.

بمدينة فرنسا
تجلس بالكافيه أمام أحدهما. أنكمشت ملامح وجهها بإمتعاض ثم تحدثت
- لا النسبة قليلة أوي مسيو جاك إنت هتتشطر عليا ولا إيه
نظر بعمق وأردف
- كيف ذلك، أنتم المصريون أذكياء، . فكيف تعتقدين إنكي ستخسرين بتلك الصفقة
ارتشفت من كوبها واضعة ساقا فوق الأخرى
- لا قليل، إزاي عايزني اوافق بنسبة عشرين بالمية بس. رفعت رأسها علامة على رفضها، ثم انفجرت ضاحكة بصوت مرتفع.

- لا انتم الفرنسيين بتتذاكوا أوي علينا
وقف ينظر بهدوء إليها
- ترفضين نسبة العشرون بالمئة وتعلمين كم الارباح التي ستحققينها من خلفها، لابد أن تفكرين جيدا سيدتي حينها لا تندمين
تحرك مغادرا، نفخت بضجر كلما تذكرت حديثه، وصلت والدتها وجلست بمقابلتها
- إيه ياأمل اتفقتي مع جاك على إيه
زفرت بغضب
- واحد حريص جدا وبيعرف يفكر كويس، رفعت نظرها وتحدثت
- الفلوس مبقاش منها غير خمسة مليون بس مضطرين نوافق بعرضه.

هنا نظرت لأبنتها ليه الفلوس دي كلها إتصرفت...
أخرجت سجائرها ونفثها بغضب
- ايوة المشروع اللي عملناه خسرنا فيه كتير. ثم اكملت مستطردة
- إنت مفكرة الفلوس الحرام هتعمل إيه يامامتي الحلوة
جحظت أشجان أعينها تنظر إليها بصدمة
- وبعدين معاكي ياأمل هتفضلي تسمعيني الكلمتين دول، أهم عايشين حياتهم وكأن مفيش حاجة حصلت، وجابوا غيرها
ثم صمتت هنيهة وأكملت.

- ومتنسيش إنتِ كنتي معايا ومرفضيش بلاش تحسسيني إنك الطيبة وأنا الشريرة
أنا يومها حاولت أفهمك ياماما
هنا نظرت أشجان وتذكرت تلك الليلة
كانت تجلس بإحدي الصالونات الخاصة بتجميل النساء، إستمعت لاحداهن بهاتفها
- تمام ياتهاني أنا بعت لكذا ملجأ ودار أيتام وخلال شهر بالكتير الولد هيكون عندك.

متخافيش ياحبيبتي مستعدة أدفع من مليون لميت مليون ولا إن حماكي دا يدّمر حياتك والله ياحبيبتي أنا في القاهرة بدور وهرجع تاني طنطا وأشوف
بعد إنهاء حديثها
إقتربت منها وبدأت تتحدث في مختلف المواضيع ثم فجأة سألتها
- إنت بدوري على ولد يتيم، محتاجة ولد يعني، نظرت حولها ثم أقتربت منها متعمدة خفض صوتها.

- عندي ولد وابن ناس، أهله عملوا حادثة وأعمامه عايزين يقتلوه علشان الورث، لو محتاجه أكلم البنت اللي شغالة هناك. أصلها صعبان عليها الولد أوي
ظلت تنظر إليها بتردد ثم أردفت متسائلة
- هتستفيدي إيه لما تساعديني
ابتسمت لها بخبث ثم تحدثت
- هاخد نسبة على كدا، أنا سيدة أعمال مبحبش أضيع الوقت، ومتنسيش اللي هينفذ لازم ياخد فلوس...
عايزة كام يا. إنتي إسمك أي
إبتسمت: أشجان، قالتها عندما علمت إنها من خارج القاهرة.

وقفت ثم اخرجت كارت ووضعته أمامها
- الولد عنده خمس سنين، لسة صغير
فكري وبراحتك برضو
بعد يومين تجلس بجوار إبنتها
- الست كلمتني وعايزة الولد، وأنا كلمت منال مرات عم غزل وإتفقنا على كل حاجة
هبت أمل واقفة
- برضو مُصّرة ياماما تخطفي ابن جواد
لكمتها بظهرها بقوة
- نسيتي جواد عمل فيكي إيه، ان كنتي نسيتي أنا منستش، لازم أخليهم يبكوا بدل الدموع دم، ثم اكملت بحقد وغل دفين.

- لازم أندم نجاة، وأعرفها إزاي تطردنا من بيتها، وكمان حضرة الضابط لازم أخلي أيامه مرار
وقفت أمل بمقابلتها
- إنتِ عارفة لو جواد عرف ممكن يعمل إيه
دا ممكن يدبحنا
جلست تضع ساقا فوق الأخرى
- متخافيش منال هتخرجه برة مصر إحنا هنستلمه في فرنسا وبعد شهر هنسلمه للست، يعني ميعرفوش حاجة ولا لينا دخل
- طيب ماالولد هيحكي كل حاجة إنت ناسية عنده خمس سنين يعني واعي وعارف
ابتسمت بتهكم وأردفت.

- خططنا لدا كمان، وفيه دكتور قالنا على دوا بيعمل تشوة للذاكرة هياخده في الشهر دا لحد مايستلموه كان الولد نسي اسمه
أمك مش هبلة وعاملة حساب كل خطوة
وضعت أمل يديها على فمها من الصدمة
- يالهوي ياماما إفرض الدوا دا عمل حاجة في الولد
نفخت والدتها بضجر من أسئلتها
- مايموت ولا يتفلق إنتِ مفكرة إنه هيرجعلهم تاني، وأنا شرطت على الست إنهم يفضلوا برة مصر علشان أهله واصلين ثم اكملت حديثها.

- بقولك لما تشوفي الميت مليون مش هتقولي كدا، وعلى فكرة منال عايزة عشرين مليون بس علشان اللي يخطفوا الولد من الفيلا بس، وإنما أعداء جواد هما اللي هيخرجوا الولد برة مصر، منال عايزة تنتقم منهم أكتر مننا. دا كانت هتقتله بس أنا أقنعتها بفكرة خطفه هيوجعهم أكتر
بعد عدة أيام كانت تجلس بفندق بفرنسا تلقت رسالة إلكترونية
- المهمة تمت بنجاح، كملي الباقي، . إياكي تسلمي البنت قبل ماتنسى كل حاجة.

وقفت كالملدوغة وهي تفرك يديها بقوة
- يالهوي دا خطفوا البنت مش الولد
ارسلت إليها
- إحنا اتفقنا على الولد ليه جبتي البنت
اجابتها
- مالحقوش. لقيوا البنت مكان الولد خدروها وخرجوا قبل ماحضرة الضابط يعرف، متنسيش جواد ذكي وكان هيعرف وقت الحريق إنها لعبة. مش مهم المهم ولد من ولاده
ضجرت بغضب وبدأت تتحرك بعشوائية بالغرفة، دلفت إبنتها إليها
- مالك فيه إيه.

- خطفوا البنت مش الولد، وكان لازم يطلعوا من مصر قبل ماابوها يعرف
صرخت امل وثارت أمام والدتها
- حرام عليكي ياماما البنت دي ذنبها إيه. طيب الولد ولد.
صفعتها بقوة
- إخرصي اللي حصل، حصل، المهم دلوقتي لازم البنت تنسى اللي هتشوفه هنا، منال متعرفش اننا هنبعها لاسرة، هي مفكرة هنبعها لمافيا، ودا مفرحها، إنهي احسن نبعها للمافيا ولا لعيلة، ضيقت عيناهاونظرت بحقد
- المفروض تشكريني على كدا.

خرجت من شرودها بعدما تحدثت إبنتها
- هنعمل إيه مع الزفت جاك دا ياماما.

نظرت أمامها بشرود وتحدثت
- إقبلي عرضه
في النادي بمدينة طنطا
وصلت تهاني والدة غنى إلى النادي
قابلتها صديقتها رحاب
- ايه اللي اخرك كدا، مستنياكي من بدري
جلست تحتسي قهوتها ثم نظرت إليها
- كنت بصحي غنى، اإنتِ عارفة لو خرجت من غير مااصحيها هتفضل نايمة طول اليوم
ابتسمت لها صديقتها
-حلوة أوي بنتك ياتهاني، ماتيجي نعمق العلاقة ونعمل نسب بينا، ابني يحيى معجب بيها، بقولك انت والدها هنا ولا في تركيا.

ذهبت بشرودها فلاش باك
بمدينة تركيا
دلفت سيدة في إواخر الأربيعنات
- دلوقتي ياحبيبتي جبتلك البنت اللي كان نفسك فيها، ممكن بقى تهدي. وكمان البنت مصرية
نظرت تهاني لاختها احلام
- قولي والله، يعني اتبنتي بنت، وقفت أحلام تُشعل سيجارتها
- ايوة أنا اتبنتها من ناس، بس الناس دي معنديش تفاصيل كتير عنهم. يعني البنت بنت مين ولا كدا معرفش، علشان مترجعيش تسألى وطارق يدخل
ثم اكملت مستطردة.

- طارق اسئلته كتيرة، واهو كويس إنكم هنا مش في مصر.
طيب الناس اللي ادولك البنت دي. ليكونوا خاطفينها
زفرت تهاني بحنق ونظرت لها
- البنت جبتها من ملجأ، أنا كنت طلبت من واحدة كانت تعرف ملجأ، وشرطت عليها البنت تكون يتيمة يعني بنت شوارع
قالتلي هجبلك البنت بس اديني شهر لما اشوف بنت بمواصفاتك. وفعلا عدى الشهر لقيتها بتتصل بيا وتقولي طلبك جاهز بس هنسلمها برة مصر...
وقفت تهاني ونظرت لاختها.

- ليه برة مصر يااحلام، البنت مخطوفة يالهوي عليكي خطفتي البنت من اهلها
امسكت يديها واجلستها بجوارها
- والله ابدا ياحبيبتي، هي قالتلي أبوها وأمها ميتين في حادثة وهي كانت هتوديها ملجأ بعيد عن أعمامها علشان عايزين يقتلوها علشان الورث. فأنا قولتلها أشوف البنت لو عجبتني هاخدها
البنت حلوة اوي بس مبتتكلمش خالص معرفش ليه. فأنا قولت بما إن جوزك دكتور هيعرضها على دكاترة متخصصين
قطبت تهاني مابين حاجبيها.

- البنت كبيرة يعني.
- لا عندها خمس سنين. البنت هتموتي عليها لما تشوفيها
طيب هما جبوهالك تركيا ولا فين
- لا اخدها منها في فرنسا.
فرنسا هي الست دي تقربلها ايه
- بتقول كان صاحبة والدتها
وقفت وصرخت بوجهها
- غلط ياأحلام ازاي تثقي فيها. كان المفروض تعرفي البنت بنت مين ونتأكد
زفرت تهاني ونظرت إليها.

- بقولك إنتِ عايزة بنت وخلال فترة بسيطة قبل مااهل جوزك يعرفوا إنك مبتخلفيش، ولقيت حلوة الفرصة إنك بقالك خمس سنين هنا. والبنت سنها مناسب اوي وبعدين تحسيها شبهك كدا، ثم اكملت مفسرة
- انا كنت هعمل دا لو كنا هنعيش في مصر
تذكرت عندما قابلت اشجان واعطتها غنى
نظرت للبنت واردفت متسائلة
- دي بنت مش ولد
ابتسمت إبتسامة سمجة
- هي بنت بس أنا اللي مااخدتش بالي من كلام الشغالة كنت مفكراها ولد
حملت غنى وقبلتها.

- إسمك إيه حبيبتي
لم تجبها غنى، كأنها بعالم آخر
اردفت اشجان
- هي من الصدمة لما عرفت خبر موت اهلها فقدت النطق، بس ممكن تودوها لدكتور
خرجت من شرودها عندما تحدثت تهاني إليها
- إسمها إيه.

تعالي شوفي البنت وبعدين اتكلمي
دلفت غرفة بجوارها
- تجلس غنى تضم نفسها بيديها ودموعها تنسدل على خديها تنظر فقط دون حديث
اقتربت منها تهاني جلست بجوارها تمسد على خصلاتها الحريرية
- اسمك ايه حبيبتي
نظرت غنى لها بخوف ولم تتحدث
دلف طارق إليهما
- فيه ايه ياتهاني اتصلتي وقولتي تعالى بسرعة
نظرت تهاني للبنت-
- شوف البنت دي ياطارق مالها مابتتكلمش خالص، عايزة اتكلم معها
قطب مابين جبينه وتحدث.

- دي البنت اللي أحلام جبتها
اومأت برأسها بنعم
اقترب وحملها طارق مقبلا جبينها
- اسمك ايه حبيبتي، وفين بابا وماما
بكت بقوة ولم تتحدث
رفع السلسال الذي بعنقها
- غنى بيجاد
نظر طارق إلى زوجته
اسمها غنى بيجاد، البنت دي يتيمة زي ماقولتوا ولا إيه الموضوع
فركت أحلام يديها عندما نسيت أن تخلع السلسال من عنقها
- أيوة اسمها غنى بيجاد، باباها ومامتها عملوا حادثة.

- من محافظة إيه ياأحلام علشان ابحث عنها وأشوف أهلها كانوا عايشين إزاي
تذكرت حديثها لأحد الضباط يقرب لهما
- من المنصورة، ممكن تتصل بهشام وتسأله هذا ماقالته سريعا
تمام أنا هعرف
أمسكت تهاني يديه
- وحياتي ياطارق. إنت مش شايف حالة البنت ازاي، وحياتي عندك
قام طارق بالاتصال على هشام
- عايز أعرف معلومات عن بنت إسمها غنى بيجاد ثم
اتجه بها لغرفة كشفه، وقام بالكشف عليها
واخذ منها عينة لعمل بعض التحاليل اللازمة.

بعد عدة أيام ومازالت غِنى كما هي تنام معظم الوقت ثم تستيقظ تبكي فقط
امسك طارق تحليلها
- التحاليل دي بتبين البنت كانت بتاخد مادة مخدرة
جلست أمامه أحلام
- البنت دي يتيمه وأكيد كان حد بيعذبها بقى بأي حاجة فهمتني
أومأ برأسه وسكت
بعد عدة شهور ظلت كما هي لم تتغير حالتها
إلى أنهم قاموا بعرضها على طبيب نفسي
كانت تهاني تهتم بها كثيراً، تاخذها لمعظم حدائق الأطفال، وشراء، معظم الألعاب وتحكي لها عن حياتها
عدت سنة.

إلى ان تحسنت حالة الطفلة وبدأت تنسى ماضيها وتعلقت بتهاني
في صباح ذات يوم
دخلت تهاني غرفتها...
غنى قومي ياله حبيبتي، قفزت الى أحضانها
مامي هتوديني فين النهاردة عايزة اروح الملاهي واكل غزل البنات
قبلتها احلى نزهة لأحلى غنى في الدنيا
صفقت غنى
احلى مامي في الدنيا
خرجت تهاني من شرودها عندما تحدثت صديقتها
- خلاص زي ماقولتلك قبل كدا. عايزة غنى لجمال
ارتشفت تهاني عصيرها وضحكت بهدوء.

- المهم موافقة البنت، وماتنسيش هي لسة صغيرة.

مساء بمدينة عروس البحر المتوسط تتسطح على سطح اليخت، بعد قضاء ليلة هادئة تتميز بمشاعرهم التي سرقت منهما مسد على خصلاتها الحريرية وتحدث متسائلا
- غزل لسة بتحبيني زي الأول ولا حبك قل علشان كبرت وعجزت
ضمته بكل قوتها تتمسح بصدره ثم تحدثت
- إنت روحي ياجواد عارف يعني إيه روحي يعني لو بعدت عني اموت
رفع رأسها ملتقطا ثغرها هادئة كليلتهم الرومانسية الهادئة
- وآنت عمري وحياتي وقلبي وكل ماأملك ياروح جواد.

اعتدل جالسا يتناول بعض حبات العنب ويطعمها
- ايه رأيك لما نرجع من الفيوم نغطس يومين بالساحل زي زمان
جذبته فجاة من قميصه بعدما ارتداه
-هو أنا إذنتلك تلبس قميصك ياحضرة اللوا ولا إيه ولا يكونش سقعان
قهقه عليها بصوت صاخب
وضع جبينه فوق خاصتها وتحدث من بين ضحكاته
- وحشني جنانك ياقلبي، مش متعود على هدوئك وأدبك ياغزالتي
طوقت عنقه تداعب انفه
- جود حبيبي متستهبلش على غزالتك وقولي ليه إلبست قميصك...
ضرب يديه ببعضهما.

- وادي القميص ياحبي أهو يمكن تكوني غيرانه منه. همس لها
- غيرانة من القميص يازوزو، فاكرة كلامك زمان، إني بغير من هدومك. إنتِ غيرانه بقى من قميصي
مسدت على خصلاته ثم جذبت قميصه فجأة وألقته بالبحر، وأدي القميص
رفع حاجبه
- لا دا غيرة بجد
وضعت يديها على كتفه ومازالت تجلس على ساقيه
- زوزو بتغير بجنون عليك ياحبيبي بس إنت مش واخد بالك
حبس أنفاسه داخل صدره ثم
حملها بين يديه ودلف لداخل اليخت.

- هعرفك حالا أنا بغير أد إيه
بعد فترة كانت تجلس بأحضانه يمسد على خصلاتها...
إيه رأيك نقعد يومين هنا حبيبي، الجو حلو اوي. وحلو إنك بأجازة
تناولت بعض حبة الفراولة ثم تحدثت
- مينفعش حبيبي ناسي نتيجة رُبى بعض يومين
نظر بشرود للأمام وأردف
- غزل عايزك تقربي من رُبى صاحبيها، بيقولوا البنت أقرب لأمها، أنا بحاول أقرب منها على أد ماأقدر، بس برضو هي محتاجة لحد تتكلم معاه، بتتحرج مني.

- أنا معلماها تعتمد على نفسها بقرارتها ياجواد وتقولي كل حاجة حتى لو صغيرة وانها تتخذ قرارتها المصيرية بنفسها بدل واثقة من نفسها
غصة كبيرة أحكمت قبضته حتى شعر بعدم تنفسه ولكنه حاول الأ يحزنها هو يفعل كل مايقدر عليه حتى ينسيها ذكريات تلك الليلة الحزينة، حتى لو أنه يشعر بالألم والوخزات بقلبه. يكفى إنه يرى ضحكاتها الغائبة عنه منذ وقت رغم تصنعها السعادة أمام عيناه.

- حاولي تقربي كمان ياغزل البنت لسة صغيرة محتاجة مننا نقولها الصح ومبرراته والغلط ومبرراته
رجعت بجسدها للخلف ثم تحدثت
- رُبى بتحب عز ياجواد
نظر للبحر حوله. وآهة خفيضة خرجت من جوفه
- عارف ياغزل، لاحظت نظراتها له، وكمان عز جه من إسبوعين وقالي.
تنهد بحزن وأكمل مستطردا
- الولد بيحبها جدا. وأنا عارف إنه راجل اوي وأقدر إعتمد عليه، بس البنت صغيرة أوي
ضيقت عيناها ثم تحدثت.

- والله أنا في سنها وقفت قدام واحد بارد مستفز وقولتله بحبك، وهو عمل إيه كذب مشاعري
قهقه بصوت مرتفع
- وحشني جنانك ياغزالتي، أيوة كدا أقدر أكمل العزوة وقلبي حديد
أسبلت أهدابها متحاشية النظر إليه
- ايوة صح كمل يااخويا العزوة ماأشوف اخرتها إيه، دا إبنك المفروض يتجوز
ضمها وضحك عليها
- وماله أنا وابني نعيش أمجادنا
علي فكرة خطوبة عمر آخر الأسبوع جهزي نفسك لكدا
بفيلا صهيب بالقاهرة
دلف عز لفارس بغرفته.

ثم وضع هاتفه امامه واظهر صورة احدهما صوتا وصورة
- فارس مين الولد اللي بتكلمه دا. وعايز منك إيه
وقف فارس متجها إليه وتحدث بحماس
- دا واحد بياخد الولاد اللي بيلعبوا حلو ويحترفوا برة
ضيق عيناه وتسائل
- ودا شاف لعبك فين، دا من برة مصر
فرك فارس يديه وتحدث
- لا شاف فيديوهات ليا و، قاطعه عز
- إسمه إيه الراجل دا، وقولي حسن دا عنوانه فين بالضبط
يجلس بشرفته يتحدث بغضب.

- كلمة كمان صدقيني هنسيكي إنك عرفتي واحد في يوم من الأيام اسمه أوس
علي الجانب الأخر
- انت بتزعقلي ليه، بقولك عزم عليا يوصلني كلمت بابي وهو وافق، وبعدين ماتنساش انه إبن عمتي يااوس، ريان مش غريب دا إبن عمتى مرام
زفر بغضب وتحدث
- إقفلي ياياسمينا إقفلي بعدين نتحاسب
بغرفة جنى
دلف عز إليها
-جنجونة عاملة ايه حبيبتي. استدارت ورسمت ابتسامة
-كويسة حبيبي فيه حاجة؟!
اتجه إليها جذب مقعد وجلس بمقابلتها.

-جواد كلمني دلوقتي هو اوس، واتفقنا نعمل حفلة صغيرة مفاجأة لجاسر لما يرجع، وربى وتقى هيشاركوا، فقولت اعرفك
نهضت متجه لمكتبها قاىلة
-عندي مذاكرة ياعز، ممكن تعذرني، وقبل اي حاجة ابن عمك زعلان مني زيك على معيد الجامعة
جذبها لأحضانه وهو يقهقه عليها مردفا
-اخواتك يابت ولازم نغير عليكي، ياله اجهزي ولما يجي هشديلك ودانه
قالها وتحرك للخارج
جلست بقلب يأن وجعا مردفة.

-احسن اخوات في الدنيا ياحبيبي، هنا تذكرت منذ عشر سنوات وهي بعمر الثالثة عشر
خرجت من مدرستها وجدته يقف أمام سيارة عز ينتظرها
وصلت إليه سريعا
-جاسر بتعمل ايه هنا، ثم أشارت لسيارة عز
-وفين عز، ازاي تسوق العربية لو عمو جواد عرف هيزعل
-فين ربى اتأخرت ليه
توقفت أمام السيارة وعقدت ذراعها تنظر للمدرسة
-عندها حصة لسة هتيجي مع ياسين. وجد أحد الشباب يشير بيديه إليها
-جنى متنسيش بكرة تمام
اومأت مبتسمة.

-تمام يارامي، وانت كمان متنساش
-مين دا ياجنى وازاي يكلمك كدا
استدارت تنظر إليه فضربت أشعة الشمس عيناها، فدنت تقف بظله تضع رأسها على كتفه
-دا صديق بيقول، دفعها بعيدا قاىلا بغضب
-صديق ايه ياأم صديق، هو فيه صداقة بين بنت وولد يابت، اركبي العربية حسابنا بعدين لما نرجع
ضيقت عيناها وأردفت
-يعني ايه. صرخ بها
-قولت اركبي ياحيوانة
ارتجف جسدها من صراخه انسدلت عبراتها على سبه لها
-اسفة، قالتها بصوت مبحوح من البكاء.

وصلت ربى وياسين
-ابيه جاسر فيه ولد كان بيسأل عنك واقف هناك اهو بيقول مين ال واقف مع جنى دا
التوت زواية فمه بشبه ابتسامة عابثة
-لا دا الحلوة معجبينها كتير، ودول غيرانين ولا ايه. قالها وهو يرمقها بغضب
كانت مشدوهة بما تسمعه ملحمة اللسان لا تستطيع مجابهة غضبه
خرجت من شرودها على رنين هاتفها
-ايوة ياروبي
-جنجونة اجهزي وانزلي بسرعة جاسر زمانه جاي.

بفيلا المنشاوي رجع مساءا متأخر ولكنه تصنم بمكانه عندما وجد مالك مغشيا عليه بالحديقة صرخة بآهة عالية خرجت من جوفه عندما وجد دماء أخيه التي ينذفها من فمه
- بابا إلحق مالك بيموت، صرخ بها بيجاد الخامس.
بفيلا الألفى
أنهى عز وجواد حازم وأوس مااحضروه استعدادا لحفل بسيط يضمهم حتى لا يحزنونه
دلف بعد قليل
-هي الكهربا قاطعة عندنا ولا ايه، عمو صبحي، أردف بها بصوتا مرتفع مما جعلهم يشعلون الإضاءة مع فرقعة بعض الألعاب النارية
مفاجأة. قالها عز وهو يقترب منه
كل سنة وانت طيب ياجسورة
بينما جذبه أوس قائلا
-كل سنة وانت معانا ياحبيبي وعقبال سنين كتير اوي
توقف صامت يبحث بعينيه عن والديه
همس أوس له.

-بابا وماما راحو اسكندرية عشان نكون براحتنا، واياك ثم اياك تقلبها نكد بنقولك اهو
قفز ياسين فوقه
-عم الجساسير كمل خمسة وعشرين سنة يابشر، وبكرة يدخلنا بست الدلال
دفعه بقوة حتى سقط على الأرضية وتصنع الألم
-اه ياضهري، كدا ياجاسر تضيع مستقبل اخوك الظابط أن شاءالله
تحرك بهدوء متجها لتجهيزاتهم
-مين امتى وانا بحتفل بعيد ميلادي، اتجه الى ياسين ورمقه غاضبا
-اتصلت وقولت تعالى بسرعة على البيت عشان كدا.

دلفت ربى بجوار تقى
-يالة حالا بالا حيوا بالفصاد
هه هه. أشار بيديه
-مش عايز احتفال، انا عارف انكو عايزين تفرحوني، بس انا مش هحتفل آسف
دلفت مليكة وبيدها قالب من الكيك قائلة
-ولا حتى عشان عمتوا ياجسورة، انا هزعل بجد، مش معقول ياحبيبي كل سنة تزعلنا كلنا، كدا تخلي باباك ومامتك يمشوا من زعلهم
استدار إليها ورفع كفيها يقبلها
-آسف ياعمتو، حقيقي مينفعش احتفل بعيد ميلادي وتوأمي معرفش عايشة ولا ميتة.

قالها وغادر سريعا للخارج
جلس جواد حازم متنهدا ثم وزع نظراته على الجميع
-قولتلكم مش هيقتنع، بس متقنعتوش
بالخارج كانت تتحدث مع أحد صديقاتها
-لا ياحبي اكيد هاجي طبعا بكرة، ضحكت بصوتها الأنثوي الناعم واسترسلت
-خلاص بتكسف والله. توقف خلفها ينتظر إنهاء حديثها
ولم تشعر بوجوده فاكملت قائلة
-تمام بعد الكلية، لا عز مش هيوصلني بكرة، صمتت ثم اردفت
-ممكن اوس ابن عمي بما أن الكليتين جنب بعض.

-هتفضلي ترغي طول الليل، ومين ال بتكلميه دا
أغلقت سريعا الهاتف متفاجأة بوجوده بهذا التوقيت، استدارت تعدل من وضعية حجابها
-جاسر ايه مالك! بتزعق كدا ليه؟!
زفر بغضب واقترب منها
-كنتي بتكلمي مين دلوقتي الساعة احداشر. أشارت على الهاتف قاىلة
-دي واحدة، ثم صمتت وتذكرت حديثه فاقتربت قائلة وانت مالك اصلا
وصل إليها بخطوة وجذبها بعنف ينظر لمقلتيها.

-اتعدل ياجنجون عشان متندميش، هي واصلة معايا للاخر، وبعدين مش مشتركة معاهم في الحفل يعني
أمسكت ذراعه وإدارت وجهه متسائلة
-هتفضل تهرب لحد امتى، طيب ال جوا دول ذنبهم ايه، عمو وطنط غزل ذنبهم ايه
نظر ليديها ثم رفع نظره إليها
-ذنبهم اني ابنهم ياجنى، قوليلي كنتِ بتكلمي مين
-دي صاحبتي، بتسالني عليك ياجسورة قالتها وهي تتلاعب بذر قميصه
قوس فمه وانزل يديها
-لا ياشيخة وهي تعرفني منين
أشارت على نفسها بضحكات مرتفعة.

-انا. بتقولي شوفيلي عريس قولتها عليك انت وجواد بما انها مشفتش جواد وشافتك وانت بتوصلني فبسالها بقولها العريس عجبك ولا لا
تامل ملامحها الحنونة القادرة على ضماد عصبيته فدنى يهمس بجوار أذنها
-هو فيه راجل بيتخطب ياجنجونة، طيب مش المفروض اشوفها الاول
لكمته بصدره
-جاسر اتلم، هتشوف مين، وبعدين البنت بطلع فيك قلوب حمراء. وصل عز وجواد إليهما
رمق عز أخته ووقوفها بالقرب منه، وضحكاتهما، وصل إليهما.

-دا ال سابنا جوا بنعيط وجاي يلعب مع جنى هنا. ضيقت جنى عيناها
-بتعيطوا ليه، ودا يستاهل العياط
اقترب جواد حازم وهو يضع يديه بجيب بنطاله
-ياسيدي لو كنا نعرف أن جنى هضحكك كدا كنا جبناها من وقتها
جذبته جنى من ذراعيه وتحركت بعيدا
-محدش له دعوة بجسورة، تعالى فيه موضوع مهم لازم نتكلم فيه وسيبك من عز وجواد
تحرك معها، ظل عز يراقبهما بنظراته قاطعه جواد
-تفتكر جاسر بعد حفلة جنى عليه هينكد تاني ولا كدا فك.

جلس عز على العشب ونظراته عليهما وهما يجلسان على الأرجوحة
-لا ياجواد، جاسر قلبه مليان حزن، بس هو بيحاول ميزعلش جنى، انا شوفت في عيونه حزن
بس انت طبعا عارف علاقتهم من صغرهم كل ماواحد منهم يزعل التاني يخرجه، تعرف انا ساعات بغير من جاسر بعلاقاته بجنى
دقق جواد النظر إليه واردف
-عارف أنهم قريبين من بعض، فاكر يوم مااتهزم في الباسكت، هي عملت ايه
قهقه عز واومأ قائلا.

-راحت رشت علينا مية ورمت ساندوتشتنا في الذبالة ويومها اتحرمنا من اللعب بسبب عمو جواد لما عرف اتريقنا عليه
نظر إليه ومازالت ضحاته بالأرتفاع قاىلا
-والقتنة راحت قالت لبابا أننا هربنا من الحصة، عشان نعاند جاسر
قهقهو سويا وهم يتذكرون طفولتهم، قاطعهم صراخ جاسر عليها
-تمام يااستاذة جنى، من دلوقتي انسي. قالها وتحرك سريعا
ضيق عز عيناه وتحرك سريعا لأخته التي وقفت تنظر لاثره بذهول وعيناها مترقرقة بالدموع.

-جنى فيه ايه، وجاسر ماله
تحركت تزيل عبراتها
-مفيش حاجة، انا آسفة ياعز، قالتها وتحركت للداخل
صعد إلى غرفة أوس
بغرفة أوس بعد إغلاقه الهاتف، مع ياسمينا وتحكماته وغيرته المجنونة كعادته عليها، امسك هاتفه و ألقاه بقوة حتى تهشم. دلف إليه جاسر
- إيه صوت التكسير دا يابني مالك
جلس على فراشه ينظر بشرود ولا يجب أخيه، اتجه جاسر وجلس بجواره
أوس بكلمك مالك فيه إيه، واحدة
اتجه بنظره لأخيه وأردف بحزن.

- إنت ليه مُصّر توجع قلب ماما وبابا كل سنة ياجاسر، ليه بتحرمهم من فرحتهم بيك
تنهد بحزن وظهر اليأس على ملامح وجهه
- عايزيني أعمل إيه أقعد وأخليهم يفتكروا كل حاجة في الليلة اللي اتحرموا من سعادتهم، عايزني أشوف ضعف أبوك اللي بيحاول يخبيه مع هزاره معانا، ولا ماما اللي بتحاول ترسم بسمة على وشها علشان نفرح بس...

ثم أكمل بإبانة: -أنا مقدرش ياأوس مقدرش أشوف ضعف أبويا حتى لو إتكويت بنار قلبي واتنازلت عن فرحتي، أنا مستحيل أنسى لما كنت بقوم بالليل وأشوفه قاعد في أوضتها وماسك هدومها وبيبكي زي الطفل
إتجه بجسده إليه بعدما تساقطت دموعه
- تخيل جواد الألفي اللي الكل بيعمله ألف حساب بعيط زي العيال. إنت مشفتش ولاحسيت بكدا، لكن أنا شوفت
خطى ووقف بمقابلته.

- شوفت يعني إيه إنهيار أقرب وأقوى شخص في عيلتك، شوفت يعني ايه العجز وإيدك متربطين ومش عارف تعمل إيه
جلس أمام إخيه ورغم ذلك تبسم له
- أنا مشفتش ضحكة عيون بابا إلا لما ماما خلفت رُبى، تخيل بابا فضل سنين حتى الضحكة ماتت من عيونه
ثم أكمل مستطردا
- أنا دخلت الشرطة علشان إنتقم من سرق فرحتنا ياأوس، وعمر الفرحة دي ماهترجع من مجرد عيد ميلاد واشوفهم مغصوبين بحزن قلوبهم علشان بس يسعدوني
نظر أوس إليه بقلة حيلة.

- طيب المفروض نعمل إيه علشان نرجع السعادة دي تاني
ربت على كتف أخيه
- مش مطلوب منك حاجة غير إنك تاخد بالك من دراستك وأشوفك أحسن مهندس في الدنيا كلها
نصب عوده وأقترب منه
- ياسلام ياولاد لما يكون عندك اخ خايف على مصلحتك كدا، وعايز يشوفك أحسن الناس
لكمه جاسر بكتفه
- بتتريق يالا ولا إيه، ايوة أنا أخوك الكبير والمفروض تحترمني وتسمع كلامي
ضرب كف بالأخر
- أيوة صح أصلهم عشرين سنة
سيبك من كلامك الأهبل دا وقولي مالك.

- مفيش!
إقترب منه وقف ينظر له بعمق وأصر على سؤاله: - مقولتش برضو ليه مكسر الدنيا كدا
استدار يبحث عن جهازه المحمول
- مفيش حاجة. كنت مضايق رميت الفون بس دا كل الموضوع
رفع حاجبه وتحدث بسخرية
- يعني مش ياسمينا اللي عملت فيك كدا، دا إنت صوتك مسرسع في الجنينه تحت
دفعه للخارج: إمشي ياجاسر. أنا مش فاضي تعبان وعايز أنام
قهقه عليه جاسر
- يعيني على اللي الحب بهدله. يابني قولتلك مفيش حاجة إسمها حب، بس مبتسمعوش كلامي.

أغلق الباب بوجه
- جتك نيلة وإنت معندكش مشاعر، ماهو إنت ظابط هتحس إزاي
ضحك جاسر بصوت مرتفع: - هقول لبابا أوس بيشتمك وبيقول الظباط معندهمش مشاعر
فتح الباب
- ولا إنت فاضي مش لاقي حاجة تعملها فقولت أتسلى بيه
هبط درجات السلم وهو يضحك
- هروح أتسلى على عز بحب أضايقه متيجي نعمله كابسة، أموت وأعرف الولا دا بيحب مين، كل ماأروحله ألاقيه بيسمع كاظم، بس شوية كدا أصله قاعد مع جواد، مش زيك ياأهبل بتكسر تليفونات.

أغلق الباب بقوة وظل يسبّه
- والله ياجاسر الكلب ليك يوم
بفيلا صهيب
يجلس بمكتبه يعمل على مشروع الوزارة. دلفت إليه نهى بعدما استيقظت من نومها
- إيه ياصهيب. مش ناوي تنام ياحبيبي. الساعة واحدة هتفضل تشتغل طول الليل ولا إيه
نصب عوده واعتدل بوقفته عندما شعر بالأرق: - فعلا حبيبتي تعبت عايز أخد راحة، المشروع دا مهم أوي يانهى لازم شركتنا تكسبه مش علشان عوايده المادية، لا علشان دا وزاري لازم يكون كامل متكامل.

حاوط خصرها بس إيه الجمال دا هم اللي بيكونوا لسة صاحين بيحلوا كدا، ثم قام بفك رابطة مأزرها
تبسمت له وأردفت بصوتا ناعس
- صهيب بتعمل إيه الولاد صاحين.
أقترب مقبلا خديها: - أموت في العاقل وهو بيدلع على جوزه حبيبه. طوقت عنقه بيد والأخرى تتلاعب بياقة ثيابه المنزلي قائلة بنبرة أصبغتها بالأغواء
- صهيوبتي عايزة أنزل الشغل تاني، زهقت من القعدة
جذبها بقوة
دنى من وجهها مبتسما وهمس ملامسا كرزيتها.

- صهيبتك عايز يقولك كلمة سر في شفايفك الحلوة دي
كزت على شفتيها ومازالت على وضعها
- الأول تجاوبني، هرجع الشغل، هخليكي تقول قصص مش كلمتين بس
جذب رأسها ملتقطا كرزيتها
- مبتهددش يانهنيهو
طوقت خصره واضعة رأسها بصدره
- والله زهقت ياحبيبي، بقالي كتير بعيدة وأنا مش متعودة، فارس خلص أهو ثانويته
نهض ببطئ: - أنا حاليا تعبان وعايز أنام بكرة نتكلم ممكن حبيبي
أومأت برأسها دون حديث مطوقة خصره
ضمها لأحضاته.

صاعداً للأعلى ولكنه توقف عندما وجد جاسر يدلف للمنزل وهو يضحك
ضيق عيناه ثم نظر لنهى
- اطلعي حبيبتي وأنا هحصلك ماأشوف جاسر إتجنن ولا إيه ماشي يكلم نفسه ليه، ذهب لجاسر الذي دلف من الباب الرئيسي
وقف صهيب أمامه فجأة
تسّمر بمكانه ونظر لعمه
- إيه دا حضرتك لسة صاحي ياعمو
رفع حاجبه بسخرية وأردف بابتسامة
- لا ياعمو أنا نمت من بدري، بس دا خيالي
جز جاسر على شفتيه بإحراج.

- لا مش قصدي، أنا فكرت حضرتك نمت من بدري، أنا كنت طالع لعز أغلس عليه شويه...
جذبه صهيب من ثيابه
- ولا إنت شارب حاجة، شكلك مش مريح. إقترب يشم رائحته
ثم رجع خطوة للخلف ينظر له بعمق ثم استطرد
- لا مش شارب، يمكن تكون عيان، حرارتك عاليه ولا حاجة، وضع يديه على رأسه ثم تحدث: - ابداً مفيش حرارة
رمقه مضيقا عينيه ثم رد عليه بإبتسامة سمجة
- عمو أنا كويس هو ليه حضرتك بتقول كدا، سأله بعبوس طفولي
قطب صهيب حاجبه وأردف.

- إنت شايف إنك تجي بيتي الساعة واحدة بالليل وعمال تكلم نفسك وتضحك وجاي تقولي عايز أغلس على عز وتكون طبيعي
قهقه بلا حرج هاتفا من بين ضحكاته
- طب ماتقول كدا من الصبح بدل ماإنت عملي المفتش كرمبو كدا، وضع يديه على كتف صهيب واتكأ عليه
- والله ياعمي الحبيب أنا كنت بعقلي بس الولد أوس وإبنك حضرتك عز وابن عمتي قضوا على حتة العقل اللي عندي
أحس صهيب بإرتفاع ضغط دمه من إبن اخيه، عقد ذراعيه وهو يرمقه بنظرات هادئه.

- والله إنت كنت بعقلك وهم هربوه منك، مش كدا برضوا
رفع يديه بمعنى نعم
ثم حرك حاجبيه بطريقة طفوليه
أيوة العيال دول هم السبب
- تحرك صهيب فجأة. حينها أختل توازن جاسر وكان سيسقط
- وحياة ربنا إنت مش طبيعي يابن أخويا، ولا إنت أهبل أهبل. طالع لامك، قالها وهو يصعد الدرج
- حضرتك بتغلط في أمي مش ملاحظ
إستدار صهيب يرمقه بغموض
- لما تحاول تلعب على حد إلعب على حد غير عمك صهيب يالا.

وقف جاسر ينظر لعمه وكأن السعادة التي كان يمثلها أمامه إختفت. لأنه يعلم إنه سيهاتف والده
خرج إلى الحديقة يقف أمام المسبح وينظر بشرود يتذكر تلك الليلة
- هاتي الولد ياغزل، ماتخوفهوش
جذبت نغم جاسر من يديها، حاوطته بذراعيها وخرجت به لريان
- ريان خد جاسر و أوس وديهم عندنا البيت، غزل حالتها صعبة اوي
- لا، قالها صهيب عندما أستدار ريان له.

سكت لثواني يتأمل قسمات وجه جاسر الحزين ثم أقترب منهما يطبع قبلة عميقة فوق جبين جاسر
- هو ينفع بيت عمه يكون موجود ويروح بعيد مع إحترامي ليك ياريان بس مستحيل إسيب ولاد جواد
أشار صهيب لجاسر
- تعالى ياحبيبي. روح مع أنطي نهى عند عز وجنى
اومأ جاسر برأسه متحركا بجانب عمه، الذي أرسل الخادمة لنهى
أتسعت حدقت ريان وتسائل
- أنا كدا غريب عنكم ياصهيب.
أستدار صهيب بهدوء وتحدث بحزن.

- أنا هنا أبوه يابشمهندس، لازم أراعيهم لحد ماأبوهم يفوق من اللي هو فيه. أنا مبدورش مين القريب ومن الغريب، أنا بعرّف جاسر وإخواته. أنا باباهم زي زي جواد بالضبط، اللي مش موجود عند جواد هيكون موجود عند صهيب، يارب تكون فهمت قصدي
ثم استطرد مفسرا.

- مش شخصك أبداً، ماهو حازم أبن عمنا جنبنا أهو وكمان أختي، بس أنا أولى واحد فيهم بولاد اخويا، جواد فترة وهيفوق. هو ممكن يتوه شوية بس موجود وكلها كام ساعة ويفوق لنفسه وولاده، أردف بها مربتا على كتف ريان متزعلش مني ياريان
أومأ ريان برأسه
إبتسم صهيب ثم استدار متحركا
خرج جاسر من شروده عندما وجد عز بجواره
- مالك يالا بقالي ساعة بكلمك مابتردش، نظر بعمق إليه. ثم اردف.

- إنت لسة بتعيط ياجاسر، ألقى جاسر نفسه بحضنه
- انا تعبان اوي ياعز تعبان ومش قادر اخرج تعبي وحزني لحد، مفيش غيرك قدامي، سحبه عز إلى الحديقة الخلفية
جلس وأجلسه بجواره
- مالك إحنا لسة سايبين بعض من ساعة وكنت كويس إيه اللي حصل، وكمان مزعل جنى ليه، مبطلتش عياط
- تنهد وتسطح على العشب
-جنى. مفيش حاجة، هي كانت عايزة حاجة وانا رفضت
اتكأ على مرفقيه وطالعه
-جاسر هتفضل كدا بتحاول تفهمنا انك فرحان وانت من جواك حزن.

بابا وحشني أوي، نفسي اتكلم معه زي الأول بس خايف، خايف أكون انا سبب حزنه ووجع قلبه دا
لكمه عز بكتفه
- إنت اتجننت ياجاسر، عمو دايما معاك ومحاوطك، دا بحسه إنت اقرب واحده له من اخواتك
رفع نظره إليه
- او يمكن بيحاول يداري وجعه بقربه مني
رفع وجهه ووضعه بين راحتيه
- جاسر متخليش شيطانك يتحكم فيك، ابوك بيحبك اوي. هو بس موضوع خطف غنى كسره شوية، بس مستحيل تكون بتوجعه.

فوق لنفسك واوعى شيطانك يتغلب منك، ومش معنى إنه مشغول عنك الأيام دي يبقى خلاص إنت مش في باله
- تفتكر بابا مش بيزعل لما بيشوفني قدامه
ضرب كف بالاخر وتحدث بغضب
- إنت أهبل يابني، إزاي وهو هيموت علشان يرجع بنته. إزاي إنت بتوجعه، هو بس صعبان عليه إنه مش لقاها وشغله السبب في خطفها بس
قاطع حديثهما جواد حازم
- خيانة قاعدين من غيري يااندال
رفع عز حاجبه بسخريةوتحدث
- اه قاعدين بنحب في بعض تعالى حب معانا إنت كمان.

إلتفت جاسر إليهما هما الأثنين
- أيوة صح إيه بقى موضوع الحب ياخويا منك له، نظر لجواد بعمق وأردف
- شامم ريحة مش كويسة
لكمه عز ووقف ينظر لشرفتها التي ماتزال تضئ
- ولا دي أعراض متتكلمش فيها، وبعدين من شوية كنت بتعيط وقارفني، دلوقتي هتتسلى عليا، عندك جواد اهو شوفته مع بنت حلوة اوي إسئله مين دي.

نظر جواد بشرود للأعلى وتحدث: - دي بنت لسة جاية من طنطا، وعملت تاتش كدا مع بيجاد المنشاوي، وعاملة بلاغ عندنا قال إيه بيجاد بيراقبها
ضيق جاسر عيناه وأردف: - بنت من طنطا وتعرف بيجاد
وبيجاد رجع من السفر إمتى
وقف عز يضع يديه بجيب بنطاله ينظر لتلك الغرفة يود أن يتسلق إليها كي يشبع روحه من النظر إلى رماديتها التي سرقت النوم من عينيه ثم أردف
- جاسر إيه اللي مصحي رُبى لحد دلوقتي.

رفع جواد نظره سريعا لغرفتها وجدها مضيئة
اإتجه بنظره لجاسر ينتظر جوابه
تسطح جاسر على العشب مرة أخرى وتحدث
- بترسمك ياحمار منك له
رفع عز حاجبه بسخرية ثم ركله بقدمه
- ماتحترم نفسك يالا، ثم تذكر حديثه
- بترسم مين قولت: وضع يديه تحت رأسه وتحدث
- بترسم عيلة الألفي كلها عايزة تعمل بورتريه وتعلقه على البوابه الرئيسية وعليه صور العيلة كلها، أستأذنت من بابا وأذنلها
تحرك عز وجلس بجواره.

- هقولها تشيلك من الصورة، إنت عايز تترسم مع القطط
جذبه معتدلا
- تعرف ياعز الكلب إنت الوحيد اللي مش في الصورة. شوف بقى خفتك فين
كان يجلس بجوارهما ولكن قلبه وعقله عندها وحدها، استدار لجاسر وسأله
- هو خالي هيبات في إسكندرية، لم يكمل حديثه إذ استمع إلى اشعار رسالة له
فتح هاتفه وجد الرسالة من والده
- دا بابا بيقولي هيجي بعد يومين ابن عمو ريان في المستشفى
إنتبه له جواد وعز
- أنهي فيهم.

هز أكتافه، معرفش مقالش، قالي ابن عمو ريان بس
بالاسكندرية
قبل ساعتين
رجع بيجاد من عمله متأخر، ولكنه تسمر بمكانه عندما وجد اخيه مغشيا عليه وينزف من فمه
أسرع إليه وهو يصرخ بأسم والده
كان ريان بغرفته يتحدث مع زوجته فجاة أستمع لصراخ بيجاد، هبط سريعا درجات السلم، وجد مالك بحضن أخيه. يقوم بمحاولة آفاقته
أسرع إليهما
- اخوك ماله يابيجاد
نظر لمالك ثم لوالده.

- معرفش أنا رجعت لقيته كدا، دا بينزف يابابا من بوقه، اتصل بالاسعاف
حمله ريان سريعا إلى سيارته
صاحت نغم بصوته عليه عندما وصلت إليهما ولكنه كان قد اختفى بسيارته بلحظات
وصل للمشفى
أسعفه الأطباء، وقف بالخارج وجسده يرتعش عندما وجد حالة إبنه كذلك، وصل بيجاد وعمر ونغم إليه
خطت بخطوات بطيئة مهزوزة وجسدها يرتعش
- مالك فين ياريان، الولد ماله
جذبها لأحضانه عندما وجد إنهيارها.

- الدكتور بيكشف حبيبتي إهدي، هيطلع ويطمنا دلوقتي
ظل يتحرك ذهابا وإيابا إلى أن خرج الطبيب
وقف ريان أمامه وأردف متسائلا
- إبني ماله يادكتور
أصابه الهلع عندما وجد صمت الطبيب
- دكتور لو سمحت طمني على إبني
وزع الطبيب نظره إليهما
- الولد شارب مادة مخدرة عالية عملتله نزيف داخلى لعدم تحمله قوتها
والحمد لله انكم لحقتوه دا كان ممكن يروح فيها.

جلست نغم بمكانها كأنها فقدت النطق والحركة فقط ترتعش، جلس عمر بجوارها ضامما إياها بأحضانه
- ماما إهدي إن شاء الله هيكون كويس
أما ريان الذي وقف كالذي تلقى بصاعقة فوق رأسه، لا يصدق مايقال
رفع نظر للطبيب
- ممكن تعيد التحليل، اتأكد إبني مابياخدش أي مخدر أكيد فيه لخبطة في التحاليل
تحرك بيجاد لوالده ثم شكر الطبيب الذي أكد نتيجة التحاليل
جذب بيجاد والده.

- بابا لو سمحت إهدى خلينا نعرف نفكر إزاي مالك أخد الحاجات دي. دا مابيشربش سجاير
وقف مهزوز البنية عندما شعر أن الارض تميد به وأصبح قاب قوسين أو ادنى من فقدان وعيه مما أستمع إليه
نظر بتيه لولده
- اخوك مدمن. إزاي، دا أنا مش بفارقكم إزاي وصل للحالة دي
أشار بيديه برفض
- لا يابابا مالك مش مدمن، حضرتك مااسمعتش كلام الدكتور بيقول معدته مااتحملتوش علشان كدا حصل نزيف
مسح ريان على وجهه بعنف.

- لازم أدخل أشوفه لازم اتكلم معاه. أشوف مين دا اللي عمل فيه كدا
صباحا باليخت.

استيقظ مبكرا وجدها تغفو على صدره، كأنها لم تنم منذ زمن، مسد على خصلاتها مقبلا إياها، تبسم عندما تذكر ليلتهما المجنونة بالأمس، تنهد عندما تذكر حرمانه لأسرته من مسؤلياته الواجبة عليه وأولهم زوجته، رغم قربهما وعشقهما إلا أن حياتهما الزوجية كانت باردة فاترة، ليست وليدة العشق الذاتي بينهما، أصبح عشقهما يموت من جفاه لبعض الوقت ورغم إنهما زوجين عاديين ولكن الشعور بأمان وعشق كليهما كان يغيب لبعض الوقت.

أعدل جسدها على الوسادة، ثم أتكأ عليها بذراعيه ينظر إليها بعشق دُفن لسنوات بداخله ورغم مرور السنين إلا أنه حي لايموت
ظل ينظر إليهاثم نزل لمستواه ملتقطا كرزيتها بشغف حتى أفاقت من نومها، قامت بفتح عينيها وجدته قريبا منها جدا. رفعت يديها على خديه
- صباح الخير ياحبيبي
انزل لمستواها مرة أخرى
- صباح الحب ياعيون حبيبك. رفعها لأحضانه وهمس لها
- وحشتي حبيبك ياغزالتي
وضعت وجهها بعنقه.

- مش أكتر مني ياجود، من زمان أوي وأنت بعيد عني حبيبي
قبّل يديها وأردف حزينا
- مش من زمان أوي يازوزو هو أسبوع بس. بس شكلك كبرتي ياحبي وبقيتي بتنسي تعدي الأيام
ضحكت على شقاوته
- مش قصدي دا يامستفز، قصدي إحساسك اللي كان غايب عني. شوف إمبارح وشوف الأيام اللي عدت دي كلها وفرق ياجواد
قبّل رأسها قائلا بإعتذار
- آسف يازوزو مضغوط شوية في الشغل.

شعر بدموعها على صدره. رفعها ينظر لداخل مقلتيها، أعتدل سريعا ينظر إليها بخوف
- إيه لازمتها الدموع دي بس يازوزو
مسحت رأسها بصدره وتحدثت
- بتخبي عليا ياجواد. بتهرب، عارفة إنك بتهرب، بتحاول تشيل الحزن من جوايا. بس نسيت إني بعرف أقرأ عيونك كويس
عارفة إنك لسة مكسور وموجوع، رغم إن ربنا عوضنا برُبى بس نظراتك وأنت بدور عليها في البيت محدش فاهمها غيري
بعد فترة خرج بنزهة على الشاطى وهي بجواره.

امسك هاتفه وقام الاتصال بريان
-أيوة ياريان، مستنيك في مطعم ()
فجأة توقف عن الحديث عندما إستمع بصوت الطبيب
- اعدتلك التحاليل وبتبين ان الولد دمه فيه مخدر
- فيه إيه ياريان، تسائل بها جواد
إحنا بالمشفى، مالك تعبان
بعد قليل وصلا هو وغزل للمشفى
وقف جواد امامه تكاد تخرج مقلتيه من محجريها وقلبه اوشك أن يتوقف من فرط الألم على حالة ريان ونغم عندما عرف بما صار لمالك
رفع ريان هاتفه لجواد لقد تلقى رسالة من أحدهما.

- المرة دي قرصة ودن بسيطة المرة الجايةفيها موت إبنك منعرفش الدور على مين
سلام ياحضرة الدكتور
ضيق جواد عيناه واردف متسائلا
- يعني انا لو ماوصلتش للي حصل مكنتش هتقولي حاحة...
قبض على مرفقه
- إزاي تخبي على إنهم بيهددوك بسببي. إتجننت
عايزني اقولك إيه إنهم بقالهم سنين بيحاولوا يبعدوني عنك. وتهديدات بس عمري مافكرت إنهم يقربوا من ولادي. بعد ماعرفوا إني ساعدتك في الوصول لمرات عم غزل
صعق جواد من حديثه.

- دا يحصل من غير مااعرف ياريان ليه
صمت هنيهة يحاول تمالك أعصابه
- دول مافيا، عارف يعني إيه، يعني عندهم الدم زي المية. طيب أنا مضطر اتعامل معاهم علشان شغلى إنت مالك. يدخلوك ليه في اللعبة. ثم أستطرد بمهادنة
- هيموتوا على صفقة السلاح اللي اتمسكت على الحدود. كان لازم يردوا عليا. بس ماتوقعتش فيك أبدا
قطب حاجبه بدهشة وتسائل.

- إنت مالكش دعوة بالموضوع خالص. هو ممكن كنت في الأول جزء. هما عملوا كدا علشان رفضت اتعامل معاهم، وكمان ليا صديقة قديمة شغالة معاهم عايزة تنتقم مني
ورحمة ابويا لأندمهم مايعرفوش انهم بيلعبوا مع الشخص الغلط، قالها ريان بغموض
وقف عاقد ذراعيه بجواره ينظر بشرود فيما حدث
اتجهت غزل إليهما
- مالك فاق الحمد لله
اتجه سريعا إلى إبنه، أما جواد الذي قام الاتصال ب.

- باسم الولد اللي قبضنا عليه من يومين تبع الخليه، ابعته أمن الدولة خليهم بفوقوه، وعرف نشأت يتصل بضابط المخابرات
عايز أعرف مين له دخل باللي حصل لأبن ريان، قاطعه باسم
فيه موضوع لازم تعرفه ياجواد، محبتش أشغلك إلا لما أتاكد
تحرك جواد بعيدا عن غزل وأردف متسائلا
- فيه إيه
- فارس ابن صهيب، استمع باهتمام إليه
فارس واحد من برة بيكلمه عن طريق واحد صايع اسمه حسن داخل عليه بموضوع الأحتراف، قاطعه جواد بغضب.

- اخلص ياباسم وهات المهم
- الولد دا شغال مع المافيا بس مافيا بيع الأعضاء
. جلس مكانه كمن تلقى ضربة موجعة قصمت ظهره لنصفين وهشمت عظامه
- بتقول إيه، وفارس يعرف
- فارس مايعرفش. المشكلة مش فارس، المشكلة في عز، عرف ومش ساكت ابدا. أنا براقبه من بعيد، بس للاسف عرفوا إن عز بيدور وراهم وإنت عارف معنى كدا إيه
صعق من كلامه. واشتعلت نيران الغضب والانتقام بصدره لدرجة جعلته يتوعد لهم.

مسح على وجهه وحاول أن يهدأ من روعه
- سيب موضوع عز عليا. أنا هعرف أوقفه. عينك ماتغبش عن ولادي ياباسم وخصوصا ربى سامعنى، وجنى وتقى خلي بالك منهم كويس. أنا هسافر فرنسا يومين وراجع على طول جالي معلومة عن حاجة. عايز أتاكد منها
- تمام ياجواد. متخافش الولاد كلهم تحت عيني، زاهر مش مقصر.

بفيلا طارق عزيز
تجلس ممسكة هاتفها تنظر لصورها هي وصديقتها الوحيدة لبنى، تبسمت عندما خاطر ذهنها بعض المواقف، فجأة توقفت عندما وجدت صورته أمامها...
لمست صورته وقامت بتكبيرها
ابتسمت عندما تذكرت عصبيته وثوران غضبه أمامها عندما قابلته أول مرة بعدما وصلت للقاهرة
فلاش باك
- كانت على موعد صديقتها التي أرادت رؤيتها بعد علمها بوجودها بالقاهرة
كانت تقوم بركن سيارتها، أستدارت إذ بها تصطدم إحدهما.

رفعت النظارة على خصلاتها
-آسفة ولكنها قطعت حديثها عندما وجدته ينهي مكالمته مع احدهما
وقف ينظر إليها بتقييم
شعرت بأن دمائها تغلي من شدة الغضب بسبب بروده
مط شفتيه وقوس فمه ثم تحدث ببرود
- غنى هانم عندنا هنا يامرحبتين، ثم نظر حوله كأنه يبحث عن احدهم
- إنما صحبتك الحلوة فين مش معاكي يعني
إستشاط داخلها لا تعلم لماذا حزنت عندما قام بسؤاله عن لبنى، ايعني هذا إنه يهتم بأمرها، ابتلعت حزنها ورسمت ابتسامة سمجة ثم.

عقدت ذراعها و دنت منه وهمست له
- بقولك أي ياأسمك إيه، متقربش مني علشان اللي بيقرب مني بولع فيه
رفع حاجبه بسخرية، ثم اقترب منها
وفعل كما فعلت ولكن اقترب بمسافة أكبر حتى لايفصل بينهما سوى سنتيمترات
- اموت أنا في نارك ياجميل. ثم همس بصوتا اجش متناغم لايعلم كيف خرج منه
- أقُتٌربٍي لَأخِبٍرکْ أنِکْ سِعٌأدٍة لَقُلَبٍيِ وأنِأ دٍونِكّ لا أکْون...

ثم رفع نظره إليها عندما وجد خجلها من قربه، وأكمل: - لا بأس أميرتي. مرحبا بحياة. نلتقي فيها، كل يوم ألف مرة. دون لقاء.!
أرتدى نظارته واستدار ليغادر
- بيجاد قالتها بصوتا غاضب عندما وجدت حضوره الطاغي عليها بدأ يتحكم بها
توجه بنظره إليه، وهنا رعشة خفيفة أصابته لم يعلم ماهيتها عندما نادته
وقف يستمع إليها
رفعت سبابتها وأشارت له
- متحاولش تستفزني، وتخرج فيا البنت المجنونة.

أقسم لنفسه من طريقة حديثها إنها وحدها هي. هي التي غلب الشوق إليها
مهلا غنى سوف أعرف حقيقة رحيلك
ضربت قدمها بالأرض عندما وجدت صمته
رمقها مضيقا عينيه ثم أردف
- إنتِ مجنونة أصلا يابنتي، لسة هتخرجي جنانك. وعلى فكرة وحياة سيدي ابو العباس دي كلها صدف
اقترب خطوة ونزل بمستوى جسدها
- متخافيش الميعاد هيجي هيجي. بس للأسف مش فاضيلك الأيام دي
ثم تركها وغادر دون حديث آخر. ظلت تنظر لمغادرته حتى أختفى من أمامها.

خرجت من غرفتها وهي تزفر بملل
وجدت والدتها تتحدث مع إحداهن
إستمعت بإهتمام عندما تحدثت تهاني
- فيه دكتور إسمها غزل الألفي بيقولوا شاطرة وهي تخصص أورام، وكمان طارق يعرفها بيقولي دي كانت طالبة عندي. حجزنا عندها ولسة هروحلها بكرة لو مكنش كدا هنسافر ألمانيا
أقتربت منها حتى اصبحت قبالتها تماما لتطوق رقبتها بذراعيها وتبكي
- ماما إنتِ تعبانة، علشان كدا نقلنا القاهرة
هنا تذكرت فلاش باك.

ذات مساء رجعت من الخارج وجدت والدها يتحدث بحزن لوالدتها
ضيقت عيناها وتسائلت
- فيه إيه مالكم!
أزالت والدتها دمعاتها الخائنة، ثم ابتسمت لها
- مفيش ياقلبي. كنا بنتكلم عن سافرنا للقاهرة
قطبت مابين جبينها وأردفت متسائلة
- سفر القاهرة. انتوا هتسافروا تاني
اتجه طارق وجلس بجوارها ضامما إياها بأحضانه
- إحنا خلاص هننقل القاهرة حبيبتي
أنا اتنقلت تاني لجامعة عين شمس، كمان هحولك ورق الجامعة هناك.

أوكيه ياداد إعمل اللي يريحك، أنا عارفة مش بيفرق معايا المكان أد مابيفرق وجودكم في حياتي، ثم وقفت وإتجهت لتهاني
- بس ليه مامي حزينة. إيه ياتاهي مش هاين عليكي طنطا، بس متنسيش إننا مااقعدناش فيها خمس سنين على بعض
مسدت تهاني على شعرها بحنان أموي
- طنطا فيها ذكريات حلوة زيها زي تركيا كدا
مطت شفتيها وتحدثت
- والله ياتاهي إنتِ ينطبق عليكي مثل المرأة المصرية
لكمتها بخفة على كتفها
- أنا ست مصرية ياغنى.

ضحكت بصوتها الانثوي الناعم
- مامOf course
قالتها بشقاوتها المحببة لقلوبهما
عودة للحاضر
- لا ياقلبي مفيش دا مجرد تعب، عايزة أطمن على نفسي بس
ألقت نفسها بأحضانها
- ربنا يخليكي ليا ياماما يارب
بعد عدة أيام
تجلس بإحدى النوادي تتحدث بهاتفها
- قولي والله باباكي وافق إنك تنقلي القاهرة، أيوة مش مهم جامعة ولا بيت
أنا بحبه عمو دا أوي، مكنتش أتوقع بعد ماأكلمه يوافق، خلاص هستناكي أول السنة ياحبي.

أنهت إتصالها نظرت للإمام
جحظت عيناها مما ترى، هو ذاك الشخص
اتجهت سريعا. فمنذ عدة أيام قامت بعمل محضر ضده، وآلان هو يطاردها
لكمته بكتفه
- إنت بتعمل إيه هنا، مفيش مكان أروحه إلا لما آلاقيك فيه
نظرت سيلا التي حضرت معه لتقدم على وظيفة معيدة بالجامعة...
- مين دي يابيحاد
شهقت عندما وجدت أحدهما معه
أشار بيجاد لغنى وأردف بتسلي
- واحدة مجنونة يالولو سيبك منها، دي عايزة تروح العباسية.

أرتدى نظارته وأمسك بيدي إبنة عمته وتحرك
أسرعت غِنى إليه، وقفت أمامه
-هي مين دي اللي مجنونة، والله مفيش مجنون غيرك
زفر بغضب ثم نظر إليها من تحت نظارته ثم اقترب يمسك خصلاتها المتمردة على وجهها ووضعها خلف إذنها وهمس لها
- إهدى يابتوجاز، هتنفجر. ومفيش اللي يطفيك، وبعدين لمي شعرك اللي فرحانة بيه يخربيتك، هتخليني أشيلك وأحطك قبر وأخلص منك.

اهتزت نظراتها أمامه، وشعرت بتذبذب من لمسته إليها ورغم ذلك. نظرت لسيلا وتحدثت
- لمي البوي فريند بتاعك بعيد عني.
ضيقت سيلا عيناها وأردفت
- دي مجنونة فعلا يابيجو
ضم سيلا وتحرك مغادرا وهو يقهقه. نظر إليها بتسليه، محركا حاجبيه بطريقة طفولية قاصدا إستفزازها
ضربت قدمها بالارض كالاطفال وأردفت
- بارد ومستفز
رفع يديه من الخلف
- سامعك على فكرة
خرجت كالمطارد ولكنها فجأة اصطدمت بأحدهما
- آسف مااخدتش بالي.

زفرت وحاولت الهدوء
- يبقى بص قدامك. عقد حاجبيه ينظر إليها ويخترقها بنظراته، لايعلم لماذا
رفعت نظرها إليه
- إيه بتبص كدا ليه، بص تحت، دا إيه البلد اللي مفهاش حد محترم دي
أقترب إليها أوس وكاد أن يخنقها
- بت إنت ساحبينك من لسانك، لمي نفسك. أنا كنت بشّبه وبس
جتك القرف وإنتِ شبه عروسة المولد كدا
جحظت عيناها اتت لتتحدث، تحرك مغادر ولم يرد عليها وهي تسبه
بعد يومين.

في غرفة تمتاز بالهدوء وطبعها الرجولى والوانها الداكنة
يجلس امام حاسوبه يرتدي نظارته الطبية
دلف والده وهو يحمل كوب قهوته
- احلى فنجان قهوة لأنشط شاب في الدنيا. وقف سريعا متقدما، يتناول كوب القهوة من والده
اتفضل ياحبيبي، حضرتك اللي جايب القهوة بنفسك
مسد على خصلاته الحريرية
- ايه رأيك نرغي شوية
وضع خديه على كفيه ونظر بشقاوة لوالده
- سامعك ياحضرة اللوا، كلي آذان صاغية
- لسة مُصّر تدخل حربية ياياسين.

مامتك ياحبيبي مش موافقة خالص، ثم أكمل حديثه مفسرا
- والدتك عانت وتعبت كتير من الفراق، بلاش نتعب قلبها
اتجه بجسده لوالده
- يابابا فين إيمانكوا كل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا
لمس وجهه بيديه وتحدث لإقناعه
- إحنا عمرنا ماأعترضنا على قضاء ربنا، وزي ماقولت كل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا
بس الفراق صعب يابني. صعب أوي ربنا مايكتبه عليك ياحبيبي، أختنق صوته بالحديث.

أخذ نفس طويل خرج من رئتيه عندما سالت قطرة ضعف من عينيه كلما تذكر قرة عينيها
- لسة قلوبنا واجعانا ياحبيبي على أختك. بلاش توجع قلوبنا تاني
امسك أيدي والده بين راحتيه وقبلها
- بابا حبيبي. أنا من صغري نفسي أكون ظابط في الحربية. لو سمحت متحرمنيش من الأمنية دي، وهرجع أقولك كل مايصيبنا إلا ماكُتب لنا
اومأ جواد رأسه ثم وقف متجها لباب الغرفة، تقدم بخطوات هذيلة لا يعلم كيف يقنع زوجته بقرار ابنه.

في منزل عمر ومرام
كان الجميع يجلس يتناول الطعام بصمت قاطع صمتهم عمر عندما رفع نظره لزوجته
- مالكم ساكتين ليه
ثم اتجه لبناته وولده
-إيه الموضوع مزعلين مامي ليه
مطت ماسة شفتيها وتحدثت لوالدها
- مامي زعلانة من سيلا، علشان اتخانقت هي وعمر أبن خالي
ضيق عيناه متسائلا.

- وسيلا تتخانق مع عمر ليه، مش انتوا خلاص اتفقتوا على كل حاجة، دا خطوبتكم وكتب الكتاب بكرة، مينفعش نأجله. دا اتأجل كذا مرة، وأنا شايف مالك بقى كويس
زفرت مرام بسأم وتنهدت
- عمر عايز يسافر ياخد الدكتوراه من انجلترا، عايز يعمل الفرح بعد أسبوعين وياخدها معاه وسيلا رافضة
أغمض عيناه وسحب نفسا طويلا.

- سيلا حبيبتي لازم توقفي معاه، مش توقفي ضده هو شايف تعليمه برة هيفيده يبقى أحسن دا لو إنت بتحبيه فعلا وبعدين دا جوزك يبقى تسانديه يابنتي
وضعت محرمة الطعام على المائدة ثم هبت واقفة
- آسفة يابابي بس تعبانة وعايزة ارتاح ممكن نتكلم بعدين.

في فيلا ريان
نظر لولده بقيلة حيلة ثم أردف
أنا حجزتلك إنت ومالك هتسافر مع عمر. كملوا تعليمكم برة
قاطعته نغم
- إيه اللي بتقوله دا ياريان عايز تبعد التلاتة عني
مسح على وجهه بعنف وحاول أن يهدي من روعه حتى لا يغضب عليها، إلتفت لحمزة
- روح على أوضتك بعدين نتحاسب
اومأ له ثم تحرك دون حديث متجها لغرفته
أسرعت تقف أمامه تتحدث بغضب.

- فيه إيه ياريان اللي شقلب حالك كدا بقيت تقسى على الولاد ليه، وكمان أخدت منهم الكريتيد كارت ليه...
لا أنا ولادي مش هسيبك تتحكم فيهم كدا
قالتها متحركة إتجاه غرفة حمزة
- حدجها بنظرة مرعبة وتحدث
- سبيني أعرف أربي الولاد يانغم، الولاد بدلعك هضيعيهم
اتسعت عيناها من كلاماته
- أنا ياريان هضيع العيال، إنت مش شايف نفسك بقيت بتعاملهم ازاي.

- ايوة إنتِ نسيتي إبنك اللي كان هيموت في لحظة، عايز ابعدهم من الجو دا، ويتعلموا برة افضل. حمزة سباق الدرجات هيجننه، يمكن لما يبعد يتغير ويعرف مصلحته
عقدت ذراعيها
- بس أنا مش موافقة ياريان، حمزة لسة صغير. دا خمستاشر سنة بس.
تحرك مغادراً قبل أن يفقد أعصابه
في فيلا صهيب وخاصة بحديقة الفيلا بحمام السباحة
كان يمارس سباحته بشراسة كأنه يخرج مايؤلم روحه، فكلما تذكر حديث جاسر يشعر بنيران قلبه.

- ماذا يفعل آلان. هل يتركها لغيره
ولكن كيف يتركها وعشقها يتسرب بوريده. وماذا سيكون رد فعل جواد وعمه
أغمض عيناه وحاول أن يتنفس بهدوء عندما شعر بإنقباض صدره
وقف واضعا يديه بجيب بنطاله ينظر لولده. يعلم مايؤلم روحه ولكن ماذا سيفعل، هل سينصفه القدر
خرج عز يهز جسده حتى تناثرت قطرات الماء حوله، رافعا يديه يرجع خصلاته للخلف، تفاجأ بوجود والده
- بابا قالها متفاجأ
واقف كدا ليه، استدار صهيب مواليه ظهره.

- عايز أعرف ابني الكبير ماله زعلان ليه
تحرك عدة خطوات يحاول إنهاء الحديث
مفيش حاجه ليه بتقول كدا
إقترب صهيب يحاوطه بنظراته
- نسيت إن أبوك دكتور نفساني يالا
ابتسم بخفوت
- مش عليا ياحضرة الدكتور، عندك فارس وجنى طبق عليهم
ضمه والده من أكتافه
تعالى نتكلم شوية
بغرفة الرياضة
كان يمارس رياضته المفضله التنس مع إخته ربى، وقف يمسك منشفته ويقوم بإزالة عرقه.

نظر لربى التي تحاول أن تأخذ أنفاسها، ولكنها لم تقو، تغير لون بشرتها فجأة وأصبح شحابا كشحوب الأموات
أسرع إليها ورفعها بساعديه القوية عندما وجد جسدها يترنح لتسقط على الأرض
ضمها لأحضاته وحاول إفاقتها
- ربى حبيبتي إيه اللي حصل
اغمضت عيناه عندما شعرت بغمامة سوداء ولم تقو على الحديث
حاولت التحدث. نزل بجسده عله يسمعها
همست له
- أوس متقولش لبابا وماما، خدني على أوضتك. ثم غابت عن الوعي نهائيا.

بغرفة مكتب جواد بمنزله
ينظر لبعض المعلومات التي وصل إليها، بعد محاولات كثيرة وتأكده منها، هب واقفا متجها إلى فيلا صهيب
دلف لداخل الحديقة وجد صهيب يجلس مع عز، اتجه إليهما متسائلا
- فين حسن ياعز، بتلعب من ورا عمك يالا.
نتشارك الأنفاس
نتقاسم خيوط الشمس
ونهيم من انسجام روحنا.
وتذوبين في وأذوب فيك.
وندع الشوق يعطى كل ذى حق حقه
حملها اوس سريعا ودلف بها إلى غرفته، قام بتبديل ثيابه سريعا. ثم قام الإتصال بجنى إبنة عمه
- جنى تعاليلي فورا بس متخليش حد ياخد باله
هبت واقفة بعدما كانت تتحدث مع والدتها وركضت للخارج ثم همست له
- في إيه ياأوس
اتجه بنظره لأخته وجسده يرتعش خوفا عليها.

- رُبى أغمى عليها ومش عارف أتصرف وهي بهدوم البيت، وماما مش موجودة لسة مرجعتش...
تخطت سريعا مردفة لوالدتها
- مامي هروح اشوف رُبى عايزة إيه. ثم تحركت سريعا للخارج. وجدت جواد يقف مع والدها وعز، أسرعت سريعا لفيلا عمها ولكن التقطتها عين عز
- جنى صاح بها عز بصوتا مرتفع مما أدى لإنتباه جواد وصهيب
تسمرت مكانها وظلت تواليه ظهرها
نظر صهيب وتحدث
- بتجري كدا ليه ياحبيبتي
استدارت تفرك بيديها ولم تعلم بما تجاوبهما.

اقترب عز إليها عندما شعر بوجود خطب ما حينما وجدها تسرع بشعرها لخارج الفيلا دون إرتداء حجابها
نظر إليها بعمق. حيث كانت نظراته ثاقبة ثم أردف
- رايحة فين وبشعرك كدا، تلعثمت بالكلام وأردفت
- كنت رايحة أشوف رُبى، قالتها دون النظر له
شعر بدقات عنيفة داخل قفصه الصدري. نطق اخيرا بصوتا كاد أن يخرج متزنا.

قطب جبينه ثم تسائل: - رايحة كدا بشعرك. ولاد عمك هناك دلوقتي، وأكمل مفسرا لسة شايف جاسر، وكمان أوس جاي من فترة
ظلت تفرك يديها وتهرب بنظراتها حتى لا تلتقي بعينيه
- ماهو. ماهو.
دقق النظر بعمق إليها ثم نظر بتمعن وترقب
- ماهو إيه إنتِ بتهتهي ليه، أخيرا رفعت نظرها إليه
- يوه ياعز يعني أخلص من جاسر تطلعلي إنت، طيب هو ظابط إنت إيه
رفع حاجبه بسخرية وأردف.

- إعتبريني ظابط إيقاع ياختي، بتوهي ليه، رايحة فين يابت بشعرك دا
قاطعهم إتصال أوس، نظرت للهاتف ثم لأخيها الذي شك بأمرها
جذب الفون سريعا ناظرا إليه، ارتفع ضغط دمه عندما وجده أوس، فتح الخط سريعا
- إيه ياجنى ساعة لما تيجي، بقولك ربى هتموت عايزة أروح المستشفى ولازم حد يغيرلها، اخدها أزاي بالترنج دا
ببطئ بدأ يخفف ضرواة ذراعيه من حول إخته. عندما إرتجف قلبه بعدما إستمع لحديث عز الذي أثار نيران صدره.

- مالها رُبى ياأوس، قالها بقلب مرتجف قبل لسانه
أرجع عز خصلاته للخلف
- جنى قالتلك، صرخ بصوته مما جعل جواد يتجه بنظره إليه
- بقولك مالها رُبى؟
إنتفض جواد بجلسته واتجه سريعا يخطو مهرولا لمنزله، لم يرى أمامه سوى تلك الليلة المشؤمة وخطف إبنته، لم يشعر بما يدور حوله يتمنى أن يصل إليها خلال خطوة واحدة، دلف سريعا ومازال يسرع
قابله جاسر الذي يحمل كوب قهوته خارجا لحديقة المنزل، ولكن جحظت عيناه من مظهر والده.

وقف أمامه وحاول الحديث
- بابا مالك بتجري كدا ليه
ابتلع ريقه الجاف قائلا بلهجة خوف وهو يتحرك
- اختك فين ياجاسر؟
تصنم جاسر بوقفته
- قصدك مين، صعق من سؤاله، ابتلع غصة بحلقة عندما تذكر غِنى ورغم ذلك وقف وسأله: -إنت عندك كام أخت يلا. حدجه بنظرة نارية ثم تحرك سريعا عندما وجد عز وصهيب يهرولوا إتجاهه
دلف إلى غرفتها يبحث عنها بقلب أب مفطور على خوفه من فقدان إبنته
ذُهل عندما لم يجدها بغرفتها.

تحرك سريعا ينادى على الخدم بالمنزل
إستمع أوس إلى صياح والده وسؤاله على إخته، خرج سريعا إلى والده.

- بابا ربى عندي في الاوضة، أسرع بخطوات مهرولة إليه، أعتصرت الذكريات قلبه الذي مازال ينبض بالألم الذي لم تستطع السنين إخماده
دلف للغرفة ودقات قلبه تتقاذف بعنف داخل قفصه الصدري. فيما انسحبت أنفاسه عندما وجدها على فراش أخيها بتلك الهيئة التي أدت إلى شحوب يوازي شحوب الأموات، أسرع إليها
أختك مالها ياأوس، قالها عندما حملها سريعا خارجا من غرفة أوس، قابلته جنى بإسدالها، ثم اردفت عمو لبسها دا.

وصل صهيب الذي نظر بحزن لرُبى التي يحملها والدها. وهي لا حول لها ولا قوة
أنزلها سريعا إلى سيارته. حاول صهيب الحديث إليه ولكنه كأنه فاقد السمع والنظر
وجد عز ينتظره أمام السيارة
إستدار مكان القيادة وقام بقيادتها بسرعة جنونية والحزن والألم كالنار التي تتآكل بصدره، من مظهرها الذي يُعتبر كالأموات
جلس ضامما إليه بقوة. كأنه سيفقده
مسد على خصلاتها مقبلا رأسها.

- مالك ياقلبي إيه اللي حصل. ثم نظر إلى الذي يجلس خلف القيادة ولا يتحدث، وكأنه يعلم بما أصابها، ولكن ليس الوقت للحديث إليه
وصل المشفى خلال دقائق
أسرع المسعفون إليها، قابلته غزل التي تستعد للرحيل
وقفت أمام جواد وعز بجسد مرتعش
- فيه إيه إنتوا بتعملوا إيه هنا دلوقتي
تركهما عز الذي أسرع خلف المسعفين، بينما نظرات جواد خلف إبنته التي لم تلاحظها غزل
حاوطها بذراعيه وتحرك بها حيث غرفة الكشف.

- تعالي حبيبتي متخافيش، دي رُبى اغمى عليها وجاين نشوف، لم يكد ينهي حديثه
شهقت بزعر ونظرت إلى دلوف عز خلف المسعفين، أسرعت خلفهما. خرج عز للكشف على رُبى
وقف أمام الغرفة، يشعر ببرودة قويه تجتاح جسده خوفا عليها، لم يستطع كبت دموعه من مظهرها المبكي لقلبه
وصل جواد إليه وحاوط جسده عندما وجده بتلك الهيئة الحزينة عندما دلفت غزل خلف إبنتها.

- هتبقى كويسة ياعز، تلاقيها بس ماأكلتش النهاردة، او منمتش ودا أرق مش أكتر، كانت تلك الكلمات التي حاول أن يطمئن نفسه قبل عز
بصعوبة نظر لوجه عمه أخيرا ودموعه تتسابق كلماته
- عايز أطمن عليها لو سمحت ياعمي، شوف طنط غزل، ليه اتاخروا كدا
وصل صهيب وجاسر وأوس وجنى عند خروج غزل من الغرفة، أسرع جواد إليها
- البنت مالها، خرجت رُبى إلى أحد الغرف الخاصة بالمشفى على الفراش المتحرك.

تحرك عز وجنى خلفها حتى وصلت لغرفتها
جلست غزل توضع رأسها بين راحتيها وتشعر بالدوار يحتل كيانها
دلف جواد للطبيب المسؤل عن حالتها بعدما وجد حالة غزل
- البنت مالها يادكتور
أشار الطبيب له بالجلوس
- إهدى ياحضرة اللوا، البنت كويسة. شكله تعب نفسي هو اللي وصلها للمرحلة دي
ثم صمت للحظات وتحدث مردفا.

- انا مرضتش أقول للدكتورة غزل حاجة بس هي أكيد لاحظت، البنت عندها نسبة بسيطة من نقص الأكسجين. ودا بسبب ألم بصدرها أو قلبها ودا من خلال الفحص المبدئ، ثم أكمل مستطردا
- إحنا هنخليها الليلة تحت الملاحظة. عايز أتأكد من حاجة
قطب جواد جبينه
- مش فاهم حاجه ممكن تفهمني أكتر
نظر الطبيب إليه وأردف بهدوء
- لحد دلوقتي اللي أقدر اقوله مرض نفسي. شوف إيه اللي زعلها الفترة اللي فاتت دي
ضيق عيناه وتحدث
- والزعل يوصل لكدا.

واكتر ياحضرة الضابط، معظم الامراض بتيجي من الزعل ماتنساش إنها صغيرة وقوتها على التحمل ضعيفة، ورغم كدا هقولك أنا لسة هعمل فحوصات علشان أتأكد من كذا حاجة
قاطعه جواد بصوت مرتجف
- حضرتك شاكك في إيه بالضبط
وقف الطبيب وجلس أمامه وتحدث بطريقة عمليه
- تحول لون البشرة دا قلقني شوية بس. عايز أشوف
فيها حاجه في القلب او الرئة بس، ثم اكمل حديثه
- دا اللي قلقني غير كدا كله تمام.

نصب جواد عوده ووقف متجها للخارج وهو يكاد يتنفس بصعوبة. شعر بوخز قوي بقلبه على ماأصاب طفلته
اتجه لغرفتها وحديث الطبيب يساوره
- شوف ايه اللي زعلها، تحرك وجد عز يجلس يضع رأسه بين يديه بالخارج والجميع بالداخل، نظر إليه ثم تحرك لغاليته وجدها مغروزة بالإبر والمحاليل، غزل تجلس بجوارها من ناحية والناحية الاخرى جنى وأوس، وصهيب يقف أمام النافذة ينتظر جواد للأطمئنان
إتجه جواد إليها وقف أوس تاركا المساحة لأبيه.

قبل جبينها وتحدث بصوتا حزين
- ألف سلامة عليكي ياروح أبوكي
فتحت عيونها تنظر حولها
- أنا فين، أوس قالتها بصوتا مؤلما يكاد يسمع.

مسدت غزل على خصلاتها
- إنتِ في المستشفى ياحبيبتي، كدا ياربى تخبي على مامي إنك تعبانة، إستدارت لوالدها الذي ينظر لها ولا يتحدث ثم أردف لأوس
- نادي على عز من برة ياأوس، اقترب صهيب يقبل جبهتها
- حمدالله على سلامتك ياعمو، بينما جاسر أخيها جلس بجوار والده.

- كدا ياروبي تخوفينا عليكي، كل هذا وجواد صامت لم يتحدث، دلف أوس ثم عز. اتجهت بنظرها إليه كأنها لم تشعر بمن حولها فقط نظراتها له، انسدلت عبراتها عندما تقابلت النظرات بينهما
وقف أمام الفراش وتحدث بصوتا حزينا
- الف سلامة عليكي يارُبى، إستدارت بنظرها إلى الجانب الاخر ولم تجيبه
هنا أغمض جواد عينه عندما أتقن إلى سبب ماوصلت إليه أبنته
كله يطلع برة علشان ربى ترتاح، ثم رفع نظره لصهيب الذي شك بالموضوع.

- خد الولاد وروح ياصهيب وأنا وغزل هنفضل مع ربى. خرجت الكلمات من فمه غاضبة
نظر صهيب لعز الذي نظر للأرض ثم اتجه بنظره لجواد
- تعالى ياجواد عايز أتكلم معاك الأول
مسح جواد على وجهه وتحدث بضعف
- مش وقته ياصهيب، حقيقي تعبان، رفع نظره إليه
- روح إنت علشان جنى وكمان نهى دلوقتي قلقانة، وسيف زمانه رجع هيقلق لما يلاقيش حد مننا
أومأ صهيب له ثم تحدث
- شوية ياجواد نطمن على البنت وبعد كدا هنمشي.

ظل واقفا ينظر إليها وهي تتهرب من نظراته...
خرج من غرفتها ينظر إليه بمقت، كان يقف بجوار والده وجاسر
خطى بعض الخطوات ثم اتجه بنظره إليه
- تعالى عايزك
أغمض عيناه وسحب نفسا عميق وكأنه يملي صدره قبل صدامه بعمه
زفر جواد بضيق ثم وضع كفه على شعره وأرجعه للخلف بحركة تنم عن مدى غضبه
وقف ينتظره بحديقة المشفى وهو يشعل سيجاره. شعر بوجوده خلفه، أستدار ينظر بمقلتيه بتمعن وترقب ثم أشار بسبابته.

-سؤال واحد وبس وعايز إجابته
-إيه اللي وصل رُبى للمرحلة دي
إهتزت نظراته أمام عمه فلم تسعفه الكلمات. جلس جواد ينتظر حديثه
ظل صامتا لبعض اللحظات كأن الكلمات هربت ولم يعرف الحديث، ثم اغمض عيناه وسحب نفسا عندما حدثه جواد
- هنفضل طول الليل مستنين، عايز أروح اطمن على بنت عمك يابشمهندس
اخيرا تحدث بصوتا متهدج حزين
- آسف ياعمي، أنا مش هقدر أكمل مع رُبى، لسة صغيرة وأنا محتاج اللي تقويني
ونرسم أحلامنا مع بعض.

خرجت الكلمات كالسهم الذي نفذت لصدر جواد ليخترقه بل يحرقه
ابتلع جواد غضبه ورسم إبتسامة سمجة على ملامح وجهه على غير عادته في تلك المواقف
ثم رفع يديه وأشار كعلامة عيد الكلمات مرة اخرى
رد بصوتا جاهد أن يكون متزنا نعم فهو يختنق من شعوره بفقدانها، استطاع التقاط أنفاسه ثم اخذ شهيقا عميقا وزفره ببطء ورد قائلا: - إيه اللي مش مفهوم من كلامي ياعمو.

لما قعدت مع نفسي شوفت إننا ماننفعش لبعض. والحمد لله إحنا لسة في البداية
- قولت إيه لرُبى، قالها بهدوء مريب رغم إحتراق صدره، اتجه ينظر داخل مقلتيه بقوة
- روحت قولت إيه لبنت عمك ياحضرة المهندس علشان يوصلها لكدا، ماهو مش معقول بنت جواد الألفي هتبكي على واحد ندل إلا إذا وجعها أوي بالكلام.

شعر هنا بأنين روحه. شعور يحتل كيانه كيف سيقص لعمه ما قاله لها، ورغم ذلك تحدث بجبروت: - هو أنا ندل لما أفكر في حياتي الخاصة واشوف سعادتي مع اللي يسعدني ياعمي
لكمه جواد بصدره بقوة
- أيوة لما تعشم بنات الناس وترجع تخل بوعدك يبقى ندل، لما تحسس عمك إنك اد وعدك وراجل وانت بتلعب عليه تبقى ندل ياابن اخويا.

لما تلعب بعقل بنت صغيرة وتعشمها بحبك وتخليها تبني أحلام على رمال وهمية وبعد كدا تنهار وتكرّهها في الرجالة تبقى ندل
ولاه عز ظهره وأغمض عيناه قهرا وألما من حديث عمه ثم أردف
- ليه ياعمي دا كله علشان حبيت واحدة غير بنتك بجد، طلعتني ندل
ساد صمتا مقتولا بينهما، ثم فجأة صفعه جواد بقوة ورفع سبابته أمامه
- اشوفك جنب بنتي هنسفك سمعتني ياعز.

ألمح طيفك في بيتي هموتك ياعز، إنت في يوم كنت إبني مش ابن اخويا بس النهاردة اكدلي إنك بذرة شيطاني
ودلوقتي إمشي من وشي مش عايز أشوفك مرة تانية
بالأعلى جلست غزل بجوارها تمسد على خصلاتها، وبمقابلتها جنى وأوس وجاسر، بينما صهيب الذي توقف أمام النافذة ينظر للخارج وقلبه يئن ألما
حمحم أوس متسائلا
-ماما شكلك تعبان ممكن تروحي ترتاحي وأنا هفضل مع بابا هنا، هزت رأسها رافضة حديثه
-أنا مش تعبانة ولا حاجة ياحبيبي.

قوموا روحوا، اتجهت بنظرها إلى جنى وأشارت عليها
-وجنى كمان شكلها تعبانة. نهضت جنى متجهة إليها
-لا ياانطي أنا كويسة. بس رُبى صعبانة عليا اوي
اتجهت لاوس وجاسر ثم نادت على صهيب
-صهيب خد الولاد وروحوا لازم رُبى تفضل تحت الملاحظة أربعة وعشرين ساعة.
تحرك متجها إليها
-انا هفضل معاكم ياغزل مستحيل اسيبكم هنا وأمشي، اتجه لجاسر وأوس
-انتوا ارجعوا على البيت وخدوا جنى معاكم، زمان عز رجع
ضيقت غزل عيناها وتساءلت.

-عز هيرجع من غير مايجي يطمن على رُبى، جلس صهيب بجوارها يمسد على خصلات رُبى
-بعدين هيجي يطمن بعدين ياغزل، المهم هي تكون كويسة
توقف أوس يبسط يديه لجنى الصامتة
-يالة ياجنجونة نروح والصبح يبقى نيجي تاني. ردت غزل قائلة
-حبيبي اختك كويسة، مالوش لازمة جيتكم، وعمك صهيب معانا
أمسكت بكف أوس وتحركت للخارج، اتجهت غزل بانظارها لجاسر
-قوم روح مع اخوك ياحبيبي قاعد كدا ليه
تحرك بالمقعد ينظر لأخته ثم اتجه بنظره إلى عمه.

-ايه ال حصل بين عز ورُبى ياعمو. ذهلت غزل من حديث جاسر ولم تكف عيناها عما تفيض به من خوف، اتجهت بنظرها لصهيب وبللت حلقها محاولة الحديث
-هو فيه حاجة حصلت بين الولاد ياصهيب
دلف جواد ووجهه عبارة عن لوحة من الألم والحزن بآن واحد
جلس على اقرب مقعد وهو يكاد يسحب أنفاسا لتنظيم دقات قلبه
نهضت غزل متجهة إليه تحتضن وجهه
-جواد مالك، وشك مخطوف ليه كدا؟!
أشار بيديه إليها.

-انا كويس حبيبتي، يمكن عشان طلعت السلم مش ركبت الاسانسير
سلط عيناه على صهيب الذي هرب بنظراته بجميع أركان الغرفة فاتجه لابنه
-قوم روح مع عمك ياجاسر، قعدتكم مالهاش لازمة
اجابه صهيب سريعا
-لما اقعد فوق دماغك يبقى اطردني، قالها وتحرك سريعا للخارج. أشارت غزل لأبنها بالتحرك خلف عمه
ثم استدارت تضم زوجها وتربت على أكتافه
-عز مزعل ربى، صهيب مالوش دخل ياجواد صح ولا ايه
ربت على كفيها وتنهد بوجع.

-ايه ال بتقوليه دا، معقول ياغزل انا بالتفاهة دي
رفعت ذقنه ونظرت لمقلتيه
-ايه ال حصل بين عز وربى ياجواد
مسح على وجهه وأشار لبنته الغافية
-بعدين ياغزل، المهم نطمن على البنت
بعد عدة ساعات رجع جاسر إلى منزله، كانت تجلس بجوار مليكة وجواد حازم، رأته أشارت لعمتها
-جاسر جه اهو. توقفت مليكة متجهة إليه سريعا
-حبيبي اختك عاملة ايه، نظر لتلك التي تجلس ولم تعريه اهتمام فأردف.

-كويسة ياعمتو. دنى جواد وقلبه يزداد دقاته متسائلا
-انا كنت رايح بس خالو قال إنهم راجعين ومرجعوش ليه
ربت جاسر على كتفه
-هتخلص المحلول وهيرجعوا، بعد اذنكم أنا تعبان وعايز ارتاح
قالها وتحرك للداخل
بعد مرور عدة أيام عادت رُبى إلى المنزل، ولكن كانت تلازم غرفتها، لم يخبر جواد غزل بما صار، سافر جواد لمدة أسبوع خارج القاهرة لضرورة عمله.

مساء كان يجلس بالحديقة أمام غرفتها علها تخرج كسابق عهدها
تذكر ذاك اليوم الذي قلب سعادته إلى تعاسة وج حزن
رجع من النادي وجد عمته تجلس مع والدته وتتحدث
- بقولك يانهى فيه موضوع عايزاكي تساعديني فيه
ابتسمت نهى وأردفت بيقين
- لو بإيدي حاجة يامليكة أكيد مش هتأخر
- إيه رأيك في رُبى بنت جواد لجواد
جحظت عيناها وأردفت بسعادة
- بتهزري مش كدا. عايزة تقوليلي إن جواد بيحب رُبى
هزت مليكة رأسها بإبتسامة.

- بيحبها أوي يانهى. عايزة أفاتح غزل بس زي ماانتِ شايفة غزل بتيجي متأخر وكمان جواد على طول مش موجود وسفرياته الكتيرة، فقولت أخد رأيك
ضحكت نهى بصخب وتحدثت بسعادة
- الولاد كبروا يامليكة وهيكبرونا معاهم، وعلى فكرة جواد إختياره ممتاز
ربى بنت جميلة ونفسها عزيزة جدا، من الأخر ولاد جواد كويسين متفكريش كتير
تنهدت مليكة بإرتياح وتحدثت.

- طيب فارق العمر بينهم ممكن جواد يرفض بسببه، جواد بيقولي لو مجوزتش رُبى مش هتجوز حد تاني. جواد بيحبها أوي يانهى فوق ماتتخيلي
تحدثت نهى بتهكم
- شكلك نسيتي يامليكة مين جواد وغزل ولا إيه، دا مصر كلها عرفت قصة العشق المستحيل بينهم بسبب فارق السن نسيتي ولا إيه، ثم أكملت
- دا غزل كانت بتقوله يابابا، هتيجي تتكلمي في سبع سنين بينهم، دا مش فارق سن أصلا يابنتي
ربتت مليكة بحب على يد نهى.

- ربنا يطمنك يانهى زي ماريحتي قلبي
خلاص هستنى حازم لما يرجع ونروح نتقدملها
كان يقف بالخارج وأستمع لحديثهما الذي شق قلبه لنصفين، حينها شعر بإنسحاب روحه من جسده
خرج بهدوء للحديقة علّه يجد بعض الهواء الذي شعر بإنسحابه من حوله، وأصبحت الأرض تميد به وأصبح قاب قوسين أو أدنى من فقدان وعيه، وشعور بضعف الدنيا يحتل كيانه عندما تذكر حديث مليكة عنها
جلس على أقرب مقعد يلتقط أنفاسه، ونيران بصدره تحترقه بالكامل.

وصل جاسر حيث جلوسه
- ماله الغزال مش رايق النهاردة ليه. بقالي كتير بناديلك مابتردش غير شايف حمام السباحة فاضي
ظل ينظر بشرود وكأنه لم يستمع لحديثه ورغم شعوره بآلام تنخر بجسده بالكامل
رفع نظره لجاسر وتحدث بصوتا مكتوم
- جواد بيحب رُبى أختك، جلس جاسر بجواره مضيقا عينيه ثم أردف
- مين اللي عرفك، أنا لسة عارف بالصدفة من يومين...
استدار ينظر إليه وتكاد مقلتيه تخرج من محجريها وقلبه أوشك أن يتوقف من فرط الألم.

- عرفت بالصدفة إزاي، شوفتهم مع بعض ولا إيه
لم يلاحظ كسره وحزن صوته، أجابه بهدوء رغم استشفافه لحالته
- كان بيسبح وكنت عايز تليفونه، طلبته منه ولما فتحه شوفت صورة رُبى وكان كاتب عليها
ولم يكن القلب ينبض إلا بوجودك. وإذا رحلتي رحل نبضي
قالها جاسر وهو ينظر بشرود بجميع الأنحاء عندما شعر بالحزن عليه لأنه شعر بوجود شعور لديه لأخته.

تسلل الرعب لقلب عز من كلمات جاسر. هب واقفا متجها لسيارته، حاول جاسر الحديث معه ولكنه قاد سيارته بسرعة جنونية والحزن والغضب يعمي بصره وبصيرته. شعور الغيرة احتل كيانه. وشعر بنيران تغلى بأوردته تساقطت دموعه بغزارة عندما عجز عن البوح بما يشعر به
بعد مرور عدة أيام كان يجلس بالحديقة يقوم بإشعال سيجارة، وقفت جاحظة عيناها مما ترى، هرولت إليه سريعا ثم سحبتها من يديه بقوة ثم ألقتها.

- أي اللي بتعمله دا ياعز إتجننت
رمقها بنظرة نارية ثم تحدث بغضب لأول مرة لها
- إزاي تتجرأي وتمدي إيدك وتاخدي حاجة مني بالطريقة دي
ارتجف جسدها كليا من نظراته وحديثه الشرس لها، ارتعشت شفتيها وتحدثت بحزن
- الكلام دا ليا أنا ياعز
ولاها ظهره وابتلع غصته التي تلهب حلقه.

- اومال في حد تاني معانا، إياكي تسمحي لنفسك تاني إنك تمدي إيدك وتاخدي حاجة مني، وبعد كدا تناديلي زي مابتنادي لجاسر وجواد واوس، استدار ينظر لمقلتيها بقوة حتى يقضي على شعور الرأفة به
- إنتِ لسة عيلة مش مسمحولك تتخطي حدودك مع اي حد مهما كان
فرت دمعة من عينيها تسيل فوق وجنتيها وضعت كفها المرتعش عليها وأزالتها
ثم تحدثت ما أحرقه بالكامل
- وأيه كمان ياحبيب قلبي. قول وموتني بكلامك.

أنتفض جسده من كلماتها وأخفى عيناه الحزينة بنظارته الشمسية السوداء وابتسم بسخرية واكمل حتى قضى عليها بالكامل
- لا ماأنا نسيت أقولك ياروبي، مش أنا اكتفشت إني كنت بعيّل، ودلوقتي فكرت صح وحبيت واحدة بمستوى تفكيري وبينا سنتين بس، يعني تفهمني من نظرة، مش عيلة لسة في ثانوي وكمان بينا ست سنين كتير عليها لما تفهمني، طيب دي أتجوزها أعلمها ولا، ثم نظر لها بسخرية.

- روحي اكبري شوية وبعد كدا شوفي حد قدك حبيه لو فعلا تعرفي يعني إيه حب
هنا رعشة أصابت جسدها بالكامل ولكن رعشة موت، ليت ربها يستجيب لها ويزهق روحها بالحال كما زهقها هو بجبروته
تحركت لمنزلها دون حديث، تحركت كالتائه المشتت الذي لا يشعر بما حوله، حتى شعرت بجفاف دموعها، فلم تبكي ولم تتحدث، دلفت لغرفتها وسقطت بجسدها على الفراش كطفل صغير يحاوط نفسة، آهة حارقة خرجت من أعماق قلبها.

والأصعب عليها عدم بكائها كأن الشعور والاحساس أختفى ولم تعرف عنه شيئا، أغمضت عيناها وذهبت بسبات عميق تمنت بعده ألا تفيق ابداً منه عندما شعرت بوخزات داخل قفصها الصدري، ورغم شعورها بالألم إلا إنها غفت بالكامل
فاق من ذكريات أيامه الاليمة
كاد يموت عندما منعها عمه عليها، يشعر بوخزات اليمة بصدرة. أيعقل أن نظرة عيناها تعطيه رغبة في العيش والحياة. يتنفس لأنها تتنفس بجواره.

إلى هنا لم يشعر بنفسه إلا وهو يذهب لمنزل عمه
بالاسكندرية
يجلس ريان بجوار عمر
- العيال دي منحوسة آه والله كل مانحدد على كتب الكتاب تحصل مصيبة، ألقى مابيديه على المنضدة
- جواد هيرجع النهاردة من فرنسا. وكمان إلياس كلمني وهيرجع أخيرا
ضيق عمر عيناه
- اخيرا وحشنا والله الباشمهندس، قالك إيه أخبار الشغل في انجلترا ولا إيه، أيام الشقاوة وحشتني ياريو
قهقه ريان عليه ثم وضع يديه على المنضدة أمامه ونظر لعمر وأردف.

- إلياس مش بتاع الحاجات دي يالا دا واحد ماشي في حاله، رغم بس الغربان اللي حواليه، كنت شفته مازال الشيخ إلياس بتاع المواعظ
فعل عمر مثله وتحدث رافعا حاجبه
- اكيد لازم يخرج عن المألوف مش صاحب ريان المنشاوي. ثم نقر بقلمه على المنضدة وتحدث بشقاوة
- الولد عمر دا نحس طالع لأبوه، ارجع لتلاتين سنة لورا كدا وشوف إنت اتجوزت إزاي ياريو باشا
قهقه ريان عليه وتحدث بفخر.

- تنكر بنات إسكندرية كانت هتموت عليا، لم يدعه يكمل حديثه وصاح بصوتا صاخب
- يانغم. اين انتي. ياأم عمر احضرينا فورا
هب واقفا واضعا يديه يكمم فمه
- يخربيتك وإنت فصيل يالا، لسة واطي زي ماانت
دلفت نغم بقهوتهما
- في إيه ياعمر، بتنادي فيه حاجة
دلك خصلاته ورفع جانب وجهه يضحك بسخرية على ريان الذي تغيرت ملامحه
رمقه ريان بنظرات ساخطة وأردف
- عمر بس بيستظرف ياحبي، شوفي بنته هتتجوز ومفكر نفسه لسة دمه خفيف.

اتجهت نغم تجلس بجوار ريان
- ماهو عمر دمه خفيف، تنكر ياريان ولا إيه
صفق عمر بيديه وضحك بصوتا صاخب
- ياسلام اهو دا الكلام ياام عمر ياحبيبتي إنتِ
-حبك بورص ياحمار، قالها ريان بعيون غاضبة
وزعت نغم نظراتها بينهما
- مالكم في إيه وبعدين أنا عايزة اشتكي لعمر منك ياريان
ضيق عمر عيناه وتحدث باهتمام
- قولي يانغم عامل فيكي إيه وأنا أخد حقك منه
إستشاط ريان من داخله من طريقة نغم التي استفزته من حديثها مع عمر.

- نغم قومي جهزي نفسك علشان هننزل القاهرة نقعد يومين هناك ونرجع على حفلة خطوبة عمر وسيلا
زفرت بضيق ثم قالت
- لما أشكي لعمر ولا علشان أنا وحيدة ماليش حد تتحكم فيا
هنا خرج ريان عن صمته وعصبيته التي حاول أن يتمسك بها
- تشكيني يانغم، تشكي جوزك. ياااه لدرجة دي حاسة نفسك وحيدة وجوزك مفتري رايحة تشتكي منه
نظر عمر إليهما بقلة حيلة
- فيه إيه ياجماعة ممكن تهدوا إحنا كنا بنهزر، قاطعهم دخول بيجاد.

- عمو عمر وحشتيني فينك
بادله عمر سلامه
- بيجو حبيبي وحشني يالا فينك وإيه اخبار مزز الطيران
قهقه بيجاد عليه ثم تحدث: - بيسلموا عليك
لكمه عمر وحاول أن يغير من اجواء الحديث التي صارت منذ فترة قليلة
اتجه بيجاد لوالده الصامت الذي يظهر الحزن والألم بعينيه
- بابا ممكن أتكلم معاك شوية، فيه موضوع مهم وضروري مينفعش يتأجل اكتر من كدا
وقف عمر مستأذنا.

- طيب أنا يادوب أعدي على ماسة زمانها خلصت المرسم، ثم نظر لريان بمغذى
- روحوا غيروا جو في القاهرة شوية، سيلا بتشتكي منها وعايزة تنقل إسكندرية تاني، مش عارفة تتأقلم هناك بتقول زحمة ومفيش بحر
وقف ريان ليودعه
- فعلا القاهرة زحمة جدا، مفيش أحسن من جو إسكندرية، رغم إنها زحمة برضو بس مش زي القاهرة، ثم أكمل مستطردا
- معرفش ليه سيلا مُصّرة تروح تشتغل في الجامعة، ماالشركات هنا وبعدين دي مهندسة يعني، شغلها متاح.

زفر عمر بحزن
- سيلا طيبة أوي ياريان مابحبش اضغط عليها عايزها تاخد قرارتها وتشوف نتيجة قرارها، أومأ ريان برأسه
ركب سيارته ثم أردف بهدوء
- ماتزعلش نغم ياريان، شكل الموضوع كبير اللي يخليها توصل إنها تكلمني، نغم عمرها ماكلمتني على مشكلة بينكم
نزل ريان بجسده ينظر له من نافذة السيارة
- زعلانة علشان الولاد هيسافروا، بس لازم يسافروا ياعمر. روح إنت علشان متتأخرش على بنتك، وبعدين هتوصيني على حب حياتي يالا.

دلف حيث وجود بيجاد ينتظره أمام المسبح
جلس أمامه ونظر بعمق وأردف
- فيه إيه وإيه الموضوع الضروري دا
أخرج بيجاد هاتفه ووضعه أمام والده وتسائل
- شوف الصورة دي كدا
دقق النظر ريان بها ثم ضيق عيناه وتسائل
- مش فاهم؟
ضجر بيجاد من والده فيبدو انه يفكر بشيئا أخر
- بص الصورة كويس يابابا...
ابتسم له ريان
- البنت جميلة أوي، إيه أخيراً هفرح بيك
رفع بيجاد حاجبه بسخرية وأردف بإحباط.

- وبعدين يابابا، هو دا اللي فهمته من كلامي، وصلت نغم وهي تفرك يديها وتنظر لريان بحزن
- ريان ممكن نتكلم شوية، ثم ذهبت بنظرها لتلك الصورة التي ينظر إليها كلاهما
أمسكت الهاتف وتسائلت
- مين دي، قريبة غزل
هب بيجاد واقفا وإبتسم وظل يقبّل والدته
- مامتي الحلوة اللي جابت المفيد
ضيقت عيناها وهي تنظر لكلاهما
- ماله الولد دا
اتجه بيجاد لوالده وأردف بيقين
- دي غنى جواد الألفي.

جحظت عين كلا من نغم وريان وأردفا بنفس الصوت
- مين؟
بالقاهرة
وصل لمنزل عمه ويكاد جسد فقط بلا روح او ملامح تدل على إنه على قيد الحياة
قابله جاسر الذي ضمه بحزن على حالته المزرية، ذقنه النابتة وشعره الغير مرتب حتى ثيابه غير المهندمة
نظر إليه بقلة حيلة واردف
- نفسي أعرف إيه اللي حصل خلاك توصل للمرحلة دي، ضمه بحب أخوي وهمس له
- حبيبي والله اللي بتفكر فيه دا مستحيل يحصل لسبب بسيط، إنها بتحبك إنت.

ناظره بنظرات مرتجفة
- مش عايز أفرق العيلة اللي أبهاتنا بتعملها من سنين ياجاسر، مش هقدر أخلي جواد يكرهني او عمتو مليكة تكره عمو جواد، الموضوع صعب فوق ماتتخيل
مسح دموعه وأردف
- خليني أشوفها بس ياجاسر حتى لو من بعيد
تنهد جاسر بوجع على صديق عمره، وصل أوس إليهما ثم جذبه للداخل وأمسك يديه
- تعالى معايا هخليك تشوفها ياعز، ثم لكمه لكمة خفيفة بصدره.

- تحب اختي يالا ومعرفش، كدا تخون ثقتي فيك، لم يكن يستمع إليه، فقط، دقاته العنيفة التي كادت توصل للجميع كلما أقترب لغرفتها
خرجت غزل من غرفة إبنتها بعد مااعطتها بعض الأدوية
وقف عز أمامها يترجاها بعيناه
- لوسمحتى ياطنط غزل والله خمس دقايق بس، نظر إليها كالغريق الذي وجد ضالته لينقذه من ظلام قلبه.

نظراته المترجية الحزينة، أصابتها بالآلام عليها، ولكن ماذا تفعل بعدما حرمه جواد من دخول بيته، وعرفت من جاسر بما صار
وقف يحاول أن يتخذ نفسا طويلا يشحن رئتيه بأكسجين الأمل. عندما وجد تشتتها بالموافقة أو الرفض
أنتظر ردها طويلا. كان قلبه يتمزق لأشلاء عندما منعه عمه من رؤيتها. لم يعلم أنه سيشعر هذا الشعور المميت، حقا حينها تمنى الموت ولا إنه يبتعد عنها. ولكن كيف بعدما ماصار بينهما.

خرجت غزل عن صمتها ومازالت تقف أمام غرفة إبنتها
- عز هتدخل تشوفها وتطلع على طول، لو عمك جه او شم خبر بإنك جيت هنا بلاش أقولك إيه اللي ممكن يحصل
تبسم لها وهز رأسه سريعا مقبّلا يديها
- شكرا انطي غزل، اشكرك، دلف سريعا إلى غرفتها، حاولت غزل إيقافه حتى ترتدي إبنتها حجابها ولكنه دلف سريعا وأغلق الباب خلفه
خطى إليها بخطوات متعثرة. كانت تغض بنوما عميق، خصلاتها متمردة حول وجهها وعلى وسادتها.

جلس أمام فراشها على منكبيه ورفع يديه ممسدا على خصلاتها، وانسدلت عبراته رغم عنه
شعرت بوجوده عندما استنشقت رائحته
ورغم ذلك ظلت مغمضة العينين عندما شعرت بإرتجاف قلبها من قربه، ولكن كيف يغيب عنه ذاك...
ظل يمسد على خصلاتها ويهمس بكلماته الحزينة
- عارف إني خذلتك، وعارف مهما أعمل مستحيل تسامحيني. اقترب وهمس بجوار أذنيها
- رُبى نفسي أموت وأرتاح.

فتحت عيناها سريعا وتساقطت دموعها وشهقت شهقات مرتفعة، ثم تحدثت من بين بكائها
- إمشي ياعز لو سمحت، إمشي أنا مسمحاك يابني عمي والله مسمحاك
هنا اصابته رغبة عارمة في إحتراق قلبه الذي فعل بها هذا، أراد أن يخرجه بخارج جسده ويقدمه لها كي تمزقه كما مزق قلبها بسكين بارد
- روبي ممكن تسمعيني حبيبي
أغمضت عيناها فهمسه لها يكاد يزهق روحها كلما تذكرت حديثه
- معدتش حبيبتك ياآبيه، عيلة بقى متعرفش تحب.

وضع جبهته فوق خاصتها وأردف ببكاء
- روبي أنا بتمنى أموت ولا أبعد عنك، صدقيني مكنتش أعرف بعدك صعب أوي كدا
دلفت والدتها إليهما
- كفاية كده ياعز لو سمحت جواد لو جه ولقاك هيولع فيّا
دلف جواد وهو يستمع لحديثها
تسمر عندما وجده، أسرع إليه يجذبه من ملابسه بقوة
- إيه اللي جابك هنا يلا، أنا مش حرمت البيت دا عليك، إمشي أطلع برة
وقفت غزل بينهما وحاولت تهدئة زوجها.

- جواد إهدى لو سمحت، قالتها عندما وجدت إرتجاف جسد أبنتها من هيئة والدها عندما جذب عز للخارج
دفع غزل وتحدث بغضب
- إنتِ لسة حسابك بعدين. اطلع برة ياابن صهيب قالها جواد بصوتا صارخ مع دخول صهيب الذي وقف كالصنم مما أستمع من حديث أخيه
نظر صهيب لعز
- أمشي دلوقتي ياعز...
- بابا أردف بها عز، صرخ صهيب على غير عادته قولت أمشي حالا.

وقف جواد والحزن يتملك منه ولكن ماذا يفعل وكيف يواجه مايؤلم روحه بإبنته. رفع نظره لأبنته التي تختبأ بأحضان والدتها ولكن نظراتها عليه وحده
اتجه بنظره لعز وبدأ يفكر في حديثه منذ أيام، أيعقل هذه حالة شخص وجد حبه مع شخصا أخر، قبض على يديه بعنف
عندما شعر بمدى غبائه، ظل ينظر له بصمت حينها علم أن هناك مايخفيه عليه...
سحب جواد صهيب من يديه ونظر للجميع.

كله يخرج برة، ظل عز واقفا ينظر لتلك التي تبكي بأحضان والدتها، تحرك جواد إليها مقبلا جبهتها
- حبيبة بابي، عايزة تتكلمي مع عز.
ثم رفع يديها مقبلها
- آسف ياقلبي. كفاية عياط دموعك بتدبحني ياروبي
وضعت رأسها بأحضان والدها
- عايزة أنام بحضنك بس يابابي لو سمحت مش عايزة أشوف حد ولا أتكلم، أقترب صهيب منه عندما وجد حالتها
ربت على كتفه ثم أردف له
- جواد هستناك برة...
أومأ جواد برأسه دون حديث
جذب صهيب عز من يديه.

- تعالى سيب بنت عمك ترتاح وبكرة هتشوفها وعد مني، قالها وهو يضم وجهه بين راحتيه
هز عز رأسه برفض
- أنا طيارتي الساعة ستة الصبح يابابا، لازم أتكلم معها قبل ماأمشي
سيبه ياصهيب، أردف بها جواد الذي ضم ابنته لأحضانه
رفع كف غزل التي تجلس تبكي بصمت على حالتهما تذكرت ماضيها وحدثت حالها
ماذا فعلت لكي تصفعني هذه الحياة بقوة
ملس جواد على خديها.

- حبيبي سيبينا لوحدنا شوية، رُبى عايزة تنام ثم همس لها تفتكري هتنام وهو موجود. روحي وأنا هسبهم شوية وجاي وراكي، قبلت يديه
- ربنا يخليك لينا ياجواد
باليوم التالي ذهب للمشفى الخيري
دلف لغرفة استشاري الاورام
- دكتور طارق حمدالله على سلامتك، لسة عارف حالا إنك رجعت من السفر
جلس طارق وبمقابلته جلس جواد
- اهلا بحضرتك ياحضرة الظابط، وحشتني والله
ابتسم جواد.
- حضرة الضابط ايه، فيه بينا الكلام دا.

ناظره طارق: - وصلت لحد فين بالترقية كنت دايما أسمع عن انجازاتك العظيمة
ابتسم جوادوتحدث بهدوء
- دلوقتي لواء الحمدلله وصلت في وقت قياسي كله من فضل ربي
ضيق طارق مابين حاجبيه
- إنت تستاهل أكتر من كدا والله، ربنا يباركلك، عندك كام ولد دلوقتي، وطالبتي النجيبة بسمع إنها بقت من أشهر الأطباء بالقاهرة.

- غزل طول عمرها شاطرة وذكية وحضرتك عارف دا، وبعدين شغفها زاد للطب جدا بعد عدة ظروف مرينا بيها الحمدلله على كل حال
ربنا يوفقها ونشوفها أكبر استشارية في مصر ان شاء الله
أمن جواد على حديثه
تناول قهوته ثم نظر للدكتور
- يعني كل الاجهزة الطبية متاحة مش محتاجين حاجة
ابتسم له طارق
- والله ياجواد كل حاجه موجودة ربنا يزيدكم يارب، لو كنت عرفتني على المشروع العظيم دا كنت شاركت لو بجزء بسيط فيه
وضع جواد فنجانه الخاص.

- والله إحنا بنبني مبنى تاني في الصعيد بس مش للأمراض المستعصية دا هيكون بالمجان للكشوفات والعمليات المتاحة
أومأ برأسه
- تمام ان شاء الله، هكلم الدكتورة تهاني وأشوف لو هتدخل هي كمان
قاطع حديثهما اتصال هاتفي
بعد إذنك دي بنتي لو مردتش هتفضل تزن اتصالات
ضحك جواد ورفع يديه
- لا هتقولي عارف البنات دول طباعهم صعابين
- ايوة حبيبتي، انا في المستشفي الخيري
خلاص عدي عليا
وضع هاتفه ونظر متأسفا
- آسف ياجواد.

هز رأسه وتحدث
- مفيش حاجة يادكتور. بتعتذر على ايه
- دي ياسيدي غنى بنتي الوحيدة وكل طلباتها أوامر مستحيل ارفضلها طلب
غنى رددها جواد بقلبه قبل لسانه
ناظر اليه سريعا
- بنتك اسمها غنى
أومأ برأسه واكمل حديثه
-غنى وهي غنى عن كل حاجة
ترقرقت عيناه على ذكر محبوبته وتحدث
- غنى عن الحب وحرب الحياة ربنا يباركلك فيها، بعد فترة من حديثهما الذي كان الحاضر الغائب بعد ذكره لقرة عينيه الغائبة
قطع شروده دلوفها.

- بابابي أنا جيت
هنا ارتفعت دقات قلبه كدقة عاشق غاب حبيبه ثم رجع بعد فترة، أغمض عيناه وسحب نفسا قبل ان يستدير للتي خطفت قلبه من صوتها الذي يشبه صوت والدتها.

بفيلا صهيب
وقف بغضب أمام إبنه الاصغر فارس
- كنت فين لحد دلوقتى
نظر للأسفل وتحدث بخجل
- آسف يابابا سهرت مع صحابي ونسيت نفسي
اقترب منه بعدما اشتم رائحة سجائره
- انت بتشرب سجاير
هز رأسه بلا وبدأ يتلعثم بالكلمات
- انا انا لا ابدا دا هو بس
رفع صهيب يديه وصفعه بقوة
- اطلع اوضتك وبعدين نتحاسب
نظر لنهى وتسائل
- الولد دا ممنوع من الخروج فهمتي، كفاية اللي غايب بقاله كام يوم معرفش عنه حاجة، يخربيت الحب وسنينه.

أنا رايح لحازم المقموص دا كمان
بفيلا ريان
تجلس أمام التلفاز تشاهد بعض البرامج الأخبارية، دلف ريان إليها وهو ينظر بخبث
- حبيبي اللي، قاعد وبيسمع تطورات البلد
رفعت حاجبها بسخريه
- لا والله لسة فاكر. أنسى يابن المنشاوي مهما تقول مش هصالحك
قهقه عليها وإقترب يلامس ثغرها مقبلا إياه
- يهون عليكي استاذك تزعليه.
استدارت للجانب الأخر
- متحاولش ياريان مهما تعمل.

لامس وجنتيها بخديه وأردف بصوت متهدج ممزوج بمشاعره التي لم تتغير على مدى مرور السنوات
- وحياة نغمتي ماأقدر ازعلها. يارب أموت لو زعلتها
وضعت يديها على شفتيه
إسكت بتقول ايه، ربنا مايحرمني منك. اقترب مقبلا خديها ولامسه باصبعه
- ولا يحرمني منك حبيبي
لا مست كلماته اوتار قلبها الذي سرى به تيار كهربي نابع من عشقها الذي ألهب جميع حواسها بهيئته الجذابة لقلبها المسكين ثم تذكرت مافعله وتحدثت
- زعلانة برضو.

رجع بجسده للخلف وهو يحاوطها بنظرته
- طيب اللي زعلان من حبيبه يلبس اللون اللي حبيبه بيحبه ويقعد يستناه
هبت واقفة وتحدثت بغضب مصتنع
- اولا انا مش مستنياك ثانيا بقى انا بحب اللون دا وعن اذنك
جذبها بقوة حتى أصبحت فوق ساقيه. ثم رفع خصلاتها ومقبلا عنقها
- اللي زعلان من حبيبه هو هيصالحه ايه رأيك، بس حبيبه يذاكر كويس علشان تعبت من كتر النظري ياحبيبي.

- لا والله نظري اومال لو عملي هتعمل إيه. دا إحنا عندنا فريق كورة
ضحك بصوت مرتفع ثم فجأة التقط شفتيها حتى تلاشت انفاسهما
- لسة الكوتش والجماهير ياقلبي بس دول عايزين عملي ونظري يعني فيزيا مع فلسفة
وضعت يديها على وجهها
- ريان اتجننت إنت مش عايز تعقل دا انت عندك خمسة وخمسين سنة
حملها متجها للفراش بعدما صرخ بوجهها
- نعم يا ختي بتقولي كام، طيب هعرفك الخمسة والخمسين دول ايه
في فيلا عمر المصري.

- يعني إيه يامرام مش فاهم
ربتت على يديه
- لو سمحت ياعمر ممكن تهدى علشان نعرف نتكلم
مسح على وجهه بعنف
- اهدى، ودي حاجة ممكن أهدى فيها. ثم تحرك مغادر، وتسائل هي فين
- ياعمر استنى لازم نفكر الموضوع دا لازم نفكر علشان مانخصرش البنت
توجه إليها سريعا وطالعها بغضب
- مش عايز أقولك معرفتيش تربي بناتك يامرام، ماسة خلاص عيارها فلت ولازم تتربى، مسمعتيش بيجاد بيقول إيه
بفيلا الألفي.

تجلس بغرفتها تطالع ألبوم صورها هي وأبنائها. تبتسم بذكرياتها الجميلة بطفولتهما، ثم فجأة توقفت وبدأت دموعها تتساقط بغزارة عندما وقعت عيناها على تلك الصورة التي سقطت أمامها بالصدفة بعدما جمع جواد كل الصور المتعلقة بها واخفاها
قاطعها رنين هاتفها
- دكتورة غزل فيه حالة متعثرة جدا وطالبين حضرتك بالعيادة...
تمام يانورة أنا جاية حالا
عودة إلى المستشفى الخيري.

دلفت إلى المكتب بخطوات متمهلة بعدما أشار والدها لجواد
- غنى تعالي اعرفك على صديق بابا من عشرين سنه
استدار ينظر لها ولكن وقف ينظر إليها كأنه يرى غزل إمامه بصغرها
أشار عليها وتحدث بصوتا مهزوز بعض الشئ
- دي بنتك، أقتربت منه تبسط يديها أمامه
- ايوة بنته، أسمي غِنى
رجفة بجسده بالكامل وبدأ يردد بعجز لسانه ولكن روحه ماذا؟
مستحيل أيعقل أن يكون الشبه بتلك الصورة، أم أصابني الجنون.

رجع خصلاته للخلف بهدوء على عكس حالته التي يشعر بها
بسط يديه لأول مرة يشعر بهذا الشوق الذي يغمره. هل هذا شوق الأبوة
ام ماذا يصير بي!
ياالله ازل ألم قلبي
ظلت تنظر له بهدوء، على عكس شخصيتها المجنونة، ثم أردفت بصوتها
- بابي مين صاحبك دا أول مرة أشوفه
قالتها وهي ترمقه بنظرات أعجاب
أدى إلى توسع مقلتيه وهو يهز رأسه ويردف كالمجنون
- لا مستحيل، مش معقول
- نفس الصوت
ابتسمت ظنا من إنبهاره بها.

أنا ياسيدي إسمي غِنى بس حضرتك ماقولتش إسمك إيه
قهقه طارق عليها
- شوف ياجواد. زي ماقولتلك مجنونة، أهي دي ياسيدي بنتي المجنونة غِنى
رباي ماهذا الشعور الذي انقض على قلبي حتى شعرني بالحنين إلى إبنتي الغائبة
- إسمك جواد، حلو الإسم اوي ياعمو. اوي، أول مرة اسمع الاسم الحلو دا
مطت شفتيها عندما تذكرت بيجاد ولا تعلم لماذا تذكرته هنا
جلست أمامه وأشارت إليه أن يجلس.

ولكن حالته تائه، مشتت، غائب عن الحضور إلا سواها وحدها
ابتسم لها بحب لا يعلم لماذا تمنى أن يضمها لصدره ويستنشق رائحتها
تعرف يابابي
دون شعور منه أجابها
- نعم ياروحي
جحظت عيناها من رده السريع، فيما قطب طارق عيناه متسائلا
- اه صحيح ياجواد ماقولتليش عندك كام ولد
استدار بصعوبة ينظر لطارق. لم يستطع رفع نظره من عليها
- عندي جاسر وأوس وياسين وربى، ثم توجه بنظره لها وكان عندي، هنا قاطع حديثه هاتفه الذي قام بالرنين.

انسدلت دمعة وبدأت يديه ترتعش. في تلك اللحظة دلفت الممرضة سريعا
- دكتور طارق. المريضة في غرفة عشرين حالتها خطرة ودخلت في تشنجات
هب واقفا يعتذر من جواد
- آسف ياجواد شوية وراجعلك، ثم قبل رأس غنى وأردف
- حبيبة بابي شوية وراجع
أومأت برأسها وهي تطالع ذاك المتخبط
تعرف أسمك فكرني بواحد برضو إسمه حلو
- يناظرها ولا يستمع إليها، يحفر ملامحها بذاكرته
طرقت بأصابعها لعيناه
رفع نظره لعيناها، نعم إنها غزل.

- بقول لحضرتك فيه واحد كمان إسمه حلو عجبني بالقاهرة، إسمه بيجاد
يعني جواد وبيجاد، أسماء رائعة
حاوطها بنظراته الصقرية
شفتاها، عيناها، ملامح وجهها البريئة، كان في غياب عن حديثها إلا من ملامحها فقط أمامه
أعاد الرنين مرة أخرى
مازال جسده يرتعش ولا يستطع السيطرة على نفسه حاول أن يمسك هاتفه، سقط من يديه
هبت واقفة سريعا واتجهت إليه أمسكت هاتفه وجلست على ذراع مقعده واضعة الهاتف على أذنه.

- رد أنا همسلك الفون شكلك تعبان، لم يشعر إلا بقربها ورائحتها التي عبأت رئتيه
علي الجهة الاخرى تحدث ريان
- جواد فينك إحنا في القاهرة عايزك ضروري
- تمام ياريان قالها باهتزاز
لم ينهي حديثه حتى اتصلت غزل
فتح الخط سريعا
- أيوة حبيبي، أنا جاي ياغزل حالا
أجابته: - جود مالك حبيبي صوتك ماله
- كويس، استنيني هعدي عليكي في العيادة، غزل
أردف بها ومازال يطالع التي تجلس بجواره ولم يفصلها عنه سوى أنفاسهما.

- غزل وحشتيني أوي أوي
قالها مغمضا عيناه عندما شعر بانسحاب الهواء من حوله...
رفع يديه حتى يأخذ هاتفه، لامست يديها الناعمة كنعومة الأطفال
رفع نظره وتقابلت النظرات، هو بإشتياق ابوي أما هي شعور مختلف يغزوها لا تعرف ماهيته ولكن فسرته لشيئا آخر
ابتسمت بعيونها الجميلة وتسائلت عندما وجدت تخبطه ظنا لعقلها الصغير الذي صور إعجابه بها، حاولت الحديث معه
- مراتك إسمها غزل
وقف ولم يجبها كفى ماصار له ومايشعر به.

أمام الجامعة
خرج من كليته ينتظرها أمام الجامعة
أسرعت إليه
- واقف من زمان...
هز رأسه برفض
- لسة واصل، عاملة إيه وأخبار السكشن
- كويس
قطب حاجبه بدهشة
- إيه هو اللي كويس، يابنتي الهندسة دي متعة
أسبلت أهدابها متحاشية النظر إليه كي لا تتقابل بعينيه التي تقع صريعة له
- ياسمينا الأرض فيها كم حبة رمل
رفعت نظرها للأعلى قاطبة جبينها ثم تسائلت
- مش فاهمة، تقصد أيه
رفع حاجبه للأعلى وأشار بعينيه للأرض.

- هتفضلي تبصي على الأرض كدا
ابتسمت بخجل...
تنهد بعشق لها. ثم أشار لسيارته
- طيب يالة زمانهم مستنينا، باباكي كلمني خمسين مرة، قولتله إحنا جاين اهو، وطبعا حضرة البشمهندس ريان بيحسسني إني خاطفك
تهدجت نبرتها وخرج صوتها متقطع
- ماهو إنت خطفتني يابشمهندس، عندك شك في كدا
بسط يديه إليها. عندما شعر بأن قلبه على وشك الخروج من مكانه من كلماتها البسيطة الذي اخترقته.

بمكتبه بقسم الشرطة، طرقت طرقات خفيفة على باب المكتب، بعد معرفة العسكري بشخصها، دخلت رأسها مردفة
-عندك قهوة حضرة الضابط ولا ارجع بيتنا. رفع نظره إليها ومنع ابتسامة كادت تشق ثغره
دنت وتوقفت أمامه
-جسورة أنا اسفة، معرفش قولتلك كدا ازاي، والله آسفة، اسفة، ووعد مش هقولك كدا تاني، خلاص بقى متبقاش بارد
ابتسم اخيرا على طفولتها ونهض من مقعده، متجها يستند بظهره بمقابلتها على المكتب ثم أردف.

-خلاص عشان اقبل اسفك عندي شرط
مطت شفتيها للامام ثم قالت
-انتهازي بس امري لله لازم اقبل.
اقعدي. قالها وهو يحاوطها بنظراته
جلست دون حديث
-عايز كل التفاصيل، وكمان ازاي اتجرأ ووقف معاكي، وكمان ليه عمو رفض يقابله وكمان. نهضت سريعا تضع كفيها على فمه وابتسمت
-ايه كم الكمان ال عندك دي، خلاص دا مجرد كلام مع ماما وراحت قالت لبابا، وبابا زعل، دي كل الحكاية
رفع حاجبه ينظر لكفيها على فمه
انزلت كفيها سريعا ثم حمحمت.

-بتكلم جد على فكرة، شوفها لو مش عجبتك يبقى خلاص، انا وعدت البت
ضغط على ذراعها ينظر إليها بغضب
-برضو هنرجع للكلام ال يزعل اهو، اتلمي ياجنى بلاش تستفزي هدوئي
تصنعت الحزن وتحدثت بشفتين مرتعشتين
-وحياتي ياجاسر مش تكسفني قدامها، مجرد قهوة بس، وبعد كدا اعمل ال يعجبك
مسح على وجهه بعنف كاد أن يقتلع جلد وجهه
-تعرفي انا بضعف قدامك عشان كدا بتستغلي ضعفي مش كدا.

-طيب والله العظيم انت حبيبي ياجاسر، بحبك اوي اوي اوي. وضع يديه فوق فمها
-يخربيتك اسكتي هتشحتي عليا، دلف جواد حازم. ضيق عيناه متسائلا
-وانا بقول القسم منور ليه اتاري عندناالصغنن
افلتت ضحكة ناعمة وأردفت
-شكرا ياابيه جواد، وحشتوني فقولت اعدي امسي على اخواتي
جلس جواد حازم وهو يضحك بسخرية
-على أساس كل واحد مننا في محافظة ياجنى. استدارت لجاسر ثم غمزت له
-ايه ياجسورة هتيجي ولا ارجع بخفي حنين.

وصل جواد لعيادتها وجدها تنتظره
نزل سريعا يضمها بقوة كأنها كانت غائبة لعدة سنوات
طوقت خصره وأردفت
- مالك حبيبي فيه إيه، نغم كلمتني وقالت هيروحوا عندنا
- غزل ضمني أوي، مش عايز أشوف حد. خديني بيت المزرعة مش عايز حد غيرك.
ما أصعب أن تبكي بلا دموع، وما أصعب أن تذهب بلا رجوع، وما أصعب أن تشعر بالضيق وكأن المكان من حولك يضيق، ما أصعب أن تتكلم بلا صوت، أن تحيا كي تنتظر الموت، ما أصعب أن تشعر بالسأم فترى كل من حولك عدم، ويسودك إحساس الندم على إثم لا تعرفه وذنب لم تقترفه.
صباح يوم جديد قد هلت الشمس بشائرها وايقظ الفجر نور الرحمن ليسعى عباده لنور وجهه الكريم.

تجلس بجواره وهو غافي، نظرت إليه بحزن لا تعلم لما إنتابها شعور إنه يخفي شيئا بداخله، تذكرت ليلة الأمس عندما وصل لمنزل المزرعة
ترجل من سيارته بعدما قادتها هي عندما شعر بعدم سيطرته على نفسه
- غزل سوقي إنتِ. أنا تعبان ومش قادر
أومأت رأسها بالموافقة
- تمام ياحبيبي. ريّح وأنا هسوق
وصلا بعد فترة لمنزلهما. دلف سريعا ملقيا نفسه على الأريكة
تقدمت منه وجلست على عقبيها تمسد على خصلاته.

- حبيبي مالك، شكلك تعبان اوي. قاطعهما رنين هاتفه
قام برد
- أيوة ياصهيب. لا أنا في بيت المزرعة ممكن بكرة أشوفه، ثم أكمل حديثه
- صهيب خلي بالك من الولاد لما أرجع
ثم توجه بحديثه لريان عبر الهاتف
- آسف يابشمهندس نتقابل بكرة إن شاءالله
أغلق الهاتف ورفع نظره للتي تجلس بجواره، أمسك يديها لتقترب منه
اقتربت حتى أصبحت بأحضانه. تطوق خصره بيديها الأثنين
- حاسس بإيه حبيبي.

إزداد توتره عندما تفحصته بعينيها، رفع كفيه على خصلاتها مقبلها
- حبيبتي أنا كويس، يمكن حسيت بشوية أرق.
تسطح على الأريكة واضعا رأسه على ساقيها وأردف: - النهارده قابلت الدكتور طارق عزيز...
ضيقت عيناها وتسائلت
- مين طارق عزيز دا
استند على مرفقيه ينظر لعيناها التي تسحره برماديتها الخلابة
- نسيتِ دكتور البيثولوجي ياغزل
صمتت تحاول أن تتذكره، ابتسمت فجاءة.

- أيوة افتكرته، مش دا الدكتور اللي كنت بتضايق منه علشان كان دايما يشكر فيا
إبتسم إبتسامة خفيفة لم تصل ليعينه وأكمل: - هو بالضبط حبيبي
استندت بظهرها للخلف وضمته لأحضانها
- كنت غيور أوي حبيبي، ثم تذكرت
فاكرة يوم تيست عندي وكنت مستنيني برة وهو خارج معايا وبيسالني
- دكتورتنا الجميلة عملت إيه في الإمتحان
حضرتك وصلتنا بخطوة واحدة وشدتني وضمتني كأني ههرب منك
أغمض عيناه وسحب نفسا عميقا.

- إنتِ مكنتيش مراتي بس ياغزل، لا كنتي بنتي وحبيبتي وكل حاجة ليا
اعتدل يجلس بمقابلتها ثم رفع يديه وضم وجهها بين راحتيه
- كنتِ النفس اللي بتنفسه، ربيتك وكبرتك حتى بقيتي حياتي كلها
دفنت وجهها بحنايا عنقه وأردفت بأنفاساً لاهثه
- لو خيروني بين العالم كله وبينك ياجواد صدقني مفيش حد هيفرق معايا قدك، رفعت نظرها تنظر داخل مقلتيه
- حتى ولادي نفسهم. ممكن أعوضهم لكن إنت مستحيل تتعوض ياحبيب عمري كله.

سكن لثواني يتأمل قسمات وجهها الجميل. ملمسا على خديها، أقترب من كرزيتها ملتقطا قُبلة عميقة لتريح روحه المشتتة
ثم احاوطها واضعا جبينه فوق جبهتها وأردف بصوتا مبحوحا
- ربنا يخليكي ليا ياقلب جواد
ملست على جانب وجهه
- وقلب جواد حاسس إنه مهموم. فيه إيه
رفع نظره وظل يطالعها لفترة ليست بالقليلة. نظراته حاوطتها بالكامل حتى تمركزت على عيناها وغابت ذاكرته لتلك العيون التي رأها منذ قليل...

عيناها، شفتاها، أغمض عيناه ساحبا نفسا ثقيلا عندما شعر بتثاقل تنفسه كمن ارتكز فوق صدره صخرة عملاقة بحجم الكون، حاول تمالك أعصابه والسيطرة على نفسه حتى لايشعرها بشيئا. ولكن كيف يغيب عن عقلها بل قلبها تغيره الذي أدمى قلبها
إحتوت كفه بين راحتيها تقول بهدوء رغم حزنها من مظهره
- جواد مش هفضل أسأل كتير، مالك ياحبيبي، وليه بتبصلي كدا، كأنك بتصورني أو أول مرة تشوفني فيها.

بإبتسامة مشرقه اصطنعها بمنتهى المهارة استرسل
- يعني لما حبيبي يوحشني وعايز أفضل أبصله كتير علشان بيوحشني وهو في حضني أبقى غلطان
رغم إنها غير مقتنعة بحديثه، إلا أنها هبت متجه للمطبخ دون حديث لإعداد وجبة
هب سريعا خلفها، ثم حملها متجها لغرفتهما، ضحكت وأردفت من بين ضحكاتها: - جواد عايزة أعملك حاجة تاكلها
دفن وجهه بعنقها
- جود حبيبك مش عايز حاجة غير إنه ينام في حضن حبيبه وبس، دا أكلي...

ورغم ماأردف به من كلمات حب وغرام إلا أنه وصل لفراشهما وتسطح ضامما إياها لأحضانه
- عايز آنام ومقومش غير لما أشبع نوم
مطت شفتاها بحزن ونظرت للأسفل وتحدثت بنبرة هادئة
- نام ياحبيبي وأنا جنبك، كأنه كان يتنظر منها تلك الكلمات ليغفو غافلا عن نبرتها الحزينة التي ظهرت بصوتها، ظلت بجواره تمسد على خصلاته، ويقينا بداخلها إنه ليس بخير
- ياترى مخبي عليا إيه ياجواد
بفيلا الألفي.

جلست أمام البيانو تحاول أن تخرج حزنها بالعزف عليه، أقترب جاسر مقبلا رأسها
- عاملتي إيه حبيبتي النهاردة في الجامعة
إستدارت تبتسم إليه
- الحمدلله. اتعرفت على الدكاترة وكمان بعض البنات
جلس بجوارها وتحدث بإستحسان وإشادة
- أختي جميلة وأي حد يتعرف عليها هيحبها كمان
تبسمت له بخفة
- علشان بتحبني بس ياجسورة. فبتقول كدا، لكن فيه ناس مبيحبونيش
أجابها بنبرة صارمة لا تقبل المجادلة.

- اللي ميحبش رُبى ميستهلش يتصاحب ياقلبي
وضعت رأسها على كتف أخوها وتحدثت
- عادي ياجاسر مش مطلوب من حد يحبني، يعني أخدت إيه من اللي حبوني
مسد على خصلاتها عندما علم مايورق روحها ثم ضغط على رقم ما وظل يتحدث إليها
- مش عايزة تكلمي الولد ياسين، وحشنا من ساعة ماراح الكلية
وحشني كمان مش هو توأمي أهو بس بحسك إنت اقرب مني عنه
هنا تذكر غاليته التي اختطفها القدر
ظل يمسد على خصلاتها وأردف.

- كان نفسي أشوف توأمي دي هتكون شبهي زيك إنتِ وياسين ولا شبه الولد أوس
قبض قلبها بحزنا على آخيها فتحدثت حتى تخرج حزنه
- اكيد تلاقيها حلوة زيك ياجسورة.
نظرت اليه وتحدثت بسعادة
- أنا فرحانة أوي علشان أوس الوحيد اللي مالوش توأم، ثم تذكرت شيئا
- هو فعلا جاسر كان معاه أخ ومات
تنهد بحزن ثم أجابها
- للأسف أوس كان معاه بنت زي القمر كدا وأسمها رُبى برضو
توسعت عيناها
- قول والله...
أومأ برأسه وأكمل بحزن.

- ماما بعد خطف غِنى تعبت جداً، وبابا كمان. بابا سافر يدور عليها، في الوقت دا كان عمرهم شهور، فجأة تعبت وهي مع تيتا، وطبعا ماما يعتبر مكنتش حاسة بحاجة
قطبت جبينها وتسائلت
- وتعبها دا موتها
جالها كورونا حبيبتي، واتحجزت وكان عندها مشاكل في القلب أصلا...
اختنق حلقه بغصة بكاء وأردف
- بابا كان مسافر يدور على بنته المخطوفة، رجع لاقى بنته السليمة ميتة
أنا مستحيل أنسى اليوم دا ابداً يارُبى.

ماما بعد مافاقت من غنى لقيت بنتها التانية ضاعت من بين إيديها، تفتكري حالتها هتكون إيه غير إنها مش حاسة بحاجة غير ان بناتها الاتنين مش موجودين في حضنها
خرجت من جوفه تنهيدة حزينة
- بابا بقى اللي اتكسر بجد يارُوبى، فضل قافل على نفسه أكتر من شهر. كل اللي كان بيعمله ياخدني أنا وأوس في حضنه وينام وبس. لولا عمو ريان جالنا مرة وشاف حالته، أخده وسافر كام يوم كدا وبعدها رجع جواد الالفي شكلا بس.

- طيب وماما عملت إيه
قالتها ربى بشفتين مرتعشتين
جف حلقه وأكمل
علي أد مابابا كان تعبان بس مكنش بيسيب ماما خالص، وعمو صهيب كمان. أو بالأصح العيلة كلها كانت بتحاول تقويها
فجأة أردف متسائلا
- مش عايزة تكلمي عز يارُبى
أرتبكت واستدارت للبيانو مرة أخرى وبدأت تعزف بأصابع مرتعشة
لمس كتفها وناظرها
- رُبى كلمي عز، مش هقولك غير كلمي أبن عمك. ثم أكمل بنبرة حزينة
- فيه حاجات إنتِ متعرفهاش
قاطعته عندما هبت واقفة.

- الموضوع معدش يهمني ياجاسر...
ثم تحركت لغرفتها وقلبها يأن وجعا لإشتياقها له. بعد مغادرتها نظر لهاتفه
- اكيد سمعت أهو. أعذرها ياعز. سيبها شوية تنسى مع إني معرفش إيه اللي حصل خلاها تتحول كدا
علي الجانب الآخر
تنهد عز بحزن: - سيبها براحتها ياجاسر، بنفس نبرته التي جعلها هادئة بعض الشئ
- أنا أستاهل اللي بتعمله، المهم فيه موضوع عايزك فيه، فيه بنت إسمها روزين من الجيزة هبعتلك التفاصيل اتأكدلي منها.

- مين روزين دي ياعز، تسائل بها جاسر
كان ينظر للجهازه المحمول ينظر لصورتها يمرر أصابعه على وجهها
- دي بنت هنا قابلتها في الفندق اللي حجزت فيه قبل ماأوصل لعمو ريان
وإتعرفنا على بعض، عرفت إنها هنا في انجلترا بقالها كذا سنة وعايزة تعمل مشروع وأقترحت عليا المشاركة
زفر جاسر بضيق من تسرعه.

- ودا يديلك الأمان إنك تشاركها، وبعدين إنت محتاج حد يشاركك، تعالى هنا إنت خلاص ناوي تستقر ولا إيه إنت قولت هشوف الشركة وترجع
قاطعه عز
- أنا بقولك مجرد إقتراح ياجاسر، وصل أوس إلى إخيه وجلس بجواره حتى ينهي حديثه
- بابا وماما فين ياجاسر
لفت إنتباه جاسر صوته الحزين فاردف متسائلا
- مالك ياأوس، فيه حاجة مزعلاك
نصب عوده وخطى ببطئ يترنح لغرفته دون حديثه
ظلت نظرات جاسر عليه حتى إختفى. وقف متحركا إليه.

بفيلا المنشاوي بالقاهرة
بيجاد الكلام اللي قولته دا مش دليل إنها بنته إياك تتكلم قدام جواد بحاجة.
حاول الحديث مع والده
- يابابا أنا بقولك متأكد إنها غِنى، لم يكمل حديثه حين صاح بوجهه
- إنسى الكلام دا ماهو مش معقول هتكون زي ماقولت بنت دكتور غزل، وكمان زي ماحضرتك قولت بقالها أكتر من سبعتاشر سنة بتركيا
أوقف بيجاد حديث والده.

- وغنى مخطوفة بقالها أد إيه يابابا، فكر كدا وإربط الأحداث، وكمان التشابه بينها وبين طنط غزل وإخوتها، بلاش دي
فيه شامة في رقبتها أنا كنت دايما بشوفها واقعد أعاكس عمو جواد بيها
جلس ريان وهو يحاول أن يتمالك أعصابه
وصلت نغم بقهوة زوجها. تفاجأت بحالة زوجها، إلتفتت إلى إبنها بحنق
- إحنا بقالنا أد إيه يابيجاد بنتكلم في الموضوع دا، ثم استكملت مفسرة
- ياحبيبي مش عايزين نربطهم بأمل كاذب
رمقها مضيقا عيناه.

- بقولك ياماما أنا متأكد إنها غِنى، ليه مُصّرين تطلعوني عبيط.
أشفق ريان على إبنه، وبدأ الشك يتسلل لداخله. نعم بها الكثير من ملامح غزل، ولكن هل حقا القدر سيلعب لعبته هذه المرة وستكون هي بالفعل
وضع رأسه بين يديه عندما شعر بصداع رأسه يتفاقم به، تناول قهوته وهو يفكر ماذا سيفعل ليؤكد حديث إبنه، أو ليؤكد خطئه. قاطعه وصول إحدى الرسائل التي هب واقفا بعد قرائتها.

- ريان أنا أتاكدت من الصورة، هي بالفعل اللي جواد بيدور عليها. أنا بعتلك الايميل والاكونت بتاعها، شوف هتعمل إيه
ثم بعث له عقد الشراكة بينهما مع صورة لها
اخيرا خرج عن صمته وهو يردف بسعادة متناسيا بيجاد الذي يقف يراقب والده
- برافو عليك يايوسف كنت عارف ومتأكد محدش هيعرف يلعبها صح غيرك
جلست نغم بجواره
- فيه إيه ومال يوسف...
ابتسم بمرحه المعتاد وأردف بسعادة.

- أخيراً حسيت إن طلعت بحاجة من عيلة الأسيوطي، قالها عندما رفع حاجبه متزامنا مع شفته العلوية ينظر بخبث لزوجته التي نفخت وجنتيها بغضب من حديثه
لكمته بصدره
- طب والله لأعرفك غباء الأسيوطية ياريو باشا، قالتها ثم تحركت سريعا للأعلى
وقف رافع حاجبه بسخرية من أفعال والده ووالدته
- مش ملاحظين حاجة يابابا...
رفع ريان نظره إليه وتسائل
- مالك يالا فيه إيه
نزل لمستوى والده.

- المفروض الحاجات دي تسبوها لينا ياكبير عمّال تعاكس أمي قدامي
هب واقفا يناظره بمقت وتحدث بسخرية
- وإيه كمان ياسيادة الطيار المنحرف
قالها عندما تصاعد غضبه من ولده
ارتفع جانب وجهه بشبه إبتسامة متهكمة
- بتعلم من إستاذي العظيم...
قالها وتحرك للخارج وهو يقهقه على والده الذي اوصله لمرحلة الغضب
هبط عمر وهو يتحدث بهاتفه، اتجه لوالده
- بابا حضرتك واقف كدا ليه
إستدار ريان الذي كان يراقب خروج بيجاد بغضب.

- مفيش، كلمت عمر ولا لأ
اومأ براسه وتحدث
- كلمته وهم على وصول، فيه حاجة عايز اقولها لحضرتك
جلس يفرك جبينه ناظر له ليكمل حديثه
- ماسة يابابا معرفة صحباتها إن بيجاد خطبها ولو بيجاد عرف هيهد الدنيا
تذكر حديث بيجاد منذ قليل عندما حاول أن يقنع والده إنها إبنة جواد
- عايز اعرف سواء بنته ولا لأ دا يهمك في إيه...
ثم نظر إليه بعمق وتمعن وأردف متسائلاً
- بيجاد إنت لسة بتفكر في غِنى...
قطب مابين جبينه وآجاب والده.

- إيه اللي بتقوله دا يابابي، غِنى كانت بالنسبالي شخص مهم آه بس مش حبيبة أنا كنت عيل وهي طفلة...
ثم أكمل مفسرا
- مش معنى إني بدور عليها يبقى بحبها، أنا بس علشان وعدت عمو جواد زمان، وحضرتك شوفت حالته إزاي
- طيب وماسة بنت عمتك يابيجاد، فين مكانها إيه في حياتك
صمت لبرهة قبل أن يقول بفظاظة
- ماسة دي أختي وآخر واحدة ممكن أفكر فيها. لو سمحت يابابا متتغطش عليا. وبعدين حضرتك عارف أنا مبفكرش في الجواز حاليا.

أخرج من شروده عندما تحدث عمر
- المرة اللي فاتت يابابا اتخانقوا جامد من مجرد إنها قالت له إنها معجبة بيه، دلوقتي لو عرف بكلامها، هيولع فيها وحضرتك عارفه
إتخذ نفسا طويلا يشحن رئتيه
- تمام ياعمر أنا هتكلم مع ماسة...
في فيلا صهيب
- كان جالسا مغمضا عيناه يستنشق بعض نسمات الربيع التي ترواده
اتجهت نهى تجلس بجواره بحزن
- صهيب عز وحشني أوي
قالتها عندما جلست بجواره خاليه من أي مشاعر عندما علمت بما أصاب ولدها.

رفع نظراته يرمقها بحزن. لينصهر قلبه وجعا على فلذة كبده
ضم يديها بين راحتيه وأردف
- خليه بعيد كام يوم يانهى. علشان الكل يرتاح. بلاش في الوقت دا والدنيا والعة والكل بيتهم التاني
بكت بنشيج وأردفت من بين بكائها
- والله ماكنت أعرف إنه بيحبها ياصهيب، لو عرفت مكنش دا حصل
أغمض عيناه ألما على حزن قلبها. رفع يديها مقبلها وأردف
- متخافيش كل حاجة هتتحل إن شاء، الدنيا تهدى ونلم شمل العيلة تاني
بفيلا حازم.

جلست بجوار ولدها وهو يتناول طعامه بصمت. كأنه يبتلع جمرات بحلقه
مسدت على كتفه
- جواد حبيبي عامل إيه النهاردة
نظر لوالدته واصطنع ابتسامه
- كويس ياست الكل، ليه بتسألي
وصل حازم إليهما وتوجه بالحديث لإبنه
- أنا سحبت ورق تقى من الجامعة. هنسافر كلنا تركيا. خلاص مينفعش نقعد هنا تاني
هبت مليكة وتحدثت بغضب
- إزاي تعمل حاجة زي دي من غير ماتعرفني وتاخد رأيي
ألقى مابيده وتحدث بصوتا صارخ لأول مرة وأشار بسبابته.

- مش عايز أسمع صوتك فاهمة، أنا لحد دلوقتي بحاول أكون هادي وعاقل. كفاية وجع لحد كدا. ثم أكمل مستطردا
- مش هستنى إبني يعاني زي أبوه، على مااعتقد إنتِ فاهمة كلامي
كان يوزع نظراته بين والده ووالدته التي لأول مرة يرى مشحانات بينهما
وقف وتحدث بهدوء
- ياريت تبطلوا خناق بسببي أنا كبير مافيه الكفاية وأعرف أخد قرارتي بنفسي. ثم أكمل مستطردا
- أنا وقت ماأحس إني فاشل ومعرفش أحل مشاكلي هطلب من حضراتكم التدخل.

ثم رفع نظره لوالده وأكمل
- حضرتك نسيت إني ظابط يابابا، يعني مينفعش أسيب وظيفتي وأسافر لأي مكان
قالها ثم تحرك بغضب كمطارد من عدوه
بفيلا طارق عزيز
يجلس الجميع يتناولون العشاء، رفعت نظرها لوالدها
- بابي مكلمتنيش يعني على صاحبك الجديد. قولتلي هتعرفني ومقولتش حاجة
رمقها بنظرة إستفاهمية
- صاحبي مين ياغِنى، فكريني حبيبتي
تبسمت له عندما تذكرت حالته
- حضرة اللوا اللي كان عند حضرتك النهاردة
تدخلت تهاني في حديثهما.

- مين دا ياطارق
ضحك طارق عندما تذكر
- دا جواد الألفي ياتهاني فكراه
حاولت أن تتذكره فأردفت
- بحاول بس ذاكرتي مش مجمعة خالص
بدأ يلوك طعامه وتحدث بذكرياته
- دا الظابط اللي كان متجوز غزل الحسيني البنت الحلوة اللي الكل كان اتكلم فترة عنها
ثم أكمل: - دي اللي قابلتيها مرة في المستشفى عندي وسألتيها عن نفسها تتخصص إيه
ضيقت عيناها وأردفت متسائلة
- دي إسمها غزل الألفي، الدكتورة المشهورة بتاعة الأورام.

أومأ برأسه وتحدث مبتسما
- دي كانت من أشطر دفعتها ومع إن حالتها المادية كانت ممتازة إلا أنها دخلت كلية عام، رفضت تدخل كلية من الكليات الخاصة
انصتت بإهتمام لزوجها
- قابلتها غزل دي ياطارق
هز رأسه برفض وأكمل
- لا مشفتهاش. بس أكيد هنتقابل بقالي كتير مشفتهاش، ثم تذكر شيئا وأكمل
- حضرة الظابط كان بيعشقها بجنون
اومأت برأسها.

- افتكر حاجة زي كدا، وانفصلوا ورجعوا واتجوز بعد معاناة، في الوقت دا كان السوشيال مش رحماهم
كانت تقطع اللحم بالسكين وتستمع بإهتمام لحديثهما ثم فجأة قطعت حديثهما
- لدرجة دي عانوا في حياتهم
والله يابنتي دا اللي كنا بنسمعه من السوشيال، هكذا قالتها تهاني بهدوء.
ذهب طارق بذكرياته لبعض المواقف وتحدث
- لا كان حقيقة، كان بينهم قصة عشق خيالية، ثم ابتسم وتحدث.

- كان بيغير عليها بجنون، دا في مرة كان هيضربني علشان مسكت أيديها
أخذت شهيقا بإنزعاج وتمنت أن تكون بمكانها
- هو شغال في قسم إيه يابابا وليه جالك المستشفى
اكمل طعامه وتحدث
- هو صاحب المستشفى الخيري و ليه شريكين تانين، عاملين صرح كبير من المستشفيات الخيرية
نظر لزوجته وتسائل
- إيه رأيك ندخل معاهم في العمل بتاع الصعيد
ابتسمت وأومأت بالموافقة
- أكيد ياطارق، دا اللي هينفعنا.

وقفت صاعدة إلى غرفتها تبحث عن معلومات تخصّه، ولكنها لم تجد شيئا
زفرت بضيق ثم عادت لهاتفها تتفحص بعض الأخبار، فجأة ذهبت بعقلها لصفحة الخاصة لبيجاد...
وجدت العديد من الصور مع بعض الفتيات لم تكن تعرفهم ولكن يدلوا إنهم اجانب
سبته بسرها
- يخربيتك مش راحم نفسك، ثم لامست صورته وابتسمت
- بس تستاهل يابيجو، على العموم لازم أعرف وراك إيه
ذهبت بنظرها لصورة لهما، هنا توسعت عيناها وأردفت.

- يعرفوا بعض، طيب ليه لما قولتله على إسمه ماعقبش
قالتها مع نفسها، ظلت تتلاعب بهاتفها ثم فجأة دخلت على صفحته الشخصية مرة اخرى ودونت كومنت
- بارد ودمك خفيف وارسلت ايموشن يدل على إستفزازها له
ببيت المزرعة، استمعت لرنين هاتفها
تناولته واجابت
- ايوة ياصهيب
- جواد ماله ياغزل، صوته مش عجبني
تنهدت بوجع وحزنا عندما شعر صهيب بما تشعر به
- مالوش ياصهيب. قالي تعبان وعايز يرتاح بس.

أرجع خصلاته للخلف التي تتحرك بفعل الرياح
- هجيلكم الصبح. حاسس فيه حاجة صوته معجبنيش
نظرت إليه وهو مازال نائما
- تمام ياصهيب، ياريت.

ظل يدور بشوارع القاهرة وذكرياته معها تضربه بقوة، حتى حديث والده عنها لم يرحمه
أوقف السيارة وترجل يسير على كورنيش النيل وتذكر آخر حديث بينهما
خرجت سريعا من الجامعة، يقف يتحدث بهاتفه يواليها ظهره بعدما أوصل سيلا للجامعة الأمريكية وانتظرها بالخارج
لكمته بكتفه بهدوء، إستدار ينظر
حينما أنهى حديثه وتوجه لها
- مالك إيه وحشتك، فجيتي تجري ورايا
عقدت ذراعيها تناظره بتمعن ثم تسائلت.

- عايز مني إيه يابيجاد. طيب طنطا وقولت صدفة، إنما القاهرة والجامعة كمان، غير الكافيه والكلية دا إنت مراقبني بقى
استند بظهره على سيارته ويحاوطها بنظراته، يطبع ملامحها كرسام ينتظر خلوه بنفسه حتى يبدع ما يراه برسمه
ظل صامتا يستمع إليها
ثم زفر وتحدث
- لو قولت لحد النهارده صدفة هتصدقي.
- لا قالتها بقوة وهي تقترب تفترسه بغضب. ثم رفعت سبابتها
- إديني دليل إني اصدقك.
رفعت يديها على رأسها مردفة.

- إديني عقل أن دي كلها صدف
عقد ذراعيه
- ياااه دا أنا مضايقك أوي
الصراحة أه. ومش مضيقني بس، لا خانقني كمان
أقترب يناظرها شزرا
- طيب خدي من دا كتير، أنا لحد دلوقتي ظروفي هي اللي متحكمة بيا، ثم اكمل
- بس وحياتك عندي لأنطلك بعد كدا زي عفريت العلبة
قهقهت بقوة عليه بتصنع
- اكتر من كدا نط، دا بعد كدا هتكون كانجرو
ابتسم ثم رفع خصلة ولفها بإإصبعه
- طيب الكانجرو دا عايز كانجروة صغيرة ينطوا مع بعض في الصحرة.

ركلته بقدمه
- إحترم نفسك. قالتها وهي تنظر له بغضب
اشارت إليه
- بيجاد متخرجش عفاريتي المدفونة فيا
إلتوى ثغره ساخرا وهو يجذبها بقوة من خصرها حتى أصبحت بأحضانه
- هو فيه جنان لسة أكتر من كدا
إهتز قلبها فاصبح كفراشة. تقابلت العيون في إشتياق كلاهما البعض مع انكارهما له
استيقظ عقلها فكانت قريبة منه للحد الغير مسموح، إنتزعت يديها بقوة من قبصته بقوة وصرخت عندما انفلتت مشاعرهها اتجاهه لأول مرة يسيطر عليها أحدهما.

- إبعد عني يابيجاد بحذرك اهو
قاطعت حديثهما سيلا عندما وصلت إليهما وتنظر لكلاهما
- أنا خلصت يابيحاد
حمحم ينظر لسيلا حتى يخرج من سطوتها التي هاجمته بقوة برائحتها وقربها الغير معتمد من كلاهما
صعد لسيارته دون حديث
خرج من شروده عندما إستمع لإشعار رسالة
فتح الرسالة، إذ توسعت عيناه وهو يقهقه بقوة على مجنونته الصغيرة
بفيلا الألفي
تركت فرشة الرسم، وارتدت اسدالها متحركة للخارج
-ماما هروح اشوف رُبى واقعد شوية معاها.

-متتأخريش حبيبتي. ارتدت حذائها وتحركت سريعا متجهة لمنزل عمها، قابلها ياسين
-عاملة أية بتجري ليه كدا. هزت أكتافها وابتسمت
-مفيش بعمل رياضة، عشان متخنش. رفع حاجبها
-لا بجد، دا انتي اد المعزة. استدارت تشير بأصبعها
-ياسين مش اسمحلك تتريق، قالتها وتحركت سريعا تتمتم بالكلام
-يوه معرفش ليه كلمته كدا، اصطدمت بأوس
تراجعت للخلف
-آسفة ياابيه، مااخدتش. بالي
هز رأسه.

-مالك يابنتي، وايه موضوع أبيه الايام دي، دا بينا كام شهر
استندت على الحائط قائلة
-عز طلب مني اقولكم كدا، بعد موضوعه مع ربى وكله جه فوق دماغي
ابتسم قائلا
-ولا يهمك ياجنى، طالعة لربى
اومأت متحركة للأعلى قاىلة
-اتصلت بيا، هشوفها عشان مخلصتش اللوحة
وضع يديه بجيب بنطاله
سمعت من جاسر انك ناوية تعملي معرض، صحيح
هزت راسها بالنفي
-اخوك دا بيفهم حاجة، انا بعمل مرسم، مش معرض، بس بابا رافض فزقيت عليه حضرة الضابط.

تمام قالها وتحرك للخارج، ولكنه توقف
-جنى حاولي تخرجي ربى شوية، روحوا النادي
هزت رأسها وتحركت للداخل سريعا، دلفت الغرفة وجدتها تعمل بأحد الأبحاث الخاصة بكليتها
جلست بجوارها
-خير فيه حاجة قولتي تعالي وجيت. تركت قلمها وتربعت على فراشها تنظر إلى جنى
-تعرفي انا بحبك اوي ياجنى، اكتر حد في ولاد عمي، انسدلت عبرة غادرة إزالتها سريعا ونظرت إليها بعيون مبتسمة.

-بعتبرك اقرب واحدة ليا، بعد جاسر واخوكي. قالتها بشفتين مرتجفتين
مسحت جنى عبراتها وأردفت بصوت حنون
-وانتِ ياربى اغلى شخص عندي في ولاد عمي كلهم، طبعا أنتِ وعز غير أي حد
احتضنت وجهها وازالت عبراتها المتحجرة بعيناها متسائلة
-عز بيحبك صدقيني معرفش هو عمل كدا ليه، حاولت افهم منه معرفتش حاجة، وكمان حاولت مع جاسر برضو مااستفدتش، بس ال متأكدة منه هو أنه بيحبك والله
تسطحت على الفراش تحتضن نفسها كالجنين.

-مش عارفة اعيش من غيره ياجنى، ياريتني عملت ذيك ومحبتوش، قلبي بيوجعني اوي يابنت عمي
استندت جنى على مرفقيها تمسد على خصلاتها وأردفت
-مع اني مفهمتش كلامك، بس قلبي وجعني عليكوا انتوا الأتنين
هو هناك هيموت ويسمع صوتك، وأنتِ هنا قلبك واجعك عليه
رفعت ربى عيناها المترقرقة بالدموع وتساءلت
-هو كويس ياجنى، بياكل ولا لا
ابتسمت لها وتسطحت بجوارها.

-تفتكري هيكون له نفس لحاجة وانت زعلانة منه، يخربيت الحب وسنينه يابنتي، دنت مضيقة عيناها
-انا لازم اخد تحصين مناعة من الحب مش عايزة احب ولا اتحب ياأختي
ابتسمت ربى لحركاتها ثم اعتدلت تمسك كفيها
-يابختك يابنت عمي، عرفتي تحصني نفسك وماتوقعيش لقمة صائغة لاولادك عمك المهووسين
رفعت حاجبها ساخرة
-انا احب من عيلة المجانين دي، طيب هو واحد بس ال عاقل، ولما حب واحدة جننته
لكمتها بكتفها قائلة.

-نعم دا جاسر صحباتي كلهم هيموتوا عليه، ونفسهم بس يقربوا مني عشان يكلموه
قهقهت جنى بصوتها الناعم تضرب كفيها ببعضهما، ثم استدت على ركبتيها
-اهو دا بالذات محرم عليا زي تفاحة آدم كدا
قطبت ربى جبينها متسائلة
-محرم ليه هو انت تطولي ياختي، طب والله لو مش اخويا كنت حبيته يابت
جلست أمامها تنظر لأحد المراجع
-بقولك أنتِ بتعملي ايه
استدارت تنظر للذي تنظر إليه
-دي مراجع بعمل منها ابحاث
مردتيش عليا يعني ياجنجون.

اتجهت ببصرها متسائلة
-عن ايه حبيبتي؟!
-جاسر! ضيقت عيناها وأردفت
-مش فاهمة قصدك
-يعني مفيش مشاعر بينكم. جحظت عيناها قائلة
-هو كل ال يشوفني الايام دي يسالني. قطبت ربى حاجبها متسائلة
-مين ال سألك تاني
ابتسمت وهي تضع خصلاتها خلف أذنها
-الدكتورة غزل، تخيلي مفكرة أننا ممكن يكون بينا مشاعر
تسطحت تضع يديها حولها على الفراش واطلقت ضحكاتها
-يالهوي انا وجاسر، دا جاسر زيه زي عز يابنتي، دا انا بدورله على عروسة.

تسطحت ربى بجوارها تنظر إليها
-بس ال يشوفكم يقول غير كدا. اعتدلت متكأة على مرفقيها
-تعرفي انا بحب جاسر فوق ماتتخيلي، وبحس بحاجة ناقصة لو غاب يوم عن البيت، بس دا حب اخوي، بدليل مش حاسة بغياب عز اهو فاهمة قصدي، ال بينا مشاعر اخوية
استمعوا لطرقات على باب الغرفة، اعتدلت تضع حجابها بعدما استمعوا لصوته
دلف وهو يوزع نظراته بينهما، ثم اقترب منهما ورسم ابتسامة
-بترغوا في ايه، سامع صوت ضحكاتكم لتحت.

دنى يطبع قبلة على رأس ربى
-عاملة ايه حبيبة اخوكي
رفعت راسها له واجابته بابتسامة
-كويسة حبيبي. انت عامل ايه
تراجعت جنى للخلف عندما اقترب منها
-انت هتعمل ايه
-ايه مش اختي هبوسك زي ربى، قالها بمغذى
لكمته بصدره قائلة
-جاسر اتلم، قال ابوسك زي اختي. نزلت سريعا متجهة للخارج
-قليل الادب، تحت السواهي دواهي. ظل ينظر لتحركها حتى اختفت عن ناظريه، متجها لأخته.

-ربى جنى اختي، بلاش انت وماما تخنقوها بكلماتكم دي، وكويس أن الموضوع دا اتفتح عشان اخد بالي، قالها وتحرك سريعا للخارج
نظرت إليه ربى بشرود ثم اردفت
-يابختكم على الأقل متوجعتوش من بعض
صباحا ببيت المزرعة
استيقظ يبحث بعيناه عنها ولكنه لم يجدها
اتجه للخزانة وأخرج ألبوما من الصور
ينظر بتمعن الى صورهما
صور ابنته الغائبة بصغرها، فقد جمعهما وأتى بهما إلى هنا حتى لا تراهم غزل.

ملس على وجهها بحنين. ينظر هنا ويتذكر هناك، مسح وجهه بغضب وانسدلت دمعة خائنة لم يقو السيطرة على نفسه
وضع يديه على صدره يمسده بهدوء عندما شعر بتثاقل عليه، كأن يزيح صخرة عملاقة من فوقه
أغمض عبناه عندما داهمته صورتها التي لم تتزحزح عن خاطره لحظة
ظل لدقائق حتى سيطر على نفسه ثم اتجه وهبط للأسفل بعدما أدى فريضته من صلاة الضحى. وجلس يدعو ربه ليزيل همه ويفرج كرباته.

وجدها تجلس بحديقة المنزل، تستجم برائحة الزهور الربيعية المنعشة ناهيك عن الخضرة التي تحاوط المنزل من جميع الجهات
جلس بجوارها ينظر إليها بإشتياق.
- صباح الحب ياحبي. دا إحنا زعلانين وجينا نعمل يوجا نهرب من جوزه حبيب عمره...
ظلت كما هي على وضعها ولكن هناك رجفة بجسدها بالكامل من أنفاسه القريبة
تمدد وتسطح على العشب الأخضر واضعا رأسه على ساقيها ممسكا يديها ومقبلها
فتحت عيناها تنظر لعيناه بقوة.

- بتهرب من إيه ياجواد؟
إرتجفت أوصاله من نظراتها المتفحصة له
ولكنه إعتدل يجلس أمامها مضيقا عيناه
وتظاهر بعدم فهمه لحديثها رغم إدراكه الجيد لما ترمي إليه
- مش فاهم تقصدي إيه يازوزو
رفعت يديه ووضعتها بين راحتيها
- لو محستش بجوزي، وحسيت أد إيه إن فيه حاجة تعباه وبيحاول يخبيها يبقى اللي بينا دا مش حب
أغمض عيناه ساحبا نفسا ثقيلا ثم نظر إليها
- مفيش حبيبي، مشكلة كبيرة في الشغل.
قصدك على سفرك لفرنسا.

اومأ برأسه هاربا من نظراتها
وصل صهيب إليهما
- صباحو ياعشاق اليمامة
ابتسمت له غزل
- صباحو ياابو عز
حزن عندما ذكرت غاليه
رمقها جواد بنظرة فهمتها، هبت واقفة
- هروح أجهزلكم فطار بما أن دكتورنا العظيم هيفطر معانا
جلس صهيب بجوار جواد، ظل ينظر له وهو يبتعد بنظراته عنه
- مالك ياجواد بتهرب من إيه؟
نظر إليه متسائلا: - سيف عامل إيه، كلمته
مط شفتيه رفع حاجبه بسخرية
- بيسلم عليك، ماتلفش وتدور.

نظر إليه نظرة غريق وجد ضالته وتحدث
- شوفت شبيهة غزل، شوفت غِنى
ضيق عيناه عندما لم يفهم حديثه
- إنت مجنون على الصبح ولا شارب حاجة
اتخذ نفسا طويلا: - ياريت ياصهيب أكون مجنون ولا بتهيئلي
رمقه بنظرة محاولا إستكشاف حالة إخيه
أيعقل أنه أعاد لتلك الحالة الذي سيطرت عليه بعد خطف إبنته
فهم جواد نظرات صهيب
- صهيب أنا مش مجنون. بقولك قابلت غ?نى وتخيل طلعت بنت مين، بنت دكتور غزل ولسة راجع من تركيا بقاله كام شهر.

تمزق قلب صهيب لأشلاء في تلك اللحظة عندما وجد دموع إخيها التي تساقطت فجأة، ثم أكمل جواد حديثه
- إحساس غريب لما شوفتها، ولا قربت مني ياصهيب عندي إحساس كبير إنها بنتي، ماهو مش معقول يكون الشبه كبير أوي كدا، طيب أنا هتلاشى الشبه، بس الصوت كمان، غير إسمها
انكمشت ملامح صهيب بحزن ولمعت عيناه بدموع الألم على أخيه. فهاهو تحمل مالا يتحمله قلبا
- مش يمكن شبه بس ياجواد، مش بيقولوا يخلق من الشبه أربعين.

دا اللي بحاول أقنع نفسي بيه ياصهيب
بس لازم اتأكد علشان أريح قلبي وعقلي
شاهد صهيب مجيئ غزل وتسائل
- غزل تعرف حاجة
هز رأسه برفض
- مستحيل أقولها حاجة مش عايز أعشمها وترجع تنصدم.

بعد إسبوع
كان ينتظرها أمام منزلها بعد رجوعه من سفريته
رأته واقف متكأ على سيارته، يضع نظراته فوق شعره، إتجهت إليه
- بقالي إسبوع بحاول أكلمك، مبتردش، وبعتلك خمسين رسالة
إقترب منها متعمد ينظر إليها بصمت وإشتياق قلبه الذي يخفيه بمهارة أمامها
- إي ياجملية وحشتك ولا إيه، قالها يتفحصها بنظره
لكمته بصدره وأردفت بغضب
- وحشك أسد ياكلك وهو جعان
قهقه بصوت مرتفع مردفا
- يالهوي على الشتيمة وبرستيجك ياابن المنشاوي.

ظلت تنظر إليه بغضب
- خلصت وصلة القهقه ياابو دم خفيف
- وحشني جنانك على فكرة
إهتزت نظراتها أمامه بعد كلمته العفوية.
تحرك لسيارته
- تعالي أوصلك في طريقي عايز أروح أنام
لسه هرجع إسكندرية كمان
ظلت بمكانها
- تعرف واحد إسمه جواد الألفي
هزة عنيفة أصابته عندما إستمع لسؤالها
أغمض عيناه محاولا أن يمارس أقصى درجات الضبط النفسي كي لا يصفعها بحقيقتها التي لم يعد أمامه سوى شيئا واحدا وهو الآن لا أحد غيره الذي يقوم به.

ولكن كيف يصل لمبتغاه دون الوقوع بخطأ يخشى عواقبه
- بتسائلي عليه ليه، وعرفتيه إمتى
قالها بهدوء، رغم ضجيجه الداخلي ومحاولة السيطرة على نفسه
اقتربت منه
- سؤال عادي. بس أصلي شوفته مع بابي وكمان شوفته على البيدج بتاعك
نظر لمقلتيها وأردف بسعادة
- إنتِ بقى المجنونة اللي مقطعاني بكومنتاتها. فعل مثلما يفعل كل مرة لاففا خصلة حول إصبعه
بس كنت متأكد أصل مبعرفش مجانين غيرك ياحبي
ركلته بقوة
- حبك برص يااخويا.

تحرك للقيادة وهو يضحك عليها ويؤكد لنفسه إنها مجنونته
- طيب تعالي علشانك أعرفك على أجمل شخصية في حياتي، ثم نظر من تحت نظارته
- بعد ابويا طبعا يابت حضرة الدكتور الكبير الباشمندس ريان المنشاوي
دفعته بقوة للسيارة
- طيب ياابن الاستاذ الطويل التعاريف دا، وديني عند أجمل راجل. ثم وقفت وضربات قلبها في التعالي
- اكيد تقصد جواد الألفي.

ركب السيارة وركبت بجواره ثم أجابها وهي بالقرب منه ونظراتهما التي بدأت تحكي الكثير
- دا أقوى راجل ممكن تقابليه في حياتك دا حبيبي بينا صداقة قبل مايكون صاحب بابايا طبعا
طيب سوق بقى بقالك ساعة بترغي جاتك ضربة في قلبك
وضع يديه موضع قلبه وأردف بسعادة
- آه ياقلبي، آلهي تنشكي في قلبك يابعيدة
بإنجلترا.

خرج يسير بشوارعها دون هوادة حينما غلبه الشوق عندما امتنعت منعا تاما عنه حاول مرارا وتكرار الحديث إليها ولكنها رافضة تسمعه بمنتهى القسوة والجبروت
وتذكر حديثهما الاخير قُبيل سفره
- رُبى أنا هسيبك أسبوع ترتاحي وتنسي اللي حصل. بس فيه حاجات لازم تعرفيها
وقفت أمامه بقوة عندما تذكرت ضعف قلبها أمامه والحزن الذي يتسرب إليه فيدميه ويجعل تنفسها ثقيلا
- مفيش بينا غير صلة القرابة ياابن عمي.

تروح وترجع بالسلامة، معدش يهمني إنك تروح وترجع، إنت دلوقتي إنت ابن عمي وبس
إستدار ولم يلتفت حوله وخطى سريعا ليعبر الطريق وصوت صراخها ودموعها تتساقط بقوة
اغمض عيناه ودموعه تتسابق على خديه ولم يستمع لصوت السيارت حوله إلا صوتها فقط وهي تنظر إلى مقلتيه وتتحدث بغضب قتله
- العيّلة الصغيرة دي بكرة هتلاقي اللي يقدّرها ويعرف قيمتها.

العيّلة الصغيرة دي بكرة هترمي نفسها في حضن اللي يستحقها ويطبطب على وجعها ويشعرها بآمانه
العيلة الصغيرة دي بكرة تمسحك من حياتها للابد لأنك للأسف على اد ماحبيتك ماوجعتني، بس بتشكرك استفدت من ضربتك ليا ياابن عمي
ابتسمت بسخرية وظلت تناظره بغضب.

- مش بنت جواد الألفي اللي تبكي على واحد بايعها، أنا اشتريت وأنت رميت ودلوقتي فيك تسافر ومش عايزة أسمع في يوم إنك حبيت او كنت بتضحك على واحدة إسمها رُبى جواد الألفي
هنا لم يستطع سيطرته وهو يضع يديه على إذنه ويصرخ بصوت جهوري. يبعد صوتها الذي اخترق قلبه واشعله...
مما أدى إلى إصطدامه بتلك السيارة
بفيلا حازم الألفي
جلس بمكتبه. مغمضا عيناه، دلفت والدته إليه
- جواد ممكن نتكلم شوية
هز رأسه برفض.

- آسف ياماما، دلوقتي راجع تعبان من الشغل، ممكن لو سمحتي بعد ماارتاح يبقى نتكلم
هزت رأسها بالموافقة وخرجت بهدوء دون حديث
وقف متجها للنافذة ينظر للخارج، لاحت نظراته ناحية غرفتها، وشعر بدقات عنيفة عندما وجدها تجلس بالشرفة، تستند بظهرها على المقعد مغمضة العينين، كأنها تفكر بأحدهما
هنا أحترق قلبه عندما أدرك بمن تفكر به
قبض بعنف على يديه وتذكر تلك الليلة
بعدما علم بمرضها
دلف لمنزل خاله، وجد خروج عز كالمطارد.

ودموعه تنسدل بقوة كأن احدا ما صفعه بقوة، ظل ينظر له وهو يناديه ولكنه كان كالأصم
دلف للداخل وإذ به ينصدم مما إستمع إليه
- يعني إيه ياجواد، طيب لما هو بيحبها إزاي يعمل فيها كدا، مش دا عز اللي كنت بتضرب به المثل أهو هو اللي دبح بنتك...
مسح جواد على وجهه بغضب وأرجع خصلاته كأنه يقتلعها ثم أردف بصياح
- غزل فيه حاجة عز مخبيها ودا اللي لازم اعرفه، ماهو مش معقول بعد الحب دا كله بينهم فجأة كدا يقولها إنتهينا.

خرجت رُبى على صوت والدها تتحدث بهدوء
- خلاص يابابي، الموضوع مش مستاهل إنك تزعل مامي كدا
نظر إليها ثم قبّل رأسها.
- سعادتك عندي بالدنيا كلها ياحبيبة بابي
انسدلت دمعة خائنة على خديها
- وأنا للأسف مش شايفة سعادتي غير مع عز يابابي بس مجروحة منه اوي
ضمها جواد بقوة داخل أحضانه
- هو بيحبك أوي ياحبيبتي والله الولد بيحبك لازم أعرف إيه اللي حصل غيره فجأة كدا.

هزة عنيفة أصابته بقوة، بل صاعقة صدمته حتى شعر بعدم قدرته على الحركة كأن أعضائه شُلت بالكامل
ظل واقفا فترة ثم خطى بخطوات متعثرة حتى، وصل لسيارته، ويكاد يرى أمامه من حديثها الذي شق قلبه لنصفين...
قاد سيارته بسرعة جنونية ولم يرى سوى صورتها. صوتها. قربها ذات يوم من عز تذكر ضمه لها يوم نتيجتها وخروجهما ذكرياته أطاحت بعقله بل جسده بالكامل...

وصل لمنزله وهو يشعر بغصة بحلقه تشعره بصعوبة التنفس، جلس بالحديقة وضربات قلبه تكاد تخرج من صدره من كم آلامه وحزنه
وصلا كلا من غِنى وبيجاد إلى قسم الشرطة الذي يعمل به جواد
تتحرك بجواره ودقاتها كمعزوفة موسيقيه فهي ستراه مرة آخرى بعدما حاولت منذ أسبوع الوصول إليه ولم تصل الإ عن طريق ذاك المتمرد التي اعتقدته يمتاز بالغباء
أما هو أعجب بفكرتها التي تضع كثيرا من النقط على الحروف.

ماذا سيفعل عمو جواد عندما يراها أمامه
هذا مافكر به بيجاد غافلا عن تورد
وجنتيها عندما وجدته يقف بهيئته التي جذبتها لحد الجنون، مما جعلها تسرع إليه وتلقي بنفسها داخل أحضانه
ماذا ستفعل ياجواد بعدما تلتقي بها مرة اخرى
كُنتُ أضع أحلاما وأتخِيِلها عليّ ابتساماتها...
كنتُ أعلمُ يقينا.
أن تلك المتمردة العنيدة.
تُخفى عشقا لغيري، كيف لي أن أعشق غيرك وعشقك سرمدا بوريدي.
كل ما بداخلي تحطم وتبعثر أصبحت أشلاء تناثرت فوق صفحات البحر ربما الخ?ف من المجهول يسكنني وتلك الدمعات تأسرني ولكني فقدت إحساسي بالأمان وثقتي بالأزمان.
كان متجها للخارج للمغادرة من عمله، فجأة تيبست قدمه عندما رأها تسرع إليه
ثم وقفت أمامه للحظات تنظر إليه
وقف أمامها وجها لوجه فتجمد الاثنان للحظات هو بإضطراب مشاعره وهي باشتياقها الذي لم تعرف ماهيته.

دنت منه بإشتياق حبيبة ولم يدع التفكير لدى عقلها إذ ألقت نفسها بأحضانه، لا تعلم لماذا فعلت ذلك ولكن هذا ما هيأ لها قلبها
وقف كالآلي لم يشعر بما حوله سوى تلك النبضات الهادرة من قفصه الصدري
أغمض عيناه محاولا أخذ أنفاسا، ولكنه شعر بإنسحاب الهواء من حوله وتيبس جسده...
ياالله. ماهذا الشعور القاس? الذي أشعر لقد انقبضت ضلوعي بقوة معتصرة قلبي دون رحمة
حمحم حتى يخرج حاله من ذاك الموقف الذي لا يعلم ماهو هويته.

خرجت من حضنه وهي تبتسم كأنها لا تفعل شيئا
وحشتني جدا على فكرة وسألت بابا عليك قالي حضرتك مشغول وطبعا كالعادة بابا وسفرياته فمعرفتش أوصلك إلا مع هذا الكائن...
قالتها وهي تشير باستخفاف لبيحاد الذي وقف عاقدا ذراعيه مستندا على الجدار، ينظر بغموض لكليهما
كان لحديثها واقع خاص على قلبه الذي جعله غير قادر على التفوه فاكتفى بإيماءة بسيطة من راسه.

اتجه بنظره لبيجاد ولكن كأن لسانه لم يعرف النطق وحروفه هربت من النطق
شعر بيجاد بتخبطه، إتجه إليه واقفا أمامه
أنا معرفش حضرتك إتعرفت عليها إمتى. بس لقيتها النهاردة بتقولي عايزة تقابلك، أصلها شافتنا مع بعض في البيدج
أومأ برأسه عندما وصل لحالة عدم السيطرة في مشاعره المتخبطة
جذبته من ذراعيه وهي تردف بسعادة
سيبك منه، رغاي أوي، كنت طالبة من حضرتك خدمة
أشار إليهما بالتقدم لمكتبه
كل هذا دون حديث.

وقف لدقائق يزفر الهواء المكبوت في صدره دفعة واحدة، ثم استدار متجها إليهما
نظرت غنى لبيجاد وعزمت أمرها وهي تتحرك سريعا متجهة للداخل
جذبها بيجاد من ذراعيها وأردف بسخرية
اهدي إيه اللي يشوفك يقول تعرفي الراجل بقالك سنين...
قال جملته الاخيرة بتمهل وكأنه قاصدا ردود الفعل من كليهما ثم اكمل إسترساله
تعالي نروح شكله مشغول
دفعته بقوة وأردفت
مهمتك إنتهت حضرة الكابتن العظيم...
دنت منه وهي تنظر لمقلتيه پغضب.

روح نام بدل ماانت صايع طول اليوم مع الاجنبيات
حك ذقنه وإستغل وجود أحد الضباط منشغلا بالحديث مع جواد
ثم جذبها بقوة حتى أصبحت بأحضانه
تعرفي أنا لو دخلت ال?ار هيكون بسببك
قالها وهو يلف خصله من خصلاتها المتمردة حول إصبعه
تأوهت عندما جذبها بقوة
اتلمي ياغنى، علشان أفضل الكابتن اللذيذ بتاع الاجنبيات ومقلبش لفريد شوقي، ثم ضيق عيناه وتسائل
وبعدين مالك ومال إعجابهم بيا
قاطعهما جواد عندما تحدث
تعالى يابيجاد.

بكلية الشرطة
خرج من كليته يتحدث بهاتفه
ياسين قدامك اد إيه
أجابه ياسين عندما اعتذر من الشخص الذي أمامه
لسة قدامي ساعتين ياجاسر فيه حاجة
صعد لسيارته وأردف
لا ياحبيبي أنا قولت نروح مع بعض، نظر لهاتفه على مكالمة قيد الإنتظار
تمام هسيبك واعدي على بابا
بعد إغلاقه مع أخيه
أيوة ياروبي
كانت تجلس بحديقة المنزل تستنشق بعض الهواء الربيعي المنعش
جاسر قدامك كتير، أنا زهقت من القعدة لوحدي.

تنهد بحزن على حالة إخته الصغرى. وأختنق حلقه
حبيبتي قدامي نص ساعة. إتصلي بجنى خليها تيجي تقعد معاكي أو أشغلي نفسك بالبيانو شوية
تمام ياجسورة هشغل نفسي وأحاول اعملكم كيك الشيكولت لحد ما مامي ترجع أصلها كلمتني وقالت عندها عمليات كتير النهاردة
وصل جاسر أمام القسم بعدالذي يعمل به والده بعد دقائق ترجل من سيارته وتحدث بحب لاخته
تمام ياروبي كتري الشكولت علشان خاطر جسورة
ضحكت بصوتا ناعم لأخيها.

جسور عليه يؤمر بس وروبي تحت التنفيذ
دلف للقسم ومازال يتحدث
هو أوس مش في البيت ولا أيه
أجابته بهدوء
لا راح إسكندرية، قالي كدا
هز رأسه واردف
تمام ياحبيبتي، نص ساعه بالكتير وهنكون عندك
دلف لمكتب والده كالمشاغب
أنا جيت حضرة اللوا المعظم، ولكنه قاطع حديثه عندما وجد بيجاد يجلس بمقابلة والده وتلك الغريبة التي لم يراها قبل ذلك.

سكن لثواني يتأمل قسمات وجهها ثم تحرك بهدوء ينظر لوالده الذي ابتسم له ورغم إبتسامته إلا أن عيناه تحكي الكثير
أشار جواد على جاسر
تعالي حبيبي، رفعت نظرها لجاسر وتلاقت نظراتهما بمشاعر مختلفة
وقف أمام بيجاد
إازيك يابيجاد عامل إيه
كويس ياجسور، ليك وحشة
اومأ جاسر وكأن عقله مغيب ينظر لتلك الغريبة القريبة
ظل جواد يوزع نظراته بين جاسر وغنى وحدث حاله
ياترى ياجاسر حسيت باللي حسيت بيه
طالعته غنى بابتسامة ثم نظرت لجواد.

دا إبن حضرتك
توقف جواد وخطى إلى أن وصل لوقوف جاسر ثم ضمھ
دا إبني الكبير، تقدري تقولي روحي الأكبر
نظر جاسر لوالده وترقرق دمعه، من حديث والده المبطن بالحزن
حاول بيجاد التخفيف من تلك المقابلة التي جنت له بعض الشئ...
ماتقعد يالا بتبحلق في البت كدا ليه. ايه اتكونش بتشبه ولا عجبتك
ثم داعبه بنظره مرحة
لو بتشبه هنا أعذرك. لكن لو معجب
دي فيها رقاب
ظل جواد صامت لا يتحدث ولكن بخبرته فهم مايرمي إليه بيجاد.

نظر لبيجاد وضيق عيناه وتسائل بخبث
وجاسر هيشبه عليها ليه يابيجاد
رفع حاجبه متزامنا مع شفته العلوية
ايه ياحضرة اللوا أنابقول مجرد إقتراح
حضرتك اللي طبعت الكلمة
مازال جاسر ينظر إليها وهناك شعور بداخله إنه رآها قبل ذلك، ولكن أين
أغمض عيناه محاولا إستكشاف إين رأى تلك الشخصية القريبة من قلبه الغائبة عن عقله
ساد صمتا على الجميع للحظات. كان جواد.

يجلس بوجه يكسوه الحزن يبدو كأنه يريد الحديث والبوح عما يشعر به. ولكن كيف وهو مجرد إحساس، زفر قاطعا صمتهم
باباكي عامل إيه، ثم تذكر شيئا متجها لبيجاد
مقولتليش يابيجاد إيه اللي عرفك بغنى. تسائل بها بغموض
مط شفتيه ورفع حاجبه عندما شعر بمراوغة جواد
تقدر تقول صدف سعيدة ياعمو، بس إيه رأيك
ضيقت غنى عيناها وتحدثت بسخط.

صدف منيلة بنيلة والله ياحضرة اللوا، دا عاملي زي عفريت العلبة، ساعات فيه صدف بتكون نقلة في حياتنا، وساعات صدف بتكون باردة
جذب جاسر بيجاد من ذراعيه
دي الجرل فريند ياكابتن ولا إيه
نظر إليها واستقرت عيناه على ملامحها البريئة بطريقة توحي لعاشق برسم ملامح حبيبته، هنا شعر بدقات ع?يفة بين جنبات صدره لأول مرة يشعر بها حينما تحدث جاسر
الصراحة ذوقك حلو وجذاب والبنت طعمة ولذيذة.

لماذا شعر پغضب إجتاح اوردته وشعور الغيرة يتملك منه لا يعرف كيف سيطرت على قلبه في ذاك الوقت القياسي
اتجه بنظره لجاسر
لا ياخفة مش الجرل فريند دي صديقة ونزل عينك من عليها
رفع حاجبه بشقاوة كالأطفال
باين صداقة بس، دا عيونك دي هتاكلها. ولا الغيرة اللي بتنط منك
كانت غنى تتحدث في ذاك الوقت مع جواد
حبيت أشكرك على يوم المستشفى
ضيق عيناه وتسائل
مش فاهم قصدك إيه
فركت يديها وتحدثت.

يوم ماكنت مضايقة بسبب تعب ماما وحضرتك قعدت معايا اليوم دا، بصراحة هونت عليا كتير ثم أكملت إسترسال حديثها
هو حضرتك ليه معنتش بتروح المستشفى، يعني بقالك شهر وسألت كتير ومحدش يعرف
كانت نيران ملتهبة ?حرق أحشاؤه من الداخل من حديثها وصدمة قوية
اجتاحته عندما اردفت
أول مرة أحس إن فيه حد بيوحشني كدا كأني أعرفك من زمان مش مجرد تلات مرات اللي اتقابلنا فيهم.

كانت عيناه تستقر على ملامحها بطريقة توحي للرائي إنه معجب بها حد الجنون. ولا يغيب ذاك عن نظراتها في كل مرة
قاطع حديثهما جاسر
مش ملاحظين حاجة
أردف بها جاسر، مسح جواد بكفيه على وجهه محاول أخذ نفسا عميقا
مش ملاحظين إن غنى فيها شبه من ماما
صدمة بل ص?عة لكلاهما. رفعت غنى نظرها لجاسر وتحدثت بغموض
أول مرة حد يشوفني ويقولي أنا شبه حد، ثم استدارت لجواد ناظرة بمقلتيه
وأكملت حديثها المبطن بالإغراء.

عيوني حلوة حتى صحباتي بتركيا مسميني المنوم المغنطيسي
دقق النظر في ملامحها التي شقت قلبه لنصفين...
معقول يكون التشابه للحد دا...
آه عيون قطة ياختي
هذا ماقاله بيجاد عندما وجد نظرات جواد لها
ظل يراقبها بنظراته الصقرية عندما كانت تتحدث مع جاسر وبيجاد
قاطعهم صوت هاتفه
نظر لهاتفه مضيقا عيناه مستغربا إتصال جنى ابنة صهيب به قام بالرد سريعا
أيوة ياجوجو
هب واقفا مسرعا للخارج ينظر لجاسر.

حاضر إهدي ياقلبي مسافة السكة واكون عندك. إتجه بيجاد إليه
فيه حاجة ياعمو ولا إيه، انهى حديثه سريعا
جاسر عز عمل حا?ثة في لندن، أحجز طيارة بسرعة
وقف بيجاد ممسكا ذراعيه
ممكن تهدى وأنا هتصرف
اتجه بنظره لغنى وتحدث
معلش ياحبيبتي مضطرين نمشي
كلمة بسيطة تحدث بها ولكن كان لقلبها ردا آخر عندما شعرت بشعور من نوع آخر
أهذا هو الحب، هذا ماتحدث به لسانها وقلبها أسرع لسيارته.

بيجاد شوفلي طيارة للندن خلال ربع ساعة لو عايز تساعدني بجد
قاد سيارته سريعا حتى وصل إلى منزله خلال دقائق معدودة
ترجل سريعا متجها لمنزل صهيب، دلف سريعا إلى المنزل...
وجد صهيب يتجه لسيارته للسفر
صهيب صاح بها جواد وجاسر الذي وصل خلف والده
إيه اللي سمعته دا
ألقى صهيب نفسه بأحضانه وهو يبكي بنشيج على فلذة كبده
وديني لإبني ياجواد، عايز أشوفه قبل مايسبني، خليني اضمه.

تردد كلمات صهيب المؤلمة لقلبه وانسدلت عبراته رغما عنه، سقط صهيب من بين ذراعيه وعقله يصور له أشياء كثيرة تصاب بإبنه
أشفق جواد عليه كثيرا، يعطيه كل الحق فيما يشعر به فالأمر صعب ومؤلم
وضم وجهه بين راحتيه
إيه ياحبيبي. إجمد كدا، إن شاءلله هيكون كويس، من إمتى وانت ضعيف كدا ياصهيب، قدر الخير ياحبيبي
وصلت نهى اليهما بساقين مرتعشتين بجوارها مليكة التي تساندها.

جواد أتصل بحازم شكله في إجتماع وفونه مقفول، ممكن تشوف حد من السكرتارية يوصلنا بيه
خليه براحته يامليكة إحنا هنسافر ولو حصل في الأمور أمور هنعرفكم
قاطعهم رنين الهاتف
ايوة يابيجاد، تمام عشر دقايق وهنكون في المطار
جاسر خليك هنا وأنا هسافر مع عمك
إيه اللي بتقوله دا يابابا، أنا مستحيل اقعد هنا وھموت من القلق على عز
أشار بسبابته
مينفعش يابابا لازم يكون فيه راجل مع إخواتك...
أمسكه من أكتافه.

أنا عارف إن عز صاحب عمرك وغالي عليك، لكن ياحبيبي مينفعش تسيب بيتنا وبيت عمك من غير راجل وأوس في إسكندرية قدامه يومين لما يرجع
فتح السيارة لصهيب الذي لم يشعر بشيئا حوله سوى بكاء زوجته بأحضانه
قبل رأسها
إشش إهدي إن شاء الله هيكون كويس
نزل جواد بجسده بمستوى جلوسهما
خمس دقايق وراجع ياصهيب إياك تمشي من غيري
اتجه سريعا لمنزله ناسيا ابنته الحبيبة التي لاتعلم بما صار.

صعد غرفته سريعا وأحضر مايحتاجه ثم صاح باسم الخادمة
منىوصلت العاملة إليه سريعا
أنا مسافر انجلترا عرفي الدكتورة لما ترجع ممكن تقلق لما تلاقي فوني مقفول
عرفيها إن عز عمل حا?ثة في لندن
هنا استمع لسقوط شيئا ما
اتجه ينظر خلفه، صدمة زلزلت كيانه عندما وجد إبنته تخرج من غرفة الطعام بيديها قالب من الكيك
بصعوبة وقفت مترنحة تكمكم ص?اخ قلبها الذي انتفض ألما على حبيب روحها
تدفقت عبراتها حتى غامت الرؤية امامها.

أسرع إليها عندما وجد دموعها تتساقط بغزارة وتيبس بجسدها كأنها لم تشعر بما حولها
ابتلع ريقه الجاف قائلا بهدوء
حبيبتي أنا كنت بقول، قاطعته عندما نظرت إليه
لسة عايش مش كدا، قولي يابابا إنه لسه عايش
ضمھا لحضنه وهو يشعر گأن روحه تزهق منه، اخرجها بهدوء متجها بها لغرفتها
حبيبة بابي لازم اتحرك عمك مستنيني هكلمك أول ماأوصل واطمنك تمام ياروبي
خدني معاك يابابي لو سمحت، قالتها بصوتها الباكي المتؤلم كروحها.

وصل جاسر إليهما، نظر جواد إليه ففهم والده. جذب ربى من احضان والدها
تعالي ياروبى معايا بابا لازم يسافر ياقلبي
أنقبض قلبها جزعا حتى آلمها وشعرت بشيئا حاد يخترق صدرها
أمسكت بيد والدها تقبلها
علشان خاطري يابابي خدني معاك. هطمن عليه
اتجه بنظره لجاسر عندما شعر بنيران ?حرق صدره من حالة أبنته اخذ جرعة كبيرة من الهواء عله يهدئ من حالة الألم الذي وصل إليها.

اختك عينك متغفلش عنها ولا لحظة ياجاسر لحد ماما توصل، قالها جواد متحرك سريعا للصهيب
في لندن
قبل عدة ساعات كان يجلس امام حاسوبه يعمل عليه اذ قطع تركيزه رنين هاتفه من أحد المكلفين بحماية عز
سيد عمر لقد حدث شيئا سيئا للغاية
استمع بتركيز إليه
ماذا صار
لقد أصيب الباشمهندس عز الألفي بحا?ث أليم وتم نقله لإحدي المشافي الكبرى
هب سريعا لغرفته يرتدي ملابسه سريعا
اي مشفي ارسلي اللوكيشن فورا.

انهى حديثه وقام الأتصال بريان
ريان عز الألفي عمل حا?ثة ولسة معرفش حاجة، اتصل بوالده وعرفه وانا رايح على المستشفى
عودة للحاضر
كان يقف بالخارج ينتظر خروج الأطباء
خرج الأطباء من غرفة العمليات، أسرع إليهما عمر
How is the patient
كيف حالة الم?يض
أجابه الطبيب بعملية
Sorry
There was inrernal bleeding
كان يوجد ?زيف داخلي
أغمض عيناه ألما على ذاك الشاب الخلوق
ثم أكمل الطبيب
Some fractures to his arms and legs.

وبعض الكسور في ذراعيه وساقيه
نظر إليه عمر وتسائل
هل ال?زيف خط?ر
Is bleeding serious
لقد سيطرنا على توقفه
We have got. his stop under control
But hell be under 24 hours probation
سيظل تحت المراقبة لمدة أربعة وعشرين ساعة
شكره عمر وظل جالسا أمام غرفة العناية بإنتظار والده وعمه
وصل جواد وصهيب بعد عدة ساعات
بخطوات سريعة حتى وصلوا إلى عمر
اتجه صهيب بخطوات ثقيلة كحال جسده وتسائل
ابني فين ياعمر.

ضم يديه بين راحتيه وتحدث
كويس هو في العناية، الدكتور طمنا عليه، إن شاءالله يقوم بالسلامة
اتجه جواد ينظر من خلف زجاج الغرفة بعينان تغشاها الدموع، نظر إليه جسدا بلا روح تغرز به الكثير بالأبر، ناهيك عن جهاز التنفس. أغمض عيناه وآهة خفيضة خرجت من أعماق صدره
وصل إليه صهيب ونهى التي وقفت كالتائهة المشتتة، شهقة خرجت من جوفها يتبعها عبراتها الغزيرة...
ص?خة رجت المكان عندما وجدته بتلك الحالة، ضمھا صهيب بأحضانه.

اللهم إعتراض على قضائك ياأرحم الراحمين. الحمد لله على قضائك يارب
وضعت يديها المرتعشة على زجاج النافذة
ياحبيبي يابني، يارب متحرمنيش منه يارب...
اتجه جواد بنظراته لأخيه الذي يتظاهر بالقوة أمام زوجته ولكن هل يستطيع الأب السيطرة على مشاعره أمام آلام إبنه
بالقاهرة ضم ربى بعد خروج عمه واتجه إلى منزل عمه صهيب ليطمئن على جنى. دلف يبحث عنها متساىلا
جنى فين ياعلية!
أشارت إلى غرفة عز وأردفت.

فوق حاولت معاها مش مبطلة عياط. سحب ربى التي تتحرك معه جسدا بلا روح حتى وصل اليها طرق على الغرفة ولكن لم
تجيب فتح باب الغرفة بهدوء قائلا
جنى ادخل أزالت عبراتها وأردفت
لا ياجاسر انا بلبس البيت
تراجع للخارج قائلا
طيب حبيبتي البسي حاجة وتعالي انا وربى تحت مستنيك
اتجه بأخته إلى الأسفل وجلس ينتظرها هبطت بعيونها المنتفخة وجلست بجوار ربى تضمها وتبكي
ربى. عز ياربى. شهقت ربى پبكاء تضع كفيها على شفتيها.

انا عايزة اروح له ياجنى وحياتي عندك ياجنى خلي جاسر يوديني عنده
احتضنت وجهها وازالت عبراتها
حبيبتي ممكن تهدي رفعت نظرها إلى جاسر وأردفت
جاسر هياخدك هو كمان قلقان عليه قالتها وعبراتها تنسدل من وجنتيها أطبق على جفنيه فهو يشعر بقبضة تعتصر صدره من قلقه على صديقه
حاضر ياجنى ماما تيجي ونشوف هنعمل ايه. نهضت وتوقفت أمامه
ربنا يخليك لينا ياجاسر ودايما تكون سندي في غياب بابا وعز
جذبها لأحضانه يربت على ظهرها.

أنا اخوكي يابت سامعة عمري مااتخلى عنك انت وفارس وان شاء الله عز هيقوم بالسلامة
خرجت من أحضانه ورفعت عيناها بطبقة كرستالية من العبرات وهمست
وأحسن اخ في الدنيا. رفع كفيه وإزال عبراتها وتحدث بصوت مبحوح
طيب بطلي عياط عشان ربى م?هارة اسكت فيكم مين
بعد عدة ساعات في لندن
كان مازال يقف بقلبا حزين ينظر لأبنه بعدما أعطى زوجته حقنة مهدئة بسبب إنهيارها
خطى إلى أن وصل لأخيه يضمه بأحضانه يربت على ظهره.

هيبقى كويس ياحبيبي. والله هيبقى كويس، قاطعهم وصول ريان وربى وجاسر
وصل جاسر حيث وقوف والده
مقدرناش عليها يابابا، ماما سمحتلها وهي قعدت مع جنى وفارس، عمو ريان وعمو حازم وجواد قابلونا في المطار
اومأ برأسه متجها لأبنته التي تبكي بأحضان صهيب
أقترب منهما
حبيبتي. بابا ليه كدا ياروبي ينفع نتعب عمو أكتر ماهو تعبان
نظر إليها صهيب جاذبها ومتجها بها لغرفة العناية.

سبها ياجواد مع عمها، أحنا هندخل نشوفه، الدكتور سمحلنا
دلف صهيب أولا ثم دلفت بعده
بخطى متعثرة وقلبا يأن حزنا على حبيب قلبها، خطت بساقين كالهلام، وصلت إليه
تستند على فراشه تحاول التنفس بسبب مارأت من حالته، شعرت بنغزة قوية بمنتصف قلبها
جلست بجواره ودموعها تتساقط كالشلال
ضمت يديه السليمة بين راحتيها مقبلة إياها
ثم رفعت يديها على خصلاته وشهقاتها تتزايد.

كانا يقفا خلف زجاج النافذة ينظر كليهما إليها، نظر إليها بقلبا دامي من حزنه على عشق من ليس له. كانت عيناه الصقرية تتفحصها اعتصر قلبه عندما وجدها قريبة منه تناظره بعشق وتقبل جبينه، شعر بتجمد ال?ماء بعروقه وأنفاسه الملتهبة تشعل الذي يقف بالقرب منه. أغمض عيناه يحاول السيطرة على نفسه، ويحدث حاله
إهدى ياجواد مهما كان دا ابن خالك وصاحب عمرك. وهي الرقيقة لقلبك المتعطش لنظرة رأفة بعيناه.

ظل على هذه الحالة إلى أن شعر بيد خاله على ظهره
حبيبي عامل إيه
اتجه بنظره لجواد محاولا الحديث الذي بدأ يهرب منه
كويس ياخالو. تسلملي ياحبيبي
ثم اتجه يبحث بعيناه على صهيب
خالو صهيب راح فين
تنهد جواد متجها بنظره لإبنته مرة وإليه مرة وأجابه
راح يطمن على نهى
ثم رجع ينظر لأبنته بقلب مفطور
نزلت بجسدها تهمس له
عز افتح عيونك، ربى هنا. ينفع تسبني زعلانة دا كله، ظلت تهمس مع دموعها التي تسابق كلماتها.

عايزة أقولك كل كلامي كدب والله كدب افتح عيونك واخليك تصالحني كمان، إبتسمت من بين بكائها
أيوة أنا زعلانة منك أوي وعايزاك تصالحني، دلفت الممرضة تتحدث إليها
لقد انقضى الوقت آنستي
أومأت راسها ونهضت تقبل جبينه الملفوف بضمادة وأردفت له بهمسها
بحبك ياعزي، إبتمست عندما أردفت له بعض الكلمات ثم خرجت بهدوء
كان صهيب يجلس واضعا رأسه بين يديه ويدعو ربه تضرعا ليشفي إبنه
جلس حازم بجواره.

سلامته ياصهيب، يارب متشفش حاجة وحشة فيه، ويحفظهولك وإن شاء الله يقوم بالسلامة
اللهم آمين يارب العالمين
رفع نظره الى ربى التي تجلس بأحضان والدها
متزعلش من جواد ياحازم هو مالوش دخل باللي حصل
ربت حازم على يديه
مش زعلان من حد صدقني متنساش إحنا اخوات في الأول والأخر
هز صهيب رأسه ناظر بمقلتيه
أتمنى كدا ياحازم. أتمنى. وأهو شوفت إبني بين الحيا والم?ت
قاطعه حازم.

إياك تقول كدا، عز هيقوم بالسلامة وهتفرح بيه صدقني، ربنا مايحرمك منه ياحبيبي
وصل جواد حازم إليهما
سلامة عز ياعمو صهيب، إن شاء الله يقوم بالسلامة
ابتسم ابتسامة بسيطة
ربنا مايحرمكم من بعض ياحبيبي وتكونوا دايما سندا لبعض
اتجه بنظره مرة اخرى لربى
قلوبنا مش بإيدينا ياجواد. ربنا يكملك بعقلك ياحبيبي
بعد عدة ساعات والجميع بالترقب
نهض ريان وتحدث الى صهيب
الطيارة جاهزة ياصهيب، هتنقله مصر
أجاب الطبيب المصري.

نقله خط? ياريان بلاش.
مرت عدة ساعات كان الجميع نيام سواها تقف أمام النافذة الزجاجية تطالعه بعيونا باكية فتح جفونه يبحث عنها وجدها تشاهده اتجه يقف بجوارها ثم ضمھا من أكتافها
حبيبتي ارتاحي شوية هو اكيد هيكون كويس. وضعت رأسها بأحضان أخيها تبكي
اكيد زعلان مني ياجاسر انا كلمته بأسلوب وحش اوي
احتضن وجهها وازال عبراتها.

روبي روحي عز مستحيل يزعل منك متنسيش انك بنت عمه قبل كل حاجة. قاطعهما رنين هاتفها أمسكت الهاتف ووضعته بيد أخيها
رد على جنى هتتجنن عايزة تتطمن وانا مش قادرة اتكلم
سحبها واجلسها على المقعد ثم أجابها
ايه جنجون وحشتك ولا ايه. همست من بين بكائها
عز عامل ايه ياجاسر هو تعبان اوي
مسح جبينه بانامله واجابها بقلب مفطور
عز كويس حبيبتي صدقيني هو كويس. استمع لشهقاتها مما جعله يغمض عيناه ألما فأردف.

عشان خاطري بطلي عياط روحي شوفي فارس بيعمل ايه واتسلي لحد ماعز يفوق وهكلمك
لا. قالتها بصوت مبحوح من البكاء واكملت
ماما كويسة ولا لسة تعبانة بابا قالي أنها نايمة يبقى اكيد تعبانة
جنجونة ماما كويسة بس هي واخدة مهدئ حبيبتي ياله اقفلي وروحي إلى تقى بدل مش عايزة فارس، قاطعهم صوت أوس
جنى ادخل. إجابته
اتفضل ياابيه
دلف أوس يبسط كفيه.
ياله ياجنجون تعالي عشان جعان وعايز حد ياكلني
قاطعها جاسر.

اديني أوس حبيبتي. أعطت الهاتف الى أوس
اوس خد بالك من ولاد عمك احنا يومين وهنيجي متخليش جنى تنام معيطة حاول تخليها تروح عند تقى
كان أوس يطالع صمتها وعبراتها المنسدلة فأردف
تمام ياجاسر. ربنا يرجعوا بالسلامة
بعد مرور شهرين بالقاهرة
صباحا إستيقظ على ألما شديد بأعضاء جسده، حاول الإعتدال لأخذ بعض الأدوية
ولكنه لم يستطع
دلفت إليه نهى
حبيبي محتاج إيه...
تبسم لها محاولا السيطرة على آلامه
مفيش كنت محتاج آخد الدوا بس.

دلفت غزل وهي تلقي تحية الصباح
صباح الخير ياعزو باشا، عامل إيه النهاردة يابطل
رفع حاجبه وتحدث
إيه يادكتورة محسساني إني طفل صغير وهدخل أخد حقنة
طبعت نهى قبلة على رأسه
هتفضل بالنسبالي طفلي المدلل ياعزو
قبل يديها
ربنا يخليكي ليا ياست الكل
رفع نظره الى غزل التي تقوم بإحضار حقنته
أنطي غزل
اتجهت بنظرها وكأنها تعلم بما سيحدثها
وزعت نهى نظراتها بينهما وأردفت
هروح أجهزلك الفطار ياحبيبي
هز رأسه بايماءة بسيطة.

إتجهت غزل تجلس بجواره تمسك بذراعيه لتقوم بحقنه ثم أردفت بإبتسامة
ربى في الجامعة ومش هتسأل بلسانها ياريت تريح نفسك. دنت تنظر داخل مقلتيه
كأني بشوف صهيب قدامي من خمسة وعشرين سنة
دلف يقهقه عليها
شامم ريحة حد جايب في سيرتي
وقفت تنظر إليه وترفع حاجبها بسخرية
شوف إزاي وأنا الغبية اللي كنت مفكرة إننا بنسمع الكلام مش بنشمه
ضحك بضحكات صاخبة وأردف من بين ضحكاته
والله زي ماإنت يازوزو مش عايزة تكبري خالص.

سيبي عز يفطر وتعالي نقعد نشرب قهوتنا زي زمان
هزت رأسها
بإيماءة بسيطة تحاول ألا تذرف دموعها، فحديث صهيب شعر بها غير زوجها الذي تغير كليا في تلك الفترة
اتجه إلى حديقة المنزل
مالك في إيه، شايفك واخدة أجازة من المستشفى
اتجهت بنظرها لنهى التي تأتي بقهوتهما ثم أجابته
مفيش شوية إرهاق وكمان ربى وإمتحاناتها وياسين اللي دايما غايب على طول
وضع يديه على المنضدة ينظر إلى مقلتيها
وجواد وسفرياته اللي بقت بتخنقك مش كدا.

زفرت الهواء ثم اتجهت بنظرها وتسائلت مع وصول نهى إليهما
جواد مخبي عليا إيه ياصهيب
ضيقت نهى عيناها تنظر إليه
وصهيب هيخبي عليكي إيه ياغزل
هبت واقفة من مكانها
عندك حق يانهى إذا كان جوزي نفسه مخبي عليا جوزك هيقولي، قالتها ثم تحركت مغادرة
مسح على وجهه پغضب محاولا أن يجد حلا فمنذ أن رأى غنى بدأ الشك يتغلل داخله
ربتت نهى على يديه.

صهيب ايه اللي بيحصل، وجواد ماله أنا حاسة إنه متغير فعلا، يعنى حتى إجتماعتنا يوم الجمعة معدش بيحضرها وكمان سفرياته الكتيرة مع إنه أجازة
نهض صهيب من مكانه
روحي شوفي عز نام ولا لسة، وكلمي الدكتور علشان العلاج الطبيعي. وبلاش نتكلم في حاجات مع غزل منعرفهاش يانهى تمام، أنا هخرج عندي إجتماع. من ساعة سفر سيف وحازم وظهور غنى وكل حاجة بقت فوق دماغي
وقف بمقابلته
ظهور غنى مين ياصهيب.

أووووه يانهى اتلخبط ياستي قصدي ربى اللي حالها اتغير كليا من ساعة ماعز رجع لصحته، كنت فرحت برجوعهم لبعض وشوفي حالة إبنك كل ماحد يدخل عليه يفكره هي
بالجامعة الامريكية
تجلس بالكافيه تنظر لكوبها وتتلاعب به ونظرات شاردة، قاطعتها صديقتها
وبعدهالك ياغنى هتفضلي كدا
رفعت نظرها إليها وأردفت
يمنى أنا بحب واحد وبحبه قوي ومش شايفة حياتي مع حد غيره
ضيقت يمنى عيناها وتسائلت.

وايه يعني ياحبي، إنت مش صغيرة دا انت عديتي العشرين يخربيت برودك، دا اللي زينا عندهم عيال
قالتها بطريقة فكاهية ولكن ظلت غنى كما هي
دنت منها يمنى وتسائلت
إوعي يكون الولد ابو عيون عسلي الحليوة دا يخربيت جماله، ولا إسمه تحسيه ملك كدا
انسدلت دمعة غائرة
تكملة البارت التاسع انسدلت دمعة غائرة من عيناها وأردفت
ياريت يايمنى ياريت كنت بحب بيجاد مكنتش هتعذب كدا
توسعت عيني يمنى وتسائلت.

قصدك إيه إوعي ياغنى يكون اللي في بالي اللي كل شوية تروحيله مكتبه لحد مالراجل زهق منك ومعدش بيروح
تفاجئت يمنى ببكائها فجأة واضعة يديها على وجهها
?صب عني والله ?صب عني، ھموت واشوفه يايمنى حتى لو من بعيد
شهقت يمنى شهقة محملة بال?جع على صديقة عمرها. حاولت السيطرة قدر المستطاع على نفسها بعد سماع حديثها المهلك لها
ألقت غنى نفسها بأحضانها.

بحبه أوي يايمنى أوي فوق ماتتخيلي، حبه حاجة خاصة كدا. متعرفيش إيه دا إحساس يخليكي ملكة وإنت في أحضانه
خرجت تبتسم من بين بكائها
تعرفي حسيت بإيه. هزت رأسها
مش عارفة أوصفلك شعوري يايمنى
ربتت على يديها
يعني ياغنى من كل الولاد والرجالة اللي قابلوكي دول متلقيش غير الراجل المتجوز اللي بيعشق مراته على حسب الأحاديث اللي حكتيها، غير ولاده ولا بيجاد اللي بأكدلك انه بيحبك
هنا ذهبت بذاكرتها منذ اسبوع.

خرجت من الجامعة وجدت بيجاد ينظر لها پغضب، ثم فجأة جذبها بقوة متجها بها إلى سيارته
دفعته بقوة
إيه ساحب جاموسة ماتهدى شوية
قبض على مرفقيها مرة أخرى بكفه ليعقد ذراعها خلفها وهمس بجانب اذنيها
تقربي تاني من جواد الألفي دون علمي هوريكي جهنم سمعتيني ياغنى، متخلنيش أندم على اليوم اللي خلاني أدور وراكي. اصبري شهر واحد بس خلي عقلك الجذمة دا يشتغل بحاجات تانية بلاش شغل الهبل والصور اللي كل شوية تبعتيها له تمام.

ثم دفعها بقوة بعيدا عنه...
دنت منه، وتحدثت بقوة تنظر داخل مقلتيه
أيوة بحبه يابيجاد وهتجوزه كمان. وشوف غنى هتعمل إيه علشان توصل لحبيبها
صفعها بيجاد بقوة على وجهها وتحدث پغضب صارخ وهو يرجع خصلاته كانه يقتلعها
إنت مچنونة اكيد مچنونة، قبض على يديه بقوة رافعها أمام نظرها
مفيش واحدة عاقلة وبنت ناس تعمل اللي بتعمليه دا
دفعته كقطة شرسة واردفت بقوة.

مالكش دعوة بيا أعمل اللي اعمله إنت مالك إنت، قالتها وهي تلكمه بصدره
خرجت من شرودها على حديث صديقتها
وبعدهالك هتفضلي كدا كتير، متعودتش منك على كدا، ثم افتكرت شيئا
طيب تعالي نروح نعاند في بيجاد شوية والله الولد دا وحشني
أعتصرت عيناها ألما فقد أشتاقت له هو كذلك لا تعلم ماهية شعورها اتجاهه. تحتاجه بقربها فقط، أغمضت عيناها تتنفس بهدوء لعل تجد حلا لشعورها المشتت
مساء بفيلا الألفي.

جلس بعد جلسة العلاج الطبيعي. يعمل على جهازه، إستمع طرقات على باب غرفته
رفع نظره للطارق وجد جواد حازم يدلف إليه مبتسما
ممكن ادخل ولا مشغول
رفع يديه وهز رأسه بإيماءة بسيطة
تعالى ياحبيبي، لا فاضي حبيت اشغل نفسي شوية
ضمھ بحب وتحدث
حمدالله على سلامتك. وصلت إمتى
وضع سلاحھ الخاص على المنضدة بجواره
نظر عز إليه وتحدث بشقاوة
والله ماعايز أموت دلوقتي. ممكن نتفق
قهقه عليه جواد وهو يتحدث بسعادة إليه.

يابني أكبر يخربيتك، دا لو حرامي ثبتك هيموتك، دا إنت اللي زيك مابيمشيش غير سلاح
هز رأسه رافضا الفكرة تماما
لا ولا عمري أف?ر أبدا
ظلا يتحادثان لفترة ثم قاطع مزاحهما جواد
هتسافر تاني ولا كدا خلاص
أخذ جرعة كبيرة من الهواء يعبأ بها رئتيه ثم زفرها
بابا وماما رافضين خالص ياجواد. غير مشاغله الكتيرة هنا بعدو ماأسسوا شركة في فرنسا، وباباك استقر هناك زي ماإنت عارف
أومأ جواد رأسه بتفهم ثم تحدث.

لسة إنت وربى مبتكلموش بعض
بفيلا جواد الألفي
جالسا بالحديقة رافعا رأسه للسماء وهو مغمض عيناه يتذكر تلك الأيام التي مرت عليه منذ صغره لليوم، مر وقتا ليس بالقليل وهو على تلك الحالة، كانت تجلس بالشرفة تنظر له من حين لآخر، تقسم بداخلها أنه هناك مايؤلم روحه
زفرت بحزنا ثم اتجهت إليه
ذهب بشروده لتلك الليلة التي قلبت حياته
فلاش باك
جالسا بمكتبه دلف إليه المسؤل عن مكتبه
فيه آنسة برة عايزة تقابل حضرتك.

دلفت بعد لحظات ودموعها تنسدل بقوة على وجنتيها ويسرع خلفها بيجاد يجذبها پغضب، نهض سريعا ونيران قلبه تتآكل داخليا من دموعها التي شعرته بالعجز عندما أحس بها
اتجه ينظر لبيجاد پغضب
مالك ومالها
وقفت بمقابلته وأمسكت يديه تنظر داخل مقلتيه
قوله مالوش دعوة بيا، أنا معرفوش علشان يتحكم فيا كدا، لحد دلوقتي مقولتش لبابا حاجة، ثم أشارت عليه پغضب
لأخر مرة بحذره والله ممكن ادخله السچن وهو عارف دا كويس.

أزال دموعها بحنان أبوي
طيب ممكن تحكيلي أيه اللي حصل خلاكي زعلانة أوي كدا
لمساته التي لمست خديها جعل قلبها يدق بصخب عندها تذكرت حديثها مع والدها
بابا فيه موضوع مضايقني ومحتاجة اتكلم معاك شوية
كان يعمل على جهازه يبدو إنه يشاهد إحدى العمليات، تحدث ومازال مدقق النظر لجهازه
بعدين ياغنى هشوف وقت فاضي ونتكلم
ظلت لدقائق وحزن قلبها يدميها ?جعا عندما لم يهتم حتى ويرفع نظراته إليها.

خرجت من شرودها عندما سحبها جواد من يديها ونظر إلى بيجاد وتحدث
تعالي يابيجاد
جلسوا لبعض الدقائق دون حديث قاطعه هو عندما تحدث
ممكن تحكيلي يابابا إيه اللي حصل من الولد دا، ووعد مني لو غلطان لاجبلك حقك
هبت
واقفة وصاحت بصوتا باكي
متقولش بس يابابا دي متحسسنيش إنك بابايا
هنا أغمض بيجاد حزنه عندما نظر إلى جواد الذي ارتجفت شفتيه وهو يحاول الرد عليها ولكنه عجز عن الحديث
نهض واقفا وتحدث.

آسف ياعمو، شكل غنى أعصابها تعبانة ومحتاجة تروح ترتاح مش كدا، قالها وهو يجذبها بقوة إليه
دفعته ونظرت إلى جواد وتحدثت بما شق قلبه لنصفين
مستحيل في يوم تكون زي ابوي لسبب بسيط إن حبيتك...
انسدلت دموعها بغزارة وهي تكمل حديثها المدمي لقلوبهم جميعا.

مش ذنبي إني حبيتك ومش ذنب قلبي يدقلك إنت دون عن الكل، لو فيه يوم عدى عليا من غير مأشوفك بتجنن. ولو مش واخد بالك من كدا يبقى بتستهبل. أما لو واخد بالك وبتستعبطني يبقى ربنا يوجع قلبك زي ماإنت واجع قلبي
كان يقف على الباب وكأن صاعقة تضربه بقوة من هيئتها ونظراتها لأخيها، مسح على وجهه يحاول أن يقنع نفسه أن تلك التي تقف أمامه ليست غزل بصغرها.

رفع بيجاد نظره الى صهيب الذي وصل للتو واقفا وعيناه تستقر على ملامحها كأنه رسام...
إرتجف قلب جواد لدى سماعه لكلماتها التي احرقته بالكامل، عندما أغرقته كلماتها في العڈاب اكثر وأكثر
أمتقع لونه بشده عندما شعر بإنسحاب ال?ماء من اوردته، رفع نظره الى بيجاد بنظرات متسائلة
ماذا تقول هذه
رفعت يديه إلى نبضها وتحدثت.

هو مالوش ذنب، الذنب عندي في دا، قوله يبطل يفكر فيك، قوله أزاي اكون طبيعية لو عدى يوم من غير ماأشوفك. ليه الكل بيلومني
ثم اتجهت بنظراتها إلى بيجاد پغضب
مين اداله الحق يضربني علشان قولتله إني بحبك، طيب أنا عارفة هو بيلف على إيه بس بقولها قدامه أهو لو آخر راجل يابيجاد يامنشاوي مستحيل أفكر فيك
مش بيقولوا الخداع مباح في الحب والح?ب
طيب أنا خدعتك علشان اقربله هو مش إنت ابدا...

قاطع ذكرياته عندما وصلت غزل تجلس بجواره على المقعد وتضع رأسها على صدرها
جود حبيبي وحشتني. إنت كنت بتقول هنسافر يومين بعد ماعز يخف وعز اهو الحمد لله خف
ضمھا بقوة لأحضانه كأنه كان يحتاج إليها. ثم حملها متجها لغرفتهما عله يخرج من شعوره المم?ت الذي يحرقه يوما بعد يوم
بفيلا ريان المنشاوي
وقف أمامه يتحدث بعصبية
قولي أنك مش ناوي ?موتني، عايز أعرف إنت عايز توصل لإيه بالضبط.

كان يجلس بهدوء يطالع والده وتحدث كحالته
تمام يابابا، حضرتك عايز تعرفني إني غلط وانتوا الصح، طيب فيه حاجة إسمها تحليل DNA دا على مااعتقد خيريحنا كلنا
أرجع ريان شعره للخلف وهو يكاد يشعر بالجنون
إنت مچنون يلا، بقولك أنا كنت مع جواد في الحفلة وسأله قدامي أنا فاكر كويس مش معنى البنت شبه مراته يبقى بنته
نهض بيجاد وهو يضع يديه بجيب بنطاله.

والله يادادي العظيم لو قولتلي أيه مفيش حاجة هتريحني غير التحليل هو دا اللي يريحني
اتجه ريان لابنه ينظر إليه پغضب مما جعل ال?ماء تندفع الى راسه وغلى صدره وص?خ به
تتحمل حد يجي يوقف قدامي ويقولي عايز أعمل تحليل لياسمينا اصلي شاكك إنها بنتي
دنى من والده وتحدث بهدوء مم?ت لوالده.

متربطش الاحداث ببعضها ياحضرة الدكتور، بنتك متخطفتش بنتك ومالهاش شبيه غير، ص?خ ريان بوجه ورفع يديه لكي يصفعه لولا ص?اخ نغم التي وصلت على صوتهما المرتفع
ريان فيه أيه.
ممكن تهدى العصبية مش هتعمل حاجة
أغمض عيناه قهرا، لأول مرة يرفع يداه على أحد من أبنائه
جلس واضعا رأسه بين يديه وهو يحاول اخذ انفاسه بهدوء.

قولي لأبنك يانغم إننا سألنا الراجل يوم الحفله، عرفيه إن كلنا كنا بنستجوبه كأنه متهم والراجل ياحرام كان هيروح فيها
تذكرت نغم تلك الحفلة التي أقاموها في المستشفى الخيري لبناء عدة مبان جديدة ملتحقة بها لعلاج إمراض اخرى
فلاش
وقف جواد يحاوط غزل من خصرها فجأة لفت نظره للتي تشير إليه من بعيد
نظر إليها وتحدث أمام ريان ونغم وصهيب ونهى
هعرفكم على بنت الدكتور طارق. بنت لذيذة اوي وشبهك ياغزالتي.

أغمض ريان عيناه يضغط على يد زوجته ويدعي ربه أن تمر الليلة بسلام، ولكنه تسائل فيما بينه بصوت خفيض سمعته زوجته
ياترى ياجواد إنت عندك شك في البنت بعد ماشوفتها ولا لا
نظر ريان إلى غنى التي كانت بمقابلة وجهه ونظر لغزل، استدار ينظر لزوجته بإندهاش بمعنى أيعقل هذا، ولكنه رفع نظره إليها مرة اخرى وجدها اختفت
وصل الدكتور طارق وزوجته إليهما
بعد فترة من الحديث، فجأة نظر ريان إلى طارق وأردف متسائلا.

بنتك حلوة أوي ياطارق، تخبي الجمال دا كله عننا يآخي وإحنا عندنا رجالة ماشاء الله كلهم عايزين عرايس
ضحكت غزل على حديث ريان
وياترى شفتها فين ياباشمهندس وعجبتك من غير حتى الولاد
ابتسمت نغم واكملت حديثها
والله نفسي اجوز بيجاد أوي وعرفنا إنهم عارفين بعض
اتجه جواد بنظره وتسائل
هي مولودة هنا ولا في تركيا
أجابته تهاني سريعا.

بتركيا، وتعبت جدا في ولادتها حتى بعدها حصل ?زيف وشلت الرحم وللأسف اتحرمت من الولاد، ومعنديش غيرها
ظل ينظر إليها واكمل أسئلته
انتوا مسافرين بقالكم كام سنة
أجابه طارق بهدوء
سبعة وعشرين سنة. بعد ماغزل خلصت الجامعة على طول، بس قعدنا هناك حوالي تلات سنين من غير ولاد لحد ماربنا أراد
قاطعه ريان وتسائل
وهي عندها أد إيه دلوقتى، ثم ابتسم وأكمل
نشوف عروستنا الأمورة تنفع لمين في الولاد.

أنا عندي بيجاد، وجواد عنده جاسر، وكمان صهيب عنده عز
قاطعتهم تهاني سريعا
لا هي مبتفكرش في الجواز
بس هي معجبة ببيجاد قالها جواد بغموض، بينما أكمل صهيب صاعقته وأردف ماجعل ال?ماء تنسحب من وجه تهاني
بس أنا شايفها لجاسر أحسن واحد، دا حتى فيهم شبه من بعض
مستحيل قالتها تهاني سريعا دون تفكير
ضيق عيناه وتسائل
ليه يادكتورة مستحيل، مش يمكن جيتكم مصر علشان تناسبوا عيلة الألفي
فهم كلا من جواد وريان لعبة صهيب.

فابتسم جواد وأردف
صراحة البنت عجباني ولو عجبت جاسر يبقى على بركة الله
هزت رأسها برفض تنظر لزوجها
والله ياجماعة كلامكم زادني شرف، لكن غنى مابتفكرش في الجواز، ولو بتفكر مستحيل تتجوز ظابط، مبتحبهمش ابدا، قالتها تنظر لجواد
آسفة ياحضرة اللوا بس دا اللي بتفكر فيه بنات الجيل دا، بيقولوا عليهم خنقة
ضغط صهيب بالحديث فمنذ حديث جواد عنها قبيل أن يراها بيومين. كانت الحفل قبل إعترافها بحبها لأبيها.

رفع صهيب نظره الى تهاني
خلاص خلينا نقعدهم مع بعض ونشوف
أومأ طارق برأسه يتحدث لزوجته
خلاص ياتهاني مايمكن غنى تحب جاسر ونكون علاقة أعمق مع حضرة اللوا
تمام ياطارق بدل إنت شايف كدا يبقى خلاص بنتك عندك
نظرت غزل للجميع وتحدثت بصوت مرتعش لأول مرة منذ بداية الحديث
هي بنت حضرتك إسمها غنى يادكتور
باك
خرجت نغم من ذكرياتها وهي تنظر إلى بيجاد.

يعني لو زي ماإنت بتقول إن غنى بنت جواد كانوا فضلوا رافضين، وكمان اتفقوا على ميعاد، إيه رأيك، ياريت يابيحاد تقفل الكلام عن الموضوع دا، وبعدين ابوها وعمها شافوها لو فعلا شاكين مش هيسكتوا
خرج ريان عن صمت دام لبعض الدقائق
عملت إيه في فرنسا، وصلت لعنوان الست اللي يوسف قالك عليها
جلس بيجاد يمسح على وجهه
قابلتها وعملت زي ماحضرتك
طلبت
أومأ برأسه عدة مرات وتحدث.

هتسافر مع جواد بكرة فرنسا بدل عايز تتأكد البنت دي غنى ولا لا، الست دي اللي شاكين إنها خط?تها
ذهل بيجاد من حديث والده، تسائل
بتقول إيه حضرتك!
وقف ريان ودنى منه وتحدث
مش حضرتك روحت رميت القنبلة بوش جواد، خلينا كلنا وراك لحد مانغرق
تذكر بيجاد حديثه لجواد قبل أسبوع
بقسم الشرطة
دلف بيجاد إلى مكتبه
أنا جيت ياحضرة اللوا، عامل إيه
نهض يفتح ذراعيه
اهلا بكبتنا الحبيب، عامل إيه يالا وحشني
رفع حاجبه وتحدث بسخرية.

شوف إزاي وأنا اللي كنت ظالمك
لكمه جواد بضحكاته
بقولك ايه يابيجاد ماتاخدني معاك سفرية
من سفرياتك الحلوة دي
مط شفتيه وهو يرمقه بنظرات تفحصية ثم أردف متسائلا
شوفت المزة بتاعتي الأسبوع دا ولا لا
تهرب جواد من نظراته، ونهض يبحث بتصنع عن بعض الملفات
إتجه بيجاد للنافذة
مقولتش رأيك فيها ياعمو جواد
جلس يتنهد محاولا أخذ نفسا عميق
اتجه بيجاد وجلس بمقابلته
مردتش على سؤالي إيه رأيك فيها.

ظل ينظر له بهدوء ثم وضع يديه على مكتبه مقتربا منه
بتلف على مين يابيحاد، عايز توصل لإيه، وليه عرفتني عليها، وبعد كدا حاولت تتقرب مني وفجاة اختفت من غير أسباب
استند بظهره على المقعد عاقدا ذراعيه أمامه
مش فاهم حضرتك ياريت توضحلي
نهض من مكانه متجها إليه ثم جلس بمقابلته
عايز توصل لإيه يابيجاد سؤال عايز إجابته من غير لف ودوران
بدون مقدمات ألقى قنبلته
عايز اتأكد انها بنتك.

اتسعت عيناه وهزة أصابت جسده بالكامل حتى شعر بعدم اتزانه، فجلس أمامه ودقات قلبه بالأرتفاع وبلسان ثقيل وشفتين مرتعشتين
أنت بتقول أيه يابني، شكل السفر مأثر على دماغك
هب واقفا وصاح بصوته
بقولك ياعمو أنا مش هعمل زي ماابويا قال وادفن راسي في التراب كالنعامة، علشان مفيش دليل...
اقترب من وجهه وأردف بقوة
البنت دي غنى بنتك، عايز تصدق صدق مش عايز براحتك، أنا متأكد.

للحظة نظر له جواد كالمشتت وشعر تعطل جميع اجهزة جسده وتجمد ال?م بعروقه وجحظ بمقلتين ينظر إليه بتيه
مستحيل، آه مستحيل
جلس بيجاد بجواره وتحدث مقنعا إياه
شعور غنى اتجاهك دا شعور أبوي، وحضرتك شوفت إنهيارها لما كانت بتتكلم عن باباها، لو سمحت ياعمو أنا مش طالب منك غير إنك تعمل تحليل وبس
أنا كنت شاكك بس دلوقتي متأكد حتى عمو صهيب كمان بدأ يشك
خرج من شروده عندما تحدث إليه ريان.

الست اللي قابلتها أنت ويوسف دي بنت عمة جواد ووالدتها معاها، وطبعا الباقي إنت عارفه، بكرة هتسافر معاه، أنا بعتك علشان تقدر تسيطر عليه، ويوسف مش هيسبكم كمان، ثم أشار بسبابته
بلاش تهور يابيجاد، علشان نتأكد البنت دي غنى ولا لأ بلاش تهور منك ومن جواد، لو عمر موجود كنت بعته، بس طبعا مش هجيب اخوك من شهر العسل علشان كدا
بفيلا الألفي
يغط بنوما عميق. شعر بأحدهما يمسد على خصلاته ويهمس لها بإذنيه.

وحشتني ياعزي، وحشتني عينك وهي بتبصلي...
وحشني شفايفك وهي بتناديلي بروبي.
فتح عيناه وجدها قريباة جدا.
تمر على الإنسان أوقات تكون فيها أعظم أمنياته هي ألا يشعر
فتح عيناه وجدها بالقرب من للحد غير المسموح بينهما. أعتدل على فراشه وهو يضم وجهها بين راحتيه
حبيبي أنت هنا
هزت رأسها ونظرت بإشتياق إليه وأردفت
هنا بين ايدك.
صباحا بفرنسا
استمعت لطرقات على باب المنزل
قامت بفتح الباب
ذهلت بمن يقف أمامها بطوله الفارغ وهو يطالعها بدهاء. إمتقع لونها بشدة وانسحبت ال?ماء من أوردتها
أردفت بشفتين مرتعشتين
جواد!

كان يستند بجسده على الجدار وهو يعقد ذراعيه. مط شفتيه، وأقترب وهو يصافحها بإبتسامة ساخرة
عاملة إيه يابنت عمتي...
واخيرا بعد الهروب من مكان لمكان يامولي
قالها يراقب حالتها بأعين ثاقبة، ياااه بقلنا اد إيه يامولي مشفناش بعض
آجابته وهي تفرك يديها...
أنا الحمدلله وإيه هروب دي. على فكرة، وحشتني
لم تكد تكمل حديثها إذ خرجت والدتها وأردفت متسائلة
مين ياأمل
ظهر جواد من خلفها بجواره بيجاد الذي يقف يضع يديه ببنطاله.

رفعت أمل نظرها لبيجاد وأردفت
إنت!
ابتسم بسخرية وأردف
أهلا إستاذة أمل، شوفتي الدنيا ضيقة إزاي وتقابلنا تاني، بس ماكنتيش تعرفيني أنك قريبة حضرة اللوا ياشيخة وإننا بلديات
انكمشت ملامحها بإمتعاض ولمعت عيناها ببريق الخ?ف تلك المرة التي لم تكن بالحسبان عندما علمت بتلك اللعبة التي أرجعتها بلعبة حق?رة وتذكرت ذاك الرجل الذي يدعى بجاك
هذا المسؤل بأعمالي بالقاهرة. لقد نسيت أن اعلمك بأن المشروع سيقام بالقاهرة.

ضيقت عيناه وتسائلت
ليه القاهرة، ليه مش فرنسا
سيدتي النجاح الحقيقي سيكون بالقاهرة عن تجربة. فقد بدأت كل أعمالي بها وكبرت هنا. لا تقلقي
نظرت لذاك الرجل الذي يرتدي نظارة شمسية وتعمقت بالنظر إليه ثم أردفت متسائلة
وهو مصري ولا متعدد الچنسية
نظر يوسف الذي يدعى بجاك وابتسم لبيجاد وأردف
هذا مصري واسمه جاد المصري.

مط بيجاد شفتيه ناظرا للأسفل حتى لا ينكشف أمره ولا يعلم لماذا أتى إلى هنا ليكمل تلك المهمة المملة كما إدعى
نظرت إليه أمل وتسائلت
منين ياجاد
أجابها سريعا وهو يناظرها بترقب
إسكندرية
اومأت إيماءة بسيطة وأكملت حديثها
أنا مينفعش أنزل القاهرة حاليا، عندي مشاغل كتيرة هنا متجيش تطلب مني أسافر بعد كدا
إتسعت إبتسامته وأخذ نفسا من سيجارته وهو ينظر إليها بعيون صقرية
لا تقلقي، ليس مطلوب منك شيئا كهذا.

رفع بعض الورق أمامها ووضعه على المكتب
لقد إنتهينا من جميع البنود وحان الوقت للتوقيع، ليس لدي وقت، قالها يوسف وهو ينظر بساعته
تناولت القلم وقامت بالأمضاء سريعا دون النظر مرة آخرى للأوراق مرة أخرى
عودة للحاضر
شهقت أشجان عندما وجدت جواد يخطو بخطواته الثابتة إليها
وقفت وهي تضع يديها على فمها من الصدمة من ظهور جواد المفاجئ بعد تلك السنين، وتحول وجهها ليوازي شحوب الأموات.

إقترب جواد وهو يحاوطها بنظراته ويناظرها بنظرات قاتمة وتحدث
عاملة إيه ياعمتو
دلف بهدوء جالسا على الأريكة التي توجد ببهو الشقة
دنت منه بعدما أصيبت بتصلب جسدها وجف حلقها ثم. تبسمت له بإصطناع
حبيبي عامل إيه
وأخبار والدك، وحشني أوي حتى كنت لسة من يومين كنت بتكلم مع أمل علشان ننزل القاهرة علشان وحشتونا
جز على فكيه وأردف بسخرية
والدي! بتسألي بجد ولا دي حنية من بتوعك اللي مغرقانة فيها.

اتسعت ابتسامتها رغم إرتعاش جسدها من معاملة جواد القاس?ة
ايه اللي بتقوله دا. هو فيه أغلى عندي من حسين وولاده، معلش ظروف السفر اللي بعدتنا عنكم غير طبعا المشاكل و.
ظل جالس لم يهتم بحديثها ينظر بمختلف الأتجاهات لفت نظره تلك الصورة التي توضع بأحد الأركان. فكانت صورته مع والده وصهيب معهما
نهض ببطئ وأمسك تلك الصورة ينظر إليها
ترقرق الدمع بعينيه وتحدث بصوتا مكتوم.

ياااه ياعمتو تعرفي الصورة دي الوحيدة اللي مفقودة مننا...
ضيقت عيناها وتسائلت بصوتا مهزوز بعض الشئ
إزاي ياجواد. لا عندكم زيها أنا شوفتها عند والدك في مكتبه
إستدار بجسده ومازال بمكانه
قصدك الغلاف ياعمتو دا اللي تقصديه
فجاة ألقى الصورة على الأرض حتى تهشمت متناثرة بالأركان...
حل الصمت بالمكان كضيفا وأستغل نظرات الخ?ف التي لمعت بعيني أمل فاقترب ينظر لعمته
وصل ووقف أمامها ينظر لمقلتيها.

قصدي الروح العائلي اللي كان فيها شوفي كدا ينفع
تلميها تاني وترجعيها. دا اللي حاولتي بكل الطرق تعمليه
ثم أكمل إسترسال
الصورة دي من اربعين سنة يعني تقدري تقولي كان عندي وقتها خمستاشر سنة.

كبرناو الحب بيكبر جوانا والحنان والعطف من إخواتي، بابا الله يرحمه علمنا يعني إيه حب وجمع شمل العيلة، حبتي تسافري وتتجوزي واحد مش من توبنا ووقفتي قدامنا ورفضتي كلام بابا وعملتي اللي في دماغك وروحتي وخوضتي تجربة ورا تجربة وكل ماتخرجي من فشل تدخلي في فشل أكبر...
وضعت يديها على شفتيه وأردفت بحزن متصنع
أبوك ما? ياجواد، ياحبيبي ياحسين
بساقه ركل المنضدة التي بجواره وأشار بيديه.

شغل التلات ورقات دا مش مع جواد الألفي، ماشي، خليني اكمل مسيرتك العملاقة علشان نستفاد كلنا من خبراتك العظيمة...
تحركت أمل إليه وعزمت أمرها على أن تفر من شظايا غموضه الذي بدأ يصل معناه لعقلها بعد ربطها باللعبة التي احكمت بذكاء
جواد حبيبي ممكن تقعد ونتكلم أحنا منعرفش إنت بتتكلم عن إيه.

صاح بصوت غاضب وظل يقاوم نيران قلبه الملتهبة عندما تذكر فلذة كبده وا?هيار زوجته في تلك الليلة وم?ت والده بسبب تلك الشمطاء. رفع اصبعه وص?خ بوجهها يدفعها كأنها عدوى تصيبه
اخرصي يابت، حبك بورص ياختي مين دا اللي حبيبك، دا حتى الكلمة حسيتها بالم?ض الخبيث مجرد مااسمعتها من بوقك...
دفعها بقوة حتى سقطت على المقعد بجوار والدتها واردف مشيرا بسبابته.

اسمع صوتك قبل ماأخلص كلامي ورب الكعبة ا?فنك مكانك، وياريت تعمليها
علشان الم?ت رحمة من اللي هتشوفيه
إستدار ينظر بمقت و?ضب كان يوزع بينهما نظرات ?ارية كنيران جهنم ثم
زفر بحزن واكمل حديثه.

ياريت توقفي على كدا ياعمتي الحلوة. عملتي من بنتك نسخة مصغرة منك. ونفس التجارب الخايبة والفاشلة، مع إن أي واحد عاقل يكون إتعلم من كم الفشل والإنحلال. لكن عند أشجان الألفي العنتظة والبجاحة بتجري في ?مها وبدأتي تعملي مزاد على بنتك واللي يدفع أكتر يشيل
توقفت أمامه وتحدثت أنا مش فاهمة ياجواد كلامك
أشار بسببته ان تصمت...
أنا قولت إيه. مش عايز مقاطعة، إحنا لسة بنحكي في البداية يااشجان هانم دا مجرد كلام بس.

سحب نفسا طويلا يعبأ رئتيه وأكمل استرسالا
قعدتي عشر سنين في لبنان وخس?تي كل اللي وراكي واللي قدامك. عارفة ليه
نظر لمقلتيها شرزا وتحدث
علشان أخدتي حق مش حقك، واوعي تفكري إني نسيت محاولتك الفاشلة والرخيصة مع عمو ماجد بعد م?ت طنط حنان...
دنى وهمس لها
جواد مابينساش حاجة، وإحمدي ربنا إن بابا مكنش موجود وإن عمو ماجد راجل محترم حافظ على شرفه، رجع بجسده ورفع صوته پغضب.

ماهو انت متلزميش حد، كل اللي عمله علشان أبويا وبس.
حدق بها بعينين تبدو كلهيب جهنم
ثم نظر إليها بمقت وإحتقار
حاولنا نوقف معاكي ونصحح من أخطائك وأبويا يقول معلش يابني دي أختي اللي فضلالي مقدرش أرميها ومهما تعمل هفضل أحاميلها مش علشانها ابدا، دا علشان جدك وجدتك
جلس محاولا السيطرة على هدوئه
فكانت نظراته تتناقض كليا في تلك الأثناء مع هدوئه الذي يحاول السيطرة على نفسه...

وقف مستندا بظهره على الجدار خلفه وهو يعقد ذراعيه ويوزع نظراته بينهما
وعدت الأيام والسنين وحسين الألفي لازم يكون الصدر الحنين لأشجان هانم كل ماتعمل مص?بة يطبطب عليها...
هز رأسه بايماءة
عارف أيوة الغلط في دي مش عندك. عند أبويا ماهو لو من أول غلط كان أخد موقف مكنتيش وصلت للفجر اللي يخليكي تحاولي ?خطفي مراتي وتعملي فيديو خيبان مع عاصم وشاهيناز...
هزت رأسها برفض.

والله ماحصل ياجواد أنا معرفش إنت بتتكلم عن إيه
تحرك بضع خطوات وهو رافع رأسه كأنه يفكر بشيئا ما
ايوة صح إزاي، إزاي عاصم دخل الفيلا وض?ب نهى، إزاي عرف جدول غزل
إزاي عرف البيت اللي خط? غزل فيه ومحدش يقدر يشك فيه
لكم بيده بقوة على المنضدة حتى تهشمت وارتفع صوته بص?اخ
ازاي عمتي تعمل كدا...
وضع يديه على راسه وتحدث
أزاي كنت غبي ياجواد ومعرفتش تربط الاحداث دي كلها، إزاي حد غريب يدخل.

بيت الألفي ينوم الأمن بتاعه ويولع في بيته...
أقترب منها ود لو أطبق على عنقها
يولع في بيته علشان الكل يتجمع عند الحريق. والأندال يدخلوا يخطفوا ولاد جواد
دفعها حتى سقطت جالسة على الكرسي
وأكمل إسترسالا
ماهو جواد انتقم مننا وبدأ ياخد كل فلوس أبوه علشان معدش يدينا حاجة خلاص حسين بح، لازم ننتقم علشان لم بنتي وجوزها لواحد من عينتها أصلها بعد كدا مش هتعرف تلعب على الأغنياء وتاخد فلوسهم.

قام بحجزها بين ذراعيه ونظر بنظرات ?ارية لو ?حرق لأح?قتها بالكامل
و?خطف بنت بريئة من حضن أمها ولا حتى فكرت ولا جه على بالها أزاي ممكن أم تعيش بعيد عن بنتها. ماهو اكيد إنت مش أم اللي ?حرق قلب أم كدا حرام تكون أم
وبكل بجاحة جاية ?عيط وتحضنها وتقول ياما قولنالك ياجواد شغلك دا هيدمر العيلة كلها، وبدأث بخبثها وسمها ?ضرب العيلة كلها في بعضها.

وتخلي مراته توقف قدامه وتصرخ وتقوله إنت السبب بنتي اتخطفت بسببك...
وياترى عمتي الجميلة تسكت لحد كدا
هز رأسه برفض وتحدث كالمچنون
تروح وتدوس أكتر وأكتر وتقولي مراتك مهملة ومتستهلش تكون أم، إزاي تسيب ولدين صغيرين لوحدهم
صفق بصوت مرتفع وضحك ضحكات كالمعتوه.

برافو أشجان خانو، دا كله علشان نوقع في بعض، تكوني لعبتي لعبة حق?رة مع منال خانواللي احقر منك، ماهم الحقراء اتجمعوا مع بعض. وتفكروا وتخططوا وتخرجوا البنت برة البلد، ماهو جواد الأهبل لما يقدر يتحكم في عيلته كان كل حاجة عدت
كانت تجلس وجسدها يرتعش من ال?عب الذي بدى على ملامح أمل من هيئته التي آصابته بالجنون
جسدها زاد بالأرتعاش من هيئته عندما تخلى عن هدوئه.

دقات ع?يفة أصابت صدره بالكامل عندما أستدار ينظر لأمل يتسائل
بنتي فين ياامل، ودتوها فين، ماهو مش كل مرة تفلتوا من بلد لبلد علشان مااوصلكمش، دلوقتي الحمدلله اتقابلنا تاني بعد سبعتاشر سنة. دا طبعا كرم من ربنا علشان أعرف بنتي فين
نظر لعمته التي انكمشت وتحدثت
إحنا منعرفش حاجة عن بنتك ياجواد. روح دور عليها بعيد عننا
مسح على وجهه پعنف وحاول السيطرة على نفسه حتى لا يقتلهما
تمام مش عايزين تقولوا هي فين.

رفع نظره لأشجان وتسائل
آخر مرة هسأل بنتي فين ياعمتو.
ظلا الإثنين صامتين. فجأة جحظت عيناهما مما إستمع
بالقاهرة بمنزل جواد الألفي
صباحا
استيقظ ينظر حوله مبتسما، ولكنه أغمض عيناه عندما علم أنه ماكان إلا حلم
مسح على وجهه عله يهدي من روعه. ثم نهض متجها لمرحاضه كي يؤدي فرضه
بمنزل حازم الألفي
كانت تجلس تقلب بطعامها نظرت لإبنها
جواد أيه رايك ننزل نقضي الإجازة مع بابا
بدا يلوك طعامه بهدوء.

ذهب لذكرياته مع والده بعد رجوعهما من انجلتر بعد الحا?ثة التي تعرض لها عز
جلس بجوار ولده يضمه لأحضانه
مش اقدر أقولك إنساها ياحبيبي. ولا اقدر أقولك دوس على قلبك، بس اللي عايز اكدهولك
الحياة مابتقوفش على شخص. ثم أكمل حديثه
مينفعش إنك تتجوزها بال?صب، وأنت سمعت وشوفت، بلاش نفرق العيلة ياجواد بسببكم، مش يمكن نصيبك مع حد تاني
خرج من شروده عندما أخرجته والدته عندما تسائلت
مردتش ياعني ياجواد
اتجه لوالدته وتحدث.

مينفعش أسافر ياماما متنسيش أني ظابط، ممكن تاخدي تقى وتسافروا
اتجهت بنظرها لتقى
التي كانت شاردة
إيه رأيك ياتقى ياحبيبتي نسافر لبابي
زفرت ب?جع ثم نظرت إليهما وتحدث بهدوء رغم حزنها الظاهر بعينيها
إعملي اللي تعمليه يامامي بعد إذنكم انا شبعت، هعدي على جنى ونروح نقعد مع ربى شوية
اومأت مليكة برأسها ثم استدارت لجواد إبنها
اختك مالها ياحبيبي بقالها يومين مش عجباني
رفع نظره إليها وتحدث.

معرفش ياماما ممكن تقعدي معاها وتسأليها أنا دخلتلها إمبارح وسألتها ماقلتليش حاجة، كل اللي قالته إنها مضايقة من كلية الألسن بس
بمنزل جواد الألفي
حاولت عدة مرات الإتصال به ولكن هاتفه مغلق
زفرت بحزن على حالتهما التي بدأت بالفطور مرة اخرى ولكن ليس بتلك الحالة، فرغم إختفاء غنى وحزنه إلا أنه لم يفعل بها ذاك
جلست تمسد جبينها لعل ذاك الصداع يزول عنها
فجأءة إستمعت لأشعار رسالة إلى هاتفها
هبت سريعا عله زوجها.

أمسكت بهاتفها إذ بها تنصدم
صورته وهو يضم إحدهما بأحضانه، ترقرق الدمع بعيناها
فيه حاجة ياطنط.
سكنت لثواني حتى تستعيد أنفاسها، ثم أطبقت جفنيها، واتجهت بنظرها إليه تبتسم و أومأت رأسها وأجابته
كويسة ياحبيبي، إنت عامل إيه دلوقتي
إستندت برأسها على المقعد خلفها عندما شعرت پألما ينخر قلبها
تذكرت تغيره منذ فترة وإبعاده عنها في تلك الفترة
جلس عز أمامها على عقبيه
طنط غزل إيه اللي حصل
وصلت ربى تنظر لوالدتها وتسائلت.

مامي فيه إيه مالك
هزت رأسها وتحدثت بصعوبة
أنا كويسة. بس ممكن يكون ضغطي نزل شوية...
ثم رفعت نظرها إلى عز الذي يحاوط إبنتها بنظراته بإشتياق فقد تزلزل كيانه عندما إستمع لصوتها. قاطعت غزل نظراته عندما تحدثت
تعالي ياحبيبي هنا علشان تاخد الحقنة
كعاصفة تتعثر برياحها الهوجاء تهاوى على المقعد ينظر بحزن للتلك التي جافته للأبد
عندما تركتهم وكأنه غير موجود
أومأ برأسه وجلس بجوارها يعطيها أدويته.

قامت بقياس ضغطه كعادتها
الضغط كويس ياعزو، والحمد لله بدأت تتعافى أهو
لم يكن يستمع إليها
كل مايؤرق روحه أكثر إشتياقه الجارف لها لمتيمة قلبه، الآن لم يشعر سوى إحتراق صدره بالكامل فهاهي أمامه ولكنها بعيدة كبعد الشمس عن الأرض
كانت غزل تحادثه ولكنه
كان يراقب التي ابتعدت عنهما بهاتفها. هي تتحدث لإحدهما وكأنه لم يعنيها أغمض عيناه بحزن وآلام قلبه تنخره بقوة
ربتت غزل على يديه وتحدثت.

اعذرها يازيزو، الموضوع صعب عليها ياحبيبي برضو، هي بتحبك متخافش واطمن
أومأ پقهر وشعر بوخز قلبه التي تشعل صدره لا يريد سوى قربها حتى لو بضع كلمات تنعش روحه الغائبة عن جسده
ورغم ذلك نظر لغزل وأجابها
براحتها ياأنطي. ولو مش عايزاني تاني مش هلومها، قالها وهو يشعر بإنسحاب روحه بالكامل
إلتفتت تنظر إليه ومازالت تتحدث بهاتفها.

نظراتها السريعة التي التقت بعيناه، ورغم إنها سريعة ألا أنها ض?بت قلبه كصاعقة. عندما أخفت بها لهيب إشتياقها له...
لا يعلم بشعورها الآن وهو أمامها تود لو ترتمي بأحضانه ولا تتركه حتى تشبع روحها من إشتياقها له الذي جعلها كوردة في وسط صحراء تحتاج لمن يرويها ويعتني بجفافها.

أخيرا أنهت إتصالها وناظرته بإشياق ورغم جفائها له إلا أنها كانت تعتني بكل تفاصيل يومه مع إخته، ظلت تحاوطه بنظراتهاعندما وجدت انشغاله بالحديث مع والدتها
كانت تقف تناظره كطفل يبكي بقلب مفطور مليئ بالثقوب من بعد والدته عنه
هذا هو حالها، ثم تسائل.
و بين صباح ذات شوق.
و ليل ذات حنين.
سأظل كل يوم.
أتهدهد على صفحة بحر لقائنا.
مغمض الروح.
أستنشق كل نسائم ذكرياتك.
مساء بمنزل صهيب
جالسا بغرفة مكتبه. دلف عِز إليه
- بابا فاضي نتكلم شوية
نهض صهيب من مكانه متجها إلى الاريكة وأشار إليه بالجلوس
- لو مش فاضي يابابا أفضالك، تعالى
قولي عملت إيه في بيت عمك، سبتك تبات هناك لما اتأخرت مع جاسر
تنهد بوجع ثم رفع نظره لوالده.

- نمت من كتر الأدوية وجاسر وجواد كانوا سهرانين فسابوني نايم
- جواد كمان بايت في بيت خاله
تسائل بها صهيب
- معرفش أنا صحيت من النوم ملقتش حد خالص. مكنش غير طنط غزل ورُبى في الفيلا...
بهدوء ظاهري ونبرة عميقة ناظرا لإبنه.

- اتكلمت مع بنت عمك ولا لا، رفع يديه يربت على كتفه ثم تحدث بهدوء رغم حزنه الظاهر بنبرته: - عز الحب اللي يضعفنا ويوقعنا ياحبيبي بلاش منه، أنا شايف إنت غلط وهي حقها تزعل بعد كلامك اللي دبحتها بيه، وبعدها ضعفتوا انتوا الاتنين لا انتم قادرين تكملوا ولا انتم قادرين تبعدوا
قاطعه عز
- كان لازم أعمل كدا يابابا. حضرتك إزاي تقول كدا، كنت عايزني أعمل إيه. مش معنى إني بعدتها يبقى أنا ضحيت بيها.

للأسف يابابا أنا ضحيت بنفسي. ومكنش قصدي إني أسبها لجواد ابد
أمسك بيد والده بين راحتيه وأكمل مسترسلا: - قصدي أبعد عن أي حاجة تفرق العيلة. لا أنا هكون مرتاح ولا جواد هيكون مرتاح. ودايما شكوكنا في بعض هتزيد. من ضحكة او كلمة. محبتش عمتي توقف بين أخواتها الإتنين، محبتش عمو يكون بين نارين أخته وأخوه
اطبق جفنيه بوجع قلبه وأكمل
- قولت لو بتحبني بجد هتحارب علشاني يابابا
لكمه صهيب بخفة بصدره.

- غلط ياغبي اللي فكرت فيه، عمر التخلي عن اللي بنحبهم بيكون نجاح في اي حاجة بالعكس إنت شوفت بعد مااتخليت عن ربى. لا هي سامحتك ولا جواد فِهم الموضوع. وفي الآخر مفيش غيركوا اللي تعبتوا
قاطعه عز
بعد إذنك يابابا إزاي تقول كدا، أنا كنت مفكّر إنك أكتر واحد هتفهمني
كان صهيب يراقب تخبط إبنه الواهن بعينان حزينة، أخذ جرعة كبيرة من الهواء بداخله ثم زفرها بهدوء وتحدث.

- عارف إنت قصدك كان إيه، لكن قرارك كان غلط، المفروض كنت تيجي وتحكيلي، وبعد كدا نقرر. ولا تعرّف رُبى اللي اتكسرت بجد، واحمد ربنا إن جواد سامحك وعدى الموضوع
أغمض عز عيناه ذاهبا بذكراه لتلك الليلة
بعد إفاقته من العملية
فتح عيناه وهو يردد إسمها، نهض جواد سريعا إليه بعدما وضع رأس إبنته بهدوء على الأريكة الموضوعة بجانب الفراش
اتجه إليه ثم تحدث
- عز حبيبي حمد الله على سلامتك حاسس بإيه ياحبيبي...

فتح عيناه ينظر حوله ولكن تلك الأضاءة بالغرفة لم تجعله قادرا على فتح عينيه كاملا. سوى بعد دقائق.
وجد عمه جالسا بجواره يمسد على كفه السليم ثم نظر اليه
- عز حبيبي سامعني...
أومأ بعينيه له وتحدث بصوت متعب
- فين بابا ياعمو...
نهض يقبل جبينه
- باباك تحت بيشرب قهوة شوية وتلاقيه، المهم طمني عليك، وكلنا هنا برة.

إتجه بنظره لتلك الغافية، نظر إليها بصدمة ارتسمت بعيناه وعلى ملامحه عندما وجدها أمامه لتتحول صدمته لفرحة عارمة من رؤيتها. ظل يناظرها وملامحه كتلة من المشاعر، مرت قرابة دقيقة وعيناه مصوبة عليها وحدها
لم يغفل على جواد نظراته إليها، فكان يوزع نظراته بينه وبين إبنته.

هز رأسه وتحدث
- جبتها معايا علشان اقدملها هنا إن شاء الله. اصلها مش مرتاحة في جامعتها اللي في مصر، قالها ليرى ردة فعله
أغمض عيناه بحزن دفين ثم تحدث بصوتا مهموما
- اللي تشوفه لمصلحتها اعمله ياعمو
دلفت نهى وصاحت بصوتا مرتفع عندما وجدت إفاقة إبنها
- عز ياحبيبي واخيرا حمد الله على سلامتك ياحبيب ماما
هنا فتحت عيناها عندما استمعت لأصواتهم المرتفعة بعد دلوف كلا من ريان وحازم وصهيب.

اعتدلت ببطئ تستمع لصوته وهو يجيب عليهم. حمدت ربها بسرها على عودته سالما
بعد دقائق طالعها أبيها وجدها استيقظت. اتجه إليها
- عاملة إيه يابابي.
أومأت برأسها وتحدثت بصوتا مكتوما
- بقيت كويسه الحمد لله يابابي. ممكن نروح الاوتيل، حاسة إني تعبانة وعايزة أرتاح
فهم والدها تخبطها، فوقف ورفع يديه يضمها
- قولي لابن عمك حمد الله على السلامة الأول. دا ابن عمك ياروبي تمام...
هزت رأسها بموافقة واتجهت حيث الجميع.

تحرك ريان مستأذنا للرد على هاتفه، لم يظل سوى حازم وابنه جواد وصهيب
سارت بخطوات واهنة ودقات عنيفة كلما أقتربت منهم ووقفت بجانب صهيب
تنظر إليه بنظرات مهتزة بعض الشئ
تلاقت النظرات بينهما للحظات مردفة
- حمد الله على السلامة يابن عمي
رفع نظره الى جواد حازم الذي يطالعها بحزن، تبسم بوجع وأردف بعيون مترقرقة بالدموع
- الله يسلمك يابنت عمي
ضمها صهيب لأحضانه مقبلا جبينها
- حبيبة عمو الغالية تسلميلي ياحبيبة قلبي.

هرول جواد حازم سريعا للخارج تبعه حازم وهو يردف
- حمد الله على سلامته ياصهيب. ثم نهض سريعا خلف ولده، أما جاسر الذي وقف يطالع الجميع بحزن أردف
- الطيارة جاهزة ياعمو ولازم ننزل مصر كلهم قلقانين هناك
كانت نظرات عز على ربى التي تسكن بأحضان والده وتناظره باللهفة وأشتياق شعر بشعورها تمنى لو يضمها لأحضانه ويربط على قلبها، كل مايحتاجه فرصة أخرى يصلح ماأفسده بحماقته وجرحه الغائر لقلبها
ردد بشفاتين مرتعشتين.

- روبي تعالي جنبي عايز أقولك حاجة
أمسكها جواد من مرفقيها عندما وجدت نظراتهما لبعضهما البعض فتحدث: - روبي تعبانة ياعز، سبها ترتاح شوية وبعد كدا الأيام جاية كتيرة، قالها جواد بعدما فهم ماصار
خرج من شروده عندما استمع لشعار رسالة لهاتفه
- عز أنا في الحديقة تعالى لازم نتكلم
قاطعه والده شروده بالرسالة
- رُبى اللي بعتالك
هز رأسه بالنفي
- دا جواد ابن عمو حازم، هروح أشوفه وبعدين نكمل حديثنا لو تسمح.

أومأ صهيب رأسه بالموافقة ثم خرج لمقابلة جواد
بالاسكندرية
طرق على باب غرفتها
- ممكن نتكلم مع بعض شوية يابابي
نهضت واقفة تستقبله وأردفت بابتسامة باهتة
- طبعا يابابي، حضرتك بتستأذن
جلس ريان على الأريكة بشرفة غرفتها ورفع يديه إليها لتجلس بجواره
- تعالي ياياسو
جلست بجواره وعيناه تنظر للأسفل
رفع ذقنها ينظر لداخل مقلتيها
- بنت ريان المنشاوي عينها مش مكسورة علشان تبص بكسرة كدا.

ترقرق عيناها بالدمع واردفت بصوتا مبحوح باكي
- أكيد يابابي طول ماحضرتك معانا وسندنا عمرنا ماننكسر
قبل أعلى خصلاتها
- أنت جميلة وبريئه أوي ياياسو، أول ماجيتي للدنيا حسيت اني ملكت العالم واللي فيه.
ضم وجهها بين راحتيه ينظر لمقلتيها ثم اكمل
- سعادتك عندي تساوي كنوز الدنيا كلها، مستعد أدفع فلوسي كلها وأشوف نظرة السعادة دايما في عيونكم
تنهد بحزن وأكمل مستطردا.

- لو شايف سعادتك مع أوس يابابي مش هتأخر ومستحيل أقف في وش سعادتك حبيبتي
تنفست بتثاقل كمن يرتكز فوق صدره صخرة عملاقة. ثم رفعت نظرها لوالدها
- ممكن نتكلم في الموضوع دا بعدين يابابي لو سمحت
نهض واقفا مقبلا جبينها ثم اردف بهدوء
رغم حزنه الظاهر بصوته على فلذته
- تمام حبيبة قلبي، هسيبك شوية بس فكري في كلامي
بفيلا حازم
جلس أمام حمام السباحة
اتجه اليه عز مبتسما...

- ايه يابني قولت تعالى عايزك وبقالنا ربع ساعة قاعدين نصّور في البول، إيه
رفع جواد نظره وأردف بقلبا مفطور
- بتحبها من إمتى ياعز، وليه خبيت علينا
أصعب شعور قد يمر على الأنسان عندما يشعر بالعجز، ويشعر بأنه غير قادر على المواجهة
كان عز يحاول أن يتنفس عندما شعر بتثاقل تنفسه كأنه أختنق فجأة
تنهد بحسرة وعبأ صدره في محاولة لضبط نفسه حتى لايُؤلم أحدهما.

- رُبى دي حب طفولتي ياجواد، عارف كلامي بيوجعك وبيحرق قلبك بس والله غصب عني، مكنتش أعرف إننا ممكن نخسر بعض بسبب واحدة.
اتجه يطالعه بترقب
- أنا مخبتش بالعكس أنا قولت لعمو جواد، بس كنت مستني الوقت المناسب اللي أقدر اتوج الحب دا
قاطعه جواد قائلا
- واللي بيحب حد يتخلى عنه ويكسره لدرجة يخليها يوصل لمرحلة فقدانه بالحياة
رفع نظره سريعا كانه شعر بتقطع انياط قلبه بتلك الكلمات الباردة.

- لو عايزني نتكلم بصراحة. نتكلم ياجواد
كنت عايزني اعمل ايه بعد ماعرفت ان اخويا بيحب حبيبتي، كان لازم حد مننا يخسر
أعتصرت الذكريات قلب جواد من طفولتهما إلى الآن
- ليه بتقول كدا. الخسارة ماتكونش كدا، الخسارة لو اننا اتراهنا مثلا عليها أو ممكن لو هي حبت واحد وسابته وراحت للتاني
بس هي حبتك انحت، وقفت قدام ابوها وقالت حياتي هو بس وجع قلبي...
غصة كبيرة منعت تنفسه واغروقت عيناه بالدموع.

- صدقني لو أدتني ربع الحب اللي شوفته في عيناها ليك عمري ماكنت اتخلى عن الحب دا، قاطعهم رنين هاتفه
- ايوة يامحي
هب واقفا وتحدث
- إنت بتقول إيه يابني. متاكد من الأسم
ضد جواد خالي
تمام وايه اللي حصل
- طيب حلو أوي، اسمها ايه
بمدينة طنطا
تجلس مع اختها وتبكي بنشيج
- ممكن أعرف هنعمل إيه دلوقتي، ياما حذرتك وقولتلك دوري ورا البت ياأحلام
زفرت أحلام بغضب وتحدثت.

- وبعدهالك ياتهاني وحياة ربنا أنا ماكنت اعرف البنت مخطوفة غير اليوم اللي قولتلك فيه، وبعدين احنا كنا نعرف منين انها بنت حضرة الظابط بس
وضعت تهاني كفيها على وجهها وبدأت تبكي بنشيج
- بيتي هيتخرب دا لو طارق عرف هيهد الدنيا على دماغي...
إطبقت جفنيها ودمعاتها تنسدل بغزارة مردفة
- أنا من ساعة ماشوفت أمها وسألتها وعرفت انها كان عندها بنت واتخطفت مبنمش والله مبعرف انام، خايفة اقوم من النوم مالقيش غنى جنبي.

ربتت أحلام على كتفها بحزن عندما شعرت بحزنها
: أنا كان كل همي تكوني سعيدة مع جوزك، مكنتش أعرف الموضوع هيوصل لكدا ابدا...
أطبقت جفنيها وتراجعت للخلف تضم ركبتيها الى صدرها مستندة برأسها بينهما تبكي بصمت وحرقة
- هموت لو خدوها مني، مقدرش أعيش من غيرها ياأحلام. مقدرش يعدي يوم واحد من غير ماأسمع كلمة مامي دي
شوفتي الكلمة بسيطة بس قادرة تسحق قلبي، البنت دي كأنها بنتي حق وحقيقي هموت لو اخدوها يااحلام.

كانت تجلس تفكر بكلامات أختها وقلبها ينزف دما، ولكن ذهب الى عقلها شيئا آخر
- دلوقتي احنا دخلنا في مصيبة ممكن يفكرونا اننا اللي خطفناه، ودلوقتي ممكن يعمل تحاليل
شهقت بزعر تنظر بفزع إليها وأردفت
- إنتِ مش فاكرة اسمها يااحلام
هزت رأسها برفض
- بحاول والله مش فاكرة دول اكتر من خماستاشر سنة، بس الأهم لازم نعرف انهم فعلا شاكين وهيعملوا التحليل ولا لا
وضعت راسها بين يديها.

- شاكين يااحلام، لانهم قطعوني أسئلة. اصلك مشفتيش امها شبها اوي، والصراحة هما معذورين
نقرت احلام على سطح مكتبها بأصابعها ثم أردفت
- مفيش قدامنا غير حل واحد علشان نبعد الشك عنهم
بغرفة مكتب جواد
دلفت العاملة إليه وتحدثت
- جواد باشا عايز يشوف حضرتك ياباشا
رفع نظره إليها وتحدث
- إنت بتستأذني يامنى خليه يدخل فورا
دلف جواد إليه ينظر بحزن فكيف يحادثه فيا رأى وسمع
- مساء الفل ياحضرة اللوا
تبسم له جواد.

- تعالى ياحبيب خالو، من زمان ياولد مجتش لخالك واتكلمنا راجل لراجل
جلس أمامه وهو ينظر بكل الإتجاهات هروبا من نظراته التفحصية
دقق جواد النظر إليه ثم أردف
- لسة موضوع رُبى مزعلك من خالك ياجواد
رفع نظره سريعا إليه
- ابدا والله ياخالو، كل الحكاية، انه. أنه ظل يرددها
زفر جواد ونهض يجلس بمقابلته
- فيه إيه يابني، قاطعه رنين هاتفه
امسك هاتفه وهو ينظر لجواد
- أيوة ياباسم، هب واقفا وتوسعت عيناه من الصدمة.

- بتقول إيه، ومين دي
غنى طارق عزيز
هذا ماأردف به جواد حازم
مما جعل جواد يسقط جالسا وكأن انفاسه انسحبت منه بالكامل وشعر بدوران الأرض تحت قدميه، وشعور بعجز الدنيا يحتل كيانه
نهض ببطئ يتجه للخارج وكأنه يمشي على جبلا من جراح أبدية.
سار بخطوات واهنة وتيه كأنه جسدا بلا روح. أغمض عيناه وانقبض قلبه جزعا حتى شعر بشيئا حاد يخترق صدره
جراء تلك الاتهامات التي ألقتها عليه، كيف لعقلها أن يأتي بمثل ذلك
ذكر آخر لقاء.

كانت ترتدي فستانا باللون الأحمر يبرز جسدها الرشيق ومنحيانته، فكان ضيق من الخصر وله فاتحتين بطول ساقيها حتى فوق الركبة. تاركها لخصلاتها الذهبية العنان، ناهيك عن الحمرة القانية التي توضع على شفتيها. فأصبحت بطلة بهية خاطفة للقلوب قبل الأنظار
خرج من مكتبه وجدها تسير متجه إليه بإبتسامتها المشرقةوبطلتها تلك
وقف متسمرا ينظر حوله وتمنى أن يعمي تلك النظرات التي توجه إليها
حتى شعر بنيران بصدره. حدث حاله.

- كيف لكِ إبنتي أن تكوني بذاك العري
تحرك سريعا إليها يجذبها بعنف ثم صاح بوجهها بغضب حتى جعل البعض ينظرون اليهما
- إيه يابت القرف اللي انت عملاه دا، خرجتي إزاي قدام باباكي كدا، اللي اعرفه عنه عنده اخلاق وقيم
تبسمت بسعادة ظنا انه يشعر بالغيرة
اقتربت منه حتى اختلطت انفاسهما واردفت
- وإيه يعني هو أنا هخرج مع حد غريب. ثم رفعت يديها تلمس زر قميصه واردفت
- لازم أكون شيك بدل هخرج مع راجل جنتل.

خفق قلبه بشدة وشعر بجمرات تحرق جوفه لا يستطيع التفوه
- ربااااه ماهذا، مستحيل دي غزل، اقسم لك ربي أنني اشعر بأنها ابنتي كيف لي ان اثبت ذلك
أطبق جفناه يحاول أن يسيطر على نفسه حتى لا يطبق على عنقها
اقتربت اكثر بعدما شعرت انه تأثر بحركاتها. فتح عيناه فزعا عندما همست
- انا بقولك ياحضرة اللوا أني بحبك إنت مش بيجاد أبدا، قالتها وهي تقترب منه وتناظر بعينان تفيض عشقا خاصا به
ثم أستطردت.

- ماهو مفيش ست عاقلة ترفض شخصية جذابة ذيك
انتفض غضبا وألما ثم وضع يديه أمامها
- أخرصي يابت. وضع سبابته وأشار
- اتعديت حدودك معايا، أنا لحد دلوقتي بعاملك زي بنتي. لكن إنك تتخطي حدودك
مهما كان إنتِ مين مش مسمحمولك ودلوقتي امشي من هنا واياكي ألمحك قدامي مرة تانية، وعلى حين غرة أطبق خصلاتها بيديه حتى شعرت بتمزق شعيراتها.

- أشوفك بعد كدا بالقرف دا هفعصك تحت رجلي، وادعي ربنا ياغنى انك تكوني غنى طارق فعلا. لانك مش هتستحملي اللي هعمله فيكي
مطت شفتيها بحزن
- ليه، ليه بتعمل معايا كدا، خايف على المدام، طيب ياحضرة اللوا استنى وشوف
قالتها ثم تحركت غاضبة
خرج من شروده عندما وجد غزل تقف على باب الغرفة
- رايح فين ياجواد دلوقتي
في تلك الاثناء كانت كل خلية بجسده تعقد قرارها بأخبار زوجته ولكنه تراجع حتى لا يحزن قلبها.

جذب رأسها مقبلا جبينها واردف بصوتا كاد أن يخرج طبيعيا
- مشوار حبيبتي نص ساعة وراجع
رفعت هاتفها أمام جواد
- قبل المشوار عايزة أعرف مين دي اللي في حضن جوزي
ألقت سهام حديثها ثم نظرت له بعينان تقطر قهرا وجعا وأضافت بحزن من أعماق قلبها
- عايزة أعرف جوزي حبيبي إيه اللي مغيره مخليه حتى مش قادر يبص في عين مراته
اتجه جواد بنظره الى جواد
- أستناني في العربيه حبيبي وانا هجيلك.

لو خرجت دلوقتي ياجواد من البيت هترجع مش هتلاقيني
جذبها بأحضانه وهمس بجوار أذنها
-لو جواد حبيبك أكتر وقت محتاجك فيه يازوزو هتقولي إيه، رفع ذقنها طبع قبلة سريعة، ورغم سرعة قبلته إلا إنها أشعرتها بحزنه الدفين بداخل أعماقه
نظرت لمقلتيه
- مخبي عليا ايه ياجواد ليه بتهرب مني
قبل جبينها ثم تحرك
- بعدين يازوزو عندي مشاكل كتير
ببيت المزرعة
كان غافيا على الأريكة. اتجهت بهدوء تجلس أمامه وهو نائما، تنظر له بحب.

تبسمت بخبث عندما وجدته لم يشعر بشيئا بسبب إرهاقه الذي أدى إلى نومه بتلك الطريقة
بزغ شعاع الأمل عندها
فظلت تبحث عن مفاتحيه الخاصة ولكنها لم تجدها
جلست تزفر بغضب من ذاك الكائن الذي اطلقت عليه ذلك التشبيه
ارجعت خصلاتها للخلف وتحدث حالها
- وبعدين هفضل محبوسة هنا، لازم اعرف ايه اللي حصل برة...
تذكرت تلك القضية التي قامت برفعها ضد جواد.
نظرت لذلك النائم وتذكرت حالته المجنونة عندما عرف بما فعلته
فلاش باك.

وصل لبيت المزرعه، ترجل من السيارة واتجه إليها يفتح بابها بعدما نظر إليها شرز
- هاتي فونك
قطبت مابين حاجبيها واردفت متسائلة
- ليه؟
جذب هاتفها بقوة واردف بسخرية
- اصل ممعيش رصيد ياخفة
امسك هاتفها يبحث عن رقم والدتها ثم قام بإرسال رسالة
- مامي انا سافرت مع يمني للغردقة متقلقيش عليا...
ثم قام بارسال رسالة لليمنى
- يمنى أنا مع بيجاد لو ماما سألتك قوليلها إحنا في الغردقة.

ثم قام باغلاق الهاتف نهائيا والقاه بالسيارة
كانت تحاول إعادة تنظيم أنفاسها ودقات قلبها الهادرة تفاجئت بيديه الغليظة تمسك مرفقيها وتجذبها بعنف اتجاه المنزل
دلفا للداخل ثم دفعها بقوة حتى سقطت على الأرض.
نيران ملتهبة تحرق أحشائه من الداخل وصدمة قوية اجتاحت عقله حينما وصلت لتلك المرحلة، نعم يعلم شعورها بقربها منه سوى إلا حنانها لوالدها ولكن كيف استطاعت ان تصل لتلك المرحلة
رفع سبابته امامها وتحدث بغضب.

- أديني عقل يخلي واحدة محترمة تعمل اللي عملتيه.
مسح على وجهه بعنف عندما اوصلته لتلك الحالة. شعر بإندفاع الدماء لرأسه وغلي صدره من شدة الغضب، فكيف ستكون حالة جواد بعد معرفته
امسك هاتفه وتحدث كفحيح أفعى
- دلوقتي هتاخدي تليفوني وتكلمي المحامي الزفت اللي حضرتك وكلتيه بالقضية الزبالة اللي زيك، وتقوليله ينهي المهزلة دي فورا، قبل ماعمو جواد يعرف
اشتعلت نيران الغضب لديها، هبت واقفة تناظره بغضب.

- إنت مالك اصلا، ايه اللي دخلك في الموضوع.
دنت برأسها تنظر لمقلتيه بقوة
- واحدة وحبيبها ايه اللي داخلك يااخي
امسكها بقوة من مرفقيها فكانت لمسكته آلام ظهرت على وجهها
- قدامك عشر دقايق لو معملتيش اللي قولت عليه والله لتندمي واخليكي تبكي بدل الدموع دم، ياغنى بيجاد
قالها وهو يناظرها بحدة
مطت شفتيها وتحدثت بسخرية
- غنى إيه يااخويا.

- بقسم الشرطة
دلف للضابط المسؤل وأردف متسائلا
- أيه اللي حصل امبارح هنا
وقف الضابط احتراما له ثم تحدث:
- بنت هبلة ياباشا حبت تعمل شوشرة بس لمينا الموضوع متقلقش
قطب مابين حاجبيها وتسائل
- إزاي لميتوا الموضوع، وليه معنديش علم، فيه حد اذاها
وقف جواد حازم بجواره
- حضرتك بتقول ايه ياخالو، البنت جايبة صور وعايزة تعمل قضية شرف. وبتقول انك بتستدرجها لصغر سنها.

رفع سبابته وتحدث بغضب عارم نتيجة على احتراقه داخليا
- اخرص ياجواد مش عايز اسمع صوتك. المفروض تعرفوني مترحوش ترفعوا قضية سب وقذف. اتجننت يالا هو أنا عاجز علشان تاخد قرارت من ورايا
بمنزل صهيب
هب من مكانه سريعا متجها للخارج بعدما حكى له جواد حازم ماصار
قاد سيارته متجها لأخيه ولكنه توقف فجأءة يتسائل عن جاسر الذي لم يظهر حينما علم، قام الأتصال ببيجاد.

كان مازال يغط بنوما عميق حتى هي غفت بجواره وهي تجلس على الأرضية
فتح عيناه بعدما أستمع لرنين هاتفه
- ألو
اعتدل بعدما وجده صهيب يمسح على وجهه، اتجه بنظره للتي تغفو بجواره وتضع رأسها على ساقيه
- اوكيه ياعمو متخافش. لا هي معايا ولو جه هقدر أسيطر عليه
اغلق سريعا ثم اعتدل. يعدل من وضعية رأسها، نهض من فوق الأريكة متجها إليها ثم قام بحملها ووضعها بهدوء فوق الأريكة.

هناك شعورا غريبا أطاحه بقوة عندما أصبحت بأحضانه وهو يضعها فوق الأريكة
استمع لطرقات فوق باب المنزل اتجه سريعا عندما علم بهوية الطارق
دلف جاسر ونيران صدره تتأكل
- هي فين
وقف أمامه عاقدا ذراعيه ثم دفعه بقوة وأردف
- اتهدا
- ي جاية توسخ شرف أبويا يابيجاد وبراحة إيه داخل حظيرة مواشي
رمقه جاسر شزرا وتحدث بغضب عارم
- وانت هتقول ايه غير كدا، وبعدين تعالى هنا إزاي تحاملها. د
دفعه بيجاد للخارج.

- اسكت يالا وبطل كلام اهبل ممكن تندم عليه بعد كدا، روح دلوقتى. وبعدين هي معملتش حاجة. راحت اه بس معملتش حاجة
دفعه جاسر بقوة حتى اعترض جسده بالحائط
- وسع كدا، ازاي اصلا تسمح لنفسك تقعد معاها في بيت واحد، بتعملوا ايه، هي مدورها مع الكل الحقيرة دي
صفعه بيجاد بقوة، وصل صهيب ينظر بغضب لبيجاد الذي قام بصفع ابن اخيه
- اتجننت يابيجاد
حضرتك مش شايف بيقول ايه. احنا بقينا بلى اخلاق يعني
مسح صهيب على وجهه بعنف.

- اخرصوا بقى. تعالى ياجاسر نروح لبابا نشوفه فين
دلف سريعا لداخل يبحث عنها، دلفوا خلفه. وجدها جاسر تغفو فوق الأريكة بملابس بيتية صيفية وفوقها مأرز خفيف
ضحك بسخرية
- هستنى من واحدة عديمة اخلاق زي دي ايه وهي نايمة في بيت شاب لوحدهم
ركل بيجاد المنضدة بقدمه حتى سقطت متهشمة وهدر بصوتا غاضبا، مما افظعها بنومتها هبت جالسة تنظر إليهم بذهول
- اتخطيت حدودك ياجاسر، اقتحامك بيتي بالشكل دا مفهوش احترام.

زفر صهيب بنفاذ صبر منهما واصبح قاب قوسين او ادنى من شق ملابسه منهما، رفع نظره لتلك التي جلست تضم نفسها وتضع يديها على اذنها من صراخهم
- بااااس. اخرص منك له، هذا ماقاله صهيب عندما احتدى الشجار الذي جعل جاسر ينقض عليها يحاول جذبها من خصلاتها
- واحدة حقيرة رخيصة على أخر الزمن رايحة تضيع شرف ابويا. والله ماانا سايبك، وقف بيجاد امامها يلكمه ونيران غضبه تشتعل
- ماقولنا اتهد اسكت انت مبتفهمش ياحمار.

رد عليه لكمته جاسر بقوة اشد بسبب طبيعة عمله
- عايزين اسكت على واحدة عايزة تهد عيلتنا وتحرق قلب امي والله دا افعصها بدون رحمة، هنا صرخ صهيب
- باااس كفاية انتوا الاتنين، ثم رفع نظره لتلك المنكمشة على حالها، ولاح على وجهه ابتسامة
- والله البنت دي بنت غزل المجنونة قالها صهيب بسره
اقترب يحتويها بذراعيه
- تعالي، خايفة ليه
هزت رأسها وتحدثت
- أنا مش خايفة. بس فظعتوني وانا نايمة.

مسح جاسر على وجهه يغضب وصاح بصوتا مرتفع
- ياربي على البرود، قولتلكم عايزة أموتها
جلس صهيب وأشار بعينيه
- اقعدي ياغنى
ظل جاسر يجوب البهو ذاهبا وايابا وهو يكاد يقتلع خصلاته
- ليه عملتي كدا يابنتي
عقدت ذراعيها واردفت بالا مبالاه
- عملت ايه مش فاهمة
نظر لمقلتيها بغموض وأردف
- الصور اللي بعتيها لغزل، والقضية اللي حاولتي تعمليه، عايزة تدمري عيلة. طيب ليه دا كله
نهضت واقفة عندما شعرت بشيئا خفيا داخلها واردفت.

- أنا تعبانة وعايزة ارتاح، ثم صعدت سريعا لغرفتها
- آآه صرخ بها جاسر
دي من كام شهر كانت قاعدة معاها وبتهزر
- مش يمكن عجبت ابوك
قالها صهيب بغموض
باليوم التالي
دلف إليها وجدها تجلس مع إخوته ونهى.

كانت تجلس بجوار الشرفة شاردة ولم تعي بما يتحدثون بهم حولها، استنشقت رائحة عطره. اتجهت بنظرها وجدته يقف ساكنا يتأمل قسمات وجهها الحزين، انتفض قلبه من مكانه وباتت دقاته في التافي من نظرة عيناها الحزينة إتجاهه، تحرك حيث جلوسها، تلاحمت النظرات بعتاب دفين
وصل حيث جلوس الجميع
- مساء الخير.
هذا مااردف به جواد بهدوء رغم الحزن البادي بصوته
نهض صهيب ينظر لمليكة ونهى.

- حمدالله على سلامتك ياحبيبي، ثم اتجه بنظر لغزل التي تنظر من الشرفة مرة آخرى
ابتسم بهدوء ثم تحدث
- طيب هنسيبك دلوقتي ترتاح وبعدين نتكلم قالها وهو ينظر إلى غزل
أومأ جواد برأسه إيماءة بسيطة
اتجه للمقعد الذي يقابلها بعدما تركهم الجميع
كانت تنظر أمامها بضياع وعيناها يتساقط منها الدمع كالمطر وقلبها الملتاع لم يتوقف عن الخفقان من قربه.

أطبق جفنيه يحارب دموعا تقاتله بضرواة حتى لا تظهر أمامها. فلم يعد يتحمل ذلك الألم الذي يعصف به ولكنه مجبرا على التماسك أمامها حتى لا تشعر بآلامه، كفى ماصار لها
غزل خرج إسمها من بين شفتيه بنبرة مثيرة خافضة
رفعت نظرها تنظر له بدموع عيناها التي أحرقت صدره
رفع ذراعيه ليلاقاها بأحضانه، وماكان منها إلا أن تلقي نفسها تبكي بنشيج.

حاوطها بذراعيه يضمها بقوة لصدره. واضعا وجهه بعنقها يستنشق رائحتها علها تطفي لهيب صدره المشتعل
كانت ترتجف بين أحضانه مما جعل بكائها يمزق قلبه، ليرفع رأسها يطالعها بنظرات
الموجعة الحزينة
- ياترى دا كله ليه ياغزل
علشان المشكلة ولا لعدم ثقتك فيا
وضعت راسها بصدره
- قلبي واجعني اوي ياجود، عايزة اشكيلك منك حبيبي، قولي لما قلبي يوجعني هروح اشكي لمين
مسد على ظهرها بحنان ثم قبل جبينها محضتنا إياها.

- تعالي نطلع اوضتنا ونتعاتب هناك ياقلبي مينفعش العيال ياخدو بالهم
بمنزل ريان
جلس الجميع على مائدة الفطار
ابتسمت نغم لعودة ابنها من شهر العسل، هبت واقفة تضع أمامهما مألذ من الأطعمة
- لازم تتغذوا كويس، مالكم راجعين خاسين كدا ليه
قهقه عليها ريان وتحدث
- اهدي ياام عمر العيال هتزور كدا، قاطعتهم العاملة
- فيه واحدة برة إسمها جاكلين عايزة تقابل حضرتك ياباشمهندس.

سقط الكوب من يدي نغم حتى تهشم، رفع ريان نظره بذهول إليها، ثم اتجه للعاملة
- دخليه اوضة المكتب وانا جاي
وقفت نغم امامه وتحدثت بنيران وغضبا عارم بدى للجميع
- الست دي لازم تطلع من بيتي فورا.

صباحا في منزل المزرعة
إستيقظت مبكرا تؤدي فرضها بعدما جلست طوال الليل تبكي لا تعلم لماذا فعلت ذاك بهم، هبطت للاسفل تستنشق رياح الزهور المنعشة فجأة توقفت أمام إحداهما النافذة
اظلمت عيناه وثار قلبه على عقله فأصبح آلان يعترف لنفسه إنها وحدها التي هزت عرشه. تحرك سريعا حيث وقوفهما
- إيه اللي جابك هنا ياماسة
ورغم ذهولها من وجوده في ذاك الوقت بالقاهرة إلا إنها التفت
تطالعه بعينان يفيض منهما الحب.

- بيجاد رجعت إمتى أنا سألت خالي عليك وقال قدامك يومين
تحرك من أمامها حتى وصل لغنى التي أظلمت عيناها عندما وجدت تلك الجميلة تحاوط ذراعيه...
وقف يطالعهما
- إيه اللي لمكم على بعض، وبعدين كل واحدة فيكم في كلية
ارجعت غنى خصلاتها للخلف وابتسمت بسخرية ثم قالت بهدوء مفتعل.

- معرفش قريبتك كانت بتسأل عليا في الجامعة وبعدها جاتلي البيت وقالت شوية هبل قال إيه اني بخطف خطيبها. ورفعت يديها تمسك زر قميصه المفتوح وقامت بإغلاقه، ثم رفعت رأسها تنظر في عينيه لترى ردة فعله من فعلتها، فهي آلان تنتقم برغبة وحشية ولا تعلم النار التي تتلاعب بها ستحرقها بالكامل.

تفاجئ من فعلتها حينها شعر برعشة خفيفة أصابته ورغم عنه وجد نفسه ينزل لمستواها ولم يفصل بينهما سوى أنفاسهما
وأردف عندما تقابلت النظرات:
- لوعجبك معنديش مانع افضل قافله كدا على طول، قالها حينما تمركزت عيناه على شفتيها وتملك منه الشوق أن يتذوقها
ناسيا او متناسيا تلك التي تقف تنظر إليهما ونيران صدرها تتآكل بداخل أعماقها
- معلش ياابن خالي هقطع اللحظة الرومانسية بتعتك دي وأسألك البت دي بتعمل إيه هنا.

جذب بيجاد خصر غنى وتحدث رافعا حاجبيه
- ودا سؤال يتسأل يابنت عمتي، فيه حد يسأل واحدة بتعملي أيه في بيت جوزك
برقت غنى عيناها تنظر إلى بيجاد ثم أردفت بصدمة
- بيت مين يااخويا
دنى منها حتى تلاشت المسافة واختلطت الانفاس وتحدث رافعا حاجبه بشقاوة
- بيت جوزك ياروح جوزك...
اتت للتحدث قاطعهم رنين هاتفه
- بيجاد أنا عملت تحاليل DNA
وعندي يقين بربي البنت اللي عندك بنتي ورغم كدا بدعي من قلبي ان حسي يطلع غلط.
وكأن الحياة أقسمت أن تجعلنا نتألم دائماً.!
-وقف بيجاد أمامه
-عمو جواد لازم تعمل تحليل DNA البنت دي قلبي بيقولي أنها غنى
سحبه واجلسه عندما وجد ذهوله وعيناه الشاردة فأردف
-فاكر علاقتي بغنى صح، يعني مفيش تفصيلة فيها إلا حفظتها
حل الصمت كضيفا بينهما، فرفع جواد كالتائه وبلسان ثقيل
-أنا حاسس بكدا، بس ازاي وهما بيقولوا أنها بنتهم
-كدابين والله ياعموا، انت اكتر واحد تقدر تثبت دا
هز رأسه رافضا حديثه.

-الموضوع مش سهل يابني زي ماانت متخيل
ركل المقعد بقدمه وثار غاضبا
-بقولك دي غنى ياعمو، ازاي محستش بيها، حبها ليك دا حب ابوي بس هي مش فاهمة، احساسها صح بس مش عارفة تترجمه
كور قبضته عندما تذكر حديثها؛ مما أدمى قلبه، مسح وجهه وارجع خصلاته للخلف
-هشوف الموضوع دا يابيجاد
جثى أمامه واردف
-وعد ياعمو، وعد لازم تشوفه
بعد عدة أيام.

خرج من معمل التحليل، ينظر في كل الاتجاهات بلا هوادة، نظر لسيارته التي تركن جانبا. ثم تحرك بخطى بطيئة يسير بالشوارع شاردا، وطعنات تنحره بقوة من الأقارب
ظل يسير ولا يعلم لأي خُطى سيأخذه الحال. تذكر ذاك اليوم الذي رجع بهما من فرنسا
كان يقف أمامهم يمارس أقصى درجات ضبط النفس كي لا يذبحهما بما فعلوا، فهو وصل من خلال هواتفهما إنهما السبب الرئيسي بخطف ابنته.

آهة حارقة خرجت من صدره تكوي بلهيب من يصطدمها، جلس بجانب حديقة عامة ينظر لسرعة السيارات في الشوارع
اطبق جفنيه بوجع لو توزع على عالمه ليكفيه حرقة
تذكر تلك المكالمة
فلاش باك
-أيوة يامنال كله تمام البنت اخدوها بقالهم نص ساعة اتصرفي وسفريها قبل ماجواد يرجع لطبيعته، هو دلوقتي بيدور زي المجنون
علي الجانب الآخر
- تهكمت منال وضحكت ضحكات صاخبة وأردفت بسعادة.

- يستاهل ابن الألفي. كدا ناري بردت والحمد لله هو اللي بدأ والبادي أظلم، ياله عقبال ولاده الباقيين، ثم تذكرت شيئا
بقولك ياأشجان اللي يدلك عشرة مليون كمان وتخلصي من واحد من ولاده التانين كمان. ثم وقفت متحركة تنظر للخارج وأردفت بمقت
-لازم أحرق قلبه على ولاده كلهم، هخليه يتمنى انه مخلفش. تعرفي إن خطف البنت أحسن من موتها مع إن كان نفسي في الولد أهو نخلص من جاسر وذكراه
قاطعتها أشجان.

-المهم انتِ عايزة تخطفي حد في الوقت دا، هيكون صعب أوي. الدنيا ملغمة مقدرش اقرب حتى من البيت
ضيقت عيناها وأردفت بخبث
-لا مش بنتك عندها كورونا على ماأظن.

تفاجأت بها أشجان وأردفت
-أمل أيوة إيه اللي جاب بنتي في الموضوع
زيارة بسيطة لغزل هانم وحضن مع شوية قُبلات للعيال، سمعت إن بنتهم عندها مشاكل في القلب، دا اللي وصلني، وكمان كان المفروض يسافروا بيها يعملولها عملية في القلب
هزت أشجان رأسها وأردفت
-ايوة حسين قالي كدا.
ضحكت بصخب، خلاص ياشوشو اعملي اللي قولت عليه والفلوس هتكون في حسابك النهاردة، ولو حصل اللي في بالي ليكي إدهم كمان، شاووو ياشوشو.

أفاق من تلك المكالمة التي حولت حياته لجحيم تمنى لو منال التي فعلت ذلك كان ألمه سيكون أخف حدة.
صرخة بآهة عالية خرجت من جوف حسرته تنبع من أعماق قلبه...
قبض على ركبتيه بكفيه حتى ابيضت مفاصله
-اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن آمتك ناصيتي بيدك، ماض في حكمك. عدلا فيى قضاؤك. أسألك بكل إسم لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك. أو علمته أحد من خلقك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي.

صار يكرر ذلك الدعاء حتى يذهب عنه غضبه، يارب أخرجني من حولي لحولك ومن ضعفي لقوتك
-يارب إني عبدك الضعيف فقويه بإيمانك
مسح على وجهه وحاول أن يتنفس بهدوء عندما شعر بآنفاسه الثقيلة من كثرة الهموم
ولما لا وزوجته أصبحث أثقلهم هما
استند بظهره على المقعد خلفه وتذكر ليلة أمس مع زوجته التي فاقت قدرتها على الإحتمال
بسط يديه إليها
-تعالي حبيبتي نطلع أوضتنا ونتكلم براحتنا. مش عايزين الولاد ياخدوا بالهم خصوصا رُبى.

نهضت واقفة، ضمها من أكتافها مقبّل رأسها. متجها لغرفتهما
قابلهما ياسين على درجات السُلم
-مساء الفل ياحضرة اللوا، إيه يابابا مبقتش أشوف حضرتك زي الأول، البلد دي أحسن من غيرها ياحضرة اللوا
جذبه جواد مقبلا رأسه
-بتلعب على أبوك ياحضرة الضابط، المهم رايح فين كدا
نازل النادي من زمان ملعبتش باسكت وغلبت يحيى
أومأ برأسه متحركا للأعلى وتحدث
-خلي بالك ياحبيبي من نفسك
تمام يابص، سلام وسهرة سعيدة مع غزالتك.

نظر إليه فاغرا فاهه
-نعم يااخويا بتقول إيه. بتطاول عليا ياسين
توقف ياسين عن السير: -آسف حضرتك، مكنش قصدي اتعدى حدودي مع معاليك ياباشا
هبط جواد درجتين واقفا أمامه
- متبقاش أهبل يالا، بهزر معاك ثم أشار بسبابته وتحدث: - لكن دا ميمنعش إن اللي بيني أنا وماما خاص بينا وحدنا مينفعش حد فيكم يتجاوزها تمام
قبّل كتف والده مبتسما: -تمام معاليك ياحضرة اللوا عُلم ويُنفذ.

ابتسم له بهدوء. وراحت ذاكرته لأبنته الغائبة التي وجد تربيتها الغير سوية. تخطت حدودها في المعقول
كانت تقف تراقب زوجها وتستمع لحواره مع ولدها مبتسمة بحب إليهما
- جواد، أردفت بها غزل به
رفع نظره إليها، نظرة ضالا عن طريقه ثم انتابه الضياع إلى أن وجد ضالته في تلك العيون التي تذيب لهيبه لتحوله لثلج يبرد به صدره.

تلك نظراتها التي تقاوم ضجيج قلبه وضعف عيناه بالحزن والحب في آن واحد. راقبته بعيناها المرتعشة وقلبها الذي تزيد دقاته بصخب وصدرها الذي يعلو ويهبط من شدة مشاعرها وعشقها الدفين بخبايا السنين
صعد بهدوء إلى أن وصل إليها وضمها من خصرها ثم تحرك لغرفتهما
جلس على أريكة بغرفته ضاماها لأحضانه كطفل رضيع. يريد حنان والدته
-حبيبك سامعك. اشكيله ياقلبي وهو هيسمعك بقلبه وبكل جوارحه.

رفعت رأسها ومازالت بأحضانه وتقابلت النظرات في حديث ملام طويل. ترقرقت عيناها بالدمع وأشارت على قلبه
-عايزة اشكيلك من دا، ماله؟ ليه بعيد عن حبيبه الأيام دي. بقاله فترة مش حاسس باللي حواليه
كل ماعليه إلا أن التقط ثغرها حتى باتت كل جوارحها تتمنى قربه أكثر فأكثر
فصل قُبلته عندما أحتاج لبعض الهواء.

ظل يربت على خصلاتها. فقد كان بارعا في ترطيب جفاف روحها الغائرة، مصافحا قلبها بنظراته التي تشبه زخات المطر في يوما عاصفا
لامس خديها متنهدا بحزن
- عندي شوية مشاكل جبارة في الشغل، غير بعض الشركات دخلت في قضايا ضرايب وتزوير وهم كبير، ثم رفع نظره
- وطبعا موضوع ربى ومليكة اللي حستها واخدة جنب من وقت اللي حصل
مشاكلي كتير أوي حبيبي. ومحتاجة مني طاقة وللأسف ياغزل طاقتي خلصت ومبقاش ليا قدرة على التحمل.

استدارت بجلستها فأصبحت بأحضانه كاملة. نظرت إليه بتمعن وترقب
-الكلام دا ممكن تقوله لحد من الولاد ياجواد. أو حد تاني، أي حد غير غزل.
نزل بنظره للأسفل عندما فقد قدرته على النظر بعينيها فهي تفهمه من نظراته
رفعت ذقنه ونظرت لمقلتيه
-غزل حافظة جواد أكتر من جواد نفسه فبلاش تستخف بقلبي ياحبيب قلبي
ابتلع غصة بجوفه وحاول الإبتسام عله يسيطر على نفسه أمامها. فاليوم اكتفى من الصدمات.

عقد كفيه خلف ظهرها جاذا إياها إليه حتى تقلصت المسافة بينهما وهو يحاوطها بنظراته العاشقة فلفحت أنفاسه الحارة ملامحها الجميلة
-سيبك من دا كله وقولي كل الستات اللي بتكبر بتحلو كدا ولا غزالتي بس
انكمشت ملامح وجهها بإمتعاض ولمعت عيناه بحزن ثم وقفت متجهة للخزانة
-هحضرلك الحمام، أدخل خُد شاور وأنا هجهزلك لبسك، شكلك تعبان وعايز ترتاح.

أطبق جفنيه محاولا أخذ أنفاسا عميقة. عندما شعر بحزنها الدامي لقلبه. كيف له أن يعود ابتسامتها في ظل مايمر به
خرج من ذكرياته مغمض عيناه بوجع لما وصلت بينهما تلك الأمور. الأمر الذي جعله أن يتخذ قرار ويقوم بتحليل DNA.

زفر بهدوء قلبه يتمنى أن تكون ابنته وعقله يتمنى الأ تكون، فهل سيغلب القلب على العقل. أم للقلب رأي آخر
قاطع ذكرياته الحزينة مع نفسه رنين هاتفه من اخيه صهيب
-فينك ياجواد. خرجت من بدري أوي
نظر لمرور السيارات من حوله وتحدث بحزن
- جاسر فين ياصهيب من أمبارح مشفتوش
- جاسر عندي، فوق مع عز متخفش معملش حاجة. ثم اخذ نفسا عميق وتحدث.

- جواد عايز اقولك وأكدلك البنت دي بنتك ياحبيبي والله بنتك كل حاجة بتعملها بتدل على إنها بنتك. متزعلش منها هي حبها فيك دا فطرة خرجت منها غصب عنها بس فسرته بمعنى تاني
ثم استطرد بهدوء والدليل على كلامي تعلقها ببيجاد أي حاجة بتحصلها بتجري عليه مع إنهم مش قريبين من بعض
زفر جواد بإختناق وعزم أمره للتحرك لسيارته ثم أكمل حديثه.

-أنا عملت التحاليل ياصهيب علشان اريح الكل. وعلى أد ماأنا خايف من اللي جاي سواء بنتي ولا لا. لكن الموضوع هيكون أصعب عليا فوق ماتتخيل
بالأسكندرية
قبل يوما
هبت واقفة وتحدثت
-الست دي لازم تخرج فورا من بيتي ياريان سمعتني
نظر إليها شزرا ثم تحدث بصوتا مكتوما من الغيظ: -من إمتى وإحنا بنتطرد ضيوفنا ياهانم
قالها متحركا ثم اتجه لغرفة مكتبه
دلف للغرفة ينظر بغموض لتلك التي وقفت تناظره بإشتياق.

-ريان، تحركت تخطو متجهة إليه، ولكنها توقفت عندما وجدت نغم تدلف خلفه وتحاوط ذراعيه
التوى ثغرها بابتسامة خبيثة
-اهلا ياجميلة الجميلات لقد اشتقت لكِ كثيرا
خطت نغم إلى أن وقفت أمامها
- نورتي مملكتي ياجاكي، بس الصراحة مش اوي نورك نص على وربع ممكن تقولي حاجة زي كدا
ضحكت بصوتا مكتوم ووقفت معاندة تنظر بدهاء: -أنا دائما انير أي مكانا أذهب إليه ياجميلة حتى زوجك يشهد بذاك
نظر ريان لنغم وتحدث.

-اعمليلي قهوة من إيدك حبيبي وهاتيها لحد مااشوف ضيفتنا عايزة ايه
خرجت نغم بهدوء وهي تبعث له ابتسامة
-تمام حبيبي
ولكنها تسمرت عندما إقتربت تلك الحية الرقطاء منه متعمدة خفض صوتها الذي أشعل الغضب ونيران قلب نغم
-فكرت جيدا ياريو فلقد اشتقت لك كثيرا
ضحكات صاخبة خرجت من فم ريان وهو ينظر إلى نغم ثم أرسل قبلته إليها: -القهوة يانغوم
خرجت نغم وهي تتأكل بخطاها الردهة
-ماشي ياريان. اصبر عليا، آه صرخت بها.

في منزل المزرعة
قبل عدة ساعات
توقف جاسر أمامها محاولا القبض على عنقها، أوقفه صهيب بعدما دفعه بقوة وصاح بغضب
-هتتمادى هزعلك، سمعتني، ياله امشي من هنا
تنهد ينظر إلى عمه بحزن ثم استدار إليها
-شكلك بنت جميلة، ليه سايبة كل الشباب ورحتي رميتي نفسك على واحد اد ابوكي
انسابت عبراتها أمامهما وللحظة شعرت بأنها تريد أن تلقي نفسها بأحضانه فتحدثت بتقطع.

-غصب عني، وحياة ربنا غصب عني. دنت منه وهي تدفع بيجاد بهدوء وتوقفت أمام جاسر
-والدك الوحيد الى حرك مشاعري، معرفش هو ذنبه ايه، أو مراته ذنبها ايه، بس انا مقدرش ابعد عنه سواء رضيت أو لا، بس مستحيل اتحرم منه
اشتعلت عيناه كجمرتين، ودنى بخطوات مهلكة لكلاهما وفجأة جذبها من خصلاتها
-يبقى ادفنك واريحك من العذاب دا. صرخ بيجاد ودفعه بقوة.

-انت مجنون، ازاي تقرب من حاجة تخصني، تحول جاسر وكأن الذي أمامه عدوا وليس أخته توأم روحه التي يبحث عنها منذ سنوات واردف بصوت كفحيح افعى وهو يخرج سلاحه ويضعه برأسها
-ودلوقتي حياة امي وسعادتها قصاد حياتك يازبالة
ارتجفت اوصال كلا من بيجاد وصهيب، عندما وجدوه يصوب السلاح إليها
دنى صهيب محاولا السيطرة على ابن أخيه.

-حبيبي اهدى، البنت دلوقتي هتبعد عننا كلنا، قالها وقلبه سيتوقف من الخوف عندما سحب السلاح وضغط على ذناده
رفعت عيناها الرمادية التي تشبه عيناه وعين والدته كثيرا وأردفت
-يبقى ريحتني زي ماقولت، يااتجوز حضرة اللوا جواد الألفي يااما تقتلني وتريحني، والقضية مش هتنازل عنها
أطبق بيجاد على جفنيه متألما وحدث حاله
-ربي ماذا يحدث، البنت تعشق والدها واخاها سيقتلها ظنا أنها عشيقة والده.

وقف جاسر مشدوها لما سمعه من تلك الرقطاء كما ذكرها، وقف ملجم اللسان والحركة ينظر بعمق لعيناها يهز رأسه رافضا كلماتها القاسية التي ستؤدي إلى قتل والدته
اسرع صهيب عندما وجد نظراته الشاردة ووقف أمامه يسحب سلاحه
-حبيبي أهدى مفيش حاجه هتحصل، ولو مش مصدقني اسأل بيجاد وراك اهو، هما متجوزين
هوت على المقعد خلفها وتحدثت
-هحبسك يابيجاد، وحياة ربنا لو مطلقتنيش لأحبسك، انا مش فاكرة اتجوزتني ازاي.

سحب صهيب جاسر وهو يشير إلى بيجاد وتحرك للخارج
-تعالى مع عمك حبيبي ووعد مني لو حصل حاجة تانية انا ال هقتلها، بلاش تتهور وتعمل حاجة تندم عليها
وصلوا بعد فترة لمنزل صهيب. قابلهما عز وهو يضمه بعدما اتصل به صهيب
-عز خد ابن عمك فوق، وخلي مامتك تعمله ليمونادا
اومأ رأسه موافقا ثم اتجه للأعلى
تسطح على الفراش واطبق على جفنيه. مسد عز على رأسه
-جاسر من امتى وانت متهور كدا، فين عقلك كنت عايز تضيع نفسك.

لم يستطع الرد على حديث عز كأن الكلمات جفت من حلقه، ولكن نظراته كانت أفصح عن حديثه. استمع لطرقات على باب الغرفة
-دلفت جنى بيديها كوب من عصير الليمون البارد. اتجهت إليه ونظرت إلى عز
-ماله ياعز، ليه عامل كدا؟!
أشار بيديه إليها بالصمت، استمع إلى صوت هاتفه، أخرجه من جيبه ونظر وجده عمه.

-انا هرد على التليفون وراجع. خرج عز ليحادث جواد الذي شعر بالقلق على ابنه. بينما تحركت جنى وجلست بجواره تنظر إليه بحزن. وضعت كوب الليمون وجذبت ذراعيه
-قوم ياابيه اشرب العصير، وان شاءالله تروق
أطبق على جنيه وقال بألما يعتصر ماتبقى من روحه المعذبة لما تشعره والدته
-انا تعبان اوي ياجنى، تعبان ومش قادر اتكلم، ولا عايز اشوف حد، ممكن تطفي النور وتسبيني عايز انام
مسدت على خصلاته بحنان وانسدلت دموعها.

-جاسر متخوفنيش عليك، عمري ماشفتك كدا، احكيلي ايه ال حصل، من امتى واحنا بنخبي على بعض
تناول كوب الليمون وارتشفه مرة واحدة، ثم تسطح على الفراش وتحدث: -اطفي النور مش عايز اتكلم، دنت منه وتحدثت بهمس بصوتها المبحوح من الحزن على حالته
-جاسر مش همشي لما اعرف مالك، انت اتخنقت مع عمو أو طنط غزل
استدار إليها فكانت قريبة منه للحد الغير مسموح، اختلج صدره احاسيس مختلطة لم يعلم ماهيتها، ولكن قلبه تألم على بكائها.

رفع أنامله وإزال عبراتها واردف بهدوء
-بطلي عياط هو انتِ بتكبري ولا بتصغري. ابتعدت عنه تبتسم
-رخم اوي على فكرة هو انا بعيط بسبب مين مش بسببك، وانا زعلانة منك عشان مش راضي تحكي
ابتلع ريقه وتحدث
-مشكلة كبيرة بيني وبين بابا، وزعلانين من بعض كدا ارتاحتي
-تؤ. قالتها وهي تهز رأسها ثم اردفت
-ايه ال حصل بينك وبين عمو ياجاسرولو مقولتش هزعل منك بجد.

دلف عز يوزع نظراته بين أخته الباكية وبين ابن عمه المتسطح بنظراته الحزينة، فأردف
-جنى أنتِ لسة هنا بتعملي ايه
صمتت للحظات ثم اردفت
-بتفق مع جسورة عشان اعرف هيقابل العروسة امتى
قطب عز مابين جبينه متسائلا
-عروسة لمينء؟!
أفلت جاسر ضحكة من بين شفتيه واعتدل جالسا
-خد اختك المجنونة من هنا مش ناقصة جنان انا فيا إلى مكفيني
-ايوة ايه هو ال فيك؟!
تسائلت بها جنى. نظر عز إليها غاضبا.

-جنى سيبي جاسر دلوقتي وبعدين اتكلموا، وتعالي عايزك، فيه موضوع مهم كنت مأجله وجه وقته
اومأت برأسها بالموافقة ثم اتجهت بنظرها إلى جاسر
-افتكر انا قولت ايه يابن عمي. قالتها وتحركت للخارج
انحنى عز إليه وتحدث بمغذى
-دا شكل العروسة حلوة هو انا اعرفها يلا
التوت زواية فمه بابتسامة باهتة واردف
-هي اختك هتجيب حاجة عدلة، تلاقيها شبهها.

دقق عز النظر بعيناه وتحدث: -هي اختي وحشة، هي ال ماسكة في بيت ابوها ومش عايزة تتجوز، وصهيب عامل كماشة عليها، مع أن دكتور الجامعة دا حلو ومن عيلة كويسة، بس عمك معرفش ايه دماغه
وضع جاسر كفيه على وجهه واجابه
-نصيب ياعز، مستعجل على اختك ليه، عمي حكيم متخافش يمكن شايف حاجات انت مش شايفها، ولو عايزني اشوف حكاية الدكتور دا ايه معنديش مشكلة بس افوق من موضوع البت دي
هز عز رأسه وتحرك دون حديث آخر
باليوم التالي.

ببيت المزرعة
جلس يرتشف قهوته ويراقب تلك التي تتحرك بين الزروع كالفراشة وتذكر الامس
فلاش باك
وصلت ماسة تنظر بغضب إليهما
-البنت دي بتعمل ايه في بيتك يابيجاد
جذب بيجاد خصر غِنى وتحدث رافعا حاجبيه
-ودا سؤال يتسأل يابنت عمتي، فيه حد يسأل واحدة بتعملي أيه في بيت جوزك
برقت غنى عيناها تنظر لبيجاد ثم أردفت بصدمة
-بيت مين يااخويا
دنى منها حتى تلاشت المسافة واختلطت الانفاس وتحدث رافعا حاجبه بشقاوة.

-بيت جوزك ياروح جوزك...

لكمته بصدره
-حبك بورص ياخويا، أنا متجوزتش حد
بينما ماسة التي وقفت وكأنها تراهم بجحيم جهنم. ظلت تهز رأسها وتردف
-مين دي اللي مراتك. لا، لا أكيد بتكذب
تحركت إلى أن توقفت بينهما
-بص في عنيا يابيجاد وقولي إنك بتغظني بس. اكيد بتغظني، قالتها غير مستوعبة مااستمعت إليه
امسكها بيجاد من مرفقيها
-صوتك ميعلاش، وتعالي قوليلي جاية هنا ليه.
عقدت غِنى ذراعيها وأردفت.

-طبطب على الجميلة يازوج الأحلام. قالتها وهي تنظر له بغضب
وصل إليها بخطوة واحدة ثم جذبها من خصرها وهمس بجانب أذنيها
-والله ابدا دا زوج واقعي فوق تخيلاتك الغبية دي زوجتي المجنونة
لكمته بجنبه
-جن لما يركبك. أوعى تفكرني علشان كنت عايشة برة معرفش حاجة عن لؤم وخبث اللي زيك. دنت وتهمست مثلما فعل
-لا ياحبيبي دا شوفت محمد رمضان وعبده موتة كمان. قالتها وهي ترفع حاجبيها بسخرية.

ضيق عيناه ولا يدرك ما رمت إليه بكلماتها
-مش فاهم يابت تقصدي أيه
دفعته بكلتا يديها وتخلت عن قبضته ولكنه جذبها مرة أخرى
-اثبتي وفهميني كلامك ياعفريت العلبة إنت
رفعت نظرها لماسة ثم اتجهت تهمس له بقوة أكبر جعلت دقات قلبه تضرب بعنف
-حبيبتك هتموت عليك من الغيرة، هبلة متعرفش إنك متلزمنيش
اتجه بنظره لماسة التي تطالعهم بغضب تود لو تستمع لحديثهما
ورجع إليها يطالعها بغموض جعلها ترتجف بين أحضانه.

-عندك حق طبعا وزي ماقولتي إنت كمان متلزمنيش ثم اكمل
- هروح أوصل ماسة وراجع تتحركي من هنا، أقترب وهمس أمام شفتيها
- هجيبك حتى لو روحتي الصين وصدقيني مش هرحمك زوجتي الحلوة
توسعت نظراتها وضربت قدميها بالأرض
-لو مشيت هترجع مش هتلاقيني، لا تعرف لماذا قالت له ذاك الحديث...
هل نيرانها التي احترقت صدرها بعدما جذب ماسة وتخطاها للذهاب. أم أوامره التي دوما يؤمرها بها، أم كلماته عن زواجه بها، هنا تحدث عقلها.

-كيف ينعتها بزوجتي، اسرعت خلفه بعدما لم يهتم بحديثها
-بيجاد صرخت بها...
استدار ينظر إليها بإستفهام
-خُدني وصلني بيت بابا أنا مستحيل أقعد هنا دقيقة واحدة، وأهو تقعد مع قريبتك براحتكم
ضيق عيناه ثم ترك ذراع ماسة واتجه إليها
تغلغلت روحها بداخلها عندما وجدته متجها إليها، ولكن اختفت ابتسامتها عندما اردف:
-ماسة روحي عند العربية هقول حاجة لغنى وراجعلك على طول
تمتمت بإستياء، من كلماته.

-الولد دا مش راحم نفسه يخربيته، ليل نهار مفيش غير البنات
تسلطت عيناه على شفتيها التي تتمتم تلك الكلمات واقترب منها
-بتقولي إيه، بيت مين اللي عايزة تروحيه
هزت ساقيها بعنف ونظرت بغضب
-تليفون واحد يابيجاد وأعمل بلاغ فيك انك خاطفني، وشوف بقى ممكن ازود في البلاغ ايه
جذب ذراعيها بقوة عاقدا خلف ظهرها وهمس بجانب اذنيها
-طيب اعمليها كدا، وشوفي هيحصل ايه.

وياريت تكتري من الحاجات التانية بتاعة الخطف دي ياروحي، علشان احقق بلاغك واخليه حقيقة. ثم دنى حتى اختلطت انفاسهما واكمل
-وحياة غنى عندي إنك مراتي دلوقتي
جحظت عيناها من حديثه
-اكيد بتهزر، لا دا إنت مجنون
ضحك بصخب ونظر إليها نظرات لأول مرة. نظرة حبيب، بل عاشقا
وحياة مراتي الجميلة مابهزر إفتكري كدا يوم الحفلة وإنت تعرفي كلامي مش هزار ابدا. رفع ذقنها عندما نظرت للأسفل مضيقة عيناها تحاول تتذكر تلك الليلة.

تلاقت نظراتهما وأردف بصوتا مبحوحا فاضت به مشاعره ولم يقو على سيطرته
-دلوقتي إنت غنى بيجاد، قولتهولك من سبعتاشر سنة مكنتش اقصد ابدا إنك هتكوني ملكي كل اللي قصدته وقتها إنك اميرتي اللي كانت كل اهتمامي...
رفع إصبعه يزيح خصلاتها من على عينيها يضعها خلف إذنيها ثم أكمل حديثه الذي جعلها لا تعي شيئا كالمعتوه
-لكن دلوقتي إنتِ ملكي ومراتي، اينعم جواز مش شرعي اوي علشان بالسر بس جواز.

نظر لمقلتيها وأكمل مسلوبا بالكامل
-يمكن دا لعبة من القدر انه يبعدنا، ونرجع نتجمع بعد السنين دي كلها بس اللي متاكد منه إنك تخصيني أنا وبس
شعرت برجفة بعمودها الفقري وكأنها لم تقو على الوقوف، فأمسكت بذراعيه عندما مس كيانها بالكامل، نظراته، همساته، ورغم ماقاله إلا إنه لم يرحم حالتها واكمل
-خلي بالك من نفسك. نص ساعة بالكتير وراجعلك. أنا خلاص مقدرش أبعد اكتر من كدا
جذب رأسها واضعا جبينه فوق جبينها.

-جبتي ابن المنشاوي على رقبته يابنت الألفي...
ظل يقاوم نيرانه الملتهبة عاجزا على ارتعاشة شفتيها من حالتها التي اوصلها إليها، لم تعي ما يقوله. توهان. تشتت من قربه وأنفاسه القريبة، أحنا كنا نعرف بعض.

تذكرت تلك الليلة التي خرجت بها من الحفل وجدته يترجل من سيارته بهيئته الخاطفة للقلب
توقف أمامها عندما وجد عبراتها تنزلق على وجنتيها
- غنى أردف بها بيجاد عندما جذبها بعيدا عن تلك السيارة
وقفت أمامه ولم تفكر إلا إنها القت بنفسها بأحضانه
حدق فيها بعينين عندما فعلت ذلك، كان عاجزا لم يعلم ماذا يفعل في تلك الاثناء
لم يبادلها حضنها ظل واقفا كالتمثال.

أخرجها من أحضانه يستند بذراعيه متكأ على سيارته ينظر إلى عيناها التي تسحره كلما رآها
-ليه الدموع دي. وبتعيطي ليه
أشارت على الحفل وبدأت تبكي كالمختل عقليا
-شوفته جوا حاضنها كدا، شافني واتلاشني كأني مش موجودة والله لاندمه
هي مش احسن مني
كانت نبضاته الهادرة تتخبط بعنف بين ضلوعه كأنها تعلن ثورتها ضده، من قربها وارتعاشة شفتيها
قبض على معصمها بقوة ونظر لداخل عيناها
-إنتِ قصدك مين.

دفعته بقوة بعدما أزالت عبراتها وصرخت بوجهه
-الله يلعن اليوم اللي قبلتكم فيه إنت وهو
أنا بكرهكم انتم الأتنين
هو علشان بيتلاشني كأني مش موجودة
ثم اقتربت ولكمته بصدره
وإنت علشان بتغيب عليا بالأيام. بكرهكم
استمعت لهدير سيارة بالقرب منهما
رفعت رأسها تناظر الذي يصيح بإسمها
- غنى تعالي ياله، تركت ذراع بيجاد وأسرعت إليه
- يحيى بتعمل إيه هنا
رفع حاجبه وتحدث.

-كنت بوصل ماما يابنتي الحفلة، ايه تحضري الحفل ولا نروح حفلة تانية
اتجهت بنظرها لبيجاد الذي يناظرها شرزا. ثم استدارت تفتح سيارة ابن صديق والدتها
-لا نروح حفلة تانية يايحيى. امشي من هنا بسرعة قبل سبع الليل مايجي يطربق عربيتك
ضيق عيناه وتسائل
- مين سبع الليل دا، ضحكت ضحكات صاخبة بعدما وجدت بيجاد يتجه نحوهما.

- امشي بسرعة وأنا هقولك. ثم أشارت بيديها ورغم ضحكاتها الإ أن دمعة انسدلت على وجنتيها. هي تعلم ان يحيى ليس الشخص السوي ابدا، ولكن ماذا تفعل كي تطفئ نيرانها المشتعلة التي تزيد اشتعالا كلما اقتربت من ذاك الاثنين
عودة للحاضر
وصلت غنى حيث جلوسه، جلست بجواره
-بيجاد ايه ال حصل وازاي اتجوزتني لو فعلا بتقول الحق
استدار يبتسم إليها. ارجع خصلاتها بعيدا عن وجهها بفعل الرياح
-فاكرة يوم الحفلة.

ضيقت عيناها وأردفت: -هو إيه اللي حصل. أنا خرجت اليوم دا مع ابن صاحبة ماما ودخلنا ديسكوا وسهرنا شوية. ورجعنا، فجاة توقفت وتذكرت تلك الليلة ونظرت إليه
ذهب بذكرياته وبدأ يقص لها
دلف لذاك المكان الذي يعرف بالنادي الليلي
يجمع الكثير من الشباب والشابات، ناهيك عن خروجهم عن القيم الأخلاقية ودينهم الذي لا يعلمون عنه شيئا سوى الديانة مسلم فقط.

جذبها بقوة إليه ولكم الكثير من الشباب الذين كانوا يحاوطونها في ذاك الوقت وهي لا تدري بحالها
ضمها عندما وجد قوتها على المشي متلاشية. اشتم رائحة الكحول الخارجة من فمها
دفعها بقوة لداخل السيارة
-ادخلي والله لأدبك يابنت عمو جواد
الرؤية كانت مشوشة لديها. اتجه بها بعد قيامه الإتصال بصهيب
-بنت اخوك معايا ومصايبها كترت والله لو عمو جواد شافها كدا ليدفنها بالحيا
تحرك صهيب بعيدا عن الجمع.

-بتقول إيه يالا. إنت شارب ولا إيه
ضحك بيجاد بسخرية
-لا والله مش أنا بنت اخوك اللي شاربة ومتكيفة على الأخر
توسعت عين صهيب وأردف بغضب
- دا مش جواد بس اللي هيموتها. دا لو عز عرف هيموتها هو كمان إنت فين يابني
زفر بيجاد بغضب من كلمات صهيب الذي اذهبت عقله
-نفسي الاقي حد في العيلة دي الواحد يفهم منه جملة، عيلة كلها مفوتة عقليا
صاح صهيب.

- روحت فين يابيجاد، توقف بيجاد بالسيارة جانبا عن الطريق وهو يمسح وجهه بغضب عله يستطيع السيطرة على نفسه، ناظرا لتلك التي تتحدث وكأنها بعالم آخر
- اتجهت له ثم وضعت رأسها على كتفه وتحدثت
- تعرف إنك شخص جذاب أوي. رفعت يديه على قلبها واردفت: - دا محتار بينكم. بيحبكم انتوا الاتنين. بس هو أكتر. هزت رأسها وأشارت بيديها
- لا إنت أكتر، انسدلت دموعها فجأة وأكملت.

- بحبك أوي يابيجاد وبزعل منك أوي علشان كل شوية بشوفك مع بنت. وبحبه هو كمان وبزعل منه علشان بيحبها أكتر. طيب انتوا الاتنين واجعين قلبي، كنت عايزني اروح لمين.

صعق بيجاد من حديثها، وهزة عنيفة اصابت جسده بالكامل لا يعلم أيسعد من حديثها ام يحزن، شعر بوجع قلبه عليها
إحتوى وجهها بين راحتيه وتحدث
-غنى حبيبتي طبيعي إنك تحبينا إحنا الاتنين، قاطعه صراخ صهيب الذي ركب سيارته متجها إليهما ظنا منه يتحدث على رُبى
-بقولك انتوا فين أنا في الطريق، نظر للخارج ووقع نظره على تلك اللافتة
مأذون شرعي
ابتسم بخفة ينظر لتلك التي وضعت رأسها على كتفه وهي تتمتم.

- بحبكوا انتوا الاتنين
- إحنا في شارع () عند مكتب الماذهون. تعالي علشان تشهد على عقد الجواز ياعمها
صرخ به صهيب. ولكنه اغلق الهاتف سريعا
-لما أشوف اخرك إيه ياعمو جواد. انت مش ناوي تعمل التحليل، يبقى ادخل انا بطريقة تانية وشوف مين اللي هيثبت للتاني انه صح
وصل صهيب ينظر حوله في كل الاتجاهات، وقع نظره على ذاك المكتب
اتجه سريعا يدلف المبنى.

دلف لداخل المكتب وجد بيجاد يجلس بجواره غنى، هنا فاق من صدمته وعرف قصده.

سار ببطئ حيث جلوسهما ونظر أليه
-انت اتجننت يالا جايب البت وعايز تتجوزها وهي مش دريانة بنفسها، دي جريمة
عقد ذراعيه أمامه وتحدث
-المرادي جبتها من ديسكو ياعمها، بكرة أجيبها من شقة دعارة
جذبه من ذراعيه وتحدث
-بيجاد احنا مش متاكدين إن البنت بنت جواد
اقترب بيجاد ينظر بداخل مقلتيه بقوة.

-بس أنا متأكد البنت دي بنت عمو جواد. ولو هو نفسه مش عايز يصدق يبقى براحته، على العموم أنا هكتب عليها بس علشان أعرف اتحكم فيها دي مجنونة على الأخر. ومتنساش ان بابا لو عرف هيضربني بالنار، الموضوع هيكون سري لحاجتين مهمين
انهم ميعرفوش يخرجوها بر مصر تاني والسبب التاني
-علشان محدش يكون له حكم عليها واقدر اتحكم في جنانها، دي بتقول بتحب ابوها، معرفش دماغها فيها ايه.

نظر صهيب إليها وهو مقتنع بكلامه ولكنه يخشى ثوران جواد وريان بعد ذلك، وماذا يحدث إذا لم تكن ابنته. في تلك الحالة سيكون بيجاد المبتلي بها
رفع نظره وحاول التحدث معه
-طيب استنى يومين وأنا هقنع جواد بموضوع التحليل دا
أجابه: -وايه يعني وهي مراتي مفهاش حاجة.
نظر صهيب إليه
-انت بتحبها يابيجاد
اجابه بيقين دون تفكيرا.

-أنا بحب عمو جواد ياعمو صهيب الراجل دا صعبان عليا أوي بحسه زي أبويا، هو بيحاول ميظهرش وجعه لحد. ومعرفش ليه مش عايز يقتنع إنها بنته، دا المفروض اقرب واحد ويتاكد بدون شك
قاطعهم صوت المسؤل عن المكتب
- اتفضلوا، جذبه صهيب
- انت مُصّر على الجنان دا
أجابه بيجاد بيقين
-أنا مُصّر ومقتنع أن البنت دي بنت عمو جواد، وهفضل وراه لحد مايقتنع وعلى فكرة مش محتاج تحليل
أشار صهيب بعينيه لغنى.

-ودي هتتجوزها إزاي وهي مش حاسة بحاجة
ميهمنيش إنت عمها وولي أمرهاوأحسن حاجة إنها مش حاسة
-بقولك ياغبي البطاقة فيها إسم تاني
جذبه من يديه: -تعالى بس ياعمو متقفلهاش، أنا هتصرف هو أنا هعمل حاجة حرام دا جواز
بعد قليل هبطوا للاسفل حيث وجود سيارتهما
وقف صهيب أمامه
-يارب تكون خطوة صح يابيجاد وفعلا تطلع بنت جواد، عملتك دي مش سهلة ابدا وخصوصا لو البنت انكرت، ومعرفش أبوك ممكن يعمل إيه بعد مايعرف.

جذب غنى من خصرها وتحرك لسيارته
-أنا همشي دلوقتي دي نامت زي ماحضرتك شايف وبلاش عمو جواد يعرف حاجة دلوقتي، ومتخفش من بابا وقت مايعرف كان ربنا حلها من عنده
فتح باب السيارة وأدخلها بهدوء
نظرت إليه وتبسمت
-إحنا رايحين فين، هتوديني عند حضرة اللوا
خرجت من بين شفتيه ضحكة خافتة وتحدث
-أهو حضرة اللوا دا ممكن يموتني لو عرف
كانت تناظره
-تعرف أنتوا أكتر اتنين بحبكوا أوي معرفش ليه، مع أنكم أكتر أتنين تاعبين قلبي.

قبّل خصلاتها وتحدث
-وإحنا بنحبك ياقلبي متخافيش محدش هيقدر ياخدك تاني
نهاية الفلاش
خرج من شروده وهو ينظر إليها
-دا كل ال حصل، ذكر لها بعض الاشياء مبتعدا عن حكايته مع صهيب. ثم نهض وتحدث: -متخلنيش أتجه لأساليب تانية ياغنى لو سمحتي، استمع لصرير السيارة...
أسرعت غنى خلفه وجذبته من ذراعيه، استيقظت روحها الثائرة بداخلها ماإن تركها وأسرع خلف ماسة
-تعالى هنا، رايح فين؟
رفع حاجبه ينظر إليها بسخرية.

-ماسكاني كدا ليه، انا لازم انزل الإسكندرية
رفعت عيناها لعيناه وتحدثت بغضب
-مفيش خروج لحد ماتعرفني إنت مجنون ولا بتتكلم بجد
هزت رأسها
-لا أكيد مجنون كلامك مش حقيقي
انزل يديها بهدوء وتحدث
-لازم انزل اسكندرية معرفش ماسة هتقول ايه لبابا
دفعته بقوة وتحدثت كقطة شرسة
- والله ماانت متحرك من هنا وشوف كلام مين اللي هيمشي. صرخت بصوت مرتفع
- مين دي اللي تجري وراها وتسبني هنا استنى حضرتك واشربي من البحر يابت.

اظلمت عيناه وهو يتحدث بغضب
-صوتك مترفعهوش واه هتفضلي هنا. ودلوقتي تعالي بقى علشان اخرك كدا
جذبها من مرفقيها وهي تحاول دفعه وصرخاتها تصم أذنيه، دفعها بقوة داخل المنزل
-اياكي ياغنى تعملي حاجة لحد ماأرجع
في فيلا صهيب: دفعها بقوة على الأريكة وصرخ بوجهها مما أسرعت نهى لصوت صراخه
-عز في إيه بتزعق كدا ليه
كان ينظر إليها شزرا وتحدث بغضب.

-إزاي تسمحي لنفسك تقعدي بشعرك كدا قدام جواد، ايه ياهانم فين إحترامك لدينك ولنفسك
مطت شفتيها بحزن ونظرت للأسفل حتى لا تضعف امامه وتبكي
جذبته والدته وصاحت بوجهه بعدما وجدت حالة ربى
-إيه اللي بتقوله دا اتجننت.
رفع يديه وتحدث بعيون حمراء كلهيب جهنم، يشعر بنيران تحرق دواخله كلما تذكر نظرات جواد إليها
-لو سمحتي ياماما. محدش يدّخل بينا.

اصابتها رغبة عارمة بإحتراق صدره، وقفت تنظر لعيناه التي تبعث إليها نظرات غاضبة
- الحجاب وقع غصب عني، وبعدين جواد اخويا زيك زيه عمره مايبصلي نظرة مش كويسة. اقتربت منه وأردفت ماجعلت قلبه ككتلة من النيران الملتهبة تحرق من يدنو إليها.

- آبيه عز أنا فاهمة خوفك على اختك وشعورك بالغيرة عليها، بس دا ياآبيه لو حد غريب. انتو الاتنين عندي زي بعض. وصدقني أنا سعيدة علشان يوم ماهفكر ارتبط هلاقي اخواتي كلهم حواليا بيخافوا عليا، علشان خطيبي يعملي حساب. طبعا بعد جاسر وأوس وياسين، أنت وجواد
أصلي ناوية اعيد التصنيف ياابن عمي
وقريب جدا هتسمع اخبار تفرحك
قالتها وهي تنظر بغرور انثى جُرح كبريائها.

تنهدت نهى بحزن عندما شعرت بآلام إبنها. اقتربت منهما. عندما علمت بما يفكر به
خطى إليها بخطى سُلحفية وتحدث بهدوء رغم نيرانه المحترقة بصدره
-وإيه كمان يااختي الصغيرة، عرفي أخوكي واجباته علشان يقدر يقوم بيها. وامتى عريس الغفلة هيجي
علي رغم ماوصلت إليه وسعدت بإحتراقه إلا إنها تحركت للخارج
-لما أفكر يبقى هقولك، إستدارت تنظر له
ياآبيه
هرول خلفها يجذبها بغضب حتى اصطدمت بصدره.

- إغلطي كمان صدقيني هخليكي تندمي إنك وقفت تناطحيني كدا، دنى حتى همس بجوار أذنيها
- انا دلوقتي بكلمك بصوت عز حبيبك. بلاش تخليني اكلمك بعز الألفي الغيور. تمام ياروح عز
جملة أحيت روحها مرة أخرى لترفع انظارها تتأمله بحب. لم تشعر بقرب المسافة بينهما الذي أصبح ضئيلا للغاية للحد الذي باتت أنفاسه تداعب وجنتيها
ولكن فجأة ايقظها عقلها من دوامة عشقها له، دفعته بقوة وهي تتحدث بإهتزار وشفتين مرتعشتين.

-متتخاطش حدودك معايا ياباشمهندس لو سمحت...
خرجت الكلمات من فمها غاضبة. بادلها حديثه بهدوء
-دي مش حدود بينا ياروبيا، حدودي معاكي حاجات متأجلة لكن برضو مبتخطهاش يا، صمت للحظة وناظرها
بنت عمي
كانت تقف تناظرهم من بعيد، تتمنى لو يتوج حبهم بزواجهما، ولكن كيف بعدما صار
بعد أكثر من ساعتين بالأسكندرية
كان الجميع يتناولون طعام الغداء. دلفت ماسة تصرخ أمام ريان.

-ليه يعمل فيا كدا ياخالو. حضرتك قولت اديني وقت تتكلم معاه، مش لحد مايتجوز
اتجهت سيلا اختها زوجة عمر ضمتها لحضنها. عندما وجدت انهيارها
-ماسة حبيبتي اهدي بتعيطي ليه، ومين دا اللي بتتكلمي عنه
خرجت من أحضان سيلا وتحدثت
- والله أنا بحبه ياسيلا. معرفش ليه من صغري وهو بيعاملني كدا، نظرت لريان وأردفت بصوتا باكي
- هو أنا وحشة ياخالو. طب لو وحشة ليه الكل يتمنى اتكلم معاه وأصاحبه، وقفت تناظرهم بقلبها المكسور.

- أنا عمري مااتمنيت حد غيره هو. استنيته السنين دي كلها، رفضت أصاحب حتى أي شاب علشان عارفة إنه مابيحبش البنت اللي بتصاحب الشباب، لبست الحجاب وحبيت الألوان اللي بيحبها، تمردت على شخصيتي الحقيقية علشانه ياخالو، رفعت نظرها لنغم ودموعها تنسدل بقوة على وجنتيها
- قوليلي ياانطي نغم، هو أنا وحشة يخليه يحب واحدة تانية ويتجوزها من وراكم. ثم دققت النظر إليهما، واتجهت لعمر الذي يتهرب من نظرات الجميع.

- كنت تعرف صح ياعمر، كنت تعرف إن بيجاد متجوز صح، اتجهت لريان، ودققت نظرها إليه
- كنت تعرف ياخالو، مخبي عليا
صرخت وصاحت بهم
-ماهو اكيد بيجاد ميعملش حاجة زي دي من غير ماحضرتك تعرف
اتجه إليها ريان ويتمنى مافهمه يكون خاطئا، يؤكد لعقله مستحيل ان بيجاد يفعل شيئا مهينا له كهذا
جذبها لأحضانه وتحدث بهدوء رغم حزنه الداخلي من ولده
-إيه اللي حصل حبيب خالو وبيجاد عمل إيه
خرجت تبكي بقهر وأردفت.

-ابنك راح اتجوز البت الحقيرة اللي، بقاله شهور بيجري وراها، ومقعدها في مزرعة القاهرة، وعامل عليها كردون امني، زي الملكة، خايف حد يقرب منها
صاعقة ضربته بقوة. مما جعله يسقط جالسا على المقعد كمن تلقى ضربة موجعة قصمت ظهره، هز رأسه رافضا حديثها
وتحدث مردفا
- مستحيل. بيجاد ميعملش حاجة زي دي بدون علمي، رفعت نظرها لعمر وتحدثت
- مايمكن الباشمهندس عمر عنده الحقيقة ياخالو
اتجه ريان بنظره لعمر وناظره بإستفهام.

-إيه الكلام اللي بسمعه دا
نزل عمره بنظره للأسفل
-الموضوع مش زي ماحضرتك فاهم يابابا
نهض يسير بخطى بطيئة كأنه يسير على جمرات
- متجوزها صحيح ولا لا، تحدث بها ريان بهدوء رغم نيرانه المستعيرة
- اسمعني يابابا مش الجواز اللي في بالك
صاح ببعض القوة
-سؤالي واضح ياباشمهندس متجوزها ولا لأ، جاوب
هز رأسه وتحدث
- متجوزها يابابا بس، صفعة قوية سقطت على وجهه.

- لحد كدا وتخرص، أنا اللي غلطان إني ادتلكم ثقة زيادة عن اللزوم، وثقت فيك ياكبير، وثقت إنك مستحيل تعمل حاجه دون علمي، وهو وثقت وادتله الحرية المطلقة
اتجهت ماسة إلى عمر وأردفت بغل: -خليته يتجوز واحدة حقيرة، واحدة كل يوم ماواحد شكل ياعمر
اخرصي ياماسة، هذا مااردف بها بيجاد عندما دلف، ثم اكمل وهو ينظر إليها بمقت وغضب.

-كنت عارف أنك مستحيل تكوني بني أدمة جيتي هنا على طول تبخي سُمك، مفكرة كدا إني ممكن افكر فيكي واتجوزك...
جذبه ريان من ثيابه ونظر إليه بغضب
- براحة علينا ياكابتن، استنى كدا وتعالى قولي إحنا بالنسبالك إيه، ياترى الأوتيل اللي بتلجأله كل فترة، ولا دا مكان لزهق
- بابا لو سمحت ممكن تسمعني
رمقه بنظرة تفحصية وتسائل
-اتجوزتها يابيجاد، روحت اتجوزت من ورا ابوك
بابا ممكن تسمعني، كان لازم.

رفع ريان يديه ونظر لنغم التي تتساقط عبراتها وحزن الدنيا سيطر عليها، لأنها تعلم زوجها لم يسامح أبنها
-شوفتي ولادنا عملوا فينا إيه، بعد ماربناهم، دا أنا كنت صاحبهم مش ابوهم
تحرك كأنه رجلا عجوزا محمولا بهموم العالم فوق اكتافه
-بابا لو سمحت لازم نتكلم
أشار بيديه وتحرك صاعدا للأعلى
-نغم هاتيلي قهوتي فوق، وانت ياكابتن بيتي معدش يسعنا إحنا الأثنين
بعد ثلاثة أيام بفيلا جواد الألفي.

استيقظ مبكرا يتجهز لذهابه لإحضار ماسيغير ويقلب حياته رأسا على عقب
استمع لرنين هاتقه
- أيوة ياريان، أيوة عملتها ورايح أجبها حالا، ضيق عيناه وتسائل
- انت في القاهرة من إمتى
خلاص استناني في مكتب الشركة
بفيلا طارق عزيز
-ماسألتش يعني ياطارق على غنى
رفع نظره من هاتفه وتحدث
- الخدامة قالتلي عند صاحبتها بقالها خمس ايام. استدار ينظر إليها.

- الحرية المتمادية مع البنت دي غلط ياتهاني، وبعدين معرفش مالك بقالك كام يوم تعبانة ودايما سرحانة، شوفي وشك بقى إزاي، ثم تذكر شيئا
- إحنا مكنش المفروض ناخد غنى ونروح للدكتور غزل الألفي ولا إيه...
قاطعته سريعا
-لا هاخدها ونروح ألمانيا. الدكاترة برة احسن
ببيت المزرعة.

دلفت إليه الغرفة التي كان يجلس بها كلما عاد من عمله دون الحديث إليه، فبعدما رجع من الاسكندريه منذ ذاك اليوم وهو بغرفته لا يخرج إلا للطعام فقط معها
-بيجاد أنا زهقت وعايزة ارجع بيتنا، متبقاش مستفز، والقضية خلاص صرفت نظر عنها
رفع نظره من جهازه وتحدث
- كان نفسي تعملي القضية علشان اخليكي طول سنينك بالسجن، ماهو انتِ هتكوني متعددة الازواج ياحبي، رفع هاتفها
- خدي تليفونك وبلاش شغل الأطفال.

اتت للتحدث قاطعهم رنين هاتفه
-بيجاد أنا جبت تحاليل DNA ورايح للمكتب
ابتسم وتحرك بعيدا عنها
-بنتك إن شاء الله، نهض سريعا يلملم اشيائه الخاصة متجها إلى جواد
بفيلا جواد الألفي
امسكت هاتفها ثم قامت بالحديث مع احدهما
-الصورة اللي بعتها دي عايزة عنوانها فين دلوقتي
لم يمر سوى عشر دقائق واعاد هاتفها بالرنين
-أيوة، تمام. فين، مزرعة ريان المنشاوي
دلف جواد إلى مكتبه كان يجلس.

صهيب وحازم الذي علم بالامر مؤخرا وجواد حازم وريان وبيجاد الذي وصل مع دلوف بيجاد
رفع نظره الى صهيب يحبس أنفاسه داخل صدره ضاغطا على كل خلاياه وتحدث بشفتين مرتعشتين
-جبت التحليل، لسة مفتحتوش، حقيقي خايف أول مرة احس إني ضعيف اوي كدا
جذب بيجاد الظرف من يديه وقام بفتحه ينظر للجميع
بفيلا ريان
-دلفت نغم لغرفة إبنتها جحظت عيناها مما رأت ولم تشعر بنفسها إلا وهي تصرخ بأسم ابنها عمر
بمنزل جواد الألفي.

كان تتحدث بهاتفها لأحدى صديقاتها
-تمام حبيبي بعد الجامعة، انا خارجة اهو قدامي سكشن ساعتين وهقابلك
توقفت عن السير عندما اصطدمت بحائط بشري، نفخت وجنتيها بغضب وتحدثت
وبعدين معاك، انت مكنتش مسافر
-رُبى لازم نتكلم
عقدت ذراعيها: مفيش بينا كلام، اقتربت منه ونظرت داخل مقلتيه وتحدثت بقوة
-ايوة الكلام اللي وصلك صح، فيه ناس جاين يتقدمولي النهارده
كز على أسنانه من تهورها وأردف غاضبا.

-ان شاء الله هتشوفي صورتين النهارده في الأخبار القاتل والمقتول
وصلت غزل إلى بيت المزرعة، كانت غنى تتحدث بهاتفها مع صديقتها يمنى
- دا اتجنن جايبلي حوائط بشرية وكل اللي عليه يبقى بس اعملي حاجة، يخربيته على اليوم اللي قابلته فيه، صمتت لبرهة ثم زفرت وتحدثت بحزن
- يمنى جواد وحشني أوي نفسي أشوفه والبغل دا مش مديني فرصة اخرج
بنفس المزرعة وصلت للبوابة الرئيسية وتوقفت امام الأمن.

-أنا غزل الألفي. عايزة أقابل غنى طارق. عرف الباشمهندس ريان إني موجودة علشان أقابلها
البارت 13
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
مؤلمة تلك الدمعة التي تسقط، وأنت صامت تسقط من شدة القهر، والألم، والاحتياج
دلف بساقين تكاد تحملناه، وجلس فوق الأريكة وخلاياه الداخليه تهتز بالكامل، يود أن يفتحه سريعا ليعرف مصيره...

الخوف يلتهم قلبه كما تلتهم النار سنابل القمح، بهدوء منافي للموقف الذي وضع به، جلس لم يكن نظره يتجه سوى لذاك الظرف الذي فتحه بيجاد بشق الأنفس وصهيب الذي جذب الورقة سريعا ينظر إليها بتفحص وتمعن لعدة مرات، مرة وراء مرة. كررها للمرة التي لا يحسب عددها.

هز رأسه نافيا ماقرأه وتحدث بعيون ذاهلة
-مستحيل. اللي مكتوب دا مستحيل
هنا فقط أطبق جفنيه وتزلزل جسده بالكامل وهو يضع رأسه بين يديه. وشعور بضعف الكون يتملك منه، انسدلت دموعه بغزاره على وجنتيه. لم يتحكم بضعفه أمامهم...
اليأس وماادراك ماليأس، عدو يطاردك عندما تفقد الأمل حتى لو هناك بزوغ في الأمل، ولكن كيف يواجه الأنسان وهو ضعيف كورقة خريف هاوية للتساقط.

زفرة نابعة من قلبه على حالة أخيه الذي وصل لتلك الرحلة الطويلة من الآلم والعذاب، أحقا كفى ماصار له
تحرك بخطى بطيئة ونظر إليه وتحدث معقبا على ماقرأه
-جواد أنا مش مصدق اللي قراته، دا مستحيل
صاح بيجاد ونظر إلى والده
-التحليل دا مزور، مستحيل، ثم توجه بنظره الى جواد الذي لم يشعر سوى بتيه كأنه ذهب لعالم آخر، رجعت ذكرياته المأسوية لتلك الليلة.

-عمو جواد غنى بنتك، والله بنتك، محدش يقدر يغير الحقيقة دي، والله بنتك أنا معرفش إيه اللي مكتوب في الورقة دي...
كفااااية، صرخ بها جواد كعاصفة ترتطم بصدره بقوة، صاح بصوتا متألم من جوف الحسرة...
-كفاية، أنا كل اللي وجعني وتعبني مراتي لو اتقابلوا. أنا كان عندي أمل كبير إنها بنتي، ضعُف وخارت قواها وتحدث.

-أنا مش قادر أتحمل، هي هتكون ازاي، على رغم يوم الحفلة كنت بتمنى إنها متحضرش وكنت مرعوب والحمدلله ربنا وقف معايا ومتقابلوش، مع إني كنت بمهد لحاجة زي دي...
أنا ميهمنيش غير غزل وبس حاليا وهي بتنهار قدامي وأنا عاجز، لا عارف أقولها دي بنتي اللي بدأت تشك فيّا، ولا قادر أقولها إنها مش بنتي، أنا عاجز ومحدش يقولي إن التحليل مزور
وقف بيجاد أمامه ورفع صوته.

-لا لازم تسمع وتعرف إن التحليل دا ميهمنيش وكان نفسي حضرتك اللي تقول الكلام دا، استدار ووقف أمام جواد حازم
افتكر ياجواد يوم قسم الشرطة قالت إيه
- قالت أنا معرفش عندي إحساس غريب من ناحية جاسر. فيه حاجة بتشدني اوي حاسة أعرفه من زمان. هز رأسه واكمل
-متقولش بتغظني. وقتها مكنتش بتغظني
أومأ جواد واكد حديث بيجاد
-فعلا ياخالو حتى يوميها هي اتخانقت مع بيجاد، وجاسر كان هناك وحاول يفصل بينهم.

اتجه بيجاد إليه: رفع نظره الى والده وتحدث بإفاضة: -انا مش هتكلم على الشبه، لان ياما فيه تشابه. أنا هتكلم عن حاجات تانية
خطى بساقيه التي تكاد تحركه من صدمته المفاجأة، جلس على عقبيه أمام جواد الذي جلس واضعا رأسه على ظهر المقعد ينظر لسقف الغرفة بشرود
امسك يديه وتحدث بأسى لحالته
-فاكر يوم ماكنا في المطبخ أنا وإنت وهي وبنعمل كيكة عيد الميلاد لطنط غزل، اتجه جواد بنظره ونظر إليه
هز جواد رأسه. بنعم.

ابتسم بيجاد وتحدث بيقين
-افتكر اليوم دا كويس، يوميها هي جريت عليك واصرت تساعدك وكان فيه مية سخنة فوق المطبخ وهي بتجري على الشيكولاته علشان تحطها على الكيك
اتجه مرة أخرى ونظر لمقلتيه واكمل
-افتكرت ايه اللي حصل، اغمض جواد عيناه محاولا التذكر
أكمل بيجاد المية دي وقعت على دراعها. كانت المية سخنة وحرقت جزء من إيدها من عند الكوع ياعمو...
توقف وتحرك ينظر للجميع هو الحرق مش كبير بس علم على إيدها اليوم دا.

أرجع شعره للخلف وأكمل: -ماهو محدش يقولي حتى التشابه هيكون في الحرق دا كمان، الحرق معلم لسة في دراعها
تحرك يدور حولهم وأكمل
-بلاش الحرق الأهبل. يمكن يكون تشابه، مادي حواداث بردو
تهكم ساخر وأكمل محدش يجي يكلمني على الشامة اللي في رقبتها ويقولي دي كمان تشابه
هنا رفع جواد نظره مضيقا عيناه وبزغ الأمل في صدره
هز بيجاد رأسه وأشار بيديه
-أهو دا بالضبط. شوفتوا، قولتلكم دي بنته.

ثم اكمل استرسالا: -طبعا حضرتك أكثر واحد عارف الشامة دي كنا بنقول عليها إيه، أنا مكنتش صغير ولا عبيط
مسح على وجهه
-السلسال ياعمو جواد اللي جبتها لغنى يوم عيد ميلادها اليوم اللي اتخطفت فيه كانت لابساه ودا اللي خلى اللي خطفها مسميها نفس الأسم.
اتجه حازم يجلس بجوار جواد
- جواد حد كان يعرف إنك هتعمل تحاليل، يمكن قاطعه جواد وهو ينظر له
- مقولتش لحد مكنش حد يعرف غير صهيب وبيجاد بس.

تحرك جواد حازم متحركا إيابا وذهابا في الغرفة واضعا يديه على ذقنه بتفكير
- يبقى دلوقتي بعد كلام بيجاد اللي بيأكد ان غنى بنتك. قدامنا حاجتين
- ياإما حد كان مراقب خالو بعد شكه إن عرف فكان عايز يعرف خالو هيعمل إيه
أكمل ريان
-وبعد كدا وصل لحد في المعمل وزور التحاليل
حاول جواد تهدئة نفسه ولكنه شعر وكأن احدا يضع بنزينا داخل صدره ليشتعل صدره بجبروت احدهما، نهض متخبطا متجها لمكتبه.

-أنا مش قادر أفكر، عايز اقعد مع نفسي شوية، بس فكرة تزوير التحاليل دي بعيدة
اتجه صهيب اليه وتحدث بيقين
-الدكتور طارق اللي لازم يجاوب على اسئلة بيجاد، جواد بلاش يأسك دا، ماهو عقلي مش قادر يستوعب دا كله
رفع جواد نظره لأخيه بعيونا ذابله وجسد منهك وعقلا مشتتا ناهيك عن قلبا متألما.

-حقيقي مش قادر افكر ياصهيب، حاجة واحدة اللي بتديني أمل بس، إحساسي وانا معاها، روحها الجميلة اللي شبه روح أمها. بس رغم دا مقدرش أقول بنتي حتى لو الشامة والحرق اللي اتكلم عليهم بيجاد. بس دلوقتي طارق بيكذب هو ومراته ليه. دا لو غنى زي مابتقولوا بنتي
ثم اكمل بإبانة
- أنا تعبان يعني الكل يجمع عليها وقلبك يأكدلك انها هي وكالعادة تيجي حاجة تهد اقناع قلبك دا، خلينا نمشي بالعقل.

- إيه اللي عرفهم أني هعمل تحاليل، انتوا بس الكلام اللي سمعتوه من بيجاد مشتتكم، انا عارف انه عنده حق ومعاه بس خليكم منطقيين بأي حق هروح اقف قدام طارق واقوله دي بنتي
كان يقف ينظر للخارج بجوار النافذة، ثم رفع نظره الى جواد
- طارق كان مجبور يجاوب على أسئلتك وكمان يقول كدا. إن البنت بنته يوم الحفلة. اتجه بنظره مرة أخرى للخارج
- أنا لاحظت من كلامه انه قعد فترة بعد الجواز من غير ولاد، اتجه لجواد مرة اخرى.

اللي وصله بيجاد إن كان فيه مشاكل مع والده بسبب أنه قعد فترة من غير ولاد ودا اللي خلاه يسافر تركيا يبعد عن أهله، وبعد كام سنة عرفوا أنه خلف وجاب بنت
تحرك ووصل وجلس بمقابلة جواد وأكمل: -ماهو مش معقولة أول مايسافر هيجيب عيال...
هز جواد رأسه رافضا كلام ريان
-لا مش دا اللي بفكر فيه، اللي فكر فيه لو غنى بنتي فعلا طارق وصلها ازاي وهم كانوا متفقين ياخدوها يبعوها...

ليه الاحتمال مايقولش انها بنته فعلا ودي كلها تكهنات مننا
زفر صهيب
-لازم تواجه طارق ياجواد...
هب واقفا وتحدث بغضب
-اواجه ازاي من غير دليل التحليل كان أمل
عقد ذراعه وتحدث
-بسيطة نعيد التحليل، بس مش حضرتك اللي هتعمله، إنا اللي هعمله
هكذا قالها بيجاد
ابتسم ريان بسخرية وهو يضع يديه على ذقنه
-أيوة فعلا بما إن حضرتك بقيت جوزها إحنا هنبعد و نتفرج من بعيد
نظر جواد حازم بصدمة
-اتجوزتها قبل ماتعرف هي مين.

مسح جواد على وجهه بغضب
-أنا تعبان يابيجاد ومش وقت اني احاسبك بس اللي متعرفوش أنا عرفت من ليلتها بس سايبك بمزاجي، افوقلك بس واتاكد انها بنتي
قهقه ريان بمرحه حتى يخرجهم من حالة الصدمة
-ايه ياحضرة اللوا لتكون صدقت اني هسيب ابني طعم. أنا أهدى واربط الخطوط صدقني وقتها كل واحد هياخد حقه...
ضيق بيجاد عينيه ينظر لوالده باستفهام
-هو إيه دا بقى إن شاء الله، يعني أفهم من كلامكم إنكم عاملين مسرحية.

. - اخرص يلاَ، معدش للعيال اللي نتفق معاهم، هز صهيب رأسه وهو ينظر لريان
بمعنى حزن جواد مسيطر عليه
زفر ريان من مرواغته المكشوفة، ثم اتجه لجواد
-المهم إحنا لازم منيأسش بدل فيه أمل وأنا مع اللي قاله بيجاد، ممكن فعلا حد كان مراقبك وزور التحاليل
خرج حازم من صمته
-وممكن متكنش بنته ياباشمندس
قاطعه صهيب وبيجاد
- لا بنته متأكدين، قاطعهم رنين هاتف بيجاد، تحرك بعض الخطوات وأجاب على هاتفه.

- أيوة يامحي، هنا توسعت عيناه عن محجريها
عشر دقايق وهكون عندك
قام بلملمة أشيائه وإتجه سريعا لجواد الذي يتحدث مع حازم
-طنط غزل في المزرعة، وحضرتك عارف من هنا للمزرعة اد ايه
صدمة زلزلت كيان جواد بالكامل، عندما أصابه الهلع وهو يتخيل حالتها.

هب مهرولا للخارج. لا يستمع لمناداة صهيب إليه. وبدون مقدمات تحرك ليستقل سيارته سالك طريقه للمزرعة بسرعة جنونية نحوها وحدها. يود لو يمتلك جناحين حتى يصل اليها بثواني معدودة
كان ينظر لطريقه وصورة إنهيارها أمامه. انسدلت عبراته وردد بلسان ثقيل
-مبارك يانفسي عليك وجعي، فيانفس ضُعفت وضُعفت إلى أنهكها التعب وأصبحت بلا إحساس
ظل يقود بسرعة جنونية ويقطع المسافات الى أن وصل خلال دقائق
قبل نصف ساعة.

-عايزة أقابل غنى طارق لو سمحت، او لو الباشمهدس ريان هنا قوله غزل الألفي برة
أتت بعدما بحثت وعلمت هوية من بالصورة التي شعرت منها إنها السبب بإنقلاب حالة زوجها، هي تعلم أنه لم يخونها أبداً. ولكن تريد أن تعلم ماذا صار له
بخطى متعثرة تحركت للداخل، وجدت تلك الجميلة تسير بالحديقة تتحدث بهاتفها
أشار الرجل المكلف بحماية غنى إلى العاملة
-خدي الدكتورة وصليها لمدام غنى.

جحظت عيناها وأردفت بشفين مرتعشتين عندما وخزها قلبها، أي انها زوجة من، غلبها عقلها وذهب بها لمنطق الخطر
-مستحيل تكون مرات ريان وجواد يحضنها
هزت رأسها غير مستوعبة حديث ذاك العامل، إتجهت لها العاملة وأردفت بإحترام
-اتفضلي يادكتورة انا عارفة حضرتك وحضرة اللوا أيام ماكنتم بتيجوا هنا، لم تستمع سوى كلمة حضرة اللوا، هل حقا جواد قام بصفع قلبها ونظر للأخرى
مستحيل رددها قلبها قبل لسانها.

وصل فرد الأمن للبوابة الرئيسية وبخه رئيسه
-ازاي تعمل كدا اتجننت. كان المفروض تكلم الأستاذ بيجاد
هز رأسه رافضاً
-دي الدكتورة غزل مرات حضرة اللوا، متخافش دي صاحبتهم أوي
تحركت بخطوات واهنة وجسد مرتعش إلى أن وصلت خلفها وهي تقف تتحدث بهاتفها
وقفت غزل ومازالت على صمتها لثوان تحاول تنظيم دقاتها الهادرة وانفاسها العارية أمام نفسها خوفا مما تلاقيه
اخترق سمعها صوتها وهي تتحدث لصديقتها.

- والله مجنون بس معرفش بحبه ليه، ثم صمتت هنيهة وتحدثت
- بقاله تلات أيام قافل على نفسه بعد ماقريبته جت هنا ومشي بعدها وبعد كدا رجع ومكلمنيش خالص، ضربت أقدامها في الأرض
- مامي وحشتني أوي. كانت بتكلمني بالليل وزعلت عليها أول مرة أكذب عليها. بس كله يهون علشان حضرة اللوا. عندي أمل أنه هيجي النهاردة، وحشني أوي يايُمنى.

شعرت غزل وكأن دلو من الماء البارد سقط فوق رأسها في تلك اللحظة، هنا أصابتها رغبة عارمة في أحتراق صدرها بأظافرها وتبعثر روحها وكرامتها، تحركت متجهة تقف أمامها بهدوء رغم نيران صدرها المشتعلة
استجمعت شتات نفسها وقوتها وسارت بخطى ثابتة نحوها.

ووقفت أمامها ترمقها شزرا، ولكن هنا توقفت جميع أجهزتها، وتصلب جسدها. وفقدت القدرة على الحركة وعجز اللسان عن التفوه، تقابلت النظرات، وتساقطت العبرات فجأة من مقلتيها، اهتزت شفتيها
رددت بلسان ثقيل للغاية
- غنى قالتها بفرحة بعيناها ودموع عيناها تنزلق كشلال على وجنتيها
اتجهت غنى مضيقة عيناها تنظر لتلك الشخصية التي تشبهها كثيرا ولكن صمتها بل دموعها وحالتها التي نعتتها بالجنون اشغلت قلبها قبل عقلها.

-نعم مين حضرتك؟
قالتها غنى وهي تتفحصها بنظراتها، أقتربت غزل برفع يديها المرتعشتين على وجهها تكاد تلمسها، تحركت للخلف خطوة وهي تناظرها بدقات عنيفة لا تعلم سببها
-حضرتك مين، مامت بيجاد
هزت غنى رأسها وتحدثت بس الشبه بعيد شوية. لا معرفش بس أول مرة اشوفك
كانت تنظر فقط تحاوطها بنظرات اشتياق. فجأة تعطلت جميع أجهزة جسدها وتجمد الدم بعروقها وجحظت مقلتيها عندما صاح جواد الذي أسرع إليها ووقف أمامها.

-حبيبتي إيه اللي جابك هنا
تبسمت له غنى عندما رأته امامها
رفعت نظرها وأشارت بإرتعاش جسدها
دي دي. غنى. ليه مخبيها عليا
لم تعد ساقيها تحملانها، استندت بجسدها عليه، تدفعه من أمامها
-جود حبيبي أكدلي إني مبحلمش صح. قالتها وهي تبتسم وتبكي. في آن واحد.
تحركت إليها ورفعت ذراعيها لتضمها
-تعالي حبيبتي في حضني، متخافيش أنا هعرف أزاي بابا يخبيكي الوقت دا بعيد عني.

جذبها جواد بقوة لأحضانه واضعا رأسه في عنقها فوق حجابها ودقاته تتقاذف بعنف ويهمس بأنفاس متقاطعة
-زوزو دي مش غنى بنتنا حبيبتي دي واحدة شبها
خرجت من أحضانه وهي تهذي بكلمات كالمجنون غير مستوعبة كلامه.

-ازاي جالك قلب تبعدها عني بعد مالقتها، أنا مخصماك على فكرة. لا وكمان بتيجي تقابلها وتاخدها في حضنك وحارمني منها، إبعد ياجواد إنت محروم منها شهر كامل، رفعت نظرها إلى غنى التي تقف ولا تعي شيئا ولكن هناك شعور مختلف تماما لحالة غزل. رفعت نظرها إلى جواد الذي يضم زوجته ويكاد يدخلها داخل ضلوعه
ضم جواد وجه غزل ونظر لمقلتيها.

-زوزو حبيبي بصي لحبيبك ياقلبي، دي مش بنتنا دي واحدة شبهها، دي بنت الدكتور طارق، فاكرة لما قولتلك بنته شبهك
هزت رأسها وعبراتها فوق وجنتيها، قام بإزالتها مقبلا خديها عندما شعر بذبح روحه من حالتها وأقترب يتحدث أمام شفتيها
-والله ياحبيبي دي الحقيقة لازم تستوعبيها.

هزت رأسها برفض ونزلت بساقيها عندما فقدت جسدها بالكامل وشعور بنخر قلبها بأشد وجعا
-دي بنتي، رفعت نظرها لغنى وتحدثت بصوت باكي
تعالي ياغنى لمامي، تعالي يابنتي نفسي أحس بحضنك، لا تعلم لماذا تحركت وجلست أمامها عندما شعرت بحزنها
-أنا مش فاهمة حضرتك بتتكلمي عن إيه
جذبتها غزل بقوة لأحضانها وظلت تبكي بشهقات مرتفعة وتضمها بقوة لأحضانها
-والله إنت بنتي محدش يقدر يكذب قلبي.

آآااااااه يارب، أحمدك يارب، وصل بيجاد سريعا تصنم جسده مما رأى، فيما وصل الجميع خلفه، اتجه صهيب إلى جلوس غزل وتساقطت عبراته على حالتها، جلس بجوارها يربت على ظهرها
-قومي يازوزو متعمليش كدا حبيبتي
رفعت نظرها إلى صهيب وتحدثت بصوت مكتوم
-كنت تعرف صح، هزت رأسها ورفعتها لزوجها الذي أغمض عيناه بقهر لما وصلت إليه الأمور، كان يخشى المواجهة. و هها حانت اللحظة الفارقة بينهما.

جلس جواد وحاول فكاك غزل من أحضان غنى المنكمشة التي لا تعي شيئا
-ياله حبيبي، تعالي وأحكيلك كل حاجة
دفعته غزل بقوة وتحدثت بغضب
- سألتك مليون مرة مالك وإنت بتخبي عليا بنتي ياجواد، إمشي من هنا مش عايزة اشوفك، ضمت وجه غنى وابتسمت بدموعها التي مازالت تبكي
- شوفتي باباكي بيعمل إيه معايا. لما نروح لازم نحاسبه على وجع قلبي دا، بكت غنى ولا تعلم لماذا
أزالت غزل دمعاتها.

- طيب بتعيطي ليه حبيبتي. إنتِ خايفة على بابي. أيوة ماإنتِ دايما كدا معاه. دايما تحبيه أكتر من مامي، قبّلت خديها وأردفت: - ياهبلة مقدرش أزّعله دا روحي فيه، والله مقدرش أعيش من غيره دقيقة، بس أنا زعلانة منه علشان معرّفنيش بس.
ابتسمت إليها
- تخيلي أمك المجنونة كانت جاية وعايزة تخنق الست اللي حاولت تقرب بس وتحضنه، رفعت نظرها إلى جواد.

- متخفش هسامحك علشان بناتك بس اللي من حقهم يقربوا منك. وضعت يديها في حضن جواد ونظرت لغنى
-حضنه دا مسموح لتلاتة بس غير عمتكم مليكة طبعا
نظرت لمقلتيها وأردفت
-أنا وانتِ وربى بس ياغنى. علشان كدا جيت أعرف مين اللي اقتحمت مملكتي
نهض جواد وهو ينظر لصهيب ويهز رأسه برفض
جذب غزل لأحضانه وأردف
-تعالي يازوزو لازم نتكلم حبيبي، لازم تسمعيني...
انزلت يديه وهي تهز رأسها وتحدثت.

-لا ياجود. استنى عايزة أتكلم مع غنى، ولا أقولك تعالى نروح بيتنا أخوتها هيفرحوا أوي، اتصل بأوس خليه يرجع من السفر
تنهد بوجع رفع يديه يتلمس بأنامله وجهها ويزيل دمعاتها
-حبيبتي لازم نتكلم، قومي لازم تسمعيني
نظرت إليه بتيه وتحدثت
-هو فيه أهم من رجوع بنتنا ياجواد نتكلم فيه، وسع إنت معرفش مالك حزين كدا ليه
نهض مرة أخرى ونزل بجسده يضمها حتى تقف، اتجه بنظره لبيجاد الذي فهم مايريده.

أوقف بيجاد غِنى بعيداً عن غزل وتحرك بعض الخطوات ينظر في كل الأتجاهات ثم تسائل
-هو بابا فين ماجاش ليه لحد دلوقتي
أجابه حازم وهو يتحرك اتجاه غزل
-جاله تليفون مهم ورجع إسكندرية
تحرك حازم وأمسك غزل بالاتجاه الاخر محاولا وقوفها عندما رفضت الحركة بعدما وجدت بيجاد يبعد غنى ويذهب للخارج
هزت رأسها وصرخت بقهر
- أنا مش هسمع كلامكم، جواد بيكدب عليا. معرفش ليه عايز يوصلي البنت مش بنتنا. نظرت لحازم.

- حازم إنت مصدقني صح، البنت اللي خرجت مع بيجاد دي غنى بنتي، استندت على يد جواد ووقفت وهو يحاوطها بذراعيه
- إنت ليه مش مصدق إنها بنتي، ليه شاكك ياجواد، تحركت ووقفت أمام صهيب
- عندك شك البنت اللي هناك دي بنتي، ثم توقفت فجأة
- ازاي مخلي بيجاد يحضنها كدا ياجواد، أشارت بيديها عليها
- قولها كدا حرام حتى لو مرتبطة بيه بس مينفعش. أيوة ماهي محدش عرّفها الحرام من الحلال، كلمات تهذي بها
نظرت بشرود ورددت.

- ازاي طارق بيقول البنت بنته. اتجهت ووقفت أمام زوجها
- طارق خطف البنت وسافر بيها وبعد كدا راجع يقول بنتي. طب إزاي، بدأت تتسائل وكأن عقلها لم يستوعب تلك الصدمات
جذبها جواد متحركا إتجاه البوابه
-تعالي نمشي من هنا وبعدين نتكلم ياغزل، البنت مش بنتي، افهمي بقى
لكمه صهيب ونظر شرزا له
- جواد ممكن تتحكم في أعصابك شوية إنت مش شايف حالتها
حاوطها بذراعيه متجها بها للخارج، حاولت الفكاك من بين يديه.

-إنت كداب ياجواد، البنت دي بنتي بتبعدها عني ليه
كانت بأحضان بيجاد وتبكي بشهقات على حالة غزل التي وصلت إليها
نظر جواد إليها وهو يتنهد بوجع ورغم تلك الغصة المتحكمة بقلبه إلى ماوصلت إليه غزل إلا إنه تمنى أن غنى تذهب معها.
رفعت نظرها تنظر له وعيونها تتسائل
ضم وجهها بين كفيه
-عندهم بنت إسمها غنى إتخطفت من سبعاتشر سنة، والبنت دي شبهك أوي. لا مش شبهك دول شاكين إنك هي.

رفعت نظرها سريعا الى جواد الذي يحاول يسيطر على مقاومة غزل، هنا اطبقت جفنيها بألم وجمعت ذاكراتها لقائتهما
وربطت حاله بما استمعت إليه، اشفقت عليه كثيرا وأعطته كل الحق فيما كان يشعر به فالأمر حقا صعب ومؤلم عليهما، ولكن تسائلت لماذا هي تشعر بهذا الشعور المسيطر عليها
تحرك بها بيجاد للداخل عندما شعر بحالتها
-تعالي ادخلي جوا ياغنى
هزت رأسها وتوقفت
-استنى يابيجاد لما أشوفها دي مش راضية تمشي ومُصّرة إني بنتها.

تلاشت كلماته وتحركت إليها
تسّمر جواد وصهيب وحازم بوقفتهم
وقفت أمامها تزيل دموعها وتحدثت بصوتا باكي
- أنا آسفة ياآنطي، كان نفسي تلاقي بنتك، ثم رفعت نظرها لجواد وتقابلت النظرات بأسفا
- آسفة لو سمحت سامحني
دفعت غزل يدي جواد وإتجهت إلى غنى
وضعت يديها بين راحتيها.

-انا عارفة اللي بتسمعيه دا كتير عليكي، أنا معرفش ازاي وصلتي لطارق. بس وحياة ربنا إنت بنتي حتى لو العالم كله شك فيكي أنا مستحيل أشك في بنتي، قالتها بصوتا باكي، متتأسفيش يابنتي
ضمتها غزل لأحضانها تربت على ظهرها
-والله إنتِ نور عيني يابنتي والله إنتِ بنتي
جذب جواد غزل بقوة
-كفاية ياغزل حرام عليكي، أنا عملت تحليل DNA البنت بنت طارق جحظت غنى من حديث جواد، ثم رفعت نظرها لبيجاد الذي هرب من نظراتها.

بخطى متعثرة اندفعت خارجة تركض بضع خطوات بلا هدي. كفى مااستمعت إليه اليوم، لقد انهكت روحها و جسدها بالكامل، خطّت إلى تلك السيارة. ولكن توقفت عندما شعرت بتلك الجذبة القوية التي جذبها بقوة لتصطدم بصدره محاوطها بذراعيها ينظر إليها
-كان لازم يعمل التحليل، عايز يثبت إنك بنته ولا لا
دفعته بكلتا يديها
-امشي من قدامي، طلعت كذاب وواطي يابيجاد كنت بتستغلني علشان صاحبك يعمل التحليل، بكرهك
بالأسكندرية.

دلف سريعا للمشفى يبحث عن الغرفة ويكاد قلبه يتوقف من شدة دقاته
وصل امام الغرفة التي وصل إليها من الريسبشن، وجد عمر يقف امام غرفتها
نطق بصوتا متهدج من شدة خوفه على ابنته
-اختك فين وايه اللي حصل
دنى منه بخطواته الهادئة وتحدث
-متخافش يابابا الدكاترة قالوا هبوط في الدورة الدموية دا السبب في حالة إغمائها
دلف سريعا لداخل الغرفة يبحث بقلبه قبل عينيه، رأته نغم التي اسرعت تلقي نفسها بأحضانه وتبكي بكاءا مريرا.

-ريان شوفت اللي حصل لبنتنا
قبل رأسها وهو ينظر بقلبا يكاد يخرج من بين صدره خوفا عليها وتسائل بشفتين مرتعشتين
-ايه اللي وصل البنت لكدا يانغم، انا مش قولتلك عينك عليها وقربي منها
بكت نغم بأحضانه واردفت
- اوس جه إمبارح عندنا بعد سفرك بشوية. وقعد مع عمر يراجعوا على المشروع اللي طلبته من عمر. ثم رفعت نظرها وأكملت له.

- نزلت وطلبت مني يقعدوا مع بعض شوية. انا رفضت والله ياريان بس هي اصرت وقالت علشان مادلوش أمل على الفاضي ياماما
سمحتلها تقعد شوية في الجنانة وانا كنت جنبهم وبعد عشر دقايق خرج اوس من غير حتى مايسلم عليا. وهي طلعت فوق
بعدها بساعة قولت اسبها مع نفسها تعيد توازنها من مقابلته دخلت لقيتها مغمي عليها
وقف ينظر إلى ابنته بقلب مفطور، لاعنا الحظ الذي اوقع ابنته في حب كتب عليه بالإنكسار.

اتجه لفراشها يمسد على خصلاتها مقبلا جبينها
-هتكون كويسة إن شاءالله، إن شاءالله هتجتازي المحنة حبيبة بابا...
فتحت عيناها وجدت أباها امامها، انسدلت عبراتها وهي تهمس بإسمه
- بابي، رفع يديها مقبلها وتحدث بصوتا أليما لما وصلت إليه إبنته
- حبيبة بابي وروح بابي ياياسمينة قلبي
بكت بشهقات واردفت بصوت باكي
- سامحني يابابي مقدرتش. قاطعها ريان واردف: - إشش إهدي حبيبة بابي بعدين نتكلم، اتجه لنغم وتحدث.

- خليكي معاها هشوف الدكتور وراجع
تحرك سريعا للخارج وقلبه يختنق من حالة ابنته، منع دموعه وحاول التماسك.
جلست نغم تمسد على خصلاتها
-ياسو حبيبة مامي حاسة بإيه ياقلبي
حاولت ياسمينا أن تأخذ انفاسها التي تشعر بإنسحابها من جسدها وأردفت بصوتا حزينا
-قلبي بيوجعني أوي يامامي. قوليلي أزاي أوقف قلبي من الوجع يامامي. إزاي اخليه يرجع لطبيعته تاني.
رفعت نظرها لوالدتها وتساقطت عبراتها.

-هو الحب صعب اوي كدا يامامي، بيوجع اوي كدا، طب لو مااقدرتش أنساه هفضل موجوعة وتعبانة اوي كدا.
بكت نغم بشهقات على حالة إبنتها، رفعت ياسمينا يدي نغم ووضعتها على صدرها
-انا مش قادرة اتنفس يامامي
كان يقف بالخارج يستمع لحديث ابنته الذي شق قلبه لنصفين، دموعها الذي نزلت فوق صدره كقطع زجاج تنحره ببرود ليتملك منه الوجع، اطبق جفنيه وامسك هاتفه وتحدث.

-أوس فينك، تعالي المستشفى فورا دلوقتي، ثم اغلق الهاتف دون حديث آخر
بفيلا جواد الألفي
بعد خروج غزل ظهرا من الفيلا، اتجه عز سريعا الى جاسر الذي وصل للتو
-جاسر عايز منك خدمة
كان عائدا منهمكا من عمله
-فيه إيه ياعز أنا تعبان وعايز السرير بجد
دفعه عز لداخل الفيلا وتحدث
-عايز اختك المجنونة ومفيش حد غير الشغالين ومينفعش ادخلها، فهمت
ضيق جاسر عيناه وتسائل
-ليه ماما أجازة الشهر دا راحت فين.

رُبى، رُبى صاح بها عز وهو ينظر في مختلف الجهات وأجاب جاسر دون النظر إليه
- معرفش أنا كنت جي قالتلي خلي بالك من رُبى لحد ماجاسر يجي، حك رأسه وتحدث بسخرية
- معرفش ليه بتحسسوني إنها طفلة وهي عايزة قطع رقبتها، إستمع لصوت كعبها وهي تهبط الدرج بخطوات متمهلة بذاك الفستان الأبيض الذي جعلها كملكة متوجه ولما لا وهي ملكة قلبه
اتجه سريعا إليها ثم جذبها من ذراعيها بقوة
ونظر لها شزرا.

-شغل الهبل بتاع البنات دا مش عايزه. أصل ورب الكعبة أمنعك من الخروج
براحه ياحبيبي اعصابك ياحلو لتفلت منك
خطى جاسر إلى أن وصل اليهما ثم دفع عز بعيدا عن إخته
-اتجننت يلا إيه الهبل اللي بتعمله دا، بتهدد أختي وتمسك إيدها قدامي
عقد عز ذراعيه ونظر إلى المنكمشة في حضن اخيها
-طب يااخوها اللي عامل فيها حامي الحمى. قولها كانت مع مين إمبارح بعد الجامعة، ولا مين اللي طول الليل تكلمه.

استدرات تضع رأسها في حضن جاسر وهي تبتسم بخبث ثم استدارت
-حياتي مالكش دعوة بيها. وبعدين إنت مالك اصلا، عيلة تقول إيه واخواتها هما اللي ليهم الحكم عليها
وصل إليها يجذبها من حجابها من أحضان جاسر
-وحياة ربنا ماانا سايبك ياشبر ونص
أحس جاسر بإرتفاع ضغط دمه من افعالهما
ورغم ذلك وقف أمام عز
-غلط كمان مش مسموح متنساش نفسك يلاَ دي بنت جواد الألفي، بتغلط في تربيته واخد بالك
دفعه عز وصرخ بوجهه كأنه يطارد شيطانه.

لقد فلت الرمح من القوس وشعر بنيران تخرق صدرها
-بقولك إيه بلا جواد بلا صهيب البت اللي وراك دي بتكلم حد طول الليل وديني ماانا سايبك ياربى الكلب بتلعبي بقلبي تمام افتكري إن عز ممكن يسامح في أي حاجة إلا الخيانة
انسدلت دموعها ووقفت أمامه بعد مافقدت سيطرتها على نفسها.

-بلاش إنت تتكلم عن الخيانة يابن عمي لانك أكبر خاين، خونت قلبي ودوست عليه، وحياة وجع قلبي منك ياعز لأقهرك زي ماقهرتني، واوعى تفكر يوم ماعيط في حضنك هنا في الفيلا وقولتلك مسمحاك يبقى نسيت كسرتك ليا، ربى تسامح آه. لكن بمبتنساش اللي كسر كبريائها، تقول ايه بنت جواد الألفي
دنت منه واقتربت للحد الغير مسموح ونظرت داخل مقلتيه ثم
هزت رأسها وأردفت بإهانة، وقوفي جنبك دا ابويا علمهولي إمتى اقف مع الضعيف.

-عملت كدا لما حسيت أد إيه إنك ضعيف وفاقد الحياة فحبيت أخرجك من كبوتك بس ياابن عمي. ماهو انت ابن عمي برضو
بفيلا صهيب
جلست تتحدث بالهاتف إليه
-ايه ياجواد بقالي ساعتين بحاول اتصل بيك وحضرتك مش هنا
زفر جواد وحاول أن يملأ رئتيه ببعض الأكسجين بعدما شعر بالأختناق
- آسف ياجنى كنت مشغول، إيه وصلتي لحاجة، ثم نظر لخاله الذي قاد سيارته متحركا بالمكان واكمل.

- جنى هستناكي في الكافيه اللي اتقابلنا فيه المرة اللي فاتت بس عرفي مامتك تمام
هزت رأسها بالموافقة
-تمام ياجواد صوتك، ماله، إنت تعبان
أغمض عيناه وأردف: -لما تيجي هقولك على كل حاجة. ياله انزلي بسرعة ولو مامتك رفضت عرفيني
بالاسكندرية
وصل سريعا للمستشفى بعدما أتصل بعمر وعرف ماأصاب حبيبته
جف حلقه وأرتعدت مفاصله عندما وجد حالة ريان التي تدل على ماأصابها
اتجه ووقف أمام ريان وتحدث بهدوء رغم حزنه الكامن بقلبه.

-يارب تكون ارتحت كدا ياعمو ريان. يارب يكون منطقك وعقلك فهمك اللي وصلتله هو الصح، إحنا مش عرايس ماريوت تحركوها زي ماانتوا عايزين.
اختنق من طيف احلامه الذي حاول البعض سرقته ونظر لريان
-دنبي إيه، وذنبها إيه، عز كمان ذنبه إيه وربى ذنبها إيه. اللي بتحاولوا تفهمونا انكم الصح وإحنا الغلط
اقترب ريان وضم وجهه ضاغطا عليه بهدوء وتحدث.

-ذنبكوا إنكم رجالة أوي ولازم تحافظوا على معنى العيلة، العيلة دي مش مجرد كلمة وخلاص، أنا كان نفسي يبقى عندي أخوات كتيرة بس ربنا ماأردش. لكن لما قربت منكم يابني وشوفت حبكم وتماسكم محبتش حاجة تافهة زي دي تفرقكم
ابتسم اوس بسخرية
-وبناءا على كدا حضرتك فكرت وقولت لا حرام افرق شمل العيلة مش كدا يادكتور قالها أوس بقهر
تحرك ينظر إليه
- معرفش إزاي حضرتك تفكر كدا، ياريت جت من واحد جاهل. هز أوس رأسه برفض واكمل.

- مش قصدي طبعا الجاهل في التعليم. أنا أقصد هنا الجاهل بالمشاعر يادكتور، قالها ثم توجه يطرق على الباب وينظر لريان
- بعد إذن حضرتك طبعا اعتبرها صديقة وجاية اطمن عليها قالها ثم دلف للداخل بعدما سمحت نغم إليها
دلف ينظر لتلك الغافية على الفراش لا حول لها ولا قوة. خنجر بطعنة أصابت قلبه فانسكبت دمعة غائرة عل. وجنتيها
خطى بخطوات متزلزلة كحال قلبه، توقف امام فراشها ونظر لوالدتها.

-ليه سايبة شعرها كدا، فين حجابها
ابتسمت نغم له واردفت
- تنفسها ضعيف. رفع البونيه الخاص بالمشفى ووضعه على خصلاتها
- دا ممنوش حاجة ياطنط لو سمحتي، مينفعش حد غريب يشوفها
فتحت عيناها تنظر إليه بعدما انسدلت دمعاتها ورددت اسمه بشفتيه
- أوس حبس أنفاسه داخل صدره ونظر لنغم
- حمدالله على سلامتك ياياسو. ياله فوقي إيه الضعف اللي وصلك لكدا، ثم نزل لمستواها.

- إنتِ مفكرة هوافق على كلامك الأهبل دا. فوقي بس لسة حسابنا قدامنا.

بالقاهرة
بالسيارة ضمها لأحضانه محاوطها بذراع وقاد بذراعه الأخر
إيه رأيك حبيبي ننزل يومين الغردقة ولا نروح إسكندرية عند ريان
سكنت ثواني واضعة راسها بكتفها ودموعها مازالت تتساقط رغما عنها
-إزاي مش بنتي، قولي حاجة تطمن قلبي ياجواد لو سمحت.
اتجه إليها بأعين دامية وتائها، عاجزا. ضم جسدها إليه
-إنسي ياغزل، كل اللي شوفتيه انسيه كانه محصلش.
وضعت يديها على صدرها تدلكه مردفة
-وتفتكر قلب الأم ممكن ينسى ياجواد.

توقف بجانب الطريق ضامما وجهها بين راحتيه
-وحياة جواد عندك لازم تنسى، انا بموت لما بشوفك كدا يازوزو
تحرك بالسيارة بعد ماوجد سكونها
-هنروح اسكندرية
هزت رأسها بالرفض وتحدثت
-لا عايزة اروح لربى وديني عند ولادي، البنت مش عجباني الأيام دي
أومأ براسه بالموافقة وتحرك دون حديث آخر
بسيارة بيجاد، التزم صمته، فبعدما تحدث مع والده وعرف ماأصاب اخته قرر ان يأخذها لمنزل والدها.

-غنى زي مااتفقنا بلاش تحكي حاجة لمامتك وباباكي. انا يومين وهرجع
رفع نظر إليها
-انا ماكذبتش عليكي من أول ماشفتك وقولتلك كل حاجة، اينعم مش بالتفصيل لكن قولتلك، غنى ياريت تصدقي. واهم من دا كله إنك مراتي ومستحيل اتخلى عنك.
تنهد بهدوء وأردف
-المرادي هيكون رسمي ياغنى بابا هيجي معايا
التزمت الصمت فحالتها وتشوش عقلها كفي ماصار لها اليوم، جلست تتذكر لحظاتها مع جواد وجاسر ناهيك عن غزل التي ذهبت بعقلها.

نظر اليها وراق له صمتها والجلوس بقربها. والتلذذ بملامحها. نظر ليديها التي تشابكت بذراعيه. ابتسم بهدوء
بعد مرور شهرا
كانت تغفو بفراشها، استيقظت على رنين هاتفها قامت بفتح الخط واجابت بصوتا متأثر بالنوم
-حبيبي انا تحت. عشر دقايق وتكوني تحت، وياريت بشنطة هدومك
افاقت واعتدلت جالسة وتحدثت بسخرية
-ومين إن شاء الله اللي هيوافق
قهقه بمرح
-مراتي حبيبتي، عندك مانع
مطت شفتها بحزن وأردفت.

- يادي مراتك اللي كل شوية قارفني بيها
- لا والله. طيب يامراتي عدى خمس دقايق. هشوف هتنزلي إمتى
قفزت سريعا من فراشها وهي تقهقه عليه فقد وصلت لمبتاغها
فكان مايؤرق روحها اكثر إشتياقها له. فمنذ أن قام بخطبتها. بدأت تشتاقه حد الجنون. تذكرت ذاك اليوم الذي اتى ريان وجواد لخطوبتها، فكان من أسعد أيامها عندما توطدت العلاقة بينها وبين غزل وجواد
ارتدت ثيابها سريعا ثم هبطت للاسفل. قابلتها والدتها على درجات السلم.

-رايحة فين ياغنى
قبلتها وأردفت
-بيجاد تحت يامامي
هزت رأسها دون حديث وأمسكت هاتفها
-ايوة ياأحلام. ايوة الولد جه برضو وأخدها. أنا خايفة يجي ويقولي عايز اتجوز. انا لازم اعمل اي حاجة وابعدهم عن بعض
أجابتها أحلام
-متخافيش ياتهاني زي ماشوفنا صرفة للتحليل هنشوف صرفة لبيجاد دا كمان معرفش طلعلنا منين مكنتيش حوزتها ليحيى ابن سهير وخلصنا
هزت رأسها برفض
-البنت رفضت خالص والصراحة انا شايفة يحيى مينفعهاش دا شمام كمان.

زفرت احلام بغضب وفين طارق من دا كله
نظرت بشرود وتذكرت حالة جوزها في الأيام الاخيرة
-أهو طارق دا اللي بقى غريب خالص. تخيلي رافض جوازها خالص، مكنتش اعرف دا هيكون رده
بقسم الشرطة
-جلس ينظر لهاتفه وتلك الصورة التي تزينه، ابتسم عندما تذكر ضحكاتها وحديثها
فلاش باك
-شكرا ياحضرة الضابط انقذتنا
ابتسم لها ثم نظر للتي تجاوره تنفخ بغضب
- ياله يابنتي هنفضل طول الليل واقفين ثم رفعت نظرها لجاسر وتحدثت.

- عرّف أبو دم خفيف إن غنى مابتسبش حقها، وهولعله في بيته لو عمل كدا تاني قالتها ثم تحركت
بسطت يمني يديها
- شكرا لحضرتك، بادلها سلامها
- جاسر، أسمي جاسر
استقل سيارته وهو يدندن، قابلته جنى وربى على بوابة منزلهما
ضيقت جنى عيناها
-مين دا؟! اومال الحلوف اللي كان من يومين راح فين
جذبها من أكتافها وتحرك سريعا أمام ربى قائلا
-بقيت عروسة احسن من عروستك ياصغيرة
تصنمت بوقفتها تلكمه بصدره
-امشي من هنا والله لاخاصمك.

بكلية الحربية
بعد خروجه من كلية الحربية
ركب سيارته واذ فجأة ينصدم بإحداهما
نزل سريعا يعتزر
-إنتِ كويسة
أغمضت عيناها وتمنت أن تُزهق روحها، مازالت تجلس مكانها ولم تجيبه
نزل ياسين بجسده ليطمئن عليها
-ياآنسة إنتِ كويسة
نظرت بدموعها
-ياريت موتني وريحتني. تجمع بعض الناس حولهما، امسكها ياسين وأوقفها
متجها لسيارته
-تعالي نروح المستشفى لازم نطمن عليكي
هزت رأسها رافضة ونظرت حولها بهلع.

- انا كويسة، لو سمحت سبني أمشي قبل مايلحقوني
نظرت وجدت احدهما يبحث بين الموجودين عنها، أسرعت تدلف داخل سيارة ياسين وهي تشير بيديها أن يتحرك.

بفيلا المصري
تتحدث بهاتفها مع إحداهما
-عرفت هتعمل إيه...
إياك تغلط، بعد يومين بالضبط لما بيجاد يرجع هبعتلك رقم تليفون اللتنين وتعمل زي ماقولتلك بالضبط، ومتنساش حضرة اللوا بياخد باله من الصغيرة قبل الكبيرة
وصلا أمام المزرعة، ترجل من سيارته وتحدث
-عازمك النهاردة على ركوب الحصان. إيه رايك
ارجعت خصلاتها المتمردة ورفعت حاجبها بسخرية.

-لا والله. حصان اكيد بتهزر انا فكرتك جي علشان نخلص من موضوع كتب الكتاب اللي حضرتك مورطني فيه
تنفس بهدوء حتى لا يغضب عليها
-انتِ كل ماتشوفني هتقعد تقولي الكلمتين دول، على مااعتقد اننا اتفقنا صح ولا إيه
عقدت ذراعيه ونظرت إليه
-اتفاقنا انك هتتقدم وانا أوافق وبعد كدا هطلقني وزي ماقولت هنسيب بعض قدام بابا وماما
دنى ينظر إليها رافعا حاجبه بمكر ثم حاوط خصرها
- هو انا أهبل علشان أسيب الجمال دا.

ضغطت بكعبها على قدميه
-اتلم إحنا اتفقنا وخلصنا وعرفت ليه عملت كدا
بمكتب ريان دلفت جاكلين تتحرك بخيلاء
اتجهت تجلس امام مكتبه
- عامل ايه ياريو وحشتني، جذبت الكرافت الخاص به، مما شعر بأوردته كنيران. نهض واقفا ينظر إليها بغضب
- عايزة ايه ياجاكي، جاية ليه على مااظن اتفقنا على كل حاجة
مطت شفتيها ورفعت حاجبها بسخرية
-هتغير رأيك ياريو، قاطع حديثهما رنين هاتف ريان، ولكنه لم يجب عليه
أشار إليها على باب المكتب.

- عندي إجتماع معنديش وقت للتفهاتك دي. امسكت حقيبتها وابتسمت ساخرة بجانب فمها
- مترجعش تلف ورايا تاني ياريو. قاطعها رنين هاتفه مرة اخرى
نظرت للهاتف وتحدثت
-رد ما يمكن خبر مش كويس، قالتها وهي تناظره بإستهزاء
في المزرعة قبل قليل
جذبها من ذراعها عندما ثارت أمامه
-انا قولتلك رافضة العلاقة دي يابيجاد واتفقنا ليه رجعت في كلامك
وضع خصلة متشردة خلف أذنيها وأردف بهدوء ناظرا لعيناها.

-يمكن علشان بحبك ومقدرش أعيش من غيرك، كانت تنظر بالخارج. توقف نظرها على أحدهما يتجه بسلاحه إتجاه بيجاد، لم يسعها الوقت للتفكير فقد خرجت الرصاصة من ذاك السلاح لتدفعه واقفة أمامه تتلقى تلك الرصاصة الغادرة من احدهما
سقطت بين أحضانه وانسدلت دمعة بجانب عيناها وهي ترفع يديها على وجهه وتتحدث بصوتا متقطع
-الحب مواقف مش كلام، دا كلام ليا
هز رأسه وصرخ بأسمها يضمها لأحضانه.

صرخة بآهة قطعت احباله الصوتية بإسمها عندما غابت عن الوعي
خرج من سيارته يتحدث بالهاتف
-أيوة ياجاسر تمام عشر دقايق اغير هدومي ونازل. اوف خلاص فهمت
لمحها تجلس بجوار جنى وتقى ولكنه اخطاهم بعد إلقاء التحية، أسرعت خلفه وجذبته من ذراعيه
-إيه اللي سمعته دا ياعز. أكيد إنت مجنون مش كدا
أنزل يديها بهدوء من على ذراعيه ونظر داخل مقلتيها
- ألف مبروك يابنت عمي نسيت أباركلك على الخطوبة بالرفاء والبنين.

قالها عز صاعدا لغرفته كأن شيطان الجن والأنس تطارده
وقفت مزهوله تنظر بشرود لمغادرته
اتجهت جنى إليها وتحدثت
-حاولت أفهمك اللي بتعمليه دا غلط، مشيتي ورا جواد، وأهو شوفي بقى عامل إزاي
هزت رأسها رافضة حديثها، ظلت تتذكر افعاله في تلك الأيام الاخيرة ثم تحركت خلفه
-أنا مش ضعيفة علشان اسيبه يعمل الجنان دا، دلفت سريعا خلفه دون تفكير.

خرج من الحمام وهو يلف نفسه بمنشفة متجها لغرفة الملابس، اصطدمت به عندما اقتحمت الغرفة.
لم تكُن رغبتي يومًا أن تُبادلني ما أعطيك، كانت كُلّ رغبتي أن ترى ما كُنتُ أفعلهُ لأجلك، عن كُلّ لحظة أردتُ أن أشعرك بها أنّي لطالما كُنتُ هُنا وأنت تنظُر إليهم، عن كُلّ مرّة ألقيتَ بها كلماتك الجارحة واخترتُ الصّبر تجنُّبا للمشاكل حتّى لا أخسرك، كانت كُلّ رغبتي أن ترى كم كُنت أحبّك، لكنّك لا ترى
ترجل من سيارته، قابله ربى وجنى متجهين للخارج
ضيق عيناه وخطى إليهما بابتسامته التي مازالت تنير وجهه.

-جميلات ال الألفي رايحين فين على المسا كدا
ضيقت جنى عيناها تنظر إلى ربى
-مين دا؟! رفع حاجبه ساخرا، ثم اتجه بانظاره إلى اخته الشاردة
-روبي حبيبة قلبي مالك ورايحة فين كدا؟!
هزت كتفها للأعلى ثم نظرت إلى جنى
-خارجين شوية وراجعين، ثم دققت النظر بعيناه
-جنى بتقول انك مخنوق من امبارح وكنت قافل على نفسك ليه؟!
هنا تذكر احداث أمس بعد عودته إلى قسم الشرطة.

دلف يلقي نفسه على المقعد، يمسح على وجهه، ثم انحنى برأسه يضعها بين راحتيه، يشعر بنيران تغزو جسده بالكامل عندما تذكر حديث تلك المعتوه عن والده
بتر شروده طرقات على باب المكتب. دلف المسؤل قائلا
-فيه واحدة برة عايزة تقابل حضرتك ياباشا
هز رأسه وتحدث
-مقلتش اسمها ايه!
-لا يافندم. أشار بيديه
-طيب دخلها، دلفت يمنى على استحياء
-مساء الخير ياحضرة الظابط
ضيق عيناه محاولا التذكر. دلفت إلى أن توقفت أمامه مباشرة وتحدثت.

-انا يمنى صديقة غنى. ابتسم بسخرية وجلس على مقعده
-يامرحب. وياترى ياصاحبة خطافة الرجالة عايزة ايه، جاية تدوري على راجل عجوز زيها
تراجع بظهره يخترقها بنظراته الصقرية وأردف
-شكلك بنت ناس زي الغبية، يبقى نفس الغباء ولا العقل له رأي آخر
جلست أمامه وتحدثت
-ممكن اتكلم مع حضرتك من غير تجريح لو سمحت
قوس فمه وابتسم بسخرية
-هو انا قولتلك اقعدي. نظرت إليه بمقت وأردفت.

-هو أنا متهمة ولا ايه. انا جاية اقولك غنى متخبطة الايام دي مش معنى أنها حاولت تقرب من والدك يبقى بتحبه زي ماعقلها مصورلها، كل الحكاية علاقتها مع والدها بعيدة ومفيش اهتمام، شافت اهتمام والدك وخصوصا بعد تعب والدتها
توقفت وطالعته.

-هي مش وحشة بدليل أنها اول مابتحس بحاجة بتروح لبيجاد مش لوالد حضرتك، يعني خلاصة كلامي هي بتحب بيجاد بس مش حاسة بدا، عشان فاقدة الحب الأبوي ياريت تكون فهمت كلامي. ثم دنت خطوة واكملت
-اكيد حب حضرة اللوا لمراته ال سمعنا عنه مش هتيجي بنت اد ولاده تخليه يبعد عن مراته
استدارت متحركة ولكنها توقفت عندما نصب عوده وتحدث
-استني عندك. دنى منها واردف
-عايز اعرف كل حاجة عن البنت دي
زفرت بغضب ورفعت سبابتها أمامه.

-مااسمهاش البت دي، اسمها غنى ياحضرة الضابط
-طيب اهدي ممكن نتكلم بهدوء، بجد عايز اعرف كل حاجة عنها
قطع شروده جنى عندما حركت أصابعها بصوتا أمامه
-روحت فين ياحضرة الضابط
ابتسم لها وانحنى يهمس بجوار أذنها
-لقيت عروسة احسن من عروستك ياجنجونة
تصنم جسدها تنظر لعيناه الرمادية القريبة فهمست
-عشان اموتك ياجسورة
قهقه بصوته الرجولي مما جعل ربى تنظر إليه باستغراب
-حبيبي ياجاسر انت سخن
تحرك من أمامهما وهو يدندن.

أسرعت جنى خلفه تجذبه من قميصه
-عايز تطلعني عيلة قدام صاحبتي ياجاسر. رفع أنامله على وجنتيها وضغط عليها
-اهدي ياجنجون هو انا كنت طلبت منك عروسة يابت هتستهبلي، الصراحة قابلت حتة بت انما ايه
دفعته بغضب وتحركت تمتم
-عيل بارد ورخم، والله لاطلع عينك انت والسحلية بتعتك
تحرك متجها إلى عز، كان يجلس بمكتبه يعمل. دلف إليه وهو مازال يدندن. رفع عز رأسه ثم اتجه لاوراقه مرة أخرى
-خير ال يشوفك امبارح مايشوفكش دلوقتي.

قفز على المكتب أمام عز مما بعثر أوراقه
دفعه عز بقوة اسقتطه
-يخربيت تخلفك، بوظتلي المشروع بقالي تلات ساعات شغال عليه. جلس على الأريكة يفرد ذراعيه حوله وتراقص بحاجبيه قائلا
-اعمله تاني يازيزو انت وراك ايه
جحظت عيناه من حالته، فدنى يقترب منه
-جاسر انت كويس يابني. استمع إلى صوت جواد بالخارج
هب متجها إلى والده.
-بابا حضرتك كنت فين؟!
صفعة قوية من جواد على وجهه
جحظت اعين صهيب وعز. أشار إليه بغضب.

-من امتى وانت متهور كدا، عايز تقتل، عايز تبقى مجرم، انا ربيتك على كدا. اتجننت
احتدت نظرات جواد وأشار بيديه
-انت ابن جواد الالفي، مش حتة عيل مستهتر، غضبه يتملك منه ويدمر حياته
ظل لبعض اللحظات وكأن أنفاسه سحبت منه، رفع نظره إلى عمه وتحدث
-انا عملت كدا عشان خاطر ماما. اخرص. قالها جواد بغضب
دنى منه وحاوط رأسه يضعها على جبينه.

-انت غبي مش فاهم حاجة، حمار ومتخلف، كنت هضيع نفسك وتضيعنا كلنا وممكن بعد كدا تبكي بدل الدموع دم ياغبي
رفع نظره بعيناه المترقرقة بالدموع
-مش هستحمل اشوف حزن ماما، مش هستحمل وجع امي يابابا
جذبه من عنقه يضمه لأحضانه
-امك اهد الدنيا كلها لو شوفت دمعة واحدة من عيونها ياغبي، لدرجة دي مش واثق في ابوك ياجاسر، لدرجة دي شايف ابوك شهواني وممكن يجري ورا بنت اد ولاده
احتضن والده وبدأ يبكي بشهقات مرتفعة.

-سامحني يابابا مش قصدي ازعلك ولا ازعل حد
أخرجه جواد يمسح دموعه
-انت راجل مش عايز دموعك دي يلا، سمعتني، انت كبير اخواتك ولازم تكون سند وقوة وقدوة ليهم لازم تسيطر على غضبك مما حصل، سمعتني ولا لا
اومأ برأسه واتجه للخارج دون حديث. استقل سيارته وتحرك
تحرك عز خلفه يناديه. أوقفه جواد
-سيبه خليه مع نفسه عشان يعاقب نفسه على غلطه ياعز. قالها جواد وتحرك إلى منزله.

بعد شهر في منتصف نهار قارس البرودة من ايام شهر يناير الملبدة بالغيوم، جالسة أمام النافذة تنظر لتساقط الأمطار. سكنت لبرهة تمسح تلك العبرة التي انسدلت على وجنتيها تذكرت ذاك اليوم
- متفتكرش إني سامحتك ياعز، لا أنا وقفت جنبك في وقت ضعفك، أصل ابويا علمني نساعد الضعيف
انكمشت ملامح وجهه وكأنها صفعته بقسوة، لقد اصابته بخنجر بارد وخز قلبه بعنف، كسا الوجوم ملامحه بالكامل.

وصدمته. للحظة ظل يناظرها لأول مرة يشعر بقهره منها. وقد كان داعمها الأول
تراجع للخلف ينظر إلى جاسر بصمته المميت من كلمات إخته القاسية
اتجه مغادرا دون حديث، ركض سريعا للخارج وكأنه يخطو فوق أشلاء قلبه التي مزقتها بعنف...
نظر إليها جاسر بآسى وأردف بحزن
- ليه كدا، ليه الكسرة دي، أقترب ينظر بغضب، وأكمل ماشق قلبها
- أنا لو مكانه بعض كلامك دا، لو روحي فيكي مستحيل أسامحك
قالها وتحرك للأعلى.

- ربنا يسامحك يارُبى على كسرة قلبه دي
ضربت أقدامها بالأرض وصرخت به
- وهو مكسرنيش ياجاسر. تحركت خلفه وبدا غضبها يسيطر عليها، امسكته من ذراعيه وأوقفته:
- تعرف أنا عاملة زي المدبوحة، مش عارفة أتعافى لحد دلوقتي ياجاسر
ضم وجهها بين راحتيه
- يعني حاسة بمعنى الكسرة يارُبى. ليه تحسسيه بالوجع اللي حستيه. للأسف يارُبى إنتِ محبتهوش، لأن اللي يحب مبخليش حبيبه يتألم. للأسف إنتِ دبحتيه بكلامك يابنت أمي وابويا...

صعد جاسر لغرفته وهو يكاد يخنتق من حجم الألم الذي يحاوط أفراد عائلته من كل جانب
تفشى الخوف بأوردتها حتى صار جسدها يرتجف وفكرة إبعاده عنها تقبض صدرها بقوة
جلست بمنتصف الدرج وقلبها يشتعل نيران عليه، نعم لقد أحرقته كما احرق قلبها أضعاف، هي تعلم إنه فعل ذلك ليس إلا خوفا عليها. ولكن كيف لها أن تشق قلبه كهذا، انهمرت عبراتها بغزارة على وجنتيها كلما تذكرت حديثها القاسي
رددت بشفتين مرتعشتين.

عز مقدرش أعيش من غيرك
قالتها بقلب مفجوع من فكرة فقدانه
دلف جواد وهو يحاوط خصر غزل، تسّمر كلا منهما عندما وجدوها بتلك الحالة
أسرع إليها أبيها
- روبي مالك ياقلبي، قاعدة كدا ليه وبتعيطي...
كانت تحاول إعادة تنظيم أنفاسها ودقات قلبها الضعيفة من شدة مايؤلمه
هزت رأسها وتوقفت
- لا يابابي كنت زهقانة فقولت استناكم هنا
ضيق جواد عيناه وتسائل
- تستنينا وإنتِ قاعدة على السلم وبتعيطي كمان
صعدت متجهة لغرفتها.

- والله يابابا كنت مضايقة شوية، أنا كويسة، والحمد لله انكم جيتوا، قالتها وصعدت سريعا لغرفتها
خطت غزل إلى أن وصلت إليه
- هروح أشوف مالها، أمسك يديها
- اطلعي أرتاحي وأنا هطمن عليها حبيبي
تحركت صاعدة درجات السلم مردفة
- لا هشوفها الأول باجواد، متخفش أنا كويسة
كان يراقب تخبطها وتبادلها الواهن بعينان حزينة لا يعلم كيف ينسيها ما مرت به
اتجه لسيارته وخرج سريعا من المنزل متجها لمكانا واحد الذي يوجد ما يريح قلبه.

دلف اليهم وعيناها ينطلق منها غضب جحيمي. جلس على المقعد امام منال تلك المرة وهو ينفث دخانه بوجهها وتحدث بصوتا كحفيح أفعى
- دولقتي بعد ماخسرتي كل حاجة، جوزك اللي اتحكم عليه مؤبد، وابنك اللي بجرايمه اتهلك زي ابوه لكن بلا رجعة
ثم حاوطها بنظرات جحيمية ودّ ان يهلكها بإحراق تاما
- مفيش حد صعبان عليا غير بنتك الصراحة متستهلش اللي هي فيه، لكن نعمل إيه حكمة ربنا محدش بيختار أهله.

فبالرغم إنه قد عزم على دفنهم أحياء ولكن لم يستطع فعل ذلك
أدار مقعده وجلس مخالفا عليه وهو ينظر إليها بجمود
- الراجل اللي بعتيله بنتي إسمه طارق عزيز، اتجه بأنظاره إلى عمته المنكمشة بجوار إبنتها
- مين اللي سلّم البنت للراجل دا
هزت أمل رأسها واردفت:
- إحنا منعرفش الراجل اللي بتقول عليه
نهض يتحرك ذهابا وإيابا وهو يضع يديه على ذقنه بتكفير
- عندي عرض كويس ليكم
وزع نظراته بينهم ثم تحدث.

- أعرف الراجل او الست اللي سلمتوله البنت وهخليكم عايشين
ضحكت منال بسخرية
- بتحلم ياابن الألفي، انا فرحانة فيك وإنت ضعيف كدا، وهتموت وتعرف حاجة عن بنتك، بصلي ياجواد وانت تعرف كم الحقد اللي في قلبي منك
لو تعلم كم شعرته بآلامه وشعور بداخله كسكين باتر دبح قلبه ببطئ، أغمض عيناه وقبض على يديه حتى يخرج غضبه ولا يؤدي بها إلى الجحيم...
إقترب بهدوء مميت إليها وفجأة وضع سيجاره الذي بيديه على خديها.

- لتصرخ من لهيب، رغم إنها ليس بقوة لهيب صدره، نظر إليها بعيونا حمراء من ينظر إليه يتأكد من انه ماردا سيحرق من يقف أمامه
أمسك بذاك الصاعق الكهربائي الذي احضره ولكن لذاك اليوم لم يستعمله
وضعه فوق رأسها ونظر إليها لاغيا قلبه وعقله بل اجهزة تحكمه بالكامل، لم يرى سوى إنهيار زوجته اليوم.
صرخت أشجان وامل وارتعبت كلتاهما من وجه جواد الذي لايُفسر سوى بشيطان فقط.

نظرت امل إليه وهي تبكي عله يرأف بتلك السيدة العجوز وتحدثت
- جواد بالله عليك سبها، إحنا منعرفش مين اللي بتتكلم عنه
وصل إليها بخطوة واحدة ثم ارتطم رأسها بقوة بالحائط مما ادى إلى فقدانها الوعي
بصق عليهم وتحرك بعدما فصل ذاك التيار الكهربي وأشار بيديه
- اللي رحمكم مني لحد دلوقتي. اوصل لبنتي بس، وبعد لكل حدث حديث ياأشجان خانو، نظر إلى منال التي انكمشت ترتعش مما شعرت به.

- دي قرصة بسيطة بس، اتجه بنظره لتلك الأساور الحديدية المكبلين بها من ايديهم وارجلهم، هز رأسه واردف
- خليكم كدا زي الحيوانات، رغم اني ظلمت الحيوانات والله، بصق مرة اخرى الحيوانات تتعاشر عنكم
صرخت أشجان واردفت بقهر
- جواد حبيبي فكنا ومش عايزين حاجة تانية. نفسي أفرد جسمي وأنام يابني، بالله عليك وحياة رحمة ابوك
- اخرصي صاح بها بصوتا جهوري، اقترب والشرر يتقاذف من عينيه.

- هو انت تعرفي ربنا علشان تذكريه، قبض على ذقنها بقوة شعرت من خلالها بتكسر فكيها من ضغطته
اقترب وبصوتا جحيمي
- أسم ابويا تاني مايجيش على لسانك الحقير دا
دفعها بقوة حتى سقطت بالمقعد على الأرضية، نظر بمقت وتركها كما هي تصيح بنواح وغادر المكان بأكمله
بفيلا جواد الألفي
طرقت الباب ودلفت إلى غرفة إبنتها
- ممكن ماما تتكلم مع روبي شوية
هزت رأسها وأشارت لوالدتها بالدخول.

- طبعا حضرتك بستأذني، جلست غزل بجوارها تمسد على خصلاتها الحريرية، رفعت يديها تقبلها بحنان أموي
- مال حبيبة مامي. وياريت ماتكدبيش على مامي علشان مزعلش منك، إحنا صحاب قبل مااكون مامي صح ولا إيه
قبلت خد والدتها
- إنتِ احسن مامي في الدنيا
طوقتها غزل بأحضانها@ وانتظرت حتى تتحدث
وضعت رأسها بحضن والدتها
- هو بابي ليه رافض ابن عميد الجامعة يامامي.

هزت غزل رأسها ومطت شفتيها ثم تحدثت بهدوء رغم حزنها البادي على وجهها
- بابي ليه رافض ابن عميد الجامعة، دا حتى إنتِ مش عارفة اسم الولد، سيبك من إسمه هو مش ملاحظة إنك لسة صغيرة يامامي...
رفعت وجهها بين راحتيها ونظرت داخل مقلتيها
- روبي إنتِ اتخنقتي مع عز تاني صح، هو كان طلب مني يشوفك، ظلت تنظر لها بينما ربى نظرت للأسفل دون حديث
أطبقت جفنيها المتعبتين ثم تنهدت بحزن على إبنتها.

- حبيبة قلبي هو علشان ننسى حب قديم نشوف حب جديد، هزت رأسها برفض وتحدثت مسترسلة
- حبيبة قلبي دا أكبر غلط أولا لا إنت هتحبي حد تاني ولا هتقدري تنسي وكمان هتوجعي قلب مالوش ذنب غير وجع قلبك
روبي بلاش اندفاع في عواطفنا. بلاش القرارت السريعة الغلط...
ثم اكملت بإستبانة.

- تعرفي انتِ بتفكريني بنفسي أوي، اومأت براسها وأكملت:
- أنا وباباكي كنا كدا زيكوا، بس الفرق أن عز شجاع جه واعترفلك، أما باباكي معملش كدا. اللي يشبه الحكايتين وجع قلوبنا بس
- نعم يامامي، ليه هو بابي مش شجاع، بابي أحسن راجل في الدنيا
هزت رأسها بموافقة
- بابي دا اجمل وأحن راجل في الدنيا كلها ومهما أقول في حقه عمري مااوفيه حقه
مسدت على خصلاتها واكملت:.

- مهما اللي قاله عز واللي عمله واللي بيعمله دا دليل إنه راجل أوي وبيحبك أوي صدقيني، بلاش يابنتي تضيعيه من أيدك هو غلط، أيوة غلط لكن من فينا مابيغلطش حبيبتي
رفعت ذقنها وأكملت
- شايفة حب بابا لماما أد إيه. لامست خديها وأكملت بدموع الحنين لتلك الأيام
- بابا معترفش بحبه لا، دا ساب ماما وراح خطب كمان، شهقة خرجت من رُبى ووضعت يديها على فمها
- معقولة يعني بابا مكنش بيحبك
هزت رأسها برفض وتحدثت:.

- بالعكس ياقلبي كان بيحبني أوي فوق ماتتخيلي لكن فيه حاجات مينفعش نعملها لمجرد أننا بنحب بعض. الوقت دا بابا كان ضابط وله اسمه ومركزه. وطبعا هو اللي مربيني مع أن بابا كان عايش وجاسر. الله يرحمهم لكن بطبع شغل بابا كان دايما مسافر وجاسر كان صغير فروحت قعدت عند جدو حسين. باباكي كان كبير يعني تقولي اتناشر سنة وأنا لسة شهرين، طبعا تيتا نجاة كان معاها صهيب ومليكة وكان سيف صغير بالنسبة إن سيف أصغر واحد. كان بيني وبينه تلات سنين بس. فالمسؤلية كانت كبيرة عليها.

تنهدت وذهبت لذكرياتها الجميلة
- بابا جبلي مُربية لكن جواد رفض إنها تقربلي وكان هو اللي بيهتم بكل طلباتي
ابتسمت ونظرت لأبنتها
- تعرفي كان بيحميني كمان لحد ماوصلت خمس سنوات ويمكن أكتر كمان، مسدت على خصلاتها وتابعت حديثها وابتسمت
- كنت بقوله يابابا تخيلي قالتها بضحكة.
وكبرت لحد مابقيت إنسة وهو دخل الشرطة وبرضو اهتمامته بغزل بتكبر. وبقى محاصرني، انسدلت دمعة غائرة.

وأكملت حديثها وذكرياتها التي تشبه قطرات الندى مع شروق الشمس تذهب وتصبح سرابا.
اتجهت بنظرها لأبنتها
- جدتي وجدي قالوا ماينفعش تنادية بجود بس، ضحكت بصوت هادي
- اصلي ماكنتش بقوله غير جود وبس ولما كبرت وعرفت إنه مش بابايا. قالتها بحزن دفين، عارفة ياروبي باباكي دا مش مجرد جوزي وبس لو قالولي اديله كلمة هقولهم هو الحياة ومن غيره ماليش حياة
امسكت رُبى يديها وقبلتها.

- ربنا يخليكم لبعض ياحبيتي ممكن تكمليلي حكاية الجميلة وحضرة الضابط
قبّلت جبينها وبدأت تقص عليها
- كنت في إعدادي وهو كان خلص الشرطة، الوقت دا مكنتش شوفته بقالي أكتر من تلات شهور، هو بعد بسبب عمله الجديد، اللي طبعا بتوزع في محافظات تانية، وجدتي ماتت كمان، كنت حاسة إني وحيدة أوي مع إن مليكة وصهيب مكنوش بيسبوني خالص.
عمك صهيب دا كان حكاية لوحده كنت بحبه أوي، كان بيفهمني من نظرة المهم.

رفعت نظرها لأبنتها وأكملت
- لكن هو غير. كنت صغيرة معرفش يعني إيه حب، اللي اعرفه انه وحشني أوي. أوي. كتير عليا شهر فتخيلي تلات شهور كنت أنام طول الوقت علشان محسش أنه مش موجود، لحد ماجه اليوم دا اللي فعلا عرفت أد إيه انه أغلى شخص في حياتي
نظرت لأبنتها.

- ممكن تعملي إيه والشخص اللي حبيته بيقولك بنتي الحلوة. قابلته يومها وفرحة الدنيا مش سيعاني، أول مرة ياروبي أحس بحضن أبوكي انه مش أخويا ولا أبويا اليوم دا
تبسمت بحب وضمت إبنتها لأحضانها وأكملت.

- حضنه الوقت دا غير أي حضن، سمعت دقات قلبه اللي بيحاول يخفيها عن الناس كلها، عيني جت في عينه وأحاديث كتير مخبية بس كالعادة بيهرب منها، ماهو وقتها كانوا هيقولوا دا خدها ورباها واتجوزها وطبعا مركزه كان حساس مع بعض مشاكل في عيلتي، وطبعا جواد علشان يرحم قلبه المتمرد راح خطب غيري وكانت بتيجي عندنا، تخيلي كم الألم اللي ماما اتحملته...

تعملي إيه وحبيبك قدامك ماسك بأيد واحدة تانية، وبيشوفها بعيونه غيرك. دقاته ليها لوحدها
وضعت يديها على قلبها وأكملت
- أنا اتمنيت أموت وأرتاح ولا إني احس بالوجع دا كله، أغمضت عيناها وذكريات أمامها كأنها كانت بالأمس
مكنتش أعرف ربنا كريم وبيحبني اوي، وجمع حب السنين دي كلها في قلبه علشان لما نتجمع مايبخلهوش عليا
ضيقت ربى عيناها وتسائلت
- يعني رجعتيله وحبتيه مع أنه فكر في غيرك يامامي.

ابتسمت غزل ورفعت يديها وقبلتها
- لأني عارفة أنه بيحبني عمل كدا. عمل كدا علشان يحمي غزل ويحمي نفسه، دا مكنش مجرد حب، دا كان مجرد عشق بغرام حاجة مقدرش أوصفها وزي ماقولت هو كان بالنسبالي الحياة، واللي مرينا بيه
كله ضاع من مجرد حضن واحد منه، مجرد لما بيضحك قدامي كدا بيهون عليا كل حاجة
اوعي تفكري يابنتي إنك مش محظوظة بالعكس ياقلبي، زيزو بيحبك أوي
اللي عايزة افهمه لك أن عز غير بابا كمان.

عز جه لباباكي بعد ماخلص الجامعة وقاله أنا بحب ربى ياعمي بس مستنيها لما تخلص جامعتها، ولو ينفع نرتبط دلوقتي معنديش مانع، بابا شاف الأفضل إنك تخلصي حتى لو سنتين جامعة، علشان كلية الطب سنينها كتير غير عايزة إهتمام
رفعت ذقنها ونظرت إليها
- وهو اللي خلاكي تدخلي الجامعة اللي إنتِ فيها بابا كان رافض الجامعة البريطانية دي خالص، لولا تدخل عز حبيبتي. وأكملت ناصحة.

- روبي حبيبة مامي بلاش اندفاعك والله عز بيحبك هو عمل كدا علشان باباكي قبل أي حاجة، مضحاش بيكي ياقلبي
وضعت رأسها في حضن والدتها وبكت
- وجعلي قلبي أوي ياماما وأنا النهاردة وجعته أوي أوي يامامي وعمره ماهيسامحني
أخرجتها من حضنها ونظرت لمقلتيها مردفة
- ليه عملتي إيه وقولتي إيه
اغمضت عيناها وقصت ماحدث
مسحت دموعها بهدوء رغم حزنها من حديث ابنتها.

- طيب ليه ياماما كدا. استفدتي إيه، أهو إنتِ تعبانة وياترى هو حالته إيه كمان.
ربت على يديها
- هو بيحبك وهينسى إن شاءالله الأيام دوا لجروحنا حبيبتي، بلاش تصطدم به حاليا
بفيلا صهيب
اتجه سريعا لغرفته وهو ينهج كالذي انقطعت انفاسه من كثرة سباقاته التي قطعها، إزداد الوجع بداخله حتى تشكلت غصة مريرة جعله عاجزا عن التنفس.

نزل بساقيه على أرضية الغرفة ودموعه تنسدل بقوة رافضا ماصار قلبا وقالبا، لم يتحمل الضغط على قلبه اكثر من ذلك، بصعوبة كمم صراخ قلبه الذي كان ينتفض غضبا وألما من كلاماتها التي دبحته بنصل سكين بارد
فانتفض من مكانه ثم مسح دموعه بقوة ونصب عوده واقفا متجها لمرحاض غرفته وحديث فقط يلكمه بقوة
- كفاية ضعف متخليش قلبك يتحكم فيك.

اتجه سريعا وقام بأخذ حماما بارد كي يطفئ لهيب صدره، تمنى لو يشق صدره ويخلع قلبه من جسده ويدوس عليه بأقصى ضغط حتى يخلص من ضعفه
كلماتها تصم آذنيه
لكم مرآة الحمام وهو ينظر لأنعكاس صورته
- فوق لنفسك متكنش ضعيف، دوس على قلبك ماتخلهوش يتحكم فيك، كفاية إهانة
مسح وجهه بكفيه الذي يسيل بدمائه يقاوم غضبه وشرارة عيناه الغاضبة. انهى كلماته ينظر لنفسه بتحدي، نظر لدماء يديه وهو يبتسم بسخرية.

- ياريت قلبي ينزف كدا ويريحني
أمام فيلا طارق
توقف جانبا متجها بجسده إليها
- غنى بُصيلي، رفعت نظرها إليه
أمسك يديها واضعا إياها بين راحتيه ثم قبّلها، رجفة أصابتها لأول مرة تشعر بذاك الشعور ورغم ذلك نظرت إليه وتحدثت
- إنت اتجوزتني علشان عمو جواد مش كدا، كنت مفكّر اني بنته التايهة، دققت النظر لعيناه وتمنت أن يكذب إحساسها فأكملت
- بنته حبيبتك، بنته كانت حبيبتك مش كدا
قهقه عليها وأردف:.

- إنتِ مجنونة والله أول ماشوفتك قولت البت دي مجنونة، تعرفي غنى مخطوفة وهي عندها أد إيه ياهبلة خمس سنين. وأنا كنت اتناشر يعني كنا ولاد لسة
هزت رأسها برفض وأردفت
- اللي يشوفك أول ماشفتني مايقولش كدا يابيجاد، نظراتك ليا وقتها بتدل إنك بدور على حبيبك
رفع حاجبه وأردف بسخرية
- والحلوة إيه اللي عرفها بتدوير الحبيب
تبسمت رغم حزنها من حركاته وتحدثت.

- بيجاد إنت كنت متجوزني لهدف مفكرني بنت جواد الألفي ودلوقتي اثبت العكس فبلاش نضغط على بعض أكتر من كدا، لا أنا عايزاك ولا إنت كمان عايزني
نزل بجسده ينظر لوجهها عن قرب وهمس بالقرب من شفتيها
- مين ضحك عليكي بالهبل دا...
تنهد ناظرا إليها
- لا ياغنى لا انتِ تقدري تعيشي من غيري ولا أنا أقدر أعيش من غيرك
رجعت بجسدها للخلف ودقاتها العنيفة تكاد تخرج من صدرها حتى شعرت إنه يستمع إليها.

- بيجاد لو سمحت متتغطش عليا، بلاش تخليني أندم اني وافقت على المهزلة دي متخليش ثقة بابا وماما تهتز فيا
صمت هنيهة ينظر إليها فقط
- طيب عندي إقتراح نتفق عليه، ناظرته واردفت متسائلة
- ايه هو؟
هنتخطب فترة، وبعد كدا نقول متفقناش ونبعد عن بعض
مطت شفتاها بحزن ونظرت للأسفل فرغم ماقالته إلا أنها تمنت أن يتمسك بها
- تمام يابيجاد، همهد الموضوع لماما
لمس وجنتيها الناعمة التي أثارته وبدون تفكير نزل لمستواها وقبّلها.

كانت تحاول إعادة تنظيم أنفاسها ودقات قلبها الهادرة من فعلته هذه
توردت وجنتيها من فعلته هذه التي لم تكن بالحسبان. واهتزت نظراتها وابتعدت عنه بشفتين مرجفتين
-عيب على فكرة، ومتقولش مراتك دي ماشي. ثم اتجهت لباب السيارة تفتحه جذب يديها وتحدث
- غنى بلاش تعرفي ماما وبابا بموضوع جوازنا، لو عايزة بلاش حاليا اديني فرصة بس أمهد لبابا وماما تمام.

هزت رأسها بالموافقة وترجلت من السيارة متجه إلى بوابة المنزل ولكنها توقفت ونظرت إليه
- متخافش محدش هيعرف مش علشان إنت طلبت لا. علشان الموضوع ميهمنيش بس
دلفت للداخل سريعا وهي تشعر بأن سيقانها لم تعد تحملنها. اتجهت لغرفتها بعدما قابلتها العاملة وأردفت
- الدكتورة خرجت من ساعة ياآنسة تؤمريني بحاجة
حضريلي الحمام عايزة اخد شاور، ، قالتها غنى وهي تصعد لغرفتها.

مساءا جلست تهاني بجوارها تضمها لأحضانها وتقبّلها
- كدا ياغنى تبعدي عني دا كله. إسبوع كامل، أول مرة تعمليها يابنتي
استدارت تجلس أمامها على الفراش وهناك شيئا يشعرها بأن أحضانها باردة وليست مثلها. شعور مختلف جعلها مشتتة تائهة
جلست أمام والدتها وتسائلت
- مامي احكيلي عن ولادتي، وعن طفولتي يعني مثلا وأنا عندي سنة أول ماقولت ماما. إمتى، وكمان لما مشيت كنتي فرحانة، حاجات زي دي.

تلبكت تهاني بحديثها وتزلزل كيانها بسبب الصدمة التي ألقتها عليها، ابعدت سؤالها عن تلك الأشياء
راقبتها غنى وظلت تنظر إليها ثم أردفت
- هو السؤال صعب كدا يامامي.
هزت تهاني رأسها برفض واصطنعت ابتسامة قائلة
- ابدا يابنتي والله بس بحاول أفتكر، إنتِ عارفة بطبع شغلي فبنسى سريعا
توقفت غنى أمامها تجذبها من يديها
- طيب تعالي فرجيني على صوري، لما اتولدت وكمان الحاجات الخاصة بيا.

توقفت تهاني تفرك يديها وبدأت ترتبك أكثر
- إيه ياماما معقول مليش صور، لما اتولدت
هزت رأسها واگملت
حديثها الذي حاولت السيطرة به عندما شكت بحالة غنى ثم توجهت بنظرها إليها
- الصور في شقة طنطا إنتِ عارفة إننا نقلنا بسرعة وملحقتش ألم الحاجات كلها
زفرت غنى وجلست حزينة
- كان نفسي أشوف نفسي وأنا صغيرة، جلست بجوارها تمسد على خصلاتها
- عندي صور هنا في عيد ميلادك السادس، اجبهملك، ابتسمت وهزت رأسها بالموافقة.

بالكوفي شوب
جلست أمامه تفرك بيديها عندما وجدت أنظاره مصوبة عليها دون حديث
رفعت نظرها واردفت
- ممكن أعرف بتصور فيّا ليه
ضحك بصوته الرجولي، ثم وضع خديه على كفيه وأردف وهو يحرك حاجبيه بشقاوة
- يمكن معجب، ضربته على يديه الموضوعة على المنضدة
- جواد لم نفسك ماتنساش إننا اخوات
انخفض بجسده ينظر إليها
- مين دول اللي اخوات، أيوة صح كلنا اخوات في الأسلام
يووووه وبعدهالك والله هقوم أمشي.

قهقه بصوت مرتفع جعلها تنجذب لشخصيته الجميلة التي ظهرت بعد ابتسامته ودون وعي منها
- بطل ضحك البنات هتاكلك بعنيها
نظر حوله وجد بعض الطاولات التي عليها بعض الشباب والشابات يوجهون نظرهم إليهما، أشار بيديه على جنى وأردف أمام الجميع
- آسف أصل خطيبتي مجنونة
جحظت عيناها من كلماته ثم جذبت يديه وهو ينظر بالاتجاه الآخر
- خطيبة مين ياحج إنت شارب حاجة
نظر إليها بعيون مبتسمة ثم أردف.

- تعرفي فيه حاجات حلوة بتبقى قريبة مننا لكن مبنكنش واخدين بالنا منها، لازم حاجة تفوقنا علشان نعرف قيمة اللي جنبنا
رجعت بجسدها للخلف وعقدت ذراعيها ضامة نفسها ثم رفعت نظرهاإليه
- جواد إنت دلوقتي خارج من تجربة وعندك تزبزب بالمشاعر، بلاش توهم نفسك بحاجة. و، قاطعها جواد
- جنى أنا عايز أخرج من التجربة القاسية دي وعايز اللي يقويني
هزت رأسها برفض وأردفت.

- صعب ياجواد، أنا بعتبرك زي عز وفارس بالضبط، بلاش علشان منوجعش بعض. إنت شخص جميل خليك دايما اخويا اللي لما أحتاجه أجري عليه، بلاش توهم نفسك بحاجة غير كدا
بسط يديه على المنضدة أمامها
- حطي إيدك في إيدي بترجاكي ياجنى بجد محتاجك جنبي وصدقيني عمري ماهزعلك إلا إذا كنتي مرتبطة بحد تاني
هزت رأسها رافضة.

- ابدا والله ياجواد، إنت عارف أنا مبخبيش حاجة ولما طلبت مني أقرب من تقى علشان أعرف مالها، فرحت جدا بثقتك فيا أوي، ولما طلبت إني أقرب عز من ربى كبرت أوي في نظري، وحبيتك أوي بس معرفش مفكرتش في حد من اخواتي، كلكم اخواتي وطبعا أكيد منستش حكاية الطفولة مع جاسر ابن عمي
جذب يديها بين يديه وأردف
- جنى ممكن تبوصلي وإنتِ بتتكلمي، ليه دايما بتهربي بنظراتك عني
سحبت يديها وأردفت:.

- علشان دا الصح ياجواد مينفعش تكون غير أخويا وبس، نهضت من مكانها ونظرت اليه
- أنا عملت اللي طلبته ودلوقتي ممكن نروح علشان ماما طلبت مني متأخرش
أومأ رأسه بالموافقة واتجه للخارج، اصطدم بأحداهما وهو ينظر بهاتفه الذي لم ينقطع رنينه
- آسف، توقفت أمامه ونظرت بذهول
-جواد، معقول إنت
ضيق عيناه محاولا تذكرها ولكن لم تسعفه الذاكرة
- آسف بحاول إفتكر
بسطت يديها تسُلم عليه
- أنا زهرة زميلة الثانوي.

اومأ برأسه ولا يعلم ماذا يفعل بتلك المواقف ورغم ذلك ابتسم لها
- اهلا زهرة عاملة إيه
بسطت يديها لكي تسلم عليه مرة أخرى
ردت تحيتها جنى عندما بسطت يداها مكانه وأردفت مماجعل قلبه يقذف من الفرحة
- معلش آنسة أو مدام زهرة خطيبي مابيسلمش على حد، رفعت جنى يديها مطوقة ذراعيه
- آسفة أصله بيحترمني أوي، رفعت نظرها إليه وجدته يطالعها بحب، تاهت بنظراته، أخرجهم من نظراتهما لبعضهم البعض عندما تحدثت زهرة.

- سعيدة إني اتعرفت عليكي. توجهت لجواد
- بلاش تمشي خطيبتك من غير دبلة ياجواد أصلها حلوة وممكن تتعاكس قدامك وعلى مااظن دمك حامي شوية
قالتها ذلك ثم تحركت من أمامهما
جذب يديها دون حديث متجها لمنزلهم
وصلوا الى حي الألفي، ترجل من السيارة وهو يضحك عليها بصوته الرجولي
-يابنتي البنت خافت منك والله وصدقت. ابتمست له
-مبحبش شغل لؤم البنات دا انا واضحة زي وضوح الشمس
حاوطها بذراعيه ونظر لعيناها الواسعة واردف بهمس.

-جنى أنتِ جميلة وبريئة اوي
بتر حديثه وقوف جاسر يعقد ذراعيه على صدره
-عصافير الكناري محتاجين اتنين ليمون
استدار جواد وهو يضمها من أكتافها
-اه ياريت، ويبقى ماتقطعش لحظتنا الرومانسية تاني
رمقها بنظرات حادة يستشف معنى حديثه. ولته ظهرها مبتسمة الى جواد ثم اردفت
-هفكر في موضوعنا، واياك اسمعك بتكلم بنات تاني. قالتها وتحركت غافلة عن ذاك الذي تخرج من عيناه نيران ودت لو احرقتها.

توقف ينظر تحركها وهنا باتت الأرض من تحته فوهة بركانية أوشكت على الانفجار
اتجه بنظره الى جواد واردف
-المهزلة دي لازم تنهيها فورا ياجواد، بدل ماتشوفني شيطان قدامك.
لم تكُن رغبتي يومًا أن تُبادلني ما أعطيك، كانت كُلّ رغبتي أن ترى ما كُنتُ أفعلهُ لأجلك، عن كُلّ لحظة أردتُ أن أشعرك بها أنّي لطالما كُنتُ هُنا وأنت تنظُر إليهم، عن كُلّ مرّة ألقيتَ بها كلماتك الجارحة واخترتُ الصّبر تجنُّبا للمشاكل حتّى لا أخسرك، كانت كُلّ رغبتي أن ترى كم كُنت أحبّك، لكنّك لا ترى
ترجل من سيارته، قابله ربى وجنى متجهين للخارج
ضيق عيناه وخطى إليهما بابتسامته التي مازالت تنير وجهه.

-جميلات ال الألفي رايحين فين على المسا كدا
ضيقت جنى عيناها تنظر إلى ربى
-مين دا؟! رفع حاجبه ساخرا، ثم اتجه بانظاره إلى اخته الشاردة
-روبي حبيبة قلبي مالك ورايحة فين كدا؟!
هزت كتفها للأعلى ثم نظرت إلى جنى
-خارجين شوية وراجعين، ثم دققت النظر بعيناه
-جنى بتقول انك مخنوق من امبارح وكنت قافل على نفسك ليه؟!
هنا تذكر احداث أمس بعد عودته إلى قسم الشرطة.

دلف يلقي نفسه على المقعد، يمسح على وجهه، ثم انحنى برأسه يضعها بين راحتيه، يشعر بنيران تغزو جسده بالكامل عندما تذكر حديث تلك المعتوه عن والده
بتر شروده طرقات على باب المكتب. دلف المسؤل قائلا
-فيه واحدة برة عايزة تقابل حضرتك ياباشا
هز رأسه وتحدث
-مقلتش اسمها ايه!
-لا يافندم. أشار بيديه
-طيب دخلها، دلفت يمنى على استحياء
-مساء الخير ياحضرة الظابط
ضيق عيناه محاولا التذكر. دلفت إلى أن توقفت أمامه مباشرة وتحدثت.

-انا يمنى صديقة غنى. ابتسم بسخرية وجلس على مقعده
-يامرحب. وياترى ياصاحبة خطافة الرجالة عايزة ايه، جاية تدوري على راجل عجوز زيها
تراجع بظهره يخترقها بنظراته الصقرية وأردف
-شكلك بنت ناس زي الغبية، يبقى نفس الغباء ولا العقل له رأي آخر
جلست أمامه وتحدثت
-ممكن اتكلم مع حضرتك من غير تجريح لو سمحت
قوس فمه وابتسم بسخرية
-هو انا قولتلك اقعدي. نظرت إليه بمقت وأردفت.

-هو أنا متهمة ولا ايه. انا جاية اقولك غنى متخبطة الايام دي مش معنى أنها حاولت تقرب من والدك يبقى بتحبه زي ماعقلها مصورلها، كل الحكاية علاقتها مع والدها بعيدة ومفيش اهتمام، شافت اهتمام والدك وخصوصا بعد تعب والدتها
توقفت وطالعته.

-هي مش وحشة بدليل أنها اول مابتحس بحاجة بتروح لبيجاد مش لوالد حضرتك، يعني خلاصة كلامي هي بتحب بيجاد بس مش حاسة بدا، عشان فاقدة الحب الأبوي ياريت تكون فهمت كلامي. ثم دنت خطوة واكملت
-اكيد حب حضرة اللوا لمراته ال سمعنا عنه مش هتيجي بنت اد ولاده تخليه يبعد عن مراته
استدارت متحركة ولكنها توقفت عندما نصب عوده وتحدث
-استني عندك. دنى منها واردف
-عايز اعرف كل حاجة عن البنت دي
زفرت بغضب ورفعت سبابتها أمامه.

-مااسمهاش البت دي، اسمها غنى ياحضرة الضابط
-طيب اهدي ممكن نتكلم بهدوء، بجد عايز اعرف كل حاجة عنها
قطع شروده جنى عندما حركت أصابعها بصوتا أمامه
-روحت فين ياحضرة الضابط
ابتسم لها وانحنى يهمس بجوار أذنها
-لقيت عروسة احسن من عروستك ياجنجونة
تصنم جسدها تنظر لعيناه الرمادية القريبة فهمست
-عشان اموتك ياجسورة
قهقه بصوته الرجولي مما جعل ربى تنظر إليه باستغراب
-حبيبي ياجاسر انت سخن
تحرك من أمامهما وهو يدندن.

أسرعت جنى خلفه تجذبه من قميصه
-عايز تطلعني عيلة قدام صاحبتي ياجاسر. رفع أنامله على وجنتيها وضغط عليها
-اهدي ياجنجون هو انا كنت طلبت منك عروسة يابت هتستهبلي، الصراحة قابلت حتة بت انما ايه
دفعته بغضب وتحركت تمتم
-عيل بارد ورخم، والله لاطلع عينك انت والسحلية بتعتك
تحرك متجها إلى عز، كان يجلس بمكتبه يعمل. دلف إليه وهو مازال يدندن. رفع عز رأسه ثم اتجه لاوراقه مرة أخرى
-خير ال يشوفك امبارح مايشوفكش دلوقتي.

قفز على المكتب أمام عز مما بعثر أوراقه
دفعه عز بقوة اسقتطه
-يخربيت تخلفك، بوظتلي المشروع بقالي تلات ساعات شغال عليه. جلس على الأريكة يفرد ذراعيه حوله وتراقص بحاجبيه قائلا
-اعمله تاني يازيزو انت وراك ايه
جحظت عيناه من حالته، فدنى يقترب منه
-جاسر انت كويس يابني. استمع إلى صوت جواد بالخارج
هب متجها إلى والده.
-بابا حضرتك كنت فين؟!
صفعة قوية من جواد على وجهه
جحظت اعين صهيب وعز. أشار إليه بغضب.

-من امتى وانت متهور كدا، عايز تقتل، عايز تبقى مجرم، انا ربيتك على كدا. اتجننت
احتدت نظرات جواد وأشار بيديه
-انت ابن جواد الالفي، مش حتة عيل مستهتر، غضبه يتملك منه ويدمر حياته
ظل لبعض اللحظات وكأن أنفاسه سحبت منه، رفع نظره إلى عمه وتحدث
-انا عملت كدا عشان خاطر ماما. اخرص. قالها جواد بغضب
دنى منه وحاوط رأسه يضعها على جبينه.

-انت غبي مش فاهم حاجة، حمار ومتخلف، كنت هضيع نفسك وتضيعنا كلنا وممكن بعد كدا تبكي بدل الدموع دم ياغبي
رفع نظره بعيناه المترقرقة بالدموع
-مش هستحمل اشوف حزن ماما، مش هستحمل وجع امي يابابا
جذبه من عنقه يضمه لأحضانه
-امك اهد الدنيا كلها لو شوفت دمعة واحدة من عيونها ياغبي، لدرجة دي مش واثق في ابوك ياجاسر، لدرجة دي شايف ابوك شهواني وممكن يجري ورا بنت اد ولاده
احتضن والده وبدأ يبكي بشهقات مرتفعة.

-سامحني يابابا مش قصدي ازعلك ولا ازعل حد
أخرجه جواد يمسح دموعه
-انت راجل مش عايز دموعك دي يلا، سمعتني، انت كبير اخواتك ولازم تكون سند وقوة وقدوة ليهم لازم تسيطر على غضبك مما حصل، سمعتني ولا لا
اومأ برأسه واتجه للخارج دون حديث. استقل سيارته وتحرك
تحرك عز خلفه يناديه. أوقفه جواد
-سيبه خليه مع نفسه عشان يعاقب نفسه على غلطه ياعز. قالها جواد وتحرك إلى منزله.

بعد شهر في منتصف نهار قارس البرودة من ايام شهر يناير الملبدة بالغيوم، جالسة أمام النافذة تنظر لتساقط الأمطار. سكنت لبرهة تمسح تلك العبرة التي انسدلت على وجنتيها تذكرت ذاك اليوم
- متفتكرش إني سامحتك ياعز، لا أنا وقفت جنبك في وقت ضعفك، أصل ابويا علمني نساعد الضعيف
انكمشت ملامح وجهه وكأنها صفعته بقسوة، لقد اصابته بخنجر بارد وخز قلبه بعنف، كسا الوجوم ملامحه بالكامل.

وصدمته. للحظة ظل يناظرها لأول مرة يشعر بقهره منها. وقد كان داعمها الأول
تراجع للخلف ينظر إلى جاسر بصمته المميت من كلمات إخته القاسية
اتجه مغادرا دون حديث، ركض سريعا للخارج وكأنه يخطو فوق أشلاء قلبه التي مزقتها بعنف...
نظر إليها جاسر بآسى وأردف بحزن
- ليه كدا، ليه الكسرة دي، أقترب ينظر بغضب، وأكمل ماشق قلبها
- أنا لو مكانه بعض كلامك دا، لو روحي فيكي مستحيل أسامحك
قالها وتحرك للأعلى.

- ربنا يسامحك يارُبى على كسرة قلبه دي
ضربت أقدامها بالأرض وصرخت به
- وهو مكسرنيش ياجاسر. تحركت خلفه وبدا غضبها يسيطر عليها، امسكته من ذراعيه وأوقفته:
- تعرف أنا عاملة زي المدبوحة، مش عارفة أتعافى لحد دلوقتي ياجاسر
ضم وجهها بين راحتيه
- يعني حاسة بمعنى الكسرة يارُبى. ليه تحسسيه بالوجع اللي حستيه. للأسف يارُبى إنتِ محبتهوش، لأن اللي يحب مبخليش حبيبه يتألم. للأسف إنتِ دبحتيه بكلامك يابنت أمي وابويا...

صعد جاسر لغرفته وهو يكاد يخنتق من حجم الألم الذي يحاوط أفراد عائلته من كل جانب
تفشى الخوف بأوردتها حتى صار جسدها يرتجف وفكرة إبعاده عنها تقبض صدرها بقوة
جلست بمنتصف الدرج وقلبها يشتعل نيران عليه، نعم لقد أحرقته كما احرق قلبها أضعاف، هي تعلم إنه فعل ذلك ليس إلا خوفا عليها. ولكن كيف لها أن تشق قلبه كهذا، انهمرت عبراتها بغزارة على وجنتيها كلما تذكرت حديثها القاسي
رددت بشفتين مرتعشتين.

عز مقدرش أعيش من غيرك
قالتها بقلب مفجوع من فكرة فقدانه
دلف جواد وهو يحاوط خصر غزل، تسّمر كلا منهما عندما وجدوها بتلك الحالة
أسرع إليها أبيها
- روبي مالك ياقلبي، قاعدة كدا ليه وبتعيطي...
كانت تحاول إعادة تنظيم أنفاسها ودقات قلبها الضعيفة من شدة مايؤلمه
هزت رأسها وتوقفت
- لا يابابي كنت زهقانة فقولت استناكم هنا
ضيق جواد عيناه وتسائل
- تستنينا وإنتِ قاعدة على السلم وبتعيطي كمان
صعدت متجهة لغرفتها.

- والله يابابا كنت مضايقة شوية، أنا كويسة، والحمد لله انكم جيتوا، قالتها وصعدت سريعا لغرفتها
خطت غزل إلى أن وصلت إليه
- هروح أشوف مالها، أمسك يديها
- اطلعي أرتاحي وأنا هطمن عليها حبيبي
تحركت صاعدة درجات السلم مردفة
- لا هشوفها الأول باجواد، متخفش أنا كويسة
كان يراقب تخبطها وتبادلها الواهن بعينان حزينة لا يعلم كيف ينسيها ما مرت به
اتجه لسيارته وخرج سريعا من المنزل متجها لمكانا واحد الذي يوجد ما يريح قلبه.

دلف اليهم وعيناها ينطلق منها غضب جحيمي. جلس على المقعد امام منال تلك المرة وهو ينفث دخانه بوجهها وتحدث بصوتا كحفيح أفعى
- دولقتي بعد ماخسرتي كل حاجة، جوزك اللي اتحكم عليه مؤبد، وابنك اللي بجرايمه اتهلك زي ابوه لكن بلا رجعة
ثم حاوطها بنظرات جحيمية ودّ ان يهلكها بإحراق تاما
- مفيش حد صعبان عليا غير بنتك الصراحة متستهلش اللي هي فيه، لكن نعمل إيه حكمة ربنا محدش بيختار أهله.

فبالرغم إنه قد عزم على دفنهم أحياء ولكن لم يستطع فعل ذلك
أدار مقعده وجلس مخالفا عليه وهو ينظر إليها بجمود
- الراجل اللي بعتيله بنتي إسمه طارق عزيز، اتجه بأنظاره إلى عمته المنكمشة بجوار إبنتها
- مين اللي سلّم البنت للراجل دا
هزت أمل رأسها واردفت:
- إحنا منعرفش الراجل اللي بتقول عليه
نهض يتحرك ذهابا وإيابا وهو يضع يديه على ذقنه بتكفير
- عندي عرض كويس ليكم
وزع نظراته بينهم ثم تحدث.

- أعرف الراجل او الست اللي سلمتوله البنت وهخليكم عايشين
ضحكت منال بسخرية
- بتحلم ياابن الألفي، انا فرحانة فيك وإنت ضعيف كدا، وهتموت وتعرف حاجة عن بنتك، بصلي ياجواد وانت تعرف كم الحقد اللي في قلبي منك
لو تعلم كم شعرته بآلامه وشعور بداخله كسكين باتر دبح قلبه ببطئ، أغمض عيناه وقبض على يديه حتى يخرج غضبه ولا يؤدي بها إلى الجحيم...
إقترب بهدوء مميت إليها وفجأة وضع سيجاره الذي بيديه على خديها.

- لتصرخ من لهيب، رغم إنها ليس بقوة لهيب صدره، نظر إليها بعيونا حمراء من ينظر إليه يتأكد من انه ماردا سيحرق من يقف أمامه
أمسك بذاك الصاعق الكهربائي الذي احضره ولكن لذاك اليوم لم يستعمله
وضعه فوق رأسها ونظر إليها لاغيا قلبه وعقله بل اجهزة تحكمه بالكامل، لم يرى سوى إنهيار زوجته اليوم.
صرخت أشجان وامل وارتعبت كلتاهما من وجه جواد الذي لايُفسر سوى بشيطان فقط.

نظرت امل إليه وهي تبكي عله يرأف بتلك السيدة العجوز وتحدثت
- جواد بالله عليك سبها، إحنا منعرفش مين اللي بتتكلم عنه
وصل إليها بخطوة واحدة ثم ارتطم رأسها بقوة بالحائط مما ادى إلى فقدانها الوعي
بصق عليهم وتحرك بعدما فصل ذاك التيار الكهربي وأشار بيديه
- اللي رحمكم مني لحد دلوقتي. اوصل لبنتي بس، وبعد لكل حدث حديث ياأشجان خانو، نظر إلى منال التي انكمشت ترتعش مما شعرت به.

- دي قرصة بسيطة بس، اتجه بنظره لتلك الأساور الحديدية المكبلين بها من ايديهم وارجلهم، هز رأسه واردف
- خليكم كدا زي الحيوانات، رغم اني ظلمت الحيوانات والله، بصق مرة اخرى الحيوانات تتعاشر عنكم
صرخت أشجان واردفت بقهر
- جواد حبيبي فكنا ومش عايزين حاجة تانية. نفسي أفرد جسمي وأنام يابني، بالله عليك وحياة رحمة ابوك
- اخرصي صاح بها بصوتا جهوري، اقترب والشرر يتقاذف من عينيه.

- هو انت تعرفي ربنا علشان تذكريه، قبض على ذقنها بقوة شعرت من خلالها بتكسر فكيها من ضغطته
اقترب وبصوتا جحيمي
- أسم ابويا تاني مايجيش على لسانك الحقير دا
دفعها بقوة حتى سقطت بالمقعد على الأرضية، نظر بمقت وتركها كما هي تصيح بنواح وغادر المكان بأكمله
بفيلا جواد الألفي
طرقت الباب ودلفت إلى غرفة إبنتها
- ممكن ماما تتكلم مع روبي شوية
هزت رأسها وأشارت لوالدتها بالدخول.

- طبعا حضرتك بستأذني، جلست غزل بجوارها تمسد على خصلاتها الحريرية، رفعت يديها تقبلها بحنان أموي
- مال حبيبة مامي. وياريت ماتكدبيش على مامي علشان مزعلش منك، إحنا صحاب قبل مااكون مامي صح ولا إيه
قبلت خد والدتها
- إنتِ احسن مامي في الدنيا
طوقتها غزل بأحضانها@ وانتظرت حتى تتحدث
وضعت رأسها بحضن والدتها
- هو بابي ليه رافض ابن عميد الجامعة يامامي.

هزت غزل رأسها ومطت شفتيها ثم تحدثت بهدوء رغم حزنها البادي على وجهها
- بابي ليه رافض ابن عميد الجامعة، دا حتى إنتِ مش عارفة اسم الولد، سيبك من إسمه هو مش ملاحظة إنك لسة صغيرة يامامي...
رفعت وجهها بين راحتيها ونظرت داخل مقلتيها
- روبي إنتِ اتخنقتي مع عز تاني صح، هو كان طلب مني يشوفك، ظلت تنظر لها بينما ربى نظرت للأسفل دون حديث
أطبقت جفنيها المتعبتين ثم تنهدت بحزن على إبنتها.

- حبيبة قلبي هو علشان ننسى حب قديم نشوف حب جديد، هزت رأسها برفض وتحدثت مسترسلة
- حبيبة قلبي دا أكبر غلط أولا لا إنت هتحبي حد تاني ولا هتقدري تنسي وكمان هتوجعي قلب مالوش ذنب غير وجع قلبك
روبي بلاش اندفاع في عواطفنا. بلاش القرارت السريعة الغلط...
ثم اكملت بإستبانة.

- تعرفي انتِ بتفكريني بنفسي أوي، اومأت براسها وأكملت:
- أنا وباباكي كنا كدا زيكوا، بس الفرق أن عز شجاع جه واعترفلك، أما باباكي معملش كدا. اللي يشبه الحكايتين وجع قلوبنا بس
- نعم يامامي، ليه هو بابي مش شجاع، بابي أحسن راجل في الدنيا
هزت رأسها بموافقة
- بابي دا اجمل وأحن راجل في الدنيا كلها ومهما أقول في حقه عمري مااوفيه حقه
مسدت على خصلاتها واكملت:.

- مهما اللي قاله عز واللي عمله واللي بيعمله دا دليل إنه راجل أوي وبيحبك أوي صدقيني، بلاش يابنتي تضيعيه من أيدك هو غلط، أيوة غلط لكن من فينا مابيغلطش حبيبتي
رفعت ذقنها وأكملت
- شايفة حب بابا لماما أد إيه. لامست خديها وأكملت بدموع الحنين لتلك الأيام
- بابا معترفش بحبه لا، دا ساب ماما وراح خطب كمان، شهقة خرجت من رُبى ووضعت يديها على فمها
- معقولة يعني بابا مكنش بيحبك
هزت رأسها برفض وتحدثت:.

- بالعكس ياقلبي كان بيحبني أوي فوق ماتتخيلي لكن فيه حاجات مينفعش نعملها لمجرد أننا بنحب بعض. الوقت دا بابا كان ضابط وله اسمه ومركزه. وطبعا هو اللي مربيني مع أن بابا كان عايش وجاسر. الله يرحمهم لكن بطبع شغل بابا كان دايما مسافر وجاسر كان صغير فروحت قعدت عند جدو حسين. باباكي كان كبير يعني تقولي اتناشر سنة وأنا لسة شهرين، طبعا تيتا نجاة كان معاها صهيب ومليكة وكان سيف صغير بالنسبة إن سيف أصغر واحد. كان بيني وبينه تلات سنين بس. فالمسؤلية كانت كبيرة عليها.

تنهدت وذهبت لذكرياتها الجميلة
- بابا جبلي مُربية لكن جواد رفض إنها تقربلي وكان هو اللي بيهتم بكل طلباتي
ابتسمت ونظرت لأبنتها
- تعرفي كان بيحميني كمان لحد ماوصلت خمس سنوات ويمكن أكتر كمان، مسدت على خصلاتها وتابعت حديثها وابتسمت
- كنت بقوله يابابا تخيلي قالتها بضحكة.
وكبرت لحد مابقيت إنسة وهو دخل الشرطة وبرضو اهتمامته بغزل بتكبر. وبقى محاصرني، انسدلت دمعة غائرة.

وأكملت حديثها وذكرياتها التي تشبه قطرات الندى مع شروق الشمس تذهب وتصبح سرابا.
اتجهت بنظرها لأبنتها
- جدتي وجدي قالوا ماينفعش تنادية بجود بس، ضحكت بصوت هادي
- اصلي ماكنتش بقوله غير جود وبس ولما كبرت وعرفت إنه مش بابايا. قالتها بحزن دفين، عارفة ياروبي باباكي دا مش مجرد جوزي وبس لو قالولي اديله كلمة هقولهم هو الحياة ومن غيره ماليش حياة
امسكت رُبى يديها وقبلتها.

- ربنا يخليكم لبعض ياحبيتي ممكن تكمليلي حكاية الجميلة وحضرة الضابط
قبّلت جبينها وبدأت تقص عليها
- كنت في إعدادي وهو كان خلص الشرطة، الوقت دا مكنتش شوفته بقالي أكتر من تلات شهور، هو بعد بسبب عمله الجديد، اللي طبعا بتوزع في محافظات تانية، وجدتي ماتت كمان، كنت حاسة إني وحيدة أوي مع إن مليكة وصهيب مكنوش بيسبوني خالص.
عمك صهيب دا كان حكاية لوحده كنت بحبه أوي، كان بيفهمني من نظرة المهم.

رفعت نظرها لأبنتها وأكملت
- لكن هو غير. كنت صغيرة معرفش يعني إيه حب، اللي اعرفه انه وحشني أوي. أوي. كتير عليا شهر فتخيلي تلات شهور كنت أنام طول الوقت علشان محسش أنه مش موجود، لحد ماجه اليوم دا اللي فعلا عرفت أد إيه انه أغلى شخص في حياتي
نظرت لأبنتها.

- ممكن تعملي إيه والشخص اللي حبيته بيقولك بنتي الحلوة. قابلته يومها وفرحة الدنيا مش سيعاني، أول مرة ياروبي أحس بحضن أبوكي انه مش أخويا ولا أبويا اليوم دا
تبسمت بحب وضمت إبنتها لأحضانها وأكملت.

- حضنه الوقت دا غير أي حضن، سمعت دقات قلبه اللي بيحاول يخفيها عن الناس كلها، عيني جت في عينه وأحاديث كتير مخبية بس كالعادة بيهرب منها، ماهو وقتها كانوا هيقولوا دا خدها ورباها واتجوزها وطبعا مركزه كان حساس مع بعض مشاكل في عيلتي، وطبعا جواد علشان يرحم قلبه المتمرد راح خطب غيري وكانت بتيجي عندنا، تخيلي كم الألم اللي ماما اتحملته...

تعملي إيه وحبيبك قدامك ماسك بأيد واحدة تانية، وبيشوفها بعيونه غيرك. دقاته ليها لوحدها
وضعت يديها على قلبها وأكملت
- أنا اتمنيت أموت وأرتاح ولا إني احس بالوجع دا كله، أغمضت عيناها وذكريات أمامها كأنها كانت بالأمس
مكنتش أعرف ربنا كريم وبيحبني اوي، وجمع حب السنين دي كلها في قلبه علشان لما نتجمع مايبخلهوش عليا
ضيقت ربى عيناها وتسائلت
- يعني رجعتيله وحبتيه مع أنه فكر في غيرك يامامي.

ابتسمت غزل ورفعت يديها وقبلتها
- لأني عارفة أنه بيحبني عمل كدا. عمل كدا علشان يحمي غزل ويحمي نفسه، دا مكنش مجرد حب، دا كان مجرد عشق بغرام حاجة مقدرش أوصفها وزي ماقولت هو كان بالنسبالي الحياة، واللي مرينا بيه
كله ضاع من مجرد حضن واحد منه، مجرد لما بيضحك قدامي كدا بيهون عليا كل حاجة
اوعي تفكري يابنتي إنك مش محظوظة بالعكس ياقلبي، زيزو بيحبك أوي
اللي عايزة افهمه لك أن عز غير بابا كمان.

عز جه لباباكي بعد ماخلص الجامعة وقاله أنا بحب ربى ياعمي بس مستنيها لما تخلص جامعتها، ولو ينفع نرتبط دلوقتي معنديش مانع، بابا شاف الأفضل إنك تخلصي حتى لو سنتين جامعة، علشان كلية الطب سنينها كتير غير عايزة إهتمام
رفعت ذقنها ونظرت إليها
- وهو اللي خلاكي تدخلي الجامعة اللي إنتِ فيها بابا كان رافض الجامعة البريطانية دي خالص، لولا تدخل عز حبيبتي. وأكملت ناصحة.

- روبي حبيبة مامي بلاش اندفاعك والله عز بيحبك هو عمل كدا علشان باباكي قبل أي حاجة، مضحاش بيكي ياقلبي
وضعت رأسها في حضن والدتها وبكت
- وجعلي قلبي أوي ياماما وأنا النهاردة وجعته أوي أوي يامامي وعمره ماهيسامحني
أخرجتها من حضنها ونظرت لمقلتيها مردفة
- ليه عملتي إيه وقولتي إيه
اغمضت عيناها وقصت ماحدث
مسحت دموعها بهدوء رغم حزنها من حديث ابنتها.

- طيب ليه ياماما كدا. استفدتي إيه، أهو إنتِ تعبانة وياترى هو حالته إيه كمان.
ربت على يديها
- هو بيحبك وهينسى إن شاءالله الأيام دوا لجروحنا حبيبتي، بلاش تصطدم به حاليا
بفيلا صهيب
اتجه سريعا لغرفته وهو ينهج كالذي انقطعت انفاسه من كثرة سباقاته التي قطعها، إزداد الوجع بداخله حتى تشكلت غصة مريرة جعله عاجزا عن التنفس.

نزل بساقيه على أرضية الغرفة ودموعه تنسدل بقوة رافضا ماصار قلبا وقالبا، لم يتحمل الضغط على قلبه اكثر من ذلك، بصعوبة كمم صراخ قلبه الذي كان ينتفض غضبا وألما من كلاماتها التي دبحته بنصل سكين بارد
فانتفض من مكانه ثم مسح دموعه بقوة ونصب عوده واقفا متجها لمرحاض غرفته وحديث فقط يلكمه بقوة
- كفاية ضعف متخليش قلبك يتحكم فيك.

اتجه سريعا وقام بأخذ حماما بارد كي يطفئ لهيب صدره، تمنى لو يشق صدره ويخلع قلبه من جسده ويدوس عليه بأقصى ضغط حتى يخلص من ضعفه
كلماتها تصم آذنيه
لكم مرآة الحمام وهو ينظر لأنعكاس صورته
- فوق لنفسك متكنش ضعيف، دوس على قلبك ماتخلهوش يتحكم فيك، كفاية إهانة
مسح وجهه بكفيه الذي يسيل بدمائه يقاوم غضبه وشرارة عيناه الغاضبة. انهى كلماته ينظر لنفسه بتحدي، نظر لدماء يديه وهو يبتسم بسخرية.

- ياريت قلبي ينزف كدا ويريحني
أمام فيلا طارق
توقف جانبا متجها بجسده إليها
- غنى بُصيلي، رفعت نظرها إليه
أمسك يديها واضعا إياها بين راحتيه ثم قبّلها، رجفة أصابتها لأول مرة تشعر بذاك الشعور ورغم ذلك نظرت إليه وتحدثت
- إنت اتجوزتني علشان عمو جواد مش كدا، كنت مفكّر اني بنته التايهة، دققت النظر لعيناه وتمنت أن يكذب إحساسها فأكملت
- بنته حبيبتك، بنته كانت حبيبتك مش كدا
قهقه عليها وأردف:.

- إنتِ مجنونة والله أول ماشوفتك قولت البت دي مجنونة، تعرفي غنى مخطوفة وهي عندها أد إيه ياهبلة خمس سنين. وأنا كنت اتناشر يعني كنا ولاد لسة
هزت رأسها برفض وأردفت
- اللي يشوفك أول ماشفتني مايقولش كدا يابيجاد، نظراتك ليا وقتها بتدل إنك بدور على حبيبك
رفع حاجبه وأردف بسخرية
- والحلوة إيه اللي عرفها بتدوير الحبيب
تبسمت رغم حزنها من حركاته وتحدثت.

- بيجاد إنت كنت متجوزني لهدف مفكرني بنت جواد الألفي ودلوقتي اثبت العكس فبلاش نضغط على بعض أكتر من كدا، لا أنا عايزاك ولا إنت كمان عايزني
نزل بجسده ينظر لوجهها عن قرب وهمس بالقرب من شفتيها
- مين ضحك عليكي بالهبل دا...
تنهد ناظرا إليها
- لا ياغنى لا انتِ تقدري تعيشي من غيري ولا أنا أقدر أعيش من غيرك
رجعت بجسدها للخلف ودقاتها العنيفة تكاد تخرج من صدرها حتى شعرت إنه يستمع إليها.

- بيجاد لو سمحت متتغطش عليا، بلاش تخليني أندم اني وافقت على المهزلة دي متخليش ثقة بابا وماما تهتز فيا
صمت هنيهة ينظر إليها فقط
- طيب عندي إقتراح نتفق عليه، ناظرته واردفت متسائلة
- ايه هو؟
هنتخطب فترة، وبعد كدا نقول متفقناش ونبعد عن بعض
مطت شفتاها بحزن ونظرت للأسفل فرغم ماقالته إلا أنها تمنت أن يتمسك بها
- تمام يابيجاد، همهد الموضوع لماما
لمس وجنتيها الناعمة التي أثارته وبدون تفكير نزل لمستواها وقبّلها.

كانت تحاول إعادة تنظيم أنفاسها ودقات قلبها الهادرة من فعلته هذه
توردت وجنتيها من فعلته هذه التي لم تكن بالحسبان. واهتزت نظراتها وابتعدت عنه بشفتين مرجفتين
-عيب على فكرة، ومتقولش مراتك دي ماشي. ثم اتجهت لباب السيارة تفتحه جذب يديها وتحدث
- غنى بلاش تعرفي ماما وبابا بموضوع جوازنا، لو عايزة بلاش حاليا اديني فرصة بس أمهد لبابا وماما تمام.

هزت رأسها بالموافقة وترجلت من السيارة متجه إلى بوابة المنزل ولكنها توقفت ونظرت إليه
- متخافش محدش هيعرف مش علشان إنت طلبت لا. علشان الموضوع ميهمنيش بس
دلفت للداخل سريعا وهي تشعر بأن سيقانها لم تعد تحملنها. اتجهت لغرفتها بعدما قابلتها العاملة وأردفت
- الدكتورة خرجت من ساعة ياآنسة تؤمريني بحاجة
حضريلي الحمام عايزة اخد شاور، ، قالتها غنى وهي تصعد لغرفتها.

مساءا جلست تهاني بجوارها تضمها لأحضانها وتقبّلها
- كدا ياغنى تبعدي عني دا كله. إسبوع كامل، أول مرة تعمليها يابنتي
استدارت تجلس أمامها على الفراش وهناك شيئا يشعرها بأن أحضانها باردة وليست مثلها. شعور مختلف جعلها مشتتة تائهة
جلست أمام والدتها وتسائلت
- مامي احكيلي عن ولادتي، وعن طفولتي يعني مثلا وأنا عندي سنة أول ماقولت ماما. إمتى، وكمان لما مشيت كنتي فرحانة، حاجات زي دي.

تلبكت تهاني بحديثها وتزلزل كيانها بسبب الصدمة التي ألقتها عليها، ابعدت سؤالها عن تلك الأشياء
راقبتها غنى وظلت تنظر إليها ثم أردفت
- هو السؤال صعب كدا يامامي.
هزت تهاني رأسها برفض واصطنعت ابتسامة قائلة
- ابدا يابنتي والله بس بحاول أفتكر، إنتِ عارفة بطبع شغلي فبنسى سريعا
توقفت غنى أمامها تجذبها من يديها
- طيب تعالي فرجيني على صوري، لما اتولدت وكمان الحاجات الخاصة بيا.

توقفت تهاني تفرك يديها وبدأت ترتبك أكثر
- إيه ياماما معقول مليش صور، لما اتولدت
هزت رأسها واگملت
حديثها الذي حاولت السيطرة به عندما شكت بحالة غنى ثم توجهت بنظرها إليها
- الصور في شقة طنطا إنتِ عارفة إننا نقلنا بسرعة وملحقتش ألم الحاجات كلها
زفرت غنى وجلست حزينة
- كان نفسي أشوف نفسي وأنا صغيرة، جلست بجوارها تمسد على خصلاتها
- عندي صور هنا في عيد ميلادك السادس، اجبهملك، ابتسمت وهزت رأسها بالموافقة.

بالكوفي شوب
جلست أمامه تفرك بيديها عندما وجدت أنظاره مصوبة عليها دون حديث
رفعت نظرها واردفت
- ممكن أعرف بتصور فيّا ليه
ضحك بصوته الرجولي، ثم وضع خديه على كفيه وأردف وهو يحرك حاجبيه بشقاوة
- يمكن معجب، ضربته على يديه الموضوعة على المنضدة
- جواد لم نفسك ماتنساش إننا اخوات
انخفض بجسده ينظر إليها
- مين دول اللي اخوات، أيوة صح كلنا اخوات في الأسلام
يووووه وبعدهالك والله هقوم أمشي.

قهقه بصوت مرتفع جعلها تنجذب لشخصيته الجميلة التي ظهرت بعد ابتسامته ودون وعي منها
- بطل ضحك البنات هتاكلك بعنيها
نظر حوله وجد بعض الطاولات التي عليها بعض الشباب والشابات يوجهون نظرهم إليهما، أشار بيديه على جنى وأردف أمام الجميع
- آسف أصل خطيبتي مجنونة
جحظت عيناها من كلماته ثم جذبت يديه وهو ينظر بالاتجاه الآخر
- خطيبة مين ياحج إنت شارب حاجة
نظر إليها بعيون مبتسمة ثم أردف.

- تعرفي فيه حاجات حلوة بتبقى قريبة مننا لكن مبنكنش واخدين بالنا منها، لازم حاجة تفوقنا علشان نعرف قيمة اللي جنبنا
رجعت بجسدها للخلف وعقدت ذراعيها ضامة نفسها ثم رفعت نظرهاإليه
- جواد إنت دلوقتي خارج من تجربة وعندك تزبزب بالمشاعر، بلاش توهم نفسك بحاجة. و، قاطعها جواد
- جنى أنا عايز أخرج من التجربة القاسية دي وعايز اللي يقويني
هزت رأسها برفض وأردفت.

- صعب ياجواد، أنا بعتبرك زي عز وفارس بالضبط، بلاش علشان منوجعش بعض. إنت شخص جميل خليك دايما اخويا اللي لما أحتاجه أجري عليه، بلاش توهم نفسك بحاجة غير كدا
بسط يديه على المنضدة أمامها
- حطي إيدك في إيدي بترجاكي ياجنى بجد محتاجك جنبي وصدقيني عمري ماهزعلك إلا إذا كنتي مرتبطة بحد تاني
هزت رأسها رافضة.

- ابدا والله ياجواد، إنت عارف أنا مبخبيش حاجة ولما طلبت مني أقرب من تقى علشان أعرف مالها، فرحت جدا بثقتك فيا أوي، ولما طلبت إني أقرب عز من ربى كبرت أوي في نظري، وحبيتك أوي بس معرفش مفكرتش في حد من اخواتي، كلكم اخواتي وطبعا أكيد منستش حكاية الطفولة مع جاسر ابن عمي
جذب يديها بين يديه وأردف
- جنى ممكن تبوصلي وإنتِ بتتكلمي، ليه دايما بتهربي بنظراتك عني
سحبت يديها وأردفت:.

- علشان دا الصح ياجواد مينفعش تكون غير أخويا وبس، نهضت من مكانها ونظرت اليه
- أنا عملت اللي طلبته ودلوقتي ممكن نروح علشان ماما طلبت مني متأخرش
أومأ رأسه بالموافقة واتجه للخارج، اصطدم بأحداهما وهو ينظر بهاتفه الذي لم ينقطع رنينه
- آسف، توقفت أمامه ونظرت بذهول
-جواد، معقول إنت
ضيق عيناه محاولا تذكرها ولكن لم تسعفه الذاكرة
- آسف بحاول إفتكر
بسطت يديها تسُلم عليه
- أنا زهرة زميلة الثانوي.

اومأ برأسه ولا يعلم ماذا يفعل بتلك المواقف ورغم ذلك ابتسم لها
- اهلا زهرة عاملة إيه
بسطت يديها لكي تسلم عليه مرة أخرى
ردت تحيتها جنى عندما بسطت يداها مكانه وأردفت مماجعل قلبه يقذف من الفرحة
- معلش آنسة أو مدام زهرة خطيبي مابيسلمش على حد، رفعت جنى يديها مطوقة ذراعيه
- آسفة أصله بيحترمني أوي، رفعت نظرها إليه وجدته يطالعها بحب، تاهت بنظراته، أخرجهم من نظراتهما لبعضهم البعض عندما تحدثت زهرة.

- سعيدة إني اتعرفت عليكي. توجهت لجواد
- بلاش تمشي خطيبتك من غير دبلة ياجواد أصلها حلوة وممكن تتعاكس قدامك وعلى مااظن دمك حامي شوية
قالتها ذلك ثم تحركت من أمامهما
جذب يديها دون حديث متجها لمنزلهم
وصلوا الى حي الألفي، ترجل من السيارة وهو يضحك عليها بصوته الرجولي
-يابنتي البنت خافت منك والله وصدقت. ابتمست له
-مبحبش شغل لؤم البنات دا انا واضحة زي وضوح الشمس
حاوطها بذراعيه ونظر لعيناها الواسعة واردف بهمس.

-جنى أنتِ جميلة وبريئة اوي
بتر حديثه وقوف جاسر يعقد ذراعيه على صدره
-عصافير الكناري محتاجين اتنين ليمون
استدار جواد وهو يضمها من أكتافها
-اه ياريت، ويبقى ماتقطعش لحظتنا الرومانسية تاني
رمقها بنظرات حادة يستشف معنى حديثه. ولته ظهرها مبتسمة الى جواد ثم اردفت
-هفكر في موضوعنا، واياك اسمعك بتكلم بنات تاني. قالتها وتحركت غافلة عن ذاك الذي تخرج من عيناه نيران ودت لو احرقتها.

توقف ينظر تحركها وهنا باتت الأرض من تحته فوهة بركانية أوشكت على الانفجار
اتجه بنظره الى جواد واردف
-المهزلة دي لازم تنهيها فورا ياجواد، بدل ماتشوفني شيطان قدامك.
لقد فقدنا رغبة التمسك، فالصمت يؤلم أكثر حينما يملأ القلب وجعا من مَنّ عشقناهم
فمؤلم أن تتصنع الإبتعاد وأنت من الشوق تنهار. تتمنى نظرة، همسة، لمسة
أتمنى لو بأمكاني إتلاف كل شيء حدث بيننا، ونعود إلى الوراء ما قبل اللقاء ولا نلتقي.
قبل يوم من حادثة غنى
بفيلا صهيب. دلفت ربى تبحث عنه
وقفت أمامه وأردفت
- ليه عايز تسافر وكمان تستقر هناك
مالكيش دعوة، قالها متحركا إتجاه غرفته
اتجهت جنى اليه.

- عجبك كدا. أهو أخويا بسببك هيسبنا يارُبى يارب تكوني مرتاحة
هزت رأسها رافضة كلماتها، إتجهت سريعا لغرفته ودون وعي اقتحمت الغرفة
كان خارجا من المرحاض يلتف بمنشفة تحاوط خصره، اصطدمت به، كادت أن تسقط تلقفها بذراعيه
رعشة قوية أصابت كلاهما من قربهما الغير مسموح، شعرت بنبضاته الهادرة بين ضلوعه كحال نبضاتها وسيقانها التي لم تقو على حملها، نطقت أخيرا بصوت متهدج ممزوج بالمشاعر
- عز وسع كدا، عيب.

لغى عقله تحكم القلب كليا
رفع يديه يمسد على خديها وكرزيتها التي تمنى أن يتذوق طعمها...
يعلم مايفعله خاطئ وضمها بتلك الطريقة خطأ اكبر ولكنه عاجز عن تلاشي قلبه الذي ينتشي بقربها، قلبه الذي اصبح ميتا ببعدها
اقترب اكثر وأكثر حتى انفصل عقله تماما وقلبه الذي يدعوه بحبيته بين يديه
دنى حتى لامس ثغرها ويتمنى أن يعتصره حتى ينقطع أنفاسهما بها
ولكن فجأة تذكر حديثها فدفعها بعيدا كلعنة.

- اطلعي برة وبعد كدا تخبطي، دي أوضة واحد عازب، إيه ماتعلمتيش الأحترام
انسدلت عبراتها التي ذبحها بنصل سكين بارد
هزت رأسها وأردفت
- نستني الأدب والأحترام يابن عمي، جاية أقولك موضوع التليفون كان لعبة بيني وبين جنى، كنت عايزة اكسرك وبس
اقتربت وشهقاتها بالارتفاع
- بس أنا اللي اتكسرت ياعز، اتكسرت أوي
قالتها وأستدارت لتخرج...
احرقته بعنفوان عشقها له. مما أدى إلى تولد شعور داخلي لديه إنه سيموت ببعدها.

علي حين غفلة جذبها لتصطدم بصدره
- هو دخول الحمام زي خروجه يابنت عمي
جذبها من خصرها بقوة حتى أصبحت بأحضانه
ارتعشت بين يديه وحاولت السيطرة على مشاعرها وقلبها في ذاك الوقت
دفعت يديه وأردفت بقوة واهية
- عِز، إتجننت بتعمل إيه. وسع كدا
ببطئ بدأ يخفف ضراوة ذراعيه من حولها. نظر لها بعيون فاض منها عشقه الدفين، رغم محاولته إخفائه في أيامه الاخيرة:.

- يعني عملتي مسرحية مع جنى علشان تفرسيني، قالها وهو يمط شفتيه ويهز رأسه ومازال يحاصرها بيديه
دفعته بيديها الرقيقة وهي تصرخ بوجهه
- بقولك وسع متخلنيش أندم إني فكرت أجيلك هِنا، أوشكت على الألتفات فوجدت قبضته القوية التي أوقفتها بمكانها وهو يزمجر
- مستعجلة ليه ياروبي، دا حتى الأوضة نورت. قالها وهو يمسد على خديها، راق له غضبها وخجلها منه
تصاعد غضبها للحد الذي جعلها تقول بإنفعال.

- اوضة مقرفة زي صاحبها وإيدك إياك تلمسني
جحظت عيناه من كلماتها. جذبها حتى إصطدمت بصدره
- لسانك طول يابنت عمي، وعايز قصه
أغمضت عيناها محاولة السيطرة على مشاعرها وحاولت سحب نفسا عميق عندما شعرت برائحته تحاوطها.
هدأت قليلا ونظرت إليه
- لساني طول على يستاهل ياعز واللي بقى قارفني
بلغ الغضب ذروته فلم يعد يستطع إحتمال حديثها وأهانة قلبه وأردف
- أنا مقرف يا رُبى
اهتزت نظراتها أمامه ولعنت نفسها وهزت رأسها برفض.

- إنت اللي بتضايقني ياعِز
تركها ودلف لغرفة الملابس دون حديث...
تنهدت وظهر اليأس على ملامحها عندما دلف ولم تصل إليه لشيئا
اتجهت إلى باب الغرفة ولكنها توقفت عندما إستمعت لإشعار رسالة له
اتجهت لهاتفه وأمسكته ليس إلا فضول تقرأ تلك الرسالة التي جعلتها تجلس على فراشه
- زيزو أنا استنيتك كتير ومجتش ليه، فرحتني إنك قبلت بعرضي للسفر، كتير مبسوطة وهنرجع أسعد أيام حياتنا.

توسعت عيناها ودقات عنيفة كادت توقف قلبها عن النبض، أكملت قراءة الرسالة التي جعلت قلبها كحمم بركانية
- عايزة أقولك بعدّ الدقايق قبل الساعات لوصولك. وحشتني أوي أوي، وحبيت أشكرك على العشا و الهدية الجميلة دي
بحبك على فكرة يازوزو وبطل تقولي بلاش هبل. بقولها كمان، وهفضل أقولها لحد ماتحبني
انسدلت عبراتها لا تصدق ماتراه، وضعت الهاتف بمكانه وأهتز جسدها بالكامل.

- هيسافر علشانها، يعني كان مقرر وواخد قرار ينساني
شعور مقيت أصابها، وصل لقلبها التي اعلنت طغيانها بدقاته العنيفة وأنفاسا تحرق رئتيها...
خرج من غرفة الملابس وجدها تجلس على فراشه، ظل واقفا للحظات وذهب بخياله إنها زوجته وتجلس على فراشهما تنتظره لكي تنعم بأحضانه، راق له خياله
خطى إليها ونظراته ترسمها ومازال فكرة إنها زوجته تسيطر عليه.

وقف أمامها، شعرت بوجوده، إهتزاز داخلي جعلها غير قادرة على النظر أول المواجهة إليه، ولكن كيف لها أن تبرد نيرانها المشتعلة، نيران مستعيرة اطاحت بها للهاوية، سحبت نفسا طويلا حتى تستطيع التملك من عدم بكاؤها أمامه، هي ليست تلك الضعيفة التي تقع في براثين عشقه، نعم احببته بل عشقته عشقا مميت لقلبها، ولكن كيف له أن يفعل بجبروت طغيانه ويحرق قلبها الذي لم يعرف من الحب سواه فقط.

قطعت الصمت ونظرت إليه محاولة رسم ابتسامة بسيطة على محياها عندما أردف
- فكرتك مشيتي، معرفش إن الاوضة حلوة كدا ووصل إنك تقعدي على سريري كمان
أجابته بهدوء رغم ضجيجها:
- دوخت شوية فقعدت بس
نظر إليها بتمعن وأردف بصوتا هادئ متسائلا
- مقولتليش إيه حكاية إبن عميد الكلية دا، وليه جم هنا من يومين، أنا محذرتكيش يارُوبى وقولت بلاش تتلاعبي بمشاعري، ماتحوليش تستفزيني وطلعي مني إنسان مش سوي...

اللعنة على قلبي الذي يقع صريعا لقربه وصوته الذي يجعلني متذبذة، ولكن كفى
طالعته بنظراتها وتمكن الشك بقلبهاوكلمات تلك الفتاة تسيطر على عقلها. أغمضت عيناها وذكرياتها معه وكلماته ووعوده التي تخلى عنها كاملا
خبأت آهاتها الصارخة وخيبات قلبها، لغت قلبها تماما وفكرة تحطيمه بعقلها، نظرت لمقلتيه
ثم رسمت ابتسامة خبيثة على شفتيها ثم نهضت من فراشه وأردفت بقوة:.

- كان جاي يخطبني بس للأسف بابا رفض حتى الفكرة، مع إنه شاب كويس، بس حضرتك عارف عمك، مفكرني لسة بفكر فيك. مع إنه عجبني توقفت عن الحديث ونظرت إلى مقلتيه يمكن بابا فاكر
إني لسة بحبك، ميعرفش إن دا كان هبل مني. ميعرفش اني لسة متذبذبة...
قاطعها بنظراته الغاضبة النارية لو تحرق لأحرقتها
جذبها بقوة ثم ضغط مرة آخرى على خصرها ورفع حاجبه بسخرية.

- بتستفزيني ياروبى، مش كدا، عايزة تستفزيني وتعرفي إن ني لسة بحبك ولا لا...
كانت تناظره بهدوء يتنافى مع ضجيج قلبها. رسمت ملامح سعيدة على وجهها
- مين المجنون اللي قال كدا يازيزو. إنت بح ماضي وإنتهى
اللعنة عليكي طفلتي، كَبرتي لدرجة اللعب معي
لمس وجنتيها بأصبعه وأردف:
- عادي مفيش حاجة بقت تضايقني منِك، خلاص إنتهينا حتى لو جيتي ووقفتي قدامي وطلبت أسامحك. انخفض لمستواها وهمس إليها.

- روبي إنتِ بنت عمي الصغيرة، طفلة العيلة المدلله ياقلبي لازم اخدك على أد عقلك...
ماذا تنعتني أيها الغبي، كانت عينها تقيد لهيبا ودّت لو تحرقه، كلماته القاسية مزقت قلبها لأشلاء ولكن كفى أيها المستفز الغبي، كفى أيها المتسلط المغرور
هنا صرخت كرامة الأنثى بداخلها.

ابتلعت الغضب بداخلها ورسمت ابتسامة سمجة على ملامح وجهها، فضّلت أن تقتله تلك اللحظة حتى تشفي نيرانها الذي اشعلها بداخل صدرها، دنت منه ناسية اقترابهما الخاطئ، ولكن إياك ياآدم أن تغتر بحواء وتجرح كبريائها
- صدقني ياعز إنت مسكين ومفكّر إن روبي الطفلة هتبكي عليك العمر كله، غلطان يابن عمي ولولا طنط نهى طلبت مني إني أكلمك علشان متسافرش مكنتش عبرت.

أظلمت عيناه بنظرة قاسية، فأرادت الهرب من بين براثنه
دفعته حتى إبتعدت قليلا ونظرت اليه نظرات نارية واستطردت
- لو عمك وافق، حتى لو فيه أمل، كنت زماني ملكه لوحده، ومش بس كدا. كنت هكون ملكة قلبه وأحس إنه يستاهل يكون مالك قلبي، هو الصراحة يستاهل
كفى ايتها الغبية، كفى لقد طفح الكيل.
إندفعت الدماء لأوردته وصارت كالنيران التي تلتهم دواخله بالكامل وتحولت عيناه باللون الأحمر.

إياكِ ياحواء التقليل بغيرة آدم، فالغيرة نار تحرق أحشائه كما تلتهب النار سنابل القمح
ظل ينظر إليها بصمت ناري، فكانت أشد اللحظات المميتة لقلبه من تلك الغبية التي أراد أن يحطمها ويقطع لسانها حتى تكف عن اللهو وكلماتها التي ذبحته. ظهرت عروقه من شدة نيران قلبه، تمادت رُبى ورفعت أصابعها محدثة صوتا أمامه تضحك بسخرية وأكملت ماقسم ظهر البعير.

- تعرف أحسن حاجة فيه. أنه شخصية جديدة وجميلة بيفهمني بسرعة من نظرة، المرتين اللي قاعدت فيهم معاه مزهقتش منه وتحسه راجل كدا وبيحاول يسعدك، ولما يقرب منك بيحسسك إنه هيجبلك نجمة من السما
أقتربت حتى اخلتطت أنفاسهما ببعضهم البعض. آنفاسه الغاضبة المشعة بنيران الغضب الجحيمي، وأنفاسها الباردة من حبه المخادع كما خيل لها، نظرت لمقلتيه وأردفت بقوة عندما تخيلته مع تلك الفتاه.

- دا لما أحبه هديله كتييير اوي، وكمان ياسلام بقى لو بيموت فيّا بقى شوف ممكن يعمل إيه
رفعت يديها واردفت بإنتشاء
- كتيييير أوي يازوزو، وخصوصا لما تكون خارج من تجربة حب فاشلة وعايز تعوض الحب دا في حد يستاهل
خرجت كلماتها كالسهم حتى استقرت إلى صدره ليمزقه إلى أشلاء وألما
ساد صمتا مقتولا منه فقط ينظر إليها
فعندما تغار المرأة تكره الرجل وعندما يغار الرجل يكره نفسه.

عندما تغار المرأة تبكي وتظهر شجاعتها الواهية بكلمات ساخطة تُذبح لترضي غرورها أما عندما يغار الرجل يصمت
فالغيرة هي مملكة الحب...
ماذا فعلتِ طفلتي لكي تكسري رجولتي بلا تهاون، ماذا فعلتي لتخرجي شيطاني
كلماتها إنها ستخص غيره، اشعلت نيرانه، ايقظت المارد بداخله، ورغم نيرانه التي تكويه ارتفع صوته بضحكات صاخبة على غير عادته وذاك الموقف وأردف:.

- بتغيظني صح ياروبي، قالها عندما جذبها بقوة حتى أصبحت بأحضانه، مطوقها تماما بذراعيه
أفاقت على حاله وبدأت تدفعه ولكن كان مغيب تمام لم يستمع سوى كلماتها التي خرقت قلبه قبل آذانه...
الغيرة توقف العقل. فلاتسمع حينها لمتعقل، لكن تستمع لشخص كشارب الخمر
- بس لعبتي في منطقة غلط ياروبي، حتى لو كنتي بتحاولي تستفزيني، عند قلبي أدوس عليكي يابنت عمي.

أصابتها رغبة عارمة بإحتراق صدره التي يقترب بها منه بأظافرها وتتناول قلبه وتمزقه لأنه يخصها وحدها ليس غيرها
دفعته بقوة حتى ابتعدت قليلا عندما أهلكها كفى ماصار لها، نظرت بغضب وتحدثت
- تدوس على مين، أنا مسحتك من حياتي ياعز، وحياة قلبي اللي كسرته لاكون ملك لغيرك ياعز، وهعرف أعيّشه سعيد، ومش بس كدا، همسح الفترة اللي كنت مفكرة إني حبيتك، اقتربت منه متعمدة خفض صوتها الذي اشعله بالغضب ونظرت لمقلتيه.

مؤلم أن تتصنع الأبتعاد وانت من الشوق تنهار.
وقفت تنظر إلى الفراغ بعينان تقطران ألما، هربت من أنظاره التي تلتهما كما تلتهم النيران وأكملت ماقسمه لنصفين:
- اكتشفت إني كنت عيلة ومحبتكش، يعني حبي الوحيد هيكون لمالك قلبي بس أكيد مش إنت لإنك أكتر شخص إتمنيت إني مقبلتوش ولا ظهر في حياتي.

إذداد الغضب بداخله حتى تشكلت غصة مريرة بحلقه جعله عاجز عن التنفس. شعر بإنسحاب روحه. تمنى أن يذهب من تلك الدنيا في تلك اللحظة
رمقها بإحتقار والتفت لينوي المغادرة ولكنه تسمر بمكانه عندما أردفت
- هداياك وكل مايخصك هبعتهولك ولا احرقهم أحسن أكيد مش محتاجهم، وأنا بكرة هيجلي الأحسن منهم.

نظر لمقلتيها، وانتابه عاصفة من كسر كبريائها وتمزق قلبها الذي حاولت انتمائها لشخص غيره، صراع عنيف بين قلبه وعقله الذي شعر بوخزه كإبر شوكية
مطت شفتيها وسعادة بعينها عندما رأت حالته الذي اوصلتها اياه.

- مبروك السفر مقدما ياابن عمي تروح وترجع بالسلامة ومتنساش الجوبات، ولا اقولك هتصل بيك أنا علشان أعزمك اكيد ماهو عمك عارفه قلبه حنين وميستحملش زعل بنته الوحيدة فأكيد هيراضي قلبها وإنت طبعا عارف إيه اللي يراضي قلبي
اشعلت بجوفه عاصفة غضب هوجاء اوشكت أن يقضي عليها حينما أقتربت منه
- بكرهك ياعز وبكره قلبي علشان بيحبك.

صمتت بعدها عندما جذبها بعنف ملتقطا كرزيتها بقبلة شرسة علّها تصمت بعدها للأبد، صدره يحترق وقلبه يتمنى ان يتوقف عن نبضه لتلك الغبية التي لا تعلم عشقها ينبض بوريده، فصل قبلته وهو مغيب بعقله، كل ماصوره خياله ملكها لغيره وكلماتها التي ذبحته. ونعتها له بالكره
جذب حجابها ملقيه بقوة على الأرض وهي تصرخ بوجهه وتدفعه محاولة الفكاك من بين براثينه، ولكن كيف ولم يظهر سوى كلماتها الجارحة لرجولته.

قطع صراخها بقبلته الداميه عندما دفعها بقوة على فراشه وقام بتمزيق ثيابها. لم يشعر بنفسه إلاإنها بأحضان غيره. نار احرقت صدره بالكامل. وعجز السيطرةعلى شيطانه الكامن بداخله، اتجه لعنقها ليصك ملكيته عليه بقوة حتى ظهرت أثاره، وكلمات كالمجنون.

مستحيل تكوني لغيري اموتك وأموت نفسي. ظل يقبلها بعنف عله يطفئ نيرانه. عله يسحب كلماتها التي أحرقته بالكامل، عله يجد طفلته التي عشقها منذ الصبا، ركلته بقوة وهي تبكي وتحاول الفكاك من بين يديه، حولته من الحبيب العاقل لشيطان مارد
حجزها بقوة بيد ذراعيه وهو ينظر لبكائها ودموعها الذي اشعلت نيران قلبه، دموعها التي تكويه دون رحمة، وضع جبينه فوق جبينها وتحدث وهي محاصرة بجسديه.

- عاوزك تكرهيني أوي، اكرهيني وانتِ بتكرهيني ادعيلي أعرف اكرهك ياحبيبة عمري، ادعي عليا دايما في صلاتك ياروبي إن عز اللي مااتمناش في حياته غيرك إنه يكرهك للأبد
- اعرفي انك موتيني، إقترب من شفاها ملمسا إياها وتحدث:
موتي عز اللي كان يتمنى يسمع إسمه من شفايفك، موتي قلبي اللي كان بينبض باسمك، حطمتي غروري بنفسي، بس أهم حاجة مش قادر أكرهك، لإني بعشقك بجنون
صرخت بوجهه.

- واعرف إنك أكتر واحد كرهته في حياتي بكرهك ياعز بكرهك، قالتها بصراخ وهي مغمضة العينين ودموعها كالشلال على وجنتيها، ومحاصرة بين يديه
ابتعد عنها عندما ارتجف قلبه من كلماتها وفاق من سيطرة شيطانه التي أودت به للجحيم...
نظر إليها ولحالتها وملابسها الممزقة، وشفتيها الدامية، وعيناها الحمراء ناهيك عن علاماته التي تزين عنقها، أصابه الهلع.

هز رأسه كالمعتوه وخرج كالعاصفة الهوجاء. بخطى متعثرة اندفع بلا هدي يتخبط بمشيته هنا وهناك، حتى اصطدم باإخته التي فزعت من حالته
اردفت بذهول
- عز مالك وفين ربى، طلعت علشان تكلمك...
تركها واتجه الى سيارته وصدره يستعير مثل لهب بركان ثائر، قاد سيارته بسرعة جنونية والغضب يعمي بصره وبصيرته والغيرة كالنار، احترق صدره من مظهرها ودموعها التي كوته كاملا.

بروسيا
بعد جولة من التزلج على الثلج، إتجه ممسكا بيديها لمكانا دافئ داخل ذاك المبنى الذي يبعد عدة كليو مترات، جلس وأجلسها بأحضانه
نظرت لوجهه القريب الذي كان يطالعها بحب. كان قلبها يذوب كقطعة شيكولاتة من عشقه لها، اقترب يقبل وجنتيها التي كانت كلوح ثلج. محمرة الخدين. وأنفها الذي يشع إحمرارا من برودة الجو
رفع إصبعه على انفها يداعبها
- شكلك دلوقتي عايز يتاكل، ودا كتير على قلبي الضعيف.

رفعها بخفة ليجلسها أمامه يداعب أنفها بأنفه، رفعت يديها تحاوط وجهه بين راحتيها
- النهارده أسعد يوم بحياتي لو قولتلك أنا محظوظة كتير بيك ياأجمل راجل في الدنيا، لمست خده وهمست له
- نفسي أرجع غزل الشقية علشان أسعدك وأجننك
ضيق عيناه وتسائل
- تسعديني؟
هزت رأسها وأردفت بحب
- آه ياجواد أسعدك حاسة إني مقصرة معاك ياحبيبي، قاطعها عندما وضع إصبعه على فمه وتنهد بحب وهو يحاوطها بذراعيه.

- مين قالك إني مش سعيد. زوزو إنتِ السعادة نفسها، طول ماانتِ جنبي وفي حضني أنا أسعد مخلوق على وش الأرض
بالعكس ياحبيبي أنا اللي حاسس إني ظلمتك. إنتِ جميلة أوي وصغيرة ربطي نفسك بواحد أكبر منك بسنين، اتحرمتي من حاجات كتيرة البنات اللي في سنك كانوا بيعملوها بسبب طبيعة شغلي
اقتربت وهمست أمامه
- هبو. سك دلوقتي علشان تبطل كلامك اللي زعلني دا، وشوف لما بزعل بعمل إيه قالتها عندما مطت شفتيها كالأطفال.

قهقه بصوت مرتفع عليها جعلت من حولهم ينظرون إليه
رفعت يديها تدير وجهه إليها عندما وجدته ينظر لتلك الشقراء التي حادثته بلكنتها الروسية
- أحقا ضحكاتك جذابة أيها الرجل. إني أذوب عشقا في تلك الضحكة
بتبص على إيه إيه أنا قفص خيار رفعت نظرها لتلك الشقراء وإقتربت تلمس خاصته بخاصتها مردفة من بينها
- لقد ذوبت عشقا بك أيها الوسيم، ومن فيهن يحاولن الأقتراب من مملكتي سأمزقه بمخالبي.

لمستها له بتلك الحالة آثارت جنونه وحولته من عاشق متمرد لرجل يوّد لو لم يبعد انش واحدا عن زوجته بل إنثاه الطاغية
- غزل خرج إسمها من بين شفتيه بنبرة مثيرة خافتة
تقابلت نظرات العشق بينهما، وزعت نظرها على وجهه كاملا وهمست له
- لا أعلم ماالذي تفعله بي. سوى اني احبك كل يوماً أكثر وأكثر. ولو سُئلت يعني إيه الحياة؟

لأ جبتهم إنت الحياة، إنت السعادة، فقط إبتسامة منك ياحبيبي تجعل قلبي ينبض بالحياة، وليس ذلك فقط فإني أذوب بك عشقا حد الجنون، أغار حد الموت
رفعت يدها تلمس خصلاته
- أغار عليك من ثيابك، من صوتك لأحد غيري. أغار من همسك لغير قلبي
وضعت جبينها فوق جبينه
- جود بحبك فوق ماعقول البشرية توزن معنى كلمة حب.

كانت كلماتها رائعة مثيرة جعلته يحبس أنفاسه ودقاته تتقاذف بقوة داخل صدره حتى شعر أنه سيصاب بذبحة صدرية تسمى غرق العشق
لمس وجنتيها وتحدث بصوتا متقطع مبحوح من المشاعر التي اجتازته إنثاه الطاغية
- زوزو حبيبي كفاية، قلبي ضعف معدش بيتحمل زي الأول، نظر لمقلتيها بعيونا فيّاضة بالعشق.

- إنتِ أجمل هدية ليا في الدنيا. نعمة كبيرة ربنا أنعم عليا بيها، ولو قولتيلي رغم اللي حصل هقولك ومستعد أكتر من كدا بكتير. المهم تكوني جنبي جوا حضني وبس...
نهض من مكانه وأوقفها لترتدي جاكتيها بمساعدته ثم حاوط خصرها متحركين للخارج
- لازم نرجع دلوقتي، ممكن يمسكوني هنا متلبس بقضية فاضحة للأخلاق
صفقت بيديها وهي تقهقه عليه
- يعيني عليك ياحبيبي لقد ذهبت الهيبة
جذبها بقوة حتى اصطدمت بصدره.

تمركزت عيناه على شفاها وهي تتحدث وتضحك تملك منه الشوق ليتذوقها ولم يبخل على قلبه ليبرد لهيب اشتياقه لها
عندما جذبها ملتقطا فرولتها بجنون
. وضعت يديها على صدرها علها تتنفس
ونظرت إليه وهو يناظرها فقط. ملامحها الجميلة وشفاها التي يغرق بها، ظلت يداه تحاوطها وهو يعقد ذراعيه خلف ظهرها واضعا جبينه فوق جبينها وعيناه تناظرها بعشق
- بتقولي لي إني الحياة صح
هزت رأسها ولم تقو على الحديث كأنهما في بداية تعارفهما.

جنيته الجميلة التي عشقها وتغلغل عشقها بداخله جعتله شابا لا يصل سوى للعشرون ربيعا
همس أمام شفتيها مردفا
- إنتِ الروح والنبض، إنتِ الشريان والوريد، إنتِ الحب والعشق. إنتِ الحياة والسعادة، إنتِ غزالتي المجنونة غزالة الجواد
بالأسكندرية
جالسا على فراشه يقرأ كتابا، دلفت إليه تكاد تنفجر غيظا، أغلقت باب الغرفة بقوة جعله ينتفض فزعا، رفع نظره ينظر إليها
- فيه إيه مالك، براحة أنا فكرت زلزال.

وضعت أظافر بفمها تتأكل بها من الغيظ
صارت تذهب في الغرفة ذهابا وإيابا عندما رجع ينظر لكتابه
- ريان صرخت بها مماجعله ينظر لها بسخط
رفع نظره يجاوبها بسخرية
- فيه قالك اني مبسمعش. ايه اللي في القاهرة سمعوكي، القى الكتاب بقوة، ثم عقد ذراعيه ينظر إليها بصمت
- هاتي آخرك وبلاش شغل الستات الأهبل دا
زفرت بضيق من أسلوبه المستفز. واستشاط داخلها فأردفت.

- ايه اللي قولته تحت دا. إنت إزاي بقيت كدا، تطرد الولد وتقولي الباب اللي يفوت
وتضرب عمر قدام مراته وقدامنا وتضحك عليا وتقولي كلام أهبل ياريان
اطبق جفنيه من زوجته المجنونة التي ذهب عقلها
رفع حاجبه بسخرية
- وايه كمان ياهبلة، أنا عايز اعرف فين نغم اللي كانت بتفهمني من نظرة
اقتربت والشرر يتطاير من مقلتيها
- مش هتسكتني بكلمتين زي كل مرة هتقوم دلوقتي تروح تراضي عمر وتتصل ببيجاد يرجع لحد مايتجوز وبعدها هو حر.

جذبها بقوة حتى سقطت على الفراش أمامه، ثم نظر إليهانظرات تحذيرية
- كلمة كمان وهخليكي تحصليهم
توسعت عيناها مما استمعت إليه
نهضت تنظر إليه بجمود
- تمام ياباشمهندس، شكرا ولو مفكر أني ضعيف. غلطان، أنا دلوقتي عندي اولادي بقى ليا سند يابن المنشاوي، و.
قاطعها عندما التقط ثغرها بقبلة علّها تصمت عن لهوها العابث بقلبه. ظل فترة ليست بالقليل ذاهبا بها لعالمه الخاص بهما
بعد فترة كانت تغفو على ذراعيه يمسد على خصلاتها.

- أنا ميهونش عليا ازعل حد من ولادنا يانغم، دول حياتي قطعة من روحي، أنا راضيت عمر بعدها واتأسفت له قدام سيلا متخافيش، أما الحيوان بيجاد دا هو عارف اللعبة كلها بس هو بيحب يستفزني، وياستي متخافيش هو معندوش دم يعني ولا في دماغه اصلا
اتكأت على ذراعيها تنظر إليه
- ريان مبحبش أشوف الولاد زعلانين، علشان خاطري حبيبي فهمهم علشان مايزعلوش عمر دا طيب مالوش في الخطط دي.
قبل خصلاتها وأردف.

- متخافيش حبيبتي عمر اتفهمني وعرفته
رفع ذقنها ينظر لزيتونتها التي تجذبه بلا هدي
- أنا زعلان منك يانغوم، هونت عليكي تقولي هتسيبيني وتمشي
اقتربت تضع رأسها بأحضانه
- انا مقدرش ابعد عنك حبيبي، كلام قولته وقت غضب مش أكتر
رفعها حتى أصبحت بمقابلة وجهه
- طيب حبيبك زعلان وواخد على خاطره ولازم تصالحيه
لامست كلماته اوتار قلبها الذي سرى بها تيار كهربي نابع من عشقها له ألهب جميع حواسها.

اغمضت عيناها وأقتربت تحاوطه بنظراتها
- أنا مقدرش أزعل حبيبي مني أبدا.
- هخليك تنسى حتى نغومتك قالت ايه
قهقه عليها، ورفع حاجبه
- عارف ومتأكد من إمكانيات نغومتي. جذبها حتى أصبحت بأحضانه
- للصبح، معاكي للصبح
توسعت عيناها
- أكيد بتهزر، دا لسة الساعة تسعة
رفع ذقنها مملسا على خديها
- إيه ياحبي كبرتي، أشوف حد صغير
لكمته بصدره ورفعت سبابتها امامه
- ريان اتلم. الحاجات دي مفهاش هزار.

اقترب، ولكن قاطعه رنين هاتفه، نظر لهاتفه ورفع يديه
- أهو الحيوان اللي دايما قاعد على قلبي. يخربيته ملحقتش افرح بثانية حتى
لكمته وهي تضحك عليه بصوتا صاخب
- رد على الولد، دا أكتر واحد شبهك على فكرة
رفع حاجبه متزامنا مع شفته العلوية مستنكرا
- ايوة هتقوليلي دا بارد ومستفز ياحبيبتي. هتجبيه لحبيبك
أعاد الهاتف بالرنين ونغم تضحك عليه بصخب.

استغرب ريان تواصل بيجاد بالرنين على غير عادته فهو يتصل مرة ولم يكررها بنفس التوقيت
نظر لنغم وطلب الصمت
- فيه إيه ياحيوان دوشتني، هب واقفا وهو يحاول أن يفهم كلماته التي لم تصل لمفهومه سوى
- بابا انضرب عليا نار وغِنى اتصابت مكاني مراتي بتموت يابابا
نهض سريعا متجها لغرفة ملابسه
- اهدى حبيبي ساعة وأكون عندك، جاد اجمد حبيبي حالا انا في الطريق.
فزعت نغم من حالة زوجها امسكته من مرفقيه.

- الولد ماله، ايه اللي حصل
نغم هدخل اخد شاور تكوني جهزتيلي هدومي بسرعة
وقفت امامه تلكمه وتصرخ بوجهه
- ابني ماله ياريان، الولد فيه ايه
سبّ نفسه عندما افزعها دون قصد منه
ضمها لأحضانه مقبلا رأسها
- بيجاد كويس حبيبتي، غنى اللي انضربت بالنار ولازم اتحرك حالا
أمسك هاتفه
- عمر شوفلي طيارة للقاهرة فورا، خلال عشر دقايق
هزت رأسهاواردفت هروح معاك ياريان مستحيل أفضل هنا ومعرفش حاجة عن ابني
قبل راسها.

- تمام اجهزي، متخافيش الولد كويس وإنت سمعتي أهو بيقول إيه
بعد فترة يقف بجانب بيجاد أمام غرفة العمليات، ثم تذكر صهيب.

بفيلا صهيب
كان متجها لباب الفيلا، وجد عز يستقل سيارته متجها للخارج بحالة مرزية، اتجه بنظره للمنزل عله يرى احدا. خطى للداخل أوقفه رنين هاتفه. الذي جعله متجها للخارج مهرولا بعدما استمع للمتصل
دلفت جنى تبحث عن رُبى، تسمرت مكانها عندما وجدتها بمظهرها المزري
صرخت باسم والدتها ثم اتجهت إليها
-رُبى حبيبتي إيه اللي عمل فيكي كدا، وصلت نهى عندما استمعت لصياح ابنتها.

شهقة خرجت من فمها، وضعت يديها على فمها من الصدمة، ذهول جعلها كالمشلول الذي شلت حركته بالكامل
كانت تجلس على فراشه تنظر في شرود ودموعها تنسدل بغزارة كالشلال، خصلاتها المبعثرة على وجهها بفعل مافعله بها، شفاها الدامية وملابسها الممزقة، كان جسدها يرتعش ولسانها يردد
- عايزة ماما. أنا عايزة ماما
ضمتها نهى بأحضانها وهي تصرخ بفزع، يادي المصيبة، يادي المصيبة. لم تكن تتوقع بأن إبنها سيصل بهذه الحقارة.

بكت نهى على حالتها وأردفت
- أنا آسفة ياعمري. ياريت ماطلبت منك يابنتي، قبلت خصلاتها وبدأت تهذي بهذه الكلمات
ضمت وجهها بين راحتيها
- روبي حبيبة قلبي سمعاني. قوليلي حبيبتي. عز عمل ايه، عملك فيكي ايه الحيوان دا، والله لأخلي باباه يموته بس الحيوان دا يجي
نظرت رُبى بشرود وأردفت كالتائه
- أنا عايزة مامي، اتصلي بمامي علشان خاطري ياآنطي نهى. هاتيلي مامي
استمعت لطرقات على باب الفيلا.

نظرت نهى لجنى التي تمسك يد رُبى وتبكي...
- شوفي بابا جه ولا لأ، خليه يجلي حالا هنا، وهاتي حاجة من هدومك لبنت عمك تستر نفسها
هزت جنى نفسها وهي تبكي بنشيج لم تصدق مافعله عز بحبيبته
فتحت الباب إذ بالعاملة تردف
- حضرة الضابط جاسر تحت وهو الباشمندس اوس، عايزين الدكتورة رُبى
هزت جنى رأسها وتحدثت
- قوليلهم رُبى نايمة. هتبات مع جنى النهارده
أومات العاملة ثم تحركت للخارج.

أغمضت جنى عيناها بحزن وهي تنظر الى رُبى المكومة بأحضان والدتها
هبطت العاملة إليهما
-الدكتورة نايمة والباشمندسة بتقول لحضرتك هتبات النهاردة معاها
قطب مابين حاجبيه وتسائل
-غريبة جنى صاحية ومنزلتش ليه، مشفتهاش من امبارح
ربت أوس على ظهره وتحرك
-انا هموت من التعب ياجاسر، همشي وانت شوف هتبات هنا ولا هناك
هز رأسه بشرود ودلف لداخل منزل عمه مردفا
-قولي لجنى انا تحت خليها تنزل. واعملي اي حاجة اكلها.

-حاضر يافندم. قالتها العاملة وتحركت. هبطت جنى بعد القليل وجدتها جالسا متكأ بظهره على الأريكة ومطبق الجفنين. تحركت حتى وصلت إليه ثم جلست بجواره، ظلت تراقبه للفترة وهو يشعر بها، لم تعلم لما انتباها شعور أن تلقي نفسها بأحضانه وتبكي، لا تعلم لماذا شعرت بتلك المشاعر، انسابت عبرة خائنة من عينيها ولم تفكر في شيئا آخر سوى أنها تضع رأسها على كتفه، فمنذ رؤيتها إلى ربى بتلك الحالة وقلبها يحمل من الغصص مايكفي اتجاه أخيها قدوتها الحسنة.

وضعت رأسها وتشابكت بأنامله. فتح عينيه مذهولا من فعلتها، اعتدل ينظر إليها بذهول عندما وجد عبراتها
رجفة قوية لكلاهما عندما ضغطت على أنامله وتحدثت بصوت متحشرج
-جاسر هتفضل اخويا مهما حصل، حتى لو حصل اي مشاكل بينا، رفعت راسها ونظرت إلى رماديته القريبة
-عارف لو اتخليت عني في يوم من الأيام وكنت محتاجك فيه، ممكن يحصلي ايه.

توقف مجرى الدم بعروقه، حتى شعر بتثلج أوصاله من حالتها، فاستدار بجسده كاملا ينظر إليها وكأن همسها دلف لقلبه، حاول الثبات بصعوبة من عبراتها وهي تشهق أمامه بتلك الحالة
رفع أنامله عندما شعر بنيران تكوي قلبه
-ليه بتقولي كدا ياجنى؟! أخرج تنهيدة مؤلمة حتى شعر بتمزق تجويفه فأكمل
من امتى وانا اتخليت عنك. رفع ذقنها بإنامله يزيكل عبراتها بطرف أنامله ينظر لبنيتها الساحرة.

-لو على موضوع جواد صدقيني انا مش زعلان منك، انا خايف تتوجعي بس، خايف عليكي يابنت عمي، انا بعاملك زي ربى ويعلم ربنا عمري مافرقت بينكم ابدا
-جاسر خدني في حضنك، عايزك تحضني اوي، اياك تتخلى عني يابن عمي
صدمة بذهول أدت إلى تصنم جسده من حالتها، ماذا حدث لكي صغيرتي. لم يفكر كثيرا
وجذبها لأحضانه يعتصرها، وهي تبكي بشهقات مرتفعة، مما أدى إلى استماع نهى إليها.

هبطت درجات السلم وجدتها بتلك الحالة بأحضان ابن عمها وهي تتشبس بقميصه بقوة وتبكي بشهقات مرتفعة
مسد على رأسها محاولا تهدئتها
-حبيبتي اهدي، ايه ال حصل لدا كله، والله عمري ماهتخلى عنك ابدا
بكت وبكت حتى ضعف صوت بكائها تتحدث من بين شهقاتها
-انا بحبك اوي ياجاسر اوعى تنسى دا ابدا
كلماتها اخترقت صدره بقوة لتستقر بأعماق فؤاده الذي تبعثرت نبضاته ولا يعلم مالذي شعر به.

أخرجها من أحضانه ينظر لمقلتيها التي اضعفته فتحدث بصوت متقطع من الحالة التي أوصلته لها
-ممكن اعرف فيه ايه، مالك ومخبية ايه، وعز فين، ماهو ال يوصلك للحالة دي ان عز مش موجود، أو انك مزعلاه
فتحت فمها للتتحدث. وصلت نهى التي كانت على بعد بعض الخطوات
-جنى اطلعي اوضتك، عايزة اتكلم مع جاسر شوية
أزالت عبراتها، وطالعته بنظرة حزينة متحركة للأعلى.

ظل يراقبها حتى اختفت، اتجهت نهى تجلس بجواره، ربتت على كتفه ورسمت ابتسامة، ثم رفعت كفيها تمسد على رأسه متذكرة حديث صهيب وامنيته بجواز جنى منه. ظلت تراقبه لبعض الوقت ثم اردفت
-بتحب جنى اوي ياجاسر
هز رأسه بابتسامة. ونظر إليها
-هو ايه الموضوع انتو ناوين تقتلوها ولا ايه، قالها بمزاح
مسدت على وجنتيه وابتسمت
-من صغركم وانتوا متعلقين ببعض وطبعا الضلع التالت عز، قالتها بحزن عندما تذكرت مافعله.

ابتسم لها وأمسك كفيها يربت عليها
-جنى زيها زي ربى ياطنط نهى، اوعي تفكري اني في يوم ابعد عنها، حتى لو هي بعدت، بحسها بتفهمني من غير مااتكلم، وزي ماحضرتك لسة قايلة احنا من صغرنا مبنبعدش عن بعض، أما لو على موضوع جواد صدقيني جنى تتحب، يعني ماتخافيش جواد اكيد بيحبها
ضيقت عيناها متسائلة
-ايه الموضوع. أنقذه دخول العاملة
-العشا جاهز ياحضرة الضابط
امسك كف نهى وتحدث بمزاح.

-انا جعان اوي، تعالي ناكل ونتكلم على العشا، ثم رفع عينه العاملة
-شوفي جنى ولو ربى صحيت خليهم ينزلوا، وابعتي لاوس لو منمش
تحركت العاملة دون حديث آخر. واتجه هو ونهى التي شردت من حديثه عن جواد
في مكانا آخر، توقف بمكان لا يعلم أين وصل وكيف. أنفاسه تعلو وتهبط. كره حاله عندما تذكر ماأوصلها به. الألم يكاد يدمي قلبه، كانت دقاته تتقاذف بعنف داخل صدره بينما انسحبت أنفاسه، تمنى أن تزهق روحه.

ترجل من السيارة يتخبط بسيره وهو يصرخ من أعماق جوفه حتى شعر بتمزق أحباله الصوتيه
بدأ يلكم رأسه بالسيارة علّه يكون داخل كابوس وسيفيق منه
ظل يسير بلا هدي تاركا سيارته وعبراته تغرق وجهه، ونيران تحرق صدره. جلس بمكان مظلم يشبه حديقة عامة. وضع جسده الذي انهكه التعب من كثرة السير وجلس على الأرضية يضع رأسه على ذلك المقعد الحجري بجواره، لا يعلم أين وصل.
مبارك عليكِ يانفسي وجع قلبي الدامي.

مبارك عليكي حياة بلاها.
مبارك عليكي شعورك بالهوان والضعف دونها
مبارك عليكي حياة كالأموات.

بعد أكثر من ساعتين
بفيلا جواد الألفي
دلف الاخوان وهما يمزحان مع بعضهما البعض. توقف جاسر ينظر لأوس مردفا
- يعني ثبّت أبوك وعمو ريان
تهكم أوس ساخرا من كلمات أخيه بحركة من شفاه ثم تحدث
- مسمهاش ثبتهم ياحضرة الضابط، أسمها قدرت تقنعهم يابني، وعلى فكرة بابا وعدني بعد الأمتحانات هنروح نخطبها
صفق جاسر بيديه
- أيوة بقى وأخيرا هيدخل الفرح بيتنا يابني
لكمه أوس وتحدث ساخر.

- كان المفروض الخطوة دي تعملها انت ياحضرة الضابط، ضحك جاسر وهنا ذهب بذاكرته لتلك العيون الزرقاء وشعرها الأشقر لم يعلم لما أتت على باله
أخرجه من شروده صوت العاملة
- أحضرلكم العشا يابشوات
وقف جاسر أمام العاملة وأردف بهدوء
- هو أنا يا منى هفضل أفهمك لحد امتى
زمن البشوات دا اتلغى
نظرت إليه منى بنظرات إعجاب وأردفت
- برضو العين ماترفعش على الحاجب ياجاسر باشا
جذبه اوس وتحرك.

- شكرا يا منى إحنا لسة متغدين عند عمو صهيب
توقف جاسر وتسائل
- هو بابا متصلش بيك النهارده. بقاله يومين متصلش بيا
هز أوس رأسه برفض
- وأنا كمان. بس غريبة دي، إن حضرة اللوا مايتصلش بينا، دا أنا كنت عايش دور العسكري
لكمه جاسر بخفةورفع حاجبه بسخرية وتحدث
- ماله العسكري ياحضرة المهندس العظيم. صعد إلى غرفته وتحدث
- هروح اغير واتصل بعمو صهيب عشان يجي، وعدنا وخلع
أمام غرفة العمليات.

بعد خروج الطبيب وحديثه الذي أنهاهم جميعا، جلس بيجاد على ارضية المشفى وكأنه لا يسمع ولايرى سوى لقائتهم
حاول صهيب أن يصل إلى جواد وكالعادة الهاتف مغلق
قاطعه رنين هاتفه مع جاسر
- فينك ياعمو، دي السهرة اللي وعدتنا بيها، وكمان الباشمهندس عز معرفش راح فين
لم يكن بحالة للنقاش ابدا
- جاسر إحنا بالمستشفى حبيبي، أختك حالتها خطرة ومش عارف أوصل لبابا.

ربى مالها صرخ بها جاسر أفزع أوس الذي، كان بغرفته. اتجه سريعا لأخيه. استمع الى صوت جاسر
- مالها رُبى ياعمو، أنا لسة راجع من عندكوا...
أغمض عيناه وأردف بهدوء
- دي غِنى ياجاسر مش ربى غِنى طلعت اختك
هزة عنيفة أصابت جسده بالكامل. ووخزة قوية اصابت قلبه. مما جعل هاتفه يتساقط من يديه
- غنى أختي، يعني غنى توأمي. يعني كانت بتعمل كدا علشان تقرب مننا.

- غنى ال كنت هموتها، غنى وحبها لبابا، غنى بتكون اختي، غنى هي طلعت غنى ال بندور عليها
- اختي كانت بتحب ابوها
كلمات ظل يتمتم بها كالمعتوه
هز رأسه ويكاد رأسه ينفجر من الأسئلة. كيف ومتى وصلوا إلى معرفة الحقيقة
وماذا عن والده، هل كان يعرف
هز رأسه رافضا ما استمع ال
وصل أوس ونظر لأخيه التائه المشتت الذي يحادث نفسه
- جاسر مالها رُبى
بصعوبه إستدار بجسده إليه وأردف كالمعتوه يضحك ويبكي في آن واحد.

- غِنى طلعت أختنا، غنى طلعت توأمي
قهقهات عاليه دون الشعور بشيئا سوى شيئا واحد ضعفه
- كيف لم يشعر بها، هنا ذهبت ذكريات الطفوله وتشوش العقل
جذبه أوس وتسائل
- غنى مين ياجاسر. قصدك غنى خطيبة بيجاد
هز رأسه بنعم. ثم رفع نظره وتسائل
- إنت شوفتها ياأوس
هز رأسه برفض وتحدث
- لا كنت في الغردقة يوم الخطوبة ومتنقبلناش خالص، خرج جاسر من اسئلته وذهب متجها للمشفى
- لازم أعرف الحقيقة، وازاي وصلو لها.

ناداه أوس. إستنى هاجي معاك
أوقفه جاسر بيديه
- لا خليك هنا ممكن رُبى تزهق من بيت عمك وتيجي وخصوصا شدها الأيام دي مع عز.

بالمشفى
وقف ينظر إليها من خلف الزجاج ودموعه تنسدل بقوة، تذكر كيف سيكون حالة آخيه عندما يعرف
مسح على وجهه علّه يفكر بشيئا
اتجه بيجاد إلى لطبيب
- عايز أدخل اشوفها حتى خمس دقايق لو سمحت
أومأ صهيب برأسه إلى الطبيب.

خطى بخطوات هزيلة بعدما احضرته الممرضة، كانت الدموع تغرق وجهه. صرخة بآهة عاليه خرجت من عمق قلبه. شهق ببكاء مرتفع عندما وجدها متسطحة على ذاك الفراش اللعين، تمنى لو يخطفها ويذهب لعالم لا يوجد سواهم
جلس أمامها على ركبتيه وهو يقبّل جبينها
- غِنى حبيبتي. افتحي عيونك ياحبيبة بيجاد، عايز أقولك أنا بحبك اد إيه ياعمري بحبك أد اللحظات اللي بعدتي عني فيها.

بحبك أد كل دقة قلب خرجت من قلبي وإنتِ بعيدة، بحبك أد كل كلمة حب اتقالك
مسد على خصلاتها
- على فكرة مش بكيفك تسبيني تعبان كدا، لازم تفوقي وتعانديني. وحشتيني ياعمري أنا
وضع رأسه على كفيها، أنا هفضل نايم كدا لحد ماتفتحي عيونك وتزعقي وتقولي امشي يامستفز...
رفع يديها يقبّلها بحب
- ياله ياغنايا، افتحي عيونك لحبيبك علشان الشمس ترجع تنور حياته تاني.

غنايا أنا بموت آسف على كل كلمة حبيبي زعلتك فيها، أسف على كل حرقة اعصاب حرقتهالك. تمنى لو ينزع ذاك الجهاز ويقبل شفاها حتى تفيق من نومها الذي كرهه
دلفت الممرضة
- لو سمحت ماينفعش كدا، قولتلك ماتقربش منها
نظر إليها بغضب
- إمشي أطلعي برة.
خرجت بعدما وجدت حالته. بعد قليل دلف صهيب إليه
- بيجاد تعالى مينفعش كدا، لو عايزها تقوم بالسلامة ياريت تلتزم بكلام الدكاترة. لو سمحت، أنا مش مستعد لأي مخاطر.

نهض متجها إلى لباب ونظراته تحاوطها وقلبه يناديها
- ياله غنايا افتحي عيونك لحبيبك، عارف ومتأكد إنك بتحبيني. انسدلت دمعاته، ضحيتي بنفسك علشاني هعاتبك لما تفوقي
خرج وهو لايشعر بشيئا خرج ينظر لوالده
أمسك هاتفه للمرة التي لا تحصى وهو يهز رأسه بآسف
لكم بيجاد الحائط بقوة وشهقة مليئة بالوجع عندما أردف الطبيب الوقت بيعدي
وجد جاسر آتيا في أول الردهة
اتجه برأسه سريعا الى لطبيب.

- لسة فيه أمل يادكتور، لو أبوها مش موجود، أخوها موجود
رفع صهيب نظره لبيجاد
- ودا مستحيل يحصل يابيجاد، لازم ابوها يكون موجود، هب فزعا وصرخ بالجميع
- أي أمل يوصل لشفاها مش هتاخر إني اقدمه ولو أنا أنفع مكنتش محتاج حد فيكم، قالها بصوتا مرتفع
وصل جاسر ينظر اليهم
- ايه الكلام اللي حضرتك بتقوله دا ياعمو، وإزاي اتأكدو انها اختي، قالها وهو ينظر لطارق وتهاني
جذبه بيجاد ونظر إليه:.

- دي أختك وأنا كنت عارف من أول مرة شوفتها واتحققنا من دا. ولو تفتكر قولتلك بلاش كلام بكرة تندم عليه، دلوقتي اختك محتاجك وإنت الوحيد اللي تقدر تنقذها أو باباك. اي حد في اخواتك ياجاسر
وقف جاسر متصنما بمكانه عندما فهم مايشير اليه
رجع بجسده للخلف، وفجأة انسدلت عبراته وهو يهز رأسه
- مستحيل دا مستحيل، أكيد بابا ميعرفش، هز رأسه هزات عنيفة وكأنه تحت الصدمة التي لا يستطيع مقاومتها.

لا ماهو كدا كتير، عمو صهيب بيجاد بيقول إيه هي، أشار إلى بيجاد ثم توقف
- لا كدا بابا عارف، ومعنى انكوا تطلبوا حاجة زي دي، رجع خصلاته للخلف وهو يتنهد بوجع
أشار لباب الغرفة التي تمكث بها
- أختي هنا بتموت ياعمو، مش كدا، أختي بتموت صح، لوكيميا.
هز رأسه عندما وجد حالتهم جميعا
صرخ وهو يلكم الجداربجواره.

- طيب ليه عرفنا، مكناش عايزين نعرف، مكناش عايزين نتوجع تاني. هي كدا هتسبنا. آه، آه، هتسبنا تاني بس المرادي للابد. أبويا ذنبه إيه. وأمي، آهة صارخة بنيران الوجع والألم، آه، وآه عليكي ياامي لما تعرفي
جذبه صهيب وصرخ بوجهه
- إنت أهبل يلا? بنقولك هتخف، عمليه بسيطة وهتخف
ابتسم جاسر بسخرية
- عملية بسيطة. لوكيميا بسيطة ياعمو. دا حتى خلي غيرك يقول كدا
صفعه بخفة على وجه.

- فين إيمانك بربنا ياحمار. ينفع نقول لربنا ليه ياجاسر، أكيد له حكمة في كدا حبيبي
ضمه عمه وجلس على المقعد وكل مايفكر به حالة جواد وغزل عندما يعلمون
نهض بيجاد وتحدث
- بما أن الموضوع متوقف على عمو جواد، يبقى أنا لازم اوصله. وهعرف أوصله.
اوقفه صهيب قائلا
- بيجاد لو وصلتله قبلي عرفه إني عملت حادثة، متقولش غير كدا يابيجاد. صدقيني يابني الضربة هتكون أخف وفي نفس الوقت عمره ماهيتأخر عني
نظر جاسر لعمه.

- إزاي تطلب دا
- يعرف وهو جنبي ياجاسر أهون لو عرف وهو لوحده...
أومأ بيجاد برأسه متجها للخارج
ظل ريان يهاتفه عدة مرات ولكن دون جدوى.

بروسيا
أمام المدفأة كانوا يتناولون وجبة العشاء، نظر إلى غزل التي تتلاعب بطعامها
- مبتكليش ليه حبيبي
رفعت وتمنت أن يستمع إليها
- جود قلبي وجعني أوي عايزة اطمن على الولاد وخصوصا غنى وربى، حاسة فيهم حاجة
ضمها لأحضانه عندما شعر بما تشعر به
- تمام ياقلبي. نتعشى واتصل بيهم، وكمان عايز أطمن على باسم بقاله فترة مااتصلش بيا
ضيقت عيناها وتسائلت
- ماله باسم؟
ابتسم بسخرية واردف.

- اتجوز، وضعت يديها على فاهها من الصدمة
- متقولش لحق نسي مراته وراح اتجوز ياجواد هزعل منه أوي، دا كان بيحبها أوي
تنهد بوجع على صاحبه
- ياريته ينساها ياغزل. كان هيكون أرحم من اللي بعمله.
قطبت مابين حاجبيها وتسائلت
- ليه ياحبيبي عمل ايه
زفر بغضب عندما تذكر مافعله
- عرف مين اللي قتل مراته وابنه، فاكرة العتال اللي كان خطفك انتِ وسيف
أومأت برأسها.

- هو دا أكبر داهية على روؤسنا كلنا. باسم عرف يوصل لبنته، عنده بنت أد جاسر وغنى في الجامعة عمل عليها حوار حب والبنت وقعت في غرامه فعلا وراح اتجوزها من ورا ابوها علشان يقهره، طبعا البنت صغيرة أوي عليه فرق اكتر من عشرين سنة
شهقة خرجت من غزل وأردفت بحزن
- طيب ليه يعمل كدا، أنا مابعترضش على السن أنا بعترض على الطريقة اللي لعب بمشاعر واحدة بريئة
تحدث جواد بغضب عندما تذكر حالته.

- دا اللي زعلني منه وكان رافض اني اعرف. خطط هو وعثمان وعملوا كل حاجة من ورايا
- طيب والبنت ياجواد ذنبها إيه بس
مسح جواد على وجهه بعنف
- للاسف ياغزل، باسم عامل زي الوحش، . مبيسمعش لحد، تخيلي اخد البنت مكان محدش يعرفه، ومعرفش ناوي على إيه. أنا خايف عليه، العتال مش سهل ابدا
ربتت على يديه وتحدثت
- إن شاءالله ربنا هيوقف معاه، المهم يرجع البنت المسكينة لأهلها
هز رأسه بتنمي وأردف.

- البنت كانت بتحبه أوي دلوقتي بقت تكرهه وخايف لتعمل فيه حاجة
شعرت بوجعه على صديقه، وضعت رأسها على كتفه واردفت
-ان شاءالله هيكون كويس ياحبيبي متقلقش.

أمسك هاتفه الذي يغلقه بالأمس، وقام الأتصال بابنته اولا
تناولت نهى هاتف ربى سريعا
- دا باباكي ياروبي. قبلت جبينها وابتلعت غصة مردفة
- كلميه وبلاش تعرفيه حاجة لما يجي يابنتي أنا عارفة ابني غلط ولازم يتأدب
أمسكت الهاتف بيد مرتعشة وتذكرت حالته التي كان عليه
- أيوة يابابي، قالتها بصوت مؤلم حزين
انشق قلبه على صوتها الحزين
- مالك يابابي، بتعملي ايه
جذبت غزل الهاتف من يديه
- روبي حبيبة مامي، وحشتيني ياقلبي.

هنا انهارت رُبى بالكامل
- مامي وحشتيني، تعالي بسرعة، انا محتاجكي اوي يامامي
نهضت غزل وقلبها يؤلمها من كلمات ابنتها
- الصبح هكون عندك ياروح مامي، بطلي عياط، جذب جواد الهاتف
- ربى انتِ فين
بصوتا متقطع من البكاء، عند عمو صهيب
اعطت الهاتف لنهى عندما ازداد بكائها
-ايوة ياجواد متخافش، هي شكلها شافت كابوس فبتعيط علشان كدا
كان قلبه يؤلمه شعر بكذب نهى من حديثها المتقطع، اجابها.

- تمام يانهى، بكرة هنكون في مصر إن شاءالله
قام الاتصال سريعا على جاسر
نظر جاسر الذي يجلس بجوار صهيب وريان، جحظت عيناه وهو يبتسم
دا بابا
رد عليه بسرعة هذا ماقاله ريان
نظر صهيب وتحدث بهدوء
- جاسر زي ماقولتلك، بلاش تقوله حاجة قوله زي ماقولتلك، عمو صهيب عمل حادثة تمام ياحبيبي
انقطع الاتصال زفر ريان بقوة
اتصل بيه يابني بسرعة، الوقت بيتحكم فينا، لم يكمل حديثه اذا استمع الى رنين هاتف صهيب
جذب ريان الهاتف.

- انت لسة هتفكر
- أيوة ياجواد، اتجه جواد للنافذة. وبدا الشك يخترق صدره
- هو دا مش تليفون صهيب ولا أنا اتصلت بالغلط ولا إيه
تنهد وحاول أن يملأ رئتيه بالهواء ثم تحدث
- لا دا تليفون صهيب، وجاسر معايا كمان
هزة عنيفةأصابت جسده جعلته غير قادر على الحركة وسنيورهات كثيرة تداخلت بعقله
- ايه اللي حصل ياريان عندي.
ساد صمتا للحظات، لم يعلم امر إخباره سيكون صعبا بهذا الحال.

- جواد صهيب عمل حادثة، وبنحاول نوصلك من امبارح
كان الرعب قد تسلل إلى قلبه، ابتلع ريقه الجاف وتسائل
- حالته إيه ياريان لو سمحت. قولي إن اخويا عايش، ومتخبيش حاجة
قاطعه ريان بصوتا مرتجف بعض الشئ، اشفق عليه كثيرا فالامر صعب ومؤلم
من جميع الجهات
- هو كويس، بس لازم تيجي ياجواد
شعر أن الأرض تميد به وأصبح قاب قوسين او أدنى من فقدان وعيه، وشعور بضعف الدنيا يحتل كيانه ورغبة في الوصول إليه بلحظات.

وقفت غزل مذهولة من تبدل حال زوجها
جواد في ايه؟
مين؟ صهيب ولا سيف
نظر إليها وعيناه تغشاها الدموع
- صهيب عمل حادثة ياغزل من امبارح، أخويا بيتوجع من إمبارح وأنا قاعد هنا بتفسح
وضعت وجهه بين راحتيها
- جود حبيبي هو اكيد كويس، ، ياله فوق علشان تشوف طيارة نرجع فورا أنا برضو قلقانة حبيبي، لازم ننزل نطمن على صهيب. ياله حبيبي
قاطعه رنين هاتفه
- دا بيجاد، اجابه سريعا
- فينك ياعمو جواد، دي عملة تعملها.

صرخ بيها بيجاد بقهر ووجع قلبه
ذهل جواد من حديث بيجاد
- بيجاد طمني صهيب كويس
مسح بيجاد على وجهه يكاد يقتلع جلده محاولا السيطرة على نفسه حتى لا يشعره بما يشعر به
- هو كويس، هو عايز يشوفك، أنت فين وانا هتصرف وأشوفلك طيارة خاصة
سقط على المقعد كمن تلقى ضربة اقسمته لنصفين عندما شعر بسوء الاحوال
- انا في روسيا يابيجاد، ساعتين هكون في المطار علشان أنا في غابة بعيد عن البلد.

أوف أوف. صرخ بها بيجاد عندما فقد السيطرة
إنت شايف الجو دلوقتي عامل ازاي، مستحيل تعرف تخرج من مكانك حاليا، صمت قليلا واردف
- طيارة هليكوبتر، لازم
قاطعه جواد يصرخ فيه
- اخرص يلا?، ساعتين وهكون في المطار.

بالقاهرة بغرفته
بعد عدة محاولات الأتصال بها ولكن ككل مرة
- الهاتف الذي طلبته ربما يكون مغلقا
ألقى هاتفه بقوة على فراشه. وأحس بأرتفاع ضغط دمه من تلك المستهترة، لقد طفح الكيل من أفعالها الباردة
جلس أمام مكتبه وفتح مشروعه محاولا العمل عليه. ولكن تذكر أخته التي تحدث عنها جاسر منذ قليل، رجع لهاتفه يحمله وقام الأتصال به
نظر جاسر لصورة اخيه على هاتفه
- أيوة ياأوس
- ايه ياجاسر قولت هطمني ومفيش كلام.

نهض بعيدا عن مكان الجميع وأجابه
- الوضع هنا وحش أوي ياأوس، . غنى طلعت مريضة بلوكيميا وكمان مضروبة بالنار وحالتها خطرة وبابا جاي في الطريق
نهض سريعا من مكانه متجها لغرفة ملابسه، يرتدي ملابسه سريعا
- أنا جاي بعد شوية...
أجابه جاسر:
- عدي على اختك عند عمك عرفها علشان ماتجيش ومفيش حد في البيت
- نعرف ياسين ولا لا؟ تسائل بها أوس
رفض جاسر قائلا.

- بلاش دلوقتي هو كدا كدا في الكلية ومعرفش بلاش نقلقه، لحد مايوصل بابا بالسلامة ونعرف هيعمل إيه
بعد عدة ساعات وصل جواد لمطار القاهرة
كان ينتظره جواد حازم بالمطار، أسرع جواد بحالة من الذعر.
- صهيب كويس صح، انتوا مش مخبين حاجة ياجواد، كانت تقف بجواره ودموعها تنسدل
- حبيبي طمنا ورد على خالك، خالو صهيب كويس، تذكر حديث صهيب عن حالة جواد عندما يعلم
نظر إليهما واصتنع ابتسامة هادئة.

- والله كويس، ياله علشان تروحله
استقلوا السياره متجهين للمستشفى، توقف بالطريق
- أنا هنزل أخد تاكسي ياغزل وانتِ روحي إطمني على رُبى حبيبتي
أشارت غزل إليه
- حبيبي رُبى كويسة ونهى معاها. يعني متخفش، هنا توقف لحظة ينظر إلى جواد
نهى سايبة جوزها وقاعدة مع رُبى...
انتوا مخبين عليا إيه ياجواد
- خالو طنط نهى متعرفش حاجة وحياة ربنا ماتعرف حاجة
تزاحمت الأفكار بعقله وظل يفكر بجميع الاتجاهات، ورغم ذلك.

- عدي على البيت نوصل مرات خالك
أومأ جواد حازم دون حديث عله يخرج مأزقه
نظرت غزل تستنجيه بنظراتها
- لو سمحت ياجواد خليني اروح أطمن على صهيب
ضم اكتافها وأردف
- شوفي البنت حبيبتي وتعالي. صوتها مش مطمني، تمام يازوزو
أومأت وهناك نخر بقلبها يدعيها للرفض.

بعد قليل وصل جواد للمشفى
صعد سريعا الطابق المنشود، كان متجها في أول الردهة. ودقات عنيفة أصابت قلبه ارجعها لخوفه على أخيه. ولكنه تسمر بوقفته ينظر للأمام بفجع وصدمة زلزلت كيانه، وتوقف قلبه عن النبض
عندما وجد صهيب يقف بجوار ريان، وبيجاد يجلس يضع رأسه بين يديه وبكاء تهاني وطارق على الجانب المقابل لديهم.

خطى بخطوات كأنه يتحرك على نيران قلبه، نيران اشتعلت بجسده، وهزات عنيفة أصابته بالكامل، عندما وصل لبعض التكهنات
رمق جواد حازم بنظرات جانبية
- بتلعبوا بيا ياجواد، بتلعب بخالك
خالو لو سمحت الموضوع غير، ماانت مفكر
رسم ابتسامة سخرية
- بنتي حصلها إيه ياجواد
ذُهل جواد عندما علم أنه كُشف امرهم
نيران بصدره جعله يدلكه بقوة ويخطو إلى أن وصل ووقف أمام الجميع
رفع بيجاد نظره لذاك الذي يقف أمامهم.

هب واقفا، وضمه بقوة وهو يحمد ربه
- كنت عارف إنك مش هتتأخر، رفع يديه يقبلها وحالة ذهول من الجميع، أبكت ريان على حالة ابنه الذي ضمه لصدره هو وعمر اخيه
- حبيبي إهدى مينفعش كدا...
خلي عمو جواد يرتاح، قالها ريان
قاطعهم بيجاد عندما دفعهم واتجه إلى جواد التائه والمشتت بوجوهم، ذهب نظره لتلك الغرفة التي كان يقف أمامها صهيب وجاسر منذ قليل، ثم اتجه بنظره لصهيب
- بنتي مالها ياصهيب.

أطبق صهيب جفنيه بقوة، مؤلمة أخي تلك المواجهة، مؤلما حقا تلك الضربات التي لم يحتويها عقلا ولا قلبا، حقا أخي كفي ماصار لك، ماكان عليه إلى أن يجذبه لأحضانه
- إيمانك بربنا أد ايه ياجواد، عندك يقين بربنا. انت عارف الصبر على الابتلاء من الأيمان
خرج ينظر لمقلتيه وتسائل
- بنتي فيها إيه ياصهيب...
بلاش مقدماتك دي
وقف بيجاد أمامه ودموعه تنسدل بقوة.

- بنتك بتموت، ياعمو، غنى بتموت وأنت في إيدك تنقذها، الصراحة مش إنت بس
وزع نظره بين جاسر وأوس، وبينه
حد فيكم اللي يقدر، أي حد فيكم قالها بقهر قلبا مؤلم على حبيبه
اكمل حديثه
- حضرتك عايز بنتك ترجع، أهي رجعت ياعمو، ياله بقى انقذها، روح قول للدكتور أنا أبوها وهنقذها
صمت هائل على الجميع بعد حديث بيجاد الذي جعل عالمه ينهار أمامه، ولم يرى سوى صوتها وضحكاتها واعترافاتها بحبه.

خطى بخطوات بطيئة كطفلا يتعلم المشي، فتح باب الغرفة توقفت الممرضة أمامه، دفعها بقوة حتى اصطدمت بالحائط، دلف للداخل وعيناه محجرة بدموع العجز والألم، دموع جفت من كثرة البكاء، ، دموع جفت من كثرة الانتظار. دموع أبت النزول، فقط جسده أصبح بلا روح، جسد لا يشعر بشيئا سوى صفعات القدر.

وصل وجدها تفتح عيناها لأول مرة منذ إصابتها بطلق ناري، ركع على ركبتيها وجسده ينتفض أمام عيناها التي تحاول بفتحها لأول مرة منذ اصابتها.
أنا التي أحببتهُ ثم آذاني
أفنيْتُ فيه مشاعري، وقام بضرّهُا
لو قابل الحبُ بالحبِ لما تعبت مشاعرنا
يضيق قلبي عندما ألتفت حولي ولا اجده
واحتاجه ولا أبصره.
أتعلم إنني افتقدك كثيرا، أشتقت لك بحجم الألم الذي سكن قلبي من بعادك
قبل ساعتين بفيلا صهيب
وصلت غزل أمام منزل صهيب. قابلت ياسين الذي وصل للتو
اتجه إليها بإشتياق
- ماما حمدالله على السلامة. وحشتيني أوي، رجعتوا إمتى وليه محدش كلمني.

ملست على وجهه بحب أموي وتحدثت بإشتياق
- حبيبي وإنت كمان وحشتني. لسة واصلين حالا، إتجهت بنظرها الى منزل صهيب
- انت متعرفش إن عمو صهيب عمل حادثة
توسعت عيناه من الذهول وهز رأسه برفض
- لا محدش قالي لسة أول مرة أسمع منك
ضمت ذراعيه متحركة للداخل بعدما تركها جواد حازم متجها للمشفى
- روح على الفيلا عندنا لحد ماأجيب روبي واحصلك
قبّل جبينها متجها الى منزله وهو يردف
- متتأخروش. ثم توقف ينظر لوالدته.

- روبي كويسة مش كدا
هزت رأسها بالموافقة
- أيوة حبيبي كويسة، بتسأل ليه
معرفش ياماما بس عندي إحساس انها مش كويسة
ربتت على ظهره رغم إحساسها بما يقوله إلا أنها أردفت
- لا ياياسو هي كويسة حبيبي
وصلت أمام فيلا صهيب بعدما تحرك ياسين لمنزلهم، قابلتها جنى
- انطي غزل حمدالله على السلامة. نظرت حولها علها تجد عمها
- هو عمو جواد فين
حاولت غزل السيطرةعلى نفسها أمامها حتى لا تعلم بما أصاب والدها، ضمتها لأحضانها.

- عمو راح مشوار وجاي، فين مامي. والبت روبي وحشتني أوي
وقفت جنى تفرك بيديها وتنظر بمختلف الجهات بعيدا عن مرمى نظرها
رفعت غزل يديها تملس على خصلاتها
- حبيبتي بسألك عن ماما وروبي إيه ماسمعتيش
أشارت جنى إلى الأعلى
- في أوضتي فوق، روبي نايمة وماما جنبها، أومأت براسها متجهة سريعا للأعلى
استمعت نهى لطرقات خفيفة على باب الغرفة، أذنت بالدخول.

- أسرعت غزل تضمها وهي تنظر لأبنتها النائمة بفراش جنى، وأثار دموعها على وجنتيها، اتجهت تجلس بجوارها
- لسة تعبانة يانهى، وكابوس إيه اللي رعبها أوي كدا
تنهدت نهى تحاول أخذ نفسا تملأ رئتيها ثم زفرته ببطئ تنظر إلى غزل التي عيناها على أبنتها. تملس على وجهها وخصلاتها، توقفت عند شفتيها المجروحة، ضيقت عيناها. ثم اقتربت تنظر لأبنتها بذهول
- هي روبي تعبانة ولا إيه. قالتها وهي تنظر لنهى.

هناك ألم قاسي ما إن يقف بين فمك وحنجرتك عندما لا تستطيع البوح به. فقط تشعر بالأختناق، هذا ماشعرت به نهى عندما شعرت بالعجز للبوح بما يؤلم صدرها
أغمضت نهى عيناها وانسدلت دموعها على وجنتيها، ذُهلت غزل من حالتها
جلست أمامها تتمسك بيديها وتسائلت
- بتعيطي ليه يانهى بنتي مالها. هي واقعة ولا إيه، استيقظت رُبي بعدما استمعت لحديث والدتها
اعتدلت سريعا تلقي نفسها بأحضانها وتبكي بشهقات مرتفعة.

-مامي. مامي خديني في حضنك ضميني أوي ياماما
ذهول، ألم اجتاح جسد غزل من حالة ابنتها عندما افاقت من نومها، عيناها المتورمة. شفتها المجروحة. صدمة ذلذلت جسدها بالكامل بعدما رأت أثار عنقها
هزت رأسها وفقط مايحطم عقلها إبنتها تعرضت للأغتصاب من أحد الحيوانات الضارة التي لا تنتمي للبشر
ضمت وجهها تنظر بعيناها وتساقطت دموعها بغزارة وذبحة صدرية أصابتها.

- حبيبتي إيه اللي حصل، مين اللي عمل فيكي كدا. طبعت قبلة مطولة على جبينها عندما وجدتها، تصرخ
- ماما أنا بموت، أنا اندبحت ياماما
قالتها بإنهيار تاما، صرخة من أعماق قلبها عندما تذكرت هجومه عليها وصراخه
أغمضت عيناها وإحساس عنيف يضاريها بقوة من آلامها التي أصبحت عليها.

ضمتها غزل لأحضانها تحاول أن تلملم شتات ابنتها وهيئتها المذبوحة التي لم تعلم كيف وصلت لتلك الحالة، شعرت برجفة بجسدها وهي تتخيل ماصار إليها، احست بأختناقها وهي تردف.
- مستحيل. آه ياربي، آه، ضمتها بقوة محاولة اطمئناتها.

حبيبتي اهدي، عايزة افهم ايه ال حصل. قالتها بقلب ام متلهف، ورجفة خوف أصابت قلبها تدعو الله أن ماوصل إليها يكون خاطئا
ارتجف جسد ابنتها باحضانها
-دبحني ياماما، عايزة أموت ياريته موتني، ياريته موتني ولا شوفت منه كدا
أطبقت على جفنيها بألم ثم أطلقت اهة من اعماق قلبها
-اهة بنتك بتموت ياماما
شددت من احتضانها وانسابت عبراتها عندما علمت مااصابها وارتجفت شفتيها تهز رأسها فأردفت.

- بابا يرجع ونشوف مين قدر يعمل في بنت جواد الألفي كدا
- عز قالتها نهى بصوتا باكي. رفعت نظرها لغزل المذهولة وأكملت
- ابن عمها اللي عمل كدا، حبيبها اللي عمل كدا ياغزل قالتها بقهر
هزت غزل رأسها برفض، توسعت عيناها مما استمعت، صمتت هنيهة تحاول إستيعاب ماسقط على أذنيها
- أكيد أنا فهمت غلط، لا مستحيل، عز
تسائلت بها بصدمة. أشارت لرُبى التي تبكي بقهر
- عز اغتصب بنت عمه، هزت رُبى رأسها برفض وأردفت بصوتا متقطع.

- لا ياماما. هو. هو قالتها بتقطع ثم ألقت نفسها بأحضانها
أطبقت غزل جفنيها عندما علمت بما صار، ولكن كيف سيصمت جواد بعدما يعلم ما صار لأبنته
ضمت وجهها بعدما أخرجتها من أحضانها
- ليه عز يعمل كدا، احكي لمامي، ماهو مش معقول عز يعمل كدا، حاجة ماتدخلش العقل
أسبلت أهدابها متحاشية النظر لوالدتها
ماما عايزة اروح بيتنا
هزت غزل رأسها عندما أيقنت أن أبنتها لها يد بما صار.

اتجهت إلى نهى التي تجلس تضع رأسها على خديها وتبكي بصمت
- ازاي عز يعمل مصيبة كدا، لا مستحيل يوصل للحقارة دي
اشارت نهى بكفيها على ربى
-معرفش ايه ال حصل هو مختفي من امبارح، معرفش اصلا هو عمل فيها ايه
بكت بنشيج تهز رأسها
-ابني موت بنت عمه ياغزل، عز اغتصب ربى
صدمة كصاعقة ضربتها بقوة، تهز رأسها
-لا مستحيل انتوا اكيد بتخرفوا، دا تربية جواد الألفي مستحيل يكون قذر، لا مستحيل.

تراجعت ربى تحتضن نفسها فاردفت من بين بكائها
-هو اعتدى عليا يامي بس. بس قالتها ببكاء مغتصبتيش، عمل فيا كدا
أشارت على جسدها الذي يوجد به اثاره
أطبقت غزل على جفنيها
-ليه ياعز، ليه يابني تعمل كدا، دا لو عمك عرف
اتجهت بانظارها الى نهى
-جواد هيموته، يادي المصيبة، توقفت فجأة وتسائلت
-جاسر وأوس عرفوا حاجة
هزت نهى رأسها
-هم جم امبارح بس ربى كانت نايمة، بس جاسر. توقفت عن الحديث ثم استرسلت.

-جاسر شك في جنى امبارح بعد انهيار جنى قدامه، انا فهمته أن صهيب ضاغط عليها، بس تفتكري جاسر هيسكت ياغزل لو عرف، طيب لو جاسر سكت أوس المشكلة كلها في أوس
وضعت رأسها بين راحتيها وهمست
-ولا صهيب. اعمل ايه ياربي، ليه يابني، ليه عز تعمل فينا كدا
-
- نهى خلاص إنسي أنا هعرف إزاي عز وصل لكدا، رفعت نهى نظرها.

- أبوه ممكن يقتله ياغزل، صهيب لو عرف هيموته. أنا بحمد ربنا إنه مجاش من إمبارح، وكمان عز معرفش عنه حاجة وتليفونه هنا. أنا هموت من القلق عليه...
وضعت يديها على صدرها
- متزعليش مني ياغزل بس دا إبني ومهما يعمل مااستحملش عليه الأذى، قالتها بصوتا باكي مرتفع
ضمتها غزل لأحضانها تربت على ظهرها...
- إن شاء الله حبيبتي كل هيكون كويس. رغم ألمها إلا انها اتجهت بنظرها لروبى التي تنظر بشرود لنقطة ما.

- محدش هيعرف اللي حصل يانهى، والحمد لله صهيب معرفش لحد دلوقتي، هنا تذكرت حادثة صهيب، فنهضت وأوقفت أبنتها
- اللي حصل بينا وبس لا جواد هيعرف ولا اي حد، وأنا هشوف عز فين هخلي جاسر يوصله بس جاسر مبعرفش. رفعت نظرها إلى جنى التي تقف على باب الغرفة
-جنى اوعي جاسر يعرف لوسمحتي، جنى أنا عارفة انك مش بتخبي عليه حاجة، بس دول اخواتك ممكن يقتلوا بعض فاهمة
تحركت سريعا تبكي بصوت مرتفع. نظرت نهى إلى خروجها.

-جنى هتقوله صدقيني دي بنتي وعرفاها، عند عز وجاسر واقطعي رقبتك ولا تسمع من حد
تنهدت غزل بحزن واكدت حديثها
-دا ال مخوفني يانهى، دا ال مخوفني، جاسر مش هيسكت، ولو أوس عرف مش بعيد يقتل عز.
نهضت فزعا تمسح عبراتها واتجهت إلى جنى
وجدتها تجلس بشرفتها تبكي بصمت. جلست جوارها تمسد على خصلاتها
-لو خايفة على بابا وعز بلاش تقولي لجاسر حاجة، ماشي حبيبتي. رفعت عيناها الباكية
-جاسر هيزعل مني ياطنط، وممكن يخاصمني.

طبعت غزل قبلة على رأسها
-لا مش هيزعل، عشان عز ياجنى، لو خايفة عليه بلاش
-مقدرش اخليه يقرب من اخويا مستحيل جاسر ياذي عز
حاوطت وجهها وتحدثت
-وكان مستحيل عز يأذي ربى حبيبتي، ماشي
اومأت برأسها فتحركت غزل متجهة إلى ابنتها
دلفت الغرفة تحاوط ابنتها التي تنظر بشرود في كافة الاتجاهات
-جنى مش هتقول حاجة خلاص
نهضت نهى تضمها
- شكرا ياغزل. شكرا إنك هتمنعي مواجهة عز بصهيب. دا رعبني ياغزل متزعليش مني.

لكمتها غزل بخفة بصدرها رغم نيران صدرها ثم أردفت
- بتقولي إيه يانهى نسيتي عز بيكون لي إيه دا ابني أكتر ماهو ابنك. ومتنسيش دا تربية جواد مش صهيب. وإن كان عمل، توقفت عن الحديث تنظر لأبنتها. ثم نهضت متجهة لباب الغرفة وهي تضم رُبى
- هنمشي علشان ياسين راجع من الكلية. واجهزي علشان ساعة كدا وهاخدك مشوار
ضيقت نهى عيناها وأردفت متسائلة.

- رايحة فين وأنتِ لسة تعبانة، وبعدين فين جواد هو مش في البيت. إنت بتقولي ياسين بس
خرجت وتحدثت
- بعدين يانهى، لازم اروح حالا
بعد فترة تجلس مع إبنتها على فراشها
ابتلعت غصة من مظهر ابنتها ثم تسائلت
- سمعاكي ياروبي إحكي لمامي ليه عز عمل كدا، ماهو أنا هتجنن مش مصدقة دا واحد عاشق مستحيل يوجع حبيبته كدا
- دا واحد خاين ياماما، واحد محبنيش والدليل اللي عمله دا، حضرتك ليه مش مصدقة.

ذهبت غزل بذاكرتها لأكثر من عشرون عاما في ذاك اليوم الذي أخرجت جواد عن شعوره وتهجم عليها، كأن التاريخ يعيد نفسه اليوم. أستدارت لأبنتها وتسائلت
- اتكلمتي مع عِز في إيه خلتيه يخرج عن شعوره وبلاش كلامك اللي يزعل بأنه خاين، عِز مستحيل يخون سمعاني. لو الناس كلها قالتلي خاين هقول لا، ياله احكي قولتيله إيه خلتيه يصل لدرجة الحيونة كدا.

وضعت يديها على وجهها وهي تبكي بنشيج، تنتابها حالة من الوحشة والأفتقار والخوف عليه، هي أضعف أن تقاوم ضجيج قلبها، صدرها يعلو ويهبط عندما تشعر بفقدانه
اتجهت لوالدتها تنظر إليها نظرة غريق
- أنا خايفة عليه ياماما وعايزة أطمن مش حضرتك قولتي هتخلي جاسر يوصله، ليه مكلمتيش جاسر
رفعت غزل حاجبها بسخرية
- اللي هو ايه دا بقى إن شاء الله، مش دا كان خاين
ضربت رُبى على صدرها وأردفت.

- طب قوليلي ياماما ازاي اخلي دا مش يشتقاله. قوليلي ياماما ازاي بكرهو وبحبه
زفرت غزل بيأس منها عندما علمت بما صار
- احكي لي الأول عملتي إيه؟
عصرت عيناها وتذكرت حالته الجنونية وحديثه، انها هي التي جنت عليه
دققت غزل النظر إليها ثم اردفت
- غلطانة من ساسك لراسك. وقبل ماتقولي حاجة هو طبعا الغلط عنده اكبر، ياله احكي ياتربية أمك، أنا سمعاكي.

إرتبكت وتلعثمت الكلمات بحلقها، انكمشت ملامح وجهها بأمتعاض عندما تذكرت تلك الرسالة
بدأت تقص لوالدتها كل شيئا حتى كلماته الأخيرة عندما تركها، أغمضت عيناها تبكي بقهر على ماوصلت إليه
كانت غزل تمارس أقصى درجات ضبط النفس كى لا تلكمها بقبضتها وتحطم فكيها
تنهدت بحسرة على ابنتها التي فكرتها بغبائها قديما. عندما اعتصرت الذكريات قلبها
نهضت من مكانها ونظرت لأبنتها بأعين تخترقها وتسائلت.

- دلوقتي سؤال ولازم تجاوبي عليه علشان اجابتك دي هيكون وراها تغيير حاجات كتيره ياروبي. وبعدها هنقفل الباب دا للابد
- عايزة عز ولا لا، وبتحبيه ولا لسة زي مابتقولي متشوشة زي ماقولتي لعز
ثم رفعت سبابتها وأشارت لقلب أبنتها.

- اقعدي مع قلبك وفكري كويس، هتقدري تعيشي من غيره، هتقدري تستحملي واحدة تانية تكون حبيبته، ولكن قبل ماتجاوبي عايزة أكدلك أن عز ماحبش غيرك ودا متأكدة منه زي ماانا متأكدة انك واقفة قدامي دلوقتي
مسحت على وجهها وتحركت بالغرفة
- متعرفيش حالته ممكن تكون إيه دلوقتي. دا ياحبيبي من إمبارح محدش يعرف عنه حاجة حتى تليفونه هنا، ياربي هوصله إزاي دا
خطت رُبى إلى أن توقفت أمامها
- إنتِ زعلانة عليه بعد اللي عمله.

صرخت غزل وجسدها يرتعش لا تعلم شعرت بجواد في ذاك الوقت.

- لأني مريت بنفس تجربتك الغبية دي. بس أنا مكنش ليا أم ارتمي في حضنها وافهم منها آه منكرش طنط نجاة مقصرتش بس فيه حاجات مينفعش تخرج غير للأم فهماني، اتكلمت معاكي كتير وفهمتك كتير، قولتلك عز بيحبك لكن إزاي الدكتورة تقعد ساكتة، رسالة إيه اللي جاية تحاسبيه عليها، دا أنا قولت اتمنيت غيرك وضربت نفسي مليون جذمة علشان وجعته مجرد كلمة، إنما حضرتك فضلتي تدوسي عليه، حبيبتي الراجل ممكن يعدي كل حاجة الا رجولته وممكن يستحمل وجع قلبه، الإ إنك تحسسيه إنه ولا حاجة، إزاي بس جالك قلب وإنت عمال تهدي فيه، للاسف ياروبي.

اتصدمت فيكي، وعايزة ارد على شيطانك اللي عمال يوزك إزاي واقفة معاه ضدك بعد اللي عمله، اللي عمله مستحيل حد يقبله، طبعا دا زنا وحقارة وكل حاجة مقرفة تتخيلها لكن تعالي هنا وجاوبي
ينفع نحط البنزين جنب النار ونرجع نقول الله إزاي النار شعلت...
بالمشفى
خرج جواد ينظر إلى طارق بأذراء وغضب
نهض طارق واقفا أمامه
- والله ياجواد ماكنت أعرف إنها بنتك. والله ماكنت اعرف.

أقترب جواد متعمد خفض صوته. فهو بحالة لم تدعو للصراخ، نيران تتأكل احشائه فقط:
- أنا جتلك ياطارق وقولتلك بنتي اتخطفت من سبعتاشر سنة، أنت كان ردك إيه ولا حاجة، أنا مش هحاسبك دلوقتي ياطارق
رفع نظره لمقلتيه وأردف
- ماتتحركش من هنا، لحد ماتعمل العملية ماهو مينفعش أروح اقولها في الوقت دا أنا أبوكي ياحبيبتي، ربنا يشفيها وبعد كدا ربك يسهل
اتجه بنظره لتهاني التي تبكي بصمت
- إنت اللي زورتي التحاليل مش كدا.

هز رأسه عدة مرات...
ازاي وصل بيا الغباء دا اللي مخلنيش أعمل التحليل من أول مرة شوفتها، مسح على وجهه وأردف مفسرا
- ماهو إزاي كنت هشك فيكوا، مستحيل. بس برضو أنا غبي مليون المية، كله لازم يتحاسب صبركم عليا افوق بس والحيزبونة التانية مش هرحمها
قالها متحركا لبيحاد الذي يجلس مغمضا العينان
جلس بجواره مربتا على ساقيه.

- هتقوم بالسلامة إن شاء الله، ووعد مني أعملكم أحسن فرح، فتح عيناه ينظر في نقطة ما وأردف وهو مازال على حالته
- مش عايز فرح ولا عايز حاجة غير إنها ترجع تتشاقى معايا صدقني حتى كل اللي املكه مش عايزه، اتجه بنظره الى جواد وتسائل
-إنت ازاي كدا، إزاي قادر توقف على رجلك وبتدعم نفسك، أنا حتى مش قادر أقوم أشوفها علشان عارف إني هنهار قدامها
جذبه جواد لأحضانه وربت على ظهره.

- تعرف يلا? من وأنت لسة عندك سبع سنين أول مرة شوفتك فيها استرجلتك أوي، كان كل تصادمنا مع بعض كنت بحسك ابني مش مجرد ابن صديق...
تنهد جواد بحزن وأكمل
- حتى بعد ماغنى اختفت، ماسبتنيش وكنت دايما بتديني أمل مع إنك لسة صغير
بس كنت بتقويني بكلامك.
تغلغلت روحه بابتسامة باهتة
- ورغم بعد دا كله حاولت تأكدلي إنها بنتي مصدقكتش وروحت صدقت واحد المفروض كان صديق في وقت ما.

وللمرة الألف بتأكدلي إني محظوظ براجل زيك لبنتي، غنى هتقوم بالسلامة يابيجاد وهتفرحوا وتتجوزوا وتجيبوا عيال كمان
شهق شهقات مرتفعة وبكاء بنشيج وهو يتحدث من بين بكائه
- يارب ياعمو، أنا زعلتها كتير أوي عايزها ترجع علشان أخليها تسامحني، خرج من أحضانه ينظر لمقلتيه
- صدقني مكنتش أعرف إني بحبها أوي كدا، نزل بنظره للأسفل وتحدث
- هموت لو حصلها حاجة
نصب عوده وهو يمد له يده ليساعده على النهوض.

- قوم شوف مراتك شوية وأنا هدخل بعدك علشان بعدها محدش هيقربلها بقولك أهو
مسح بيجاد دموعه، وتحرك متجها إلى غرفتها
أمسك هاتفه وقام الأتصال بنهى
كانت تجلس تبكي بصمت، لا تعلم كيف وصل الأمر لولدها لهذا الحد، قاطعها رنين هاتفها
ضيقت عيناها عندما وجدت اسم جواد، رفعت الهاتف سريعا للرد
- أيوة ياحضرة اللوا
- نهى اسمعيني كويس واعملي اللي هقوله لك بالحرف الواحد
عند عز.

أفاق من حلمه على صوت أحد العاملين بالحديقة، ظل يبحث عنهاوجد نفسه مازال بالحديقة، تمنى لو حلمه أصبح حقيقة لظل يشبع نظراته بها، يضمها لأحضانه حتى يبرد لهيب احتراقه
نظر إليه الرجل مردفا
- ايه اللي نومك يابني كدا في البرد، وايه الجروح دي ياحبيبي، عايز مساعدة
هز رأسه برفض ثم.

نهض متجها للسيارته التي تبعد عدة كليو مترات، كان فاقدا القدرة على الحركة أو الحديث، وصل لسيارته جسدا مهلك ومحطم دواخله بالكامل، استقل سيارته عائدا لمنزله وشيئا واحدا سيفعله
بمزرعة على طريق مصر اسكندرية
استيقظ على رنين هاتفه، امسكه ليقوم بالأيجاب ومازال نائما
- ايوة ياعثمان، هب معتدلا على فراشه
وتسائل بصراخ
- مين اللي عمل كدا وجواد عرف ولا لسه
أجابه عثمان على الجهة الأخرى.

- منعرفش بس ريان المنشاوي مقوم الدنيا حريقة في أمن القاهرة بيقول إن ابنه اللي كان مقصود، والطلقة جت في بنت جواد
يانهارد اسود عليك ياجواد، اكيد طبعا غنى مش رُبى بدل الموضوع يخص ابن ريان.
هبطت للأسفل وجدته يتحدث بهاتفه، عاري الصدري لم يرتدي سوى بنطال، شعرت بتذبذب داخلي. تمنت لتلقي نفسها بأحضانه ولكنها تذكرت مافعله بها، جلست بمقابلته، رمقها بنظرة جانبية واردف إلى عثمان.

- فيه ناس ميعرفوش حاجة عن الدين عندهم الدم زي المية
المهم هجهز وأنزل لجواد هو في مشفى القوات المسلحة ولا، قاطعه عثمان مردفا لا هو في مشفى الخاص تبع ريان المنشاوي
تمام ساعتين وهكون هناك، وانت كثف البحث وشوف الكاميرات وهاتلي الحيوان اللي قدر يقرب من عرين المنشاوي
انهى مكالمته ونهض متجها للمرحاض
اقتربت منه تصرخ بوجهه
- هتفضل حابسني لحد إمتى ممكن اعرف.

مط شفتيه ينظر إليها بتسلي، كانت امامه كقطة شرسة غضبها يروقه كثيرا
جذبها بقوة حتى ارتطدمت بصدره العريض، ينظر لمقلتيها
- وقت مايجي لي مزاج همشيك ياقلبي. تمام ياقطة ياللي عايزة اكلك حالا، قالها وهو يداعب انفها
لكمته بصدره فكان كالحائط لم يتحرك انش واحدا.
رائحته غلفت جسدها بالكامل. جعل صدرها يعلو ويهبط وبدأت دفعه بقوة واهية.

اقترب منها ملتقطا قبلة طويلة من ثغرها تغدغ جسدها فكان بارعا حتى جعل كل جوارحها تنتشي بقربه، فصل قبلته وهو يوزع نظراته على وجهها الجميل، فكانت مغمضة العينين تستند بجسدها عليه. اخرجه من تأمله عندما تذكر ابنه وزوجته اللذان دفعوا تمنا حياتهما بسبب اباها المنحل، دفعها بقوة حتى سقطت على الارضية وأشار بسباته ثم اردف بغضب.

- إياك تقربي مني تاني سمعتي. قالها متجها للمرحاض الذي دفع بابه بغضب ليهتز جدران المنزل مماجعلها تفزع بجلوسها
جلست تبكي وتصيح به
- بكرهك ياباسم ربنا ينتقم منك
بفيلا عمر المصري
تتسطح على فراشها وضحكات مرتفعة. تتلاعب بخصلاتها وتردف:
- اهي راحت في داهية من غير حتى مااعمل اللي كنت ناويله ياديما
أجابتها صديقتها على الجهة الأخرى.

- ماسة بلاش حبيبتي اللي بتفكري فيه، متنسيش إن حضرة اللوا دا صديق لبابا يعني ممكن باباكي يعرف
مطت شفتيه مع تقويس فمها وأردفت بسخرية
- طيب ماأنا بعت الصور لمراته ومعرفش كنت عايزة اضرب على الحديد وهو سخن وأصورها وهي بأحضانه، وابعتهاله واعرفه أد إيه إنها واطية وبتحب واحد أد أبوها بس للاسف راح خطبها الغبي وملحقتش أعمل حاجة، بس وحياتك ياديمة لأخليه يرميها...
علي الجانب الأخر.

- ماسة بلاش اللي ناوية تعميله متسمعيش كلام شهندة هي مبتحبكيش، أسمعي مني بيجاد لو عرف ممكن يموتك
- أوف ياديمة معرفش ليه دايما تخليني أحس بالعجز على العموم دلوقتي مفيش حاجة بإيدي هي في المستشفى انضربت بالنار عقبال ماأسمع خبر موتها
زفرت صديقتها بحزن عليها
- ليه بس تدعي عليها. على العموم أنا هقفل علشان أروح اجيب ذياد من الجاردن سلام
بالمشفى.

دلف بيجاد إليها مازالت بين اليقظة والنوم. كان جاسر يجلس بجوارها ممسكا بكفيها واثار دموعه على وجنتيه
ربت بيجاد على كتفيه وهو ينظر إليها
- هتخف إن شاء الله، الدكتور هيكون خلال يومين هنا مع إني مش موافق ان العملية تكون هنا، كان نفسى تسافر برة
نهض جاسر من مكانه واهتزت حدقتيه
- ليه هو ممكن يكون هنا فيه خطر عليها
جلس بيجاد بجوارها يمسد على وجنتيها مقبُلا يديها
- معرفش، لكن برة أفضل إمكانيات اعلى دا قصدي.

بنفس ملامحه الهادئة ونبرته المتزنة أجابه
- كل حاجة قدر ياجاد مفيش حاجة إسمها أمكانيات فيه حاجة إسمها قدر ومكتوب
وعندي ثقة بربنا إنه ينجيها إن شاء الله
دلف جواد يناظر ابنته النائمة
- جاسر تعالى عايزك، أومأ لوالده وخرج دون حديث
اتجه بيجاد إليها بنظراته، نزل برأسه يضعها بالقرب من أنفاسها
- تعرفي أنا غبي زي مابتقولي، لا مش غبي بس ومغرور كمان، انسدلت دمعة خائنة من عينيه ثم أخذ نفسا وزفره ببطئ.

عارف إني بحبك وبكابر نفسي. ممكن أكون كنت متذبذب شوية ومعرفتش أفهم إحساسي علشان مفيش بنت حركت مشاعري لحد ماقبلتك، حتى مكنتش متأكد منك، بس اتشديت ليكِ جدا
رفع يديه ووضعها على وجنتيه
- موضوع جوازنا دا أكتر حاجة اسعدتني وبحمد ربنا عليها، غنى أنا بحبك أوي عايزك تحاربي علشاني...
قبّل وجنتيها، فتحت عيناها تنظر لقربه منها ثم أردفت بصوتا ضعيف
-بيجاد أنا حلمت حلم
اعتدل يبتسم لها، ممسكا يديها يقبّلها.

حلمتي بإيه ياحبيبة بيجاد قالها وهو يمسد على وجنتيها
- حلمت إن طنط غزل بتحضني وبتعيط أوي وتقولي مستحيل أسيبك تروحي بعيد عني
كلماتها جعلت قلبه يأن وجعا. لا يعلم كيف سيخبرها الحقيقة، ولكن مهلا لتصل مرحلة شفاؤها اولا
اقترب يهمس أمام شفتيها عله ينسيها حلمها وأردف بشقاوة
- محلمتيش بحبيبك ياغنايا، رايحة تحلمي بطنط غزل، أنا زعلان ولازم تصالحيني، ولا اقولك روحي احلمي بيا. ومش اي حلم لازم تحلمي بيا وأنا بتشقى.

تبسمت له بحب ثم تذكرت شيئا
-مين اللي كان عايز يقتلك يابيجاد. عملت ايه يخليهم يفكروا يؤذوك كدا
اقترب اكثر وهمس
- يمكن شافوني بتعذب منك وحبوا يريحوني
- بعد الشر عليك، ليه بتقول كدا، وايه اللي معذبك
لمس ثغرها وأشار
- دي اللي معذباني ومطيرة النوم من عيني، ونفسي ادوقها أوي. حرماني كدا
ضحكت ضحكة بوجع
واردفت
- من أول ماشفتك وقولت مستحيل تكون مؤدب على طول منحرف
لمس خديها واردف.

- غِنى إنت بتحبيني مش كدا. يعني حاسة بحبي ليكِ
تبسمت له بخجل وذهبت بأنظارها بعيد
-عمو جواد كان هنا صح، ولا كنت بحلم
دنى ينظر إلى مقلتيها
-اه كان هنا، واتكلم معاكي كمان، بس أنتِ قولتيله انا بحب بيجاد اوي، فهو بعتني لعند مراتي. مش أنتِ بتحبيني ياغنايا زي ماانا بعشقك
طالعته بعينان عاشقه
- لما أقوم بالسلامة هعرفك أد إيه بحبك، رجفة إصابته مبتسما فدنى يطبع قبلة سطحية على ثغرها
- انا عايزك تقومي حالا.

- ابتسمت وتحدثت
- طول عمرك منحر. ف يابيجاد
اقترب وهو يقهقه عليها.
- حتى وانتِ عيانة لسانك طويل
يخربيت تقل دمك يابيجاد مش قادرة اتكلم
لم تكمل حديثها وضحكتها التي اسعدته
فالتقط ثغرها بقبلة ناعمة حتى يريح قلبه من عذاب مرضها، ورغم قُبلته لها إلا أن انسدلت دموعه رغم عنه جعله ينهض سريعا متجها للخارج دون حديث
بالخارج ضم جواد أكتاف جاسر.

- هتروح مع ريان وتعرف مين اللي حاول يقتل ابنه وإياك ياجاسر تتهور، باسم شوية وهيقابلك على هناك...
رفع ذقنه ينظر لمقلتيه
متتحركش من غير ماتعرّف باسم متخلنيش أندم إني اعتمدت عليك، عايز افتخر بيك، وجواد معاكم كمان تسمع كلامهم ياجاسر
هز رأسه رافضا حديث والده
- آسف يابابا اللي بتفكر فيه دا مستحيل
صفعه جواد بخفة وتحدث.

- واللي بفكر فيه هو اللي هيتعمل ياجاسر. ياله إلحق ريان هو راح مديرية الأمن. ووصل لبعض الأشخاص. خليك معاه خطوة بخطوة
اتجه الى بيجاد الذي خرج سريعا متجها للخارج بدموعه التي تغرق وجهه، تحرك سريعا لغرفة غِنى عندما شعر بشيئا ما قد أصابها بعدما قام بمنادته ولكنه خرج ولم يلتفت اليه
دلف سريعا وتكاد أنفاسه تنحبس داخل صدره ويشعر بالاختناق
وقف أمام فراشها وهو يتنهد بوجع عندما وجد نظراتها المستفهمة.

- معرفش إيه اللي حصل. ضيقت عيناها وتسائلت
- هو بابا وماما فين ليه مشفتهمش لحد دلوقتي، محدش قالهم
تسائلت بها غنى، دلفت الممرضة تتحدث
- لو سمحت ياحضرة اللوا، جه وقت الحقن بتاعة آنسة غنى
اتجهت متحركة إليها لتنفيذ أوامر الطبيب
اوقفها بيديه
- اخرجي دلوقتي وبعدين هبعتلك. قالها عندما شعر برجفة أصابت جسده حينما أحس أنه لم يستطع لمسها بعد ذاك
خطى إلى أن وصل إليها وجلس أمامها.

- الدكتور طارق عنده عمليات والدكتورة تهاني دخلتلك كذا مرة وإنتِ نايمة
رفع يديها يقبّلها، شعر بوخز قلبه وقال بألم: ممكن تخلي عمو جواد ياخدك في حضنه شوية. لو مزهقتيش منه
لم تستطع كبت دمعة عيناها، وبصعوبة تحدثت.

- لو قولتلك نفسي أنام في حضنك بس خوفت تفهمني غلط، وخوفت أن بيجاد يزعل مني، وكمان ابن حضرتك زعلان مني اوي، مع اني رحت علشان اصالحه بس هو رفض يقابلني. تبدلت ملامحها الحزينة إلى أخرى متألمة عندما حاولت الأعتدال
نهض سريعا يجلس خلفها يضمها لصدره وشهقة وجع خرجت من أعماقه وهو يضمها بقوة عندما شعر بدموعها تنسدل على خديها وتتحدث.

- والله ماقصدي أزعل حد فيكم لا إنت ولاهو بس بجد في حضنك بس بحاجة غريبة. استدارت بوجهها تنظر لوجهه القريب منها
- هتصدقني لو قولتلك مفيش بنت تتمنى من راجل تاني إنه يكون أبوها. أنا بابا مش وحش بس، صمتت ولم تعرف ماذا تكمل
أغمضت عيناها.

- أنا مش وحشة أنا تعبانة أوي ياعمو والله تعبانة ومعرفش تعبي من إيه، كل اللي عايزاه أن محدش يزعل مني لما أنام في حضنك ومحدش يزعل مني لما أقول إني بحبك أوي، والله مااقصد اخطفك من مراتك ولا اوجع قلب بيجاد وجاسر
حاولت التنفس عندما شعرت بإنسحاب الهواء من حولها وتحدثت بصوتا متقطع
يارب أموت ولا حد يزعل مني، أنا بحب بيجاد اوي وهيزعل لو دخل ولقاني كدا، وممكن طنط غزل تكرهني أوي.

آهة صارخة خرجت من جوفه بالحسرة وهو يضمها بقوة لأحضانه مما جعلها تتألم من أصابتها، قبّل رأسها. نزع البونيه الخاص بالمشفى، وظل يقبل خصلاتها
- انت مسمحولك تعملي اللي عايزاه، وملكيش دعوة بأي حد والولد بيجاد دا خليه بس يقولك حاجة وأنا أفعصه برجلي
وضعت رأسها على صدره مردفة
- لا متزعلوش، هو بيحبك أوي، بس جاسر إبنك دا لسانه طويل أوي قالتها بإبتسامة.

- دا رزعنى حتة قلم ياعمو لسة معلم لحد دلوقتي، ضحكت ضحكة بسيطة وأكملت
بس تعرف حبيته أوي وحبيت غيرته على مامته وحسيته كدا مفيش منه خالص. استدارت برأسها تنظر له
- اقولك حاجه بس متقولش لحد، أنا غيرت عليه من يُمنى صاحبتي، كان بينهم نظرات كدا كنت بضايق أوي وكان نفسي أضربه واقوله البنت دي متنفعكش، لكن الحمد لله جت من عندها واتخطبت لواحد تاني.

ابتسم بحب لأبنته التي تشبه والدتها كثيرا. ليس شبها فقط شكلا وأنما تشبهها بكل شيئا
ذهبت بنوما عميق في أحضانه
خرجت نهى وغزل من باب المنزل بعدما اتجهت نهى إليها تفعل كما طلب منها جواد
خرجوا متجهين للسيارة، توقفوا عندما وجدوا دلوف سيارة عز إلى الحديقة
اتجهت نهى سريعا إليه وهي تصرخ بوجهه عندما ترجل من سيارته
- لسة بدري يامحترم. كنت فين ياحيوان.

- نظر إليهم وهو يكاد يقف بسبب شعوره بدوران انتابه من شعوره بالمرض
أطبق على جفنيه أخرج صوته بصعوبة
- آسف ياماما. كنت. توقف عن الحديث عندما تلقى صفعة على وجنتيه مما اذهل غزل جعلها تضع يديها على فاهها من الصدمة
دفعتها بقوة بعيدا عنه حينما وجدت ذهوله ودموعه التي أغرقت وجهه، صرخت نهى بوجهه
- ابعدي ياغزل، الحقير واطى راسنا. ازاي هنقدر نوقف قدام عمه وبنته. أنا مربية حيوان في بيتي.

تلفتت غزل حولها حتى ترى احدا إستمع لحديثها وجدت إبنتها تقف خلف الستارة تنظر إليهما وتضع يديها على فمها وتبدو إنها تبكي
دفعت نهى تضم عز لاحضانها
- ابعدي يانهى عن الولد مالكيش دعوة بيه إنتِ مش شايفة حالته، رفعت وجهه بين راحتيها
- زيزو حبيبي إيه اللي عمل فيك كدا، ياخبر جسمك سخن أوي، قالتها غزل بحزن
أنزل يدي غزل بهدوء وقبّلها مردفا.

- أنا آسف والله ماكان قصدي والله ياطنط ماكان قصدي أنا مش حيوان زي ماما ما بتقول معرفش عملت كدا إزاي. أنا أفديها بعمري، ارجوكي سامحيني، رفع نظره إليها ونظر الى غرفتها
- وخليها تسامحني مع إني عارف إنه صعب أوي إنها تسامحني، أنا هريحها وأريحكم كلكم. قالها متحركا إلى منزله
- هريحكم كلكم
توقف عندما اردفت نهى.

- روح خد شاور وفوق وألحقنا على المستشفى أبوك من إمبارح محجوز هناك ومعرفش ماله ياكبيره. قالتها بغضب متجه لسيارتها
توسعت عيناه مما استمع ثم اتجه
ورفع نظره لغزل وتسائل بعيناه
أومأت برأسها وتحدثت
- هو كويس متقلقش، ، إحنا رايحين دلوقتي وإنت خد مسكن ضروري و الحقنا وفوق، تحركت حتى وصلت إليه ونظرت داخل مقلتيه.

- انسى اللي حصل حاليا ياعز علشان الموضوع لو تعرف من عمك صدقني معرفش ردة فعله ايه، ربتت على كتفه وحثته على الحركة، ثم قامت الأتصال على ابنتها
- إنزلي ادي ابن عمك حقنة مضاد حيوي. جسمه سخن ممكن تقلب عنده بحمى، وياريت تعملي اللي بقولك عليه من غير مااسمع صوتك.

بعد قليل اتجهت إلى ياسين واردفت
- ياسين تعالى معايا علشان ادي عِز حقنة ماما اتصلت بيا وطلبت مني كدا، ومفيش حد هناك
نهض من فراشه يرتدي جاكتيه وهو يقاوم النعاس
- ياله حبيبتي انا مقتول نوم وعايز انام
وصل إلى منزل صهيب وجسدها يرتعش كلما تذكرت الأمس، قابلتهم جنى تنظر اليهم بتسائل
ابعتي لعز ياجنى. علشان ياخد الحقنة وأنا هنام هنا شوية، قالها ياسين عندما اتجه للاريكة يلقي نفسه عليها.

اتجه للأسفل وهو جاهزا للخروج
تسّمر بوقفته عندما وجدها تجلس بجوار جنى وياسين. احست بوجوده بعدما اشتمت رائحته. رفعت نظرها إليه وتقابلت النظرات
أتعلم إنني افتقدك كثيرا، أشتقت لك بحجم الألم الذي سكن قلبي من وجعك
ناظرته وتحدثت
لم أنسى تلك اللحظة تحديدًا التي اخترتُ فيها الصمت بدلًا من إخباري أنك متمسك بي حد الموت. اشعر بالحزن لأنك لم تَعُد أنت.
أجابها مرة اخرى بنظراته.

و إن سألوكِ عني قُولي لهم خيب ظني بكل الطرق، إلى أن كرهته
بنت قلبي.
‏احبك وكأني أرى فيكي قوتي عند ضعفي
‏وابتسامتي عند حزني وكل العالم في وحدتي...
اجابته
- لم تعد الحياة حياة لي دونك. فياأياما تنسى أوجاعنا
ورغم ما تحدثت به نظراته إلا عندما اقترب منها شعرت بإحتراق قلبها. وهزة عنيفة اصابت جسدها بالخوف منه، تحركت سريعا متجه لجلوس ياسين الذي غفى متهالكا على المقعد، صرخت باسمه حينما وصل عز بجوار.

- ياسين نادته بقوة صوتها بالكامل
قالتها عندما توقف خلفها وشعرت بأنفاسه وحاوطت رائحته رئتيها تلك الرائحة التي تستولى على جسدها منذ الأمس
اهتز جسده وشعر بأسهم نارية تخترق قلبه عندما أسرعت تستنجد بأخيها، نيران بل ألم مزق جسده لأشلاء
جلس على المقعد دون حديث، عندما هب ياسين فزعا من صوتها
- إيه فيه إيه
كانت تقف بجوارها، انسدلت دموعها على حالها وحال اخيها الذي وصل اليه
بعد قليل وصلت غزل ونهى إلى المشفى.

توقفت أمام صهيب الذي يجلس امام الغرفة بجواره أوس وبيجاد وبالمقابل تهاني
تبحث عن جواد، وصدمة تبعها ذهول على وجهها وأردفت بتقطع
- صهيب فين جواد، وإنت إزاي وهو مين اللي، بدأت تتخبط بكلماته وعيناها تبحث بتشتت، جحظت عيناها وتسائلت
- جاسر فين جاسر لا، هزت رأسها وصاحت ابني فين. استدارت لنهى وأردفت.

- انتوا مخبين عليا إيه، لم يكن عقلها يجمع ماصار، اخوك فين ياأوس، فين جاسر، فجأة شُل لسانها عندما وجدت جاسر يهرول إليهم، وتورم عينين بيجاد وشهقات تهاني
رجعت عدة خطوات للخلف
- هو مين اللي تعبان، لا محدش يقولي اللي بفكر فيه صح، غِني. لا غِنى لا. تعبانة إزاي شوية برد صح هي قالت كدا، ظلت تتمتم بحديثها كالمعتوه.
أسرعت تقف أمام بيجاد الذي انسدلت دموعه بصمت وينظر في اللاشئ
-حبيبي إنت أكيد مش هتخبي عليا صح.

غنى عندها برد ولا أيه الموضوع
امتقع لونها بشدة وانسحبت الدماء من اوردتها وتبدل توهج بشرتها إلى شحوب وشعور بالدوران يروادها عندما تذكرت مكالمة ريان ونزولهم سريعا
هوت على المقعد ورجفة بجسدها وعينان تغشاها الدموع
- بنتي فيها إيه ياصهيب اللي يخليكم تعملوا لعبة كدا
وصل جاسر يضمها لأحضانه.

- ماما حبيبتي غِنى هتخف، عايزك قوية زي مااتعودت منك. هتعمل العملية والعملية هتنجح حبيبتي صدقيني، أنا عملت التحاليل وكل حاجة تمام، ياله ياماما شدي حيلك، جه الوقت اللي تبيني إنك الدكتورة غزل الألفي القوية اللي قدرت تنقذ بنتها من الموت
بملامح وجه شاحبة، وشعور بوخز بقلبها
رددت موت، بنتي بتموت، ليه عندها اي
ثم توقف لسانها وتشنج كامل بجسدها عندما أعادت حديث إبنها
- أنا اعمل عملية لبنتي. ليه هي عندها إيه.

نهضت تنظر بدموع ألم، دموع أبت التوقف عن صدمات القدر التي دائما يصفعها دون رحمة...
امسكت بيد صهيب الذي يهرب بنظراته عن نظرها
- طول عمرك حنين معايا ياصهيب. صح فاكر أيام زمان. لما كنت بتفهمني من نظرة. ادارت وجهه وصرخت بإنهيار قلب أم فقدت أعز مالديها، ثم أشارت على جاسر
- فهمني الكلام اللي بيقوله جاسر، قولي إنكِ غبية وفهمتي غلط
وصلت مليكة وحازم تسرع إليها تتلاقها بأحضانها.

- غزل حبيبتي كله هيهون ياقلبي. كله هيعدي إن شاء الله وتفرحي بيها
هزت رأسها برفض عن ماتوقعته، رجعت عدة خطوات للخلف وهي تهز رأسها بهستريا. لا مستحيل، ضمها حازم بقوة لأحضانه
- غزل فوقي حبيبتي بنتك محتاجكي. إحنا بنستنى اليوم دا من زمان وأهي رجعت. نحمد ربنا...
وضع وجهها بين راحتيه وعبراتها تغسل وجهها كالشلال وتهز رأسها
- فين جواد، أنا عايزة جواد. جوزي فين ياحازم
رفع حازم نظره وتسائل
- جواد فين؟

أغمض صهيب عيناه بألما وهو يجلس على المقعد كان يعلم وقت المعرفة سيكون صعب على كليهما
جلس واضعا رأسه بين يديه ودموعه تنذرف بقوة على أخيه وزوجته اللذان عانوا اكثر مماعاشوا
نظرت غزل لأنظار صهيب على الغرفة التي توضع بها ابنتها، ركضت سريعا ودقات قلبها تتقاذف بعنف، تسمرت بمكانها عندما وجدت جواد يجلس يضمها لأحضانه كطفلة في الخامس من عمرها
ارتجف جسدها بشدة وهي تهز رأسها
- مستحيل، لا مستحيل، والله كدا كتير.

اطبق جفنيه وألما يشق صدره لنصفين، كان يعرف الأمر صعب ومؤلما على كلاهما، وضع ابنته بهدوء على فراشها
ونهض سريعا إليها عندما رأى إنهيارها
نزلت بساقين مرتعشة وهي تبكي بنشيج وجسدها يرتعش، دلف أولادها
جاسر وأوس إلى الغرفة يحاولون إسنادها
- ماما حبيبتي قومي متعمليش كدا، إن شاء الله هتقوم بالسلامة
ضمها أوس وبكى بإنهيار تام عندما وجد حالة والديه
- ماما حبيبتي قومي معانا، ياله حبيبتي.

تنظر لجواد فقط الذي نهض متجها إليها، تقابلت نظراتهما بألم وتنهيدات منحسرة على ماوصلوا إليه
جلس أمامها وجذبها من أحضان أوس
- قومي يازوزو، قومي حبيبتي بنتنا محتاجكي ياقلبي، مش وقت ضعف ابدا ياغزل، عدى علينا أكتر من كدا. والحمد لله على مااصابنا
نهض يجذبها بين ذراعيه. ينظر لأولاده
هاتوا ياسين وربى لازم كلكم تكونوا جنب اختكم مشوفش دموع حد فيكم...
ثم اكمل مفسرا.

- اكيد ربنا له حكمة في كدا، منقدرش نعترض على قضاء ربنا، سامعين. ولادي مش ضعفا ابدا. ولاد جواد الألفي لازم يكون اقوياء ويسندوا بعض، زي ماكنت أنا واخواتي لازم تكونوا كدا. إحنا مش جبناكم على الدنيا دي علشان نضعف بيكم
هز رأسه وهو يضم زوجته بين احضانه واكمل مستطردا
- جبناكم علشان نقوى بيكم وقت ضعفنا. واحنا دلوقتي ضعاف وعايزين اللي يقوينا
أشار بيديه على فراش غنى.

- دي عايزة قوتكم كلكم. عايزاكم جنبها زي شبكة العنكبوت، مستحيل تغيب عنكم لحظة. علمناكم الاحتواء والحب والحنان. عايزينه دلوقتي محتاجينه منكم علشان دي، أنا معرفش حياتها كانت إزاي ومهما كانت حياتها لازم نتقبلها
رفع نظره لجاسر وأردف
- خصوصا منك ياحضرة الضابط. سمعتني كان نفسي تكون أكتر واحد تكون حنين عليها
اتجه أوس إليها لأول مرة ليراها. ذهل عندما تذكرها. إستدار لوالده.

- البنت دي في الجامعة بتاعتي صح. ايوة اتقابلنا واتخنقت معايا، قاطعه جواد بصراخ ونظر اليه شرزا
- اسمها اختي. غنى جواد الألفي ياباشمهندس، مسمهاش البنت دي، سمعتني وياله روحوا هاتوا اخواتكم ولا كلموا ياسين يجيب ربى ويجي. عايز ربى خلال نص ساعة تكون قدامي
بعد فترة
كانت تضع رأسها داخل أحضانه وتبكي بنشيج عندما علمت بمرضها، ربت على ظهرها بحنان
- زوزو حبيبتي معقولة إيمانك ضعيف كدا
رفع وجهها ينظر لمقلتيها.

- التحاليل فيها إيه ياغزل، ليه من ساعة ماشوفتيها وانهرتي اكتر، متخبيش عليا حاجة
هزت رأسها وفرت دمعة من عينيها تسيل فوق وجنتها ببطئ وضعت كفها المرتعش على وجنتيها لتزيلها. قبّلها جواد مبتلعا دمعاتها وهو يضمها لأحضانه
- ريحي قلبي ياغزل لو سمحت. اديني أمل حتى لو بسيط
طافت عيناها على ملامحه ورفعت يديها على وجهه. هو اللي بيحصل دا طبيعي ياجواد، قولي وفهمني بالراحة كدا. فيه أم تتحمل اللي أنا فيه دا.

ضمها بقوة إلى صدره وهو يهز رأسه بيقين
- فيه ياقلبي فيه الست المؤمنة بقضاء ربنا. أنا راضي يازوزو بكل اللي يحصل. حتى لو، صمت لحظات ثم اردف
حتى لو ربنا مااردش إنها تعيش في حياتنا ماهي مش هتغلى على ربنا ياغزل مش كدا ولا إيه، قالها بقلب أب مرتجف عله يداوي زوجته من آلامها وجراح قلبها.

وطأت رأسها للاسفل بحزن
- البنت كانت بتاخد علاج قوي من فترة اتجهوا لحاجة غير الكيماوي. يعني مسكنات بس. معرفش إزاي طارق يعمل حاجه زي دي.
تنهدت ثم استطردت
- المسكنات دي مبقتش بتأثر. حبيبتي يابنتي شكلها كانت بتعاني اوي.
تنهدت وسحبت هواء لعلها تتنفس عندما شعرت بالأختناق.

-البنت لازم تاخد فترة كيماوي ياجواد. وبعد كدا تعمل العملية. واللي مخوفني إنها مش صغيرة. نسبة النجاح فيها عالية للاطفال جدا. أنا مقدرش اجازف واقولك نسبة النجاح عالية. بس اللي متاكدة منه
لازم نتخلص من الخلايا الخبيثة بالكيماوي وبعد كدا نتجه للعملية، وعندي يقين بربنا أنها تعدي الكيماوي بخير
اغروقت مقلتيه بالدموع والحزن على فلذة كبده عندما أدرك ماتجتازه طفلته. نهض من مكانه وتحدث إليها.

جهزي البيت ياغزل أنا هاخدها من المستشفى مستحيل اخليها ساعة واحدة هنا أنا مكنتش بطلب منك تكوني دكتور علشان اخلي بنتي طول عمرها بالمستشفيات، قالها وخطى متحركا للداخل، اوقفته عندما أمسكت يديه
بكرة هنخرجها بكرة. ثم نظرت اليه
- جواد رايح فين، تسائلت بها غزل
- رايح لريان، لازم اتكلم معاه علشان بيجاد، مينفعش يكمل في الجوازة دي
نظرت إليه بصدمة، ظلت تناظره مدهوشة
- اوعى تعمل كدا ياجواد
هز رأسه واردف بجدية.

- لازم أقوله كدا. مش عايز يجي وقت وبنتي تموت من بعده وقت مايزهق ولما يشوف شكلها بعد الكيماوي، أنا مش عايز بنتي تتوجع أكتر من وجع مرضها ياغزل. لازم اتكلم معاه
جذبته من مرفقيه وأوقفته
- بالعكس بيجاد هو الوحيد اللي ممكن يخلي عندها أمل في الحياة. هي اعترفتلي إنها بتحبه. وطبعا مش محتاج أقولك هو بيحبها أد ايه
تحرك مغادرا
- لازم اتكلم معاه علشان بعد كدا لو حصل حاجه اعرف احاسبه
وصل سيف وميرنا في تلك اللحظة.

ضمه جواد بإشتياق
- حمدالله على سلامتك حبيبي
إيه اللي سمعناه دا ياجواد. لقيت غنى وطلعت مريضة
ربت على كتفه هتكون كويسة، روحو لغزل محتاجكم ياسيف
بالفيلا تجهز سريعا متجها للخارج، تسمر بوقفته عندما وجدها تخرج متجه مع ياسين للمغادرة، تذكر عندما كانت تعطيه العلاج وجسدها يرتعش خوفا منه. ظل يناظرها. أشار ياسين لعز الذي وقف أمام سيارته ينظر إليها
خطى بخطوات بطيئة كأنه يخطو فوق جراح قلبه. حتى وصل اليهما.

لم يقو على رفع إنظاره إليها نظر لياسين وتسائل
- رايحين فين ياياسين
ظلت على صمتها تحاول تنظيم دقاتها الهادرة وانفاسها السريعة عندما وجدته بهيئته التي ظهر بها من جرح برأسه ويديه الملفوف بالشاش عندما دققت النظر إليه، تمنت لو تبرد نار قلبها وتنظر لعيناه ولكن كيف لها بعدما جرح كبريائها وقتل برائتها واستباح انوثتها
تصاعد الغضب بداخلها حتى أعماها فلم تتمالك نفسها اذ قالت بصراخ.

- ياسين هتمشي ولا أنزل أخد تاكسي
قالتها وهي تنظر لذاك الواقف نظرات جحيمية تتمنى اختناقه عندما وقف يتحدث لياسين و لم يعيرها اهتمام
التفت ياسين يطالعها مذهولا من ردة فعلها
- إيه ياروبي هناخد عز في طريقنا، ياله يازيزو تعالى ناخدك بدل ماتاخد عربية احنا رايحين المستشفى برضو
قام الاتصال بشخصا ما
- مرحبا هيلينا.
- اهلين بيجو، كيفك. اشتقتلك كتير
- أنا تمام. هبعتلك فستان عايزه بكرة
نفس التصميم
هبت واقف ورفعت صوتها.

- What do you say
زفر بضيق وتحدث
- ايه اللي مش مفهوم في كلامي. انت ديزينر وطالب فستان فرح. ايه الغريب اللي مش مفهوم
- تقصد إنك ستتزوج
مسح على وجهه من تلك الثرثارة واردف
- عايزه بكرة وتبعتيه مع ديزينر برفكت علشان لو فيه حاجة عايزة تتعدل
- وماذا عن مادلين، اتعرف إنك ستتزوج
حاول الضغط على اعصابه وفتح باب سيارته مردفا
- وهي مالها. بقولك عندي شغل هبعتلك عامر ياخد منك الفستان تمام. جود باي
وصل إلى باب المزرعة.

دلف كالثور الهائج ينظر اليهم بعيونا كنيران جهنم وأردف بصياح فكوهم
توقف المسؤل عن حمايتهم
- معندناش أوامر من الباشا يابيجاد بيه
- محسن صرخ بها بيجاد واردف بغضب
- قولت فكوهم
فرحت امل كثيرا
- شكرا كثيرا مسيو جاد، أي ان كان اسمك شكرا، قالتها بصوتا مرهق
ضحك ضحكات مرتفعة ونظر اليها بأشمئزاز وتحدث
- لا مدام أمل لسة الشكر جاي. اصبري مستعجلة ليه
نظر لمحسن المسؤل.

- قدامك خمس دقايق لو مفكتهمش هفرتك المسدس دا في دماغك وارتاح من قرفك انت كمان
أسرع محسن وبعض رجاله بفكهم، وخرجوا من البيت متجهين لباب خلفي للمزرعة خلف بيجاد الذي يسير نحو مكانا ما، توقف أمام قفصا من الحديد يبدو به اسدا، رجفت أجسادهم عندما استمعوا لزئير الأسد
نظر إليهم ورفع حاجبه وتحدث بانتشاء.

- الاسد جعان اوي بيرحب بيكم مش كدا ولا إيه يامحسن، قالها بيجاد وهو ينظر إليه شرزا عندما وجده يحادث احد بالهاتف
بالاسكندرية
كانت تجلس بجوار إبنها وتقوم بعمل كمادات مائية لأنخفاض درجة حرارته، استمعت لطلقات نارية بالخارج تحاوط الفيلا والأمن يحاول مقاومتهم
رفعت هاتفها سريعا وجسدها ينتفض من الرعب
- ريان إلحقنا في ضرب نار برة، وياسمينا خرجت على الشاطى
هب ريان فزعا متجها للخارج.

- نغم خدي مالك واطلعي من الباب الخلفي، وانا هتصل بعمر وحمزة وياسمينا بسرعة مفيش وقت
خرج سريعا من مكتبه يحادث أمنه
- في عربية هتوصلكم حالا أنا عايزهم أحياء ياعمر سمعتني. اختك خلي بالك منها، ماما خرجت من الفيلا خلي حد موثوق فيه يخرجها للمطار فورا
بالمشفى
قبل قليل
وقف جواد أمام اخواته (سيف وصهيب وكذلك حازم) مفيش فايدة من قعدتكم هنا. هي بقت كويسة وهتخرج بكرة وغزل هتابعها في البيت. خدوا اولادكوا ورحوا.

سيف وميرنا وكمان حازم ومليكة شكلكم مرهق من السفر. روحوا علشان ترتاحوا
وأنا وغزل هنفضل معاها وكمان اخواتها كلهم هنا
هز صهيب رأسه رافضا
- مستحيل اسيبكم ولا دقيقة ريح نفسك وماتتكلم
هز صهيب رأسه رافضا
- مستحيل اسيبكم ولا دقيقة ريح نفسك وماتتكلمش كتير، اما سيف الذي نظر لبناته
- تمام ياجواد أنا هاخد البنات علشان يرتاحوا وميرنا لكن هرجعلك على طول أنا مش تعبان.

كان حازم يجلس بجوار غزل ويضمها من أكتافها رفع نظره لجواد
- لو شايف اننا منستهلش نكون معاك دلوقتي ياجواد. يبقى اعذرني يابني عمي لما اقولك مالناش لازمة لو موقفناش مع بعض في الأوقات اللي زي دي
نظر لمليكة وتقى ابنته
- قومي روحي علشان تقى متفضلش لوحدها. وزي ماقالك بكرة هنرجع كلنا
مسدت مليكة على ظهر غزل الراكدة بأحضان حازم
- مقدرش اسبها كدا ياحازم وأمشي.

وصل كلا من ربى وياسين وعز
الذي ينظر اليهم بذهول من تجمع العائلة بالكامل ووالده الذي يجلس بجوار عمه سيف. اسرعت ربى تلقي نفسها بأحضان والدها
- بابي حبيبي وحشتني أوي
قبل جبينها ضامما اياها لأحضانه مبتسما
- حبيبة بابي وإنتِ كمان وحشتيني أوي.
إنتِ كويسة حبيبة بابي
أومأت برأسها وتحدثت
- كويسة طول ماانتو جنبي ياحبيبي
ضمها وتحدث.

- عندي ليكي خبر هيسعدك أوي هنا رفعت نظرها لعز الذي ينظر لوالده بصمت وأسئلة ترواده من نظراته
نهضت سنا ابنة سيف واتجهت إليه تبتسم
- زيزو عامل إيه وحشتني أوي. زعلانة منك ماردتش على رسالتي...
هزة اصابتها بالكامل عندما علمت بهوية التي أرسلت الرسالة
أيعقل انها ابنة عمها سيف
هزت رأسها وهي تنظر إليها بغضب تود لو تجذبها من خصلاتها، ولكن قاطع تخيلاتها
. اتجاهه لوالده ووقف أمامه:.

- ايه اللي بيحصل بالضبط. رفع نظره لغزل التي بأحضان حازم ثم وزع نظراته على الجميع
- كلكم موجودين. والحمد لله بخير، . ممكن اعرف مالكم ومال طنط غزل
قاطعتهم الممرضة
- المريضة صحيت وعايزة الاستاذ بيجاد
استمع لرنين هاتفه، أجاب سريعا عندما علم بهوية المتصل
- ايوة يامحسن
- جواد باشا، الاستاذ بيجاد هنا وشكله مش ناوي على خير
-يعني ايه؟ تسائل بها جواد
جحظت عيناه مما استمع. ظل يسبه
اتجه لغزل.

- غزل هروح مشوار ادخلي وخلي بالك من غنى، وخلي تهاني تقعد معاها وتفهما كل حاجة، ارجع الاقي البنت عرفت الحقيقة، اينعم هتنصدم في الأول لكن لازم تعرف ياغزل فهمتيني
توجه بأنظاره للجميع
- أنا قولت كله يروح مش عايز حد هنا. غير ولادي وبس، صهيب انت بقالك كام يوم هنا لازم تروح ترتاح
وقف ياسين بجوار جاسر وهمس له
- جاسر البنت رافضة الأكل خالص وبتسأل عليك، كلمتني مليون مرة لما زهقت من تليفونك
ضيق عيناه وتسائل.

- ليه مش راضية تاكل.
رفع اكتافه مردفا
- معرفش، ممكن تروح عشر دقايق تشوفها وترجع قبل مابابا يجي
أومأ براسه متحركا للخارج
- خلي بالك من ماما. وانا عشر دقايق وراجع هي مش بعيدة من هنا. ثم ذهب بنظره لربى التي تجلس وكان نيران تخرج من مقلتيها بمقابلة سنا وهي تجاور عز وتتحدث معه. اتجه اليها وتحدث.

- لما بتحبيه اوي كدا، ليه شغل الاستعباط جتكم هم انتوا الاتنين والله شكلي هشربكم حاجة زي مابيجاد عمل مع غنى واجوزكم من ورا بعض، قالها ثم تحرك للخارج
وصل بعد قليل لمبنى في مكان يبدو عليه الرقي، فتح باب الشقة يبحث بنظره عليها
اتجهت العاملة التي تدعى بثريا
- اهلا حضرة الضابط
- فين فيروز، تسائل بها جاسر
تسائل بها جاسر. قاطع سؤاله أتصال جنى.

-ايوة ياجنجون. قالها وهو يغلق باب الشقة. بتعمل ايه ياجاسر وروحتوا فين كلكم
وعز راح فين جه لبس ومشي بسرعة هو انتو مخبين حاجة عني. تنهدت وأخرجت زفرة متألمة
-جاسر انا تعبانة ومفيش حد في الفيلتين، حتى ربى مشيت وسابتني، استمع الى تنهيدتها، ذهب ببصره لتلك التي تجلس ولم تنتبه إلى دخوله
تراجع خطوة للخلف وأكمل حديثه
-تمام ياجنى هتصل بعز واخليه يروح
-وانت فين. تسائلت بها جنى
دلف للداخل وهمس لها.

-هكلمك بعدين. قالها واغلق هاتفه
بالمشفى
كان يجلس يستمع بذهول مما تقوله زوجته
شعر وكأن دلو من الماء المثلج سقط فوق رأسه، ناهيك عن شعوره بالأختناق
نظر إليها بغضب
- ازاي عز يعمل كدا. مستحيل قولي حاجة غير كدا يانهى. هز رأسه كالمجنون
- ابني أنا يطلع حيوان وكان هيضيع بنت عمه، بكت بجواره بصوتا مرتفع...

انتزع يده من قبضتها بقوة والتفت يتحدث صارخا والدمع يقطر من مقلتيه، ويضرب على صدره عندما شعر باشتعال نيران صدره، اتجه كالمجنون للخارج.
وجده يجلس بجوار اوس وياسين.
صرخ باسمه عز زززز
نهض ينظر لوالده وعلم بالمواجهة المحتومة من هيئة والده التي ظهر بها
وقف صهيب أمامه واسودت عيناه عندما تذكر حديث زوجته، رفع يديه وقام بصفعه بقوة ارتد جسده من قوته.

تسمر جواد الذي وصل للتو عندما وجد اخيه يصفع ابنه، كانت صدمة تجتاحه بالكامل فظل ينظر لأخيه مدهوشا
ثم صرخ به: صهيب
اطبق عز جفنيه وتمنى بدل الصفعة رصاصة الرحمة للتخلص من تلك الحياة البائسة
خرجت غزل على أصوات الضوضاء بجوارها رُبى التي وقفت تنظر لعمها والغضب الذي تحكم به
امسكه صهيب يهزه بعنف
- معقول إنت ابني، صرخ به
- انت مين يلا?.

نظرت غزل إلى نهى التي تقف تبكي بدموع الوجع على ولدها، رفعت نظرها لغزل تهز رأسها: مقدرتش كان لازم يعرف
وزع جواد نظره بين صهيب الذي يراه لأول مرة بهذه الحالة وعز المستسلم لوالده دون حديث، اتجه متحركا إليه
فيه إيه اتجننت بتضرب ابنك قدام ولاد عمه الاصغر منه
دفعه صهيب وكأنه مرض مؤذي لجواد
- قول لعمك عملت إيه يامحترم. وخليه بعد كدا يوقف قدامي ويحامي لك.

اغتاظ جواد من أسلوب أخيه المستفز م سخريته ولكن سرعان ماتحول لذهول عندما اقتربت رُبى ووقفت بجوار عمها
- أنا هقولك إيه اللي حصل يابابا.
قبل ساعتين بفيلا صهيب
وصلت غزل أمام منزل صهيب. قابلت ياسين الذي وصل للتو
اتجه إليها بإشتياق
- ماما حمدالله على السلامة. وحشتيني أوي، رجعتوا إمتى وليه محدش كلمني
ملست على وجهه بحب أموي وتحدثت بإشتياق
- حبيبي وإنت كمان وحشتني. لسة واصلين حالا، إتجهت بنظرها لمنزل صهيب
- انت متعرفش إن عمو صهيب عمل حادثة
توسعت عيناه من الذهول وهز رأسه برفض
- لا محدش قالي لسة أول مرة أسمع منك.

ضمت ذراعيه متحركة للداخل بعدما تركها جواد حازم متجها للمشفى
- روح على الفيلا عندنا لحد ماأجيب روبي واحصلك
قبّل جبينها متجها لمنزله وهو يردف
- متتأخروش. ثم توقف ينظر لوالدته
- روبي كويسة مش كدا
هزت رأسها بالموافقة
- أيوة حبيبي كويسة، بتسأل ليه
معرفش ياماما بس عندي إحساس انها مش كويسة
ربتت على ظهره رغم إحساسها بما يقوله إلا أنها أردفت
- لا ياياسو هي كويسة حبيبي.

وصلت أمام فيلا صهيب بعدما تحرك ياسين لمنزلهم، قابلتها جنى
- انطي غزل حمدالله على السلامة. نظرت حولها علها تجد عمها
- هو عمو جواد فين
حاولت غزل السيطرةعلى نفسها أمامها حتى لا تعلم بما أصاب والدها، ضمتها لأحضانها
- عمو راح مشوار وجاي، فين مامي. والبت روبي وحشتني أوي
وقفت جنى تفرك بيديها وتنظر بمختلف الجهات بعيدا عن مرمى نظرها
رفعت غزل يديها تملس على خصلاتها
- حبيبتي بسألك عن ماما وروبي إيه ماسمعتيش.

أشارت جنى للأعلى
- في أوضتي فوق، روبي نايمة وماما جنبها، أومأت براسها متجهة سريعا للأعلى
استمعت نهى لطرقات خفيفة على باب الغرفة، أذنت بالدخول
- أسرعت غزل تضمها وهي تنظر لأبنتها النائمة بفراش جنى، وأثار دموعها على وجنتيها، اتجهت تجلس بجوارها
- لسة تعبانة يانهى، وكابوس إيه اللي رعبها أوي كدا.

تنهدت نهى تحاول أخذ نفسا تملأ رئتيها ثم زفرته ببطئ تنظر لغزل التي عيناها على أبنتها. تملس على وجهها وخصلاتها، توقفت عند شفتيها المجروحة، ضيقت عيناها. ثم اقتربت تنظر لأبنتها بذهول
- هي روبي تعبانة ولا إيه. قالتها وهي تنظر لنهى
هناك ألم قاسي ما إن يقف بين فمك وحنجرتك عندما لا تستطيع البوح به. فقط تشعر بالأختناق، هذا ماشعرت به نهى عندما شعرت بالعجز للبوح بما يؤلم صدرها.

أغمضت نهى عيناها وانسدلت دموعها على وجنتيها، ذُهلت غزل من حالتها
جلست أمامها تتمسك بيديها وتسائلت
- بتعيطي ليه يانهى بنتي مالها. هي واقعة ولا إيه، استيقظت رُبي بعدما استمعت لحديث والدتها
اعتدلت سريعا تلقي نفسها بأحضانها وتبكي بشهقات مرتفعة
-مامي. مامي خديني في حضنك ضميني أوي ياماما.

ذهول، ألم اجتاح جسد غزل من حالة ابنتها عندما افاقت من نومها، عيناها المتورمة. شفتها المجروحة. صدمة ذلذلت جسدها بالكامل بعدما رأت أثار عنقها
هزت رأسها وفقط مايحطم عقلها إبنتها تعرضت للأغتصاب من أحد الحيوانات الضارة التي لا تنتمي للبشر
ضمت وجهها تنظر بعيناها وتساقطت دموعها بغزارة وذبحة صدرية أصابتها
- حبيبتي إيه اللي حصل، مين اللي عمل فيكي، طبعت قبلة مطولة على جبينها عندما وجدتها، تصرخ.

- ماما أنا بموت، أنا اندبحت ياماما
قالتها بإنهيار تاما، صرخة من أعماق قلبها عندما تذكرت هجومه عليها وصراخه
أغمضت عيناها وإحساس عنيف يضاريها بقوة من آلامها التي أصبح عليها
ضمتها غزل لأحضانها تحاول أن تلملم شتات ابنتها وهيئتها المذبوحة التي لم تعلم كيف وصلت لتلك الحالة، شعرت برجفة بجسدها وهي تتخيل ماصار إليها، احست بأختناقها وهي تردف.
- مستحيل. آه ياربي، آه، ضمتها بقوة محاولة اطمئناتها.

- بابا يرجع ونشوف مين قدر يعمل في بنت جواد الألفي كدا
- عز قالتها نهى بصوتا باكي. رفعت نظرها لغزل المذهولة وأكملت
- ابن عمها اللي عمل كدا، حبيبها اللي عمل كدا ياغزل قالتها بقهر
هزت غزل رأسها برفض، توسعت عيناها مما استمعت، صمتت هنيهة تحاول إستيعاب ماسقط على أذنيها
- أكيد أنا فهمت غلط، لا مستحيل، عز
تسائلت بها بصدمة. أشارت لرُبى التي تبكي بقهر.

- عز اغتصب بنت عمه، هزت رُبى رأسها برفض وأردفت بصوتا متقطع
- لا ياماما. هو. هو قالتها بتاقطع ثم ألقت نفسها بأحضانها
أطبقت غزل جفنيها عندما علمت بما صار، ولكن كيف سيصمت جواد بعدما يعلم ما صار لأبنته
ضمت وجهها بعدما أخرجتها من أحضانها
- ليه عز يعمل كدا، احكي لمامي، ماهو مش معقول عز يعمل كدا، حاجة ماتدخلش العقل
أسبلت أهدابها متحاشية النظر لوالدتها
ماما عايزة اروح بيتنا.

هزت غزل رأسها عندما أيقنت أن أبنتها لها يد بما صار
اتجهت لنهى التي تجلس تضع رأسها على خديها وتبكي بصمت
- نهى خلاص إنسي أنا هعرف إزاي عز وصل لكدا، رفعت نهى نظرها
- أبوه ممكن يقتله ياغزل، صهيب لو عرف هيموته. أنا بحمد ربنا إنه مجاش من إمبارح، وكمان عز معرفش عنه حاجة وتليفونه هنا. أنا هموت من القلق عليه...
وضعت يديها على صدرها.

- متزعليش مني ياغزل بس دا إبني ومهما يعمل مااستحملش عليه الأذى، قالتها بصوتا باكي مرتفع
ضمتها غزل لأحضانها تربت على ظهرها...
- إن شاء الله حبيبتي كل هيكون كويس. رغم ألمها إلا انها اتجهت بنظرها لروبى التي تنظر بشرود لنقطة ما
- محدش هيعرف اللي حصل يانهى، والحمد لله صهيب معرفش لحد دلوقتي، هنا تذكرت حادثة صهيب، فنهضت وأوقفت أبنتها.

- اللي حصل بينا وبس لا جواد هيعرف ولا اي حد، وأنا هشوف عز فين هخلي جاسر يوصله
نهضت نهى تضمها
- شكرا ياغزل. شكرا إنك هتمنعي مواجهة عز بصهيب. دا رعبني ياغزل متزعليش مني
لكمتها غزل بخفة بصدرها رغم نيران صدرها ثم أردفت
- بتقولي إيه يانهى نسيتي عز بيكون لي إيه دا ابني أكتر ماهو ابنك. ومتنسيش دا تربية جواد مش صهيب. وإن كان عمل، توقفت عن الحديث تنظر لأبنتها. ثم نهضت متجهة لباب الغرفة وهي تضم رُبى.

- هنمشي علشان ياسين راجع من الكلية. واجهزي علشان ساعة كدا وهاخدك مشوار
ضيقت نهى عيناها وأردفت متسائلة
- رايحة فين وأنتِ لسة تعبانة، وبعدين فين جواد هو مش في البيت. إنت بتقولي ياسين بس
خرجت وتحدثت
- بعدين يانهى، لازم اروح حالا
بعد فترة تجلس مع إبنتها على فراشها
ابتلعت غصة من مظهر ابنتها ثم تسائلت
- سمعاكي ياروبي إحكي لمامي ليه عز عمل كدا، ماهو أنا هتجنن مش مصدقة دا واحد عاشق مستحيل يوجع حبيبته كدا.

- دا واحد خاين ياماما، واحد محبنيش والدليل اللي عمله دا، حضرتك ليه مش مصدقة
ذهبت غزل بذاكرتها لأكثر من عشرون عاما في ذاك اليوم الذي أخرجت جواد عن شعوره وتهجم عليها، كأن التاريخ يعيد نفسه اليوم. أستدارت لأبنتها وتسائلت.

- اتكلمتي مع عِز في إيه خلتيه يخرج عن شعوره وبلاش كلامك اللي يزعل بأنه خاين، عِز مستحيل يخون سمعاني. لو الناس كلها قالتلي خاين هقول لا، ياله احكي قولتيله إيه خلتيه يصل لدرجة الحيونة كدا
وضعت يديها على وجهها وهي تبكي بنشيج، تنتابها حالة من الوحشة والأفتقار والخوف عليه، هي أضعف أن تقاوم ضجيج قلبها، صدرها يعلو ويهبط عندما تشعر بفقدانه
اتجهت لوالدتها تنظر إليها نظرة غريق.

- أنا خايفة عليه ياماما وعايزة أطمن مش حضرتك قولتي هتخلي جاسر يوصله، ليه مكلمتيش جاسر
رفعت غزل حاجبها بسخرية
- اللي هو ايه دا بقى إن شاء الله، مش دا كان خاين
ضربت رُبى على صدرها وأردفت
- طب قوليلي ياماما ازاي اخلي دا يشتقاله. قوليلي ياماما ازاي بكره وبحبه
زفرت غزل بيأس منها عندما علمت بما صار
- احكي لي الأول عملتي إيه؟
عصرت عيناها وتذكرت حالته الجنونية وحديثه، انها هي التي جنت عليه.

دققت غزل النظر إليها ثم اردفت
- غلطانة من ساسك لراسك. وقبل ماتقولي حاجة هو طبعا الغلط عنده اكبر، ياله احكي ياتربية أمك، أنا سمعاكي
إرتبكت وتلعثمت الكلمات بحلقها، انكمشت ملامح وجهها بأمتعاض عندما تذكرت تلك الرسالة
بدأت تقص لوالدتها كل شيئا حتى كلماته الأخيرة عندما تركها، أغمضت عيناها تبكي بقهر على ماوصلت إليه
كانت غزل تمارس أقصى درجات ضبط النفس كى لا تلكمها بقبضتها وتحطم فكيها.

تنهدت بحسرة على ابنتها التي فكرتها بغبائها قديما. عندما اعتصرت الذكريات قلبها
نهضت من مكانها ونظرت لأبنتها بأعين تخترقها وتسائلت
- دلوقتي سؤال ولازم تجاوبي عليه علشان اجابتك دي هيكون وراها تغيير حاجات كتيره ياروبي. وبعدها هنقفل الباب دا للابد
- عايزة عز ولا لا، وبتحبيه ولا لسة زي مابتقولي متشوشة زي ماقولتي لعز
ثم رفعت سبابتها وأشارت لقلب أبنتها.

- اقعدي مع قلبك وفكري كويس، هتقدري تعيشي من غيره، هتقدري تستحملي واحدة تانية تكون حبيبته، ولكن قبل ماتجاوبي عايزة أكدلك أن عز ماحبش غيرك ودا متأكدة منه زي ماانا متأكدة انك واقفة قدامي دلوقتي
مسحت على وجهها وتحركت بالغرفة
- متعرفيش حالته ممكن تكون إيه دلوقتي. دا ياحبيبي من إمبارح محدش يعرف عنه حاجة حتى تليفونه هنا، ياربي هوصله إزاي دا
خطت رُبى إلى أن توقفت أمامها
- إنتِ زعلانة عليه بعد اللي عمله.

صرخت غزل وجسدها يرتعش لا تعلم شعرت بجواد في ذاك الوقت.

- لأني مريت بنفس تجربتك الغبية دي. بس أنا مكنش ليا أم ارتمي في حضنها وافهم منها آه منكرش طنط نجاة مقصرتش بس فيه حاجات مينفعش تخرج غير للأم فهماني، اتكلمت معاكي كتير وفهمتك كتير، قولتلك عز بيحبك لكن إزاي الدكتورة تقعد ساكتة، رسالة إيه اللي جاية تحاسبيه عليها، دا أنا قولت اتمنيت غيرك وضربت نفسي مليون جذمة علشان وجعته مجرد كلمة، إنما حضرتك فضلتي تدوسي عليه، حبيبتي الراجل ممكن يعدي كل حاجة الا رجولته وممكن يستحمل وجع قلبه، الإ إنك تحسسيه إنه ولا حاجة، إزاي بس جالك قلب وإنت عمال تهدي فيه، للاسف ياروبي.

اتصدمت فيكي، وعايزة ارد على شيطانك اللي عمال يوزك إزاي واقفة معاه ضدك بعد اللي عمله، اللي عمله مستحيل حد يقبله، طبعا دا زنا وحقارة وكل حاجة مقرفة تتخيلها لكن تعالي هنا وجاوبي
ينفع نحط البنزين جنب النار ونرجع نقول الله إزاي النار شعلت...
بالمشفى
خرج جواد ينظر لطارق بأذراء وغضب
نهض طارق واقفا أمامه
- والله ياجواد ماكنت أعرف إنها بنتك. والله ماكنت اعرف.

أقترب جواد متعمد خفض صوته. فهو بحالة لم تدعو للصراخ، نيران تتأكل احشائه فقط:
- أنا جتلك ياطارق وقولتلك بنتي اتخطفت من سبعتاشر سنة، أنت كان ردك إيه ولا حاجة، أنا مش هحاسبك دلوقتي ياطارق
رفع نظره لمقلتيه وأردف
- ماتتحركش من هنا، لحد ماتعمل العملية ماهو مينفعش أروح اقولها في الوقت دا أنا أبوكي ياحبيبتي، ربنا يشفيها وبعد كدا ربك يسهل
اتجه بنظره لتهاني التي تبكي بصمت
- إنت اللي زورتي التحاليل مش كدا.

هز رأسه عدة مرات...
ازاي وصل بيا الغباء دا اللي مخلنيش أعمل التحليل من أول مرة شوفتها، مسح على وجهه وأردف مفسرا
- ماهو إزاي كنت هشك فيكوا، مستحيل. بس برضو أنا غبي مليون المية، كله لازم يتحاسب صبركم عليا افوق بس والحيزبونة التانية مش هرحمها
قالها متحركا لبيحاد الذي يجلس مغمضا العينان
جلس بجواره مربتا على ساقيه.

- هتقوم بالسلامة إن شاء الله، ووعد مني أعملكم أحسن فرح، فتح عيناه ينظر في نقطة ما وأردف وهو مازال على حالته
- مش عايز فرح ولا عايز حاجة غير إنها ترجع تتشاقى معايا صدقني حتى كل اللي املتكه مش عايزه، اتجه بنظره لجواد وتسائل
-إنت ازاي كدا، إزاي قادر توقف على رجلك وبتدعم نفسك، أنا حتى مش قادر أقوم أشوفها علشان عارف إني هنهار قدامها
جذبه جواد لأحضانه وربت على ظهره.

- تعرف يلا? من وأنت لسة عندك سبع سنين أول ماشوفتك فيها استرجلتك أوي، كان كل تصادمنا مع بعض كنت بحسك ابني مش مجرد ابن صديق...
تنهد جواد بحزن وأكمل
- حتى بعد ماغنى اختفت، ماسبتنيش وكنت دايما بتديني أمل مع إنك لسة صغير
بس كنت بتقويني بكلامك.
تغلغلت روحه بابتسامة باهتة
- ورغم بعد دا كله حاولت تأكدلي إنها بنتي مصدقكتش وروحت صدقت واحد المفروض كان صديق في وقت ما.

وللمرة الألف بتأكدلي إني محظوظ براجل زيك لبنتي، غنى هتقوم بالسلامة يابيجاد وهتفرحوا وتتجوزوا وتجيبوا عيال كمان
شهق شهقات مرتفعة وبكاء بنشيج وهو يتحدث من بين بكائه
- يارب ياعمو، أنا زعلتها كتير أوي عايزاه ترجع علشان أخليها تسامحني، خرج من أحضانه ينظر لمقلتيه
- صدقني مكنتش أعرف إني بحبها أوي كدا، نزل بنظره للأسفل وتحدث
- هموت لو حصلها حاجة
نصب عوده وهو يمد له يده ليساعده على النهوض.

- قوم شوف مراتك شوية وأنا هدخل بعدك علشان بعدها محدش هيقربلها بقولك أهو
مسح بيجاد دموعه، وتحرك متجها لغرفتها
أمسك هاتفه وقام الأتصال بنهى
كانت تجلس تبكي بصمت، لا تعلم كيف وصل الأمر لولدها لهذا الحد، قاطعها رنين هاتفها
ضيقت عيناها عندما وجدت اسم جواد، رفعت الهاتف سريعا للرد
- أيوة ياحضرة اللوا
- نهى اسمعيني كويس واعملي اللي هقوله لك بالحرف الواحد
عند عز.

أفاق من حلمه على صوت أحد العاملين بالحديقة، ظل يبحث عنهاوجد نفسه مازال بالحديقة، تمنى لو حلمه أصبح حقيقة لظل يشبع نظراته بها، يضمها لأحضانه حتى يبرد لهيب احتراقه
نظر إليه الرجل مردفا
- ايه اللي نومك يابني كدا في البرد، وايه الجروح دي ياحبيبي، عايز مساعدة
هز رأسه برفض ثم.

نهض متجها للسيارته التي تبعد عدة كليو مترات، كان فاقدا القدرة على الحركة أو الحديث، وصل لسيارته جسدا مهلك ومحطم دواخله بالكامل، استقل سيارته عائدا لمنزله وشيئا واحدا سيفعله
بمزرعة على طريق مصر اسكندرية
استيقظ على رنين هاتفه، امسكه ليقوم بالأيجاب ومازال نائما
- ايوة ياعثمان، هب معتدلا على فراشه
وتسائل بصراخ
- مين اللي عمل كدا وجواد عرف ولا لسه
أجابه عثمان على الجهة الأخرى.

- منعرفش بس ريان المنشاوي مقوم الدنيا حريقة في أمن القاهرة بيقول إن ابنه اللي كان مقصود، والطلقة جت في بنت جواد
يانهارد اسود عليك ياجواد، اكيد طبعا غنى مش رُبى بدل الموضوع يخص ابن ريان.
هبطت للأسفل وجدته يتحدث بهاتفه، عاري الصدري لم يرتدي سوى بنطال، شعرت بتذبذب داخلي. تمنت لتلقي نفسها بأحضانه ولكنها تذكرت مافعله بها، جلست بمقابلته، رمقها بنظرة جانبية واردف لعثمان.

- فيه ناس ميعرفوش حاجة عن الدين عندهم الدم زي المية
المهم هجهز وأنزل لجواد هو في مشفى القوات المسلحة ولا، قاطعه عثمان مردفا لا هو في مشفى الخاص تبع ريان المنشاوي
تمام ساعتين وهكون هناك، وانت كثف البحث وشوف الكاميرات وهاتلي الحيوان اللي قدر يقرب من عرين المنشاوي
انهى مكالمته ونهض متجها للمرحاض
اقتربت منه تصرخ بوجهه
- هتفضل حابسني لحد إمتى ممكن اعرف.

مط شفتيه ينظر إليها بتسلي، كانت امامه كقطة شرسة غضبها يروقه كثيرا
جذبها بقوة حتى ارتطدمت بصدره العريض، ينظر لمقلتيها
- وقت مايجي لي مزاج همشيك ياقلبي. تمام ياقطة ياللي عايزة اكلك حالا، قالها وهو يداعب انفها
لكمته بصدره فكان كالحائط لم يتحرك انش واحدا.
رائحته غلفت جسدها بالكامل. جعل صدرها يعلو ويهبط وبدأت دفعه بقوة واهية.

اقترب منها ملتقطا قبلة طويلة من ثغرها تغدغ جسدها فكان بارعا حتى جعل كل جوارحها تنتشي بقربه، فصل قبلته وهو يوزع نظراته على وجهها الجميل، فكانت مغمضة العينين تستند بجسدها عليه. اخرجه من تأمله عندما تذكر ابنه وزوجته اللذان دفعوا تمنا حياتهما بسبب اباها المنحل، دفعها بقوة حتى سقطت على الارضية وأشار بسباته ثم اردف بغضب.

- إياك تقربي مني تاني سمعتي. قالها متجها للمرحاض الذي دفع بابه بغضب ليهتز جدران المنزل مماجعلها تفزع بجلوسها
جلست تبكي وتصيح به
- بكرهك ياباسم ربنا ينتقم منك.

بفيلا عمر المصري
تتسطح على فراشها وضحكات مرتفعة. تتلاعب بخصلاتها وتردف:
- اهي راحت في داهية من غير حتى مااعمل اللي كنت ناويله ياديما
أجابتها صديقتها على الجهة الأخرى
- ماسة بلاش حبيبتي اللي بتفكري فيه، متنسيش إن حضرة اللوا دا صديق لبابا يعني ممكن باباكي يعرف
مطت شفتيه مع تقويس فمها وأردفت بسخرية.

- طيب ماأنا بعت الصور لمراته ومعرفش كنت عايزة اضرب على الحديد وهو سخن وأصورها وهي بأحضانه، وابعتهاله واعرفه أد إيه إنها واطية وبتحب واحد أد أبوها بس للاسف راح خطبها الغبي وملحقتش أعمل حاجة، بس وحياتك ياديمة لأخليه يرميها...
علي الجانب الأخر
- ماسة بلاش اللي ناوية تعميله متسمعيش كلام شهندة هي مبتحبكيش، أسمعي مني بيجاد لو عرف ممكن يموتك.

- أوف ياديمة معرفش ليه دايما تخليني أحس بالعجز على العموم دلوقتي مفيش حاجة بإيدي هي في المستشفى انضربت بالنار عقبال ماأسمع خبر موتها
زفرت صديقتها بحزن عليها
- ليه بس تدعي عليها. على العموم أنا هقفل علشان أروح اجيب ذياد من الجاردن سلام
بالمشفى
دلف بيجاد إليها مازالت بين اليقظة والنوم. كان جاسر يجلس بجوارها ممسكا بكفيها واثار دموعه على وجنتيه
ربت بيجاد على كتفيه وهو ينظر إليها.

- هتخف إن شاء الله، الدكتور هيكون خلال يومين هنا مع إني مش موافق ان العملية تكون هنا، كان نفسى تسافر برة
نهض جاسر من مكانه واهتزت حدقتيه
- ليه هو ممكن يكون هنا فيه خطر عليها
جلس بيجاد بجوارها يمسد على وجنتيها مقبُلا يديها
- معرفش، لكن برة أفضل إمكانيات اعلى دا قصدي
بنفس ملامحه الهادئة ونبرته المتزنة أجابه
- كل حاجة قدر ياجاد مفيش حاجة إسمها أمكانيات فيه حاجة إسمها قدر ومكتوب.

وعندي ثقة بربنا إنه ينجيها إن شاء الله
دلف جواد يناظر ابنته النائمة
- جاسر تعالى عايزك، أومأ لوالده وخرج دون حديث
اتجه بيجاد إليها بنظراته، نزل برأسه يضعها بالقرب من أنفاسها
- تعرفي أنا غبي زي مابتقولي، لا مش غبي بس ومغرور كمان، انسدلت دمعة خائنة من عينيه ثم أخذ نفسا وزفره ببطئ.

عارف إني بحبك وبكابر نفسي. ممكن أكون كنت متذبذب شوية ومعرفتش أفهم إحساسي علشان مفيش بنت حركت مشاعري لحد ماقبلتك، حتى مكنتش متأكد منك، بس اتشديت ليكِ جدا
رفع يديه ووضعها على وجنتيها
- موضوع جوازنا دا أكتر حاجة اسعدتني وبحمد ربنا عليها، غنى أنا بحبك أوي عايزك تحاربي علشاني...
قبّل وجنتيها، فتحت عيناها تنظر لقربه منها ثم أردفت بصوتا ضعيف
-بيجاد أنا حلمت حلم
اعتدل يبتسم لها، ممسكا يديها يقبّلها.

حلمتي بإيه ياحبيبة بيجاد قالها وهو يمسد على وجنتيها
- حلمت إن طنط غزل بتحضني وبتعيط أوي وتقولي مستحيل أسيبك تروحي بعيد عني
كلماتها جعلت قلبه يأن وجعا. لا يعلم كيف سيخبرها الحقيقة، ولكن مهلا لتصل مرحلة شفاؤها اولا
اقترب يهمس أمام شفتيها عله ينسيها حلمها وأردف بشقاوة
- محلمتيش بحبيبك ياغنايا، رايحة تحلمي بطنط غزل، أنا زعلان ولازم تصالحيني، ولا اقولك روحي احلمي بيا. ومش اي حلم لازم تحلمي بيا وأنا بتشقى.

تبسمت له بحب ثم تذكرت شيئا
-مين اللي كان عايز يقتلك يابيجاد. عملت ايه يخليهم يفكروا يؤذوك كدا
اقترب اكثر وهمس
- يمكن شافوني بتعذب منك وحبوا يريحوني
- بعد الشر عليك، ليه بتقول كدا، وايه اللي معذبك
لمس شفتيها وأشار
- دي اللي معذباني ومطيرة النوم من عيني، ونفسي ادوقها أوي. حرماني كدا
ضحكت ضحكة بوجع واردفت
- من أول ماشفتك وقولت مستحيل تكون مؤدب على طول منحرف
لمس خديها واردف.

- غِنى إنت بتحبيني مش كدا. يعني حاسة بحبي ليكِ
تبسمت له
- لما أقوم بالسلامة هعرفك أد إيه بحبك
اقترب وهو يقهقه عليها.
- حتى وانتِ عيانة لسانك طويل
يخربيت تقل دمك يابيجاد مش قادرة اتكلم
لم تكمل حديثها وضحكتها التي اسعدته
فالتقط ثغرها بقبلة ناعمة حتى يريح قلبه من عذاب مرضها، ورغم قُبلته لها إلا أن انسدلت دموعه رغم عنه جعله ينهض سريعا متجها للخارج دون حديث
بالخارج ضم جواد أكتاف جاسر.

- هتروح مع ريان وتعرف مين اللي حاول يقتل ابنه وإياك ياجاسر تتهور، باسم شوية وهيقابلك على هناك...
رفع ذقنه ينظر لمقلتيه
متتحركش من غير ماتعرّف باسم متخلنيش أندم إني اعتمدت عليك، عايز افتخر بيك، وجواد معاكم كمان تسمع كلامهم ياجاسر
هز رأسه رافضا حديث والده
- آسف يابابا اللي بتفكر فيه دا مستحيل
صفعه جواد بخفة وتحدث.

- واللي بفكر فيه هو اللي هيتعمل ياجاسر. ياله إلحق ريان هو راح مديرية الأمن. ووصل لبعض الأشخاص. خليك معاه خطوة بخطوة
اتجه لبيجاد الذي خرج سريعا متجها للخارج بدموعه التي تغرق وجهه، تحرك سريعا لغرفة غِنى عندما شعر بشيئا ما قد أصابها بعدما قام بمنادته ولكنه خرج ولم يلتفت اليه
دلف سريعا وتكاد أنفاسه تنحبس داخل صدره ويشعر بالاختناق
وقف أمام فراشها وهو يتنهد بوجع عندما وجد نظراتها المستفهمة.

- معرفش إيه اللي حصل. ضيقت عيناها وتسائلت
- هو بابا وماما فين ليه مشفتهمش لحد دلوقتي، محدش قالهم
تسائلت بها غنى، دلفت الممرضة تتحدث
- لو سمحت ياحضرة اللوا، جه وقت الحقن بتاعة آنسة غنى
اتجهت متحركة إليها لتنفيذ أوامر الطبيب
اوقفها بيديه
- اخرجي دلوقتي وبعدين هبعتلك. قالها عندما شعر برجفة أصابت جسده حينما أحس أنه لم يستطع لمسها بعد ذاك
خطى إلى أن وصل إليها وجلس أمامها.

- الدكتور طارق عنده عمليات والدكتورة تهاني دخلتلك كذا مرة وإنتِ نايمة
رفع يديها يقبّلها، شعر بوخز قلبه وقال بألم: ممكن تخلي عمو جواد ياخدك في حضنه شوية. لو مزهقتيش منه
لم تستطع كبت دمعة عيناها، وبصعوبة تحدثت
- لو قولتلك نفسي أنام في حضنك بس خوفت تفهمني غلط، وخوفت أن بيجاد يزعل مني، تبدلت ملامحها الحزينة إلى أخرى متألمة عندما حاولت الأعتدال.

نهض سريعا يجلس خلفها يضمها لصدره وشهقة وجع خرجت من أعماقه وهو يضمها بقوة عندما شعر بدموعها تنسدل على خديها وتتحدث
- والله ماقصدي أزعل حد فيكم لا إنت وهو بس بجد في حضنك بس بحاجة غريبة. استدارت بوجهها تنظر لوجهه القريب منها
- هتصدقني لو قولتلك مفيش بنت تتمنى من راجل تاني إنه يكون أبوها. أنا بابا مش وحش بس، صمتت ولم تعرف ماذا تكمل
أغمضت عيناها.

- أنا مش وحشة أنا تعبانة أوي ياعمو والله تعبانة ومعرفش تعبي من إيه، كل اللي عايزاه أن محدش يزعل مني لما أنام في حضنك ومحدش يزعل مني لما أقول إني بحبك أوي، والله مااقصد اخطفك من مراتك ولا اوجع قلب بيجاد وجاسر
حاولت التنفس الذي شعرت بإنسحاب الهواء من حولها وتحدثت بصوتا متقطع
يارب أموت ولا حد يزعل مني، أنا بحب بيجاد احوي وهيزعل لو دخل ولقاني كدا، وممكن طنط غزل تكرهني أوي.

آهة صارخة خرجت من جوفه بالحسرة وهو يضمها بقوة لأحضانه مما جعلها تتألم من أصابتها، قبّل رأسها. نزع البونيه الخاص بالمشفى، وظل يقبل خصلاتها
- انت مسمحولك تعملي اللي عايزاه، وملكيش دعوة بأي حد والولد بيجاد دا خليه بس يقولك حاجة وأنا أفعصه برجلي
وضعت رأسها على صدره مردفة
- لا متزعلوش، هو بيحبك أوي، بس جاسر إبنك دا لسانه طويل أوي قالتها بإبتسامة.

- دا رزعنى حتة قلم ياعمو لسة معلم لحد دلوقتي، ضحكت ضحكة بسيطة وأكملت
بس تعرف حبيته أوي وحبيت غيرته على مامته وحسيته كدا مفيش منه خالص. استدارت برأسها تنظر له
- اقولك حاجه بس متقولش لحد، أنا غيرت عليه من يُمنى صاحبتي، كان بينهم نظرات كدا كنت بضايق أوي وكان نفسي أضربه واقوله البنت دي متنفعكش، لكن الحمد لله جت من عندها واتخطبت لواحد تاني.

ابتسم بحب لأبنته التي تشبه والدتها كثيرا. ليس شبها فقط شكلا وأنما تشبهها بكل شيئا
ذهبت بنوما عميق في أحضانه
خرجت نهى وغزل من باب المنزل بعدما اتجهت نهى إليها تفعل كما طلب منها جواد
خرجوا متجهين للسيارة، توقفوا عندما وجدوا دلوف سيارة عز إلى الحديقة
اتجهت نهى سريعا إليه وهي تصرخ بوجهه عندما ترجل من سيارته
- لسة بدري يامحترم. كنت فين ياحيوان
كان يكاد يقف بسبب شعوره بدوران انتابه من شعوره بالمرض.

أطبق على جفنيه وهو يكاد يخرج صوته بصعوبة
- آسف ياماما. كنت. توقف عن الحديث عندما تلقى صفعة على وجنتيه مما اذهل غزل جعلها تضع يديها على فاهها من الصدمة
دفعتها بقوة بعيدا عنه حينما وجدت ذهوله ودموعه التي أغرقت وجهه، صرخت نهى بوجهه
- ابعدي ياغزل، الحقير واطى راسنا. ازاي هنقدر نوقف قدام عمه وبنته. أنا مربية حيوان في بيتي.

تلفتت غزل حولها حتى ترى احدا إستمع لحديثها وجدت إبنتها تقف خلف الستارة تنظر إليهما وتضع يديها على فمها وتبدو إنها تبكي
دفعت نهى تضم عز لاحضانها
- ابعدي يانهى عن الولد مالكيش دعوة بيه إنتِ مش شايفة حالته، رفعت وجهه بين راحتيها
- زيزو حبيبي إيه اللي عمل فيك كدا، ياخبر جسمك سخن أوي، قالتها غزل بحزن
أنزل يدي غزل بهدوء وقبّلها مردفا.

- أنا آسف والله ماكان قصدي والله ياطنط ماكان قصدي أنا مش حيوان زي ماما ما بتقول معرفش عملت كدا إزاي. أنا أفديها بعمري، ارجوكي سامحيني، رفع نظره إليها ونظر لغرفتها
- وخليها تسامحني مع إني عارف إنه صعب أوي إنها تسامحني، أنا هريحها وأريحكم كلكم. قالها متحركا إلى منزله
- هريحكم كلكم
توقف عندما اردفت نهى.

- روح خد شاور وفوق وألحقنا على المستشفى أبوك من إمبارح محجوز هناك ومعرفش ماله ياكبيره. قالتها بغضب متجه لسيارتها
توسعت عيناه مما استمع ثم اتجه
ورفع نظره لغزل وتسائل بعيناه
أومأت برأسها وتحدثت
- هو كويس متقلقش، ، إحنا رايحين دلوقتي وإنت خد مسكن ضروري و الحقنا وفوق، تحركت حتى وصلت إليه ونظرت داخل مقلتيه.

- انسى اللي حصل حاليا ياعز علشان الموضوع لو تعرف من عمك صدقني معرفش ردة فعله ايه، ربتت على كتفه وحثته على الحركة، ثم قامت الأتصال على ابنتها
- إنزلي ادي ابن عمك حقنة مضاد حيوي. جسمه سخن ممكن تقلب عنده بحمى، وياريت تعملي اللي بقولك عليه من غير مااسمع صوتك.

بعد قليل اتجهت لياسين واردفت
- ياسين تعالى معايا علشان ادي عِز حقنة ماما اتصلت بيا وطلبت مني كدا، ومفيش حد هناك
نهض من فراشه يرتدي جاكتيه وهو يقاوم النعاس
- ياله حبيبتي انا مقتول نوم وعايز انام
وصل لمنزل صهيب وجسدها يرتعش كلما تذكرت الأمس، قابلتهم جنى تنظر اليهم بتسائل
ابعتي لعز ياجنى. علشان ياخد الحقنة وأنا هنام هنا شوية، قالها ياسين عندما اتجه للاريكة يلقي نفسه عليها
اتجه للأسفل وهو جاهزا للخروج.

تسّمر بوقفته عندما وجدها تجلس بجوار جنى وياسين. احست بوجوده بعدما اشتمت رائحته. رفعت نظرها إليه وتقابلت النظرات
أتعلم إنني افتقدك كثيرا، أشتقت لك بحجم الألم الذي سكن قلبي من وجعك
ناظرته وتحدثت
لم أنسى تلك اللحظة تحديدًا التي اخترتُ فيها الصمت بدلًا من إخباري أنك متمسك بي حد الموت. اشعر بالحزن لأنك لم تَعُد أنت.
أجابها مرة اخرى بنظراته
و إن سألوك عني قُولي لهم خيب ظني بكل الطرق، إلى أن كرهته
بنت قلبي.

‏احبك وكأني أرى فيكي قوتي عند ضعفي
‏وابتسامتي عند حزني وكل العالم في وحدتي...
اجابته
- لم تعد الحياة حياة لي دونك. فياأياما تنسى أوجاعنا
ورغم ما تحدثت به نظراته إلا عندما اقترب بها شعرت بإحتراق قلبها. وهزة عنيفة اصابت جسدها بالخوف منه، تحركت سريعا متجه لجلوس ياسين الذي غفى متهالكا على المقعد، صرخت باسمه حينما وصل عز بجوار
- ياسين نادته بقوة صوتها بالكامل.

قالتها عندما توقف خلفها وشعرت بأنفاسه وحاوطت رائحته رئتيها تلك الرائحة التي تستولى على جسدها منذ الأمس
اهتز جسده وشعر بأسهم نارية تخترق قلبه عندما أسرعت تستنجد بأخيها، نيران بل ألم مزق جسده لأشلاء
جلس على المقعد دون حديث، عندما هب ياسين فزعا من صوتها
- إيه فيه إيه
كانت تقف بجوارها، انسدلت دموعها على حالها وحال اخيها الذي وصل اليه
بعد قليل وصلت غزل ونهى إلى المشفى.

توقفت أمام صهيب الذي يجلس امام الغرفة بجواره أوس وبيجاد وبالمقابل تهاني
تبحث عن جواد، وصدمة تبعها ذهول على وجهها وأردفت بتقطع
- صهيب فين جواد، وإنت إزاي وهو مين اللي، بدأت تتخبط بكلماته وعيناها تبحث بتشتت، جحظت عيناها وتسائلت
- جاسر فين جاسر لا، هزت رأسها وصاحت ابني فين. استدارت لنهى وأردفت.

- انتوا مخبين عليا إيه، لم يكن عقلها يجمع ماصار، اخوك فين ياأوس، فين جاسر، فجأة شُل لسانها عندما وجدت جاسر يهرول إليهم، وتورم عينين بيجاد وشهقات تهاني
رجعت عدة خطوات للخلف
- هو مين اللي تعبان، لا محدش يقولي اللي بفكر فيه صح، غِني. لا غِنى لا. تعبانة إزاي شوية برد صح هي قالت كدا، ظلت تتمتم بحديثها كالمعتوه.
أسرعت تقف أمام بيجاد الذي انسدلت دموعه بصمت وينظر في اللاشئ
-حبيبي إنت أكيد مش هتخبي عليا صح.

غنى عندها برد ولا أيه الموضوع
امتقع لونها بشدة وانسحبت الدماء من اوردتها وتبدل توهج بشرتها إلى شحوب وشعور بالدوران يروادها عندما تذكرت مكالمة ريان ونزولهم سريعا
هوت على المقعد ورجفة بجسدها وعينان تغشاها الدموع
- بنتي فيها إيه ياصهيب اللي يخليكم تعملوا لعبة كدا
وصل جاسر يضمها لأحضانه.

- ماما حبيبتي غِنى هتخف، عايزك قوية زي مااتعودت منك. هتعمل العملية والعملية هتنجح حبيبتي صدقيني، أنا عملت التحاليل وكل حاجة تمام، ياله ياماما شدي حالك، جه الوقت اللي تبيني إنك الدكتورة غزل الألفي القوية اللي قدرت تنقذ بنتها من الموت
بملامح وجه شاحبة، وشعور بوخز بقلبها
رددت موت، بنتي بتموت، ليه عندها اي
ثم توقف لسانها وتشنج كامل بجسدها عندما أعادت حديث إبنها
- أنا اخعمل عملية لبنتي. ليه هي عندها إيه.

نهضت تنظر بدموع ألم، دموع أبت التوقف عن صدمات القدر التي دائما يصفعها دون رحمة...
امسكت بيد صهيب الذي يهرب بنظراته عن نظرها
- طول عمرك حنين معايا ياصهيب. صح فاكر أيام زمان. لما كنت بتفهمني من نظرة. ادارت وجهه وصرخت بإنهيار قلب أم فقدت أعز مالديها، ثم أشارت على جاسر
- فهمني الكلام اللي بيقوله جاسر، قولي إنكِ غبية وفهمتي غلط
وصلت مليكة وحازم وتسرع إليها تتلاقها بأحضانها.

- غزل حبيبتي كله هيهون ياقلبي. كله هيعدي إن شاء الله وتفرحي بيها
هزت رأسها برفض عن ماتوقعته، رجعت عدة خطوات للخلف وهي تهز رأسها بهستريا. لا مستحيل، ضمها حازم بقوة لأحضانه
- غزل فوقي حبيبتي بنتك محتاجكي. إحنا بنستنى اليوم دا من زمان وأهي رجعت. نحمد ربنا...
وضع وجهها بين راحتيه وعبراتها تغسل وجهها كالشلال وتهز رأسها
- فين جواد، أنا عايزة جواد. جوزي فين ياحازم
رفع حازم نظره وتسائل
- جواد فين؟

أغمض صهيب عيناه بألما وهو يجلس على المقعد كان يعلم وقت المعرفة سيكون صعب على كليهما
جلس واضعا رأسه بين يديه ودموعه تنذرف بقوة على أخيه وزوجته الذي عانوا اكثر مماعاشوا
نظرت غزل لأنظار صهيب على الغرفة التي توضع بها ابنتها، ركضت سريعا ودقات قلبها تتقاذف بعنف، تسمرت بمكانها عندما وجدت جواد يجلس يضمها لأحضانه كطفلة في الخامس من عمرها
ارتجف جسدها بشدة وهي تهز رأسها
- مستحيل، لا مستحيل، والله كدا كتير.

اطبق جفنيه وألما يشق صدره لنصفين، كان سيعرف الأمر صعب ومؤلما على كلاهما، وضع ابنته بهدوء على فراشها
ونهض سريعا إليها عندما رأى إنهيارها
نزلت بساقين مرتعشة وهي تبكي بنشيج وجسدها يرتعش، دلف أولادها
جاسر وأوس إلى الغرفة يحاولون إسنادها
- ماما حبيبتي قومي متعمليش كدا، إن شاء الله هتقوم بالسلامة
ضمها أوس وبكى بإنهيار تام عندما وجد حالة والديه
- ماما حبيبتي قومي معانا، ياله حبيبتي.

تنظر لجواد فقط الذي نهض متجها إليها، تقابلت نظراتهما بألم وتنهيدات منحسرة على ماوصلوا إليه
جلس أمامها وجذبها من أحضان أوس
- قومي يازوزو، قومي حبيبتي بنتنا محتاجكي ياقلبي، مش وقت ضعف ابدا ياغزل، عدى علينا أكتر من كدا. والحمد لله على مااصابنا
نهض يجذبها بين ذراعيه. ينظر لأولاده
هاتوا ياسين وربى لازم كلكم تكونوا جنب اختكم مشوفش دموع حد فيكم...
ثم اكمل مفسرا.

- اكيد ربنا له حكمة في كدا، منقدرش نعترض على قضاء ربنا، سامعين. ولادي مش ضعفا ابدا. ولاد جواد الألفي لازم يكون اقوياء ويسندوا بعض، زي ماكنت أنا واخواتي لازم تكونوا كدا. إحنا مش جبناكم على الدنيا دي علشان نضعف بيكم
هز رأسه وهو يضم زوجته بين احضانه واكمل مستطردا
- جبناكم علشان نقوى بيكم وقت ضعفنا. واحنا دلوقتي ضعاف وعايزين اللي يقوينا
أشار بيديه على فراش غنى.

- دي عايزة قوتكم كلكم. عايزكم جنبها زي شبكة العنكبوت، مستحيل تغيب عنكم لحظة. علمناكم الاحتواء والحب والحنان. عايزينه دلوقتي محتاجينه منكم علشان دي، أنا معرفش حياتها كانت إزاي ومهما كانت حياتها لازم نتقبلها
رفع نظره لجاسر وأردف
- خصوصا منك ياحضرة الضابط. سمعتني كان نفسي تكون أكتر واحد تكون حنين عليها
اتجه أوس إليها لأول مرة ليراها. ذهل عندما تذكرها. إستدار لوالده.

- البنت دي في الجامعة بتاعتي صح. ايوة اتقابلنا واتخنقت معايا، قاطعه جواد بصراح ونظر اليه شرزا
- اسمها اختي. غنى جواد الألفي ياباشمهندس، مسمهاش البنت دي، سمعتني وياله روحوا هاتوا اخواتكم ولا كلموا ياسين يجيب ربى ويجي. عايز ربى خلال نص ساعة تكون قدامي
بعد فترة
كانت تضع رأسها داخل أحضانه وتبكي بنشيج عندما علمت بمرضها، ربت على ظهرها بحنان
- زوزو حبيبتي معقولة إيمانك ضعيف كدا
رفع وجهها ينظر لمقلتيها.

- التحاليل فيها إيه ياغزل، ليه من ساعة ماشوفتيها وانهرتي اكتر، متخبيش عليا حاجة
هزت رأسها وفرت دمعة من عينيها تسيل فوق وجنتها ببطئ وضعت كفها المرتعش على وجنتيها لتزيلها. قبّلها جواد مبتلعا دمعاتها وهو يضمها لأحضانه
- ريحي قلبي ياغزل لو سمحت. اديني أمل حتى لو بسيط
طافت عيناها على ملامحه ورفعت يديها على وجهه. هو اللي بيحصل دا طبيعي ياجواد، قولي وفهمني بالراحة كدا. فيه أم تتحمل اللي أنا فيه دا.

ضمها بقوة لصدره وهو يهز رأسه بيقين
- فيه ياقلبي فيه الست المؤمنة بقضاء ربنا. أنا راضي يازوزو بكل اللي يحصل. حتى لو، صمت لحظات ثم اردف
حتى لو ربنا مااردش إنها تعيش في حياتنا ماهي مش هتغلى على ربنا ياغزل مش كدا ولا إيه، قالها بقلب أب مرتجف عله يداوي زوجته من آلامها وجراح قلبها.

وطأت رأسها للاسفل بحزن
- البنت كانت بتاخد علاج قوي من فترة اتجهوا لحاجة غير الكيماوي. يعني مسكنات بس. معرفش إزاي طارق يعمل حاجه زي دي.
تنهدت ثم استطردت
- المسكنات دي مبقتش بتأثر. حبيبتي يابنتي شكلها كانت بتعاني اوي.
تنهدت وسحبت هواء لعلها تتنفس عندما شعرت بالأختناق.

-البنت لازم تاخد فترة كيماوي ياجواد. وبعد كدا تعمل العملية. واللي مخوفني إنها مش صغيرة. نسبة النجاح فيها عالية للاطفال جدا. أنا مقدرش اجازف واقولك نسبة النجاح عالية. بس اللي متاكدة منه
لازم نتخلص من الخلايا الخبيثة بالكيماوي وبعد كدا نتجه للعملية، وعندي يقين بربنا أنها تعدي الكيماوي بخير
اغروقت مقلتيه بالدموع والحزن على فلذة كبده عندما أدرك ماتجتازه طفلته. نهض من مكانه وتحدث إليها.

جهزي البيت ياغزل أنا هاخدها من المستشفى مستحيل اخليها ساعة واحدة هنا أنا مكنتش بطلب منك تكوني دكتور علشان اخلي بنتي طول عمرها بالمستشفيات، قالها وخطى متحركا للداخل، اوقفته عندما أمسكت يديه
بكرة هنخرجها بكرة. ثم نظرت اليه
- جواد رايح فين، تسائلت بها غزل
- رايح لريان، لازم اتكلم معاه علشان بيجاد، مينفعش يكمل في الجوازة دي
نظرت إليه بصدمة، ظلت تناظره مدهوشة
- اوعى تعمل كدا ياجواد
هز رأسه واردف بجدية.

- لازم أقوله كدا. مش عايز يجي وقت وبنتي تموت من بعده وقت مايزهق ولما يشوف شكلها بعد الكيماوي، أنا مش عايز بنتي تتوجع أكتر من وجع مرضها ياغزل. لازم اتكلم معاه
جذبته من مرفقيه وأوقفته
- بالعكس بيجاد هو الوحيد اللي ممكن يخلي عندها أمل في الحياة. هي اعترفتلي إنها بتحبه. وطبعا مش محتاج أقولك هو بيحبها أد ايه
تحرك مغادرا
- لازم اتكلم معاه علشان بعد كدا لو حصل حاجه اعرف احاسبه
وصل سيف وميرنا في تلك اللحظة.

ضمه جواد بإشتياق
- حمدالله على سلامتك حبيبي
إيه اللي سمعناه دا ياجواد. لقيت غنى وطلعت مريضة
ربت على كتفه هتكون كويسة، روحو لغزل محتاجكم ياسيف
بالفيلا تجهز سريعا متجها للخارج، تسمر بوقفته عندما وجدها تخرج متجه مع ياسين للمغادرة، تذكر عندما كانت تعطيه العلاج وجسدها يرتعش خوفا منه. ظل يناظرها. أشار ياسين لعز الذي وقف أمام سيارته ينظر إليها
خطى بخطوات بطيئة كأنه يخطو فوق جراح قلبه. حتى وصل اليهما.

لم يقو على رفع إنظاره إليها نظر لياسين وتسائل
- رايحين فين ياياسين
ظلت على صمتها تحاول تنظيم دقاتها الهادرة وانفاسها السريعة عندما وجدته بهيئته التي ظهر بها من جرح برأسه ويديه الملفوف بالشاش عندما دققت النظر إليه، تمنت لو تبرد نار قلبها وتنظر لعيناه ولكن كيف لها بعدما جرح كبريائها وقتل برائتها واستباح انوثتها
تصاعد الغضب بداخلها حتى أعماها فلم تتمالك نفسها اذ قالت بصراخ.

- ياسين هتمشي ولا أنزل أخد تاكسي
قالتها وهي تنظر لذاك الواقف نظرات جحيمية تتمنى اختناقه عندما وقف يتحدث لياسين و لم يعيرها اهتمام
التفت ياسين يطالعها مذهولا من ردة فعلها
- إيه ياروبي هناخد عز في طريقنا، ياله يازيزو تعالى ناخدك بدل ماتاخد عربية احنا رايحين المستشفى برضو
قام الاتصال بشخصا ما
- مرحبا هيلينا.
- اهلين بيجو، كيفك. اشتقتلك كتير
- أنا تمام. هبعتلك فستان عايزه بكرة
نفس التصميم
هبت واقف ورفعت صوتها.

- What do you say
زفر بضيق وتحدث
- ايه اللي مش مفهوم في كلامي. انت ديزينر وطالب فستان فرح. ايه الغريب اللي مش مفهوم
- ?تقصد إنك ستتزوج
مسح على وجهه من تلك الثرثارة واردف
- عايزه بكرة وتبعتيه مع ديزينر برفكت علشان لو فيه حاجة عايزة تتعدل
- وماذا عن مادلين، اتعرف إنك ستتزوج
حاول الضغط على اعصابه وفتح باب سيارته مردفا
- وهي مالها. بقولك عندي شغل هبعتلك عامر ياخد منك الفستان تمام. جود باي
وصل إلى باب المزرعة.

دلف كالثور الهائج ينظر اليهم بعيونا كنيران جهنم وأردف بصياح فكوهم
توقف المسؤل عن حمايتهم
- معندناش أوامر من الباشا يابيجاد بيه
- محسن صرخ بها بيجاد واردف بغضب
- قولت فكوهم
فرحت امل كثيرا
- شكرا كثيرا مسيو جاد، أي ان كان اسمك شكرا، قالتها بصوتا مرهق
ضحك ضحكات مرتفعة ونظر اليها بأشمئزاز وتحدث
- لا مدام أمل لسة الشكر جاي. اصبري مستعجلة ليه
نظر لمحسن المسؤل.

- قدامك خمس دقايق لو مفكتهمش هفرتك المسدس دا في دماغك وارتاح من قرفك انت كمان
أسرع محسن وبعض رجاله بفكهم، وخرجوا من البيت متجهين لباب خلفي للمزرعة خلف بيجاد الذي يسير نحو مكانا ما، توقف أمام قفصا من الحديد يبدو به اسدا، رجفت أجسادهم عندما استمعوا لزئير الأسد
نظر إليهم ورفع حاجبه وتحدث بانتشاء.

- الاسد جعان اوي بيرحب بيكم مش كدا ولا إيه يامحسن، قالها بيجاد وهو ينظر إليه شرزا عندما وجده يحادث احد بالهاتف
بالاسكندرية
كانت تجلس بجوار إبنها وتقوم بعمل كمادات مائية لأنخفاض درجة حرارته، استمعت لطلقات نارية بالخارج تحاوط الفيلا والأمن يحاول مقاومتهم
رفعت هاتفها سريعا وجسدها ينتفض من الرعب
- ريان إلحقنا في ضرب نار برة، وياسمينا خرجت على الشاطى
هب ريان فزعا متجها للخارج.

- نغم خدي مالك واطلعي من الباب الخلفي، وانا هتصل بعمر وحمزة وياسمينا بسرعة مفيش وقت
خرج سريعا من مكتبه يحادث أمنه
- في عربية هتوصلكم حالا أنا عايزهم أحياء ياعمر سمعتني. اختك خلي بالك منها، ماما خرجت من الفيلا خلي حد موثوق فيه يخرجها للمطار فورا
بالمشفى
قبل قليل
وقف جواد أمام اخواته (سيف وصهيب وكذلك حازم) مفيش فايدة من قعدتكم هنا. هي بقت كويسة وهتخرج بكرة وغزل هتابعها في البيت. خدوا اولادكوا ورحوا.

سيف وميرنا وكمان حازم ومليكة شكلكم مرهق من السفر. روحوا علشان ترتاحوا
وأنا وغزل هنفضل معاها وكمان اخواتها كلهم هنا
هز صهيب رأسه رافضا
- مستحيل اسيبكم ولا دقيقة ريح نفسك وماتتكلمش كتير، اما سيف الذي نظر لبناته
- تمام ياجواد أنا هاخد البنات علشان يرتاحوا وميرنا لكن هرجعلك على طول أنا مش تعبان
كان حازم يجلس بجوار غزل ويضمها من أكتافها رفع نظره لجواد.

- لو شايف اننا منستهلش نكون معاك دلوقتي ياجواد. يبقى اعذرني يابني عمي لما اقولك مالناش لازمة لو موقفناش مع بعض في الأوقات اللي زي دي
نظر لمليكة وتقى ابنته
- قومي روحي علشان تقى متفضلش لوحدها. وزي ماقالك بكرة هنرجع كلنا
مسدت مليكة على ظهر غزل الراكدة بأحضان حازم
- مقدرش اسبها كدا ياحازم وأمشي.

وصل كلا من ربى وياسين وعز
الذي ينظر اليهم بذهول من تجمع العائلة بالكامل ووالده الذي يجلس بجوار عمه سيف. اسرعت ربى تلقي نفسها بأحضان والدها
- بابي حبيبي وحشتني أوي
قبل جبينها ضامما اياها لأحضانه مبتسما
- حبيبة بابي وإنتِ كمان وحشتيني أوي.
إنتِ كويسة حبيبة بابي
أومأت برأسها وتحدثت
- كويسة طول ماانتو جنبي ياحبيبي
ضمها وتحدث.

- عندي ليكي خبر هيسعدك أوي هنا رفعت نظرها لعز الذي ينظر لوالده بصمت وأسئلة ترواده من نظراته
نهضت سنا ابنة سيف واتجهت إليه تبتسم
- زيزو عامل إيه وحشتني أوي. زعلانة منك ماردتش على رسالتي...
هزة اصابتها بالكامل عندما علمت بهوية التي أرسلت الرسالة
أيعقل انها ابنة عمها سيف
هزت رأسها وهي تنظر إليها بغضب تود لو تجذبها من خصلاتها، ولكن قاطع تخيلاتها
. اتجاهه لوالده ووقف أمامه:.

- ايه اللي بيحصل بالضبط. رفع نظره لغزل التي بأحضان حازم ثم وزع نظراته على الجميع
- كلكم موجودين. والحمد لله بخير، . ممكن اعرف مالكم ومال طنط غزل
قاطعتهم الممرضة
- المريضة صحيت وعايزة الاستاذ بيجاد
استمع لرنين هاتفه، أجاب سريعا عندما علم بهوية المتصل
- ايوة يامحسن
- جواد باشا، الاستاذ بيجاد هنا وشكله مش ناوي على خير
-يعني ايه؟ تسائل بها جواد
جحظت عيناه مما استمع. ظل يسبه
اتجه لغزل.

- غزل هروح مشوار ادخلي وخلي بالك من غنى، وخلي تهاني تقعد معاها وتفهما كل حاجة، ارجع الاقي البنت عرفت الحقيقة، اينعم هتنصدم في الأول لكن لازم تعرف ياغزل فهمتيني
توجه بأنظاره للجميع
- أنا قولت كله يروح مش عايز حد هنا. غير ولادي وبس، صهيب انت بقالك كام يوم هنا لازم تروح ترتاح
وقف ياسين بجوار جاسر وهمس له
- جاسر البنت رافضة الأكل خالص وبتسأل عليك، علية كلمتني مليون مرة لما زهقت من تليفونك
ضيق عيناه وتسائل.

- ليه مش راضية تاكل.
رفع اكتافه مردفا
- معرفش، ممكن تروح عشر دقايق تشوفها وترجع قبل مابابا يجي
أومأ براسه متحركا للخارج
- خلي بالك من ماما. وانا عشر دقايق وراجع هي مش بعيدة من هنا. ثم ذهب بنظره لربى التي تجلس وكان نيران تخرج من مقلتيها بمقابلة سنا وهي تجاور عز وتتحدث معه. اتجه اليها وتحدث.

- لما بتحبيه اوي كدا، ليه شغل الاستعباط جتكم هم انتوا الاتنين والله شكلي هشربكم حاجة زي مابيجاد عمل مع غنى واجوزكم من ورا بعض، قالها ثم تحرك للخارج
وصل بعد قليل لمبنى في مكان يبدو عليه الرقي، فتح باب الشقة يبحث بنظره عليها
اتجهت العاملة التي تدعى بثريا
- اهلا حضرة الضابط
- فين فيروز، تسائل بها جاسر
بالمشفى
كان يجلس يستمع بذهول مما تقوله زوجته.

شعر وكأن دلو من الماء المثلج سقط فوق رأسه، ناهيك عن شعوره بالأختناق
نظر إليها بغضب
- ازاي عز يعمل كدا. مستحيل قولي حاجة غير كدا يانهى. هز رأسه كالمجنون
- ابني أنا يطلع حيوان وكان هيضيع بنت عمه، بكت بجواره بصوتا مرتفع...
انتزع يده من قبضتها بقوة والتفت يتحدث صارخا والدمع يقطر من مقلتيه، ويضرب على صدره عندما شعر باشتعال نيران صدره، اتجه كالمجنون للخارج.
وجده يجلس بجوار اوس وياسين.
صرخ باسمه عز زززز.

نهض ينظر لوالده وعلم بالمواجهة المحتومة من هيئة والده التي ظهر بها
وقف صهيب أمامه واسودت عيناه عندما تذكر حديث زوجته، رفع يديه وقام بصفعه بقوة ارتد جسده من قوته
تسمر جواد الذي وصل للتو عندما وجد اخيه يصفع ابنه، كانت صدمة تجتاحه بالكامل فظل ينظر لأخيه مدهوشا
ثم صرخ به: صهيب
اطبق عز جفنيه وتمنى بدل الصفعة رصاصة الرحمة للتخلص من تلك الحياة البائسة.

خرجت غزل على أصوات الضوضاء بجوارها رُبى التي وقفت تنظر لعمها والغضب الذي تحكم به
امسكه صهيب يهزه بعنف
- معقول إنت ابني، صرخ به
- انت مين يلا?
نظرت غزل لنهى التي تقف تبكي بدموع الوجع على ولدها، رفعت نظرها لغزل تهز رأسها: مقدرتش كان لازم يعرف
وزع جواد نظره بين صهيب الذي يراه لأول مرة بهذه الحالة وعز المستسلم لوالده دون حديث، اتجه متحركا إليه
فيه إيه اتجننت بتضرب ابنك قدام ولاد عمه الاصغر منه.

دفعه صهيب وكأنه مرض مؤذي لجواد
- قول لعمك عملت إيه يامحترم. وخليه بعد كدا يوقف قدامي ويحامي لك
اغتاظ جواد من أسلوب أخيه المستفز م سخريته ولكن سرعان ماتحول لذهول عندما اقتربت رُبى ووقفت بجوار عمها
- أنا هقولك إيه اللي حصل يابابا.
بالأسكندرية وصل ريان لفيلته ووجد عمر ينتظره بالخارج بجوار رئيس أمن الفيلا، وبعض القتلى
اتجه عمر إليه
- وصلنا بالوقت المناسب، دول عناصر متدربة كويس لولا شركة الأمن متفوقة مكناش نعرف نسيطر
أومأ ريان برأسه متجها لعارف المسؤل عن أمن الفيلا
- قبل ماالشرطة توصل وتاخدهم عايز اعرف مين وراهم، ثم أشار بيديه لذاك الذي يظهر الوشم بكثره على عنقه وذراعيه
- أبدأ بدا ياعارف وأعمل معه الصح.

أومأ عارف بطاعة واتجه لينفذ تعليمات ريان.

تحرك ريان للداخل. ويكاد قلبه ينشق خوفا على زوجته وأولاده، رفع هاتفه وقام الأتصال
- كان يتناول إفطاره وبجوراه تلك الصامتة التي تنظر إليه بمقت وغضب
نهضت من مائدة الطعام متجهة للخارج
وضع الطعام بفمه يطالعها بنظراته
- رايحة فين
اطبقت على جفنيها تحاول أن تمتص غضبها بداخلها حتى لا تقوم بقطع عنقه بالسكين الذي يقطع بها طعامه
استدارت بهدوء
- خارجة الجنينة ولا دا ممنوع ياحضرة العقيد...

قوس فمه ورفع حاحبه بسخرية
- اقعدي لما اقوم، محدش فهمك ماينفعش تقومي من الأكل وجوزك لسة قاعد بياكل
وصلت اليه بخطوة ورفعت سبابتها تتحدث بغضب
- انت ناوي تغظني وتموتني صح. ماتختبرش صبري ياباسم علشان متندمش
اكمل طعامه بهدوء وهو ينظر لها بانتشاء
- براحة على قلبك ياقطة لسة محتاجه قدام يحصلك جلطة ولا حاجة وانا لسة مجبتش ولاد منك ياعمري
جذبت السكين من على المائدة وأشارت له بها
- هقتلك ياباسم لو حاولت تقرب مني.

مسح فمه وابتسم بسخرية
- ابعدي اللي في ايدك ياقطة، دي مش مسكرة بتحطيها على رموشك الحلوة دي
اشار بيديه على الطعام
- دي ياقلبي بنقطع بيها اللانشون اللي قدامك دا وبنحطها في بوقنا كدا وبعدين نمضغها كدا، قالها عندما وضع قطعة من اللانشون بفمها بالسكين الذي، بيديه
جذب السكين من يديها والقاها على المائدة
- ابلعي اللي في بوقك وممنوع بعد كدا اكل يتحط قدامك وماتكليش لاني مش ناوي اخليك تاكلي من غيري.

قالها عندما جذبها من خصرها بقوة. يقبل جانب فمها ثم همس لها
- طعمه حلو عارف علشان انا اللي عامله بايدي. قاطعهم رنين هاتفه
اتجه للخارج ليقوم بالرد
- ايوة ياريان. ظل يستمع لما قاله ريان على الجانب الأخر، ثم نظر لساعة يديه
- تمام ياريان نص ساعة وهتلاقي الأمن محاصر الفيلا هنا، ولو عايز المزرعة.
قاطعه ريان
- باسم انا عندي مؤتمر صحفي بكرة الصبح ومينفعش اتحرك من اسكندرية الليلة.

ولادي ومراتي بأمنتك. طبعا جواد عنده اللي مكفيه فهعتمد عليك
اجابه باسم
- تمام ياباشمهندس. كله هيكون تمام
بالاسكندرية بعد اغلاقه الهاتف
جلس على المقعد يشعر بصداع يكاد يفتك به، بسبب تلك الضغوطات التي تعرض لها في ذاك الوقت
دلف عمر المصري إليه ينظر عليه بخوفا
ريان انت كويس
أومأ برأسه يمسح على وجهه
- كويس ياعمر، كويس. نظر متسائلا
- سيلا معاك
هز رأسه بالرفض واجابه
- لا مجتش عمر كلمها وقالها خليكي عند بابا الليلة.

هز ريان رأسه
- كويس خليها عندك لحد مانسافر القاهرة
ضيق عمر عيناه
- هتسافر القاهرة ليه
- انت ناسي عندنا إفتتاح المصنع الجديد اللي في 6اكتوبر ولا إيه
تنهد عمر ناسيا
- نسيت والله بسبب سفري بين القاهرة وانجلترا، بس مقولتش مين اللي عمل كدا. وليه؟
رجع بجسده ريان على المقعد مغمضا عيناه، دلف عمر ابنه
- بابا عرفنا مين اللي عمل كدا
فتح ريان عيناه وأردف
- عصابة جاكلين مش كدا
اومأ عمر برأسه بالموافقة.

- ايوة هما، دول مافيا يابابا مش مجرد عصابة عادية، دلف ضابط الأمن يتسائل عن ماحدث
اشار ريان لعمر
- خد حضرة الضابط واعمل اللازم ياعمر
- ريان، ومين الناس دي وعايزين منك ايه، وليه جاكلين راجعة بعد السنين دي كلها
تسائل بها عمر المصري
أغمض عيناه وتذكر ذاك اليوم
دلفت إليه بغضب تدفع السكرتيرة
- لازم نتكلم ياريان
أشار ريان للسكرتيرة
- هاتي قهوتي يادنيا. ثم أشار لجاكلين بعد ارسال رسالة لشخص
اقعدي ياجاكلين.

جلست تضع ساقا فوق الأخرى. لتظهر ساقيها أمام ريان. فكانت ترتدي تنورة تصل ما فوق الركبة. مع كنزة عارية الذراعين. مفتوحة الصدر بالكامل
تبسم ريان بسخرية على مظهرها الذي أشمئز منه. أمسك القلم الذي أمامه ينظر إليه ثم رفع نظره إليها
- سامعك ياجاكلين
اقتربت من مكتبه تنظر إلى مقلتيه.

معنتش بتقولي جاكي ليه ياريان، لدرجة دي نسيت ايامنا، نسيت جاكي اللي مكنتش بترتاح غير معاها، ورغم انك خسرتني فلوسي كلها وخلتني اشحت سنين لحد ماوقفت على رجلي تاني
ليه عايز تدمرني. بعت ناس تاخد مني المشروع اللي بقالي سنين بحاول اعمله بالقاهرة
نهض ينظر من النافذة وهو يستمع إليها دون النظر إليها، ثم استدار وتحدث
جاية وعايزة ايه ياجاكلين
- عايزة تدخلي شحنة من المينا وبعربيات شركتك ياريان.

وضع يديه بجيب بنطاله وتحرك مستندا على الجدار خلفه. ثم ضيق عيناه وتسائل
- شحنة ايه دي ياترى.

مط شفتيه للأمام وتحدث
- ممكن تكون شحنة لحمة فاسدة. او أدوية فاسدة برضو، ولا نقول سكر بودرة
بطريقة جهنمية جاكي خانو
جحظت عيناها مما استمعت لحديثه، كان يعلم بما تفعله
نهضت متجهة إليه وتحدثت بأنفاسا متقطعة
- لا مين قالك كدا. دي سليمة، قاطعها عندما اشار بيديه
- انا اتجنبتك وحاولت ابعد عنك رغم انكم حاولتوا تقتلوا ابني، هزت رأسها برفض.
حاولت الحديث قاطعها دلوف جواد كالثور
- واخيرا ظهرتي ياحقيرة.

نظرت لجواد وتسائلت بعيناها، دفعها بقوة على المقعد وجلس امامها واضعا ساقا فوق الاخرى ينظر إليها نظرات جحيمة ثم تحدث
- هنتعرف متخافيش، دا لو هبلك وزك وشغتلي عقلك الصغير دا بالإستعباط
نظر حوله وتسائل
- فين الحقير التاني
رفع ريان كتفه وأجابه.

- جت لوحدها. شوف الصدف يااخي قالبين عليها إسكندرية بقالنا اسبوع. وهي جت لوحدها، لو سمعت مني ياجواد كنت زمانك ارتحت وريحتني. ثم اتجه بنظره لتلك المنكمشة على المقعد وتحدث وريحنا جاكي كمان
نهضت متجهة للباب.
- انا همشي معرفش بتتكلموا عن إيه
جذبها جواد بقوة حتى اصطدمت بمكتب ريان. ثم دفعها على المقعد
- رايحة فين ياروح امك. مستعجلة ليه. دا السهرة لسة في اولها
-إنت مين أنا معرفكش، تسائلت بها جاكلين.

قهقه جواد بلا مرح
- شوف إزاي متعرفيش انا مين، انا اللي خرب بيتكم ومسك شحنة السلاح والمخدرات على الحدود ياحلوة، انا اللي بعتله واحدة حقيرة علشان تلعب على بنتي في الجامعة وتحطلها حبوب مخدرة في شنطتها وقهوتها كمان. انا اللي عملتوا لعبة وس، خة على ابن اخوه، وفهمته انه هيكون أشهر لاعب
اعتدل يحاول السيطرة على نفسه حتى لا يلقيها من الطابق العاشر وتسقط صريعة بالحال، دار حولها وتحدث بغضب.

- ولد عنده سبعتاشر سنة حاولت تلعبوا بعقله وتغره باللعب لأندية كبيرة مع بعض صور مزورة انه مطلوب.
نزل بجسده ينظر لمقلتيها بنيران مشتعلة تحترقها بالكامل
-وايه المقابل ياترى
فارس عايزين منك شوية صور جنسية مع صحابك الشباب، صرخ بها جواد عندما صفعها بقوة حتى سقطت من المقعد من قوة صفعته. ركل المقعد بقدمه ممسك خصلاتها وصرخ
- حقيررررررة، صرخ جواد عندما اصابه الجنون وهو يتخيل ماسوف كان سيفعله فارس ابن صهيب.

امسك خصلاتها بين يديه والحقير التاني اللي مفكر نفسه اذكى مننا
باعت ناس يلعبوا بابن ريان. الصراحة لعبتوها صح. تلهوا ريان بابنه علشان تدخلوا المخدرات في عربياته وأهو دا واحد نضيف ومعروف ومستحيل يشكوا فيه ويفتشوا عربياته، والتاني خلاص كشفنا. اهو يسيب شغله شوية ويتلهي يدور على الولد الصايع اللي حاول يشغل ابن اخو ديلر
دفعها بقوة على الأرضية وهي تصرخ
- إنا معرفش بتتكلم عن إيه.

جلس جواد ودقات قلبه تتزايد بسبب غضبه. رفع نظره لريان الذي يقف عاقدا ذراعيه
- الولد الحقير التاني كان اسمه فكرني بيه
اتجه ريان يجلس بمقابلته ينظر لحالة جاكلين المزرية
- اسمه دانيال
هز جواد رأسه وتحدث
- طيب الحقير دا عارفين جنسيته وديانته وله يعمل كدا، دي تعمل كدا ليه. اللي اعرفه إنها مصرية ومسلمة كمان، ولا قعدتها في انجلترا نستها اصولها
رفع نظره إليها وهي تصرخ بهم
- معرفش قصدكم على إيه.

- فين دانيال يابت، تسائل بها جواد
نهضت تمسح شفتيها من الدماء وتحدثت ساخرة
- وجعكم اوي مش كدا، لا ولسة ياجواد باشا لسة التقيل جاي ورا
قالتها وتوجهت سريعا للباب. فتحت باب المكتب. إذ بقوات الأمن تحاصرها
نظرت بذهول وأردفت بلكنتها البرياطانية
What do you want
اشار جواد، خدوها
استدارت اليه
- ماتقدرش تحبسني ساعة واحدة متنساش انا مواطنة معايا الجنسية الامريكية والبريطانية
اشار جواد لفريق الأمن
- خدوها من وشي...

اتجهت اليهما وأردفت بغل
- أنا هخرج بس، نظرت لريان وتحدثت
- تلقى مني ياريان انا كنت لحد النهارده بعتبرك صديق وحبيب، انت اللي قطعت الوعد
دلف ضابط الأمن وجذبها وهي تدفعه
- أنا همشي، بس عايزة اشوف إذن النيابة
خرج ريان من شروده عندما وصل عمر اليهما
- بابا كلمت ماما واطمنت عليهم ولا لسة
هز رأسه وأمسك هاتفه
كانت نغم بمطار الأسكندرية بجانب ولديها وابنتها وابن عمر المصري ريان، ينتظرون إقلاع الطائرة.

- ريان انت كويس، تسائلت بها نغم
كويس يانغم. أجابها بهدوء رغم ضجيج دواخله وسيطرة الغضب عليه
صرخت به نغم وتسائلت
- مين دول ياريان وعايزين إيه، من اسبوع ابني ينضرب عليه نار والنهاردة يهجموا على الفيلا، لازم تفهمني حالا
مسح على وجهه وحاول السيطرة على أعصابه
- نغوم انا تعبان ومش قادر اتكلم توصلوا بالسلامة هتلاقوا عربية أمن مستنياكم من باسم، طمنيني أول ماتوصلي سلام
قالها ثم اغلق الهاتف
بالمشفى.

اتجهت ربى تقف بجوار عز وتنظر اليه بهدوء، ثم اتجهت بنظرها لوالدها
- عمو صهيب زعلان من عز علشان عايز يسافر، وطلب مني نتجوز وأسافر أكمل تعليمي، حضرتك عارف امنيتي أصلا إني أكمل تعليمي برة
طبعا عمو صهيب رفض الفكرة تماما وانا مع عمو لما لقيته رافض، فهو أصر انه يسبنا ويسافر مع إنه مش محتاج للسفر يابابا، قالتها ربى وهي تنظر إلى عز الذي يقف ينظر بنقطة وهمية وكأنه لم يستمع لحديثها.

وزع جواد نظراته بينهم. ثم اتجه إلى صهيب وتسائل
- يعني عايزة تفهميني إن صهيب ضرب ابنه الكبير قدام اخواته الصغيرين علشان سفر
اتجه بنظره لصهيب وتسائل
- معقول ياصهيب. تعمل كدا علشان حاجة هبلة زي دي
هزت غزل رأسها تستنجد بصهيب الذي كان يناظرها، أغمض عيناه وسحب نفسا عميقا متجها لأخيه
- هو فيه أكتر من كدا وجع ياجواد، أربي وأكبر وفي الآخر يبعد بدل مااستند عليه يسبني لوحدي.

ظل جواد صامتا ينظر إليهم فقط للحظات ثم جذب عز من يديه
-
- متخافش ياصهيب عز مش واطي علشان يسيب أبوه ويسافر مش كدا يلا? قالها جواد وهو يلكم عز بصدره
جذبه متجها لغرفة بجوار غرفة غنى
جلس وأجلسه بجواره
ظل يطالعه بنظرات صامته ثم تحدث
- سامعك ياعز، قول لأبوك اللي مخبينه. مش هقول قول لعمك لا بقول قول لأبوك. او صاحبك مش إحنا اصحاب يلا?.

أصعب شعور يمر على الأنسان هو أنك تشعر بأنك صغيرا امام شخص اعطاك الثقة الكاملة، هذا ما شعر به عز
تنهد بألما ورفع نظره لعمه
- حضرتك علمتني أكون اد مسؤلية غلطي وأتحملها بنفسي. والغلطة اللي أغلطها أصلحها واخد منها قوة وعزيمة تبنيني مش تهدمني
كان جواد يراقب تفاعل وجهه مع حديث
رفع نظره لعمه وأردف
- لكن حضرتك نسيت تعلمني لما أغلط غلط صعب يداوى اعمل ايه. ولما مقدرش أتحكم في نفسي أعمل إيه.

مقولتليش أعمل ايه لما اخون ثقة حد غالي اوي فيا. لما أكون حيوان مع أقرب الناس أعمل إيه، لما اكون ضعيف ومقدرش أسيطر على ضعفي أعمل إيه
اخرج زفرة حادة من جوفه عله يهدأ ذلك الألم الذي يملأ داخله.

- للأسف انا غلط وغلط غلط كبير مايتغفرش. ولو دبحتني هقول من حقك تعمل اللي حضرتك شايفه، أصلي نسيت أقولك في الأول اللي قاعد معاك داطلع مش راجل. طلع واطي وحيوان، بس حظه الأسود فوق دا إنه راجل مجروح فوق ماتتخيل، لم يستطع كبت دمعة عينيه التي خانته وتساقطت رغما عنه
جذبه جواد لأحضانه عندما وجد عجزه وضعفه لأول مرة
ربت على ظهره وتحدث.

- ليه يابني الضعف دا كله. وليه بتقول على نفسك حيوان، ضم وجهه بين راحتيه وصاح بوجهه
- مفيش حد من عيلة الألفي حيوان يلا? سمعتني، ممكن تغلط. ممكن تكون غبي في حل مشكلة بس مش حيوان
نزلت عبراته تغسل قلبه وعقله قبل وجهه
رفع نظره لعمه وأردف بصوتا باكي
- مستهلش منك كدا، اللي قاعد عمّال تراضيه دا خان ثقتك. وطعنك في ضهرك.

عبرات حارة سقطت من عيناه كانت افصح وابلغ من كلمات سيقولها فهو يعلم ان حديثه سيصيب جواد بسكتة قلبية منه
وطأ رأسه بخزي وحزن. طلعت حيوان ياعمي. رفع جواد ذقنه وأردف محاولا فهم ماوصل إليه
- حبيبي فهمني عملت ايه وليه بتحسسني إنك عامل مصيبة.
انزل يد عمه من على وجهه وأردف.

- طلعت حيوان وكنت هضيع بنتك. كنت هضيع حبيبة عمري. توقف اللسان رغما عنه وحاول أن يتحدث مرة أخرى عندما وجد ثقل بلسانه وصعب خروج الحروف من فمه، رفع نظره لعمه وتحدث
- كنت هغتصب رُبى، ابنك اللي كنت بتفتخر بيه فقد السيطرة على نفسه وأعصابه وكان هيغتصب بنتك
هزة عنيفة أصابت جواد، نظر إليه بذهول عندما اصاب عقله صدمة لم يستطع فهم مايقول...
هز رأسه ونظر إليه بإستفهام.

- معلش ياحبيبي، عمك كبر في السن وسمعه بقى تقيل. وبقى يستمع لتهيؤات صعبة الاستعياب
نزل بنظره للأسفل ولم يجاوب عمه، أنسدلت عبراته فقط، هنا انصدم جواد
ووقف بذهول يهز رأسه غير مستوعب ماقاله ذاك المعتوه. قبضة قوية عصرت قلبه مما جعله ينزف داخليا بكم الآم الذي شعر بها، فجأة اتجه يقبض على عنقه فاقد السيطرة بالكامل، وهو يتخيل زُعر إبنته وحديثها لوالدتها أثناء سفرهم
تحولت عيناه لنيران واردف بغضب.

- إنت تخون ثقتي ياحيوان، فكرتك راجل يلا? وأنت حيوان حقير، . أمنتك على بيتي
كان مستسلما تماما لعمه لم يقاوم، تمنى أن تزهق روحه تماما، امتقع لونه بشدة وأصبح شاحبا كلون الأموات
اتجهت غزل سريعا تدفعه بكل قوتها
- جواد سيب الولد. اتجننت عايز تموت ابنك. نظر إليها بغضب
- كنتِ تعرفي باللي عمله الحيوان، لكمته بصدره بقوتها وصرخت بوجهه
- اه عرفت، ماهو من نصيبي اعيش الوجع مرتين. شكلك نسيت الماضي ياحبيبي.

تجمد بمكانه لايعي حديثها في ذاك الوقت. اتجهت ووقفت امامه
- لو نسيت فيه واحد عمل كدا زمان. ولا علشان ملهاش اهل ياخدوا حقها تنسى
فقد قدرته على الحركة أو الكلام. رفع نظره الى عز الذي جلس كجثة هامدة لا يشعر بما حوله. فقط نظرات تائهة مشتتة، دموع بغزارة على وجنتيه. شعر بإنسحاب انفاسه عندما اسند جسده على الجدار خلفه. وهو ينظر إلى سقف الغرفة كأن لا يوجد أحدا معه، ذهب بذاكرته لسنوات وهو يتخيل ذاك الموقف.

ابتلع ريقه الجاف وتوجه لغزل الذي أصابها الألم بحالة زوجها عندما أردفت بكلامها الذي لم يعقل
- إنتِ كنتي مراتي وقتها، اردف بها بلسان ثقيل وصدمة تظهر على وجهه
اقتربت إليه ممسكة بيديه
- حبيبي أنا مش قصدي الإتهام أنا قصدي فقد السيطرة بيعمل إيه
هز رأسه ونظر إليها
- روحي لغنى. شوفيها وشوفي تهاني عملت إيه
-جواد. اردفت بها غزل
أشار يكفيه
-روحي لبنتك. قالها بصوت فاقد الحياة
اتجه جالسا بمقابلة عز.

- عز احكيلي ايه اللي حصل. كان ينظر بشرود كأنه لم يستمع لشيئا
صاح جواد بصوتا مرتفع. رغم نيران صدره
إلا انه توجه إليه وجلس بجواره
- احكي لعمك ياعز سامعك
أطبق على جفنيه وأردف
- خلاص ياعمو مفيش حاجة تتحكي
بشقة جاسر
بعد إغلاقه مع جنى
دلف الى الشقة يبحث عنها بعينيه، اتجهت العاملة إليه.
فين فيروز ياعلية
أشارت لغرفة المعيشة
- جوا قدام التليفزيون.

دلف إليها. كانت تستند بجسدها على المقعد تشاهد فيلما اجنبيا. لم تشعر بوجوده. ظل ينظر إليها للحظات. كانت ذابلة شاحبة اللون يبدو إنها لم تتناول طعامها منذ فترة
رفعت نظرها إليه عندما استنشقت رائحته
وقفت متجهة إليه
- جاسر قالتها بشفتين مرتعشتين، حمدالله على السلامة
اتجه يجلس على المنضدة التي توضع امامها
- رجعنا لزعل التاني يافيروز. والغضب عن الأكل، ينفع كدا. شوفي نفسك بقيتي عاملة إزاي
نظرت إليه وتحدثت.

- عايزة اخرج اروح جامعتي. وأكمل دراستي هفضل محبوسة لوحدي كدا، انت قولت هتسفرني برة ووعدتني بدا. وعدى اكتر من شهرين وانا زي ما انا
طيب قومي كلي وبعدين نتكلم
هزت رأسها برفض وأردفت
- لما تخرجني من البلد زي ماوعدتني. ولا تاخدني عند باباك اللي هيقدر على عمي. مش انت قولت كدا
تنهد بحزن وسحب نفسا عميقا
- طيب قومي نتغدى وبعدين نتكلم
اتجه للمائدة وسحبها تجلس بمقابلته
رفعت نظرها إليه.

- جاسر هتفضل كدا. بقيت مبتجيش خالص
اجابها
- فيروز مينفعش. قولتلك إنت بنت لوحدك وأنا شاب.
- طيب ماهو دادة علية معانا ايه اللي يمنع تيجي تقعد معايا شوية، أنا بزهق
زفر بضيق ثم سحب نفسا وتحدث
- اللي بتقوليه دا مينفعش لا شرع ولا دين يقول كدا، قعدتي معاكي دلوقتي غلط. غير طبعا بابا لسة ميعرفش.
جلست تأكل بصمت دون حديث آخر
وذهب بذاكرته لذاك اليوم
كان يجلس مع جواد حازم بقسم الشرطة قاطع حديثهما رنين هاتفه.

- جاسر أنا خبط بنت بالعربية وواخدها المستشفى بس فيه ناس بيجروا وراها وبيضربوا نار علينا
نهض سريعا متجها للخارج وهو يتحدث إليه
إنت فين ياياسين
- أنا في الرحاب لسة خارج من شوية
تمام كويس، حاول تتوهم وروح على شقتي اللي هناك
وانا في الطريق. وخد رقم العربية.

بعد قليل
دلف للشقة كانت تجلس تنتفض من الخوف. وتنظر حولها بخوفا، نظرت لذاك الذي جلس بيهيبته رغم صغر سنه
نظرت لعيناه السوداء التي تشبه ظلام الليل. وكانت تبث الرعب لعيناه. وقفت متجه لياسين تقف بجواره
- مين دا تسائلت بها فيروز
أومأ بعينيه مردفا
- متخافيش دا جاسر أخويا. هو ظابط
تحرك جاسر يطالعها بنظرات ثاقبة ثم رفع نظره لأخيه
- مين دي وازاي خبطها
حكى ياسين ماصار
اتجه بنظره وتسائل
- انتِ مين وأسمك ايه؟

اسرعت تتحامى بياسين وتمسك بذراعيه
عايزة أمشي، شكرا لحضرتك
انا كويسة وتحركت متجه للباب
توقفت عندما تحدث جاسر
- مستنينك تحت حتى بصي، من الشباك
اتجهت للنافذة سريعا تنظر
كانت هناك سيارة تنتمي لأمن لأحد الأشخاص الموجودين بالمبنى...
تراجعت بجسدها ظنا منها انهم هم الذين يراقبوها
ابتسم جاسر على برائتها الطفولية. ثم جلس على المقعد واردف
- اسمك إيه وأيه حكايتك
نظرت بخوف وهي تفرك بيديها
- فيروز قالها بصوتا منخفض جذاب.

نظر لعيناها التي تشبه أسمها وشعرها الأسود المنفرد على ظهرها وبعض المتمرد على وجهها. نظر لذراعيها التي تحمله متألمة
قام برفع هاتفه متصلا باحد الأطباء
ثم توجه اليها بالحديث
اسمك رباعي ايه
- فيروز عامر الهاشمي من المنصورة
- المنصورة: تسائل بها
- وايه اللي جايبك القاهرة
رفعت نظرها وأردفت بغضب
- هو تحقيق ولا ايه. عارفة انكوا حمتوني بس دا ميديش الحق التطفل على حياتي
ذهل من ردها الغاصب.

قهقه بصوتا مرتفع على شراستها، ثم تحدث
- لا ياصغنن عايز اتعرف مش يمكن اتقدملك
وقفت تنظر له بذهول رغم دقات قلبها العنيفة ورفعت سبابتها
- مش مسمحولك تتخطى حدودك
نهض سريعا ووصل إليها بخطوة
تراجعت للخلف منكمشة وجسدها يرتعش، من قربه ورفعت يديها
- ابعد لو سمحت. اعتبرني عيلة وغلطت
قوس فمه بسخرية
- ماهو انت عيلة. اومال مفكرة نفسك كبيرة دا حتى شكلك شبر ونص
رغم اغتياظها منه إلا انها صمتت على الحديث حتى لا تغضبه.

رفع هاتفه ينظر إليها بتسلي
عمو باسم حبيبي واحشني والله
قهقه باسم على الطرف الآخر
هات من الآخر يابن جواد، وحشتك دي تمنها ايها
تحرك جاسر للنافذة وهو يقهقه عليه
ياكسوفك ياجسور، دايما قفشني كدا ياكبير
-قولي المطلوب وبطل شغل الشحاتين دا يلا?
-اوبس لا كدا دخلت في الأعراض يابسوم. ومفناش من كدا
المهم فيه بنت وقعت قدام ياسين، يعني نمشيها حادثة حاليا. اوكيه ياكبير
مسح باسم على ذقنه واجابه.

- نمشيه ياحضرة الضابط. الاسم بالكامل وخلال ساعتين هنعرف الحادثة حادثة، ولا ليها سيكرت اخر
- حبيبي يابسوم. كدا احبك وانت فاهمني
ياله يلا? اقلب وشك مش فاضيلك
قهقه جاسر مردفا
- ايوة الباشا عريس. انما اخبار المُز ايه يابسوم، لسة قط ولا قلب كتكوت
ضحك باسم بصوتا مرتفع
- ولاه انا شاكك فيك انك ابن جواد. دا لوسمعك هيعلقك ذي الدبيحة
وضع يديه على صدره.

- ياحوستي ياخويا. انت بتشك في نسبي، لا كدا لبخنا بالكلام يابسوم ودا غلط على حالتك وانت لسة عريس
خرج من شروده عندما تحدثت
- ممكن تاخدني يومين عند حياة. هم أكيد رجعوا من شهر العسل
مضغ طعامه واومأ برأسه
- هشوف عمو باسم وارد عليكي، استمع لرنين هاتفه تناوله
- أيوة يااوس
- فينك ياجاسر، بابا جه وحضرتك خرجت مقولتش لحد، وكمان طنط نغم جت وعايز اروح المطار
نهض وهو يحادثه
- تمام عشر دقايق وهكون في المستشفي.

اتجه للباب توقف عندما استمع
- خلاص هتمشي ياحضرة الضابط
استدار بجسده ينظر لعيناها التي ظهرت بها طبقة من الدموع التي تحاول منعها
اقترب منها وتحدث
- هحاول اجيلك بعد يومين واشوف عمو باسم تروحي عند حياة تمام
هزت رأسها بالموافقة
اقترب حتى لم يفصل بينهما سوى خطوة واحدة
- يجي الوقت اللي اعرف اقول لبابا بس وبعد كدا وعد مني هجيلك على طول. لكن حاليا صعب. فيه شوية مشاكل
تحرك إلى الباب ولكنه استدار.

فيروز قالها بصوتا هادي مما جعلها تنظر لعيناه
- بلاش تاكلي تشكوليت كتير، خلصتها من المحلات، هجبلك منين بعد كدا، خايف ابعت اجبها من برة وتكلفني كتير
ضحكت بصوت هادي ونظرت اليه
- جبتلي تشكوليت معاك المرادي
أومأ برأسه ينظر لأبتسامتها التي خطفته من المرة الأولى ثم أردف
- ايوة بس متنسيش نصيبي كل مرة تمام
قالها ثم تحرك مغادر
بالمشفى
كانت تجلس بفراشها تضمها بقوة.

- والله ياحبيبتي دورنا عليكي كتير، وبابا مخلاش مكان لما قلب عليكي فيه
هزت رأسها وهي تصرخ كالمجنونة
- أنا كنت عايشة في كدبة، امي وابويا كانوا كدبة...
أشارت الى نفسها وتحدثت
- انا مضحكش عليكم كنت أتمنى اكون هي غنى. بس التمني حاجة والحقيقة حاجة تانية، صرخت بقهر
- مكنتش اعرف تخليكم عليا حاجة تقهر القلب. انتوا كلكم كدابين
وصل جاسر وهو يتحدث بهاتفه
-تمام ياعمو باسم، الصبح هشوف الموضوع. قاطعه صوت صراخ غنى.

دلف سريعا وجدها تبكي بشهقات وهي توزع نظراتها بين تهاني وغزل
-بكرهكووانتوا الاتنين. توقف جاسر يطالعها لأول مرة بعدنا علم أنها أخته
رفعت نظرها تبتسم بسخرية
-اهو وصل حضرة الظابط إلى كان ناوي يموتني، ايه ياحضرة الظابط
دنى منها بخطوات متمهلة ينظر لملامح وجهها يحدث حاله
-ازاي مااخدتش بالي من الشبه الكبير بينا، بقى بيجاد الغريب يعرفها وانا توأمها معرفهاش.

وصل بحيث جلوسها وجذبها على حين غرة لأحضانه ظنا منها انه سيوبخها
شدد من احتضانها واهة خرجت من جوف حصرته على مافعله بها
-حبيبتي اسف، آسف. على كل حاجة، اضربيني وموتيني اعملي كل ال عايزاها خدي حقك من اخوك عشان غبي وماحسش بيكي، بيجاد الغريب عرفك وتوأمك ياعمري كان عايز يقتلك
خرجت من أحضانه وشهقاتها بالأرتفاع مع شعورها بألام موضع إصابتها
تقابلت نظراتهما بعيونهم المتشابهة.

-ياااه اخوكي، انت عارف معني الكلمة دي عامل فيا ايه دلوقتي. طعمها حلو اوي، واحساسها حلو اوي، بس الوقت وحش اوووووي يااخوي
احتضن وجهها يهز رأسه رافضا كلماتها التي اخترقت صدره وآلمته حد الوجع
-لا ياقلبي. انت تعرفي انا كنت عايش من غيرك ازاي، اوعي تقولي كدا تأني
جذبها يعتصرها بأحضانها ناسيا جرح إصابتها حتى صرخت
ابتعد عنها يقبل كفيها
-اسف، آسف حبيبتي نسيت جرحك
رفعت كفيها ووضعت على وجهه.

-نسيتني لدرجة وجعتني اوي ياجاسر اوي، قولتلك الوقت غلط
تراجعت متألمة تنظر إلى غزل وأردفت
-دا توأمي من كام يوم بس كان هيموتني عشان خايف على حضرتك. جين توقفوا قدامي وتقولي احنا اهلك
برة قالتها صارخة. حاول جاسر السيطرة على صرخاتها
دلف جواد سريعا عندما استمع لصراخها
- فيه ايه اللي بيحصل دا
جذبها من جاسر ونظر يتسائل. ربت على ظهرها بحنان أبوي.

- غنى حبيبتي ممكن تهدي، والله يابنتي، لاندمهم كلهم. كل واحد لازم يتحاسب على حرق قلوبنا
دفعته بقوة حتى أصابت جرحها وصرخت بهسترية
- إنت واحد كذاب، ابعد عني، اياك تلمسني، أنا بكرهكم كلكم.
دلف بيجاد سريعا إليها، ذهل من الحالة التي توصلت إليها
ضمها باحضانه محاولا السيطرة عليها عندما وجدها تؤذي حالها. نظر إلى غزل التي اتجهت سريعا تحقنها بمهدئ.

اما جواد الذي وقف كأن صاعقة تصفعه دون رحمة، حتى مزقت جسده بالكامل إلى أشلاء، ، أسرعت غزل إليه تمسك يديه
-حبيبي دا طبيعي الدكتور النفسي، وضحلنا حالة حاجة زي كدا، متنساش كنا حاطين احتمال انهيارها دا. لكن اللي خايفة منه إنها تعرف بمرضها وتنهار ويحصل انتكاسة
سحب نفسا يحاول أن يتنفس عندما شعر بإختناق برئتيه، ثم هز رأسه وخرج بخطى متعثرة للخارج.

عند ربى
خرجت تبحث عنه بخطوات هزيلة وعبراتها تسبقها لما وصلت إليه، وجدته يجلس بتلك الغرفة التي كان جالسا بها مع جواد
دلفت بخطى متعثرة، كان مغمض العينين متكأ بظهره على الجدار خلفه
خطت إلى أن وصلت إليه
- عز همست بها بهدوء. ولكنه لم يتحرك انش واحد وظل كما هو لم يعيرها أهتمام
جلست أمامه على المقعد وأمسكت يديه وشكبت أصابع يديها بيديه
- عز ممكن تبصلي.

صدمة أصابته من فعلتها هذي. ظل ساكنا يناظرها ويحاول استيعاب ماتفعله، رفع نظره وتقابلت النظرات بينهما، حدث حاله
ياالله كيف أن اتخطى تلك العيون التي تشتعل بالبراءة المفعمة. لماستها له جعلت قلبه يضخ نيران لأوردته وليس دماءا بعدما صار بينهما.

اقترب برأسه منها، ينظر إلى وجهها ويتذكر قبلاته ومافعله بها. ظل يناظرها بصمت كأنه يرسمها داخل قلبه بتلك الطريقة. يعلم نظراته لها بهذه الطريقة خطأ كبير ولكنه عاجز عن تلاشي قلبه
تذكر صفعاتها القوية لقلبه، ومافعلته
دنى حتى اختلطت أنفاسهما وهمس لها يوزع نظراته على وجهها الملاكي الجميل
- مش خايفة الحيوان يتهجم عليكي تاني وياسين مش موجود ولا حتى جنى. مش كان المفروض تجيبي حد معاكي.

أحرقها بكلماته، وأحست بنيران تكوي عظامها بالكامل. ورغم ماشعرت به. رفعت يديها بهدوء تضعها على وجنتيه
- عز قاطعها عندما رجع برأسه للخلف ودفع يديها بعيدا عنه
- ابعدي عني. روحي للي عايزة تديله قلبك وتعيّشه في سعادة. روحي وعيشي حياتك ودوسي عليا بالجامد يابنت عمي.
شعور مقيت جعل دقاتها تتقاذف بين ضلوعها حتى جعل انفاسها تحترق وتنسحب ولاتستطيع التنفس.
نظرت إلى مقلتيه وأردفت بصوتا قوي.

- كمان إنت اللي زعلان. يعني موتني ودبحتني ورغم اللي عملته جيتلك، ومردتش أقول لبابا على حاجة. وجاي كمان زعلان
نهض يثور كلأسد الجائع. يركل المقعد بقدمه ويدفع كل ماتطاله يديه وصرخ بوجهها
- عايزاني اصقفلك. واقولك برافو كتر خيرك انك اتنازلتي وجاية تصالحيني.
اشار على نفسه كالمجنون وهز راسه
- أيوة ماهو الكل دلوقتي شايفني حيوان
اقترب يجذبها بقوة حتى اصطدمت بصدره بقوة آلامتها.

- انا قولت لبابكي، متخافيش ومتكونش مفتخرة اوي بعظمة تضحيتك
وحياة كل ضخة دم في قلبي يارِبى كانت بتنبض علشان أعيش وأحس بالحياة معاكي لحد ما حبيتك بجنون. انسدلت دمعة غائرة من عينيه ونظر لرماديتها
- قابلتي حبي بإيه. ولا حاجة كل اللي عملتيه كسرتيني. حاجة بسيطة أوي
ذلتيني علشان بحبك. وياريت عارف اكرهك. مش عارف اكرهك يابنت عمي.

اصلك جوايا زي النبتة اللي اهتميت بيها لحد مابقى لها جذور وفروع في جسمي كله، للاسف ماينفعش تخلعيها. اصلك لو خلعتي حاجة هتلاقي فروع تانية. اللي طالبه
قوليلي على حل علشان اكرهك وأنا مستعد اعمله
ازداد ألم قلبها بداخلها وتشكلت غصة مريرة بحلقها جعلتها عاجزة عن التنفس من حالته التي وصل إليها
وضعت يديها على صدره تتحسس نبض قلبه الذي يتقاذف تحت يديها.

أغروقت عيناها بالدموع وتناست كل شيئا وألقت نفسها بأحضانه تبكي بنشيج
- والله غصب عني. والله ماقدرت أشوف حد بيكلمك كدا وأسكت. قلبي ولع نار وكنت بقول أي كلام وخلاص. كنت عايزة احسسك بالنار اللي جوايا.
خرجت من أحضانه عندما لم يبادلها وظل كالتمثال. فقط دموع على وجنتيه
- عز أنا بحبك أكتر مابحب نفسي
القلوب تحترق بهدوء قاتل والألسنة عاجزة عن الحديث. فماذا يقال حتى يشفي جراحهم.

بصعوبة كمم صراخ قلبه الذي كان ينتفض بحضورها وضمتها له. وكلمته التي شعرته بدقات عنيفة بأسمها وحدها، عشق دفين يضخ بجميع اوردته، ورغم ذلك رفع نظره واظهر قسوته التي لأول مرة يشعرها بها
- احنا مابقناش ننفع لبعض. لاإنت تنفعيلي ولا أنا انفعك، كل اللي بناخده من بعض الوجع وبس
أنقبض قلبها جزعا حتى آلمها وشعرت بشيئا حاد يخترق صدرها عندما تحدث بذاك الحديث
أقتربت تلكمه بصدره عدة لكمات وتصرخ به كالمجنون.

- مش بكيفك ياعز، مش بكيفك تدبحني وتسبني. مش بكيفك احبك الحب دا كله وتبعد عني. سامعني ولو على نهاية لقصتنا انا بس اللي احطها ودا أخر كلام في الموضوع دا. دنت ودنت حتى اقتربت منه للحد الغير مسموح ووضعت يديها على صدره
- طول مادا بينبض للحياة هيفضل خاص بيا أنا وبس. إلا في حالتين بس
ياإما أنا أموت. ياإما انت تموت. دا اللي يفرقنا يابن عمي، قالت جملتها الاخيرة بهدوء وهي تنظر لمقلتيه.

تغلغل روحه بابتسامة مغرمة بها بمجرد مااستمع لكلماتها التي حولت نيرانه لبرود الثلج، ودّ لو يحطمها داخل صدره ولكن رجولته تمنعه من هذا
كفراشة خفيفة الظل ابتعدت عنه بضع خطوات متجهه للباب واذ بها تنصدم بالذي يقف يستمع لحديثهما.

في غرفة غنى
ضمها بيجاد لأحضانه يربت على ظهرها
اهدي حبيبي كله هيعدي، قالها وهو ينظر لجواد وعيناه تتسائل بما صار. غفت غنى بعد فترة بسبب المهدأ الذي اعطته لها غزل
جلس جواد على المقعد يضع راسه بين راحتيه، اتجه بيجاد إليه
- ايه اللي حصل لدا كله، رفع جواد نظره
- عرفت الحقيقة
قاطعهم هاتف جواد
- جواد أنا عرفت مين اللي ضرب نار على بيجاد، خرج جواد للخارج
- مين ياباسم.

- جاكلين! واللي معاه. بس فيه طرف كمان بيحفر وراك. ومعرفناش نوصله، المهم جاكلين شغالة مع مافيا، فهمني طبعا
بعتت ناس يراقبوا، وفيه حاجة كمان
فيلا ريان اللي في اسكندرية اتهاجمت من المافيا ولولا كفاءة الأمن تبعه كانوا صفوهم كلهم
مسح على خصلاته يكاد أن يقتلعها من جذورها
- دا ايه المصايب دي كلها ياربي. ازاي دخلوا البلد ياباسم، شوفوا المخابرات ياباسم واعرف الموضوع دا
تسائل باسم
- بنتك عاملة ايه النهاردة.

أجابه جواد
- كويسة. المهم ريان عامل إيه وفي حد اتأذى منهم
تحدث باسم
- كانوا هيخطفوا بنته. هو لسة ميعرفش لولا تدخل المراقب اللي انت معينه لها، تدخل في الوقت المناسب، وعلى فكرة الولد اتصاب واتنقل مستشفى القوات المسلحة بعد التدخل مني شخصيا
ياله عد يابني جمايلي
- تمام ياباسم. هنشوف بعدين
- مالك ياجواد فيه إيه، تسائل بها باسم
مفيش ياباسم لازم اقفل دلوقتي. سلام
عند باسم
نهض متجها للمطبخ يسال العاملة
- فين حياة؟

اشارت له على الحديقة
خرج يبحث عنها وجدها تجلس أمام بعض الزهور تستنشقها بحبور
- الغدا جاهز ياله علشان نتغدى عندي مشوار
ناظرته باستحقار وأردفت
- روح أطفح لوحدك أنا مستحيل أكل مع واحد حقير زيك
قبض على مرفقيها بقوة متجها للداخل ونادى على الخادمة
- هاتي الغدا يامنيرة
وضعت الطعام أمامهم وتحركت للمغادرة
اتجه بنظره إليها
- كلي علشان مفيش أكل تاني بعد دا، لو عايزة تعيشي يعني
هبت واقفة تصرخ بوجهه.

- هي حياتك كلها أوامر وبس، . مش هاكل وادي الأكل أهو. سحبت مفرش الطاولة ملقية الطعام بالكامل على الأرضية
جذبها من خصلاتها وأردف بصوتا كفحيح افعى
- الأكل دا هتلميه وهتاكليه ياحيوانة. وعقابا ليكي مفيش خروج من باب اوضتك
قالها ثم دفعها بقوة، وصرخ بالعاملة
البت دي ممنوع من الخروج. ولقمة عيش حتى هعاقبك عليها، نهض متجها للخارج كعدوا مطارد. توقف للحظات يمسح على صدره من نيرانه الداخلية بسبب مافعله بها.

بالمشفى
اتجه جاسر سريعا لوالده الذي ظل يناظره ثم اردف متسائلا
- كنت فين؟ أنا سايبك مع اخواتك. إزاي تسبهم وتمشي
حمحم جاسر ثم رفع نظره وتحدث
- فيه حاجه حصلت ومكنش لازم اتاخر.
دقق جواد النظر اليه
- ايه اللي حصل خلاك تسيب إخواتك في أهم يوم زي دا وتخرج ياحضرة الظابط
تجمد جاسر بحديثه فلايعلم بماذا يخبره
قاطع تشتت جاسر وصول اوس إليهما
- بابا هروح شوية لطنط نغم اجبهم من المطار. هرجع على طول.

أومأ له دون حديث ثم تحرك متجها لغرفة غنى قابله بيجاد
- فيه موضوع لازم نتكلم فيه لو سمحت ياعمو
سحبه من ذراعيه
- تعالى إنت إزاي كنت عايز تعمل الهبل دا، هتفضل مندفع لحد امتى
ضيق بيجاد عيناه وتسائل
- نعم مندفع بعد السنين دي كلها مندفع
أشار جواد بيديه ليصمت
- كل حاجة بوقتها، ومتخافش كل واحد هياخد جزاته. بس نهدى ونفكر بالعقل.
اتجه بنظره الى طارق الذي وصل اليهما والغضب يعميه.

- انت ازاي تروح تقول للبنت الحقيقة قبل ماتخف. إيه مش خايف تنتكس
زفر جواد بغضب عله يهدأ من نفسه حتى لا يلكمه ويسقط صف أسنانه او ربما يصفعه ليخرصه للابد
تحرك متلاشيا حديثه بالكامل، ثم استدار لبيجاد يسأله
- فكرت في كلامي كويس يابيجاد
وضع بيجاد يديه بجيب بنطاله ينظر بهدوء
ثم أجابه
- آه فكرت وعازمك على فرحنا بعد يومين.

صدمة جعلته عاجز عن الحركة كالمشلول. حاول الحديث ولكن كأن الحروف هربت من فمه. ظل يناظره بصمت ثم اردف
- نعم! فرح مين إن شاء الله
تحرك بيجاد ينظر إليه بتسلي
- ايه ياعمو جواد سمعك بقى تقيل كدا ليه، بقول فرحي هو أنا خاطب حد غير بنت حضرتك. اتجه بنظره لطارق الذي توسعت عيناه هو كذلك من الصدمة واظلمت عيناه حتى من يراه يقول سيرتكب جريمة
أكمل بيجاد حديثه.

- هو مش حضرتك غيرت الورق ولا إيه ياعمو ولا لسة متقيدة بغنى طارق، اقترب بخطواته من جواد ونظر لمقلتيه
- هي اصلا لا غنى طارق ولا غنى جواد. هي غنى بيجاد. ولسة حسابنا متقفلش ياعمو جواد صدقني، مش بعد دا كله جاي بكل بساطة وتقولي أنا عفيتك من أرتباط بنتي
دنى وهمس بجوار أذنيه وأردف.

- بنتك حبها بيجري في دمي، لو عايزني أبعد عنها غيّر دمي معاها وازرعلي خلايا أنا كمان. حتى أنت عاشق قديم وفاهم كلامي. قالها ثم تحرك من أمامه
قهقه جواد رغم حالته في ذاك الوقت على ذاك المنحل الذي سيؤدي، به الى مشفى المجانين
اقترب طارق وتسائل
- انتوا هتجوزها كمان ياجواد، إحنا متفقناش على كدا، انتوا قولتوا سنة مش شهرين ولا ايه.

جز جواد على شفتيه السفلية وهو يكور قبضته مغتاظا من ذاك المستفز، حاول أن يسحب نفسا. اوشك على لطمه بقوة ويخرصه للابد
- أنت مين أصلا علشان تتكلم معانا على فرح بنتي
جحظت عيني طارق وتحدث بصوتا مرتفع
- أنا أبوها ياجواد الأب االي يربي مش اللي يخلف
قهقه جواد دون مرح ونظر إليه نظرات جحيمية واردف بصوتا كفحيح أفعى.

- لو عايز تعيش ياطارق أبعد عن خلقتي وإياك تقرب من مكان يخصني وظيفتك انتهت ياحضرة الدكتور حاليا، أشار بسبابته
- لكن لسة الحساب
اتجه بنظره لأخر الممر وجد صهيب يضم ربى لأحضانه متقدما نحوه
دلف لغنى حتى لا يفعل شيئا يندم عليه
استيقظت غنى وكانت غزل تجلس تربت على خصلاتها
- حبيبتي والله دورنا عليكي كتير. أنا كنت بموت ياقلبي وبدعي ربنا كل يوم إنك ترجعيلي. قالتها غزل بدموع تنسدل على وجنتيها.

- اه اتعذبت كتير بس في الآخر ربنا كان كريم معايا ورجعتيلي
كانت تجلس على الفراش وتنظر في اللاشي دون حديث كأنها لم تستمع اليها
أمسك جاسر يديها وقبّلها
- عاملة إيه ياقلب اخوكي، ليه كدا ياغنى. لدرجة دي كرهنا
- كنتوا بتمتوا فعلا ياجاسر
جذب رأسها وقبلها
- والله ماشفنا السعادة من يوم مااختفيتي ياقلب أخوكي
فُتح الباب ودلف بيجاد يخطو بهدوء ويوزع نظراته بينهما. ثم جلس بالجانب الاخر محاوطها بذراعيه.

- مزعلين مراتي ليه ياانطي غزل. ينفع عيونها الحلوة دي تبكي، على فكرة المفروض الدموع دي تنزل على حبيبك بس، العالم دي سيبك منهم ياقلبي. هما مجانين والله يابنتي ربنا رحمك الكام سنة اللي مكنتيش فيها معاهم...
ابتسم جاسر لمناغشة بيجاد
نظر بيجاد لعيناها وأردف.

- وحياة الولا جاسر الأهبل اللي عامل زي عفريت العلبة دا. كلهم مجانين متعرفيش أولهم فين واخرهم تعالي نبدأ بالبوص الكبير اللي عامل فلانتينو وهو مش محصل أبو رجل مسلوخة، كل شوية اخرص يلا?
ولا الأهبل اللي قاعد جنبك دا كل شوية يطلعلي من مكان وعاملي فيها ضابط. وهو عامل زي حرامي الغسيل. وحياتك ياقلبي معرفش داخل شرطة إزاي. مط شفتيه للامام بطريقة مضحكة واكمل.

- كله بالوسطة. عارف ماهي البلد دي الواسطات كتيرة فيها
ضيق عيناه يبحث عن اوس
- الولد الطويل الأهبل اللي كان هنا راح فين، عامل فيها مهندس وهو اخره مهندس تُرب، رفع ذقنها ينظر إليها عندما وجد ضحكاتها تملأ الغرفة
الولد أوس فاضح نفسه بالحب، بيحب البرنسس ياسمينا المنشاوي. طبعا انتِ عارفة مين ياسمينا المنشاوي، دي ملكة جمال الكون كله، اكيد طبعا مش بنت أبويا واخت بيجاد لازم تكون بسكوتاية
ضيق عيناه واردف.

- بس وحياة طنطك نغم لأخليه عامل زي المعزة الجعانة، اصبري عليا
مين لسة ناقص في العيلة. ايوة دا بقى مظلوم في ام العيلة دي. حضرة الضابط المستقبلي ياسين الألفي
وضع ذراعيه على كتفها ويديه الأخرى على ذقنه وأردف
- انا بتهيألي الله واعلم الولد دا لاقينه على باب جامع، ماهو مش معقول. ولد كُمل كدا وعقل، وهيبة كدا يبقى اخ العفرتين دول وإبن الراجل اللي عاملي هتلر دا
قهقهت بصوتا مرتفع على كلماته.

ظل الجميع ينظر إليها بابتسامة. اقترب بيجاد وهمس بجانب اذنها
- اسكتي اصلي وحياة حماكي ابن المنشاوي هبوسك دلوقتي قدام الكل ولا يهمني أكبر واحد في عيلة الألفي
أحمرت وجنتيها من حديثه واسبلت اهدابها متحاشية النظر إليه. كان يقف على باب الغرفة ينظر إليها وإلى ضحكاتها التي ملأت قلبه عزفا موسيقيا
اتجه بيجاد بنظراته إليه ثم أومأ بعينيه والتفت إليها عندما دلفت رُبى إليهم ويبدوا عليها آثار البكاء.

- نسيت أقولك على أجمل شخص في العيلة دي، طفلة بريئة. زي حنان ترك في المسلسل بتاعها معرفش كان إسمها ايه. المهم دي براءة باستعباط. متعرفيش دا ذكاء ولا هبل، المهم بت كيوتي خالص
أشار بيديه على رُبى
- تعالي ياروبي جنبي هنا
جذبها عز بيديه الذي دلف للتو وهو ينظر إليه نظرات نارية
- اولا إسمها رُبى. مش روبي يااستاذ بيجاد، قالها عز بغضب
رفع بيجاد حاجبه بسخرية ونظر لغنى.

- مش بقولك عيلة مجنونة، اهو جالنا أكبر مجنون المهندس عز، دا مصمم مناخير أبو الهول اللي ضايعة وبيدوروا عليها. اكيد عرفتي بيدورا عليها ليه
ابن الراجل اللي واقف وراه دا. دا ياقلبي كوميكس العيلة الحق يتقال
رفعت غنى نظرها ورددت
- عمو صهيب
ضمها بيجاد لأحضانه مخبي وجهها
- بلاش تبصيله. دا من حلاوته بيخطف البنات بنظراته المسهوكة.

تنهد جواد وخرج عندما وجدها اتجهت بالحديث مع جاسر وغزل
لاحقه صهيب يناديه
- جواد، أغمض جواد عيناه واستدار ببطئ إليه. ثم رفع يديه وتحدث
- عز قالي كل حاجة ياصهيب. وأنا سامحته متخافش مش ابننا اللي يخبي، غلطه. دا ابني قبل مايكون ابنك، قالها جواد وتحرك خارج لحديقة المشفى
بمطار القاهرة
كان ينتظرهم بصالة الوصول.

وجدها متوجهة مع والدتها ومالك وحمزة اخوانها إلى جانب ذاك المعتوه ابن عمتها، كاد أن يصل إليه ويقبض على عنقه بسبب
قربه منها. تحرك متجها اليهم سريعا
- طنط نغم حمد الله على السلامة...
كان الأمن يحاصرهم من كافة الجهات، دلفوا سريعا لسيارتهم المصفحة المصفوفة بجانب المطار. فكان ريان مأمن حمايتهم
دلف ريان عمر بجوار السائق، بينما دلفت نغم وولديها بالخلف
اتجه اوس لنغم واردف
- هاجي وراكم انا وياسمينا.

هزت نغم رأسها بالرفض، فهي بحالة لا تسمح بالنقاش
- مينفعش ياأوس. بلاش تدخل في صدام مع ريان لو سمحت
نظر إليه ريان عمر وتسائل
- بأي حق هتاخدها عربيتك. ثم اتجه لياسمينا بنظراته
- اركبي ياياسمينا جنب ماما مينفعش نفضل واقفين كدا
انخفض اوس براسه لنغم يحادثها من نافذة السيارة
- انا حبيت اعرفك علشان متقلقيش. خطيبتي معايا واحنا وراكم ياكدا يامفيش ثقة بينا ياطنط
تنهدت نغم وأشارت بيديها إليه.

- صدقني مش قادرة اتكلم يااوس. الحقنا ياله
جذبها أوس بقوة من رسغها واتجه لسيارته خلفهم، صرخت من قبضته الفُلاذية. وتوقفت عن الحركة
- على فكرة وجعتني انت مش ماسك حرامي
أشار بسبابته وهو ينظر لها شرزا يكاد أن يصفعها على وجهها دون رحمة ثم أردف
- كلمة كمان هنسى انك حبيبتي سامعة. مش عايز اسمع كلمة واحدة. واركبي بدل مااخنقك واخلص منك.

برقت عيناها بغضب من حديثه. ورغم نظراته النارية وحالته الجنونية إلا انها توقفت عاقدة يديها
- وريني أخرك ياأوس. عايزة اعرف هتخنقني إزاي، هو علشان بحبك هتسوق فيها وتعملي سي السيد
دفعها بقوة داخل السيارة عندما استمع لبواق سيارة نغم لتحرك
استقل سيارته بسرعة جنونية. ولم يرى سوى ضحكات ريان ابن عمتها ومسكه لرسغها يشعل صدره بنيران جحيمية لو خرجت من صدره لأحرقتها كاملا.

باليوم التالي
هلت الشمس اشعتها الشتوية على كوكب الأرض. فاليوم به بعض السحب السوداء المغيمة التي تدل على كمية امطار تسقط لتغسل الأرض، ليتها تغسل ذنوب الناس مما هم عليه
فتحت رماديتها تنظر حولها، كان يجاورها مستيقظا بفراشها وبالجانب الاخر تغفو غزل على ذاك المقعد وهي متمسكة بيديه
رغم إنها تفصل بينهما إلا أن ايديهما متشابكة، تبسمت بعيونها لذاك العشق الذي يبدو للأعمى قبل البصير.

اتجهت بنظرها لجواد الذي كان متكأ على ظهر الفراش ومغمض العينين. ظنت إنه غافيا. زحفت بجسدها تضع يدها موضع ألمها حتى وصلت لجسده ووضعت رأسها على كتفه وأغمضت عيناها، فتح عيناه عندما شعر بها
ترك يد غزل ثم رفع يديه محاوطها بذراعيه مقبلا خصلاتها
- صباح الخير ياروح بابي
أغمضت عيناها تنتشي بقربه وحنان حضنه. ورغم ماشعرت به لم ترد تحيته
حزن من تشتتها ورغم ذلك تحدث
- إحنا هنخرج النهاردة ونكمل العلاج في البيت.

- بيجاد فين؟
تسائلت بها غِنى
مسد على خصلاتها وأجابها
- راح يشوف مامته واخواته جم من اسكندرية إمبارح ولازم يشوفهم
أومات برأسها واردفت
- ياترى هروح عند مين. عندك ولا عند طارق ولا عند بيجاد
اعتدل ينظر إليها بنظرات حزينة
- عند أبوكي ياغنى. بيت أبوكي دا بيتك
تبسمت بسخرية ثم أردفت
- ابوي أيوة صح، اللي رماني سنين وجاي بعد ماوصلتله أنا جاي يطالب بحقه فيّا
رفعت نظرها ونظرت لمقلتيه.

- أبويا اللي رباني هو أحق بيا مش حضرتك خالص
صعق من كلماتها. فكيف لها أن تنسب نفسها لأخر. شعور قاسي عندما شعر بضلوعه التي انقبضت بقوة معتصرة قلبه ليشقه لنصفين نتج ألما حاد سرى كالنيران باوردته فأصبح كل انش بجسده يأن الما ووجعا
غامت عيناه بخط من الدموع. نظر للاسفل يقاوم كبت دموعه، ثم رفع نظره لغزل الغافيه.

- ودي ذنبها إيه تموت بالقهر عليكي بعد مالقيتك. ياستي بلاش أنا عاقبيني براحتك بدل شيفاني مذنب. بس هي لا
كفاية عليها وجع ودموع لحد كدا
رفع يديها يُقبّلها بحنان أبوي
- عايزة ترميني من حياتك ياغنى ارميني. بس اخواتك وامك مالهمش ذنب. عارف أنا السبب في دا كله. وليكي حق تزعلي
بلاش يانور عيني توجعي قلب أمك
استيقظت رُبى واتجهت اليهما بعدما استمعت لأصواتهما. وصلت لجواد
تقبّل جبينه وتلقي تحية الصباح.

- صباح الفل يابابي حبيب قلبي...
طبع جواد قبلة مطوله على جبينها وأردف
- صباح النور ياوردة بابي، تعالي جنبي
جلست بالجهة الاخرى ضمها كما يضم غنى وأردف
- انتوا الاتنين رُمانة ميزاني وقوتي في عز ضعفي، وحناني في عز قسوتي. انتوا الدنيا دي كلها
خرجت غِنى من أحضانه تنظر لرُبى
- عايزة ارتاح لو سمحتم
بفيلا صهيب دلف عز بجوار والده
أشار له وتحدث
-هنتحاسب بعدين. قالها وتحرك من أمامه. امسك هاتفه
-جاسر انت فين؟!

كان يجلس أمام غرفة أخته مطبق جفنيه، استمع الى هاتفه فتح عيناه
-عز فيه حاجة ولا ايه
تنهد بحزن وأخرج زفرة حارة وهو ينظر إلى النجوم بالسماء
-جاسر هترجع ولا تبات في المستشفى. نظر إلى غرفة أخته. والى ثيابه
-لا هروح عايز اغير وانام شوية، بقالي تلات ايام منمتش وعندي بكرة شغل كتير
اومأ عز واردف
-هستناك في الجنينة الخلفية، عايز نتكلم مع بعض شوية
تمام قالها واغلق الهاتف متجها إلى والده.

-بابا انا هروح الفيلا، والصبح ارجع قبل الشغل
أشار إليه
-تعالى حبيبي. اتجه بنظره الى غنى
-خليهم يجهزو الاوضة ال جنبك لغنى. رفعت نظرها إلى جاسر ورأت الابتسامة تزين وجهه فاردفت
-اعمل حسابك هنام في حضنك اول يوم عوض على الكف ال اخدته
دنى منها وطبع قبلة على رأسها
-تؤمري ياحبيبة قلبي
بالحديقة بمنزل صهيب. بحثت عنه وجدته جالسا ينظر إلى السماء
عقدت ذراعها وتوقفت تنظر إلى السماء.

-عارفة انك اكبر مني بكتير والمفروض مكلمكش بطريقة تزعل، بس انا زعلانة جدا منك ياعز، اعتدل يتجه بانظاره إليها
تعالي حبيبتي. هزت رأسها رافضة دعوته
-مش قادرة اسامحك ياعز، قولي اسامحك ازاي، دنت وبكت متحدثة
-خايفة اقابل جاسر واقوله عز حاول يغتصب اختك، خايفة أقابله ياعز ولا اشوف عمو جواد وأشوف الحزن جوا عنيه بسببك انت. انت ياعز اكتر شخص وأقرب شخص لقلبي خلتني مثقش في حد.

نهض حتى وصل إليها وجذبها لأحضانه وهي تبكي د
-ليه تخوفني منك ياعز، اكتر شخص بحبه وبتباهى بيه كسر ثقتي فيه
جلس وجذبها لأحضانه
-جنى ممكن نتكلم في وقت تاني، حقيقي حبيبتي تعبان ومش قادر اتكلم
سندت على كتفه وانسابت دموعها
-انا زعلانة ومصدومة فيك ياعز لازم نتكلم. مسد على خصلاتها
-حبيبتي بعدين نتكلم ممكن. هزت رأسها دون حديث.

حاوطها بذراعيه ينظر إلى القمر والنجوم بالسماء، غفت على كتفه بوقت قياسي، ابتسم على طفولتها
رجع بها على الصوفيه الموضوعة بالحديقة وجذب من جواره غطاء خفيف وضعه فوقها. مرت قرابة الربع ساعة حتى وصل جاسر يطلق صفارته
-اوبس عزو باشا قاعد يعد النجوم من غير. جلس بجوار جنى الغافية على كتفه
أشار بعينيه عليها
-البنت دي نايمة كدا ليه
قام بتعديل حجابها الذي كانت تضعه على عنقها وأجابه
-زعلانة مني، وجاية تعاتبني.

كان ضوء القمر يسطع على وجهها، ابتسم جاسر عليها
-طفلة اختك طفلة يلا
ضغط عز بأحضانه
-اغلى ماعندي ياجاسر، ممكن اتخلى عن عمري عشانها
رفع جاسر أنامله يضع خصلة شاردة داخل حجابها مردفا
-النهاردة وانا بتكلم مع غنى حسيت اني غبي ومستهلش يكون ليا اخ
ربت عز على ظهره
-متقولش كدا ياجاسر، انت احسن اخ في الدنيا، شوفت دا مع ربى وجنى يعتمد عليك من صغرك وانت بتخاف عليهم اكتر من نفسك
استمع الى رنين هاتفه.

-ايوة ياروبي. قالها جاسر
-تمام حبيبتي الصبح هجيبه، غنى عاملة ايه
-كويسة. نظر الى نظرات عز المتلهفة إليها
-روبي عز عايز يكلمك. اعتدل عز وأمسك الهاتف سريعا حتى لا تغلق، اعتدلت جنى بعدما تحرك عز. نظرت حولها وجدته جالسا يطالعها بسخرية
-الطفلة ال نايمة في حضن امها. وضعت رأسها على كتفه عندما فقدت السيطرة على اتزانها بسبب نومها
-جيت امتى؟!
رفع ذراعيه يحاوطها حتى لا تسقط
-من شوية. عاملة ايه.

-تعبانة اوي ياجاسر اوي، حاسة اني تائهة أو في بحر وبغرق وبحلول أخرج منه
قالتها وذهبت بنومها مرة أخرى
ظل يطالعها للحظات ثم ذهب بخياله لتلك الفيروز فشق ثغره ابتسامة
بعد شهر من خروج غِنى من المشفى وجلوسها بمنزل جواد الذي كان يحاول أن يراضيها
كانت تجلس بغرفتها المجاورة لغرفة رُبى
دلفت رُبى تبتسم بحب إليها
- صباح الجمال على أختي الجميلة. تعرفي ياغنون. أنا غيرانة منك أوي علشان اكتر واحدة تشبهي ماما فينا.

كانت تنظر إليها بصمت ثم قطعت صمتها عندما تسائلت
- هو حضرة اللوا مجاش برضو إمبارح
جلست ربى بجوارها حزينة
- معرفش بابا ماله. من زمان اوي معملش كدا. رجع يغيب بالأيام عن البيت
تذكرت حديثها معه في ذاك اليوم.

- لو عايزني اروح بيتك مش عايزة اشوفك هناك. عايزة احسسك بوجع قلبي وانت محروم مني، أنا هرجع بس علشان الست اللي هناك دي، علشان اللي واقف يبص عليا وكل شوية يضمني كأنه بيتنفس مني، جاسر واخواتي وبس ياحضرة اللوا تمام
وقف ينظر إليها بصدمة وقلب مفطور ملئ بالوجع وآهات صارخة تنخر ببُطين قلبه
شعر بضعف الدنيا يتملك منه ويحتل كيانه.

ورغم ذاك نظر لفرحة غزل التي توزعت على وجهها. أطرق رأسه يقاوم رغبته بصرخات عاتية وآهات مؤلمة
لماذا تضعه الحياة دائما في الاختبارت الصعبة. هل سينجو تلك المرة وتفهم كم كان يموت آلاف المرات.

أومأ براسه وتحدث
- تمام المهم تكوني وسط اهلك وعيلتك
خرجت من شرودها
- بيجاد تحت وعايز يقابلك
أومات برأسها ونهضت تهبط للأسفل فاليوم كان شاقا عليها بعد أخذها جرعة الكيماوي. اوقفتها بيديها
- خليكي هو هيطلعلك بلاش تتعبي نفسك، هو كان طالع بس وقف مع عز معرفش ليه
اتجهت لباب الغرفة ولكنها توقفت عندما أردفت غنى
- انتِ و عز بتحبوا بعض
أستدارت لها وأجابتها بعيون سعيدة.

- أنا وعز روحين بينتموا لروح واحدة، تقدري تقولي لا أقدر أعيش من دونه ولا هو يقدر يعيش من غيري
هزت غِنى رأسها بهدوء
- باين أوي، شكله بيحبك أوي بس ليه دايما بشوف حزن في عينيه. ومابتكلموش بعض ليه دايما بيبعد عن المكان اللي بتكوني فيه
أغمضت عيناها بوجع ثم نظرت إليها.

- بعد مابيجاد يمشي هقولك، قالتها وتحركت سريعا ودموعها تنزرف بقوة على وجنتيها، فكفى عقاب منه ومن والدها. كفى لقد انشق قلبها واصبح مبعثر لأشلاء
اصطدم بيجاد بها. رفع نظره اليه
- رُبى مالك بتعيطي ليه
هزت رأسها وأسرعت لغرفتها دون حديث
وصل لغرفة غِنى ظنا أن غنى هي التي ابكتها. طرق الباب ثم دلف للداخل. ينظر إليها نظراته العاشقة
- صباح الحب حبيبي
جلس بجانبها عندما وجد ذبول وجهها الذي بدا يظهر عليها.

وضعت وجهها بعنقه تستنشق رائحته بحب
- وحشتني أوي ياجاد
ضمها بقوة كاد أن يدخلها داخل صدره
- وحشتيني لدرجة عاجز عن وصفها ياغنايا، أخرجها من حضنه ملتقطا ثغرها
- غيرتلك الفستان عجبك
اغمضت عيناها
- عجبني حبيبي. التاني بصراحة البنت اللي صممته باردة، هو حلو بس معجبنيش اسلوبها
ملس على خديها مقبّلا إياه وطالعها بنظرات عاشقة
- فرحنا بعد يومين. أنا مش مصدق اخيرا بعد السنين دي كلها هاخدك في حضني.

وضعت رأسها بأحضانه واردفت
- اللي مخليني مسامحاك يابيجاد وفائك ليا مع إني كنت طفلة، بس فضلت تدور وميأستش
رفع ذقنها مضيقا عيناه
- مش فاهم كلامك ياحبي، انتِ مزعلة عمو جواد ولا إيه
وضعت رأسها مرة اخرى متلاشية حديثه
هتعمل فرحنا فين
- بفيلا المنشاوي باسكندرية، بس عمو جواد هيعمل فرح هنا كمان بيقول لازم تفرح في بيت ابوها
تبسمت بحنين إليه تمنت لو أمامها لألقت نفسها متناسية كل شيئا.

دلفت غزل وبيديها بعض الكروت الخاصة بدعوات الزفاف
- شوفوا انهي واحد عجبكم علشان بابا يعمله ياحلوين
رفعت نظرها وتسائلت
هو حضرة اللوا تحت
أومأت غزل برأسها بنعم
- أيوة حبيبتي هو تحت بيتك
مع صهيب وهيطلعلك على طول، هو دايما بيجي يلاقيكي نايمة، مشغول اوي حبيبتي علشان كدا مش متواجد كتير.
- ماما غزل هو إيه العلاج الصعب اللي باخده دا.

اهتزت نظرات بيجاد أمامها وحاول تغيير الحديث سريعا عندما وجد طبقة من الدموع الشفافة تغزو عينان غزل
بقولك إيه ياطنط غزل انزلي قولي لحضرة اللوا، بيجاد قافل الباب وقاعد مع البنت لوحدهم جوا. والنبي لتنزلي تقوليله كدا. عايز افرسه شوية هو عنتر افندي مهندس المقابر اللي عامل زي الطاوسوهو مش محصل ديك رومي حتى
قهقهت غنى عليه ثم لكمته بصدره
- متغلطش في أوس دا حبيبي، عايز تغلط اغلط في جاسر. دا اللي عايزة اضربه.

وضع يديه على صدره علامة على خوفه
- يامصيبتي عايزاني أواجه حرامي الغسيل
لا شكلك ياحبي عايزاني اقضي شهر العسل بالسجن. دا بلاش منه وحياتي
دا عليه حواجب عاملين زي العسكري زمان وهو بيقول مين هناك
خرجت غزل وهي تضحك على بيجاد وتحمد ربها على وجوده بحياة ابنتها.

بعد يومين وهو اليوم الموعود بالزفاف
طرق الباب ودلف إليها صباحا
كانت تقف بالشرفة تستنشق هواء الربيع المنعش المحمل برائحة الزهور المليئة
- صباح الخير ياغِنى
نظرت إليه بهدوء بارد رغم ضجيج قلبها واشتياقها الكامل له.
- صباح النور قالتها ثم توجهت لفستانها الموضوع على فراشها ورفعته
- ايه رأيك فيه
تبسم لها وتحدث بمقلتين سعيدة
- مش مهم الفستان المهم اللي هتلبس الفستان، أومأت برأسها مردفة
- شكرا لحضرتك...

اقترب منها ينظر لعيناها متسائلا
- يارب تكوني سعيدة بعد اصرارك على جوازك النهاردة من بيجاد رغم انك عارفة أنا كنت ممانع
تنهدت بحزنا فهي لا تعلم لماذا اصرت على طلب بيجاد بتقديم بالزفاف، . رفعت نظرها اليه
- أنا وبيجاد متجوزين من فترة فكان هيجي الوقت اللي نعمل الفرح. هو عرض الفكرة وعجبتني، مفيش داعي تحسسني إنك زعلان إني هروح مع بيجاد، مش دا ابنك اللي كنت دايما تفتخر بيه قدامي.

وبعدين انت كنت ماشي حياتك من غيري
دنت منه وأردفت بيقين
- متفكرش بيجاد هيعدي كمان من عقابي له. لا متخافش عاملة له مفاجأة عمره. علشان ميفكرش يتلاعب بمشاعري تاني ولو أنت ابويا فعلا روح قوله غنى عاملة لك مفاجأة تطير بيها رقبتك
جحظت عيناه من حديثها القاسي الذي وصل وسط قلبه ومزقه ورغم ذلك اقترب
يطبع قبلة مطولة على جبينها.

- ألف مبروك ياروح أبوكي، ومهما تعملي فيّا ياغنى أنا راضي، كفاية أشوفك سعيدة ومرتاحة وأهم من دا كله إنك قريبة من اخواتك ومامتك
استدارت تواليه ظهرها وأردفت بقوة
عايزة أجهز زمان الارتيست على وصول
خرج سريعا عله يستطيع التنفس، من قسوتها التي سحبت تنفسه بالكامل
جلست على فراشها تبكي بنشيج لفترة.
بعد فترة دلفت العاملة إليها
- الدكتور طارق تحت عايز يقابلك ياغنى هانم.

كانت تشاهد المجلة وهي تجلس امام الارتسيت لتجهيزها لليلة الزفاف
دلف طارق يضمها لأحضانه باشتياق
- عاملة ايه ياحبيبتي
هزت رأسها
- كويسة، حضرتك عامل إيه وماما تهاني وليه مجتش معاك
ماما مش كويسة خالص ياغنى. لولا اصرارك اننا نيجي لك هنا كان زمان جواد حرمنا منك العمر كله
أجابته: - معلش هو معذور متنساش حرمتوه من بنته سنين...
قاطعه مردفا بدناءة وحقارة.

- هو لو دور عليكي كان لاقكي بالعكس دا حتى محزنش وراح خلف بدالك اربعة، فيه أب بنته تكون مخطوفة ويخلف بعدها
وزي ماقولتلك قبل كدا الأب الصح اللي يحامي على اولاده ويبعد عنهم الأذى
أما دا دايما سمعته وشهورته فوق كل حاجة، اهم حاجة يعلي من شانه. واديكي شوفتي في سنين قصيرة وصل للوا مع ان سنه مكنش وقتها يتعدى الخمسين، دا ليه علشان عرض عيلته للخطر في مقابل مصلحته هو وبس
كانت تستمع إليه بعقل مشوش.

- لا مستحيل. بابا ميعملش كدا. هو دور كتير. بيجاد حكالي
وقف ينظر إليها بغضب وتحدث بصوتا كفحيح افعى
- وبيجاد دا حد يصدقه. واحد حياته كلها بنات، أخرج مظروف وألقاه أمامها
- شوفي حبيب الغفلة اللي عامل عاشق
اهو في حضن عشيقته وبأكدلك وحياتك عندي الصور دي حقيقية، ومش بعيد يكون بيعمل علاقات جنسية معاهم. ماهو طيار وإنت اكتر واحدة عارفة الطيارين ايه
هزت رأسها وأسرعت بالرد.

- لا بيجاد مستحيل يكون خاين، هو غلط بس ميخونش، دا بيحبني
أمسكها طارق وهزها بقوة
- محدش حبك قدي أنا
فيه واحد يتجوز واحدة وعارف انها هتموت، دي لعبة علشان يقضي يومين حلوين معاكي بدافع التضحية
ضيقت عيناها
- مين اللي هتموت
- انتِ صرخ بها. لو فعلا بيحبوكي كانوا عرفوكي الحقيقة
حقيقة إيه ليه هو أنا مريضة بأيه
مريضة بلوكيميا، قالها طارق وهو يجذبها لأحضانه
- بس أنا معاكي وهعلاجك ياحبيبي مستحيل اسيبك تتألمي.

هزت رأسها وتسائلت
- يعني ايه لوكيميا
اجابها دون النظر
- سرطان في الدم. وجاسر هيعمل عملية علشان ياخدوا منه، رفعت يديها تشير، لنفسها وتنظر بالمرآة
- أنا عندي سرطان، يعني مش فيروس.
علشان كدا شعري بدأ يوقع، وماما تقولي أنيميا
بيضحكوا عليا
وضع وجهها بين راحتيه واقترب من شفتيها يود أن يقبلها ليطفئ عشقه الدفين لها
- مفيش حد بيحبك وهيخاف عليكي ادي
تعالي نسافر نرجع زي ماكنا الأول. وهعمل المستحيل علشان تخفي.

- نسافر! تسائلت بها
- دا فرحي النهاردة إزاي عايزني اهرب وأحطهم في موقف مش كويس
وازاي هنسافر، وإسمي بقى غنى جواد الألفي يعني مينفعش اسافر معاك
هجوزك
أتى المساء سريعا.

كانت تسير بالحديقة بذاك الفستان الأرجواني الذي جعلها كفراشة، يقف يطالعها بنظراته العاشقة خلف الشجرة. يصور جمالها بقلبه، نعم عاقبها وعاقب نفسه. نعم قسم ليرجم نفسه بالبعد واشتياقه الذي أصبح نيران بأوردته، اوصلته لدرجة غليان نيران العشق. ودّ لو يسحقها بأحضانه. ردد بلسانه وحشتيني ياحبيبة عِز، وهناك من يقف خلفه يطالعها بنبض كاد أن يقذف داخل صدره. اتت تقف بجواره غير شاعرا بها تنظر إلى ماينظر هنا انزلقت دمعة من طرف عيناها ازالتها سريعا كرامة لأنثاها المجروحة واخردفت.

- جواد فيه واحد عايزة أعرفك عليه بما إنك صديقي المقرب
فاق من سرحانه برُبى واستدار بجسده ينظر باهتمام متسائلا واحد مين دا ياجنى
أومأت براسها عندما شعرت بغصة منعت تنفسها وحديثها
- واقف هناك مع أوس وجاسر
أسرعت سنا إلى عز تلقي نفسها بأحضانه
- وحشتني جدا جدا وزعلانة منك مفيش، ولا رسالة ترد عليا بيها. هو دا وعدك ليا ياعز
اتجه بنظره للتي أسرعت اليهما تنظر بغضب لمقلتيه. وقفت بجانبه.

- مفيش إزيك ياسنا لبنت عمك، ولا انت مابتحضنيش غير الرجالة السرحانة في ملكوت الله
ابتسم ابتسامه حاول إخفائها ودّ لو يجذبها ويخطفها بعيد عن الجميع بمكانا لا يوجد سواهم ولكن قطع نظراته سِنا عندما تحدثت
- إسفة يارُبى بس زيزو كان وحشني ولما بشوفه بنسى اللي حواليا قالتها وهي تنظر إليه
رفعت ربى حاجبها بسخرية.

- جاوب يازيزو على بنت عمك اللي وحشتها يارميو زمانك، كتم ضحكته بصعوبة، لم تصمت هذه الفتاة إلا اذا التقط ثغرها بقبلة هذا ماقاله بين حاله
دنى من أذنيها وأردف ماجعل قلبها يرتجف من السعادة حينها احست بساقها الرخوتين التي لم تقو على حملها
دنى حتى لامست شفتيه حجابها
- لو مسكتيش وحياة رُبى اللي تاعبة قلبي لأخطفك قدام الكل ومش هسيبك المرادي غير، وإنت مدام عز صهيب الألفي ودا وعد من عاشق بنيران حبه ياحبيب زيزو.

اتكأت على ذراعيه عندما شعرت بدوران غزى بجسدها بالكامل. الى أن وصل جاسر اليهما. يجذبها بقوة لأحضانه
- ابعدي عن الحمار دا، مش هترقصي غير معايا
ابتسم عز بسخرية مردفا
- احلم على قدك ياشاطر أنا أخدت الأذن وخلاص قُضي الأمر. قالها وهو يرفع حاجبه بشقاوة
وصل باقي المدعوين بوصول بيجاد
اتجه جواد محاوط غزل لجاسر
نظر إلى صهيب وعز وحازم
- هنطلع أنا وجاسر نجيب غنى ياصهيب وأنت وحازم قابلو المعازيم
وضع قبله على جبين غزل.

- خليكي هنا نغم جت وكمان باسم. مش هنتأخر تمام
اومأت بالموافقة
دلف باسم للحفل وهو يمسك بيدي حياة وفيروز
كان يطالع المدعوين، ولكن توقف عندما وجدها تدلف بجوار باسم بفستانها الفيروزي، الذي اظهر جمالها بشكل لا يوصف. جذبه والده متجها لاخته
بالأعلى
دلف يطرق على باب غرفتها عدة مرات ولكن لم يستمع للايجاب.

نظر لجاسر وأسرعا يفتحان الباب ظنا انها اغشي عليها، بحث بعيناه بالغرفة لم يجدها، ذهب بعيناه على تلك الورقة. التي أمسكها يقرأها للمرة المليون، مما اختل توازنه وسقط على المقعد، وشحوب بوجه. حتى شعر بإنقطاع انفاسه، حاول فك ربطة عنقه ولكن قوته لم تسعفه
اغمض عيناه
وهو يهز راسه بصدمة. ليه يابنتي تعملي فيا كدا، ليه
وآه حارقة خرجت من جوف معذب لسنوات
كأن التاريخ يُعاد اليوم...

وصل جاسر بعدما بحث عليها بكل مكان بجناحها. جحظت عيناه من حالة والده
جلس امامه على ركبتيه. يحاول فك رباطته عندما وجد انفاسه تُسلب منه
ورفع هاتفه يتصل بوالدته، التي لم ترد عليه
- بابا حبيبي حاول تتنفس، . بابا سامعني
كررها جاسر عدة مرات
اعاد الاتصال بصهيب الذي فتح الخط سريعا عندما انتابه القلق. وهو ينظر لخروج بيجاد كالمطارد من الحفل
- ايوة ياجاسر، لم يكتمل حديثه وهو يسرع بإتجاه الفيلا...

عندما صرخ جاسر بالهاتف
- بابا بيموت ياعموووو
رأته غزل، اتجهت اليه وقلبها تتقاذف دقاته عندما وجدته يخطو سريعا.
أسرع صهيب للداخل وتكاد ساقيه تحملناه بسبب شعور بالألم، دلف سريعا لغرفة غنى. وجد جواد كالمغشي عليه. وجه شاحب بشدة. وجاسر يقوم بدلك صدره بقوة ودموع عيناه لم تتوقف وهو يحادثه. ولكنه غائب العقل والقلب كل مايتذكره كلماتها القاسية في تلك الورقة التي حطمته وجعلته أشلاء متناثرة
كور قبضته على تلك الورقة كأنه يستمد قوته منها، ركع صهيب أمامه وهو ينظر بذهول لحالة أخيه.

ضرب بخفة على وجهه عله يتجه بنظره، أو يعطي إشارت...
- جواد حبيبي. سامعني. جواد رد عليا
نظر لجاسر وصرخ به.
ايه اللي حصل وصله لكدا، لم يكن جاسر بحالة للرد على عمه. فك زر جاكتيه ودقات صاخبة يشعر بها من حالة والده.

- اتصل بالأسعاف ياعمو لو سمحت. بابا هيروح مننا. قاطعهم دخول غزل التي دلفت وهي تنظر بكافة الإتجاهات بحثا عن ابنتها ظنا منها إنها المتعبة، ولكن تسمرت بمكانها عندما وجدت زوجها مغمض العينين وشاحب الوجهين كفاقد الحياه.

جواد، شهقة خافضة انفلتت من فم غزل، جواد صرخت بها غزل مرة أخرى. وهي تتجه إليه تدفع صهيب وجاسر بعيدا. ثم قامت بفتح زر قميصه. عندما وجدت تنفسه الضعيف وعرق جسده، جود حبيبي سامعني. جواد أسحب نفس حبيبي. ظلت ترددها غزل وهي تضغط على صدره عدة ضغطات متتالية بهدوء، وعمل إسعافات أولية لأزمة قلبية هذا ماتوصلت إليه بسبب حالته.

انتظم التنفس قليلا ولكن تنمل جسده كما هو. فتح عيناه ينظر بتوهان إليهم. كان صهيب يجلس خلفه يضمه لصدره لأعتداله كي يساعد غزل في تنشيط ضربات قلبه.

هدأت قليلا ولكن جسدها ينتفض ذعرا مما رأته على حبيب روحها. مسحت على وجهه وحاولت التحدث رغم فقدانها القدرة على الكلام، جلست أمامه وحاولت الحديث ولكنها لم تقو. حاول أن يرفع يديه ليطمئنها عندنا رأى ذعرها ولكنه غير قادرا. جلست تأخذ شهيقا وتزفره بهدوء علها تشعر تستطيع التنفس
هدأ كلا من صهيب وجاسر الذي أرتعب من حالة والده. جلسوا حوله
أمسك صهيب يديه وتحدث بهدوء رغم حزنه الكامن داخله.

- جواد عامل ايه ياحبيبي. حاسس بإيه
وإيه االلي وصلك للحالة دي. انت كنت طالع تنزل بغنى إيه اللي حصل
هنا أفاقت غزل تبحث بعينيها عنها ونظرت لجاسر وتسائلت
- هي غنى فين صحيح
انتفض قلبه مرة أخرى وجعا ولا يعلم بماذا سيخبرهم أيقول إنها تركتهم ولكن. هذه المرة بيديها
تذكر تلك الورقة التي يضغط عليها التي أودت به للأنهيار
اتجهت غزل لزوجها عندما وجدت صمت جاسر وتسائلت
- حبيبي هي غنى فين، قالتها وهي تمسد على خصلاته.

أغمض عيناه عندما انزلقت دمعة خائرة من طرف عيناه، كور صهيب قبضته عندما علم ماتسبب في حالة اخيه هذه
كررت غزل سؤالها مرة أخرى
- جود البنت فين، الناس مستنين تحت، قاطعهم دخول بيجاد وهو يمسك برسغها
آسف ياجماعة اتأخرت عليكم. أعمل إيه حبيت أعمل مفاجأة لمراتي، فنزلتها من غير ماأعرفكم، أسرعت غزل تضمها بحنان
- حبيبتي كدا تخضيني عليكي. لكمت بيجاد بصدره وأردفت.

- وانت هتفضل كدا، كل شوية تجنني، لم يكن بحالة للمزاح انما توجه بنظره لجواد المستلقي على المقعد وأثار الألم والحزن البادي على وجهه. قبض على رسغها بقوة عندما نزف قلبه من حالة جواد، نعم لقد علم مافعلته ابنته، وهذا ماأوصله لتلك الحالة
اتجه ببطئ لجواد، الذي أغمض عيناه عندما شعر بثقل تنفسه مرة أخرى وهي تنظر إليه، نظرات كارهة
جلس بيجاد أمامه وتسائل.

- عمو جواد حضرتك تعبان، وقفت غزل بجوار جواد وهي تمسد على خصلاته
- عدت الحمدلله على خير. هو بقاله فترة مرهق والنهاردة طبعا من الصبح وهو واقف ماارتحش خالص. فحصل هبوط في الدورة الدموية، قالتها وهي تنظر لصهيب الذي ينظر للأسفل بحزن ووجع
اتجهت غنى بنظرها إليه واذ بصاعقة تضرب قلبها بسبب مظهره المؤلم. وجمود عيناه الذي كان ينظر بها بإتجاه بعيدا عن مرمى بصرها.

نهرها قلبها كثيرا على ماأوصلته لتلك الحالة، ولكن كان لعقلها. رأي آخر عندما خيل لها إنه ضحى بها بسبب عمله، تذكرت حديث طارق تراجعت للخلف بعدما كانت متجه إليه
ضمها بيجاد بقسوة من خصرها ونظر لجواد، يارب تكون كويس ياعمو. علشان نبدأ الحفل، بابا كلمني وبيسأل على حضرتك بيقول المأذون جه تحت
ضيقت غزل عيناها وتسائلت
- هو انتو مش كاتبين كتابكم ياحبيبي، ليه مأذون
أجابه بيجاد ببعض الكلمات.

- عمو جواد طلب نكتب الكتاب باسمها الجديد. رافض كتب الكتاب القديم.

بعد فترة
استطاع أن يعتدل جواد، اتجه بنظره لغزل
- زوزو ساعدني، ثم رفع نظره لجاسر وصهيب
نزل غنى لبيجاد إنت وصهيب
ذهلت غزل من حديثه
- إيه اللي بتقوله دا ياجواد عايز بنتك عمها يسلمها وإنت موجود
؛ تعبان ياغزل ومش قادر، قالها جواد دون النظر إليها
اتجه جاسر لوالدته
- إيه ياماما، بابا من عمه مش، هتفرق، انتِ مش شايفة حالته
كانت تنظر له بصمت، تحاول أن تستنبط بما يخفيه عليها، بينما جواد كان يهرب بنظراته منها.

في ركنا هادئا بالغرفة
كان يقف يحاول أن يضغط على أعصابه حتى تمر هذه الليلة دون جراح لأحدهما، فكفى ماصار، نزل لمستوى جسدها ونظر إليها بنظرات غاضبة
- هننزل قدام الناس مفيش أي حاجة حصلت وإياكي ياغنى تعملي أي حركة غباء، اتجه بنظره وأشار بعينيه اتجاه جواد واقترب من أذنيها
- بصي شوفي آخرة غباءك إيه أبوكي كان هيموت، نفسي أعرف كنتي هتعملي ايه لو رجعتي ولقتيه ميت من افعالك.

أخرص. قالتها سريعا، وغمامة من الدموع بعيناها. أبت أن تضعف أمامه. ولكن روح الأنثى المطعونة بداخلها أردفت
- مش عايزة اسمع صوتك. وبلاش تحسسني إنك خايف عليه أكتر مني
ابتسم بسخرية. وتحدث
- خايفة عليه، دا لو حد كان بيفكر يقتله مستحيل يفكر يعمل اللي عملتيه. رفع يديها على صدره ووضعها محل قلبه مردفا.

- موتيه زي ما موتي قلبي، لكن وحياة نبض قلبي اللي بكتيه النهاردة لأعلمك إزاي تفكري مليون مرة قبل ماتأذي حد بتفاهتك وغباءك، استدار ليتحرك
- اجهزي عشر دقايق والاقيكي تحت، ولكن تجمد جسدها عندما استمعت لحديث جواد.

- خد بنت أخوك ياصهيب إنت وجاسر سلمها لعريسها، وأنا شوية وهنزل. نهض بصعوبة بمساعدة صهيب، شعرت حينها بإنهيار عالمها ولم تعلم لماذا، لماذا هي حزينة عليه، لماذا تتمنى حضنه في الحال، لماذا تتمنى أن يربت على نيران آلامها حتى تهدأ، لماذا هي مشتتة بين عقلها وقلبها، لماذا تشعر بالوحدة في هذا الوقت رغم وجودهم حولها.

عصرت عيناها عندما شعرت بآلام تنخر جدران قلبها بالكامل وتشوش ذاتها، اتجهت بنظرها إليه علها تجد بهما نظرة رأفة بحالها، ولكن لم تجد سوى جمود بعيناه فقط، حقا هل فقدته اليوم، ماذا أفعل أبي بلاك
بهدوء ظاهري ونبرة عميقة وعيناه تبحر فوق ملامحه عله ينظر إليها أردفت
- مش المفروض الأب اللي يسلم بنته لجوزها ولا إيه ياحضرة اللوا
لم تكد تنتهي جملتها حتى تفاجأت به ينهض متجها للخارج دون حديث، مردفا.

- نزل أختك لعريسها ياجاسر، قالها ولم ينظر إليها، فكفى ماشعر به من الضغط على أعصابه أكثر من ذلك
أشتعل غضبها بصورة كبيرة من تجهاله بالكامل لها فأحتدت نظراتها للذي يقف بجوارها وهو يهمس
- تستهالي ولسة ياما تشوفي ياغنى هانم
قالها وتحرك وهو ينظر لجاسر
- ياله ياجاسر الناس تحت وبدأت تقلق مفكرين العروس هربت.

كانت تقف بجوار زوجها ولا تعلم بما أصابه ليتغير بهذا الشكل، اتجهت بنظرها لصهيب الذي نظر للاسفل هروبا منها بعدما أتقن بمحاولة هروب ابنته لولا تدخل بيجاد
خرج صهيب ينتظر بالخارج
- جهزي بنتك ياغزل وأنا برة
صهيب قالتها غزل بعيون مترجية، قاطعهما رنين هاتفه
رفع نظره إليها وتحدث
- ريان قلق. أتأخرنا، اتجه لغنى الشاردة
- ياله يابنتي اجهزي، الناس بدأت تزهق تحت
بالأسفل.

كان يقف بجوار أوس وجواد وفارس أخيه يراقبها وهي تتحرك كالفراشة بين أصدقائها إلى أن وصلت لباسم ووقفت بجاوره
- عمو باسم ازيك
قبّل باسم جبينها
- عمو باسم محظوظ بابنته الجميلة اللي تخطف العقل والقلب دي
إيه يابت الحلاوة دي، خايفة عليكي من عيون الناس دي
ابتمست بخجل متجهة بنظرها لحياة
- نورتينا ياحياة، عاملة إيه
أومأت برأسها وتحدثت
- كويسة، عقبالك يارُبى، اتجهت بنظرها سريعا للذي لم يكن سواه بالحفل.

تقابلت النظرات بينهما للحظات، جذبها باسم عندما وجد نظراتهما
- خفوا يابنتي الكل عرف انكم بتحبوا بعض
نظرت للأسفل بخجل
- مش فاهمة حضرتك ياعمو
رفع حاجبه متزامنا مع شفته العلوية مستنكرا حديثها
- شوف إزاي، وأنا الأهبل اللي عيوني الوقحة دي خيلت لي حاجات، استغفر الله العظيم يارب، هتستعبطي يابنت جواد
جحظت عيناها من حديثه، قاطعهما وصول عز إليهم
- عمو باسم خاطف قلوب الصبايا. كيف حالك ياشاب، اشتقنالك والله.

اقترب وهمس بجانب اذنه
- هو اللي بيتجوز بيحلو ويصغر كدا، وبعدين الواحد يدخل بواحدة وانت ماشاء الله دخل بالجوز، طب خف ياعمو قيس
دا حتى العين وحشة وانت داخل ببنات الحور
قهقه باسم بصوت مرتفع مما ظهرت جاذبيته للتي تقف تنظر له بغضب عندما كان يتحدث مع ربى
رفع حاجبه بسخرية ينظر لعز
- هتموت وغيران يابن صهيب. بس بعينك. انت اخرك واحدة زي الهبلة اللي جنبك دي.

ضيقت رُبى عيناها تستنبط حديثهما، ذُهلت عندما جذبها عز من خصرها وجذبها إليه متوجها بالحديث لباسم
- ودي عندي ببنات الكون ياعم الحبيب، ماهو مش كل الحلوين يبقوا حلوين يابسوم
صفق باسم بيديه الاتنين واخفض رأسه تحية له
- انحنيت اعجابا بقلبك يلا?، فعلا ابن صهيب الألفي
اقترب عز وهمس له
- نسيت تقول وتربية جواد يابسوم
نظر حوله وتصنع الخوف
- طيب ليه الاسم اللي يعكر المزاج العالي دا.
جذب ربى وتركه وهو يردف.

- اللي يعكر المزاج دا هو اللي رافع مزاجك دلوقتي يابسوم
ابتسم باسم بحب لهذه العائلة التي أصبحت جزء من حياته
- مين دول يقربوا لجاسر، قالتها حياة
اتجه باسم يدقق النظر لملامحها
- آه دي اخته وخطيبها ابن عمو صهيب
وبعدين اسمه حضرة الضابط جاسر، هو اخوكي علشان تقولي جاسر كدا
استندت على المائدة التي تقف أمامها واقتربت منه
- اصله صغير مش مستاهل القاب، دا تقريبا ادي.

حاول إدعاء الثبات أمامها. عندما أصطدمت بوجهه القريب جدا ونظراتها ناهيك عن انفاسها التي خدرته بالكامل
تنحنح ثم تحدث بصوتا حاول أن يكون هادئا
- من الإحترام ياهانم تحترمي جوزك قدام الغرب. مش كدا ولا إيه، ولا أبوكي الواطي معلمكيش ازاي تكوني محترمة
خرجت كلماته كالسهم نفذ لصدرها ليحترق جدران قلبها، نظرت للأسفل حتى تمنع دموعها التي تشكلت بجفنيها واردفت.

- اعتبرني كنت يتيمة ياحضرة العقيد وملقتش اللي يربيني، ثم رفعت نظرها واتجهت إليه واكملت ماشق قلبه لنصفين
بس حضرتك اعدت تربيتي من أول وجديد. أو بمعنى أصح مكنتش أعرف يعني ايه حياة إلا لما قابلتك، تخيل ياآخي حتى اسمي مسلوب مني
أغمض عيناه عندما شعر بأنين روحه عندما شعر بآلامها، وسب حاله
بمكانا هادئا كانت تقف بجوار يوسف ابن عمها واختها همس اللذان اتوا من سفرهما لحضور زواج بيجاد.

- يعني البنت مريضة يانغم وازاي توافقي ابنك يرتبط بيها. وانتِ عارفة نهاية السرطان دا موت، تحدثت بها همس
زفرت نغم بضيق من حديث أختها
- إيه اللي بتقوليها دا ياهمس. هي الحاجات دي بإيدينا، وبعدين البنت ان شاء الله هتعمل العملية وتخف. وياما ناس بيتجوزوا وبيمرضوا بعد جوازهم، وغير دا كله متنسيش ان بيجاد بيحبها يعني مهما رفضت هو كان متمسك بيها
ضيق يوسف عيناه متسائلا.

- مش دي البنت اللي كان ابوها بيدور عليها، وعرفنا نوصل للخطفها. هما لقيوها إمتى
وضعت نغم يديها على وجهها وتحدثت
- موضوع كبير أوي يايوسف بعدين نتكلم فيه. مرام جاية علينا ومتنساش موضوع ماسة مخلي الوضع بينا متوتر.

كانت تقف بجواره وهو يتفصح هاتفه، زفرت بضيق وتحدثت
- أوس هنفضل واقفين كدا، تعالى نروح عند عز وربى حتى. وقفين لوحدهم اهو، حضرتك هتفضل تبص لفونك كدا وانا اكل في صوابعي
رفع عيونه ينظر إلى عيناها التي أصبحت ترانيم مقدسة لقلبه. ابتسم لها وتحدث.

- دول زمايلي بياركولي، علشان غنى برد عليهم ياقلبي، إنما موضوع عز وربى مينفعش تروحي توقفي معاهم. مهما كان دول سابوا الكل وعايزين يتكلموا مع بعض على إنفراد، اكمل مستطردا
عايزانا نروح نتطفل إزاي. وبعدين انا مش عايزك توقفي غير معايا أنا وبس، ولا حد يشوف الجمال دا غيري
كان لحديثه بلسما على نيرانها المشتعلة. رفعت نظرها وغرقت بعيناه الرمادية التي تشبه والدته وتحدث.

- أوس الغيرة عندك بقت صعبة أوي ياأوس، مش معقول تغير من اخواتك عليا
يعني مينفعش كدا بقيت اتخنق والله
ابتلع غصة وخزت جوفه وشعر بطعنة في قلبه
- عارف ياياسمينا اني خنقك بس والله ياحبيبي حاولت اتلاشى مقدرتش. نظر لمقلتيها وأردف بصوت مبحوح بكثرة مشاعره إليها
- أعمل إيه بحبك بجنون. لو عندك علاج اقلل من حبي وغيرتي انا من ايدك دي لأيدك دي، وصل ريان إليهما محاوطهما
- دا ايه الجو الرومانسي ياعشاق الكناري انتوا.

ابتسم اوس ابتسامة لم توصل لعيناه ونظر لريان. هروح أشوف بابا اتأخر ليه هو جاسر بعد إذنك
استغرب ريان ظهور الألم على وجهه، اتجه لأبنته وتسائل
- ماله أوس حبيبتي، وأيه الدموع اللي في عيونه دي
رغم الغصة المتحكمة بقلبها بسبب غيرته العمياء. ابتسمت لوالدها وأردفت
- زعلان على غنى يابابا
دقق ريان النظر لعيناها التي تهرب منه. ربت على يديها وتحدث.

- عارفة ايه أكتر حاجة عجبتني في اوس ايه ياياسو، استمعت لوالدها بإهتمام
الولد بيحبك اوي، اينعم غيور حبتين بس دا من حبه، إن شاء الله النهارده هتلبسوا دبل. وبعد مايخلص جامعته هنتمم جوازكم. أما لو عندك رأي آخر ياحبيبتي، يبقى إنسي كل اللي قولته
اقتربت من والدها تطوق خصره وتحضنه
- ربنا يخليك ليا ياحبيبي ومتحرمش منك أبدا
رفع رأسها مقبلا جبينها مبتسما
- أفهم من كدا إنك موافقة على أوس، ونكمل الخطوبة رسمي.

نظرت للأسفل عندما شعرت بالخجل من والدها
قهقه ريان عليها وهو يرفع ذقنها
- ماكنا من شوية قاعدين نحب فيه دلوقتي مكسوفة من بابي، ياختي اتكسفي، منه مش مني
وضعت رأسها في حضنه
- اللي حضرتك تشوفه يابابا اعمله، وصدقني هوافق على أي حاجة تقولها
رفع حاجبه بتهكم وتحدث
- خلاص بلاها دا غيور، وممكن يدوشنا
ذُهلت من حديث والدها ورفعت نظرها إليه وطبقة من الدموع ظهرت بعيناها.

ضحك ريان عليها، جاذبا رأسها مقبلا جبينها وتحدث قائلا
- خلاص صعبتي عليا، جهزي نفسك بعد كتب كتاب بيجاد هنعلن خطوبتكم هو كان عايز يعملك مفاجأة، لكن واجبي كأب ياحبيبتي لازم اسمع ردك
عند عز وربى
- ممكن كاسة عصير ياروبي...
ضيقت عيناها واستغربت طلبه
- عصير ياعز دلوقتي واحنا بنستنى العروسة
ارتسم تعبير مندهش على وجهه ممزوج بالحزن
- مستخصرة فيا كاسة عصير ياحبيبي
أغمضت عيناها وسحبت نفسا بهدوء
عندما اقترب يهمس.

- حبيبك ريقه ناشف وعايز حاجة ترطبه. زي ماقلبي عنده جفاف لكن أوعدك ياحبيبة عز النهاردة لاعوضه جفاف السنين اللي عدت دي كلها
تحركت سريعا من أمامه عندما شعرت بتوقف خفقان قلبها وشعرت بإنسحاب أنفاسها الذي سلبها دون رحمة، اصطدمت بها سنا وهي تنظر إليها بغضب
- مش تفتحي ياروبي وتبصي قدامك كويس، لا عز باشا خاطف عقلك
فقدت قدرتها على السيطرة على نفسها
- سنا ماسمحلكيش تدخلي في حاجة متخصكيش.

رفعت سنا يديها لحجابها وهي تردف بسخرية
- طيب مش المفروض تحترمي الحجاب اللي لابساه
تصاعد غضب رُبى من حديثها للحد الذي جعلها تقول بنبرة تتنافى تماما نيران قلبها وعقلها معا
- انا محترمة بحجابي وإن كنت بعمل حاجة بعملها في النور قدام ماما وبابا واخواتي، وغير نسيت أقولك أن عز قبل مايكون ابن عمي فهو خطيبي يعني عادي تشوفينا مع بعض.

قالتها ربى ثأر لكرامتها التي أهدرتها ابنة عمها بغبائها بصعوبة استدارت متحركة من أمامها وتحركت بخطوات مبعثرة عندما نسبت نفسها إليه دون رابط، لم تستطع كبت دمعة خرت من عيناها وهي تشعر بالانهيار
وصلت بعد قليل بكوب العصير وجسدها يرتجف، وضعته أمامه دون النظر إليه
- هروح أشوف بابا أتأخر بنزول غنى ليه
جذبها من رسغها ورفع ذقنها ينظر لعيناها التي يوجد بها آثار للدموع
رفع إصبعه يمسح خديها.

- إيه اللي حصل، ليه الدموع دي
انزلت يديه بهدوء وهي تنظر لسنا التي تقف بمقابلتها على نفس المائدة تبتسم بخبث
- لا أبدا هروح عند أوس وياسمينا. أوس هيعمل مفاجأة النهاردةويخطب ياسمينا
أمسك كاسة العصير مقربها لفمها
- طيب اشربي دي الأول وإن شاءلله يموت اللي يزعل روبيا، هزت رأسها برفض
تحدث قائلا
- إلهي تعدمي عز لو مشربتيش منه، جذبته
اتت لتمسك الكوب انزلق من يديه بالكامل على فستانها
تصنع الذهول ورفع نظره إليها.

- أوبس آسف يارُبى مكنش قصدي
هزت رأسها بذهول من خراب فستانها بالكامل، ترقرت عيناها بالدموع
- ليه كدا ياعز ماتاخدش بالك
جذبها من رسغها متجها للداخل
- تعالي خمس دقايق وهجبلك فستان حالا
هزت رأسها برفض
- لا خلاص. أنا هتصرف
اوشكت على الألتفات فوجدت قبضته القوية التي اوقفتها بمكانها وهو يتحدث بهدوء
- روبي أنا قولت خمس دقايق، الفستان هيكون عندك. اطلعي على اوضتك هتلاقي جنى جايبة لك فستان.

تحركت دون حديث متجهة لداخل الفيلا محاولة الهدوء، وحدثت حالها
- ايه ياعني فستان. أنا عندي كتير هشوف غيره وخلاص مش مستاهلة الخنقة دي
بغرفة جواد
دلف للداخل يحاول تمالك أعصابه ومازال مكورا قبضته على تلك الورقة والتي كلما تذكر مابها يتصاعد وجعه.

- انا همشي من حياتك واختفي ياريت ماتحاولش تدور عليا. لو فعلا زي مابتقول اهم حاجه سعادتي، فسعادتي الوحيدة انك تختفي من حياتي للأبد، عارف ليه لاني مكرهتش في حياتي غير، اتنين
جواد الألفي وبيجاد المنشاوي.

سمعتني ياحضرة اللوا، اللي مستحيل في يوم من الأيام اقولك يابابا، هتفضل حضرة اللوا اللي دمر حياتي، مبروك عليك حياتك مع ولادك وانساني زي ماكنت نسيني، وبلاش تخليني أكرهك أكتر من كدا، كفاية كل ماافتكر انك ابويا او انتمي لراجل زيك اكره نفسي اكتر واكتر
سلام ياحضرة اللوا
أفاق من آلام صدره التي تنخره بشدة مماجعله يدلك صدره بيديه عندما دلفت غزل تنظر إليه بغموض
ابتعد بنظره عنها وتحدث.

ساعديني اظبط نفسي ياغزل، اتأخرت على الناس تحت ومتنسيش فيه ناس مهمة من الداخلية.

اقتربت منه تدير وجهه وتنظر لمقلتيه
- مخبي عليا إيه ياجواد، وبتهرب مني.
اقترب يطبع قبله مطولة على جبينها يستمد قوته منها ثم رفع ذقنها ملمسا خديها
- يمكن طمعان في ليلة حلوة لجوزك حبيبك
توسعت عيناها من حديثه ثم ضحكت بخفوت
- أكيد بتهزر ياحبيبي مش كدا، حاول الخروج من حالته، أو يتناسي مابه
جذبها من خصرها فجأة يداعب أنفه بأنفها
- كتير على جوزك حبيبك ياروحي، يعيش ليلة من بتوع زمان.

قهقهت غزل بصوتها الناعم وهي تعدل رابطة عنقه وهي تتحدث
- عيوني لحبيبي يخلص بس الفرح. وهيعشك ليلة من ليالي الساحل
وضع يديه على صدره وتصنع
- اه ياقلبي، لا كدا كتير على قلب جوزك وممكن يموت بين أيدك
وضعت يديها على شفتيه ووضعت رأسها بأحضانه
- بعد الشر عليك ياحبيبي متقولش كدا. ربنا يجعل يومي قبل يومك ولا أحس بعذاب فراقك ياجود
جذبها بأحضانه بقوة كأنها يدخلها داخل صدره.

- هموت ياغزل لو بعدتي عني ساعة. قوتي باخدها منك ياقلبي في عز ضعفي
أوعي تقولي كدا تاني سمعاني
ربت على ظهره واردفت
- احنا مالنا قلبناها غم كدا، دا حتى النهاردة فرح بنتنا النهاردة
أومأ برأسه وأستدار للخروج
- طيب ياله حبيبي. توقف ونظر إليها
- عز هيكتب كتابه النهاردة على رُبى.
ابتسمت له وتحدثت
- أيوة عز وصهيب قالولي
ضمها وخرج أثناء هبوط جاسر وهو يطوق ذراع أخته متجها للأسفل.

تقابلت نظراتها بوالدها الذي استدار بالجهة الأخرى، وكأن التي أمامه ليست أبنته
حاول تهدئة نفسه من نظراتها الملامة التي أشعرته وكأن احدهم يقبض على صدره بقوة
اوقفتها غزل وهي تقبّلها بدموع الفرحة
- تعرفي أنا أسعد أم النهاردة. بنتي الحلوة هتتجوز وتكون أسرة، رغم كان نفسي تقعدي معانا فترة أكبر لكن اللي مصبرني إنك هتقعدي معانا.

رفعت نظرها لجواد ورغم حزنها وتخبط مشاعرها إلا أنها تمنت أن يرفع نظره إليها، ولكن خاب ظنها عندما ترك يدي غزل واتجه للأسفل
حاول جاسر التخفيف فأردف
- مامي حبيبتي، هنتأخر وبعدين ماهي قاعدة معانا كلها أسبوع وترجع تخنقني تاني.

ظلت غزل تنظر الى صمتها وبدأ الخوف يدق قلبها كناقوس خطر بعدما أحست أن هناك مايخفيه زوجها وأبنتها من صمتهم وبعدهم عن بعضهم البعض ورغم ذلك مسحت دموعها وهي تربت على ظهرها وتنظر لدرجات السُلم
ياله ياقلبي علشان منتأخرش أكتر من كدا
بالأسفل كان ينتظرها وكأن هناك صراع عنيف يؤذي قلبه وعقله.

أيتركها ويحرقها، أم يستمع لنيران قلبه التي تشتعل من فكرة ابتعاده عنها، أخيرا ظهرت بفستان زفافها الذي جعلها كملكة الكون مثلما أصبحت ملكة قلبه
اتجهت إليه وكأن كل خطوة تخطيها على جراح دامية لقلبها بعدما تذكرت حديثه القاسي لها ومعاملته التي تغيرت وأصبح جلادها دون رحمة
تحركت إلى أن توقف جاسر هنا دقت الطبول وصدحت الموسيقى على انغام ملكية للعروسين، فكانت طلتهم رائعة وفاتنة.

صفق جميع الحاضرين وارتفعت الموسيقى
رفعت نظرها لبيجاد وكأنها اصبحت مسلوبة الحديث أو التعبير. كان يقف منتظر عروسه الفاتنة الجمال والسارقة لقلبه، ورغم عشقه البادي عليه إلا أنها طعنته بخنجر بارد اليوم، ولولا تدخله في الوقت المناسب لأصبح هذا العرس مقبرة أحزان لجميع الأسرة.

بسط يديه إليها، تمنى لو يضمها ويخفيها عن العالم بأكمله
انحبست أنفاسها انبهارا لتلك اللحظة التي لم تكن تعلم إنها ستكون بكم هذا الضجيج
رفعت نظرها إليه وتبسمت بسخرية
- هبل مفكرينا هنموت على بعض...
ضغط على رسغها وأردف
- أي غلطة منك الليلة ياغنى صدقيني هتشوفي وش عمرك ماتمنيتي تقابليه، ولو كان عندك ذرة إحترام للعيلة دي مكنتيش تفكري تدبحيهم بغبائك.
نظر لمقلتيها وتحدث مستطردا.

- لولا حبي للراجل اللي كان هيموت بسبب واحدة غبية ذيك وحياة قلبي لكنت دوست عليه ومبصتش ورايا، بس تقولي إيه ياست غنى، راجل جاي للحياة دي بس علشان يتعذب وبس حتى من الناس اللي كان مستعد يضحي بعمره علشانهم
- هتقول ايه ماهو إنت واحد كداب ومخادع زيه
حك ذقنه وهما يتحركان وينظر مبتسما للحضور
- انا مخادع. بعد الحب دا كله.
شبك أصابعه بيديها.

ماإن لامست يديه يداها حتى ارتجف جسدها كليا. ولم يكفيه ذاك عندما نظر إليها وتحدث بصدق العيون
- الحب اختصرته فيكي ياغنى وبغبائك كرهت الحب، ملعون ابو الحب اللي يذل الأنسان ويجعله ضعيف كدا
ضغطت على أصابعه ولا تعلم لماذا آلامها قلبها من حديثه رفعت نظرها وتحدثت
- وليه ماتقولش أنا كرهت الحب بسبب خيانتك ليا
توقف فجأة، ونظر إليها بذهول مردد
- خونتك خيانة مرة واحدة ياغنى، أنا أخونك وأنا مش شايف غيرك.

- كذاب يابيجاد ومتقنعنيش
هز رأسه وهو يتحرك بسرعة مردفا
- خلاص بتكلمي ليه بدل ماانتِ مقتنعة، الكلام مالوش لازمة، كفاية غباءك اللي خلاكي تمشي ورا واحد حقير، بس وحياتك عندي قبل اليوم دا. لأخليه يتمنى الموت
اتجه للطاولة التي تعد بالحديقة المزينة والمعدة لكتب الكتاب
تراجعت خطوة وتوقفت تناظره باستفهام
- هو مش انت قولت اننا متجوزين، ايه فايدته المأذون دا
ارتفع حاجبه وهو ينظر إليها.

- أنا متجوز غنى طارق. اه نسيت أقولك الاتنين شخص واحد بس المأذون هيوثق الإسم الجديد وجاي علشان عز وربى كمان فبلاش تخيلاتك المريضة تخيلك إننا مش متجوزين وتعملي فيها قاسم امين
اخرجت زفرة حادة من جوفها علها تهدأ من ذاك الضجيج بداخلها، تنظر حولها تبحث عنه بعيناه ولكن خُيب ظنها عندما اتجه ريان إليهما يضمهما بحب
- مبروك ياحبيبي. عقبال لما أشوف عيالكم
اتجه لغنى وأردف.

- مبروك ياغنى نورتي عيلة المنشاوي وزادها جمالا ياحبيبتي
هزت رأسهادون حديث متجهة لمكانهما المخصص لهما
توقفت الموسيقى عندما بدأ المسؤل باعادة عقد قرانهما مرة آخرى على سمع جميع الحاضرين
وقف بيجاد ممسكا بيديها عندما أنتهى بمراسم عقد القِران واتجه لوالده الذي قام بضمه
-مبروك ياحبيبي. بالرفاء والبنين إن شاء الله
قبّل بيجاد جبين والده مبتسما له
- ربنا يباركلي في عمرك ياحبيبي
جذب غنى واتجه لوالدته مقبلا رأسها.

وقفت نغم تضم غنى وهي تشعر بألما ينخر قلبها عندما وجدت دموع غنى على خديها. لا تعلم بما أصابها، أزالت دموعها
- فيه عروسة بتعيط يوم فرحها حتى دا فال مش كويس. كانت نظراتها له وحده عندما توقف وخرج متجها لباسم حتى لا يتعانقا معا
ضمها بيجاد متجها لغزل وصهيب بعدما وجد ابتعاد جواد، هنا أيقن معرفة جواد بما صار منها
اتجهت غزل تضمها ببكاء وهي تضمها لأحضانها، أخرجتها وهي تمسك وجهها بين راحتيها.

- ربنا يسعدك ياحبيبتي، دايما السعادة لقلبك وروحك، أذرفت غنى الكثير من عبراتها
ابتسمت غزل وهي تنظر إليها
- طيب ينفع كدا نعيط ونخرب مكياجنا. وصلت ربى التي ضمتها بحب
- الف مبروك ياحبي، يارب السعادة لحياتك دايما
كان يقف بجوار صهيب وسيف، خطى بهدوء وعيناه على ملامح جوهها بالكامل
أقترب حتى أصبح بمقابلتها وفجأة حملها ودار بها.

- الف مبروووووك ياحبيبة أخوكي وعقبال لم أخد ولادك في حضني، هنا أنهارت وخارت قوها بالكامل وبدأت تبكي بنشيج بأحضانه وهي تتمتم
- أنا بحبكم أوي. لكن، لكن قالتها بشهقات مرتفعة. أنا تعبانة أوي ياجاسر
ضيق عيناه عندما لم يصل لمعنى ماقالته
جذبها أوس وهو يضمها.

- وسع يلا? لازم أحضن اختي وأشبع منها، أما ياسين الذي أمسك يديها متجها إلى مكان ما ورفع يديها حتى انطلقت الألعاب النارية بسماء القاهرة باللون الأحمر ويكتب عليها. غنى الحب والحرب
غنى جواد الألفي
ثم أخيرا قلبا أحمر كبيرا وحوله نيران وبأسهم تحاوط هذا القلب ويكتب عليه بجميع الألوان عدة مرات
غنى بيجاد، غنى الحب والحياة
همس لها ياسين دي هديتي المتواضعة حبيبتي بأشراف حضرة اللوا طبعا.

استدارت سريعا تبحث عنه ولكنه لم يكن موجودا
خفق قلبها بشدة حزنا لما فعلته بحقه، تذكرت ذاك الحديث عندما رجعت مع بيجاد
قبل ساعتين
خرجت سريعا متجه لسيارة والدها واستقلتها حتى لا يسألها أحدا إلى أين تتجه، تذكرت حديث طارق إليها
- هجوزك ياغنى ونسافر ونرجع تركيا تاني
ضيقت عيناه ورددت
- نتجوز إزاي، حضرتك ناسي أنك بابا ولا إيه أكيد بتهزر
هز رأسه رافضا حديثها.

- حبيبتي ينفع اتجوزك عادي بدالك مش بنتي ولا أنا جوز مامتك
رفعت يديها أمامه
- اسكت لو سمحت مش عايزاك تكمل. أنا مستحيل اعمل حاجة زي كدا، أنا لو سافرت هسافر علشان أبعد وبس
اقترب يمسك يديها
- خلاص تعالي نسافر وهعالجك برة، متخافيش هتخفي
نظرت إليه بتيه وتحدثت
-هو فيه أمل إني أعيش ولا، قاطعها عندما وضع يديه على فمها مردفا
- والله هتخفي إن شاء الله حبيبتي.
نظرت بشرود
- صور بيجاد دي حقيقي فعلا ولا فوتو شوب...

هز رأسه برفض
- والله العظيم حقيقية ولو مش مصدقة خديها لحد وهو يأكدلك
هزت رأسها بالموافقة
أنا هخرج معاك دلوقتي بحجة نتمشى شوية وهروح لحد متخصص وصدقني لو الصورة مركبة مش هسامحك ابدا، تمام اجهزي بسرعة وأنا هخرج مستني تحت
توقفت للحظات ثم توجهت اليه
- لا بلاش روح إنت وهقابلك في المطار إنت وماما. شوف طيارة خاصة خلال ساعتين مش عايزة أكون في مصر
ابتسم بحبور مردفا.

- تمام. متنسيش باسبورك بتاعك اللي باسمي بلاش الجديد بتاع جواد
هزت رأسها بالموافقة. بعدها تحرك
اتجهت سريعا لأوس بغرفته
- أوس حبيبي محتاجة منك خدمة بس ممنوع حد يعرف
ضيق عيناه واردف متسائلا
- قولي حبيبتي وأنا عنيا ليكي
وضعت صورة بيجاد وماسة أمامه وطلبت
- عايزة أعرف الصورة دي حقيقية ولا لا
نظر للصورة وجحظت عيناه ثم رفع نظره لها
- ايه دا، بيجاد وماسة. حاول التقليل من حدة غضبه. أخذ نفسا متجها إليها.

- حبيبتي دي ماسة بنت عمته و، قاطعته
عايزة أعرف الصورة حقيقي ولا لا لو سمحت
نهض ينظر إليها بغموض
- أوعي تعملي اللي بفكر فيه ياغنى. دي صورة اكيد اتخدت، قاطعتها بصراخ
شوف الصورة حقيقة ولا لا أوس
اتجه للصورة ووضع على جهازه للحظات ثم رفع نظره إليها وتحدث.

- الصورة حقيقي ياغنى. بس لازم تسمعي منه الأول قبل أي موقف، غنى فرحك بعد كام ساعة اوعي شيطانك يرسملك تخيلات مريضة، كلنا عارفين عشق بيجاد. زي ماكلنا عارفين هوس ماسة بيه
ضيقت عيناها وتسائلت
- هوس ماسة. يعني هي بتحبه
هز رأسه واكمل
- المهم هو بيحب مين ولو تلاحظي انفعالات وشه بتدل ان الصورة اتخدت فجأة. وكمان هو مش منفعل على بوستها ولا حاجة يارب تكوني حكيمة قبل ماتخربي حياتك.

ورغم ماقاله أخيها إلا أنها خرجت مغادرة حي الألفي بالكامل متجه للمطار، ترجلت من السيارة كان طارق ينتظرها بصالة إنتظار الركاب، أسرع إليها
- قلقت وقولت إنك مش جاية
بحثت حولها عن تهاني
- فين ماما تهاني هي ماجاتش.
نظر إليها بخبث وتحدث
- ماما تهاني سافرت هي وخالتو أحلام هيستنونا في تركيا، ياله قبل مانتأخر. هاتي باسبورك
أمسك باسبورها المقيد بغنى طارق واتجه للعاملة بمكتب الختامات.

وقفت للحظات تنظر لغنى التي كانها تنظر بضياع تبحث عن أحدهما، رفعت هاتفها وحدثت احدهما، وصل احدهم اليها ونظر لغنى، ثم نظر لهاتفه وهز رأسه بالرفض
ظل طارق ينظر بساعاته حتى مرت قرابة نصف ساعة اتجه إليها
- إنت قولتي في مشكلة في الأختام ودلوقتي عدى اكتر من نص ساعة ممكن، أنا اتاخر ورايا مواعيد مهمة ولا علشان طيارة خاصة
اومأت برأسها عندما اتجهت غنى إليه
- فيه حاجة يابابا ولا إيه.

زفر بغضب ناظر لتلك المسؤلة وهو يتحدث بصياح
- أيوة عايز المسؤل ازاي حتة ختم على جواز سفر يقعد الوقت دا كله، خرج أحد المسؤلين عندما استمع لصياح احدهما
وتسائل. بعد فترة قرابة الربع ساعة خمسة عشر دقيقة. حلت المشكلة
وضع الجواز أمام العاملة حتى تختمها فجأة وجدت الذي يضع يديه تحت الختم ناظرا بعيون جحيمة لطارق ثم اتجه بنظره لتلك التي تصنم جسدها عندنا رأته.

- ايه ياآنسة غنى متعرفيش مينفعش تسيبي البلد دون اذن من جوزك ولا إيه
- جوزها رددها طارق بخفوت، اتجه لطارق وهو يهمس بصوتا كفحيح
- اه جوزها ومن أكتر من أربع شهور، ينعي يوم ماانضربت بالنار كانت مراتي. ويوم مارحت خطبتها من حيوان زيك كانت مراتي، تخيل روحت اخطب مراتي من واحد حقير كنت مفكره بني آدم عنده اخلاق بما إنه دكتور وتقدير احترام من الكل. لكن نعمل ايه ياطاروقة فيه رجالة ناقصة وعايزين نولع فيهم.

اتجهت اليه بخطوات مبعثرة وتحدثت بصوت مهزوز
- انا مسمحلكش تغلط في بابي كدا
قبض على خصلاتها مما جعلها تصرخ
- وحياة بابي دا لأندمك ياغنى على كنتي ناوية تعمليه، أنا يتعمل فيا كدا. عايزة تهربي يوم فرحنا وتفضحينا. مفكرتيش في الراجل الغلبان اللي ممكن يموت فيها
مفكرتيش في اخواتك. رفع طارق يديه بسخرية وتحدث
- لا هي عايزة تهرب من واحد حقير ونجس زيك. كل ليلة في حضن واحدة.

اخرص قالها بيجاد عندما ثارت نيران باوردته واشتعل صدره بلهيب جحيمي فعندما اتصل به اوس وحكى ماصار وهو يعلم ان طارق خلف ذاك، ولكن كيف وصل لتلك الصورة
انتفض جسدها عندما وجدت تحول بيجاد فأصبحت عيناه باللون الأحمر وظهرت عروق عنقه، اتجه لطارق يقبض على عنقه مردفا.

- أنت تلعب بمراتي كنت كلب حلوف بتلف وراها، اوعى تفكر نظراتك الحقيرة دي عدت عليا، لا فوق انا عارف اشكالك الو. سخة دي وعارف ان فيه رجالة حقيرة كتير أوي من عينتك، اقترب وهمس له وعارف فضايحك انت وأحلام خانو، فبلاش انشر غسيلك الو، سخ هنا ياحقير
نظر للامن
- خدوها انا مش فاضيله، ودوه عند باقي الشلة. لما نشوف أخرته الزفرة ايه...
توقف يشير بسبابته وتحدث.

- وحياة غلاوتك ياطاروق لأندمك وأخليك تندم انك في يوم تبص لحاجة مش ملكك
قالها ثم جذب غنى التي تقف مذهولة مما استمعت إليه ولسان حالها يردد
- بابا طارق اخلاقه، توقف لسانها عندما وقف امامها فجأة حتى اصطدمت به
- انا لو قتلتك دلوقتي مش هاخد فيكي ساعة عارفة ليه، لأنك واحدة غبية. الحساب مش دلوقتي، لازم نرجع الفرح ياهانم والليلة تعدي وبعد كدا كله هياخد حقه
دفعته بقوة وبدات تصرخ.

- انا بكرهك يابيجاد بكرهك عارف ليه، علشان أكتر واحد أذى قلبي، أكتر واحد جرحني، انت وحضرة اللوا، اكتر اتنين بكرهم، لم تكمل حديثها عندما أنقض على شفاها مقبلا إياها بقوة حتى تصمت للابد
فصل قبلته عندما شعر بأختناقها نظر إليها بغضب مردفا
- اقسم بالله لو اتكلمتي تاني لأخدك حالا ونسافر ومخلكيش تشوفي حد، سمعتيني ولا لا، ارتجف جسدها من صراخه، قاطعهما أحد المضيفات التي تدلف للمطار
- جاد ازيك من زمان ماتقبلناش.

وقف أمامها محاولا السيطرة على غضبه
- أهلا شهندة، عاملة ايه. معلش انا آسف مستعجل بعدين اكلمك انتظري مني تليفون، قالها وهو يجذب التي تنظر لتلك بغضب تكاد تنقض على تلك البيضاء، الشقراء
عودة للوقت الحالي
رفعت نظرها وجدت جواد متجها يجلس بجوار صهيب وسيف
-
كان صهيب ينظر لأخيه الذي يحاول أن يرسم ابتسامة أمام الحضور، اتجه لسيف وهمس له ببعض الكلمات
اتجه سيف وأمسك المايك بعد الانتهاء من كلمة المأذون.

بارك الله لكما وجمع بينكما في الخير
حبيت أهني ملكة عيلة الألفي وبقولها
- مبروك ياحبيبة عمو وعقبال لما تكوني مامي حلوة وجميلة، السعادة لقلبك ياغنون ودلوقتي ميعادنا مع كتكوتة العيلة وأميرتها دكتورتنا الجميلة
رُبى الألفي، كانت تقف بجوار والدتها بعدما ارتدت ذاك الفستان الأبيض الذي كان مزخرفا ببعض الورود بنفس لونه وحجابها الذي يزين بشرتها الحليبية باللون الفيروزي.

ضيقت عيناها ونظرت لوالدها الذي يجلس بجوار ريان وصهيب
اومأت غزل برأسها لرُبى ودفعتها بهدوء
- روحي لعمك حبيبتي. شوفي بابي عايزك ليه، اتجهت لذاك المكان المخصص للعروسين. قطع خطواتها عز عندما بسط يديه إليها لتتمسك بيديه
رفعت نظرها لوالدها ثم اتجهت لجاسر الذي أومأ بنظره إليها بالموافقة
تشابكت اليدين وتحركا متجهين حيث جلوس والدها واختها العروس، وقفت بجوار غنى تنظر إليها باستفهام.

قبّلتها غنى وضمتها وهي تهمس لها
- مبروك ياحبيبتي، عز هيكتب كتابه عليكي، حب يعملك مفاجأة، صدقيني لسة بيجاد قايلي حالا
رفعت نظرها سريعا وخط من الدموع في عيناها تنظر لعز الذي نظر إليها بعشق، ثم
ردد بشفتيه لم يراه غيرها
بحبك تمركزت عيناها على شفاه وهو يرددها ارتجف جسدها وخفق قلبها بشدة. حاولت السيطرة على نفسها. ابعدت نظرها عنه بصعوبة ونظرت لوالدها، الذي وقف يرفع يديه ليضمها لأحضانه وهو يربت على ظهرها.

- فداكي أبوكي ياروح قلب بابا، افديكي بعمري لأجل الابتسامة اللي بشوفها على وشك دي
هنا فقدت غنى توازنها بالكامل مماجعلها تتشبس بيدي بيجاد...
ثار قلبه على عقله ورفع يديه يطوق خصرها متناسيا مافعلته، فعشقها كمرضها الذي يتشعب بجسده
ضمها لحضنه عندما فهم ماأصابها
- مالك حبيبتي، تيجي نروح نقعد مكانا
هزت رأسهابرفض وتحدثت وهي تنظر لجواد وغمامة من الدموع تحاوطها
- لا عايزة اشارك أختي فرحتها
رفع حاجبه بسخرية ثم أردف.

- وكانت فين اختك دي وانتِ كنتي ناوية تدبحيهم
اظلمت عيناها وتحول لونها للداكن وهي تحدثه بعنف
- لسة متحسبناش بيجاد باشا
كان جواد يراقب حركة شفتاها. عصر عيناه عندما علم بما أصابه من حديثها
تحرك عز وجلس بجوار عمه ليتم عقد قرانه على أميرة قلبه
توقف ريان متجها لأوس وهو يحادثه
- أوس أجل موضوع الخطوبة النهاردة، نعدي كام أسبوع ونتمم الخطبة يابني
التمعت عيناه بالرفض وقال مزمجرا ولا لحظة ياعمو
رفع ريان نظره لوالده.

- بص لأبوك وانت تعرف يابني، باباك التعب ظاهر على وجهه وبعدين الصراحة خايف عليكم كلكم كدا وانتوا بتتجوزوا مرة واحدة
رفع حاجبه بسخرية
- فين الجواز دا، مفيش غير بيجاد، أما لو قصدك على رُبى وأنا فدا مجرد أعلان بس
هز رأسه رافضا
خطوبة بنتي خليها في بيتي هناك، احتراما ليا لو سمحت. ومتحاولش حبيبي لو بتحبني بجد
أومأ أوس برأسه
- حاضر ياعمو ريان اللي تشوفه، حاضر
عند باسم وحياة
اقتربت تتحدث له.

- هما الاتنين هيتجوزو النهارده ياباسم
رفع حاجبه بسخرية
- الجميل شايف ايه، مثلا واحدة بتجوز والتانية بتتفرج، إنت ماسمعتيش.
اما التي تقف بجوارهم ولكن نظراتها عليه فقط، وهو يسرق نظرات لها من الحين للأخر. ابتسمت عندما نظر إليها ثم اتجه ينظر لأخواته
تحركت إلى أن وصلت ووقفت بجواره، لم يشعر بها إلا حينما أمسكت يديه وشبكتها أصابعها بأصابعه.

انتفض جسده من لمستها وشعر بخفقة تضرب شقه الأيسر أغمض عيناه محاولا التنفس عندما شعر بإنسحاب الأكسجين من حوله
- مبروك ياجاسر
قالتها بصوتا انثوي رقيق. جعل قلبه يهوى بين ضلوعه ويعترف بعشقه لها وحدها
استدار ليشبع روحه من نظرة عيناها الفيروزية التي جذبته كالمغنطيس. ظلت نظرات العشق فقط دون حديث، تمنى أن تصبح ملكه ليعلمها فنون العشق
- جاسر اردف بها باسم ليخرجهما مما فيه عندما شعر بضعفهما.

حمحم متجها إليه وتسائل
- فيه حاجة ياعمو
رفع حاجبه بسخرية وتحدث
- لا ياحبيب عمك. مفيش غير ان الفرح كله شاف نظرات الحب والمعزوفة ام كلثومية دي
ضيق عيناه متسائلا
- مش فاهم قصدك.
ابتسم بسخرية
- استعبط يابن جواد. ابوك جاي علينا أهو. ياله اهرب
وصل جواد لباسم ينظر لحياة وفيروز، هو لم يعلم أي منهما زوجته، رحب بهما جواد وجذب باسم من رابطة عنقه
- مين دي يارميو باشا
قهقه باسم عليه وتحدث بانتشاء.

- حلوة صح. بنت قمرين ياجود تخلي الواحد يرجع عنده خمستاشر سنة
مط جواد شفتيه بسخرية
- لا وحياتك تخلي الواحد يقعد في المستشفى، ارتفعت ضحكات باسم حتى جذبت انظار بعض الحضور
وضع باسم يديه على فمه عندما نظر جواد اليه شرز
- مالك يلا? شايف شفافيك عايمة ماتلمها ياخويا. هي مين مراتك ياحمار ولا انت اتجوزت تاني، هو انت بقيت برج الصغيرين
ظل يقهقه باسم على حديث جواد مما جعل جواد يضغط على قدميه.

- هو انا رقاصة ياحمار ماتلم نفسك
أقترب باسم ينظر لمقلتيه
- ايه رأيك اشوفلك قطعة زيهم
- استغفر الله العظيم يارب. يارب اعطني شوية كالم من عندك. علشان مااكسرش سنانه اللي فرحان بيها دي
لكمه بكتفه ورفع حاجبه بشقاوة
- طيب احلف كدا انك مش عايز تجدد امجاد شهر عسلك مع قطعة صغيرة
هنا ذهب بعينيه لغزاله التي تقف بجوار نغم وريان ثم استدار لباسم.

- ولا حور الدنيا كلها تعوضني عن ملكة قلبي، خليك انت عايش دور فطوطة ياخويا.

قولي مين البنت ام عيون زرقة دي
اقترب باسم وتحدث
- خد الصدمة ياكبير دي بنت اخو ناجي
ضيق عيناه وتسائل
- مين ناجي دا
دي اسمها فيروز عامر الهاشمي، الأسم دا مبيفكركش بحد ياحضرة الضابط
ظل للحظات يردد الاسم هنا نظر بذهول لباسم
- قصدك ناجي بتاع بثينة و...
أومأ برأسه وهو يؤكد حديثه.

- دي بنت اخوه. ابوها مات. وامها اتجوزت اخوه اللي اصلا كانت مديراها معاها واخوه عايش. فيه اللي بيقول مات موتة طبيعية وفيه اللي بيقول لا دا شافهم بوضع مخل وجاتلة ذبحة وفضل فترة في الانعاش ومات بعدها
حك جواد ذقنه وتسائل
- ودي اتلمت عليها فين ليكون قتلوا اخوك. فحبيت تنتقم فاجوزتها هي كمان
لم يستطع باسم من فصل ضحكاته وهو يلكمه من كتفه
- لا ياعبيط اخواتك، دي مش تبعي، دي تبع حضرة الضابط ابن حضرتك.

تصنم جسد جواد وهو ينظر باستفهام قصدك مين، جاسر
- ايوة وحياة سيدي، أبو العباس هو بالضبط الحكاية كلها عنده، شوف بقى علشان تشبع تريقة ياحضرة اللوا
بمكان هادى
يجلس وتنذرف عبراته على خديه. يقوم بإزالتها سريعا، وصل والده يضم أكتافه
- كنت عارف كل اللي بتعمله ماهو إلا كلام وبس
هز رأسه لوالده
- مش فاهم حضرتك يابابا، تقصد إيه
نظر لمقلتيه وتحدث بحزن.

- لسة بتحبها مش كدا ياجواد، طيب لما بتحبها قولت ليه انك نسيتها وحاولت تقرب من بنت صهيب
كنت عايز مسكن يابابا، الألم كان شديد أوي
ضمه حازم لأحضانه يربت على ظهره
- عارف ياحبيبي ان ألمه شديد، لكن مينفعش ناخد ناس نجرحها في مقابل ندواي حالنا
انزلقت دموعها بضعف
- اللي قدامك دا خلاص يابابا بقى جسد بس، بقيت شرير، تخيل اتفقت على اني ابعدهم بحجة اني بقربهم من بعض
ذُهل حازم من حديث ابنه
- ايه اللي بتقوله دا ياجواد.

مسح عيناه ونظر بالاتجاه الآخر وهو يردف
- الخدع في الحب والحرب يابابا
صاعقة نزلت على حازم مماأحس بتبعثر جسده لأشلاء من حديث ابنه
كان هناك من يقف بالقرب منهما واستمع لحديثهما، مما اشتعل نيران صدرها بالكامل وأقسمت لترد كرامتها وكبريائها الذي حطمه بكل برود
جلست نغم بجوار ريان بعدما اتجه العروسين لمكانهما
اقترب يهمس بجانب اذنيها
- نغوم حبيبي، النهاردة فرح ابننا التاني
ضيقت عيناها ونظرت باستفهام.

ابتسم لها وهو يملس على خديها
- حجزت سويت في الفندق، علشان نقضي نعيد امجاد شهر عسلنا حبيبي
وضعت يديها على فاهها وهي تنظر لأولادها الذين يجلسون على نفس الطاولة
ولكنهم كانوا غير منتبهين
- اتجننت ياريان، شهر عسل ايه ياحبيبي دا بعد كام شهر هتبقى جد
جذب خصرها ليقربها لأحضانه
- لا متجننتش يابنت الأسيوطي وهعمل اللي في بالي، اجهزي ياعروسة الليلة ليلتك
وضعت يديها على فمه حتى لا يسمعه اولاده.

- بااااس وحياة ربنا إنت مش طبيعي
نظر لمقلتيها وتحدث
- مش طبيعي علشان قلبي لسة بينبض بحبك يانغمي
ابتسمت بحب له وتحدثت
- يعني أنا بكرهك ياريان ماأنت عارف. انت بالنسبالي ايه
ضيق عيناه وتسائل
- عايز اشوف النهاردة أنا بالنسبالك ايه ياحبيبة ريان
علي مائدة اخرى.

- عجبك اللي بنتك بتعمله دا ياميرنا، قولتلك علمي البنت أخلاق المصريين. أهو شوفي بقت عاملة زي الأتراك بلبسها وكل شوية تروح تحضن دا ودا، لا وكمان حركاتها مع عز اللي كل شوية يصدها ويقولها عيب مفيش فايدة معاها
زفرت ميرنا بحزنا فهي تعلم أن زوجها محق ولكن ماذا عليها أن تفعل
بمكان العروسين
وقف المسؤل عن تنظيم الحفل يستدعي العروسين للأفتتاح الحفل برقصتهما
بعد إنتهاء الرقصة
اتجه الجميع للمباركة للعروسين.

وقفت ماسة أمامهما وبسطت يديها لبيحاد
- مبروك يابيجو، ربنا يسعدك ياحبيبي. ثم اقتربت لتحضنه ولكنه تراجع بخطوة للخلف
- شكرا ياماسة عقبالك، كان ريان يراقب ماسة اتجه لنغم
- روحي هاتي ماسة شكلها مش ناوية على خير. خلي الليلة تعدي
نهضت نغم متجه إليها
حضنت ماسة غنى وهي تهمس لها
- مبروك عليكي ياعروسة، بس متفرحيش اوي أنا كنت فرحته الأولى.
رجعت للخلف تنظر لغنى بشماتة ثم تحركت عندما وجدت نغم تقف بجوارها وتتسائل.

- فيه ايه، مش هترقصوا تاني. وضعت يد بيجاد بيدي غنى
- انزلوا ارقصوا علشان اللي عايز يرقص معاكم...

بعدها اتجهوا مرة أخرى للرقص
حاوط خصرها يضمها لأحضانه ويتمايلا على انغام الموسيقى، وجدها لم تبادله أحضانه، فحديث ماسة يصم أذنيها
أرقصي حبيبتي الناس بتبص علينا
نزل ايدك. ماسك حرامي...
حرك حاجبه بسخرية: - حرامي، ياريت
نظر حوله يبتسم للضيوف وكان أكثرهم من الطبقة المخملية
اقترب من وجهها، وهمس لها.

- لا مش ماسك حرامي، دا حتى الحرامي لما بيتمسك بيقول هتوب، إنما إنتِ ماشاء الله. بجحة بجاحة ذكي رستم في رصيف نمرة خمسة
ضغطت على قدميه بكعبها العالي، مماجعله يتأوه
جذبها من خصرها بقوة ضامهها لصدره، ورغم نزيف قلبه الذي أدمته بعنفوان إلا أن ضرباته تتقاذف بين ضلوعه من مجرد اقترابها منه
أنفاسه بالقرب منها أشعرتها بحجم حبها له، نعم أحبتها بل عشقته فكيف له أن يغدر بها
علي الجانب الآخر.

كان عز يضمها لصدره ليتراقصا على تناغم قلبيهما، وضعت رأسها على صدره ليطوق خصرها بيديه الأثنين
رفعت نظرها وغرقت بعيناه
- يعني دلقت العصير عليا علشان أغير الفستان لكدا
ابتسم بحب وأردف
- كان لازم مناسبة زي دي تخصني في كل حاجة...
- مبروك عليا إنت ياحبيبة عز، والعمر دايما مع بعض.
اقترب من شفتيها هو يتحدث بعشق خرج من عينيه قبل شفتيه
- هو أنا قولتلك قبل كدا إني بحبك.

نزلت بنظرها للأسفل عندما تورد خديها من الخجل، هنا توقفت الموسيقى...
- مستعدة، قالها وهو ينظر لها نظرات ذات مغذى
ضيقت عيناها وتسائلت
مستعدة لأيه، لم تكمل حديثها وقام
بحملها ودار بها وهو يصيح
بحبككككك
طوقت عنقه وهو يدور بها على الاستيج والجميع يصفق بحرارة لذاك العشق
مما جعل بيجاد يستشيط منه، وظل يسّبه وهو يواعده المعاقبة بعد انتهاء الحفل
- الحيوان خطف مني الليلة
لكمته غنى وهي تنظر لفرحتهما.

- على الأقل خلي الليلة دي لحد يستاهل مننا
شعر بختراق صدره عندما تحدثت بهذه الكلمات...
ضمها لصدرها وهمس لها
- والله بحبك يامجنونة ومفيش حد حرك مشاعري غيرك، بلاش شيطانك يصورلك حاجات مش موجودة
نظرت له بصمت ولم تعلق على حديثه
بعد فترة انتهى الحفل
اتجه عز لجواد وهو يقبل رأسه ويديه مردفا
- بابا جواد حبيبي والله حبيبي
رفع جواد حاجبه بتهكم
- قول ياابن صهيب ماهي بابا جواد دي وراها حاجة
جذب يد رُبى وتحدث.

- هخرج انا وربى نحتفل احتفال خاص بينا
نهض جواد عندما وجد نظرات غزل بالموافقة
- تمام يازيزو روح اسهر مع خطيبتك. دي خطيبتك يلا?. خلي بالك من خطيبتك دي اه
تحرك وهو يجذب رُبى
- لا مسمعتش. دي حبيبتي وبس لو عايز اضيف حاجة هتكون مراتي
- عز صرخ بها جواد، رفع سبابته
- اياك تتمادى ياعز المرادي هدبحك
قهقه عز وجذب ربى وخرج
وصل بيجاد وغنى لجناحهما الخاص بمنزل جواد بعدما اتفق تكون بالقرب من والدتها حتى يتم شفاها.

وصلت وقام بخلع طرحة زفافها وألقتها بغضب على الأرض واتجهت تمسك بصورة تضعها أمامه
- دي حقيقة ولا لا
رفع نظره للصورة وذهل من وصولها إليها
شعر وكأن الأرض تدور بيه. واصبح قاب قوسين أو ادنى ان يفقد وعيه
هز رأسه وحاول الحديث
اتجهت إليه تلكمه بصدره
- ليه، قول ليه علشان أنا مريضة، طيب روحلها.
هزة عنيفة اصابته عندما علم إنها عرفت بمرضها، قاطعهما طرقات على باب الجناح اتجه بيجاد ليقوم بفتحه
دلفت غزل متوجهة لأبنتها.

- عاملة ايه حبيبتي
هزت رأسها دون حديث
نظرت لمقلتيها وأردفت
- غنى إنت بتعيطي
هزت رأسها وأردفت
- لا أبدا ياماما مرهقة بس، وضعت غزل بعض الأدوية بيديها
- متنسيش تاخدي من دا دلوقتي، قبل اي حاجة. قالتها وهي تنظر لبيجاد ليفهم ماتريده
ضحكت بسخرية وأردفت
- خايفة لأحمل ياماما، وطبعا إزاي وانا باخد جلسات كيماوي.
صاعقة صفعت كلا منهما وجعلهما كالمشلولين ولم يستطعا الحديث
تراجعت بخطواتها للخلف وهي تبكي.

- ليه بيحصل معايا كدا، ليه ياماما. اكره ابويا فيا، هزت رأسها وهي تصرخ
- ايوة كرهني لحد ماهنش عليه يباركلي، ويوم مااحب واحد بجد اعرف انه بيخوني
وفوق دا كله مريضة بمرض لعين
قولي ياماما ليه
ضمتها غزل لأحضانها
- حبيبتي المرض دا هتخفي منه ان شاء الله. متقلقيش. اما بابا مش زعلان منك هو بس تعبان، رفعت نظرها لبيجاد وتحدثت
- بيجاد مستحيل يخونك حبيبتي صدقيني
أومأت برأسها عندما وجدت طاقتها نفذت من الحديث وأردفت.

- خلاص ياماما. ممكن تكون أعصابي تعبانة لما اتفاجأت بموضوع مرضي، حاضر هاخد من الحبوب دي، وهواظب على العلاج
- دلوقتي انا تعبانة وعايزة ارتاح بجد
هزت رأسها واتجهت لبيجاد
- خد بالك منها ومتغصبهاش على حاجة
ربت على ظهرها واردف
- متخافيش في قلبي قبل عينيا
خرجت وهي تزيل عبراتها حتى لا يراها زوجها
اتجه بيجاد ووقف أمامها.

بغض النظر على الصورة وصلتك إزاي بس دي كانت مراتي. يعني اللي بعتهالك واحد غبي مفكرش إن لعبته هتتكشف. بس الغباء الأكبر منك ياهانم
انكمشت ملامح وجهها بإمتعاض ورددت بلسان ثقيل
- متجوز. إنت كنت متجوز
رفع نظره بسخرية وأكد حديثه
- أومال إيه، هي البرنسس ادتني فرصة أتكلم
انزلقت دموعها بغزارة وكأنها بكابوس. حتما سيؤدي بها للجحيم
إستدارت بظهرها وتحدثت
- أطلع برة مش عايزة أشوف وشك.

لم يجادلها كثيرا فقد كان كالذي فقد روحه بذاك الوقت
خرج كالثور لا يرى أمامه سوى إنكسار روحه التي هدرتها بكل غباء
بعد فترة
اتجهت للشرفة لعلها تستطيع التنفس بعدما صدمها ذاك المنحل كما ادعته
سكنت برهة تمسح عبرة نارية احترقت جدار جفنيها وتأوهت باكية بمرارة. كلما تذكرت حالته، أيعقل انها ظلمته
نظرت من شرفتها للأسفل وجدته متسطح على العشب ويضع رأسه على ساقيها، كانت تملس على خصلاته بحب.

- جواد إنت كويس. حاسس بحاجة دلوقتي
أومأ برأسه وهو مغمض العينين
- كويس ياغزل، الحمد لله، متحسننيش إني مريض. شوية ضغط وراحو لحالهم
ملست على وجهه وتحدثت بعينان عاشقة مهما مرت عليها السنوات لم تفقد رونقها من العشق
- لو مخفتش عليك ياحبيبي اخاف على مين. معرفش حاسة إنك مخبي عليا حاجة. ومش مصدقة كلامك
أعتدل ينظر إليها. ثم جذب رأسها مقبلا جبينها
- حبيبتي أنا كويس وكله يهون لأجل الضحكة اللي بتنور حياتي دي.

شبكت أصابع يديها بيديه ونزلت بجبينها على جبينه وأردفت بصوتا مبحوح
- قولي ياجود هفضل أحبك لحد أمتى حبيبي. جذبها ملتقطا شفتيها
- لحد ماأموت، وضعت يديها على فمه
رجعنا تاني للسيرة دي ياحبيبي
- بعد الشر عليك ياحبيب عمري. يارب أموت قبلك ياجواد علشان قلبي مايتحرقش عليك
اعتدل سريعا يجذبها لأحضانه رغم نيران قلبه مما فعلته أبنته اليوم، رفع يديها يقبلها ثم نظر إلى رماديتها.

- أنا قادر أستحمل وأعدي ياغزل بسبب وجودك جنبي. لسة من شوية قايلك كدا. أوعي تدعي الدعوة دي تاني. أنا مقدرش أعيش حتى ساعة في دنيا مفهاش غزل. من يوم ماجيتي للدنيا دي وحسيت بسعادة الدنيا كلها. ويوم مااتجوزتك وبقيتي ملكي شرعا وقانونا. قولت خلاص اكتفيت من الدنيا. إنت عندي بالكون ومافيه
رفع نظره يملس على خديها وونزل بجبينه.

- ويوم جبتيلي غنى وجاسر، دا كان كافي أن كرم ربنا كتير عليا اوي، ومسح على قلبي من وجع سنين بيهم. رفع ذقنها ونظر لمقلتيها مردفا بصوتا هادي وحنون
- نعم ربنا بقت تزيد عليا من صبيان وبنات وزوجة كجوهرة مصونة أغلى من حياتي نفسها. هجي اعترض على حاجة بسيطة يازوزو، دا ابقى بني آدم جاحد لفضله
دلفت لداخل الغرفة وهي تبكي بقهر على حياتها التي تحولت لجحيم بعدما علمت ماصار إليها، بعد قليل استمعت لأشعار رسالة.

إذ بها تجحظ عيناها مما رأته مما جعلها تصرخ بهستريا مما جعل جواد وغزل ينتفض بجلستهما مسرعين إليها
دلف جواد سريعا واذ به ينصدم مما رأى.
تصعد ماء البحر المالح إلى السماء بخارا فيكون غماما ثم يعود إلى الأرض غيثا عذبا نقيا فاصعد بقلبك إلى السماء وانظر كيف يعود
تنهد بأملا عندما تحدثت غزل
- جواد هنقدر نعمل العملية بعد شهر إن شاء الله. العلاج جايب مفعول كويس مع إني كنت رافضة جوازها دلوقتي خالص بس شايفة انه محفزها أوي
أغمض عيناه وأردف بصوتا مختنق
- أنا مخبيش عليكي يازوزو قلقان وخايف أوي من العملية دي، خايف عليها.

وضعت وجهه بين راحتيها وتحدثت بعيون مترقرقة بالدموع
- حبيبي إن شاءلله أملنا في ربنا كبير وحاسة إنه هيجبر بخاطرنا إن شاءلله
قبّل يديها وأردف
- ونعم بالله العلي العظيم إن شاءلله
عايز اقولك حكمة ربنا في كدا اكيد احنا مش شايفنها شوفي حبيتي
لو كشف الله الغطاء لعبده وأظهر كيف يدبر الله اموره وكيف أن الله أكثر حرصا على مصلحة العبد من العبد نفسه وانه وارحم به من أمه، لذاب قلب العبد محبة لله
ونعم بالله ياحبيبي.

صمتت هنيهة ورفعت نظرها متوجهة بسؤالا
- جواد إنت زعلان من غِنى ليه
أشاح بعينيه بعيدا عنها ثم تحدث
- مش زعلان ولا حاجة يازوزو، كل الموضوع عايزها تاخد قرار بعيد عن الضغوط
لم تتدارك حديثه. فتسائلت
- يعني إيه مش فاهمة، تقصد إيه بقرارها دا ياجواد؟
استدار ينظر لعيناها مردفا بثبات ظاهري
- البنت مشوشة حبيبتي. مرة طارق ومرة أنا هي مش قادرة تستوعب اللي حصلها
كانت الصدمة كبيرة عليها.

حبيت ادلها مساحتها بالسيطرة على نفسها وتختار اللي تقدر تتعايش معه
نظرت إليه بذهول
- أكيد بتهزر ياجواد صح، عايز البنت ترجع لطارق
تدارك خوفها فأمسك يديها يحدثها بثقة وأطمئنان
- متخافيش أنا متأكد إنها مش هتقدر تبعد عننا. كل الحكاية تشتتها وممكن كلمات طارق اللي معرفش قالها إيه اصلا
قاطع حديثهما استماع صرخاتها التي صمت الآذان
نهض جواد سريعا يركض إتجاه جناحهما. جواد استنى صرخت بها غزل.

- انت إزاي هتدخل متنساش إنه يعني
أسرع متجها لبنته وأردف
-بيجاد خرج من شوية غزل
تسّمرت بوقفتها تهز رأسه ثم افاقت عندما وجدت جواد وصل لباب الفيلا، أسرعت متجه إليها
دفع جواد باب جناحها. ووقف مذهولا عندما رأى جسدها يرتجف وعيونها جامدة. ويديها تنزف من الزجاج الذي تقبض عليه، وتهز رأسها بصراخ، كأنها دخلت نوبة صرع، هوى بجسده امامها يضمها لأحضانه ويربت على ظهرها.

ظلت تصرخ. وصلت غزل وتكاد تأخذ أنفاسها مع دخول جاسر وأوس اللذان استمع لصراخها
- غنى حبيبتي مالك ياقلب أبوكي إيه اللي حصل قالها جواد بقلبا ينتفض
اتجهت بنظرها إليه تنظر فقط وكأنها لم تقو على الكلام
إغرورقت عيناها بالدموع من جمودها
واردفت بلسانا ثقيلا
- أختوني منها لحد ماانتحرت...
توسعت عيناه من الذهول من حديثها
- قصدك مين حبيبتي، مين اللي انتحرت دي، صرخت ثم دفعته
- ابعد عني. أنا بكرهك ياحضرة اللوا، بكرهت.

صرخت غزل ووضعت يديها على فاهها من صدمة مااستمعت إليه، وانسدلت عبراتها على خديها تنظر بألما لجواد، الذي وقف بجمود يهز رأسه لها
- تمام يابنتي. اهدي علشان إيدك بتنزف
صرخت وهي تضرب على وجهها وخصلاتها تغطي وجهها بالكامل
- متقوليش بنتتتتتتي. قالتها بصراخ. هزة عنيفة اصابت اخوانها اللذان يقفان ولا يعلمون ماذا يفعلون
ارتجف جسد غزل تهز رأسها بذهول
- ليه يابنتي كدا. ليه. قاطعها جواد.

غزل شوفي بنتك نضفي جرح إيدها. وهديها. قالها جواد وتحرك سريعا للخارج عندما اقتحم بيجاد الأوضة وتسائل
- إيه اللي بيحصل هنا؟
اتجه إليها وهو يوزع نظراته بينهم، اتجه ببصره لغنى
وسحب الهاتف الذي بيديها مردفا
- إيدك بتنزف ليه كدا. لسة مفكرة نفسك طفلة بضفاير. قلقتيهم علشان عورتي إيدك، قالها عندما استمع لحديثها مع جواد
تحرك جاسر متجها اليها.

- إيه اللي حصل خلاكي توصلي للمرحلة دي. كانت تنظر في نقطة وهمية ودموعها تنسدل بغزارة على وجنتيها
اجلسها بيجاد وتحدث لجاسر
- اختك مفكرة نفسها لسة عندها عشر سنين اتعورت فحبت تعمل فيها صغيرة على الحب وتشوفكم بتحبوها ولا لا.

قالها حتى يخرجها عن صمتها. ولكن ملامحها جامدة بعدما أردفت بما يقسم قلب ابيها كعادتها. كانت تجلس أمامها بعد جلبها للأسعافات الأولية وقامت بتطهير الجرح، ولم تنظر إليها لقد انشق قلبها على زوجها من كلمات أبنتها الموجهه لأبيها
اتجهت بنظرها لبيجاد ثم لوالدتها، شوفتوا عملتوا إيه في الست كل اللي عملته إنها ربتني وبس، وضعت الهاتف بيد بيجاد وصرخت بهم.

- أنا عمري ماهسامحكم ابدا. ابدا، سمعتني يابيحاد إنت اكتر واحد اذتني. انت وحماك العزيز
صفعة هوت على خديها من أخيها. وقف أمامها يصرخ بوجهها
- أنتِ مفكرة نفسك ايه علشان تتكلمي على ابوكي كدا، شكلك اتجننتي وعايزة اعادة تأهيل
وقفت غزل ودموعها تتساقط على وجنتيها تدفع جاسر وتصرخ بوجهه
- انت اتجننت ياجاسر إيه اللي هببته دا. ضمت غزل لأحضانه تربت على ظهرها بحنان.

بينما بيجاد الذي وقف كالمشلول. لا يعلم ماذا يفعل، أيعاقب جاسر أم يعاقيها، أم يعاقب حاله. ورغم النيران التي اشتعلت بصدره
أمسك هاتفها ينظر إليه واذ به ينصدم بعدما وجد تهاني قد أرسلت لها رسالة مسجلة.

غنى حبيبتي عاملة ايه ياقلبي. كان نفسي أحضر فرحك لكن طارق رفض خالص وقال اهلك منعونا. وحشتيني أوي يابنتي مقدرتش أعيش وانت بعيد عني. رجعت طنطا تاني بس انصدمت من اللي شوفته. تخيلي مكفهمش بعدك عني اتخدعت في أقرب الناس ليا، طارق طلع متجوز عليا. بكت بقهر ثم أكملت
- متجوز صاحبة أحلام، يعني أختي حبت تسعد جوزي على حساب أختها.

آآه قالتها تهاني بقهر ومش بس كدا مخلف ولد عنده اتناشر سنة يعني لما كان بيسبنا أنا وانتِ كان مع مراته.
جلست على المقعد
- تكشف عن صور زوجها وزوجته الأخرى
وجلوس أحلام معهما وهما يحتفلون بطفله
شوفتي بابا عمل في ماما إيه. أنا خلاص هرتاح من كل التعب اللي أنا فيه، بعد ماخدوكي معدش ليا حد تاني أخاف عليه وأروحله ياقلبي. اتحيلت على جواد تقعدي معايا كل أسبوع حتى لو يوم بس هو رفض تماما، بكت ثم اكملت حديثها.

- خليكي دايما سعيدة، ومتنسيش تحضري دفنة امك اللي ربتك ياقلبي. ثم قامت بقطع شريانها وظلت الدماء تتناثر بقوة من يديها الأثنين
هوى بيجاد على المقعد في ذهول وكلا من غزل وجاسر وأوس
حركت غزل رأسها برفض مما إستمعت إليه
- ليه تموت كافرة. الست دي ازاي تعمل في نفسها كدا
نهضت بعدما قامت والدتها بتنظيف جرحها وقفت امامهم
- عايزة اروح أشوفها، لازم اشوفها
ضمها أوس لأحضانه.

- رغم اللي عملتيه وقولتيه لبابا غلط، هاخدك ياغنى تشوفيها دا بعد أذن بيجاد طبعا
اشاحت بوجهها عن الجميع وتحدثت
- عايزة أرتاح لو سمحتم
مرت باقي الليلة على الجميع كدهر
جواد الذي توجه لغرفته دون حديث وصوتها يصم اذنيه بكرهه، اتجه للواحد القهار ينتوي أن يسجد يشكو حزنه وبثه للذي لايغفو ولا ينام.

اتجه لمكانه المخصص للصلاة بعدما أغتسل وقام بصلاة قيام الليل. ومامن عبدا اتعبه الهموم واثقلته الأحزان ليتوجه لإزالة آلام صدره
فإذا حل لطف الله انقلبت النقم نعماً وتحولت المحن منحاً وصار العسر يسر
رفع يديه متجها لصلاته
رفع يديه للسماء داعيا
يارب مااغلقت بابا على عبدك إلا بحكمة. يارب أعلم ان الله اذا أغلق بابا بحكمته إلا وفتح له بابين برحمته.

- يارب رحمتك بعبدك الضعيف، يارب إني مغلوبا فانتصر، يارب إني عاجزا وضعيفا فقويني، يارب اخرجني من ضعفي لقوتك، اعد أبنتي لقلبي يارب
انتهى من صلاته هو يدعو الواحد القهار
اللهم يافارج الهم وكاشف الغم مجيب الدعوات. وفارج الكربات يارحمن الدنيا والآخرة. ارحمني رحمة من عندك تغني بها رحمة عمن سواك. اللهم فرج همي. اللهم فرج همي. اللهم فرج همي.

ثم جلس يذكر ربه منتظرا صلاة الفجر. دلفت غزل تبحث عنه بعيناها كي تطمئن عليه
اتجهت وجلست بجواره وانتظرته حتى ينتهي من ورده. اغلق مصحفه. ورفع نظره يرسم بسمة على وجهه
- قاعدة كدا ليه. عايزة حاجة، . أمسكت يديه بين راحتيه وتحدثت بصوتا حزينا مهموم
- شوفت غنى عملت إيه. شفت غنى يا جواد عملت ايه معقول بنتنا تتهمنا ان احنا ورا موت تهاني أنا زعلانة وتعبانه قوي يا جواد هعمل ايه.
رفع ذقنها ونظر إلى عيناها وتحدث.

- ما تلوميش على بنتك يا غزل البنت مشتته وأي حد مكانها هيعمل كده واحنا سالنا الطبيب النفسي وقال هتقابلنا صدمات بها فاكيد هي مصدومه لسه لحد دلوقتي فاحنا عايزين نسبها لحد ما تهدى خالص وما تنسيش تعبها والمرض كمان لما اكتشفته أثر عليها فمش عايزين أي حاجه تتعب نفسيتها لحد ما تخف بلاش تضغطي عليها.

ترقرق الدمع بعينيها ونظرت لزوجها وأردفت بحزن إنت إزاي كده إزاي قادر تستحمل وجعها منك إزاي قدرت قدرت تستحمل جواد انا تعبانه تعبانه علشان بنتي حساها هتضيع مني لازم تساعدني البنت هتضيع
جذبها وقبّل رأسها وأردف بيها بيقين وثقه
أنا واثق إن ربنا مش هيخذلنا وإن شاء الله هتفوق وترجع بنتنا في احسن حال لازم تقفي جنبها حتى هي لو مش عايزانا احنا لازم نساعدها.

تمددت على الأرض ووضعت رأسها على ساقيه متمنية حديث زوجها
نعم هي استمعت للطبيب النفسني. ولكنها عندما وجدت هجومها على والدها لم تتحمل قسوتها
أغمضت عيناها ولكن فجأة تذكرت مافعلته تهاني.

- شفت تهاني بعتت تقول إيه. تهاني موتت نفسها وبعتت تقولها ما قدرتش اعيش من غيرك يا غنى وغنى أنهارت بسبب كده أنا ما اعرفش إزاي تهاني تعمل كده إزاي تحمل مسؤوليه موتها لينا ازاي بنتي هتقدر تسامحني بعد كده، النهارده أول مره أشوف عينيها فيها نظره حزن وخذلان مننا حسيتها كرهتنا لازم نتصرف لازم عشان بنتنا ما تكرهناش أكثر من كده يا جواد لو سمحت رجع لي بنتي احنا لازم نرجع بنتنا قبل ما البنت تعمل في نفسها حاجه وتفكر أن موت تهاني هي السبب فيه، ربت على ظهرها.

-بيتعمل علينا خطة حقيرة ياقلبي. لكن متخافيش ربنا مضطلع.

بغرفة جاسر
ظل يثور ذهابا وأيابا بالغرفة وكأنه يصارع شياطينه
توقف اوس امامه وتحدث
- ممكن تهدى علشان نعرف نفكر، مش معقول كدا. انت وترتني
مسح على وجهه بعنف ثم اتجه يركل كل مايقابله
- إزاي قدرت تكسر أبوها كدا، دي وقفت مع الغرب قدام ابوها. أرجع خصلاته التي تناثرت على جبينه بعنف يكاد يقتلعها
وصرخة خرجت من جوفه.

آآه، آآه، أنا أول يوم النهارده أشوف أبوك مكسورة كدا، وقت الفرح والنهاردة. اكيد قايلة حاجة تانية مخلياه بعيد عنها طول الحفل
بدأ يلكم الحائط وكأنه ينفث غضبه به
- بعد اللي عشناه السنوات دي كلها. جاية تصرخ وتقول لأبوها بكرههههك. أنا هموت ياأوس مش قادر اتحمل
ثم استدار ينظر لأوس عندما تذكر شيئا
- إنت مش ملاحظ حاجة
ضيق أوس عيناه متسائلا
- فيه إيه
نظر جاسر بشرود ثم تحدث.

- بيجاد مكنش موجود، كان برة هو فيه عريس يسيب عروسته يوم الفرح، لا وكمان قالتله بكرهك. أنا لازم اروح أشوف عمل إيه خلاها بالحالة دي، ممكن يكون هو السبب فعشان كدا طلعت غضبها على بابا
جذبه أوس واوقفه
- انت اتجننت رايح فين. دا كان في مشوار هو قالي هخرج عشر دقايق وراجع.
ضيق مابين حاجبيه وتسائل
- مشوار ليلة دخلته ياأوس انت اهبل ياله
تحرك أوس متجها لغرفته وهو يتحدث.

- مش يمكن راح يجيب دوا ليها ولا حاجة ياحضرة الضابط قالها ثم تحرك للخارج
عند عز وربى
قبل قليل.

استقلت السيارة بجواره وهي تنظر لخاتم الخطبة الذي يزين بنصرها. كان منشغلا بهاتفه وهو يرسل لأحدهما رسالة. ثم توجه وقام بتشغيل محرك السيارة. اتجه بنظره للتي تبتسم تبدو كطفلة في العاشرة من عمرها. بابتسامتها البريئة وعيناها الصافية اللامعة برمديتها. رفع يديه يملس خديها، أغمضت عيناها للحظات من لمسته ثم فتحتهما و ناظرته بحب عندما تحدث
- أخيرا بقيتي ملكي. أنا خلاص مش محتاج حاجة من الدنيا دي تاني.

تورد خديها بحمرة الخجل ونظرت للأمام
- ممكن نمشي ولا هنفضل واقفين كدا وبابا يشوفنا ويقول بلاش خروج
قهقه بصوتا مرتفع وتحدث بمزاح
-دا ممكن أعمله جناية. وبعدين ينسى خلاص. انا بس استأذنت احتراما له مش أكتر، إنتِ دلوقتي مراتي يعني لو أخدتك وروحت على شقتي اقدر أعمل اللي انا عايزاه دا شرعا وقانونا. كتبنا قدام الكل
قاطعت حديثه
- ومين هيسمحلك إن شاء الله ياحبيبي اني اروح معاك.

اقترب من وجهها وأردف بهمسا أثار دواخلها
- وحياة كلمة حبيبي اللي هزتني من جوا لأبوسك أول مانوصل
اهتزت نظراتها أمامه وبدأ جسدها بالأرتعاش. حاولت السيطرة على نفسها عندما تذكرت هجومه عليها. فاستدارت للنافذة تنظر منها واردفت بصوتا كاد ان يكون متزنا
- ممكن تمشي بقى الساعة دلوقتي واحدة معرفش هنرجع امتى مكنش له لزوم
أحس بألما عندما وصله خوفها الذي ظهر بعيناها. ورغم ذلك تحرك منطلقا بسرعة أخافتها.

بعد فترة قليلة وصل إلى كافيه من أشهر الكافيهات يطل مباشرة على النيل. كان قد احتجزه بالكامل وجهزه للأحتفال بهذه المناسبة الخاصة لديهما
ترجل من السيارة أولا. وإتجه إليها دون حديث، بسط يديه إليها
اتجهوا وهو يشبك أصابعه بأصابعها. محاولا السيطرة على نفسه حتى لا يشعرها بآلام قلبه
ولكن كيف إن خفى القلب تخفي العين
جلست بمقابلته تنظر إليه بحب وهو يهرب من نظراتها. رفعت يديها ووضعتها على يديه.

- حلوة المفاجأة دي. عجبتني أوي
ابتسم بهدوء
- عايز على طول أشوف الإبتسامة دي ياربى. عايز لم تزعلي مني ترمي نفسك في حضني، اوعي زعلك يروح بعيد عني. وأنا هحاول امسح عن قلبك أي وجع
وصل العامل لينتظر طلبهم
- أنا هشرب عصير فروالة فريش قالتها وهي تنظر لعز، ابتسم لها عندما تذكر ذاك الموقف. ثم اتجه للويتير
- عايزة قهوة مظبوطة
ضيقت عيناها
- قهوة ياعز. عايز دلوقتي تشرب قهوة.

نهض وأمسك يديها واتجه لمكان مخصص للرقص، كانت موسيقى غربية هادئة. وبعض الشموع ذات الرائحة الخلابة
ضمها من خصرها بهدوء محاولا الأ يُخفيها
فرغم رقصهما بالحفل، ولكن كان يوجد بعض التحفظات لديها
حاوط خصرها وشعر برعشة أصابت جسدها مما فزعت بين يديه، أغمض عيناه وحاول التنفس للسيطرة على وضعها، هو يعلم أنهما سيعانان حتى يصلا لبر الأمان
قربها بهدوء وهو ينظر لمقلتيها. تنحنح حتى يخرج صوته محاولا خروجها من حالتها.

- عارف بتحبي الموسيقى دي أوي
كانت دقاتها تتقاذف بعنف وشعور بالرهبة من قربه، هي لم تخف منه ابدا. ولكن فعلته الأخيرة اشعرتها بالخوف
اقترب حتى وضع وجهه بحجابها مردفا
- حبيبة قلبي متوجعيش قلبي كدا. إنتِ بترتعشي بين ايدي ياربى ودا وجعني أوي، لو بتحبي عز فعلا انسي اللي حصل اعتبريه كابوس واتخطتيه
ظلت للحظات تحاول السيطرة على نفسها وهي تأخذ شهيقا وتطرده بهدوء.

قرب أنفاسه التي تضرب عنقها من فوق حجابها وحضوره الطاغي ورائحته التي تغلغلت برئتيها
أغمضت عيناها تستمتع بهمساته التي يحاول بها سكونها بأحضانه، مرت قرابة الخمس دقائق وهي تحاول السيطرة على نفسها. نظر لمقلتيها وأردف بصوت مبحوح من كثرة مشاعره الصامتة بقلبه.

- بحبك أوي ياروبي. من لما كان عندك خمستاشر سنة وقولت هتكوني من نصيبي اليوم اللي وقعتي فيه من على حصان بيجاد وقتها لأول مرة أن قلبي وقع مني. مع إني مكنتش أعرف إن دا حب غير الحب الأخوي. من وأحنا صغيرين ودايما بابا يقولي. رُبى وجنى وتقى وسِنا وهنا دول أخواتك. فضلت ماشي بمبدأ إنكوا أخواتي
صمت للحظة وهو يتذكر ذاك اليوم ثم رفع نظره وتحدث.

- يوم عيد ميلادك الخماستشر لما عمو ريان أصر إنه يعمله في المزرعة عنده اليوم دا غيرت عليكي بجنون. وقتها فكرت انه عايزك لحد من ولاده، ونار قلبي ولعت.

رفع يديه على خديها مردفا
اليوم دا جاسر ركبك الحصان وكنتي بتضحكي بتشاوري لجنى. وهي بترسمك وفجاة وقعتي...
كانت تستمع له محاولة التذكر
أخذ نفسا ثم زفره ورفع عيناه وأكمل. حسيت بوجع قلبي أوي اول مرة أحس إني ضعيف كدا، كلهم جريوا عليكي وأنا فضلت واقف وعاجز. خايف اوصلك واشتم الكل لاني وقتها مش عايز حاجة غير إني أضمك لصدري وبس، عايز أحسسك بالأمان. عايز ابعد عيون الناس كلها عندك.

تنهد ونظر بعيدا عن عيناها. عدت شهور بعد مابدأتي تكبري جوايا وحبك بقى يجري في وريدي زي الدم كدا...
دخلتي ثانوي وأنا خلصت الجامعة ويوم مااتخرجت فكرت في حاجتين أولها
- لازم اقول لعمو جواد، لازم يعرف هو علمنا منخبيش حاجة عليه، محبتش اخون ثقته ويقول دخل بيتي وخان ثقتي في بنتي
نظر بابتسامة تعرفي قولت له ايه اول ماقعدت قدامه.

- عمو جواد حضرتك مربينا على الصراحة. وأنا جاية اصارحك بحاجة تعباني اوي ومش من دلوقتي يعتبر بقالي اكتر من سنتين بس كنت مستني الوقت المناسب
وأهو جه
طبعا باباكي كان قفشني. بس كان عايز يوصل لحاجة معينة اني هفضل مخبي ولا لا
رفع ايده وقالي تعالى ياعز جنبي وانا سامعك متخافش ومهما تقول هفضل سامعك
ضحك ضحكات خفيفة ونظر لعيناها الذي ادمن النظر إليها.

- قولتله انا بحب بنتك ربى ومش عايز من الدنيا غيرها ياعمو، وقبل ماتقول حاجة
حاولت افكر فيها انها اختى وبس، لكن مقدرتش أنا عايزها وبس دي امنيتي ولو حضرتك وافقت هكون أسعد راجل في الدنيا
رعشة اصابت جسديهما معا من حديثه الذي اذهلها رغم انها كانت تعلم عندما أخبرتها والدتها ولكن منه له مذاقا أخر.

كان جسده يرتجف من نظرة عشقها التي اصبحت تخصه وحده. ذهب خياله الى أن يأخذها بمكانا لا يوجد سواهم ولا يتركها الا عندما تكون زوجته شرعا وقانونا
قبض على خصرها من كثرة مشاعره التي اختلطت به واكمل حديثه
- عمو فضل ساكت شوية. الصراحة حسيتهم سنين. وبعدين وقف وضمني في حضنه وسألني
- رُبى تعرف
هزيت راسي وقولت له لا ياعمو ماينفعش افاتحها إلا لما أقولك، وقتها قالي شاطر يلا?، ابوكي سيّب رُكبي وقتها.

اللي خلاني أنسى رعبي إنه قالي اعتبرها خطيبتك. رفع صباعه وبصلي وقالي بس دا لو وافقت هي عليك طبعا. وإياك تقولها حاجة قبل ماتخلص الثانوية، ضحك عز ونظر لعيناها. وقتها قولت في سري عمي دا أهبل أخرج من تحت ايده بس. وحياتك خرجت من عنده عليكي على طول فاكرة.

نسيت ربى ماأصابها تماما واقتربت تضع رأسها على صدره وتتذكر ذاك اليوم، كانت تجلس بالحديقة على الأرجوحة تنظر للقمر وتدندن مع أغنيتها المفضلة لهاني شاكر نسيانك صعب أكيد
وصل عز حيث شرودها مع اغنيتها وقام بأغلاق هاتفها، نظرت حولها وجدته خلفها يدفع بها الأرجوحة. وهو يتحدث بسخرية
- سايبة مذكراتك وعايشة دور الأحزان مع هاني شاكر يابت
حاولت الألتفات إليه.

- إبيه عز هتوقعني. وهعيط والله. وبعدين أنا خلصت وراجعت مذاكرتي مع مامي. ايه يعني لما اسمع ميوزك شوية
رفع حاجبة بسخرية
- دا تلوث سمعي. قال ميوزك دا أنتِ قديمة، وقف الارجوحة فجأة وحجزها بين ذراعيه وتحدث
- تعالي قوليلي يابت هو مين دا اللي نسيانه صعب اكيد
شعرت برجفة أصابتها من قربه لهذا الحد لأول مرة، نزلت سريعا من الأرجوحة
واتجهت تنظر إليه رغم دقاتها العنيفة ترفع سبابتها وتتحدث بتخبط.

- مسمحلكش تغلط هو كل اللي يسمع اغنية يبقى بيفكر في حد وبعدين انا حبيت كلماتها والميوزك الهادي بتاعها مش اكتر
اقترب منها وهو يحاوطها بنظراته، تراجعت للخلف وهي تشير بيديها
- إنت بتقرب ليه كدا، إنت شكلك مش طبيعي النهاردة بتبصلي كدا ليه، ظل يقترب منها وهو يبتسم بهدوء
زفرت بغضب وتوقفت
- مشوف أخرتها معاك ياعز، توقفت تعقد ذراعيها أمامها
مين ياروبي اللي نسيانه صعب اكيد
هربت بنظرها وهي تتحدث.

- قولت مفيش حد ياآبيه. إنت ليه مُصر على الكلام الأهبل دا
جلس أمامها على المقعد ووضع يديه على ذقنه ناظرا إليها
- بس أنا عندي اللي نسيانه صعب أكيد.

دقات عنيفة، هزة أصابت جسدها بالكامل. وتلالأت العبرات بعينيها. حاولت بلعت ريقها عندما شعرت بجفاف حلقها. رمشت عدة مرات حتى لاتتساقط عبراتها أمامه واتجهت لهاتفها تجذبه بعنف حتى تغادر المكان بأكمله، عندما شعرت بإنسحاب انفاسها بالمكان الذي يوجد به كأنها سحب الهواء من حوالها
أمسكت هاتفها متجهة للمغادرة، أمسك يديها ونظر إلى حالتها المزدرية التي أصبحت عليها عندما نطق بكلماته.

- أقعدي ياروبي عايز أتكلم معاكي شوية
هزت رأسها برفض
- مش فاضية ياآبيه. ممكن نتكلم بعدين
رفع يديه على خديها يزيل عبرة تساقطت رغما عنها
- ليه الكلام اللي يزعل دا. مش أنا قولت ميت مرة بلاش آبيه دي
كانت تحاول تنظيم أنفاسها ودقات قلبها الهادرة. تفاجأت به يمسك مرفقيها بقوة وأردف
- لما أقف اتكلم معاكي توقفي وتسمعيني
اندلع شعور أهوج بغيرة حمقاء لديها. رفعت نظرها وتحدثت بغضب.

- ومين ادلك الحق تمسك إيدي كد. اه إنت ابن عمي لكن فيه حدود لازم نراعيها ياآبيه مش كدا ولا إيه
كان يقاوم شعور أحتضانها بشدة. بدأت تتسرب لداخله دون أي مقاومة لديه حتى احتلت أكبر جزء من قلبه الذي سيطر عليه بالكامل، حاول أن يملأ رئتيه بالأكسجين حتى يستطع التنفس
ترك ذراعيها وجلس أمامها. عايز اتكلم معاكي في موضوع مصيري.

- مش فاضية عندي مذاكرة. حضرتك عارف يابن عمي بكرة آخر مادة ليا وأخلص من الثانوية الهباب دي، قالتها ثم أستدارت سريعا ولكنها تسّمرت بمكانها عندما أستمعت لحديثه الذي جعل قلبها كفراشة
- ربى أنا بحبك لو عندك ليا مشاعر ياريت ترد عليا عشان ردك دا هيخليني أبني عليه حاجات كتيرة
كانت تواليه ظهرها وابتسامة شقت ثغرها بالكامل. ظلت للحظات دون حديث، فقط تشعر بسعادة تمتلك كيانها.

نهض متجها ووقف أمامها. رمقها مضيقا عيناه ينظر لملامح وجهها الذي اسلبت روحه
اسبلت أهدابها متحاشية النظر إليه. وتحدثت
- أنا أتأخرت وماما ممكن تقلق عليا. بعد أذنك
مقولتيش رأيك في اللي قولته ياروبي
ظل ينتظر ردها وقد تسلل الرعب لقلبه عندما وجد صمتها
التفتت تنظر إليه
- هفكر وأرد عليك ياآبيه
جتك بووو ياخدك يابت. هتستعبطي يابت ولا إيه، قالها عز بغضب بعدما اعادت كلمة آبيه
مطت شفتيها للأمام واردفت بتسلي.

- الله هو مش إنت آبيه برضو. بابا قالي من صغري دول اخواتك
جواد. عز، جاسر، اوس ومينفعش تقوليلهم غير آبيه
جذبها بقوة والغضب يظهر على ملامح وجهه وتحدث بهدوء رغم اندلاع نيران قلبه منها
- وماله ياختي قوليلهم آبيه. بس عزو غيرهم كلهم مش كدا ياروبيا
أغمضت عيناها منتشيه بقرب انفاسه اقترب وهمس لها
- عز غير الكل ياروبي. علشان عز هيكون جوزك المستقبلي ومهما حاولتي تتلعبي بيا
علي قلبي زي العسل. عارفة ليه ياروبيا.

فتحت عيناها وشعرت بإنسحاب أنفاسها
ابتعدت خطوة عنه فأكمل حديثه
روبي لعز وعز لروبي دا قانون عز الألفي عارفة ليه ياروحي
- علشان بحبك بجنون وزي ماكنتي بتسمعي دلوقتي نسيانك صعب أكيد. دا مش أكيد، دا نسيانك موت ليا ياحبيبي
تحركت سريعا من أمامه وهي لم تقو على الحركة، كانت تتحرك بتخبط ودقات عنيفة حتى منعت تنفسها مما استمعت إليه.

خرجت من شرودها
وهي تنظر لعيناه. ودلوقتي بعترفلك ياعز
- بحبك أوي فوق ماتتخيل. ومن زمان أوي حتى قبل ماتعترفلي
رفعها من خصرها وبدأ يدور بها
- بحبك بحبك يامجنونة
قهقهت بصوتا مرتفع ثم صاحت
- نزلني بقى يامجنون.
انزلها بهدوء وضمها لصدره وهو يتحدث بسعادة
- إن شاءلله هحاول اسعدك ياحبيبة عز
توقفت عن الرقص.

- سعادتي الحقيقة ياعز بتكون وانا جنبك. نظرة حنية منك. لمسة من ايدك. كلمة تطلع منك بحب. صدقني دول السعادة عندي. عز أنا بحبك أوي
وضع جبينه فوق جبينها وتحدث
- وأنا بعشقك ياحبيبة عز.
أمسك يديها متجها بها إلى مركب بالنيل
- عارفك بتحبي المية. بما أن مفيش بحر. حجزتلك المركب دا لحد الصبح. عشان تشوفي الشروق براحتك
صباحا بفيلا الألفي.

استيقظ جواد بعد سويعات قليلة متجها للأسفل بعد قضاء صلاة الضحى. هبط للاسفل وجد جاسر وأوس وغزل التي خرجت من المطبخ بقهوته
- صباح الخير ياحبيبي. كنت لسة هطلع أصحيك
هز رأسه وتحدث
- فوقت حبيبتي. هي روبي فين. لسة مرجعتش ولا إيه
عز كلمني الفجر حبيبي وإنت في المسجد وقالي هيستنوا شروق الشمس
زفر بضيق وجلس يتناول قهوته
- اهو عز دا هيجنني من دلوقتي.
ابتسمت غزل له واردفت بمشاكسة
- طالع لعمه ياحبيبي
ضيق عيناه.

- ليه عمه كان منحرف يامدام ولا إيه
قهقه أوس على مناغشة والده ووالدته
- لا وبابا عامل علينا سي السيد وهو خرباه
رفع جواد حاجبيه بسخرية
- لا والله دا أنا لما كنت قدك كنت اسمع عن الحب دا في الكتب بس، إنما ماشاء الله لسة مكملتش خمسة وعشرين سنة وجاي تقولي عايز اتجوز
كان جاسر يأكل بصمت. بعدما كلمه باسم وعرفه بما قاله والده
رفعت غزل نظرها لجاسر
- حبيبي إنت وراك شغل النهاردة. ولا هتروح مع بابا المديرية.

هرب من نظرات والده التي تخترقه بصمت
- لا ياماما عندي شغل مع عمو باسم
نهض أوس بعد إنهاء طعامه
- عندي مشوار لحد عمو ريان، وبعد كدا هاجي اخد غنى تحضر دفن تهاني
- خليك معاها اياك تسبها لحظة. وحاولوا متتأخروش. وياريت بيجاد يكون معاكوا هيقدر يسيطر عليها اكتر منك
- أومأ رأسه بموافقة ثم خرج
توجهت غزل لغرفة ابنتها
- هروح أجهز غِنى علشان لما ترجع هتاخد كورس الكيماوي النهاردة. بس هتأخر شوية
نهض جاسر ليتحرك.

- أقعد ياجاسر عايز اتكلم معاك في موضوع
ازداد توتره أمام والده فجلس لاعنا الحظ الذي جعله يقف أمام والده بهذا الضعف
- سامع حضرتك يابابا. اتفضل
البنت اللي مقعدها في شقتك دي لازم ترجعها لأهلها. وإياك تقرب منها تاني
للحظة لم يستوعب حديث والده الذي الذي جعله فاقد الحياة للحظات
نهض وجلس أمامه
- البنت دي متخطش حدودي معاها يابابا
كل الحكاية إنها جت صدفة
وضع جواد وجه جاسر بين راحتيه وأردف بصوتا مؤلم.

- عرفت كل الحكاية ياجاسر ودورت ورا البنت. البنت دي مستحيل تكون في عيلتنا صعب يابني وزي ماقولت دي كانت صدفة
يبقى خلاص انتهينا. عايز تساعدها. نساعدها بس بلاش اللي في دماغك
صاعقة ضربت قلبه بقوة جعلته غير قادر على التنفس أو الحركة، ظل للحظات يحاول تجميع الحروف الذي هربت منه
ثم اتجه بنظره لوالده
- بس أنا بحبها يابابا. حقيقي حبيتها.

- حبيبي. عارف الموضوع صعب في بدايته، لكن دي متنفعناش ياجاسر. وبالنسبالي الموضوع انتهى ولازم ينتهي عندك إنت كمان
إحساس قاتل أنك لست نصيبي
وقف جاسر أمام والده. يحمل من الغصص مايكفي، فالأمر أصبح مؤلم وصعب عندما شعر بإعتصار روحه من الحزن
- مستحيل يابابا اللي بتطلبه مني دا مستحيل
صدمة أصابت والده. وجعلته غير قادرا على الحديث، أشار بيديه إليه
- إنت بتكسر كلامي. معقول إنت.
اتجه إليه بملامح حزينة وقلبا مكسور.

- اطلب مني أي حاجة غير دا يابابا. عمرك ماطلبت حاجة وقولت لا. لكن حقيقي الموضوع المرادي عند قلبي يابابا. ودا ألم بيموتني
هتنساها ياجاسر. لما تعرف باباها مجرم ومات في السجن وزوّرو موت أبوها. لما تعرف عمها بيتاجر في المخدرات وخطف الاطفال وسرق الأعضاء يبقى لازم ترفض
لما تعرف إن إمها خانت ابوها ومسكوها على سرير عمها يبقى لازم تبعد
وضع جاسر يديه على إذنيه. وهز رأسه
- ماليش دعوة بدول. أنا بحبها هي وبس.

أنا مش هبعد عنها يابابا
صاح والده بصوتا غاضب
- ودا اللي هتعمله ومفيش كلام تاني
هز رأسه رافضا وتحدث
- وأنا مش موافق.
لم يكمل حديثه عندما تلقى صفعة على خديه، وصلت زوجته وهي تصرخ باسمه
ووقفت أمامه...
- جواد. ايه اللي عملته دا.
صاح جواد بصياح.

- شوفتي عمايل ابنك. ابنك ناوي يموتني. راح يحب بنت تاجر مخدرات. وضعت يديها على فمها تهز رأسها برفض. لا وخدي الصدمة. حضرة الضابط مقعدها في شقة الرحاب بقالها اكتر من أربع شهور، وحولها الجامعة البريطانية. وكان بيروحلها، تخيلي، أنا ابني يعمل كدا، دا تربيتي فيك يامحترم
بدأ جواد يثور حوله وصاح بغضب عارم.

- عايز يهد اسمه واسم أبوه اللي بقاله سنين يبنيه. عايز يدمر سمعتي في الوزارة ويقولوا حضرة اللوا اللي بيحارب الفسدة ابنه راح اتجوز بنت فاسد
وقفت أمامه تنظر إليه بكره وغضب وصاحت
- كفاية بقى. زهقنا منك ومن وظيفتك اللي ضيعتني زمان ودلوقتي واقف بتسرق حياة ولادك. أنا مش هسمحلك تهد حياة أخويا. روح حافظ على شرفك المهني بعيد عننا.

كان لحديثها صدمة على قلبه. ولكن كيف ينصدم وهي عادتها. زفر الهواء المكبوت بصدره مرة واحدة وغامت عيناه بتأثر من حديثها القاسي الذي قبض بقوة معتصرة قلبه لينتج عنه الما حاد سرى بأوردته ثم أردف بلسان ثقيل
- أنا كنت بفضل شغلي عليكم ياغنى
ظلت تصرخ كالمجنونة. أنا بكرهك وبكره شغلك اللي دمرني. ومش هسمحلك تدمر أخويا، سمعتني، لو حصلت إني اتبرى منك ومن إسمك.

غنى صرخ بها بيجاد الذي وصل للتو. وجذبها بعنف متجها للخارج دون حديث
اما غزل الذي شعرت بإنسحاب أنفاسها عندما وجدت ضياع زوجها وتحول وجهه.
علمت حينها بآلامه المكبوته داخل صدره
أشارت بعينيها لجاسر الذي تصنم بوقفته
هو لم يكن يعلم وصول الوضع بهذا الحد
اتجه سريعا لوالده
- بابا متسمعش كلامها، هي بس علشان عرفت بمرضها بتخبط بالكلام، خلاص، هنسى فيروز والله هبعد عنها. المهم حضرتك متزعلش.

تحرك للخلف وكأن عالمه إنهار بالكامل. عندما أصبحت الأرض تميد به وشعر بضعف الدنيا، هرولت غزل بإتجاه عندما وجدت حالته، وألقت نفسها بأحضانه تبكي بمرارة على ما توصل به حال زوجها
نزل بساقيه عندما شعر بفقدان قدرته على الحركة، ظلت تحاوطه بذراعيه
- جود حبيبي متسمعش كلام غنى، البنت شكلها اتجننت حبيبي. إنسى. إنسى
صرخت من أعمق نقطة تهز بقلبها. وهي تضمه بقوة عندما وجدت خط من الدموع بمقلتيه.

جلست أمامه على ركبتيها وامسكت بوجهه
- والله هي ماتقصد اللي بتقوله، سامعني هي زعلانه على تهاني وبتقول اي كلام
أسند رأسه على كتفها وأردف بصوتا مهزوز
- ليه القسوة دي كلها، ليه
جود حبيبي إنت عارف انه غصب عنها، تيجي بس وأنا هكلمها
خرج جاسر كالمطارد وآهات بقلبه وصدره.
كيف لا أحبك وإنت لو غبت عني قليلا مت شوقا إليك
اقترب حبيبي لأخبرك إنك سعادة لقلبي. وبدون وجودك أصبح جسدي بلا حياة
فمنذ أن رأيتك أرتجف قلبي بل كياني
فلو أنا غناك فأنت حياتي
فلقد كسرت صمتي واشعلت شموعي لأضيئ ظلامي.

فاقت غنى من نومها وجدت نفسها محاطة بذراعيه وتغفو على صدره. نظرت لوجهه الذي لأول مرة يكون بهذا القرب منها
رمشت بعينيها عدة مرات. تحاول تجميع شتات نفسها من أنفاسه التي تحاوطها. رفعت عيناها تنظر لخصلاته المتمردة على جبينه. رفعت يدها بحب تزيحها للخلف ومازالت على وضعيتها. أحس بها ورغم ذلك تركها تفعل ماتريده. رغم دقاته العنيفة التي اُصيبت قفصه الصدري من حركتها العفوية.

لأول مرة يقربها بهذه الطريقة. لأول مرة تتلامس كرزيتها بجبينه وهي تغمض عيناها
ابتسمت روحه من فعلتها هذه. اتكأت على ذراعيها وظلت تبصره بحب وتتذكر من أول لقاء جمع بينهما
أخفضت رأسها تقّبله على خدّيه عندما شعرت بإكتمال روحها له. ولكن فجأة أصابت ذاكرتها عندما تذكرت حديثه بزواجه من غيرها
لقد خانها وكتب غيرها على اسمه. هزت رأسها رافضة كل مايخيله عقلها لها. لكمته فجأة بصدره.

-بيجاد فوق واصحى إيه اللي نيمك جنبي
استغرب صراخها وتحولها بهذه الطريقة
فهى منذ لحظات كانت تبثه بقبلاتها الخلابة التي سرقت أنفاسه مماجعلته غير قادرا على التنفس
اعتدل يرجع خصلاته للخلف ويمسح على وجهه عله يخرج من حصارها الذي وقع به
- مساء الفل حبيبي بتصرخي ليه هو النظر لا مؤاخذ سافر وسابك جثة بلسان قدامي
استيقظت روحها الثائرة بداخلها ما إن استمعت لحديثه. اتجهت تجلس أمامه وتلكمه بصدره.

- لا ياحبيبي شيفاك كويس ونظري ستة على ستة. لكن قدامي واحد بارد لازم يفقدني أعصابي
رفع حاجبه بسخرية قاصدا استفزازها
- حبيبي. وبارد يتجمعوا إزاي ياحبي هو انتِ عندك انفصام شخصية
- بيجااااد صرخت بها مما جعلته يقفز من مكانه
- يخربيتك وداني. صرعتيني، اومال لو مش عيانة كنتي اكلتيني
افتكرت مرضها. ابصرت إليه بدموع متلألئة بالدموع
- فيك تبعد عن المريضة. عندك بنات كتير حتى اللي اتجوزتها من ورايا.

هنا صاحت وصرخت من أعماق قلبها
- معقول أنا اللي كنت بقول مستحيل إنك تفكر انك. اقترب يضمها لأحضانه وهو يتحدث بهدوء رغم حزنه الكامن بداخله
- والله غصب عني. ضم وجهها بين راحتيه ونظر لمقلتيها
غنى أنا مش بحبك بس. أنا بعشقك. يعني حبك بيجري في دمي ومستحيل أفكر إني أخونك حتى مجرد التفكير بواحدة. انسدلت دموعها على خديها
دنى يحاوط وجهها ويزيل عبراتها قائلا بصوت متحشرج.

- إنتِ أغلى عندي من الدنيا ومافيها. لو طلبتي روحي مستحيل أتخلى عنك. لامس خديها بأنامله يزيل دموعها
- معقول بعد السنين دي كلها أروح افكر بغيرك
حملها ضاممها كليا بأحضانه كطفل رضيع
يمسد على خصلاتها
- مافكرتيش ليه بعد السنين دي كلها مافكرتش أرتبط ولا اتجوز مع اني دخلت التلاتين
وضعت رأسها بصدره تستمع لهدوء كلماته التي اخترقت صدرها بحنان
- علشان حبك السرمدي محفور جوايا. حبك موشوم بقلبي زي السحر الأسود.

اعتدلت تنظر لبنيته بذهول
- أنا عشق إسود يابيجاد
حبس أنفاسه داخل صدره ضاغطا على كل عصب بجسده يتحكم في سيل مشاعره المكبوتة بداخله جهاتها
- اقترب واضعا رأسه يستنشقها كمدمن حان وقت جرعته. وأردف بأنفاسا ساخنة وهو يعانق رماديتها
- لما تخليني من طفل عشر سنين متعلق بيبي مش شايف غيرها. والبيبي كبرت وكبر الشاب يرسم طموحه معها على إنها.

حبيبته مع إن عقله رافض الفكرة. احلام وردية رسمها لنفسه، فجأة تحولت الأحلام الوردية إلى كابوس، . وعيشت بدون ماابني حتى سورها. حاولت وحاولت إني ابني حياة بس مقدرتش والله ماقدرت والشاب كبر وحبك بيكر اكتر وأكتر كأنك معاية مبتفارقنيش
انكمشت ملامحه بألم وتبدلت نظراته إليها بحزن قائلا
- تفتكري بعد السنين دي كلها هروح أخونك، وأنا روحي فيكي.

ضم ثغرها لخاصته عندما وجد سكونها وعيونها التي تخصه بعشقها. لحظات كأنها دار نعيم لديه لم يستطع البعد عنها، تجاوبت لعشقه وعانقته حتى توقف الزمن بلحظاتهما
فصل قُبّلته عندما احتاج لتنفسهما، كانت تضغط على صدرها حتى تقو على ملأ رئتيها بالأكسجين
ضمها يربط على ظهرها متأسفا، عندما وجد تغير لونها للأختناق
- آسف حبيبي محستش بنفسي. وضعت رأسها بصدره بعدما استعادت نفسها.

ظلت للحظات صامتة ثم رفعت جفونها وتوسلت بعينها الا يخيب ظنها
-سمعاك يابيجاد. عايزاك تبرد قلبي وتقولي ليه روحت اتجوزت بعد جوازنا، ومتقولش قبل ماتعرفني، الورقة اللي وصلتني إنك كتبت عليها بعد جوازنا. ومش بس كدا. بعد ماجت المزرعة واخدتها وفضلت قافل على نفسك اسبوع مش عايز تكلمني فيهم
عند عز ورُبى
رجع عز بعد قضاء ليلة مع مالكة الروح والقلب، دلف بسيارته الى حي الألفي
وجد والده عائدا من منزل عمه.

ترجل من السيارة بجواره رُبى، تقدم صهيب منهما يقبل رُبى على جبينها
- حمدالله على سلامتك ياعمو
ضمته بحب أبوي
- الله يسلم حضرتك عمو الغالي
طالعهما بنظراتهما
- يارب تكون السهرة حلوة واتبسطوا
وضع عز يديه يضم رُبى من أكتافها مردفا
- تفتكر يابابا هتكون إزاي وانت مكتمل كمال الروح والجسد
ابتسم له صهيب مُقبّلا جبينه
- ربنا يسعدكم حبايب قلبي ودايما السعادة منورة طريقكم. ثم استرسل كلامه.

- روح لعمك مستنيك، وأنا عايز أخد رُبى تتغدى معايا النهاردة. وحشتني بنتي الصغيرة كبرت وبقت مرات ابني
ابتسمت بخجل لعمها واردفت بهمسا
- ربنا يخليك لينا ياعمو
ضم راحتيها بين يديه متجها لمنزله.
- متتأخرش شوف عمك عايزك ليه
أومأ عز برأسه متجها لعمه
كان جالسا بمكتبه يتابع بعض أعماله، دلف عز بعد السماح له
- صباح الخير عمو حبيبي، وحشني والله ياغالي
نظر اليه جواد بابتسامة سخرية
- حد قالك عمك بريالة يلا? وبينضحك عليه.

قبل كتفه وهو يقهقه على جواد الذي دائما يفهمه
- مين بس اللي قال كدا، دا حضرتك وحش الداخلية فيه حد يعرف يضحك عليه
اتكأ جواد على المقعد يقيمه بنظراته الصقرية.
ضيق عز نظراته وأردف متسائلا
- هو التي شيرت عاجب حضرتك، ممكن أبعت اجيب لك واحد ولونه أجمل من دا
القى عليه القلم. مردفا
- والبنطلون وحياتك ياحيلتها، عايزهم دلوقتي. اصلهم عجبني وبصراحة مش هقدر استنى لحد ماتبعت تجيب غيرهم، فيلا اخلعهم حالا.

انتصب عز بوقفته وهو يقهقه عليه مردفا
بين ضحكاته
- يلهوي ويرضيك ياعمو اكشف عورتي قدام حضرتك، لقد نفذ صبر جواد من بروده المستفز، نهض مسرع يقبض على كتفه وهو يتحدث بفظاظة
- لا ياحبيب ابوك متخافش هعرف استرك
نهض عز وهو مازال يضحك بقوة على كلاماته
- وماله ياعمو. انت ومالك لأبيك. وأنا بقول أنا وتي شيرتي لعمو ميغلاش عليك
قهقه جواد عليه
- اتعلمت اللماضة دي كلها منين يلا?
رفع حاجبيه كالأطفال وتحدث.

- من الزمن وحياتك ياعمو، أصل الزمن دا قاسي أوي
ضمه جواد لأحضانه ومازال يقهقه عليه
- بتفكرني بأبوك ياعز، كان دايما بياخد كل حاجه بهزار. رغم ساعات وجعه بيكون بيأن دم جواه
أومأ عز برأسه متذكرا بعض أحاديث والده
- ربنا يديلكم طول العمر
بهدوء ظاهري ونبرة عميقة اتجه للمقعد وتحدث
- عز رُبى في كلية طب. وطبعا الطب عايز تعب ومذاكرة وابحاث إلخ. عايزك تكون نقطة قوة في حياتها مش نقطة ضعف أبدا حبيبي.

أكمل حديثه بإستفاضة
- حبيبي بلاش الخروجات الكتيرة اللي ملهاش لازمة، وكمان خف ياعز عليها. عارف إنك بتحبها بس بالمعقول مش طالع نازل حب ياحبيبي. روحت تسهر. تمام تسهر وترجع مش ترجعلى تاني اليوم الساعة تلاتة العصر، دا كدا قضيت شهر عسل مش سهرة يابني
أشار بسبابته على نفسه
- ايه دا. حضرتك بتبص في الكام ساعة اللي قضناهم برة. لا مستنتش منك كدا ياعمو بدل ماتقولي ألف مبروك بالرفاء والبنين
اشار جواد للباب وتحدث.

- إمشي يلا? اطلع برة، دقيقة كمان وهعلقك مكان النجفة دي
اسرع عز للباب وهو يضحك على عمه ولكنه توقف عند باب غرفة المكتب متحدثا
- حاضر ياعمو. من غير ماتقول، عمري ماأكون سبب فشل لرُبى بأي حاجة. بالعكس هكون دايما داعم. وسند في أوقاتها الصعبة. حضرتك جاي توصيني على روحي. هو فيه حد عايز الوجع لروحه.

عند أوس
عاد إلى منزله ووجه لوحة فنيه يغمره الغضب ونظرات رغم إنها حزينه إلا أنها قاتمة لحد الجحيم، قابله عز وهو مازال يضحك على مداعبة عمه. واصطدم به.
صرخ أوس بوجهه
- ايه مش تفتح. وتاخد بالك
قطب عز جبينه مستغرب حالته التي رآها به. حاول الهدوء وأمسك يديه ومازالت ملامحه هادئة
- مالك ياأوس؟ حصل إيه يخليك تتمادى معايا كدا
نفض أوس يديه بسرعه واغتاظ من هدوئه الذي اعتبره استفزاز له وتحدث بصوتا مرتفع.

- مش فاهم يعني إيه اتمادى معاك دي، ليه هو أنا جيت جنب حضرة المهندس العظيم.
أوس، صاح بها جواد الذي خرج عندما استمع لصياح ولده، اقترب حتى وصل لوقوفهم
- اعتذر لابن عمك
جحظت عين أوس وهو ينظر لوالده وتحدث بصوتا جعله هادئا بقدر المستطاع
- أنا مغلطش حضرتك. هو، قاطعه عز وهو ينظر بصدمة لأوس واتجه لعمه
- اوس عنده حق ياعمو. أنا اللي المفروض اعتذرله لاني مكنتش واخد بالي
دقق جواد النظر بعين ولده وأردف.

- انا قولت اعتذر لابن عمك من امتى الكبير بيتنازل على كرامته للصغير
- لا ياعمو حضرتك أنا. لم يدعه يكمل حديثه عندما أشار بسبابته
- اسكت لما أنا أتكلم ماتتكلمش، ثم رفع نظره لولده
نظر أوس لعز
- آسف ياعز. معلش كنت غضبان فغضبي جه فيك
ربت عز على كتفه متحدثا
- مفيش اعتذار بين الاخوات يلا?. عمو بس اللي مكبر الدنيا شوية
تحرك جواد وتحدث
- أوس مستنيك في المكتب
تحرك عز خطوتين للأمام ثم رجع ينظر لمقلتيه.

- الغضب بيوصلنا لنتيجة وحشة أوي. اسأل مجرب. متخليش غضبك يتحكم فيك، ممكن تخسر حاجات صعب إنها ترجع
قالها ثم تحرك مغادرا فيلا عمه
عند ريان ونغم
استيقظ ريان ينظر لتلك التي تقبع بأحضانه. يتذكر ليلته الجامحة معها بالأمس. رسم ابتسامة على ثغره عندما تذكر عشقه وجنته الخالدة بأحضانه
سحب نفسا عميقا. متلذذا بحياته السعيدة بجانب حبيبته وأبنائه. مسد على خصلاتهاثم انثنى يطبع قُبّله على خديها وهو يهمس لها.

- صباح العشق يانغمتي. ياله حبيبي افتحي غابة الزيتون علشان ابدأ يومي بالسعادة
ببطئ فتحت عيناها مبتسمة
- صباح الخير حبيبي. صحيت من بدري
لمس خديه بإصبعه وهو يهمس
- لا لسة صاحي. فوقي علشان ناخد دوش وننزل نفطر مع بعض. عملك بروجرم بيرفكت. اتمنى يعجبك
اعتدلت تضع نفسها بالكامل بأحضانه تحاوطه بذراعيها
- ريان أنا بحبك ومقدرش أعيش من غيرك ولا لحظة
ضمها بأحضانه وهو يمسد على خصلاتها.

-وريان بيعشق نغمته اللي بقت تنساه وكل همها دلوقتي العيال
خرجت من أحضانه سريعا تنظر حولها تبحث عن هاتفها
- هو فين،؟ ضيق عيناه متسائلا
- هو ايه ياحبي دا
جذبت مأزرها أمام عيونه لتقوم بإرتدائه ثم نهضت من فوق الفراش تبحث عن هاتفها، تذكرت إنه مازال بحقيبة يديها. اتجهت سريعا تخرجه وهي تنظر لزوجها الذي يرمقها بنظرات الحيرة
- اهو التليفون. عايزة اطمن على الولاد
زفر بإختناق وتحدث.

- وأنا اللي مفكر إنك نسيت كل حاجة ومفيش غيري اللي على البال
جلست بجواره تلكمه بذراعه
- ولادنا حبيبي أهم من حياتنا نفسها. امبارح مالك وحمزة قالوا هينزلوا النادي هنا. وانا الصراحة مبحبش نوادي القاهرة دي
ضمها مردفا
- بالعكس حبيبي نوادي القاهرة ممتازة وأنا مقدم لهم بأرقى النوادي. مش معقول هرمي عيالي في أي مكان يانغم
قبّلت خديه مبتسمة وهي تقوم بالأتصال.

- عارفة حبيبي. برضو لازم اطمن عليهم خصوصا إن عمر اخد مراته وسافر شرم. متنساش حمزة شقي ومالك مابيقدرش عليه وبيعشق السباحة. ممكن ينزل ويرفض يخرج منها
أومأ برأسه هو يمسد على خصلاتهاويقبّل جبينها
- ربنا يخليكي لينا ياحبي. ظل لحظات ينتظر اولاده بالرد عليها ولكن دون إيجاب.

امسك هاتفه وقام الأتصال على ابنته التي كانت تجلس بحديقة منزلهما تبكي على ماوصل بها الحال مع من أول مادق لها قلبها. امسكت الهاتف بعدما استمعت لرنينه
اخذت نفسا وطردته بهدوء متحدثة
- ايوة يابابي.
ارتجف قلبه وأصابه الهلع من صوتها الباكي الذي استشعره ورغم ذلك حاول الهدوء حتى لا يقلق زوجته
- حبيبة بابي. عاملة إيه وفين وأخواتك فين
ابتلعت حزنها وحاولت الهدوء متخذة نفسا واردفت بصوتا جعلته متزنا إلى حد ما.

- كويسين. حمزة فوق لسة نايم ومالك راح النادي علشان تدريبه، نهض ريان من فوق مخدعه وهو ينظر لزوجته بابتسامة رسمها باتقان متجها للنافذة عندما علم إنها لم تستطع الخروج بتلك الثياب
- مالك ياياسو. أنت معيطة
شهقت شهقة بوجع وانهارت عندما سألها والدها، كانت تنتظر احدا حتى تخرج صرخاتها. ورغم مااصابها ردت بصوتا جاهدت أن يكون متزنا
- بابي أنا كويسة. يمكن علشان زهقانة شوية
أغمض عيناه بحزنا عندما شعر بكذب ابنته.

- تمام يابابي ساعتين وهنكون عندك وهنخرج نسهر كلنا برة، وهتصل بأوس كمان يسهر معانا
لفت إنتباهها جملته الأخيرة مما جعلها تبتسم تلقائيا. رغم ما فعله إلا أنها اشتاقت إليه ولكن تبا لك ايها القلب المسيطر
لابد لك من انتزاعه بقوة
زفرت بهدوء واجابت والدها
- تمام يابابا هستناكوا.

عند باسم وحياة
- حملها من داخل السيارة متجها بغرفته ووضعها فوق الفراش، ينظر لهيئتها المبعثرة من ثياب غير مهندمة وساقيها التي جُرحت بسبب سقوطها أثناء هروبها
اختنق صدره بشدة وأصبح صدره كبركان أوشك على الإنفجا، ، امتص غضبه ونيرانه بداخله ثم أردف بهدوء ظاهري
- ممكن أعرف إيه اللي عملتيه دا، كنتي عايزة تهربي. رفع ذقنها عندما وجد نظراتها مصوبة للأسفل دون حديث.

- حياة مبترديش ليه، ليه عايزة تهربي بعد اللي حصل بينا
قاطعته عندما وضعت يديها على اذنيها وصرخت بصوتا مرتفع ظنا إنه سيذلها بتسليم نفسها له وأصبحت زوجته قولا وفعلا
- مش عايزة اشوفك ولا أسمع صوتك. بكرهك ياباسم ربنا ياخدك، دمرت حياتي. انا بكرهههههههك، قالتها بصوت صم أذنيه.

وثبت من فوق الفراش وهي تدفعه بكل مايقابلها. هقتلك والله العظيم لاقتلك وأخلص منك. بكرهك. ظلت تصرخ وتدفع كل مايقابلها. حتى شقت ثيابها وبدأت تنهش بجسدها بأظافرها
- بكره جسمي علشان لمستني. بكره ضعفي قدامك، بكره قلبي اللي بيدقلك، ليه دون عن الرجالة دي كلها ماحبش غير واحد من أشباه الرجال...
قام بصفعها بشدة حتى ترنح جسدها وأمسك خصلاتها بين يديه مردفا بصوتا كفحيح.

- أنا بحاول أكون صبور معاكي، لكن فكرتي إن دا ضعف مني يبقى شكلك معرفتنيش، آه ممكن أكون بضعف قدامك لكن مش الضعف اللي يخليني أدوس على رجولتي، وبدال جسمك دا بتكرهيه عشان لمسته فأنا عايزك تكرهيه اكتر وأكتر...
شعور مقيت يجعل دقاته تتقاذف بين ضلوعه من عشقها الذي تسرب بداخله و.

قلبه الذي بدأ يتمادى عليه وذلذل كيانه بحضرتها، بينما شعورها بالنفور من نفسها. وقلبها الذي لعنته من ذبذبات تسرى بكامل جسدها من إقترابه
دفعته عندما وجدت بنظراته رغبة كاملة بها. ظلت تدفعه ورغم دفعها له تتمنى اقترابه. ياالله مالذي وصلتُ إليه من ذلك الوجع الذي اقترفته من حبه
دفعته بضعف، إشعلت قلبه بعاصفة غضب أوشكت ان تقضي على رجولته بنفورها منه
أظلمت عيناه وهو يهمس لها عندما انتابه شعور خسارتها.

- إنتِ مراتي وهتفضلي مراتي لحد ماأموت سمعاني. وإياكي أسمعك تقولي كلمة بكرهك دي تاني. لاني عارف مدى حبك ليا
رفع يديه يحاوط جسدها، كان يراقب تخبطها وثباتها ونوفرها الواهن بعينيان حزينة لما اوصله إليه، اقترب
يهمس بكلماته العاشفة لها مع حركات يديه التي أذابتها في بعض الأحيان، ظنت إنها مجرد كلمات فقط ولا تعلم أن كل كلمة خرجت من أعماق قلبه الدامي.

- بس أنا معنتش بحبك ياباسم كرهتك بجد وكرهت اليوم اللي قابلتك فيه. ولو تمنيت حاجة بتمنى انك تنتهي للأبد. قالتها لتخرج من حصاره
دفعها بقوة على الفراش وهو يقتص لنفسه وسيطر عليها عندما طفح الكيل به وشعر بنيران تكويه مع تصميمها بالابتعاد عنه اقترب وهو يهمس متناسيا كل شيئا
- ماهي امنيتك دي موت ليا ياروحي. اقترب يقبلها بعنف ويهاجم ثورتها عليه.

. لم يستمع سوى كلماتها التي تنفره بشدة، تساقطت دموعه رغما عنه وهو يشتعل بنيران جسده بما اسقطته بغيبات الجب وأصبح عشقها يتمادى بقلبه بل سيطر عليه، هذه التي كانت خطة لأنتقامة ولكن وقع هو بانتقام قلبها منه بكل جبروت.

ظل لدقائق رغم إنه يعاقبها ولكن شعور مختلف لديه، لا يعلم ماذا يفعل أيعاقبها بعد ماقالته أم يتثنى ذاك ويستمتع بلحظاته معها وكالعادة سيطر القلب ونفر العقل بشدة ليذهب بها لجنته بعدما شعر بتأنيب ضميره على مافعله بها
كانت مازالت تدفعه بكل قوتها ولكن كيف لقوة أنثى أن تكافح جبروت عاشق تجمعت حياته حولها فقط. ولا يغيب عن قلبه عشقها المتغلغل بداخله. فاذا تحكم العقل للحظات. فالقلب المتحكم لساعات.

تلاشت قوتها بالكامل أمام قوة عشقه أمامها التي مارأتها إلا أنه سيطرة له بكل جبروت ولا تعلم انه يرسمها بدقاتهالبارت 22ج2
عند جاسر
اتجه مع قولت الأمن بعد إغلاق هاتفه. وقامت قوات الشرطة البواسل بإقتحام عدة أوكار لبعض المجرمين، إلى أن وصلوا لأهم مكانا وهو مكان إستلام شحنة تلك السموم...

حاصرت قوات الشرطة البواسل المكان بالكامل، كان هناك كبار المسؤلين عن تسليم تلك السموم، تسلل بعض قوات الأمن حتى يفتح الطريق لتصل باقي القوات للمكان المنشود، اقتحم جاسر وبعض فريقه بقيادة الرائد المسؤل عنهم عثمان وتحدث بصوتا قوي.

سلموا انفسكم المكان كله محاصر قالها عثمان بعد هجوم قوات الشرطة ولكن كيف لتجار تلك السموم الصمود، تبادل إطلاق النار بينهما حتى خرّ كثيرا من جانب الفريقين صريعا، استشهد العديد من الأمن، وأصيب عثمان بطلق ناري بكتفه، بسب قوة وشراسة أعداء الدين والاتجار بعقول الشباب. فالغلبة كانت لهم في بعض الأحيان، اتجه جاسر بفريقه وانهال عليهم رشقا برصاصتهم ورغم قوتهم إلا أنه تزحزج بعض الوقت بسبب سقوط كثيرا من قواته. اتجه عثمان بفريقه مع جاسر الذي تخلص بجانبه بالكامل واخيرا وصلت قوات الشرطة للمكان المطلوب ولكن تسرّع جاسر وعدم تقبله بوضع الهدوء بعدما فقد كثيرا من عناصر الشرطة. اطلق احدهما رصاصته الغادرة حتى انتصفت بصدره، صرخ به عثمان عندماوجده لم يستمع لتعليماته، واقترب محاوطه بالكامل حتى ينقذه وصل عثمان لمكان تسليم السموم، وتم حرز الفساد والفسدة. ولكن اصيب جاسر إصابة بالغة.

مما صاح عثمان الاتصال بسيارة الأسعاف
عند جواد وحازم
جلس حازم ينظر بمقت غاضبا لولده بعد ثورانه على جنى
- إيه اللي عملته دا يامحترم، عايز مبرر للي عملته
جلس بوجه يكسوه الحزن والوجع لا يعلم ماذا فعل
نظر لوالده بآسف.
- معرفش إزاي عملت كدا. بس هي اللي اضطرتني لكدا يابابا. حاولت أكون هادي لكن هي استفزتني
وضع خديه على راحتيه وناظره متسائلا
- ليه؟ ضيق عيناه متسائلا
- يعني إيه مش فاهم حضرتك.

نصب حازم عوده واقترب يجلس أمام ولده، دنى برأسه منه وأردف
- عايز من جنى إيه ياجواد، ليه بتقرب منها وانت قلبك مع غيرها
- معرفش. صرخ بها ونظر بتيه كالمشتت
- والله يابابا معرف أنا عايز إيه، كل الحكاية مش عايز حد يقرب منها. ماعرفش ازاي رفعت ايدي عليها لما قالتلي انها بتحب واحد وهتتخطبله
أطبق على جفنيه بعنف.

- حسيت بالخيانة يابابا. مقدرتش اسمعها بتتكلم عن راجل تاني قدامي، . أنا معرفش، اتجننت ولا ايه، لو سألتني
- عايز مين بالضبط. ربى ولا جنى. هقولك معرفش، حقيقي معرفش.
كان واقفا على الباب ولكنه شعر كأن أحدهما اغرقه بدلو من الماء المغلي بيوما مكتظ بالحرارة ليجعل جسده يغلي من النيران، عندما استمع لحديث جواد الذي شقه لنصفين.

عند جواد
دلفت غزل إليه بعد يوم مرهق بالمشفى
مساء الخير حبيبي
نهض يضمها لأحضانه
- حمدالله على السلامة ياقلبي. اتأخرتي ليه كدا
اغمضت عيناها تضمه بقوة. تستنشق رائحته التي تنسيها تعب يومها
جلس على اللاريكة وهي مازالت بأحضانه. ثم قام بفك حجابها وتحرير خصلاتها
- احكيلي إيه اللي حصل معاكي مخليكي مرهقة كدا
- مفيش غير عمليات. أنا بقيت أتعب أوي من آلالام الناس وخصوصا الأطفال.

جمع خصلاتها جانبا ومازال يمسد عليها ثم أردف بهدوء
- تعرفي بتاخدي ثواب أد إيه من دعوات الناس ياغزل. عارف إن آلالام الناس بتوجع القلب، لكن متنسيش إن دي رسالة لازم تتميها على أكمل وجه. كفاية لما ترجعي بيتك ودعواتهم مصحباكي. وتحس إنك بتعملي حاجة مش مجرد بتفيدي لا دا بتخففي آلالام ومش أي ألم كمان
خرجت من أحضانه تقبله على خديه ثم قالت: -حبيبي اللي دايما بيحفزني وبيديني دافع إني أكمل.

رفع حاجبه بسخرية مضيقا عيناه
- بتراضي ربى ولا إيه ياست غزل. أنا جوزك ياقلبي
قهقهت عليه ثم أردفت من بين ضحكاتها
- وانت فيه حد يقدر عليك ياحبيبي
ضم وجهها بين راحتيه مقتربا من شفتيها
- وحياتك مضحوك عليا بقالي إسبوع ويمكن اكتر، يعني ريان يحجز سويت يقضي ليلة عسل، وأنا هنا براضي في العيال والله ماهيحصل، الليلة لأحجز سويتات القاهرة كلها. قالها ملتقطا ثغرها بين خاصتيه.

فصل قبلته عندما استمع لطرقات على باب مكتبه، أعتدلت غزل سريعا تعدل ثيابها
نهضت سريعا وهي تلكمه ربنا يسامحك ياجواد. شكلي هيكون ايه دلوقتي قدام ولادك
- ادخل. قالها جواد وهو ينظر إليها بشماتة قائلا
- علشان تاني مرة متنسيش جوزك
دلفت العاملة
- الغدا جاهز يادكتورة، احطه على السفرة ولا هنستنى حضرة الضابط
نظرت لزوجها عندما تذكرت غنى
- غنى رجعت هي وبيجاد
أومأ برأسه مبتسما
- أيوة رجعت واتصالحنا. انتفضت متجه له.

- بجد ياجواد يعني سامحتك
اتجه بنظره للعاملة
- حضّري يامنى الغدا، أنا خارج بعد نص ساعة. ثم جذب غزل بعد إنصراف العاملة
- ايوة اتصالحنا. وسامحتني وكانت في حضني واتفرجنا على صور عيد ميلادها وشافت فيديوهاتها مع بيجاد
ضمت وجهه وتلألأ الدمع بعيناها
- يعني بنتي رجعتلي دلوقتي ومعدش فيه تهاني وطارق تاني
قبّل جبينها وهو يضمها
- الحمدلله. كنت متأكد إن ربنا مش هيخذل عبده.
نهض ممسكا يديها متجها لغرفتهما.

- تعالي عشان تاخدي شاور وننزل نتغدى
اتجهت معه لغرفتهما، توجهت للمرحاض بعد مساعدته لها بخلع ثيابها ووضعها بالبانيو ليزيل إرهاقها بالكامل. أكمل إستحمامها ثم نهضت وارتدت ثياب الحمام (البورنس) متجهة إلى المرآة جالسة على المقعد اتجه إليها ممسكا بمجفف الشعر. ليجفف خصلاتها الحريرية
انتهى بعد لحظات مقبّل جبينها
- كدا كويس ولا محتاجة حاجة تانية
وضعت رأسها بأحضانه.

- ربنا يخليك ليا ياحبيبي. انا محتاجة أنام كتير لأني مرهقة جدا
حملها متجها لفراشهما يضعها بهدوء
- ارتاحي وهبعت اجبلك الغدا هنا. رُبى هتتغدى مع صهيب. وغِنى نايمة مع جوزها وجاسر وياسين مش موجودين، مفيش غير الغبي اللي كسر اوضته من شوية
اعتدلت جالسة على فراشها
- أوس ماله إيه اللي حصل؟
زفر بإختناق من أفعال ابنه وتحدث.

- شكله متخانق مع ياسمينا، أنا هكلم ريان بعد المغرب نلمه هو كمان ويتجوز عايز ارتاح منه يمكن لما يتجوز يخف خناقته دي.

هزت رأسها برفض
- عايز تجوز أوس قبل جاسر ياجواد. مستحيل طبعا
غصة كبيرة أصابته متذكرا ابنه قرة عيناه بما أصابه، مسح على وجهه بعنف واتجه ببصره لغزل
- صعب أوافق على ناوي عليه يازوزو. لما يتجوزها ويجيب ولاد يقولهم ايه
جدك كان مجرم وجدتكم شمال. عارفة لو اختار واحدة فقيرة بس من عيلة شريفة عمري ماهقف بطريقه. وبعدين عنده بنات عمه ليه معملش زي عز
وضعت يديها على شفتيه.

- ايه اللي بتقوله دا ياجواد، جاسر بيعتبرهم كلهم زي اخواته، غير عز وربى. ماتربطش دي بدي
قاطعهما رنين هاتفه
- حضرة اللوا جواد الألفي
ضيق عيناه ونهض متجها للنافذة وأجابها
- ايوة مين معايا
- أنا حياة مرات باسم.
تنفس بهدوء كي لا يغضب عليها وانتظر حديثها
- نعم سامعك.

ارتبكت بحديثها بأول الأمر، ولكنها استنشقت كمية من الهواء ثم زفرتها بهدوء ثم تحدثت قائلة: - مش هقول لحضرتك اعتبرني بنتك. أو أختك، اعتبرني واحدة لاجئة مستغيثة بحضرتك. ممكن تيجي نتكلم شوية. لأن مفيش حد هيقدر عليه غير حضرتك
ادرك ماتشير إليه، أخذ نفسا عميقا وتحدث مفسرا بنبرة مستفيضة
- لو عشان موضوعك مع باسم أنا مش بأيدي حاجة أعملها، قاطعته
- لو سمحت لازم تدّخل متخلنيش أموت نفسي وذنبي يبقى في رقبتك قبله.

توسعت عيناه لما استمع لحديثها. ربع ساعة وأكون عندك
اتجه لزوجته وقبل جبينها
- عندي مشوار مهم لعند باسم. اتغدي وريحي لحد ماأرجع لازم نسهر الليلة
بعد قليل
وصل جواد إلى مزرعة باسم. كانت تقف بحديقة المنزل تنتظره بعد خروج باسم منذ أكثر من ساعتين، بعدما فعل بها مافعله. على رغم شعور بداخلها إنها تتمنى قربه ولكن لا تعلم لماذا تريد تركه. هل كرهته كما اذعنت.

كانت تنظر بعينان تقطران ألما وملامح يكسوها الحزن الذي تغلغل بداخلها عندما تذكرت حديثه
- حياتك معايا وبس لو عايزة حياتك تنتهي يبقى أنهي حياتنا مع بعض وخلصي نفسك وخلصيني من العذاب دا، قالها ثم تحرك كالثور الهائج خارجا من منزله
وصل جواد يلتفت حوله وتسائل
- مدام حياة. هو باسم مش موجود
هزت رأسها برفض. وأشارت على المقعد بالجلوس
-جاله فون وخرج من شوية.

أومأ برأسه ينظر لحالتها. ثم ضغط على قبضته بسبب أفعال صديقه الذي تمادى كثيرا
- سامعك، اتفضلي
انسدلت دمعاتها ونظرت إليه بتشتت
- عايزاك تطلقني منه، هو اخد اللي عايزه وكسرني، وصل لنجاحه وعرف يكسرني. لكن للاسف هو مدمرش ابويا هو دمرني أنا. كسر جوايا حياة بقيت ميتة. لو سمحت
أومأ برأسه عندما غلت الدماء بأوردته وشعر بنيران تحرقه بسبب أفعال صديقه
- حاضر. وعد هحاول معاه.

قاطعهم وصول سيارة باسم الذي ارتسم تعبير مندهش، ممزوج بالصدمة
اتجه اليهما يوزع نظراته بينهما ثم أردف: -جواد. فيه حاجة، غريبة تيجي من غير ماتعرفني.
جذبه جواد بغضب وهو يرمقه بنظرات ناريه. دفعه بداخل الغرفة ثم أشار بسبابته
كلمة زيادة هنسى اني عرفتك في يوم. اقترب يلكمه بصدره
- ايه الجبروت اللي إنت فيه دا يلا?، من إمتى وانت حيوان كدا. البنت ذنبها ايه ياحيوان
دفعه باسم وصاح به.

- ايه ياجواد. عملت ايه يعني. دي مراتي متنساش إنها مراتي
لكمه مرة اخرى وصرخ بوجهه
- اخرص ياباسم مش عايز اسمع صوتك البنت دي هطلقها دلوقتي وتسبها ترجع لأبوها وإلا
وقف باسم وهو يضع يديه بخصره وهو ينظر شرزا له
- وإلا ايه ياحضرة اللوا، عايز أعرف هتعمل
بااااسم صرخ بها جواد
- هطلق البنت مش عايز كلام تاني
رفع حاجبه ينظر إليه بسخرية
بتحلم ياحضرة اللوا. وبلاش أوهامك تخيلك انني هوافق. مستحيل.

هطلقها يلا?، سامعني هطلقها قالها عندما انقض عليه. فكلما تذكر مافعله بها نيران غضبه تشتعل
بتحلم. دنى منه مستحيل
- إنت بتقول الكلام دا لمين يلا?
نظر إليه بإستخفاف وهو يوزع نظراته بالغرفة
- هو فيه حد موجود غيرنا في الأوضه
اقترب جواد فقد نفذ صبره بالكامل. أوصله للحظات أشد غضبا بحياته لأول مرة يريد تحطيمه بالكامل، ولكن قطعه رنين هاتفه
- ايوة ياعثمان.

هنا شعر بانسحاب أنفاسه. وارتجف قلبه بشدة. وأصبحت الأرض تميد به وشعور بضعف الدنيا يحتل كيانه وأصبح يشعر بفقدان وعيه، ياالله ماهذا الأنقباض الذي يكاد يمزق قلبي من الألم، جثى على ركبتيه عندما اهتز جسده ولم يقو على الحركة يضع يديه على صدره من الجهة اليسرى وتحدث بصوت يكاد يخرج من شفتيه:
- عايش ياعثمان ابني عايش ولا، قالها بلسان ثقيل
أسرع إليه باسم يجذب هاتفه. عندما وجد دموعه المتحجرة بعينه.

- ايه اللي حصل ياعثمان
- جاسر اتصاب في العملية وحالته خطيرة هو في العمليات قالها عثمان بحزن
أصابه الهلع ينظر لجواد الذي نهض ببطئ كأنه يتحرك على نيران مشتعله، وقف جواد يمسد على صدره. يدعو ربه بقلبه
اللهم استودعك ولدي يالله. ظل يكررها ونظراته تائه كأن روحه خرجت من جسده
- تمام احنا في الطريق
جذب جواد علّه يفيق من حالته
-جواد الولد كويس ممكن تفوق عشان نروحله، نادى بصوته على حياة.

اتجهت سريعا إليه عندما وجدت صراخه على جواد
- فيه ايه ماله
- اعملي كوباية ليمونادا بسرعة
ضم وجهه وتحدث علّه يفيق من حالته عندما جلس ينظر للفراغ بتوهان كأنه افتقد الحياة ولم يشعر بشيئا
- جواد ابنك كويس سامعني. شعر جواد كأن هناك احدا يحادثه من بعيدا
اقترب يوضع الكوب أمام فمه
- جواد اشرب لازم تفوق عشان نروح لابنك قبل ماغزل تعرف، كأن أسمها أفاقه من توهانه وصدمته.

خرج سريعا بخطى متعثرة مندفعا للخارج يركض لسيارته ورفع هاتفه لأوس
- أوس حبيبي أسمعني كويس وبلاش توضح حاجة لو فيه حد جنبك
جاسر انضرب بالنار. إياك والدتك تعرف عدي على عمك صهيب وتعالو للمستشفى. إياك حد يعرف غيركوا تمام وكلم ياسين وطمنه على أخوك. اكيد الخبر وصله
نهض سريعا من فراشه
- حاضر يابابا. عشر دقايق واكون عندك. هو كويس صح يابابا، جاسر كويس.

ساد صمت جواد وذكرى جاسر أمام عيناه وانسدلت دمعة شريدة من عينه ثم اجاب ولده
- كويس ياحبيبي. إن شاءلله كويس.

عند فيروز
اقتحم ابن عمها وخطيبها المدعو اسامة
جذبها من خصلاتها الذهبية بقوة
- انا تقرطسيني يامنحطة وتروحي في حضن اعدائنا وحياتك لأدفنك بالحياة، جذبها من خصلاتها زحفا بها على درجات السلم، وصراخاتها تصم الآذان
قامت عليّة الاتصال سريعا على جاسر ولكن هاتفه مغلق، اتجهت لباسم بدقات قلب عنيفة
- الحقنا ياباسم باشا فيه ناس هجموا على الشقة وخطفوا الست فيروز
كان يقود السيارة متجها بجواد للمشفى العسكري.

أجابها دون بهدوء
- تمام ياعلية أنا هتصرف، أغلق الهاتف متجها للأمن الذي عينه لفيروز
- افندم باسم باشا
- إيه اللي بيحصل عندكم. كان الرجل تحرك منذ خمس دقائق متجها لأحد الكافيهات
- مفيش حاجه يافندم كله تمام
انت فين يابني. قالها باسم بصراخ. مماجعل جواد ينتبه لصراخه عندما كان مشتت بالآلام الماضي
ارجع فورا على الشقة وشوف مين هاجمها وخطف البنت حسابكم عسير معايا
قصدك البنت اللي في شقة جاسر، قالها جواد.

أومأ برأسه دون حديث
هنا غامت عيناه بالدموع عندما تذكر حديثه لناجي بالصباح
- بنت اخوك في شقة ابني وبلاش تصرخ كدا. روح خدها مش إحنا اللي نخطف بنات الناس، دي واحدة حبت تحتمي بينا. وابني اتعلم اللي يقصده بحاجة ميرجعوش ندمان
ضرب ناجي على مكتب جواد يرفع سبابته
- لسة حسابنا مخلصش ياحضرة نظر للافتة المكتب. ثم قال
- ياحضرة اللوا. قالها بسخرية متحركا للخارج
خرج من شروده عندما وصل للمشفى
بفيلا صهيب.

جلست جنى بأحضان والدها تبكي بعدما قصت له ماصار
تذكر صهيب عندما اتجه لجواد بمنزل حازم ولكنه تسّمر عندما استمع لحديث جواد حازم لوالده.
ضم ابنته الباكية لأحضانه عندما شعر بأختلاج صدره بشهقاتها وكلمات جواد التي اخترقت صدره كالطعنات المسومة تمزقه ألما
رفع وجهها وحضنها بين راحتيه ينظر لمقلتيها
- حبيبتي احكيلي ليه جواد عمل كدا. وفيه حاجة بينكم. إيه اللي وصله أنه يرفع ايده عليكي يابنتي.

أختبأت بأحضان والدها التي أعتبرتها ملاذها الوحيد الآمن عندما شعرت بأن أقربهم لقلبها اطعنها بشدة
حاولت استجماع الكلمات فالأمر مؤلم للعائلة بأكملها. ورغم ذلك لم تستطع كتمان مايؤلم روحها
امسكت كف والده وتحدثت بهدوء
- اوعدني تسمعني للاخر. قبل ماتحكم
قاطعهم دخول أوس
عمو صهيب
نهض صهيب ينظر لحالة اوس وأردف متسائلا
- إيه يابني فيه إيه. اتجه ببصره لجنى الباكية ثم إليه وتحدث قائلا
- عايزك بموضوع مهم
قبّل جبين جنى.

- هروح مع ابن عمك اشوفه عايز إيه وهرجعلك.

عند عز وربى
تجلس بحديقة منزله أمام حمام السباحة
يضمها لأحضانه
- من بكرة عايزك تهتمي بحياتك الجامعية. مش عايز تقصير ياروبي. ولو احتجتيني في أي حاجةهتلاقيني دايما معاكي
رفعت رأسها تنظر إلى وجهه القريب منها
- بابا كان عايزك ليه ياعز مقولتليش
ابتلع ريقه من أقترابها وأنفاسها التي تحاوطه. رفع يديها مقبلها
- بيوصيني على روحي. بيقولي خلي بالك من روحك، عارفة طبعا شغل جواد الألفي
ابتسمت له ابتسامة رقيقة.

- متغلطش في بابا يازيزو، دا الحب الأكبر ياحبيبي
شدد من إحتضانه يضمها أكثر مردفا
- عز بس حبك الأكبر مش مسمحولك بحد تاني حتى لو جواد الألفي نفسه
دفعته تقهقه عليه
- لا ياحبيبي بابا دا أكبر حب ومستحيل حبك يساويه وخليك عارف من الأول كدا. بابا حاجة وانت حاجة تانية بعيد عنه تمام ياعزي
ظل ينظر إلى شقاوتها بصمت ثم ابتسم وتحدث
- عارفة إنتِ عايزة إيه
ضيقت عيناها وتسائلت
عايزة ايه مش فاهمة.

جذب رأسها إليه يضم ثغرها بخاصته التي التهمها، كان هناك من يقف بنافذته ينظر إليهما ونيران تتأكل بصدره، ولكن قاطعه رنين هاتفه
- جاسر الألفي اتصاب ياجواد وحالته خطيرة
هب سريعا مهرولا للخارج متجها لعز سريعا وصل إليه خلال دقيقة واحدة، جاذبه من جلوسه
- تعالى معايا فورا فيه مشوار عايزك فيه ضروري
قطب عز مابين جبينه متسائلا
- مالك يابني مشوار ايه اللي عايزني فيه دلوقتي.

جذبه متحركا للخارج وهو ينظر لرُبى دون حديث، قابلتهم جنى التي شاهدت اقتحام جواد لجلسة عز وربى، ظنا منها إنه متغاظا
-عز حبيبي فيه موضوع عايزة اكلمك فيه
جذبه جواد وهو يرمقها بغضب
- بعدين لما نرجع
توقفت أمامه واشارت بسبابتها بغضب
-ابعد أنا عايزة اتكلم مع اخويا
دفع جواد عز الذي ينظر اليهما بغباء
- هو اللي بيحصل. مين مزعل مين.

لم يجبه جواد واستقل سيارته سريعا وهو يراقب جنى التي تقف ونيران الغضب تخرج من عيناها لو تحرق لأحرقته
- جاسر انضرب بالنار وعمو جواد ووالدك واوس في المستشفى، لسة عارف حالا. طبعا مينفعش اتكلم قدام حد وخصوصا إن والدتك متعرفش
جحظت عيناه بقوة من حديثه
-جاسر! وهو اخباره ايه
منعرفش لسة هو في العمليات.

عند غنى وبيجاد. قبل قليل
بعد خروج جواد اتجهت غزل تطرق الباب
سمح بيجاد بالدخول لفتت تبحث بنظراتها عن غنى
- فين غنى ياحبيبي؟
في الحمام. أجابها بهدوء.
اتجهت تجلس على المقعد تنظر إليه بتقيم
- بيجاد تعالى جنبي عايزة اتكلم معاك قبل ماغنى تيجي
أومأ برأسه وجلس بجوارها
تنهدت غزل بوجع. فهي تحمل بصدرها من الغصص مايكفي
هدأت قليلا بعدما سحبت قليلا من الهواء تملأ رئتيها ثم أردفت
- تممت جوازك من غنى ولا لسة يابيجاد.

ذُهل بيجاد من حديثها وحالتها التي تبدو عليها. رفع يديها وضمها بين راحتيه
ممكن تدخلي في الموضوع على طول ياانطي لو سمحتي
تجمع خط من الدموع بعيناها ثم اردفت بصوتا مكتوما
- أنا جاية اقولك زي ماجواد قالك قبل كدا لو حاسس إنك هتتعب وتيأس فأنا بعفيك يابني من دلوقتي. ضمت وجهه وانسدلت عبراتها التي تكبتها منذ فترة حتى لا تحزن زوجها.

- ممكن تتحرم من أكبر نعمة ربنا انعمنا بيها. فدلوقتي أنا بكلمك بقلب أم مفطورة على ضناها. إنت ابني برضو زيك زيها. للاسف العلاج اللي غنى هتاخده هيأثر عليها وممكن متبقاش أم، فلو ياحبيبي
هب واقفا كمن لُدغ وتحدث بصوتا مكتوما
- يبقى دا نصيبي ياطنط غزل. لو ربنا أراد يبقى فضل وكرم من عنده. اما لو ربنا ماأردش يبقى نصيبنا كدا والمفروض نحمده عليه. أهم حاجة انها تفضل عايشة وبصحة كويسة.

ضمته غزل لأحضانها وظلت تبكي بشهقات عندما وجدت تمسكه بأبنتها. رأت به زوجها
خرجت غنى تنظر إليهما
دا إيه العشق الممنوع دا. يازوجي الحنون. واخد البنت وأمها
خرج من أحضان غزل وهو يرسم ابتسامة على وجهه
- شوفتي جمال أكتر من كدا ياطنط
ضحكت غزل عليهما ثم خرجت ولكنها توقفت تنظر لأبنتها بحب
- هأجل جلسة علاجك لبكرة الصبح. اعذريتي حبيبتي كان عندي عمليات كتيرة النهارده. فبكرة إن شاء الله...
اتجهت غنى تقبل والدتها بحنو.

- ولا يهمك حبيبتي. احسن حاجة بيجاد خنقني فعايزة اخد حقي منه الليلة
جذبها لأحضانه ينظر لغزل
- اه ياحماتي العزيزة عايز أسهر مع ماي وايف النهارده
لكمته بجنبه
- مايك مكسور ياخويا. خرجت غزل تضحك عليهما. ولكن اختفت ضحكاتها بعدما أغلقت الباب
- ربي لقد اختل توازني. ربي ازل عنها آلالامها. ربي عبدك الضعيف يستغيثك فأغيثه
تحركت متجهة لغرفتها حتى تنعم بقسطا من الراحة قبل رجوع زوجها.
بالغرفة.

حاوطها بذراعيه وهو يرفع حاجبه بشقاوة
هو اللي بياخد شاور بيحلو كدا
تنفست بتثاقل وهي تدفعه بوهن
- بيجاد وسع. هضربك
قهقه عليها وهو يرفعها من خصرها
- أموت أنا في ضربك ياروحي
دفعته بكلتا يديها
- بقولك ابعد ومتكلمنيش من هنا لحد يومين لما أشوف اخرتها معاك ايه
جذبها رافعها بين يديه
- وحياتك كل اللي قولته هو الحقيقة. عايزة تكذبي جوزك ياغنونة
صرخت حتى ينزلها.

- جوز مين دي إن شاء الله. لا ياحبيبي فوق والله مايحصل عايزني افضل على ذمتك بعد اللي عرفته
ضمها لأحضانه
- ويهون عليك بيجادك ياغنون
ابتلعت ريقها عندما ضربت أنفاسه الساخنة عنقها. ابعد يابيجاد لو سمحت احنا اتفقنا
رفع حاجبه بسخرية مردفا
- انتِ اللي حطيتي شروط ياقلبي وأنا مقولتش رأي
قالها متجها لفراشهما جالسا عليه
اتجهت تنظر إليه بغضب
- لا اتفقنا يابيجاد وهتنفذ شروطي قالتها وهي تشير بسبابتها إليه.

امسك سبابتها وتحدث
- مابلاش الصباع دا فيكي تغيري للصباع التاني يعني مثلا ماله دا
دفعته بكل قوتها حتى سقط على الفراش وهو يقهقها عليها وعلى غضبها اللذيذ إليه
ظلت تلكمه
- بطل تضحك متنرفزنيش
جذبها حتى هوت فوقه. وحاوطها بذراعيه ومازال يضحك عليها كانت كحبة فراولة ناضجة وجب اكلها بسبب تحول لونها للقاني بسبب غضبها الذي يروقه كثيرا. امسكت ذراعيه وضغطت باسنانه حتى دفعها بقوة وهو يقول
-يابنت العضاضة. اتجهت اليه.

- لازم أعلمك الادب يابن المنشاوي
ظلت تلقيه بكل مايقابلها
تراجع للخلف وهو يضحك عليها
- خلاص وافقت على شروطك، ولكنه توقف فجأة عندما وجد ملابسها موضوعة فوق المقعد
امسك قطعة ورفعها أمامها
- واو دا ايه الجمال دا
توقفت عن الحركة واشارت بيديها
- بيجاد هات الهدوم عيب على فكرة قالتها وهي تبعد ببصرها عنه
ظل يتلاعب بتلك القطعة ثم أردف بخبث
- أشوفها الأول على الجثة اللي قدامي دي الأول
ضربت بقدمها بالأرض وكادت أن تبكي.

- إنت بارد ومستفز على فكرة
اقترب حتى ضمها لأحضانه
- إشش أنا بهزر معاكي ياحبيبي. رفع رأسها ينظر لعيناها التي خطفت لُب قلبه
ولامس خديها بأصبعه
- كنت بهزر معاكي على فكرة. مفيش غير اللي قولته. بعد مارجعنا تاني يوم للمزرعة اتصلت بعمتي ألومها لقيتها منهارة من العياط، روحت لعندها لما سبتك وقولتلك ساعتين وراجع.

للأسف فيه واحد استغل ماسة وحطلها حبوب منومة وطبعا بلاش تعرفي الباقي. رجعت لوالدتها وهي منهارة وحكت لها. طبعا أنا كنت مفكر دي لعبة من ماسة عشان اتجوزها. نظر لاسفل وتحدث
- ماسة من صغرها وهي بتحبني. انا كنت بصدها دايما، رفع نضره ينظر إليها بعيون عاشقة.

- كان في واحدة ختمت حبها بختم قلبها الصغير. قالت انت ملكي وبس، . وكأنها كانت لعنة لكل البنات اللي قابلتهم. مفيش واحدة قدرت تخطفني لحد مارجعت هي وأخدت مكانها الطبيعي.
اقترب يقبلها يهدوء
- لا ماسة ولا مليون غيرها قدر يخرج عشق غنى الطفلة ام خمس سنين من قلبي
رفعت يديها تضم وجهه
- حقيقي يابيجاد يعني عمر قلبك دا ما دق لحد غيري
وضع رأسه بعنقها يستنشق رائحتها حتى يملأ رئتيه من رائحتها المستحوزة عليه بالكامل.

- بعد دا كله لسة بتسألي ياحبيبة بيجاد
جلس واضعها بأحضانه
- كنت مستعد اضحي بكل مااملك ياغنايا عشان حضن من دا بس، رفع وجهه يمسد على خصلاتها ويتحدث بصوتا مبحوح من كثرة عشقه لها.

- يعني مقدرتش احب غيرك وانتِ مش موجودة هقدر اخونك ياحبيبي بعد مارجعتي وبقيتي مراتي، والله زي ماقولتلك مفيش بينا حاجة. دا مجرد عقد وقعدت شهر واحد وطلقتها. وعلى فكرة عمو جواد عارف. لكن بابا ميعرفش حاجة. يعني ممكن باباكي يوافق عليا وهو عارف حاجة زي كدا، انا محبتش ادمر عمتي بعد مالجأتلي وخصوصا عمو عمر كان مسافر. واللي متعرفهوش أبوها ميعرفش إلا قبل فرحنا بأسبوع، لما جالي وأنا معاكي فاكرة.

- بيجاد قالتها بشفتين مرتعشتين مماجعله يلتقط شفتيها بقبلة يضع بها كل مشاعره المكبوتة لسنين ماضية ويذهب بها لأول مرة لجنة لا يوجد بها غيرهما فقط، ظلا لساعات ينعمون بخلدهما بجنة الدنيا عنوانها ضربات قلبيهما. واعتراف كامن بهما لم تكن سوى غنى بيجاد.

استيقظت مبكرا
تنظر لوجه النائم بهدوء. كان كالطفل بنومه. حدثت حالها
حقا هذا الذي بجوراي هو نفسه الذي كنت بين يديه بلأمس
ملست على خديه بهدوء. إلى أن وصلت لشفتيه
وتذكرت ماكان عليه بلأمس حتى جعل قلبها يذوب كقطعة شيكولاته نعم تعشقه بجنونه الذي جعلها ترانيمه المقدسة
قبّلت جبينه ببطئ. فتح عيناه وجدها بتلك الهالة التي جعلته ملكا متوجا لقلبها
خرج إسمها من بين شفتيه، أغمضت عيناها وتراجعت بجسدها عن مرمى بصره.

عندما وضع يديه على عنقها ينظر إليها بعيون عاشقة
- صباح الحب ياغنايا ثم ابتسم بسخرية على طفولتها عندما وجدها تبعد عنه
- رايحة فين حبيبي. هتوقعي من على السرير.
رفعت سبابتها وحذرته
- إياك تقرب تاني كفاية اللي عملته. وضعت يديها على وجهها
مكنتش أعرف إنك قليل الأدب كدا، لم تكمل حديثها عندما وجدت نفسها كحمامة طائرة بين يديه
ضحك بصوتا صاخب وهو ينظر لخجلها الذي ظهر على وجنتيها.

- متخافيش مش هقرب منك ولا هبقى منحرف دلوقتي، ممكن أجل شوية الأنحراف، بس خليكي شطورة وادخلي خدي شاور. قبل ماالدكتورة بتاعتنا تقتحم الجناح ونتفضح، انزلها ببطئ بالحمام
وقفت تنظر حولها تبعد عن نظراته إليها
- إنت مش هتخرج ولا إيه
رفع حاجبه وتحدث بسخرية
- اكيد هخرج بس لما أخد شاور
دفعته بيديها للخارج.

- احلم برة ياحبيبي، قال شاور، روح خد بعيد عني قالتها ثم أغلقت الباب بوجه، جلست تضع يديها على صدره من ارتفاع دقاته
- لقد اصبح عشقها له فاق الحدود، هل ستنعم بعشقا كوالدتها
نظرت لنفسها بالمرآة. ورأت شحوب ببشرتها. وشعرها الذي بدأ يتساقط بقوة
جثت على أرضية الحمام وهي تبكي بشهقات مرتفعة. تضع يديها على فمها حتى لايسمعها، ولكن كيف لم يسمعها هو لم يتزحزح انش واحد بجوار الباب وكلمات غزل تخترق آذانه.

بيجاد الفترة الجاية عينك متنزلش من عليها. ممكن تنزف. ممكن يغمى عليها، غير تغير ملامحها اللي بدأ يظهر وشعرها اللي بدأ يوقع بشدة، أنا اخدت اجازة كاملة عشان اتفرغلها مستحيل اسيبها تبعد عني. لكن طبعا طول ماانت موجود معاها هتكون عنيا لازم تعرفني أي جديد. غنى بتحبك سيبك من كلامها دا كله
دفع الباب ودلف للداخل وجدها متكومة بجوار البانيو وتبكي بنشيج
القت نفسها بأحضانه وهي تبكي وتصرخ.

- طلقني يابيجاد أنا منفعكش. ذنبك إيه تفضل مع واحدة بالبشاعة دي
رفعت يدها المليئة بخصلاتها
- شوف غنى بقت ازاي. معنتش البنت الجميلة اللي هتتباهى بجمالي ولا شعري زي ماكنت بتقول
ضمها بقوة وانسدلت دموعه بغزارة على حالتها التي ادمت قلبه
حملها متجها للبانيو وقام بفتح المياة وهو يضمها لأحضانه
- اهدي حبيبتي. كله هيعدي. كانت تنظر لخصلاتها التي تتساقط بقلبا مفطور.

رفعها بعدما قام بتحميمها كاملا ثم قام بتجفيفها وهي ترتعش بين يديه وتهمس
- طلقني يابيجاد. انا مستحيل افضل معاك
ثم سقطت بين ذراعيه. قام بحملها سريعا بعدما ألبسها ثيابها بالكامل. متجها لفراشهما وقام الأتصال على غزل
التي وصلت سريعا لأبنتها
نظرت لأبنتها التي كانت بأحضان بيجاد وحالتها التي تغيرت بالكامل وهي تهز رأسها بعنف وتصرخ ببيجاد.

لازم مستشفى يابيجاد فورا، البنت هتضيع مننا، صرخت باسمها علها تفتح عينها ارتبكت غزل، وشل عقلها عن التفكير في وصول جواد الذي اقتحم غرفة ابنته وهو ينظر بفزع لأبنته التي بين يدي زوجها كاجثة هامدة
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
البارت الثالث والعشرون
الحب دون اهتمام ليس حب
الحب دون اسعادك لحبيبك ليس حب.

الحب دون تقربك وايجاد وقت لحبيبك ليس حب
الحب آمان واهتمام ودفئ وسعادة قبل القُبلة والأحضان
راحة الروح تلزمها راحة القلب
وراحة القلب لا تتحقق سوى جوار الحبيب
بل لا تنتظم دقاته سوى بقربه
أحتَاجُك كيّ أعبُر الطريق؛ لستُ ضرِيرًا ولكِّني مُستوحِش، وهذَا الدربُ مُعتِم.

وصل جواد على صراخ غزل لبيجاد
- اطلب عربية إسعاف ولا شلها ننزل بيها مستشفى محتاجة عناية مركزة يابيجاد فورا مفيش نفس
وقف جواد مصدوما من مظهر ابنته التي يضمها زوجها بأحضانه. تحرك بخطوات بطيئة ينظر لزوجته التي تحاول إنعاش قلبها الذي توقف ولا تعلم لماذا، مرت قرابة الدقيقتين وهي تحاول وبيدين مرتعشتين ودموع تنسدل بغزارة، توقف بيجاد بها لكن فجأة اعاد نبضها مرة آخرى.

دقائق كانت كفيلة لموت أحدهما، جلس جواد على الفراش عندما لم يستطع الوقوف، ولم يلاحظ أحدا وجوده سوى رُبى التي وصلت على صياح والدتها
اتجهت ربى لوالدتها التي كانت تعدل من وضعية إبنتها، فجأة أحست بإنقباض شديد في قلبها يكاد يمزقها من الألم. جلست على الفراش وهي تحمد ربها أن أبنتها اعيدت للحياة مرة آخرى
انتبهت لحديث ربى مع والدها
- بابي حضرتك كويس.

أومأ برأسه دون حديث، ثم نهض لأبنته التي فتحت عيناها المتورمة بتعبا توزع نظراتها بينهم. ثم أردفت بشفتين مرتعشتين
- بابا قالتها ثم أغمضت عيناها مرة أخرى، قبل جواد جبينها
- فداكي بابا ياروح بابا، ارتاحي حبيبتي. ربنا يشفيكي ويعفو عنك يانور عيني
اتجه ينظر لغزل الذي ارتعش جسدها بالكامل ودموعها تتساقط بغزارة. بينما بيجاد الصامت الذي جلس يضم زوجته. ووجهه عبارة عن لوحة فنية من الألم والوجع الشديد.

أطبق جفنيه بألما. يحاول أن يتناسى تلك اللحظات الذي مرت عليه كأنها أعوام
جلس جواد يضم غزل لأحضانه ولم يكن حاله يختلف عنهما
- غزل إيه اللي حصل للبنت. هي مش كانت تمام. إيه اللي وصلها لكدا
ابتعدت عن أحصانه تمسح دموعها براحتيها محاولة تهدئة نبضاتها التي تدق بعنف وتسببت في سلب أنفاسها
جلست محاولة التنفس والأستعداد لما ستقوله فالوضع لم يعد الأختباء خاصة على زوجها.

أسبلت جفنيها تنظر للأسفل هاربة من نظرات زوجها ثم تحدثت قائلة بألم
- جواد البنت لازم تعمل عملية في أقرب وقت. المرض خرج عن السيطرة. أنا عملت تحاليل وابحاث عن كدا بقالي فترة بتواصل مع كذا طبيب من أنحاء الجنسيات، واللي كنت خايفة منه حصل توقف قلبها دا مؤشر مش كويس. غير فقدانها للوعي ونزيفها.
جواد البنت دخلت المرحلة التالتة من المرض، يعني لو دخلت الرابعة يبقى كدا خلاص
رفعت نظرها إليه ودموعها تنذرف بقوة.

- خايفة المرض يكون له نواتج في أماكن تانية ياجواد. لو معملناش العملية البنت هتموت مننا، قالتها بصوتا باكي مما جعل جواد ينظر لمقلتيها مذهولا، وكأنه لم يفهم ماقالته
ضم كفيها بين راحتيه ورفع نظره إليها.

- زوزو مش هي كانت بتاخد كيماوي عشان يخفف حدة المرض دا. ليه بتقولي ممكن يكون انتشر في أماكن تانية، هو الكيماوي مش بيموت الخلايا الخبيثة دي، إزاي المرض انتشر، يعني ممكن يكون عندها غير لوكيميا، هزت رأسها برفض
- مش دا اللي اقصده، أنا اقصد المرض أخد جزء كبير، يعني الكيماوي مش هيعمل حاجة غير وجع بس، أنا عملت تحاليل لجاسر من فترة قبل ماابعت تحاليلها لاني كنت شاكة بسبب اعراضها.

المشكلة كمان إن نسبة نجاح العملية مايوصلش عشرين بالمية حتى، ممكن تموت فيها بسب المناعة والضغط اللي بدأ يعلى بصورة ملحوظة
انتفض جواد بذعر وتسائل
- إنتِ قصدك إنها ممكن تموت في العملية.
تصلب جسده وشعور بتوقف نبضه
رفع نظره اليها ليتأكد مما إستمع إليه
نكست رأسها أسفا وقالت بألما يعتصر ماتبقى من روحها المتألمة
- للأسف احتمال كبير نخسرها
آآه حارقة خرجت من جوفه. يتبعها أنين شديد وهو يهز رأسه رافضا حديثها.

كان يستمع اليهما بصمت، بينما رُبى التي جلست بجوارها تبكي بنشيج على أختها رفعت يديها تمسد على خصلاتها التي بدأت بالتلاشي. ثم انخفضت تطبع قبلة على جبينها.
اتجه بنظره لبيجاد الذي يجلس كأن على رأسه الطير ينظر في نقطة وهمية. لم تظهر على وجهه أي تعابير، رغم الحزن البادي بعينيه ولكنه لم يظهر ردة فعل. لا يشعر به أحدا. فروحه تحترق بنيران تكاد تلتهما بشدة.

- رُبى تعالي سيبي اختك ترتاح. قالها جواد وهو يتحرك بتخبط للخارج وحالة بيجاد لم تغب عن خاطره، علم إنه سيدبر أمرا ولكن لم يستطع الوصول لشيئا
عند ريان ونغم قبل ساعات
وصل كلا من ريان ونغم. كان مالك وحمزة بغرفة الرياضة بينما ياسمينا تجلس أمام التلفاز ولكنها مازالت حزينة متألمة منذ أن تركها أوس، تذكرت آخر حديث بينهما
- أوس أنا تعبت. كفاية مش قادرة استحمل طريقتك دي
-يعني إيه؟ تسائل بها أوس.

زفرت بغضب وصاحت بوجهه
- طريقتك دي بقت صعبة معنتش قادرة أستحملها
رفع سبابته دون النظر إليها ثم تحدث بهدوء رغم نيران قلبه
- تمام ياياسمينا فهمت. هوصلك لعند باباكي. مينفعش انزلك من العربية. وانسي إنك قابلتيني في يوم من الأيام
هزة قوية أصابت جسدها. رفعت بصرها لوجهه الذي كان عبارة عن كتلة نيران من ملامحه الصارمة. حاولت بلع ريقها الذي جف بسبب قسوة حديثه. اعتقدت إنه يعشقها وانه سيحاول أن يغير من نفسه.

مدت يديها على ذراعيه بهدوء عندما تجمعت الدموع بعينيها
- أوس إيه اللي بتقوله دا. عايز تسبني، عايز تبعد عن ياسمينا
رمقها بغضب ممزوج بالعتاب نافضا ذراعه الذي امتدت لتلمسه
- ابعدي عني. أنا واحد مريض وهتعبك وهخليكي تنقهر على نفسك أو يمكن أكون متخلف عشان بغير عليكي
هزت رأسها رافضة حديثه
- أنا مقولتش كدا. إنت ليه بتقول كدا
توقف فجأة بالسيارة مما ارتطدم جسدها بالامام، استدار ينظر إليها ويصيح بوجهها.

- إنتِ عايزة إيه بالضبط. بتغطي عليا ليه. عشان عارفة أنا بحبك وبموت فيكي. ضرب على قلبه واحتدت نظراته ولم يشعر بنفسه الا وهو يصرخ كالمجنون
- أنا هفضل كدا، تقولي مجنون، مريض. قولي اللي تقوليه ومش هتغير. رفع سبابته وأكمل مستطردا
- اوعي خيالك يفكرلك عشان بحبك أتنازل عن رجولتي وأبقى ديوث واسيبك تضحكي مع دا شوية وتكلمي دا شوية وحضن دا شوية.

صفعة قوية على وجهه مما جعلته مذهولا لما فعلته. وضع يديه على وجنته يتحسسها من الألم مصعوقا مما فعلته به
هزت رأسها رافضة مافعلته حاولت التحدث وكأن حروفها هربت ولم تقو على الحديث، استدار وقام بتشغيل محرك السيارة دون حديث أو حتى النظر إليها. وصل في غصون دقائق لمنزلها. أوقف السيارة ونظر للخارج منتظرا نزولها. ولكن ظلت كما هي فقط تبكي على ماوصلا إليه
ارتعشت شفتيها وتحدثت.

- أوس ممكن تسمعني، ظل صامتا وجسده متصلب جامدا. كأنه لم يستمع إليها. أعادت ندائه مرة آخرى ولكنه ترجل من السيارة مستديرا اتجاهها ثم قام بفتح الباب
- إنزلي لو سمحتي عندي مشوار وهتأخر.
رفعت تنظر اليه علها تجد في نظرته رصاصة رحمة بقلبها الضعيف. ولكن اتجه بنظره بعيدا عن مرمى عيناه
رفعت يديها وأمسكت كفيه الذي يستند بهما على باب السيارة برفق قائلة بخفوت
- أنا آسفة.

ابتسم بحزن ينظر إليها ويمسح دموعها العالقة بين أهدابها الكثيفة
- أنا اللي آسف ياياسمين. آسف إني وجعتك بكلامي وتعبتك معايا، آسف اني شغلت تفكيرك وممكن يكون شغلت قلبك شوية
ترجلت من السيارة تنظر إليه بحزن وامسكت كفيه
- أيه اللي بتقوله دا ياأوس. إنت بتتأسف على حبك ليا.
سحب كفيه بهدوء. راجعا بخطواته للخلف
- اتمنى لك السعادة من كل قلبي. قالها متحركا سريعا لسيارته.

- أوس كررتها عدة مرات ولكنه قد غادر بسيارته بسرعة فائقة، أدت إلى أنهيارها بالكامل
خرجت من شرودها عندما وصل ريان وضمها لأحضانه يقبل رأسها
- حبيبة بابي عاملة إيه النهارده
رسمت إبتسامة على وجهها واردفت
- كويسة حبيبي، محستش بيكوا وصلتوا إمتى
جذبها واطلق ضحكة ينظر لنغم
- دا الحب عامل عمايله ومخلي امورتي متحسش ببابها، وضعت رأسها على كتفه علها تستمد منه راحة قلبها
رفع ذقنها ينظر لعيناها.

- مالك حبيبة بابي ليه الحزن اللي في عيون أميرتي دا
نهضت نغم تمسك بكفي إبنتها تنظر لزوجها
- سيب بنتي أشبع منها ياريان. دايما تخطفها مني، قالتها عندما جذبتها واتجهت للاعلى حيث غرفة نغم
مسح ريان وجهه بغضب عندما وجد حالة ابنته وعلم أن اوس سبب حزنها، امسك هاتفه عله يخرج غضبه عليه.

- إنت عملت إيه ياغبي تخلي بنتي منهارة كدا، قدامك عشر دقايق والاقيك قدامي. اصل قسما عظما ياأوس هجيلك واكسر دماغك، انت. قاطع حديثه عندما استمع صياح ياسين
- جاسر ازاي انضرب بالنار يااوس اخوك عامل إيه. وبابا فين
وقف ريان مذهولا وصاعقة ضربت جسده مما إستمع إليه وتحدث
- أوس جاسر مضروب بالنار، انتوا فين
تنهد بألما ثم تحدث بصوت مختنق
- إحنا في المستشفى ياعمو وجاسر في العمليات ومحدش طمنا.

دلف جواد لغرفته ساحبا زوجته ثم جلس يتنهد بوجع، اتجهت غزل لتقوم بصلاة الضحى بينما جواد ارجع بجسده على الفراش يتذكر ليلته المأسوية
قبل عدة ساعات
كان يجلس أمام غرفة العمليات يضع راسه بين راحتيه عندما شعر بضربات عنيفة بصدره، جلس يدعو ربه بقلبه قبل لسانه، ربت باسم على ساقيه.

- جواد ان شاء الله هيقوم بالسلامة. خلي عندك يقين بالله. بينما حازم وجواد وحازم وصهيب الذين يقفون أمام غرفة العمليات ينتظرون خروج أحدا من الداخل لتطمئن قلوبهم
اتجه حازم بنظره لجواد، أغمض عيناه حزنا وألما على ماأصابه. دعى في سره
اللهم اجرنا في مصيبتنا تحرك متجها إليه، جثى على ركبتيه أمام جواد وتحدث.

- جواد جاسر هيقوم بالسلامة، إنت واجهت مصاعب أكتر من كدا وعديتها، وإن شاءلله دي هتكون مجرد ذكرى وهنعدي كلنا منها
بقلب مفطور نظر لحازم وعيناه مغروقتين بالدموع
- تفتكر ياحازم جاسر هيقوم منها ولا هيكون مصيره زي خاله، هز حازم رأسه برفض ضامما جسده وانسدلت دموعه على ذكرى ذاك الشاب الذي اخُتطف غدرا
كأن التاريخ يعاد اليوم ولكن بأبشع لقلبه لما لا وهو قرة العين
رفع وجهه ينظر اليه مردفا بقوة.

- إيه الضعف اللي وصلتله دا، فين ايمانك ياجواد، ياله قوم استنى ابنك هو هيخرج دلوقتي
قاطعهم خروج الطبيب
نهض متخبطا ينظر للطبيب عندما فقد الحركة، سانده عز الذي كان بحواره وقف ينتظر حديث الطبيب ويكاد قلبه يتوقف من الخوف، وقف صهيب أمامه
- طمنا يادكتور إيه أخبار جاسر؟
رفع الطبيب الماسك من على وجهه ثم تحدث.

- إحنا خرجنا الرصاصة وسيطرنا على النزيف الحمد لله لكن دا مايمنعش ان لسة فيه خطر على حياة المرض، وممكن يدخل في غيبوبة
هوى جواد بجسده على المقعد عندما فقد السيطرة على الحركة أو الكلام
وصل ريان في تلك الأثناء
- ايه ياجواد اللي سمعته دا. جاسر انضرب بالنار. طيب حالته ايه؟

لم يقو على الحديث، نظر إليه بتيه كأنه مشتت لا يشعر بما يحدث حوله، كان تفكيره منصبا على تلك المسكينة التي لم تعلم إلى آلان، كيف سيخبرها. كيف سيكون الخبر على قلبها النازف من الأوجاع
وصل جواد وجلس بجوار عمه، بينما سحب صهيب ريان من أمام جواد التائه الغائب الحاضر
مسد عز على كتف عمه وتحدث بحزن
- عمو جواد رُبى بتتصلي بيا بقالها كتير وأنا مش عارف أقولها ايه
هنا أفاق جواد ينظر إليه كالغريق وتحدث بتقطع.

- بلاش تقولها حاجة يابني دلوقتي، غزل ممكن تروح فيها. اذا كان أنا مش متحمل الوجع دا. هي هتتحمله إزاي كفاية عليها غنى
قطب عز مابين حاجبيه متسائلا
- قصدك إيه ياعمو، هنفضل مخبين. ودي حاجة تتخبى
وصل ريان وجلس بمقابلة جواد
- هيكون كويس إن شاءلله خلي عندك ثقة بربنا
أومأ برأسه ورجع يستند برأسه للخلف مغمضا عيناه. جلس الجميع منتظرين إفاقة جاسر، مرت عدة ساعات بين التأهب لخبرا ما، قاطعهم رنين هاتف جواد.

- حبيبي اتأخرت كدا ليه أنا نمت وشبعت نوم وإنت لسة برة إيه هتبات عند باسم ولا إيه. وبعدين أوس خرج وجاسر مرجعش ومعرفش ياجواد حاسة بإنقباض بقلبي، ارجع بقى عشان أنام في حضنك وارتاح من الوجع دا
كأن كلاماتها بنزينا اشعلت جسده نيران وانزلقت دموعه المحبوسة بين جفنيه، حاول الحديث ولكن كأن لسانه انعقد تمام، شعر به صهيب فأخذ هاتفه وحاول التخفيف بمزحه المعتاد.

- زوزو أنا مش جواد، جواد راح يصطاد مع باسم وشكلنا هنسهر كلنا الليلة هنا، آسفين يازوزو. بس رجالة العيلة كلها هنا حتى ريان، هيكون مش حلو لو جواد سابنا ومشي، يرضيكي جوزك يبقى شكله وحش قدامنا كدا. يازوزو
ضحكت بنعومة رغم حزنها الداخلي وأردفت قائلة
- ماشي ياصهيب هصدقك. قوله يطمني لما يرجع. ثم صمتت للحظة وتسائلت.

- هو جاسر معاكم، اصله المفروض يرجع ومرجعش، هنا انسدلت دمعة من عين صهيب ازالها سريعا وضحك بخفة علها تصدقه
- بقولك رجالة العيلة كلها يازوزو، يعني جاسر واوس وعز وحتى جبنا ياسين، حفلة بقى وكمان حازم وجواد ابنه هنا متخفيش على جوزك وولادك مفيش حد متجوز وعنده ولاد غيرك
مسحت على صدرها بهدوء واردفت.

- تمام ياصهيب بس حاولوا متتأخروش. وخلي بالك من جواد بقاله يومين ضغطه بيعلى وكمان دقات قلبه مش منتظمة متخلهوش يجري بالحصان كتير
آهة خرجت بنيران كلماتها التي شقته لنصفين نظر لأخيه الذي كان يطالعه بنظره بصمت، ربما فهمه من نظراته، هز رأسه صهيب عله يطمئنه أنه سيطر على الوضع
رجع جواد مغمضا عينيه داعيا ربه
- ربي إني مغلوب فانتصر
اشرق الفجر بنور ربه داعيا حي على الصلاة حي على الفلاح.

الصلاة يامؤمنين، فأقرب مايكون العبد لربه وهو ساجدا، واياكم وترك الصلاة فهي الناجية المنجية من نيران جهنم. واياكم وترك صلاة الفجر فيها بركة ونور
وبها ركعتين خير من الدنيا ومافيها، تحرك الجميع لقضاء الصلاة داعين المولى بشفاء قرة اعينهم. سجد جواد باكيا يدعو ربه بقلبه ولسانه لشفاء قرة عيناه
يارب انك القائل ادعوني فاستجب لكم.

- اللهم إنّي أسألك أن تشفي ابني وأن تُبعد عنه كلّ مرضٍ ووجع. · اللهم اشفِ ابني شفاءً عاجلًا وامنحه الصحة والعافية. · اللهم إنّي أتوسّل إليك أن تكتب العافية والشفاء،
اللهم انه قطعه من قلبي فاحفظه بحفظك
اللهم لا تحرمنِ من قرة عيني
اللهم اني استودعك إياه
اللهمّ إني استودعتك أبني وأستودعك صحته فاحفظه يا مَن لا تضيع ودائعه
جلس كعادته بعد صلاته يذكر ربه بدعواته.

ثم نهض متجها للعناية يقف أمامه من خلال النافذة ينظر لجسده المسجى على الفراش لا حول له ولا قوة
اتجه حازم يقف بجواره يمسد على كتفه
- هيقوم بالسلامة إن شاء الله. اكيد ربنا رحيم بينا وبقلوبنا، نظر إلى حازم وتحدث بصوت الاب المكلوم
- أصعب إحساس ممكن تحسه لما تشوف ابنك وبنتك بيتألموا قدامك وإنت مش قادر تعملهم حاجة. عاجز بمعنى الكلمة ياحازم
اتجه بنظره لابنه وأكمل حديثه.

- تعرف الشعور المميت إيه لما تحس إنك ممكن تدفن حد من ولادك بدل ماهم يدفنوك
ضمه حازم وهو يبكي بشهقات
- لا ياجواد متقولش كدا ياحبيبي، إن شاءلله جاسر هيقوم بالسلامة وغنى هتعمل العملية وتقوم بالسلامة. ودا كله هيكون مجرد ذكريات مأسوية فقط
ربت جواد على كتفه ثم نظر إليه.

- لازم أرجع البيت ساعتين وراجع أطمن على غزل والبنات. ربى هتجنن مش مبطلة اتصلات على عز، هاخد عز معايا خلي بالك، صهيب نايم جوا مع جواد والولاد. وريان روح بيته مفيش غيرك صاحي شوية وراجع
خرج جواد متجها لمنزله مع عز الذي توجه مع عمه لمنزله حتى يطمئن على محبوبة القلب، ولكن توقف عندما استمع لصرخات غزل باسم بيجاد، هنا اسرع جواد لغرفة ابنته بينما توقف عز بالأسفل ينتظر مايحدث.

خرج جواد من شروده عندما وضعت غزل راسها على ساقيه
- جواد أنا قلبي واجعني أوي. خايفة على غنى، مسد على خصلاتها منتبها لساعته التي مر اكثر من ساعتين، أغمض عيناه المتألمة ثم سحب كم من الهواء يشحن رئتيه المتألمة ثم زفره بهدوء ونظر لزوجته متحدثا بهدوء رغم وجع قلبهالجزء الثاني من البارت 23
-
- زوزو قومي جهزي نفسك. فيه مشوار لازم نروحه
-
- اعتدلت تنظر اليه نظرات بإستفهام
- - مشوار ايه ياحبيبي في حالة غنى دي
-.

- ضم وجهها بين كفيه مقبلا جبينها ثم وضع جبينه فوق جبينها
- - انتِ عارفة انك أغلى عندي من الدنيا ومافيها صح. رفعت وجهها تنظر إليه
- - مالك ياجواد مخبي عليا إيه
- رفع كفيها مقبله يحاول السيطرة على نزيف قلبه وإخبارها ولكن كيف، لم يكن يعلم أن الأمر سيكون بهذه المشقة، من أين سيجد مفردات يصف بها التقليل من حدة الخبر على قلبها
-
- نهض متجها لغرفة الثياب.

- - تعالي غيري هدومك هنروح المستشفى، فيه حد عزيز عايز يشوفك هناك
-
- رجفة اصابت جسدها بالكامل، وانسدلت عبراتها على وجنتيها بغزارة، نعم شعورها المميت بوجع قلبها ليس من فراغ، نعم لقد أصيب أحدا من ابنائها بشيئا ما. خيل عقلها عدة أشياء مأسوية. جحظت عيناها تنظر بذهول لزوجها وتتحدث بشفتين مرتعشتين
- - مين من الولاد، ياسين ولا جاسر.
-.

- قالتها بقلب أم مفطور ودمعاتها كالشلال لم تنقطع ابدا، اتجه بنظره بعيدا عندما عجز عن الكلام، هوت بجسدها بالكامل تضع يديها على قلبها الذي ينبض بعنف مما أحست بتوقف نبضه
-
- زاغت أبصارها وارتعش جسدها وبدأت تتحدث بتقطع للكلمات
-
- - جاسر ولا ياسين ياجواد، قولي المرادي قلبي هيوجعني على مين.
-
- جلس أمامها ثم ضمها لصدره وهو يربط على ظهرها.

- - جاسر كويس هو اتصاب بالعملية اللي كان مكلف بيها والحمد الله الدكاترة خرجوا الرصاصة والوضع مستقر حبيبتي.
-
- هزت رأسها رافضة اي حديث مما تستمع إليه
- - وديني لابني، عايزة اشوف ابني
-
- ضم وجهها واردف
- - زوزو حبيبتي بلاش رُبى وغنى يعرفوا. حاولي تهدي والله الولد كويس، يعني لو مش كويس هسيبه واجيلك
-.

- نهضت بخطوات متعثرة متجهة لغرفتها تبحث عن ثيابها التي كانت أمامها ولكن كأنها غائبة بالكامل، اتجه يساعدها وجسدها يرتعش بين يديه
-
- ضمها من اكتافها متجها بها حيث جلوس عز وربى بالخارج
-
- وقفت ربى تنظر لوالدتها
- - مامي إنتِ خارجة. ثم رفعت نظرها لوالدها
- - رايحين فين بدري كدا
-
- قبض عز على مرفقيها وجذبها متجها لمنزلهما.

- - معلش ياعمو أنا هلكان من الصيد طول الليل فرُبى هتعملي فطار على السريع عندكوا عشان أنام، وانتوا طبعا خارجين تفطروا برة
-
- قطبت رُبى مابين حاجبيها وتسائلت
- - رايحين يفطروا برة وغنى تعبانة كدا
-
- همس عز لها
- - اسكتي مش شايفة حالة مامتك، باباكي عايز ياخدها يغير جو
-
- ابتسمت تنظر لوالدتها التي تنظر للسيارة وكأنها تتمنى أنها طائرة توصلها لولدها بأقصى سرعة
-.

- جذبها جواد وكأنه شعر بها عندما نظر لعز ليأخذ رُبى من أمامه
-
- وصل جواد وغزل التي تسير بساقين مرتعشتين لم تعد تتحملها. كانت تتخبط بسيرها. جذبها جواد من خصرها حتى لاتسقط ولا تتعثر بخطواتها، وصلت أخيرا خلال دقائق التي اعتبرتها دهرا كاملا، وجدت الجميع أمام غرفة العناية المركزة والوضع كما هو
-
- رآها حازم اتجه سريعا يضمها بين أحضانه عندما وجد حالتها.

- دفعته بقوة وهي تبكي بنشيج عندما تذكرت الماضي، فهل اليوم ستدفن قرة عيناها بجانب اخيها الحنون
-
- - محدش يقربلي. كنتوا مخبين عليا. اتجهت لصيب الذي يبعد بنظره عنها بجواره مليكة، لكمته بصدره وهي تصرخ
- - قولتلك حاسة بوجع قلبي ياصهيب. ابني هنا بيموت وانا نايمة في البيت
- انا مش مسامحة حد فيكم، ازالت دموعها بقوة ثم اتجهت تدفع باب العناية، حاولت الممرضة منعها ولكن توقفت عندما عرفت بهويتها
-.

- وصلت إلى فراشه وهي تضع يديها على فمها تمنع شهقاتها هزت رأسهارافض ماتراه
- كأنه جاسر آخيها تذكرت كل شيئا كأن اخيها لم يمت
-
- وصلت لجسده ومدت يديها المرتعشه على وجهه وشهقات مرتفعة. جثت على ركبتيها أمام جسده. ثم اردفت بصوتا باكي، صورة اخيها فقط تظهر أمامها
-.

- - جسور حبيبي اوعى تسبني هتسبني لمين ياحبيبي، هموت من الوجع معدش فيا حيل للوجع ياحبيبي، فوق ياجاسر عشان خاطر اختك فوق أنا محتاجك، صرخ جواد من قلبه الملتاع مما استمع من كلماتها التي اخترقت صدره وحولته لأشلاء متمزقة، اتجه سريعا يرفعها من جلوسها
- - غزل دا جاسر ابننا هو كويس حبيبتي هو بس متصاب إصابة خفيفة شوية وهيقوم
-
- وضعت رأسها بصدره وتحدثت بنحيب.

- - متخلهمش يغطوه ياجواد. ابني متخلهمش يغطوه زي خاله، خلوهم يغطوني مكانه، انا مش هقدر يا جواد والله كدا كتير عليا كأن الوجع مكتوبلي انا وبس.
-
- وضع وجهها بين راحتيه متحدثا بهدوء
- - غزل فوقي الولد كويس سمعتيني، فوقي أنا جبتك عشان لازم تكوني جنبه
- هوت بجسدها تصرخ
- - ليه انا بيحصل معايا دا كله. ولادي الاتنين، يااااارب الرحمة من عندك يارب
-.

- دلفت مليكة وحازم يجذبوها للخارج. صرخت بهما محدش هياخدني المرادي. رفعت سبابتها امامهم ونظرت لزوجها بغضب
- - وياترى ياحضرة الضابط جايبني اودعه. ولا جايبني ليه. ماهو بدل جبتني من جنب التانية اللي بتموت يبقى دا كمان بيموت
-
- جف حلقه وارتعدت مفاصله من حالتها هل حقا اصيبت زوجته بالجنون
-
- اقترب بهدوء ينظر لمقلتيها
- - شوفي دا جاسر ابننا. شوفي النبض والضغط تمام. الإصابة كويسة. هو انتِ مش دكتورة ولا إيه.
-.

- هزت رأسها
- صورة اخيها فقط أمامها. وضعت يديها على اذنيها وهي تتذكر حديثه، ضحكاته
-
- جذبها جواد لأحضانه
- - جاسر كويس والله كويس. شوفي حالته عشان تطمنيني ياغزل
-
- أشارت لحازم ومليكة بيديها ورفعت اصبعها الأثنين
- - الاتنين. الاتنين. دا كتير، والله كتير والله كتير. اتهز جسدها من بكائها
-
- فتح جاسر عيناه ورمش عدة مرات كأنه أراد ان يريح قلب والديه المكلوم عليه.

- ابتسمت تضع يديها على فمها عندما استمعت لهمساته
- - ماما. اسرعت إليه تقبل جبينه
- - حبيب ماما. إنت كويس حاسس بإيه ياحبيبي
-
- بينما جواد الذي خر ساجدا لله يحمده ويشكره على عودة ابنه
-
-
- عند غنى وبيجاد.

- ظل طيلة الليل يجلس بجوارها. وعقله يشتغل بكل الاتجاهات وحديث غزل لجواد يتردد بآذانه، حتى اصبح على مشارف الجنون، فتحت عيناها بعدما انتهت فترة مسكنها التي اعطتها والدتها إياه، وجدته جالسا بجوارها يضم كفيها بين راحتيه، نظرت إليه
- - بيجاد نظر إليها سريعا، رفع كفها يقبله بحب
- - روح بيجاد وحياته كلها
- برضو مُصر توجع قلبي يابيجاد، نزل بجبينه على جبينها.

- - سلامة قلبك من الوجع ياحبيبة بيجاد. متحاوليش ياغنى مصيرنا اتكتب علينا. وحياتي مع اللي اختارها قلبي. عايزة تبعدي عني
-
- رفعت يديها على وجنتيه وتحدثت
- - ملكش ذنب في دا كله. قبّل كفيها الموضوع على وجنته ونظر لعيناها الجميلة
- - وكان ذنبك ايه تبعدي عني دا كله. وكان ذنبك ايه تتحرمي من بابا وماما. وكان ذنبك ايه تعيشي حياة مش حياتك
-
- ابتسمت بحب وهمست له
- - تعرف أنا بقيت أعشقك أوي أوي ياحبيبي
-.

- ابتسم بحب ملتقطا ثغرها بقبلة يبث فيها عشقه بالكامل...
-
- بعد قليل نظر اليها بعدما اعتدلت تتناول طعامها بجاوره لأخذ علاجها، اعطها علاجها بالكامل ثم تحدث
- - الدوا هيفوقك بس إياكي تقوي على جوزك حبيبك. بقولك أهو
-
- ضحكت بخفوت تنظر إليه بعشق
- - طب استنى اشد حيلي وشوف هعمل إيه
-
- نهض متجها مستعدا للخروج.

- - غنى عندي مشوار مهم قدامي ساعة بالكتير. شوفي حاجة في التليفجن لحد ماارجع هبعتلك رُبى، قبّل رأسها أوعي تقومي من مكانك لحد ماأرجع، متفكريش انك كويسة دا بس عشان لسة مفعول العلاج حبيبتي. هرجعلك سريع وهنخرج
-
- بعد فترة انتبهت لرسالة إلى هاتفها
- فتحت الرسالة، ثم نهضت سريعا
- - لازملك وقفة ياست الصفرا
-
- وصلت لمنزل عمر المصري بالقاهرة ثم وقفت أمام ماسة التي تجلس بحديقتها تستمع لموسيقى غربية
-.

- دفعت المقعد بعدما اوصلتها العاملة حيث جلوسها
- رمقتها بنظرات نارية
- - ممكن أعرف هتبعدي عني وعن جوزي إمتى ياحضرة الصفرا المختلة عقليا
-
- رفعت نظراتها بإستخفاف وتحدثت بسخرية مقوسة فمها
- - اوه عروس آل المنشاوي عندنا يامرحبتين. وياترى جاية لضرتك تاخدي منها دروس إزاي تتعاملي مع جاد حبيبي
-
- ضحكت غنى ضحكة مستهزئة واجابتها بجمود
- - لا جاية اقولك ياريت يكون عندك كرامة وتبعدي عننا
-.

- نفخت ماسة بأظافرها التي تقوم بتنظيفها ثم رفعت نظرها إليها
- - هو أنا جيت جنبك، أنا بس بعرفك انك ضرتي ومش هرتاح غير لما تبعدي عننا
- بيجاد بتاعي أنا وبس. دا حبي وأنا لسة بيبي هسيبه شوية ياخد حلاوتك وبعد كدا هرجعه، ومتنسيش إني مراته قبلك، يعني أول فرحة لقلبه. ثم صمتت ونقلت أنظارها بإستخفاف لجسد غنى الذي تحول بسبب مرضها، واول فرحته في حاجة تانية
-
- شعرت غنى بنيران صدرها ورغم ذلك.

- استقامت بوقفتها تقول بإصرار وتحدي رافعة سبابتها أمامها
-
- - مسمحلكيش تتمادي في الكلام. عرفت أنه اتجوزك لفترة معينة، اقتربت حتى لم يفصل بينهما انش واحد وهمست وهي تمثل بإصطناع متخوفة من سماع أحدا
-
- - عارفة انه عمل كدا رجولة منه ياحلوة. اوعي لحد يكون سمعنا. اصلي عرفت من ضمن رجولة جوزي. إنه يلم قذارة قرايبه
-
- احتدت نظرات ماسة ورفعت يديها لتصفعها عندما تجاوزت حدها كما خيل لها عقلها
-.

- امسكت غنى كفها. واختفت ملامح السخرية لديها وتحولت ملامحها لقطة شرسة
-
- - شكلك اتجننتي ومتعرفيش مين اللي واقف قدامك، أنا غنى جواد الألفي. ولا بلاش دي ممكن عقلك الصغير مايفهمهاش
-
- رجعت خطوتين للخلف تشير لنفسها وتحدثت قائلة بقوة
-.

- - أنا غنى بيجاد المنشاوي. جوزي خط أحمر يامنحطة، تقربي منه هدفنك تحت رجلك. ثم دفعتها بقوة حتى هوت على المقعد خلفها وتحركت مغادرة، عندما شعرت بآلام تسرى بجسدها. توقفت عندما استمعت لقهقهات ماسة التي احتقن وجهها وأردفت بغل
- - وطبعا ابن خالي مفهمك مفيش حاجة بينا مش كدا ياغنى بيجاد المنشاوي
-
- قالتها متهكمة، ضيقت غنى عيناها تسألها بنظرات مهزوزة
-.

- سارت ماسة بخطوات متمهلة وهي تنظر إليها باستخفاف عندما وجدت تغير لونها
- امسكت خصلة من خصلاتها وتحدثت قائلة بتسلي
-
- - مش يمكن نكون غلطنا مع بعض وحب يصلح غلطته، اقتربت تنظر داخل مقلتيها بقوة
- - ماهو مش معقول فيه راجل هيقبل على نفسه إنه يتجوز واحدة غلطت مع غيره مش كدا ولا إيه يا. ااا. ايوة غنى بيجاد المنشاوي
-.

- حاولت غنى استجماع نفسها تخفي توترها من كلاماتها المسمومة فالتوت زاوية فمها بابتسامة واردفت
- - لو تعرفي الرجولة يعني إيه، مكنتيش سألتي السؤال دا. بس هقول إيه منحطة
-
- قهقهت بضحكات صاخبة تضرب كفا بالأخر وهي تتحدث
- - ابن خالي دا طول عمره هيرو بيعرف يسيطر وياخد اللي عايزه، ياحرام ثبتك بكلام أهبل.
-.

- تحولت نظرات ماسة الى الكره الواضح وأشعلت جمرتيها وغيرتها ناسية او متناسية آلالام تلك الواقفة أمامها تشعر بدوران يحطم جسدها. اقتربت تتلاعب بمشاعرها وبمرضها
-
- - ماهو لو كلامه حقيقي كان قالك من ساعتها، ليه راح اتجوزني وهو كاتب عليكي. وتعرفي إمتى بعد ماعرف بمرضك. مااستحملش حتى يومين وجه قالي هصلح غلطتي معاكي ماهو إنتِ بنت عمتي
-
- انفجرت ضاحكة وهي تردف بسخرية.

- -اصله جه يشكي احزانه في حضنه. كنتِ في المستشفى وهو هنا معايا في حضني. دنت وهمست بجوار اذنها
- في حضني وعلى سريري. راجل ومراته متخيلة هيعمل إيه
-
- هنا لم تشعر غِنى إلا عندما هوت بجسدها
- على الأرضية أمام أعين ماسة التي فزعت من تغير لون جسد غنى بالكامل
- صرخت ماسة حتى وصلت مرام وريان الذي دلف بسيارته إليها
- وصلت مرام تنظر لجسد غنى المسجي على الأرض، جثت بجوارها وهي تصرخ بفزع
-.

- - عملتي فيها يابنتي حرام عليكي. أهتز جسد ماسة وبكت والله ماعملت حاجة هي جت فضلت تشتم فيا وبعد كدا اغمى عليها
-
- وقف ريان اخيها بمقابلتها وتسائل
- - وهتشتمك ليه ياماسة، إيه اللي بينك وبينها. ليكون حاولتي تستفزيها ببيجاد
-
- صاحت مرام بهما. اتصل ببيجاد يابني بسرعة البنت شكلها هتموت وهنكون أحنا السبب
- هز رأسه بالموافقة وأمسك هاتفه وقام الإتصال ببيجاد
-
- عند بيجاد وصل لمكان منال وأشجان.

- نظر لمحسن المسؤل عن حمايتهم. أشار بيديه
- خرجلي أشجان ومنال وأحلام
- توقف محسن واردف به
- - جواد باشا هيزعل زي المرة اللي فاتت يااستاذ بيجاد بلاش تحطني في مواجهة معه لو سمحت
-
- دفع محسن عن طريقه ثم نظر لبعض الرجال الذين جلبهم معه
- - هاتوا التلاتة دول وزي ماهم كدا مربوطين
-.

- جذبهم الرجال. حاول محسن إيقافه ولكنه لم يستمع إليه. وصل بعدةفترة أمام حفرة كبيرة كقبر، نظر لرجاله وتنفس بهدوء كي لا يظهر مدى غضبه منهم ولا يقوم بقتبهما بسلاحه ويخلص منهم للأبد. ولكنه فكر بمعاقبتهم بأشد معاقبة
-
- - ارموهم في الحفرة دي وادفنوهم وهما كدا
- هزت أشجان رأسها بإستياء تصرخ
- - لا يابني لو سمحت ابوس على رجلك يابني، اتجه ببصره اليهم. مما دفعوهم بتلك الحفرة وهو يصرخون بأعلى اصواتهم
-.

- ارتدى نظارته وهو يضع يديه بجيب بنطاله
- ونظارته القاتمة وهو يرى التراب يغطيهم في هلع منهم، قاطعه رنين هاتفه. استغرب بإتصال ريان له في ذاك الوقت.
- تجاهل الهاتف الذي قام بالرنين أكثر من مرة. وفي الوقت قامت والدته الإتصال به
-
- رفع هاتفه على أذنيه يستمع لحديث والدته الذي جعل قلبه يهوى بين ساقيه
- اتجه سريعا لسيارته وهو يتحدث
- - خلصوا شغلكم واياكم غلطة واحدة
-.

- وصل خلال دقائق معدودة بسبب سرعته الفائقة وصل لفيلا عمته وجد والدته والطبيب الذي خرج للتو
-
- احتدت نظراته المستفهمة عن ماحدث.
- توقفت والدته أمامه وتحدثت قائلة: -
- - هي جت معرفش جت ليه واتكلمت شوية مع ماسة وبعد كدا اغمى عليها. اتصلوا بيا جبتلها الدكتور بعد ماعرفت ان غزل عند ابنها في المستشفى
-.

- هرول إلى زوجته التي تغفو على الفراش بغرفة سيلا. دنى منها ومسح على وجهها بهدوء وانحنى يطبع قبلة مطولة على جبينها. نظر لهاتفها الموضوع بجانبها الذي لم ينفصل رنينه، رفعه وأقام بالأيجاب
-
- - غنى إنتِ فين. كدا تقلقيني عليكي
- اسبل جفنيه يحاول الثبات أمام ربى قائلا
- - ربى إحنا شوية ورجعينا هي معايا متخافيش
-.

- بعد انتهاء اتصال ربى اتجه بنظره لهاتفها التي توضع صورتهما عليها ابتسم بحب ولكنه توقف عندما تسائل
- - لماذا اتت لهنا؟ هل ماسة لديها يد. بحث بهاتفها عله يجد اتصال بينهما. ثم دخل على الرسائل جحظت عيناه مما راى في تلك الرسالة
-.

- - غنى ضرتي عاملة إيه أتمنى تكوني سعيدة بليلة دخلتك عارفة إن بيجاد شقي أوي معلش استحملي شوية اليومين دول لحد مايشبع منك، كلها كام يوم ويرجعلي تاني اصله اكيد مش هيرتاح غيري عارفة ليه لأني اول سعادته
-
- بحث في رسائل اخرى ووجد ماصدمه
- نهض سريعا متجها للأسفل. رأته ماسة ارتبكت بوقفتها وانكمش جسدها وبكت بتصنع
- - والله كذابة ياجاد هي اللي جت تعاندني عشان سبتني ورحت اتجوزتها
-.

- احتدت نظراته الذي تحولت لنيران ولم يشعر بذراعه الذي رفع على اشده هاويا على وجههل بصفعة قوية جعلتها ترتد خلفا وتنزف شفتيها
-
- ذهل الموجودين. فزع ريان اخيها واتجه اليه يدفعه بعيدا عن اخته عندما جذبها من خصلاتها. صرخت به نغم
- - سيب البت يابيجاد هي ملهاش ذنب يابني
-
- دفعها بقوة حتى سقطت على الأرضية تصرخ من الألم. نيران تحرقه بالكامل اتجه بنظره لعمته واردف بصياح.

- - قولتلك زمان لازم تعالجيها، شوفيها دلوقتي وصلت لأيه، كفاية حاولت ألم قرفها وحقارتها.
-
- توقف عن الكلام عندما صاح ريان أخيها بوجهه
- - ماقولنا هي مالهاش ذنب يابيجاد، كلنا عارفين مراتك مريضة ليه بتحمل اختي تعبها
-
- امسكه من كتفه يهزه بعنف
- - روح نضف اختك وبعدين تعالى حاسبني. رفع نظره لعمته التي تبكي بصمت ونظرات نغم المستفهمة عن مايحدث. هي تعلم عصبية ولدها ولكن في الحق.

- - ايه اللي حصل يابيجاد لدا كله ياحبيبي
-
- صعد بيجاد لزوجته وهو يتحدث
- - خلي عمتي تحكيلك ياماما. توقف بمنتصف الدرج ونظر لعمته
- - آسف ياعمتو بس مراتي فوق الكل. حتى لو حكمت اني اقول كل حاجة فيه انا ومراتي فوق حتى بنتك نفسها
-
- عند فيروز
-
- جذبها ابن عمها ودفعها بالسيارة بقوة واردف غاضبا كلما تذكر وجودها مع ذاك الضابط
- - رايحة تتحامي في عدونا يامنحطة دا هوريكي النجوم في عز الضهر.

- ثم أكمل حديثه بفحيح اعمى
-
- - واستني عليا يافيروز الكلب، جذب خصلاتها بقوة يدفعها بباب السيارة
- - عاملة شريفة عليا يابت وانتِ مقضايها مع الضابط اللي مايسويش تعريفة، ورب العزة لأموته وأشرب من دمك
-
- بكت بصياح ثم دفعته بصراخ حتى يستمع لصراخها أحد
- - اكتر واحد بقرف منه. واحد حقير مفكر نفسه راجل. انت حتى مش محصل نص راجل
- جحظت عيناه بقوة من حديثها وصاح بغضب.

- - طيب إيه رأيك هعرفك دلوقتي أني راجل ولا لا. ومش بس كدا، مش هستنى نوصل البيت هعرفك هنا في العربية
-
- انزل ياحمار منك له، قالها لأمنه
- نظرت إليه بذهول وهو يقوم بخلع ملابسه أمام عيناه، حاولت فتح باب السيارة ولكنه قبض على خصلاتها بقوة. مصطدما بها عدة مرات بباب السيارة. ثم اقترب يهمس بأنفاسه البزيئة وهو يلعق بلسانه على بشرتها.

- - رايحة فين ياحلوة. دا هوريكي ليلة من أجمل الليالي هعرفك خطيبك راجل ولا لا. ومتخافيش هخليك تطلبي مني كمان
-
- بصقت بوجهه ودفعته بساقيها ثم فتحت الباب ولكن جذبها بقوة من أقدامها ونظر الى رجاله، امشوا انتوا في العربية التانية وأنا وراكوا
- تحدث احدهما
- - هنسيبك هنا إزاي ياباشا. ممكن الضابط دا يجي ولا حد
- ضحك بخبث وهو يملس على وجه فيروز المنكمشة
- - ياريته يجي ويشوف الجمال دا وأنا بفترسه.

- نظر اليهم نظرات مرعبة حتى تحركوا. وقام بإغلاق السيارة الكترونيا
-
- واقترب منها يحاول تقبيلها. وهي تحاول منعه بكل شراسة. حتى مزقت وجهه بأظافرها. صرخت وصرخت علها تجد أحد ينقذها من ذاك المفترس المتوحش الذي يعتبر من بني الأنسان وهو لم يصفه سوى الحيوان
- اخرج كيسا ابيض يستنشقه بإستمتاع وهو يتراقص بحاجبيه
- -الليلة هتكون فل الفل يافيروزتي.

- جذبها بقوة يمزق ثيابها بشراسة، بكت وصرخت تدفعه بكامل قوتها. رجع للخلف يستمتع بالخوف بعيناها
-
- ارتجف جسدها بالكامل وهي تتمتم بشفتين مرتعشتين
- - انت فين ياجاسر؟
-
- كأن الله استجاب اليها وصل الرجال الذين عينوا لحمايتها. رأتهم ولكن لم يروها
-.

- استغلت حالة ذاك القذر وهو يستنشق سمه وضغطت على منبه السيارة حتى انتبهوا إليها. تحركوا اتجاهها سريعا عندما اشارت بيديها علهم ينقذوها، نظر إليها ذاك المعتوه ينظر بسخرية إليها متحدثا
- - مفكرة حد هيعبرك وريني كدا، لم يكمل حديثه عندما إستمع لتناثر زجاج السيارة وجذبه بقوة من السيارة يربحونه ضربا
-
- خرجت من السيارة سريعا متجه لسيارتهما تقودها بسرعة متجهة إلى مزرعة باسم بعدما نظر إليها الرجل.

- - روحي عند باسم بسرعة قبل كلابه ماياخدوا بالهم
-
- أومأت برأسها ثم اتجهت سريعا للسيارة منطلقة بسرعة فائقة، وصلت خلال فترة ليست بقليلة بسبب بُعد المزرعة عن مكانها، وصلت سريعا ثم ترجلت من السيارة تلتفت حولها
-
- كانت حياة تنتظر باسم كي تطمئن على جواد وجاسر، وجدت تلك المنهارة وملابسها الممزقة وحالتها المتدهورة
- ضمتها حياة متسائلة
- - فيروز مالك؟
- نظرات تائهة وجسد مرتعش ثم أردفت بتقطع.

- - إلحقيني عايز يغتصبني ثم سقطت بين ذراعيها فاقدة الوعي، صاحت بها
-
- وصل أحد الأشخاص الذين يقومون بحماية حياة ثم تحدثت له
- - شلها دخلها جوا بسرعة لما اتصل بباسم
-
- كان باسم جالسا مغمض العينين بجوار صهيب. استيقظ على رنين هاتفه. مسح وجهه ونهض بعيدا عندما وجد المتصل حياة
- - حياة فيه حاجة؟
- حاولت أن تسحب كم من الهواء عندما شعرت بغصة بحلقها من صوته الهامس الحزين ثم تحدثت بهدوء
- - جاسر عامل إيه؟

- أومأ برأسه واجابها بهدوء
- - كويس لسة مستنين يفوق، إنتِ عاملة إيه. تنهد بوجع وأردف بصوتا متهدج من المشاعر
- - حياة لو سمحتي بلاش تهربي تاني. هطمن على جاسر وأجي نقعد مع بعض لازم نتكلم، قالها عندما شعر بعشقه الجارف لها. ونيرانه المتيمة بحبها
-
- شهت بصوت مكتوم تضع يديها على فمها حتى لا يستمع لبكائها، صمتت للحظات تحاول السيطرة على نفسها. ثم زفرت بهدوء وتحدثت.

- -فيروز جاية منهارة وأغمى عليها. ابعتلنا دكتور. قالتها ثم أغلقت الهاتف سريعا
-
- انتفض قلبه من مكانه وباتت دقاته بالتفاني من همسها الهادي، نظر للبعيد ثم رفع هاتفه وقام الأتصال بأحدا ما
-
- بفيلا صهيب.

- كانت تجلس بحديقة المنزل وتضع أقلام الرسم تجمع بها خصلاتها. ولم تنتبه لذاك الذي يقف خلفها ينظر إليها نظرات إشتياق. فأصبح كالمجنون بعدما علم بخطبتها من أحد أبناء رجال الأعمال، وينتظرون بعد إجراء عملية غنى وسيتم كل شيئا رسمي
-
- شعرت بأحد خلفها، ظنت أنه فارس الذي وصل منذ زفاف بيجاد وغنى الى القاهرة لقضاء اجازة العام الدراسي، تحدثت ظنا إنه هو.

- - تعالى شوف ياحبيبي برسم إيه عجبني منظر لجزيرة حلو. قولت أرسمه عشان اخلي عز وربى يقضوا شهر العسل في الجزيرة دي
-
- كأن كلمة حبيبي تخصه وحده، اتجه بخطوات بطيئة وقف خلفها مباشرة يغمض عيناه مستمتعا برائحتها التي افتقدها كثيرا
- التفت للتحدث معه ظنا إنه آخيها، ولكن تجمد جسدها عندما وجدته بهذه الهيئة. مغمض العينين وقريبا منها للحد الغير مسموح، جذبت حجابها سريعا ووضعته فوق خصلاتها ثم صرخت به.

- - إزاي تسمح لنفسك تدخل مكاني الخاص دون إذني لا وكمان واقف تبصلي كدا. يعني لااحترام ولا أخلاق
-
- كأن كلماتها اشعلت جسده بألما، وأحرقت قلبه حتى جعلته ينزف، ورغم ما شعر به إلا انه حاول السيطرة على نفسه متحدثا بهدوء
- - لازم نتكلم، إنتِ حكمتي وخلاص حتى من غير ماتسمعيني
-
- دفعته بقوة ورمقته بنظرات تحقيريه
- - وأنا مايشرفنيش إني اتكلم معاك
-
- ثم تحركت من امامه. حاول توقفها ولكن توقفت تحذره.

- - اياك تلمسني تاني. قالتها وتحركت باكية علها تنزعه من قلبها الذي سيطر عليها ظنا إنه يحبها وهو الذي كان يستغلها أسوء إستغلال
-
- بعد شهر يوم العملية التي ستخضع لها غنى
-
- بغرفتها بالمشفى. قبل هبوطها لغرفة العزل لتجهيزها للعملية التي ستقام بعد ثمانية وأربعون ساعة
-
- أختبأت أكثر بأحضانه وكأنه سيكون آخر أحضانه، احضنها باكيا كأنه لم يبكِ قبل ذلك
-
- همست له عندما أحست ببكائه.

- - بيجاد خرجت من أحضانه. تنظر لعيناه الباكية، قامت بإزالتها بأناملها ثم أردفت بإبتسامة بسيطة
-
- - وبعدين من إمتى إنت ضعيف وأهبل وبتعيط كدا.
- احضتن وجهها بين راحتيه. ناظرا لمقلتيها
- - أول مرة اتحط في أختبار صعب أوي كدا
- غنى أنا هستناكي، اوعي ماترجعليش هموت، اقتربت تقبله بلهفة مردفة
-
- - هرجعلك حبيبي وعد هرجعلك. ادعيلي ياجاد. وضعت رأسها فوق ضربات قلبه التي كانت صاخبة، وتشابكت اليدين مع ضربات القلوب
-.

- حاوطها بذرعيه كأنه يخفيها بحضنه عن الجميع. ضمته بحب ورفعت وجهها تقبله
- قبلها بكل شوق ولهفة. ثم وضع جبينه على جبينها
- - بحبك وبموت فيكي ياغنايا عايزك ترحعي المجنون اللي اول مرة قابلتها وشتمتني وضربتني
-
- قبلت خديه مبتسمة
- - ان شاء الله ياحبيبي هرجعلك بس أستحمل تمام. وإن شاءلله هجننك انا وولادنا
- اعتدلت تمسك كفيه عندما رات دموعه تزداد بقوة. رفعت كفيه تقبله مغمضة عيناها حتى تحبس دموعها.

- - هجيب ولدين وبنتين. واياك تعترض
- هسمي سفيان وزين وكمان سيليا وايلين
-
- اطبق على جفنيه وتساقطت دموعه بغزارة
- ضمها بقوة لأحضانه
- - ان شاء الله حبيبتي. هنجيب ولاد كتيرة
- -بيجاد ممكن تاخدني في حضنك وتضمني جامد مش عايزة حد ياخدني من حضنك. خايفة اوي لو خرجت ماارجعش
-
- دلفت غزل بعد فترة
- - ياله ياقلبي. خلاص قدامنا دقايق. ياله عشان تجهزي
- حاولت الخروج من حضنه. ولكنها لم تقو بسبب تشبسه بها بقوة
-.

- مسدت غزل على خصلاته
- - جاد حبيبي سبها عشان منتأخرش. إنت مش عايزها تخف ولا إيه
-
- انسدلت دموعه بغزارة كشلال دون توقف. وشعر بأنسحاب أنفاسه عندما فكت ذراعيه عنها
- - كلها كام ساعة وهتلاقيها قدامك، قالتها بيقين قلب مؤمن
-
- ابتعد عنها يمسح دموعه براحتيه محاولا تهدئة نبضات قلبه التي تدق في صدره بعنف. ثم قبّل كفيها
- غنى زي ماوعدتيني
-.

- أومأت برأسها وخرجت تحاوطها والدتها التي أغروقت عيناها بالدموع عندما شعرت بنيران صدرها كأنها ستذهب بها إلى الجحيم
-
- خرجت من باب الغرفة كان الجميع ينتظر بالخارج. رفعت بصرها أولا لنصفها الآخر عندما أقترب منها يضمها بكل قوته
- - غنى هتخفي وترجعي بشقاوتك تاني. وهضربك تاني. قبّل خديها عندما تذكر صفعته لها، ثم تحدث بقهر
- - وجعتك ياقلبي صح. ياريتها اتقطعت قبل ماتتمد عليكي، وضعت كفها على شفتيه.

- - بعد الشر عليك ياحبيبي. ربنا يخليكي لينا ومحرمنيش منك يأاغلى أخ في الدنيا. تعرف من أول يوم قابلتك فيه. وكان نفسي أحضنك أوي. ممكن تضمني أوي محتاجة أحس بأمان ياجاسر
-
- ضمها بكل مالديه من قوة حتى كاد أن يحطم عظامها
-
- خرجت من أحضانه تنظر لأوس الذي تورمت عيناه من البكاء
- - ايه دا بقى. مش حرام العيون الحلوة دي تبقى كدا. وبعدين هو انا مُت ولا إيه
- جذبها لأحضانه وهو يصيح.

- - بعد الشر عليكي ياحبيبة قلبي. يارتني أنا
-
- هزت رأسها برفض ورفعت كفيها تمسح دموعها
- - بعد الشر عليك من أي وجع ياحبيب أختك. عايزة اشوفك دايما قوي. اقتربت وهمست له
- - والله المفروض الدموع دي تبقى على البنت المسكينة اللي هتموت من بعدك. عيش الحب ياحبيبي. العمر لحظة ياأوس بيجري بسرعة
-
- خرجت تنظر للتي تجلس تبكي بصمت ويضمها عز لأحضانه. خطت إلى أن وصلت إليها.

- - تعرفي لو كنت معاكي من الأول كنت هسميكي بنتي الحلوة. لأني بعتبرك زي بنتي من كتر حبي فيكي
- شهقت رُبى بشهقات مرتفعة وهي تلقي نفسها بأحضانها
- إنت مش كبيرة لكدا ياحبيبتي
- ملست غنى على خديها وأردفت
- - مش قصدي الكبر ولا الصغر. قصدي كم الحب اللي في قلبي ليكي أد حب الأم لبنتها
-
- آآه حارقة خرجت من جوف رُبى وشهقات مرتفعة مماجعلت جميع من يقف يبكون عليهما. قبلتها غنى على جبينها.

- - إيه يابت شغل ليلى علوي في التوأم
-
- لكمتها بخفة
- - عايزاني أموت بتعيطي مقدما. الله يخرب عقلك. ابتسمت رُبى وقامت بتقبيلها على خديها ثم أردفت بعدما وضعت وجهها بين راحتيها
- بعد الشر عليكي ياروح اختك من كل ألم وكل وجع وكل مرض
-
- ضمتها بحب مربتة على ظهرها
-
- اتجه عز وفارس إليها. تحدث فارس اولا.

- - أنا ملحقتش أقعد معاكي وأعرفك بس أكيد إنتِ جميلة أوي من جوا زي برة. لانك قبل ماتكوني بنت عمي. بنت أجمل راجل وأحن ست
-
- أومأت برأسها مبتسمة له
- - لسة هنقعد كتير مع بعض يااستاذ فارس. رفعت بصرها لعز الذي ينظر إليها بصمت، أقتربت منه ثم رفعت كفيه تضعها بين راحتيها
- - زيزو تعرف أنا بحبك أوي، يمكن بحبك أكثر من حب البت رُبى دي. نظرت لرُبى وابتسمت من بين دموعها.

- شوف عايزة تموتني إزاي. قولها إنها أغلى من روحك علشان ماتموتنيش بنظراتها دي
-
- جذبها عز فجأة يضمها لأحضانه مقبلا جبينها
- - وتعرفي أنا بحبك أد الدنيا دي كلها. وبقولك هتخرجي من العملية دي أحسن من الأول بكتير وهنتسابق أنا وإنتِ في الباسكت. وهضرب بيجاد كمان لو فكر يزعلك...
-
- ذهبت بنظرها لبيجاد الذي نظر للبعيد يهرب من نظراتها. أومأت برأسها
- - إن شاءلله يازيزو. دنت منه واردفت.

- - بس جاد محدش يقدر يقربله ماشي، قالتها وهي تلكمه بخفة
-
- وصلت جنى إليها
- - غنى هنستناكي خلي عندك إيمان بربنا كبير إنك هترجعي أحسن من الأول
- ضمتها بحب أخوي
- - انتِ جميلة أوي ياجنى ربنا يسعدك زي مابتحاولي تسعدي كل اللي حوالكي.
- همست بجوار اذنها
- - سامحي جواد هو بيحبك بس فهم غلط. هو حكالي كل حاجة
-.

- ظلت تبحث بعيناها عنه. كان يجلس بركنا بعيدا عن الجميع، يستند على الجدار مغمض العينين يبكي بصمت. خطت إلى أن وصلت إليه
-
- - مش عايز تودعني ياياسين...
- نهض يهز رأسه بعنف ودموعه تغرق وجهه. جذبها لأحضانه بقوة ويصيح من بين بكائه.

- - بلاش كلمة وداع دي ياغنى. لا بلاش، انت هتقومي بالسلامة. لأني ملحقتش اشبع منك. دا ظلم ليا على فكرة، بحث عن والده ولكنه لم يجدهما، سحبها من كفيها واتجه لوالدته وبيجاد وصاح بصوتا باكي
- - قولوا مش كدا ظلم، يعني يوم ماترجع تكون مريضة. ولا مش أي مرض. هز رأسه بهستريا وهو يبكي
- لا مستحيل أنا مش هسيبها تدخل العملية. افرض يعني، هنا صرخت غزل.

- - ياسين اتجننت من امتى الضعف دا. فين ايمانا بربنا. وضعت رأسها بين يديها ونظرت لمقلتيها وتحدثت
- - أنا متأكدة إنك هتخفي حبيبتي وترجعينا بالسلامة خلي ثقتك بربنا قوية اوعي ايمانك يضعف ياغنى
-
- امسكت نغم بيديها متجه بها لمكانها المخصص لتجهزيها
- - خلاص كفايه تعب عليها، لازم ترتاح شوية قبل مايجهزوها للعملية
-
- تحركت بعض الخطوات صاح بيجاد
- - ماما استني لو سمحتي
- توقفت نغم تنظر إلى إبنها نظرات استفهامية.

- - فيه حاجه ياحبيبي؟
- أسرع يقف أمامهما ثم قام
- بجذب غنى من والدته يضمها لصدره هاتفا بصوتا مرتجف
- - غنايا محدش هيوصلها غيري أنا أحق واحد بيها قالها وهو يضم بقوة
-
- ارتجف قلبها لدى سماعها كلامته التي جعلته يدق بصخب. رفعت بصرها إليه وتقابلت النظرات بينهما بحديث صامت
- جعله يلتقط شفتيها أمام الجميع بدموع عيناه الذي لم تنقطع
- وضع جبينه فوق جبينها وهمس.

- - كنت مفكر نفسي قوي. رفع يديه على وجنتيه ونظر لعيناها
- غنى أنا ضعيف أوي، حبيبك ضعيف ومستنيكي تقويه أحترق جدران قلبه من نظراتها الحزينة إليه، كانت تنظر إليه بأعين تغشاها الدموع، لقد نفذت طاقتها بالكامل، تراجع للخلف ينظر إليها ثم جذبها مرة أخرى ثم تحدث بهدوء رغم آلامها
-
- - حبيبي هيرجعلي بالسلامة وهنسافر شهر عسلنا بعيد محدش غيرنا وبس. حاول التخفيف بمرحه المعتاد ولكن لم يقو على ذلك
-.

- وضعت رأسها فوق صدره وتحدثت بصوتا باكي
- - بيجاد أنا مش عايزة أعمل العملية. خدني وتعالى نمشي من هنا ولو ليا نصيب أعيش هعيش
- دموعها نزلت فوق صدره كنيران ملتهبة تحرقه بالداخل. جثت بركبتها تبكي بشهقات
- - مش عايزة أتعب حد معايا، كلهم زعلانين، أنا عايزة اقعد واتبسط وسطيكم وبس. خدني يابيجاد لو بتحبني صحيح
-.

- جثى أمامها على ركبتيه يضمها بقوة وكأنها ستتركه للأبد. دموع فقط تتساقط من الجميع على حالتها، غزل التي إنهارت كليا وشعرت بإنسحاب روحها. جلست تبكي على حال إبنتها الشابة التي لم ترى من الدنيا سوى الوجع، تحرك جاسر حيث جلوسهما
- - غنون حبيبي. ماهو عشان نرجع نضحك وانتِ تكوني وسطينا لازم تعملي العملية حبيبتي. حاول جذبها من أحضان بيجاد إلى إنها تشبست به كطفلة تحتمي بوالدها ولم تتحدث سوى كلمتين.

- - مش عايزة العملية
- ضمها بيجاد بقوة مردفا
- محدش هياخدها مني. محدش هياخد مراتي مني
-
- ضم أوس والدته التي إنهارت كليا ولم تقو على الوقوف. اتجهت نهى ومليكة يحاولان إيقافها
- - غزل بنتك محتاجكي حبيبتي. مينفعش ضعفك دلوقتي، كفاية جواد. انتوا الأتنين هيكون كتير عليها وادي كمان بيجاد انهار بالكامل.
-
- تحرك أوس متجها لوالده الذي انفصل عنهم جميعا. ليتجه لربه يشكو بثه وحزنه كالعادة.

- وصل إليه وجد ريان وصهيب وحازم بجواره، توقف أمام والده
- - طول عمرك قوي وصبور وبتتحمل وعلمتنا لازم نصبر على إبتلاء ربنا. النهارده يابابا كلنا قدام أكبر إبتلاء محتاج منك أكبر صبر، كلنا بننهار ومحتاجين منك العزيمة لتقوينا. ماهو ياإم نقوى بيك ياأم نضعف ونموت من الحزن للأبد، من إمتى جواد الألفي ضعيف، بنتك بتموت في حضن جوزها يابابا. وحضرتك هنا ضعيف، لما إنت بالضعف دا مستني مننا ايه
-.

- نهض صهيب ووقف أمامه
- - امشي يااوس وأبوك جاي وراك. ربت على كتف جواد
- - جواد مش ضعيف لأنه لو ضعف كلنا هننهار، هو بس بيستعد للمواجهة.
-
- جذبه ريان بمساعدة حازم واتجهوا حيث وجود الجميع. كان يخطو وكأنه يخطو على سيف مدبب بنيران تحرق اقدامه حرقا عنيفا
-
- وصل تسّمر بمكانه عندما وجد ابنته تجثو بين أحضان زوجها وتبكي بشهقات مرتفعة.

- خطى كالطفل الذي يتعلم المشي. ورغم جمود عيناه من الدموع إلا أن نيرانه جسده تنتفض
-
- جلس أمام ابنته ومسد على رأسها التي لم يعد بها إلا القليل من خصلات شعرها
- - غنى الحب والحرب عن دنيا الوجع، النهارده غنايا هتكون شجاعة وتدخل مع باباها عشان ترجعله روحه مش كدا ياحبي
-
- انتبهت غزل لحديث زوجها، اتجهت سريعا اليه.

- - ايه اللي بتقوله دا. مستحيل، انت اللي هتعمل العملية مستحيل، العملية أوس اللي هيعملها دا آخر كلام ياجواد
-
- رفع نظره لزوجته واضعا اصبعه على شفتيه حتى تصمت
-
- ثم اتجه بنظره لأبنته التي بأحضان زوجها
- - هاتي ايدك لبابا ياحبيبتي. ياله متخافيش بابا معاكي ياغنى مستحيل يسيبك لوحدك
-
- رفعت نظرها لوالدها ثم اتجهت لبيجاد الذي هز رأسه برفض.

- - لا أنا هاخدها وأمشي، أنا كنت واخدها وماشي وأنت السبب. لو حصلها حاجة مش هسامحك ياحضرة اللوا
- قالها بيجاد بغضب، لم ينظر جواد إليه فالذي يشعر به كافي لاحتراق صدره
-
- رفع ابنته من أحضان زوجها الذي حاوطها بذراعيه. محدش هياخد روحي مني
- - العملية خطر ياحضرة اللوا، سمعتني يعمي ممكن يحصلها حاجة
-
- جذبها جواد بعنف من أحضانهة
- - بيجاد مفيش وقت لازم نتحرك دلوقتي
-
- هز رأسه رافضا حديثه.

- - مستحيل اسبها تروح للموت، صرخ بيه جواد: - -وكدا هي مش بتموت، نظر لعينان ابنته الذابلة وملس على خديها بحنان
- - غنى عارفة حكمة ربنا وعارفة إن بعد العسر يسر، وبعد الصبر جبر
-
- تحرك جواد خطوتين، جذبها بيجاد
- - محدش هياخد مني مراتي. دفعه ريان محاوطه بذراعيه ثم نظر لجواد
- - خد بنتك ياجواد وانزل. حاول بيجاد الخروج من حصار والده إلا أن ريان وجاسر تحكم به بالكامل
-
- توقفت غزل امامه تهز رأسها بعنف.

- - مستحيل. إنت كدا بتعرض حياتكوا انتوا الاتنين للخطر
- قبل رأسها واردف قائلا
- - لو مكتوبلنا حاجة هنشوفها حبيبتي حتى من غير عمليات. قالها متجها جاذبا ابنته
-
- صاحت غزل بصوتها
- - مستحيل. سمعتني مستحيل، انت ضغط بيعلى يعني ممكن، وضعت يديها على فمها وهي تهز رأسها
- - مستحيييييل، قالتها وهي تنظر لمقلتيها
- مستحيل اجازف بيك ياجواد، انت ممكن يحصلك حاجة وتعرف دا نتيجتو أيه.

- ظلت تهز رأسها برفض، رفع نظره لمليكة
- اتجهت مليكة وحازم يجذبونها من أمامه
- دفعتهم بقوة. ضمها أوس
- - ماما لو سمحتي متعمليش كدا، مستحيل بابا يجازف بحياة غنى
-
- - جوااااد صاحت بها غزل وهي تبسط بيديها أن يتمسك بها. ولكنه رمقها بنظرة سريعة وتحرك مغادرا سريعا
-
- نظر لغنى التي كانت تتحرك ببطئ وتنظر إلى بيجاد كنظرة وداع
- صرخ بيجاد بجواد قبل إغلاق المصعد بهما
-.

- - غنى لو حصلها حاجة مش هسامحك ياحضرة اللوا سمعتني، نظر الى نظراتها الموجهة إليه
- - غنى متروحيش معاه. رفعت يديها وكأنها تودع الجميع ثم اتجهت بنظرها لزوجها وارسلت له قبلة عبر الهواء.

- هنا فقد بيجاد عقله بالكامل، دفع والده مهرولا إليها ولكن اغلق المصعد وهبطت للأسفل، ضرب بقبضته على باب المصعد وهو يبكي هتموتي انا آسف مقدرتش أمنعهم. هتموتي حتى والدتك عارفة وسكتت. بكى وبكى إلى أن وصل ريان وعمر إخيه ورفعوا جسده حتى ينهض معهما. أردف بصياح عندما جذبه ريان بقوة مبتعدا عن المصعد. غنى. غنىىىىى
-
- صرخ بها بيجاد.
لو كان لي أن أكون شيئا لكِ
لكنتُ نبضا وعافية لا تفارق قلبك ابدا
وما احببتكِ إلا أن تكوني لي الحياة
فدمتي لي شيئا جميلا لا ينتهي
بيجاد ريان المنشاوي.

ظل بيجاد ينظر للمصعد وهو يهبط ودموع عيناه تنذرف بغزارة. اختلج صدره ضربات عنيفة تصدر من قلبه الذي يدق بشدة خوفا عليها، رفع بصره لوالده يستنجده بعيناه. ورغم حزن ريان البادي عليه إلا أنه رفض بشدة. جذبه من مرفقيه متجها لوالدته، اسرعت نغم ودموع عيناها كالشلال. لا تعلم أتبكي على ولدها أم على غزل ام على تلك الرقيقة التي انهكها المرض. ضمه ريان يربت على كتفه يحاول تهدئته. ولكن كيف لقلب العاشق أن يهدأ ونيران عشقه تنذف دما على محبوبته.

إتجه بيجاد إلى غزل التي تجلس شاردة كأنها جسد بلا روح فكيف لها تخطي مايدور بعقلها من وساوس تؤدي بها للجيحم
جلس على عقبيه ممسكا بكفيها حتى انتبهت له. رفع كفيها مقبله
- لو سمحتِ إنتِ الوحيدة اللي تقدري توقفي العملية دي. انزلي وقوليلهم خلاص مش عايزين العملية. غنى هتموت ياطنط وحضرتك عارفة
انسدلت دموعها بغزارة تنظر للجميع بتيه
ثم أردفت بلسان ثقيل محاولة الحديث.

- أنا قولت لجواد العملية هتكون خطرة لكن هو أصر إنها تعملها، مستحملش آلامها. وأنا كمان اتمنيت أكون مكانها ولا أشوفها تتألم كدا. رفعت يديها المرتعشة على وجنتي بيجاد وتحدثت بقلب ام وزوجة مفطور
- بيجاد أنا حاسة روحي بتتسحب مني. عارف يعني إيه لما يكون بنتي وجوزي جوا بين الحيا والموت وأنا عاجزة
شهقت شهقات ببكاء مرتفعة تضع يديها على فمها تكتمها وأكملت وهي توزع نظراتها بين صهيب ومليكة وحازم.

- اللي جوا دا مش جوزي بس، دا ابويا وابني وجوزي وحبيبي. وكل حاجة. مع إني طلبت منه اجيب ولاد كتير عشان يبقى لنا عزوة كبيرة و محسش باليتم تاني والوحدة لو خسرت حد.
نهضت ببطئ وتوقفت بينهم وأردفت بصوتا مؤلم.

- اصلكوا محستوش يعني ايه انك تبقى وحيد في الدنيا دي. أنا حياتي اتمثلت في جواد وبس. حتى بعد ماجبت ولاد وبنات هيفضل هو عزوتي. ماهو أول واحد شفتهه عيوني. وأول كلمة من بنوتة تتعلم الكلام قالتله بابا. واول اسم لساني نطقه كان اسمه. شهقات مرتفعة ببكاء من ابنتها رُبى. ضمها جاسر لأحضانه وهو يبكي
رفعت رأسها من أحضان ابنها ونظرت إليه.

- ابوك دا مش مجرد راجل في حياتي. ابدا ياحبيبي. لا هو الحياة بنفسها. يعني لو مفيش جواد يبقى مفيش غزل. ودلوقتي هو حياته يمكن اخطر من حياة غنى. يعني أنا مش عارفة ازعل على بنتي نور عيني ولا ازعل على جوزي اللي هو حياتي
قبّل جاسر يديها وأردف بصوتا باكي
- إن شاء الله حبيبتي هيرجعلنا بالسلامة هو وغنى. تراجعت للخلف تهز رأسها برفض. ثم اتجهت سريعا ووقفت بين حازم وصهيب.

- انتوا عارفين إن قلبه تعبان وضغطه بيعلى ورغم كدا وافقتوا أنه يعمل العملية. ليه محدش قالي قبل كدا
وصل سيف للتو عندما وصله الخبر، ينظر بين الوجوه. اتجه لصهيب وتسائل
- فين جواد ياصهيب؟
أطبق صهيب على جفنيه بألم ولم يجبه
أمسكه يهزه بعنف وأردف بصياح
- أنا مش قولتلك متخلهوش يغامر بحياته. خليت أخوك يروح للموت ياصهيب.

كأن الارض تميد بها وتنسحب من تحت أقدامها مع صياح سيف بهذه الكلمات. جلست بمكانها على الأرضية وتحدثت بهذيان
- هونت عليك ياجواد. غزل هانت عليك، لدرجادي مش فارقة معاك. خبيت عليا عشان عارفني مش هوافق لكدا. بس نسيت إنك بتعرض حياة بنتك للخطر قبلها
خطى بهدوء إلى أن وصل وجلس أمامها
امسك صهيب كفيها وأردف بهدوء.

- جواد عمل تحاليل يازوزو. وكشف عند كذا دكتور وسأل استشارين كتير يعني مستحيل يغامر بحياة بنته. وبعدين العملية مش خطرة ولا حاجة
صرخت به وضربت على قلبها
- طمن دا ياصهيب وقوله يصدق كلامك. طمنه وقوله ان مكنش هيموت من شهر. طمنه وصدق كلامك إن جواد ممكن قلبه مايستحملش العملية.
-
نظرت حولها بتيه ورفعت يديها كالمجنونة.

- طيب ليه ياجواد تعمل كدا. العملية كانت سهلة على ولادك. قولتلي بلاش جاسر عشان لسة خارج من إصابة قولت ولا حاجة عندك ياسين واوس وربى. ويضحك عليا ويهومني بتحاليل أوس وهو اللي هيعملها.
اتجه سيف وجلس بجوار صهيب امامها
- والله لما قالي رفضت ياغزل وحاولت معاه، إنتِ تايهة عن جواد ودماغه الناشفة. ورغم كدا قولت ممكن صهيب يقدر عليه
رفعت نظرها لصهيب وهزت رأسها
- كنت عرّفني ياصهيب كنت قدرت عليه ومنعته.

حاول التماسك رغم خوفه الشديد وتحدث قائلا:
- جواد مش عيل ياغزل عشان نقوله اعمل إيه ومتعملش إيه.
عمو جواد لو شايف واحد في المية خطر على حياة غِنى مستحيل يدخل عمليات معاها ياطنط متخافيش. هو أكيد عارف ومتأكد انه مستحيل يصبها أذى. طمني نفسك، قالها بيجاد وهو ينظر للبعيد
ثم ابتسم بحزن يمسح دمعة عالقة بين أهدابه.

- هو عرف يضحك عليا ومخلنيش أسافر بيها الايام اللي فاتت وقالي مش هنعمل العملية دلوقتي. عشان جاسر مصاب.
ابتسم بسخرية واكمل بتأكيد
- وقالي أوس مش متناسق جيناته مع غنى. وانا الأهبل اللي صدقته وسمعت كلامه وماسفرتش واتفاجئ امبارح انه واهمها إنها هتخف بعد العملية وخلاها تضغط عليا. اتجه بنظره لوالده
- وبعتلي بابا يقنعني بكدا. وأنا الأهبل اللي صدقته. رفع يديه ينظر إليها.

- بإيدي دي سلمتها للموت. بإيدي دي ممكن معرفش اشوفها تاني. صرخ وصرخ إلى أن انهار كليا. ضمه ريان الصامت ولا يعلم ماذا يفعل وهو الذي يعلم تخطيط جواد من البداية.

بخطى متعثرة اندفعت متجهة حيث وجوده تركض بخطوات بلا هدي علها توصل إليه قبل دخوله تلك الغرفة التي تكرهها، حاول صهيب إيقافها ولكنها دفعته بقوة متحركة سريعا، تحرك بيجاد خلفها هو يعلم بمدى قدرتها على ثأثيرها على جواد. وصلت أمام الغرفة وارتدت ملابس الوقاية سريعا متجهة للطبيب المسؤل عن العملية التي كانت دائمة التواصل معه. توقفت عندما وجدت جواد يقف يتحدث معه. بينما بيجاد الذي منع من الدخول ولكنه توقف ينظر من خلال الزجاج عما سوف تفعله غزل، يبحث بعينيه عن زوجته الحبيبة. اتت الممرضة لمنعه من الوقوف بذلك المكان المعقم بالكامل.

- لو سمحت ممنوع الوقوف هنا وممنوع الدخول الدور دا. دا خاص بالمرضى وانت كدا بتعرض حياتهم للخطر اكتر ماهي متعرضة. لو سمحت ممكن تمشي
نظر إليها يستجديه بعينه المتورمة من كثرة بكائه لحظات معدودة ثم أردف بشفتين مرتجفتين
- ممكن أطلب منك طلب ولو عايزة الدنيا كلها هجبهالك
نظرت الممرضة إليه بتيه وأردفت.

- لو بإيدي حاجة صدقني مش هتأخر. لقطت عيناه زوجته الحبيبة عندما كانت توضع على ذلك الجهاز اللعين وذلك الفراش البارد الذي يشبه امكان الموتى. انزلقت دمعة غائرة من شدة حزنه ثم أشار بيديه على زوجته ونظر للممرضة
- ادخلي لعندها وقوليلها بيجاد بيحبك اد الدنيا ومن عليها من بشر بيحبك اد الكون اللي ربنا خلقه بما فيه. انسدلت دموعه كالشلال وهو ينظر لأبتسامتها لوالدتها ووالدها ثم أكمل مسترسلا.

- قوليلها متخليش بوعدك مع جوزك مستنيكي برة ولو خليتِ بوعدك هيموت بعدك
بكت الممرضة على حديثه ونظراته المصوبة إليها. لا تعلم كيف رفعت كفيها تربت على ذراعيه
- هقولها حاضر وإن شاءلله تقوملك بالسلامة. بس لازم تمشي من هنا لو سمحت والله هقولها
هز رأسه بالموافقة وتحدث
- طيب هستناكي عايز اشوفها قبل ماامشي ادخليلها دلوقتي.

نظرت حولها تبحث عن أي طبيب حتى لا يعاقبها ودلفت بهدوء في تلك الأثناء وصلت غزل لجواد الذي كان يتواصل مع الطبيب. وقفت بجواره وتشابكت يديها بيديه اتجه ببصره إليها مستغرب وجودها
- ايه اللي جابك ياغزل؟
ابتسمت له ورجعت بنظرها للطبيب وتحدثت
- هل يمكنني الحضور لتلك العملية حتى أستفاد من خبرة أستاذي دكتور كارتاوس.
تبسم كارتاوس لها وأردف مؤكد
- بالتأكيد تلميذتي النجيبة.

هزت رأسها وابتسمت متجهة بنظرها لجواد الذي ضيق عيناه عندما علم زوجته تراوده بالعناد. تحرك الطبيب وهو يشير لجواد على الاشاعة X ray امامه متوجها له مدى السيطرة على المرض من خلال نقل العظم النخاعي. وأن الأمور إلى هذا الحد بالجيد ولكنها ليست بالجيد جدا.
قبضت غزل على كفي جواد وهي تستمع لحديث الطبيب ويقطر قلبها ألما. رفع الطبيب نظره لغزل وتحدث
- كما تحدثت مع د. غزل قبل ذلك واخطرتها.

أن تلك العملية سهل ممتنع. لا تكاد بالصعوبة ولا بالسهولة. بسبب تسبب جزء أكبر من دما خبيثا.
أغمضت عيناها ألما لأنها تعلم كل ذلك. ورغم ذلك اردف جواد بيقين من ربه
- هتعملها وإن شاءلله خير. عندي يقين بربي إن العملية هتنجح
هزت رأسها رافضة وهي تضغط على كفيه
- جواد الموضوع مش سهل
أمال برأسه مردفا.

- من إمتى وإيمانك ضعيف ياغزل. اعقلها وتوكل حبيبتي. ماهو مش هنفضل نقول مستحيل إنها تنجح مكنتش الشعوب خاطرت بالتنكولوجيا. سبيها على ربنا. الفلاح بيرمي البذور في الأرض وبيقول يارب ارزقني. الأم بتودع إبنها وهو رايح يحارب وتقوله ترجع بالسلامة. الدكتور بيدخل يعمل العملية للمريض وهو مش متأكد إنه هينجح ولا لا. بلاش نقعد نستنى النجاح يجي لحد عندنا. لازم نجازف واللي ربنا كاتبه.

- وياترى المجازف دي اهم من حياتك. اتجه بنظره لبنته ورجع لزوجته وأردف بقلب أب
- ولو طلبت حياتي مش هتأخر بس دا ميمنعش إنك تكوني متفائلة حبيبتي وخلي عندك يقين بالله انه كله قدر ومكتوب
وصلت الممرضة إلى غنى. ابتسمت لها ثم أردفت بهدوء
- الف سلامة على الجميل
هزت رأسها وابتسمت وردت عليها.

- شكرا. ذهبت بنظرها لوالدها ووالدتها الذين يقفون مع الطبيب. تتمنى أن تغلق عيناها على نظرة من عينيه. أغمضت عيناها بألما عندما احست بوخز بصدرها لا تعلم ماهيته
رفعت الممرضة ثيابها أمامها وهي تهمس لها
- جوزك بيقولك بيحبك أد الدنيا كلها. ثم ابتسمت لا الصراحة قال أد الكون وماعليه.

رفعت نظرها سريعا للنافذة تنظر إليه بإبتسامتها الذي وصلت إليه لتخترق روحه النازفة. تمنى أن يصل إليها ويعانقها حد الموت، ورغم ماشعر به ابتسم لها ودمع عينيه يحجب رؤيته كاملة عنها
ظل يناظرها ويحادثها بعينيه
كيف لا أحبك. فأنا أحبك حتى لو كنتِ وجعا ولو كنتِ نار ولو كنتِ موتاً، فأنا أحبك بل أعشقك يامن ملكتي كياني
وضع يدهِ على زجاج النافذة وتمنى أن يخترقه ويجتازه حتى يصل إليها
ولكن ليت الأماني بالتمني.

نظرت إليه وحدثته بعيناها
-كيف أتوقف عن حبك وأنا في عينيك اجد ملاذي وحياتي
مؤلم حبيبي أن تتصنع الراحة وأنت من الوجع تنهار. عذراً حبيبي فلقد أوجعت قلبك المسكين. ليت لي قدرة على ابتعادك
فلقد فقدت رغبة الابتعاد حتى لو بعض لحظات. كيف لقلبي يحيا دونك وأنت من جعلت له نبضا. فلو أردت موته لكنت ابتعد منذ عرفت مصيري منذ ذاك المرض اللعين.

عذرا حبيبي فليس بيدي شيئا حتى أفعله لتخفيف آلالامك. فكيف لي التخفيف عنك وأنت المخفف لعلاجي
أتعلم إنني اشتقت لك بحجم المسافات التي بين السماء والأرض منذ أن تركتك.

أغمضت عيناها وهي تودعه بنظراتها العاشقة. وتاهت بذلك المخدر الذي سرى بوريدها، تحرك بيجاد مغادر مكانه متجهها لحي القلوب الذي لا يغفل سنة ولا نوم. اتجه للرحمن الرحيم. اتجه للذي أقرب بعبده من الأم بولدها. دلف للمسجد يدعو ربه بكل جوارحه. اتجه ينظف خطاياه من الذنوب. اتجه يبكي متوسلا للحي القيوم. وكيف لعبده الذي يلجأ إليه يرده مخيب الآمال. اتجه ثم توضئ وقام يسجد لربه ويدعوه بقلبه بيقين.

اللهمّ لا ملجأ ولا منجا منك إلّا إليك إنّك على كلّ شيءٍ قدير، ربّي قد مسّ زوجتي الضرّ وأنت أرحم الرّاحمين.
اللهم إني وضعت زوجتي في ودائعك يا الله وودائعك لا تضيع أبدًا اللهم اشفِ زوجتي شفاءً لا يغادر سقمًا
بكى بدموع تلين الحجر. دموع تغسل قلبه من ذنوبه ثم دعى من بين بكائه.

اللهم اشفِ زوجتي شفاءً ليس بعده سقمٌ أبدًا، اللهم خذ بيدها، اللهم احرسها بعينك التي لا تنام، واكفها بركنك الذي لا يرام واحفظها بعزك الذي لا يُضام، واكلأها في الليل وفي النهار، وارحمها بقدرتك عليها أنت ثقتها ورجائها يا كاشف الهم، يا مُفرج الكرب يا مُجيب دعوة المُضطرين.
انتهى من دعائه جلس يمسك بمصحفا يقرأ بعض الآيات التي تشعره بالراحه، حتى تطيب على قلبه.

« ربي أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}.
رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ? وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا
ثم فتح سورة البقرة، اتجه ريان يجلس بجواره يربت على ظهره
- كنت عارف مهما تغلط بس أكيد مش هتنسى تربيتي. نظر بعيناه الباكية.

مفيش حد مننا كامل يابابا. ربنا عفوا غفورا. أنا بشر والبشر خطاء بس ياترى ربنا بيعاقبني على أفعالي بيها. امسك كف والده
بابا أول مرة أخاف أخسر حاجة. لو حد سألني قبل كدا فيه حاجه تفرق معاك كنت هقوله لا. مكنتش أعرف إنها هتكون نقطة ضعفي. أدعيلها يابابا لو بتحب أبنك حقيقي ادعلها يمكن ربنا يتقبل منك
ضمه ريان لأحضانه
بدعيلها حبيبي إن شاءلله نتجاوز المحنة.

عند جواد وغزل
سحبها جواد متجها بها لركن بالغرفة
ناوية على إيه يازوزو؟
عقدت ذراعيها أمام صدرها وأردفت
- ناوية اكون جنب بنتي وجوزي ياحضرة اللوا اللي اتلاعب بيا
ابتسم بحب يضمها لصدره
- خايف عليكي ياقلبي إحنا اتكلمنا في الموضوع دا يازوزو. وبعدين هنرجع نتكلم تاني. هو إنتِ عيلة اوي كدا
مدت يديها تمسك كفيه وتضعه على قلبها.

- جواد. دا مش هيستحمل حبيبي، لو سمحت ياجواد بلاش تغامر بحياتك وخلي حد من الولاد قاطعها عندما وضع يدهِ على شفتيها
- مستحيل أقعد برة ياغزل وولادي الأتنين بين أيد ربنا وأكون مرتاح. بلاش اعرض الأتنين للخطر كفاية علينا غنى. جذب رأسها وقبّلها
- العملية هتتعمل يازوزو وغنى هتقوم بالسلامة خليكي واثقة من كدا
هزت رأسها تمسح دموعها براحتيها.

- هكون معاكوا جوا ومتخافش مش هعمل حاجة بس لازم اكون مرتاحة انتوا قدام عنيا. عارفة العملية سهلة ومش محتاجة الخوف دا كله. بس برضو. بكت
ضمها لأحضانه واردف
- العملية تافهة على الدكتورة غزل اللي بتعيط زي الأطفال
نظر لعيناها وأكمل
- انا قرأت في بعض الأحيان مابيحتاجوش تخدير. معرفش ليه عاملة الدنيا جهنم ياغزل، ممكن تهدي. العملية بسيطة مش محتاجة الحزن دا كله
نادت الممرضة على جواد حتى يجهز
رفع ذقنها وأردف.

- دعواتك يانور عيوني قالها وتحرك
بالخارج جلس جواد يضم ربى لأحضانه وأغلق عيناه يدعي ربه
وضعت يديها تتشبث بسترته
-جاسر قولي بابا وغنى هيقوموا بالسلامة، انا خايفة اوي
فتح عيناه يربت على ظهرها
-ان شاء الله حبيبتي، ادعيلهم أن شاء الله ربنا هيوقف جنبنا
بكت بشهقات
-انا خايفة اوي ياجاسر، خايفة اوي. وصل أوس إليهما يضمها لأحضانه
-روبي بلاش يأس لازم نجمد عشان ماما، ماما بتنهار واحنا لازم نقويها.

نظر إلى جاسر الذي يجلس وكأن حزن العالم يطبق على صدره
ربت على ظهره وأردف بيقين
-انا واثق وعندي يقين أنهم هيقوموا بالسلامة
اقترب صهيب يجذب أوس وجاسر وياسين
-تعالوا نروح نصلي العصر أذن، ثم اتجه بأنظاره إلى نهى ومليكة
-خدي بالك من البنات لما نرجع. تحرك الجميع لقضاء الصلاة
جلس بعد انتهاء صلاته يسجد لربه ويبكي بشهقات مرتفعة
-لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

يارب انت الشافي المعافي، اشف اختي ووالدي. ظل يكررها عدة مرات، ثم اتجه يجلس يسبح ربه ويدعوه. كان بجواره يفعل مثله
انتها الأخوين من صلاتهما متجهين إلى أخيهم الثالث الذي بحضن عمه كالطفل اليتيم
اتجه جاسر يجذبه إلى أحضانه
-ياسين انت مش صغير، على كدا روبي بقى معذورة
بكى بصوت مرتفع بأحضان أخيه
-بابا ياجاسر، هموت لو حصلك حاجة
اخرجه يضغط على وجهه ويهزه بعنف.

-انت راجل يا ياسين سمعتني، مش ابن جواد الألفي ال يبكي، سمعت ياحضرة الضابط
قالها وتحرك للخارج المسجد، حاول أن يكون قويا، ولكن كيف لقوة وهو يشعر أنه الآن بلا سند بلا هوية، سار بخطوات واهنة تائه مشتت وكل مايراه تذكره لوالده، وافعالهما معا، تعليمه له، افكاره، هو لايرى سوى جواد الألفي فقط أمامه
جلس بحديقة المشفى ينظر حوله كطفل يتيم يبحث عن والديه. اتجه عز وجلس بجوار ومن الجهة الأخرى جواد حازم
أردف عز.

وانا عندي عشر سنوات، روحنا إجازة لمزرعة عمو باسم، طلعت الشجرة عشان نجيب توت، وقتها اتعلقت بفرع الشجرة، ومعرفتش انزل، جواد فضل يضحك عليا، وانت فضلت تعيط وتقولي زيزو انا هطلع انزلك، وبعدين انا قولتلك لا ياجاسر روح قول لعمو جواد. انت جريت على باباك وتعيط وتقوله زيزو هيموت يابابا. وقتها هو جه زي المجنون على أساس أن فيه حاجة كبيرة حصلتلي، بس لما شافني على التوت
وقف وحط أيده في خصره وقالي.

-بتعمل ايه عندك يابن صهيب، طيب هسيبك كدا عشان تتأدب، رغم أنه عينه كانت على فرع الشجرة وخايف يتكسر بيا، بس كان عايز يعلمني درس وقتها، مانقربش من حاجة اكبر مننا، استدار واخدك انت وجواد وقالي خليك هنا تتربى
ضحك عز عندما تذكر ثم استرسل.

-وقتها انت فضلت تشدو وتقوله انا مش همشي من غير زيزو، ودا كان درس لينا يابن عمي أنه عايزنا نكون ايد واحدة. فضل واقف يبص عليا مرة وعليكوا مرة وبعدين قال عايزيني أنزله وقتها انت قولت أيوة يابابا لو سمحت
ابتسم عز يربت على كتفه
-انت مش لوحدك ياجاسر، قبل أوس وياسين احنا معاك، بلاش نشوف حالتك الضايعة دي، عمو جواد هيفوق هو وغنى والسعادة هترجع بيت الألفي تاني
هز رأسه فنهض عز متجها للداخل قائلا.

-هشوف ربى وراجعلك. قابلته جنى تبحث عنه
-ربى اغمى عليها، والدكتورة ادتلها مهدئ، انت اكتر واحد هيفرق معاها
اتجه بنظره على جاسر وجواد وأشار إليها
-جاسر مش كويس خالص ياجنى، خليكي جنبه
اومأت برأسها متجهة اليه، وجدت جواد جالسا يتحدث معه
-جاسر فيه موضوع لازم تعرفه. اتجه بنظره إليه ولكنه وجد تلك التي تقف على بعد بعض الخطوات
أشار إلى جواد
-شوف جنى عايزة ايه؟!
نهض جواد متجها إليها. كانت تقف تفرك كفيها.

-جاسر عامل. هز رأسه عندما علم وجودها لأجل جاسر
-كويس، بتعملي ايه هنا
مفيش عز قالي اشوف جاسر. ضيق عيناه متسائلا
-بس ال اعرفه انكم مبتكلموش بعض
تحركت متجهة إليه وتحدثت
-مش وقت كلامك الفارغ ياجواد. وصلت إليه وجلست بجواره دون حديث
عم الصمت بينهما للدقائق، حتى تحرك جواد للداخل. تنهدت متألمة تهرب من نظراته
-بتبص لي كدا ليه؟!
المفروض انا ال اسأل. استدار بجسده يرمقها
-من وقت الحادثة وأنتِ بتهربي مني ليه؟!

اتجهت بنظرها للجهة الأخرى
أطلق صوتا اعتراضيا وأخرجه من أنفه
-براحتك ياجنى مش هضغط عليكي
انسابت عبراتها فجأة من محجريها وفركت كفيها بقوة حتى احمر لونه
كانت نظراته تخترق حركاتها استغرب حالتها. دنى يجذب كفيها بين راحتيه. ذهل من عبراتها التي شعر بنار تكوي جسده. ضيق عيناه
-جنى فيه ايه، ايه ال حصل ومخباياه عليا من يوم مخرجات من المستشفى وانت بتبعدي عني ليه؟!

لم يرى شهوى دموعها وانانيها. الذي اشعره بخناجر مصوبة لصدره
لم يعد يتحمل حالتها، فجذبها لأحضانه، ظنا أن أصابها شيئا
-جنجونة حبيبتي ايه ال مخبياه عليا. تشبثت بسترته وكأنه بتستمد قوتها قائلة
-انا تعبانة اوي ياجاسر والمفروض مغلطش ومعملش حاجة حرام
قالتها وهي تشدد من عناقه يخبهأ بين أحضانه قائلة بشهيق مرتفع
-مقدرش ابعد عنك ياجاسر حاولت بس مقدرتش.

صعق من حديثها حتى شعر بانعقاد لسانه وانحشر الكلام بجوفه وهو عاجز عن حديثها
صمتا مخنوقا لا يعلم ماذا عليه فعله، ولماذا تحدثت بذاك الحديث
رفعت رأسها من صدره واخترقت رماديته ببنياتها التي تغطيها العبرات قائلة
-حرام اقعد معاك كدا، حرام حتى امسك ايدك، حرام لما اكون مخنوقة اجي ارمي نفسي في حضنك، حرام حتى اضحكلك، حياتي كلها بقت حرام، ومحدش حاسس بكدا أن حياتي ميكونش ليها حياة.

انحبس النفس بصدره ونبضاته تسارعت وشعر بلهيبا يكوي صدره بالكامل من كلماته التي شقته لنصفين. فانفرجت شفتيه مرتجفة
-ماما ولا بابا ال قالولك كدا
أزالت عبراتها تهز رأسها
-أوس، أوس قالي كل دا
كور قبضته حتى ابيضت مفاصله. حاول أن يخرج من حالته، فحمحم ورسم ابتسامة عذبة
-عشان كدا بتبعدي عني، قالها وهو يرفع ذقنها
هزت رأسها ومازالت عبراتها كزخات المطروهمست
-قالي انك بكرة تتجوز ومراتك مش هتتحمل تكون قريب مني.

قهقه بصوت مرتفع عليها
-ياختي طفلة كميلة يابت ياجنى. لكزها
-يابت أنتِ اختي، هو اه طبعا وقتها مينفعش اسيب مراتي تغير منك، بس صدقيني وقتها هتكونوا متفاهمين
ابتسمت من بين دموعها
-انت بتضحك بقولك بيقولي حرام، وانا حاولت ابعد ومقدرتس
قطب حاجبيه واردف متسائلا
-هوجواد غار مني ياجنى لما بتكوني قاعدة معايا
هزت رأسها بالنفي وازالت عبراتها
-طيب ايه المشكلة، بكرة حبيبتي برضو هتبقى زي جواد.

-مش فاهمة كلامك ياغبي، بقولك حلال وحرام وتقولي غيرة
ضحك بصوت مرتفع على طفوليتها قائلا
-خلاص تعالي نتخاصم ونبعد عن الحرام. أنتِ عبيطة يابنتي هو انا لما باخدك في حضني باخد حبيبتي. انا باخد اختي ياهبلة، وأوس دا لازم اربيه عشان يخلي الجميل بعيد عن جسورته الوقت دا كله
ظلت ترمقه للحظات ثم اردفت
-جاسر هو انت بتحب واحدة فعلا. قاطعه رنين هاتفه
-ايوة مين. نهض من مكانه
-عشر دقايق واكون عندك.

انتهت العملية بنجاح. بعدة مرات تقوم بها غنى وجواد لنقل النخاع الذي عبارة عن تغيير الدم الفاسد بآخر حتى تمت العملية بنجاح
ظلت غنى فترة تتلقى العلاج بعد العملية وهي محجوزة بمكان بعيدا عن الكل، لم يرونها إلا من خلال نافذة الزجاج. حتى اتم علاجها بالكامل
في اليوم المقرر لخروجها
جلس جواد مع صهيب، حازم وسيف
- محتاج منكم خدمة أو ممكن يكون طلب
صمت الجميع ثم رفع جواد نظره لسيف أولاً.

- هتنزل الفيوم وتدبح مواشي كتير وتوزعها على البلد كلها وتحط مبلغ كويس للجوامع والجمعيات اللي هناك.
أومأ برأسه موافقا، اتجه ببصره لحازم
- دار الأيتام ياحازم. سمعت عن دار في الجيزة مفيش فيها خدمات والدار دي لست عجوزة اشتريها منها لو رضيت وقولها هنخليها بأسمها وخدها اعدها ترتيبها من اول وجديد. عايز الدار دي تسّمع في مصر كلها
ابتسم له حازم وأردف.

- اعتبره حصل. ومش بس كدا هشتري الأراضي اللي جنبها كلها وأوسعها ماهو ماينفعش تاخد الثواب كله ياحضرة اللوا
ضحك جواد وربت على ساقيه
- دايما بتبصلي ياله حتى في الخير
اتجه بنظره لصهيب الصامت.

صهيب إنت هتروح كل مكان ماهو علاج للأورام وتحاول يكون فيه مكان بالمجان لو أضطريت تدفع فلوسي كلها وفلوس ولادي مش مهم المهم الناس تعرف تتعالج من المرض اللعين دا. المهم نحاول نخفف من آلالام الناس. عندك مستشفيات كتيرة محتاجة دعم. ووزع أي حاجة على الفقرا والمساكين وخليهم يدعوا لاولدنا بالصحة
ضمه صهيب وادمعت عيناه مردفا
- ابوك عرف يربينا ياجواد كويس، يارب يااخويا نكون عرفنا نربي ولادنا صح.

هنا صرخ سيف من أعماق قلبه بسبب ابتعاد بناته عن الدين ولهيهم بحياة الغرب
اتجه سيف لجواد وأردف قائلا
- للأسف ياجواد معرفتش أربي بناتي على القيم والأخلاق
ربت جواد على ساقيه وتحدث
- إن شاء الله هيتغيروا ياحبيبي. المهم خليهم يختلطوا ببنات عمهم وخليهم يواظبوا على الصلاة. دي اول حاجة تعملها
بالأسكندرية عند ريان
كان يجلس بحديقة منزله يتناول قهوته ويعمل على جهازه المحمول قطع وصلة عمله عندما استمع لصوت أحدهما.

- طول الوقت مفيش غير الشغل، ياعم ارحم نفسك شوية
نهض مقهقه عليه ثم ضمه
- جو ياهلا وأنا بقول ايجيبت نورت ليه
رفع حاجبه ينظر بسخرية
- لا والله طول عمرك بكاش يابو عمر
جلس ريان بعدما حيى فريدة
- عاملة إيه مدام فريدة، حمدالله على السلامة مصر نورت والله
لكزه يوسف بكتفه
- على أساس إنت قاعد في مصر مش في اسكندرية. نظر ريان حوله واتجه للبحر.

- أنا بقيت عامل زي السمك لو خرج من المية يموت. مقدرش أعيش بعيد عن إسكندرية دي موطني يابني
ربت يوسف على ظهره
- ربنا يديلك طول العمر. قاطعتهم فريدة
- هي نغم مش موجودة ولا إيه. حمزة قالنا إنكو في الجنينة
نظر إلى اتجاهها وهي تتجهه نحوهم وأشار بيديه
- جت أهي. وقفت تنظر لهم
- معقول يوسف وفريدة مرتين في السنة في مصر
ضحك ريان وتحدث
- مقولتش حاجه أنا. انتوا كدا عملتوا أنجاز انكم تيجو مرتين مصر في السنة.

تنهد يوسف بحزن وأردف قائلا
- تعبت من الغربة ياريان وولادي كمان تعبوا جه الوقت اللي نرجع بلدنا
أومأ ريان برأسه وتحدث
- ولادك هنا في مصر. البنات والولاد
أومأ برأسه
- ايوة مروان وليليان معايا. بس هم في شقتنا اللي هنا. فريدة طلبت تيجي تشوف نغم. اه وهمس رجعت هي ومالك كمان
عايزة اروح اشوفها ياريان وحشتني اوي قالتها نغم
نظر إليها متنهدا
- نروح نطمن على غنى الأول وبعدين لما نرجع تروحي لها
انشرح قلب يوسف وتحدث.

- ربنا اتم شفاها خلاص. انت آخر مرة قولتلي انها خلاص على مشارف الشفى
أومأ ريان برأسه
- ايوة الحمدلله ودخلت مرحلة العلاج الطبيعي للقضاء على المرض نهائيا ورجعت بيتها النهاردة والحمد لله. مش عايز اقولك عيشنا أيام على أعصابنا مابين الحياة والموت. حتى فقدنا مرحلة شفاها
لكن الحمد لله الاسبوع دا كان مرحلة نقاهة ودخلت العلاج الطبيعي دا ممكن ياخد من شهر لشهرين ترجع لحياتها الطبيعية
رفع يوسف نظره لفريدة وتحدث.

- أيه رأيك يافيري. نروح نشوفها ونطمن على والدتك بالمرة
وافقته فريدة الرأي وتحدثت
- الصراحة غزل دي ست أنا مسمياها الأم المثالية يعني بعد فراق دام لسنوات كتيرة ولما ربنا يرجعلها تكتشف المرض الخطير دا. لا مقدرش اكون مكانها
ردت نغم بموافقة وأكملت.

- دا أنا مقدرتش تكون مرات إبني كدا. مضحكش عليكي كنت رفضت جوازها الأول من بيجاد لما عرفت مرضها. لكن ربنا ربت على قلبي وحطيت نفسي مكان أمها الله يكون في عونها وربنا يتمم شفاها على خير
أمن الجميع على دعاء نغم.

في مزرعة باسم قبل شهرين من الآن وتحديدا بعد إصابة جاسر
دلف باسم لغرفته وجدها تجلس تبكي بصمت. اسرع يضمها لأحضانه
- حياة مالك بتعيطي ليه؟
أزالت دموعها ونظرت إليه بعدما خرجت من أحضانه
- شوفت اللي حصل الحقير كان عايز يغتصب فيروز ياباسم.
ربت على ظهرها وتحدث بهدوء
- الحمدلله حبيبتي قدر ولطف وان شاءلله هتنسى مع الوقت
هزت رأسها رافضة
- دي بتقوم تصرخ وتقول ابعد عني. وكل مااقربلها تقولي عايز يغتصبني.

جذبها من كفيها متجها لفراشهما وجلس وأجلسها بأحضانه. يربت على خصلاتها وتحدث بهدوء رغم حزن قلبه عليها
- هشوفلها دكتور نفسي. يشوفها ويكلمها. ظلت بأحضانه تشعر بحنانه إلا أن غفت بين أحضانه. قبّل جبينها وأعتدل يعدل من وضعية نومها وقام بدثرها جيدا بالغطاء ثم خرج للخارج، استدعى الرجال الذين كانوا مرافقين لحمايتها ثم قصوا عليه ماصار
زفر بغضب يمسح على وجهه بعنف يكاد يقتلع جلده.

- مين اللي عرفهم العنوان ماهو أنا هتجنن من اللي حصل. ثم هدأ قليلا وأكمل حديثه
- دادة علية فين دلوقتي.
تحدث رجلا منهم
- ودناها مستشفى ياباشا لانه شكله ضربها واغمى عليها من النزيف اللي اصابها في راسها
أشار بيديه إليهم للتحرك بعد ماوعدهم بالعقاب. رفع هاتفه وتحدث لعثمان
- عثمان قبضوا على ناجي النهاردة ولا هرب زي كل مرة ومعرفتوش تعملوا حاجة
زفر عثمان بغضب واردف بهدوء
- هرب ياباسم. بس دراعه اليمين معانا.

محروس قالها باسم
ايوة الزفت اللي ضرب على جاسر. هو عامل إيه دلوقتي
أومأ برأسه باسم وهو يدلك جبينه
- الحمدلله كويس فاق اخيرا. كنا خايفين يدخل غيبوبة بس طبعا قدامه شهرين تلاتة عشان يعرف يتحرك طبيعي الاصابه كانت في مكان خطر متنساش، انه مضروب في قلبه
حزن عثمان لما استمع إليه ثم تحدث
- اللوا جواد عامل إيه
- كويس. اجابه باسم ثم تحدث قائلا
عثمان إنت متأكد من معلومات فيروز. معرفش ليه بدأت أشك في حاجة.

ضيق عثمان عيناه
- مش فاهم قصدك ياحضرة العقيد. تقصد إيه
- مين اللي عرف ابن عمها مكان شقة جاسر
- جواد اجابه عثمان، ثم صمت قليلا واردف
- راحو كتبوا بلاغ في جواد وجاسر، إنهم خاطفينها.
وبعدين. تسائل بها باسم
اجابه عثمان
- جواد قاله هي طلبت الحماية ومنعرفش هي مين. وبعد كدا اداله العنوان
صمت باسم للحظات ثم تسائل
- وأيه اللي عرفهم انها مع جاسر. ثم نهض سريعا وتحدث الكلام دا كان إمتى بالضبط.

يعني قبل الهجوم بساعة كدا...
تحرك باسم ذهابا وأيابا وعقله يعمل بكل الأتجاهات ثم سأل عثمان
- انتوا ازاي ملقتوش شحنة المخدرات ياعثمان مش المفروض كنتوا تمسكوا ناجي بالمخدرات
أجابه عثمان بحزن
- للأسف هربوا قبل وصولنا بدقايق. لا وزي مايكونوا عارفين إننا رايحين
بالمشفي عند جاسر بعد إفاقته
جلست غزل بجوار جواد ينتظرون إفاقته الكاملة بعد نقله لغرفته، امسكت غزل كف جواد وأردفت
- حبيبي ممكن طلب ياجواد لو سمحت.

ضيق عيناه وتسائل.
- أنتِ ماتطلبيش ياغزل. جذبها ثم قبّل جبينها. حبيبي يؤمر بس
امسكت كفيه وقبلته ثم رفعت بصرها إليه
- فكر في موضوع جاسر وفيروز تاني. البنت شكلها طيبة وبتحبه، أنا شوفتها يوم فرح غنى. ايوة مكنتش أعرف العلاقة بينهم بس الصراحة لفتت نظري
ربت على كفيها بذهنا شارد ثم أردف
- الموضوع مابقاش يخصني ياغزل. الموضوع عند إبنك دلوقتي
ابتسمت له واردفت
- يعني إنت موافق حبيبي. موافق على إرتباطهم.

فيه حاجه عايز اتأكد منها ياغزل الأول. البنت من خمس سنين كانت عايشة مع جدتها وبعدين نقلت تعيش مع ابوها بعد ماامها اتجوزت عمها، الخمس سنين دول معرفش عنهم حاجة، لكن قبل كدا اعرف إن جدتها ام أمها ربتها كويس
ضيقت عيناها متسائلة
- مش فاهمة قصدك حبيبي، قاطعهم صوت جاسر وهو يهمس بأسم ابيه
بابا نهض جواد متحركا إليه
- عامل إيه يابطل. حاسس بإيه ياحبيبي
رفع بصره لوالده
- الحمدلله. صدري وجعني شوية بس.

اتجهت غزل تملس على خصلاته
- حمدالله على سلامتك يانور عيني. كدا تخضني عليك ياحبيبي
حرك يديه بهدوء ممسكا كفيها
- آسف ياحبيبتي. مقصدش ازعلك وأحزن قلبك. امالت برأسها وقبلت جبينه
- ربنا يباركلي فيك وفي اخواتك ياحبيبي. همست له مردفة
- يالة فوق بسرعة عشان عايزة افرح بحبيبي الغالي هو عروسته ام عيون زمردي دي اللي خطفت قلب ماما اول ماشفتها
ذُهل جواد من حديث غزل. حاول أيقافها من نظراته ولكنها اكملت.

- بابا وافق على فيروز وقالي بس يفوق ويخطبها ومش بعيد نكتب كتابكوا كمان
رفع جواد حاجبه إليها علها تسكت ولكنها اكملت مايقسم ظهره
- أول ماتقدر تشد حيلك هنروح نخطبها على طول وكمان هنخلي باسم وكيلها والبنت كدا كدا عدت السن القانوني ياعني لا محتاجة عمها ولا امها، المهم اشوف سعادة ابني الغالي على وشه
اغمض جواد عيناه بالما من غباء زوجته التي وضعته في مواجهة مع ابنه
رفع جاسر نظره لوالده وتحدث.

- صحيح يابابا وافقت، قالها جاسر بصوتا مرهقا
ابتسم له بحزن شديدا. ثم اطرق رأسه للأسفل قائلا بصوتا ثقيلا
- ان شاءالله ياحبيبي. فوق بس إنت واللي فيه الخير يقدمه ربنا
بعد اسبوعين مكثهم جاسر في المشفى ينتظر خروجه على أحر من الجمرات حتى يطير لخاطفة القلب
كان والده يجلس بجواره يقرأ بمصحفه. بينما اوس الذي يطالع هاتفه. اشار بيديه لاوس أن يعطيه هاتفه
- عايز التليفون ليه يابني. هتكلم مين دلوقتى.

لكزه جاسر بكتفه وهمس عايزك تخرجني أتمشى شوية ممكن تعبت من النوم
صدق جواد من قرائته وسأله
- حبيبي عايز حاجه
هز رأسه رافضا...
- سلامتك يابابا. كنت بقول لأوس أتحرك شوية واستند عليه بس
نهض جواد متجها إليه. دلف صهيب وسيف في تلك الأثناء يقولون
- لا دا ماشاء الله البطل وقف وبقى تمام كدا
ابتسم جاسر لهما وأردف
- أعمامي حبايبي اللي مسبونيش. ياربي على جمالهم يكملوا جميلهم ويخلوا بابا يخرجني من هنا لاني بجد زهقت.

ضحك سيف ناظرا لجواد
- الواد دا طالع بكاش لمين. دا حتى محدش مننا كدا. رفع جواد حاجبه بإستهزاء ثم تحدث
- والله ماسايب منك حاجة. حتى هبله وسرمحته لعمه سيف
قهقه صهيب وأشار بيديه
- لا في دي جواد عنده حق السرمحة هتقولي عليها. دا انت أكبر مسرمح يابني
وضع سيف يدهِ بخصره ورافعا حاجبه مردفا بسخرية:
- شوف إزاي أنا كنت سرموح وأنت ياصهيوب كنت مؤدب. فينك ياغزل تعالي إشهدي على صهيوب
دلفت غزل تضحك ثم قالت.

- لا فيه هنا حد جايب في سيرتي. ياترى مين. اتجهت لأبنها الذي يقف مستندا على آخيه
- حبيبي رايح فين
أغمض عينيه متألما ثم تحدث
- عايز اتحرك ياماما تعبت من النوم
ربتت على كتفه وأشارت لأوس
- خليك مع أخوك يااوس وأنا عندي كشفين وراجعة عشان هنروح كلنا مع بعض النهاردة، توقف جاسر مبتسما
- هخرج النهاردة من المكان دا اخيرا.

هنا أغمض جواد عينيه عندما وجد ابتسامة إبنه التي تنير وجهه وعلم سببها. كيف سيخبره ويقنعه إنها ليست الفتاة التي يشاركها حياته بعدما علم بحقيقة كذبها.

عند باسم وحياة
خرج باسم لعمله ولكن قبل خروجه تحدث إليهما
- ممنوع الخروج برة، رفع بصره لفيروز وتحدث
- ابن عمك بيدور عليكي زي المجنون وطبعا لو وصلك مقدرش امنعه. ثم اتجه لحياة وقام بتحذريها فمنذ تلك الليلة لم يتحدث معها ولم يشاركها حتى الطعام بسبب اعتكافها مع فيروز وبعدها الكامل عنه.

ابتلع ريقه بصعوبه من مظهرها الطفولي بتلك الثياب القصيرة التي يُرسم عليها ألعاب كارتونية ورغم إنها عارية وطفوليه إلا انها جذابة ألهبت حواسه بالكامل، يتمنى عناقها ودثرها بأحضانه، حقا يشتهيها كما يشتهي الأطفال الحلوى. ظلت نظراته ثابتة عند شفتيها المغرتين ورائحتها المسكرة التي أخدرته بالكامل جعلته كالمخمور.

اقترب ناسيا أومتناسيا فيروز التي تناظرهما. ضم وجهها بين كفيه مررا اصبعه على خديها، لم يحيد ببصره عن كرويتها. ورغم أن ملامحها الجامدة التي رسمتها بإتقان على عكس مابداخلها، نعم تريده ولا تريده أصبحت مذبذبة المشاعر
اقترب ملتقطا كرزيتها بث فيها مشاعره التي يحاول دفنها أمامها. حاولت دفعه ولكنها محاولات واهية، جذبها من خصرها متجها بها لغرفته عندما خرج عن سيطرته الكاملة...

بعد فترة كان يطالعها وهي تغفو او ربما اصطنعت غفوتها حتى لا تتقابل بنظراته. قبل جبينها ممسدا على خصلاتها بحنان لا يعلم ماذا يفعل لكي يخبرها أنها اصبحت عشق مقدس لخلاياه. نهض بعد فترة. بعدما ترك لها رسالة
حياتي استنيني مساءا. لازم نتكلم المرة اللي فاتت هربتي من حديثنا اتمنى ارجع الأقيك مستنايني واللي إنتِ عايزاه هعموله لك.

ضغطت على الورقة التي وضعها بالقرب منها وانسدلت عبراتها بغزارة، كيف لها أن تعشقه وتكره. كيف لها ان تضعف امامه. اتخذت قرارا لا رجعة فيه بعدما وجدت لا محالة من هروبها حينما علمت بحملها. ايقنت إنه انتصر عليه وسيحصل على الأبن الذي يعوض ابنه المفقود.
اتجهت سريعا لفيروز وتحدثت
- الوقت جه عشان نكمل باقي الجزء جاهزة، هزت فيروز رأسها وتحدثت
- بس لازم أشوف جاسر قبل مانمشي
صرخت بها حياة وتحدثت.

- فيروز انا مجبتكيش هنا عشان تحبي جاسر حق وحقيقي متنسيش انتِ بنت مين ومستحيل حضرة اللوا هيوافق على بنت تاجر مخدرات سواء ابوكي ولا عمك الاتنين عملة واحدة
شهقت فيروز شهقات مرتفعة واردفت
- بس حبيته بجد ياحياة أنا بحب جاسر حق وحقيقي مش تمثيل. أنا خلاص مش عايزة اكمل ياحياة. إنت بتنتقمي من باسم جاسر ذنبه إيه
ضحكت حياة بإستخفاف
- طيب هيفضل يحبك لما يعرف إنك لعبة.

دا الوحيد اللي اقدر اوجع باسم بيه. انت متعرفيش جاسر بالنسبة لباسم إيه دا ابنه. هو اللي مربيه وهو قالي في أول تعارفنا
أنا عندي ولد ممكن اهز الدنيا كلها لو شوفت دمعة من عينيه. انتِ مشفتويش عمل إيه في أسامة دا خلاه مينفعش يتجوز ولا يقرب من بنت تاني مفكرك بتحبيه زي مابيحبك.
اتت للتتحدث فيروز أشارت بيديها.

- ولا كلمة دلوقتي هنعمل عصير زي كل يوم ونبعته للأمن تكوني جهزتي عشان نسافر إسكندرية. عايزة ابعد عنه وعن ابويا اللي بيحاول يستغلني في أعماله المشبوه
خرج باسم من شروده على وصول جاسر إليه
-ايه ال حصل.

عودة للوقت الحاضر بعد عملية غنى
خرجت غنى من المشفى. كان ينتظرها بخارج الغرفة. تحركت ببطئ إلى أن وصلت إليه. توقف الزمن هنا. نعم كانت تراه من خلف الزجاج لمدة شهر. لم تلمسه ولا تسمع صوته اليوم يقف أمامها بهيئته الجذابة. اليوم ستلقي نفسها بأحضانه وتنعم بها.

رفع بصره يحتضنها بعيناه البني تقابلت بنيته برماديتها الخلابة ورغم مرضها إلا انها مازالت تخطف قلبه. خطى إليها إلا ان وصل أمامها مباشرة ثم رفع يديه أمامه يحذرها
- خايف أحضنك اوجعك. أنا هحضنك براحة تمام، كم كانت جميلة امامه، نظراتها الحالمة لوجهه جعلته غريقا بعشقها كعشق قيس مجنون ليلى
انسدلت دموعها ثم تحدثت بشفتين مرتجفتين.

- وحشتني أوي. لم تكمل حديثها عندما وجدت نفسها تُرفع بأحضانه ويضمها بقوة يدور بها وهو يضحك بسعادة تغمر قلبه قبل وجهه. انزلها بهدوء واضعا جبينه فوق جبينه هامسا لها
- انتِ مش وحشتيني. إنتِ موتني من بعدك. رفعت نظرها لشعره. ثم لمست وجهه
- انت حلقت شعرك ليه
اقترب يضم كرزيتها التي حلم بها منذ أن تركته، قبّلة وضع بها كم اشتياقه لها ثم تحدث
- فداكي مليون شعر. المهم تكوني بأحضاني.

أرتمت بأحضانه باكية تلقي بثقل جسدها فوق صدره
- حلقت شعرك زي ماما ما عملتلي يابيجاد. رفعت بصرها تلمس وجنتيه ورأسه التي لم ينبت منها سوى القليل من خصلاته
- بس إنت كنت بتحب شعرك أوي. قالتها ببكاء وكفيها يرتجف على وجنته
قام بتقبيل كفيها، كم آلمته دموعها التي تغرق وجهها. تمنى لو يعمل أكثر من ذلك حتى لايؤلم روحها.

ابتعد عنها ببطئ. ثم انثنى يضع ذراعه تحت ركبتها والاخرى خلف رقبتها يحملها بخفة بين أحضانه يجاهد التحكم بنفسه حتى لا يلتقط ثغرها مرة اخرى ولا يتركها سوى مايصل لمبتغاه
كان جواد يقف على بعد كم من الخطوات ينظر إلى سعادتهما وعشقهما الذي ظهر بأعينهما. ورغم شعوره بالغضب من تبجح بيجاد إلا انه اعجبه تمسكه بأبنته، وصل جاسر ووقف بجوار والده بملامح جمة غاضبة. وقف ينظر لسعادة إخته.

رمقه جواد سريعا ثم اتجه لبنته التي حملها بيجاد خارجا من المشفى.
- عملت إيه ياجاسر انت وباسم لقيتوا حياة؟
تسائل بها جواد
أطبق جاسر جفنيه في محاولة لكبت نوبة غضبه التي وصل بها في أيامه الاخيرة
ثم نظر لوالده
- للأسف يابابا قلبنا الدنيا كلها ومش لاقيناهم
ابتسم جواد بسخرية عندما تذكر حديث باسم ثم اردف
- ليه الدنجوان اللي عامل فهلوي معرفش مكان مراته وابنه. قالها بسخريه ثم رفع بصره لأبنه واكمل حديثه الساخر.

- ولا حضرة الضابط النبيه اللي حتة بنت عرفت تتلاعب بمشاعره. ووقعته زي الاهبل، الصراحة انتوا الاتنين تستاهلوا خليه يلف زي المجنون كدا. أمال برأسه وهمس لأبنه
- تعرف لو مش محترم ذكاء البنتين كنت قولتلكم مكانهم. بس انتوا اغبية وهم علموا عليكوا، قالها جواد ثم تحرك من أمامه
في فيلا صهيب.

رجع عز من عمله وشعور الأرهاق والتعب يحتل كيانه، دلف للداخل وجد جنى وربى يجلسون يتحاكون، اتجه ملقيا السلام عليهما ثم جلس مغمضا عينيه
نهضت ربى تجلس بجواره
- حبيبي مالك شكلك تعبان ليه كدا
اغمض عيناه وأردف بهدوء
- تعبان أوي أوي ياحبيبتي. نهضت جنى حتى تترك لهما المساحة الخاصة وتحدثت
- هروح اعملكوا عصير فريش
هز عز رأسه وهو مازال مغمض العينين.

دنت منه ولمست خصلاته تزيحهها عن وجهها ممسدة عليها بهدوء حتى يشعر بالراحة وينام، ولكنها وجدت نفسها فجاة على ساقيه
نظرت حولها تدفعه بإستحياء
- عز اتجننت. بتضحك عليا، جذب وجهها وهو يهمس
- والله مابضحك عليكي ياقلبي. أنا تعبان ومحتاج جرعة كبيرة عشان أفوق. يرضيكي حبيبك يكون محتاج جرعة دوا وانت رافضة
ضيقت عيناها متسائلة.

- دوا إيه ياحبيبي دا وأنا اجيبه لك فورا، لم يدعها تكمل حديثها عندما التقط ثغرها جعلها تبادله جنونه ولم يفصلها سوى صراخ جواد عليهما
- عزززز قفزت ربى من على ساقيها ووجهها اشتعل بنيران الإستحياء من والدها الذي ظهر من العدم، اتجه اليهما بخطوات سُلحفية ينظر إليهما بغضب، مما جعل ربى تغمض عيناها وتريد أن تنشق الأرض وتبتلعها. نظر جواد لربى وتحدث
- على البيت أختك وجوزها جم.

هرولت سريعا تنظر للاسفل دون حديث، قبض جواد على ملابس عز ينظر إليه بنظرات جحيمية وتحدث بغضب
- كنت بتعمل إيه يلا
مط عز شفتيه للأمام يضرب كفيه ببعضهما ثم اردف:
- ماإنت شوفت لازم تسأل. مش عيب ياعمو الأسئلة المخجلة دي
أمسكه من اذنه وتحدث من بين أسنانه
- لما إنت عارف إنها مخجلة ياروح ابوك بتعملها ليه، وكمان علني. دا أنا شفتك يلا?
زفر عز وأراد ان يستفزه.

- ماحضرتك الغلطان ياعمو. كان لازم تيجي دلوقتي، دا حتى البوسة مش عارف
مسح جواد على وجهه بغضب محاولا ألا يصفعه. ثم صك على أسنانه وهو يشتعل بنيران يود لو يحرقه كاملا
- دا إيه الفُجر اللي فيك دا يلا? لا ومش مكسوف مني وبتقولها كأنك فوزت بجائزة نوبل
رفع عز جانب وجهه وتحدث بسخرية
- ليه دا كله عشان حتة بوسة، وياريتها بوسة عبدالحليم حافظ دي بوسة بريئة. يعنى حتى البوسة البريئة مش عارف اخدها.

- صهههههههيب صرخ بها جواد عندما فقد أعصابه. خرج صهيب من مكتبه هو نهى ينظرون إليهما بغرابة، أمسك جواد عز من ثيابه. عندما اجتاحت اوردته تيارا جارف من الغضب الجحيمي رافقه شعورا بالغيرة على ابنته، ثم دفعه بقوة على والده
- الولد دا لو قرب من ربى تاني هموته بقولك أهو
قهقه صهيب على عز عندما اقترب من عمه وأردف يعانده.

- على فكرة ياعمو حضرتك ناسي إنك بتتكلم عن مراتي وممكن اطلبها حالا في بيت الطاعة واخدها من قدام عينيك وانت ولا تقدر تعمل حاجة، لكن ابنك حبيبك هيكون رؤوف بحالتك دي وهيدلك مهلة لحد بكرة ياإما تحدد ميعاد لفرحنا، يااما بعد تسع شهور استنى مني حفيد
اسرع جواد محاولا القبض على عنقه
- والله ماأنا سايبك يابن الكلب. وقف صهيب بينهما وهو مازال يقهقه على عز
دفع صهيب عز. اعتذر لعمك يلا? على وقاحتك.

ضيق عز عيناه وتسائل
- وقاحة ليه يابابا، حضرتك عارف عمو عامل الشو دا كله ليه، عشان شافني ببوس مراتي بوسة بريئة
- والله ماانا سايبك. اسرع عز للخارج وهو يضحك بشقاوة مردفا
- ماهو يتلمني ياتلاقي وعدك معايا، وهتشوف كل يوم حاجات كدا وكدا
ضحك صهيب بصخب مردفا
- شيل بقى ياابو الجود مش دا تربيتك
تحرك جواد لمنزله مردفا بعدما فقد أعصابه من ذلك الوقح.

- تعالى بعد شوية يوسف وريان هيجوا عشان يباركوا بخروج غنى، عرف اخواتك حازم وسيف. وأبعد البغل دا عني
اتجه لمنزله
حمل بيجاد غنى لجناحها. ادخلها بهدوء ووضعها على فراشها. جالسا بجوارها. ينظر لجمال عيناها.
- كنت بموت من غيرك ياحبيبي. نظر لعيناها مرة أخرى يملس على خديها
- مفيش حياة ليا وإنتِ بعيدة عني وحشتيني أوي أوي ياحبيبة بيجاد
رفعت كفيها مثلما فعل وتحدثت.

- وتفتكر هيكون فيه حياة لغنى ومفهاش بيجاد ياحبيبي، اغمض عيناه راجعا للخلف يستغفر ربه ويلهمه الصبر على ذاك المختل الثاني كما نعته، قام بالطرق على باب الغرفة بعدما وجده مفتوحا، تراجع للخلف ثم اتجه يطرقه
نهض بيجاد ليرى من الذي أتى. حمحم جواد يناوله بعض ادوية غنى ثم تحدث
- لسة قدامنا اسبوع كمان تخلص العلاج دا، انتظر قليلا وأردف بمعنى.

- اسبوع كمان يابيجاد يارب تكون فاهم قصدي. امسك العلاج من يديه ثم اغلق الباب وتحدث
- ولا ساعة كمان ياحمايا العزيز
قبض جواد على معصمه حتى ابيضت مفاصله وتحدث من خلف الباب
- إياك تتمادى ياحلوف إنت كمان، وشوف هعمل فيك إيه
قهقه بيجاد من خلف الباب وتحدث ليغيظه
- طب وحياة حبي لحماي هعمل كل حاجة. ويبقى روح خطط إنت وابن المنشاوي حلو. ارجع بس من شهر العسل ونتحاسب.

شهق جواد من حديثه المختل ولم يستطع السيطرة على حالة التذمر التي وصل إليها من ذلك المختل، ثم قام بالطرق على الباب بعنفا
- افتح يابيجاد عشان مكسرش الباب على دماغك
تحرك بيجاد وهو يتحدث
- حمايا حبيبي جوز بنتك عايز ياخد شاور عشان يرتاح، وطبعا بلاش أكملك الباقي بتلقطها سريعا ياسيادة اللوا العظيم
وصلت غزل على صراخ جواد تجذبه
- ايه ياجواد اللي بتعمله دا، حرام عليك سيبهم يرتاحوا
ذُهل من حديثها ثم أردف بغضب.

- تعرفي بيقولي إيه ابن المنشاوي
عقدت ذراعيها واردفت بغضب
- سمعت ياحبيبي. دا جوزها وبقاله أكتر شهر بعيد عنها يعني طبيعي، قاطعها بغضب
- البنت لسة تعبانة في فترة نقاهة يادكتورة
والحب يعرف نقاهة ولا غيرها أيها العاشق القديم. هنا توقف اللسان واحتضنت النظرات ببعضها. مدت يديها وتشابكت بيديه وتحدثت بهدوء تمتص غضبه بسبب غيرته الواضحة بعينيه على ابنته.

- يعني جاي غيران على غنى ونسيت حبيبتك اللي بقالك شهر بعيد عنها، وأنا اللي عمالة احسب للوقت اللي هترجعلي فيه، وفي الأخر جاي تتخانق مع بيجاد عشان مقدرش يبعد عن حبيبته اكتر من كدا بس إنت عادي عندك، قاطع حديثها عندما حملها بين ذراعيه يضمها لصدره ناسيا آلالامه التي أحس بها خلال الفترة الأخيرة. وصل لغرفته متناسيا العالم وما فيه، شيئا واحد فقط بين يديه يغنيه عن كل شيئا حبيبته وقرة عيناه. ليذهب.

مساء وصل يوسف واولاده وريان وزوجته وسيارة بها مالك وحمزة خلفه.
كان جميع أل الألفي بإنتظارهم بإعداد وليمة مقدمة على شرف خروج ابنته الغالية قرة عينيهم وكنة آل المنشاوي
ترجل يوسف بجواره فريده، وبجانبه ولديه مروان وليليان أما إبنه الآخر مازال بخارج البلاد
وخلفهم ريان بصحبة نغم وياسمينا وخلفهم حمزة ومالك، وصلوا حيث إنتظار الجميع
بعد الترجيب جلس الجميع ينتظرون غنى وبيجاد، بجناح بيجاد.

وضع الكاب على رأسها مقبلا جبينها، بكرة يكبر ويرجع احسن من الأول. نظرت لعينيه وتحدثت
- كنت بتحب شعري اوي. فاكر من اول مرة قابلتني فيها لما مسكته وقولتلي خسارة فيكي الشعر الحلو دا
رفع ذقنها ونظر لرماديتها وأردف
- انا بحب غنى بيجاد أكتر من اي حاجة. واسكتي اصلي ارجع في كلامي واكملك القصة اللي كنت بشرحلك اصولها واحدة واحدة، وضعت رأسها على صدره تلكمه
- بطل بقى. هو انت على طول كدا منحرف، ضيق عيناه وتحدث.

- مين دا، إلهي اعدمه لو شوفته
رفعت حاجبها وتسائلت
- هو مين دا اللي تعدمه
سحبها من يديها هابطا للاسفل وهو يضحك ثم اجابها من بين ضحكاته
- الأنحراف ياحبيبي
لكزته بكتفه وتركته متحركة
-رخم على فكرة وعايز، قاطعها عندما جذبها وتحدث
- وعايز بوسة وحياتك، تركته متحركة سريعا للاسفل
كان الجميع يتحدث كل شخص مع الأخر، اتجهت سنا ابنة سيف تجلس بجوار عز
- بقولك يازيزو شوف فوني ماله، شكله هينفع ولا اغيره.

امسك هاتفها يبحث فيه ثم رفعه إليه
- لا سليم ياسنا ماله. ماهو شغال اهو
- والله قالتها سنا بخبث
كانت رُبى تجلس بجواره تحاول أعادة تنظيم أنفاسها ودقات قلبها الهادرة من تلك التي أخرجتها عن شعورها ولكنها تفاجئت بمن امسك كفيها يضغط عليهما بحب وينظر إليه
- بلاش تخلي دماغي تروح شمال واقوم ادخلك جوا وانتِ عارفة الباقي. لم بتغضبي خدودك بتحمر وبتبقى عايزة تتقرقش
لكزته بجنبه مردفة بغضب.

-اتلمى ياعز من ساعتين بابا فضحنا. ضحك بخبث عندما تذكر حديثه مع عمه نظر إليه وجده يتحدث مع يوسف
هناك من يقف بصمت بمكان هادئ مع جاسر الذي يغمره الغضب ومالك الذي يتحدث مع ياسين مقهقها
اتجهت بهدوء تقف بمقابلته ثم نظرت لعيناه الشاردة.

- عامل إيه ياأوس، استمع لهماستها رفع نظره وليته لم يرفعها، لقد اشتاق اليها حد الجحيم، كيف يعبر عن إشتياقه إلا بحضنا يحطم عظامها، أغمض عيناه وحاول خروجه من حالة فقدان السيطرة على نفسه متجها للجالسين مردفا
- كويس الحمدلله، بعد إذنك
كان ريان يراقب ابنته كي يعلم ماأصابها. فهو لم يضغط عليها حتى يرى.

اتجه اوس وجلس بجوار والده يستمع لحديثه مع يوسف وصهيب وهو لا يعلم عن ماذا يتحدثون، وقف ريان وتحدث لأوس عندما وجد ابنته تبكي بعدما تركها
اوس مستنيك في مكتب باباك بعد إذنك ياجواد، أومأ جواد برأسه موافقا له
- من غير ماتستأذن طبعا ياريان.

بينما عند جاسر الذي يشعر بنيران قلبه كلما تذكر ماصار منها، وعلم بشكوتها ضده أنه اختطفها ووضعت مستقبله في مهب الريح لولا تدخل باسم ووالده لفقد وظيفته، قاطع شروده اتصال باسم له
- جاسر عرفت مكان فيروز. بس حياة مش موجودة معاها. هي في إسكندرية في شاليه تبع عمها هبعتلك اللوكيشين، اياك تتهور متنساش وظيفتك
تحرك خارجا كالمطارد رآه جواد الذي ابتسم بسخرية لانه هو الذي ارسل عنوانها لباسم...

كانت تتحرك تنظر لتلك الظهور الجميلة فجأة اصطدمت بأحدهما. آسف قالها ياسين بهدوء
ابتسمت ليليان إليه ومدت يدها
- انا لي لي. اولى طب يعني تقدر تقول بعد عشرين سنة هكون دكتورة علاج طبيعي
ابستم لها وتحدث
- ياسين. لسة تاني سنة في كلية الحربية
واو ضابط حربية يعنى وجيش وحرب كدا
صفقت بيديها
ابتسم على عفويتها
-لا دا لسة بدري اوي على الحاجات دي
بينما بمكانا آخر في الحديقة
جلست تعقد ذراعيها امامه واردفت.

- قول سمعاك ياحضرة الضابط العظيم
حمحم جواد متحدثا
-ممكن تسمعيني للأخر لو سمحتي
مطت شفتيها للأمام
- على حسب اللي هتقوله ياحضرة الضابط
استمع عز لرنين هاتفه مستغربا الرقم ثم اجاب سريعا
- الو مين، لم يستطع السماع جيدا بسبب الضوضاء توقف متجها لمكان هادئ
ولكن فجأة استمع لصراخ سنا عبر الهاتف
- الحقني ياعز هموت
سنا قالها عز مستغربا
الحقني أنا في اوضتك والباب قفل عليا وريحة غاز بتخنقني.

اتجه سريعا لمنزله يبحث عنها وصل لغرفته فتح الباب ولكنه صعق مما رأى
بمكتب جواد دلف اوس وجد ريان ينتظره
تحرك متجها له، حضرتك طلبتني ياعمو
نهض ريان متجها وجلس بمقابلته
- سامعك يااوس، عايز أعرف إيه اللي وصلكم ياحبيبي لمفترق طرق كدا، ياسمين مرضيتش تحكي لوالدتها ولا ليا والبنت بتدبل زي ماانت شوفت النهاردة.

أشعل أوس شحنة ندمه وبأسه على قرارا اتخذ في وقت غضبه. فكيف يتراجع عنه وهي التي احرقت قلبه، والآن اصبح جلادها الذي لا يعرف الرحمة كأنه يعاقبها ويعاقب نفسه
شعور مقيت يجعل دقاته تتقاذف بين ضلوعه بين عقله الذي يحادثه الأ يتخلى عن رجولته وقلبه الذي يحادثه بأن يذهب إليها ويرتمي بأحضانها حتى تنعش روحه مرة أخرى.

رفع نظره لريان وظهر خط من الدموع بعيناه، سحب نفسا طويلا حتى لا يدخل بنوبة بكاء تدفع به للهاوية على كبريايئه، حاولا السيطرة حتى لا يدخل حوار عقيم يؤذي أحدهما
نظر ريان لتخبطه وأردف
- سامعك. عايزك تحكيلي إيه اللي حصل خلاكم توصول لمفترق طرق هفضل أسأل كتير
تنهد بألم ولم يجبه متجها بأنظاره للأسغل
ماذا سيحكي ويعبر عما يختلج صدره. أغمض عينيه رغما عنه عله يستطع التنفس والحوار بما يليق بتربيته...

بينما ريان ظل يطالعه بصمت ويدرس انفعالاته التي كانت على وجهه عبارة عن لوحة من الألم الذي ليس له دواء
اقترب ربت على كتفه مخفف من حدة الحوار بينهما عله يخرج مايؤلمه
رفع نظره إليه وغمامة من الدموع تجمعت بجفنيه ثم زفر الهواء المؤلم الذي يخنقه بشده عبر رئتيه وأردف
- كل اللي أقدر أقوله لحضرتك. ظلمنا بعض وجرحنا بعض بما يكفي. والحب عامل زي المية النقية لو جه عليه شوائب مينفعش تستعمله.

جحظت عيني ريان مما استمع. ثم نهض وتسائل:
- من مين فيكم، مين اللي عكر المية النقية دي
صرخة من أعماق قلبه ثم رفع نظره إليه
- إحنا الاتنين للأسف ياعمو
نهض مروان يتجول بالحديقة بعدما وجد احاديثهما عن العمل. تحرك حيث وجود الفتيات، نظر لتلك البريئة التي تضحك كالأطفال وتتحدث لغنى
- والله ياغنون البت دي مفترية، انا قاعدة لوحدي وفجأة وقعتني من المرجحة مش كدا ياابلة ربى
ابتسمت ربى على حماقة تقى، بينما تحدثت هنا.

- لا الصراحة ياتقى انت اللي هبلة ياماما فيه حد يصدق الكلام بتاعك، ضحكت ربى تشير عليها وتخرج لسانها
- شوفتي بنت عمي حبيبي نصفتني. لم تكمل حديثها عندما ارسلت إليها رسالة، فتحتها وإذ بتنظر بصدمة مما رأته
قاطعت صدمتها ليليان
ممكن اقعد معاكم نتعرف ياحلوين
أومأت غنى براحبة، ثم رفعت نظرها لأختها الصامتة التي وجدت دموعها تنسدل بغزارة على خديها وهي تبحث عنه بعينيها، ثم تحركت سريعا.

رفعت غنى هاتفها وارسلت رسالة لزوجها. ثم اتجهت لليليان تعالي حبيبتي انا أعرفك
- أنا غنى مرات بيجاد، ودي هنا بنت عمو سيف. ودي تقى بنت عمو حازم. واللي مشيت من شوية اختي ربى. واللي جاية وراكي تضحك الهبلة دي جنى بنت عمو صهيب
ابتسمت ليليان إليهما وأردفت
- وأنا ليليان. في اولى طب
ضحكت غنى واردفت
- نفسي إلاقي حد فاشل زيي
وصل بيجاد يضمها من أكتافها
- مراتي مش فاشلة ياحبيبي. همس لها
مش لاقيه معرفش راح فين.

لكزته وهمست
- دور عليه شكله عامل مصيبة هتقلب الدنيا. هز رأسه وتحرك سريعا يبحث عن عز
بعد فترة وصل جاسر لذلك الشالية كانت تجلس مع أحدهما وتضحك.

أغمض عينيه ورغما عنه صدرت منه شهقة بكاء مريرة خرجت من أعماق قلبه المحترقة وهو يقبض على قلبه بعنف. منذ اكثر من شهر وهو يبحث عنها من مدينة لمدينة ويكاد يموت خوفا عليها وهي هنا تضحك وتلهو. داست على قلبه المسكين بكل جبروت، ولكن مهلا سوف أعلمك كيف تطعنين قلبي أيها المخادعة.

صرخ بأسمها جعلها تقذف من مكانها تنظر إليه. وجدته بهيئته الخاطفة ولكنه تغير كثيرا اصبح اشد صلابة، عيناه الرمادية التي تحولت لجحيم من الغضب عندما تحول لونها للون الداكن. اعتصاره لقبضة يديه. جعل قلبها ينزف من الألم عندما رأته فجأة امامها
اتجه إليها بخطى سلحفيه ينظر إليها بغضب ثم أمسك يديها وجذبها متحركا من المكان سريعا.

علي طريق مصر إسكندرية الصحراوي، كان يقود السيارة بسرعة فائقة ان دلت على شيئا تدل على غضبه واحتراق صدره من تلك المخادعة كما إدعى، كانت تقبع بجواره منكمشة على حالها تحاول الحديث معه. ولكنه أبى حتى يستمع لحرف واحد من شفتيها
فجأة. استمع لصوت ما بإطار السيارة توقف بالسيارة. ثم ترجل منها يكشف عما صار. لكن جحظت عيناه عندما وجد إطار عجلة السيارة قد ثقب بالكامل.

زفر جاسربغضب يلعن حظه. اتجه للسيارة يبحث عن إطار آخر ولكن ليس موجودا بها شيئا آخر. تذكر صباحا ان اخيه طلبها للذهاب لأحدى النوادي، مسح على وجهه بغضب اتجه لهاتفه عله يحادث احدهما. ولكن وجده فارغ البطارية
ركل جاسر السيارة بقدمه وهو يلعن حظه. نظر لتلك القابعة التي تنظر إليه تحاول إستيعاب ماحدث. اتجه لناحيتها وتحدث:
- هاتي فونك اعمل مكالمة.
ابتلعت ريقها بصعوبه وحاولت الحديث.

- ماهو انت شدتني ونسيته على المكتب
صرخ بوجهها عاليا مما جعل الدموع تتجمع بعينيها
- ليه الهانم مسطولة مش عارفة كان معاها ايه. بس أقول ايه بكلم مين انا غير واحدة شاطرة تعمل مؤامرات حقيرة
ترجلت فيروز من السيارة وشعورها بالاختناق يعيق خروج زفراتها منه الذي تجاوز الحد
تحركت تقف أمامه تحاول إخفاء مشاعرها التي تجتاح كيانها من نظراته المشتعلة بلهب موجه نحو قلبها، أمسكت كفيه وتحدثت
- ممكن تسمعني لو سمحت اسمعني.

شعر بخصة بحلقه لدرجة خنقته لكنه تحامل على نفسه وبلع ريقه بصعوبة بالغة قائلا
- من يوم ماشوفتك وأنا بسمعك وفي الآخر كان جزاتي إيه. إني أحب وأعشق واحدة حقيرة
شهقت فيروز عاليا ولم تستطع السيطرة على آهانته لها. اشتعلت نظراتها وكادت تحرقه
- كفاية اهانة بقى. أمسكته من ذراعيه تضغط عليهما بأظافرها متناسية إصابة ذراعيه حتى أدمت جرحه وصرخت:
- هتفضل تهني لحد إمتى. دا إنت محاولتش تسمعني حتى.

- اسمعك. قالها جاسر بسخرية. مما جعله يقهقه بشهقات مرتفعه. متغاضا عن آلامه التي يشعر بها بدأ يضرب كفيه بالأخر. ثم توقف فجأة ينظر إليها نظرات مستاءة منها ومن نفسه ثم ضرب على صدره موضع قلبه
- ودا ذنبه إيه. قوليلي حاجة تشفعلك عندي. اقترب ينظر لعيناها المتوهجة بالحزن مثلما كان يراها متوهجة بحبها المخادع كما زعم.

اطبق جاسر على جفنيه بألم. هل تشعري عن جراح روحي النازف منكِ ايتها المخادعة الحقيرة. يود لو يتركها في ذلك المكان المظلم حتى تقترف ماجنته يديها. ولكن تبا لقلبه الذي لم يطاوعه ولا شهامته ورجولته التي تربى عليها
في القاهرة
عند مروان الذي يقف ينظر للبنات. اتجه مالك ووقف بجواره
- مش عيب كدا يااسد. دا لو حد شافك هيعدموك.
ضيق مروان عيناه وتسائل.

- ليه دا كله دا بتفرج وبعدين كلهم محجبين مفيش غير البنت ام عيون رمادي الصغنونه دي
اتجه مالك بنظره إليه وهمس بإسمها
- هنا
عند ربى كانت تتحرك بساقين مرتعشتين حتى وصلت لغرفته، قامت بتفتح الباب بهدوء وتتمنى أن الذي رأته لم يكن حقيقة
فتحت الباب، إلا أن وصل بيجاد إليها وجذب كفيها
- بدور عليكي من ساعة تعالي بسرعة شوفي اختك مالها، توقفت تنظر للغرفة وأشارت بيديها.

- عايزة أشوف عز إستنى، استمع لصراخات سنا من داخل الغرفة
- ابعد عني ياعز عيب كدا إنت متجوز
هنا شعرت بإرتجافة بجسدها. اختناق برئتيها. إهتزاز بشفتيها حركت رأسها رافضة ما إستمعت إليه. بينما بيجاد الذي تحرك، يدفع باب الغرف. وإذ بصاعقة تصعقه بقوة.
و قالوا: ما الوجع؟
قلت: إسألوا قلبا عشق قلبا ليس له فيه نصيب
قالوا: ما الشوق؟
قلت: إسألوا روحا تحن لروح لقائهما مستحيل
قالوا: ما الحب؟
قلت: إسألوا شخص يدعوا لحبيبه بالسعادة
رغم أنه لغيره حبيب
قالوا: ماالعشق؟
قلت: إسألوا قلما كتب لحبيب وهو عنه بعيد.

وصل جاسر لأقرب مشفى ودلف سريعا وهو يحملها بين يديه يصرخ بالردهة
-دكتور بسرعة، أسرع إليه المسعفون بالفراش المتنقل وضع فيروز عليه ودموع محتجزة بعينيه. ظل يسير خلف المسعفين يمسك بيديها. تبا لقلبا ضعيفا ينخر وجعا لمن آذاه وآدماه
جلس ينتظر بالخارح بوجه يكسوه الحزن. يمسح على وجهه بعنف كلما تذكر حالتها وماتوصلا كلا منهما.

رجع بجسده يستند على الجدار خلفه. الخوف يتملك منه يدعو الله في قلبه أن يمر الأمر دون خسارتها فهي نبض روحه المأنونة. أغمض عيناه يتذكر ذاك اليوم الذي جعلت قلبه ينبض بها عشقا
فلاش باك.

دلف إلى الشقة وجدها تجلس وبعض شرائح البيتزا أمامها. تأكل كالأطفال بعدما ترك الطعام أثارا على شفتيها. تشاهد فيلما كارتونيا تندمج معه حتى إنها لم تشعر بوجوده. وقف يتابعها بأنظاره. ترتدي ثيابا بيتية كان قد ابتاعه لها. عبارة عن كنزة باللون الوردي يظهر بياضها الناصع. وعيناها التي تشبه الزمرد ببنطال واسع بعض الشى ولكن يظهر منحنيات جسدها بسخاء.

ظل واقفا يعقد ذراعيه على صدره وستند بكتفه على الجدار. وللمرة الأولي يشاهد جمالها الخلاب الذي سرق لُب عقله وقلبه. ثغرها المرسوم كنعقود عنب ووجهها الذي يضاهي ضوء القمر. وخصلاتها الذهبية المتموجه التي جعلتها كحورية بحر
اطبق على جفنيه متلذذا بمنظهرها البهي للعين. الشهي للفم. ابتسم بخفوت، يستغفر ربه على ماوصل إليه من تلك الجنية الذي ألقاها القدر أمامه.

أثناء وقفته الصامته التي صورتها عيناه وقلبه تلك اللحظات انتابه شعور بضمها عندما أحس بإشتياق يضرب أوصاله اتجاهها. هز رأسه رافضا فكر شيطانه
حمحم حتى تنتبه له. رفعت بصرها ثم نهضت تمسح فمها بكفيها كالأطفال
- جيت إمتى محستش بيك
ابتسم متحركا إليها وتسائل ينظر حوله
- فين دادة علية؟
أجابته بابتسامة خلابة.

- قالتلي حضرة الضابط جي. وهروح أعمله المحشي اللي بيحبه. بتحسسني إنك وحيد ومالكش عيلة وقاعد وسطيهم. دا أنا اللي أستاهل الأهتمام دا
ضيق عيناه وتسائل ينظر بخبث إليها
- إنتِ بتبصي لي في حب دادة علية وبعدين ماهو أحنا عيلتك وبنهتم بيكي. دا أنا بقيت أجي هنا وأشوف دادة علية أكتر من أمي
ابتسمت له بخجل ورفعت بصرها تنظر لعيناه التي سقطت صريعة بعشقه.

- بس أنت برضو بتوحش دادة علية أوي. ممكن يعدي بالأيام لما تفتكرها
ابتسم تلقائيا عندما إستمع لكلماتها الغير صريحة. فأجابها
- ودادة علية بتوحشني أوي. عرفيها مابتفارقش خيالي.
كأن كلماته اثلجت قلبها من دقاته العنيفة ونيران اشتياقها له. ودّت لو نهضت وألقت نفسها بأحضانه كي تشبع من رائحته التي تنعش روحها. قاطعت حوار العيون دادة علية عندما أردفت:.

- والله وإنت ياحبيبي بتوحشني أوي. وبحس بغيابك. متغبيش عني تاني ياقرة عيني
ابتسم جاسر من قلبه ووقف يقبّل يديها. فهو يعتبرها كوالدته التي ربته. فهي التي كانت تتولى تربيته ورعايته عندما كان يذهب بالأيام يقضيها عند باسم، فكان جواد يصاحب جاسر إليه ليقضي عنده بعض الأيام بعد موت ولده
ابتسمت فيروز على علاقة الحب بينهما.
تراجعت علية تقول: - هجهزلك الغدا حالا عملالك ورق عنب وبط كمان. وحمام.

برق عيناه يضع يديه على صدره
- ياحوستي محشي وبط وحمام. ليه هو أنا عريس. دا أنا اخري أجري ورا حرامي
قهقهت فيروز على كلاماته. مما جعل طلتها بضحكاتها تخترق قلبه ليعلن إنها ملكته وحده
رفع حاجبه بسخرية ينظر إليها قائلاً
- ياه لدرجادي كلامي ضحكك. ماهو مش معقول يعني أكل دا كله. رفع حاجبه ينظر لشطيرة البيتزا التي أمامها وأكمل مستطردا: - لا وكمان هاكل لوحدي. شايف حضرتك اتغديتي.

نهضت تهز رأسها وتضحك: - لا دي كانت تصبيرة. لحد ما دادة تكمل الأكل. هو أنا اقدر برضو أخليك تاكل لوحدك
أسبل جفنيه يحاول الثبات أمام جمالها الذي سلبه بالكاملا أبعد نظره عن عيناها عندما وصلت تجلس بمقابلته ومازالت ابتسامتها على وجهها فتحدثت: - جاسر قالتها بصوتا هادي. جعل دقاته تتصاخب بضجر داخله حتى كادت تخرج من بين ضلوعه.

رفع وجهه إليها فتلاقت زمردتيها برماديته التي توهجت من كثرة مشاعره فشرد بشفتيها الوردية التي تشبة حبة الفراولة ودّ لو يتذوق طعمها. ابتلع ريقه بصعوبة محاولا تمالك أعصابه. وذاد الأمر صعوبة عليه بعدما أمسكت كفيه بكفيها الرقيق وتحدثت:.

- فيه موضوع مهم لازم تعرفه. سحب كفه سريعا عندما شعر بسريان تيار كهربي ألهب جميع حواسه، نصب عوده وتحرك متجها للنافذة ينظر من خلالها. علّه يجد نسمة هواء تهدأ من نيرانه الذي شعر بها من اقترابها منه. رغم إنهما بفصل الشتاء.

تحركت تقف بجواره. تنظر إليه علها تشبع روحها الهادرة الضائعة التي أودت بها والدتها بغيبات الجب. وقفت بجواره تنظر من الشرفة على تساقط الأمطار وتحدثت: - أنا كلمت ماما النهاردة بعد ماعرفت من عمو باسم إنها نزلت صورتي على التواصل الإجتماعي بدّور عليا. قولتلها أنا سافرت الساحل مع حد قريب من صحابتي عشان متحاولش تدور عليا...
إتجه بنظره إليها وتسائل: - وهي صدقتك بالبساطة دي.

ترقرق الدمع بعيناها ورفعت بصرها وتحدثت بشفتين مرتجفتين: - هي عملت نفسها مصدقاني. وحاولت بدور العطف معايا عشان أرجع. بس أنا عارفة تفكيرها في أيه
قطب مابين حاجبيه وتسائل: - إزاي كلمتيها أنا مقولتش بلاش تواصل بيها. أمسكت كفيه وأردفت بدموع:.

- متخافش كلمتها من تحت. خرجت مع الدادة وهي بتشتري حاجات البيت وكلمتها عشان تبعد عني وماتتحطش في مسؤلية بعد كدا، ضغطت على كفيه بيديها الأتنين وأكملت باعين تغشاها الدموع: - أنا مش عايزة أمشي من هنا خلاص. حاسة البيت دا بتاعي ومش ناوية أتنازل عنه. مهما كلفني الأمر.

خرجت الكلمات كالسهم نفذ لصدره ليحترق قلبه. عندما تذكر حديث باسم عن هويتها وسيكون رفض والده قاطع بالنسبة إليه. وطلبه بالبعد عنها. ولا يشغل قلبه بها
لم ترحم فيروز قلبه وتصارعه مع حديث باسم بالبعد عنها. رفعت كفيها تضعها على وجنتيه. حتى اصطدم بوجهها القريب وفيروزتها التي خدرته بالكامل فبعث لجسده قشعريرة لذيذة وأكملت لتضيع ماتبقى من تماسكه عندما اقتربت للحد الغير مسموح واختلطت أنفاسه بأنفاسها:.

- تفتكر ياحضرة الضابط أنا ممكن أتنازل عليك بعد ماشوفت نظرة الحب دي في عينك قالتها وهي تحاول الأقتراب من شفتيه ولكن ارجعها رنين هاتفه الذي صدع بالمكان، اهتز جسده بالكامل وتناول هاتفه خارجا سريعا من شقته. ونيران صدره تحرقه بالكامل مما صار. و بدأ يحادث نفسه: - من إمتى وقلبي ضعيف كدا، مسح على وجهه وتحرك لسيارته ودقات عنيفة بقلبه كلما تذكر تلامس شفتيها. كيف رضي بذاك لولا هاتفه كان سيصير مايخشاه منذ وقعت عيناه عليها.

صدح الهاتف مرة أخرى في رنينه. فتح زر قميصه يحاول تهدئة نفسه. ثم رفع الهاتف ليجيب:
- أيوة ياعمو فيه حاجه
ابتسم باسم وهو يجلس يناظر حياة وماتفعله بالحديقة مع قطتها
-حبيب عمو ياحلو إنت. فيه موضوع لسة وصلني النهارده بخصوص الفيروز تبعك
توقف عما كان يفعله وأستمع إليه بإهتمام كأن أسمها يعطي للحياة معنى
- سامعك! قالها جاسر بهدوء رغم ضجيج قلبه
أجابه باسم
- مالك ياجاسر، فيه حاجة ياحبيبي.

تنهد بألما بما يشعر به. حينما وصل إليه شعور بالصعود إليها مرة آخرى وسحقها بأحضانه حتى يشبع روحه وأنفاسها التي سلبت عندما تركها
أرجع خصلاته للخلف ويشعر بتمزق روحه عندما تركها وغادر وهو يعترف أنه وقع بحبها وقوعا عنيفا تنهد ثم أجاب باسم: عمو أنا تعبان اوي مش قادر أتنفس حاسس إني مخنوق أوي. عايز أروح أحكي لبابا كل حاجة لكن هو مشغول بفرح غنى اللي بعد أسبوع غير مرضها
- انت فين ياجاسر؟ تسائل بها باسم.

- قدام الشقة ياعمو.
زفر باسم بغضب كان يعلم أنه سيقع بغرامها وحاول منعه ولكن كيف المنع للقلب من الوقوع بالغرام
- تعالى عندي. نقعد شوية ونتكلم فيه موضوع ضروري لازم تعرفه
ابتسم جاسر بسخرية
- دادة علية عاملة محشي وبط وحمام. يعني لو مشيت إنت عارف ممكن تقاطعني سنة كاملة
قهقه باسم عليه وأردف: - لا كدا أنا اللي جاي لدادة علية مسافة الطريق أكون عندك. بس فيه موضوع ياريت تسأل عليه فيروزتك قبل ماآجي.

ابتسم بسعادة تغمره عندما خصها باسم له وأردف
- فيروزتي ضحك باسم بسخرية
- فيروزتك طلعت متجوزة ياجسورة من ابن عمها ياحبيبي
هزة عنيفة أصابت جسد جاسر بالكامل. كأن صاعقة ضربته بقوة فارتطدمت بجسده حتى أدمته فنزف قلبه وللحظة توقف الزمن وثبت دوران الارض تحت أقدامه. أغمض عيناه بقهر
لم يشفق عليه باسم وأكمل حديثه الذي شقه قلبه لنصفين.

- وعرفت ابن عمها دا كان حبيبها من صغرهم بس أبوها لما مات راحت قعدت مع جدتها وهي عندها خمستاشر سنة ولسه راجعة من خمس سنين بس اتكتب كتابها عليه بعد وفاة أبوها بسنة واحدة ليه بقى ياجسورة خد التقيلة دي
- أبوها كتب كل حاجة باسمها ومخلاش لأمها ولا مليم. ليه ياترى، عشان أبوها عرف إن أمها كانت بتخونه مع اخوه
قهقه باسم بسخرية.

- يعني عيلة تزيدك شرف ياحبيبي. فوق يلا? وبلاش البت تلعب بقلبك حتى لو هي مش زيهم بس تاريخ العيلة أسود تفتكر جواد الألفي لما يعرف دا هيسكت.
هدأ باسم قليلا ثم تحدث.

- أنا عارف البنت حلوة وممكن تكون بريئة ماهو مفيش حد بيختار أهله لكن توصل إنها تكذب بموضوع جوازها دا مصيبة يخلي دماغنا تلف. وكمان هروبها من البيت وراه سر تاني غير تعذيب عمها. دلوقتي أنا حطيت الخيوط كلها في ايدك حبيبي ياريت تحلها ياجاسر من غير ماتأذي نفسك
خرج من شروده عندما خرج الطبيب من غرفتها، نهض سريعا ينظر للطبيب
- إيه الأخبار يادكتور؟
نظر إليه الطبيب بتقييم وتسائل: - حضرتك تقربلها إيه؟

زفر جاسر وود لو يطبق على عنقه. ورغم ذلك أجابه: - أنا خطبيها، عدل الطبيب من وضع نظارته وأجابه: - مفيش حاجة خطيرة هبوط حاد في الدورة الدموية، شكلها ماكلتش من فترة غير ضغط نفسي كمان. آه وكان نوبة قلبية عادية. بتيجي من كتر الضغط على الأعصاب.
قطب جاسر مابين حاجبه
- دا وشها إزرق وشفايفها.

- قولت لحضرتك دي كانت نوبة قلبية بعد الضغط على أعصابها. ممكن المريض يوصل لفقدانه للحياة. يعنى نفسي وجسدي دا اللي وصلها لكدا. لكن هي حاليا جسديا كويسة جدا، ألف سلامة عليها. قالها الطبيب وتحرك
دلف وجد الممرضة تقوم بتوصيل المحاليل. رفع نظره إليها وجدها تنظر بشرود لنقطة وهمية. خطى ببطئ إلى أن وصل وجلس بجوار الفراش. غصة كبيرة أحكمت مجرى تنفسه عندما وجد ذبول بشرتها وشحوبها.

صمتا مقتولا ساد بينهما ورغم الصمت انظاره عليها ترسم تفاصيلها بأشتياق. حقا لقد تمزق قلبي ببعدك ووعدت نفسي بالأبعاد وجعلكِ سرابا ولكن ماذا أفعل لذاك القلب اللعين الذي فقد الحياة ولم يتمنى سوى نظرة من عينيكي التي ترسل بهجة لقلبي المسكين. كيف أعتاد البعد وأنا أحبكِ حباً.
يسمعه الأصم ويبصر به الكفيف...
ويزهر الزهر في الخريف...
ويتراقص بأنغامه العاجز، ...
إنكِ الشيء المتعمق بي...

الشيء المنعقد في نصف قلبي...
وابدا لن يغادر...
أطبق على جفنيه ثم تنهد بوجع. ثم ابتلع وجعه منها. وبهدوء ظاهري ونبرة عميقة وعيناه مازالت تبحر فوق ملامحها
- فيروز عاملة إيه دلوقتي؟
بكت بقهر يتيمة لم تجد مايهون عليها آلالامها. نهض متجها إليها. يربت على خصلاتها
- إشش إهدي. خلاص مش زعلان ومش هعمل حاجة. هرجعك لأهلك لو دا يرضيكي
تشبست بقميصه ودموعها تسبق كلماتها
- جاسر أحضني. أحضني أوي. أنا بردانة.

هز رأسه رافضا كلاماتها وتحدث بهدوء رغم شعوره بالضياع من كلاماتها. صاح بالممرضة التي هرولت إليه وتحدث قائلا: - اديلها أي مهدئ لو سمحتي. مش شايفة إنهيارها وبتقول بردانة. إيدها ساقعة ومتلجة ليه؟
فحصت الممرضة محلولها وأردفت
- آسفة الكانولا مكنتش واصلة كويس. المحلول فيه مهدى هيخليها تنام متقلقش، هي كويسة والبرد دا من ضعفها وقلة اكلها
سلامتها يافندم. قالتها وتحركت.

جلس أمامها على الفراش والخوف يلتهم قلبه كما تلتهم النار سنابل القمح...
احتوى كفها بين راحتيه وحاول الحديث بهدوء منافي للموقف
- فيروز ممكن تبصيلي
ظلت كما هي تنظر بشرود. رفع ذقنها بأصبعه ينظر لفيروزتها
-ممكن أعرف مالك وزعلانة ليه. زعلانة عشان جبتك من مكانك، خلاص إنسي هرجعك مكانك. صمت للحظات ينظر إليها. اصطنع ابتسامة بمهارة وأسترسل.

- اعتبري مجتش ولا شوفتيني. أنا كنت فاكر حاجة تانية وجيت لك عشان اتأكد منها.
مطت شفتاها بحزن ونظرت للأسفل. ماذا تبرر عن هروبها وكسره بتلك الطريقة
رفعت كفيه الذي كان يمسكها وقبلتها فجأة
وهي تتحدث
- حبيبي سامحني
ذُهل جاسر من حركتها. نهض كالملسوع عندما أذهبت عقله وجعلت قلبه كنيران
هز رأسه رافضا مافعلته
تحرك للخارج عندما فقد السيطرة على نفسه ولكن تسمر بمكانه عندما تمتمت.

- والله حبيتك أكتر حاجة في الدنيا. للأسف جتلي في الوقت الغلط. عملت كدا لما هددوني بقتلك. دخلوا المزرعة بالليل وكانوا هيموتنا أنا وحياة في يوم كان باسم مسافر. وخيرونا بين موتكم وبين نقل معلومات عن القضية اللي ماسكها باسم وعثمان عشان فيها ناس تقيلة أوي. حياة رفضت في الأول لكن لما صوروك وانت قاعد مع باسم وفي كافيه وحد مصوب سلاحه على راس باسم. حياة صرخت وقالت خلاص هتعمل اللي عايزينه. وقالت هي اللي عايزة تاخد حقها بأيدها. أنا رفضت. لولا تدخل حياة واوهمتم إنها بتنتقم من باسم عشان لعب بيها. عمي حلف ليقتلك إنت وعمو باسم لو هي بتلعب بيهم. وضحك بإستهزاء وقال:.

أنا دخلت مزرعته في وسط حراسه. وخيرني بين موتك وبين إني أبلغ عليك إنك خطفني. وزرعوا كاميرات في كل مكان عشان يراقبوا باسم ويعرفوا كل حاجة عن القضية بما إنك طرف فيها. حياة اوهمتهم إنها بتكره وكدا كدا هي هتهرب منه.
رجع جاسر يجلس على المقعد يستمع إليها بذهول. يحبس أنفاسه داخل صدره ضاغطا على كل عصب في جسده حتى لا يصفعها بقوة.

رفعت بصرها تنظر إليه وشعور بالخدر بأوصالها أكملت بجفنين مرهقين: - طبعا محطوش الكاميرات قدامنا. إحنا عرفنا بالصدفة بعد مامشيوا وأنا وحياة بنحاول نفكر إزاي نخرج من المزرعة من غير مانأذي باسم ونأذيك. بلعت ريقها الجاف وأكملت: - اصل حياة كانت متفقة معايا في الأول ألعب عليك زي ماباسم لعب عليها. بس حبيتك. وحبيتك أوي ورفضت كلامها
جاسر أنا بحبك. قالتها ثم ذهبت بنومها بسبب المخدر.

بالساحل بالشاليه عند باسم
وضعت رأسه على ركبتيها تصرخ بإسمه
- باسم إفتح عيونك. حبيبي افتح عيونك، أوعى تسبني. باسم قوم أنقذ إبنك. حبيبي أنا حامل والكلب مدحت ضربتني في بطني. ظلت تصرخ بأسمه وتهزه بعنف: - بقولك قوم إنقذ ابنك انت إيه مبتسمعش
صرخت بقوة عندما أشتد الألم وذاد نزيفها بقوة وشعرت بدوران يصفعها حتى كادت أن يغشى عليها.

في هذه الأثناء استمعت لرنين هاتفه، اخرجته بيد مرتعشة وفتحت الخط سريعا وبدأت شهقاتها بالأرتفاع عندما استمعت لصوت جواد:
- باسم بعد ماترجع لازم نقعد ونتكلم. عايزك تسامحني مكنش قصدي ازعلك. ولكنه توقف عندما استمع لشهقاتها، وضعت يديها على فمها وهي تمنع صوتها
- باسم مدحت العتال ضربه بالنار، الحقه ياعمو جواد، باسم هيموت، قالتها بأنفاس مسحوبة.

ترنح جواد للخلف بأعين جاحظة مما إستمع إليه. وبأنفاس مرتجفة ولسان ثقيل تسائل
- هو عايش؟، معرفش
صرخت بها حياة من شدة الآلام التي شعرت بها.

خرج جواد سريعا بروح محترقة وقلبا يتمزق ألما. تقاومه رغبه عارمة بأن يكون له جناحين حتى يصل بسرعة البرق إليهما، رفع هاتفه سريعا وقام بحجز طائرة خاصة. ثم قام بإلاتصال وأبلغ عن مكانهما. وفي خلال نصف ساعة كان جواد يقف أمام غرفة العمليات ويكاد قلبه يتقيأ دما على صديق عمره، وصل إليه صهيب وحازم بعدما علموا بالخبر، وجدوه جالسا بروح غائبة
ضمه صهيب يربت على ظهره عندما وجد دموع محتجزة بعينيه.

- جواد هيقوم بالسلامة. باسم مر بأكتر من كدا وعدى
لكم الحائط بقبضته وصرخ بصوتا باكي
- أنا السبب ياصهيب. عملوا كمين وأنا زي الأهبل اللي بعتله عنونها. مجاش في بالي إنهم هيموتوه هعيش إزاي أنا لو حصله حاجة. حب يرد اللي باسم عمله في ابنه
آهة خرجت بحرقة من فم جواد وشعوره بالعجز يتملك منه
ربت صهيب وهو يدعوا ربه
- إن شاء الله يقوم بالسلامة
جذبه صهيب حتى يجلس.

- ممكن تقعد وتهدى عشان ضغطك، بينما حازم الذي توقف أمام غرفة العمليات يدعو ربه ألا يحزنهم على فقدان غالي آخر
جلس جواد ووضع رأسه بين كفيه. جلس بكتفين متدهلين وكأن الدنيا دائما تعطيه كأسا من الوجع ليتذوقه على أقرب الأشخاص لقلبه. هنا تذكر جاسر وكأن قلبه كاد أن يتوقف ليحدث له بما صار لباسم
رفع نظره لصهيب وبلسان ثقيل وعينين مغروقتين بالدموع عندما شعر بأنسحاب انفاسه.

- شوف جاسر ياصهيب. ابني معرفش عنه حاجة من إمبارح. وضع يديه على صدره عندما شعر بألما بشقه الأيسر
جلس صهيب على عقبيه أمامه وتحدث بهدوء
- تمام. أهدى ياحبيبي، هكلمه حالا. لكن لازم تهدى. أكيد هو كويس
رفع هاتفه وهو يدعو ربه بألا يصيبه مكروه فوضع جواد لا يتحمل حزن يكاد يصل بحياته للهاوية
- أيوة ياجاسر إنت فين ياحبيبي
خطف جواد الهاتف سريعا من باسم حتى يستمع لقرة عيناه استمع لجاسر.

- أنا كويس ياعمو. ساعتين كدا وهكون في القاهرة
- جاسر قالها جواد بتقطع
توقف جاسر الذي كان جالسا أمام غرفة فيروز حتى تفيق من غفوتها
- بابا حبيبي. مالك، فيه حاجة؟
أجابه جواد وهو يمسح على وجهه
- أحنا كويسين، أتأخرت ياحبيبي فقلقت عليك. ارجع بسرعة
هز جاسر رأسه وأجابه
- آسف ياحبيبي. قلقتك، حاضر ان شاء الله ساعتين وهكون في القاهرة.

بالقاهرة قبل ساعتين من معرفة جواد
بعد خروج جواد حازم بعدما أخرج قنبلته. جلس حازم يضع رأسه بين كفيه. بينما مليكة التي نظرت لجواد تعاتبه بما فعل بأبنها ثم أردفت ما قسم قلب جواد:
- ليه ياجواد مش معتبر جواد من أولياتك زي عز وفارس. ليه دايما شايفة ابني أخر اهتمامك.

ضحكت سِنا بسخرية وأمسكت قطعت لانشون تضعها بفمها مستمتعة بطعهما تنظر لمليكة ثم أردفت: - مش جواد بس ياعمتو. وحياتك وسنا وهنا. اصلك متعرفيش إن عمو جواد مابيفكرش غير في مصلحة ولاده بس. وبما إن طفلته الغالية في الموضوع فأكيد لازم يكون فيه عز. اما لو مفيش رُبى مكنش قال لا عز ولا جنى
جحظت أعين جواد من حديثهما. وشعر بإنفطار قلبه، وقف ينظر لأخته يشير لنفسه وأردف بصوتا حزين.

- أنا يامليكة. أنا مهتمتش بابنك. دا كلهم ولادي. جواد دا أنا اللي مربيه
وقف حازم ينظر بحزن لمليكة على كلاماتها وأردف بصوتا مكتوم: - إيه اللي بتقوليه دا يامليكة. هو جواد جه وقاله ياخالو عايز أتجوز حد وهو رفض. نظر وتحدث بمغذى عندما وجد الحزن على وجه جواد من كلمات مليكة
- إبنك طول عمره كتوم وإحنا منعرفش هو بيفكر في مين وأنا ابوه لسة متفاجئ بموضوع جنى. انتِ ياأمه كنتِ تعرفي
نهض سيف وجذب ابنته بغضب.

- اعتذري لعمك على وقاحتك ياسِنا وبعد كدا توقفي قدام اعمامك وتتكلمي بأدب
انسدلت دموعها وشعرت بإنكسار مرفقيها الذي ضغط عليه والدها.
- أنا مقصدش حاجة والله يابابا. أنا بس برد على كلام عمتو
- اخرصي. قالها سيف بغضب. فهو قد استمع لحديث عز بالأمس لجواد
جذبها ثم دفعها بقوة على جواد وتحدث
- أنا اللي بقولك أنا قصرت في تربيتها عايزك تربيها أعمل فيها اللي عايزه.
أشار بيديه على تقى وجنى ورُبى وأكمل.

- عايزها زي دول. أنا كأب فشلت ياجواد. إنت كعم صحح غلطي. رفع نظره لميرنا وأردف بصياح
- لو موتها قدامك اياكي تدخلي سمعتي
كان جالس بصمت. ولكنه توقف يجذب سنا من أمام جواد الذي لم يرد على فعلة سيف
- تعالي حبيبة عمو نتمشى شوية. وبعدين نرجع نعتذر لعمو جواد. مش كدا ياعمو
قالها صهيب وهو ينظر لجواد الحزين الذي مازالت كلامات سِنا ومليكة تخترق صدره.

إومأ برأسه لصهيب وقام بفك زر قميصه عندما شعر بالأختناق. اتجهت مليكة سريعا تجلس أمامه على عقبيها وتمسك كفيه
- حبيبي أنا آسفة متزعلش مني والله ماأقصد. جواد رفعت يديه لتقبلها
سحب كفيه سريعا وقبل رأسها
- قومي ياملاكي. أنا مش زعلان. ممكن أكون قصرت فعلا شوية مع جواد بسبب مرض غِنى لكن عمري مابعدت عنه.
اتجهت غزل لجواد بجهاز قياس الضغط والسكر.

- حبيبي مقستش الضغط النهارده. ومشفتش السكر. تسمح لغزالتك تناغشك شوية، قالتها غزل عندما وجدت حزن زوجها، تحركت مليكة بعدما قبلت رأسه
نهض الجميع مغادرين. بينما جنى التي ظلت جالسة تنظر لجواد وعينيها متحجرة بالبكاء. رفع يديه إليها
- تعالي حبيبة عمو. انا سامعك.

جلست بجواره على المقعد وألقت نفسها بأحضانه وبكت بمرارة تقول: - أنا آسفة ياعمو مش قصدي حد يزعل ابدا والله. ولو جواد مزعلك متسمعش منه هو منفعل لكن بيحبك أوي.
قبّل جواد رأسها يضحك على طفوليتها
رفع ذقنها ينظر لعيناها: - الولد جواد عامل في جنونتي إيه
نظرت بخجل لغزل الذي رفعت حاجبها بألا تتكلم
فرقت يديها ثم تحدثت بعدما توردت وجنتيها
- مفيش حاجة ياخالو. أنا هشوف ماما بعد إذنك.

تحركت سريعا. قهقه جواد عليها ثم تحدث مما جعلها تتوقف بمسيرها
- على كدا أقول لطارق كل شئ قسمة ونصيب ولا نقوله مبروك
استدارت تنظر له بخجل وأردفت
- لا قوله كل شئ قسمة ونصيب ياخالو، قالتها وتحركت سريعا لمنزلها
ابتسم عليها وشعور الراحة يتمكن منه وهكذا تم كل شيئا كما خطط له. إلا من كلمات مليكة التي أصابته بمقتل.

مسدت غزل على خصلاته التي بدأ الشيب يغطيها فصار أكثر جاذبية وهيبة. جلست أمامه على الطاولة التي كانت تعج بالطعام منذ قليل ثم رفعت ذقنه تنظر لعيناه
- ياترى دا اللي خلى حبيبي طول الليل منمش وبعد عن حضني
نظر حوله وفجأة جذبها حتى جلست على ساقيه ينظر لرماديتها. ترانيمه المقدسة التي يعشقها وأردف هامسا بأنفاسا حارة
- تعرفي حبيبك نفسه في إيه دلوقتي!
قطبت مابين حاجبيها وأردفت هامسة وهي تلمس وجنته بكفها الرقيق.

- حبيبي يتمنى وحبيته تلبي
اقترب يهمس أمام شفتيها
- عايز أخد شاور ياغزول وبعد الشاور عايز جلسة مساج. وبعد المساج عايز استمع لأم كلثوم إنت عمري مع حركات إغوائية نسيت شكلها
قهقهت غزل بصخب وهي مازالت تجلس على ساقيه
- دا إيه طلباتك اللي محتاجة مصباح علاء الدين دي ياحبي
حمحم عز من خلفهما وتحدث
- وماله يابو الجود إنت إحلم وأنا أحقق لك طلبك. هو أنا عندي كام عمو جواد بس
قفزت غزل من على ساقيه تلكمه بصدره.

عاجبك كدا أهو عز بيتريق علينا
مسح جواد انفه ينظر لعز بسخرية وأشار
إليه
- تعالى ياحيلتها. طلبات ايه يلا? اللي عايز تحققهالي ليه ناوي تعمل إيه
اقترب عز منه يقهقه عليه. تحركت غزل سريعا عندما شعرت بخجل من حديثهما
جلس عز يضع يديه على كفيه يحرك حاجبيه كالأطفال
- إيه ياابو الجود عايز ترجع شبابك مع غزالتك.
جذبه جواد من تلابيب ثيابه حتى سقط من فوق الطاولة.
- اتلم ياعز أصل وحياتك أخليك تنام في حضن ابوك يوم فرحك.

مط عز شفتيه ورفع حاجبه بسخرية
- هو ابو الجود بيحلم بكوابيس كتيرة ولا إيه، هو مين دا اللي ينام في حضن ابوه يوم فرحه.
أمسك عز زر قميص جواد وقام بغلقه وهمس له
- متخلنيش ياعمو اقوم حالا وانام في حضن مراتي وأعوض ليالي الحرمان. دي مراتي متخلنيش أكتبها على جبيني عشان الكل يعرف انك ظلمني
جذبه جواد من عنقه ونظر لعيناه وتحدث
- تعرف ياولد ياعز نفسي في إيه
مط عز شفتيه للأمام كالأطفال وتحدث.

- عارف نيتك ياعمو لكن وحياتك ياغالي مش هتنولها، وبقولك اهو شلني من دماغك عشان انا بحاول أكون مؤدب ببوسة بس.

صفعه جواد على عنقه من الخلف
- ليه هو الجحش بيحلم بإيه اكتر من بوسة
تلفت عز حوله ودنى من جواد وهمس بإذنه ببعض الكلمات. مما جعل جواد يلكمه حتى سقط على الأرضية
- ياقليل الادب دا إيه يلا? الفُجر اللي فيك دا لا ومش مكسوف مني
وقف عز وهو يقهقه على وجه جواد الذي اصبح لوحة فنية من الغضب ثم اقترب منه.

وربت على كتفه مردفا: - أحمد ربنا ياعمو اني مستحملك لحد دلوقتي وبحاول اكون مؤدب. ومتنساش انا تربيتك. قالها عز عندما صعد وجلس على المقعد أمامه
دفعه جواد بقوة حتى سقط المقعد بالكامل
- امشي يابغل من قدامي. بدل مااعلقك
- مش ماشي إلا لما تصالحني على بنتك. اصلها زعلانة. عشان غيورة زي بابي بتاعها
نهض جواد متحركا إليها ينظر بخبث
- دا يوم الهنا والله. دا مش هصالحكوا بس لا دا هخليك تطلقها بالتلاتة.

- بسم الله الرحمن الرحيم
-
- لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
-
- البارت السادس والعشرون
-
- و قالوا: ما الوجع؟
- قلت: إسألوا قلبا عشق قلبا ليس له فيه نصيب
- قالوا: ما الشوق؟
- قلت: إسألوا روحا تحن لروح لقائهما مستحيل
- قالوا: ما الحب؟
- قلت: إسألوا شخص يدعوا لحبيبه بالسعادة
- رغم أنه لغيره حبيب
- قالوا: ماالعشق؟
- قلت: إسألوا قلما كتب لحبيب وهو عنه بعيد
-.

- وصل جاسر لأقرب مشفى ودلف سريعا وهو يحملها بين يديه يصرخ بالردهة
- -دكتور بسرعة، أسرع إليه المسعفون بالفراش المتنقل وضع فيروز عليه ودموع محتجزة بعينيه. ظل يسير خلف المسعفين يمسك بيديها. تبا لقلبا ضعيفا ينخر وجعا لمن آذاه وآدماه
- جلس ينتظر بالخارح بوجه يكسوه الحزن. يمسح على وجهه بعنف كلما تذكر حالتها وماتوصلا كلا منهما.

- رجع بجسده يستند على الجدار خلفه. الخوف يتملك منه يدعو الله في قلبه أن يمر الأمر دون خسارتها فهي نبض روحه المأنونة. أغمض عيناه يتذكر ذاك اليوم الذي جعلت قلبه ينبض بها عشقا
- فلاش باك.

- دلف إلى الشقة وجدها تجلس وبعض شرائح البيتزا أمامها. تأكل كالأطفال بعدما ترك الطعام أثارا على شفتيها. تشاهد فيلما كارتونيا تندمج معه حتى إنها لم تشعر بوجوده. وقف يتابعها بأنظاره. ترتدي ثيابا بيتية كان قد ابتاعه لها. عبارة عن كنزة باللون الوردي يظهر بياضها الناصع. وعيناها التي تشبه الزمرد ببنطال واسع بعض الشى ولكن يظهر منحنيات جسدها بسخاء
-.

- ظل واقفا يعقد ذراعيه على صدره وستند بكتفه على الجدار. وللمرة الأولي يشاهد جمالها الخلاب الذي سرق لُب عقله وقلبه. ثغرها المرسوم كنعقود عنب ووجهها الذي يضاهي ضوء القمر. وخصلاتها الذهبية المتموجه التي جعلتها كحورية بحر
- اطبق على جفنيه متلذذا بمنظهرها البهي للعين. الشهي للفم. ابتسم بخفوت، يستغفر ربه على ماوصل إليه من تلك الجنية الذي ألقاها القدر أمامه.

- أثناء وقفته الصامته التي صورتها عيناه وقلبه تلك اللحظات انتابه شعور بضمها عندما أحس بإشتياق يضرب أوصاله اتجاهها. هز رأسه رافضا فكر شيطانه
- حمحم حتى تنتبه له. رفعت بصرها ثم نهضت تمسح فمها بكفيها كالأطفال
- - جيت إمتى محستش بيك
- ابتسم متحركا إليها وتسائل ينظر حوله
- - فين دادة علية؟
- أجابته بابتسامة خلابة.

- - قالتلي حضرة الضابط جي. وهروح أعمله المحشي اللي بيحبه. بتحسسني إنك وحيد ومالكش عيلة وقاعد وسطيهم. دا أنا اللي أستاهل الأهتمام دا
- ضيق عيناه وتسائل ينظر بخبث إليها
- - إنتِ بتبصي لي في حب دادة علية وبعدين ماهو أحنا عيلتك وبنهتم بيكي. دا أنا بقيت أجي هنا وأشوف دادة علية أكتر من أمي
- ابتسمت له بخجل ورفعت بصرها تنظر لعيناه التي سقطت صريعة بعشقه.

- - بس أنت برضو بتوحش دادة علية أوي. ممكن يعدي بالأيام لما تفتكرها
- ابتسم تلقائيا عندما إستمع لكلماتها الغير صريحة. فأجابها
- - ودادة علية بتوحشني أوي. عرفيها مابتفارقش خيالي.

- كأن كلماته اثلجت قلبها من دقاته العنيفة ونيران اشتياقها له. ودّت لو نهضت وألقت نفسها بأحضانه كي تشبع من رائحته التي تنعش روحها. قاطعت حوار العيون دادة علية عندما أردفت: - - والله وإنت ياحبيبي بتوحشني أوي. وبحس بغيابك. متغبيش عني تاني ياقرة عيني.

- ابتسم جاسر من قلبه ووقف يقبّل يديها. فهو يعتبرها كوالدته التي ربته. فهي التي كانت تتولى تربيته ورعايته عندما كان يذهب بالأيام يقضيها عند باسم، فكان جواد يصاحب جاسر إليه ليقضي عنده بعض الأيام بعد موت ولده
- ابتسمت فيروز على علاقة الحب بينهما.
- تراجعت علية تقول: - - هجهزلك الغدا حالا عملالك ورق عنب وبط كمان. وحمام
- برق عيناه يضع يديه على صدره.

- - ياحوستي محشي وبط وحمام. ليه هو أنا عريس. دا أنا اخري أجري ورا حرامي
- قهقهت فيروز على كلاماته. مما جعل طلتها بضحكاتها تخترق قلبه ليعلن إنها ملكته وحده
- رفع حاجبه بسخرية ينظر إليها قائلاً
- - ياه لدرجادي كلامي ضحكك. ماهو مش معقول يعني أكل دا كله. رفع حاجبه ينظر لشطيرة البيتزا التي أمامها وأكمل مستطردا: - - لا وكمان هاكل لوحدي. شايف حضرتك اتغديتي.

- نهضت تهز رأسها وتضحك: - - لا دي كانت تصبيرة. لحد ما دادة تكمل الأكل. هو أنا اقدر برضو أخليك تاكل لوحدك
- أسبل جفنيه يحاول الثبات أمام جمالها الذي سلبه بالكاملا أبعد نظره عن عيناها عندما وصلت تجلس بمقابلته ومازالت ابتسامتها على وجهها فتحدثت: - - جاسر قالتها بصوتا هادي. جعل دقاته تتصاخب بضجر داخله حتى كادت تخرج من بين ضلوعه.

- رفع وجهه إليها فتلاقت زمردتيها برماديته التي توهجت من كثرة مشاعره فشرد بشفتيها الوردية التي تشبة حبة الفراولة ودّ لو يتذوق طعمها. ابتلع ريقه بصعوبة محاولا تمالك أعصابه. وذاد الأمر صعوبة عليه بعدما أمسكت كفيه بكفيها الرقيق وتحدثت: - - فيه موضوع مهم لازم تعرفه. سحب كفه سريعا عندما شعر بسريان تيار كهربي ألهب جميع حواسه، نصب عوده وتحرك متجها للنافذة ينظر من خلالها. علّه يجد نسمة هواء تهدأ من نيرانه الذي شعر بها من اقترابها منه. رغم إنهما بفصل الشتاء.

- تحركت تقف بجواره. تنظر إليه علها تشبع روحها الهادرة الضائعة التي أودت بها والدتها بغيبات الجب. وقفت بجواره تنظر من الشرفة على تساقط الأمطار وتحدثت: - - أنا كلمت ماما النهاردة بعد ماعرفت من عمو باسم إنها نزلت صورتي على التواصل الإجتماعي بدّور عليا. قولتلها أنا سافرت الساحل مع حد قريب من صحابتي عشان متحاولش تدور عليا...
- إتجه بنظره إليها وتسائل: - - وهي صدقتك بالبساطة دي.

- ترقرق الدمع بعيناها ورفعت بصرها وتحدثت بشفتين مرتجفتين: - - هي عملت نفسها مصدقاني. وحاولت بدور العطف معايا عشان أرجع. بس أنا عارفة تفكيرها في أيه.

- قطب مابين حاجبيه وتسائل: - - إزاي كلمتيها أنا مقولتش بلاش تواصل بيها. أمسكت كفيه وأردفت بدموع: - - متخافش كلمتها من تحت. خرجت مع الدادة وهي بتشتري حاجات البيت وكلمتها عشان تبعد عني وماتتحطش في مسؤلية بعد كدا، ضغطت على كفيه بيديها الأتنين وأكملت باعين تغشاها الدموع: - - أنا مش عايزة أمشي من هنا خلاص. حاسة البيت دا بتاعي ومش ناوية أتنازل عنه. مهما كلفني الأمر.

- خرجت الكلمات كالسهم نفذ لصدره ليحترق قلبه. عندما تذكر حديث باسم عن هويتها وسيكون رفض والده قاطع بالنسبة إليه. وطلبه بالبعد عنها. ولا يشغل قلبه بها
- لم ترحم فيروز قلبه وتصارعه مع حديث باسم بالبعد عنها. رفعت كفيها تضعها على وجنتيه. حتى اصطدم بوجهها القريب وفيروزتها التي خدرته بالكامل فبعث لجسده قشعريرة لذيذة وأكملت لتضيع ماتبقى من تماسكه عندما اقتربت للحد الغير مسموح واختلطت أنفاسه بأنفاسها: -.

- - تفتكر ياحضرة الضابط أنا ممكن أتنازل عليك بعد ماشوفت نظرة الحب دي في عينك قالتها وهي تحاول الأقتراب من شفتيه ولكن ارجعها رنين هاتفه الذي صدع بالمكان، اهتز جسده بالكامل وتناول هاتفه خارجا سريعا من شقته. ونيران صدره تحرقه بالكامل مما صار. و بدأ يحادث نفسه: - - من إمتى وقلبي ضعيف كدا، مسح على وجهه وتحرك لسيارته ودقات عنيفة بقلبه كلما تذكر تلامس شفتيها. كيف رضي بذاك لولا هاتفه كان سيصير مايخشاه منذ وقعت عيناه عليها.

- صدح الهاتف مرة أخرى في رنينه. فتح زر قميصه يحاول تهدئة نفسه. ثم رفع الهاتف ليجيب: - - أيوة ياعمو فيه حاجه
- ابتسم باسم وهو يجلس يناظر حياة وماتفعله بالحديقة مع قطتها
- -حبيب عمو ياحلو إنت. فيه موضوع لسة وصلني النهارده بخصوص الفيروز تبعك
- توقف عما كان يفعله وأستمع إليه بإهتمام كأن أسمها يعطي للحياة معنى
- - سامعك! قالها جاسر بهدوء رغم ضجيج قلبه
- أجابه باسم
- - مالك ياجاسر، فيه حاجة ياحبيبي.

- تنهد بألما بما يشعر به. حينما وصل إليه شعور بالصعود إليها مرة آخرى وسحقها بأحضانه حتى يشبع روحه وأنفاسها التي سلبت عندما تركها
- أرجع خصلاته للخلف ويشعر بتمزق روحه عندما تركها وغادر وهو يعترف أنه وقع بحبها وقوعا عنيفا تنهد ثم أجاب باسم: - عمو أنا تعبان اوي مش قادر أتنفس حاسس إني مخنوق أوي. عايز أروح أحكي لبابا كل حاجة لكن هو مشغول بفرح غنى اللي بعد أسبوع غير مرضها.

- - انت فين ياجاسر؟ تسائل بها باسم
- - قدام الشقة ياعمو.
- زفر باسم بغضب كان يعلم أنه سيقع بغرامها وحاول منعه ولكن كيف المنع للقلب من الوقوع بالغرام
- - تعالى عندي. نقعد شوية ونتكلم فيه موضوع ضروري لازم تعرفه
- ابتسم جاسر بسخرية
- - دادة علية عاملة محشي وبط وحمام. يعني لو مشيت إنت عارف ممكن تقاطعني سنة كاملة.

- قهقه باسم عليه وأردف: - - لا كدا أنا اللي جاي لدادة علية مسافة الطريق أكون عندك. بس فيه موضوع ياريت تسأل عليه فيروزتك قبل ماآجي
- ابتسم بسعادة تغمره عندما خصها باسم له وأردف
- - فيروزتي ضحك باسم بسخرية
- - فيروزتك طلعت متجوزة ياجسورة من ابن عمها ياحبيبي.

- هزة عنيفة أصابت جسد جاسر بالكامل. كأن صاعقة ضربته بقوة فارتطدمت بجسده حتى أدمته فنزف قلبه وللحظة توقف الزمن وثبت دوران الارض تحت أقدامه. أغمض عيناه بقهر
- لم يشفق عليه باسم وأكمل حديثه الذي شقه قلبه لنصفين
- - وعرفت ابن عمها دا كان حبيبها من صغرهم بس أبوها لما مات راحت قعدت مع جدتها وهي عندها.

خمستاشر سنة ولسه راجعة من خمس سنين بس اتكتب كتابها عليه بعد وفاة أبوها بسنة واحدة ليه بقى ياجسورة خد التقيلة دي
- - أبوها كتب كل حاجة باسمها ومخلاش لأمها ولا مليم. ليه ياترى، عشان أبوها عرف إن أمها كانت بتخونه مع اخوه
- قهقه باسم بسخرية
- - يعني عيلة تزيدك شرف ياحبيبي. فوق يلا? وبلاش البت تلعب بقلبك حتى لو هي مش زيهم بس تاريخ العيلة أسود تفتكر جواد الألفي لما يعرف دا هيسكت.
- هدأ باسم قليلا ثم تحدث.

- - أنا عارف البنت حلوة وممكن تكون بريئة ماهو مفيش حد بيختار أهله لكن توصل إنها تكذب بموضوع جوازها دا مصيبة يخلي دماغنا تلف. وكمان هروبها من البيت وراه سر تاني غير تعذيب عمها. دلوقتي أنا حطيت الخيوط كلها في ايدك حبيبي ياريت تحلها ياجاسر من غير ماتأذي نفسك
- خرج من شروده عندما خرج الطبيب من غرفتها، نهض سريعا ينظر للطبيب
- - إيه الأخبار يادكتور؟
- نظر إليه الطبيب بتقييم وتسائل: - - حضرتك تقربلها إيه؟

- زفر جاسر وود لو يطبق على عنقه. ورغم ذلك أجابه: - - أنا خطبيها، عدل الطبيب من وضع نظارته وأجابه: - - مفيش حاجة خطيرة هبوط حاد في الدورة الدموية، شكلها ماكلتش من فترة غير ضغط نفسي كمان. آه وكان نوبة قلبية عادية. بتيجي من كتر الضغط على الأعصاب.
- قطب جاسر مابين حاجبه
- - دا وشها إزرق وشفايفها.

- - قولت لحضرتك دي كانت نوبة قلبية بعد الضغط على أعصابها. ممكن المريض يوصل لفقدانه للحياة. يعنى نفسي وجسدي دا اللي وصلها لكدا. لكن هي حاليا جسديا كويسة جدا، ألف سلامة عليها. قالها الطبيب وتحرك
- دلف وجد الممرضة تقوم بتوصيل المحاليل. رفع نظره إليها وجدها تنظر بشرود لنقطة وهمية. خطى ببطئ إلى أن وصل وجلس بجوار الفراش. غصة كبيرة أحكمت مجرى تنفسه عندما وجد ذبول بشرتها وشحوبها
-.

- صمتا مقتولا ساد بينهما ورغم الصمت انظاره عليها ترسم تفاصيلها بأشتياق. حقا لقد تمزق قلبي ببعدك ووعدت نفسي بالأبعاد وجعلكِ سرابا ولكن ماذا أفعل لذاك القلب اللعين الذي فقد الحياة ولم يتمنى سوى نظرة من عينيكي التي ترسل بهجة لقلبي المسكين. كيف أعتاد البعد وأنا أحبكِ حباً.
- يسمعه الأصم ويبصر به الكفيف...
- ويزهر الزهر في الخريف...
- ويتراقص بأنغامه العاجز، ...
- إنكِ الشيء المتعمق بي...

- الشيء المنعقد في نصف قلبي...
- وابدا لن يغادر...
- أطبق على جفنيه ثم تنهد بوجع. ثم ابتلع وجعه منها. وبهدوء ظاهري ونبرة عميقة وعيناه مازالت تبحر فوق ملامحها
- - فيروز عاملة إيه دلوقتي؟
- بكت بقهر يتيمة لم تجد مايهون عليها آلالامها. نهض متجها إليها. يربت على خصلاتها
- - إشش إهدي. خلاص مش زعلان ومش هعمل حاجة. هرجعك لأهلك لو دا يرضيكي
- تشبست بقميصه ودموعها تسبق كلماتها.

- - جاسر أحضني. أحضني أوي. أنا بردانة
- هز رأسه رافضا كلاماتها وتحدث بهدوء رغم شعوره بالضياع من كلاماتها. صاح بالممرضة التي هرولت إليه وتحدث قائلا: - - اديلها أي مهدئ لو سمحتي. مش شايفة إنهيارها وبتقول بردانة. إيدها ساقعة ومتلجة ليه؟
- فحصت الممرضة محلولها وأردفت
- - آسفة الكانولا مكنتش واصلة كويس. المحلول فيه مهدى هيخليها تنام متقلقش، هي كويسة والبرد دا من ضعفها وقلة اكلها.

- سلامتها يافندم. قالتها وتحركت
- جلس أمامها على الفراش والخوف يلتهم قلبه كما تلتهم النار سنابل القمح...
- احتوى كفها بين راحتيه وحاول الحديث بهدوء منافي للموقف
- - فيروز ممكن تبصيلي
- ظلت كما هي تنظر بشرود. رفع ذقنها بأصبعه ينظر لفيروزتها
- -ممكن أعرف مالك وزعلانة ليه. زعلانة عشان جبتك من مكانك، خلاص إنسي هرجعك مكانك. صمت للحظات ينظر إليها. اصطنع ابتسامة بمهارة وأسترسل.

- - اعتبري مجتش ولا شوفتيني. أنا كنت فاكر حاجة تانية وجيت لك عشان اتأكد منها.
- مطت شفتاها بحزن ونظرت للأسفل. ماذا تبرر عن هروبها وكسره بتلك الطريقة
- رفعت كفيه الذي كان يمسكها وقبلتها فجأة
- وهي تتحدث
- - حبيبي سامحني
- ذُهل جاسر من حركتها. نهض كالملسوع عندما أذهبت عقله وجعلت قلبه كنيران
- هز رأسه رافضا مافعلته
- تحرك للخارج عندما فقد السيطرة على نفسه ولكن تسمر بمكانه عندما تمتمت.

- - والله حبيتك أكتر حاجة في الدنيا. للأسف جتلي في الوقت الغلط. عملت كدا لما هددوني بقتلك. دخلوا المزرعة بالليل وكانوا هيموتنا أنا وحياة في يوم كان باسم مسافر. وخيرونا بين موتكم وبين نقل معلومات عن القضية اللي ماسكها باسم وعثمان عشان فيها ناس تقيلة أوي. حياة رفضت في الأول لكن لما صوروك وانت قاعد مع باسم وفي كافيه وحد مصوب سلاحه على راس باسم. حياة صرخت وقالت خلاص هتعمل اللي عايزينه. وقالت هي اللي عايزة تاخد حقها بأيدها. أنا رفضت. لولا تدخل حياة واوهمتم إنها بتنتقم من باسم عشان لعب بيها. عمي حلف ليقتلك إنت وعمو باسم لو هي بتلعب بيهم. وضحك بإستهزاء وقال: - أنا دخلت مزرعته في وسط حراسه. وخيرني بين موتك وبين إني أبلغ عليك إنك خطفني. وزرعوا كاميرات في كل مكان عشان يراقبوا باسم ويعرفوا كل حاجة عن القضية بما إنك طرف فيها. حياة اوهمتهم إنها بتكره وكدا كدا هي هتهرب منه.

- رجع جاسر يجلس على المقعد يستمع إليها بذهول. يحبس أنفاسه داخل صدره ضاغطا على كل عصب في جسده حتى لا يصفعها بقوة.

- رفعت بصرها تنظر إليه وشعور بالخدر بأوصالها أكملت بجفنين مرهقين: - - طبعا محطوش الكاميرات قدامنا. إحنا عرفنا بالصدفة بعد مامشيوا وأنا وحياة بنحاول نفكر إزاي نخرج من المزرعة من غير مانأذي باسم ونأذيك. بلعت ريقها الجاف وأكملت: - - اصل حياة كانت متفقة معايا في الأول ألعب عليك زي ماباسم لعب عليها. بس حبيتك. وحبيتك أوي ورفضت كلامها
- جاسر أنا بحبك. قالتها ثم ذهبت بنومها بسبب المخدر.

- بالساحل بالشاليه عند باسم
- وضعت رأسه على ركبتيها تصرخ بإسمه
- - باسم إفتح عيونك. حبيبي افتح عيونك، أوعى تسبني. باسم قوم أنقذ إبنك. حبيبي أنا حامل والكلب مدحت ضربتني في بطني. ظلت تصرخ بأسمه وتهزه بعنف: - - بقولك قوم إنقذ ابنك انت إيه مبتسمعش
- صرخت بقوة عندما أشتد الألم وذاد نزيفها بقوة وشعرت بدوران يصفعها حتى كادت أن يغشى عليها
-.

- في هذه الأثناء استمعت لرنين هاتفه، اخرجته بيد مرتعشة وفتحت الخط سريعا وبدأت شهقاتها بالأرتفاع عندما استمعت لصوت جواد: - - باسم بعد ماترجع لازم نقعد ونتكلم. عايزك تسامحني مكنش قصدي ازعلك. ولكنه توقف عندما استمع لشهقاتها، وضعت يديها على فمها وهي تمنع صوتها
- - باسم مدحت العتال ضربه بالنار، الحقه ياعمو جواد، باسم هيموت، قالتها بأنفاس مسحوبة.

- ترنح جواد للخلف بأعين جاحظة مما إستمع إليه. وبأنفاس مرتجفة ولسان ثقيل تسائل
- - هو عايش؟، معرفش
- صرخت بها حياة من شدة الآلام التي شعرت بها.

- خرج جواد سريعا بروح محترقة وقلبا يتمزق ألما. تقاومه رغبه عارمة بأن يكون له جناحين حتى يصل بسرعة البرق إليهما، رفع هاتفه سريعا وقام بحجز طائرة خاصة. ثم قام بإلاتصال وأبلغ عن مكانهما. وفي خلال نصف ساعة كان جواد يقف أمام غرفة العمليات ويكاد قلبه يتقيأ دما على صديق عمره، وصل إليه صهيب وحازم بعدما علموا بالخبر، وجدوه جالسا بروح غائبة
- ضمه صهيب يربت على ظهره عندما وجد دموع محتجزة بعينيه.

- - جواد هيقوم بالسلامة. باسم مر بأكتر من كدا وعدى
- لكم الحائط بقبضته وصرخ بصوتا باكي
- - أنا السبب ياصهيب. عملوا كمين وأنا زي الأهبل اللي بعتله عنونها. مجاش في بالي إنهم هيموتوه هعيش إزاي أنا لو حصله حاجة. حب يرد اللي باسم عمله في ابنه
- آهة خرجت بحرقة من فم جواد وشعوره بالعجز يتملك منه
- ربت صهيب وهو يدعوا ربه
- - إن شاء الله يقوم بالسلامة
- جذبه صهيب حتى يجلس.

- - ممكن تقعد وتهدى عشان ضغطك، بينما حازم الذي توقف أمام غرفة العمليات يدعو ربه ألا يحزنهم على فقدان غالي آخر
- جلس جواد ووضع رأسه بين كفيه. جلس بكتفين متدهلين وكأن الدنيا دائما تعطيه كأسا من الوجع ليتذوقه على أقرب الأشخاص لقلبه. هنا تذكر جاسر وكأن قلبه كاد أن يتوقف ليحدث له بما صار لباسم
- رفع نظره لصهيب وبلسان ثقيل وعينين مغروقتين بالدموع عندما شعر بأنسحاب انفاسه.

- - شوف جاسر ياصهيب. ابني معرفش عنه حاجة من إمبارح. وضع يديه على صدره عندما شعر بألما بشقه الأيسر
- جلس صهيب على عقبيه أمامه وتحدث بهدوء
- - تمام. أهدى ياحبيبي، هكلمه حالا. لكن لازم تهدى. أكيد هو كويس
- رفع هاتفه وهو يدعو ربه بألا يصيبه مكروه فوضع جواد لا يتحمل حزن يكاد يصل بحياته للهاوية
- - أيوة ياجاسر إنت فين ياحبيبي
- خطف جواد الهاتف سريعا من باسم حتى يستمع لقرة عيناه استمع لجاسر.

- - أنا كويس ياعمو. ساعتين كدا وهكون في القاهرة
- - جاسر قالها جواد بتقطع
- توقف جاسر الذي كان جالسا أمام غرفة فيروز حتى تفيق من غفوتها
- - بابا حبيبي. مالك، فيه حاجة؟
- أجابه جواد وهو يمسح على وجهه
- - أحنا كويسين، أتأخرت ياحبيبي فقلقت عليك. ارجع بسرعة
- هز جاسر رأسه وأجابه
- - آسف ياحبيبي. قلقتك، حاضر ان شاء الله ساعتين وهكون في القاهرة
-.
لو كان لي أن أكون شيئا لكِ
لكنتُ نبضا وعافية لا تفارق قلبك ابدا
وما احببتكِ إلا أن تكوني لي الحياة
فدمتي لي شيئا جميلا لا ينتهي
بيجاد ريان المنشاوي.

كان ينظر للمصعد وهو يهبط ودموع عيناه تنذرف بغزارة. اختلج صدره ضربات عنيفة تصدر من قلبه الذي يدق بشدة خوفا عليها، رفع بصره لوالده يستنجده بعيناه. ورغم حزن ريان البادي عليه إلا أنه رفض بشدة. جذبه من مرفقيه متجها لوالدته، اسرعت نغم ودموع عيناها كالشلال. لا تعلم أتبكي على ولدها أم على غزل ام على تلك الرقيقة التي انهكها المرض. ضمه ريان يربت على كتفه يحاول تهدئته. ولكن كيف لقلب العاشق أن يهدأ ونيران عشقه تنذف دما على محبوبته.

إتجه بيجاد لغزل التي تجلس شاردة كأنها جسد بلا روح فكيف لها تخطي مايدور بعقلها من وساوس تؤدي بها للجيحم
جلس على عقبيه ممسكا بكفيها حتى انتبهت له. رفع كفيها مقبله
- لو سمحتِ إنتِ الوحيدة اللي تقدري توقفي العملية دي. انزلي وقوليلهم خلاص مش عايزين العملية. غنى هتموت ياطنط وحضرتك عارفة
انسدلت دموعها بغزارة تنظر للجميع بتيه
ثم أردفت بلسان ثقيل محاولة الحديث.

- أنا قولت لجواد العملية هتكون خطرة لكن هو أصر إنها تعملها، مستحملش آلامها. وأنا كمان اتمنيت أكون مكانها ولا أشوفها تتألم كدا. رفعت يديها المرتعشة على وجنتي بيجاد وتحدثت بقلب ام وزوجة مفطور
- بيجاد أنا حاسة روحي بتتسحب مني. عارف يعني إيه لما يكون بنتي وجوزي جوا بين الحيا والموت وأنا عاجزة
شهقت شهقات ببكاء مرتفعة تضع يديها على فمها تكتمها وأكملت وهي توزع نظراتها بين صهيب ومليكة وحازم.

- اللي جوا دا مش جوزي بس، دا ابويا وابني وجوزي وحبيبي. وكل حاجة. مع إني طلبت منه اجيب ولاد كتير عشان يبقى لنا عزوة كبيرة و محسش باليتم تاني والوحدة لو خسرت حد.
نهضت ببطئ وتوقفت بينهم وأردفت بصوتا مؤلم.

- اصلكوا محستوش يعني ايه انك تبقى وحيد في الدنيا دي. أنا حياتي اتمثلت في جواد وبس. حتى بعد ماجبت ولاد وبنات هيفضل هو عزوتي الأكبر. ماهو أول واحد شفتهه عيوني. وأول كلمة من بنوتة تتعلم الكلام قالتله بابا. واول اسم لساني نطقه كان اسمه. شهقات مرتفعة ببكاء من ابنتها رُبى. ضمها جاسر لأحضانه وهو يبكي
رفعت رأسها من أحضان ابنها ونظرت إليه.

- ابوك دا مش مجرد راجل في حياتي. ابدا ياحبيبي. لا هو الحياة بنفسها. يعني لو مفيش جواد يبقى مفيش غزل. ودلوقتي هو حياته يمكن اخطر من حياة غنى. يعني أنا مش عارفة ازعل على بنتي نور عيني ولا ازعل على جوزي اللي هو حياتي
قبّل جاسر يديها وأردف بصوتا باكي
- إن شاء الله حبيبتي هيرجعلنا بالسلامة هو وغنى. تراجعت للخلف تهز رأسها برفض. ثم اتجهت سريعا ووقفت بين حازم وصهيب.

- انتوا عارفين إن قلبه تعبان وضغطه بيعلى ورغم كدا وافقتوا أنه يعمل العملية. ليه محدش قالي قبل كدا
وصل سيف للتو عندما وصله الخبر، ينظر بين الوجوه. اتجه لصهيب وتسائل
- فين جواد ياصهيب؟
أطبق صهيب على جفنيه بألم ولم يجبه
أمسكه يهزه بعنف وأردف بصياح
- أنا مش قولتلك متخلهوش يغامر بحياته. خليت أخوك يروح للموت ياصهيب.

كأن الارض تميد بها وتنسحب من تحت أقدامها مع صياح سيف بهذه الكلمات. جلست بمكانها على الأرضية وتحدثت بهذيان
- هونت عليك ياجواد. غزل هانت عليك، لدرجادي مش فارقة معاك. خبيت عليا عشان عارفني مش هوافق لكدا. بس نسيت إنك بتعرض حياة بنتك للخطر قبلها
خطى بهدوء إلى أن وصل وجلس أمامها
امسك صهيب كفيها وأردف بهدوء.

- جواد عمل تحاليل يازوزو. وكشف عند كذا دكتور وسأل استشارين كتير يعني مستحيل يغامر بحياة بنته. وبعدين العملية مش خطرة ولا حاجة
صرخت به وضربت على قلبها
- طمن دا ياصهيب وقوله يصدق كلامك. طمنه وقوله ان مكنش هيموت من شهر. طمنه وصدق كلامك إن جواد ممكن قلبه مايستحملش العملية.
نظرت حولها بتيه ورفعت يديها كالمجنونة.

- طيب ليه ياجواد تعمل كدا. العملية كانت سهلة على ولادك. قولتلي بلاش جاسر عشان لسة خارج من إصابة قولت ولا حاجة عندك ياسين واوس وربى. ويضحك عليا ويهومني بتحاليل أوس وهو اللي هيعملها.
اتجه سيف وجلس بجوار صهيب امامها
- والله لما قالي رفضت ياغزل وحاولت معاه، إنتِ تايهة عن جواد ودماغه الناشفة. ورغم كدا قولت ممكن صهيب يقدر عليه
رفعت نظرها لصهيب وهزت رأسها
- كنت عرّفني ياصهيب كنت قدرت عليه ومنعته.

حاول التماسك رغم خوفه الشديد وتحدث قائلا: - جواد مش عيل ياغزل عشان نقوله اعمل إيه ومتعملش إيه.
عمو جواد لو شايف واحد في المية خطر على حياة غِنى مستحيل يدخل عمليات معاها ياطنط متخافيش. هو أكيد عارف ومتأكد انه مستحيل يصبها أذى. طمني نفسك، قالها بيجاد وهو ينظر للبعيد
ثم ابتسم بحزن يمسح دمعة عالقة بين أهدابه.

- هو عرف يضحك عليا ومخلنيش أسافر بيها الايام اللي فاتت وقالي مش هنعمل العملية دلوقتي. عشان جاسر مصاب.
ابتسم بسخرية واكمل بتأكيد
- وقالي أوس مش متناسق جيناته مع غنى. وانا الأهبل اللي صدقته وسمعت كلامه وماسفرتش واتفاجئ امبارح انه واهمها إنها هتخف بعد العملية وخلاها تضغط عليا. اتجه بنظره لوالده
- وبعتلي بابا يقنعني بكدا. وأنا الأهبل اللي صدقته. رفع يديه ينظر إليها.

- بإيدي دي سلمتها للموت. بإيدي دي ممكن معرفش اشوفها تاني. صرخ وصرخ إلى أن انهار كليا. ضمه ريان الصامت ولا يعلم ماذا يفعل وهو الذي يعلم تخطيط جواد من البداية.

بخطى متعثرة اندفعت متجهة حيث وجوده تركض بخطوات بلا هدي علها توصل إليه قبل دخوله تلك الغرفة التي تكرهها، حاول صهيب إيقافها ولكنها دفعته بقوة متحركة سريعا، تحرك بيجاد خلفها هو يعلم بمدى قدرتها على ثأثيرها على جواد. وصلت أمام الغرفة وارتدت ملابس الوقاية سريعا متجهة للطبيب المسؤل عن العملية التي كانت دائمة التواصل معه. توقفت عندما وجدت جواد يقف يتحدث معه. بينما بيجاد الذي منع من الدخول ولكنه توقف ينظر من خلال الزجاج عما سوف تفعله غزل، يبحث بعينيه عن زوجته الحبيبة. اتت الممرضة لمنعه من الوقوف بذلك المكان المعقم بالكامل.

- لو سمحت ممنوع الوقوف هنا وممنوع الدخول الدور دا. دا خاص بالمرضى وانت كدا بتعرض حياتهم للخطر اكتر ماهي متعرضة. لو سمحت ممكن تمشي
نظر إليها يستجديه بعينه المتورمة من كثرة بكائه لحظات معدودة ثم أردف بشفتين مرتجفتين
- ممكن أطلب منك طلب ولو عايزة الدنيا كلها هجبهالك
نظرت الممرضة إليه بتيه وأردفت.

- لو بإيدي حاجة صدقني مش هتأخر. لقطت عيناه زوجته الحبيبة عندما كانت توضع على ذلك الجهاز اللعين وذلك الفراش البارد الذي يشبه مكان الموتى. انزلقت دمعة غائرة من شدة حزنه ثم أشار بيديه على زوجته ونظر للممرضة
- ادخلي لعندها وقوليلها بيجاد بيحبك اد الدنيا ومن عليها من بشر بيحبك اد الكون اللي ربنا خلقه بما فيه. انسدلت دموعه كالشلال وهو ينظر لأبتسامتها لوالدتها ووالدها ثم أكمل مسترسلا.

- قوليلها متخليش بوعدك مع جوزك مستنيكي برة ولو خليتِ بوعدك هيموت بعدك
بكت الممرضة على حديثه ونظراته المصوبة إليها. لا تعلم كيف رفعت كفيها تربت على ذراعيه
- هقولها حاضر وإن شاءلله تقوملك بالسلامة. بس لازم تمشي من هنا لو سمحت والله هقولها
هز رأسه بالموافقة وتحدث
- طيب هستناكي عايز اشوفها قبل ماامشي ادخليلها دلوقتي.

نظرت حولها تبحث عن أي طبيب حتى لا يعاقبها ودلفت بهدوء في تلك الأثناء وصلت غزل لجواد الذي كان يتواصل مع الطبيب. وقفت بجواره وتشابكت يديها بيديه اتجه ببصره إليها مستغرب وجودها
- ايه اللي جابك ياغزل؟
ابتسمت له ورجعت بنظرها للطبيب وتحدثت
- هل يمكنني الحضور لتلك العملية حتى أستفاد من خبرة أستاذي دكتور كارتاوس.
تبسم كارتاوس لها وأردف مؤكد
- بالتأكيد تلميذتي النجيبة.

هزت رأسها وابتسمت متجهة بنظرها لجواد الذي ضيق عيناه عندما علم زوجته تراوده بالعناد. تحرك الطبيب وهو يشير لجواد على الاشاعة X ray امامه متوجها له مدى السيطرة على المرض من خلال نقل العظم النخاعي. وأن الأمور إلى هذا الحد بالجيد ولكنها ليست بالجيد جدا.
قبضت غزل على كفي جواد وهي تستمع لحديث الطبيب ويقطر قلبها ألما. رفع الطبيب نظره لغزل وتحدث
- كما تحدثت مع د. غزل قبل ذلك واخطرتها.

أن تلك العملية سهل ممتنع. لا تكاد بالصعوبة ولا بالسهولة. بسبب تسبب جزء أكبر من دما خبيثا.
أغمضت عيناها ألما لأنها تعلم كل ذلك. ورغم ذلك اردف جواد بيقين من ربه
- هتعملها وإن شاءلله خير. عندي يقين بربي إن العملية هتنجح
هزت رأسها رافضة وهي تضغط على كفيه
- جواد الموضوع مش سهل
أمال برأسه مردفا.

- من إمتى وإيمانك ضعيف ياغزل. اعقلها وتوكل حبيبتي. ماهو مش هنفضل نقول مستحيل إنها تنجح مكنتش الشعوب خاطرت بالتنكولوجيا. سبيها على ربنا. الفلاح بيرمي البذور في الأرض وبيقول يارب ارزقني. الأم بتودع إبنها وهو رايح يحارب وتقوله ترجع بالسلامة. الدكتور بيدخل يعمل العملية للمريض وهو مش متأكد إنه هينجح ولا لا. بلاش نقعد نستنى النجاح يجي لحد عندنا. لازم نجازف واللي ربنا كاتبه.

- وياترى المجازف دي اهم من حياتك. اتجه بنظره لبنته ورجع لزوجته وأردف بقلب أب
- ولو طلبت حياتي مش هتأخر بس دا ميمنعش إنك تكوني متفائلة حبيبتي وخلي عندك يقين بالله انه كله قدر ومكتوب
وصلت الممرضة إلى غنى. ابتسمت لها ثم أردفت بهدوء
- الف سلامة على الجميل
هزت رأسها وابتسمت وردت عليها.

- شكرا. ذهبت بنظرها لوالدها ووالدتها الذين يقفون مع الطبيب. تتمنى أن تغلق عيناها على نظرة من عينيه. أغمضت عيناها بألما عندما احست بوخز بصدرها لا تعلم ماهيته
رفعت الممرضة ثيابها أمامها وهي تهمس لها
- جوزك بيقولك بيحبك أد الدنيا كلها. ثم ابتسمت لا الصراحة قال أد الكون وماعليه.

رفعت نظرها سريعا للنافذة تنظر إليه بإبتسامتها الذي وصلت إليه لتخترق روحه النازفة. تمنى أن يصل إليها ويعانقها حد الموت، ورغم ماشعر به ابتسم لها ودمع عينيه يحجب رؤيته كاملة عنها
ظل يناظرها ويحادثها بعينيه
كيف لا أحبك. فأنا أحبك حتى لو كنتِ وجعا ولو كنتِ نار ولو كنتِ موتاً، فأنا أحبك بل أعشقك يامن ملكتي كياني
وضع يدهِ على زجاج النافذة وتمنى أن يخترقه ويجتازه حتى يصل إليها
ولكن ليت الأماني بالتمني.

نظرت إليه وحدثته بعيناها
-كيف أتوقف عن حبك وأنا في عينيك اجد ملاذي وحياتي
مؤلم حبيبي أن تتصنع الراحة وأنت من الوجع تنهار. عذراً حبيبي فلقد أوجعت قلبك المسكين. ليت لي قدرة على ابتعادك
فلقد فقدت رغبة الابتعاد حتى لو بعض لحظات. كيف لقلبي يحيا دونك وأنت من جعلت له نبضا. فلو أردت موته لكنت ابتعد منذ عرفت مصيري منذ ذاك المرض اللعين.

عذرا حبيبي فليس بيدي شيئا حتى أفعله لتخفيف آلالامك. فكيف لي التخفيف عنك وأنت المخفف لعلاجي
أتعلم إنني اشتقت لك بحجم المسافات التي بين السماء والأرض منذ أن تركتك.

أغمضت عيناها وهي تودعه بنظراتها العاشقة. وتاهت بذلك المخدر الذي سرى بوريدها، تحرك بيجاد مغادر مكانه متجهها لحي القلوب الذي لا يغفل سنة ولا نوم. اتجه للرحمن الرحيم. اتجه للذي أقرب بعبده من الأم بولدها. دلف للمسجد يدعو ربه بكل جوارحه. اتجه ينظف خطاياه من الذنوب. اتجه يبكي متوسلا للحي القيوم. وكيف لعبده الذي يلجأ إليه يرده مخيب الآمال. اتجه ثم توضئ وقام يسجد لربه ويدعوه بقلبه بيقين.

اللهمّ لا ملجأ ولا منجا منك إلّا إليك إنّك على كلّ شيءٍ قدير، ربّي قد مسّ زوجتي الضرّ وأنت أرحم الرّاحمين.
اللهم إني وضعت زوجتي في ودائعك يا الله وودائعك لا تضيع أبدًا اللهم اشفِ زوجتي شفاءً لا يغادر سقمًا
بكى بدموع تلين الحجر. دموع تغسل قلبه من ذنوبه ثم دعى من بين بكائه.

اللهم اشفِ زوجتي شفاءً ليس بعده سقمٌ أبدًا، اللهم خذ بيدها، اللهم احرسها بعينك التي لا تنام، واكفها بركنك الذي لا يرام واحفظها بعزك الذي لا يُضام، واكلأها في الليل وفي النهار، وارحمها بقدرتك عليها أنت ثقتها ورجائها يا كاشف الهم، يا مُفرج الكرب يا مُجيب دعوة المُضطرين.
?
انتهى من دعائه جلس يمسك بمصحفا يقرأ بعض الآيات التي تشعره بالراحه، حتى تطيب على قلبه.

« ربي أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}.
رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ? وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا
ثم فتح سورة البقرة، اتجه ريان يجلس بجواره يربت على ظهره
- كنت عارف مهما تغلط بس أكيد مش هتنسى تربيتي. نظر بعيناه الباكية.

مفيش حد مننا كامل يابابا. ربنا عفوا غفورا. أنا بشر والبشر خطاء بس ياترى ربنا بيعاقبني على أفعالي بيها. امسك كف والده
بابا أول مرة أخاف أخسر حاجة. لو حد سألني قبل كدا فيه حاجه تفرق معاك كنت هقوله لا. مكنتش أعرف إنها هتكون نقطة ضعفي. أدعيلها يابابا لو بتحب أبنك حقيقي ادعلها يمكن ربنا يتقبل منك
ضمه ريان لأحضانه
بدعيلها حبيبي إن شاءلله نتجاوز المحنة.

عند جواد وغزل
سحبها جواد متجها بها لركن بالغرفة
ناوية على إيه يازوزو؟
عقدت ذراعيها أمام صدرها وأردفت
- ناوية اكون جنب بنتي وجوزي ياحضرة اللوا اللي اتلاعب بيا
ابتسم بحب يضمها لصدره
- خايف عليكي ياقلبي إحنا اتكلمنا في الموضوع دا يازوزو. وبعدين هنرجع نتكلم تاني. هو إنتِ عيلة اوي كدا
مدت يديها تمسك كفيه وتضعه على قلبها.

- جواد. دا مش هيستحمل حبيبي، لو سمحت ياجواد بلاش تغامر بحياتك وخلي حد من الولاد قاطعها عندما وضع يدهِ على شفتيها
- مستحيل أقعد برة ياغزل وولادي الأتنين بين أيد ربنا وأكون مرتاح. بلاش اعرض الأتنين للخطر كفاية علينا غنى. جذب رأسها وقبّلها
- العملية هتتعمل يازوزو وغنى هتقوم بالسلامة خليكي واثقة من كدا
هزت رأسها تمسح دموعها براحتيها.

- هكون معاكوا جوا ومتخافش مش هعمل حاجة بس لازم اكون مرتاحة انتوا قدام عنيا. عارفة العملية سهلة ومش محتاجة الخوف دا كله. بس برضو. بكت
ضمها لأحضانه واردف
- العملية تافهة على الدكتورة غزل اللي بتعيط زي الأطفال
نظر لعيناها وأكمل
- انا قرأت في بعض الأحيان مابيحتاجوش تخدير. معرفش ليه عامل الدنيا جهنم ياغزل، ممكن تهدي. العملية بسيطة مش محتاجة الحزن دا كله
نادت الممرضة على جواد حتى يجهز
رفع ذقنها وأردف.

- دعواتك يانور عيوني قالها وتحرك
ظل الحال لمدة شهر. بعدة مرات تقوم بها غنى وجواد لنقل النخاع الذي عبارة عن تغيير الدم الفاسد بآخر حتى تمت العملية بنجاح
ظلت غنى فترة تتلقى العلاج بعد العملية وهي محجوزة بمكان بعيدا عن الكل، لم يرونها إلا من خلال نافذة الزجاج. حتى اتم علاجها بالكامل
في اليوم المقرر لخروجها
جلس جواد مع صهيب، حازم وسيف
- محتاج منكم خدمة أو ممكن يكون طلب.

صمت الجميع ثم رفع جواد نظره لسيف أولاً
- هتنزل الفيوم وتدبح مواشي كتير وتوزعها على البلد كلها وتحط مبلغ كويس للجوامع والجمعيات اللي هناك.
أومأ برأسه موافقا، اتجه ببصره لحازم
- دار الأيتام ياحازم. سمعت عن دار في الجيزة مفيش فيها خدمات والدار دي لست عجوزة اشتريها منها لو رضيت وقولها هنخليها بأسمها وخدها اعدها ترتيبها من اول وجديد. عايز الدار دي تسّمع في مصر كلها
ابتسم له حازم وأردف.

- اعتبره حصل. ومش بس كدا هشتري الأراضي اللي جنبها كلها وأوسعها ماهو ماينفعش تاخد الثواب كله ياحضرة اللوا
ضحك جواد وربت على ساقيه
- دايما بتبصلي ياله حتى في الخير
اتجه بنظره لصهيب الصامت.

صهيب إنت هتروح كل مكان ماهو علاج للأورام وتحاول يكون فيه مكان بالمجان لو أضطريت تدفع فلوسي كلها وفلوس ولادي مش مهم المهم الناس تعرف تتعالج من المرض اللعين دا. المهم نحاول نخفف من آلالام الناس. عندك مستشفيات كتيرة محتاجة دعم. ووزع أي حاجة على الفقرا والمساكين وخليهم يدعوا لاولدنا بالصحة
ضمه صهيب وادمعت عيناه مردفا
- ابوك عرف يربينا ياجواد كويس، يارب يااخويا نكون عرفنا نربي ولادنا صح.

هنا صرخ سيف من أعماق قلبه بسبب ابتعاد بناته عن الدين ولهيهم بحياة الغرب
اتجه سيف لجواد وأردف قائلا
- للأسف ياجواد معرفتش أربي بناتي على القيم والأخلاق
ربت جواد على ساقيه وتحدث
- إن شاء الله هيتغيروا ياحبيبي. المهم خليهم يختلطوا ببنات عمهم وخليهم يواظبوا على الصلاة. دي اول حاجة تعملها
بالأسكندرية عند ريان
كان يجلس بحديقة منزله يتناول قهوته ويعمل على جهازه المحمول قطع وصلة عمله عندما استمع لصوت أحدهما.

- طول الوقت مفيش غير الشغل، ياعم ارحم نفسك شوية
نهض مقهقه عليه ثم ضمه
- جو ياهلا وأنا بقول ايجيبت نورت ليه
رفع حاجبه ينظر بسخرية
- لا والله طول عمرك بكاش يابو عمر
جلس ريان بعدما حيى فريدة
- عاملة إيه مدام فريدة، حمدالله على السلامة مصر نورت والله
لكزه يوسف بكتفه
- على أساس إنت قاعد في مصر مش في اسكندرية. نظر ريان حوله واتجه للبحر.

- أنا بقيت عامل زي السمك لو خرج من المية يموت. مقدرش أعيش بعيد عن إسكندرية دي موطني يابني
ربت يوسف على ظهره
- ربنا يديلك طول العمر. قاطعتهم فريدة
- هي نغم مش موجودة ولا إيه. حمزة قالنا إنكو في الجنينة
نظر إلى اتجاهها وهي تتجهه نحوهم وأشار بيديه
- جت أهي. وقفت تنظر لهم
- معقول يوسف وفريدة مرتين في السنة في مصر
ضحك ريان وتحدث
- مقولتش حاجه أنا. انتوا كدا عملتوا أنجاز انكم تيجو مرتين مصر في السنة.

تنهد يوسف بحزن وأردف قائلا
- تعبت من الغربة ياريان وولادي كمان تعبوا جه الوقت اللي نرجع بلدنا
أومأ ريان برأسه وتحدث
- ولادك هنا في مصر. البنات والولاد
أومأ برأسه
- ايوة مروان وليليان معايا. بس هم في شقتنا اللي هنا. فريدة طلبت تيجي تشوف نغم. اه وهمس رجعت هي ومالك كمان
عايزة اروح اشوفها ياريان وحشتني اوي قالتها نغم
نظر إليها متنهدا
- نروح نطمن على غنى الأول وبعدين لما نرجع تروحي لها
انشرح قلب يوسف وتحدث.

- ربنا اتم شفاها خلاص. انت آخر مرة قولتلي انها خلاص على مشارف الشفى
أومأ ريان برأسه
- ايوة الحمدلله ودخلت مرحلة العلاج الطبيعي للقضاء على المرض نهائيا ورجعت بيتها النهاردة والحمد لله. مش عايز اقولك عيشنا أيام على أعصابنا مابين الحياة والموت. حتى فقدنا مرحلة شفاها
لكن الحمد لله الاسبوع دا كان مرحلة نقاهة ودخلت العلاج الطبيعي دا ممكن ياخد من شهر لشهرين ترجع لحياتها الطبيعية
رفع يوسف نظره لفريدة وتحدث.

- أيه رأيك يافيري. نروح نشوفها ونطمن على والدتك بالمرة
وافقته فريدة الرأي وتحدثت
- الصراحة غزل دي ست أنا مسمياها الأم المثالية يعني بعد فراق دام لسنوات كتيرة ولما ربنا يرجعلها تكتشف المرض الخطير دا. لا مقدرش اكون مكانها
ردت نغم بموافقة وأكملت.

- دا أنا مقدرتش تكون مرات إبني كدا. مضحكش عليكي كنت رفضت جوازها الأول من بيجاد لما عرفت مرضها. لكن ربنا ربت على قلبي وحطيت نفسي مكان أمها الله يكون في عونها وربنا يتمم شفاها على خير
أمن الجميع على دعاء نغم.

في مزرعة باسم قبل شهرين من الآن وتحديدا بعد إصابة جاسر
دلف باسم لغرفته وجدها تجلس تبكي بصمت. اسرع يضمها لأحضانه
- حياة مالك بتعيطي ليه؟
أزالت دموعها ونظرت إليه بعدما خرجت من أحضانه
- شوفت اللي حصل الحقير كان عايز يغتصب فيروز ياباسم.
ربت على ظهرها وتحدث بهدوء
- الحمدلله حبيبتي قدر ولطف وان شاءلله هتنسى مع الوقت
هزت رأسها رافضة
- دي بتقوم تصرخ وتقول ابعد عني. وكل مااقربلها تقولي عايز يغتصبني.

جذبها من كفيها متجها لفراشهما وجلس وأجلسها بأحضانه. يربت على خصلاتها وتحدث بهدوء رغم حزن قلبه عليها
- هشوفلها دكتور نفسي. يشوفها ويكلمها. ظلت بأحضانه تشعر بحنانه إلا أن غفت بين أحضانه. قبّل جبينها وأعتدل يعدل من وضعية نومها وقام بدثرها جيدا بالغطاء ثم خرج للخارج، استدعى الرجال الذين كانوا مرافقين لحمايتها ثم قصوا عليه ماصار
زفر بغضب يمسح على وجهه بعنف يكاد يقتلع جلده.

- مين اللي عرفهم العنوان ماهو أنا هتجنن من اللي حصل. ثم هدأ قليلا وأكمل حديثه
- دادة علية فين دلوقتي.
تحدث رجلا منهم
- ودناها مستشفى ياباشا لانه شكله ضربها واغمى عليها من النزيف اللي اصابها في راسها
أشار بيديه إليهم للتحرك بعد ماوعدهم بالعقاب. رفع هاتفه وتحدث لعثمان
- عثمان قبضوا على ناجي النهاردة ولا هرب زي كل مرة ومعرفتوش تعملوا حاجة
زفر عثمان بغضب واردف بهدوء
- هرب ياباسم. بس دراعه اليمين معانا.

محروس قالها باسم
ايوة الزفت اللي ضرب على جاسر. هو عامل إيه دلوقتي
أومأ برأسه باسم وهو يدلك جبينه
- الحمدلله كويس فاق اخيرا. كنا خايفين يدخل غيبوبة بس طبعا قدامه شهرين تلاتة عشان يعرف يتحرك طبيعي الاصابه كانت في مكان خطر متنساش، انه مضروب في قلبه
حزن عثمان لما استمع إليه ثم تحدث
- اللوا جواد عامل إيه
- كويس. اجابه باسم ثم تحدث قائلا
عثمان إنت متأكد من معلومات فيروز. معرفش ليه بدأت أشك في حاجة.

ضيق عثمان عيناه
- مش فاهم قصدك ياحضرة العقيد. تقصد إيه
- مين اللي عرف ابن عمها مكان شقة جاسر
- جواد اجابه عثمان، ثم صمت قليلا واردف
- راحو كتبوا بلاغ في جواد وجاسر، إنهم خاطفينها.
وبعدين. تسائل بها باسم
اجابه عثمان
- جواد قاله هي طلبت الحماية ومنعرفش هي مين. وبعد كدا اداله العنوان
صمت باسم للحظات ثم تسائل
- وأيه اللي عرفهم انها مع جاسر. ثم نهض سريعا وتحدث الكلام دا كان إمتى بالضبط.

يعني قبل الهجوم بساعة كدا...
تحرك باسم ذهابا وأيابا وعقله يعمل بكل الأتجاهات ثم سأل عثمان
- انتوا ازاي ملقتوش شحنة المخدرات ياعثمان مش المفروض كنتوا تمسكوا ناجي بالمخدرات
أجابه عثمان بحزن
- للأسف هربوا قبل وصولنا بدقايق. لا وزي مايكونوا عارفين إننا رايحين
بالمشفي عند جاسر بعد إفاقته
جلست غزل بجوار جواد ينتظرون إفاقته الكاملة بعد نقله لغرفته، امسكت غزل كف جواد وأردفت
- حبيبي ممكن طلب ياجواد لو سمحت.

ضيق عيناه وتسائل.
- أنتِ ماتطلبيش ياغزل. جذبها ثم قبّل جبينها. حبيبي يؤمر بس
امسكت كفيه وقبلته ثم رفعت بصرها إليه
- فكر في موضوع جاسر وفيروز تاني. البنت شكلها طيبة وبتحبه، أنا شوفتها يوم فرح غنى. ايوة مكنتش أعرف العلاقة بينهم بس الصراحة لفتت نظري
ربت على كفيها بذهنا شارد ثم أردف
- الموضوع مابقاش يخصني ياغزل. الموضوع عند إبنك دلوقتي
ابتسمت له واردفت
- يعني إنت موافق حبيبي. موافق على إرتباطهم.

فيه حاجه عايز اتأكد منها ياغزل الأول. البنت من خمس سنين كانت عايشة مع جدتها وبعدين نقلت تعيش مع ابوها بعد ماامها اتجوزت عمها، الخمس سنين دول معرفش عنهم حاجة، لكن قبل كدا اعرف إن جدتها ام أمها ربتها كويس
ضيقت عيناها متسائلة
- مش فاهمة قصدك حبيبي، قاطعهم صوت جاسر وهو يهمس بأسم ابيه
بابا نهض جواد متحركا إليه
- عامل إيه يابطل. حاسس بإيه ياحبيبي
رفع بصره لوالده
- الحمدلله. صدري وجعني شوية بس.

اتجهت غزل تملس على خصلاته
- حمدالله على سلامتك يانور عيني. كدا تخضني عليك ياحبيبي
حرك يديه بهدوء ممسكا كفيها
- آسف ياحبيبتي. مقصدش ازعلك وأحزن قلبك. امالت برأسها وقبلت جبينه
- ربنا يباركلي فيك وفي اخواتك ياحبيبي. همست له مردفة
- يالة فوق بسرعة عشان عايزة افرح بحبيبي الغالي هو عروسته ام عيون زمردي دي اللي خطفت قلب ماما اول ماشفتها
ذُهل جواد من حديث غزل. حاول أيقافها من نظراته ولكنها اكملت.

- بابا وافق على فيروز وقالي بس يفوق ويخطبها ومش بعيد نكتب كتابكوا كمان
رفع جواد حاجبه إليها علها تسكت ولكنها اكملت مايقسم ظهره
- أول ماتقدر تشد حيلك هنروح نخطبها على طول وكمان هنخلي باسم وكيلها والبنت كدا كدا عدت السن القانوني ياعني لا محتاجة عمها ولا امها، المهم اشوف سعادة ابني الغالي على وشه
اغمض جواد عيناه بالما من غباء زوجته التي وضعته في مواجهة مع ابنه
رفع جاسر نظره لوالده وتحدث.

- صحيح يابابا وافقت، قالها جاسر بصوتا مرهقا
ابتسم له بحزن شديدا. ثم اطرق رأسه للأسفل قائلا بصوتا ثقيلا
- ان شاءالله ياحبيبي. فوق بس إنت واللي فيه الخير يقدمه ربنا
بعد اسبوعين مكثهم جاسر في المشفى ينتظر خروجه على أحر من الجمرات حتى يطير لخاطفة القلب
كان والده يجلس بجواره يقرأ بمصحفه. بينما اوس الذي يطالع هاتفه. اشار بيديه لاوس أن يعطيه هاتفه
- عايز التليفون ليه يابني. هتكلم مين دلوقتى.

لكزه جاسر بكتفه وهمس عايزك تخرجني أتمشى شوية ممكن تعبت من النوم
صدق جواد من قرائته وسأله
- حبيبي عايز حاجه
هز رأسه رافضا...
- سلامتك يابابا. كنت بقول لأوس أتحرك شوية واستند عليه بس
نهض جواد متجها إليه. دلف صهيب وسيف في تلك الأثناء يقولون
- لا دا ماشاء الله البطل وقف وبقى تمام كدا
ابتسم جاسر لهما وأردف
- أعمامي حبايبي اللي مسبونيش. ياربي على جمالهم يكملوا جميلهم ويخلوا بابا يخرجني من هنا لاني بجد زهقت.

ضحك سيف ناظرا لجواد
- الواد دا طالع بكاش لمين. دا حتى محدش مننا كدا. رفع جواد حاجبه بإستهزاء ثم تحدث
- والله ماسايب منك حاجة. حتى هبله وسرمحته لعمه سيف
قهقه صهيب وأشار بيديه
- لا في دي جواد عنده حق السرمحة هتقولي عليها. دا انت أكبر مسرمح يابني
وضع سيف يدهِ بخسره ورافعا حاجبه مردفا بسخرية: - شوف إزاي أنا كنت سرموح وأنت ياصهيوب كنت مؤدب. فينك ياغزل تعالي إشهدي على صهيوب
دلفت غزل تضحك ثم قالت.

- لا فيه هنا حد جايب في سيرتي. ياترى مين. اتجهت لأبنها الذي يقف مستندا على آخيه
- حبيبي رايح فين
أغمض عينيه متألما ثم تحدث
- عايز اتحرك ياماما تعبت من النوم
ربتت على كتفه وأشارت لأوس
- خليك مع أخوك يااوس وأنا عندي كشفين وراجعة عشان هنروح كلنا مع بعض النهاردة، توقف جاسر مبتسما
- هخرج النهاردة من المكان دا اخيرا.

هنا أغمض جواد عينيه عندما وجد ابتسامة إبنه التي تنير وجهه وعلم سببها. كيف سيخبره ويقنعه إنها ليست الفتاة التي يشاركها حياته بعدما علم بحقيقة كذبها.

عند باسم وحياة
خرج باسم لعمله ولكن قبل خروجه تحدث إليهما
- ممنوع الخروج برة، رفع بصره لفيروز وتحدث
- ابن عمك بيدور عليكي زي المجنون وطبعا لو وصلك مقدرش امنعه. ثم اتجه لحياة وقام بتحذريها فمنذ تلك الليلة لم يتحدث معها ولم يشاركها حتى الطعام بسبب اعتكافها مع فيروز وبعدها الكامل عنه.

ابتلع ريقه بصعوبه من مظهرها الطفولي بتلك الثياب القصيرة التي يُرسم عليها ألعاب كارتونية ورغم إنها عارية وطفوليه إلا انها جذابة ألهبت حواسه بالكامل، يتمنى عناقها ودثرها بأحضانه، حقا يشتهيها كما يشتهي الأطفال الحلوى. ظلت نظراته ثابتة عند شفتيها المغرتين وتمنى أن يتذوق طعمهما بلونهما الجديد الذي اختارته بعناية فائقة ورائحتها المسكرة التي أخدرته بالكامل جعلته كالمخمور.

اقترب ناسيا أومتناسيا فيروز التي تناظرهما. ضم وجهها بين كفيه مررا اصبعه على خديها، لم يحيد ببصره عن تلك الشفاه. ورغم أن ملامحها الجامدة التي رسمتها بإتقان على عكس مابداخلها من نيران تتمنى قربه وبعده، نعم تريده ولا تريده أصبحت مذبذبة المشاعر.

اقترب ملتقطا شفتيها بقبلة بث فيها مشاعره التي يحاول دفنها أمامها. حاولت دفعه ولكنها محاولات واهية، جذبها من خصرها متجها بها لغرفته عندما خرج عن سيطرته الكاملة، غاص معها للمرة الثالثة بجنة نعيمها التي لم يتسطع الأبتعاد عنها مرة أخرى.

بعد فترة اعتدل يمسد على كتفيها العاري وهي تغفو او ربما اصطنعت غفوتها حتى لا تتقابل بنظراته. قبل جبينها ممسدا على خصلاتها بحنان لا يعلم ماذا يفعل لكي يخبرها أنها اصبحت عشق مقدس لخلاياه. نهض بعد فترة. بعدما ترك لها رسالة
حياتي استنيني مساءا. لازم نتكلم المرة اللي فاتت هربتي من حديثنا اتمنى ارجع الأقيك مستنايني واللي إنتِ عايزاه هعموله لك.

ضغطت على الورقة التي وضعها بالقرب منها وانسدلت عبراتها بغزارة، كيف لها أن تعشقه وتكره. كيف لها ان تضعف امامه. اتخذت قرارا لا رجعة فيه بعدما وجدت لا محالة من هروبها حينما علمت بحملها. ايقنت إنه انتصر عليه وسيحصل على الأبن الذي يعوض ابنه المفقود.
اتجهت سريعا لفيروز وتحدثت
- الوقت جه عشان نكمل باقي الجزء جاهزة، هزت فيروز رأسها وتحدثت
- بس لازم أشوف جاسر قبل مانمشي
صرخت بها حياة وتحدثت.

- فيروز انا مجبتكيش هنا عشان تحبي جاسر حق وحقيقي متنسيش انتِ بنت مين ومستحيل حضرة اللوا هيوافق على بنت تاجر مخدرات سواء ابوكي ولا عمك الاتنين عملة واحدة
شهقت فيروز شهقات مرتفعة واردفت
- بس حبيته بجد ياحياة أنا بحب جاسر حق وحقيقي مش تمثيل. أنا خلاص مش عايزة اكمل ياحياة. إنت بتنتقمي من باسم جاسر ذنبه إيه
ضحكت حياة بإستخفاف
- طيب هيفضل يحبك لما يعرف إنك لعبة.

دا الوحيد اللي اقدر اوجع باسم بيه. انت متعرفيش جاسر بالنسبة لباسم إيه دا ابنه. هو اللي مربيه وهو قالي في أول تعارفنا
أنا عندي ولد ممكن اهز الدنيا كلها لو شوفت دمعة من عينيه. انتِ مشفتويش عمل إيه في أسامة دا خلاه مينفعش يتجوز ولا يقرب من بنت تاني مفكرك بتحبيه زي مابيحبك.
اتت للتتحدث فيروز أشارت بيديها.

- ولا كلمة دلوقتي هنعمل عصير زي كل يوم ونبعته للأمن تكوني جهزتي عشان نسافر إسكندرية. عايزة ابعد عنه وعن ابويا اللي بيحاول يستغلني في أعماله المشبوه.

عودة للوقت الحاضر بعد عملية غنى
خرجت غنى من المشفى. كان ينتظرها بخارج الغرفة. تحركت ببطئ إلى أن وصلت إليه. توقف الزمن هنا. نعم كانت تراه من خلف الزجاج لمدة شهر. لم تلمسه ولا تسمع صوته اليوم يقف أمامها بهيئته الجذابة. اليوم ستلقي نفسها بأحضانه وتنعم بها.

رفع بصره يحتضنها بعيناه البني تقابلت بنيته برماديتها الخلابة ورغم مرضها إلا انها مازالت تخطف قلبه. خطى إليها إلا ان وصل أمامها مباشرة ثم رفع يديه أمامه يحذرها
- خايف أحضنك اوجعك. أنا هحضنك براحة تمام، كم كانت جميلة امامه، نظراتها الحالمة لوجهه جعلته غريقا بعشقها كعشق قيس مجنون ليلى
انسدلت دموعها ثم تحدثت بشفتين مرتجفتين.

- وحشتني أوي. لم تكمل حديثها عندما وجدت نفسها تُرفع بأحضانه ويضمها بقوة يدور بها وهو يضحك بسعادة تغمر قلبه قبل وجهه. انزلها بهدوء واضعا جبينه فوق جبينه هامسا لها
- انتِ مش وحشتيني. إنتِ موتني من بعدك. رفعت نظرها لشعره. ثم لمست وجهه
- انت حلقت شعرك ليه
اقترب يقبّلها قبلته التي حلم بها منذ أن تركته، قبّلة وضع بها كم اشتياقه لها ثم تحدث بأنفاسا متقطعة
- فداكي مليون شعر. المهم تكوني بأحضاني.

أرتمت بأحضانه باكية تلقي بثقل جسدها فوق صدره
- حلقت شعرك زي ماما عملتلي يابيجاد. رفعت بصرها تلمس وجنتيه ورأسه التي لم ينبت منها سوى القليل من خصلاته
- بس إنت كنت بتحب شعرك أوي. قالتها ببكاء وكفيها يرتجف على وجنته
قام بتقبيل كفيها، كم آلمته دموعها التي تغرق وجهها. تمنى لو يعمل أكثر من ذلك حتى لايؤلم روحها.

ابتعد عنها ببطئ. ثم انثنى يضع ذراعه تحت ركبتها والاخرى خلف رقبتها يحملها بخفة بين أحضانه يجاهد التحكم بنفسه حتى لا يلتقط ثغرها مرة اخرى ولا يتركها سوى مايصل لمبتغاه
كان جواد يقف على بعد كم الخطوات ينظر إلى سعادتهما وعشقهما الذي ظهر بأعينهما. ورغم شعوره بالغضب من تبجح بيجاد إلا انه اعجبه تمسكه بأبنته، وصل جاسر ووقف بجوار والده بملامح جمة غاضبة. وقف ينظر لسعادة إخته.

رمقه جواد سريعا ثم اتجه لبنته التي حملها بيجاد خارجا من المشفى.
- عملت إيه ياجاسر انت وباسم لقيتوا حياة؟
تسائل بها جواد
أطبق جاسر جفنيه في محاولة لكبت نوبة غضبه التي وصل بها في أيامه الاخيرة
ثم نظر لوالده
- للأسف يابابا قلبنا الدنيا كلها ومش لاقيناهم
ابتسم جواد بسخرية عندما تذكر حديث باسم ثم اردف
- ليه الدنحوان اللي عامل فهلوي معرفش مكان مراته وابنه. قالها بسخريه ثم رفع بصره لأبنه واكمل حديثه الساخر.

- ولا حضرة الضابط النبيه اللي حتة بنت عرفت تتلاعب بمشاعره. ووقعته زي الاهبل، الصراحة انتوا الاتنين تستاهلوا خليه يلف زي المجنون كدا. أمال برأسه وهمس لأبنه
- تعرف لو مش محترم ذكاء البنتين كنت قولتلكم مكانهم. بس انتوا اغبية وهم علموا عليكوا، قالها جواد ثم تحرك من أمامه
في فيلا صهيب.

رجع عز من عمله وشعور الأرهاق والتعب يحتل كيانه، دلف للداخل وجد جنى وربى يجلسون يتحاكون، اتجه ملقيا السلام عليهما ثم جلس مغمضا عينيه
نهضت ربى تجلس بجواره
- حبيبي مالك شكلك تعبان ليه كدا
اغمض عيناه وأردف بهدوء
- تعبان أوي أوي ياحبيبتي. نهضت جنى حتى تترك لهما المساحة الخاصة وتحدثت
- هروح اعملكوا عصير فريش
هز عز رأسه وهو مازال مغمض العينين.

دنت منه ولامست خصلاته تزيحهها عن وجهها ممسدة عليها بهدوء حتى يشعر بالراحة وينام، ولكنها وجدت نفسها فجاة على ساقيه
نظرت حولها تدفعه بإستحياء
- عز اتجننت. بتضحك عليا، جذب وجهها وهو يهمس
- والله مابضحك عليكي ياقلبي. أنا تعبان ومحتاج جرعة كبيرة عشان أفوق. يرضيكي حبيبك يكون محتاج جرعة دوا وانت رافضة
ضيقت عيناها متسائلة.

- دوا إيه ياحبيبي دا وأنا اجيبه لك فورا، لم يدعها تكمل حديثها عندما التقط شفتيها بقبلة جامحة افقدتها ميزانها واربكتها مما جعلها تبادله جنونه ولم يفصلها سوى صراخ جواد عليهما
- عزززز قفزت ربى من على ساقيها ووجهها اشتعل بنيران الإستحياء من والدها الذي ظهر من العدم، اتجه اليهما بخطوات سُلحفية ينظر إليهما بغضب، مما جعل ربى تغمض عيناها وتريد أن تنشق الأرض وتبتلعها. نظر جواد لربى وتحدث.

- على البيت أختك وجوزها جم.
هرولت سريعا تنظر للاسفل دون حديث، قبض جواد على ملابس عز ينظر إليه بنظرات جحيمية وتحدث بغضب
- كنت بتعمل إيه يلا
مط عز شفتيه للأمام يضرب كفيه ببعضهما ثم اردف: - ماإنت شوفت لازم تسأل. مش عيب ياعمو الأسئلة المخجلة دي
أمسكه من اذنه وتحدث من بين أسنانه
- لما إنت عارف إنها مخجلة ياروح ابوك بتعملها ليه، وكمان علني. دا أنا شفتك يلا?
زفر عز وأراد ان يستفزه.

- ماحضرتك الغلطان ياعمو. كان لازم تيجي دلوقتي، دا حتى البوسة مش عارف اخدها
مسح جواد على وجهه بغضب محاولا ألا يصفعه. ثم صك على أسنانه وهو يشتعل بنيران يود لو يحرقه كاملا
- دا إيه الفُجر اللي فيك دا يلا? لا ومش مكسوف مني وبتقولها كأنك فوزت بجائزة نوبل
رفع عز جانب وجهه وتحدث بسخرية
- ليه دا كله عشان حتة بوسة، وياريتها بوسة عبدالحليم حافظ دي بوسة بريئة. يعنى حتى البوسة البريئة مش عارف اخدها.

- صهههههههيب صرخ بها جواد عندما فقد أعصابه. خرج صهيب من مكتبه هو نهى ينظرون إليهما بغرابة، أمسك جواد عز من ثيابه. عندما اجتاحت اوردته تيارا جارف من الغضب الجحيمي رافقه شعورا بالغيرة على ابنته، ثم دفعه بقوة على والده
- الولد دا لو قرب من ربى تاني هموته بقولك أهو
قهقه صهيب على عز عندما اقترب من عمه وأردف يعانده.

- على فكرة ياعمو حضرتك ناسي إنك بتتكلم عن مراتي وممكن اطلبها حالا في بيت الطاعة واخدها من قدام عينيك وانت ولا تقدر تعمل حاجة، لكن ابنك حبيبك هيكون رؤوف بحالتك دي وهيدلك مهلة لحد بكرة ياإما تحدد ميعاد لفرحنا، يااما بعد تسع شهور استنى مني حفيد
اسرع جواد محاولا القبض على عنقه
- والله ماأنا سايبك يابن الكلب. وقف صهيب بينهما وهو مازال يقهقه على عز
دفع صهيب عز. اعتذر لعمك يلا? على وقاحتك.

ضيق عز عيناه وتسائل
- وقاحة ليه يابابا، حضرتك عارف عمو عامل الشو دا كله ليه، عشان شافني ببوس مراتي بوسة بريئة
- والله ماانا سايبك. اسرع عز للخارج وهو يضحك بشقاوة مردفا
- ماهو يتلمني ياتلاقي وعدك معايا، وهتشوف كل يوم حاجات كدا وكدا
ضحك صهيب بصخب مردفا
- شيل بقى ياابو الجود مش دا تربيتك
تحرك جواد لمنزله مردفا بعدما فقد أعصابه من ذلك الوقح.

- تعالى بعد شوية يوسف وريان هيجوا عشان يباركوا بخروج غنى، عرف اخواتك حازم وسيف. وأبعد البغل دا عني
اتجه لمنزله
حمل بيجاد غنى لجناحها. ادخلها بهدوء ووضعها على فراشها. جالسا بجوارها. ينظر لجمال عيناها. دنى يجذب وجهها يلتقط ثغرها ويحتضتنه بعشق بين خاصتيه مردفا من بين قبلاته
- كنت بموت من غيرك ياحبيبي. نظر لعيناها مرة أخرى يملس على خديها
- مفيش حياة ليا وإنتِ بعيدة عني وحشتيني أوي أوي ياحبيبة بيجاد.

رفعت كفيها مثلما فعل وتحدثت
- وتفتكر هيكون فيه حياة لغنى ومفهاش بيجاد ياحبيبي، ابتلع كلماتها بين شفتيه هنا دلف جواد بعلاجها
اغمض عيناه راجعا للخلف يستغفر ربه ويلهمه الصبر على ذاك المختل الثاني كما نعته، قام بالطرق على باب الغرفة بعدما وجده مفتوحا، تراجع للخلف ثم اتجه يطرقه
نهض بيجاد ليرى من الذي أتى. حمحم جواد يناوله بعض ادوية غنى ثم تحدث.

- لسة قدامنا اسبوع كمان تخلص العلاج دا، انتظر قليلا وأردف بمعنى
- اسبوع كمان يابيجاد يارب تكون فاهم قصدي. امسك العلاج من يديه ثم اغلق الباب وتحدث
- ولا ساعة كمان ياحمايا العزيز
قبض جواد على معصمه حتى ابيضت مفاصله وتحدث من خلف الباب
- إياك تتمادى ياحلوف إنت كمان، وشوف هعمل فيك إيه
قهقه بيجاد من خلف الباب وتحدث ليغيظه.

- طب وحياة حبي لحماي هعمل كل حاجة. ويبقى روح خطط إنت وابن المنشاوي حلو. ارجع بس من شهر العسل ونتحاسب
شهق جواد من حديثه المختل ولم يستطع السيطرة على حالة التذمر التي وصل إليها من ذلك المختل، ثم قام بالطرق على الباب بعنفا
- افتح يابيجاد عشان مكسرش الباب على دماغك
تحرك بيجاد وهو يتحدث
- حمايا حبيبي جوز بنتك عايز ياخد شاور عشان يرتاح، وطبعا بلاش أكملك الباقي بتلقطها سريعا ياسيادة اللوا العظيم.

وصلت غزل على صراخ جواد تجذبه
- ايه ياجواد اللي بتعمله دا، حرام عليك سيبهم يرتاحوا
ذُهل من حديثها ثم أردف بغضب
- تعرفي بيقولي إيه ابن المنشاوي
عقدت ذراعيها واردفت بغضب
- سمعت ياحبيبي. دا جوزها وبقاله أكتر شهر بعيد عنها يعني طبيعي، قاطعها بغضب
- البنت لسة تعبانة في فترة نقاهة يادكتورة.

والحب يعرف نقاهة ولا غيرها أيها العاشق القديم. هنا توقف اللسان واحتضنت النظرات ببعضها. مدت يديها وتشابكت بيديه وتحدثت بهدوء تمتص غضبه بسبب غيرته الواضحة بعينيه على ابنته.

- يعني جاي غيران على غنى ونسيت حبيبتك اللي بقالك شهر بعيد عنها، وأنا اللي عمالة احسب للوقت اللي هترجعلي فيه، وفي الأخر جاي تتخانق مع بيجاد عشان مقدرش يبعد عن حبيبته اكتر من كدا بس إنت عادي عندك، قاطع حديثها عندما حملها بين ذراعيه يضمها لصدره ناسيا آلالامه التي أحس بها خلال الفترة الأخيرة. وصل لغرفته متناسيا العالم وما فيه، شيئا واحد فقط بين يديه يغنيه عن كل شيئا حبيبته وقرة عيناه. ليذهب بها لجنة خلدها التي يتمنى ألا تنقطع ابدا.

مساء وصل يوسف واولاده وريان وزوجته وسيارة بها مالك وحمزة خلفه.
كان جميع أل الألفي بإنتظارهم بإعداد وليمة مقدمة على شرف خروج ابنته الغالية قرة عينيهم وكنة آل المنشاوي
ترجل يوسف بجواره فريده، وبجانبه ولديه مروان وليليان أما إبنه الآخر مازال بخارج البلاد
وخلفهم ريان بصحبة نغم وياسمينا وخلفهم حمزة ومالك، وصلوا حيث إنتظار الجميع
بعد الترجيب جلس الجميع ينتظرون غنى وبيجاد، بجناح بيجاد.

وضع الكاب على رأسها مقبلا جبينها، بكرة يكبر ويرجع احسن من الأول. نظرت لعينيه وتحدثت
- كنت بتحب شعري اوي. فاكر من اول مرة قابلتني فيها لما مسكته وقولتلي خسارة فيكي الشعر الحلو دا
رفع ذقنها ونظر لرماديتها وأردف
- انا بحب غنى بيجاد أكتر من اي حاجة. واسكتي اصلي ارجع في كلامي واكملك القصة اللي كنت بشرحلك اصولها واحدة واحدة، وضعت رأسها على صدره تلكمه
- بطل بقى. هو انت على طول كدا منحرف، ضيق عيناه وتحدث.

- مين دا، إلهي اعدمه لو شوفته
رفعت حاجبها وتسائلت
- هو مين دا اللي تعدمه
سحبها من يديها هابطا للاسفل وهو يضحك ثم اجابها من بين ضحكاته
- الأنحراف ياحبيبي
لكزته بكتفه وتركته متحركة
-رخم على فكرة وعايز، قاطعها عندما جذبها وتحدث
- وعايز بوسة وحياتك، تركته متحركة سريعا للاسفل
كان الجميع يتحدث كل شخص مع الأخر، اتجهت سنا ابنة سيف تجلس بجوار عز
- بقولك يازيزو شوف فوني ماله، شكله هينفع ولا اغيره.

امسك هاتفها يبحث فيه ثم رفعه إليه
- لا سليم ياسنا ماله. ماهو شغال اهو
- والله قالتها سنا بخبث
كانت رُبى تجلس بجواره تحاول أعادة تنظيم أنفاسها ودقات قلبها الهادرة من تلك التي أخرجتها عن شعورها ولكنها تفاجئت بمن امسك كفيها يضغط عليهما بحب وينظر إليه
- بلاش تخلي دماغي تروح شمال واقوم ادخلك جوا وانتِ عارفة الباقي. لم بتغضبي خدودك بتحمر وبتبقى عايزة تتقرقش
لكزته بجنبه مردفة بغضب.

-اتلمى ياعز من ساعتين بابا فضحنا. ضحك بخبث عندما تذكر حديثه مع عمه نظر إليه وجده يتحدث مع يوسف
هناك من يقف بصمت بمكان هادئ مع جاسر الذي يغمره الغضب ومالك الذي يتحدث مع ياسين مقهقها
اتجهت بهدوء تقف بمقابلته ثم نظرت لعيناه الشاردة.

- عامل إيه ياأوس، استمع لهماستها رفع نظره وليته لم يرفعها، لقد اشتاق اليها حد الجحيم، كيف يعبر عن إشتياقه إلا بحضنا يحطم عظامها، أغمض عيناه وحاول خروجه من حالة فقدان السيطرة على نفسه متجها للجالسين مردفا
- كويس الحمدلله، بعد إذنك
كان ريان يراقب ابنته كي يعلم ماأصابها. فهو لم يضغط عليها حتى يرى.

اتجه اوس وجلس بجوار والده يستمع لحديثه مع يوسف وصهيب وهو لا يعلم عن ماذا يتحدثون، وقف ريان وتحدث لأوس عندما وجد ابنته تبكي بعدما تركها
اوس مستنيك في مكتب باباك بعد إذنك ياجواد، أومأ جواد برأسه موافقا له
- من غير ماتستأذن طبعا ياريان.

بينما عند جاسر الذي يشعر بنيران قلبه كلما تذكر ماصار منها، وعلم بشكوتها ضده أنه اختطفها ووضعت مستقبله في مهب الريح لولا تدخل باسم ووالده لكان مطرودا من وظيفته، قاطع شروده اتصال باسم له
- جاسر عرفت مكان فيروز. بس حياة مش موجودة معاها. هي في إسكندرية في شاليه تبع عمها هبعتلك اللوكيشين، اياك تتهور متنساش وظيفتك
تحرك خارجا كالمطارد رآه جواد الذي ابتسم بسخرية لانه هو الذي ارسل عنوانها لباسم...

كانت تتحرك تنظر لتلك الظهور الجميلة فجأة اصطدمت بأحدهما. آسف قالها ياسين بهدوء
ابتسمت ليليان إليه ومدت يدها
- انا لي لي. اولى طب يعني تقدر تقول بعد عشرين سنة هكون دكتورة علاج طبيعي
ابستم لها وتحدث
- ياسين. لسة تاني سنة في كلية الحربية
واو ضابط حربية يعنى وجيش وحرب كدا
صفقت بيديها
ابتسم على عفويتها
-لا دا لسة بدري اوي على الحاجات دي
بينما بمكانا آخر في الحديقة
جلست تعقد ذراعيها امامه واردفت.

- قول سمعاك ياحضرة الضابط العظيم
حمحم جواد متحدثا
-ممكن تسمعيني للأخر لو سمحتي
مطت شفتيها للأمام
- على حسب اللي هتقوله ياحضرة الضابط
استمع عز لرنين هاتفه مستغربا الرقم ثم اجاب سريعا
- الو مين، لم يستطع السماع جيدا بسبب الضوضاء توقف متجها لمكان هادئ
ولكن فجأة استمع لصراخ سنا عبر الهاتف
- الحقني ياعز هموت
سنا قالها عز مستغربا
الحقني أنا في اوضتك والباب قفل عليا وريحة غاز بتخنقني.

اتجه سريعا لمنزله يبحث عنها وصل لغرفته فتح الباب ولكنه صعق مما رأى
بمكتب جواد دلف اوس وجد ريان ينتظره
تحرك متجها له، حضرتك طلبتني ياعمو
نهض ريان متجها وجلس بمقابلته
- سامعك يااوس، عايز أعرف إيه اللي وصلكم ياحبيبي لمفترق طرق كدا، ياسمين مرضيتش تحكي لوالدتها ولا ليا والبنت بتدبل زي ماانت شوفت النهاردة.

أشعل أوس شحنة ندمه وبأسه على قرارا اتخذ في وقت غضبه. فكيف يتراجع عنه وهي التي احرقت قلبه، والآن اصبح جلادها الذي لا يعرف الرحمة كأنه يعاقبها ويعاقب نفسه
شعور مقيت يجعل دقاته تتقاذف بين ضلوعه بين عقله الذي يحادثه الأ يتخلى عن رجولته وقلبه الذي يحادثه بأن يذهب إليها ويرتمي بأحضانها حتى تنعش روحه مرة أخرى.

رفع نظره لريان وظهر خط من الدموع بعيناه، سحب نفسا طويلا حتى لا يدخل بنوبة بكاء تدفع به للهاوية على كبريايئه، حاولا السيطرة حتى لا يدخل حوار عقيم يؤذي أحدهما
نظر ريان لتخبطه وأردف
- سامعك. عايزك تحكيلي إيه اللي حصل خلاكم توصول لمفترق طرق هفضل أسأل كتير
تنهد بألم ولم يجبه متجها بأنظاره للأسغل
ماذا سيحكي ويعبر عما يختلج صدره. أغمض عينيه رغما عنه عله يستطع التنفس والحوار بما يليق بتربيته...

بينما ريان ظل يطالعه بصمت ويدرس انفعالاته التي كانت على وجهه عبارة عن لوحة من الألم الذي ليس له دواء
اقترب ربت على كتفه مخفف من حدة الحوار بينهما عله يخرج مايؤلمه
رفع نظره إليه وغمامة من الدموع تجمعت بجفنيه ثم زفر الهواء المؤلم الذي يخنقه بشده عبر رئتيه وأردف
- كل اللي أقدر أقوله لحضرتك. ظلمنا بعض وجرحنا بعض بما يكفي. والحب عامل زي المية النقية لو جه عليه شوائب مينفعش تستعمله.

جحظت عيني ريان مما استمع. ثم نهض وتسائل: - من مين فيكم، مين اللي عكر المية النقية دي
صرخة من أعماق قلبه ثم رفع نظره إليه
- إحنا الاتنين للأسف ياعمو
نهض مروان يتجول بالحديقة بعدما وجد احاديثهما عن العمل. تحرك حيث وجود الفتيات، نظر لتلك البريئة التي تضحك كالأطفال وتتحدث لغنى
- والله ياغنون البت دي مفترية، انا قاعدة لوحدي وفجأة وقعتني من المرجحة مش كدا ياابلة ربى
ابتسمت ربى على حماقة تقى، بينما تحدثت هنا.

- لا الصراحة ياتقى انت اللي هبلة ياماما فيه حد يصدق الكلام بتاعك، ضحكت ربى تشير عليها وتخرج لسانها
- شوفتي بنت عمي حبيبي نصفتني. لم تكمل حديثها عندما ارسلت إليها رسالة، فتحتها وإذ بتنظر بصدمة مما رأته
قاطعت صدمتها ليليان
ممكن اقعد معاكم نتعرف ياحلوين
أومأت غنى براحبة، ثم رفعت نظرها لأختها الصامتة التي وجدت دموعها تنسدل بغزارة على خديها وهي تبحث عنه بعينيها، ثم تحركت سريعا.

رفعت غنى هاتفها وارسلت رسالة لزوجها. ثم اتجهت لليليان تعالي حبيبتي انا أعرفك
- أنا غنى مرات بيجاد، ودي هنا بنت عمو سيف. ودي تقى بنت عمو حازم. واللي مشيت من شوية اختي ربى. واللي جاية وراكي تضحك الهبلة دي جنى بنت عمو صهيب
ابتسمت ليليان إليهما وأردفت
- وأنا ليليان. في اولى طب
ضحكت غنى واردفت
- نفسي إلاقي حد فاشل زيي
وصل بيجاد يضمها من أكتافها
- مراتي مش فاشلة ياحبيبي. همس لها
مش لاقيه معرفش راح فين.

لكزته وهمست
- دور عليه شكله عامل مصيبة هتقلب الدنيا. هز رأسه وتحرك سريعا يبحث عن عز
بعد فترة وصل جاسر لذلك الشالية كانت تجلس مع أحدهما وتضحك.

أغمض عينيه ورغما عنه صدرت منه شهقة بكاء مريرة خرجت من أعماق قلبه المحترقة وهو يقبض على قلبه بعنف. منذ اكثر من شهر وهو يبحث عنها من مدينة لمدينة ويكاد يموت خوفا عليها وهي هنا تضحك وتلهو. داست على قلبه المسكين بكل جبروت، ولكن مهلا سوف أعلمك كيف تطعنين قلبي أيها المخادعة.

صرخ بأسمها جعلها تقذف من مكانها تنظر إليه. وجدته بهيئته الخاطفة ولكنه تغير كثيرا اصبح اشد صلابة، عيناه الرمادية التي تحولت لجحيم من الغضب عندما تحول لونها للون الداكن. اعتصاره لقبضة يديه. جعل قلبها ينزف من الألم عندما رأته فجأة امامها
اتجه إليها بخطى سلحفيه ينظر إليها بغضب ثم أمسك يديها وجذبها متحركا من المكان سريعا.

علي طريق مصر إسكندرية الصحراوي، كان يقود السيارة بسرعة فائقة ان دلت على شيئا تدل على غضبه واحتراق صدره من تلك المخادعة كما إدعى، كانت تقبع بجواره منكمشة على حالها تحاول الحديث معه. ولكنه أبى حتى يستمع لحرف واحد من شفتيها
فجأة. استمع لصوت ما بإطار السيارة توقف بالسيارة. ثم ترجل منها يكشف عما صار. لكن جحظت عيناه عندما وجد إطار عجلة السيارة قد ثقب بالكامل.

زفر جاسربغصب يلعن حظه. اتجه للسيارة يبحث عن إطار آخر ولكن ليس موجودا بها شيئا آخر. تذكر صباحا ان اخيها طلبها للذهاب لأحدى النوادي، مسح على وجهه بغضب اتجه لهاتفه عله يحادث احدهما. ولكن وجده فارغ البطارية
ركل جاسر السيارة بقدمه وهو يلعن حظه. نظر لتلك القابعة التي تنظر إليه تحاول إستيعاب ماحدث. اتجه لناحيتها وتحدث: - هاتي فونك اعمل مكالمة.
ابتلعت ريقها بصعوبه وحاولت الحديث.

- ماهو انت شدتني ونسيته على المكتب
صرخ بوجهها عاليا مما جعل الدموع تتجمع بعينيها
- ليه الهانم مسطولة مش عارفة كان معاها ايه. بس أقول ايه بكلم مين انا غير واحدة شاطرة تعمل مؤامرات حقيرة
ترجلت فيروز من السيارة وشعورها بالاختناق يعيق خروج زفراتها منه الذي تجاوز الحد
تحركت تقف أمامه تحاول إخفاء مشاعرها التي تجتاح كيانها من نظراته المشتعلة بلهب موجه نحو قلبها، أمسكت كفيه وتحدثت
- ممكن تسمعني لو سمحت اسمعني.

شعر بخصة بحلقه لدرجة خنقته لكنه تحامل على نفسه وبلع ريقه بصعوبة بالغة قائلا
- من يوم ماشوفتك وأنا بسمعك وفي الآخر كان جزاتي إيه. إني أحب وأعشق واحدة حقيرة
شهقت فيروز عاليا ولم تستطع السيطرة على آهانته لها. اشتعلت نظراتها وكادت تحرقه
- كفاية اهانة بقى. أمسكته من ذراعيه تضغط عليهما بأظافرها متناسية إصابة ذراعيه حتى أدمت جرحه وصرخت: - هتفضل تهني لحد إمتى. دا إنت محاولتش تسمعني حتى.

- اسمعك. قالها جاسر بسخرية. مما جعله يقهقه بشهقات مرتفعه. متغاضا عن آلامه التي يشعر بها بدأ يضرب كفيه بالأخر. ثم توقف فجأة ينظر إليها نظرات مستاءة منها ومن نفسه ثم ضرب على صدره موضع قلبه
- ودا ذنبه إيه. قوليلي حاجة تشفعلك عندي. اقترب ينظر لعيناها المتوهجة بالحزن مثلما كان يراها متوهجة بحبها المخادع كما زعم.

اطبق جاسر على جفنيه بألم. هل تشعري عن جراح روحي النازف منكِ ايتها المخادعة الحقيرة. يود لو يتركها في ذلك المكان المظلم حتى تقترف ماجنته يديها. ولكن تبا لقلبه الذي لم يطاوعه ولا شهامته ورجولته التي تربى عليها
في القاهرة
عند مروان الذي يقف ينظر للبنات. اتجه مالك ووقف بجواره
- مش عيب كدا يااسد. دا لو حد شافك هيعدموك.
ضيق مروان عيناه وتسائل.

- ليه دا كله دا بتفرج وبعدين كلهم محجبين مفيش غير البنت ام عيون رمادي الصغنونه دي
اتجه مالك بنظره إليه وهمس بإسمها
- هنا
عند ربى كانت تتحرك بساقين مرتعشتين حتى وصلت لغرفته، قامت بتفتح الباب بهدوء وتتمنى أن الذي رأته لم يكن حقيقة
فتحت الباب، إلا أن وصل بيجاد إليها وجذب كفيها
- بدور عليكي من ساعة تعالي بسرعة شوفي اختك مالها، توقفت تنظر للغرفة وأشارت بيديها.

- عايزة أشوف عز إستنى، استمع لصراخات سنا من داخل الغرفة
- ابعد عني ياعز عيب كدا إنت متجوز
هنا شعرت بإرتجافة بجسدها. اختناق برئتيها. إهتزاز بشفتيها حركت رأسها رافضة ما إستمعت إليه. بينما بيجاد الذي تحرك، يدفع باب الغرف. وإذ بصاعقة تصعقه بقوة.
و قالوا: ما الوجع؟
قلت: إسألوا قلبا عشق قلبا ليس له فيه نصيب
قالوا: ما الشوق؟
قلت: إسألوا روحا تحن لروح لقائهما مستحيل
قالوا: ما الحب؟
قلت: إسألوا شخص يدعوا لحبيبه بالسعادة
رغم أنه لغيره حبيب
قالوا: ماالعشق؟
قلت: إسألوا قلما كتب لحبيب وهو عنه بعيد.

وصل جاسر لأقرب مشفى ودلف سريعا وهو يحملها بين يديه يصرخ بالردهة
-دكتور بسرعة، أسرع إليه المسعفون بالفراش المتنقل وضع فيروز عليه ودموع محتجزة بعينيه. ظل يسير خلف المسعفين يمسك بيديها. تبا لقلبا ضعيفا ينخر وجعا لمن آذاه وآدماه
جلس ينتظر بالخارح بوجه يكسوه الحزن. يمسح على وجهه بعنف كلما تذكر حالتها وماتوصلا كلا منهما.

رجع بجسده يستند على الجدار خلفه. الخوف يتملك منه يدعو الله في قلبه أن يمر الأمر دون خسارتها فهي نبض روحه المأنونة. أغمض عيناه يتذكر ذاك اليوم الذي جعلت قلبه ينبض بها عشقا
فلاش باك.

دلف إلى الشقة وجدها تجلس وبعض شرائح البيتزا أمامها. تأكل كالأطفال بعدما ترك الطعام أثارا على شفتيها. تشاهد فيلما كارتونيا تندمج معه حتى إنها لم تشعر بوجوده. وقف يتابعها بأنظاره. ترتدي ثيابا بيتية كان قد ابتاعه لها. عبارة عن كنزة باللون الوردي يظهر بياضها الناصع. وعيناها التي تشبه الزمرد ببنطال واسع بعض الشى ولكن يظهر منحنيات جسدها بسخاء.

ظل واقفا يعقد ذراعيه على صدره وستند بكتفه على الجدار. وللمرة الأولي يشاهد جمالها الخلاب الذي سرق لُب عقله وقلبه. ثغرها المرسوم كنعقود عنب ووجهها الذي يضاهي ضوء القمر. وخصلاتها الذهبية المتموجه التي جعلتها كحورية بحر
اطبق على جفنيه متلذذا بمنظهرها البهي للعين. الشهي للفم. ابتسم بخفوت، يستغفر ربه على ماوصل إليه من تلك الجنية الذي ألقاها القدر أمامه.

أثناء وقفته الصامته التي صورتها عيناه وقلبه تلك اللحظات انتابه شعور بضمها عندما أحس بإشتياق يضرب أوصاله اتجاهها. هز رأسه رافضا فكر شيطانه
حمحم حتى تنتبه له. رفعت بصرها ثم نهضت تمسح فمها بكفيها كالأطفال
- جيت إمتى محستش بيك
ابتسم متحركا إليها وتسائل ينظر حوله
- فين دادة علية؟
أجابته بابتسامة خلابة.

- قالتلي حضرة الضابط جي. وهروح أعمله المحشي اللي بيحبه. بتحسسني إنك وحيد ومالكش عيلة وقاعد وسطيهم. دا أنا اللي أستاهل الأهتمام دا
ضيق عيناه وتسائل ينظر بخبث إليها
- إنتِ بتبصي لي في حب دادة علية وبعدين ماهو أحنا عيلتك وبنهتم بيكي. دا أنا بقيت أجي هنا وأشوف دادة علية أكتر من أمي
ابتسمت له بخجل ورفعت بصرها تنظر لعيناه التي سقطت صريعة بعشقه.

- بس أنت برضو بتوحش دادة علية أوي. ممكن يعدي بالأيام لما تفتكرها
ابتسم تلقائيا عندما إستمع لكلماتها الغير صريحة. فأجابها
- ودادة علية بتوحشني أوي. عرفيها مابتفارقش خيالي.

كأن كلماته اثلجت قلبها من دقاته العنيفة ونيران اشتياقها له. ودّت لو نهضت وألقت نفسها بأحضانه كي تشبع من رائحته التي تنعش روحها. قاطعت حوار العيون دادة علية عندما أردفت: - والله وإنت ياحبيبي بتوحشني أوي. وبحس بغيابك. متغبيش عني تاني ياقرة عيني.

ابتسم جاسر من قلبه ووقف يقبّل يديها. فهو يعتبرها كوالدته التي ربته. فهي التي كانت تتولى تربيته ورعايته عندما كان يذهب بالأيام يقضيها عند باسم، فكان جواد يصاحب جاسر إليه ليقضي عنده بعض الأيام بعد موت ولده
ابتسمت فيروز على علاقة الحب بينهما.
تراجعت علية تقول: - هجهزلك الغدا حالا عملالك ورق عنب وبط كمان. وحمام
برق عيناه يضع يديه على صدره.

- ياحوستي محشي وبط وحمام. ليه هو أنا عريس. دا أنا اخري أجري ورا حرامي
قهقهت فيروز على كلاماته. مما جعل طلتها بضحكاتها تخترق قلبه ليعلن إنها ملكته وحده
رفع حاجبه بسخرية ينظر إليها قائلاً
- ياه لدرجادي كلامي ضحكك. ماهو مش معقول يعني أكل دا كله. رفع حاجبه ينظر لشطيرة البيتزا التي أمامها وأكمل مستطردا: - لا وكمان هاكل لوحدي. شايف حضرتك اتغديتي.

نهضت تهز رأسها وتضحك: - لا دي كانت تصبيرة. لحد ما دادة تكمل الأكل. هو أنا اقدر برضو أخليك تاكل لوحدك
أسبل جفنيه يحاول الثبات أمام جمالها الذي سلبه بالكاملا أبعد نظره عن عيناها عندما وصلت تجلس بمقابلته ومازالت ابتسامتها على وجهها فتحدثت: - جاسر قالتها بصوتا هادي. جعل دقاته تتصاخب بضجر داخله حتى كادت تخرج من بين ضلوعه.

رفع وجهه إليها فتلاقت زمردتيها برماديته التي توهجت من كثرة مشاعره فشرد بشفتيها الوردية التي تشبة حبة الفراولة ودّ لو يتذوق طعمها. ابتلع ريقه بصعوبة محاولا تمالك أعصابه. وذاد الأمر صعوبة عليه بعدما أمسكت كفيه بكفيها الرقيق وتحدثت:.

- فيه موضوع مهم لازم تعرفه. سحب كفه سريعا عندما شعر بسريان تيار كهربي ألهب جميع حواسه، نصب عوده وتحرك متجها للنافذة ينظر من خلالها. علّه يجد نسمة هواء تهدأ من نيرانه الذي شعر بها من اقترابها منه. رغم إنهما بفصل الشتاء.

تحركت تقف بجواره. تنظر إليه علها تشبع روحها الهادرة الضائعة التي أودت بها والدتها بغيبات الجب. وقفت بجواره تنظر من الشرفة على تساقط الأمطار وتحدثت: - أنا كلمت ماما النهاردة بعد ماعرفت من عمو باسم إنها نزلت صورتي على التواصل الإجتماعي بدّور عليا. قولتلها أنا سافرت الساحل مع حد قريب من صحابتي عشان متحاولش تدور عليا...
إتجه بنظره إليها وتسائل: - وهي صدقتك بالبساطة دي.

ترقرق الدمع بعيناها ورفعت بصرها وتحدثت بشفتين مرتجفتين: - هي عملت نفسها مصدقاني. وحاولت بدور العطف معايا عشان أرجع. بس أنا عارفة تفكيرها في أيه
قطب مابين حاجبيه وتسائل: - إزاي كلمتيها أنا مقولتش بلاش تواصل بيها. أمسكت كفيه وأردفت بدموع:.

- متخافش كلمتها من تحت. خرجت مع الدادة وهي بتشتري حاجات البيت وكلمتها عشان تبعد عني وماتتحطش في مسؤلية بعد كدا، ضغطت على كفيه بيديها الأتنين وأكملت باعين تغشاها الدموع: - أنا مش عايزة أمشي من هنا خلاص. حاسة البيت دا بتاعي ومش ناوية أتنازل عنه. مهما كلفني الأمر.

خرجت الكلمات كالسهم نفذ لصدره ليحترق قلبه. عندما تذكر حديث باسم عن هويتها وسيكون رفض والده قاطع بالنسبة إليه. وطلبه بالبعد عنها. ولا يشغل قلبه بها
لم ترحم فيروز قلبه وتصارعه مع حديث باسم بالبعد عنها. رفعت كفيها تضعها على وجنتيه. حتى اصطدم بوجهها القريب وفيروزتها التي خدرته بالكامل فبعث لجسده قشعريرة لذيذة وأكملت لتضيع ماتبقى من تماسكه عندما اقتربت للحد الغير مسموح واختلطت أنفاسه بأنفاسها:.

- تفتكر ياحضرة الضابط أنا ممكن أتنازل عليك بعد ماشوفت نظرة الحب دي في عينك قالتها وهي تحاول الأقتراب من شفتيه ولكن ارجعها رنين هاتفه الذي صدع بالمكان، اهتز جسده بالكامل وتناول هاتفه خارجا سريعا من شقته. ونيران صدره تحرقه بالكامل مما صار. و بدأ يحادث نفسه: - من إمتى وقلبي ضعيف كدا، مسح على وجهه وتحرك لسيارته ودقات عنيفة بقلبه كلما تذكر تلامس شفتيها. كيف رضي بذاك لولا هاتفه كان سيصير مايخشاه منذ وقعت عيناه عليها.

صدح الهاتف مرة أخرى في رنينه. فتح زر قميصه يحاول تهدئة نفسه. ثم رفع الهاتف ليجيب:
- أيوة ياعمو فيه حاجه
ابتسم باسم وهو يجلس يناظر حياة وماتفعله بالحديقة مع قطتها
-حبيب عمو ياحلو إنت. فيه موضوع لسة وصلني النهارده بخصوص الفيروز تبعك
توقف عما كان يفعله وأستمع إليه بإهتمام كأن أسمها يعطي للحياة معنى
- سامعك! قالها جاسر بهدوء رغم ضجيج قلبه
أجابه باسم
- مالك ياجاسر، فيه حاجة ياحبيبي.

تنهد بألما بما يشعر به. حينما وصل إليه شعور بالصعود إليها مرة آخرى وسحقها بأحضانه حتى يشبع روحه وأنفاسها التي سلبت عندما تركها
أرجع خصلاته للخلف ويشعر بتمزق روحه عندما تركها وغادر وهو يعترف أنه وقع بحبها وقوعا عنيفا تنهد ثم أجاب باسم: عمو أنا تعبان اوي مش قادر أتنفس حاسس إني مخنوق أوي. عايز أروح أحكي لبابا كل حاجة لكن هو مشغول بفرح غنى اللي بعد أسبوع غير مرضها
- انت فين ياجاسر؟ تسائل بها باسم.

- قدام الشقة ياعمو.
زفر باسم بغضب كان يعلم أنه سيقع بغرامها وحاول منعه ولكن كيف المنع للقلب من الوقوع بالغرام
- تعالى عندي. نقعد شوية ونتكلم فيه موضوع ضروري لازم تعرفه
ابتسم جاسر بسخرية
- دادة علية عاملة محشي وبط وحمام. يعني لو مشيت إنت عارف ممكن تقاطعني سنة كاملة
قهقه باسم عليه وأردف: - لا كدا أنا اللي جاي لدادة علية مسافة الطريق أكون عندك. بس فيه موضوع ياريت تسأل عليه فيروزتك قبل ماآجي.

ابتسم بسعادة تغمره عندما خصها باسم له وأردف
- فيروزتي ضحك باسم بسخرية
- فيروزتك طلعت متجوزة ياجسورة من ابن عمها ياحبيبي
هزة عنيفة أصابت جسد جاسر بالكامل. كأن صاعقة ضربته بقوة فارتطدمت بجسده حتى أدمته فنزف قلبه وللحظة توقف الزمن وثبت دوران الارض تحت أقدامه. أغمض عيناه بقهر
لم يشفق عليه باسم وأكمل حديثه الذي شقه قلبه لنصفين.

- وعرفت ابن عمها دا كان حبيبها من صغرهم بس أبوها لما مات راحت قعدت مع جدتها وهي عندها خمستاشر سنة ولسه راجعة من خمس سنين بس اتكتب كتابها عليه بعد وفاة أبوها بسنة واحدة ليه بقى ياجسورة خد التقيلة دي
- أبوها كتب كل حاجة باسمها ومخلاش لأمها ولا مليم. ليه ياترى، عشان أبوها عرف إن أمها كانت بتخونه مع اخوه
قهقه باسم بسخرية.

- يعني عيلة تزيدك شرف ياحبيبي. فوق يلا? وبلاش البت تلعب بقلبك حتى لو هي مش زيهم بس تاريخ العيلة أسود تفتكر جواد الألفي لما يعرف دا هيسكت.
هدأ باسم قليلا ثم تحدث.

- أنا عارف البنت حلوة وممكن تكون بريئة ماهو مفيش حد بيختار أهله لكن توصل إنها تكذب بموضوع جوازها دا مصيبة يخلي دماغنا تلف. وكمان هروبها من البيت وراه سر تاني غير تعذيب عمها. دلوقتي أنا حطيت الخيوط كلها في ايدك حبيبي ياريت تحلها ياجاسر من غير ماتأذي نفسك
خرج من شروده عندما خرج الطبيب من غرفتها، نهض سريعا ينظر للطبيب
- إيه الأخبار يادكتور؟
نظر إليه الطبيب بتقييم وتسائل: - حضرتك تقربلها إيه؟

زفر جاسر وود لو يطبق على عنقه. ورغم ذلك أجابه: - أنا خطبيها، عدل الطبيب من وضع نظارته وأجابه: - مفيش حاجة خطيرة هبوط حاد في الدورة الدموية، شكلها ماكلتش من فترة غير ضغط نفسي كمان. آه وكان نوبة قلبية عادية. بتيجي من كتر الضغط على الأعصاب.
قطب جاسر مابين حاجبه
- دا وشها إزرق وشفايفها.

- قولت لحضرتك دي كانت نوبة قلبية بعد الضغط على أعصابها. ممكن المريض يوصل لفقدانه للحياة. يعنى نفسي وجسدي دا اللي وصلها لكدا. لكن هي حاليا جسديا كويسة جدا، ألف سلامة عليها. قالها الطبيب وتحرك
دلف وجد الممرضة تقوم بتوصيل المحاليل. رفع نظره إليها وجدها تنظر بشرود لنقطة وهمية. خطى ببطئ إلى أن وصل وجلس بجوار الفراش. غصة كبيرة أحكمت مجرى تنفسه عندما وجد ذبول بشرتها وشحوبها.

صمتا مقتولا ساد بينهما ورغم الصمت انظاره عليها ترسم تفاصيلها بأشتياق. حقا لقد تمزق قلبي ببعدك ووعدت نفسي بالأبعاد وجعلكِ سرابا ولكن ماذا أفعل لذاك القلب اللعين الذي فقد الحياة ولم يتمنى سوى نظرة من عينيكي التي ترسل بهجة لقلبي المسكين. كيف أعتاد البعد وأنا أحبكِ حباً.
يسمعه الأصم ويبصر به الكفيف...
ويزهر الزهر في الخريف...
ويتراقص بأنغامه العاجز، ...
إنكِ الشيء المتعمق بي...

الشيء المنعقد في نصف قلبي...
وابدا لن يغادر...
أطبق على جفنيه ثم تنهد بوجع. ثم ابتلع وجعه منها. وبهدوء ظاهري ونبرة عميقة وعيناه مازالت تبحر فوق ملامحها
- فيروز عاملة إيه دلوقتي؟
بكت بقهر يتيمة لم تجد مايهون عليها آلالامها. نهض متجها إليها. يربت على خصلاتها
- إشش إهدي. خلاص مش زعلان ومش هعمل حاجة. هرجعك لأهلك لو دا يرضيكي
تشبست بقميصه ودموعها تسبق كلماتها
- جاسر أحضني. أحضني أوي. أنا بردانة.

هز رأسه رافضا كلاماتها وتحدث بهدوء رغم شعوره بالضياع من كلاماتها. صاح بالممرضة التي هرولت إليه وتحدث قائلا: - اديلها أي مهدئ لو سمحتي. مش شايفة إنهيارها وبتقول بردانة. إيدها ساقعة ومتلجة ليه؟
فحصت الممرضة محلولها وأردفت
- آسفة الكانولا مكنتش واصلة كويس. المحلول فيه مهدى هيخليها تنام متقلقش، هي كويسة والبرد دا من ضعفها وقلة اكلها
سلامتها يافندم. قالتها وتحركت.

جلس أمامها على الفراش والخوف يلتهم قلبه كما تلتهم النار سنابل القمح...
احتوى كفها بين راحتيه وحاول الحديث بهدوء منافي للموقف
- فيروز ممكن تبصيلي
ظلت كما هي تنظر بشرود. رفع ذقنها بأصبعه ينظر لفيروزتها
-ممكن أعرف مالك وزعلانة ليه. زعلانة عشان جبتك من مكانك، خلاص إنسي هرجعك مكانك. صمت للحظات ينظر إليها. اصطنع ابتسامة بمهارة وأسترسل.

- اعتبري مجتش ولا شوفتيني. أنا كنت فاكر حاجة تانية وجيت لك عشان اتأكد منها.
مطت شفتاها بحزن ونظرت للأسفل. ماذا تبرر عن هروبها وكسره بتلك الطريقة
رفعت كفيه الذي كان يمسكها وقبلتها فجأة
وهي تتحدث
- حبيبي سامحني
ذُهل جاسر من حركتها. نهض كالملسوع عندما أذهبت عقله وجعلت قلبه كنيران
هز رأسه رافضا مافعلته
تحرك للخارج عندما فقد السيطرة على نفسه ولكن تسمر بمكانه عندما تمتمت.

- والله حبيتك أكتر حاجة في الدنيا. للأسف جتلي في الوقت الغلط. عملت كدا لما هددوني بقتلك. دخلوا المزرعة بالليل وكانوا هيموتنا أنا وحياة في يوم كان باسم مسافر. وخيرونا بين موتكم وبين نقل معلومات عن القضية اللي ماسكها باسم وعثمان عشان فيها ناس تقيلة أوي. حياة رفضت في الأول لكن لما صوروك وانت قاعد مع باسم وفي كافيه وحد مصوب سلاحه على راس باسم. حياة صرخت وقالت خلاص هتعمل اللي عايزينه. وقالت هي اللي عايزة تاخد حقها بأيدها. أنا رفضت. لولا تدخل حياة واوهمتم إنها بتنتقم من باسم عشان لعب بيها. عمي حلف ليقتلك إنت وعمو باسم لو هي بتلعب بيهم. وضحك بإستهزاء وقال:.

أنا دخلت مزرعته في وسط حراسه. وخيرني بين موتك وبين إني أبلغ عليك إنك خطفني. وزرعوا كاميرات في كل مكان عشان يراقبوا باسم ويعرفوا كل حاجة عن القضية بما إنك طرف فيها. حياة اوهمتهم إنها بتكره وكدا كدا هي هتهرب منه.
رجع جاسر يجلس على المقعد يستمع إليها بذهول. يحبس أنفاسه داخل صدره ضاغطا على كل عصب في جسده حتى لا يصفعها بقوة.

رفعت بصرها تنظر إليه وشعور بالخدر بأوصالها أكملت بجفنين مرهقين: - طبعا محطوش الكاميرات قدامنا. إحنا عرفنا بالصدفة بعد مامشيوا وأنا وحياة بنحاول نفكر إزاي نخرج من المزرعة من غير مانأذي باسم ونأذيك. بلعت ريقها الجاف وأكملت: - اصل حياة كانت متفقة معايا في الأول ألعب عليك زي ماباسم لعب عليها. بس حبيتك. وحبيتك أوي ورفضت كلامها
جاسر أنا بحبك. قالتها ثم ذهبت بنومها بسبب المخدر.

بالساحل بالشاليه عند باسم
وضعت رأسه على ركبتيها تصرخ بإسمه
- باسم إفتح عيونك. حبيبي افتح عيونك، أوعى تسبني. باسم قوم أنقذ إبنك. حبيبي أنا حامل والكلب مدحت ضربتني في بطني. ظلت تصرخ بأسمه وتهزه بعنف: - بقولك قوم إنقذ ابنك انت إيه مبتسمعش
صرخت بقوة عندما أشتد الألم وذاد نزيفها بقوة وشعرت بدوران يصفعها حتى كادت أن يغشى عليها.

في هذه الأثناء استمعت لرنين هاتفه، اخرجته بيد مرتعشة وفتحت الخط سريعا وبدأت شهقاتها بالأرتفاع عندما استمعت لصوت جواد:
- باسم بعد ماترجع لازم نقعد ونتكلم. عايزك تسامحني مكنش قصدي ازعلك. ولكنه توقف عندما استمع لشهقاتها، وضعت يديها على فمها وهي تمنع صوتها
- باسم مدحت العتال ضربه بالنار، الحقه ياعمو جواد، باسم هيموت، قالتها بأنفاس مسحوبة.

ترنح جواد للخلف بأعين جاحظة مما إستمع إليه. وبأنفاس مرتجفة ولسان ثقيل تسائل
- هو عايش؟، معرفش
صرخت بها حياة من شدة الآلام التي شعرت بها.

خرج جواد سريعا بروح محترقة وقلبا يتمزق ألما. تقاومه رغبه عارمة بأن يكون له جناحين حتى يصل بسرعة البرق إليهما، رفع هاتفه سريعا وقام بحجز طائرة خاصة. ثم قام بإلاتصال وأبلغ عن مكانهما. وفي خلال نصف ساعة كان جواد يقف أمام غرفة العمليات ويكاد قلبه يتقيأ دما على صديق عمره، وصل إليه صهيب وحازم بعدما علموا بالخبر، وجدوه جالسا بروح غائبة
ضمه صهيب يربت على ظهره عندما وجد دموع محتجزة بعينيه.

- جواد هيقوم بالسلامة. باسم مر بأكتر من كدا وعدى
لكم الحائط بقبضته وصرخ بصوتا باكي
- أنا السبب ياصهيب. عملوا كمين وأنا زي الأهبل اللي بعتله عنونها. مجاش في بالي إنهم هيموتوه هعيش إزاي أنا لو حصله حاجة. حب يرد اللي باسم عمله في ابنه
آهة خرجت بحرقة من فم جواد وشعوره بالعجز يتملك منه
ربت صهيب وهو يدعوا ربه
- إن شاء الله يقوم بالسلامة
جذبه صهيب حتى يجلس.

- ممكن تقعد وتهدى عشان ضغطك، بينما حازم الذي توقف أمام غرفة العمليات يدعو ربه ألا يحزنهم على فقدان غالي آخر
جلس جواد ووضع رأسه بين كفيه. جلس بكتفين متدهلين وكأن الدنيا دائما تعطيه كأسا من الوجع ليتذوقه على أقرب الأشخاص لقلبه. هنا تذكر جاسر وكأن قلبه كاد أن يتوقف ليحدث له بما صار لباسم
رفع نظره لصهيب وبلسان ثقيل وعينين مغروقتين بالدموع عندما شعر بأنسحاب انفاسه.

- شوف جاسر ياصهيب. ابني معرفش عنه حاجة من إمبارح. وضع يديه على صدره عندما شعر بألما بشقه الأيسر
جلس صهيب على عقبيه أمامه وتحدث بهدوء
- تمام. أهدى ياحبيبي، هكلمه حالا. لكن لازم تهدى. أكيد هو كويس
رفع هاتفه وهو يدعو ربه بألا يصيبه مكروه فوضع جواد لا يتحمل حزن يكاد يصل بحياته للهاوية
- أيوة ياجاسر إنت فين ياحبيبي
خطف جواد الهاتف سريعا من باسم حتى يستمع لقرة عيناه استمع لجاسر.

- أنا كويس ياعمو. ساعتين كدا وهكون في القاهرة
- جاسر قالها جواد بتقطع
توقف جاسر الذي كان جالسا أمام غرفة فيروز حتى تفيق من غفوتها
- بابا حبيبي. مالك، فيه حاجة؟
أجابه جواد وهو يمسح على وجهه
- أحنا كويسين، أتأخرت ياحبيبي فقلقت عليك. ارجع بسرعة
هز جاسر رأسه وأجابه
- آسف ياحبيبي. قلقتك، حاضر ان شاء الله ساعتين وهكون في القاهرة.

بالقاهرة قبل ساعتين من معرفة جواد
بعد خروج جواد حازم بعدما أخرج قنبلته. جلس حازم يضع رأسه بين كفيه. بينما مليكة التي نظرت لجواد تعاتبه بما فعل بأبنها ثم أردفت ما قسم قلب جواد:
- ليه ياجواد مش معتبر جواد من أولياتك زي عز وفارس. ليه دايما شايفة ابني أخر اهتمامك.

ضحكت سِنا بسخرية وأمسكت قطعت لانشون تضعها بفمها مستمتعة بطعهما تنظر لمليكة ثم أردفت: - مش جواد بس ياعمتو. وحياتك وسنا وهنا. اصلك متعرفيش إن عمو جواد مابيفكرش غير في مصلحة ولاده بس. وبما إن طفلته الغالية في الموضوع فأكيد لازم يكون فيه عز. اما لو مفيش رُبى مكنش قال لا عز ولا جنى
جحظت أعين جواد من حديثهما. وشعر بإنفطار قلبه، وقف ينظر لأخته يشير لنفسه وأردف بصوتا حزين.

- أنا يامليكة. أنا مهتمتش بابنك. دا كلهم ولادي. جواد دا أنا اللي مربيه
وقف حازم ينظر بحزن لمليكة على كلاماتها وأردف بصوتا مكتوم: - إيه اللي بتقوليه دا يامليكة. هو جواد جه وقاله ياخالو عايز أتجوز حد وهو رفض. نظر وتحدث بمغذى عندما وجد الحزن على وجه جواد من كلمات مليكة
- إبنك طول عمره كتوم وإحنا منعرفش هو بيفكر في مين وأنا ابوه لسة متفاجئ بموضوع جنى. انتِ ياأمه كنتِ تعرفي
نهض سيف وجذب ابنته بغضب.

- اعتذري لعمك على وقاحتك ياسِنا وبعد كدا توقفي قدام اعمامك وتتكلمي بأدب
انسدلت دموعها وشعرت بإنكسار مرفقيها الذي ضغط عليه والدها.
- أنا مقصدش حاجة والله يابابا. أنا بس برد على كلام عمتو
- اخرصي. قالها سيف بغضب. فهو قد استمع لحديث عز بالأمس لجواد
جذبها ثم دفعها بقوة على جواد وتحدث
- أنا اللي بقولك أنا قصرت في تربيتها عايزك تربيها أعمل فيها اللي عايزه.
أشار بيديه على تقى وجنى ورُبى وأكمل.

- عايزها زي دول. أنا كأب فشلت ياجواد. إنت كعم صحح غلطي. رفع نظره لميرنا وأردف بصياح
- لو موتها قدامك اياكي تدخلي سمعتي
كان جالس بصمت. ولكنه توقف يجذب سنا من أمام جواد الذي لم يرد على فعلة سيف
- تعالي حبيبة عمو نتمشى شوية. وبعدين نرجع نعتذر لعمو جواد. مش كدا ياعمو
قالها صهيب وهو ينظر لجواد الحزين الذي مازالت كلامات سِنا ومليكة تخترق صدره.

إومأ برأسه لصهيب وقام بفك زر قميصه عندما شعر بالأختناق. اتجهت مليكة سريعا تجلس أمامه على عقبيها وتمسك كفيه
- حبيبي أنا آسفة متزعلش مني والله ماأقصد. جواد رفعت يديه لتقبلها
سحب كفيه سريعا وقبل رأسها
- قومي ياملاكي. أنا مش زعلان. ممكن أكون قصرت فعلا شوية مع جواد بسبب مرض غِنى لكن عمري مابعدت عنه.
اتجهت غزل لجواد بجهاز قياس الضغط والسكر.

- حبيبي مقستش الضغط النهارده. ومشفتش السكر. تسمح لغزالتك تناغشك شوية، قالتها غزل عندما وجدت حزن زوجها، تحركت مليكة بعدما قبلت رأسه
نهض الجميع مغادرين. بينما جنى التي ظلت جالسة تنظر لجواد وعينيها متحجرة بالبكاء. رفع يديه إليها
- تعالي حبيبة عمو. انا سامعك.

جلست بجواره على المقعد وألقت نفسها بأحضانه وبكت بمرارة تقول: - أنا آسفة ياعمو مش قصدي حد يزعل ابدا والله. ولو جواد مزعلك متسمعش منه هو منفعل لكن بيحبك أوي.
قبّل جواد رأسها يضحك على طفوليتها
رفع ذقنها ينظر لعيناها: - الولد جواد عامل في جنونتي إيه
نظرت بخجل لغزل الذي رفعت حاجبها بألا تتكلم
فرقت يديها ثم تحدثت بعدما توردت وجنتيها
- مفيش حاجة ياخالو. أنا هشوف ماما بعد إذنك.

تحركت سريعا. قهقه جواد عليها ثم تحدث مما جعلها تتوقف بمسيرها
- على كدا أقول لطارق كل شئ قسمة ونصيب ولا نقوله مبروك
استدارت تنظر له بخجل وأردفت
- لا قوله كل شئ قسمة ونصيب ياخالو، قالتها وتحركت سريعا لمنزلها
ابتسم عليها وشعور الراحة يتمكن منه وهكذا تم كل شيئا كما خطط له. إلا من كلمات مليكة التي أصابته بمقتل.

مسدت غزل على خصلاته التي بدأ الشيب يغطيها فصار أكثر جاذبية وهيبة. جلست أمامه على الطاولة التي كانت تعج بالطعام منذ قليل ثم رفعت ذقنه تنظر لعيناه
- ياترى دا اللي خلى حبيبي طول الليل منمش وبعد عن حضني
نظر حوله وفجأة جذبها حتى جلست على ساقيه ينظر لرماديتها. ترانيمه المقدسة التي يعشقها وأردف هامسا بأنفاسا حارة
- تعرفي حبيبك نفسه في إيه دلوقتي!
قطبت مابين حاجبيها وأردفت هامسة وهي تلمس وجنته بكفها الرقيق.

- حبيبي يتمنى وحبيته تلبي
اقترب يهمس أمام شفتيها
- عايز أخد شاور ياغزول وبعد الشاور عايز جلسة مساج. وبعد المساج عايز استمع لأم كلثوم إنت عمري مع حركات إغوائية نسيت شكلها
قهقهت غزل بصخب وهي مازالت تجلس على ساقيه
- دا إيه طلباتك اللي محتاجة مصباح علاء الدين دي ياحبي
حمحم عز من خلفهما وتحدث
- وماله يابو الجود إنت إحلم وأنا أحقق لك طلبك. هو أنا عندي كام عمو جواد بس
قفزت غزل من على ساقيه تلكمه بصدره.

عاجبك كدا أهو عز بيتريق علينا
مسح جواد انفه ينظر لعز بسخرية وأشار
إليه
- تعالى ياحيلتها. طلبات ايه يلا? اللي عايز تحققهالي ليه ناوي تعمل إيه
اقترب عز منه يقهقه عليه. تحركت غزل سريعا عندما شعرت بخجل من حديثهما
جلس عز يضع يديه على كفيه يحرك حاجبيه كالأطفال
- إيه ياابو الجود عايز ترجع شبابك مع غزالتك.
جذبه جواد من تلابيب ثيابه حتى سقط من فوق الطاولة.
- اتلم ياعز أصل وحياتك أخليك تنام في حضن ابوك يوم فرحك.

مط عز شفتيه ورفع حاجبه بسخرية
- هو ابو الجود بيحلم بكوابيس كتيرة ولا إيه، هو مين دا اللي ينام في حضن ابوه يوم فرحه.
أمسك عز زر قميص جواد وقام بغلقه وهمس له
- متخلنيش ياعمو اقوم حالا وانام في حضن مراتي وأعوض ليالي الحرمان. دي مراتي متخلنيش أكتبها على جبيني عشان الكل يعرف انك ظلمني
جذبه جواد من عنقه ونظر لعيناه وتحدث
- تعرف ياولد ياعز نفسي في إيه
مط عز شفتيه للأمام كالأطفال وتحدث.

- عارف نيتك ياعمو لكن وحياتك ياغالي مش هتنولها، وبقولك اهو شلني من دماغك عشان انا بحاول أكون مؤدب ببوسة بس.

صفعه جواد على عنقه من الخلف
- ليه هو الجحش بيحلم بإيه اكتر من بوسة
تلفت عز حوله ودنى من جواد وهمس بإذنه ببعض الكلمات. مما جعل جواد يلكمه حتى سقط على الأرضية
- ياقليل الادب دا إيه يلا? الفُجر اللي فيك دا لا ومش مكسوف مني
وقف عز وهو يقهقه على وجه جواد الذي اصبح لوحة فنية من الغضب ثم اقترب منه.

وربت على كتفه مردفا: - أحمد ربنا ياعمو اني مستحملك لحد دلوقتي وبحاول اكون مؤدب. ومتنساش انا تربيتك. قالها عز عندما صعد وجلس على المقعد أمامه
دفعه جواد بقوة حتى سقط المقعد بالكامل
- امشي يابغل من قدامي. بدل مااعلقك
- مش ماشي إلا لما تصالحني على بنتك. اصلها زعلانة. عشان غيورة زي بابي بتاعها
نهض جواد متحركا إليها ينظر بخبث
- دا يوم الهنا والله. دا مش هصالحكوا بس لا دا هخليك تطلقها بالتلاتة.
و قالوا: ما الوجع؟
قلت: إسألوا قلبا عشق قلبا ليس له فيه نصيب
قالوا: ما الشوق؟
قلت: إسألوا روحا تحن لروح لقائهما مستحيل
قالوا: ما الحب؟
قلت: إسألوا شخص يدعوا لحبيبه بالسعادة
رغم أنه لغيره حبيب
قالوا: ماالعشق؟
قلت: إسألوا قلما كتب لحبيب وهو عنه بعيد
وصل جاسر لأقرب مشفى ودلف سريعا وهو يحملها بين يديه يصرخ بالردهة.

-دكتور بسرعة، أسرع إليه المسعفون بالفراش المتنقل وضع فيروز عليه ودموع محتجزة بعينيه. ظل يسير خلف المسعفين يمسك بيديها. تبا لقلبا ضعيفا ينخر وجعا لمن آذاه وآدماه
جلس ينتظر بالخارح بوجه يكسوه الحزن. يمسح على وجهه بعنف كلما تذكر حالتها وماتوصلا كلا منهما.

رجع بجسده يستند على الجدار خلفه. الخوف يتملك منه يدعو الله في قلبه أن يمر الأمر دون خسارتها فهي نبض روحه المأنونة. أغمض عيناه يتذكر ذاك اليوم الذي جعلت قلبه ينبض بها عشقا
فلاش باك.

دلف إلى الشقة وجدها تجلس وبعض شرائح البيتزا أمامها. تأكل كالأطفال بعدما ترك الطعام أثارا على شفتيها. تشاهد فيلما كارتونيا تندمج معه حتى إنها لم تشعر بوجوده. وقف يتابعها بأنظاره. ترتدي ثيابا بيتية كان قد ابتاعه لها. عبارة عن كنزة باللون الوردي يظهر بياضها الناصع. وعيناها التي تشبه الزمرد ببنطال واسع بعض الشى ولكن يظهر منحنيات جسدها بسخاء.

ظل واقفا يعقد ذراعيه على صدره وستند بكتفه على الجدار. وللمرة الأولي يشاهد جمالها الخلاب الذي سرق لُب عقله وقلبه. ثغرها المرسوم كنعقود عنب ووجهها الذي يضاهي ضوء القمر. وخصلاتها الذهبية المتموجه التي جعلتها كحورية بحر
اطبق على جفنيه. ابتسم بخفوت، يستغفر ربه على ماوصل إليه من تلك الجنية الذي ألقاها القدر أمامه هز رأسه رافضا فكر شيطانه
حمحم حتى تنتبه له. رفعت بصرها ثم نهضت تمسح فمها بكفيها كالأطفال.

- جيت إمتى محستش بيك
ابتسم متحركا إليها وتسائل ينظر حوله
- فين دادة علية؟
أجابته بابتسامة خلابة
- قالتلي حضرة الضابط جي. وهروح أعمله المحشي اللي بيحبه. بتحسسني إنك وحيد ومالكش عيلة وقاعد وسطيهم. دا أنا اللي أستاهل الأهتمام دا
ضيق عيناه وتسائل ينظر بخبث إليها
- إنتِ بتبصي لي في حب دادة علية وبعدين ماهو أحنا عيلتك وبنهتم بيكي. دا أنا بقيت أجي هنا وأشوف دادة علية أكتر من أمي.

ابتسمت له بخجل ورفعت بصرها تنظر لعيناه التي سقطت صريعة بعشقه
- بس أنت برضو بتوحش دادة علية أوي. ممكن يعدي بالأيام لما تفتكرها
ابتسم تلقائيا عندما إستمع لكلماتها الغير صريحة. فأجابها
- ودادة علية بتوحشني أوي. عرفيها مابتفارقش خيالي.

كأن كلماته اثلجت قلبها من دقاته العنيفة ونيران اشتياقها له. ودّت لو نهضت وألقت نفسها بأحضانه كي تشبع من رائحته التي تنعش روحها. قاطعت حوار العيون دادة علية عندما أردفت: - والله وإنت ياحبيبي بتوحشني أوي. وبحس بغيابك. متغبيش عني تاني ياقرة عيني.

ابتسم جاسر من قلبه ووقف يقبّل يديها. فهو يعتبرها كوالدته التي ربته. فهي التي كانت تتولى تربيته ورعايته عندما كان يذهب بالأيام يقضيها عند باسم، فكان جواد يصاحب جاسر إليه ليقضي عنده بعض الأيام بعد موت ولده
ابتسمت فيروز على علاقة الحب بينهما.
تراجعت علية تقول: - هجهزلك الغدا حالا عملالك ورق عنب وبط كمان. وحمام
برق عيناه يضع يديه على صدره.

- ياحوستي محشي وبط وحمام. ليه هو أنا عريس. دا أنا اخري أجري ورا حرامي
قهقهت فيروز على كلماته.
رفع حاجبه بسخرية ينظر إليها قائلاً
- ياه لدرجادي كلامي ضحكك. ماهو مش معقول يعني أكل دا كله. رفع حاجبه ينظر لشطيرة البيتزا التي أمامها وأكمل مستطردا: - لا وكمان هاكل لوحدي. شايف حضرتك اتغديتي
نهضت تهز رأسها وتضحك: - لا دي كانت تصبيرة. لحد ما دادة تكمل الأكل. هو أنا اقدر برضو أخليك تاكل لوحدك.

أسبل جفنيه مبتعدًا بنظره عنها فتحدثت: - جاسر قالتها بصوتا هادي.
رفع وجهه إليها فتلاقت زمردتيها برماديته التي توهجت فشرد بمحبوبته. وذاد الأمر صعوبة عليه بعدما أمسكت كفيه بكفيها الرقيق وتحدثت: - فيه موضوع مهم لازم تعرفه. سحب كفه سريعا، نصب عوده وتحرك متجها للنافذة ينظر من خلالها. علّه يجد نسمة هواء تهدأ من نيرانه الذي شعر بها. رغم إنهما بفصل الشتاء.

تحركت تقف بجواره. تنظر إليه علها تشبع روحها الهادرة الضائعة التي أودت بها والدتها بغيبات الجب. وقفت بجواره تنظر من الشرفة على تساقط الأمطار وتحدثت: - أنا كلمت ماما النهاردة بعد ماعرفت من عمو باسم إنها نزلت صورتي على التواصل الإجتماعي بدّور عليا. قولتلها أنا سافرت الساحل مع حد قريب من صحابتي عشان متحاولش تدور عليا...
إتجه بنظره إليها وتسائل: - وهي صدقتك بالبساطة دي.

ترقرق الدمع بعيناها ورفعت بصرها وتحدثت بشفتين مرتجفتين: - هي عملت نفسها مصدقاني. وحاولت بدور العطف معايا عشان أرجع. بس أنا عارفة تفكيرها في أيه.

قطب مابين حاجبيه وتسائل: - إزاي كلمتيها أنا مقولتش بلاش تواصل بيها. أمسكت كفيه وأردفت بدموع: - متخافش كلمتها من تحت. خرجت مع الدادة وهي بتشتري حاجات البيت وكلمتها عشان تبعد عني وماتتحطش في مسؤلية بعد كدا، ضغطت على كفيه بيديها الأتنين وأكملت باعين تغشاها الدموع: - أنا مش عايزة أمشي من هنا خلاص. حاسة البيت دا بتاعي ومش ناوية أتنازل عنه. مهما كلفني الأمر.

خرجت الكلمات كالسهم نفذ لصدره ليحترق قلبه. عندما تذكر حديث باسم عن هويتها وسيكون رفض والده قاطع بالنسبة إليه. وطلبه بالبعد عنها. ولا يشغل قلبه بها.
والى متى سيهرب من معشوقته
-يالله كيف افعل ذاك، ربي أخرجني من حولي لحولك، ومن ضعفي بالله
ظل يرددها عدة مرات، وهيئة ابنة عمه لم تفارق خيالاته، آفاق على سحب فيروز لكفه.

رمقها بصمت مما جعلها ترفع كفيها تضعها على وجنتيه. حتى اصطدم بوجهها القريب وفيروزتها التي خدرته بالكامل فبعث لجسده قشعريرة لذيذة وأكملت لتضيع ماتبقى من تماسكه عندما اقتربت للحد الغير مسموح واختلطت أنفاسه بأنفاسها:.

- تفتكر ياحضرة الضابط أنا ممكن أتنازل عليك بعد ماشوفت نظرة الحب دي في عينك قالتها وهي تحاول الأقتراب من شفتيه ولكن ارجعها رنين هاتفه الذي صدع بالمكان، اهتز جسده بالكامل وتناول هاتفه خارجا سريعا من شقته. ونيران صدره تحرقه بالكامل مما صار. و بدأ يحادث نفسه: - اوعى تكون عايز تستضعفها ياجاسر. مسح على وجهه وتحرك لسيارته ودقات عنيفة بقلبه كلما تذكر تلامس شفتيها. ، ناهيك عن صورة جنى التي تمناها بها. كور قبضته وردد مع نفسه.

فيروز منقذتك ياجاسر، لازم تحبها، لا إنت بتحبها.
-اغمض عيناها واقنع عقله وقلبه
انا بحبها، لازم احبها، لا انا بحبها
رجع بجسده للخلف ينظر للبعيد. يتذكر برائىتها
-مش هأذيها لأنها تستاهل، أيوة انا مش هأذيها، لازم الكل يقتنع إنك بتحبها
صدح رنين الهاتف مرة أخرى في رنينه. فتح زر قميصه يحاول تهدئة نفسه. ثم رفع الهاتف ليجيب: - أيوة ياعمو فيه حاجه
ابتسم باسم وهو يجلس يناظر حياة وماتفعله بالحديقة مع قطتها.

-حبيب عمو ياحلو إنت. فيه موضوع لسة وصلني النهارده بخصوص الفيروز تبعك
توقف عما كان يفعله وأستمع إليه بإهتمام ورسم أسمها ليعطي للحياة معنى
- سامعك! قالها جاسر بهدوء رغم ضجيج قلبه
أجابه باسم
- مالك ياجاسر، فيه حاجة ياحبيبي
تنهد بألما بما يشعر به.

أرجع خصلاته للخلف ويشعر بتمزق روحه عندما تركها وغادر وهو يعترف لنفسه انه وقع بحبها وقوعا عنيفا تنهد ثم أجاب باسم: عمو أنا تعبان اوي مش قادر أتنفس حاسس إني مخنوق أوي. عايز أروح أحكي لبابا كل حاجة لكن هو مشغول بفرح غنى اللي بعد أسبوع غير مرضها
- انت فين ياجاسر؟ تسائل بها باسم
- قدام الشقة ياعمو.
- تعالى عندي. نقعد شوية ونتكلم فيه موضوع ضروري لازم تعرفه
ابتسم جاسر بسخرية.

- دادة علية عاملة محشي وبط وحمام. يعني لو مشيت إنت عارف ممكن تقاطعني سنة كاملة
قهقه باسم عليه وأردف: - لا كدا أنا اللي جاي لدادة علية مسافة الطريق أكون عندك. بس فيه موضوع ياريت تسأل عليه فيروز قبل ماآجي
ابتسم بسعادة تغمره عندما خصها باسم له وأردف
- فيروزتي ضحك باسم بسخرية
- فيروزتك طلعت متجوزة ياجسورة من ابن عمها ياحبيبي.

. كأن صاعقة ضربته بقوة فارتطدمت بجسده حتى أدمته فنزف قلبه وللحظة توقف الزمن وثبت دوران الارض تحت أقدامه. أغمض عيناه بقهر
لم يشفق عليه باسم وأكمل حديثه الذي شقه قلبه لنصفين
- وعرفت ابن عمها دا كان حبيبها من صغرهم بس أبوها لما مات راحت قعدت مع جدتها وهي عندها خمستاشر سنة ولسه راجعة من خمس سنين بس اتكتب كتابها عليه بعد وفاة أبوها بسنة واحدة ليه بقى ياجسورة خد التقيلة دي.

- أبوها كتب كل حاجة باسمها ومخلاش لأمها ولا مليم. ليه ياترى، عشان أبوها عرف إن أمها كانت بتخونه مع اخوه
قهقه باسم بسخرية
- يعني عيلة تزيدك شرف ياحبيبي. فوق يلا? وبلاش البت تلعب بقلبك حتى لو هي مش زيهم بس تاريخ العيلة أسود تفتكر جواد الألفي لما يعرف دا هيسكت.
هدأ باسم قليلا ثم تحدث.

- أنا عارف البنت حلوة وممكن تكون بريئة ماهو مفيش حد بيختار أهله لكن توصل إنها تكذب بموضوع جوازها دا مصيبة يخلي دماغنا تلف. وكمان هروبها من البيت وراه سر تاني غير تعذيب عمها. دلوقتي أنا حطيت الخيوط كلها في ايدك حبيبي ياريت تحلها ياجاسر من غير ماتأذي نفسك
-عمو باسم انا بحب جنى بنت عمي، وهي بتحب جواد، مش زي ما حضرتك فاهم ابدًا. فيروز كنت بلاعبك بيها
هب باسم من مكانه سريعًا.

-إنت بتقول إيه يالا. نهارك اسود
تسيب اللي في ايدك وتكون عندي حالا
خرج من شروده عندما خرج الطبيب من غرفتها، نهض سريعا ينظر للطبيب
- إيه الأخبار يادكتور؟
نظر إليه الطبيب بتقييم وتسائل: - حضرتك تقربلها إيه؟

زفر جاسر وود لو يطبق على عنقه. ورغم ذلك أجابه: - أنا خطبيها، عدل الطبيب من وضع نظارته وأجابه: - مفيش حاجة خطيرة هبوط حاد في الدورة الدموية، شكلها ماكلتش من فترة غير ضغط نفسي كمان. آه وكان نوبة قلبية عادية. بتيجي من كتر الضغط على الأعصاب.
قطب جاسر مابين حاجبه
- دا وشها إزرق وشفايفها.

- قولت لحضرتك دي كانت نوبة قلبية بعد الضغط على أعصابها. ممكن المريض يوصل لفقدانه للحياة. يعنى نفسي وجسدي دا اللي وصلها لكدا. لكن هي حاليا جسديا كويسة جدا، ألف سلامة عليها. قالها الطبيب وتحرك
دلف وجد الممرضة تقوم بتوصيل المحاليل. رفع نظره إليها وجدها تنظر بشرود لنقطة وهمية. خطى ببطئ إلى أن وصل وجلس بجوار الفراش. غصة كبيرة أحكمت مجرى تنفسه عندما وجد ذبول بشرتها وشحوبها.

صمتا مقتولا ساد بينهما ورغم الصمت انظاره عليها ترسم تفاصيلها بأشتياق. حقا لقد تمزق قلبي ببعدك ووعدت نفسي بالأبعاد وجعلكِ سرابا ولكن ماذا أفعل لذاك القلب اللعين الذي فقد الحياة ولم يتمنى سوى نظرة من عينيكي التي ترسل بهجة لقلبي المسكين. كيف أعتاد البعد وأنا أحبكِ حباً.
يسمعه الأصم ويبصر به الكفيف...
ويزهر الزهر في الخريف...
ويتراقص بأنغامه العاجز، ...
إنكِ الشيء المتعمق بي...

الشيء المنعقد في نصف قلبي...
وابدا لن يغادر...
أطبق على جفنيه ثم تنهد بوجع. ثم ابتلع وجعه منها. وبهدوء ظاهري ونبرة عميقة وعيناه مازالت تبحر فوق ملامحها
- فيروز عاملة إيه دلوقتي؟
بكت بقهر يتيمة لم تجد مايهون عليها آلالامها. نهض متجها إليها. يربت على خصلاتها
- إشش إهدي. خلاص مش زعلان ومش هعمل حاجة. هرجعك لأهلك لو دا يرضيكي
تشبست بقميصه ودموعها تسبق كلماتها
- جاسر أحضني. أحضني أوي. أنا بردانة.

هز رأسه رافضا كلاماتها وتحدث بهدوء رغم شعوره بالضياع من كلاماتها. صاح بالممرضة التي هرولت إليه وتحدث قائلا: - اديلها أي مهدئ لو سمحتي. مش شايفة إنهيارها وبتقول بردانة. إيدها ساقعة ومتلجة ليه؟
فحصت الممرضة محلولها وأردفت
- آسفة الكانولا مكنتش واصلة كويس. المحلول فيه مهدى هيخليها تنام متقلقش، هي كويسة والبرد دا من ضعفها وقلة اكلها
سلامتها يافندم. قالتها وتحركت.

جلس أمامها على الفراش والخوف يلتهم قلبه كما تلتهم النار سنابل القمح...
احتوى كفها بين راحتيه وحاول الحديث بهدوء منافي للموقف
- فيروز ممكن تبصيلي
ظلت كما هي تنظر بشرود. رفع ذقنها بأصبعه ينظر لفيروزتها
-ممكن أعرف مالك وزعلانة ليه. زعلانة عشان جبتك من مكانك، خلاص إنسي هرجعك مكانك. صمت للحظات ينظر إليها. اصطنع ابتسامة بمهارة وأسترسل.

- اعتبري مجتش ولا شوفتيني. أنا كنت فاكر حاجة تانية وجيت لك عشان اتأكد منها.
مطت شفتاها بحزن ونظرت للأسفل. ماذا تبرر عن هروبها وكسره بتلك الطريقة
رفعت كفيه الذي كان يمسكها وقبلتها فجأة
وهي تتحدث
- حبيبي سامحني
ذُهل جاسر من حركتها. نهض كالملسوع عندما أذهبت عقله وجعلت قلبه كنيران
هز رأسه رافضا مافعلته
تحرك للخارج عندما فقد السيطرة على نفسه ولكن تسمر بمكانه عندما تمتمت.

- والله حبيتك أكتر حاجة في الدنيا. للأسف جتلي في الوقت الغلط. عملت كدا لما هددوني بقتلك. دخلوا المزرعة بالليل وكانوا هيموتنا أنا وحياة في يوم كان باسم مسافر. وخيرونا بين موتكم وبين نقل معلومات عن القضية اللي ماسكها باسم وعثمان عشان فيها ناس تقيلة أوي. حياة رفضت في الأول لكن لما صوروك وانت قاعد مع باسم وفي كافيه وحد مصوب سلاحه على راس باسم. حياة صرخت وقالت خلاص هتعمل اللي عايزينه. وقالت هي اللي عايزة تاخد حقها بأيدها. أنا رفضت. لولا تدخل حياة واوهمتم إنها بتنتقم من باسم عشان لعب بيها. عمي حلف ليقتلك إنت وعمو باسم لو هي بتلعب بيهم. وضحك بإستهزاء وقال: أنا دخلت مزرعته في وسط حراسه. وخيرني بين موتك وبين إني أبلغ عليك إنك خطفني. وزرعوا كاميرات في كل مكان عشان يراقبوا باسم ويعرفوا كل حاجة عن القضية بما إنك طرف فيها. حياة اوهمتهم إنها بتكره وكدا كدا هي هتهرب منه.

رجع جاسر يجلس على المقعد يستمع إليها بذهول. يحبس أنفاسه داخل صدره ضاغطا على كل عصب في جسده حتى لا يصفعها بقوة.

رفعت بصرها تنظر إليه وشعور بالخدر بأوصالها أكملت بجفنين مرهقين: - طبعا محطوش الكاميرات قدامنا. إحنا عرفنا بالصدفة بعد مامشيوا وأنا وحياة بنحاول نفكر إزاي نخرج من المزرعة من غير مانأذي باسم ونأذيك. بلعت ريقها الجاف وأكملت: - اصل حياة كانت متفقة معايا في الأول ألعب عليك زي ماباسم لعب عليها. بس حبيتك. وحبيتك أوي ورفضت كلامها
جاسر أنا بحبك. قالتها ثم ذهبت بنومها بسبب المخدر
بالساحل بالشاليه عند باسم.

وضعت رأسه على ركبتيها تصرخ بإسمه
- باسم إفتح عيونك. حبيبي افتح عيونك، أوعى تسبني. باسم قوم أنقذ إبنك. حبيبي أنا حامل والكلب مدحت ضربتني في بطني. ظلت تصرخ بأسمه وتهزه بعنف: - بقولك قوم إنقذ ابنك انت إيه مبتسمعش
صرخت بقوة عندما أشتد الألم وذاد نزيفها بقوة وشعرت بدوران يصفعها حتى كادت أن يغشى عليها.

في هذه الأثناء استمعت لرنين هاتفه، اخرجته بيد مرتعشة وفتحت الخط سريعا وبدأت شهقاتها بالأرتفاع عندما استمعت لصوت جواد: - باسم بعد ماترجع لازم نقعد ونتكلم. عايزك تسامحني مكنش قصدي ازعلك. ولكنه توقف عندما استمع لشهقاتها، وضعت يديها على فمها وهي تمنع صوتها
- باسم مدحت العتال ضربه بالنار، الحقه ياعمو جواد، باسم هيموت، قالتها بأنفاس مسحوبة.

ترنح جواد للخلف بأعين جاحظة مما إستمع إليه. وبأنفاس مرتجفة ولسان ثقيل تسائل
- هو عايش؟، معرفش
صرخت بها حياة من شدة الآلام التي شعرت بها.

خرج جواد سريعا بروح محترقة وقلبا يتمزق ألما. تقاومه رغبه عارمة بأن يكون له جناحين حتى يصل بسرعة البرق إليهما، رفع هاتفه سريعا وقام بحجز طائرة خاصة. ثم قام بإلاتصال وأبلغ عن مكانهما. وفي خلال نصف ساعة كان جواد يقف أمام غرفة العمليات ويكاد قلبه يتقيأ دما على صديق عمره، وصل إليه صهيب وحازم بعدما علموا بالخبر، وجدوه جالسا بروح غائبة
ضمه صهيب يربت على ظهره عندما وجد دموع محتجزة بعينيه.

- جواد هيقوم بالسلامة. باسم مر بأكتر من كدا وعدى
لكم الحائط بقبضته وصرخ بصوتا باكي
- أنا السبب ياصهيب. عملوا كمين وأنا زي الأهبل اللي بعتله عنونها. مجاش في بالي إنهم هيموتوه هعيش إزاي أنا لو حصله حاجة. حب يرد اللي باسم عمله في ابنه
آهة خرجت بحرقة من فم جواد وشعوره بالعجز يتملك منه
ربت صهيب وهو يدعوا ربه
- إن شاء الله يقوم بالسلامة
جذبه صهيب حتى يجلس.

- ممكن تقعد وتهدى عشان ضغطك، بينما حازم الذي توقف أمام غرفة العمليات يدعو ربه ألا يحزنهم على فقدان غالي آخر
جلس جواد ووضع رأسه بين كفيه. جلس بكتفين متدهلين وكأن الدنيا دائما تعطيه كأسا من الوجع ليتذوقه على أقرب الأشخاص لقلبه. هنا تذكر جاسر وكأن قلبه كاد أن يتوقف ليحدث له بما صار لباسم
رفع نظره لصهيب وبلسان ثقيل وعينين مغروقتين بالدموع عندما شعر بأنسحاب انفاسه.

- شوف جاسر ياصهيب. ابني معرفش عنه حاجة من إمبارح. وضع يديه على صدره عندما شعر بألما بشقه الأيسر
جلس صهيب على عقبيه أمامه وتحدث بهدوء
- تمام. أهدى ياحبيبي، هكلمه حالا. لكن لازم تهدى. أكيد هو كويس
رفع هاتفه وهو يدعو ربه بألا يصيبه مكروه فوضع جواد لا يتحمل حزن يكاد يصل بحياته للهاوية
- أيوة ياجاسر إنت فين ياحبيبي
خطف جواد الهاتف سريعا من باسم حتى يستمع لقرة عيناه استمع لجاسر.

- أنا كويس ياعمو. ساعتين كدا وهكون في القاهرة
- جاسر قالها جواد بتقطع
توقف جاسر الذي كان جالسا أمام غرفة فيروز حتى تفيق من غفوتها
- بابا حبيبي. مالك، فيه حاجة؟
أجابه جواد وهو يمسح على وجهه
- أحنا كويسين، أتأخرت ياحبيبي فقلقت عليك. ارجع بسرعة
هز جاسر رأسه وأجابه
- آسف ياحبيبي. قلقتك، حاضر ان شاء الله ساعتين وهكون في القاهرة.
بالقاهرة قبل ساعتين من معرفة جواد
بعد خروج جواد حازم بعدما أخرج قنبلته. جلس حازم يضع رأسه بين كفيه. بينما مليكة التي نظرت لجواد تعاتبه بما فعل بأبنها ثم أردفت ما قسم قلب جواد: - ليه ياجواد مش معتبر جواد من أولياتك زي عز وفارس. ليه دايما شايفة ابني أخر اهتمامك.

ضحكت سِنا بسخرية وأمسكت قطعت لانشون تضعها بفمها مستمتعة بطعهما تنظر لمليكة ثم أردفت: - مش جواد بس ياعمتو. وحياتك وسنا وهنا. اصلك متعرفيش إن عمو جواد مابيفكرش غير في مصلحة ولاده بس. وبما إن طفلته الغالية في الموضوع فأكيد لازم يكون فيه عز. اما لو مفيش رُبى مكنش قال لا عز ولا جنى
جحظت أعين جواد من حديثهما. وشعر بإنفطار قلبه، وقف ينظر لأخته يشير لنفسه وأردف بصوتا حزين.

- أنا يامليكة. أنا مهتمتش بابنك. دا كلهم ولادي. جواد دا أنا اللي مربيه
وقف حازم ينظر بحزن لمليكة على كلاماتها وأردف بصوتا مكتوم: - إيه اللي بتقوليه دا يامليكة. هو جواد جه وقاله ياخالو عايز أتجوز حد وهو رفض. نظر وتحدث بمغذى عندما وجد الحزن على وجه جواد من كلمات مليكة
- إبنك طول عمره كتوم وإحنا منعرفش هو بيفكر في مين وأنا ابوه لسة متفاجئ بموضوع جنى. انتِ ياأمه كنتِ تعرفي
نهض سيف وجذب ابنته بغضب.

- اعتذري لعمك على وقاحتك ياسِنا وبعد كدا توقفي قدام اعمامك وتتكلمي بأدب
انسدلت دموعها وشعرت بإنكسار مرفقيها الذي ضغط عليه والدها.
- أنا مقصدش حاجة والله يابابا. أنا بس برد على كلام عمتو
- اخرصي. قالها سيف بغضب. فهو قد استمع لحديث عز بالأمس لجواد
جذبها ثم دفعها بقوة على جواد وتحدث
- أنا اللي بقولك أنا قصرت في تربيتها عايزك تربيها أعمل فيها اللي عايزه.
أشار بيديه على تقى وجنى ورُبى وأكمل.

- عايزها زي دول. أنا كأب فشلت ياجواد. إنت كعم صحح غلطي. رفع نظره لميرنا وأردف بصياح
- لو موتها قدامك اياكي تدخلي سمعتي
كان جالس بصمت. ولكنه توقف يجذب سنا من أمام جواد الذي لم يرد على فعلة سيف
- تعالي حبيبة عمو نتمشى شوية. وبعدين نرجع نعتذر لعمو جواد. مش كدا ياعمو
قالها صهيب وهو ينظر لجواد الحزين الذي مازالت كلامات سِنا ومليكة تخترق صدره.

إومأ برأسه لصهيب وقام بفك زر قميصه عندما شعر بالأختناق. اتجهت مليكة سريعا تجلس أمامه على عقبيها وتمسك كفيه
- حبيبي أنا آسفة متزعلش مني والله ماأقصد. جواد رفعت يديه لتقبلها
سحب كفيه سريعا وقبل رأسها
- قومي ياملاكي. أنا مش زعلان. ممكن أكون قصرت فعلا شوية مع جواد بسبب مرض غِنى لكن عمري مابعدت عنه.
اتجهت غزل لجواد بجهاز قياس الضغط والسكر.

- حبيبي مقستش الضغط النهارده. ومشفتش السكر. تسمح لغزالتك تناغشك شوية، قالتها غزل عندما وجدت حزن زوجها، تحركت مليكة بعدما قبلت رأسه
نهض الجميع مغادرين. بينما جنى التي ظلت جالسة تنظر لجواد وعينيها متحجرة بالبكاء. رفع يديه إليها
- تعالي حبيبة عمو. انا سامعك.

جلست بجواره على المقعد وألقت نفسها بأحضانه وبكت بمرارة تقول: - أنا آسفة ياعمو مش قصدي حد يزعل ابدا والله. ولو جواد مزعلك متسمعش منه هو منفعل لكن بيحبك أوي.
قبّل جواد رأسها يضحك على طفوليتها
رفع ذقنها ينظر لعيناها: - الولد جواد عامل في جنونتي إيه
نظرت بخجل لغزل الذي رفعت حاجبها بألا تتكلم
فرقت يديها ثم تحدثت بعدما توردت وجنتيها
- مفيش حاجة ياخالو. أنا هشوف ماما بعد إذنك.

تحركت سريعا. قهقه جواد عليها ثم تحدث مما جعلها تتوقف بمسيرها
- على كدا أقول لطارق كل شئ قسمة ونصيب ولا نقوله مبروك
استدارت تنظر له بخجل وأردفت
- لا قوله كل شئ قسمة ونصيب ياخالو، قالتها وتحركت سريعا لمنزلها
ابتسم عليها وشعور الراحة يتمكن منه وهكذا تم كل شيئا كما خطط له. إلا من كلمات مليكة التي أصابته بمقتل.

مسدت غزل على خصلاته التي بدأ الشيب يغطيها فصار أكثر جاذبية وهيبة. جلست أمامه على الطاولة التي كانت تعج بالطعام منذ قليل ثم رفعت ذقنه تنظر لعيناه
- ياترى دا اللي خلى حبيبي طول الليل منمش وبعد عن حضني
نظر حوله وفجأة جذبها حتى جلست على ساقيه ينظر لرماديتها. ترانيمه المقدسة التي يعشقها وأردف هامسا بأنفاسا حارة
- تعرفي حبيبك نفسه في إيه دلوقتي!
قطبت مابين حاجبيها وأردفت هامسة وهي تلمس وجنته بكفها الرقيق.

- حبيبي يتمنى وحبيته تلبي
اقترب يهمس أمام شفتيها
- عايز أخد شاور ياغزول وبعد الشاور عايز جلسة مساج. وبعد المساج عايز استمع لأم كلثوم إنت عمري مع حركات إغوائية نسيت شكلها
قهقهت غزل بصخب وهي مازالت تجلس على ساقيه
- دا إيه طلباتك اللي محتاجة مصباح علاء الدين دي ياحبي
حمحم عز من خلفهما وتحدث
- وماله يابو الجود إنت إحلم وأنا أحقق لك طلبك. هو أنا عندي كام عمو جواد بس
قفزت غزل من على ساقيه تلكمه بصدره.

عاجبك كدا أهو عز بيتريق علينا
مسح جواد انفه ينظر لعز بسخرية وأشار
إليه
- تعالى ياحيلتها. طلبات ايه يلا? اللي عايز تحققهالي ليه ناوي تعمل إيه
اقترب عز منه يقهقه عليه. تحركت غزل سريعا عندما شعرت بخجل من حديثهما
جلس عز يضع يديه على كفيه يحرك حاجبيه كالأطفال
- إيه ياابو الجود عايز ترجع شبابك مع غزالتك.
جذبه جواد من تلابيب ثيابه حتى سقط من فوق الطاولة.
- اتلم ياعز أصل وحياتك أخليك تنام في حضن ابوك يوم فرحك.

مط عز شفتيه ورفع حاجبه بسخرية
- هو ابو الجود بيحلم بكوابيس كتيرة ولا إيه، هو مين دا اللي ينام في حضن ابوه يوم فرحه.
أمسك عز زر قميص جواد وقام بغلقه وهمس له
- متخلنيش ياعمو اقوم حالا وانام في حضن مراتي وأعوض ليالي الحرمان. دي مراتي متخلنيش أكتبها على جبيني عشان الكل يعرف انك ظلمني
جذبه جواد من عنقه ونظر لعيناه وتحدث
- تعرف ياولد ياعز نفسي في إيه
مط عز شفتيه للأمام كالأطفال وتحدث.

- عارف نيتك ياعمو لكن وحياتك ياغالي مش هتنولها، وبقولك اهو شلني من دماغك عشان انا بحاول أكون مؤدب ببوسة بس.

صفعه جواد على عنقه من الخلف
- ليه هو الجحش بيحلم بإيه اكتر من بوسة
تلفت عز حوله ودنى من جواد وهمس بإذنه ببعض الكلمات. مما جعل جواد يلكمه حتى سقط على الأرضية
- ياقليل الادب دا إيه يلا? الفُجر اللي فيك دا لا ومش مكسوف مني
وقف عز وهو يقهقه على وجه جواد الذي اصبح لوحة فنية من الغضب ثم اقترب منه.

وربت على كتفه مردفا: - أحمد ربنا ياعمو اني مستحملك لحد دلوقتي وبحاول اكون مؤدب. ومتنساش انا تربيتك. قالها عز عندما صعد وجلس على المقعد أمامه
دفعه جواد بقوة حتى سقط المقعد بالكامل
- امشي يابغل من قدامي. بدل مااعلقك
- مش ماشي إلا لما تصالحني على بنتك. اصلها زعلانة. عشان غيورة زي بابي بتاعها
نهض جواد متحركا إليها ينظر بخبث
- دا يوم الهنا والله. دا مش هصالحكوا بس لا دا هخليك تطلقها بالتلاتة
عند غنى وبيجاد.

صعدا لجناحهم. توقفت بمنتصف الغرفة ثم رفعت بصرها إليه مردفة
- هنسافر دلوقتي. ولا كمان شوية
أطبق جفنيه يحاول ألا يحزنها
خطت إلى أن وصلت أمامه. رفعت يديها وادارت وجهه إليها
- بيجاد. مش عايز ترد عليا ليه. ظل واقفا ولم يرد عليها فكلماتها مازالت تزهق روحه
بحركة أجفلته رفعت يديها تحاوط عنقه مقتربة من شفتيه تقبله بقبلة هادئة علها تهدأ من نيران قلبها المستعيرة.

رفعها من خصرها حتى أبعد قدمها عن الأرض واستقبل قبلتها بأخرى ناعمة انسته غضبه وأعادت روحه عندما تخللت أناملها الرقيقة وسط خصلاته تبعثرها وتنثرها بفوضوية. وأردفت من بين قبلاته
- بيجاد أنا بحبك ومقدرش أعيش من غيرك
أطبق جفنيه متلذذا بلمساتها وحديثها الذي اذهبت عقله. فصل قبلته. يبتسم برضا من أثر حركاتها وكلماتها التي دغدغت مشاعره
أمال برأسه دافنا وجه في عنقها يستنشق عبيرها بهدوء وأردف بأنفاسا الحارة.

- وأنا بعشق عشق الدنيا فيكي ياأجمل هدية
وضع يده يتلمس بشرتها الحريريه برقة بعدما ازال كنزتها الحريرية بالكامل من على جسدها وهمس بجانب اذنها
- عايز حقي منك في وجع قلبي طول الليل
رفعت نفسها وشبت تعانقه تهمس له
- حبيبي سلامة قلبك ياروح قلبي
حملها بين ذراعيه وهو ينثر قبلاته على وجهها بالكامل، حتى وصل فراشهم.

وظل يغوص ويغوص بمنتهى الاستمتاع واللذة. حتى جعل يومه معها كعازف منفردا على أوتارا وبقبلاته وهمساته ودقات قلوبهما وأنفاسهما التي ملأت الغرفة ليكتب قصة عشقهما التي تدوم وتحفر بالقلوب
بعد فترة حملها يضمها لصدره. وأردف بهمس
عاملة إيه ياحبيبي
وضعت رأسها بصدره. تتمسح بصدره كقطة أليفة تستمع لدقاته العازفة بأسمها
رفعت يديها تضعها على نبضه وضعت ذقنها على صدره تنظر لعيناه.

- الدقات دي بإسمي ووقت ماتتغير هموتك سمعتني
نظر إليها بنظراته العاشقة. أمال يلتقط ثغرها بالقبلات ويهمس لها بمذيب كلمات عشقه حتى بعثر كيانها بالكامل
وضعت رأسها على صدره تستمع لكلماته
ظلا لفترة وبعد قليل حملها متجها للمرحاض وهو يقهقه على خجلها منه
- اوعي اسمعك تقولي حاجة هناخد شاور مع بعض. خليكي شاطرة كدا من أولها وأعرفي قوانين بيجاد المنشاوي.

- ممنوع الشاور بدون جوزك. ممنوع النوم بعيد عن حضني ومش حضني بس لا. تنامي على صدري عشان تسمعي نبض قلبي باسمك ياحبيبة بيجاد
انزلها بهدوء يحاوطها بذراعيه وهمس أمام شفتيها
- ودلوقتي لازم توثقي على العهود اللي قولتها
ضيقت عيناها وتسائلت: - هو أنا وافقت على العهود بتاعتك ياحبيبي. قالتها وهي تلمس شفتيه بأناملها
رفع يديه على خصلاتها التي بدأت تطول
ضمها يقبل خصلاتها ويمسد عليها: - تعرفي إنتِ أجمل هدية ليا.

ودلوقتي لازم توثقي على مواثيق حبيبك
دفعته بعيدا عنها عندما علمت بنيته
جذبها بقوة ملتقطا شفتيه. ونظر بعدها لعيناها. وكدا الميثاق تم ياحبي وإياكي تتلاعبي بمواثيقي
مساءا وصل بيجاد وغنى لفيلا المنشاوي بالأسكندرية
دلف بيجاد متشبكا بأصابعها وهو يصيح
- حبيب عمو ياناس أين هو
وقف عمر يضمه بحنان أخوي
- مبروك ياحبيبي. عقبال ماتخويه
وصلت نغم تستقبل غنى: - اسكندرية نورت ياحبيبتي
أجابتها غنى برقة
- منورة بيكوا ياماما.

وصل ريان وهو يحمل ابن عمر. رفع نظره لبيجاد
- تعالى شوف سُفيان ياجاد. ولد ياخد العقل
اقترب بيجاد يحمله وهو يضحك بصوته كله
- دا صغير أوي ياماما بتشيله إزاي
ابتسمت غنى بحزن على فرحة زوجها وهو يضم ابن عمر، نظر ريان لبيجاد وتحدث
- معلقتش ياحمار على اسمه. ايه رأيك فيه
اتجه بيجاد بنظره لعمر ثم رجع ينظر للطفل
- خليه يسميه وشوف هعمل فيه وحياة جدك يلا? يالي ملكش إسم إنت هعلقك إنت وابوك من قفاك.

ضحك عمر عليه وأردف ناظرا لوالده
- لا بيجو بابا بيعاندك ياحبيبي. أنا سميته محمود على أسم جدو
رفع ريان نظره بذهول لأبنه وأردف
- انت سميته محمود ياعمر. إنت مقولتش كدا. انت قولت هسمي سفيان
ضحك عمر وهو ينظر لبيجاد
- عايزه يموتني. وبعدين أنا قولت لسيلا لما عرفت إنها حامل بولد هسميه محمود إن شاء الله
ضمه ريان لحضنه
- حبيبي عقبال ماتخويه وتجبله اخوات كتير.

تحرك متجها لبيجاد الذي يجلس يحمل الصغير بجوار غنى ينظر للطفل ويمسك بأصبعه
رفع نظره لغنى وأردف: - تعرفي الولد دا شبه مين. شبهي صح
ضحكت غنى عليه وأردفت: - لا ياحبيبي دا شكل عمو ريان. مش واخد منك حاجة
لكمها بخفة ثم رفع حاجبه بسخرية
- إنتِ هبلة يابت وأنا شبه مين غير الراجل اللي بتقولي عليه دا. وبعدين إزاي تبصي لبابا. وتعرفي تشبهي ابو جلمبو دا له
جلس ريان بجوار غنى يجذبها لأحضانه.

- سيبك منه ياحبيبة عمو. وقوليلي عاملة إيه دلوقتي. وياله شدي حيلك عشان نجيب للولد دا عروسة
أمسك بيجاد ابن عمر ووضعه بحضن والده ثم جذب زوجته
- شيل إيدك ياريو عن مراتي. واخد بالك. وروح شوف نغم بتناديلك
ضربه ريان بالوسادة التي توضع بجواره
- امشي من هنا ياحمار. إنت مالك أنا قاعد مع حبيبة عمها. حرك حاجبه لغنى قاصدا استفزاز بيجاد
وضعت غنى رأسها على كتف ريان وتحدثت: - حبيبي ياعمو أنا كويسة. طول ماحضرتك كويس.

امال بجسده يحملها بنظرات قاتمة
- حبك برص ياختي مفيش حد حبيبك غيري. تحرك مغادرا وهو يحملها. وضعت رأسها في حضنه بخجل. تلكمه بصدره
- نزلني يابيجاد عيب كدا يقولوا إيه
نظر إليها بغضب
- صوتك ياحبيبي. صوتك عالي ولسة حسابنا، ثم اتجه بنظراته لوالده وتهكم بصوته
- وبعدين إنتِ مكسوفة من الراجل دا. دا ياستي ريان باشا. أكبر شيال لقفاص الطماطم. حتى إساليه. اكتر حاجة كان بيعملها ويستفزني بيها. انه طالع نازل يشيل.

نظر لوالده الذي أحمّر وجهه من الغضب بسبب ماقاله بيجاد، توقف متجها لبيجاد واردف
- تعرف ولو مش خايف على البنت الغلبانة دي، كنت عملت فيك ايه، قالها ريان بنظرات قاتمة
رفع بيجاد حاجبه لأبيه بسخرية وأردف
- عارف كنت شلتني زي ماأنا شيلها. ماهو إنت مالكش غير في الشيل بس، لكن حتى دي راحت عليك ياريو. صحتك ياحبيبي بقت في النازل بسبب نغومتك
تحركت غنى من أحضانه وصرخت.

- نزلني يابيجاد. اتجهت نغم اليه عندما وجدت نظرات ريان لا تبشر بالخير
- اطلع يابيجاد عشان مراتك ترتاح ياحبيبي
بعد عدة أيام
أقام ريان حفلة سبوع لحفيده. وصل الجميع للحفلة التي كانت تقام بحديقة الفيلا على شاطئ البحر
اتجه جواد لريان
- مبروك ياجدو. تصدق لايق عليك. ثم اتجه بنظره لعمر
- مبروك ياعمر.
قهقه ريان وهو يضمه عقبالك ياابو الجود. وصل يوسف وأولاده عمر، مروان، ليليان
وهمس وأولادها رحيق، نور، علي.

وجواد وصهيب بأبنائهما. أما سيف وحازم فاعتذرا ولكن ذهب اولادهما
وعمر المصري وأبنه ريان وماسة
كان بيجاد يقف يحاوط غنى بذراعيه. يهمس لها
- حبيبي عايز منك خدمة
عمتو هتيجي أكيد دا حفيدها وأكيد ماسة هتحضر. لو حاولت تستفزك طنشيها. رفع ذقنها وأردف
- ماسة مريضة ياغِنى وأنا عملت زي ماقولتي ومنعت زيارتي كلها لعمتو. ومقدرش أمنعها تيجي بيت أخوها وكمان تيجي تزور عمر وخصوصا إن عمر بيته جنب بيت بابا
لمست خديه وأردفت.

- ماتقلقش ياحبيبي أنا هتلاشها وأبعد عنها. لكن لو جت وحبت تتلاعب بأعصابي هخربشها
اطلق صفيرا وهو يضحك
- أموت أنا في قطتي الشرسة يااخواتي
بعد فترة دلفت ماسة تبحث عنه بعينيها وجدته يقف يتحدث بهاتفه. اتجهت إليه بخطوات واثقة. تقف خلفه تستنشق رائحته
شعر بوجود أحدهما ظن أنها زوجته. ظل مواليها بظهره حتى انهى حديثه وهو على حالته ثم أردف: - واقفة ورايا ليه حبيبي. بتتصنتي وعايزة تعرفي بكلم مين. قالها مبتسما.

إقتربت ماسة تضمه من الخلف بعد حديثه ولكنه استغرب حركتها ظنا أنها زوجته
عقدت ذراعيها حوله وهي تردف وحشتني أوي
دفعها بقوة بعدما استنشق رائحة عطرها. واستمع لحديثها. التفت حتى يوبخها
ولكنه تسمر بوقفته عندما وجد غنى تقف ودموعها تترقرق بعيناها
خطى إليها سريعا وهو يهز رأسه
- صدقيني مفيش حاجة حصلت أنا كنت مفكرها إنتِ
ألقت نفسها بأحضانه وهي تهمس بغضب له عندما وجدت نظرات ماسة المقيته لها.

- ادخل غير هدومك دي فورا. أصلي أولع فيك وفيها. وإياك ألمحك تقرب تاني منها
لم يدعها تكمل حديثها وقام بإلتقاط شفتيها أمام ماسة التي ضربت أقدامها في الأرض وشعرت بغضب منهما، وتحركت سريعا
دفعته غنى ورفعت سبابتها له
- إياك تقرب مني بهدومك دي. لكمته بصدره
- ريحتها فيك. سمعتني. ياله امشي من قدامي يابيجاد متخلنيش اتغابى عليك
اقترب منها وهي تتراجع للخلف
-خلاص هروح أولع في القميص عجبك كدا
هغير ونخرج على باليخت.

كان عز يقف يحاوط خصرها بمكان هادئ على الشاطي. نظر لعيناها وأردف
- البحر شكله روعة. ايه رأيك ننزل البحر
نظرت رُبى إليه بذهول
- بتهزر صح ياعز. عايزنا ننزل البحر
جذبها متجها لليخت وهو يضحك
- مش قصدي اللي فهمتيه ياحبيبي. أكيد هننزل البحر بس مش دلوقتي دا في شهر عسلنا. أنت عايزة عمو جواد يدبحنى ويقولي بتتحرش ببنتي، وممكن يرميني طعام لسمك القرش.

توقف ينظر لخجلها من حديثه وأكمل مستطردا: - حبيبي بيجاد هيخرج بينا باليخت. ونقضي الليلة كلها عليه. فرصة قبل ماجواد الألفي ياخد باله
لم يدعها تكمل حديثها وسحبها متجها لليخت. وجد أوس يجلس مع ياسمينا على الشاطئ
جذبه عز من ثيابه
- تعالى إحنا هنطفش من أبوك يلا?. هنقضي ليلة بعيد عن جواد الألفي
ضيق أوس عيناه يتسائل
- مش فاهم؟
اقترب عز يهمس له
- هات البت الحلوة اللي جنبك دي ونقضي ليلة حلوة. فهمت ياحمار.

دفعه أوس بعيدا عنه وأردف بغضب
- دي أسمها خطيبتي مش البت اللي جنبك يعني هتكون مراتي
وضع عز يديه على وجه ودفعه حتى سقط جالسا على المقعد
- تصدق أنا أكبر غبي إني عايزك تفرفش. فعلا ابن جواد الالفي ولد خنقة
وصل بيجاد مصطحبا غنى. متجها إلى اليخت بجواره جاسر
اتجه الشباب لليخت مع بيجاد بينما أوس وقف ينظر بذهول لوقاحة عز وأردف
- الولا دا حصله إيه دا شكله أتجنن رسمي.

بينما وقفت السيدات محاطة الصغير بعادتهم وتقاليدهم. ضحكت غزل بصخب على أفعال مرام وهي تدعو سيلا لحركات الفلكورية.
- ياله ياسيلا عدي سبع مرات. صفق ريان لاخته بمزاح
- ياحبيبتي الحاجات دي كلها خرافات. أحنا عمرنا ماعملنا كدا
ابتسمت نغم وتحدثت
- خليها تعمل اللي هي عايزاه ياريان. بينما اتجه عمر يحمل حفيده مقبلا جبينه
- جدتو تعمل اللي يرضيها أهم حاجةعايزه يسمع كلام جده عمر بس، لكن جده ريان لا.

جذب ريان الصغير من يد عمر وأردف مازحا
- دا دم المنشاوية ياحبيبي، اب عن جد. يعني انتوا مالكوش غير أسم الام بس
نظر لسيلا ورفع حاجبه
- سيلا طبعا حبيبة خالها، فهي هتقوله اسمع كلام جدو ريان ومتسمعش كلام جدو عمر
ضحكت نغم عليهم وأخذت الصغير تضعه بأحضان مرام
-شوفي يامرام عايزة تعملي ايه حبيبتي
. وقفت مرام تنظر بذهول
- أنا برضو معملتش لأولادي بس حبيت الفكرة لاحفادي ومعرفش إيه اللي بيتعمل
ضحك ريان على براءة مرام.

عند باسم بالمشفى
دلفت حياة بساقين مرتعشتين تنظر إليه بقلب منفطر، جلست على عقبيها أمامه ترفع يديه المغروزة بالأبر وقبلت كفيه
- حبيبي سامحني. مسدت على وجهه واقتربت تقبل وجنتيه بحب
- افتح عيونك ياباسم. حياتك بتموت من غيرك
بعد فترة.

كانت تغفو على المقعد بجواره تمسك كفيه. فتح عينيه ينظر حوله وجدها تجلس بجواره وبالجهة الأخرى تغفو فيروز على الأريكة. حاول أن يخرج صوته ولكنه خرجه بضعف قائلا: - حياة فتحت عيناها تنظر له. تسائل بنظره فين جواد؟
اجابته عندما نهضت واقتربت منه
- مشي من ساعات. سبوع حفيد ريان النهاردة وقال هيعدي علينا وهو راجع. حتى أخد جاسر معاه.

أومأ بعينيه ثم ذهب مرة أخرى بنومه. ولكنه قبل أن يغفو. حياة أنا بحبك. قالها ثم ذهب بثبات مرة أخرى
ابتسمت وأمالت تقبل جبينه
- وحياتك بتعشق. ياحياة حياتك
دلف الطبيب اتجهت إليه تتسائل عن حالته أجابها بعملية
- الحمد لله حالته مستقرة. يعني ممكن يومين ويخرج من المستشفى
حمدت ربها تنظر بحب إليه فكلما تذكرت ماصار وشعورها بفقدانه كاد أن يذهب عقلها
بالاسكندرية على اليخت.

تجمع الشباب جميعهم حتى لحقهم أوس وياسمينا. جلسوا على سطحه مع الموسيقى الهادئة وتحرك اليخت بعيد عن الشاطئ بعدة كيلومترات.
كان يجلس بمكان هادئ يحاوطها بذراعيه
- أنا بحب البحر أوي وتعرفي بحبه في الشتا أكتر من الصيف. قالها وهو ينظر لموج البحر الذي يرتطم ببعضه
وضعت رأسها على كتفه وتحدثت.

- أنا كمان بحبه أوي. وبحب المطر وريحته جدا. وبفتكر عمو صهيب لما كان بياخدنا كل صيف في الغردقة. فاكر لما علمنا العوم وأنا كنت هغرق. اعتدلت تضرب كفيها ببعضهما
- كنت زماني ميتة بالغرق. أستدار سريعا يضمها لأحضانه
- بعد الشر عليكي ياحبيبي. دا من حظي الحلو عشان تبقي مراتي وأم ولادي
أما على الجانب الأخر في أعلى مكان باليخت، كان يستلقى على ظهره يضع رأسه على ركبتيها. ينظر للنجوم.

- أيه رأيك ياحبيبي نسافر المالديف. هتعجبك أوي أحسن من فرنسا
مسدت على خصلاته بحب تردف بهدوء
- مش فارق معايا ياحبيبي أي مكان المهم تكون معايا. أعتدل يستند على مرفقيه
- هحبك أكتر من كدا إيه ياغنى. ارحمي قلب العبد الضعيف. انخفضت برأسها وهمست
- تحبني أضعاف الأضعاف ياحبيب غنى
جذبها فجأة يقبلها مردفا
- بحبك أد حب الكون من عليه من ناس
مقولتيش يابيجاد. معقول عمرك ماحبيت ولا بنت ولا لفت نظرك واحدة.

اعتدل يجلس أمامها يمسك بكفيها
هقولك حاجه بس دا كان مجرد ماضي ومفيش حاجة تمام
جلست تنظر إليه وكأن احدهما وضع بنزينا بصدره وأشعل نيران لتحرق قلبها كاملا عندما تحدث
- من سنتين أتعرفت على بنت. مضيفة طيران كانت رحلة لاسبانيا، الصراحة البنت عجبتني ياغنى فيه فرق بين عجبتني وشدتني. تمام. زفر بهدوء ناظرا لقبضتها التي ضغطت بها على ساقيها، صمت للحظات وأردف
- خلاص مفيش حاجه تتحكي.

أمسكت كفيه وأردفت: - لا يابيجاد كمل أنا سمعاك. ومتخفش مش هحاسبك على ماضي انا مكنتش موجودة فيه.

- البنت كان أسمها تاليا. هي كانت حلوة، لكن مش حلاوتها اللي جذبتني. عقلها وثقتها بنفسها. فضلنا نكلم بعض فترة. لحد كان فيه حفلة لرأس السنة عند حد من صحابنا. وحصل مشكلة عادية. معرفش حسيت اني مش مرتاح في العلاقة دي. او ممكن قلبي مدفون بحبك الطفولي وأنا معرفش. افترقنا بهدوء، يعني مكنش الحب الافلاطوني ولا حاجه. هو مكنش حب اصلا مجرد إعجاب. مع كام لقاء بينا وبس.

- قربت منها يابيجاد؟ تسائلت بها غنى بصوتا مكتوما حزين
مسح على وجهه بعنف ولكنه اجابها بصدقا
- أيوة ياغنى. بس مش زي ماانت متخيلة. يعني كانت بتقعد في حضني و.
ضغطت على يديه بكفيها وأغمضت عيناه بحرقة قلب يتألم ثم أردفت
- خلاص متكملش، كفاية مش عايزة أسمع حاجة
جذبها لأحضانه يقبلها بعنف عندما وجدت أرتجاف بجسدها
- مش زيك ياغنى صدقيني والله مش زي اللي بينا. وضعت يديها على شقه الأيسر.

- انا مش هعاتب دا على ماضي مكنتش موجوده فيه مع إني بخاف من الماضي. لكن هعاتبه على حاضر ومستقبل حتى لو مجرد نظرة. أنا سامحتك النهارده مع موقف ماسة لأني متأكدة إنك كنت قصدني بكلمة حبيبي. أنا شوفتها وهي رايحة لعندك عشان كدا مشيت وراها
ضم وجهه بكفيه وتحدث
- يوم ماتحسي إن عيني بس مالت لغيرك. موتيني ياغنى. مش بقولك قلبي لا بقولك عيني ياقلبي
زفرت بهدوء علها تهدأ من نيران قلبها ثم.

دارت ببصرها بالمكان وجدت جاسر يجلس بمقابلتهم مغمض العينان واضعا قدمه على سور اليخت مستندا بجسده على المقعد
قاطع وصلته مع نفسه هاتفه. أخرجه
- أيوة
- جاسر هترجع إمتى
أطلق زفرة حارة من أعماق قلبه علها تخفف أوجاعه التي مازالت تنزف من جراح قلبه
- معرفش وماتتصليش تاني، قالها ثم اغلق الهاتف
عند جنى وفارس ومروان وليليان وياسين.

كانوا يجلسون ويمزحون مع بعضهم للبعض. رفعت نظرها للجانب الآخر وجدت جاسر يمسح على وجهه بعنف. توقفت جنى متجه إليه بعدما استأذنت من الجالسين
- حضرة الضابط قاعد لوحده ليه
انزل ساقيه من أمامه ثم رفع نظره إليها
اقعدي ياجنى، مفيش حبيت الهدوء. انتِ عارفة مبحبش الدوشة
جلست بجواره تنظر للبحر. وفجاة رفعت كفيها تربت على كتفه وتحدثت قائلة
- شكلك وحش أوي وإنت غضبانة. ياريت تفك التكشيرة. وجاية وطالبة منك طلب.

قطب مابين حاجبه وتسائل
- طلب إيه ياجنجون
كان جواد يقف بعيدا يراقبهم وهو يدخن بشراسة فمنذ ذاك اليوم لم يقترب منها ولم يحادثها
اقتربت جنى وأردفت
- عايزة أنزل البحر ولو قولت لعز هيرفض. فلو شافك هتنزل مش هيتكلم
- نعععععمممم ياختي. صاح بها جاسر بصوتا عالي حتى نظر إليه جميع الموجودين حتى اعتدل بيجاد ينظر لصراخه
وصل جواد إليهما بخطوة يوزع نظراته بينهما ثم تسائل.

- مالكم فيه إيه. إقتربت جنى من جاسر حتى تلاصقت بجسده خوفا من بطش جواد الذي ظهر بعينيه، اقترب عز يتسائل
- مالكم يابني بتصرخ ليه
حك جاسر ذقنه ينظر لجنى التي تشبست بملابسه ينظر برفع حاجبه
- جنى حبيبتي إنتِ ماسكة حرامي
جذبها عز بغضب عندما وجدها متشبسة بجاسر بتلك الطريقة. أما جواد الذي كور قبضته بغضب كاد فيها أن يقطع أوردة يديه. وفجأة سحبها بقوة من يد عز ثم رفع بصره لعز.

- عايز اتكلم معاها. وبلاش توقف في سكتي ياعز عشان مش ارميك في البحر
توقف جاسر ينظر بإستفهام عندما وجد حالة الغضب بينهما، ثم تسائل
- إيه ياولاد عمي مالكم. ممكن تهدوا، ثم اتجه بنظره لجواد
- عايز جنى في إيه ياجواد. وبعدين ماكلنا قاعدين مع بعض أهو
دفعه جواد عندما شعر بنيران تفقد سيطرته حينما صور له عقله بميل جاسر إليها. رفع سبابته لجاسر مردفا
- ابعد ياجاسر عن اللي يخصني.

نظرت جنى لعز وتحدثت بهدوء عندما وجدت نيران مشتعلة بينه وبين جواد فأردفت بهدوء رغم حزنها من حديث جواد
- زيزو هروح أشوفه عايز إيه هنقعد قصادك هناك، جذبها جواد بغضب واردف
- إنتِ بتستأذني عشان تقعدي مع خطيبك. اتجه عز لجواد. ولكن توقف بيجاد أمامه ينظر إليه
- خلاص الموضوع مش مستاهل الأنفعال دا كله، وبعدين هما قاعدين قدامنا. لم الليلة خليها تعدي
جلست جنى تنظر للبحر بغضب.

- اتفضل قول كدبتك المرادي ناوي تتلاعب بمشاعر مين
انفجر غاضبا يتحدث: - إزاي تسمحي لنفسك تقربي من جاسر. مرة جاسر ومرة الزفت اللي كان متقدملك
ترنحت خطوة للخلف بعدما نهضت من مكانها بسبب صراخه. اغمضت عيناها وشفتين فاغرتين مصعوقة من كلماته التي ألقاها لينزف قلبها دون رحمة
رفعت بصرها تنظر بحزن إليه
- لدرجادي شايفني مش متربية شوية مع دا وشوية مع دا.
رفع سبابته أمامها وصرخ بصوتا مرتفع استمع إليه الجميع.

- اخرصي ياجنى. إنتِ عارفة بقولك كدا من غيرتي عليكي. إيه عايزة أصرخ بصوت عالي وأقولك بحبك
وقف ينظر للجميع ويشير إليها
- آه بحبها وبحبها أوي كمان واللي يحاول يقرب منها هدفنه مكانه حتى لو كان الحد دا جاسر
رفع جاسر حاجبه بسخرية واردف
- لا دا حالتك صعبة يابن عمي ومحتاج تروح العباسية. قهقه الجميع على حديث جاسر سوى غنى التي لمحت نظرة الحزن بحديث جاسر
رفع جواد ذراعيه يحاوط أكتافها.

- جنى ماتهدميش حبنا والله انتِ فهمت غلط. عمري مافكرت اتلاعب بمشاعرك
- ايدك ياحبيبي لتوحشك قالها عز عندما رفع جواد ذراعيه على أكتاف جنى
هز رأسه برفض ينظر إليها ولكنها هربت بأنظارها بعيدا عن مرمى بصره. أدار وجهها إليه ورفع ذقنها
- جنى حبيبتي ردي عليا
كأن كلمة حبيتي أعادت دقات قلبها الضعيف تبض بعشقه مرة أخرى. رفع بصره وتحدث بصوتا مكتوم
- ولو جرحتني ياجواد أعمل إيه
رفع يديها ووضعها على قلبه.

- وحياة كل دقة في قلبي أنا بحبك بجنون
صفر ياسين وجعل جميع الواقفين يصفقون
بعد يومين سافر بيجاد وغنى لجزر بالي بأندونسيا. حيث تشتهر هذه الجزيرة بعدة أماكن لركوب الأمواج وبعض الأماكن الطبيعية الخلابة التي تتميز بالشلالات والهدوء. قضى يومين بنعيما كأنهما نعيم الجنة.
خرج بيجاد للتجول عندما حدث نقاش بينهما بسبب الحمل والولا.
أحزنت قلبه في ذاك الوقت عندما اشعرته بحزن قلبها بسبب حديث الطبيب عن الإنجاب.

تركها بيخت مجهز للتنقل لليالي بمنتصف البحر. فكان اليخت كبير لحد ما يوجد به غرفة كبيرة للنوم بحمام
وعلى ظهره غرفة زجاجية صغيرة بطاولة
وشاشة متوسطة يطلق عليه بمنزل البحر المتنقل.

اتجهت غنى لمرحاضها وقامت باخذ حماما دافئ فاليوم الطقس أكثر برودة. ارتدت رداء حريري كريمي اللون ذو فتحة صدر واسعة يظهر نهديها بعض الشى. يضيق من عند الخصر محدد منحنيات جسدها المغرية بحذر. ينسدل بإتساع بسيط ومفتوح الجانبين حتى منتصف فخذيها.

قامت بفرد خصلاتها الزهبية التي تصل الى عنقها. بسبب إهتمامها الكامل بها بعدما علمت بعشق زوجها له. ووضعت بعض اللمسات التجميلة على وجهها مع احمر شفاة قاني اللون حتى جعلها ذو طلة ساحرة تجعل الصامت يحكي مايحلو له من أشعار
استمعت لفتح باب الغرفة توقفت بحذر واذ بعشقها يهل عليها بطوله وجسده الممشوق وعضلاته التي تظهر من تحت قميصه بشكل يحبس الأنفاس
تسمر بوقفته واضعا بعض الأشياء بجانبا.

ثم خطى بتمهل إليها ودقاته التي تسابقه بالخطوات. توقف ينظر لحسن بهائها وسحرها الخلاب. نظر لتلك الشفتين اللتين مهما يتذوق منهما لم يشبع ابدا. فكانت كالخمر الذي يسلب عقله
رفع كفيه يتلمس بشرتها بنعومة اقشعرت جسده بالكامل. ثم رفع ذقنها ينظر إلى رماديتها الساحرة
- ماذا افعل أمام فتنتك ايتها الجنية الصغيرة التي ازهقت روحي كاملا.

ارتجفت شفتيه ولم تقو على الحديث فكلما يقترب منها كأنها مرتها الأولى التي تراه بها. اقسمت بأن تسعده حتى لو كلف التمن حياتها
وضع ابهامه على ثغرها المرسوم ببسمتها الخلابة لروحه. وبخفة رفع جسدها عن الأرض لتستقر بين أحضانه
- غنايا وحياتي وأيام عشقي ونصيبي الحلو من الدنيا. أنا بكِ اكتفيت ياحبيتي
وضعت رأسها بعنقه تستنشقه رائحته بجنون قائلة
- وأنت حبيب عمري ودنيايا ياحبيب غنى.

أطبق على جفنيه متلذذا بانفاسها وقربها الشهي. رفعها بين ذراعيه متجها لفراشهما حتى يكتب قصة أخرى بعشقهم بدقات قلوبهما
بعد فترة جذبها لتتوسط صدره وشعوره بالسعادة يعبأ صدره وكأنه اقتنى نجما لامعا من السماء بسبب سعادته الكامنة بزوجته الحورية.
مسد على ذهبياتها الحريرية وأردف
- يعني أقول كدا إنك لفتي نظرك عن كلامك الأهبل دا. وأكتفيتي بحبنا
رفعت رأسها تنظر لبنيته وأردفت
- خايفة أكون بحرمك من حقك.

اقتنى قبلة أخرى وأكمل
- ماليش حق في الدنيا غيرك ياحبيبي. أموت لو مجرد دمعة نزلت من عينك بسببي. بحس ان الجبال بتهتز لزعلك ووجع قلبك. مستحيل أوجع قلب قلبي ياروح قلبي حتى لو مفيش غيرك ليا في الدنيا. وأنا عندي أمل إن ربنا هيعوضنا. لمس خديها بعد نثره الكثير من قبلاته التي خطفت انفاسها قائلا
- بكرة هنروح مكان حلو هيعجبك. ونركب الأمواج. المكان رائع
هزت رأسها برفض.

- المكان دا حلو أوي وبعيد عن البشر. مفيش اجمل من هدوء البحر. ظل يمسد على خصلاتها ثم ذهب بسبات عميق هما الأثنين
في الصباح.

كانت غنى تقبع على صدره العاري تغوط بنوما عميق. فتح عيناه على تنبيه هاتفه لايقاظه للصلاة. أزال خصلاتها التي تغطي وجهها بالكامل. حقا على رغم إنها مازالت لم تصل إلا لعنقها ولكنه يعشق كل مابها. حتى تلك الخصلات القصيرة التي اعطتها جاذبية اروع ماكانت عليها. آمال بجسده ملتقطا شفتيها الشهيتين. فتحت عيناها ببطئ وابتسمت له
- صباح الحب على حبيبي المنحرف
قهقه عليها بصخب. آمال برأسه مرة آخرى.

- طيب فيه حد يبقى معاه الجمال دا كله ويقعد مؤدب ومينحرفش. وبعدين فين الأنحراف دا. حتى لسة الإنحراف الأصلي هتشوفيه. دا أنا بسخن لسة ياحبى والله ماهرجع لحماي غير وأنا شمتان فيه وأقوله باركلي حمايا العزيز مراتي حامل. ضرب كفيه ببعضهما وهو يضحك
نفسي أشوفه هيعمل إيه وقتها دا كان عملي زي جندي الحدود، تعرفي بحسه بغير مني
لكزته بكتفه وتحدثت بتحذير.

- إحترم نفسك ومتغلطشي في بابي. دا حبيبي الأول. وبعدين شكلك هتستنى كتير لترجع لبابي
جز على شفتيه يحاول منعه من صفعها بقوة لأنها نسبت قلبها لشخص آخر حتى لو كان آبيها.
اعتدلت بنصف جسدها تنظر لمقلتيه ورفعت أصابعها محدثة صوت
- روحت فين أيها المنحرف، لم تكمل حديثها بعدما وجدت نفسها كحمامة بين ذراعيه متجها بها إلى المرحاض مردفا بصوتا غليظ.

- بفكر إزاي هعاقبك على القديم والجديد وأخد حقي ووجع قلبي السنين دي كلها. وأول عقاب ليكي ياقلبي هندخل اخد شاور بمساعدة زوجتي أميرة أبوها اللي هو حبيبها الأول، قالها وهو يصك على أسنانه بشكل أخافها
بعد شهر رجع بيجاد من شهر العسل بعد إعلان موعد زفاف ربى وعز.

بأحدى اشهر الاتليهات.

كان عز يقف يضع يديه بجيب بنطاله ينظر لتلك التي خطفت لُب عقله وقلبه منذ الصغر. خرجت بذاك الرداء الذي يعد بفستان الزفاف، شهقة خرجت من فمه عن ملاكه التي تقف أمامه بفستان زفافها. اقترب بخطوات سلحفية ينظر لهالة الجمال التي تحاوطه. ود لو يشق قلبه ويضعها داخله حتى لا يراها غيره، وصل أمامها ودقات عنيفة تشق جانبه الأيسر تكاد تخرج من صدره، رفع يديه على خصلاتها التي تساقطت بعشوائية مما جعلها ملكة الملكات توجت قلبه قبل عينيه.

رفعت بصرها إليه
- إيه رأيك حلو ولا أشوف غيره. رفعت يديها أمامه. بس حرام كفاية إنك خرجت كل اللي فيه. دول بنات ياحبيبي مش محتاجين الغيرة دي كلها
جذبها بقوة حتى اصطدمت بصدره
- تعرفي نفسي في إيه دلوقتي. قالها وهو ينظر لكرزتها التي اشعلت نيران صدره
دفعته ربى بقبضتها الصغيرة تتلفت حولها بعدما علمت ما بنظراته
- ماتتجننش ياحبيبي. إحنا في مكان عام
تراجع للخلف بعدما أفاق من لكمتها وحديثا. وأشار بيديه.

- غيريه مش حلو مستحيل اخليهم يشوفوا جمالك دا. الجمال دا ليا أنا وبس.
ضربت قدمها بالارض وصاحت به
- أنا زهقت دا رابع فستان أغيره. بقولك إيه ابعت هاتلي واحد زي مابيجاد قال. أنا أستاهل ضربي بالشوز إني مسعتش كلامه
دفعها على الحائط ثم حاوطها بذراعيه
- بيجاد مين دا اللي تسمعي كلامه. ضغط على خصرها وأردف بعينان تكاد تتأكل من نيران الغيرة.

- راجل تاني تنطقه الشفايف الحلوة دي هعاقبها وبلاش تعرفي العقاب، . أقترب وهمس أمام شفتيها
- بس أموت أنا في العقاب ياصغيرة قلبي
بعد عدة أيام
هو اليوم المقرر لحنة ربى. جلست بين الفتيات ترقص وتغني. قامت غنى بوضع الحناء إليها هامسه بأذنيها
- اكتبلك الأسم فين يابت. إيه رأيك هنا
لكزتها ربى بخجل وتحدثت
- عيب ياغنى مينفعش
زمت غنى شفتيها وأطلقت ضحكة صاخبة.

هو مين دا اللي عيب. عز يعرف العيب. اومال لو مش بابا قافشكوا خمسين مرة على إيدي يابت، هنا تذكرت ربى ذاك اليوم
دلف لمنزل عمه كانت تجلس بجوار والدتها تعزف على البيانو
وقف ينظر إليها بوله لفترة. ثم حمحم
رفعت غزل نظرها إليه
- عز حبيبي. تعالى واقف كدا ليه
رفع بصره لربى وأردف بحزن: - عايزة ربى في موضوع. أومأت غزل بموافقة ثم نهضت
- طيب هروح اعملكم عصير.
جلس بجوارها. ونظر إليها.

- مبترديش ليه على تليفونك يابت، قالها وهو يمسك ذراعيها بقوة
رفعت حاجبها بسخرية وأردفت: - وأرد عليك ليه يابتاع انقاذ البنات. آه نسيت أقولك اصلي مفكرتش ارد ولا لا
ضمها ضاغطا على خصرها
- لسانك ياربى اصلي اقطعهولك
تهكمت من حديثه ثم أردفت
- وياترى هتقطعه إزاي ياحبيبي. اقترب ثم همس لها ببعض كلماته الوقحة
جحظت عيناها وأردفت
- وقح وقليل الأدب. زم شفتيه وأكمل
- ومش متربي كمان وحياتك ولو عايزة تجربي عينيا.

دفعته ناهضة ثم أردفت
- طيب وريني قفاك. عندي درس رقص ومش فضايلك
جذبها ثم أجلسها على ساقيه فجأة ينظر لعيناها
- دا شكلي هشوف شو روعة ياحبي. بس عايز أدوق قبل الشو
حاولت دفعه إلا انه اقتنص قبلته ولكنه هب سريعا من مكانه عندما استمع لصياح جواد
وقفت ربى تسّبه في سرها
- ينفع كدا دايما جايبلي التهزيق
امشي ياب مين دي اللي تتهزأ
أمسكه جواد من تلابيبه وصرخ بوجهه
- يابني نفسي ادخل عليك مرة والاقيك محترم يخربيت جبروتك.

رفع يديه يربت باصطناع على ملابس جواد: - هعمل إيه بس ياعمو ماهو انتو اللي حرمني. البت عاملة زي المانجة وأنا بموت في المانجه
ضحكت ربى بخجل من كلماته. اتجه جواد وكاد أن يطبق على عنقه
- فرحانة اوي ياختي وسايبة نفسك للجحش دا كل شوية يبوس فيكي. أنا مش حذرتك يابنتي. فيه حد يصدق المنحرف دا
وصل بيجاد على صراخ جواد. قطب مابين حاجبه وتسائل.

- مالك ياعمو جواد. اهدا دا حتى الأنفعال وحش على صحتك. يعني هلاقيها منك ومن الدوش اللي فوق اللي باظ من كتر ماشغلته
دفع جواد عز واتجه لبيجاد مضيقا عيناه ثم تسائل: - نعم ياخويا هو إيه اللي باظ. الدوش ومن ايه إن شاءلله؟
اقترب بيجاد وهو يضع يديه بجيب بنطالة وأمال برأسه يهمس له: - اقول ايه بس عيب الكلام دا ميتقلش. كبير على صحتك. بس اكيد اخدته في الاحياء زمان وإنت صغير في ثانوي. لو مش عشت اللحظة يعني.

كور جواد قبضته وهو يكز على أسنانه من هؤلاء المنحرفين
رفع نظره لربى
- روحي شوفي ماما خليها تعملي قهوة ولو شوفتك واقفة مع الجحش دا هطلقك منه سمعتيني. ايه مش مستحملين شهر لحد ماالبغل دا مايجي من شهر العسل
اقترب عز منه وأردف
- تطلق مين. دا والله اعملكم جريمة. أطلع على برج القاهرة واكتب على بطني لوحة كبيرة وأقولهم عمي دكتاتوري وحرمني من حبيبتي. وشوف بقى تعاطف الشعب المصري وهموت وأنا بطل في سبيل العشق.

جلس جواد عندما فقد سيطرته بالكامل وأردف بسخرية
- اه ياحيلتها هتكون شهيد الحب. حبك برص واربع ثعابين ياآخي. مش كفاية عليا النطع اللي جنبك. انتوا الاتنين كتير والله. دا أنا بحمد ربنا انهم بنتين بس. لكن الصراحة عندي جوزين بألف راجل
جلس بيجاد ممد ساقيه وأردف بسخرية
- ايه جوزين دي. حضرتك مفكر إنك بتقفش بيض. ولا مفكرنا جوزين حمام.

وضع جواد خديه على كفيه وأردف: - ياريت كنت استفدت. وعملت مزرعة اما انتو مش محصلين جوزين شربات حتى اعمل بيهم كرة وألعب بيها
ضرب عز يديه في بعضهما ينظر لوالده الذي يقف يضحك على أفعالهم بجواد
- تعالى يابابا شوف أخوك شكل مخه فلسع ياحرام
قهقه صهيب على عز ونظر لجواد الذي يخرج نيران من عينيه يود إحراقهما
- براحة على عز ياجواد دا هيكون جوز بنتك
قهقه جواد بصخب على كلمات صهيب وأردف يشير إليه.

- تصدق بالله أنا ابن كلب اني وافقت عليه
نظر عز لعمه واردف
- ولا كنت تقدر تعمل حاجه ياعمو
زفر جواد بهدوء ينظر لصهيب
- عايز من الواد دا يقضي ليلة فرحه هنا. وتاني يوم يسافر، انا خايف على البت منه دا ممكن يقتلها
جحظت عين عز ثم أردف
- ليه شايفيني تور
- وامر من التور. يمكن التور اعرف اسيطر عليه. ضحك بيجاد وتحدث
- عشان تعرف قيمتي بس ياعمو
- انت تخرص واياك اسمع صوتك. قالها جواد وهو ينظر بغضب لبيجاد.

اتجه عز يقف أمام عمه واردف
- مين دا اللي يقعد هنا ليلة الفرح. هو انا اهبل عشان اخليك تنفرد بالبت وتعصيها عليا. دا حضرتك تحمد ربنا إني هقعد ساعتين فرح. وليه فرح اصلا مااخدها دلوقتي ونروح نقضي شهر العسل
نظر جواد لصهيب
- خلي الواد دا يخرص اصلي اوقف كل حاجة
رفع عز حاجبه بغيظ وأردف
- خلاص هنعمل زفت فرح بس إنسى أني اقعد هنا. دا كفاية طريق المطار. ثم اتجه بنظره لبيجاد.

- بقولك ياجاد هو مينفعش طيارة تنزل ساحة الفرح وتاخدنا. ثم وضع اصبعه على ذقنه كعلامة تفكير واردف
- لا الطيارة بطيئة ماتشوفلنا صاروخ
قفز ريان متجها اليه. وحياة ابوك اللي واقف دا لتبات ليلة الفرح هنا
خرجت ربى من شرودها عندما لكزتها غنى ترفع عيناها على الرسمة رسمتها بصدرها
ضحكت ربى على اختها. ثم سحبتها جنى.

وقفت ترقص بينهم مرة وتتغانى البنات بأغاني الأفراح، ظل يهاتفها ولكنها لم ترد عليه بسبب الأصوات الصاخبة
بنهاية الليلة نظرت لهاتفها كانت تجلس بجوار غنى التي تقوم بوضع ملابسها الخاصة لقضاء شهر عسلها. خرجت لتحادثه بالهاتف
- أيوة يازيزو. مسمعتش الفون
تنهد عز لصوتها تمنى لو تكون أمامه حتى يبرد نيران إشتياقه لها بعد غيابها عنه لأسبوعين بأمر من جواد
- ربى وحشتيني أوي حبيبتي. انزلي اشوفك واضمك لصدري.

تنهدت بهدوء وتحدثت
- حبيبي ساعات وهكون كلي ملكك ياعز، بلاش ازعل بابا في آخر ليلة. يرضيك نزعله
زفر عز وتحدث
- لا مش عايزه يزعل طبعا. انا عمو زعله عندي يهز الدنيا كلها. اللي بتشوفيه دا بيكون هزار
ابتسمت بحب لكلماته وأردفت
- بحبك أوي ياعز. أغمض عيناه قائلا
- اقفلي ياربى دلوقتي. متخلنيش اهجم على البيت زي التور فعلا
باليوم التالي كانت تقف بغرفتها بعد إتمام زينتها دلف جواد إليها يضمها لأحضانه.

يبتسم لجمالها الذي يخطف العقول
- اميرة أبوها كبرت وبقت عروسة تطير القلب. اتمنى لك السعادة ياحبة قلبي
وضعت رأسها على صدر والدها تبكي
- بابا أنا بحبك اد الكون دا كله، ربنا يخليك لينا ياحبيبي ودايما منورنا
قبّل جبينها وأزال دموعها بأنامله.

- ربنا يسعدك ياقلب بابا. دلفت غزل وجاسر وغنى التي توقفت على باب الغرفة بفستانها الأبيض الذي ينقش بالورود السماوي الذي اختاره بيجاد خصيصا لذاك اليوم. وحجابها الوردي الذي لأول مرة ترتديه الذي زين وجهها
رفع جواد بصره إليها وجد دموعها المحصورة بعيناها فنظر لجاسر
انزل بربى ياجاسر لعز وأنا هجيب غنى وانزل وراك. قبّلته رُبى على خدّيه
عندما علمت بحزن أختها وشعور والدها بها.

رد جواد قُبّلتها مردفا: - ربنا يخليكم لبعض حبيبتي
هبط جاسر اولا بأخته، ثم هبطت بعده غنى بجوار والدها الذي ضمها من كتفيها
وصل حيث وقوف عز الذي يشعر بدقات عنيفة من هول اللحظة. أمسكت غزل بيدي ابنتها تقبلها وتبتسم بحب إليها
عايزاك دايما سعيدة حبيبة مامي. ثم همست لها ببعض الكلمات وتراجعت حتى يقف جواد يسلم ابنته لزوجها
كان يقف صهيب بجوار عز وجواد حازم
بينما يقف ياسين وبيجاد بجوار جواد وربى.

رفع جواد نظره لعز وتحدث
- أنا مش هوصيك عليها، عشان لو انت عايز وصاية يبقى مكنتش وافقت عليك. أنا بس هقولك أنا بديلك قلبي ياحبيبي حاول تحافظ عليه عشان عمك يفضل عايش، ثم اتجه لأبنته وأردف
- أنا برضو بقولك برضو هو ابني وحافظي على سعادته ودايما حياتكم بينكم انتوا الاتنين. اتجه يقبل جبين عز الذي رفع كف عمه يقبله بحب
ثم رجع لأبنته يقبّل جبينها ويضمها لأحضانه.

اتجه عز بعروسه بالمكان المخصص بعد تعالت أصوات الأغاني. ودقت الطبول. مع اعلى الزغاريط
وقف في الساحة الرقص. يتمايلون على نغمات ودقات القلوب. اقترب يهمس لها
- أنا خلاص اكتفيت من الدنيا ياروبي. اتمنى حياتنا كلها تكون سعيدة
وضعت رأسها على صدره وأردفت: - طول ماانت جنبي هكون سعيدة ياحبيبي
ابتعد ونظر لترانيمها المقدسة
- مش عايز أسمع صوتك إلا في المالديف ماشي
ضيقت عيناها وتسائلت
- حبيبي إنت اتجننت!

نظر للجميع وهو يبتسم
- بقولك بلاش تتكلمي يارُبى. وحضرتك بتقولي حبيبي
انتهت الرقصة المخصصة لهما. ثم نزل شباب العائلة يتراقصون مع بعضهم بشكل يسر النظر على أغاني الأفراح
بعد فترة توجه ريان مع ابنته لأعلان عقد قرانها على محبوب القلب
وتم عقد القران وزادت الأفراح بهجة عندما حملها أوس يدور بها مع تصافيق حاراً من الموجودين. اقترب ليقتنص قبلته الأولى على العلن أمام الجميع.

ضرب جواد كفيه وهو يقول هازئا: - دا ايه الجيل قليل الحيا دا. لكزته غزل بكتفه.

- لو كنت ناسي أفكرك. بلاش إنت اللي تقول كدا. جذبها فجأة إلى أحضانه ينظر لعيناها مردفا بصوت عاشق: - إنتِ عايزة العيال الصيص دول يكونوا زي جواد الألفي ياغزالتي. لا كدا ازعل وانتِ عارفة زعلي. قالها عندما رفع أنامله على شفتيها. قاطع وصلة غرامهما. دلوف باسم بجواره حياة وفيروز. الذي ذُهل جواد من وجودها في ذلك اليوم، بحث بنظره على جاسر. وجده يتراقص مع تقى ابنة حازم. بينما ياسين يتراقص مع ليليان.

نظر لغزل مش ملاحظة إن ياسين بقى قريب من بنت الأسيوطي
رفعت أكتافها وتحدثت
- ماتخليه ياخد جنب هو كمان
أومأ برأسه وهو يزم شفتيه بغضب وتحدث: - بعض كام سنة الولد هيوصل عشر سنين ويجوزه. وصل باسم إليه: - مبروك ياجواد، اقترب جواد يضمه بحب
- الله يبارك فيك ياحبيبي. قالها ثم تحرك بعيدا عن فيروز حتى لا يفقد أعصابه
بعد فترة انهى الزفاف الأسطوري بعدما وصفه البعض بذاك الوصف. سافر عز لقضاء شهر العسل.

وصل بعد عدة ساعات لجزر المالديف بعد فترة استهلكوها بالنوم في الطائرة
وصلت السيارة أمام شالية بمكان هادئ بعيدا عن زحمة المكان من البشر. اتجه ناحية زوجته وفتح باب السيارة يحملها ويضمها لأحضانه. كانت رُبى صامتة طول الوقت وتشعر بالخوف يتسرب لأوصالها مما أدى لأرتجاف جسدها
وصل بها المكان وانزلها بهدوء ومازال يحاوطها بذراعيه
دلف للداخل. وقف أمامها ثم رفع ذقنها ينظر لخوفها البائن عليها.

- صغيرة قلبي خايفة من حبيبها. هزت رأسهابرفض رغم أرتجفاف جسدها بالكامل الذي شعر هو به
ضمها لأحضانه وبدأ يردف ببعض الكلمات لتهدئتها. رفع حجاب زفافها وقام بخلعه. ثم أدارها يفتح جرار فستانها مردفا بهدوء رغم نيرانه الذي شعر بها عندما لامست أنامله ظهرها الذي كُشف وهو يقوم بفتح سحابها
رفعت فستانها الذي كاد أن يتساقط ودلفت سريعا للغرفة ودموعها تتساقط بغزارة لا تعلم لماذا تشعر بكم الخوف ذاك.

دلف بعد فترة وجدها تجلس على الفراش ترتدي إسدالها. قام بتبديل ملابسه واتجه ليقيم ركعتين لله. وبعد الأنتهاء
حملها للفراش وحاوطها بذراعيه يجلس أمامها
- روبي انسي أي حاجة وإفتكري حاجة واحدة إنك هتنامي في حضن حبيبك وبس، شهقت بشهقات مرتفعة وبدأت تبكي كالأطفال
ضحك بصخب عليها وعلى منظرها المضحك ثم أردف.

- يعني لما ربنا ناولني اللي بحلم بيه. وبعيد عن عمو جواد اللي دايما قفشني ربنا يبعتلي عيلة بتعيط. ضرب على الفراش ومازال يضحك
- أنا اتعملي عمل وعارف مين اللي عينه رشقت في أم الجوازة دي، هو ابوكي فيه غيره
لكمته بصدره وأردفت من بين بكائها
- يعني بدل ماتاخدني في حضنك وتريحني تتكلم على بابا. طيب أنا مخصماك ياعز
- ياختااااي. صرخ بها عز واردف ببكاء.

لا مش طفلة بس وهبلة كمان. ياشماتة عمو جواد فيا. ياخيبتك التقيلة ياعز يامنحوس. اقترب ينظر إليها بغضب
قفزت رُبى سريعا وصرخت تجري بالغرفة
بعد عدة أيام من زفاف عز وربى
كانت غنى تجلس بحديقة منزل ريان مع والدها الذي أتى لزيارتها لمنزلها ولكنه وجدها بمنزل ريان بالأسكندرية
كان جالسا يضمها لأحضانه. اقتربت منهما العاملة تتحدث.

- بيجاد باشا بيقول لحضرتك متمشيش هو جاي في الطريق. بدأت تبحث عن هاتفها تذكرت إنها تركته بالأعلى
ضم جواد وجهها بين كفيه
- عاملة إيه حبيبة بابي، وبيجاد عامل معاكي ايه. مش ناوين تنزلوا شوية القاهرة، وصل بيجاد في تلك الأثناء. وبعد التحية وسلامه على جواد. أعاد جواد سؤاله لبيجاد
جلس يضم غنى لأحضانه.

- عندي كام سفرية الأيام اللي جاية ياعمو. بعد ماارجع هنسافر، قاطع حديثهما وصول ريان الذي كان يهاتف احدهما وجلس الجميع يتحدثون في بعض الأحاديث، اتت العاملة تنظر لبيجاد ثم أردفت: - فيه واحدة برة اسمها تاليا ومعها طفل صغير عايزة تقابل حضرتك
- تاليا تسأل بها بيجاد. ثم تحرك متجها إليها وجدها تقف وتحمل طفلا يصل عمره سنة ونصف السنة.
- تاليا. خير ايه اللي فكرك بيا
نظرت اليه ثم لغنى وتحدثت.

- بيجاد أنا مكنتش ناوية أجيلك. بس حقيقي تعبت من المسؤلية. ودلوقتي جبتلك ابنك تربيه لأني مش اد مسؤليته
جحظت عيناه من حديثها ثم تسائل بذهن مشوش
- معلش آسف ابن مين. هو أنا سمعت غلط ولا ايه
عقدت ذراعيها أمام صدرها وأردفت
- مابلاش تمثيل يابيجاد، أنا وإنت عارفين نتيجة غلطنا ودلوقتي الولد عندك اهو. ولو عايزين اقعد معاها معنديش مشكلة. و.

قاطعها صارخا كالمجنون عندما نظر لغنى التي شحب لونها بالكامل. وكأنها فقدت الحياة، أسرع ريان وجواد على صراخ ابنها وجدوا يمسك بنت يهزها بعنف. نظر جواد لأبنته الذي تغير وجهها. وأصبحت لا
تشعر بما حولها ولكن أفاق من تحديقه بها وهو يستمع لتلك البنت التي أردفت
- الولد دا ابنه وهو بيتبرى منه. انا جيت لحضرتك ياباشمهندس مرة تانية اهو
نظر بيجاد لوالده الذي هرب بانظاره بعيدا. بينما جواد الذي ذهل من حديثهما.

شهقت غنى بذعر واضعة كفها على فمها بصدمة مااستمعت إليه. أمسكها من ذراعيها يطالعها بأعين غائمة وقلب مفطور
- دا مش حقيقي وحياة ربنا ماحصل. كذابة. اتجه سريعا بنظره لوالدها عله يساعده ولكنه ينظر إليه بذهول وبأنفاس مرتجفة ولسان تجمد فوقه الكلمات
- تعالي ياحبيبتي. اتجه جواد بنظره لريان
- آسف مهما كانت دي بنتي وأغلى من روحي. ودموعها بتهز الارض تحتي. ياريت الموضوع دا ميزعلاناش من بعض.

هز بيجاد رأسه بنفي وكأنه في كابوس سيسحق روحه. وكأن كلمات والدها ضغطت فوق جرحه المتقيح فانفلتت أعصابه وانفجر صارخا بصوت جهوري
- وأنا بقول محصلش حاجة. ودا كله كدب.
اتجهت غنى لوالدها بروح محترقة وقلب يتمزق الماً. ترنحت بخطواتها اتجاه والدها
وقبل أن تصل إليه توقف بيجاد أمامها يسحبها بعنف متجها إلى منزلهما مع صراخ والدها ولكن لم يستمع لأحد.

استقل السيارة ينظر إليها. وجهها الشاحب ونظراتها التائهة إليه كأنه غريبا عليها
أحتضنها بكل شوق زرع في القلوب. خرجت منه آهة خافتة ضربت عنقها بالكامل. أخرجها من أحضانه يضم وجهها بين كفيه: - صدقيني محصلش حاجة من دي ومعرفش مين دا. رفع كفيها يقبل باطن يديها
- ردي عليا حبيبتي متسبنيش كدا.
رفعت غنى بصرها ممدة كفيها على وجهه وبشفتين مرتعشتين.

- أنا طلبت منك قبل كدا تطلقني ورفضت. تعرف أنا حاسة بإيه دلوقتي. لم يدعها تكمل حديثها كانت شفتيه تعرف طريقها فوق ثغرها يلتقط حديثها بقبلة شغوفة. ودمع كلا منهما يقطر ألما، فصل قبلته واضعا جبينه فوق جبينها
- متوصلنيش إني أخدك مكان محدش يعرف يوصلنا. وضع يديه على شقها الأيسر وتحدث قائلا
- ودلوقتي لو مصدقة الكلام اللي سمعتيه دا انزلي من العربية. ووعد ورقتك هتوصلك. رفع بصره لعيناها الحزينة.

مقدرش أعيش ومفيش بينا ثقة
رفعت قبضتها المتكورة تضعها على صدرها قائلة بوجع مزق نياط قلبه
حتى لو صح. دا ميقدرش يعيش من غيرك. دا حقك وأنا راضية بنصيبي
جحظت عيناه بصدمة وكأن حجرا ثقيلا ضرب قلبه بشدة. ارتجف قلبه لحزنها وشكها. اكتفى بيجاد بتنهيدة حارة من بين شفتيه ولم يجد ردا على كلماتها التي طعنته بشدة وعصرت قلبه.

تحرك بالسيارة سريعا متجها لمنزله. بعد قليل وصل. ترجل سريعا متجها ناحيتها. فتحت باب السيارة. ولكنه لم يدع قدميها تلامس الأرض وقام بحملها. وضعت رأسها بتجويف عنقه. لم تريد سوى أحضانه ورائحته التي تنسيها عذابها في هذه الدنيا التي اصبحت تضغط عليها بقوة.

ضمها لصدره واتجه لغرفتهما وكأنه يشعر بحاجتها للراحة فاليوم كان مؤلم ومؤذي لقلبها. دلف بها للمرحاض وساعدها بتغيير ملابسها مع استحمامها بالماء الدافئ علها تسترخي وتستطع النوم.
قام بمساعدتها لأرتداء ملابسها بشيئا مريح للنوم وقام بدثرها على الفراش. جالسا بجوارها ممسدا على خصلاتها الناعمة
عايزة أنام في حضنك قالتها بصوتا ضعيف اتعبه كثرة الآلام التي تلقتها.

استلقى بجسده بجوارها يضمها لصدره يود لو يحطمها. رفعت نفسها تضع رأسها بعنقه وتردف بهدوء
أنا مش زعلانة منك. ولو بإيدي حاجة عشان اسعدك هعملها
كفى لقد طفح الكيل ولم يعد يتحمل. قام بإعتدالها ونظر لعيناها.

- حقيقي عايزة كدا. صرخ بها. اقترب يقبلها بجنونه المعتاد معها حتى اكتمل الوصال بينهما وأصبح روح وقلبا واحدا. ورغم ذلك مازال الشوق به لم يكتمل بسبب ماتلاقاه من ضربات عنيفة وشعوره بفقدها. ضمها وأعاد ما فعله مرة أخرى وهو يهمس لها بأرق الكلمات التي تجعلها كفراشة مبهجة المنظر. استلقى بجوارها ينظر لعيناها ورفع يديه على علاماته التي تركها على جسدها وشفتيها المتورمة. رفع ذقنها.

- ودلوقتي قوليلي هتستحملي أكون مع واحدة تانية كدا
جذبته تضع رأسها بعنقه وتنتحب بحرقة بين أحضانه قائلة بخنجر يطعن قلبهما
- لو هتكون سعيد أنا موافقة
تسارعت أنفاسه بقوة وشعر بنيران تلتهم صدره من دموعها التي تكويه بلا رحمة
رفع رأسها يضمها بكفيه
- وأنا سعادتي مكتملة بيكي. بأنفاس مرتجفة تلفح وجهها تحدث
- أنا بعشقك أد عشق الناس على الكون. لو سمحتي حبيبتي بلاش تحرقي قلبي أكتر ماهو محروق بسبب حالتك وأنهيارك دا.

ضمته بقوة أنا بحبك بجنون
أنا لا أُحبُكَ أكثَر ممَا أنتَ تَظُن...
أنا أُحبُكَ فَوقَ، ما تَحمله الظُنونُ
فَحِينَ، لَوحتَ لَكَ بِيدِي
لم أكن أَقصدُ الودَاع. كُنت فَقط أَمسحُ الدُنيا لكي أراكَ.
بعد سنة دلف ريان إلى غرفة ابنه.
انشطر قلبه على مظهره الذي أدمى قلبه وشقه لنصفين. جلس بجواره يمسد على خصلاته التي طولت كثيرا عن سابقيها
- بيجاد حبيبي هتفضل حابس نفسك
انزل روح رحلة باليخت. ولا سافر أي مكان.

جذب الغطاء ودثر نفسه وأردف بصوتا جاهد أن يخرجه
- بابا سبني لو سمحت عايز أنام
جذب ريان الغطاء وألقاه على الأرض وصرخ به
- هتفضل لحد إمتى حابس نفسك كدا. مش شايف نفسك بقيت عامل إزاي
جذبه بعنف وأوقفه أمام المرآة
- شوف نفسك كدا. دا منظر واحد عايش
إيه مفيش غيرك اللي
وضع يديه على إذنه وصرخ بصوته كله
- متكملش مش عايز اسمع حاجة. يارب أموت واريحكم كلكم.

اتجه يركل كل مايقابله بقوة حتى تبعثرت الغرفة وأصبحت آشلاء متناثرة بكل مكان
نظر لوالده بغضب
- انت السبب في كل اللي بيحصلي. أنا بكره حياتي كلها. جثى بركبته على الأرضية وكور قبضته يلكم صدره بقوة
تعرف ترحم دا يابابا. تعرف تخليه يبطل نبض، ثم أردف بصوتا باكي جعل والده يبكي على بكائه وتحدث من بين بكائه
- بابا موتني وريحيني. أنا مش قادر أعيش. قولي أعيش إزاي وروحي فارقت جسمي يابابا. أنا بموت يابابا.

ضمه ريان لأحضانه وأردف بصوتا حزين
- بعد الشر عليك ياروح بابا. إن شاءلله ياحبيبي ربنا هيعوضك بالأحسن. متكسرش قلبي أكتر من كدا يابني.
دلفت نغم بعد مااستمعت تحطيم الأشياء
بكت بإنهيار عندما وجدت حالة إبنها التي أذت روحها. وحياته التي وقعت في منحدر مظلم
قبل سنة من آلان وتحديدا يوم زفاف رُبى وعز
عند جواد وغزل
بعد إنتهاء الحفل سحب جواد غزل وغنى لأحضانه متجها لمنزله، أوقفه بيجاد.

- إيه ياعمو جواد. حضرتك واخد حرف الغين ورايح فين. طيب خد اللي يخصك وسيب اللي يخصني، قالها وهو يجذب غنى لأحضانه
انهى كلماته وهو ينظر لجواد بنظرة تحدي وأكمل
- دلوقتى ياعمو الفرح خلص وغنى بقت تمام والحمد لله. فاسمحلنا كفاية كدا عندكوا، ونروح بيتنا بقى. مش كدا ياحبي
رفعت غنى بصرها لوالدها وأردفت
- خلاص يابابا زي مابيجاد قال. هنروح بيتنا وكل يومين هعدي عليك ياحبيبي.

حاول جواد تمالك حزنه بعد مغادرة رُبى والآن غنى. ضمها لأحضانه ونظر لعيناها
- باتوا معانا النهارده حبيبتي وبكرة امشوا. بلاش الليلة، قالها هو ينظر لبيجاد
أومأ بيجاد برأسه ثم تحدث
- عد جمايلي ياعمو هرأف بحالتك الليلة
قهقه جواد عليه رافعا حاجبه بسخرية
- لا يلا? ابن اصول وبتعرف تقدّر.

تحركوا متجهين لسيارتهم، بينما غزل الذي تتحرك معهم جسدا وكل عقلها وقلبها مع أبنتها الصغيرة التي ذهبت بمرافقة زوجها لقضاء ليلتهم الأولى. توقف جواد أمام سيارته ينظر لبيجاد
- باباك مشي ولا لسة جوا؟
تجول بنظراته بالمكان وأجابه
- كان بيتكلم مع خالو يوسف من شوية. معرفش ممكن يكون مشي
أحتوى كف غزل يفتح باب السيارة ينظر إليها ثم تحدث بهدوء ينافي شعوره. حاول أن ينتقي كلمات بعناية حتى لا يؤلم قلبها.

- حبيبتي متخافيش على رُبى. هتكون كويسة وبعدين عز مستحيل يفرط فيها. انتِ مش شايفة هيموت عليها إزاي
وضعت رأسها على كتفه وتحدثت بصوتا باكي
- قلبي وجعني أوي عليها ياحبيبي. البنت لسة صغيرة ومتعرفش حاجة
وزع جواد نظراته حولهما وحركة الناس حولهما. تنهد بهدوء وتحدث: - غزل حبيبتي اركبي العربية. مينفعش كدا الناس بتبص علينا
تحركت لداخل السيارة دون حديث
عند جواد وجنى.

كانت تقف بجوار تقى التي تراقب جاسر وهو يقف مع أحد الأشخاص ويضحك. ولكن ضحكته مسروقة من عينيه
اتجهت جنى تنظر إلى ماتنظر إليه تقى
لكزتها بكتفها وتحدثت: - بتبصي على إيه ياتقى. توردت وجنتيها تنظر للبعيد ثم اردفت: - مفيش. ببص عادي، وصل جاسر حيث وقوفهما ونظر لجنى وبسط يديه أمامها
- ياله ياجنجون عمو صهيب قالي اجيبك معايا.

كعاصفة غضب صعقته عندما استمع لحديث جاسر فأردف بغضب: - انت اتجننت ياجاسر. إزاي جاي تقولها كدا وهي واقفة معايا. ليه حضرتك مش شايفني راجل قدامك
حاول جاسر تمالك أعصابه والسيطرة على غضبه قدر المستطاع. قبض على يدي جنى واردف بهدوء
- معرفش مالك ياجواد بقيت عصبي كدا. عرفت إن جنى حبيبتك والله. انت خايف عليها مني يلا?، دي أختي ياحمار. يعني زيها زي رُبى وغنى، ومقدرش عمو صهيب يطلب مني حاجة ومكنش ادها.

جذب جنى من كفيها متحركا دون حديث آخر. مما جعل نيران صدر جواد تشتعل
تشبست تقى بكفيه بهدوء حتى لا تشعل الأجواء. رغم حزنها من جاسر الذي تغاضى وجودها واخذه لجنى وتحركه بها
ثم أردفت: - لو سمحت ياجواد. بلاش تزعلني الليلة دي، إنت عارف جاسر مش هيسيب جنى بدل عمو صهيب طلب منه، وبعدين إنت عارف ومتأكد إن جنى بعيدة عن جاسر. لكمته بكتفه واكملت
- متخفش جنى مبتحبش غير جواد حازم وبس.

سحب جواد كف اخته متجها لسيارته دون حديث آخر
عند سيف وميرنا
وقف يضم بناته بين ذراعيه وهو يتحدث مع أحد أصدقائه بجواره ابنه
ضحك سيف على ابن صديقه الذي يدعى علي وهو يتحدث
- لا بابا بتاع كرة وبس. مالوش في الشغل، تعالى ياعمو شوفه يوم مبارة للأهلي. هتلاقيه من الصبح عامل استنفار منزلي. وبعد كام ساعة يروح للأستاد، وياسلام لو الأهلي اتغلب. ممكن يقفل الشركة بعدها اسبوعين تلاتة حزنا على المبارة.

ابتسم سيف لصديقه أمير. وأردف
- لسة زي ماأنت ياأمير مهوس كرة
نظر أمير لابنتيه
- بناتك حلوين ماشاء الله ياسيف واخدين حلاوة الأتراك يابني
ابتسمت سنا وأردفت
- بلاش سيرة الأتراك ياعمو اصل بابا يخنقنا
ضمهما سيف ونظر لصديقه وأكد
- شكلهم كدا فعلا ياامير. سنا مخلصة هندسة من سنة. ونزلت الشغل معايا، أما هنا لسة اولى إعلام ياسيدي
ابتسم أمير وأردف وهو يجذب ابنه.

- على مخلص طب أسنان من سنتين وفاتح مركز خاص بالأسنان ياسيدي
ربنا يباركلك فيه ياحبيبي
عند صهيب ونهى
دلف صهيب لغرفته متجها للمرحاض دون حديث. جلست نهى تنتظره بالخارج حتى ينتهي. خرج بعد دقائق محدودة وهو يجفف خصلاته بغضب يكاد يقتلعها
توقفت نهى متجهة إليه ووقفت أمامه
- مالك ياصهيب.؟ طول الحفلة وعينك بطلع نار ليه. مع ان الولاد كانوا مبسوطين والحفلة حلوة.

ألقى المنشفة بغضب وجلس محاولا سحبا كمية من الهواء لتملأ رئتيه المتألمة بعدما وجد ابنته بأحضان جواد. رفع بصره لزوجته وتحدث: مشوفتيش جنى وجواد النهاردة. مشفوتيش ازاي كان بيرقص معها وهي في أحضانه كأنها مراته. ايه السيبان دا يامدام. ليه مرحتيش كسرتي دماغها
ذُهلت نهى من حديث صهيب الغاضب الذي اشعل نيران قلبها وجعل ابنته غير سوية التربية
قطبت مابين حاجبها وتسائلت.

- ايه اللي بتقوله دا ياصهيب.؟ جنى معقول تقول كدا على بنتك. إيه متعرفش بنتك عشان تقول انها بأحضان غيرها
اقترب صهيب وكأن نيران صدره اشتعلت للحد الغير مسموح وصرخ بزوجته
- ايه يانهى كنتي عامية ولا إيه. مشفتيش ازاي كانت في حضنه. دا الولد لمس شفايفها ياهانم. أنا كنت مراقبه وشفته
وضعت كفيها على فمها بذهول مما استمعت اليه. ثم هزت رأسها رافضة حديثه بالكامل وصرخت بصوتا عالي.

- اتجننت ياصهيب. إيه اللي بتقوله دا. ايه بنتك منحطة لدرجادي
ركل صهيب المقعد الذي أمامه وصاح بغضب وهو يرجع بخصلاته للخلف يكاد يقتلعها
- اللي عمله عز في بنت جواد. جواد بيرده في بنتي، أنا عارف ان ربنا بيخلص ماهو داين تدان، استدار ينظر لنهى واردف بصوت مكتوم من الوجع.

- أنا شفته وهو بيبوسها يانهى والله باس بنتك وهي ماكنش ليه ردة فعل. يعني بنتك بتحب اللي بيخنق فيها كل شوية. انتِ مفكرة إني ممكن أسامح جواد بعد اللي عمله في ولادي، مهما كان حازم وولاده غالين بس مش أغلى من ولادي.
أشار بيديه وأردف: - دا كان ممكن يكون سبب في فراق عز ورُبى. وأنتِ شوفتي أد إيه ابنك عانى بسببه. وغير لعب بقلب بنتي، ودلوقتي عايزة اسامح واغفرله. دا يبقى بيحلم
عند جاسر وجنى.

كان يقود السيارة. وعقله وقلبه غائبا مع تلك التي سرقت قلبه. أغمض عيناه للحظات يتذكر وقوفها بجواره عندما كان يتحدث مع أحد اصدقائه
وقفت فيروز بجواره كعادتها تنظر إليه بإشتياق. اتجه بنظره سريعا عندما استنشق رائحتها. ثم رجع يتحدث مع صديقه بتخبط لا يعلم ماذا يقول بسبب تشتته الكامل بسبب رائحتها التي ملئت رئتيه مما جعلته تمنى قربها وضمها لأحضانه حتى يشبع روحه الغائبة منذ تركها منزله.

تحرك صديقه عندما وجد فيروز تقف بجواره وتنظر إليه بإشتياق
- عامل ايه؟
تسائلت بها فيروز
وضع يديه بجيب بنطاله ينظر لأخته التي تتراقص مع زوجها وأولاد عمه يحاوطونها
ثم اتجه ينظر لفيروز وأجابها ببرود: - مالكيش دعوة. قاطعهم وصول باسم ينظر إليهما ثم تحدث
- جاسر شوف عمك صهيب كان بيسأل عليك
غصة كبيرة أحكمت مجرى تنفسه عندما وجد مقلتيها مغروقتين بالدموع.

تحرك سريعا كالمطارد حتى لا يسحبها بأحضانه. خرج من شروده عندما تحدثت جنى
- جاسر مين البنت الحلوة اللي كانت واقفة معاك ومع عمو باسم
ابتسم عندما تذكر طلتها التي ألهبت حواسه وكاد أن يسرق لحظاته معها
- دي حبيبتي. إيه رأيك فيها
وضعت جنى يديها على فمها تنظر إليه بذهول من جرأته واعترافه الصريح
- احلف والله إنك حبيب ياجاسورة
قهقه عليها حتى نزلت دموعه. ثم توجه بنظره إليها مرة وإلى الطريق مرة اخرى.

- للأسف ابن عمك عاااااشق ياجنون. بس عشق الغلط
استدارت تستمع له بإهتمام فتسائلت: - مش فاهمة ياجاسر، إزاي عاشق وعاشق غلط
ابتسم بحزن. ثم توقف بالسيارة جانبا، راجعا برأسه على المقعد وأغمض عيناه يشعر بأنين قلبه الذي ذُبح غدرا. ثم اتجه بنظره إليها وهو مازال على حالته
- يعني تقدري تقولي واحد ظابط حب المجرمة اللي قبض عليها
قطبت مابين حاجبها وتسائلت
- هي البت مجرمة. وياترى سرقت ايه ياجاسر.

بأنفاس مرتجفة ولسان ثقيل أجابها
- سرقت قلبي ياجنى. خطفت عقلي، . خلتني مش قادر أتنفس وهي بعيد عني. حاسس إن فيه صخرة فوق صدري كل ماتبعد عني. خلتني عايش زي الميت بعد مابعدت
ضحكت جنى بمرح
- لا دا احنا عاشقين وغرقانين لشوشتنا ياجاسورة. بس حلو، ليه منخدش خطوة ونجمع القلبين العاشقين دول. انا شفت نظراتها ليك كانت عايزة تخطفك من وسط الكل والله.

آهة خفيضة خرجت بروح محترقة وقلب يمزق ألما. ثم أردف: - إحنا زي المية والنار ياجنى. مستحيل يتفقوا. يعني ممكن تقولي العشق الممنوع
اطلق ضحكة بسخرية وأكمل
- دا عشم ابليس في الجنة ياجنى. شوفتي لو أبليس دخل الجنة. يبقى جاسر هيتجوز فيروز.
استدار ينظر إليها ودمعة غائرة سقطت من جفنيه لتحرق وجنتيه كحرق قلبه وأردف.

- على رغم أنه عشم بس بتمنى من كل قلبي أنها تكون ملكي. حتى لو يوم واحد وبعدها أموت مش مشكلة. شوفي وصل الحال بابن عمك لأيه
اقتربت جنى تربت على كتفه. وانسدلت دموعها رغما عنها
- ان شاء الله ربنا يجمعكم على خير ياحبيبي. متعرفش النصيب دا غلاب وبيعمل معجزات
اغمض عيناه متألما وأ
أجابها
- حبي أنا وفيروز معجزة ياجنى في زمن المعجزات فيه انتهى تحقيقها
شهقت جنى بحزن من حالته الميؤسة واحست بوجع قلبها من كلماته.

في مزرعة باسم
عاد من حفلة الزفاف متجها للمزرعة. ترجل من السيارة سريعا ولم ينظر إليهما
دادة علية. قالها باسم عندما دلف لمنزله. اعملي لي فنجان قهوة سادة وهاتيه على المكتب. ثم اتجه لغرفة مكتبه.
اتجهت حياة بخطوات أقرب إلى الركض خلفه وأنفاسها تتصارع داخل صدرها.
أمسكت كفيه وتوقفت
- باسم لو سمحت لازم نتكلم
نفض كفيها بعيدا عنه ورمقها بصوتا غاضب.

- إياكِ تلمسيني تاني. جاية لية، عايزة مني إيه أنا مش طلقتك بتلفي ورايا ليه
قالها بصراخ مما جعلها تنتفض بوقفتها.
انسدلت دمعاتها تبكي بصمت من جفائه التام لها. اتجهت فيروز بخطوات واهنة وتوقفت بمقابلتهم عندما استمعت لصياح باسم، حمحمت ثم تحدثت قائلة
- إحنا عارفين إننا غلطنا. بس مكنش قدامنا طريقة تانية، عملنا اللي نقدر عليه
ضيق عيناه وخطى إلى أن وصل وتوقف أمامها.

- بتقولي إيه حضرتك. عملتوا اللي تقدروا عليه. هز رأسه مردفا بسخرية
- أيوة فعلا عملتوا اللي قدرتوا عليه، لما تروحوا توقفوا قدام الصحافة عند بيت جواد لحد ماأنا أوصل عشان تحرجوني ومقدرش أتكلم وأرضى بالأمر الواقع، وادخل معاكم على إنها لسة مراتي
رجع بخطواته يقف أمام حياة وهو واضعا يديه بجيب بنطاله وأمال عليها يهمس بصوتا كالفحيح
- أنا طلقتك يامدام وبعتلك ورقتك. إيه هو العنوان طلع غلط ولا إيه.

ثم رفع نظره يرمق فيروز بنظرات غاصبة وتحدث
- انا احترمتك في البداية عشان عرفت إنك عايزة تخرجي من القرف اللي محاوطك انما مخك الصغير دا يصورلك إنك تكسري قلب إبني فتبقي عايزة قتلك
هزت رأسها رافضة حديثه ثم تحدثت مفسرة
- انا معملتش كدا، رفع إصبعه على فمه باشارة ان تصمت. ثم اتجه إليها وتحدث
- اللي متعرفهوش ياأنسة فيروز. معرفش بقى آنسة ولا مدام، إن الراجل ممكن يسامح في أي حاجة إلا الخيانة.

اتجه بنظره لحياة التي تنظر للأسفل ومازالت تبكي بصمت وأكمل: - مش شرط الخيانة تكون راجل لست، أو العكس. الخيانة. خيانة ثقة، خيانة عهد، خيانة قلب ادالكم الأمان وانتوا غدرتوا بيه
بدأت أنفاسه في الأضطراب وخفقاته تتسارع في سباق شديد عندما تذكر غدرها له ومن تلك الرسالة التي أدمت قلبه وأسقطت به للهاوية
رمقها بنظرة حزينة ثم أردف ماجعل قلبها ينزف بلا توقف عندما قال.

- باسم أنا سايبة لك مصر كلها. كرهت نفسي من وقت مابدأت تلمسني. ودلوقتي اتمنيت الموت لما عرفت إني حامل في ابنك. متخفش عليه لأني أصلا مش ناوية اجيبه للدنيا دي. عارف ليه، لأنه جزء من أكبر واحد كرهته في حياتي، واحد مأخدتش منه الا انه دمرني ولعب بعواطفي. ودلوقتي لو إنت راجل طلقني وياريت مدورش عليا
أخرج الورقة. ينظر إليها بسخرية ثم أشار إليها.

- مش دا كلامك يامدام حياة ولا إيه، ولا ممكن يكون مذور وحد حب يلعب بيا
قبض على تلك الورقة بيديه ثم ألقاها بوجهها وأشار بسبابته
- إياكِ تقربي مني تاني. اللي كان ممكن يشفعلك عندي هو ابني وبس وانتِ ضيعتيه. وقبل ماتقولي حاجة آه. اتجوزتك عشان الولد وبس. قالها ثم تحرك ولكن قبل دخوله وقف ينظر لفيروز
- ابعدي عن جاسر. واحمدي ربنا أنه شفعلك عندي ودلوقتي فيكوا ترجعوا مكان ماجيتوا. قالها ثم دلف المكتب.

ظلت حياة بمكانها تنظر لسرابه بعدما أغلق باب المكتب تكبح غلالة دموع مقلتيها عندما علمت أنه لم يشفع لها. اتجهتو متحركة للأعلى، أوقفتها فيروز
- حياة رايحة فين؟ انت مسمعتيش قال إيه!
أنا مش همشي يافيروز، خليه يعمل اللي هو عايزه، لو عايز يجي يجرني ويرمني برة خليه يعملها بس لو قدر، طول ماقلبه بيدقلي مش هسيبه. وهعرف ارجعه وأخد حقي اللي ابويا هدره هو ومدحت الكلب.

انتهت من كلماتها المتألمة بعناء ثم غطت وجهها بكفيها وأنفجرت باكية
- أنا السبب لو كنت وثقت فيه مكنش دا كله حصل، اقتربت فيروز تضمها ثم تربت على ظهرها بحنان ثم اخرجتها من أحضانها
- ممكن تهدي عشان خاطر الولد. وأديكي سمعتي إنه هيشفعلك لو الولد موجود
هزت رأسها رافضة حديثها.

- أنا مش عايزاه يرجع عشان كدا. عايزاه يرجع عشان يسمعني اللي سمعته منه وهو متخدر. عايزة اسمع الكلام دا وهو بيبص في عيني يافيروز. ميكونش مجبور عشان الولد. ودلوقتي طلاقنا واقع اصلا ومش همشي من هنا وهعرف ارجع جوزي ليا من غير مايعرف بأبنه
ربتت حياة على كتف فيروز وأشار لذاك الملحق الذي كانت تمكث به وأردفت.

- روحي غيري هدومك وارتاحي. ومتتغطيش على جاسر، وبلاش تزعلي من اللي عمله النهاردة. البنت بنت عمه وعادي أنه يضمها ويرقص معاها، يعني مش حب ولا حاجة. واتاكدي أنه لسة بيحبك. متصدقيش كلامه، زي ماانا متأكدة ان باسم بيقول كلام بس
أمتثلت فيروز لأمرها بحزن شديد ثم تحركت متجهة لغرفتها، أما حياة التي اتجهت لغرفته ودلفت تنظر بإشتياق لتلك الرائحة التي عبقت المكان بالكامل.

جلست على الفراش تتذكر لحظاتهم الحميمية مع بعضهما البعض. تتذكر كلاماتها وهمساته التي كانت تدعي حينها إنها ليست إلا وليدة اللحظة. ولكن بعد إصابته وهمسه بأسمها وأعترافه الكامل بحبها. اروى قلبها بالعشق له. ولكن كيف تعالج جرح روحه النازف
عند فيروز.

دلفت لتلك الغرفة التي تركتها منذ شهرين عندما هجم عليهما ابن عمها ووالد حياة في تلك الليلة. أغمضت عيناه بقهرا وتمنت أن يعود بها الزمن ولم تفعل مافعلته وجعلت من حبيبها عدوا لها. انسدلت دمعاتها عندما تذكرته الليلة.

كم كان جميلا في تمايله مع تلك الفتاه التي تناظره بحبا برئ لم تعلم لما شعرت بأعتصار قلبها وكأن احدهم يضغط بقوة عليه. عندما شعرت بحب أحداهن وغرامها به. عصرت قبضتها وضغطت على الفراش وصورته وهو يضم خصرها لم تفارق خيالها، ذهبت لما حدث عندما تذكرت
وقف باسم بجوارهما ورمقهما بنظرة هادئة وهو ينظر للمدعوين وتحدث.

- هنحضر الفرح وبعدين احاسبك يامدام حياة على اللي عملتيه، وياريت ماتتدخليش فأي كلام يحصل كأنك مش موجودة. ثم اتجه بنظره لفيروز
- متحاوليش تقربي من جاسر. اصلي أنسى اني ظابط واتحول لشيطان. لو فعلا عايزين تعيشوا وتعدوا الليلة على خير مش عايزة ابوظ الفرح يامهرجين، قالها متجها لجواد الذي تركهم وجلس بجوار غزل
بحثت بعيناها عنه بين الموجودين ولكنه غير موجود
اتجهت بنظرها لحلبة الرقص وجدت جاسر.

يتراقص مع أحدهن ولكن لم تظهر ملامحها. تبدو اقصر منه بكثيرا ولكنها ترتدي حذاء بكعب عالي
اتجه بأنظاره إلى باسم الذي رفع يديه يحيه. كان يحادثها ويضحك ويلهو معها
ترقرق الدمع بعيناها عندما وجدت ابتسامته الخلابة لأحداهن تمكث بأحضانه وتطوق عنقه.

انتهت الرقصة ممسكا بكفيها ثم توجه لباسم يضمه ويحيه. كان باسم يقف بجوارهما ولكن لم ينتبه جاسر اليهما. جذب تقى ابنة عمه حازم وكان ينظر لباسم ويشير إليها ويحادثه، ظنت فيروز انه يتعارف عليها
لفت نظره وهو ينظر للموجودين. هنا تقابلت نظراتهما للحظات. ولكنه سحب نظره سريعا متجها للجانب الأخر عندما اشتعلت نظراته إليها بشكل صادم من وجودها.

خرجت فيروز من شرودها عندما استمعت لرنين هاتفها، ابتسمت عندما وجدت اسم ينقش على شاشة هاتفها. رفعت هاتفها سريعا وبصوتا باكي اجابته
- جا. سر قالتها بتقطع
علي الجانب الأخر أغمض عيناه بوجع وهو يسّب قلبه المأثور بحبها. تنهد بوجع ولكن صدمها بسؤاله
- طلعتي في طريقي ليه تاني. أنا مش حذرتك. بتلعبي إيه المرادي، وازاي تتجرأي وتدخلي بيتي.

شهقت عاليا ولم تستطع السيطرة على حالة التذمر التي أصابتها من كلماته التي ضغطت بما يكفي على اعصابها فأردفت بهدوء رغم ضجيج قلبها: - هحاسبك ياجاسر إزاي توقف ترقص مع واحدة وتضمها، ازاي تتجرأ وتقرب من واحدة تانية غيري. والله لأحاسبك ياجاسر وهاخد حقي منك، ودلوقتي اقفل لأني مش في حالة تسمح للنقاش العقيم
جحظت أعين جاسر. ثم صرخ بالهاتف.

- هموتك يافيروز لو شوفتك قدامي تاني. سمعتيني هموتتتتتك. قالها بصراخ عله يطفئ لهيب قلبه الذي يشتاق إليها بجنون عاصف
لا تعلم لما شعرت بالسعادة من صراخه. أيعقل أنها سُعدت من أختراق صوته لروحها. ولكنها شعرت بجمرة توضع على قلبها عندما استمعت لهدوء صوته وهو يردف
- اللي كانت في حضني دي خطبتي وهتكون مراتي. يا. صمت للحظات وأكمل
- مدام فيروز ثم أغلق هاتفه.

عند عز وربى
بعد وصولهما بفترة ومحاولات عز البائسة معها ولكنها باءت بالفشل
طرق عليها باب الغرفة وتحدث بحزن على حالتها التي وصلت إليها بسبب خوفها الشديد منه
- روبي حبيبتي ممكن تفتحي لي الباب ياقلبي ووعد من عز حبيبك والله ماهلمسك طول ماانت مش عايزة
اطبقت على جفنيها وتحدثت ببكاء
- سامحني ياعز والله أنا معرفش مالي. انا بس عايزة ماما. هاتلي ماما ياعز لو سمحت
هنا تذكر حديث جواد له.

فلاش باك قبل زفافهما بيوما توقف جواد أمامه
- ياعز حاول تفهمني ياحبيبي. البنت هتكون لوحدها وطبيعي تكون خايفة. فأنا بقولك لو هتقضوا أول ليلة هنا عشان لو حصل في الأمور امور معاها نعرف نسيطر على خوفها. وبعدين ماغنى قضت اول يوم هنا
هز رأسه رافضا الفكرة
- مستحيل ياعمو جواد. اللي بتفكر فيه دا مستحيل. ومتخافش انا هعرف اسيطر عليها
أشار جواد إليه بغضب واردف
- أنا بحملك مسؤلية البنت ياعز. لو حصلها حاجة مش هرحمك.

خرج من شروده عندما استمع لصوت الباب يفتح وتطل برأسها منه...
وقف يتأملها بعين دامعة
ياله من قلبي المسكين. من تلك الصغيرة التي ستهوى به للجحيم. وجهها الذي يضاهي نور القمر وعيناها الرمادية التي تحولت بلونها الأحمر بسبب كثرة بكائها وانفها واحمراره.

ارتجفت شفتيها محاولة الحديث ولكنها لم تقو على النطق، ضغط على قبضته من مظهرها الذي اسرت نيران بأوردته. اقترب منها بحذر وأردف بهدوء: - فيه حد يخاف من حبيبه. على فكرة كنت بهزر معاكي والله ماكنت هعمل حاجة
القت نفسها بأحضانه وبكت بنشيج
- أنا آسفة ياعز متزعلش مني لو سمحت
ثم رفعت قبضتها المتكورة تضربه بصدره قائلة بوجع
- انت السبب. انت اللي وصلتني لكدا. لو مهجمتش عليا في اليوم اياه مكنتش خفت منك.

ترنح خطوة للخلف بأعين جاحظة وشفتين فاغرتين مصعوقا وكأن ماقالته صفعه بقوة حتى أصاب صدره فنزف قلبه ولحظة توقفت دقاته العنيفة كأن الزمن توقف به هنا
رفع ذقنها ينظر لمقلتيها. وبأنفاس متقطعة
وشفتين مرتجفتين أردف
- معقول ياربى لسة منستيش اللي حصل. بعد دا كله. دا أنا عاقبت نفسي بما فيه الكفاية
هزت رأسها ووضعت كفيها على وجهها تبكي بنشيج
- غصب عني ياعز إنت خوفتني.

ابتلع غصة مريرة استقرت بجوفه عندما صعق من كلامها فكيف لها أن تخاف منه. هل يعقل ان تخاف من حبيبها وهو الذي يستطيع المجازفة بحياته ولا يرى دمعاتها
ضغط على قبضته بعنف يحاول أن يسيطر على وجع آلالامه. خطى إلى ان وصل إليها يضمها لأحضانه يهمس لها ببعض الكلمات المطمئنة، ظلت لبعض اللحظات حتى استكانت بأحضانه. حملها متجها لفراشهما. قام بخلع إسدالها بهدوء.

- روبي متخافيش مني ياحبيبي هنام بس وصدقيني مش هقرب منك ابدا. وحياة روبي عندي ماهقرب منك بدون موافقتك
كانت ترتدي رداء للنوم مثير للغاية. أغمض عيناه عله يهدأ من دقاته التي تتقاذف بصدره لو نظر أحدهم ليقول خارجا من سباقا عنيف
أحتوى وجهها بين كفيه مقبلا وجنتيها مزيلا دموعها بشفتيه. يلمس وجنتيها ثم أردف بصوتا مبحوح من كثرة مشاعره التي يشعر بها.

- روبي ممكن تحضنيني. او تخليني أخدك في حضني بس وأنا نايم. متخافيش مش عايز غير حضنك
بدون مقدمات اقتربت منه ألقت نفسها بأحضانه وماكان منه إلا أن يجذبها ليعانقها عناقا طويلا كغائب استعاد وطنه.

بعد يومين
دلفت غزل إلى جواد بمكتبه تفرك بأصابعها
رفع بصره إليها وجدها بتلك الحالة
اشار بيديه وتحدث
- تعالي ياحبيبي واقفة كدا ليه. تحركت حتى وقفت بجواره تنظر للأرض
جذبها حتى جلست على ساقيه. يرجع خصلاتها للخلف. هامسا بجوار أذنيها
- وبعدين معاكي ياغزل. مش عايزة تكبري خالص. سامعك قولي عملتي ايه وخايفة من العقاب
وضعت رأسها بعنقه وأردفت بصوتا حزين
- جواد مش أنا اللي عملت. بنتك الهبلة.

رفع ذقنها مضيقا عيناه ثم تسائل
- تقصدي إيه ياحبي. بنتي انهي فيهم، ربى ولا غنى
مسدت على خصلاته تمشطها بأناملها ثم تحدثت
- شعرك أبيض ياحبيبي. وبقيت تطير العقل
رفع حاجبه بسخرية
- لا وحياة إيه. وياترى لسة واخدة بالك ولا غزالتي بترمي كلامي إني كبرت وبقيت عجوز.
اقتربت تهمس بقرب شفتيه.

- لا ياحبيبي دي غيرة وغيرة بجنون. وعارفة إنك كل مابتكبر بتحلو عن الأول. فخلي بالك أنت ممكن تبقى جدو بعد كام شهر. يعني تلم نفسك ومتفكرش إني عديت الست المسهوكة اللي رمت نفسها في حضنك قال إيه داخت وكانت هتوقع.
ياريتها وقعت واتكسرت رقبتها المعصعصة دي عاملة زي العصاية اللي متعاصة لحمة
قهقه بصوتا مرتفع عليها. ملتقطا ثغرها بقبلة عنيفة على طفولية زوجته التي ستهلكه لا محالة.

هدأ وقطع وصلة ضحكاته ثم وضع وجهها بين كفيه ورفع حاجبه بسخرية وتسائل
- هاتي من الأخر ياغزول وقوليلي روبي عملت إيه في عز. اقترب وهمس
- ويارب يكون اللي في بالي عشان اشمت في عز
لكزت بصدره
- حرام عليك ياجواد حط نفسك مكانه. بنتك طلعت هبلة وهايفة اوي. بتكلمني وقال إيه بتلعب بالقطة وعز نايم
ضحك جواد بصخب وأردف: - ليه الحيلة مقدرش عليها.
قطبت مابين حاجبها وتسائلت
- اوعى تكون شمتان. انت شمتان فيه؟

زفر جواد بغضب ونهض متجها للنافذة ينظر بهدوء
- أنا مش شمتان ولا حاجة. أنا عارف عز ساعات بيتصرف بغباء كتير غير أنه متسرع ومابيتحكمش في غضبه. عشان كدا حاولت أنه يقضي اول ليلة هنا
استدار ينظر إليها مستكملا
- ومين من البنات مبتخفش ياغزل وبتكون عايزة حد يشعرها بالأمان. اقترب ينظر لعيناها وأردف.

- نسيتي نفسك يازوزو ولا إيه. رفع ذقنها وأكمل تعرفي الولد بيجاد على أد ماهو منحرف ومش عجبني بقلة أدبه إلا أن دماغه بتعجبني بحسه قريب مني بيفكر قبل مايتسرع. يعني واحدة بإنهيار غنى لو حد تاني ماكنش يقدر يغيرها كدا، ورغم إن بيجاد ميعرفش غنى بقاله فترة دا كل الحكاية كام شهر. أما عز اللي يعتبر قعد مع رُبى أكتر ماهي قعدت معانا مش عارف يتعامل معها. دا جحش كان هيضيعها بغضبه
امسكت كفه وتحدثت.

- كلمه ياجواد. أنا بجد مضايقة من وقت مارُبى كلمتني
-
- خليه يستاهل عشان ميعمليش فيها اسد بعد كدا
دلف صهيب بوجه يكسوه الحزن ثم اتجه بنظره لغزل
- غزل عايز جواد في موضوع مهم ممكن تسبينا لوحدنا
أومأت برأسها وتحركت مغادرة
جلس جواد يطالع صهيب بنظرات صقرية ثم أردف: - سامعك ياصهيب. إيه اللي حصل موصلك لكدا
رجع بجسده على المقعد. ثم أغمض عيناه بحزن وأردف
- جنى ياجواد
- مالها؟ تسائل بها جواد.

استدار بجسده ينظر لعيناه بقوة
- عايزك تجوزها لجاسر
بعد عدة أيام
ذهب جواد لزيارة ابنته بالأسكندرية. وهناك استمع الى ماصدمه
- فيه واحدة برة إسمها تاليا ومعها طفل صغير عايزة تقابل حضرتك
- تاليا تسأل بها بيجاد. ثم تحرك متجها إليها وجدها تقف وتحمل طفلا يصل عمره سنة ونصف السنة.
- تاليا. خير إيه اللي فكرك بيا
نظرت اليه ثم لغنى وتحدثت.

- بيجاد أنا مكنتش ناوية أجيلك. بس حقيقي تعبت من المسؤلية. ودلوقتي جبتلك ابنك تربيه لأني مش اد مسؤليته
جحظت عيناه من حديثها ثم تسائل بذهن مشوش
- معلش آسف ابن مين. هو أنا سمعت غلط ولا ايه
عقدت ذراعيها أمام صدرها وأردفت
- مابلاش تمثيل يابيجاد، أنا وإنت عارفين نتيجة غلطنا ودلوقتي الولد عندك اهو. ولو عايزين اقعد معاه معنديش مشكلة. و.

قاطعها صارخا كالمجنون عندما نظر لغنى التي شحب لونها بالكامل. وكأنها فقدت الحياة، أسرع ريان وجواد على صراخ ابنها وجدوا يمسك بنت يهزها بعنف. نظر جواد لأبنته الذي تغير وجهها. وأصبحت لا
تشعر بما حولها ولكن أفاق من تحديقه بها وهو يستمع لتلك البنت التي أردفت
- الولد دا ابنه وهو بيتبرى منه. انا جيت لحضرتك ياباشمهندس مرة تانية اهو
نظر بيجاد لوالده الذي هرب بانظاره بعيدا. بينما جواد الذي ذُهل من حديثهما.

تحرك بيجاد بغنى. متصدقيش اي كلام سمعتيني. البنت دي كدابة. رفع نظره لجواد. دا كدب. انا معرفش ليه بتتبلى عليا، اتجه بنظره لغنى التي تبكي بإنهيار ثم جذبها وخرج سريعا متجها لمنزله
أما جواد الذي وقف ينظر لريان بذهول وتسائل
- ايه معنى الكلام دا ياريان، ابن مين؟
بيجاد عنده ولد
صاح ريان على العاملة، وأشار بيديه
- خدي تاليا دخليها جوا. ثم اتجه بنظره لجواد وأكمل
- هتكلم شوية مع حضرة اللوا واحصلكم.

أومأت العامل برأسها وتحركت متجها بتاليا للداخل
جلس ريان يفرك جبينه بقوة وأردف
- أنا عرفت بالموضوع يوم كتب كتاب أوس وياسمينا. محبتش انكد عليكوا وقولت أتأكد الأول. وفعلا أخدت عينة من الولد ومني وعملت التحليل والنتيجة هتظهر بكرة. مستني أعرف النتيجة الأول
استمع جواد بذهول وكأن أحدهما صفعه بقوة حتى أختل توازنه. جلس بعدما شعر بدوران الأرض حوله. وفقد القدرة على الوقوف
رفع بصره لريان وتسائل.

- ولو الولد ابنه. ايه وضع بنتي. تفتكر أنا هرضى بالوضع دا
أغمض ريان عيناه بقهر من افعال ولده في بداية حياته. ثم اتجه لجواد
- جواد انت كنت عارف كل حاجة عن حياة بيجاد. وحياته كانت إزاي انا مش مسؤل دلوقتي عن سؤالك وحط نفسك مكاني. الولد دا لو حفيدك هترميه حتى لو جه بطريقة غلط
هز جواد رأسه بعنف وبدأ الرعب يتسلل إلى قلبه من قدر إبنته التي لم تجني غير الوجع.

نهض واقف والخوف يتملك منه ويدعو الله في قلبه أن يمر الأمر على إبنته دون ألما لقلبها وألا يكون الولد ابن بيجاد
وقف ريان امامه وتسائل
- جواد رايح فين. إحنا هنتغدى مع بعض
هز رأسه ورد بصوتا جاهد أن يكون متزنا عندما شعر بإختناقه
- لا هتمشى شوية وأستنى أوس لما يرجع مع ياسمينا. قوله مستنيه عند بيجاد
قامسكه ريان من كتفه وأردف.

- بيجاد مش هيتنازل عن غنى. عشان خاطري بلاش تتقابلوا دلوقتي. انت شوفت عمل أي. ممكن النقاش بينكم في الوقت دا يزعلكم من بعض. سيب غنى ياجواد خليها تقرر مع جوزها ولو الولد ابنه أنا بوعدك عمري ماهظلم بنتك ابدا. وخليك متأكد انك مستحيل تقدر على بيجاد أنك تاخدها منه
تحرك جواد دون حديث. كالتائه المشتت قلبه يأن وجعا ويحترق على أبنته. حاول أن يتنفس ويسحب كم من الأكسجين لرئتيه المتألمة الذي شعر بأختناقها.

عند اوس وياسمينا
كان يتسطح يضع رأسه على ساقيها ينظر للأمواج التي تصطدم بالشاطى بالقوة كعاصفة شديدة تغدر بسكان البحر
وضعت ياسمينا كفيها تتخلل أناملها بخصلاته السوداء الناعمة مما أدى إلى أغلاق جفنيه مستمتعا بحركة أصابعها ثم اردفت
- أوس هتستلم شغلك في الشركات ولا ناوي تعمل شغل لوحدك زي عز وجاسر
اعتدل بجسده ينظر إليها.

- مين قالك عز وجاسر عاملين شغل لوحدهم. هم فكروا الأول لكن بابا رفض. قال لازم نكون دايما مترابطين مع بعض. قال ممكن اكتبلكم اسهم بأسمائكم بس مفيش خروج من مجموعة الألفي. ورفض سفر عز
زفر بغضب وأكمل
- انا كان نفسي يكون ليا كيان لوحدي لكن بابا رافض الفكرة نهائي. ورافض موضوع السفر دا. قال لما متلقوش تاكلوا وقتها يبقى اتغربوا. حتى خلى عمو سيف وعمو حازم يستقروا بمصر وكل فترة يتابعوا بس وهم هنا مش برة.

هزت رأسها بموافقة وأشادت بحديثه
- تعرف أنا بحب جو العيلة دا اوي. بحس بدفئ غير طبيعي. غير أنك متزهقش وتحس إنك وحيد
اقترب يهمس لها
- ومين قالك ياحبي إني هخليكي وحيدة. دا أنا هتلاقيني اربعة وعشرين ساعة في حضنك
لكمته بصدره وأردفت بخجل
-بطل قلة ادب. عيب والله الكلام دا
جذب رأسها ومازال على حالته واقترب يلتقط ثغرها بقبلة ناعمة. حتى سلب أنفاسها بالكامل.

فصل قبلته رنين هاتفه، حمحم حتى يهدأ ويعود لطبيعته ثم أجاب والده
- أيوة يابابا، قطب مابين حاجبه وتسائل
- هنرجع مصر دلوقتي يابابا.
أجابه جواد على الجانب الأخر
- مستنيك ياأوس خمس دقايق وتكون عندي
مط شفتيه للأمام بتذمر ناظرا لزوجته التي توردت خدودها. رفع أنامله وضغط بأصبعه يقرصها
- والله الفراولة دي عايزة تتاكل بس للأسف على رأي عز. جواد الألفي عامل زي الردار بيحس بقلة الأدب
قهقهت ياسمينا تلكمه ثم أردفت.

- متقولش كدا على عمو جواد دا حبيبي
لم يدعها تكمل حديثها والتقط ثغها يقبلها قبلة عنيفة لما خرج من فمها. حتى تورمت شفتيها
- عشان تقولي على راجل تاني حبيبي
دفعته بقوة وانسدلت دمعاتها وتحدثت بصوت باكي: - حرام عليك ياأوس دا ابوك
رفع سبابته أمامها وتحدث بحذر
- حتى لو يا ياسمينا. مبحبش تخطي الحدود. متخرجيش شيطاني وغيرته عليكي
نهض اوس دون حديث متجها للشاطئ
- ودلوقتي تعالي عشان اوصلك. لازم ارجع القاهرة دلوقتي.

ضغطت على كفيه وأردفت: - انت زعلت. مش قصدي ازعلك والله
استدار يضمها لأحضانه مربتا على ظهرها
- لا ياحبيبتي مش زعلان منك. يارب انتِ متكونيش زعلتي مني. وضع وجهها بين كفيها وتحدث
- ياسمينا من كتر حبي فيكي بغير عليكي. بلاش تخرجي شيطان غيرتي وأزعلك مني حبيبي
وضعت رأسها على صدره وأردفت
- مش زعلانة بس ملحقتش اشبع منك. انت لسة جي من شوية. ليه عايز ترجع بسرعة كنت بتقول هتبات
قبل جبينها وأجابها.

- صوت بابا مش عاجبني. اكيد فيه حاجة حصلت مخليه زعلان ومينفعش اسيبه يرجع لوحده
رفع ذقنها واقتطف قبلة سريعة واكمل
- آسف ياقلب اوس. هعوضك يومين كدا واجي لك تمام
اومأت وتحركت بجواره متشابكة الأصابع
بعد عدة أيام
بفيلا بيجاد وغنى
استيقظ على رنين هاتفه. فتح عيناه وجد معشقوته. تغفو بعمق على صدره، رفع خصلاتها التي تغطي وجهها وازاحها حتى يرى نور يومه. ثم التقط قبلته الصباحية. فتحت عيناها مبتسمة.

-صباح الخير ياحبيبي، مسد على خصلاتها بحب واجابها
- صباح الحب ياروح حبيبك
رجع لهاتفه الذي لم ينقطع عن الرنين. اعتدلت تنظر إليه وتسائلت
- مين بيكلمك دلوقتي يابيجاد
زفر بهدوء وأجابها
- دا بابا. رفع الهاتف وأجابه
- ايوة يابابا...
حاضر نازل عشر دقايق اخد شاور
اعتدلت غنى تستند بظهرها على الفراش وتسائلت:
- هو عمو ريان تحت
أومأ براسه. ثم أمال وحملها بين ذراعين متجها للمرحاض
- ميعاد الشاور جه. هزت ساقيها معترضة.

- بيجاد عايزة أنام لسة. روح انت خد شاور، وأنا لما أفوق
هز رأسه رافضا الفكرة
- شكلك نسيتي العهود اللي مضيتيها ياحبي، . بعد فترة هبط بيجاد لوالده بالأسفل
دلف وجدوالده يتناول قهوته.
- صباح الخير يابابا. إيه اللي فكرك بيا على الصبح كدا.
نصب ريان عوده واتجه يقف أمامه واضعا ظرفا بيديه. ولكن سأله
- جتلك عشان اديلك دا. قبل مامراتك تصحى، وتشوف هتعمل إيه
قطب مابين حاجبه ثم رفع الظرف ينظر اليه
- ايه دا؟

جلس ريان وأشار للظرف
- افتحه وانت تعرف ياكابتن
فتح المظروف الذي بين كفيه. ولكن نظر لوالده وتكاد تخرج مقلتيه من محجريها وقلبه اوشك ان يتوقف من هول الصدمة
هز رأسه واردف بهدوء رغم صعوبة الموقف
- ايه دا. دا هبل على الصبح
نهض ريان من مكانه وتوقف أمامه يشير بأصبعه على ورقة التحليلDNA
ايه ياكابتن اللي مش مفهوم في التحليل.

الولد ابنك ياكابتن وأنا عملت التحليل من يومين لما انت اصريت إن الولد مش ابنك والبنت متأكدة انه ابنك حبيت اقطع الشك باليقين
ايه هتنكر التحليل وقبل ماتتكلم التحليل معمول عندنا في المستشفى. وطبعا الدكاترة بتوعنا لاغبار عليهم ودلوقتي ياتصلح غلطتك وتكتب على البنت وبعدين عايزة تطلقها براحتك عشان نثبت الولد. يااما ماشوفش وشك تاني وأنا ههتم بحفيدي.

وقف وكأن الأرض تميد من تحت أقدامه. حاول أن يتذكر ماصار بتلك الليلة. مسح على وجهه بعنف وهو يصيح لوالده
- وأنا بقولك الولد دا مش ابني. ايه عملتها وأنا نايم ومتخدر ولا ايه
رمقه ريان بغضب وصاح بوجهه
- لا ياحبيبي وانت سكران. إيه نسيت بلاويكي، وياما حذرتك واهو من اعمالك سلطت عليك.

نظر ريان وبيجاد خلفه عندما استمع لسقوط شيئا مما ادى لتهشمه. وجد غنى تقف على باب الغرفة وجسدها يرتعش بعدما استمعت لحديثهما وسقطت القهوة من يديها
انقبض قلبه جزعا من مظهرها. وشعر بشيئا حاد يخترق صدره عندما وجد دموعها تتساقط بغزارة وتهز راسها بالرفض لما استمعت إليه.

هرولت للأعلى تسبقها عبراتها التي فرشت الطريق أمامها وكلمات ريان المؤلمة التي عصرت قلبها دون رحمة تتردد باذنها. مما أدت إلى تدفق عبراتها اكثر وأكثر.
دلفت غرفتها سريعا وأغلقتها خلفها. ثم جثت بركبتيها تبكي بنشيج كما لم تبكي من قبل وهي تضع قبضتها على شقها الأيسر الذي صرخ من الألم المفرط
وضعت كفيها على فمها تمنع شهقاتها المرتفعة عندما استمعت لبيجاد من خلف الباب.

- غنى. افتحي الباب حبيبي، والله الكلام دا مش حقيقي، خلينا نتكلم وبعدين نتفاهم والله ياقلبي ماحصل حاجة من اللي في بالك
أطبقت على جفنيها وعبراتها تنسدل كالشلال دون رحمة حتى غسلتها بالكامل
تحاول أعادة تنظيم أنفاسها التي سُحبت بالكامل وشعورها بفقدان الحياة
وقف بالخارج يضع رأسه على باب الغرفة ونيران ملتهبة تحرق احشاؤه من الداخل وتبعها صدمة مميتة لقلبه عندما استمع لصوت بكاؤها وحديثها الدامي.

- حبيبي لو سمحت عايزة اقعد مع نفسي شوية. ممكن تسمح لغناك حبيبتك تقعد مع نفسها شوية
اجتاحت اوردته خوفا عليها بعدما أردفت بكلماتها ورغم بكائها ولكن حديثها وهدوئها
اخافه بشدة
طرق على الباب عدة طرقات ثم تحدث
- طيب أطمن عليكي ووعد أمشي على طول. وحياة غنايا هطمن عليكي وأمشي
آهة خفيضة خرجت من فمها وحدثت حالها.

آه لو تعلم حبيبي كم تشعر ب آلام قلبي هذا الشعور والذي كسكين بارد نحرني ببطئ مما أدى لتمنيه الموت والهروب من هذه الحياة المؤلمة
ظل بيجاد يطرق على الباب بشدة حتى شُحذت قوتها وفتحت الباب
تلقفها بلهفة وقلبا ينتفض ذعرا عندما وجد انتفاخ عيناه. جذبها بقوة لأحضانه وكأنه حضن الوداع. طوقت خصره بقوة تضع رأسها بحضنه تبكي بنشيج مزق قلبه أربا.

نقش الخوف بأوردته حتى صار جسده يرتجف مثلها. شدد من احتضانها فعانقته، ثم رفعها واتجه للفراش يدثرها. ثم ذهبت بالنوم هروبا من واقع مؤلم ألقى بها بغيبات الجب
أطبق على جفنيه بألم ثم أطلق آهة من أعماق قلبه. ظل يمسد على خصلاتها في محاولة لتهدئة شهقاتها التي كانت تصدرها بمنامها.

مساءا امسكت هاتفها
- أيوة ياماما. عايزة منك طلب ولو بتحبي غنى تقنعي بابا بيه
ظلت تحادث والدتها فترة ثم اغلقت عندما استمعت خطوات أقدامه أمام باب الغرفة
دلف يحمل طعامها وهو يبعد بنظراته عنها
وضع الطعام على طاولة دائرية صغيرة ثم اتجه يجلس بجوارها. أنحنى يقبل جبهتها وتسائل
- عاملة ايه دلوقتي ياقلبي؟
هزت رأسها بأبتسامة صنعتها بأحتراف
- كويسة حبيبي. هقوم أكل واخد شاور لما تعمل رياضتك.

صمت للحظات يحاول يقتنع بكلامها. أمسك كفيها يقبلها وأردف
- غنى لازم نتكلم في اللي سمعتيه
اقتربت تطوق عنقه وابتسمت بدلال ثم رفعت كفيها لزر قميصه
- أنا قولت لك قبل كدا مش هعاتبك على ماضي مكنتش موجودة فيه يابيجو
تلاقت نظراتهما للحظات. ولأول مرة يتوه بعيناها التي لا تعبر عن كلماتها. ورغم ذلك أستقام بوقفته وخرج بخطوات واهنة مشتتة لايعلم لماذا يشعر بوجود خطب ما.

خرج ولم يتحدث أما هي فنهضت تناولت طعامها بهدوء. ثم اتجهت للمرحاض تنعم بحماما دافئ عله يهدأ من وجع قلبها.

ظلت فترة طويلة تنعش نفسها كأنها تزيل آلالام قلبها. ثم خرجت بلبس الحمام متجه لغرفة الملابس. تبحث في ملابسها بإهتمام لتجعل هذه الليلة نهاية للألم المفرط الذي اجتاح كل خلية بجسدها. وروحها التي تمزقت. تحولت عبراتها تضرب وجنتيها مرة أخرى أزالتها بقوة. وانتقت من ثيابها مااجملها وأملس نعومتها. بلونه الخلاب الذي يعشقه زوجها. وطوله الذي يجعلها قديسة له، وماانتجه قلبها ستترك آثار له لم ينسها امدا كاملا. فالغيرة تتأكل أحشائها عندما تخيلته مع تلك العاهرة. وقلبها الذي يدمي كلما تذكرت لحظاته معها. أكان يتعامل معها كما يتعامل معي. ضغطت بكفيها على ذاك الثوب الذي أقسمت أن تجعله يتمزق بلهيب نيرانه على خداعه وكذبه.

انتهت من أرتدائه وزينتها بالكامل التي جعلتها كالملكة. استمعت لخطواته. وندائه عليها
- أنا بغيّر هدومي حبيبي. ادخل خد شاور لما أخلص.
دلف بيجاد ومازال عقله يفتك بما تفعله. خلل أنامله بخصلاته يكاد يقتلعها من شدة تفكيره. أطبق على جفنيه وتحرك متجها للمرحاض. وبعد دقائق خرج يلف نفسه بمنشفة. ويجفف خصلاته بأخرى صغيرة
تيبس بجسده ووقف متصلبا ينظر لتلك النجمة التي سقطت عليه من السماء.

خطت بعض الخطوات بقدميها العاريتين نحوه بإغواء متعمد جعلت أنفاسه تتعثر بصدره بكل ماتحمله من انوثة
خطى إليها بخطوات سلحفية. تقابلت النظرات بإشتياق كأشتياق دام بالبعد لسنوات. ومع كل خطوة منها تجعل أنفاسه عزفا منفردا لا يستمع احدا سواها...
أقترب يعانقها بنظراته وانفاسه الهادرة التي تلفح بشرتها البيضاء المختلطة بحمرة لذيذة. ورماديتها. وآه من رماديتها التي تجعل دقاته ترانيم عازفة...

دنى بهدوء وأمسك كفها وبحركة دائرية جعلها تلتف حول نفسها ليتطاير ثوبها الدائري القصير كراقصي الباليه ليكشف عن ساقيها المرمر. ودوران خصلاتها جعلها كحورية تخرج من البحر ليقع غريقا بعشقها
حبس انفاسه داخل صدره ضاغطا على كل عصب في جسده. من طلتها التي اشعلت نيرانه.

رفع أصبعه يتحسس بشرتها الناعمه. مما اصابت كليهما بقشعريرة لذيذة. أمال برأسه وقلبه الذي أصبح كالمطرقة يكاد يتوقف من تسارع نبضاته. انحنى يبعثر قُبلاته على وجهها بالكامل
اتجه لشفتيها ليقتنص قبلة اعادت روحها التي هدرت منذ الصباح رفعت ذراعيها تحيط عنقه وتخلل اناملها الرقيقة وسط خصلاته وبعد وقت ليس بالقليل من قبلته ابتعد عنها طلبا للهواء
رفع سبابته يتلمس شفتيها، وأردف
- عارفة شفايفك بالنسبالي ايه.

رفعت عيناها وانتظرت أجابته فأردف
- جرعة هروين للمدمن. وكأس خمر للمخمر حد النخاع. دخلتي لشرياني وتمكنتي من قلبي برقتك ودلالك. حتى بقيتي نفسي اللي بتنفسه
وضعت رأسها على صدره تقاوم دمعة متحجرة بعيناها ثم أردفت بصوتا جعلته ثابتا بعض الشئ
- وانت نبض قلبي يابيجاد. كل دقة بأسمك لوحدك
اغمض عيناه بإنتشاء من كلماتها التي هدأت من روعه
تدومي ليا قلبك ونبضه ياغنايا
بحبك بجنون عاشق حد الثمالة.

وضعت رأسها على دقاته وأردفت
- خلي دايما كل دقة بقلبك لغناك. أوعى تنساني ابدا حبيبي ويوم ماتنسى غنى او قلبك يقل دقاته ليها. يبقى طلقني يابيجاد
وقتها هسامحك وهعرف أني موجودة في قلبك وحبيت تسعدني
ثم ضغطت بقوة تعانقه تود لو تدلف إلى قلبه وتظل العمر كاملا
قابل عناقها بقوة أكبر عندما استمع لهمسها.

- بيجاد اعتبرني عروستك الليلة وعيشني ليلة عمرنا ماننساها. تقدر حبيبي، بجد محتاجة ليلة من نوع خاص تبقى ذكرى بينا للابد. وكأنها ليلة وداع
قُبض قلبه بشدة من كلماتها وتحدث
- مفيش بينا وداع طول مافيا نفس حتى لو هزار ياغنى سمعتيني
قالها عندما وضع وجهها بين كفيه ودخل بها أسوار جنته لينعم بهى نعيما ابديا، فهل سيكون نعيما ابديا حقا ام سيزول للأبد.
إنك لا تختار حين تحب
ولا تحب حين تختار. وإننا مع القضاء والقدر حين نولد وحين نحب وحين نموت. وإذ يسألونك عن الحب قل هو إندفاع روح إلى روح. وإذ يسألونك عن الروح قل هي من امر ربي
في المزرعة
عند حياة.

غفت مكانها وهي تتكأ بظهرها على الفراش وتضع إطار صورته بيدها، ارتجفت اوصاله من مظهرها. أقترب بهدوء يطالعها للحظات. ثم اتجه يجلس في المقعد بمقابلتها عله يشبع روحه من قربها. حالة من الوحشة انتابته، أغمض عيناه بوجع عندما أوشك على البكاء. هناك ضجيج بين قلبه وعقله. كيف يغفر لها وكيف يتركها
ظل يراقبها بعيون مرتعشة وأنفاس تعلو بصدره من حين للأخر.

اعدل رقبتها ودثرها بالفراش جيدا. وجلس يمسد على خصلاتها المموجة.
ثم رجع يجلس بجوارها يتذكر أول يوم إلتقى بها.

جالسا في مكتبه دلف إليه أحد الضباط. ثم وضع صورتها أمامه وأردف: - دي حياة العتال. دكتورة في الجامعة عندها تمانية وعشرين سنة، كانت مخطوبة لواحد من رجال الأعمال بس سبته لما عرفت ان أعماله مشبوه. علاقتها بأبوها مش جيدة. بس أبوها بيخاف عليها جدا. زي ماتقول كدا بيقول نور عينه، بيحبها أكتر من مدحت أخوها، آه هي دايما ضد تجار المخدرات والأثار وغيره. هي دكتور في كلية الأعلام، جالها شغل في قنوات كتير بس كانت بترفض عشان علاقة رجال الأعمال بأبوها. بتكتب مقالات بس في الجرنال، وكمان ليها شعبية كبيرة على التواصل الأجتماعي.

أمسك باسم الصورة لعدة لحظات. ثم أشار للضابط بالخروج بعدما ترك ملفها أمامه
ظل يقرأ معلوماتها بدقة. ثم تراجع بظهره يفكر بشيئا
بعد عدة أيام. دلف للجامعة بطلته الجذابة وطوله الفارغ. يرتدي نظارته الشمسية. يخطواته خطواته الواثقة كنجم هليود. متحركا بجانبه غزل التي تقوم بندوة طبية في الجامعة عن تجنب العادات الخاطئة تجنبا من الأورام
ظل باسم يجوب المكان من تحت نظارته هو يعلم إنها تعشق هذه الأشياء والثقافات.

وصلت حياة وجلست تستمع إلى محاضرة غزل. بعد إنتهاء غزل اتجهت حياة إليها لكي تحيها. وقف أمامها كسد منيع
- ابعدي ممكن تكلميها من بعيد
انكمشت ملامح وجه حياة بإمتعاض. واقتربت متعمدة إغاظته
- متحسسنيش اني ملغمة نفسي بحزام ناسف. توقف يدفعها بيده. ثم رفع بصره للمسؤل عن حماية غزل
- وصل الدكتورة للعربية يامحسن. قالها باسم وهو يطالع حياة بنظرات صقرية.

تهكمت حياة ورفعت نظرها لغزل التي تتحدث مع عميد الجامعة وهي تتحرك بجواره ولم تكن على دراية بما يحدث بين باسم وحياة.
قاطع وصلة الغضب بينهما دلوف أحد الأشخاص يجذب حياة بعنف
- مبترديش عليا ليه. جذبت يدها بقوة تنظر حولها وهي ترى البعض يحاصرها ثم أشارت بسابتها.

- إياك تتمادى معايا. متستهبلش، قالتها وخرجت متحركة لسيارتها. أسرع المدعو خطيبها السابق خلفها. يجذبها بعنف. ولكن باسم توقف أمامه ودفعه بقوة: - مش عيب تتعرض لبنت في وسط الزحمة دي. وكمان رافضة الكلام معاك
اتجهت حياة إليهما بعدما وجدت تشاجرهما. كزت على فكيها اغتياظا وهي ترمق باسم بنظرات نارية: - خلاص ياحضرة العقيد متشكرة لحضرتك.

رفع حاجبه بسخرية مردفا بزهو: - لا والجميلة بتلقط كويس وعندها حس سمعي وقوة ملاحظة
ارتسمت بسمة سخرية ثم أردفت
- لا دا أنا اللي مستغربة إزاي حضرتك ضابط ومتسيب كدا
ارتفعت انظاره لأعلى على اثر ضحكتها الرقيقة التي انطلقت وهي تشير على من حوله من ضبطة أمنية
عض على شفتيه السفلية بغل يود لو يضعها بين فكي أنيابه ومن حسن حظها تحركت بسيارتها وهي ترفع يدها تلوح.

- فرصة سعيدة ياحضرة العقيد. وعلى فكرة هعرف اعمل حوار صحفي مع د. غزل الالفي. تشاووو
خرج من شروده عندما استمع لتأوها وهي تغفو بعمق وتضع يدها بين أحشائها. فتحت جفنيها وجدته يجلس بجوارها
توقف يضع يده بجيب بنطاله ينظر من النافذة على سقوط الأمطار. ثم تحدث وهو يواليها بظهره
- محدش قالك يامحترمة انك مينفعش تدخلي اوضة عازب. ولا إنتوا معندكوش أخلاق.

اعتدلت ثم نهضت متجه إليه تقف بجواره وتحدثت بصوتاً خافض: - عارفة إنك زعلان مني. وليك حق تزعل وتموتني كمان. صدقني أنا كنت مضايقة منك في الأول، لكن بعد ماقربت منك وحسيت بحنيتك مقدرتش أكرهك رغم اللي عملته فيا
ضيق عينه وتحدث: - عملته فيكي؟
علي ماأعتقد يامدام أنا بعد كتب الكتاب حكت لك كل حاجة. وجيت وفهمتك طبيعة علاقتنا. وحضرتك مشيتي ورجعتي تاني، بس جيتي بلعبة خبيثة حبيتي تأذيني في أقرب الأشخاص.

رفع سيجاره وقام بنفثها بوجهها ثم أكمل
- بس الحق مش عليكي الحق عليا اني فكرتك زوجة مش هتاخد ضعف جوزها عشان تتلاعب بيه
اقترب ينظر لمقلتيها ثم تحدث وهو يشير على بطنها
- وثقتِ في الغُرب وكانت النتيجة إنك تضيعي ابني. ثم رفع سبابته وأكمل: - أوعي تفكري هصدق كلامك الأهبل وموضوع التهديد. حيااااة لو عايزة تتخلصي من كل اللي حواليكي كنتي اتخلصتي منهم كلهم بس انتِ عايزة تنتقي من باسم عشان خلاكي تعشقيه.

رفع كفيه على خصلاته وأردف بصوتا حزين
- منكرش أني أخدتك عشان انتقم من ابوكي اللي حرق قلوبنا كلنا من تلاتين سنة وهو بيحاربنا. بس دا في الاول وزي ماقولتلك قبل كدا مجرد ماكتبتك على أسمي مقدرتش أذيكي وكل اللي كنت بعمله فيكي كان رد فعل طبيعي بعد ما طلعت أسرار شغلنا برة.

كسا الوجوم ملامحه وأكمل: - مفكرتيش في سمعة جوزك وانه يوقف قدامهم بموضع الأتهام وإنه خاين. لولا جواد كنت زماني خرجت من وظفتي بفضيحة تلاحق ولادي طول عمرهم.
ترقرق الدمع بعيناه وأكمل
-ورغم كدا مقدرتش تبعدي عني لأني حبيتك بجد. عارف إني ظلمتك بالسن اللي بينا، بس ياما فيه بينهم سنين كتيرة وعايشين مبسوطين ومتنسيش أنتي اللي اصرتيي على جوازنا.
دار حولها ومازال يدخن بشراسة ثم أكمل.

- فكرتك هتكوني زي غزل وتعرفي تحتويني وأحتويكي ونكمل حياتنا. لكن كنت بحلم. اللي بينك وبين غزل زي اللي بين المية والنار. مختلفين تماما
أشار بيده وأكمل
- ايوة غزل بينهم اتناشر سنة بس لو شوفتيهم ماتقوليش حتى خمس سنين بسبب قوة الحب والترابط اللي بينهم.
ضرب بقبضته على صدره وأكمل.

- معرفش إزاي قلبي غدر بيا وخلاني أحب واحدة أصغر مني بستاشر سنة. مع إن مراتي كان بينا خمس سنين بس وكنت بعشقها. توقف عن الحديث على ذكر زوجته الأخرى. ثم تحرك متجها للباب
- مش عايز اشوفك تاني قدامي. ومبروك عليكي فوزتي وكسرتي باسم وخدتي قلبه ودوستي عليه بجذمتك. ياريت مشفش وشك تاني. عندك حاجتك خدويها وكمان هبعتلك مؤخرك. استدار ينظر إليها. واكمل.

- شقة جاسر كتبتها بأسمك كمان. لانحه كرهها مش عايز حاجة تفكره بست الحسن فيروز عروستك الدمية اللي كسرتينا بيها
عند بيجاد وغنى.

بعد ليلة تحسب من أقوى الليالي الرومانسية لقلوبهما. فكانت عبارة عن معزوفة موسيقية كان العازف بها مشاعرهم وترابط قلوبهما. ليلة تحسب من ألف ليلة وليلة. ليلة تخط بأنفاسهما الشاعرية القريبة من بعضهما البعض. ظل يجوب العشق لفترة ليست بالقليلة حتى غفى بيجاد يضع رأسه بعنقها يتلذذ برائحتها التي تفوح لرئتيه كالمسك. ثم ذهب بثبات عميق بعدما شعر بسعادة روحه وماتوصل إليه.

وضعت أناملها الرقيقة تمسد خصلاته ودموعها تنذرف بصمت. نعم تعشقة كعشق الروح للجسد. أمالت برأسها تضع قُبلة على جبينه. تسلطت عيناها على شفتيه وعيناه المغلقة. ابتسمت بخفوت عندما وجدت هدوئه رغم ثورته الشاعرية التي كان عليها منذ قليل. احمرت وجنتيها بحمرة الخجل من وقاحته التي تعمدها معها
لامست وجنتيه بحب ولكن تراجعت بجسدها عندما تذكرت حديث تاليا منذ يومين.

كانت تجلس بحديقة منزلها بعدما رجعت من منزل ريان حينما علمت بأمر ابنه. بعد ذهاب بيجاد تحركت تستنشق بعد النسيم المحمل بهواء البحر
جلست على الشيزلونج مغمضة العينين. وصلت إليها العاملة وتحدثت قائلة: - فيه واحدة برة عايزة تقابل حضرتك
اعتدلت ثم تسائلت
- مقلتش إسمها إيه؟
هزت العاملة رأسها بلا
نهضت متحركة متجهة إليها
تسمرت بمكانها عندما رأت تاليا تقف تنتظرها وتضم الولد لأحضانها.

خطت بخطوات مهزوزة بعض الشئ إلى أن توقفت أمامها
لثوان كان الصمت يعم المكان يتنافى مع إرتجافة قلبها وهي تنظر لذاك الطفل الذي يبلغ من العمر سنة ونصف
رفعت بصرها لتاليا
- بيجاد مش موجود خرج من شوية
دنت تاليا بخطواتها ثم أردفت بهدوء رغم إشتعال نظرات غنى إليها
- أنا عارفة بيجاد مش موجود اتقابلنا عند عمو ريان من شوية. أنا آسفة إني بزعجك، لكن كان لازم أجي لك
جلست غنى وأشارت إليها بالجلوس
- تشربي أيه؟

هزت رأسها رافضة. أنا مش جاية اشرب
أنا جاية اتكلم معاكي شوية وهمشي قبل بيجاد مايجي ويضايقني زي ماعمل من شوية
لفت انتباه غنى جملتها الأخيرة فتسائلت
- وهو هيضايقك ليه. أنا شايفة ان أفضل حل انكوا تعملوا تحليل DNA عشان ترتاحي ويرتاح هو كمان...
قالتها غنى بصوت مهزوز بعض الشئ. ربما يكون حديث زوجها صادق
اشفقت تاليا كثيرا عليها عندما رأت نبرة الحزن بعينيها فأردفت.

- أنا مكنتش ناوية أرجع واهد حياته. لكن مامتي اتوفت من تلات شهور وطبعا اختي اتجوزت في شقة ماما والدنيا قفلت معايا. الولد بيكبر ومصاريفه بتكتر.
تنهدت بحزن ثم أكملت مستطردة
- مينفعش أبوه يكون مليونير وهو يكون محروم. انا متابعة أخباره اول بأول وعرفت إنك كنتي مريضة لوكيميا. وعرفت كمان فرصة انجابك ضعيفة غير إنها ممكن تكون منعدمة.

أغمضت غِنى عيناها بألما وابتعلت غصة بجوفها بصعوبة عندما طعنتها بحديثها الذي شقها لنصفين
حمحمت تاليا معتذرة واكملت بأستبانة
- صدقيني مش قصدي خالص ازعلك. أنا مستعدة اسيب الولد لأبوه وانتوا تربوه
انسدلت دموعها وأكملت
- مستعدة أتنازل عن أمومتي في حق إنه يكون في حضن ابوه ويراعيه. لازم ياخد حنان ابوه. أنا عاشرت بيجاد واعرف اد ايه هو حنين جدا ويستاهل يكون أعظم أب.

أعتصرت غنى عيناها بقوة. عندما شعرت بجمرات تحرق صدرها ودقات عنيفة تصفع قلبها من كلاماتها التي أدمتها
رفعت غنى عيناها وتحدتث بصوتا حزين
- المطلوب مني إيه وبيجاد مش معترف بالولد. هو متأكد الولد مش ابنه اعذريني
أخرجت تاليا من حقيبتها كيسا صغيرا يوضع به بعض خصيلات من الشعر. ومدت يديها لغنى.

- دي عينة من الولد. شعر، لو عايزة دم معنديش مانع. هو لسة صغير زي ماانتِ شايفة. جوزك عندك خدي عينة منه وحللي براحتك عندك معامل مصر كلها ولو ينفع تبعتيه برة معنديش مشكلة
رفعت يديها المرتعشة وتناولت منها الكيس
الذي أشعرها كأنها تقبض جمرة ملتهبة تحرق كل أعضائها عندما وجدث ثقة تاليا من نظراتها وحديثها أن الولد ماهو الا ابن زوجها
نهضت تاليا بعدما أدت مهمتها على اتم وجه ثم رفعت نظرها لغنى وتحدثت.

- وزي ماقولت أنا مستعدة اضحي بسعادتي أني اتنازل عن ابني عشانه وكمان عشان بيجاد يستاهل يكون أب
قالتها وتحركت دون حديث آخر
توقفت غنى بخطوات متمهلة متعثرة متجه للشاطئ ولا تشعر بما حولها. فقط دموعها التي تنسدل بقوة تغسل وجنتيها بحرقة
جثت على ركبتيها وآهة عالية خرجت من صدرها شقته لنصفين وهي تصرخ وتضم قبضتها لصدرها علها تهدئ من نيرانه المستعيرة. ظلت فترة كما هي إلى أن وصل بيجاد إليها
- غنى قاعدة كدا ليه؟

ابتسمت تنظر للبحر تبتعد عن أنظاره ثم أجابته
- بشوف غروب الشمس. بحب التحام الطبيعة اوي. تعرف أنا قعدت معظم حياتي في تركيا ورغم مفيش فيها المظاهر الخلابة زي مصر. بس كان لازم اروح الأماكن اللي فيها بحر واقعد فترات طويلة كدا عشان اشوف الغروب
جلس بجوارها يجذبها لأحضانه
- عارف الكلام دا. قولتي لي حاجة زي كدا في مرة لما كنا في المزرعة. عشان كدا حبيت اشتري لك بيت جنب البحر.

اتجهت بنظرها إليه وابتسمت رغم عيناها الحزينة التي مازالت بها أثار الدموع: - تعرف أنا بحبك أد إيه يابيجاد. رغم إننا بقالنا فترة بسيطة متعرفين على بعض
رفع ذقنها يمسح وجنتيها بأنامله ثم تسائل بصوتا حزين ممزوج بالغضب
- كنتِ بتعيطي ياغنى. طيب ليه؟
زفر بحزن وتحدث
- مش أحنا اتفقنا الدموع دي لما أموت
القت نفسها بأحضانه وبكت بنشيج
- بيجاد أنا بحبك أوي وعايزاك دايما سعيد حبيبي، أوعدني أنك تعيش سعيد.

ضيق عيناه ونظر لمقلتيها: - غِنى الولد مش ابني الكلام اللي سمعتيه امبارح مش صح. خليكي واثقة في كلامي لو سمحتي. والله الولد مش ابني
رفعت يدها تلمس خديه ثم أردفت
- اعمل التحليل
هب واقفا يصرخ بوجهها.
- الولد مش ابني عشان اعمل تحاليل. جثى على ركبتيه وأردف
- والله مالمست حد قبلك. انتِ كنتي جوايا عشان كدا ماأخدتش خطوة صريحة مع حد. كل الموضوع شوية لقاءات وتليفونات. مفيش تعمق في العلاقة
تنهدت بحزن ثم تسائلت.

- انت حضنتها وبوستها مش دا كلامك يابيجاد
- بس مقربتش منها. غنى مش تجنيني هو انتِ هتكوني عارفة اكتر مني. تاليا كويسة منكرش بس مش اللي تخليني اتمادى واعمل علاقة في الحرام. أنا معرفش عملت كدا ليه دا اللي هيجنني
وليه جاية دلوقتي تقولي الولد ابنك. معرفش هي عايزة توصل لأيه.

ضم يديها وقبّلها ثم أردف: - وحياتك عندي ياحبيبتي الولد مش ابني. أنا اه عملت حاجات كتيره غلط بس متوصلش للزنا. دي اكبر معصية. ازاي اكون كدا
-انت شربت خمرة يابيجاد ودي برضو معصية وكبيرة من الكبائر
اخترقت كلاماتها أعماقه فأجابها حزينا: - انا توبت ياغنى. ودا كان كام مرة بس. يعني مكنتش مدمن عليها ولاحاجة. دول مرتين تلاتة. يوم رأس السنة، ويوم توديع عذوبية صديق ليا. هو أصر وقتها.

والمرة التالتة إمتى يابيجاد، تسائلت بها غنى وهي تنظر لعيناه بقوة مش يمكن لما كنت معاها
إشتعل غضبه فاحتدت نظراته إليها: - يوم ماوقفتي قدام أبوكي وقولتي إنك بتحبيه وعملتي قضية أنه اتحرش بيكي. نسيتي ياهانم. ولولا وجود جاسر وجواد يوميها صدقيني كنت هموتك
شعرت وكأن دلوا من الماء سقط فوق رأسها في تلك اللحظة فنظرت إليه.

- أنا كنت مفكرة المشاعر دي مشاعر حب مكنتش أعرف إنها مشاعر أبوية ابدا وكنت متضاربة بينك وبين بابا
استنشقت بعض الهواء ثم زفرته بهدوء وهي تنظر للبحر
- لسة فاكر الموضوع دا. وبعدين دا ميدكيش الحق انك تسكر يوميها وتضربني
جلس وفرد ساقيه ثم جذبها تجلس بأحضانه
- وقتها كنت هعمل حاجات تانية وحشة لو مضربتكيش ياغنايا صدقيني. كنت عايز احط غضبي في أي حاجة. والحمد لله ان الليلة عدت وعمو صهيب أنقذك من بين أيدي.

خلع حجابها يقبل عنقها ثم أكمل بصوتا ممزوج مختلط بمشاعره الفياضة بعشقها
- كنتي مراتي وكان ممكن أعمل حاجات كتيرة بس خفت عليكي من نفسي. محبتش أقرب منك وانتِ كرهاني
وضعت رأسها بعنقه وانسدلت دموعها بصمت كلما تذكرت ثقة تاليا. وإنها سوف تتخذ قرارا تحرم منه للأبد، حملها ثم نهض متجها للمنزل وهو يتحدث
- ممكن تنسي اللي حصل. وخلي عندك ثقة في حبيبك شوية.

بعد فترة دلف بيجاد للمرحاض. امسكت غنى هاتفها وقامت بالأتصال على والدها ثم قصت له ماصار
تنهد جواد بحزن فأردف قائلا: - هبعتلك ياسين بكرة تديله العينات وهو هيتصرف عشان لو راقبتك انتِ او بيجاد. ممكن يكون لعبة. أنا واثق في بيجاد جدا ياغنى وخلينا ورا كلامه.

بعد أسبوع من زيارة تاليا لغنى. ذات صباح وصل ريان بنتيجة التحليل التي شقت قلبها وجعلتها كصفور فقد اجنحته، ورغم ذلك انتظرت نتيجة التحليل التي ارسلتها لأحدى المعامل بالقاهرة.
مساء في ذلك اليوم الذي علمت من ريان بنتيجة التحليل. أتصل جواد وأبلغها: - النتيجة ايجابية ياغنى. ورغم كدا بقولك بلاش تهور. أنا هنزل لريان بكرة واتكلم واشوفهم ناوين على إيه
تنهد ثم صمت للحظات عندما استمع لشهقاتها المرتفعة بالهاتف.

- مش هقدر يابابا. مش هقدر أكون عائق في حياته ويكون عنده ولد ويتحرم منه
متعملش حاجة. أنا لحد كدا ونصيبي خلص معاه. بابا لو سمحت متضطرنيش أخد قرار بعيد عنك. مش عايزة اوجع قلبك وقلب ماما
نظرت من النافذة لارتطدام امواج البحر ثم أردفت: أنا لازم أفكر في حل يرضى الكل ومايوجعش قلبي. بس أهم حل يابابا إني مستحيل أكون مراته مع واحدة تانية.

شعر جواد بالحزن على ابنته الذي جعل قلبه مفطور عليها فتحدث قائلا: - حبيبة قلبي ولد الزنا دا مش معترف بيه. يعني كدا كدا بيجاد مينفعش ياخد الولد
وأنا هتكلم مع ريان
هزت رأسها رافضة حديث والدها وأجابته
- وأنا مستحيل اسرق فرحته ويكون عنده ولد يابابا. هو يستاهل. سبني شوية أتخذ قرار وهكلم حضرتك تاني
نهاية الفلاش
ابتسمت عندما استمعت لهمهمات زوجها.

- غنايا نامي ياحبي هتفضلي تبصيلي كدا. قالها عندما فتح عيناه نصف فتحة ثم ذهب بنومه مرة اخرى
أمالت برأسها تقبله: - شوية حبيبي هشوف حاجة في الفون
استمعت لشعار رسالة لهاتفها
- غنى حبيبة قلبي عاملة إيه. بكلمك فونك مش مجمع ليه
رفعت الهاتف برسالة وارسلت
- بابي أنا كويسة ولسة عند رأيي اللي قولته لماما. لازم ابعد فترة عن الكل عشان أشوف هقدر اتأقلم مع حياتي من غير بيجاد ولا لا
ارسل والدها.

- انا بعت العينة في مكان تاني ياغنى. والنتيجة ايجابي. يعني زي مالبنت قالت الولد ابن بيجاد. ممكن يكون سكران زي ماهي فهمتنا ومش حس بحاجة
تلألأ الدمع بعيناها وهي تنظر إلى بيجاد بجوارها
- خلاص يابابا شوفلي مكان برة مصر استقر فيه
- مينفعش. لازم بيجاد يعرف، هو كدا كدا هيوصلك. متنسيش أنه طيار ومعارفه كتيرة وبسهولة هيوصل لمكانك غير طبعا ريان لو ادّخل هيجبك قبل مانوصل المكان.

اغمضت عيناها علها تستتنشق كم من الأكسجين لرئتيها المتألمة. ولكن كيف ورائحته تغلف المكان بالكامل غير أثاره التي مازالت على جسدها
نزلت بجسدها بعدما أرسلت لوالدها
- اصرف خلال ساعات. هو هيسافر ويغيب يومين. عايزة أمشي قبل مايرجع. لو سمحت يابابا لو بتحبني بجد حاول تبعدني عنه. لاني مش هقدر اشوفه قدامي كدا واحرمه من ابنه حتى لو معترفش بيه
وضعت رأسها بأحضانه تتمسح به كقطة أليفة. ثم اردفت.

من عشقي ليك هتنازل على قلبي عشان اسعدك وأشوف السعادة في عينك. أنت تستاهل تكون أجمل أب. بحبك، قالتها ثم ذهبت بنوم عميق ولم تصحو إلا على حركة أنامله وقبلاته التي توزع على وجهها بالكامل
فتحت عيناه تنظر لصورته الخلابة وهو يوقظها كعادته بلمحات عشقه المتناثرة
مسد على وجنتيه ثم اردف بحب: - النهارده ممكن اقولك صباحية مباركة عروستي الحلوة
وضعت رأسها بأحضانه خجلا من مغذى كلماته. ثم لكزته بكتفه.

- عيب على فكرة متقولش كدا. إحنا داخلين على سنة جواز اهو وجاي تقولي صباحية مباركة. لو حد سمعك يقول ايه
قهقه عليها ثم أخرجها بهدوء
- تعرفي لو معنديش سفر بعد نص ساعة وكان المفروض أكون في المطار من ساعة اصلا كنت رديت على الناس اللي هتتكلم. المهم أنا صحيتك ليه ياترى. أيوة عشان كدا. ثم رفعها متجها للمرحاض
لم تجادله ولم تتحدث معه. تركت له نفسها يعمل مايحلو له
بعد أكثر من ساعتين وصل جواد وياسين إليها.

- قبل مانتحرك ياغنى. اللي بتعمليه غلط. أنا وافقتك عشان متعبش قلبك حبيبتي. لكن غلط، إنك تسبي جوزك وتمشي من غير مايعرف غلط. الولد بيحبك جدا. ممكن تقعدوا وتقولي له كل اللي حاسة بيه
توقفت أمام والدها وأردفت بجديه
- بابا أنا كان ممكن امشي من غير مااعرفكو. لكن محبتش اوجع قلوبكم عليا. ياريت تحترم قراري يابابا. أنا وبيجاد مننفعش نكمل. انا هفضل ست ناقصة في نظر نفسي قبله. جذبها جواد لصدره وتحدث بوجع.

- إنتِ ست البنات كلهم ياحبيبة قلب ابوكي
رفعت بصرها لوالدها وتحدثت: متنساش جوازنا جه إزاي، غير كمان موضوع ماسة اللي اكتشفته بالصدفة.
أمسكت بيد والدها وتحدثت
-بابا بيجاد حياته كانت هلس وكل شوية اكتشف حاجة. بلاش تعب لقلبي اكتر من كدا. هو هينساني مع الوقت ف لو سمحت يابابا انا كدا هكون أحسن. وهرتاح مش عايز بنتك ترتاح
ضمها مرة اخرى لصدره يربت على ظهرها عندما بكت بقوة. تدخل ياسين في الحديث.

- طيب ياغنى هناخدك ياقلبي لمكان بعيد عشان تفكري وتاخدي قرارك بهدوء. بس لازم تعرفي جوزك عن قرارك دا. بلاش يتفاجئ
هزت رأسها رافضة وتحدثت
- مش هقدر. وكمان هو هيرفض خالص، بيجاد لو موجود مستحيل يخليني ابعد وممكن نأذي بعض
حمل ياسين حقيبتها وتحرك دون حديث
نظر جواد إليها وتحدث
- سبتيله رسالة ولا لا.

اومأت موافقة وهي تنظر لأركان المنزل ودموعها تتساقط بقوة عندما تخيلته بكل مكان وماسيفعله عندما يعود. خرجت من أحضان والدها ولكنها توقفت فجأة وكأنه يناديها بصوته
- غنى أنا بحبك ماتمشيش وضعت رأسها بأحضان والدها تبكي بنشيج
- هيسامحني يابابا
حاوطها والدها وهو يتنهد بحزن.

- هيعاني كتير ياحبيبتي. ومش أي معاناة دا ممكن تكسريه ياغنى وميقدرش يلملم نفسه بعد كدا، إنت مش مجرد مراته وبس. حبيبته وبنته وكل حاجة. أنا شوفت في عينه حب يهد الدنيا كلها عشانه
رفع ذقنها ونظر لعيناها واردف بيقين
- اللي هتعمليه فيه هيموته ياغنى. عشان كدا بقولك بلاش. اقعدي اتفاهمي معاه
تحركت رافصة حديث والدها ثم تحدثت
- بابا لو سمحت متتعبش قلبي. متخلنيش اندم إني لجأتلك.

استقلت السيارة بجوار والدها وهي تنظر لحديقة المنزل تشاهدها كوداع أخيرا
تحدث جواد حتى يخرجها من حالة حزنها
- عايز اقولك انتِ حطيتني كبش فدا لبيجو باشا هيبلعني ويقرقشني في قضمة واحدة كالاسد المفترس.
ابتسمت من بين دموعها واردفت
- بابا اوعى تزعله مهما يعمل. رفعت يدي والدها وقبلتها
- عشان خاطري اعذره. عارفة هيكون مجنون شوية بس هيهدى
ابتسم بسخرية وأجابها.

- يهدى دا. وحياتك دا ممكن يولع في البيت. دا بتخيله زي الاسد المفترس اللي مكلش بقاله سنين
نظر ياسين من خلال مرآة السيارة وأردف
- ربنا يستر وميعملش جريمة ويخلي جاسر يتغابى
عند عز وربى.

دلف للداخل وجدها تقوم بوضع الطعام على طاولة دائرية تكفي لفردين. كانت الغرفة تزين بأضواء بشموع خافتة ورائحة اللافندر التي تعبئ الغرفة. ناهيك عن الموسيقى الرومانسية الهادئة. وطلتها التي جعلته يتصنم للحظات ينظر لنجمها الساطع الذي جعل قلبة كعازف موسيقي منفرد بتلك الطلة
تحرك بهدوء رفعت بصرها عندما شعرت بوجوده. كانت أضاءة الشمعة تضرب وجنتيها التي أنارت بحمرتها اللذيذة لعيناه.

حاوط خصرها بذراعيه ثم نزل يدفن وجهه بتجويف عنقها. وخرج أسمها من بين شفتيه بنبرة مثيرة خافتة
- ربى قالها بأعين مغمضة ونبضات عنيفة
إيه الجمال دا ياحبي. كتير أوي على قلب حبيبك. هتخليني أموت شهيد الحب. إني أغرق. أغرق في عشقك ياروح روحي
كانت كلماته رائعة مثيرة جعلتها تحبس أنفاسها. مما أدى إلى أرتفاع دقات قلبها وزحف الخجل إلى وجنتيها وتلونه بحمرة قانية جعلتها كالتفاح الشهي.

لم يشفق عز عليها. رفع يديه يمرر أنامله على وجنتيها ثم نزل بشفتيه ملثمها بقبلة رقيقة جعلت ساقيها كالهلام. سيطر الخجل عليها كليا وشعرت بقلبها على وشك أن يخرج من بين ضلوعها من شدة خفقانه، حتى أستندت بجسدها عليه
غمغم بصوتا مبحوح من كثرة مشاعره الذي شعر بها ورفعها من خصرها يدور بها وهو يشعر بسعادة تمتلكه عندما ضمت وجنتيه وأستمع لصوتها الرقيق.

- زيزو حبيبتك جاهزة عايزة أعيش عمري كله وأنا في حضنك ومش مسمحولك تبعد عني
أنزلها بهدوء وهو مازال يحاوطها.
وحبيبك بيوعدك هيحاول على أد مايقدر يعيشك في جنة حبه
حاوطت عنقه ورفعت نفسها وهي تتحدث بدلال.

- وأنا عارفة ومتأكدة من كدا. عايزة أقول لحبيبي. أن حضنه ليا هو الجنة في حد ذاتها. انحبست أنفاسه انبهارا بها وبتلك اللحظة الذي تمناها طوال حياته. لم يدعها تكمل حديثها. ليحتل أسوارها بالكامل وينعم بجنتها للأبد.

كان حنونا مراعيا لبرائتها ورقتها بشكل كبير. فتلاحمت الأجساد مثلما تلاحمت القلوب. حتى أكتمل الوصال بينهم. انقضت ليلتهم الأولى وكل منهما يجازف ليثبت ليصل لقلب الآخر ويعانقه بقوة أشد. بعد فترة من الأنفاس الهادرة
استلقى على ظهره بجوارها وجذبها لتتوسد حضنه وشعوره بالسعادة يعبأ صدره ويكمل روحه.

نظر إليها وجدها قد غفت. لا يعلم إنها غفت حقا أم إنها تهرب منه بخجلها. ولكن كيف له أن ينام بهدوء بعد ماكان عليه من ثورة ومشاعر مفعمة بحبها. مرر أنامله على وجهها بهدوء. ابتسم تلقائيا لرؤيته آثار ليلتهما الأولى على شفتيها الحمروتان وعنقها المرمري الذي صك ملكيته عليه
ابتسم عندما تذكر خجلها منه عندما دخول ووجد طلتها الشهية كحبة الفراولة الطازجة التي وجب أكلها
بعد ساعات اشرقت خيوط الشمس بنور ربها.

تململت في نومها وجدت نفسها محاطة بجسده من كل الجوانب. ذراعيه تضمها إلى صدره بقوة. وساقيه تحتجزها. دافنا وجهه في تجويف عنقها
حاولت الخروج من حصاره المتملك ولكنها لم تستطع. مررت أناملها الرقيقة على وجنتيه تتذكر مافعله بها. ابتسمت بخجل على زوجها المجنون بعشقه. لم تكن تتوقعه بتلك الصورة، أيعقل هذا الشخص الذي كان يتغنى بعشقه بجنون. هو نفسه الذي تربت على يديه.

فتح نصف عيناه عندما شعر بحركاتها. رفع ساقيه ليحررها ثم اعتدل يردف
- صباح الورد الجوري ياربى عز الألفي قولا وفعلا
وضعت رأسها في كتفه ولكمته
- عز بطل قلة أدب. عرفت إني بقيت مراتك. بطل كلام وعديني عايزة أخد شاور وقوم عشان نصلي جماعة
رفع حاجبه للأعلى والأسفل بشقاوة كالأطفال ثم أردف
- وحياتك بعد كدا كله هيكون جماعي. مفيش حاجة غير جماعي دي وحطي عليها مليون خط
ضيقت عيناها وتسائلت: - يعني إيه مش فاهمة؟

نهض سريعا ورفعها بين ذراعيه وأردف ضاحكا بصخب
- دلوقتي هعرفك أول حاجة جماعية.

في المزرعة عند باسم
جلست على الفراش تنظر بشرود بعد خروجه كالمطارد وحديثه الذي أذى روحها وعصر قلبها دون رحمة
تذكرت ذاك اليوم
- بعدما أغلقت الهاتف مع جواد. شعرت بآلام شديدة في أسفل بطنها. وضعت يدها تأن بوجع شديد. وضعت كفيها على وجنة باسم واردفت ببكاء: - حبيبي قوم أنقذ ابنك باسم بطني بتتقطع
لم يمر عشر دقائق واستمعت لصوت سيارة الأسعاف
دلف المسعفين سريعا. ابتسمت بوجع. اتجه احدهما ينظر لوضع باسم مردفا.

- لسة عايش يادكتور. ثم قام بالأتصال لتجهيز غرفة العمليات قائلا
- يوجد مصاب بطلق ناري بالصدر بالقرب من القلب. رجاءاً إحضار اللازم
بينما حياة التي تعرق جسدها بالكامل وشعور بزهق روحها بالكامل تمتمت بخفوت عندما فحصها المسعف
- أنا حامل في آخر الشهر التالت. انقذ ابني لو سمحت
حملها المسعفين سريعا بجانب زوجها. وتم عمل اللازم بعدما علم أن الطفل مازال ينبض
أفاقت بعد قليل. وهي تضع يديها على أحشائها
- ابني. ابني.

أجابها الطبيب بإبتسامة
- متخافيش ابنك كويس. بس عايز أحتياطات عشان يجي بالسلامة. وبعدين الموضوع فيه شبه جنائية ولازم تبلغي، كان ممكن تفقدي الولد
مسحت دموعها ثم أردفت: - يعني هو كويس يادكتور. لسة عايش
أومأ برأسه وأجابها
- لحد دلوقتي هو كويس، لكن لازم تخافي عشان وضعه محرج وخطر
رفعت بصرها إليه وأردفت بصوتا متعب حاولت إخراجه بصعوبة.

- لو سمحت يادكتور عايزة منك خدمة. هو مش خدمة اد ماهو أنقاذ روح. لو حد سألك عن الجنين قولهم فقدناه لو سمحت
- بس دا ضد إخلاقي المهني
انسدلت دموعها بغزارة وأكملت
- لو عرفوا أنه عايش هيجوا يموتوه. لو سمحت
أومأ الطبيب برأسه وتحرك للخارج
خرجت من ذكرياتها عندما رجع باسم مرة أخرى ودلف يصرخ بوجهها.

- أنتِ لسة قاعدة بتعملي إيه. جذبها بقوة وألقاها خارج الغرفة حتى سقطت على الارضية متأوهة بأنين ورغم جفائه إلا أنينها سحب أنفاسه وروحه بالكامل
ضغط على قبضته بقوة عندما رأى دموعها التي انسدلت كالشلال. أستدار وتحدث
- قرفت من الأوضة اللي مليتي ريحتك بيها.
صاح بصوتا مرتفع على العاملة وتحدث بغضب
- غيري فرش الاوضة كله وامسحيها وطهريها كمان. أصلها فيها عدوة مؤذية.

ضمت حياة أحشائها متألمة ووقفت بهدوء تتراجع بخطواتها للخلف. وصوت شهقاتها عبأ المكان بعدما استمعت لصراخاته وكلماته التي شقت قلبها بعنف
هبطت للأسفل بسيقان تكاد تحملنها بصعوبة حتى جلست أمام الملحق الخاص بفيروز.

كانت فيروز تستمع لموسيقى هادئة رفعت هاتفها وخطرت على بالها فكرة. قامت بإرسال رسالة لجاسر: - جاسر أنا جعانة أوي. وباسم متخانق مع حياة فانا هنزل مطعم قريب من هنا عشان اشتري بيتزا. ممكن تخلي حد من الحرس يرافقني. أنا خايفة من أسامة ومدحت ليكونوا لسة بيراقبونا
كان جاسر متمددا على فراشه يضع يديه تحت عنقه وينظر بشرود لسقف الغرفة يتذكر لقائتهم
فلاش باك.

خرجت من الجامعة كان ينتظرها بالخارج. تفاجأت بوجوده، اسرعت إليه ثم توقفت أمامه: -جيت إمتى؟
-انت هنا من زمان؟
ابتسم بخفوت ينظر إليها بإشتياق
عملتي ايه في الامتحان؟
- تقدر تقولي كدا مبروك الأمتياز السنادي كمان. لسة سنة وان شاء الله اتعين معيدة في الجامعة
دنى خطوة منها عندما وجد خصلاتها تجمع بجانب واحد على كتفها ويظهر عنقها بشكل فياض للناظرين
رفع كفيه يفرد خصلاتها وهو يردف بغضب.

- مش قولنا هنتحجب ليه الشعر المفرود والرقبة الباينة دي
وضعت يديها بخصرها كالأطفال
- هو انت اشتريت حجاب وانا قولت لا. وبعدين انا قولتلك سبني براحتي.
نظرت لمقلتيها وأردفت
- وبعدين أنا حرة ياحضرة الضابط. رقبتي تبان. شعري يبان انا حرة. دي حاجاتي وأنا حرة فيها
تصاعد غضبه حتى اسودت عيناه ولكنه تحكم بنفسه بصعوبه حتى لا يصفعها فأردف بهدوء رغم دقات قلبه العنيفة التي تكاد تخرج من صدره من طلتها.

- فيرووووز. قالها كزا على أسنانه
ثم امسك ذراعها بقوة يفتح باب السيارة عندما وجد نظرات بعض الشباب إليها
- ادخلي العربية حسابنا بعدين
شهقت بذعر من حركاته التي لأول مرة يفعلها ويقترب ويلمس ذراعها
جلس بجوارها بالسيارة وهو يراقب بأعين تخترق ملابسها بالكامل
كانت ترتدي كنزة باللون الأرجواني مع بنطال واسع بعض الشي وتترك خصلاتها الشقراء تنسدل على ظهرها.

ضيقت عيناها من نظراته ثم رفعت أناملها أمام وجهه عندما وجدت شروده بها
- جاسر بتبص لي كدا ليه
تراجع للخلف سريعا حينما صارت دقاته تتقاذف بعنف داخل قفصه الصدري فيما انسحبت أنفاسه
هز رأسه عندما لم يستطع على الحديث بسبب مافعلته تلك الصغيرة من بعثرة مشاعره بالكامل.

قام بتشغيل محرك السيارة ولكن هناك شعور استحوز عليه بضمها لصدره عله يشبع روحه ويوقف دقاته العنيفة التي تطالبه بضمها، لم ترحم هيئته فيروزه وتبعثره بالكامل فأردفت
- لو فضلت ساكت ومضايق مني كدا. أنا همشي ومعنتش هتشوف وشي تاني. أنا عارفة أني ضيقتك كتير. وبقيت عبأ عليك وعمال تضايق من لبسي. انا خلاص فيه واحدة صاحبتي عايشة لوحدها، أهلها مسافرين. ممكن اروح اقعد معاها. وكدا كتر خيرك اوي وكمان ممكن لو عايز.

لم يدعها تكمل حديثها عندما صرخ وأردف: - مقدرش أخليكي تبعدي عني ولا دقيقة بعد كدا، ثم أردف ماجعل قلبها كفراشة
- فيروز أنا بحبك. وبحبك اوي كمان، استني فرح غنى وبيجاد يعدي وهطلب من بابا نتجوز
ابتسمت من بين دموعها فأردفت
- تعرف النهارده أحسن يوم في حياتي ياجاسر. لكن قبل اي حاجة فيه موضوع لازم تعرفه
وضع يديه أمام وجهها.

- مش عايز اسمع حاجة خالص النهارده. انا اللي هتكلم، ايه رأيك نروح الملاهي. عارف انك بتحبي الملاهي أوي
قاطع شروده عندما استمع لطرقات على باب الغرفة
- تعالي ياحبيبتي واقفة كدا ليه
دلفت غزل تنظر على غرفته بإهتمام ثم اردفت مبتسمة
- تصدق اللون كدا أحسن. انا معرفش الأسود والرصاصي انت وباباك بتعشقهم ليه، حلو اللون السماوي دا
نهض ثم امسك يديها يقبلها
- امي حبيبة قلبي اللي دايما بتحب اختيارتي.

لكزته غزل بكتفه وتحدثت
- بقيت بكاش ياحضرة الضابط. المهم فيه موضوع عايزة اكلمك فيه
قاطع حديثهما العاملة
- حضرة اللوا مستني حضرة الظابط في مكتبه عايزه ضروري
توقفت غزل تمسد على خصلاته ثم أردفت
- روح شوف بابا عايز إيه وبعدين نتكلم
أومأ برأسه وتحرك للأسفل.

وصل جاسر عند جواد
جلس جاسر أمام جواد
- سامع حضرتك يابابا. دلف صهيب في هذه الأثناء
رفع جواد نظره لجاسر وأردف
- الموضوع دا ماليش دعوة بيه ياجاسر، الموضوع يخص عمك صهيب. خرجوني منه
ضيق جاسر عيناه وتسائل: عمو صهيب؟
جلس صهيب بمقابلته وتحدث
- بتحب عمك صهيب أد ايه ياجاسر
قطب مابين حاجبه وتحدث: - ايه اللي بتقوله دا ياعمو. بحبك زي بابا طبعا، مفيش فرق بينكم
هز رأسه موافقا وتحدث مستطردا.

- وأنا كمان بحبك زي عز وفارس ربنا يعلم مابفرقش بينكم
ابتسم جاسر بمحبة وتسائل
- هو إيه الموضوع بالضبط ياعمو؟
- عايزك تتجوز جنى ياجاسر لو بتحب عمك صهيب فعلا
قهقه جاسر بقوة حتى تلألأ الدمع بعيناه ثم رفع نظره لصهيب وتحدث: - دا إيه الهزار اللي يوجع البطن دا
كان جواد جالسا يتابع ابنه بصمت. اعتصر قلبه على لمحة الحزن الذي رآها بعينيه
توقف صهيب يضع يديه بجيب بنطاله وهو ينظر للنافذة.

- للأسف يابن أخويا دي حقيقة مش هزار
رفع جاسر بصره لوالده سريعا وأشار على عمه
- ايه اللي عمه بيقوله دا يابابا. يجد عايزني اتجوز مين جنى اللي بعتبرها اختي زي غنى وربى
وصل صهيب يقف أمامه وأردف غاضبا
- جنى مش اختك ياجاسر. ولا هي زي غنى وربى. مكنش عز اتجوز ربى مش كدا ولا ايه يابن اخويا
جحظ جاسر عيناه وأردف
- لا والمصحف دا مش هزار دا حق.

نهض ووقف أمام عمه وهو ينظر لوالده ثم تحدث بهدوء رغم نيرانه التي بدأت تاكل احشائه
- مين قالك إني عايز اتجوز. سواء جنى ولا غيرها
وضع يديه على صدره وتحدث
- قلبي مش ملكي. يعني جاي لشخص الغلط. وقبل اي حاجة ياعمو عايز اقولك
- اللي قدامك دا واحد مدبوح بسكينة باردة متخلهوش يوجع اقرب شخص لقلبه
جنى متستهلش مني كدا
تعالت انفاسه واكمل
- وبعدين كلنا عارفين ارتباط جواد بجنى. إزاي عايزني اتجوزها
صرخ صهيب وأردف.

- وأنا مستحيل اوافق عليه. ومفيش حد هيتجوز جنى غيرك ياجاسر يااما تنسى أن ليك عم اسمه صهيب
شهقة خرجت من جاسر عندما وجد إصرار عمه. رفع بصره لوالده واشار
- شايف حضرتك ساكت. ايه يابابا. هو احنا عرايس بتحركوه ولا إيه. من امتى وفي ضغط في الجواز منكم. ولا يكونش دي لعبة عشان ابعد عن فيروز
بدا على وجهه الحزن الشديد. تحرك يقف امام والده وتفاقم الغضب وكفهر وجهه كاظم نيران قلبه ثم تحدث بهدوء.

- أنا بحب فيروز ومستحيل ارتبط بأي بنت تانية يابابا. ياريت تحترم رغبتي، ولا مستعد اقهر قلب ابن عمي على حبيبته. دا كانه حاسس ومش طايقني من قبلها. طيب لما يعرف بكلامكم دا
- جاااااسر. صاح بها صهيب بغضب وتحدث
- مفيش حد هيتجوز جنى غيرك. ومفيش كلام بعد كدا. ياإما توافق ياإما
عقد جاسر ذراعه امام صدره
- ياإما أنسى ان ليا عم. صح ياعمو. قالها جاسر
نصب جواد عوده وقف امام صهيب وتحدث.

- سبني مع جاسر شوية ياصهيب. وحاضر هيعمل اللي انت عايزه. ماهو جاسر مستحيل يزعل عمه. مش كدا ياجاسر
اردف بها جواد بمغذى ينظر لجاسر
اومأ جاسر رأسه بموافقة ثم تحدث
- حاضر يابابا. هسمع حضرتك
جلس جاسر بجوار والده بعد تحرك صهيب وخروجه من الغرفة
- اسمعني كويس وأعمل زي مابقولك عشان منخسرش عمك ولا نخسر عمتك تمام
مسح جاسر على وجهه بعنف وأردف
- اعمل أي حاجة إلا الجواز يابابا.

صاح جواد بغضب وتحدث قائلا: - اتهد يلا? واقعد واسمع مني. واوعى تفكر اني هوافق على البنت اللي كسراك كدا. مش عايز ازعلك ياجاسر. انا بتعامل معاك كأخ. متخلنيش أقلب عليك
عند حازم ومليكة
حمحم جواد ونظر لوالده
- بابا عايزك تروح لخالوا صهيب وتطلب أيد جنى. وإن شاء الله عايز كتب كتاب ودخلة على طول
ابتسمت مليكة بحب لأبنها: - أخيرا ياحبيبي هتفرحني. ربنا يسعدك ويكمل فرحتك على خير.

أما حازم الذي كان ينظر لأبنه بصمت. ثم زفر بحزن وتحدث
- تفتكر صهيب هيوافق بعد اللي عرفه ياجواد
ضيقت مليكة عيناها وتسائلت
- وصهيب يرفض ليه. بدل جنى اتفهمت الموضوع وموافقة. أنت مكنتش شايفهم في الفرح عاملين ازاي
نهض حازم وتوقف أمام ابنه متحدثا
- أنا لو مكانه هرفض. بقولك كدا عشان متتصدمش لو رفض. قالها ثم تحرك من أمامه.
اتجهت مليكة بنظرها لأبنها.

- خلص اكلك وهنروح لخالك صهيب نطلب ايد جنى. ومتخافش هعمل اللي اقدر عليه عشان اسعدك ياحبيبي. المهم ياجواد تكون بتحبها فعلا مش واخدها كمسكن ياحبيبي
رفع يديها وقبلها وتحدث
- تسلميلي ياست الكل. انا بحبها اوي ياماما حقيقي. وعرفت اهميتها بعد مابعدت
عند ريان ونغم
كان يجوب الغرفة ذهابا وإيابا والخوف يتأكل احشائه
- ابنك هيقوم القيامة يانغم. أنا مش عارف هعمل.

ربتت نغم على ظهره واردفت بهدوء رغم علمها بعصبية بيجاد عندما يغضب
- إن شاء الله مش هيحصل حاجة ياريان. الامور هتعدي على خير. بس اللي مضيقني ليه غنى تعمل كدا. يعني بعد حبه دا كله يكون دا جزاته
توقف ريان ينظر إليها بصدمة ثم أردف
- طيب حطي نفسك مكانها يانغم. ايه هيكون ردك. دا أنا اللي أبوه هتجنن لما عرفت ولولا خوفي من الصحافة والشوشرة كنت رميت البنت وابنها برة. بس برجع أقول حفيدي برضو.

قبل قليل دلف بيجاد لمنزله يبحث عن زوجته. ولكنه لم يجدها. صعد لغرفته يبحث عنها عندما وجد المنزل فارغا من العمال. ولكنها غير موجودة
وجد هاتفها يوضع آمام مرآة زينتها. امسك الهاتف يقلب به ولكنه صدم عندما وجدها تترك له رسالة فيديو
- تجلس غنى بشرفتها تضع هاتفها امامها تسجل له رسالة.

- بيجو حبيبي شوفت المنظر من هنا حلو اوي حبيت اودعك منه، بدا على وجهها الحزن الشديد الذي قاسمته وديان من دموعها تشق وجنتيها وهي تتحدث.

- قبل اي حاجة عايزة اقولك اني بحبك اوي فوق ماتتصور. عارفة كلامي هيوجع قلبك حبيبي. بس قبل الحب فيه حاجات كتير وهو اكتمال الأرواح. انا للاسف محستش بإكتمال روحي معاك. شوفتك تستاهل حد احسن مني حبيبي. اولا انت تستاهل تكون اسرة. مش ذنبك تربط حياتك بواحدة ناقصة. مش ذنبك تتحرم من الأبوة. زي مش ذنب ابنك يعيش كيتيم وانت موجود. على فكرة حبيبي انا عملت التحليل في كذا معمل والولد ابنك يابيجاد. وقبل ماتتكلم الموضوع مش موضوع ثقة ابدا حبيبي. انا بثق فيك.

اشاحت بوجهها وشعور العجز والضعف سيطر عليها فتسللت عبراتها المتقطرة على وجهها
- انا مأخدتش القرار دا غير، بعد ماحسيت إني مش سعيدة معاك. بيجاد عيش حياتك لأسرتك. خد ابنك في حضنك واتجوز تاليا. على فكرة هي بتحبك اوي
اطلقت زفرة حادة من أعماق قلبها علها تخفف من ألم قلبها
- وقت ماتحب تتطلقني طلقني. وبلاش علاقة اوس وياسمينا تتأثر بعلاقتنا.

ماتحاولش تدور عليا يابيجاد لو سمحت. احنا اتقابلنا صدفة. واتجوزنا صدفة. وبرضو نهيت علاقتنا بالصدفة
ودلوقتي انا اتحررت من غنى بيجاد. ورجعت لأصلى غنى جواد الألفي
ترنح بخطوة وهو يهز رأسه بعنف وأعين جاحظة وشفتين فاغرتين مصعوقا مما استمع إليه. كان حجرا ثقيلا ارتطمه بعنف فاصاب صدره ونزف قلبه وللحظة توقف الزمن وثبت دوران الأرض تحت قدميه.

صدمة جارفة ابتلعته كالطوفان. وبدأ قلبه يصفعه بقوة وگان كلماتها كنيزك سقط على رأسه في ليل دامس الحلكة بلا قمر. مما ادى لتناثر جسده لأشلاء متفرقة
هز رأسه كالمعتوه وكل ماشعر به انفاسه المرتفعة وانسحاب روحه تمنى لو انه كابوسا وسيفيق منه بعد لحظات ولكن صوتها. ورائحتها التي سلبت من غرفتهما بجبروتها. جعلت تنفسه ثقيلا.

تحرك بخطوات مهرولة للخارج كأنه فارس سينقض على كل من سيقابله ويفصل عنقه عن جسده بسبب نيرانه التي تشعل صدره وتحول عيناه لونا أحمر بلون الجحيم
بعد فترة بالقاهرة على مائدة الطعام
دلف بيجاد كالثور الهائج. وتوقف أمام جواد
- فين مراتي ياعمو جواد
قطع جواد قطع اللحم بالسكين وقام بغرسها بالشوكة ووضعها بفمه وبدأ يلوكها بهدوء كأنه لم يستمع لشيئا
رفع جاسر نظره لوالده وتسائل.

- هو ايه اللي بيحصل. وبيجاد بيسألنا على غنى ليه؟
رفع جواد قطعة اللحم أمام غزل التي كانت تنظر لبيجاد بقلبا منفطر على هيئته المبعثره قاطع تأملها له حديث جواد
- أنا مش قولت يبقى سوي اللحمة كويس ياغزل
لكم بيجاد المائدة بعنف. ثم سحب المفرش بقوة حتى ثناثر الطعام بكل مكان على الأرضية واتجه لجواد يصيح بصوتا عاصف
- مرااااااااتي فيييييين.
لن أنسى إنك أجبرتني أن أرحل عنك. ومنذ رحيلي وابتعادي أصبحت حياتي والظلام شيئا واحدا
عند جاسر وجواد
- اسمع دلوقتي عمك صهيب شايف جواد بيضحك على جنى. ومهما نقوله مش هيسمع مننا. فاحنا هنضرب عصفورين بحجر واحد إزاي
هتوافق على جنى قدام الكل. منها نعرف إن جواد بيحب جنى فعلا وهيحارب عشانها ماهو لو بيحبها حق وحقيقي هيعمل كل اللي يقدر عليه عشان يرجعها. ودا هيثبت لصهيب إن جواد بيحب جنى فعلا
زفر جاسر وتسائل.

- طيب وعمتي يابابا هتسكت. حضرتك نسيت تقى وعز وجواد وربى
مسح جواد على وجهه بعنف وتحدث قائلا: - اهو اللي مخوفني ردود عمتك. المهم اعمل زي ماقولتلك نهدي عمك صهيب ونقنعه ان الولد بيحب البنت.
نهض جاسر واومأ برأسه لوالده قائلاً: - لو الموضوع انقلب عليا متزعلش مني. جنى اختي وعمري ماهفكر فيها غير كدا
توقف جواد بمقابلته ينظر لمقلتيه
- لسة البنت في دماغك ياجاسر؟
بهدوء مخيف وبتروي مدروس سأل بها جواد.

مط شفتيه بحزن ونظر للأسفل وتحدث بنبرة حزينة: - اسمها في قلبك وعقلك يابابا مش في عقلك بس. آسف يابابا. حضرتك علمتنا منخبيش عنك حاجة حتى لو مشاعرنا
تنهد بقلبا يأن وجعا وتحرق أحشائه بنيران الغدر. لا يعلم ايعشقها أم يكرهها. يشتاقها ام ينفرها. ولكن هناك حقيقة واحدة.

إن دقاته لا تتوقف عن النبض بإسمها. اتجه ببصره لوالده وتحدث: حاولت أنساها والله يابابا وزي ماحضرتك قولت انها متنفعناش. لكن قولي حضرتك عندك حل في دا، أقترب جواد يضمه ويمسد على ظهره ورسم ابتسامة زائفة على وجهه وتحدث قائلا: - طول عمرك أهبل ومالكش في جنس الحريم يلا? ايه اللي حصل خلاك توقع كدا.

تنفس بهدوء وشعور الراحة يتملك منه وهو بحضن والده يريد أن يبوح ما يؤلم صدره. فهل حقا والده سيشفع لحديثه أم أنه سيراه ضعيفا وأن ابنة عمه تحكمت بقلبه والقت به في غيبات الجب. يريد أن يقنعه بحبه لفيروز لاغيرها.
أخرجه جواد عندما وجد صمته ونظر لمقلتيه وتحدث مسترسلا.

- تعرف ياجاسر إنك شبه عمك سيف كتير. على طول متهور بقرارتك مش حكيم ومتزن. مش هنكر إننا قدام القلب بنضعف وبيتحكم فينا. لكن متنساش عندنا عقل ياحبيبي يعرفنا الصح من الغلط
حاول استنشاق كمية من الأكسجين واكمل.

- البنت اتجوزت من غير ماتعرف. كتبوا كتابها وهي عندها ستاشر سنة معرفتش غير قبل ماتهرب بأسبوع. وعايز أريح قلبك البنت فعلا كانت هربانة عشان غصبوها على مدحت العتال اخو حياة مرات باسم. لكن موضوع اتفاقها مع حياة دا انا معرفتوش
رفع نظره لوالده وأومأ له مع رسم ابتسامة واردف:
- افهم من كلامك دا إيه يابابا
أخذ نفسا عميقا ثم
صفعه بخفة على خديه وابتسم تلقائيا عندما وجد فرحة عينان ولده.

- معناته إني مبحبش أظلم يابني حد. اه البنت من عيلة قذرة لكن مفيش حد بيختار أهله. وأنا مش ناسيك ياحبيبي أنا بدور وراها وبحاول أعرف حياتها في بيت عمها في الخمس سنين اللي قعدتهم. وأكمل باستحسان وإشادة
- ولسة بعرف فلو البنت طلعت محترمة فعلا وحاولت تدافع عن نفسها زي ماحياة عملت معنديش مانع المهم عندي تكون سعيد ياجاسر
ألقى جاسر نفسه بحضن والده يضمه بقوة وهو يقهقه بصوتا مرتفع.

- ربنا يخليلك ليا ياحبيب قلبي وميحرمنيش منك ابدا
قبل جواد رأسه وتحدث مازحا
- طيب يلا? وريني جمال خطوتك وابعتلي غزالتي
تراقص جاسر بحواجبه مردفا: - ايوة ياعم هبعتلك الحتة الطرية تنعنش قلبك
جحظت عين جواد من حديث ابنه واستشاط داخله يرمقه بنظرات تحذيرية
- أمشي يلا? مش عايز اسمع صوتك في الأوضة دي.

بعد فترة وصل بيجاد إلى حي الألفي
توقف بيجاد أمام جواد ينظر بغضب. يكاد تخرج مقلتيه من عينيه ثم أردف: - بلاش تستفزني لو سمحت. مراتي فين، رجعت وملقتهاش، لقيتها سايبة رسالة هبلة، وأكيد قعدتك كدا وبرودك اللي بستفزني يبقى حضرتك ورا مشيها
لم تتحرك عضلة من وجهه جواد وظل على نفس حالته جالسا ينظر للطعام الملقى على الأرضية. نهض جاسر واتجه لبيجاد.

- هو إيه اللي حصل خلى غنى تمشي. وليه بابا هيساعدها. وهو عارف إنك بتحبها
لم يهتم بيجاد لحديث جاسر اتجه
وجلس بيجاد أمام جواد على عقيبه ونظر لعيناه.
- عمو جواد الكلام اللي سمعته مش حقيقي. ولو عملتوا مليون تحليل أنا مقتنع مليون المية الولد مش ابني.
تعالت أنفاسه الهادرة بسبب حديثه الغاضب
هو محدش عايز يفهمني إيه الموضوع ليه. قالها جاسر بغضب.

نهضت غزل عندما وجدت صمت جواد. ومحاولة سيطرته على أعصابه حتى لا يغضب بيجاد، ورسم قناع بارد فوق ملامحه كي لايعكس الغليان القابع بصدره فاتجهت إلى بيجاد
- بيجاد تعالى معايا عايزة اتكلم معاك شوية
أطبق بيجاد جفنيه في محاولة للسيطرة على نوبة الغضب التي أصابته من برود جواد وجهله له
تنهد بألما واعتدل واقفا ينظر لغزل
- مفيش داعي ياطنط غزل لكلام حضرتك. لكن عايز أقول حاجة: محدش يزعل من اللي هعمله بعد كدا.

رمق جواد بنظرات حادة وأكمل بعيونا غاضبة
- هطلع على القسم وأبلغ عن غياب مراتي ومش بس كدا. هنزل صورها في كل شبكات التواصل الإجتماعي. هعمل كل اللي أقدر عليه حتى لو وصل بيا الأمر أدخل لوزير الداخليه بنفسه
صمت مقتولا على الجميع بعد حديث بيجاد الذي اخرج جواد عن صمته
اخيرا قطع صمته ونهض يناظره بحدة ولم يشعر بذراعه الذي رفع على أشده هاويا على وجهه بصفعه قوية جعلته يترنح بوقفته.

صدمة اذهلت غزل وجاسر مما فعله جواد
وضعت غزل كفيها على فمها من الصدمة تهز رأسها بهسترية وأسرعت تقف امام جواد وصاحت بصوتا مرتفع تدفعه بعيدا عندما وجدت نظرات الغضب تتملك منه
- جواد ايه اللي عملته دا. هو بيقول اي كلام وخلاص
وقف بيجاد مذهولا للحظات يستوعب ما صار. ثم رفع نظره لجواد الذي أشار بسبابته وتحدث بصوتا كفحيح افعى.

- القلم دا كان المفروض تاخده من أول مرة غلطت فيها. لما روحت اتجوزت غنى من غير ماتعرفني. دفع غزل من أمامه ووصل لبيجاد الذي يقف عاجزا
امسكه جواد من تلابيبه وصاح بصوتا صاخب: - كان المفروض اكسرلك دماغك لما رحت وكتبت على بنت عمتك وبنتي على ذمتك وجاي تعرفني بعد ماعملتها
صرخت غزل وهي تهز رأسها غير مستوعبه مااستمعت إليه.

لكمه بصدره وأكمل: - كان المفروض اكسرلك دماغك لما روحت دفنت عمتي والدكتورة ومنال من غير ماترجعلي. لا وياريت وقفت على كدا روحت وبكل غباء سلمت تهاني وطارق وأمل للشرطة من غير ماتعرفني
صفعة أخرى من جواد على خديه الآخر
- ودا عشان كسرت بنتي وخلتها تتمنى الموت من كلمات بنت عمتك السامة اللي خلتها تنهار في عز مرضها
صرخت غزل تبعده عن بيجاد وصاحت بغضب.

- جواد اتجننت كفاية انت مش شايف حالته. دفعها جواد واكمل وهو يهزه بعنف
- وبعد دا كله تيجي واحدة ماتساوش مليم في سوق الستات توقف قدام بنتي وتقولها سوري ياغنى لكن بيجاد يستاهل يكون اب واب حنين كمان.

لكم جواد صدره وتحدث بغضب وهو يشير على قلبه: - عايز تعرف أنا حسيت بإيه وبنتي بتكلمني وتعيط وتقولي. أنا هفضل ست ناقصة في نظر الكل يابابا. عايز تعرف النار اللي ولعت في صدري ومعرفتش اطفيها وهي بتقولي أنا راضية بنصيبي اللي ربنا كاتبه لي مايمكن أن ربنا محبنيش عشان كدا عايز يحرمني من أجمل شعور للست. تحرك ووقف ينظر لمقلتيه وأكمل بغضب: - مين اللي عرف البنت أن بنتي مريضة ونسبة الأنجاب عندها تكاد معدومة.

اتجه سريعا يرمق غزل بنظراته الغاضبة
- وبعدين مين اللي قال لغنى اصلا. هي الدكتورة قالت نسبة ضعيفة بسبب الكيماوي لكن مفيش حاجة اسمها مستحيلة
استدار ينظر لبيجاد ثم وزع نظراته على الطعام الملقى على الأرض
- عايز اعرف دا يرضي مين اللي اترمى على الأرض، رفع بصره وأكمل.

- صدقني يابيجاد لولا غنى وصتني عليك. ولولا نظرات الحب اللي شايفها بعينك، كنت دفنتك مكانك. ودلوقتي مراتك معدتش عايزاك. روح شوف الولد اللي أبوك أول ماشافه رمى بنتي وكأنها معندهاش مشاعر وأخده هو وأمه يقعدوا في بيته. بنتي هعرف أداوي جراحها ماهي عدت بأكتر من كدا ولسة واقفة على رجلها
ونصيحة مني ياابني هقولهالك.

إياك ودموع المرأة فدموعها نيران بتكوي قلبها، وخاف من اللي الست بتحبه أوي وبعد كدا تكره. بتتحول لمارد مستحيل تقدر تطفي لهيبه، وآه ممكن مياه البحار والمحيطات تجف ولكن لا تستطيع ان تجفف دموع أمرأة خذلها حبيبها.

نظر بيجاد إليه وهنا لم يستطع التماسك وانسدلت دموعه وكأنه بكابوسا سيطيح به بنفقا. وكأن الأرض تزلزلت من تحت قدمه من حديث جواد. حقا لقد عانت كل هذا وهي بأحضانه. حقا تمزق قلبها وشعرت بإنتقاصها وهي تحاول إسعاده
ضغط على قبضته وتحدث ناطقا بصوت ضعيف.

- أنا معرفش مين عرفها بموضوع مرض غنى. ولا بموضوع حملها، أما موضوع جوازي منها كنت مضطر وقتها وحكت لك كل حاجة وقتها. موضوع ماسة لولا موت الولد عمري ماكنت أفكر اوجع قلبها وشرطت على عمتي محدش هيعرف. صدقيني ياعمو مكنتش متوقع إن ماسة هتكون بالحقارة دي
ابتلع ريقه وهو يوزع نظراته بينهما وصاح بصوتا جهوري.

- كنتوا عايزيني أسكت على أشجان ومنال وأحلام بعد اللي عملوه فيها. أنا شوفتها قد إيه اتألمت وماتت في ايدي كذا مرة. حبيت اموتهم واعذبهم واقهرهم زي ماقهرونا. عملت كدا لما شوفت حضرتك مش مبالي وكأنهم معملوش حاجة
تحرك ووقف أمامه
عبره حارة سقطت من جفنيه كانت أفصح وأبلغ من أي كلمات وهو ينظر لجواد
- بنتك مش مجرد زوجة وبس عايز أقولك انها النفس اللي بتنفسه. ومستحيل اتخلى عنها حتى لو هخسر الكل.

وقف جواد وهو يحاول أن يتحلى بالجلد والصمود. فخرج صوته معبأ بالألم
- أنا عارف قسيت عليك ومكنش المفروض اضربك. لكن انت اللي وصلتني لكدا
ضم وجهه بين راحتيه
- ربنا اعلم أنا بحبك زي ولادي. ومنكرش بعشقك لبنتي وأنا كنت رافض اللي عملته في الأول عشان قلبك دا مايتوجعش. لكن ياحبيبي الفراق ليكم احسن وعلى رأيها
- حياتك كلها ألغاز يابيجاد، غنى بنت رقيقة مش هتستحمل وجع تاني
مسح على وجنتيه وأكمل.

- بلاش نخسر بعض ياحبيبي ولو غنى عايزاك هترجعلك متخافش
رجع بيجاد خطوتين للخلف وهو يهز رأسه رافضا حديثه
- وأنا بقول لحضرتك الولد مش ابني ياعمو ومفيش حل غير، إنها ترجع وبس متخلنيش أوصل لحلول متعجبكش
رفع جواد نظره إليه وتلك النظرة التي التمعت بعيني بيجاد وتهديده الصريح شكل بعقله رفضه القاطع للوصول إليها
عرف جواد حينها أنه لا يصمت لانه لا يعرف المستحيل ولا يقبل الرفض.

شعر بأنين عشقه الظاهر بأفعاله. رمقه بنظرات غاضبة قائلا بخفوت مسموع إليه
- أتمنى يابيجاد متغلطش، وتعمل حاجة غبية، وزي ماغنى قالت لك سبها لحد ماتعرف تاخد قرار
في المزرعة قبل ساعات
انتظرت فيروز رد جاسر على رسالتها ولكنه لم يفتح رسالتها حتى
قبضت على الفراش بقبضتها تحاول منع دموعها من أن تفر بعيناها ولكن علقت بأهدابها وشعرت بثقل رموشها كثقل الواقع الذي يقذفها باليم في ليل دامس.

استمعت لصوت تأوه حياة بالخارج. خرجت سريعا تبحث بنظرها. وجدتها تجلس على درجات السلم وتمسك أحشائها وتبكي بصمت
هرولت إليها عندما وجدتها بتلك الحالة
- حياة مالك إيه اللي حصل؟
كزت حياة على شفتيها بعنف محاولة إمتصاص ألمها
- فيروز وديني لدكتور بسرعة. بطني بتتقطع. آه صاحت بها بعنف وبكت بنشيج.

- فيروز ابني . أسرعت فيروز تضع شيئا على خصلاتها وأسندتها متجة للسيارة التي تركن بجانب المنزل. غافلة عن ملابسها التي ترتديها التي كانت عبارة عن ترنج منزلي ضيق وبنطاله يصل لتحت الركبة بشيئا بسيط
رآهما باسم من النافذة وهي تسند حياة وتضعها بالسيارة وتنادي على السائق
- عايزين نروح للدكتور بسرعة يامنير. قالتها فيروز مرتبكة عندما صرخت حياة من الألم
أمسك منير ليتصل بباسم.

- هكلم الباشا الأول. كان مازال يراقبهم من الأعلى ورغم تلك الغصة المتحكمة بقلبه بسبب انتقامه ودفعه لها حتى سقطت دون رحمة كي يلملم جراح رجولته
إلا أنه شعر بنيران تلهب صدره بسبب حالتها المتوعجة التي رآها بها
- ايوة يامنير، قالها باسم وهو ينظر إليهما
- مدام حياة تعبانة وعايزة تروح للدكتور
- وديها وخليك معاها واعرف عندها إيه. قالها باسم دون حديث آخر
ظل يراقب تحرك السيارة إلى إن اختفت من أمامه
عند ربى وعز.

بعد فترة جلسوا سويا لتناول طعام الإفطار بمطعم بالقرب من ذاك الشاليه الذي يقضون به وقتهم الممتع
جذبها وأتجه سريعا للبحر وضحك بصخب عليها
- ياجبانة. والله لتنزلي البحر ياروبي ومش هتكلم تاني
تراجعت للخلف تحاول الخلاص من قبضته
- وحياتي يازيزو بلاش الموج عالي أوي وأنا خايفة.

قام بحملها وهرول سريعا عندما وجدها تهز ساقيها بقوة حتى تسقط من بين ذراعيه. ولكن قبضته كانت أقوى من محاولاتها الواهية. ظل يتحرك بها إلى أن وصل مسافة تبعد عن الشاطئ ليست بقليلة. أنزلها بهدوء وهو يحاوط خصرها ويضحك على طفولتها
قرص وجنتيها وتحدث
- عايز أعرف خايفة من إيه وإنتِ بتعومي كويس. وحبيبك معاكي. نفسي اعوم وانتِ جنبي ياحبي. اقترب يهمس لها
إيه رأيك اشيلك على ضهري ونعوم. لكزته ربى واردفت بخجل.

- عز احترم نفسك. والله بتكسف. قالتها بصوتا مرتجف
جذبها رافعا ذقنها
- فيه حد يتكسف من حبيبه وجوزه برضو ياروح عز.
ضمها بقوة لأحضانه
وآه خافتة خرجت من جوفه وتحدث
- لو تعرفي قد إي أنا سعيد بوجودك معايا وانك اصبحتي مراتي. صدقيني عمرك ماهتبعدي عني أبدا
اقترب يقبل شفتيها بقبلة سطحية وتحرك يسبح بها داخل البحر لبعض الوقت
امسكت عنقه وهي تضحك بصخب عندما يغطس لفترة تحت الماء ثم يصعد بها.

هزت رأسها وتطايرت قطرات الماء على وجهه، جذبها يضع جبينه فوق جبينها وأردف
- إنتِ قد الحركة دي ياجنية البحر
اقتربت وتحدثت أمام شفتيه تكاد تلمسها
- أنا أد كل حاجة ياحبيبي. ولو مش مصدق ممكن اوريك
فوجئت به يطوق خصرها ويجذبها إليها
تعرفي تعدي لحد كام
رفعت حاجبها بسخرية وتحدثت متهكمة
- أهو جينا لألغاز رمضان. وحل الكلمات المتقاطعة. قالتها وهي
تراجعت بجسدها للخلف وهي تسبح على ظهرها ونظرت إليه بغضب.

انا بعد لحد الأرقام اللا متناهية يازيزو. وبعرف احل الكلمات المتقاطعة ياحبيبي. المهم إنت تعرف تعد لحد كام. ياله تعالى سابقني
وقف متخصرا ينظر إليها بغضب
- تعالي هنا يابت مش دا البحر اللي بتخافي منه
قهقهت عليه وهي تتخبط بساقيها بالماء.
- آه بخاف منه ساعات و بحبه ساعات. بس بمزاجي مش وقت ماحضرتك تؤمر ودلوقتي ابعد عني عايزة استمتع بالمية
توسعت عيناه من كلاماتها. وضع يديه بخصره ورفع حاجبه بسخرية.

- شوف إزاي ياشبر ونص. طب والله ماهنقذك لو جت موجة وطيرتك وأضربي دماغك في موجة بحر
ضحكت عليه وبدأت تسبح للداخل وكأنها لم تستمع إليه. ظل يراقبها بعيناه إلا ان ابتعدت عنه. لا يعلم لماذا شعر بوخز بقلبه
اتجه يسبح سريعا اتجاهها.

كانت تسبح مستمتعة بالمياة فجأة شعرت بإرتفاع الأمواج بقوة أصابتها حتى شعرت أن البحر سيبتلعها. اتجهت للتراجع ولكن قوتها أصبحت واهية بعنف الأمواج. نظرت حولها تبحث بعيناها عن زوجها وتصرخ بإسمه حينما شعرت بإبتلاع كمية من مياه البحر فكأنها ستغرق لا محالة
بالأسكندرية
ظل يجوب المكان ذهابا وإيابا ويهاتف جواد وبيجاد للمرة التي لم يعلم ما عددها
زفر بغضب وهو يصرخ بالعاملة
- اعمليلي قهوة مظبوطة
وقفت نغم بجواره.

- ريان ممكن تهدى وإن شاءلله جواد هيعرف يتحكم في غضب ابنك
أعاد شعره المتناثر ومرر يديه على جبينه وهو يجاهد نفسه بأن يهدأ وبعد لحظات أجاب نغم قائلا
- بالعكس جواد مش هيرحم ابنك. دي بنته ومش مجرد بنته وبس دي كانت مخطوفة لسنوات ومصدق رجعها وكانت مريضة تفتكري هيغفر لأبنك حاجة زي كدا
اظلمت عيناه وأكمل برد صارم.

- دا اخد البنت حتى من غير مايرجعلي. إنتِ عارفة معنى كدا إيه. إن جواد خلاص نهى علاقة غنى ببيجاد. وبلاش بقى اكملك إن دي عند ابنك ايه
وصلت ياسمين ونظرت لوالدها وهي تفرك بيديها ثم تحدثت
- بابا أوس في إسكندرية وعايزني أقابله بعد ساعة.
وكأن كلمات ياسمينا جمرات مشتعلة اشعلت قلب ريان ليشعر بصاعقة تصفعه
حاول تمالك اعصابه فرفع بصره ينظر إليها.

- مش فاهم ياياسمينا. ليه يقابلك برة. ليه مجاش على طول على هنا ولا هو ناوي على حاجة تانية
- ريان نطقتها نغم سريعا وهي تنظر لأبنتها ثم أردفت: - روحي ياقلبي قابلي جوزك وحاولي متتأخريش
اتجهت ياسمينا تنظر لوالدها وانتظرت رده
مسح على وجهه وهو يشير إليها بالتحرك بعدما انعقد لسانه عن الحديث
ظل يهدأ من روعه لفترة ثم نهض سريعا وتحدث.

- أنا لازم أنزل القاهرة مش هفضل كدا وابني معرفش حاجة عنه. وقبل أن يتحرك أشار لنغم
- لا خليكي هنا. نغم لو سمحتي بلاش توجعي قلبي أنا فيّا اللي مكفيني
قالها وتحرك للخارج
بفيلا صهيب
قبل قليل بعد عودته من منزل جواد. صاح صهيب بجنى
هبطت جنى وهي مذهولة من صراخ والدها
- أيوة يابابا. فيه حاجه ياحبيبي
كأن كل خلية في جسده تعانده لعدم أخبارها بما اتفق عليه مع جاسر ورغم ذلك زفر بغضب ونظر إليها.

-جهزي نفسك بكرة عمك جواد وجاسر هيجوا يطلبوا ايدك. هما قالولي وأنا وافقت. فانتِ جهزي نفسك
شهقة خرجت من فمها وهي تهز رأسها برفض، وشعرت بأن الأرض اصبحت ان تميد بها. وشعور بضعف الدنيا يحتل كيانها عندما وحدت نظرات أبيها الحادة إليها، تساقطت دموعها لتشق قلب صهيب على منظرها الباكي.
اقترب صهيب وأردف بتأكيد: - انا مش هوافق على جواد مهما حصل. فبلاش تتعبي نفسك وتتعبيني معاكي.

نظرت لوالدها وكأن صاعقة أطاحت بها ولا تعلم بماذا ستواجه قدرها المظلم. فأسبلت أهدابها متحاشية النظر لوالدها
اشفق عليها كثيرا فاردف بتوتر
- أنا شايف إن جاسر أكتر واحد هيحافظ عليكي يابنتي. والصراحة اكتر دي كانت امنتيتي من زمان
وصلت نهى على حديث صهيب فحاولت التخفيف بحديث صهيب على قلب ابنتها
- فعلا جاسر بحسه راجل أوي ويعتمد عليه وكنت أتمنى أنا كمان والحمد لله أنه هيكون من نصيبك يابنتي.

هزت رأسها رافضة حديثهما وتحدثت بصوتا مكتوما من البكاء
- جاسر حد جميل وراجل وكل حاجة. لكن بعتبره زي عز. يعني عمري ماشفته غير اخ وصديق ليا. وكمان هو بيعتبرني كدا. إزاي فكر أننا نرتبط
قاطعها صهيب بصوتا مرتجف رغم الغصة الذي شعر بها فأردف بتقطع
- أنا وافقت وخلاص ياجنى لو عايزة تصغري ابوكي قدام عمك معنديش مانع.

بغرفة جاسر بعد حديثه مع والده. تناول هاتفه فإذا به ينصدم من رسالتها التي أرسلت إليه منذ وقت. حاول تجاهلها ولكن قلبه كان يؤنبه. هو يعلم باسم عندما يغضب لا يشفق على أحدا ابدا
ظل فترة وهناك صراع بين قلبه وعقله وكالعادة انتصر القلب على العقل وتناول هاتفه وقام الأتصال بها
كانت تجلس أمام الطبيب بالمشفى الخاصة بعائلة الألفي. تستمع للطبيب بإهتمام.

- للأسف فيه نزيف لمدام حياة بنحاول نسيطر عليه. هنشوف خلال ساعات هنقدر ننقذ الطفل ولا لا. قاطع حديث الطبيب رنين هاتفها. نظرت إليه وابتسمت بحب تستأذن الطبيب
- جاسر أردفت بها بصوتها الناعم الأنثوي الذي جعل دقات قلبه ترتفع بشدة.
استجمع شتات نفسه وحمحم متحدثا
- انتوا ايه اللي وداكم عند باسم
زفرت بإختناق إثر يأسها منه فردت
- حياة قالت لازم ترجعله. قاطع حديثهما عندما أردف الطبيب.

- للأسف المدام فقدت الطفل وهي دلوقتي هتدخل عمليات
فقدت قدرتها على الحركة او الكلام. فارتبكت بوقفتها تهز رأسها بحزن عندما علمت كيف سيكون الخبر صادم على قلب حياة
صاح جاسر على الطرف الآخر بعدما اعتدل بجلسته يحادثها بلسانا ثقيل
- مين اللي فقدت الطفل يافيروز. اوعي يكون قصدك حياة. هي حياة ماكنتش فقدته يوم الحادثة. وهو انتوا فين أصلا
جلست أرضا خالية من أي مشاعر تبكي فقط على ماصار لصديقتها.

ارتجفت شفتيها وأجابته
- حياة كانت لسة حامل ياجاسر. معرفش إيه اللي حصل بينها وبين باسم خلاها تنهار بالشكل دا وتفقد الجنين
عند غنى باليوم التالي ظهرا
تغفو بعمق وذهبت بأحلامها
بعد سنة دلف ريان إلى غرفة ابنه.
انشطر قلبه على مظهره الذي أدمى قلبه وشقه لنصفين. جلس بجواره يمسد على خصلاته التي طولت كثيرا عن سابقيها
- بيجاد حبيبي هتفضل حابس نفسك
انزل روح رحلة باليخت. ولا سافر أي مكان.

جذب الغطاء ودثر نفسه وأردف بصوتا جاهد أن يخرجه
- بابا سبني لو سمحت عايز أنام
جذب ريان الغطاء وألقاه على الأرض وصرخ به
- هتفضل لحد إمتى حابس نفسك كدا. مش شايف نفسك بقيت عامل إزاي
جذبه بعنف وأوقفه أمام المرآة
- شوف نفسك كدا. دا منظر واحد عايش
إيه مفيش غيرك اللي
وضع يديه على إذنه وصرخ بصوته كله
- متكملش مش عايز اسمع حاجة. يارب أموت واريحكم كلكم.

اتجه يركل كل مايقابله بقوة حتى تبعثرت الغرفة وأصبحت آشلاء متناثرة بكل مكان
نظر لوالده بغضب
- انت السبب في كل اللي بيحصلي. أنا بكره حياتي كلها. جثى بركبته على الأرضية وكور قبضته يلكم صدره بقوة
تعرف ترحم دا يابابا. تعرف تخليه يبطل نبض، ثم أردف بصوتا باكي جعل والده يبكي على بكائه وتحدث من بين بكائه
- بابا موتني وريحيني. أنا مش قادر أعيش. قولي أعيش إزاي وروحي فارقت جسمي يابابا. أنا بموت يابابا.

ضمه ريان لأحضانه وأردف بصوتا حزين
- بعد الشر عليك ياروح بابا. إن شاءلله ياحبيبي ربنا هيعوضك بالأحسن. متكسرش قلبي أكتر من كدا يابني.
دلفت نغم بعد مااستمعت تحطيم الأشياء
بكت بإنهيار عندما وجدت حالة إبنها التي أذت روحها. وحياته التي وقعت في منحدر مظلم
اتجه بيجاد يلقي نفسه بأحضانها
- أنا تعبان أوي ياماما. عايز أرتاح
هبت مستيقظة من حلمها الذي جعل قلبها يأن وجع أكثر من اللازم.

وضعت يديها على صدرها بعدما ارتشفت قليلا من المياه ومسحت عرقها الذي يغزو جبينها
أسرعت إليها يمنى صديقتها عندما استمعت لصراخها
جلست يمنى بجوارها تمسد على خصلاتها وتمسح عرقها تقبل رأسها
- ايه بس ياغنى. برضو كوابيس
بكت بنشيج وكل مايؤرق روحها أكثر هو اشتياقها الجارف لمتيم قلبها. فقلبها يأن ويحترق شوقا لرؤيته
- وحشني أوي يايمنى نفسي أشم ريحته. أخرجت كنزته الخاصة به تستنشقها بعنفوان وتبكي بنشيج.

- شوفته في الحلم انه تعبان وبيصرخ ودا بعد وقت كبير من فراقنا. تفتكري انه هيفضل يتألم الوقت دا كله ولا هيعيش وينساني مع الوقت
مسدت يمنى على خصلاتها وتحدثت بإبانة
- قولت لك حبيبتي. الموضوع هيكون صعب عليكو انتوا الأتنين. أنا كنت بشوف نظراته ليكي تحتها عشق دفين. ابتسمت وهي تجلس تعقد ذراعيها وتبتسم بشقاوة
- فاكرة قولت لك إيه. ان الولد دا دايب فيك ياجميل.

ابتسمت غنى بإنتشاء وسعادة عندما تذكرت عشقه الجارف الذي لم يخمد ابدا وهي بجواره. اغمضت جفنيها تتمنى أن تراه للحظات معدودة. أمسكت هاتفها بيد مرتعشة وقامت الأتصال بوالدها
بالقاهرة
وصل بيجاد فيلا الألفي، دلف يسأل عن جواد. اتجهت العاملة به حيث جلوسه مع والده
وزع نظراته بينهما وتحدث
- خير إن شاء الله. يارب أكون قدرت أعرفك ياعمو جواد إني ممكن أعمل إيه.

توقف جواد يصيح بغضب به: - إنت مجنون يلا? رايح تقدم فيّا بلاغ ياأهبل. إنت ناسي اني لوا ياحمار.
ابتسم بسخرية وتحدث
- لوا على نفسك. دلوقتي الكاميرا صورت حضرتك انك اخدت مراتي من بيتي. إيه بقى السبب ماليش فيه
رفع بصره لوالده وأكمل
- ولا إيه يابشمهندس. حاولت افهمك ان الولد دا مش ابني. لكن حضرتك مُصر إنه ابني معرفش ليه
تنهد ريان وتحدث بهدوء.

- بيجاد انا اتكلمت مع جواد وقلت إحنا كدا ممكن نخسر بعض. فأحسن حل للكل يابني انك تطلق غنى. وهي كدا كدا مش عايزة تكمل معاك. لو هي حبت ترجع
هب كالملسوع يصيح بغضب يحاول أن يحطم كل مايقابله وصرخ بقوة
- انتوا الاتنين بتحلمو. ويوم ماغنى تفصل اسمها عني هيكون في حالتين بس ياوالدي العزيز
- ياإما انا أموت ياهي تموت. ضرب على المكتب بكفيه وأكمل
- وبقولك ياعمو جواد انا هوصلها وصدقني مش هرحمها على وجع قلبي دا.

ابتسم بثبات انفعالي رغم الحمم البركانية التي تصيب صدره ونطق بصوتا ممزوج بالحب والغضب معا
- غنى بيجاد خليكوا فاكرين دا كويس
قاطعهم رنين هاتف جواد. الذي امسك هاتفه ورفع بصره سريعا لبيجاد. محاولا الهدوء. ولكن كيف يهدأ المارد الثائر
جذب الهاتف من أيدي جواد. وضع الهاتف على إذنيه في حين صرخ جواد به
هات التليفون يلآ.

بشفتين مرتعشتين أردفت قائلة: - بابا حبيبي وحشتني أوي. أنا كلمت ماما وعرفت إن بيجاد جالكم وحضرتك قسيت عليه يابابا. دا اتفاقنا
كانت أنفاسه المرتفعة فقط هي التي تصل إليها. اغمضت جفنيها واكملت
- بابا أنا حلمت حلم مش كويس. طمني على بيجاد هو عامل إيه؟
اطرق رأسه للاسفل يقاوم رغبة قوية في البكاء من صوتها الحزين وصوتها الباكي.

يود لو يراها حينها يضمها لصدره ولا يتركها حتى تختلط أجسادهما فتصبح جسدا وروح واحدا، ورغم ألم قلبه من فراقها إلا أنه استمتع بصوتها وهمسها بأسمه وخوفها عليه
حاول تهدئة نفسه حين شعر وكأن احدا وضع بنزينا بصدره عندما تحدثت: خليه يكمل حياته وهو سعيد. خليه يكرهني بطريقة ميفكرش فيا ابدا. بلاش تقسى عليه يابابا لو سمحت.

أختنق حلقه بغصة بكاء لا يتمنى سوى ضمها لأحضانه حتى يسحق عظامها ورغم نيران قلبه من إشتياقه لها أردف قائلا: - تمام على الرحب والسعة ياغنى هانم. مش بس هيكرهك. وحياة كل دقة حب لقلبك لأوجعك زي ماوجعتيني. عايزاني أتجوز تمام. وعد خلال اربعة وعشرين ساعة هتجوز. وآه الولد ابني، يارب تكوني ارتحتي
قالها بيجاد ثم ألقى الهاتف حتى هشمه وأصبح قطعا متناثرا بكل مكان، ونظر لجواد يصفق بيديه
- يارب تكون ارتحت.

دلوقتي. اتجه ببصره لوالده
عايز حفيدك. تمام، حاضر ياريان باشا.
اتجه جواد سريعا يلكمه بصدره
- ايه اللي قولته دا ياحيوان مفكرتش إن البنت لوحدها وممكن يحصلها ايه
كتم بيجاد صرخة مهتاجة بصدره وجعد جبهته قائلا بإستفزاز
- لوحدها هيحصلها أي يعني. بنتك باعت ياعمو، وأنا مش هرحم اللي يبعني
دفعه جواد يصرخ به
- امشي يلا? من هنا مش عايز اشوف وشك تاني
خرج جواد سريعا يتناول هاتفا آخر لكي يطمئن على ابنته.

بينما ريان الذي غادر بعدما خرج بيجاد كالثور الهائج بعد حديثه لغنى
ظل بيجاد يراقب فيلا جواد الذي كان يعلم إنه لم يترك ابنته بعد حديثه الدامي لها. ابتسم عندما وجد خروج سيارة جواد وبجواره غزل، أتخذ نفسا عميقا يشحن رئتيها بأكسجين الأمل وقاد سيارته خلف جواد. الذي لم يغب عنه تحرك بيجاد خلفه
صمت برهة ينظر من خلال مرآة السيارة وهو يتفحص بنظرات ماكرة وابتسامة خبيثة تحرك بيجاد خلفه
لكزته غزل وهي تتحدث.

- ممكن أعرف بتضحك على إيه في الوجع اللي إحنا فيه
اقترب برأسه منها مقبلا خديها وهو يوزع نظراته بين الطريق وبين غزل فاردف مبتسما
- بقولك ايه رأيك ياحبي نقضي ليلة حلوة كدا في شيراتون...
ضيقت غزل عيناها ثم كزت على فكها اغتياظا من حركاته
- أكيد بتهزر. يعني بنتك منهارة هناك وانت عايز تقضي ليلة في الشيراتون
حك ذقنه وهو ينظر للمرآة
آهو ألعب مع ابن ريان شوية
نظرت غزل خلفها عندما وجدت نظرات جواد على سيارة بيجاد.

زفرت بإختناق وتحدثت
- جواد الولد صعبان عليا بلاش تحوله لمجرم عشان خاطري حبيبي
اتسعت ابتسامته ودنى منها يداعب أنفها
- عارف أنه بيحبها، عشان كدا لازم أعصره فدا يخليه يفكر ألف مرة إنه ميزعلهاش
انكمشت ملامح وجهها بإمتعاض فأردفت
- هو مزعلهاش ياجواد. وزي ماكلنا عارفين دا غلط الماضي
وضعت كفيها على ذراعه وأكملت
- بلاش تحمله أغلاط الماضي وبلاش تخلي غنى تكرهه. إحنا عارفين أد ايه بيجاد بيحبها.

توقفت السيارة فجأة وبدأ يطرق على قيادة السيارة ينظر لبيجاد الذي توقف
فضحك ونزل من السيارة متجها إليه.
ثم عانقته
و قالت له: لو تخطئ ألف مرة...
لن اتركك لغيري، حتى لو ضيعت عمري
ابتسم بدلال ثم جذبها وقال لها
ما عدت أعلم كيف إستوطنت.؟
كيف أصبحتى أنت الأهم والمهم.!
كيف إستطعتى أن تغزو أوقاتي وخفقاتي.
وكل لحظاتي، و حياتي. وروحي
كيف أصبحتِ هناي. وأحلامي. وغناي
أحببتكِ بل عشقتكِ وأصبحتِ كالوشم المتغلغل بالأعماقِ
عذرا حبيبتي فأنتِ منذ ولادتك وانتِ غِنى بيجاد
- نعم فأنتِ غنايا أنا ولا سواي.

فقد رأيت في حبك جنة الرضوانا
ضميني فأنا العاشق فقد عانيت حرمانا
فاسقني من شهد ثغرك فأنا الظمآنا
وطعم شفاك خمرتي وأنا السكرانا
مساءً بالأسكندرية
علي مائدة الطعام لتناول وجبة العشاء.
كان الجميع يتناولون العشاء سوى بيجاد
تنحنح ريان ينظر لعمر.

- عمر بعد ماتخلص أكلك، عايز تعملي لقاء صحفي شامل. لازم نتكلم في بعض الأمور الهامة اللي اتغيرت في الأيام الأخيرة. آه متنساش كمان السوشيال ميديا عايز الكل يعرف ويتأكد من إنفصال شراكتنا بالكامل مع جروب الألفي
ساد صمتا هادئا على الجميع رغم الصدمة على وجوههم. أغمضت نغم عيناها وتسائلت بصوتا يكسوه الحزن
- معرفش إيه اللي حصل يوصلكم لكدا ياريان
لوهلة صدمته بسؤالها ولكنه أجابها بهدوء.

- إحنا خلاص مينفعش نكمل مع بعض زي الأول يانغم. وكمان هعلن عن إنفصال بيجاد وغنى وجوازه من تاليا.
أنا مش مستعد أسيب حفيدي يتربى بعيد عني. ذُهلت نغم من رده والرعب قد تسلل لقلبها بعدما وجدت دموع أبنتها تنسدل على خديها
ابتلعت ريقها الجاف ونظرت متسائلة
- البنت ذنبها إيه ياريان مش حرام نحطمها كدا
رد عليها بزفرة خافتة.

- إحنا مقصرناش يانغم. بالعكس ابنك كان معاها لآخر لحظة حتى في مرضها ماتخلاش عنها وهي اللي سابته ومشيت. راجل مين اللي يستاهل ان مراته تسيبه من غير حتى ماتعرفه. مين يرضاها على نفسه
- طيب مفكرتش في بنتك هيكون وضعها إيه ياريان مع أوس
وقفت وتحدثت بغضب. قولي إزاي أوس هيرضى الإهانة لأخته.
أمالت برأسها ونظرت لمقلتيه
- أنا دلوقتي بكلمك كأم ياباشمهندس.

إزاي غزل هترضى تشوف بنتها تتعذب وابنها هيتجوز اخت اللي عذب اخته. فوق ياباشمهندس. اتجهت بنظرها لتاليا وأكملت حديثها
- أنا واثقة في بيجاد جدا وبدل هو قال الولد مش إبنه يبقى مش ابنه
- نننننننغم صرخ بها ريان
التفت إليها بحنق عندما شعر بأن دمائه تغلي من شدة الغضب
- أنا مش عايز نصايحك دلوقتي. والمفروض زي ماقولتي أنك أم. تراعي ابنك وغضبه.
نظر إليها بغضب وأكمل.

- وبيجاد مش إبنك، عجبك حاله كدا. الولد لازم يفوق وينسى غنى وكأنه مقابلهاش ودا مش هيحصل إلا في حالتين
الاول انه يطلقها والتاني لازم يحتوي ابنه وقتها بس عاطفة الأبوة هتغلب عاطفة الحب ودا آخر كلام مش عايز كلام بعده
حمحم عمر وتحدث
- طيب يابابا بيجاد لما يعرف اللي هنعمله دا. تفتكر هيسكت ولا هيوافق، دا ممكن يعمل حوار صحفي ويكذب حضرتك
مسح ريان على وجهه بغضب ثم اتجه بنظره لتاليا وتحدث مفسرا.

- تاليا هتكون معايا في المؤتمر دا وهتقول انهم كانوا متجوزين عُرفي لسنتين وانفصلوا. وهي رجعت لما حست إن من واجبها بيجاد يعرف إن عنده ولد
اعتصرت نغم عيناها وخطت بخطى متعثرة مندفعة للأعلى وهي تتحدث
- قبل دا كله ياباشمهندس انا هاخد بنتي ونروح أي مكان. مش موافقة على المهذلة دي، توقفت أمام الدرج تنظر لأبنتها الصامتة
- قومي ياياسمينا اجهزي. أنا مستحيل اقعد في البيت دا ثانية واحدة بعد المهذلة دي.

عند جواد وغزل
ترّجل من السيارة متجها لسيارة بيجاد
دنى منه بخطوات هادئة وعلى وجهه ابتسامة سخرية
- طبعا عقلك الصغير فهمك إني مش هاخد بالي إني متراقب. أمال يداعب خصلاته بفوضوية وتحدث بإستفزاز
- أهبل يابن المنشاوي
قوس بيجاد فمه بسخرية وتحدث قائلا: - لا فعلا بوليسي بوليسي
قاطعه جواد بمراوغة.

هو انت مش عارف توصل الفندق لوحدك. فقولت أمشي ورا عمو جواد. قالها غامزا ثم أكمل ليستشيط الآخر: -وبعدين ناوي تشقط لك بنت وتروح تقضي ليلة في شيراتون ولا إيه
قطب بيجاد حاجبيه متسائلا
- شيراتون إيه اللي بتقول عليه
قهقه جواد بلا حرج وهو يشير على غزل
- اصلي رايح انفرد بمراتي شوية لقيتك ماشي ورايا. قولت يمكن عايز تنفرد إنت كمان.

ترجل بيجاد من السيارة. محاولا السيطرة على أعصابه حتى لا يلكم جواد ويسقط صف أسنانه البيضاء التي تظهر من كثرة الضحكات التي تكوي قلبه
زفر بيجاد وضيق عيناه وتحدث
- بقولك ياعمو جواد ميغركش اني ابن ناس. لا دا أنا صايع كبير أوي. يعني ممكن اخلعلك ام النظارة واللبس دا واعملك ابن من شبرا هنا فمن الآخر متنرفزنيش
قهقه جواد حتى شعر بإرتفاع ضغط دم بيجاد، رفع يديه أمامه وتحدث بهدوء على عكس ضحكاته.

- انت ماشي ورايا ليه يلا?
امسك بيجاد ياقة قميص جواد وتحدث بسخرية: - ناسي حضرتك إنك معلمي ومثلي الأعلى ياحبيبي
انزل جواد يديه بهدوء مستفز
- من الآخر يابن المنشاوي. أنا مش رايح لغنى. أرتاح وياريت ترجع مكان ماجيت
قالها متجها لسيارته. عقد بيجاد ذراعيه يستند على السيارة وهو يزفر بغضب بعدما تحرك جواد بسيارته
- فعلا لوا غتت. والله لأطلعوا عليك اصبر عليا بس أوصل لغنى وبعدين نتحاسب.

استقل جواد سيارته وهو يراقب الطريق. اتجه لغزل وتحدث
- كلمتِ يمنى.؟
هزت رأسها وهي تنظر لأبتعاد السيارة عن بيجاد. أدارت نفسها تتسائل
- بيجاد صعبان عليا أوي ياجواد. الولد حرام بيحب البنت جدا
كان ينظر للطريق بصمت ولم يرد على غزل. ولكن نظراته قاتمة يغمرها الغضب
وضعت غزل كفيها على ذراعيه حتى ينتبه لحديثها: - حبيبي بكلمك مش سامعني
هز رأسه بالموافقة
- سامعك ياحبيبي. طيب انت مش هتكلم غنى ترجع وتتفاهم معاه.

للحظة لم يستوعب جملتها فنظر وتسائل
- قصدك إن غنى هي اللي ظلمته ياغزل
هزت رأسها رافضة وتحدثت مفسرة
- مش قصدي كدا ياجواد. أنا قصدي إنها تمشي بالطريقة دي غلط. كان المفروض تقعد وتسمعله
أخذ جرعة كبيرة من الهواء يحبسه بداخله عله يهدئ من نيران الغضب الممزوج بالخوف على إبنته
- بنتك عايزة تبعد عشان تعرف هتقدر تعيش من غيره ولا لا. لو الولد ابنه ولو مش ابنه هتعرف تتلاشى وجوده عشان موضوع حملها.

أشار بأصبعه وأكمل بتوضيح
- انا طبعا مش معاها ابدا ياغزل. تنهد وأكمل: - متأكد أنه بيحبها زي ماأنا متأكد الولد مش ابنه
جحظت عين غزل وتحدثت
- إزاي متأكد إن الولد مش إبنه وانت اللي عمله التحليل
طرق على قيادة السيارة وهو يدندن وأجابها
- لأني غبي ياحبيبي مشغلتش دماغي للأسف غير بعد ماالولد جه وعمل حلوف كدا. بس منكرش وضح لي حاجات كنت غفلان عنها
قطبت مابين جبينها وتسائلت: - زي إيه ياجواد
اتجه بنظره لغزل وأجابها.

- ازاي اخدت العينة من غنى مش من الولد نفسه. وليه البنت راحت لغنى ومرحتش لنغم. وازاي عرفت ان غنى مش بتخلف مع إنها لسة خارجة من عمليات من تلات شهور بس. والأهم من دا كله
- ليه البنت ظهرت دلوقتي بالذات بعد موت شخص مهم في قضية المافيا وشريك جاكلين.
امسك كفي غزل وقبلها وتحدث
- ان شاء الله هعرف كل الأسئلة دي. وكويس إن بيجاد وغنى بعيد عن بعض
عند جاسر.

بعد إغلاقه مع فيروز اتجه للأسفل قابله أوس. نظر إليه بتمعن وترقب
- أوس مالك واقف كدا ليه؟
أجابه بإبتسامة باهتة خالية من مظاهر البهجة
- بشوف الغيوم لما بتغطي القمر بتخليه إزاي رغم انه من نص ساعة كان منور السماء
رفع حاجبه متزامنا مع شفته العلوية وتحدث بسخرية
- لا الباشمهندس مسوح على الآخر. الدنيا مقلوبة وحضرتك واقف تحللي القمر. يارب ارحمني، قالها جاسر متحركا للخارج. توقف أمام سيارته.

- أنا هوصل عمو باسم شوية. وماما وبابا هيباتوا عند غنى وياسين في الكلية. يعني مفيش غيرك في البيت تشاو ياحضرة المهندس، قاطعهم وصول جنى تقف أمام جاسر ودموعها تنسدل بقوة وتنظر إليه بغضب
- عايزة اتكلم معاك شوية
زفر بضيق ثم وضع كف يده على شعره وأرجعه للخلف بضيق في حركة تنم عن مدى غضبه من عمه.

سحبها من رسغها متجها بها لمكان بعيدا عن مرمى أوس الذي يراقب استياء جنى بجمود من عينيه بسبب تهورها وقربها الغير لائق بتربيتها من جواد يوم الحفل
جلس جاسر وأجلسها بجواره وتحدث بهدوء
- قبل أي حاجة انا ماليش دعوة بأي حاجة. انا زي زيك، بابا قالي اخطب جنى بنت عمك صهيب. فأنا وافقت عشان مزعلش عمي مني
- أكيد بتهزر وعايز تعمل مقلب مش كدا. ومن امتى وحد بيقدر يمشي قرار عليك وإنت مش موافق.

اقترب إليها ونظر إليها بتمعن ممسكا كفيها
- إنت بتثقي فيا ولا لا ياجنى
سحبت يدها من كفيه وارتجف قلبها من حديثه المبطن وأردفت بصوت باكي: - جاسر أنا هموت نفسي اتصرف وانهي المهزلة دي
وضع يده على صدره وصرخ باصطناع
- يالهوي هو أنا وحش لدرجة تخليكي تموتي كافرة يابت. والله يابنتي بترموا تحت رجلي كدا بس النفس
لكزته بكتفه وهي تضحك ثم أردفت: - بقولك بطل هزار ياجاسر وفكر ليه بابا وعمو عايزين يجوزونا لبعض.

قهقه بسخريه وأردف: - عشان الورث مايروحش للغريب
دفعته بقوة حتى سقط من المقعد وتحدثت بغضب صارخة
- دمك بارد واحد مستفز هتجيبه من برة يعني. عيلة كلها مجنونة على رأي بيجاد والله
قوس فمه وتحدث بإستفزاز: - يعني حبيب القلب دا مش من العيلة ولا من بنت عم العيلة يامهوسة.

نظر بساعته نهض مغادرا وهو يتحدث: - ابوكي عملي ابو لهب الأيام دي. خلينا معاه لما نشوفوا هيتوب ويرجع لعقله ولا هيفضل بشغل الجاهلية بتاعه. سلام خطيبتي الحلوة
ضربت قدمها بالأرض وصرخت به. واحد سيلي وبايخ. يارب ماتوصل لفيروز يابعيد
- سامعك ياخطيبتي. انا رايح لحبيتي ياخطبتي تيجي اعرفكوا على بعض. ماهو هتكونوا ضراير بعد كدا
انخفضت بجسدها وامسك طابو التنس والقته برأسه.

- امشي ياجاسر بدل مااموتك وادخل فيك السجن، قهقه وتراقص بحاجبه وهو يرفع يديه باستسلام بعدما وجدها تتجه إليه بمضرب التنس ووجها يسيطر عليه الغضب
استقل سيارته بسرعة وغادر وهو يشير بيديه إليها واخرج رأسه قائلا
- لا طلعتي قطة وبتخربشي يابت ياجنون. تصدقي لازم افكر جديا فيكي انت كمان.

القت به المضرب. تفاده جاسر بمهارة عندما اسرع بسيارته وهو يقهقه عليها. كان هناك زوجين من العيون يراقبهما احدهما غاضبا والأخر تمنى ان يتم مايخطط له
خرج وقلبه ينزف بداخله، زفرة قوية محاولا السيطرة على غضبه: -ياترى هتقدر ياجاسر، هتقدر تتجوز واحدة وقلبك مع غيرها
عند باسم بالمزرعة
قام احد امنه المسؤل على حماية حياة وفيروز بعد خروجهم واتجاههم للمشفى.

- ايوة ياباسم باشا. السواق بيقول ان الهانم دخلت عمليات من نص ساعة وفيه كلام من الممرضة بتقول انها كانت حامل وفقدت الجنين
هب من مكانه فزعا وارتجف قلبه عندما استمع لكلاماته. وتسائل بصوتا مهزوز
- كانت حامل. متأكد يانعيم
اجابه على الجانب الآخر بتأكيد
- أيوة يافندم كانت حامل ودخلت عمليات من فترة وسألت الممرضة بنفسي وكمان فيه حاجه
اخرج ملابسه يرتديها سريعا وهو يصيح بصوتا جهوريا.

- متتكلم ياحيوان. بتنقطني بالكلام
حمحم نعيم وأكمل
-عندها نزيف والدكتورة بتقول مش عارفة تسيطر عليه الا في حالة واحدة ودا لازم يكون بموافقة جوزها
هزة عنيفة اصابت جسده بالكامل وشعوره بفقدان وعيه مما وصل تخيله لمفهوم حديث نعيم فتحدث بشفتين مرتجفتين
- محدش يعمل حاجه أنا عشر دقايق وأكون عندكم
عند غنى ويمنى
خرج الطبيب من غرفتها وهو يتحدث مع يمنى.

- العلاج دا هتاخده بإستمرار. ولازم تبعد عن اي تعصب عشان حالتها متدهورش وتدخل في إنهيار عصبي زي اللي حصل من شوية. انا ادتلها مهدئ هو كويس مفهوش ضرر للي زيها بس مينفعش تاخد منه تاني. لازم تبعد عن كل حاجة بتأذي نفسيتها. وكتبت لها على شوية فيتامنيات عشان هي ضعيفة أوي
قطبت يمنى مابين حاجبيها وتسائلت
- هي عندها إيه يادكتور. حضرتك بتقول فيتامنيات
ابتسم الطبيب وأردف قائلا.

- ايه يايمنى متعرفيش ان مدام غنى حامل في شهرين
شهقت شهقة ثم جحظت عيناها بذهول وهي تضحك وتبكي في نفس الوقت. أمسكت بيد الطبيب الذي يقربها
- قول والله غنى حامل. يعنى الأغماء دا من الحمل مش الانهيار
أسبل جفنيه يحاول الثبات أمامها فهي كالطفلة البريئة فتحدث أمامها قائلا بصوت متحشرج
- عقبالك ان شاء يايمنى
هزة أصابتها مما جعلت قلبها يأن وجعا. فنظرت للأسفل واردفت بصوتا متقطع.

- كل شئ قسمة ونصيب. الحمد لله. المهم طمني على غنى وضعها إيه عايزة أعرف كل حاجة خاصة بيها. متعرفش الحمل دا جه في وقت عصيب إزاي
هز رأسه وتحدث وهو بإستعداد الخروج
- دا تعرفيه لما تعمل شوية تحاليل وكمان سونار عشان نعرف وضع الجنين
اومأت برأسها وابتسمت
- ان شاء الله من الفجر هتلاقينا عندك في العيادة. هي هتفضل نايمة لحد إمتى
نظر لساعته وأجابها
- مش قبل ساعتين. لو عايزة اشوف حد يجبلك الدوا ويبعتهولك.

هزت رأسها رافضة وتحدثت
- لا عمو جواد باباها ومامتها في الطريق نص ساعة ويكونوا هنا
عند عز وربى.

حاولت ربى السباحة حتى تخرج او تقترب من الشاطئ ولكن علو الموج واصطدامه بالشاطئ كان قويا. انسدلت دموعها وهي ترى موتها امام عيناها. دعت ربها تستنجد به ولم يمر سوى لحظات ووجدت الذي يجذبها بقوة ويضمها لصدره محاولا الخروج باقصى سرعة في هدوء لحظي للموج. كانت ربى في هذه الأثناء فقدت الحركة والحديث. اغمضت عيناها باستعدادها لمقابلة مصيرها المجهول. ولكنها شعرت بنفسه عندما قربها من صدره وهو يجازف الأمواج حتى يخرج بها. ذهبت بعدها بغمامة سوداء لا تشعر بما يدور حولها يكفي ارتعابها بتلك اللحظات.

وصل عز أخيرا للشاطئ. انزلها بهدوء محاولا السيطرة على دموعه عندما تخيل انه كاد سيفقدها للأبد. وضع انامله بارتجاف يتحسس نبضها. اغمض عيناه محاولا أخذ نفسا بهدوء وطرده على فترات بعدما شعر بإصابة حنجرته
ضرب بخفة على وجهه
- روبي حبيبي. فوقي ياقلبي إنتِ خلاص في أمان. ظل يكررها عدة مرات ثم قام بحملها متجها بها لشالية الخاص بهما الذي يقرب البحر بعدة امتار.

دلف للداخل وحاول إيفاقتها إلى ان استجابت أخيرا لمحاولته
فتحت عيناها تنظر بذهول حولها واردفت بصوتا يكاد يسمع
- انا لسة عايشة
جذبها بقوة لأحضانه وكاد يموت خوفا عليها من فكرة فقدانها
- ينفع كدا تموتيني من الخوف عليكي. ضربها بخفة على ظهرها
- اعمل فيكي ايه دلوقتي بعد الرعب اللي عيشتيني فيه
- حميني وانت تنسى
جحظت عيناه من كلماتها. اخرجها من حضنه وهو ينظر إليها بذهول.

- وحياة ربنا انت وابوكي ناوين على موتي. ماهو انا بعد اللي اتعمل فيا مش هخلف خلاص عرفت نصيبي. بقى انا ميت من الرعب وركبي بتخبط في بعضها وانتِ بتردي بهدوء وبتقولي حميني وانسى...
نظر إليها وضيق عيناه ثم تحدث
- من عيني ياحوريتي انتِ اللي جبتيه لنفسك. انا مش هحميكي بس لا وحياة ابوكي لمرشك مرشة مستحمهاش واحد معفن اصبري عليا بس.

نهض متجها للمرحاض. اما هي هنا فقدت السيطرة وبدأت دموعها تنسدل بقوة كلما تذكرت كان بينها وبين الموت شعرة. ماذا كان سيفعل لو اصابها مكروه. وضعت كفيها على اذنيها تمنع صوت صياحه وانهياره الذي خُيل لها وتبكي بقوة حتى وصل عز إليها سريعا يضمها لصدره بقوة
- إشش اهدي كل حاجة خلاص انتهت انتِ هنا في حضني. كنت عارف إنك بتقولي كدا عشان متزعلنيش أنا كويس اهدي حبيبي
ضمت نفسها بقوة لأحضانه واردفت باكية.

- صدقني حبيبي مكنتش أعرف أن دا كله هيحصل. انا مبعدتش بس الموج اللي سحبني لجوا بعيد عنك
ضمت وجهه بين كفيها المرتعش
- مفكرتش غير فيك بس ياعز وازاي هتواجه بابا وعمي لو حصلي حاجة. انا كان بيني وبين الموت لحظات، احتضن شفتيها. قبلات بطعم دموعهما التي انسدلت منهما سويا. من فكرة فقدان أحدهما للأخر. حتى وصل بها لجنة لا يدخلها سواهما
عند جواد حازم ومليكة
جلست مليكة أمام صهيب ثم نظرت لجواد وابتسمت متجه لصهيب.

- انا جاية وعايزة منك طلب ياصهيب وبتمنى متكسفنيش، ، قاطعها صهيب وهو يبتسم قائلا
- قبل اي حاجة مش تباركي لجنى الاول يامليكة. بكرة هتتخطب لجاسر. جواد كان هنا من شوية هو وجاسر واتفقنا على خطوبة على الضيق كدا بسبب ظروف غنى بس
صاعقة ضربت كلا من مليكة وجواد. الذي هب واقفا وتحدث بغضب
- أكيد بتهزر ياخالو. جاسر ازاي يخطب جنى وهو عارف اننا بنحب بعض
تدخل حازم الذي وصل للتو.

- ألف مبروك ياصهيب. هقولك ايه غير جاسر زيه زي جواد اللتنين اخوات ياحبيبي. مش كدا يامليكة
نهضت مليكة تنظر بذهول لأخيها وتلالأت دموعها بعينيها
- ليه ياصهيب إنت وجواد تكسروا ابني كدا
مسح صهيب على وجهه بغضب واردف
- ليه بتقولي كدا يامليكة. ليه دايما بتحسسينا إننا بنعمل فرق بين الولاد. عمري فرقت بينهم. لما جيتي طلبت ربى لجواد أنا قولتلك ايه وقتها. افتكري.

- قولتلك لو البنت وافقت هوصلها لعندك. وقبل ماتقولي حاجة مكنتش اعرف بحب عز والله. جواد بس اللي كان عارف. ورغم كدا ابني كان بيضحي بحياته في سبيل ابنك قلبه مايتكسرش
زفر بغضب ينظر لجواد ثم اردف بحزن
- وكان المقابل ان ابني كان هيموت. وبرضوا كان متنازل عن حبه عشان اخوه
تنهد واكمل
- واخوه كان بيحاول يكسره مش دي الحقيقة.

اتجه جواد لصهيب وتحدث بهدوء رغم نيران صدره: - والله ياخالو كنت عايز اعرف عز فعلا بيحب ربى ولا تعود منه وبس. مكنتش ناوي أذيه ابدا
- وتمثيلك انك بتحب بنتي واوهمتها بحبك وكسرت قلبها وانت بتقول لأبوك انا كنت واخدها مسكن
صدمة اصابت مليكة تنظر لأبنها
- إيه الكلام دا ياجواد، تحرك صهيب ينظر لمقلتي جواد واردف غاضبا.

- ولما ابنك يحاول يقرب من بنتي بطريقة غير شرعية دا اسميه ايه يامليكة. ياريت قبل ماتتهمينا. ياخسارة تربيتنا فيك يابني
أشار باصبعه لمليكة عندما حاولت الحديث وأكمل
- لو تقى جنى. هترضي تجوزيها لواحد لعب بمشاعرها.

- بس انا فعلا بحبها ياخالو. والله بحبها وموضوع قربي منها دا كان لحظة شيطان مني لما سمعت واحد بيقول لحضرتك في الفرح انه يتمنى يناسبك ويجوز جنى لأبنه. كنت عايز أثبت لحضرتك ولدنيا كلها انها ملكي أنا وبس. ومستحيل حد يقرب منها
اقترب من جنى التي وصلت عندما استمعت لصياحه بالأسفل، امسك يديها امامهم وتحدث
- قولي لخالو اننا بنحب بعض. عرفيه اني مخدعتكيش. ساكتة ليه
اقترب صهيب وفصل كفيهما عن بعضهما وتحدث.

- جواد متخلنيش ازعلك يابني. إنت غالي اه. لكن مش اغلى بنتي
صدمة آخرى على رأسها مما جعلها تنظر لصهيب وتحدثت بدموع
- لو حد قالي إنك ممكن تتغير بالطريقة دي ياصهيب مكنتش هصدق ابدا
اشاح صهيب بعينيه بعيدا عنها ثم تحدث قائلا بصوتا حزين
- انا خايف على بنتي يامليكة. مش عايز بنتي تعيش في كذبة وتقوم على كابوس
تدخل حازم يضم مليكه من أكتافه.

- اعمل ال انت شايفه صح لبنتك ياصهيب. بس قبل اي حاجة يارب انت ال متكسرهاش بإيدك. قالها ثم جذب مليكة التي مازالت تنظر لصهيب، نهضت من مقعدها متجه نحوه تربت على كتفه قائلة
- انا زمان فقدت مازن ياصهيب وهو عنده عشر سنين فاكر وقتها قولتلي ايه
- لو طلبتي روحي ياملاكي مش هتأخر عليكي. ودلوقتي أنا بقولك يااخويا
مفيش حد قدك انت وجواد كسرتوني النهاردة. هو يوم مارفض بنتي لأوس وانت رفضت جنى لجواد...

لأول مرة تشعر بالقهر وقد كان بيد داعمها الاول جواظ فهو كان مصدر قوتها وحنانها والآن صهيب
كدا باقي سيف. ياترى هو كمان هيجي في يوم ويكسرني. قالتها مليكة بحزن ملأ قلبها
كان جواد ينظر لجنى التي تبكي بصمت. اتجه بنظره لصهيب وتحدث
- انا همشي ياخالو بس قبل ماامشي وعد مني مش هتكلم تاني في الموضوع دا. بس عايز أسمع ان جنى موافقة على جاسر ولا لا
هنا نظر صهيب لجواد بصدمة. رفع نظره لجنى التي تنظر للأسفل
جذبه حازم.

- كفاية ياجواد بقى تعالى.
توقف امامها وتسائل
- ايه ياجنى ساكتة ليه. إنتِ موافقة على جاسر، نظرت جنى لوالدها الذي اغمض عيناه قابضا على كفيه بقو، تنهد صهيب بألما واضعا رأسه بين كفيه. تذكرت جنى حديث جاسر وحديث والدها فتحدثت
- انا موافقة ياجواد على جاسر. مش مستعدة انكسر تاني، قالتها ثم صعدت للأعلى ودموعها تسبقها لتحرق وجنتيها بقوة
وصل جواد وغزل لغنى التي تجلس بشاليه خاص بريان المنشاوي بالأسكندرية.

دلف جواد وغزل للداخل قابلتهما يمنى مبتسمة والسعادة تملئ عيناها. اسرعت لغزل تلقي نفسها بأحضانها
- النهارده اقدر اقول لبيجاد المنشاوي يكتبلي الشاليه دا بإسمي.
قطب جواد حاجبيه وتسائل
- يارب صبرني على المجانين اللي في كل حتة. انتِ يابنتي كنت سايبك بعقلك. هي غنى جننتك ولا إيه يابنتي
اقتربت منه تضحك بحبور
- مبروك ياجدو، يعني ممكن نقدر نقول ياسبع شهور ياستة. معرفش الصراحة كام شهر بالضبط هتصبح جدو.

اهتزت نظرات جواد وهو ينظر لغزل ويشير بيديه
- البنت دي هبلة ولا إيه. ولا انا اللي بقيت بتهيألي حاجات غريبة
امسكت غزل يدها
- غنى حامل مش دا قصدك. نظر جواد لغزل بصدمة وتسائل
- افهم من كدا ايه ياغزل، إنك كنتي عارفة
اقتربت من زوجها مبتسمة
- جواد أنا كنت شاكة مش متاكدة. آخر مرة كنت هنا، وحالتها ال كانت بها بس. مردتش اخليها تعشم في حاجة. وزي ماتوقعت الحمل تم والحمد لله.

ابتسم جواد وهو يرجع خصلاته للخلف. يضحك بحبور، مردفا بسعادة
- ازاي اتاكدوا يايمنى
- الدكتور كان هنا ياعمو واكدلي. وكتب علاج اتصلت بالصيدلية وجبته
ضحك جواد بصخب وهو يضم غزل يحمد الله
- الحمد لله. يااااه دا مش الشالية بس يابنتي اللي تستحقيه والله. الخبر دا كافي لسعادة الدنيا كلها
اتجه ببصره لغزل مضيقا عيناه
- ايه يازوزو مش فرحانة ليه
عقدت ذراعيها وتنهدت بحزن
- بيجاد؟

قطب جبينه متسائلا: - ماله زفت بيجاد. ليه تعكريني بالسيرة الزفت دي
اقتربت وتحدثت: - لا والله مش ابوه. ولا بنتك متجوزة واحد تاني. تقدر تقولي هيعمل إيه لما يعرف. رفعت بصرها ليمنى
- هي نايمة من بدري
أومأت يمنى برأسها وتحدثت مبتسمة
- متعرفش لسة.
دلفت غزل وجواد للداخل بعدما استأذنت يمنى الذهاب لمنزل عمتها للأطمئنان عليها.

جلس جواد يقبل جبينها وسعادة الدنيا تتملك منه، كانت غزل تراقب سعادته بفرحة عارمة. تحمد ربها على حمل ابنتها الذي كان بيد الله
قاطعهم اتصال عثمان: - ايوا ياحضرة اللوا. زي ماحضرتك شكيت الراجل قتله في السجن. والدنيا اتقلبت. خايف اقول لباسم يولع فيا
نهض جواد وتسائل: - العتال لسة معرفش طبعا. وناجي فين أراضيه دلوقتى.

- العتال في لبنان من بعد حادثة باسم عشان اسمه جه في القضية إنت ناسي ابنه قال ايه. بس ناجي اللي مختفي. وفيه حاجة كمان فيه واحد مراقب حضرة الظابط جاسر هو ميعرفش. انا عيني عليه محبتش أدخل دلوقتي لما أعرف هو تبع مين
نظر جواد لغزل التي تجلس بجوار غنى تمسد على خصلاتها وتحدث بصوت خافت.

- ابني ياعثمان لو حصله حاجة اتلقى وعدك مني بقولك اهو. امنه كويس. واتصل بالزفت باسم وخليه يفوق لشغله. أنا ساعتين وأكون في القاهرة. واه كمان فيروز عرفت انهم ناوين يقتلوها
سحب نفسا طويلا وطرده ثم أكمل: - عايزك تراقب فيلا ناجي كويس من غير ماحد يحس. وكمان فيروز أمنها كويس عشان عرفت إن معاها ملفات هتوديهم في داهية وفي رؤوس كبيرة في البلد الملف طايلهم.

هقفل دلوقتي وهكلمك وأنا في الطريق. لو لقيت طيارة دلوقتي هنزل حالا
اجابه عثمان
- تمام ياريس. هتصل بباسم وافهمه الوضع
عند باسم دلف للمشفى كالثور الهائج وصل للغرفة المنشودة. وجدها متسطحة على الفراش لا حول لها ولا قوة. وتوصل بها الكثير من الأبر
نظر بغضب جحيمي لفيروز. يجذبها للخارج
- حياة كانت لسة حامل مش كدا
هزت رأسها بنعم عندما وجدت غضبه الجحيمي وأردفت: - هي كانت جاية تقولك بس معرفش ايه اللي حصل معاكوا.

لكم الحائط خلفها بقوة حتى شعرت بتمزق اوردته فنظرت لكفيه لتطمئن عليه ثم تحدثت: - ممكن تهدى عشان اعرف اتكلم مع حضرتك
حياة بتحبك جدا وعملت كدا عشان بعتوا حد المستشفى يتأكدوا من موت الجنين فكانت لازم تقولهم انها فقدت الجنين. وكمان بعد محاولتهم قتلك للمرة التانية وانت بالمستشفى.
آهة صارخة خرجت من جوفه وهو يحطم كل مايقابله
- ليه ياحياة. ليه دايما مش واثقة فيا. لدرجة دي مش شيفاني راجل هقدر احميها هي وابني.

وقفت أمامه وأردفت بغضب: - تثق فيك إزاي وإنت بين الحيا والموت وكمان حتى لو كنت كويس. كان دايما إهانة. نسيت ولا لا ياحضرة العقيد
دفعها بقوة كادت أن تسقط لولا يدي جاسر. يضمها بذراعيه ينظر لباسم بغضب: - ايه ياعمو باسم. اهدى
أشار بيديه عندما غضبه وصل ذروته
- خدها من قدامي عشان هموتها
ارتعش جسد فيروز وهي بأحضان جاسر.

كانت تقاوم نفسها بشدة حينما تغلغلت رائحته لرئتيها. ودون أن تشعر بنفسها اقتربت منه أكثر تضم نفسها إليه وهو يتحدث مع باسم ولم يشعر بها إلا حينما وضعت رأسها على صدره وهمهمت
- وحشتني أوي. ياريته كان موتني عشان متعذبش ببعدك كدا
أغمض عيناه وصورة ابنة عمه أمام ناظريه وحديثها.

- كلم بابا ياجاسر خليه يوافق على جوازي سحب نفسًا حتى يستعد سيطرته على حاله. لم يدر ماذا يفعل وكأن عقله تركه بالكامل والمتحكم الأول قلبه الذي فقده السيطرة على نفسه وكأنها جنى، طالعها حينما تركها تضمه وهو يقف كفاقد الحركة والنطق و مافعلته راق له
تحرك باسم متجها لغرفة حياة. بينما جاسر الذي فقد النطق والحركة تماما عندما أردفت فيروز
- جاسر. ساكت ليه.

اخيرا خرج من حالته وتحدث بصوتا جعله متوازنا. رفع نظره و تحمحم كي يجلي صوته عندما فاق مما فيه
-
مينفعش كدا. لو سمحتِ ابعدي. قالها بصوتا مهزوز
خرجت عندما تلألأت مقلتيها بالدموع من جموده فأردفت
- آسفة. قالتها ثم غادرت متجه للمرحاض سريعا
وقف بغضب شديد يعنف حاله عندما شعر بضعفه ولم يفلح في كبح جماحه أمامها وفقد السيطرة بالكامل. مسح على وجهه بعنف كاد أن يقتلع جلده، ثم بدأ يتنفس بهدوء عله يعبأ رئتيه بالهواء.

يارب قويني
عند ربى وعز
جلس يضمها لأحضانه وسألها بهمس
- كويسه حبيبتي دلوقتي...
اومأت له ايجاب بخجل دون حديث
ارجع رأسه مستندا للخلف مستندا على الفراش مغمضا عيناه فمازال شعور الخوف من فقدانها يسيطر عليها
رفعت رأسها تنظر إليه وإلى حركاته الأنفعالية التي حاول أن يسيطر عليها أمامها اعتدلت بجسدها تملس على خديه
- زيزو انت نمت ولا إيه نسيت انك هتحميني.

فتح عيناه ينظر إليها بصدمة. ثم ظل يقهقه بضحكات صاخبة ويضرب على كفيه
- وحياة ربنا انا هدخل مستشفى المجانين يارب صبرني
كزت على شفتيها السفلية واردفت بدلال: - بطل ضحك. عشان ضحكتك حلوة
دنى من وجهها وتحدث غامزا بعينيه
- بقولك ياروبي ماتيجي اغرقك في البحر. عشان أشوف غرقان من نوع تاني
لكمته بصدره وحاولت التملص من قبضته
- اتلم ياعز انت كدا ياحبيبي الحبوب دي مش هتعمل معاك حاجة دا إنت عايز جميع الوسائل.

رمش بعينيه عدة مرات يحاول استيعاب ماتقوله ثم رفع ذقنها وتسائل مستفسرا: - اوعي أكون فهمت غلط. والله هعملك قتيل. يخربيتك يابنت جواد دا أنا لسه عريس
ابتسامة جذابة خرجت من ثغرها حتى كست حمرة الخجل وجنتيها مما جعلها حورية ساحرة ستؤدي به للهلاك لا محالة
- ماهو مش معقول كدا ياعز. دا انت يابني
قاطع حديثها عندما دفعها على الفراش وحجزها بين ذراعيه. وابتسامة خبيثة وعيون راغبة بزوجته.

- طيب قوليلي فيه راجل عاقل يكون معاه حورية البحر ويكون مؤدب. وبعدين وسايل إيه ياهبلة دي اللي عايزاها تنفع مع عز. وحياة عمو جواد لأرجعله بحفيد، قالها غامزا بعينيه. لم تدر بنفسها إلا عندما انتشلها لعالمه الخاص. عالم ساحرا شغوفا بالعشق لكلاهما
عند أوس.

يجلس يعمل على جهازه المحمول قاطعه اشعار لهاتفه. فتح هاتفه إعتقادا من زوجته ولكن جحظت عيناه عندما وجد ريان في مؤتمر صحفي ويوجد العديد من القنوات والمجلات الأخبارية
جلس ريان أمامهم وتحدث بثبات
- طبعا حضراتكم عايزين تعرفوا ليه المؤتمر دا. عشان اجوبكم على اسئلتكم
استدار ينظر لجهة الصحفي الذي سأله
- فيه اخبار مسربة إن ابن حضرتك الكابتن بيجاد المنشاوي على علاقة غير شرعية بزميلة له في الضيافة.

اجابه ريان بهدوء رغم شعوره بالغضب
- انا ابني مالوش علاقات غير شرعية. وصاحبة الشأن معايا هنا. دي مراته من فترة وانفصلوا ورجعت وكالطبيعي إنها ترجع لجوزها بعد ماانا عرفت إن ابني له ولد.
تنهد بهدوء وأكمل
- ايوة كان متجوزها في السر وقبل ماتسألوا دي حياته الخاصة ومينفعش ادخل فيها
اتجهت احدى الصحفيات وسألته.

- وغنى الألفي هترضى بزواجه المفاجئ. طبعا احنا متابعين أخباركم وعرفنا فيه انفصال بينها وبين جوزها بعد ماعرفت أنه على علاقة بأخرى
أجابها ريان
- بيجاد وغنى الألفي انفصلوا من فترة ودا مش بسبب علاقته زي ماحضرتك قولتي لا اللتنين مش متفقين ودا بيحصل كتير
- يعني غنى الألفي إطلقت من بيجاد المنشاوي بسبب انها مبتخلفش زي ماسمعنا.

- أيوة. أجاب بها ريان بهدوء واكمل وكل الشراكة اللي بينا انتهت. يارب تكون الاجابة وصلت. احنا انفصلنا مش جواز بس لا. حتى الشغل. يعني شغلهم لوحده وشغلنا لوحده
نهض ريان بعدما تدخل بعض الصحفيين بأسئلة غير منطقية ثم أردف
- الاخبار المهمة قولتها. بلاش تفاصيل في حياة الأخرين. غنى بتخلف ولا مابتخلفش دا هي تجاوبه. ابني هيرجع مراته ام ابنه وبس الأسبوع الجاي وكلكم معزومين على الفرح.

انتهى اللقاء. اتمنى تعذروني عن باقي الأسئلة الغير منطقية. وعندكم والدة الطفل ومرات ابني اكدت لكم إنهم كانوا متجوزين. يعني معملتش تحاليل نسب ولا حاجة. بعد اذنكم
صدمة بل صاعقة أصابته بقوة حتى شعر بفقدانه الوعي وهو يهذى ببعض الكلمات
- ايه اللي بيحصل. بيجاد كان متجوز وعنده ابن. واعترف بيه. هز رأسه رافضا ثم تناول هاتفه يتحدث
- ياسمين ايه اللي بيحصل. وازاي والدك يقول كدا.

انسدلت عبراتها وهي تضع رأسها بأحضان والدتها ولم تقو على الحديث
امسكت نغم الهاتف وأجابت: - أوس ياسمين تعبانة دلوقتي حبيبي ممكن تتصل كمان شوية. احنا رايحين الغردقة. لما نوصل هنكلمك
دلف صهيب بهذه الأثناء يسأل على جواد
خرج أوس بعدما استمع لصوته
- عمو صهيب هو فيه بيحصل بالظبط. انا لسة شايف المؤتمر الخاص بعمو ريان
اقترب صهيب وتسائل.

- باباك فين. ماهو انا برضو مش فاهم ليه ريان عمل كدا. دا كدا نزل اسهم الشركات بالأرض. لكم المنضدة وصاح
- ماهو اكيد ريان مش مجنون عشان يعمل حركة زي دي يضيعنا كدا
سقطت كلمات صهيب فوق مسامع اوس كسقوط نيزك
- يعني عمو ريان عايز يحطمنا. دا الاجابة الوحيدة من طريقته دي. وليه مقتنع ان الولد حفيده. رغم بيجاد اكدله. ليه اتسرع وليه مؤتمر صحفي كبير كدا. لا فيه حاجة غلط.

ارجع صهيب خصلات شعره للخلف وهو يدور كالمجنون وخاصة بعد دخول حازم وسيف
- ايه كم الصحفيين اللي برا دول ياصهيب. وايه اللي ريان عمله دا. معقول يخسف بينا كدا
ركل صهيب المقعد بقدمه وصاح بغضب
- معرفااااااش قالها بغضب. ليه ريان دمرنا بالطريقة دي. وليه اعلن انفصال ابنه عن بنتنا
عند بيجاد وصل لمنزله وجد كم هائل من الصحفيين أمام منزله. اسرع البعض إليه.

- كابتن بيجاد المنشاوي عرفنا من والد حضرتك حقيقة انفصالك عن غنى الألفي. وانك كنت متجوز من تاليا المرشدي وعندك ولد.
هزة عنيفة أصابت جسده وهو ينظر إليهم بعجز وجهلا معا. لا يعلم ماذا يفعل
اتجه سريعا لسيارته واستقلها
عند جواد بعد تركه لغنى تذكر عندما فتحت عيناها ووجدت والدها ووالدها أمامها
- بابي انت هنا. امسكت غزل كفيها تقبلها
حمدالله على سلامتك ياقلبي. كدا تخضي ماما ياغنى
ابتسمت لها.

- آسفة يامامي انا محستش بنفسي بعد ماسمعت بيجاد وهو بيحلف أنه هيتجوز
ضمتها والدتها عندما بكت بقوة
- ماما مش قادرة أعيش من غيره. حاولت ومش قادرة ياماما. أنا خلاص هرجع وراضية أكون زوجة تانية
جذبها جواد من أحضان والدتها ممسكا وجهها بين كفيها ثم أردف بغضب
- مش بنت جواد الألفي اللي تكون بالضعف دا. فوقي كدا ياغنى. دافعي عن جوزك مترضيش بالأمر الواقع. وعايز اكدلك حاجة.

- انا لو كنت شكيت في بيجاد لحظة كنت مستحيل اخليها يكمل جوازه.
مسح دموعها
- عندي امل كبير يابنتي ان الولد ميكونش ابنه. وكمان تمسكه بيكي المفروض يخليكي تحاربي مش تضعفي وتتخبي زي ال عامل عملة
جذبها لأحضانه وأكمل: - الولد بيحبك إنت بجنون دا عايز يقتلني صدقيني. دا وانتِ لوحدك تخيلي بقى لو عرف إنك حامل. وحياة والدتك دي. لو عرف هيجيب طبنجة ويفرغها كلها فيا.

اختلج صدرها الكثير من المشاعر بعدما استمعت لحديث والدها
- حضرتك قولت حامل. هي مين دي يابابي
ابتسمت غزل بحبور وتحدثت بسعادة
- ايه ياغنى مش واخدة بالك من بابي اللي شكله صغر عشرين سنة بعد ماعرف اميرته حامل وهيبقى جد كمان
بس هيكون احلى جد. حبيبي ياجدو جواد
قالتها بدلال اشعل رغبته فقال بخفوت دغدغ مشاعرها
- وأحلى نانا وتيزا ياحبيبة قلبي إنتِ.

لم تدر غنى بما يدور حولها من غزل والديها ببعضهما. وضعت يديها على أحشائها وهمست بابتسامة: -أنا حامل. والله حامل. يعني هيكون ليا ابن من بيجاد
ضحك جواد بصخب على ابنته ثم ضربها بخفة على رأسها
- ايوة ياختي حامل من الزفت ال ربنا يصبرني عليه بعد مايعرف هيتحول لمجرم وانا ضحيته
ضحكت غزل وهي تنظر لزوجها حتى ادمعت عيناها وتحدثت قائلة
- طيب خليه يقرب منك كدا وأنا اكله واقرقشه.

رفعت غنى حاجبيه وتحدثت ومازالت السعادة تطفو على وجهها
- لا ياماما بلاش تكوني قاسية بيجاد حنين والله. هو نرفوز شوية، لكن مستحيل يأذي بابا
أشار جواد لغزل
- بقولك يازوزو تعالي عايز اباركلك على انك هتكوني تيزا جميلة كدا. وسيبك من بنتك اللي هيمانة بابن المنشاوي دا
هزت رأسها وهي تضحك
- قوم ياحبيبي شوف شغلك. قاطع حديثهما رنين هاتفه
- ايوة ياعثمان
- فيه هجوم على مزرعة باسم ياحضرة اللوا، ودي ناس متدربة كويس.

تحرك وهو يشير لزوجته
- غزل خلي بالك منها. وبلاش بيجاد يعرف دلوقتي. أنا مضطر أرجع القاهرة حالا. سلام يانَاناَ. قالها وهو يرسل إليها قُبلة بالهواء
خرج من شروده على رنين هاتفه
- أيوة ياعثمان أنا لسة في إسكندرية
- معرفش فيه حاجة غلط بتحصل ياحضرة اللوا. باسم مش عارف اوصله. والراجل بتاعنا بيقول رايحين المستشفى
معرفش بيدورا على ايه
اغلق جواد بعدما تحدث.

- أمن المستشفى كويس. وأنا هعمل اتصالتي. ازاي قوة جهازنا مش عارفين تسيطروا عليهم ياعثمان هو أنا لازم اعمل كل حاجة
امسك هاتفه وهو يبتسم بسخرية
- لما اشوفك يابيجاد هتعمل ايه لما تعرف مراتك حامل. ومش عارف توصلها
قام بالرنين على هاتفه. كان بيجاد يقود بسرعة جنونية متجها لوالده، استمع لرنين هاتفه، فتح الخط واجابه.

- متقولش انك عرفت الأخبار وجاي تطلع غلبك فيا وحياة ربي لسة عارف دلوقتي. ولازم اهد المعبد عليك وعلى ابن المنشاوي.
لم يدر بما يقوله بيجاد ورغم ذلك اطلق ضحكات صاخبة مما جعل الأخر يذهل منه حتى توقف بسيارته
- لا ماهو مش معقول تكون ليك نفس تضحك. ياأما انك شمتان
بيجو حبيب قلبي والله يلا? أنا بحبك اكتر مابحب ام كلثوم
التو فم بيجاد بسخرية وهمس
- دا شكله نايم في العسل ماوصلوش الأخبار. اجابه بدهاء وسخريه.

حضرة اللوا جواد الألفي
- وأنا بحبك اكتر من حبي للعندليب. ياله هات أخرك
اطلق جواد ضحكاته واكمل بذكاء
- عندي خبر يخليك تطير مكان طيارتك اللي عاملي فيها سبع البرمبة
زفر بيجاد بحنق شديد طاحنا ضروسه
- بقولك ياحمايا ياتقول ياتقفل وحياة بنتك دماغي فيها مليون حاجة
كز جواد على شفتيه وأكمل
- طيب لو قولت وحياة ابنك يلا? هتدفع كام
ارجع بيجاد خصلاته بعنف وصاح بغضب.

- انا ماليش ولاد، ومش ناوي يكون ليا ولاد يارب ترتاح وتريح بنتك. اللي وحياة ربي لما اقابلها لأخلص وجع قلبي منها
هدأ جواد قليلا وتحدث بهدوء
- بيجاد أنا بتكلم جد، مبروك يابيجو هتكون أب، وربنا يتمم حملها. انا مش قاسي ولا وحش زي ماحضرتك بتقول
نظر من نافذة السيارة وأكمل حديثه بإبانة.

- غنى بعدت عشان تاخد قرار صح وبس يارب تحترم رغبتها يابني. ومبروك للمرة التانية وصدقني بكرة هكلمك وابعتلك عنوانها وترحلها عشان كدا لازم تصفوا لبعض مينفعش انها تفضل معاندة بالبعد كدا. ودا من شطارتك وحبك ليها. قالها جواد ثم اغلق الهاتف
توقف بيجاد يردد حديثه.

- انا مفهمتش الراجل دا بيقول ايه. والله شكله ناوي يموتني. يايجنني. مش فاضيلك ياحمايا دلوقتي. اشوف ابن المنشاوي دلوقتي وبعدين ارجعلك يابن الألفي. ربنا يصبرني عليكوا
قام جواد الأتصال بجاسر
- انت فين دلوقتي ياجاسر
- إحنا في المستشفى يابابا. مرات عمو باسم فقدت الجنين وحالتها خطيرة
- جنين تسائل بها جواد
مسح جاسر على وجهه بغضب
- أيوة للأسف كانت لسة حامل. وفيروز قاطعه جواد.

- اخرجوا من المستشفى فورا ياجاسر وأنا في الطريق. و خد فيروز عندنا في البيت. وكمان خلي باسم يودي حياة عندنا. ولو اتقابلت مع بيجاد بلاش تهور
قاطعهم إتصال صهيب
اقفل دلوقتي وهكلمك تاني
ايوة ياصهيب قالها جواد بعدما توقف على جانب الطريق
- جواد انت فين؟
قطب مابين جبينه وتسائل
- فيه ايه يابني ماتقول على طول
- شوفت ريان عمل ايه
زفر جواد بغضب ثم صاح
- صهههههيب أنا مش فاضي للألغازك قول إيه اللي حصل؟

قص له ماصار مما جعل جواد يقود سيارته عائدا لمنزل ريان الذي يبعده ببعض الكليومترات.
ف أمسك قلبي عنك
وأنت قلبي، وكيف أغض
بصري فيك وأنت كلي
وسلاما على نبض أنت ساكنه
كم أعشق حروفي لأنها تجعلني ألتقي بك
كلما اشتقت إليك فهو لقاء دون موعد
تشعرني بوجودك معي
أينما كنت حتى في غيابك
وكم أحسدها عندما تقبل عينيك، وأنت تقرأها
بالقاهرة وخاصة بمشفى الألفي
كان يجلس على المقعد بجوارها يحتوي كفيها بين راحتيه. رفعها على فمه ثم قبلها وانسدلت عبراته رغما عنه.

رعشة قوية أصابت جسده عندما أستمع لهمساتها بإسمه. انسدلت عبراته بغزارة من مقلتيه وأخذت شفتيه ترتجف عندما فتحت عيناها تضع يدها على أحشائها
- باسم ابني!
قبّل جبينها وبدأ يمسد على خصلاتها بحنان وأردف من بين دموعه: - حاسة بإيه دلوقتي ياحبيبتي؟
أطبقت جفنيه وتحدثت: - بطني بتوجعني أوي، قالتها بصوتا مهموس متقطع. ثم ذهبت بنومها مرة أخرى
لمس خديها بإبهامه وهمس بجوار أذنها.

- سلامتك من الألم ياروح قلبي. قالها عندما اقترب يقبل ثغرها بهدوء، رغم نيران صدره الضاربة به بقوة
دلف جاسر إليه وتحدث سريعا: - عمو باسم لازم نتحرك من المستشفى. بابا اتصل فيه هجوم على المستشفى وكمان عثمان بيحاول يوصلك
اخذ نفسا وطرده ثم مشط بعينيه الغرفة
- فين فيروز، توقف باسم ينظر من نافذة المشفى وقام بعدة إتصالات
رفع بصره لجاسر.

أنا هنزل بحياة من الباب الخلفي هما عايزيني أنا. وإنت هتاخدهم على المزرعة وكمان الدكتورة هتكون معاكم
هز رأسه رافضا وتحدث قائلا: -انا مش هتحرك من غيرك. المهم نخرج من هنا وبعدين هما عايزينك إنت ليه.
اعدل من وضعية حياة وصاح به
- اتحرك ياجاسر مش عايز كلام كتير. الأمن وصل تحت معنى كدا الموضوع كبير مش مجرد اتنين مجرمين هنتقاتل معاهم
زفر بغضب يمسح على وجهه عندما استمع من خلال جهازه اللاسلكي.

- المشفى محاصرة يافندم وخرجنا الدكاترة بأمان. لكن هناك مشاكل مع المرضى فيه منهم حالته خطيرة وكمان فيه في العمليات
أجابه باسم سريعا
- مفيش حد هيخرج من المستشفى مين قالكم كدا. انتوا خليكم في مواقعكم. وانا نازل خمس دقايق وأكون عندكم. ومش عايز ولا عربية مصفحة سواء عارفينها ولا لا قريبة من المستشفى. وعايز خبر موت حياة في كل مكان سمعتني. خلال خمس دقايق اسمع الخبر في المستشفى كلها.

حمل حياة وإتجه بنظره لجاسر
-شوف فيروز فين والحقني على تحت
خرج جاسر يبحث عنها في كل مكان ولكنه لم يجدها. أسرعت ممرضة إليه تردف
- يافندم الأستاذة اللي كانت مع حضرتك في الحمام مغمي عليها.
تحرك سريعا متجها إليها وجد بعض الممرضات يحاولن ايفاقتها
اتجه وجثى على قدمه أمامها
ظل يضرب بخفة على وجهها مع بعض استنشاقها لبعض الروائح حتى استجابت وأفاقت تنظر إليه بعينان مغشوتين بالدموع.

اوقفها وقام بإسنادها بعد ما تحدثت إحدى الممرضات
- هي ممكن تكون مأكلتش وعشان كدا أغمى عليها
جذبها محاوطها بذراعيه ثم أجلسها على إحدى المقاعد
- خليكِ هنا هجبلك عصير وراجع
أمسكت ذراعه وأردفت بصوت مجهد: - لا ماليش نفس شكرا مش عايزة. فين حياة مش موجودة في الأوضة ليه
- باسم أخدها ونزل. لازم نلحقه في هجوم وحياة باسم في خطر
أومأت برأسها وتحدثت بإبانة
- كنت عارفة انهم مش هيسيبوه بعض ماعرفوا الملفات معاه.

جثى أمامها ورفع ذقنها
- ملفات إيه دي يافيروز
نهضت بإرهاق يظهر عليها وتحدثت
- لازم نمشي وبعدين نتكلم. أنا مش قادرة اقف. هز رأسه موافقا
وتحركت متعثرة أمامه بسبب إرهاقها وتعبها. سندها بذراعيه القويتين وأشار على الباب الخلفي ولكن عندما وصل للباب
جحظت عيناه عندما تساقط زجاج النافذة أمامه وقفز احدهما يشير بسلاحه على رأس جاسر ويجذب فيروز إليه.

عند عز وربى
خرجت من المرحاض متجه إلى غرفتها واخرجت ثياب ملائمة لجلوسها مع زوجها لتناول وجبة الغداء
ارتدت منامة حمراء تكاد تصل لركبتيها. ذات حملات رفيعة. تاركة خصلاتها تنساب خلفها بروعة مع رائحة عطرها الخلابة ووضعها لمسات خفيفة
ثم اتجهت إلى المطبخ تدندن بصوتها الناعم اغنيتها المفضلة
نسيناك صعب أكيد
اخرجت بعض المعلبات التي طلبها عز لغدائهما. خرج بعدها يبحث بعينه عنها.

استنشق رائحة عطرها التي ملئت رئتيه. فتحرك متجها إليها، كانت تواليه بظهرها وتدندن بهمس وصل إليه. خطى بخطى سُلحفية حتى توقف خلفها يستنشق رائحتها مغمض العينين. إحساس خاص لقلبه بدقاته بإسمها وحدها. ناهيك عن هزة عنيفة اجتاحت كيانه كأنه لأول مرة يراها. اقترب يحاوطها بذراعيه واضعا وجهه بعنقها يقبله قبلات عاشقة
دقات عنيفة اصابت قلبها بسبب فعلته تلك. ادارها إليه بهدوء نزلت ببصرها للأسفل.

وارتعش جسدها عندما اقترب يهمس لها
- على فكرة أنا مش قد الجمال دا. ارحم قلب حبيبك ياروح حبيبك
تراجعت خطوة للخلف تحاول سحب بصرها بعيدا عن كيانه الذي سيطر عليها
جذبها إليه مما كست الحمرة وجنتيها وتحدثت بشفتين مرتجفتين
- عز مينفعش كدا. لو سمحت ابعد هو هنفضل طول الوقت كدا. روح إلبس حاجة. عيب كدا على فكرة
استمتع بخجلها وهي تبعد بنظرها عنه بسبب تلك المنشفة التي يحاوط جسده بها.

رفع ذقنها وتحدث بمشاكسة: - اوعي تقولي إنكِ لسة بتتكسفي مني ياروبي. على فكرة أنا جوزك يعني اقربلك من أخوكي وابوكي كمان
استدارت تضع الطعام على الطاولة عندما وجدت نظراته الثاقبة لجسدها وأردفت بتقطع
- أنا جهزت الغدا. روح إلبس وتعالى عشان ناكل
ضمها من الخلف إليه وهو يهمس بجوار أذنها: - وبعدين ندخل نستحمى مش كدا
لكزته بصدره وصدح صوتها
- اتلم. انا كنت بقولك كدا عشان كنت صعبان عليا مش أسمها نستحمى اصلا.

استدارت ترفع حاجبها وتحدثت لأغاظته
- ياريت تحترم نفسك وتكون مؤدب ونعرف نتغدى. أصل أنا من يوم ماعرفتك مشفتش منك غير قلة الادب بس ياحبيبي
إلتوت زاوية فمه بإبتسامة عابثة ورفع كفيه يفك إحدى اربطة قميصها الذي ترتديه مائلا برأسه جانبا ونظراته تلفحها بإشتياق ثم تحدث: - وفيه أحسن من قلة الادب معاكِ ياحبي. دا لوقعدت مؤدب اكون معيوب و حمار. ثم سحب الرباط فانفكت عقدته
ألقت نفسها بأحضانه وهي تلكمه بصدره.

- اربط القميص ياعز والله هعيط. وزعلانة منك على فكرة
قهقه بضحكات مرتفعة ثم تحدث غامزا بعينيه
- والله هبلة ما أنا شوفت كل حاجة من شوية. اخرجها من أحضانه رافعا ذقنها ووجهها الذي أصبح بلون الكريز وشفتها التي تشبه حبة التوت. اقترب يهمس أمام شفتيها متحدثا
- بس معنديش مانع أدوق تاني. يرضيكي حبيبك يكون نفسه في التوت والكريز وهو قدامه ومايدوقش.

أطبقت جفنيها ودقاتها ستخترق صدرها. من انفاسه وهمساته التي اضعفتها بالكامل. حاولت السيطرة فأشارت على الطعام وتحدثت ببطئ
- أنا جعانة هاكل وانت خليك كدا. ويارب يجيلك برد وخليك واقف بصلي بعيونك ال بتاكلني دي
اقترب اكثر عندما اخلتج صدره بركان أشواقه المستمر إليها من طلتها التي ألهبت حواسه بالكامل وقام بحملها وهمس لها
- ادوق الكريز والتوت الأول وبعد كدا أفكر في الغدا
عند غزل وغنى.

جلست غزل بجوارها تمسد على خصلاتها وتحكي لها ماصار بينها وبين والدها وكيف كانت حياتهما.
اعتدلت غنى وارجعت بظهرها للوراء متكئة بمرفقيها على الفراش ثم رفعت بصرها لوالدتها
- ياااه يامامي دا انتوا اتعذبتوا أوي. بس الصراحة يامامي بابا اتعذب اكتر
ابتسمت غزل وأجابت إبنتها رافضة
- لا ياقلبي هو ال كان مكبر الدنيا. لو استمع لقلبه مكنش دا حصل.
تنهدت بحزن متذكرة بعض الذكريات المؤلمة ثم تحدثت بشرود.

- منكرش إنه كان بيحبني اوي. ومنكرش كمان إنه عمل المستحيل عشان يسعدني. لكن انا اتعذبت أوي ياغنى وقلبي وجعني أوي أوي. يعني تقدري تقولي كنت بموت
نهضت تنظر من النافذة والذكريات تضرب قلبها بقوة
- ممكن الست تنسى كل حاجة إلا اذا حبيبها حب واحدة تانية او قربها منه او وصفه حتى بمجرد كلمة إنه معجب بيها او مجرد كلمة حبيبي
استدارت تنظر لأبنتها وانسدلت عبرة شاردة من عينها ثم أردفت.

- تعرفي أنا حسيت بإيه وأبوكي راح خطب واحدة تانية وكانت تقعد جنبه وتحط راسها على كتفه وفي مرة باسته قدامي
وضعت يدها على صدرها ولاتعلم لماذا تذكرت مايؤلم قلبها وكأنه بالأمس
- دا كان نيران بتحرقه ياغنى، قلبي كان بيوجعني لدرجة كنت بتمنى الموت ولأني أشوفه ملك حد تاني
ابتسمت من بين بكائها وأكملت
- اول راجل شافته عنيه. اول اسم نطقته شفايفي اول نبضة قلب تدق كانت له وحده. يعني بالعربي كدا هو حياتي كلها.

اقتربت تجلس بجوارها وتمسد على خصلاتها. ثم ابتمست بوجع واكملت
- حبيته بجنون وهو كمان حبني بجنون لكن الفرق بينا هو كان خايف ياخد خطوة الناس تعايره. أنا متكسفتش ووقفت وواجهته وقولت له بحبك. ضحكت بصخب رغم الموقف ودموعها وأكملت
- تعرفي رد عليا وقالي ايه
بس ياعيلة، وأنا كمان الكلمة وجعتني أوي حبيت اوجعه فقولت له كنت بمثل عليك ماهو مستحيل احب واحد قد ابويا.

ابتسمت غنى مع انسدال عبراتها وتحدثت لوالدتها: - دا كدا مش حب يامامي. دي ملحمة عشق الكلام ال قولتيه مع حياتكم دلوقتي
نهضت غزل تقبل جبينها
- غزل وجواد فعلا ملحمة عشق ياقلبي مش هتكرر تاني. يعني ماتحوليش تربطي بيجاد بتاعك دا بجواد الألفي دول مختلفين
ضحكت غنى وأجابتها.

- لا بيجاد مفيش منه يامامي آسفة متزعليش. بابي وجعك أوي بس بيجاد كان بيحاول يسعدني حتى بعد مااسمها تاليا دي جت وقالت له على ابنه. هو رفض ابنه عشاني. تخيلي بعد كلامك على بابي كان هيعمل زي بيجاد
اكتفت غزل بتنيهدة ثم أجابتها بإبانة.

- يبقى متعرفيش جواد الألفي ياغنى. دا ممكن يهد الدنيا كلها عشان دمعة مني. تخيلي بقى لو حرقة قلبي. أنا مش بقولك كدا حبيبتي عشان ازعلك من بيجاد. انا عارفة بيجاد بيعشقك مش بيحبك. لكن متربطيش بابا بيه. كل واحد له طريقته الخاصة ال بيقدر يعبر فيها بالحب
دثرتها بالغطاء وأردفت مكتفية بحديثها
- نامي عشان ترتاحي والبيبي يرتاح كمان
قبّلت جبينها ثم تحركت للخارج وهي تبتسم على ذكرياتها.

بعد خروج غزل تبسمت غنى وهمست بحبور
- يارب يامامي اعرف أعيش قصة حبي كدا زيك
. امسكت هاتفها تتصفح الأخبار وإذ بها تنصدم بحوار ريان
بالأسكندرية
وصل بيجاد لمنزل والده أثناء وصول جواد بتلك اللحظة توقفت السيارتان امام بوابة الفيلا التي تبعد بمساحات لحديقة المنزل أمامها
فُتحت البوابة الألكترونية بعد العلم بوجدهما مع الزخف الأعلامي حولهما من الصحفيين. اتجه صحفي سريعا متجها لسيارة جواد وهو يتسائل.

- ممكن اعرف ماهي اقوال حضرتك بعد تصريحات دكتور ريان المنشاوي
تحرك بالسيارة المغلقة النوافذ بالكامل ودلف إلى حديقة الفيلا خلف بيجاد الذي تزاحم عليه الصحفين حتى تعقد تحركه من البوابة إلا بعد تدخل امن الفيلا
ترجل بيجاد سريعا ينتظر جواد الذي وصل إليه ينظر بغموض
- ايه السفهات ال بتحصل دي. تحرك سريعا للداخل. كان ريان ينتظره بعد معرفته بوجوده بالاسفل
نصب جواد عوده واقترب بخطوات بطيئة.

بعثت الوجع بعيون حزينة لريان. حاول الحديث
رفع جواد كفيه أمامه يمنعه من الحديث
وأردف: - مهما تقول مبررات مش هعذرك ياباشمندس، لو تفتكر اول مقابلة بينا لما شوفت عمر وبيجاد كان عمر اتناشر سنة وبيجاد سبع سنين. ومالك خمس وقتها فاكر قولتلك ايه وقت ماأعدائك ماكانوا بيحاربوك في شغلك
قولتلك أنا صاحب صاحبي أوي أوي ومستعد افديه بعمري. وبصيت لاولادك يومها وقولتلك.

- وولادك ولادي ووقت ماتحتاجني هتلاقيني. ولو حد قرب من ولادك صدقني هفديهم بعمري
أخذ نفسا طويلا يقترب منه بعدما استمع عمر ومالك وحمزة إلى صوت جواد وبيجاد بالأسفل. بينما تاليا التي تقف بالأعلى تراقب مايحدث
وقف جواد أمام ريان
- أنا مش جاي احاسبك على ال قولته في الشغل. انا جاية ألوم صديق عاشرته تلاتاشر سنة إزاي قدر يكسر بنتي بجبروته كدا. ليه ياريان عملت كدا.

ليه محفظتش على بنتي زي ماحفظت على ولادك. اتجه بنظره لأولاده يوزع نظراته بينهم ثم أشار إليهم: - دول كانوا بيقعدوا عندي اكتر مابيقعدوا عندك. دا رُبى وياسين أنت أول واحد شلتهم وأنت ال سمتهم. ليه تتغير وتنسى دا كله. ليه تكون بجبروتك بعد العشرة دي كلها تخرج وتقول كدا. ياسيدي ملعون الفلوس على الشغل على كل حاجة في مقابل اشوف ضحكة من بنتي
كانت أنفاسة سريعة بسبب غضبه ثم نظر لريان نظرات لأول مرة ينظر له بها.

- مبروك عليك حفيدك ياباشمندس. وأنا كمان مبروك عليا حفيدي. ماليش حق عندك ولا أنت ليك حق عندي
تصنم ريان مما استمع رفع نظره سريعا للأعلى وجد تاليا تقف بجوار ماسة وسيلا زوجة عمر يستمعون لحوارهم
حاول ريان السيطرة واخرج صوته مهزوز بعض الشئ عندما استدار جواد ينظر لبيجاد ابعد عن بنتي يابني. وزي ماقالت لك طلقها وعيش مع ابنك. قالها متحركا للخارج.

- هستنى ورقة طلاق بنتي ياحضرة اللوا. وزي مادخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف
صاعقة ضربت رؤوس الجميع بعد حديث ريان. تسمر جواد بحركته وكأن قدميه شلت عن الحركة ولم يستطع التحرك. أستدار ينظر إليه بصدمة وهو يضغط بقبضته، قوس فمه ينظر إليه بجفاء ثم أردف
- الصراحة مش من حقي ادّخل في حياة ابني هو لو شايف بنتك متنفعوش هيطلقها متخافش.

بأقوى ما عنده من قوة ركل المنضدة حتى تهشم زجاجها وتناثر بكل مكان وصاح بغضب كانه شيطان مارد يحاول ان يتخلص من مؤمن شديد التقوى وأردف بصياح
- انتوا مالكم بحياتنا، مين قال لحضرتك اني هبعد عن مراتي. اقترب من والده وكأن احدهما يصارعه. وبعيون تحولت للون القرمزي ونيران تخرج منها اردف بصوتا غاضبا
- لو هتاخد روحي يابابا مش هبعد عن مراتي. اشار بيديه على تاليا واكمل بصوتا كفحيح افعى.

- أنا معرفش مين ذقها عليا بس وحياة مراتي لأدفعها تمن ال حصل غالي
اقترب من الدرج بخطوات مهرولة يجذبها من خصيلاتها فجأة وهو يصرخ بصوته
- انتِ مين ذقك عليا. مين ال بيفكر يموتني كدا
اقترب ريان يفك خصيلاتها من يد بيجاد
- أنت اتجننت بتعمل فيها كدا عشان جت وقالت ابنك
ضيق عيناه وأردف
- الولد دا عرفت منين انه ابني
عقد ريان ذراعيه وتحدث
- عملت له تحليل
نظر بيجاد للولد الذي تحمله ماسة ثم ارجع ببصره لوالده.

- تحليل ازاي ومنين
صرخ ريان وهو يلكمه
اخدت شعر منه وشعر مني
قهقه بيجاد على غير الموقف الذي به وأردف وهو يشير لوالده: - وطلع بوزتيف يابابي. قالها واعاد يضحك بقوة حتى شعر كلا من جواد الذي يقف يراقب الموقف بصمت أمام ريان الذي تمشط عيناه المكان، توقف بيجاد واقترب من والده وأمال برأسه ثم تحدث
- لو الولد دا ابني يادكتور. يبقى انا مش ابنك...

جحظت عين ريان من حديث ابنه. ولم يشعر بنفسه إلا عندما رفع كفيه حتى يصفعه ولكن تدخل عمر سريعا وأمسك بكفي والده
- بابا لو سمحت بص حواليك كدا وشوف الدنيا والعة مش مستهالة لو سمحت
مط بيجاد شفتيه ثم هز رأسه واتجه لجواد ثم أشار بيديه
- الولد مش ابني ليه مُصرين أنه ابني اموت وأعرف ياإما بتلعبوا عليا ووراكم حاجة من كدا. ياإما عايزين تطلعوني مجرم
حمحم جواد يربت على كتفه.

- بدل إنت متاكد أوي كدا. هات الولد وتعالى معايا نعمله التحليل
جحظت عين تاليا وهي تنظر حولها بخوف ثم اردفت بتقطع
- الولد تعبان ومينفعش يخرج دلوقتي. اكدت ماسة حديثها مردفة
- ايوة فعلا ياخالو الولد جسمه كان سخن أوي. ممكن يتعب أكتر ياخالو ينفع ياخدوه كدا
جلس ريان وهو ينظر لجواد.

- أنا عملت تحليل وخلصنا. الولد حفيدي. والأسبوع الجاي بيجاد هيكتب على أم ابنه ونعمل فرح ياجواد. تقتنع متقتنعش شئ مايخصنيش. وزي ماقولت في المؤتمر احنا انفصلنا
نظر جواد إليها نظرات غاضبة
- ولا يهمني يادكتور. أنا شايف بيجاد بيفهم عن الكل فحبيت اساعده.
وزع نظراته على منزل ريان ثم تحدث
- مبروك عليك امبرطورية المنشاوي بحفيدك. قالها جواد ثم تحرك سريعا.

عند أوس وصهيب
- استمع أوس لرنين هاتفه. تحرك بعض الخطوات يجيب عليه
- ايوة حبيبتي عاملة إيه طمنيني
بكت بنشيج وتحدثت من بين بكائها
- أوس أنا محتاجك أوي حبيبي لو ينفع تيجي لي متتأخرش
- تمام ياحبي. هشوف طيارة واكون عندك خلال ساعات. ياسمين حبيبي حاولي تصلي ركعتين لله وهترتاحي لحد ماأجي.

بخطوات ظاهرها ثابته ولكنها متعثرة. وكأن احد يخنقه ويطبق على نفسه. تحرك متجها لعمه: - عمو صهيب ياسمين تعبانة وهي في الغردقة لازم اروحلها حالا
قطب صهيب مابين جبينه متسائلا
- في الحالة ال احنا فيها دي ياأوس والمعركة ال ريان عملها
هز رأسه رافضا حديث عمه
- أنا ومراتي برة مشاكل الشغل ياعمو. دي غير دي
- وغنى اختك ياباشمندس. تسائل بها صهيب
مسح أوس على خصلاته أجاب عمه.

- جوزها مش هيسكت، ماهو مش بعد حب بيجاد دا كله لغنى هيستسلم لمجرد ابوه عايز كدا
تحرك للخارج دون ان يستمع كلمات اخرى من صهيب الذي جلس يضع رأسه بين كفيه
عند جاسر وفيروز
رفع باسم البلوتوث يتحدث به لجاسر
إنت فين يابني أنا وصلت العربية. والدكتورة معايا.
تصنم جاسر عندما وجد شخص يوجه إليه السلاح. ويجذب فيروز.

رفع جاسر نظره لفيروز وأشار على قدميها بعينه فهمت مايشير إليه. وبلحظة داست بكعبها على قدم الشخص بسرعة بديهيه اخرج جاسر سلاحه وهو يوجهه للشخص بعدما ركله جاسر وأطاح به ارضا مبعدا سلاحه بعيدا عنه
وتحدث سريعا بجهازه اللاسلكي ينجاي باسم بعدما طوقت المشفى بعدد من الأشخاص غرباء يرتدون ثياب طبية
جذب فيروز واسرع الى الردهة التي تعتبر بعيدا عن المناوشات بين الشرطة والعناصر الأجنبية.

وضعها بغرفة للأجهزة الطبية وضم وجهها بين كفيها وتحدث ينظر لمقلتيها
- فيروز خليكي هنا. لازم انزل تحت حياة باسم خرجها من المستشفى متخافيش وهي هتروح عندنا. أنا لازم أروحله هم عايزينه ودا مجنون ممكن مايفكرش
امسكت رسغه وتحدثت ببكاء
- أنا خايفة عليك. اقترب ينظر وتحدث
- متخافيش الرب واحد والعمر واحد، والمكتوب هشوفه
نهضت تتشبث به وتحدثت: - لا هيموتوك. مستحيل اسيبك. سمعتني
دفعها بقوة وتحدث بغضب.

- انتِ مجنونة دا شغلي. ولو زي مابتقولي كدا بتحبيني حافظي على نفسك وخليكي هنا، قالها ثم تحرك سريعا يتحدث لباسم
عند غنى وغزل
استمعت غزل لبكاء غنى. دلفت إليها
- غنى مالك حبيبتي. إحنا مش كنا كويسين فيه حاجة بتوجعك
نظرت إليها والدمع يترقرق من عيناها وتحدثت
- بيجاد هيطلقني ويتجوز ام ابنه
ضمتها غزل واردفت: - مين ال قال كدا بس ياحبيبتي. دا بيجاد بيدور عليكي زي المجنون.

وضعت الهاتف بيديها وتسائلت: - طيب إيه دا يامامي وليه عمو ريان قال كدا
استمعت غزل بصدمة لحديث ريان
رفعت بصرها لأبنتها واكتفت بتنهيدة مرتجفة افلتتها من بين شفتيها ولم تعلم بماذا تجيبها. اتجهت لهاتفها تحاول الأتصال بجواد الذي خرج من فيلا المنشاوي متجها للقاهرة على سرعة قصوى، فتح الخط وأجابها
- ايوة يا غزل. انا لسة ماوصلتش حبيبي
- ايه ال حصل ياجواد يخلي ريان يعمل كدا...
تنهد جواد بحزن وأجابها.

- لما أجي ياغزل المهم بلاش غنى تتأثر والصبح إن شاء الله هكون عندكوا
بعد فترة وصل جواد للمستشفى. كان باسم وبفريقه الأمني سيطر على الوضع وتم القبض على بعض العناصر الأجنبية
توقف يضع يديه بخصره وتسائل
- ليه ياباسم مش عايز تعقل. انت مجنون يابني رايح لواحد تهدده في بيته وتوريه عمايله السودة. وشوف النتيجة كان هيموتك ويموتوا الناس البريئة دي
اشعل باسم سيجاره وهو ينظر لجواد وتحدث.

- ولا يفرق معايا. وخليه حلوف كدا. ومتخافش الورق وصل للنائب العام. واتمنع من السفر وبس وربي ماأنا سايبه إلا على المشنقة
مشط جواد المكان بعينيه فين جاسر مش باين ليه
اشار لمبنى المشفى واردف
- راح يجيب فيروز من فوق. لم يكمل حديثه الا عند سماعهم لصراخ جاسر باسم فيروز
بعد أسبوع
قبل حفلة ريان بيوم واحد رجع عز من شهر عسله.

دلف لحي الألفي بجواره حوريته التي تنظر بشوق ولهفة لمنزل والدها، ترجلت من السيارة سريعا تهرول لوالدها الذي يقف ينتظرها على أحر من الجمر
حملها وهو يضحك ويدور بها
- صغيرتي الحلوة اللي وحشتني اد العالم والدنيا ومافيها
انزلها بهدوء وهو يقبل جبينها
بابي وحشتني انت كمان اد الكون
- حمدالله على سلامتك ياروح بابي
وصلت غزل تنظر لأبنتها بإشتياق وتساقطت دموعها فهي لأول مرة تبتعد عنها لفترة طويلة.

- كدا ياروبي تتأخروا دا كله. طيب والله زعلانة. رفعت بصرها لعز الذي وصل إليهم
دا الشهر ياعز روحت وقولت عدولي
اقترب عز يضم عمه بإشتياق
- وحشتني اوي والله ياعمو ووحشني مشكستي معاك
ضربه جواد بخفة على رأسه
- إيه ياحلوف مفيش حد اتجوز غيرك. إيه اللي أخرّك قولت شهر مش شهر ونص
قوس فمه ثم رفع حاجبه بسخريه واردف
- ايه ياعمو عرسان جداد مش لازم نعيش ايامنا. لكزه بكتفه واردف بغضب بعد وصول جاسر وأوس وياسين.

- اتلم ياحمار. على قد مابنتي كانت وحشاني بس كنت مرتاح منك ياحلوف
جذب عز ربى من رسغها
- طيب ياله ياحبيبي عشان نرتاح من السفر. مش سلمتي عليهم
دفعه جواد وهو يلكمه بصدره
- لا وحياة أبوك ماهترتاح إلا في حضني
تحرك ينظر لجواد بصدمة واردف
- نععععم هي مين دي الل تنام في حضنك وحياة أبوك اصورك قتيل هنا. والله ماهتبعد عن حضني ليلة واحدة. عايزها بعد ماتنام في حضن جوزها حبيبها ترجع تنام في حضن جواد الألفي.

قبض جواد على كفيه يكاد يحطمه
حبك بورص وأربع تعابين يلوشك ياأخي
ثم رفع سبابته واشار
- وحياة ربنا ياعز لو مرحتش لأبوك دلوقتي لأخدها أسبوعين مش يوم وشوف كلام مين هيمشي
اقترب عز منه بعدما سلم على أوس وجاسر وياسين وهو يضحك
- دايما بقول عمي جواد دا احسن عم في الدنيا. وبيحبني حب ياولاد يدّرس في الكتب
ضمت غزل ربى وتحدثت
- روحي سلمي على عمامك وتعالي اتغدي معانا. ثم اتجهت بحديثها لعز.

- أنا استأذنت من مامتك هتتغدوا معانا النهاردة ويبقى اتعشوا معاهم
جذب عز ربى وهو يتراقص بحاجبه لجواد
- أهم حاجة اتعشى في بيتنا وقتها ربك يحلها
استند جواد على الحائط وهو يعقد ذراعيه
- هجيبها والله لو كانت في حضنك على السرير
جحظت عين عز بعدما توقف واستدار إليه
- مش عيب ياعمو الكلام دا
- هي غنى مبتجيش يامامي ولا إيه وحشتني أوي
نظر جواد لغزل التي نظرت للأسفل ثم أجاب ابنته.

- هتيجي بكرة حبيبتي. خطوبة جاسر وجنى بكرة
قطب عز مابين حاجبيه وتسائل
- مش فاهم جنى مين وجاسر مين
دلفت غزل للداخل بعدما شعرت بألما يضرب معدتها بقوة.
اقترب عز ينظر لجاسر الذي ابعد بنظره عنه
- جاسر انت هتخطب جنى اختي. طيب ليه وانت بتحب واحدة تانية. وكمان. صمت عندما استمع لتنهيدات جواد
- عمو جواد إيه اللي بيحصل بالظبط؟
روح أسأل عمي صهيب وهو يجاوب على السؤال دا ياعز، قالها ياسين بهدوء، بعد إنسحاب جاسر للأعلى.

استدار عز متجها لوالده وكم من الأسئلة التي تضاربه بقوة
ضغطت ربى على كفيه وأردفت
- حاسة فيه كوارث حصلت وإحنا مش موجودين. هز رأسه موافقها رأيها
عند. نغم وياسمين
كانت تقف بالمطبخ تقوم بإعداد وجبة الطعام لها ولأبنتها التي خرجت من أحزنها بعد وجود أوس بجوارها لعدة أيام وتمسكه بها. دلفت تبحث في الأواني
- مامي عاملة أكل إيه
ابتسمت نغم إليها وتحدثت.

- عاملة جمبري. حمزة ومالك جاين، وانتِ عارفة بيحبوه اوي. فطلبت شوية أسماك جنبه، شردت بزوجها الذي يعشق الأسماك فمنذ أسبوع لا تعلم عنه شيئا سوى حديث أولادها انه كويس
أخرجتها ياسمين من شرودها وتحدثت
- مامي. لسة متكلمتيش مع بابي
هزت رأسها بالرفض. ثم ناولتها بعض الأطباق
جهزي السفرة زمان أخواتك على وصول
قاطع حديثهما رنين الباب. خرجت العاملة تفتحه.
وضعت الطعام على المنضدة وهي تصيح
- ياسمين. مين جه، مالك وحمزة.

اقترب بخطوات هادئة وحاوطها بذراعيه
استنشقت رائحته وانسدلت عبراتها بغزارة عندما استمعت لصوته
- ماينفعش أبو عمر هو ال يجي
أدارها إليه يجذبها بقوة لأحضانه وهو يهمس لها
- آآه يانغم. كدا ريان هان عليكي أسبوع كامل تبعدي عنه
رفعت كفيها تحاوط وجهه وتحدثت من بين عبراتها
- وحشتني أوي ياحبيبي. ضمها لأحضانه يعتصرها بقوة
- مش أكتر مني ياحبيبة ريان
نظر للطعام وغمز بعينيه
- لا دالليلة فل إن شاءلله وهنقوم بالواجب.

توردت وجنتيها من حديثه المغلف
دلف حمزة ومالك وابتسموا لوالدتهم
- إيه رأيك في المفاجأة يانغم هانم
تحركت وهي تتجاهل حديثهما
- مين قالكم إنها مفاجأة. أنا لسة زعلانة منه
اقترب منها يكز على شفتيه وهو يمسد على خصلاتها
- وماله يانغمتي اصالحك حالا ياقلبي
جحظت عيناها من حديثه أمام اولاده عندما اقترب يجذبها للخارج
- سوري يابابي. مامي زعلانة ولازم اصالحها
لكزته بكتفه
- ريان اتجننت. الولاد يقولوا ايه.

توقف رافعا حاجبه بسخرية ينظر لأولاده
- عايزني اصالح امكم ولا ولا يامالك
امسك حمزة حبة من الزيتون ووضعها بفمه وتحدث ساخرا
- بقولك ياريو شلها وهات من الأخر
لم يكمل حديثه عندما ضحك ريان وهو يحملها ويضمها لصدره وغمز إليها
- غالي والتمن رخيص ياحموزي.

عند غنى ويمنى
كانت تجلس أمام البحر تنظر بشرود وتتذكر لحظاتها التي اخذها القدر بكل جبروت منها. اتجهت يمنى إليها ببعض الفواكه وابتسمت
- حبايب خالتو عاملين إيه النهاردة
رفعت بصرها وتحدثت بحزن
- هيكونوا عاملين إيه وفرح ابوهم بكرة يايمنى
مسدت يمنى على خصلاتها ثم تحدثت
- انا مش مصدقة كل دا ياغنى. مستحيل بيجاد يعمل كدا
ارجعت بجسدها على الشيزلونج وهي تنظر للسماء وكأنها تناجي ربها وتضع كفيها على أحشائها.

- عادي يايمنى حتى لو هيعمل. دا نصيبنا مع بعض. قاطع حديثهما اتصال جواد بيمنى، تحركت يمنى بعيدا عن غنى تراقبها بنظراتها بعدما تسطحت بجسدها بالكامل على الشيزلونج واجابت جواد
- عمو جواد ازي حضرتك
غنى عاملة إيه يايمنى. هبعتلها ياسين ياخدها بكرة، أختها رجعت ولازم تشوفها يمكن تخرج من حالتها دي
تنهدت يمنى بحزن وأجابته.

- مفيش حد هيخرجها من حالتها غير جوزها ياعمو. وطنط غزل شافت حالتها إزاي. دي بقت بتنام اكتر مابتصحى. ومفيش غير انها بتعد الأيام لجواز بيجاد
صمتت للحظات ثم تسائلت
- هو فعلا بيجاد هيتجوز. زي ماسمعنا
خلاص يايمنى أنا هتصرف. اغلق جواد مع يمنى ثم رفع هاتفه وقام الأتصال
كان يجلس أمام الشاطئ ينظر لصورهما وفيديوهاتهما مع بعضهما. انسدلت دمعة غائرة من عنيه ثم أردف.

- ليه ياغنى توجعي قلبي كدا. هونت عليكِ لدرجادي. سحب نفسا عميق واكمل حديثه مع نفسه
- كافأتيني بليلة من ألف ليلة وليلة وبعدها دوستي على قلبي بجزمتك. طيب أعمل ايه لو شفتك دلوقتي. تفتكري هعاقبك ولا أريح قلبي وروحي واشبع منك وبعدها أعاقبك
أغمض جفنيه وكل مايؤرق روحه هو اشتياقه الجارف لمتيمة قلبه. قلبه يأن ويحترق شوقا لرؤياها
قاطع شروده اتصال جواد
- عمو جواد. قالها بصوتا حزين ثم اكمل.

أنا تعبان ياعمو. معرفش الكل بيخنق فيا ليه. حضرتك وبنتك وبابا والولد ال كلهم بيحاولوا يثبتوا انه ابني
ابتسم بسخرية وأكمل
- تعرف أنا شكيت في نفسي ورحت عملت تحليل. صرخة بآهة عالية خرجت من جوفه
- وزي ماقولت الولد دا مش ابني. هبعتلك التحليل حالا
توقف عن الحديث عندما تحدث جواد
- غنى في الشاليه بتاعك يابيجاد. الشاليه اللي خطفتها فيه يوم ماعملتلي قضية.

انتفض قلبه من مكانه وباتت دقاته بالتفاني. وابتسم بخفوت مرددا
- يعني بيني وبينها عشرين كيلو بس. يعني غنى جنبي وأنا مش حاسس
وفيه خبر كمان أحلى من وجود غنى في مكان يخصك. مراتك حامل في توأم يعني هتجبلك اتنين. شوفت حماك بيحبك أد ايه
ثار قلبه بدقاته العنيفة وكأنه في سباق لعدة كيلومترات.
غصة كبيرة احكمت قبضته حول مجرى تنفسه ومقلتين مغروقتين بالدموع.

- قول والله انك مابتعلبش بأعصابي ياعمو. والله انا بحبك واللي بعمله فيك بعاند بس مش اكتر. ياريت متردليش دا بلعبك بأعصابي
قهقه جواد وأردف: - تعرف ياريتك قدامي دلوقتي. وشوفت منظرك وصورتك. ياأهبل دا كلام اضحك عليك بيه. افتكر من أسبوع قولت لك ايه. وانت غبي منه فيه
- مبروك ياجوز بنتي. ولا اقول مبروك ياابو سفيان
اطبق جفنيه يحارب دموعا تقاتله بضرواة من سعادته التي وصلت عنان السماء.

استمع لجواد وهو يتحدث على الجانب الآخر
- بيجاد غنى عرفت الأخبار اللي مالية الدنيا وحالتها متدهورة خالص ومفيش على لسانها غير انك هتتجوز وتسبها
هب ناهضا ثم هرول لسيارته وأردف سريعا
- متقلقش ياعمو. هكون عندها خلال ربع ساعة.
غريب أنت أيها الحب
بسببك تصبح الحياه كأنها نعيم...
وبسببك تتحول إلى جحيم، لحظة تسعدنا ولحظه تبكينا
أتسأل...
هل العيب فيك أم فينا، لكننى ع يقين أنك كما أنت
لم تتغير منذ آلاف السنين...
إن كنت قد أسعدت أو أبكيت الملايين...
فقد كنت دائما. أجمل أحلام.

بفيلا صهيب الألفي
دلف عز متشابك يديه بيد رُبى. نهضت نهى تقابلهما
- حمدالله على سلامتكوا ياحبايبي.
اتجه عز يضم والدته ثم قبّل رأسها
- وحشتيني أوي ياأمي
بكت نهى بأحضان ابنها وأردفت من بين بكائها
- وإنت كمان ياحبيبي. خرجت من أحضانه تضم وجهه بين راحتيها
- عامل إيه.؟
. رفعت نظرها للربى. وروبي عاملة معاك إيه؟
اتجه بنظره لزوجته وابتسم ثم رجع لوالدته وأجابها: - إحنا كويسين ياست الكل.

بينما اتجهت ربى لصهيب تلقي نفسها بأحضانه
- عمو صهيب وحشتني أوي أوي.
ضمها صهيب بحب أبوي
- حبيبة عمو انتِ كمان وحشتيني ياحبيبتي. ثم اتجهت لنهى
- انطي وحشتيني
ابتسمت نهى إليها تضمها بحب ثم همست إليها: - هو اللي بيتجوز بيحلو كدا ياروبي
توردت وجنتيها ثم نظر للأسفل وأجابتها
- ميرسي ياطنط. عيونك هي الحلوة
اتجه عز يبحث بعينيه عن جنى وفارس
- فين جنى وفارس. هما ميعرفوش إننا جايين ولا إيه
اخرجت زفرة حادة من جوفها ثم.

سحبته واجلسته بجوارها وبالجانب الأخر اجلست رُبى من الجانب الأخر ونظرت لصهيب وأجابته
- جنى لسة نايمة. كانت سهرانة لصبح. وفارس راح النادي من شوية
وزع نظراته بين والديه وأردف متسائلا: - ايه موضوع جنى وجاسر اللي سمعته من ياسين من شوية دا
نظرت نهى لولدها نظرت الغريق الذي وجد ضالته ثم ضغطت على كفيه وأجابته
- باباك شايف إن جاسر أحسن واحد لجنى. عشان كدا قرر يجوزهم لبعض.

كان صهيب يجلس واضعا رأسه بين كفيه. فمنذ أعلانه بزواج ابنته من جاسر وهي تحبس نفسها بداخل غرفتها ولا تتحدث مع أحدا حتى والدتها
ضيق عز عينيه وتحدث متسائلا مع ابتسامة خفيفة
- عفوا ياماما مفهمتش كلامك. يعني إيه بابا شاف جاسر مناسب. اتجه لوالده الصامت وتسائل: - هو إيه الكلام اللي ماما بتقوله دا يابابا
نهض صهيب وأشار لعز بيديه
- تعالى ياعز عايز أتكلم معاك شوية
أومأ برأسه بالموافقة. ونظر لزوجته.

- روبي اطلعي ارتاحي فوق وأنا هشوف بابا وراجع بعد إذن ماما طبعا
وقفت رُبى تنظر لنهى
- لا هروح اشوف عمتو مليكة الأول وكمان عمو سيف وحشوني أوي
- لا قالها عز بهدوء مميت ثم امسك كفيها متجها لغرفته
- روحي غيري وارتاحي وبعدين نروح لهم مع بعض مينفعش تروحي لوحدك
توقفت رُبى تنظر إليه بصدمة ثم تحدثت: - ليه ياعز. دول عمامي يعني أنا متعودة اروح هناك على طول وكمان ولادهم وحشوني.

جذبها من رسغها دون حديث وصعد لغرفته. بينما وقفت نهى تنظر لأثرهما بحزن. جلست على المقعد وتحدث حالها
- ياربي حتى عز لسة فكرة جواد مسيطرة عليه. شكل ولادي هيفضل الوجع ملازمهم
اقترب صهيب يضمها من أكتافها بعدما جلس بجوارها: - نهى متزعليش مني والله انا بحاول احافظ على بنتنا. مفيش أب بيتمنى الحزن لبنته.

ربتت نهى على كفيه وأجابته: - عارفة ياصهيب. لكن البنت صعبانة عليا أوي. وأنا حاسة جواد بيحبها فعلا. أنا شوفت دا في عينه.
رفع صهيب ذقنها وأجابها
- هيبان حبيبتي بيحبها فعلا ولا كان واخدها مسكن ولعب بمشاعرها
هزت رأسها رافضة حديثه وأكملت
- لا مش مسكن أنا شوفت دموعه لما جنى قالت إنها موافقة على جاسر. دي دموع واحد عاشق. عشان كدا ياحبيبي لو سمحت بلاش تتسرع وتكسر قلوبهم.
تنهدت بحزن وأكملت.

- غير جاسر اللي بيحب واحدة تانية. وانت شوفت دا بعينك يوم ماالبنت انضربت بالنار. دا كان عامل زي الميت اللي روحه انسحبت منه
ضمت وجه صهيب وتحدثت بإبانة
- عمرك شوفت جاسر كدا. عارف فكرني بمين ياصهيب. ارجع بالزمن لتلاتين سنة كدا وأفتكر لما غزل اتخطفت وشوف وقتها جواد كان عامل إزاي، أنا شوفت قدامي جواد مش جاسر دا واحد عاشق ياحبيبي بلاش نظلمه ونظلم بنتك. غير جواد.
هزت رأسها وأكملت.

- عارفة جواد غلط. يمكن تفكيره صورله انه بيساعد عز وربى. لكن دا مايقولش إنه بيلعب بجنى
وصل عز وملامح وجهه يكسوها الحزن
- ايه موضوع جنى دا يابابا، شوفتها من شوية. دي جنى يابابا. دي بنتك اللي كانت كلها حيوية. أنا شايف دلوقتي واحدة مستسلمة ومش حاسة بحاجة
جثى أمام والديه
- مالكم انتوا مخبين إيه. وليه كل مااتصل بيها ماكنتش بتقول غير كلمة
- انا كويسة وعايشة ياعز، ممكن تفهموني ايه اللي حصل لأختي ووصلها لكدا.

بالغردقة. أمام الشاليه
يجلس على المقعد ويضع ساقيه على مقعد آخر واضعا سماعات هاتفه بأذنيه يحاول الأتصال لعدة مرات
سحب كمية من الهواء ثم طردها مرة واحدة بغضب
- وبعدهالك ياتقى. مش عايزة تردي عليا ليه، قاطعه حمزة الذي يمسك بيديه تفاحة ويقوم بتناولها بتلذذ وهو يقف خلفه يراقب انفعالاته. ثم تحرك متجه وجلس بمقابلته
- مالك ياملوك زعلان ليه. المزة مابتردش
أخذ نفسا عميقا ثم رفع نظره لأخيه.

- من وقت مابابا خرج بتصريحاته دي والدنيا باظت بين العيلتين. تقى مبتردش عليا
مط حمزة شفتيه للأمام ونظر لأخيه: - تفتكر بابا بيخطط لأيه يامالك
قهقه مالك بصوت مرتفع وأجابه من بين ضحكاته
- والله انا خايف على أبوك. سايب العك اللي عمله وجاي يصالح نغمته. هد الدنيا ومش همه
لكزه حمزة بكتفه
- عيب ياحمار وبعدين انت مكنتش شايف حالة بابا إزاي. طيب والله كان صعبان عليا
اتسعت ابتسامة مالك وتحدث مشاكسا اخيه.

- مايصعبش عليك غالي يااخويا خاف على نفسك وأصعب عليها دا ريان المنشاوي، . يعني أهم حاجة عنده نغمته وبعدها الدنيا تيجي.
نهض ينظر من تحت نظارته واكمل
- لكن المرادي مضحكش عليك ابوك كان قاسي أوي مع عمو جواد. على رغم إني متأكد إن بابا بيخطط لحاجة بس مكنش المفروض يكون قاسي كدا
قاطعت حديثهما ياسمينا
- ياله ياميزو انت ومالك عشان نتغدى
توقف حمزة يجذب مالك.
- أخيرا ابوك عمل أفراج لأمك
لكمته ياسمينا وأردفت بغضب.

- إيه الألفاظ اللوكل دي ياحمزة. بابي لو سمعك صدقني هيعاقبك
رفع حاجبه واجابها
- قصدك بنش مي ياياسو. كملي ياحبيبتي
- اووف مفيش فايدة فيك. استحمل بقى لو بابا عرف. قالتها ثم تحركت
نظر حمزة لمالك الذي أمسك هاتفه يحاول الأتصال مرة أخرى
- البت ياسمينا دي بتحسسني إنها عايشة في امريكا ياآخي.

رفع مالك نظره عن هاتفه وأجابه: - لا ياحمزة انت بقيت لوكل أوي. كنت عايز اقولك دا من زمان بس قولت خليه يعك عشان ريان يبنشه كويس
جحظت اعين حمزة ثم اتجه إليه بعيون تطلق شرزا، أسرع مالك وهو يقهقه عليه ويصيح بصوته على ياسمينا
بفيلا حازم الألفي
كانت تجلس أمام النافذة وعبراتها تتساقط بصمت. فكلما ترى وجع إبنها الظاهر على وجهه ينفطر قلبها. نهضت سريعا تمسح دموعها بعنف متجهة لفيلا جواد.

كان جواد يجلس بحديقة منزله يتحدث بهاتفه لباسم
- يعني فيروز بقت كويسة دلوقتي
أجابه على الجانب الآخر
- أيوة. بدأت تقوم وتتحرك على بسيط
- وحياة ياباسم أخبارها إيه
تنهد باسم بحزن وأجابه
- زي ماهي ياجواد. مش عايزة تكلمني ولا عايزة تسمع صوتي
شعر جواد بأنفاسه المتسارعة وهو يتحدث وكأنه يبكي
- تخيل أنا قتلت ابني بايدي ياجواد. يعني الولد اللي بنتظره بقالي سنين انا موته بأيدي. شوفت اكبر من كدا عقاب.

شعر جواد بأنين صديقه فحاول التخفيف عنه فتحدث بمواساة
- باسم دا قضاء وقدر. بيك ومن غيرك الولد مكنش له يجي للدنيا. بس هي أسباب ياحبيبي. المهم لازم تفوق عشان مراتك. وكمان لسة قدامك مهمة
مسح باسم دموعه وأردف بقوة: - وحياة ولادي الأتنين اللي مقدرتش افرح بيهم لأبكيهم دم
هز جواد رأسه واكد حديثه
- أيوة كدا عايزك دايما قوي مفيش حاجة تهزك. يومين كدا وارجع القاهرة.
مسح باسم على وجهه وبفظاظته المعهودة تسائل.

- هتعمل إيه مع ريان؟
أغمض جواد عيناه للحظات محاولا تمالك أعصابه فأجابه بهدوء رغم نيرانه
- ولا حاجة. إنت مشفتش الأخبار في كل مكان وانه مُصر يجوز ابنه للبنت اللي بتقول الولد ابنه
اختنق جواد بحديثه وأكمل بتقطع
- تقدر تقولي ايه المطلوب اعمله وانا بنتي كل يوم بتدبل قدامي. تفتكر ممكن أسامحه على كسره لقلب بنتي
بلع باسم ريقه الجاف وتحدث: - طيب لو قولتلك ريان بيخطط لحاجة. دا هيكون ردك برضو.

نصب جواد قامته وتوقف متجها لزرعه ينظر إليه بشرود ثم تحدث بإبانة: - عارف ومتأكد إنه بيخطط لحاجة. حتى لو ياباسم. لكن دا ميدلوش يكسر قلب بنتي بطريقته دي
تنهد ثم رفع نظره لغزل التي تخطو قادمة نحوه
- ريان حد مصوره مع مراته ياباسم. فهمت الدنيا وصلت بيه لأيه. مع أني حذرته مليون مرة ياخد باله من اللي بيشغلهم بس هو استخف بكلامي
صدمة عنيفة أصابت باسم فهب واقفا
- دا غير البت المزقوقة عليه.

تحمحم جواد يبتسم لغزل فأجابه
- غزل بتسلم عليك. وبتقولك اتوصى بحياة وفيروز
هز رأسه وأجابه
- تمام فهمت. هكلمك بعدين
جلست غزل بمقابلته وابتسمت بحبور
- إيه مجعتش. الغدا جهز، مستنين عز وربى بس. دققت بملامحه وسالته
- من إمبارح وإنت مش طبيعي فيه حاجة مخبيها عليا
نهض ثم اوقفها يضمها من اكتافها مبتسما
- لا ياقلبي مفيش. صعبان عليا باسم مش أكتر
توقفت عن السير وتسائلت.

- جواد متكلمتش مع ريان تاني وسألته ليه عمل كدا: رمقها بنظرة سريعة ثم جذبها متحركا
- مش عايز اعرف ياغزل ممكن نقفل على السيرة دي
تزاحمت الأفكار برأسها ونظرات مستفهمة لزوجها عن حالته منذ يومين
- أكيد عارف حاجة ياجواد. ماهو هدوئك دا مخوفني. جود حبيبي لو سمحت بلاش تخسر ريان
توقف ينظر إليها بصدمه وأشار على نفسه.

- أنا الل عايز أخسره. أنا الل روحت عملت مؤتمر وشهرت بابنه. أنا الل طلبت من اوس يطلق بنته. مهما الل حصل معاه مايدوش عذر يعمل كدا
سحب نظره بعيدا عنها وأكمل
- انا عارف ومتأكد انه مجبور على كدا. رفع سبابته أمامها وأكمل
- إلا الولاد ياغزل، مال الدنيا كله في مقابلة ابتسامة من عين حد فيهم. هو كسر ولادي وولاده. ساعات بيعمل حاجات من غير مايرجعلي
بلع ريقه الجاف وأكمل.

- لحد دلوقتي ريان ميعرفش حاجة عن موضوع جواز ماسة وبيجاد ولو أنا واحد تاني كان هد الدنيا. بس أنا قولت بيجاد زيه زي جاسر. ولولا موت الولد مكنش فكر يكسر غنى كدا. والصراحة عجبني تصرفه. دا حتى رسولنا قال
من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ولولا اللي حصل مكنتش هقول لحد.

عند بيجاد
وصل بيجاد للشاليه. ودقات عنيفه بصدره لا يعلم كيف سيقابلها بعد شهر كامل بعيدة عنه، مشط بعينيه المكان. وجدها تغفو على الشيزلونج أمام الشاليه. وهناك أخرى لم يظهر له وجهها بعد، خطى بخطى سُلحفية وكأن قلبه سيتوقف عن النبض
كان يمارس أقصى درجات ضبط النفس حتى لايثور عليها. توقف للحظات يحاول أن يملأ رئتيه المتوجعه من هيئتها التي وضحت له.

رأته يمنى. نهضت مبتسمة وكادت أن تتحدث لولا وضعه سبابته على فمه ان تصمت. تحركت من أمامه وتركتهما
توقف ينظر لعيناها المنغلقة. وكأنها تهرب من الواقع بنومها الملائكي. وضع كفيه على صدره عندما ارتفعت دقاته تتقاذف بعنف داخل قفصه الصدري. فيما انسحبت انفاسه من هيئتها، ودّ لو يضمها ويسحقها داخل أحضانه. أغمض جفنيه للحظات يحارب نفسه بألا يفعلها.

جثى على ركبتيه أمامها. واقترب يدفن وجهه بعنقها بسحب أكبر كمية من رائحتها العبقة لكي يملأ رئتيه بها
رمشت بعيناها عندما وصلت رائحته لأنفها. وبتردد ولسان ثقيل مجهد رددت اسمه الذي انتشلها من آلامها لينير وجهها كالبدر وخاصة عندما وجدته أمامها بهيئته المهلكة لروحها
- بيجاد كررت بصوتا خفيض عدة مرات وكأنها تتأكد بأنها لا تحلم وأنه واقعي
رفعت كفيها المرتعش على وجهه. وإذ بها تشهق شهقة مليئة بالوجع.

- أنا مش بحلم. وانت حقيقة وقدامي. اتكلم قول إنك حقيقة
ارتفعت دقات قلبها وارتعش جسدها عندما حاوطها بذراعيه وتحدثت بصوتا حزين
- وحشتيني قالها بعدما فرت دمعة من عينيه تسيل فوق وجنتيه ببطئ. حاولت الاعتدال ولكنه منعها قائلا: - خليكي مرتاحة زي ماانتِ
انتفض جسدها بل انتفضت روحها لكي تعانقه. فاعتدلت سريعا تلقي نفسها بأحضانه وتبكي بنشيج تلكمه بظهره
- أتأخرت كدا ليه. ليه خلتني أموت ببعدك دا كله.

وضعت رأسها بعنقه تتمسح به كقطة ألفية
حتى ملئت صدرها بأكسجين رائحته العطرة. رفعت بصرها ومدت كفيها تمسد به وجهه حتى رست على عيونه التي قابلتها بفيضا من العشق والحب
أنحنى يطبع قبلة مطولة شغوفة على شفتيها كادت أن تسحب أنفاسهما سويا
ثم رفعها بين ذراعيه القويتين وهو يضمها لصدره، وكأنها وجدت أمانها ورسيها على الشاطئ. فوضعت رأسها على صدره
حبيبي إياك تبعدني عنك تاني.

ضمها بقوة كأنها ستهرب منه. وخطى بها لغرفته بالشالية
دلف للداخل ثم ركل الباب بقدمه مغلقه خلفه. ووضعها على الفراش بهدوء كأنها أغلى الجواهر عنده
فرد جسدها على الفراش. ثم أمال عليها يحاوطها بذراعيه. موزعا نظراته عليها بإشتياقا جارف
- قوليلي أعمل فيكي إيه، اعاقبك. ولا اشبع منك. ولا أعمل إيه قوليلي وأنا راضي بحكمك.

انسدلت عبراتها على خديها كالوديان فاجابته بصوتا متقطع: - دواي لي روحي ياحبيبي. روحي بتوجعني أوي
انزل برأسه يدفنها بعنقها
- سلامة روحك. ياروح بيجاد. والله لأندم كل واحد حاول يبعدك عني حتى لو لحظة
بكت بصوتا مرتفع. مما جعلته يجلس بجوارها ويجذبها لأحضانه فدموعها نزلت على صدره كقطع زجاجيه تشحذ جلده بعنف: - إشش. أنا هنا. بلاش دموعك اللي بتكوي قلبي دي ياغنى
ظلت للحظات تبكي وهي تحاوطه بذرعيها الصغيرة وتحدثت.

- وحشتني أوي أوي أوي
أخرجها من حضنه. وهي رافضة الأبتعاد عنه. حاوطها بذراعيه ثم رفع ذقنها يتأمل رمديتها
- متخافيش مش هسيبك. نظرت لشفتيه
بيجاد وحشتني
ابتسم بحب يملس خديها
- بس إنت مش وحشتيني ياغنى
تصنم جسدها تحت ذراعيه. ثم رفعت عينيها ودموعها تنزرف بقوة. اخفض رأسه يبتلع دموعها بقبلاته المتناثرة على وجهها
- لو قولتلك وحشتيني يبقى بظلم مشاعري ناحيتك. لان كلمة وحشتيني دي أقل مايقال بأحساسي وإنت بعيدة عني.

ابتسمت من بين دموعها وانتظرت تكملة حديثه
- انتِ مش مجرد حبيبة وبس. إنتِ مراتي. عارفة يعني ايه معنى الكلمة دي
يعني دنيتي الحلوة. يعني اكتمال نصي الناقص. يعني فرحي وقت حزني. يعني سندي وقت ضعفي
اقترب ولمس شفتيها وهمس
- انت جنتي في الدنيا. وحياتي الحلوة اللي بتمنى من ربنا يطول فيها عشان أقدر أشبع منك
آهة خرجت من أعماق قلبها وهي تلقي نفسها بأحضانه وتبكي بصوتا صاخب
- وانت حبيبي وحياتي وكل حاجة ليا.

عانقها وهو يقبّل خصلاتها
- كذابة ياغنايا. طلعتي بتكذبي ياحبيبي
عشان لو أنا كدا مكنتيش قدرتي تبعدي عن حبيبك بجبروتك دا
وطأت رأسها بخزي ودفنتها بعنقه
- كنت عايزة اسعدك. كنت بدفن نفسي عشان أسعدك وبس
انحنى يرفع ذقنها ويلتقط تغرها بقبلة طويلة حتى ترنح من سكرة قبلتها. وبدأت حركة أنامله تتراقص على جسدها حتى وصل لأحشائها وفصل قبّلته مداعبا إياها
- تسعديني. مين اللي فهمك غلط وقالك سعادة بيجاد هتكون بعيد عنكم.

نظرت ليديه التي توضع على بطنها. فرفعت بصرها مبتسمة وكادت أن تتحدث
فوضع ابهامه على شفتيها. ونزل برأسه يقبل بطنها
- بابي هنا حبايب قلبي. شوفتوا مامي عملت في بابي إيه. حرمته من سعادة الدنيا لشهر كامل
رفع بصره إليها وتحدث بعتاب
- مامي كانت قاسية أوي مع بابي. بس معلش بابي هيعرف ياخد حقه وحقكم منها.
اقتربت برأسها ونظرات مستفهمة
- هتبعد عني يابيجاد. عايز تبعد عني مش كدا
اتجه بيجاد يتحدث لأولاده وأكمل.

- ياله تعالوا بسرعة عشان نعاقب مامي مع بعض. لازم نتفق من دلوقتي تكونوا مع بابي ضد مامي اللي سرقت فرحته حتى مهنش عليها تعرفه بوجودكم
ارتجفت شفتيها واغروقت عيناها بالدموع
تمسد على خصلاته
- وأنا راضية بأي عقاب. بدل هتكونوا في حضني الدنيا كلها تهون بعدها
اعتدل يناظرها بإشتياق.

- قلبي ميطوعنيش حتى اعاقبك بنظرة ياحبيبي. مقدرش اوجع قلبك حتى لو للحظات. اصل وجع القلب دا متعب أوي حبيبي. عبرة سقطت من عيناه كانت أفصح وابلغ من أي كلمات يعبر بها عن مدى ألمه ووجع قلبه
جثت على ركبتيها أمامه وحاوطت عنقه
- بيجاد.
تقابلت نظراتهما للحظات قبل أن يعتدل
- عيونه
ازدرد ريقها الذي جف وطالعته
- إيه موضوع الفرح بتاع بكرة الل.

اقترب يضع كفيه على شافتيها وتقابلت نظراتها بإشتياق. ثم رفع انامله داعب خصيلات شعرها بشوق. يتلمسه ويستنشقه ثم تحدث
- إنسي أي حاجة وأفتكري إن حبيبك وحشك أوي أوي
رمشت بعيناها وتوردت وجنتيها مما جعلها آيه خلابة الجمال أمامه، فأطبق جفنيه وبركان أشواقه تنفجر بداخله. فاستدار ينظر لغرفته حتى يحاول السيطرة على نفسه كي لايؤذيها مع اجنته
أدارت وجهه إليها وهتفت بصوتها الناعم.

- وحشني جنانك أوي. ومشاكستك لبابي اوي. وهو بيقولك يامنحرف
رمقها بصمت بعد كلماتها
التي اشعلت رغبته فقال بخفوت دغدغ مشاعرها
- حبيبك مجنون وطايش ومنحرف بعشقك ياروح حبيبك. ولو العالم كله قال عليا منحرف بحبك
هقولهم لو العشق في قامسكم إنحراف يبقى أنا اكبر منحرف
قالها وهو يتابع وجهها بعينين عاشقتين وقلب يرتجف بجوار محبوبته، ثم رفع ذقنها ووضع كفيها على صدره.

- حبي لكِ ليس كلمات ولكن افعال. فلو هتكلم عن الحب لعجز لساني عن شعوري
ابتسمت بحبور فرفعت أناملها تتحسس وجنتيه واقتربت منه لتعزف شفتيها ألحانا له عندما قابلها بعزفه المستمر على ثغرها. فهنا صمتت الألسنة وتحدثت القلوب لتعبر عن عشق يسكن ويتغلغل داخل روحيهما قبل قلبيهما.

عند جاسر
كان يجلس بمكتبه دلف جواد حازم إليه وجلس أمامه ينظر للأرض ثم تحدث
- أنا مش جاي أعاتبك ولا أقولك ليه دبحتني بسكينة باردة كدا...
رفع نظره وأكمل
- عايز اعرف ليه عايز تخطب جنى وانت بتحب واحدة تانية، وصدقني ياجاسر لو عندي شك إنك بتحبها لو واحد في المية والله لأضحي بنفسي عشانك. أنا عملتها قبل كدا ومستعد اعملها مع أخواتي كلهم
اختلج صدره بالألم ونظر بعينان مغروقتين بالدموع.

- والله أنا بحبها وكل ماافتكر أنك هتخطبها وانت مش بتحبها قلبي بيولع نار.
اطبق جاسر جفنيه وبركان من الوجع والحزن يخترق صدره كالرصاص. نهض واتجه يجلس بمقابلته انشق قلبه لينشطر ألما عليه. مد كفيه يربط على ساقيه وتحدث: - صدقني ياجواد انت غالي عندي أوي وبلاش أحلفلك لأنك أكيد عارف غلاوتك. ولو زي مابتقول بتحب جنى حارب عشانها وصدقني هكون اول من يباركلك
رمقه بنظرات ضيقة وتسائل.

- طيب ليه توقف قدام سعادتي ياجاسر، وانت قلبك مع واحدة تانية
توقف جاسر يضع يديه بجيب بنطاله ينظر من النافذة ثم رمقه بنظرات صقرية
- يمكن عشان بحب جنى اكتر مما تتوقع
هب جواد كالملسوع ينظر إليه بصدمة وبنظرة إستفهامية عن كلماته. ردد
- مش فاهم تقصد إيه.؟
هو انت مش بتحب فيروز ولا أنا غلطان. ظل يدور حوله واردف بغضب عارم.

- اوعى تلعب بمشاعري ياجاسر. فوق، والله، لم يدعه يكمل حديثه عندما توقف يرمقه بنظرات تحدية واكمل
- اللي بيحب بيثبت حبه. وزي ماقولت قبل كدا. انك عايز تثبت حب عز لربى. وضع جاسر يديه على كتفه واكمل
- الأدوار هنا متبادلة ياجواد. يارب أكون عرفت أوصلك حاجة
تحرك خارج من الغرفة ثم توقف امام باب المكتب والقى نظرة خاطفة وهو يشير إليه ليؤكد له.

- أنا اتفقت مع جنى وعرفتها موضوعي أنا وفيروز. وبما عمو صهيب وبابا عارفين فميش مانع اتجوز الاتنين. جنى قبل ماتكون بنت عمي فهي صديقتي المقربة ومع الوقت ممكن مشاعرنا تتحرك لحاجة تانية. أما فيروز فدي بعيدة تماما عن المنافسة ياابو الجود. فيروز صمام القلب. فبلاش تجيب سيرتها بينك وبين نفسك. فكر إزاي تبعد جنى عني قبل ماادخلها عشق جاسر.

قالها جاسر ثم تحرك من أمامه سريعا، عندما وجده يطلق من عيناه نظرات جحيميه لو احرقت. لأحرقته بالفعل
عند حياة وفيروز
كانت حياة تجلس بجوارها تمسد على خصلاتها الشقراء وتبتسم بحزن. ذهبت بذاكراتها لأول مرة تقابلت الفتاتين
- انا حياة
مدت فيروز يديها
- فيروز
نظرت حياة مشمئزة حولها لكي ترى ردة فعلها.

- العالم بتاعكوا دا عالم مقرف. سوري متزعليش مني. ولولا بابا غصبني ياإما أحضر المهذلة دي. ياإما يخليهم يشطوبني من الجامعة. والصراحة أنا بعشق التدريس في الجامعة بين طلابي جدا
اقتربت فيروز ثم ابتسمت لها وربتت على كفيها
- ياااه أخيرا قابلت حد نضيف من معارف عمو الذبالة. تعرفي أنا نفسي أهرب من العالم المقرف دا بس مش عارفة
صدمة اصابت حياة حتى إنها شكت بها انها طعم إليها فتسائلت بخبث.

- دا انا بسمع إن فرحك بعد إسبوع على مدحت اخويا
انسدلت دموعها بغزارة وهي ترفع نظراتها
- أهو مدحت دا أكبر عقاب من ربنا ليا. يعني يجوزوني ابن عمي وأنا خمستاشر سنة من غير مااعرف. وعشان يخلصوني منه يشرطوا عليا مدحت دا
اخذت تحدق بنظراتها بين الموجودين وأكملت بحزن.

- أنا كنت عايشة مع جدتي مرتاحة أوي. معرفش ياريتها خدتني معاها. ماتت وسبتني وحيدة لشوية زبالة. أمي اللي مفروض تكون احن واحدة عليا. بتعرض جسمي للي يدفع أكتر
صمتت للحظات ونظرت لحياة نظرة الغريق...
- حياة أنا معايا فلوس كتيرة هي الصراحة مش كتيرة اوي. وعندي حتة ارض مباني لو بعتها هتجيب مبلغ حلو. ممكن ادهملك كلهم بس ساعديني أهرب من هنا
صمتت حياة لبعض اللحظات ترمقها بنظرات تفحصية. ثم حدثت حالها.

- يالله على هذه الطفلة البريئة. لما يلقيها القدر بيد أنُاس لم يعرفون الرحمة بقلوبهم. اغمضت عيناها للحظات ثم امسكت يديها واردفت
- عندك كام سنة يافيروز
- عندي عشرين سنة في تانية إعلام
هزت رأسها بابتسامة
- يعني زُمل. طيب تمام هساعدك يافيروز
بكرة هتكلميني وهقولك تعملي ايه. بس قبل دا كله عايزة منك خدمة
ابتسمت فيروز بحبور وإجابتها.

- لو اقدر مش هتاخر ابدا. وحقيقي متشكرة جدا ياحياة. بجد أنا محظوظة اني اتعرفت عليكي. ولكنها صمتت تناظرها
- اوعي تكوني معاهم وبتضحكي عليا وفي الآخر ترميني ليهم. بجد هدعي عليكي من قلبي
لا تعلم لماذا انسدلت دموع حياة فجذبتها تضمها لصدرها
- ابدا والله. وعلى فكرة انا متجوزة من ظابط. بس بينا سوء تفاهم بس هرجعله يعني لو بضحك عليكي مش هقولك اني متجوزة ظابط وهرجعله خلال يومين
ارتجفت عيون فيروز وهمست لها.

- الظابط دا شريف ولا
هزت حياة رأسها وتحدثت بتأكيد
- شريف فوق ماتتصوري. اقتربت منها وهمست
- ابويا قتل مراته وابنه وهو اتجوزني عشان ينتقم من ابويا، شوفت شرف اكتر من كدا
ذُهلت فيروز من حديثها مما جعلها تضع يديها على فمها
- متجوزة عدو ابوكي. اكيد بيعذبك
ابتمست حياة بحزن
- سيبك من دا كله. عايزة ملفات من خزنة عمك. اي حاجة تدينه لازم تجبيها معاكي عشان لو جد في الأمور امور ولاقكي يبقى نعرف نهدده بيها فهماني.

هزت رافضة
- مستحيل. مش هعرف، دي اجبها أزاي
مطت حياة شفتيها واردفت بخبث
- كدا ماينفعش اساعدك، افرض عرف مكانك. دا ممكن يموتني. او يحبسني. ومتنسيش فرحك قريب...
تنهدت فيروز تنظر حولها بشرود فحدثتها
- هحاول ولازم اخرج
ابتسمت حياة بنصر فاجبتها
- بكرة هبعتلك عنوان تستنيني هناك
قاطع حديثهما والدة فيروز عندما وصلت
- ايه يابنات شكلكم حبتوا بعض.

ابتسمت حياة بمجاملة ونظرت إليها: - فعلا وبعدين متنسيش ياطنط دي هتكون مرات مدحت أخويا.
حمحمت حياة فأردفت
- ممكن فيروز تخرج معايا بكرة نشتري لاوزام العرايس. انا بستأذنك طبعا، اصلها بتشتكي لي وبتقولي مالهاش صحبات
فرحت والدتها كثيرا فأجابتها موافقة
- اكيد حبيبتي
خرجت من ذكرياتها عندما شعرت بوجود باسم في الغرفة
- حياة تعالي نتغدى مع بعض
نهضت متجهة لغرفتها دون حديث
قطع طريقها عندما توقف أمامها.

- هتفضلي تعاقبيني لحد إمتى، مش كفاية كدا
خرجت من بين شفتيها زفرة خافتة ثم رفعت نظرها إليه: - أنا مش بعاقبك. انا مستنية فيروز تخف وهاخدها ونمشي بعيد عن الكل. لأننا تعبنا منكوا أوي. انت ماادتنيش فرصة أدافع عن نفسي. كنت الجلاد والقاضي
وفي الأخر ايه اللي حصل
- ابني دفع التمن، ثم أشارت لفيروز وناظرته
- حتى الغلبانة دي. حاولت تفهم جاسر وكان المقابل ايه رماها كأنها عدوى طفيلية.

وياريتها عرفت تبعد عنه بالعكس دا راحت ضحت بنفسها عشان تنقذه
اقتربت تنظر لمقلتيها وأردفت بغضب
- اصلها كانت بتتلاعب بمشاعره ياحضرة العقيد. ويكفيك شر الل بيتلاعب بمشاعر الناس. تقدر تقول انه ممكن يموت نفسه عشان ينقذه. شوفت لعب بالمشاعر أقوى من كدا.

جذبها من خصرها بقوة حتى اختطلت انفاسهما واقترب من شفتيها يقبلها بشراسة فكانت شهية امامه وحرمت نفسها عليه كتفاحة آدم. ظل يقّبلها حتى جعلها تتوتر بأحضانه بسبب قبلته التي سلبت أنفاسها
دفعته بكل قوتها وصاحت غاضبة بوجهه
- إياك تقرب مني تاني. متنساش إنك طلقتني يامحترم واللي يبعني مرة ابعيه مليون مرة
التوت زاوية فمه بإبتسامة عابثة مائلا برأسه ينظر لشفتيها التي تورمت بسبب قُبلته
-.

طلاقنا واقع ياحبيبي. نسيت اقولك انا اصلا رديتك بعد ورقة الطلاق ال وصلتك. غير انك كنتي حامل فالطلاق واقع اصلا
حاوط خصرها بيديه ووضع جبينه فوق جبينها وأكمل
- مقدرتش أتحمل يوم واحد من غير ماتكوني على ذمتي
رفعت نظرها إليه وتلألأت عيناها بالدموع فأردفت
- كان نفسي أسمع دا منك قبل ماتخسرنا ابننا. كان نفسي أحس إني مهمة عندك
جذبها بقوة لأحضانه يعتصرها وتحدث بصوتا مبحوح من كثرة مشاعره.

- كنت مجروح منك. ورغم اللي عملتيه كنت بحاول اعاقب نفسي ببعدي عنك عشان أذيتك في الأول
رفع وجهها بين كفيه ولمس شفتيها
- إنتِ حياتي أنا ومستحيل أتخلى عنك إلا بموتي
دفعته بقوة وتحدثت باكية
- جيت متأخر ياحضرة العقيد، قالتها وتحركت سريعا إلى غرفتها تبكي بنحيب.

عند نغم وريان
كانت تغفو باحضانه يمسد على خصلاتها ويبتسم كلما تذكر ما صار بينهما منذ قليل وكم كان يشتهيها بقوة. فهي أول حب وأول دقة قلب نطق بها قلبه
أمال يقطف قبلة من وجنتيها، فتحت عيناها وابتسمت إليه
- كدا نومتني. والعيال تحت زمانهم ماتو من الجوع
غمز بعينيه ثم تحدث
- مايموتوا من الجوع مش أحسن مااموت انا من الأشتياق لأمهم
نهضت سريعا تحاوط نفسها بشرشف خفيف وتحدثت.

- بعد الشر عليكو انتوا الاتنين. اوعى تقول كدا تاني ياريان لو سمحت
جذبها لأحضانه
- طيب يانغم ماتبعديش تاني عشان بجد كنت بموت من غيرك
وضعت كفها على فمه واردفت ترمقه بحزن
- بعد الشر عليك ياعيون نغم. وضعت رأسها على كتفه تتنهد بإشتياقها له
- انا عارفة إنك عملت كدا لهدف. وعارفة ومتأكدة إنك مستحيل تكسر جواد وتكسر ابنك. بس المرادي حاسة إن الموضوع كبير عشان كدا ضحيت بالكل حتى انا.

اعتدل سريعا بجلسته يضم وجهها بين كفيه وتحدث بعيون حزينة
- عمري مااضحي بيكي ابدا. خليكي دايما واثقة أن ريان عمره مايضحي بروحه وانتِ حبيبة روحي وحياتي كلها
ناظرته باستفهام
- مش هتقولي عملت كدا ليه ياريان. وليه مُصر على فرح بيجاد بكرة. شايفة السوشيال مديا مش وراهم حاجة غير من جواز بيجاد المنشاوي باام ابنه اللي ظهرت فجأة
رغم الغصة المتحكمة بقلبه ولكنه ابتسم لها
- انتِ واثقة في حبيبك مش كدا.

ملست على وجهه واردفت
- بثق فيك أكتر مابثق في نفسي حبيبي
حاوط وجهها بين كفيه وأردف
- لازم تحضري الفرح بكرة ولازم تقنعي بيجاد يحضر. مع أني عارف أنه هيرفض بس حاولي
ربتت على كفيه ورمشت بعيناها بالموافقة
- هحاول بس اللي هيقدر على بيجاد مش انا. ابتسم ريان بخفوت وأجابها
- جواد الألفي. ودا للأسف مش طايق يسمع اسمي حتى
بفيلا جواد الألفي
دلفت غزل تبحث عنه وجدته يجلس ويظهر على وجهه الخوف والتشتت. اتجهت تقف أمامه.

- جواد قاعد كدا ليه وحابس نفسك الكل بيسأل عليك برة
زفر بضيق ثم وضع كف يديه على شعره وارجعه للخلف بضيق بحركة تنم عن مدى غضبه فرفع بصره لغزل
- بتصل بجوز بنتك الحلوف مابيردش. ويُمنى تليفونها مقفول. وأنا قاعد هنا هموت من القلق عليها
ضيقت عيناها متسائلة
- قصدك إن بيجاد عرف مكان غنى، يعني هو عندها دلوقتي
نهض يدور في الغرفة ذهابا وايابا
- انا اللي غبي مكنش ينفع اقوله مكانها من غير مااكون هناك.

دنت منه بخطوات وناظرته بعيناها الحزينة
- قصدك أنك قولت لبيجاد على مكان غنى ومفيش حد معاها هناك
ارجع شعره للخلف بغضب وتحدث
- كنتِ مستنية مني إيه وأنا شايفها يوم عن يوم بتدبل ياغزل. مكنش ينفع اسكت
اتجه بنظره إليها وتحدث
- بيجاد بيحبها ومستحيل يأذيها
هز رأسه رافض فكرة اذية بيجاد لها
-لا مستحيل يأذيها بعد ماعرف بحملها. لا، لا ماهو اللي بيحب مستحيل يأذي مش كدا ولا إيه.

وقفت أمامه وجه لوجه وعقدت ذراعيها امام صدرها ثم اجابته: - متكنش واثق اوي ياحبيبي. فيه ياما رجالة وجعوا قلوب عشان يحافظوا على رجولتهم
للحظة لم يستوعب حديثها. تقابلت نظراتهما. فتجمد الدم بعروقه وشعر بأن الأرض تميد به. رفع بصره وتسائل
- اوعي يكون اللي فهمته يازوزو. هزعل أوي. اوي
فكت ذراعيها متجهة للباب
- ياله ياجواد عشان نتغدى بنتك وجوزها برة وكمان صهيب ونهى.

جحظت عيناه لوهلة وهو يهز رأسه غير مستوعب نظراتها الحزينة إليه
جذبها من معصمها يحاوطها بذراعيه. ثم رفع ذقنها
- افهم من كدا إيه ياغزالتي، إنك زعلانة من جوادك ولسة الماضي بيطاردك
لم تشعر بنفسها الا وهي تلقي نفسها بأحضانه وتبكي بشهقات
- غنى صعبانة عليا أوي ياجواد بتفكرني بالماضي. قلبها بيحترق دلوقتي. دا جوزها ودنيتها كلها ياجواد، عارف يعني ايه احساس الست لما تحس أن حبيبها ممكن يكون ملك لغيرها.

قاطع حديثها وهو يضع كفيه على فمها
وصرخه بآهة عالية خرجت من جوفه. ثم وضع جبينه فوق جبينها
- لسة منستيش يازوزو بعد السنين دي كلها
هزت رأسها رافضة ثم وضعت كفيه على قلبها
- دا بيوجعني أوي ياجواد. روحي بتوجعني لما شوفت غزل في بنتها. ليه دايما غزل وبناتها اللي مكتوب عليهم الوجع
ضمها بقوة يعتصرها وتحدث
- دا وجع الحب ياروح قلبي. واللي مايدفعش تمنه مش هيحس بطعمه
- مين قال كدا ياجود. مين قال ان الحب مكتوب بالوجع.

نقش الخوف بأوردته من حالتها فابتسم رغم وجعه عليها واردف
- عشقي ليكي هو اللي بيقول كدا. بيقول كل ماتتألم بحب غزل كل ماتعشقها اكتر وأكتر. حتى اصبحت غزل وجواد مختلطين بروح واحدة
رفع ذقنها واقترب من شفتيها
- عندك شك بعشق جواد لغزالته ياغزالتي
وضعت رأسها على صدره
- عندي يقين ان بناتي هيتوجعوا كتير زي امهم
تنهد جواد بحزن وتحدث.

- لا دا الغزال موجوع أوي ولازم يتعالج. بس الوقت مش مناسب خالص. اخلص من اللي برة وأقعد ادواي حبيبي حتى مستعد ادواي جراح قلبه بدمي لو ينفع
رفعت نفسها تطوق عنقه
- أنا كويسة ياجود. متشلش همي ياحبيبي. قاطع حديثها
- أشش. أسكتي مش عايز اسمع حاجة
اخلص بس وأطمن على غنى وبعدها لازم تسمعي إنت
علي طاولة الطعام.

جلس صهيب بجوار نهى بمقابلة عز وربى. بينما غز التي تجاور زوجها بجوارها ياسين واوس. دلف جاسر بيديه جنى ملقيا السلام
- كنتوا هتتغدوا من غيرنا ولا إيه
نهض عز ينظر إليهما بشك. ثم جذب اخته اليه
- روح اقعد جنب ابوك ياحليوة. عايز اختي تقعد جنبي، كانت تتحرك بجوار عز جسدا بلا روح
رفع صهيب نظره إليها يرمقها بنظرات اب حزينة تمنى لو يأخذ حزنها. قاطعهم دلوف مليكة التي وقفت تطالعهم للحظات
نهض جواد سريعا إليها.

- مليكة تعالي ياقلبي اتغدي معانا. نظرت لعز وربى وابتسمت بسخرية
- دا العرسان جم واحنا منعرفش. ضيق جواد عيناه غير مدرك حديثها في بدايته
ثم اتجه لربى وتسائل
- مرحتيش سلمتي على عمتك يارُبى
توقفت ربى تفرك بكفيها ثم نظرت لعز نظرات ملامة
- والله يابابا كنت رايحة. روحت غيرت واستنيت عز ماحستش بنفسي غير بإتصال ماما نمت من التعب. وكنت هتغدى واروحلها
اتجهت لمليكة تضمها وتحدثت.

- والله ياعمتو رجعت تعبانة من السفر ونمت لسة يادوب قايمة
ربتت مليكة على ظهرها وابتسمت ابتسامة لم تصل لعيناها
- ولا يهمك ياروح عمتو. المهم حمدالله على سلامتك وعقبال لما اباركلك وانت حامل ان شاء الله.
وقف عز وتحدث بغيظ
- وانا بقى ابن البطة السودة مفيش حمدالله على سلامتك ياعز. مفيش وحشتنا يازيزو، والبيت كان وحش من غيرك
ضمته مليكة وهي تضحك من قلبها ثم لكمته
- لا كنا مرتاحين منك ياحمار.

جحظت عين عز وهو يرفع حاجبه بسخرية ثم اشار بفكاهة
- عمتي ياجماعة اصلها بتحبني اوي
قهقه الجميع إلا من صهيب الذي ينظر بشرود في نقطة ما.
- عامل ايه ياصهيب بقالك يومين مسألتش على ملاكك ولا جواد بس اللي بتسأل عليه
عصر صهيب عيناه ينظر لأبنته بحزن ثم أجابها دون ان ينظر إليها
- بعرف اخبارك من حازم يامليكة. ماهو حازم قاعد معايا على طول. يعني تقدري تقولي فاهم صهيب صح
قطب جواد مابين حاجبيه وتسائل
- هو فيه ايه؟

- مالكم بتحدفوا بعض بكلمات مش مفهومة
قاطعهم دخول جواد حازم. اتجه للمائدة يجلس بجوار جنى وصهيب، ثم نظر لغزل
- ايه ياطنط غزل ماليش طبق أنا كمان ولا إيه. دا حتى ماما بتقولي احسن ورق عنب تاكله من ايد مرات خالك أصل خالك بيحب ورق العنب اوي
رفع جاسر حاجبه ثم تحدث
- ايوة فعلا وجنجون كمان بتعمل ورق عنب حلو. عشان عارفة جاسر بيحبه
غمز جاسر لجنى وتحدث
- مش كدا ياجنجونتي
ابتسمت جنى بخفوت عندما علمت مايدور بعقل جاسر.

عقد جواد ذراعيه ينظر لغزل باستفهام
رفعت كتفيها بمعنى لا تعلم
اقترب جواد حازم من جاسر ينظر اليه بتحدي
- بس انا كرهته ومش عايزها تتعلمه
جذب جاسر طبقه ووضعه امامه يتناول منه متلذذا. ثم رفع واحدة يقربها من فم جنى وهو ينظر لصهيب
- بعد إذنك ياعمو خطيبتي جعانة وعايز اغذيها
هب عز كالملسوع
- ماتحترم نفسك يلا?. هتأكل اختي قدامي
طالعه جاسر مستغربا حالته فنظر لربى.

- لمي ابو الفصادة دا عشان محمهوش بطبق الشوربة دا. قوليله لو كانت ناسي افكرك. بلاش هو اللي يعملي عنتر بن شداد. دا كان بيسرق الاكل من ورا طنط نهى ويأكله لك في الجنينة
جحظت اعين عز وهو ينظر لجواد ثم اشار بيديه على جاسر
- الواد دا مين
- خطيب اختك وبعد شهرين هكون جوزها قالها غامزا لجواد حازم
سكب دلوه المثلج على رؤؤس الجميع. فنظر صهيب إليه متسائلا
- فرح مين ياجاسر. مش لما تتخطبوا الأول.

بدا يتناول من ورق العنب ويتحدث والطعام بفمه يلوكه بهدوء
- تسلم ايدك ياست الكل. يبقى قولي لجنى على الطريقة
ظلت نهى وغزل يضحكون بخفوت. بينما أوس الذي يوزع نظراته على الجميع. معجب بعقل جاسر فأردف
- جدع ياجاسر هطوّل ليه في الخطوبة خليها كتب كتاب ودخلة على طول
رفع يديه يضارب اوس بها
- حبببي ياأوس دايما فهمني. بينما عز الذي يكز على شفتيه
- دا في المشمش إن شاء الله
قطع جاسر اللحم ينظر لوالده.

- المرادي اللحم مطبوخة بطريقة الشيف بوراك يادادي اياك تعيب على غزالتك
وضع جواد خديه على كفيه ينتظر انتهاء، المسرحية
رفع جاسر نظر لعز واجابه
- والله يازيزو المشمش مالي التلاجة جوا. يعني لو مراتك بتتوحم ولا حاجة ممكن ماما تديلك سبعين كيلو تحطهم على السرير وتنام وسطيهم
مضغ طعامه فأكمل مما جعل الكل يقهقه عليه سوى جواد حازم الذي ودّ لو خنقه.

- مع إني اشك اصلا ان مراتك حامل. يابني انت بتاع بوق بس. نقدر نقول ربى هتحمل بعد عشرين سنة
وضعت غزل كفيها على فمها من الصدمة. عندما استمعت لحديث ابنها. بينما مليكة التي تستمع بذهول لجاسر اقتربت منه تنظر اليه
- جاسر حبيبي انت طبيعي
غرس الشوكة بقطعة اللحم ينظر لعمته ثم نظر للشوكة وتسائل.

- ليه ياعمتو عشان باكل اللحمة بالشوكة ولا علشان باكل ورق عنب. الصراحة دول اكتر حاجة بحبهم. ممكن كمان اللي قدام ابنك دي كمان. بس هو صعبان عليا عايز ياخد اي حاجة من غير مايتعب
قوس فمه ينظر لجواد ورجع لعمته
- قوليله ياعمتو احنا بنقطع اللحمة بالشوكة والسكينة وبعدين ناكلها. مابنجهاش من الحلة وناكلها قطع كبيرة على طول مما نزور وبطننا توجعنا
نهض يمسح فمه ينظر للجميع
- شبعت الحمدلله. يارب تكملوا اكلكم.

اتجه ينظر لجنى واردف بمغذى
- جنى لما تخلصي أكل إعمليلي قهوة من آيدك وهاتيها لي في اوضتي عشان تشوفي ناقصك ايه
قالها ثم تحرك دون حديث آخر
قهقه جواد حتى ادمعت عيناه ثم نظر لغزل وتسائل
- مين دا؟
ضربت غزل كفيها ببعضهما واجابته
- عليه العوض ومنه العوض، اعقل واحد في العيال مخه طار
اطلق ياسين ضحكة مرتفعة ينظر لجنى
- سرك باتع ياست جنى. لسة بنقول خطوبة والولد اتجنن امال لما يتجوز.

غرس جواد حازم الشوكة باللحم ينظر لصهيب بغضب واجابه
- هيروح مستشفى المجانين عشان الكل يرتاح.
جلست مليكة بين صهيب وجواد
ربتت على يدي جواد
- طول عمرك أبويا ياجواد مش اخويا ابدا. أنا جاية وكلي عشم فيك. رفعت بصرها لصهيب وأكملت: - صهيب مش واخد باله انه بيدمر تلاتة. جواد وجنى وجاسر. وجهت نظرها لجنى واكملت
- عارفة ومتأكدة صهيب ضغط على جاسر عشان جنى. رفعت يديها أمامه واكملت.

- لو سمحت سبني أكمل: - شوفت اخرة ضغطك عليه وصله لأيه الولد مكسور ياصهيب. بص لبنتك وإنت تعرف قد إيه كسرتها هي كمان.
ربتت على كفيه
- صهيب بلاش تكسرهم أكتر من كدا، نهضت جنى ترمق جواد بنظرات جانبية ثم أردفت
- مين قالك ياعمتو أن بابا ضاغط على أن وجاسر. مش يمكن جاسر عرف قمتي وبيحاول يحافظ على المتبقى مني اللي جواد ضيعه
نظر عز بذهول لحديث أخته ثم اتجه لوالده.

- لا أنا كدا لازم اعرف كل حاجة. حضرتك قولت جاسر اولى بيها من الغريب. طيب جواد عمل إيه في اختي وصلها لكدا
ابتسمت جنى لعز بحزن
- وأنا مالي بس ياعز ماأنا حلوة اهو. يمكن تعبانة بس. معرفش إنت مكبر الموضوع ليه
نهض جواد بمقابلتها وصرخ بها
- يعني افهم من كلامك دا إيه ياجنى
تحركت متجه للمطبخ واردفت
- طنط غزل هعمل قهوة لجاسر، ، وصل جواد إليها بخطوة ووقف أمامها
- انتِ بتعملي كدا ليه. آه. دفعها وبدأ يصرخ بها.

نهض عز ثم لكمه بقوة وابعده عنها
- انت ازاي تمد ايدك عليها ياحيوان. وقفت ربى بينهما عندما اشتدت نظراتهما بالغضب
صفق جواد بيديه وهو ينظر إليهم مشمئزا
- لا برافو ياولاد الألفي. ياحلاوة تربيتي فيكم. برافو ماشاء الله عرفت تربي ياجواد وولادك بيضربوا بعض قدامك
نزل عز بنظره للأسفل
- آسف ياعمو. حضرتك مشفتش عمل ايه
خد مراتك وروح ارتاح. أنت مش جاي من سفر
اقترب منه وتسائل
- ايه اللي حصل في غيابي
اشار جواد لرُبى.

- خدي جوزك وروحو ارتاحوا يابابي
اومأت برأسها. تجذب عز الذي وقف يناظر والده بصمت
وقفت نهى متجهة إليه
- تعالى ياعز. عشان نتكلم شوية
خرج عز مع والدته وزوجته، بينما جواد حازم وقف كالطفل أمام خاله
- آسف ياخالو. أنا معرفش بقيت عصبي ليه
نهض جواد يقف بمقابلته ثم اشار على جنى
- لو بتحبها اثبت لنا إنك بتحبها ياجواد. دا أخر كلام عندي. ياله روح انت كمان
ادخلي ياجنى اعملي لي انا وبابا قهوة. وسيبك من جاسر. زمانه نام.

عند فيروز
استيقظت على رنين هاتفها. امسكته ثم ابتسمت بخفوت
- عامل إيه
تنهد يمسح على جبينه بأنامله
- مش كويس خالص. إنتِ عاملة إيه؟
- وحشتيني
يااااه ياجاسر أخيرا نطقت بحاجة تفتح النفس
ابتسم راجعا بظهره على ظهر فراشه ثم همس لها: - يعني جاسر مايفتحش النفس، لازم يتكلم
ضحكت بنعومة وأجابته
- مغرور على فكرة. بس بحبك
لفت انتباه كلمتها الاخيرة فسحب نفسا طويلا. فكفى ماصار له. يكفي شعوره بانين روحه من بعدها عنه.

- هتيجوا أمتى يافيروز. مش كفاية بقى لحد كدا. بجد وحشتيني أوي
لم يستطع تمالك نفسه أكثر من ذلك فانهارت حصونه بالكامل فأغمض عيناه مردفا
- فيروز تعالي بقى، ارحمي روح حبيبك
دقات عنيفة لكليهما. لوهلة شعرت بأنها تتخيل ماقيل. فأردفت بتردد عله يرحم قلبها الضعيف
- جاسر إنت قولت إيه دلوقتي؟

ابتسم ووقف ينظر من شرفته على غروب الشمس فنطق بصوتا ممزوج بمشاعر خاصة بها وحدها جاهد كثيرا أن يدفنها واعلن موتها الزائف بقلبه فتحدث بهمس اطاح بقلبها الضعيف
- ب. ح. ب. ك. فيروزة قلبي
عند بيجاد
استيقظ بيجاد من غفوته. فلأول مرة منذ فترة تغفو جفونه سالمة مطمئنة هادئا مرتاحا. بعدما اخذ مايكفيه من اشتياقه لها.

ظل يناظرها بعشق بعدما ذهبت بسبات عميق. بعدما سقاها من عشقه، داعب انامله خصيلاتها بحنان. استمع لتأوها وهي تضع يدها على أحشائها كأن هناك مايؤلمها
نزل بيديها يلمس أحشائها بهدوء عله يخفف آلامها. فتحت رماديتها تتأوه بألما شديد
اعتدل يضمها لأحضانه
- حبيبي حاسة بإيه؟
مفيش شوية مغص بتيجي كل فترة. هاخد العلاج دلوقتي وأرتاح.

نهض يبحث عن علاجها. ثم دلف للمطبخ وقام بتحضير وجبة من الطعام. رجع اليها في غضون دقائق وجدها تجلس مغمضة العينين تبتسم وهي تضع كفيها على أحشائها.
- ولادك شكلهم بيرحبوا بيك. معرفش مالهم تعبني أوي كدا ليه
وضع يديه مثلها وتسائل
- هم بيتحركوا ولا إيه
فتحت عيناها وضحكت
- لا ياحبيبي دول لسة شهرين. يعني لسة بدري. بس بطني وجعاني أوي النهاردة
جلس بجوارها يطعمها بهدوء وتحدث.

- طيب كلي عشان تاخدي علاجك. وانتِ ترتاحي. نظر لهاتفه ووجد عدد من الأتصالات
قوس فمه ونظر إليها
- كنت عارف أنه مش هيسكت عشان كدا عملته سيلنت
ضيقت عيناها متسائلة
- قصدك بابا. فتح جواد الخط سريعا عندما قام بيجاد الأتصال بيه ثم فتح ال سبيكر
- دا اتفاقنا ياحمار. ماشي يابيجاد انا اللي استاهل اني بعتك اصلي
- بابي قالتها غنى
- روح بابي الحلوف دا عملك ايه
وضعت رأسها على كتف بيجاد.

- معملش حاجة. آسفة يابابي نمنا ونسي يكلمك
تمام ياروح بابي المهم انتِ كويسة
- الحمدلله. قالتها بخفوت.
طيب اديني بيجاد عايز اكلمه
نهض بيجاد بعدما وضع امامها بعض الفواكه والعصير
- خلصيهم كلهم لو فعلا بيتحبي بيجاد. هشوف بابا واجيلك. خدي علاجك جنبك
كان جواد يستمع اليه بإبتسامة وشعور بالراحة يتملك منه
- بيجاد، قالها جواد
حمحم بيجاد ثم اجابه سامعك.

- اسمع كويس هقولك إيه ولازم تنفذه بالحرف الواحد، وقبل اي حاجة عايزة اقولك بدل احنا طلبنا منك كدا، فاعرف الموضوع خارج سيطرتنا والحل في ايدك
قطب بيجاد حابيه وظل يستمع إليه ثم هز رأسه وأجابه
- اللي بتطلبه دا مستحيل. سمعتني. متقنعنيش ياعمو. متخلنيش انت وبابا اخد مراتي ومتعرفوش لنا مكان
كان جواد يعلم صعوبة أقناعه. فتحدث بهدوء.

- طيب لو قولتلك لو خايف بجد على والدك تعمل كدا، أما لو ريان مايفرقش معاك مترحش يابيجاد. عايز افهمك
- حياة ابوك في ايدك انت بس.
صمت جواد للحظات وأكمل: - مش ريان بس على فكرة. فيه شخص يهمك امره فوق ماتتخيل. فأحنا بنقولك انسى كل حاجة وافتكر إن والدك في ازمة ومحتاجك
- والله حضرتك اللي بتقول كدا
اجابه جواد سريعا
- ايوة عندك مانع، بكرة هتجيب غنى عندي هنا وتروح لوالدك. ومتخافش هكون معاك وعز جه كمان.

ارجع بيجاد خصيلاته بقوة يكاد يقتلعها وهو يناظر غنى التي تبتسم له ثم استدار واجابه
- هكلم بابا وأشوف ايه اللي حصل
مش هيقولك حاجة، قالها جواد سريعا
ثم صمت واكمل
- والدك معرفنيش حاجة. لكن طبعا مفيش حاجه تتخبى عليا. عرفت الدنيا مقلوبة بسببك وبس. ياتساعد ابوك ي لا
هستنى منك خبر بكرة
قالها جواد ثم أغلق الهاتف
?-?.

ظل بيجاد للحظات يتذكر ماصار من والده ثم سحب نفسا طويلا عله يملأ رئتيه ببعض الهواء عندما شعر بغصة تمنع تنفسه
دلف لغنى التي اعتدلت متجهة للمرحاض
اسرع إليها ثم قام بحملها متجها للمرحاض
- عايزة قوانين جديدة ياحبيبة بيجاد عشان تفكري مليون مرة قبل ماتشغلي دماغك وتبعدي عني
وضعت وجهها بعنقه تلكمه على ظهره
- بيجاد كفاية قوانينك اللي جابتني الأرض دي
رفع حاجبه بسخرية ثم نظر لبطنها
- قوانيني ياحبيبي جبتلك توأم.

باليوم التالي بالأسكندرية
دلف بيجاد بجواره عز لحفل الزفاف الذي اعده والده. أمال عز عليه وأردف بسخرية: - ياصلاة النبي احسن
- والله ياحبيبي كأني داخل حفل نجوم هليود. بتذكرني بحفل شاروخان يلا?، هو أبوك غني اوي كدا. ماتقوله يسلفني خمسين مليون دولار استريني. أنا راضي، ابتسم بيجاد بسخرية وغمز إليه
- ثم رفع يديه على عينيه.

- من عنيا حاضر. هسلف خمسمية مش خمسين. ركز في الحفلة وحياة حمايا عندي هيكون أحسن من تتويج هنري كافيل بذات نفسه، هو أنا قليل في البلد دي يابني ولا إيه
مط عز شفتيه ورفع يديه
- بدل حلفت بحماك يبقى مساءنا فل إن شاء الله
انتهى كلماته ونظر إليه بتحدي
خرجت من بين شفتيه ضحكة قاسية وهو ينظر لتاليا التي ترتدي فستان زفافها. ونظر لعز.

- مش هتباركلي ياحمار، ولا إنت بيقولوا عليها يابني، آه عديلك. مش إنت عديلي لازم تقوم بالواجب قهقه عز وأشار بيديه لأحدهما
- أومال. هو أنا عندي كام بيجاد.
ان شالله اطفحه لو معملتلوش فرح بمقامه.
قانون العشق يقولون...
‏في العشق يُلغى المنطق
و يُترك القلب لينطق.
في العشق ننسى من نكون
نجهل ذاتنا تقف عقولنا مكبّله
أمام جنون قلوبنا.
في العشق كل خطيئه تُغتفر
و كل عيب لا نراه.
أوليس العشق آعمى!
النظرة لمن نحب كالجرعة المهدئة عندما نصاب بألم الاشتياق...

بالأسكندرية
قبل ساعتين
هبط ريان بإبتسامة مصطنعة ينظر للمدعون. اتجه لنغم التي تقف بجوار مرام وسيلا ثم سحبها من مرفقيها وتسائل: - بيجاد مجاش. إنت كلمتيه
هزت رأسها وتحدثت: - جواد كلمه. أنا طلبت من أوس يخليه يكلمه
نظر إليها بذهول ثم زفر بغضب
- ليه تعملي كدا يانغم من غير ماتعرفيني. يبقى جواد مش هيسكت لما يعرف كل حاجة
اتجه ينظر بشرود بوجه يكسوه الحزن. أفاق من شروده عندما أستمع لرنين هاتفه.

تحرك لمكان هادئ وأجاب يوسف
- أيوة يايوسف. عملت إيه
ابتسم يوسف وأجابه كله تحت السيطرة ياسيدي. وصلت لتليفون البنت وكمان اخترقت تليفون اللي بكلمها
برافو يايوسف، قالها ريان بارتياح ثم أكمل
- كنت عارف إنك مش هتخذلني. المهم يايوسف عايز أعرف الفيديوهات اتبعتت لحد تاني ولا لا
كان يبحث بجهازا ما أمامه ثم أجابه
- أنا قدامي إن فيه حد من الحفلة عندك معاهم ياريان. بس لسة هشوف فيه حاجة وصلت للتليفون دا ولا.

تنهد ريان وتسائل
- إنت متأكد من كلامك دا. يعني فيه حد تاني غير البنت والولد. صمت يوسف يبحث فيما أمامه بسرعة ومهارة ثم رفع نظره للذي دلف إليه يبتسم
- هشوف وأرد عليك ياريان متخافش. انا هعرف أوصل لأي جهاز مع فون تاليا
جلس جواد بجوار يوسف وتسائل
- وصلت لحاجة يايوسف
أومأ يوسف وهو ينظر أمامه بأهتمام
- كله تحت السيطرة. لكن فيه سؤال محيرني. كان إيه لازمة الحفلة اللي عملها ريان. ماكان ممكن نتخلص بالطريقة دي.

رجع جواد بظهره على المقعد وأجابه
- عايز يعمل منهم عبرة لمن يعتبر. على مااعتقد دا تفكير ريان. متنساش إن الموضوع حساس.
رفع جواد نظره للجهاز الذي أمامه وتسائل
- ازاي بتعرف تخترق وتسحب معلومات. وكمان بتغيرها
ابتسم اليه يوسف وأجابه
- زيك كدا لما بقولك إزاي تعرف إنك هتكسب قضية وانت مفيش دليل ملموس من المجرم. ورغم كدا هجاوبك على فضولك.

شوف طبعا فيه حاجات بتكون صيدة للبعض. يعني بمعنى انك مثلا لو مطارد من اعدائك فحبيت تدخلهم من طريقة شمال. فبتدخل كدا وتخترق وتسرق
المهم عايز اقولك إن دايما رجال الأعمال اللي زي ريان كدا مستهدفين. فعملوا الأجهزة دي عشان نعرف نخترق.

وطبعا! لا خلاف أن أصبحت الهواتف الذكية تشكل أجهزة حاسوب مصغرة متصلة بالإنترنت تخفي في مكنونها الكثير من الخفايا والبيانات والمعلومات التي تسعى الكثير من الشركات لتجميع أكبر قدر منها، وذلك بغرض استغلالها في تطوير أعمالها التجارية مختلفة المهام. فقد تكون مستهدف من قبل منافسينك الذين ما يترقبون أسرارك للإيقاع بك، أو قد تكون فريسة دسمة للراغبين في انتهاك خصوصيتك والعبث فيها للتسلية أو الإبتزاز. هنا يظهر الوجه الآخر الخطر للهواتف الذكية كأدوات تجسس ومراقبة وتجميع معلومات وتحديداً في حالة إختراقها أو مراقبتها. ومن أكثر أساليب الإختراق خطراً هو اختراق شريحتك زي ماانا دخلت كدا.

وعملت هذا الإختراق من خلال إرسال رسالة قصيرة (SMS) إلى تليفونك، تحمل في داخلهارابطاً إلى متصفح أو رمزاً معيناً يملي على الشريحة بعض التعليمات البرمجية والأوامر للسيطرة على الجهاز أو سحب البيانات منه مستخدماً برنامجاً تتعرف عليه بطاقة الهاتف يسمى “S@T Browser”. ومتنساش العمليات تتم بشكل صامت غير ملحوظ. ولأن اختراق (SimJacker) لا يقتصر على نظام تشغيل معين؛ ف جميع أنواع التليفونات معرضة للخطر بما فيها أجهزة الهواتف الذكية اللي بتعمل على نظام أندرويد وآيفون.

فهمت ياحضرة اللوا
اومأ جواد برأسه وهو ينظر للشاشة امام يوسف.
علي الجانب الآخر
وقف ريان بشرفة غرفته ينظر لتوافد المدعويين. إتجهت نغم إليه ووقفت بجواره: - ريان حبيبي بيجاد على وصول. إنت عارف دا معناه إياه
أطبق على جفنيه. وحاول التنفس عندما شعر بغصة تمنع تنفسه. ثم اتجه بنظره إليها واصطنع ابتسامة خفيفة
- نغم انزلي وأنا جاي وراكي. هعمل تليفون مهم. اومأت برأسها ثم خرجت وتركته.

اتجه ريان لتاليا. ثم قام بالطرق على باب الغرفة. إصطدمت تاليا بوجوده تخيلته ماسة: رسم ابتسامة ثم تحدث
- فين ريان مش شايفه يعني
فركت كفيها ثم رفعت نظرها إليه واجابته
- حد من صحباتي اخده معاه. حضرتك عارف الفرح ودوشته وممكن الولد يتوه مني
جحظت عيناه ثم نظر إليها بصدمة
- إزاي تعملي حاجه زي كدا. مش المفروض تعرفيني.
اصطنعت البكاء والحزن فنظرت للأسفل.

- ماهو طنط نغم مش معترفة بيه خالص. والصراحة أنا مش واثقة في بيجاد. مش معقول اتغير في يوم وليلة. خفت يعمل في الولد حاجة
اقترب ينظر إليها شرزا وتحدث
- شكلك متعرفنيش. دا حفيدي يعني اللي يقرب منه ادهسه بجزمتي حتى لو كان ابني بذات نفسه
كانت نظراته تتناقض كليا بما يشعر به. ودّ لو اطبق على عنقها ولم يتركها إلا صريعة بين يديه. مسح على وجهه وأشار إليها
- كلميها خليها تجيبه وتيجي.

يلا كلميها. صاح بها ريان بصوتا مرتفع. فهزت رأسها بالموافقة، ثم خرج سريعا حتى تتم خطته ولا يترك شيئا للظروف
علي الجانب الآخر جلس يوسف بتركيز يتابع الهاتف. ابتسم عندما وجد ما يبحث عنه. ثم ارسل رسالته لريان
- تم ياكبير وكل الفيديوهات اتمسحت من التليفونين.
كان يزرع غرفته ذهابا وإيابا ينتظر اتصال يوسف على أحر من الجمر. رفع هاتفه عندما استمع لأشعار الرسالة
دقق النظر لعدة لحظات ثم تحدث ليوسف.

- متأكد مفيش غير دول يايوسف
توقف جواد وهو ينظر بشاشة يوسف عله يفهم شيئا فيما اجاب يوسف
- ايوة ياريان. دول اللي البنت بتتواصل معاهم من وقت مادخلت فيلتك. غير كمان رقم جاكلين اللي اتاكدنا منه
توقف يوسف ينظر لجواد. وتحدث
- فيه حاجة كمان لازم تعرفها
ضيق ريان عيناه وانتظر اكتمال حديثه
- ماسة بنت عمر
هزة عنيفة أصابت ريان وهو يتمنى ان يكون ماهفمه ليس إلا كابوسا
حمحم يوسف وأكمل.

- ماسة اتكلمت مرتين مع جاكلين لكن معرفش كانت عايزة إيه. يعني رقمها موجود قدامي
سقط جواد على المقعد خلفه عندما وضحت إليه الصورة وماكان يصل لهاتفه من صور لبيجاد وتاليا سوى من ماسة
ابتلع ريان ريقه وحاول فك رابطة عنقه عندما شعر بالأختناق وتحدث بصوتا مذبذب
- قصدك ممكن ماسة تكون مشتركة معاهم. وتكون الصور كمان معاها.

هز يوسف رأسه رافضا وأجابه سريعا
- لا طبعا مااقصدش. لكن معرفش ايه علاقتها بجاكلين وتاليا. دول بيكلموا بعض. دي كل الارقام اللي ظهرت عندي
تاليا مع زميل بيجاد طبعا اللي اتخانق معاه قبل كدا. واللي كان بيعاكس غنى يوم حفلة المستشفى. شوف كمان جاكلين بعدها اتواصلت عدة مرات من حوالي. استنى اعرفلك التوفيت بالضبط
- آه من حوالي خمس شهور. دا يعتبر بعد عملية غنى بشهر
- إممم وبعدين كمل.

اتصلت بيها كام مرة وقعدا وقت كبير مايتواصلوش غير من شهرين بس. يوم ماجتلك على الشركة قبلها بيوم واحد
زفر يوسف وهو ينظر لجهازه ثم أكمل: - وبعد كدا كانت بتكلمها نقول يوميا ومع الولد بتاع الحفلة
هز ريان رأسه وتحدث: - خلاص شوف تليفون ماسة يايوسف
تصنم يوسف بمكانه وتسائل
- اكيد بتهزر مش كدا: حمحم جواد بجواره وتحدث
- لا مش بيهزر يايوسف. شوف زي ماقالك عشان عندي معلومة هتثبط انها متورطة معاهم.

ضغط ريان بقبضته وتسائل
- ليه خبيت عليا ياجواد. جي دلوقتي تعرفني
- مش وقته الكلام دا. المهم نتأكد انها معاهم ولا لا. قاطعهم يوسف
- لا مفيش حاجة عندها غير شوية صور ليها مع بيجاد والاتصالات العادية
- الحمدلله. قالها ريان بتنهيدة حزينة
يوسف انا هنزل دلوقتي ومش عايز غلط وراك. هيدفعني كتير
أكد يوسف إليه
- ان شاء الله خير
بعد قليل نزل للأسفل ونظر بين الحضور بابتسامة يبحث عن ابنته واولاده اولا.

كانت تقف بجوار ماسة التي تنظر بهاتفها بشرود. وصل ريان إليها وسحبها من يديها
- ماسة تعالي معايا. عايز اتكلم معاكي شوية
في سيارة بيجاد
جلس ينظر من النافذة أثناء ذهابه للحفل بجواره عز بالسيارة. ابتسم بخفوت عندما تذكر لحظاته مع متيمة قلبه
فلاش باك
خرجت بإرهاق من المرحاض. جلس أمام المرآة تغمض عيناه تحاول الصمود أمام آلامها. وصل إليها يحاوط جسدها من الخلف ثم أمال يقبل وجنتيها
- اساعدك!
هزت رأسها بالموافقة.

- ياريت. شكل يُمنى مش هترجع الليلة
رفع حاجبه بسخرية وتحدث فظاظة
- وليه عزول بينا. ماجوزك معاكي أهو. عايزة اعملك ايه وأعمولهولك
جلس خلفها وحاوطها بذراعيها
- اي حاجة شاوري ومالكيش دعوة
رجعت بجسدها عليه وأشارت على المنشفة وملابسها
- نشف شعري. وغيرلي هدومي. مش قادرة اتحرك
جذب مقعد صغير. واوقفها بهدوء.
اقعدي هنا عشان تعرفي تسندي ضهرك كويس. ابتسمت له وفعلت مثلما قال لها.

قام بفك منشفتها التي توضع على رأسها. ثم قام بتشغيل المجفف الكهربي لعدة لحظات
غرس أنامله بخصلاتها وهو يبتسم. ثم اقترب يستنشق رائحتها
- شعرك طول وبقى يجنن أهو
رفعت ذراعيها وحاوطت خصره
- كنت بهتم بيه أكتر من أكلي عشان عارفة إنك بتحبه اوي. رفعت نظرها إليه ووضعت يديها على خديه
- فاكر اول مرة قابلتني فيها في طنطا يوم ماخبط عربيتك
قبّل يديها التي تضعها على خديه وأجابها.

-فاكر كل ثاتية كنا بنتقابل بعض فيها مفيش ولا لحظة ناسيها.
ابتسمت وسألته: - طيب قولت إيه يوميها؟!
اندلعت ضحكة عالية من جوفه ثم جذب رأسها يقبّل جبينها قُبلة عميقة تدل على مدى تعمقه بها ثم أجابها
- يوميها كنتي قنبلة بترمي روكس ياقلبي. دنى يهمس امامها وغمز بعينيه وسألها
- عجبتك صح وقتها. قولي ماتنكريش
لكمته بصدره ودفعته
- امشي يابيجاد والله بابا ماظلمك لما قالك منحرف.

حملها متجها بها لغرفة الملابس وهو يضحك بصوتا صاخب
- والله كنت محترم من يوم ماعرفتك وانحرفت
لكزته ثم تحدثت
- طيب عيني في عينك كدا
ضمها لصدره ونظر لثيابها الموضوعة بالخزانة
- مابلاش خليكي بعيدة عني. خلي الولاد يجوا بالسلامة
قام بتبديل ثيابها. لثياب مريحة لنوم
نظرت لنفسها ثم إليه واشارت على نفسها
- دا إيه الأدب دا كله. هتنام جنبي وأنا كدا
حاوطها بذراعيه.

- حاولت الاقي حاجة مأمن ليكي وميخليش شيطاني يوزني. واقعد مؤدب
رفعت حاجبها تنظر إليه بسخرية
- ليه حبيبي الهدوم بتوقفه؟!
ثم رفعت ذراعيه تعانقه وهمست بأغراء
- الحب مفيش حاجة بتقدر عليه ياحبيبي
حاول إخفاء ابتسامته بقدر المستطاع على صغيرته التي تتلاعب بمشاعره. فأنزل يديها بهدوء. وقام بحملها متجها لفراشها دون حديث
شيعته بنظرة إستفاهمية.

- مالك يابيجاد من وقت مابابا كلمك وإنت بتحاول ترسم ابتسامة على وشك. بابا قالك حاجة ضايقتك؟
ازداد توتره ثم رفع كفه يتحسس عنقه. وهز رأسه بالرفض
- لا باباكي مقاليش حاجة، تعبان وعايز أنام. تخيلي من يوم مامشيتي منمتش ساعة كاملة
رفعت يديها إليه واشارت على ساقيها
- تعالى نام. انا نمت كتير ومش جايلي نوم دلوقتي.

احترق جدران قلبه عندما تقابلت عيناه بعينيها البريئة. كيف له أن يقص لها مايشعر به. كيف لها أن تتحمل ماسيفعله
اطبق على جفنيه وشعر بتثاقلهما. ثم خطى إليها باسطا جسده على الفراش واتخذ من ساقيها وسادته
رفعت كفيها تربط على خصيلاته الناعمة. ثم أمالت تقبل خديه وتحدثت وكأنها تقص له مايحلو من القصص
هحكي لك على قصة البنت اللي كانت بتكره او مابتأمنش بالحب. سحبت نفسا ثم تحدثت:.

- تعرف كنت بستتقل دمك جدا من اول كام مرة شوفتك فيها.
احست بوخزة مؤلمة اصابت شقها الأيسر عندما تذكرت
- يوم ماقابلتك عند الدكتور طارق مع بابا. دي كانت أول صدمة ليا. وقتها بس حسيت إني متلخبطة ومش عارفة أنت بتكون إيه في حياتي.
ارتجف قلبها وأكملت.

- لما كنت بقرب من بابا مكنتش عايزة أبعد عنه خالص. وكنت بتمنى أن الوقت يوقف عليه هو وبس. مكنتش فاهمة إحساسي دا بأبوته. ولم كنت بتقرب مني كنت بحس بدقات عنيفة في قلبي لدرجة كرهت نفسي أوي وقتها.

انسدلت عبرة خائنة من بين جفنيها وأكملت: - مكنتش فاهمة يعني ايه شعور الحرمان والإحتواء يابيجاد. بابا كان بيحاول يقرب مني عشان كان حاسس اني بنته. وأنا كنت بقرب منه عشان كنت فاكرة مشاعري دي حب بشخصية مثالية زيه. واهرب من دقات قلبي ليك. اصلك جذبتني جدا. حسيت أعرفك بقالي سنين طويلة
ابتسمت بحزن وأكملت وهي تغرس انامله بخصيلاته
- في الوقت دا. أنت كنت مجنني معرفش كنت بكرهك ولا بحبك ولا إيه بالضبط.

أمالت بجبينها ونظرت لمقلتيها
كنت عامل زي المغناطيس اللي بيجذب.
تنهدت تأخذ نفسا ورفعت رأسها
- أول مرة حسيت إنك مهم ليا. لما شوفتك في الجامعة مع سيلا. وقتها حسيت إني غيرانة عليك ونفسي أضربك أوي. وخصوصا لما شوفتك ماسك ايدها
رفع كفيه وسحب كفيها يقبلهما
ابتسمت إليه وأكملت
- من وقتها وحضرتك بقيت تجذب فيا أكتر وأكتر. حتى لما وقفت قدامك وقولت إني بحب جواد الألفي. كنت عايزة أشوف نار الغيرة في عيونك دي بس.

نظرت إليه تكبح غلالة دموع غيمت مقلتيها متذكرة شيئا
- طارق كان حنين جدا معايا. بس مش حنان الأب لبنته. معرفش وقتها نظراته ليا كانت إيه. ارتجفت شفتيها ونظرت اليه
- الصراحة هو عمره ماحاول يقرب مني. كان دايما مسافر. ومامي. قصدي تهاني كانت هي اللي يعتبر كل عيلتي لحد مااتعرفت على يمنى في تركيا. بابا كان مهندس كويس. وقتها ارتبطت بيها جدا.

وادللت على مامي عشان ننقل جنبهم وبما ان طارق مكنش موجود تهاني كانت بتعمل كل اللي بطلبه واتقابلت هي ووالدة يمنى اللي طلعت صديقتها من اعدادي.
ابتسمت واسترسلت: - الدنيا دي ضيقة أوي. وعدت سنين كتير ويمنى رجعت مصر قبلنا بسنتين. رجعت للوحدة تاني. فيه ولاد كتير حاولوا يتقربوا مني وأنا في ثانوي. لكن أنا مكنتش بحب كدا. كنت عاملة زي السحابة اللي مبتقفش في مكان.

بحب الضحك والهزار. اعتدل جالسا يستمع إليها بتركيز، رفعت نظرها ثم ابتسمت
- لما تهاني قالت هنرجع نستقر في مصر. كنت مخنوقة ومضايقة على رغم المفروض أكون سعيدة عشان يمنى. بس مكنتش حابة ارجع هنا من كتر ماكنت بسمعه عن مصر
ورجعت مصر وأول اسبوع شوفت واحد واقف قدامي بارد وعمال يشتم. دققت النظر بملامحه وأكملت
- وقت يمنى مانادتلي بغنى. شوفت حاجات كتيرة ظهرت عليك. وقتها فكرت ان حبيبتك بالأسم دا.

جذبها لأحضانه يرجع شعرها المتمرد للخلف وتحدث
- ومين قالك إن دا مش أسم حبيبتي
وضعت رأسها على كتفه وتشابكت بأصابعهما وأجابته
- كذاب ياحبيبي. عشان دا دق لواحدة تانية. ومعرفش العلاقة بينكم وصلت لأيه
رفع ذقنها يحاوط وجهها عندما علم سبب قصها حكايتها فتحدث مؤكدا
- غنى دا مش حب. دي علاقة عابرة. وبتحصل بين الشباب عادي.
ناظرته بروح مكسورة وليس سوى الصمت
فتسطحت على الفراش وأجابته.

- عادي يابيجاد؟ بس عايزة أعرف كان إيه شعورك لو اكتشفت إن ليا ماضي مثلا زي تاليا كدا
جذبها بقوة وصاح بغضب
- غنى المواضيع دي مش للهزار سمعاني. ميغركيش أن أنا بحبك وبعشقك. لكن بلاش تستفزي مشاعري
أستدارت توليه بظهرها واردفت
- ليه حلال عليك وحرام عليا. ايه يعني ماانت ماضيك مش هتتحاسب عليه فماضيا برضو ماتحسبنيش عليه
غنى صاح بها عندما جذبها وأردف
- إياكِ. إياكِ ياغنى تلعبي معايا.

- بيجاد إنت مكنتش تعبان وعايز تنام. يلا نام لاني مرهقة زي ماقولتلك. أنا مش تافه زي حريمك. ياعم السلطان
كور أصابعه ثم اطلق زفيرا قويا يمسح على وجهه. وتوقف متجها للشرفة وامسك هاتفه يحادث والده
خرج من شروده على سؤال عز
- بيجاد إنت عرفت غنى بحاجة
هز رأسه بالنفي وأجاب
- مكنش ينفع ياعز. الموضوع مش سهل عليها
ربت عز على ساقيه وتحدث بمؤازرة.

- كل حاجة هتكون تمام متخافش. ربنا يستر ومتعرفش حاجة وقتها هيكون صعب عليها
تبدلت ملامح بيجاد وتسائل
- هي المفروض تقدّر الحالة اللي كلنا فيها وأنت شوفت حتى باباها مبعدش عن بابا رغم اللي حصل
زفر عز متنهدا
- دي غير دي طبعا. هي اولا متعرفش الحكاية. ثانيا دي ست يعني أهم حاجة عندها كرامتها، ووجع قلبها هيكون صعب
نظر بيجاد من النافذة وهو يدعو ربه بأن الموضوع يمر مرور الكرام.

وصلا إلى فيلا والديه. تركزت جميع الكاميرات عليه. دلف بهيئته الجذابة وتزاحم الاعلامين حوله ولكنه دلف دون الوقوف والتصريح بأي شيئا.

بمدينة شرم الشيخ
دلف باسم لغرفة حياة دون الطرق على باب الغرفة. كانت تخرج من مرحاضها تلتف بمنشفة كبيرة متجهة لغرفة الملابس. تصنمت بوقفتها عندما وجدته أمامها
- ممكن أعرف إزاي تدخل بطريقتك دي
دنى بخطواته السلحفية يمشط نظراته على جسدها بالكامل، كان يجاهد نفسه بالأ يجذبها لأحضانه ولا يتركها حتى يشبع روحه من إبتعادها.

تحركت بخطوات مرتعشة. وضربات قلبها تصم آذانها من شدة خفقاته عندما وجدت نظراته المشتاقة إليها
توقف يمنع سيرها. ثم رفع يده يرفع ذقنها وينظر لمقلتيها
- أنا جاي أحررك يا حياة.
غصة توقفت بحلقه تمنعه من التنفس. فأكمل:
- لو عايزة تتحرري من باسم معنديش مانع. مستعد أضحي بوجع قلبي في سبيل أرجع اشوف ضحكة حياة الحلوة وشقاوتها.
استدار يواليها بصدره:.

- ممكن أكون أناني ومفكرتش غير في نفسي وحاولت اسعد نفسي بعد ماحسيت إني بحبك. عشان كدا حاولت متبعديش عني فعملت حجة الولد.
تراجع خطوتين للخلف
- من النهاردة مش هكون أناني ابدا. من حقك تعيشي حياتك. وبالنسبة لفيروز أنا عملت حسابها في كل اللي تحتاجه ومتخافش عمها اتسجن وكمان مدحت مطارد من الشرطة وهيجبوه
رفع نظره إليها وأردف برسم أبتسامة
- وانتِ عيشي حياتك إنتِ جميلة أوي تستاهلي تفرحي وتكوني أسرة.

آسف قالها وخرج بروح محترقة وقلبا يتمزق ألما وثقل بتنفسه كأن روحه تنسحب لبارئه
تسّمر بوقفته عند الباب عندما همست بشفتين مرتجفتين.

- أنا بكرهك أوي ياباسم. بكرهك عشان دايما بتخذلني. بكرهك عشان بتوجع قلبي. بكرهك عشان دايما مابتحاولش تربط على قلبي وتداويه. بكرهك عشان بحبك ومش قادرة حتى اتنفس وانت بعيد عني. بكرهك عشان متمنتش راجل في الدنيا قدك. بكرهك عشان نفسي تحضني وتحسسني بالأمان. بكرهك فوق ماتتخيل عشان بحبك اكتر مايصورلك عقلك وقلبك الغبي دا.

ترنح خطوة للخلف بأعين مغمضمة بقسوة. وشفتين فاغرتين مصعوقا وكأن ماقالته كصاعقة أدمته بشدة فاصابت صدره وشعر بإنسحاب انفاسه. فرفع نظره لعيناها الجميلة ورأى ماجعل قلبه يدمي أكثر وأكثر عندما وجد دموعها كشلال، وهي تهمس اليه
- مش هقدر أعيش بعيد عنك ياجلادي للاسف. هنا توقف الزمن وثبت دوران الأرض تحت قدميه. فبأنفاس مرتجفة تحدث مبتسما بزهوا
- وأنا اموت لو حياتي بعدت عن حضني يوم واحد.

كانت تمنع ساقيها من الركض والأرتماء بأحضانه التي اشتاقته كثيرا
وصل إليها بخطوة واحدة وهو يضمها ويدور بها كأنه شاب بالعشرينات. انزلها بهدوء ينظر لمقلتيها وتحدث بصوتا مفعم بكم عشقه وحبه
بحبك ياأجمل خطة بحياتي.

عند جنى وجاسر
كان مستلقيا على العشب بحديقة منزله. استمع لخطوات احدهما. اعتدل جالسا
جلست بجواره وأردفت وهي تنظر بنقطة ما
- هنفضل كدا لحد إمتى ياجاسر؟
زفر مختنقا محاولا الحديث
- جنى أنا مخنوق فيما تتخيلي صدقيني عامل زي المضروب على راسه
اتجهت بنظرها إليه
- جاسر هو فعلا إحنا ممكن نتخطب حق وحقيقي. يعني هتفضل ساكت لكدا
بدا على وجهه الحزن الشديد ثم رفع نظره إليها.

- للأسف ياجنى الخطوبة دي لازم تتم. أنا حقيقي عاجز ومش عارف أعمل إيه
نظرت للأسفل وتساقطت دموعها ثم أردفت من بين بكائها
- هو أنا وحشة اوي كدا ياجاسر؟
قطب حاجبيه وتسائل
- إيه الهبل اللي بتقوليه دا؟ كزت على شفتيها تمنع شهقاتها وأجابته باسترسال
- تعرف وأنا في ثانوي عجبني صديق ليا أوي. صمتت للحظات ثم سحبت نفسا وأكملت: - بعدها بكام يوم لقيته جايلي عشان اساعده يتعرف على صاحبتي. قالتها بسخرية.

ضيق جاسر عيناه وتسائل
- جنى انتِ حبيتِ في السن دا؟!
هزت رأسها بالنفي وأجابته: - بقولك اعجبت بصديق. مقولتش حبيت ياجاسر متبقاش رخم
مط شفتيه للأمام وتحدث بسخرية
- فكرتك زي البنات اللي كد وكدا. بيمشوا يحبوا وهما لسة بياخدوا الرضعة
كانت مدهوشة لما تسمعه ملجمة اللسان. لا تستطيع الحديث. فرفعت بصرها اليه. فلكمته: - أنت شايف حالتي دي للمزاح ياجاسر
انفجر ضاحكا ثم قال مستهزءاً.

- فكرتك بريئة ياجنجون. وكنت عايز افكر حتميا فيكي يابت. وأخليكي توقعي في دبديبي
احتقن وجهها بالغضب فلكزته مرة اخرى بكتفه وقلدته
- ليه الاستاذ له دباديب!
رأى جاسر. صهيب متجها إليهما من بعيد. فاعتدل سريعا يقترب منها. ثم حاوطها بذراعيه وهمس إليها ورغم أنه همسا إلا أنه استمع صهيب إليه
- ماتجيبي بوسة يابت ياجنى.

رجعت جنى بجسدها تنظر إليه مذهولة. ثم نظرت غاضبة وحاولت التحدث ولكنه اوقفها بغمزة من عينيه عندما شعر بوجود صهيب خلفه:
جذبه صهيب من ثيابه
- حتى إنت ياحيوان كنت مفكر إنك غيرهم. بس شكل العيلة كلها قليلة أدب
حاول جاسر منع ابتسامته وهو ينظر لجنى غامزا ثم تحدث
- ايوة زي ماقولت كدا. أنا قليل أدب ومنحرف. يرضيك تجوز بنتك لمنحرف ياعمو
توقف صهيب وهو ينظر إليه مذهولا. ثم صمت للحظات ف قال بغموض بعدما علم بخداع جاسر.

- طيب ليه ياحبيبي. ما نستر عليكم وزي ماقولت نكتب كتابكم ودخلة على طول، قالها صهيب وهو يعدل من ثيابه، ثم تركه وتحرك وهو يمنع ابتسامته عندما وجد الذهول على وجه جاسر
بالأسكندرية
دلف عز وبيجاد متجهين لريان الذي يقف بجوار نغم وياسمينا
وقف بيجاد وهو يكز على أسنانه
- عايز المهذلة دي تخلص بسرعة. أنا ممكن أقلب في لحظة بقولك أهو.

سحبه متجها للمكان المخصص لعقد القران ثم توقف ريان ينظر للحضور بابتسامة وامسك الميك وتحدث
- اولاً حابب أشكر كل الحضور على تواجدهم وقبول دعوة. سحب نفسا وأشار لتاليا التي نزلت بجوار عمر متجه إليهما ثم وقفت بجوار بيجاد تتحدث بغضب هامس
- حتى مش هاين عليك تقابلني على السلم
علي العموم مش هتفرق يابيجاد
امال برأسه وصنع ابتسامة سخرية وتحدث
- تعرفي لو ربنا بيحبك ينقذك من تحت ايدي ياتاليا. رفع نظره لماسة وأكمل.

- فيه غيرك كتبت كتابي عليهم. تخيلي ملمستش إيدهم حتى. رفع سبابته وأكمل اللي رحمهم مني صلة القرابة بس
لكن ياتولي الفرق كبير بينكوا
رفعت نظرها لماسة بذهول تتأكد من حديثه ثم اشارت عليها
- قصدك انك اتجوزتها قبلي يابيجاد
وضع يديه بجيب بنطاله ونظر للحضور ثم رجع رفع نظره إليها
- مين قالك ياحلوة اني هتجوزك
اتت لتتحدث اقترب من والديه. كله تمام يابوص، هز ريان رأسه وهو ينظر للمدعويين، دنى بيجاد من عز وأردف.

- مش ناوي تباركلي يا، حك مؤخرة رأسه واكمل
- بيقولوا ياعديلي
قوس عز فمه بسخرية وأجابه
- احلى عريس والله ياحبيبي. رفع يديه لأحدهما. ففتحت الشاشات أمام الجميع
تراجع ريان يستند بظهره على الجدار خلفه وهو يرمق تاليا و أحد الأشخاص الذي دلف للحفل إدعائه بصحفي
فركت تاليا يديها وظهر الذهول على وجهها وهي تنظر للشاشة جحظت عيناها مما رأت
- تجلس على كافيه بالقرب من الشاطئ. اتجهت احدهما تجلس بمقابلتها.

- جاكلين عزيز، وهذا اخي جاك
هزت رأسها بإيماءة
- اهلا بحضرتك. ممكن اعرف ازاي وصلتوا لرقم تليفوني
تحدث جاك
- لا تشغلي نفسك بهذه التفاهات. إننا نطلب منكِ طلبا وسوف تؤجرين عليه بمبالغ اكثر مما تتوقعين
قطب حاجبيها وتسائلت
- مين انتوا وعايزين مني إيه؟!
ابتسمت جاكلين تضع ساقا فوق الاخرى وتحدثت: - عشرين مليون، خدمة بسيطة هتعمليها. أنا عارفة ان والدتك ماتت من فترة. واختك عايشة معاكي في الشقة
حمحمت تاليا وتسائلت.

- برضو معرفتش انتو مين. وايه الضرورة مني انكوا تعرفو كل حاجة عني
طرق جاك بأصابعه عدة مرات على المنضدة وتحدث: - بيجاد المنشاوي!
تصلبت أنظارها إليهما ثم قطبت جبينها ورددت: - بيجاد؟! ماله؟!
مطت جاكلين شفتيها وارتشفت من قهوتها ونظرت إليها
- هتتجوزيه وهتاخدي عشرين مليون كمان فوقيه. مش هو حبيبك القديم ولا أنا غلطانة
ابتسم جاك بسخرية عندما وجد ذهولها. فتسائلت
- أنا وبيجاد سبنا بعض بقالنا فترة كبيرة.

وضعت جاكلين شيكا امامها
- دا عشرة مليون وبعد ماتخلصي اللي هنطلبه منك هتاخدي عشرة مليون كمان
لحظات كالسيف مرت على احدهما فرفعت نظرها وتسائلت
- إيه المطلوب وعلى حسب المطلوب هقول رأيي
هز جاك رأسه بنفي واجابها
- عفوا. اننا نوثق عقدا اولا حتى لا تتلاعبين بعد ذلك
جلست لفترة ثم رفعت رأسها بطمعا وحقد بسبب رفض بيجاد لها بعد قضائه فترة معاها.

- شكل الموضوع كبير ومهم ليكم أوي. أمسكت كوب العصير وارتشفت بعضه وتحدثت: - اشوف المطلوب وبعدها اقرر
حمحمت جاكلين وتحدثت
- هتدخلي فيلا المنشاوي على إنك ام ابن بيجاد. مع انه كان حبيبك لفترة. فبتالي هيكون سهل ان الموضوع بسيط
ضحكت تاليا بسخرية وأجابتها
- دا ايه التخطيط الجهنمي دا. شكلكوا بلا دماغ سوري. ثم اكملت
-
بس محصلش حاجة بينا وكمان بيجاد مش اهبل وعبيط. غير إن فيه حاجة اسمها تحليل DNA.

قوست جاكلين شفتيها واجابتها
- مالكيش دعوة أنتِ بدا كله، المهم تدخلي وتقولي الولد ابنه. ريان طبعا مش سهل فالموضوع هيشغل دماغه وهيخاف على سمعته هو وابنه. وقتها هقولك تعملي ايه: ازدرد ريقها بصعوبة تجمع الكلمات التي جفت على طرف لسانها فقالت بثبات: - مين يضمني أنكوا مابتلعبوش بيا
وضع جاك اوراق امامها وتحدث
- هيا امضي هنا. ودا يؤكد كلامنا. حتى لو حاولتي تغدرين
هاخد خمسين مليون مش عشرين وأهم من دا بيجاد.

ضحكت جاكلين بسخرية
- متخافيش دا اللي احنا عايزينه امشي زي ماهنقولك وبس وبالنسبة للفلوس مش كتير
وزعت تاليا نظراتها
لا مش كتير شكلكم هتاخدوا اكتر ثم رجعت فتسائلت
- هتستافدوا ايه؟
توقفت جاكلين تنظر لجاك وتحدثت
- متشغليش بالك. انت هتستفادي وبس، وكله بشطارتك أهم حاجة محدش يعرف وبما انك موافقة. فابن اختك الأمور هيفضل معانا لحد مانخلص مهمتنا
هنا فصلت الشاشة، تحركت تاليا تنظر لريان بذهول وتحدثت أمام الجميع.

- يعني كنت عارف إن الولد مش حفيدك
دفعها بيجاد وهو يرمقها بنظرات مشمئزةحتى سقطت على المقعد خلفها
- هسمع صوتك هدفنك مكانك ياحقيرة. استني لسة حسابي مجاش
تحرك ريان بين الحضور وتحدث بهدوء
- من زمان أوي وأنا بتحارب من ناس مالهمش غير انهم يسيؤو سمعتي وبس، . وكنت بحارب وبحاول اعتمد على نفسي والحمدلله كنت بخلص منها بهدوء تام.

توقف للحظات ثم رفع نظره لزوجته وتحدث. اندفعت الدماء بأوردته وسرت كالنيران التي تحرق أحشاؤه بالكامل فأكمل: - أنما توصل لمراتي وولادي فدا اللي مستحيل اسكت عنه ابدا ولا احله بهدوء، أنا عملت كدا عشان أعرف كل واحد تسول له نفسه يقرب من بيتي هتكون نهايته حاجة فوق مايتخيله عقله
أشار على تاليا. ثم نكس رأسه اسفا وقال بألم يعتصر ماتبقى من روحه عندما تخيل صور ابنته وزوجته بين الحضور.

اظلمت عيناه وارتسم بها نظرة جوفاء قاسية فتحدث بهدوء مميت
- للأسف لو طلبت فلوس مني مكنتش هقولها لا. لا دا كملت معاهم بطريقة أحقر بكتير من اللي شوفته. مع ناس أعداء ليا ولعيلة الألفي...
الاستاذة المبجلة
حطت كاميرات في أوضة نومي وفي حمام بنتي، صدمة اذهلت جميع الحضور حتى بدأو يتقاذفوها بالسب. تحرك مكتملا حديثه.

- لا وجاية تهددني ياتتجوز ابني ياافضح مراتك وبنتك قدام الكل. وكمان عايزة نص اللي عندك. ماهو اللي اتعمل فيها مش قليل. بس عايز أقولها حاجة
- متفكريش هتفضلي مستخبية كتير، وابنك عندي هنا. مااتخلقش اللي تضحك على ريان المنشاوي
ارتسم تعبير مندهش ممزوج بالغضب والأستنكار بين الحضور
تحرك احدهما يمسك هاتفه يتحدث مع أحدهما ولكن الهاتف لا يوجد به شيئا
دفعه بقوة وهو يسبه
- اللعنة عليك ايها الأحمق لقد حطمت كل شيئا.

رفع ريان نظره لقوة الأمن
- فجور باعتة صديقها عشان تعرف تسيطر هي واللي معاها علي.
علي الجانب الأخر
تجلس بحديقة منزلها. عندما رفض بيجاد ذهابها لوالدها. وإحضار غزل وروبى إليها بسبب إرهاقها وتعبها
دلفت غزل إليها تبتسم
- بقولك غنون ماتيجي نقعد شوية برة على الشط
اومأت برأسها تضع وشاحا خفيفا على كتفيها العاري. ثم سألت والدتها
- مامي الألم دا هيفضل كدا. بقالي أسبوع وجع شديد
حاوطتها غزل بذراعيها وأجابتها.

- التوام ياحبي بيكون صعب شوية. يعني الألم بيكون متضاعف. المهم تحافظي على نفسك كويس. وبلاش الأستاذ بيجاد يعمل حبيب كل شوية
توردت وجنتيها عندما علمت بمغذى حديث والدتها فتحركت للخارج دون حديث
هعملك حاجة تشربيها. وروبي بتعمل شاندوتشاتك اللي بتحبيها
قالتها غزل وهي تنظر لتحركها بألما.
- لو تعبانة حبيبتي بلاها. خليكي مرتاحة
هزت رأسها بالرفض وأكملت تحركها
- لا هستنى بيجاد برة. متعرفيش راحوا فين ياماما.

فركت غزل كفيها ونظرت إليها بتوتر وخرجت وهي تتحدث
- لا حبيبتي معرفش
هزت غنى رأسها وخطت للخارج تستنشق عليل البحر من نسماته التي تضرب وجهها بشدة. جلست تبتسم تتذكر زوجها عندما تركها وغادر
فلاش باك
- أفاق من نومه يتحدث بجمود إليها. ربما اعتقد إنها لا تشعر بتقلباته طوال الليل وتنهيداته بأنفاسه الحارة التي تضرب عنقها بشدة بسبب بعدها عن أحضانه
تحرك للمرحاض لدقائق معدودة. ثم خرج.

ينظر لساعاته اتجه لغرفة ملابسه وتجهز للخروج ويظهر على ملامحه الغضب. الشديد. نظر بإنعكاس صورتها بالمرآة وتحدث
- مامتك ووالدك بعد شوية جاين. هيروحوا على بيتنا. المكان دا مينفعش نقعد فيه أكتر من كدا. وخصوصا المستشفى بعيدة عن هنا، لازم نكون قريبين من المستشفى.

تحمحم ثم تحدث: - وبعدين مينفعش كل يومين الدكتور دا يجي ومفيش راجل معاكم. يمنى عايزة تيجي مرحب بيها. هنشوف دكتورة نتابع معاها مش عايز دكاترة رجالة انا
استدار ينظر إليها
- مش بتوقمي ليه. عندي شغل ضروري لازم نتحرك عشان منتأخرش. زمان باباكي ومامتك وصلوا
نهضت من فراشها دون النظر إليه ثم اتجهت لخزانتها وقامت بتغيير ملابسها وتحركت
وصلوا بعد قليل وجد جواد وعز وغزل وربى أمام المنزل ينتظرهما.

تحرك جواد يضم إبنته وتسائل
- عاملة إيه يابابي
- كويسة حبيبي. ضمتها غزل تستنشق رائحتها ثم تحدثت بصوتا حزين
- وحشتيني أوي ياغنى. يعني لو جيتي عندي مش تريحي قلبي يابنتي
وضعت رأسها بحضن والدتها
- أنا حابة أسكندرية ياماما أكتر من القاهرة. بختنق من الزحمة
اقتربت ربى وضمتها: - وحشتيني أوي ياغنون. عندك حق ياحبيبتي اسكندرية جميلة ومريحة للأعصاب وخصوصا هدوء المكان دا.

حاوطها بيجاد بذراعيه عندما وجد الألم يغزو ملامحها. واتجه للداخل بعد سلامها على عز
دلفت غرفتها ساعدها على التسطح فوق الفراش ثم قبّل جبينها
- عندي مشوار ساعتين تلاتة كدا لحد ماترتاحي وهنتصافى. ماأنا مقدرش غنايا تبعد عني دقيقة واحدة بعد كدا
جلس بجوارها يمسد على خصلاتها ثم رفع ذقنها عندما وجد صمتها.

- هقولك حاجة واحدة بس ياغنى. أنا أكتر حاجة كنت بحبها السما. بعشق الطيران في السما. يعني بحب شغلي بجنون. وبابا حاول معايا بكل الطرق عشان أسيب شغلي بس رفضت رفض قاطع حتى بدون مناقشة
لحد ماحسيت إن شغلي هيبعدني عنك. كرهته عشان كدا. مفيش حاجة هتبعدني تاني عنك، خلاص مش عايز الشغل دا
هعمل شركة سياحة كويسة وخلاص. إيه رأيك
ألقت نفسها بأحضانه تتمسح بصدره.

-بيجاد آسفة متزعلش مني أنا بحبك أوي. وبيغير عليك كمان مش من حقي أغير عليك
اقترب يقطف قبلة من ثغرها وغمز يعينيه إليها
- من حقك تعملي كل حاجة ياروح بيجاد
توقف عندما استمع لطرقات على باب الغرفة وتحرك للخارج بعدما دلفت غزل وربى إليها
خرجت من شرودها عندما استمعت لرنين هاتفها اجابت
- يُمنى آسفة حاولت أكلمك وأقولك أنا رجعت مع بيجاد ولو عايزة تيجي، قاطعت حديثها عندما تسائلت يمنى.

- يعني وافقتي على جوازه ياغنى. وياترى روحتي الفرح معاه ولا لأ
ذهلت غنى من حديث يمنى ثم هزت رأسها بالنفي
- لا حبيبتي. بيجاد قالي دا مقلب مش اكتر
- نعممم هو بيشتغلك ولا إيه. ليه مشفتيش الحفلة وهو واقف جنب البنت وبيضحك لها
هزة عنيفة أصابت جسدها بالكامل. وارتجفت شفتيها مع تساقط دموعها كالشلال دون توقف فتسائلت
- فين دا يايمنى، بلاش هزارك السخيف.

- افتحي فونك على كل المواقع ياغنى. بجد بيجاد دا لو بيضحك عليكي عايزة اموته
أمسكت هاتفها بيد ترتعش ومقلتين محجرتين بدموعها بعدما مسحت دموعها بعنف وتخيلات شيطانية تضرب قلبها بقوة
- يعني جالي امبارح يردلي القلم اللي عملته معاه. جه يعيشني ليلة في الجنة وبعدها يرميني في النار
صاعقة ضربت قلبها بقوة وهي تراه يميل على تلك الحقيرة ويبتسم، أعتصر قلبها وهي تراه بأناقته كعريس يوما زفافه
حدثت حالها.

- دا راح غيّر هدومه فين. عندها. يعني لبس قدامها وممكن يكون. كورت قبضتها بعنف ثم أطبقت على جفنيها
صرخة بآهة عاليه. وهي تراه. وهو يجذبها من خصرها متجها لمكانهما. هنا لم تقو على اكمال المشاهدة. انزلق الهاتف من بين يديها.

وترنح جسدها تمسك أحشائها ثم جثت بركبتيها على العشب وهي تصرخ بآهة من أعماق قلبها، نظرت لنور القمر الذي يضاهي السماء بإنعكاس صورته الخلابة على صفحات المياة وانسدلت عبراتها. بغشاوة دموعها. ظلت لدقائق تحاول التنفس. ضغطت بقوة على أحشائها عندما تضاعف الألم بها.

. تمنت مارأته ماهو إلا كابوس. لا ليته كابوسا وتفيق منه. هنا تزلزلت الأرض تحت قدمها. نظرت لنور القمر بالسماء مرة أخرى وتساقطت عبراتها بقوة كالوديان عندما وجدته كالمنشق لحالتها. جلست على العشب وهي تتمنى بأخذ انفاسها لتسلب حياتها للأبد. فيكفي لها تلك الحياة من قساوة وغدر البشر.

هنا تفاقم الألم فصرخت بقوة صمت الآذان. أسرعت غزل إليها وهي تحمل أكوابا من العصائر. ثم تصنمت بوقفتها تنظر بذهول لأبنتها حينما وجدت دمائها تتساقط من بين ساقيها. لم تتحرك غزل كأن عقلها لم يستوعب ماتراه. صرخت ربى عندما وجدت أختها تجثو بجسدها بالكامل على الأرضية فسقطت كالمغشية
فاقت غزل سريعا وكأن صراخ ربى أفاقها من صدمتها فحاولت إنقاذ مايتم إنقاذه
أسرعت إليها تحمل رأسها تحاول افاقتها ودموعها تسبقها.

- غنى حبيبتي فوقي. خليكي معايا. غنى سمعاني. فتحت غنى عيناها للحظات وهمست بصوتا متقطع
- طلع بيخدعني. أنا عايزة أموت واريحكوا
هزت والدتها رأسها رافضة حديثها. بينما ربى التي قامت الأتصال بالأسعاف وبكائها يزداد على حالة أختها
رفعت الهاتف سريعا تتصل بزوجها
كان عز يقف بجوار بيجاد يضحك وهو يرى الشرطة تقبض على تاليا والذين معاها. بحضور هائل لإعلاميين.

-صراحة العرض كان هايل. لا والدك دا عفريت خطط بتكنيك عالي الجودة يابني
ابتسم بيجاد بسخرية ثم أجابه
- يابني انت واقف قدام غول اقتصادي كبير. بلاش أقولك من اذكياء العالم، لكن الصراحة ريان المنشاوي بصوره بالذئب المفترس. طرق على الطاولة وأكمل
- ومتنساش حماك. حامي الوطن دا كمان مصيبة لوحدة. الاتنين لو اتجمعوا هيعملوا اختراق للكوكب الأرضي
قهقه عز ينظر حوله ثم تسائل
- هو صحيح فين عمو جواد مجاش ليه.

تناول بيجاد عصيره ثم تحدث وهو يتحرك
- مقموص وعايز يعلم على ريان المنشاوي. هو بيساعد من بعيد لبعيد
تحرك بيجاد من أمامه عندما صدح رنين هاتف عز بالأجواء
- روبي وحشتيني. وحياة جواد الألفي. لكنه توقف عن الحديث عندما استمع لبكائها
- عز الحقنا. غنى. غنى اغمى عليها وماما بتحاول معاها وشكلها سقطت الجنين وبابا تليفونه مقفول. وأنا معرفش حاجة في اسكندرية. شوف بيجاد واتصرف عربية الاسعاف في الطريق.

رفع نظر لبيجاد الذي يحاوط ياسمينا ويضمها لأحضانه عندما وجدها منهارة ببكائها
مسح على وجهه وحدث حاله
- ياربي اعمل إيه.؟ يوسف!
اتصل بيوسف في الحال
كان يوسف جالسا مع جواد يشرح له بعض الأشياء الذي فعلها
قاطعه رنين هاتفه
- ايوة!
- عمو يوسف أنا عز الألفي، عايز أكلم عمو جواد ضروري
استغرب جواد بإتصال عز فاجابه سريعا
- فيه إيه؟
تصلب جسده وشعر بدوار يغزو جسده ودقات عنيفة كأن قلبه سيتوقف من الخوف فتحدث بلسان ثقيل.

- من إمتى؟
تمام هتصرف. عرف بيجاد وحصلني على هناك
تحرك دون حديث. صاح يوسف عليه ولكنه قاد سيارته يقطع طريقه بسرعة جنونية وكأنه يسابق الزمن.
سأبقيكِ سراً جميلاً بقلبي دائما. ستظلُّ تجمعُ صورتي وتلمُّها
‏وأنا انتثرتُ قصائداً وأغاني
‏وتظلُّ تبحثُ عن خيالٍ هاربٍ
‏شبحٍ يُشابهُني ولن تلقاني
‏في كلِّ ركنٍ قد تركتُ حكايةً
‏وزرعتُني عمداً بكلِّ مكانِ
‏لا شيءَ يُمكنُه إعادة ما مضى
‏أنا لن أعودَ وأنتَ لن تنساني.

وصل جواد وترجل سريعا من السيارة. حتى تركها دون أغلاقها وأسرع يسأل في الأستعلامات
- لو سمحتِ فيه مريضة جت من شوية بتنزف هي حامل في شهورها الأولى
بحثت في الجهاز أمامها ونظرت إليه وأجابته بعملية
- في الدور التاني عند دكتور النسا. هرول جواد بخطى متعثرة يبحث عن المكان المنشود. تنهد عندما وجد ربى تقف أمام الغرفة تتحرك ذهابا وإيابا. وصل إليها.

- روبي، أسرعت تلقى نفسها بأحضانه وتبكي كالطفلة التي فقدت والديها.
ضمها إلى صدره بإحتواء
- إشش إهدي حبيبتي. أنا هنا كله هيكون بخير. قالها بقلب مرتجف
أخرجها من أحضانه ثم ضم وجهها بين كفيه
- حبيبتي إهدي. وفهميني إختك فين؟
أشارت لأحدى الغرف وتحدثت بكلمات متقطعة من بين شهقاتها
- دخلوها هنا بقالها ربع ساعة. وماما دخلت معاها. قبّل رأسها وأجلسها على المقعد
- إهدي كدا وإن شاءالله اختك هتكون كويسة.

هزت رأسها بالنفي وتحدثت
- لا يابابي دي سقطت حملها الدكتورة لما شافتها قالت كدا. كانت بتنزف كتير
ارتجفت عيونه بقلق من هول ما قصته ابنته. وظل يزرع المكان ذهابا وإيابا لعل غزل تخرج وتطمئن قلبه
خرجت غزل ويبدو على ملامح وجهها الحزن والألم، أسرع إليها
- غنى مالها؟، وايه اللي حصل ياغزل؟
جلست على المقعد بروح متألمة وقلبا دامي. ثم رفعت بصرها لزوجها وانسدلت عبرات حارة تكوي وجنتيها.

- فيه ولد خسرته والتاني ممكن تخسره كمان. الدكتورة ادتلها مثبت لعل وعسى يكون له نصيب يجي للنور ياجواد
أطبق على جفنيه بحزن وهو يردد
إن لله وإن إليه راجعون. اللهم اجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرا منها ثم هز رأسه
قل لنا يصيبنا إلا ماكتب الله لنا
أجهشت بالبكاء واظهرت كم الألم الذي يسكن روحها. فشهقت شهقة عالية. مما جعلها تضع كفيها على فمها وأردفت.

- كتير عليها أوي ياجواد. كتير اللي بيحصلها دا. جلس بجوارها يضمها من أكتافها وهو يشعر بكم الآهات والنيران التي تحرق صدره فأردف كي يخفف على زوجته
- إيه يازوزو هنعترض على حكم ربنا. مايمكن الولد كان جي بالشر ياحبيتي. أهدي كدا ومتخليش الشيطان يتلاعب بقلبك. وبعدين دا متكونش لسة. يعني بسيطة ان شاء الله
قاطعهم وصول بيجاد وعز. توقف بيجاد بأنفاسا مسلوبة وتحدث.

- غنى فين ياعمو. اتجه يوزع نظراته بين غزل وجواد وربى. ثم صاح بصوتا مرتفع
- محدش بيرد عليا ليه؟
أشارت غزل بيديها على إحدى الغرف
- جوا هنا يابيجاد. هي نايمة دلوقتي. تحرك سريعا متجها إليها. حولت بصرها لجواد وتحدثت
- جواد غنى قبل مايغمى عليها قالت. انه كان بيضحك عليها
قطب جبينه فتسائل
- يعني إيه مش فاهم؟، تبدلت ملامح وجهه من الفضول للأستغراب ثم تحدث
- قصدك إنها ممكن تكون عرفت حاجة من اللي بيجاد عمله.

هزت رأسها بتأكيد
- ايوة لأننا لقينا تليفونها واقع جنبها. وقبلها كانت بتسألني عن بيجاد. ممكن تكون كلمته وسمعت دوشة. او حد قالها معرفش. تنهدت ثم نظرت إليه
- ليه مخلتوش يقولها ياجواد. كان صدمتها هتكون أقل ياعالم عرفت إيه
اطلق زفيرا قويا ثم تحدث
- دي حياته ياغزل مينفعش أدخل فيها. أدّخل لو أهانها أو بيعمل حاجة مش مرضية. لكن دا كان بيحاول يساعد أهله. وكلنا عارفين الأزمة وغير كدا لازم غنى تتفهم الموضوع.

هزت رأسها بالرفض
- مش لو قالها ياجواد عشان تتفهم. لما تعرف بالصدفة دا بيكون اكبر وجع غير لما يحاول يفهمها
زفر بضيق محفور على معالم وجهه
- أنا قولتله هتعرفها. قالي مقدرش اشوف نظرة حزن في عينيها. وقال لما ارجع هحكيلها غير لما أقولها واسبها تتألم لوحدها وأنا مقدرش اتحمل دا. وممكن مقدرش اعمل المطلوب مني بسبب خوفي عليها وأنا معرفش حالتها هتكون إزاي
اومأت بتفهم وتحدثت.

- عنده حق ياجواد غنى مكنتش هترتاح ابدا. ومكنتش هتصدق إن دا مجرد مسرحية. رفعت نظرها لعز وسألته
- نغم عرفت حاجة
هز رأسه بالنفي وأجابها
- بيجاد مرديش يقول حاجة عشان التوتر اللي في البيت. وكمان عمو ريان عامل حريقة لما عرف بموضوع جواز بيجاد من ماسة
هز جواد رأسه بتفهم. واشار لعز على ربى التي تجلس بأحضانه
- خد مراتك شكل أعصابها تعبت بسبب إنهيار اختها. خدها واخرجوا على البحر شوية ولا روحها ترتاح.

هزت رأسها بالرفض
- مش همشي غير لما أطمن على غنى. دي هتزعل أوي لما تعرف
قبّل جواد جبينها ونظر لعز
- غنى كويسة ياحبيبتي. مالوش داعي وجودك وإنتِ كدا. وبعدين بيجاد مش هيدخل حد وممكن شوية وتلاقيه خارج بيها دا حمار وأتوقعي منه اي رد
بالداخل عند بيجاد.

دلف إليها وجدها تغفو ويغرز بكفيها بعض المحاليل. جلس بجوارها على المقعد. ثم رفع كفيها يقبّل بطانها. وإنزلقت عبرة من جفنيه واردف بقلبا موجع: - ألف سلامة عليكي ياروح قلبي. معرفش ليه الدنيا مستكترة الفرحة علينا
دنى يقبل جبينها ثم لاحظ ثيابها القصيرة وشعرها المتمرد دون حجاب. ظل يتأمل هيأتها التي خطفت لب قلبه فهمس بجوار اذنيها
- ينفع كدا ياغنايا. حد يشوف جمالك دا غيري. تعرفي هعاقبك على كدا.

دلفت الطبيبة تنظر للمحلول الذي يعلق بكفيها
- ازيك يابيجاد. ثم اشارت على غنى
- أنا قولت أنا شوفتها فين قبل كدا
توقف ينظر لملاكه ثم اجابها
- الحمدلله كويس يانورة. ايوة دي مراتي. هي حالتها إيه دلوقتي؟
ابتسمت ثم نظرت إليه
- هي كويسة. وبعدين دي مراتك هو مش المفروض كان فرحك النهارده ولا ايه. توهتني يابني
اندلعت ابتسامة سخرية واجابها.

- لا دا حتى نورة متابعة الأخبار. مش مهم يبقى يفهمك استاذك ياستي. المهم مقولتيش مراتي عاملة إيه ولسة فيه خطر عليها
استدارت تقف أمامه بعدما فحصتها
- مش هخبي عليك طبعا. بعد فقدانها للجنين الأول ممكن تفقد التاني. فلازم الراحة التامة وكمان العلاج المثبت للحمل
- إيه! قولتي ممكن تفقد التاني. طيب هي المهم هي عاملة إيه
اتجهت بنظرها إلى غنى التي بدأت تهمهم
- ابني. بيجاد. ابني ثم استدارت إليه.

-هي كويسة الحمدلله. المهم تهتم بأكلها عشان ضعيفة. ياله هسيبك معاها عندي مرور على المرضى
أومأ برأسه بالموافقة وتحدث شاكرا
- شكرا يانورة. وضعت يديها بجيب بالطوها الخاص وابتسمت
- على إيه. دا واجبي. ثم تحركت خارجة
أستدار يجلس بجوارها يمسد على خصلاتها. يقبل جبينها، استمع لهمسها
- بيجاد!
لمس خديها وأجابها.

- روحه حبيبي. أنا هنا، إفتحِ عيونك حبيبي. أنا جنبك هنا. رمشت بجفنيها عدة مرات. وجدته قريبا من وجهها. حاولت تتذكر ماصار وأين هي. ثم فجأة وضعت يديها على أحشائها تبكي
- ولادي. ولادي حصلهم أيه؟
جلس بجوارها يعدل من وضعيتها بهدوء عندما وجد إنهيارها
- غنى ممكن تهدي. ابنك كويس. أهدي حبيبي. لكمته بصدره وهي تردف ببكاء
- ابعد عني ياخاين. صرخت بصوتا مرتفع.

مش عايزة أشوف وشك قدامي. أنا بكرهك. وهخلص منك يابيجاد أمشي اطلع برة. ظلت تصرخ بهستريا وتجذب الكانولا من كفيها حتى جرحت نفسها
توقف متصنم ولا يعلم ماذا صار لها. دلف جواد وغزل سريعا عندما استمع لصراخها. ضمتها غزل لأحضانها
- حبيبتي اهدي ايه اللي حصل؟
جحظت عيناه وتوقف مجرى الدم بعروقه وهو ينظر إليها بصدمة. ثم رفع نظره لجواد وبنظرات مستفهمة
- معرفش مالها. هي صحيت وفضلت تصرخ وتقولي ياخاين!

اقترب جواد منها عندما ارتفعت شهقاتها وهي تصيح
- كان بيضحك عليا ياماما. قالي أنتِ كل حاجة ليا وسابني وراح يتجوز ام ابنه. هزت رأسها وهي تصرخ وتنظر إليه بوجع
- خليه يمشي مش عايزة أشوفه. هو مش أتجوز وبقى عنده بيت جاي لي ليه. صرخت وصرخت وهي تصيح
- خليه يمشي مش عايزة أشوفه
ضمها جواد وحاول تهدئتها. ثم اتجه بنظره لبيجاد. شوف الدكتورة تدلها مهدأ يابيجاد مش شايف حالتها.

كان يقف متصنما ينظر إليها بذهول. تحول وجهه واصبح شاحبا كالأموات. فيما انسحبت أنفاسه. وتحجرت العبرات بجفنيه. شعر جواد بحالته. فنظر لغزل واشار إليها.

- شوفي الدكتورة بسرعة ياغزل. ضغطت على على زر الاستغاثة. هرولت الممرضة إليهم: - هاتي يابنتي حقنة مهدأ. ولا شوفي الدكتور. أومأت الممرضة وهي تتحدث: - دكتور سامح على وصول لأوضتها بيلف على المرضى. لم تكمل حديثها ودلف الطبيب للأهتمام بحالتها بعدما عرفت بهويتها. أنها زوجة ابن صاحب المشفى
نظر لملفها ثم قام بحقنها بمهدأ يلائم حالتها. ذهبت بنومها وهي مازالت تهمهم
- خاين. بكرهك يابيجاد.

توقف جواد ينظر إليه بحزن ثم سحبه للخارج. جلس وأشار إليه بالجلوس
- عارف إنك مصدوم. واحنا غلطنا لو كنا فهمناها كان ممكن تكون اهون من صدمتها دلوقتي. دا لسة معرفتش انها فقدت ولد وممكن تفقد التاني
اغمض عينيه بألما ثم تحدث بهدوء رغم نيران الملتهبة التي تلهم صدره بالكامل
- أنا هتصرف ياعمو. حقها تثور بدل مفهمتش الموضوع. أنا مش زعلان من كدا. أنا زعلان عليها لما تعرف انها ممكن تفقد الولد التاني.

ضمه جواد عندما وجد حالته
- بيجاد مراتك محتاجك دلوقتي اكتر من أي وقت. حاول تستوعب صدمتها يابني
توقف متجها لغرفتها وهو يقول
- عمو جواد أنا مش مستني حد يقولي أتعامل مع مراتي إزاي
بفيلا صهيب
كان يجلس يعمل على حاسوبه قاطعه رنين هاتفه. قام بالأيجاب
- أيوة يازيزو. صمت وهو يستمع بذهول لأبنه ثم تحدث: - وغنى عاملة إيه دلوقتي؟
اجابه عز: - كويسة يابابا. مش هنعرف نرجع النهاردة
أومأ برأسه متفهما ثم تحدث.

- عمك فين دلوقتي؟
- في المستشفى. انا خرجت أنا وربى من شوية
مسح صهيب على وجهه وتحدث
- تمام ياحبيبي. خد بالك من مراتك. وأنا هكون عندكم بكرة إن شاءلله
دلف جواد حازم وجلس أمامه حتى ينهي اتصاله. وهو يطرق على سطح المكتب بتوتر
انهى صهيب اتصاله ثم رمق جواد بنظره
- فيه حاجة ياجواد ولا إيه؟
ابتلع ريقه ورفع بصره لصهيب وتحدث
- عايز اخطب جنى.

قطب صهيب حاجبيه وتحدث بخبث: - انت مجنون يابني. جنى مخطوبة لابن خالك. هب فزعا ودنى من صهيب وتحدث بفظاظة
- خالو جواد قال اثبت انك بتحبها. لو ابنه عايزها مكنش قال كدا. وكمان جاسر قال لو بتحبها حارب عشانها. فأنا جي وعايز احارب عشانها أهو.

قهقه صهيب بضحكات صاخبة ثم أردف مزمجرا
- ياخبت الشرطة بيك. دا لو الظباط كلهم كدا. يبقى نقدر نقول على امننا يلا السلامة
كز جواد على فكيه ونظر لخاله بسخط وتحدث: - ممكن أعرف حضرتك بتضحك على أيه ياخالو. ابتسم صهيب وتوقف يرمقه بنظرات تفحصيه ثم تحدث: - تعرف ياجواد أول شخصية معقدة معرفتش أحللها شخصيتك. مش عارف إنت عايز إيه بالضبط يابني
سحب جواد كف صهيب وقبله وتحدث بصوتا حزين.

- خاله صهيب أنا مش معقد انا واحد مجروح. قلبي بيوجعني. حضرتك تعرف بيكون إحساسي أيه لما بشوف جنى جنب جاسر مع اني عارف ومتأكد انها مش تعنيله
انسدلت دمعة رغما عنه مسحها سريعا وهو يضع كفيه على صدره
- قلبي بيوجعني أوي ياخالو. لو فعلا أنا غالي عليك. او لو حبتني لو شوية ارحم قلبي ورد روحي ووافق إني أكمل حياتي مع بنتك
جذبه صهيب لأحضانه يربت على ظهره بهدوء وهو عاجز لا يعلم ماذا يفعل.

ثم رفع وجهه وتحدث: - الموضوع مش عندي دلوقتي والله يابني. عندك جاسر وجنى. أنت اتصرف لو بتحبها بجد. لو قدرت تبعدهم عن بعض أنا معنديش مانع
كان الغضب قد تمكن منه فتحدث غاضبا
- هو مالوش دعوة ولا يقدر يقرب من حاجة تخصني. بقولك اهو
اجلسه صهيب وتحدث بهدوء
- لا هي دلوقتي خطيبته ياحبيبي. يعني إنت اللي ملكش دعوة بيه
هب مهرولا للخارج وتحدث: - حضرتك اللي وصلتنا لكدا. لكن ملحوقة ياخالو وهعرف أخد حقي كويس
عند فيروز.

تجلس أمام البحر تفتح هاتفها تتحدث إليها عبر فيديو
- المكان هنا حلو أوي ياجاسر. ينسيك دوشة القاهرة
ابتسم إليها واجابها
- المكان حلو حبيبتي عشان إنتِ فيه. مش ناوية ترجعوا بقى يافيروز. وحشتيني
ابتسمت بحب ونظرت إليه بإشتياق
- وانت كمان وحشتني أوي. معرفش باسم هيعمل إيه. انت عارفة العلاقة متوترة بينه وبين حياة. نظرت حولها ثم قطبت جبينها واردفت.

- حتى مشفتش حد فيهم من الصبح. معرفش هو خرج ولا لا. شوية وهروح أشوف حياة
قاطع حديثهما عندما. دلف جواد يصيح بغضب اليه
- إنت عايز توصل لأيه ياجاسر قولي عايز توصل لأيه. مالك ومال جنى. ضرب بقوة على المكتب أمامه واشار غاضبا: - ابعد عن حبيبتي بقولك اهو. ومن النهاردة لو شوفتك قريب منها متزعلش مني.

دلفت جنى عندما وجدته خارج من عند والدها ومتجها لجاسر ونيران تخرج من خطواته، اسرعت خلفه. توقفت بجوار جاسر وتشابكت بأصابع كفيه وصاحت بقوة
- مالك بتقول ياشر ليه. نظر جواد إليها بصدمة فتحدث بصوتا متقطع
- جنى إنتِ عاجبك اللي جاسر عمله. يعني موافقة. اشارت بسبابتها وتحدثت
- جواد أنا وجاسر دلوقتي مخطوبين. وزي ماقالك من فترة هنكتب كتابنا ونعمل فرح قريب.

هزة عنيفة أصابت كلا منهما. فنظر إليها بنظرات حزينة ثم فك يديها من يد جاسر، وتحدث
- إنتِ واعية لكلامك دا!
استدارت تنظر لجاسر وتحجرت دموعها ثم تحدثت
- ايوة. جاسر طول عمره بحسه الراجل اللي اقدر استند عليه. عمره ماخلى بيا ولا جرحني. ولا حاول يقل من تربيتي قدام الناس كلها. ويخلي الناس ينظروا لماما نظرة مش كويسة ويقولوا معرفتش تربي بنتها.

اغمضت عيناها ثم رفعت نظرها إليه وأكملت: - ولو على الحب. جاسر يتحب الصراحة.
حاوط جاسر كتفيها
- وانتِ جميلة أوي ياجنجون. واللي ميعرفش قيمتك يبقى ميعرفش في الجمال. ولو على الحب فانتِ تتحبي ياجنة قلبي.

توقفت فيروز تتخبط بوقفتها وكأن هناك ماصعقها بصاعق كهربي حتى شعرت بعدم توازنها. لم تشعر إلا بكم آلالام التي أصابت جسدها بالكامل. انسدلت عبراتها كالوديان واهتز جسدها ولم تقو على الوقوف. فجلست على الرمال وهي تضع يديها على صدرها. وصرخة مدوية خرجت منها بكل مااؤتيت من قوة. وكأن صرخاتها خرجت من جوف اعماقها فشعرت بآلالام جسدية بجانب آلالامها النفسية. ففتح جرحها وانسدلت دمائها. حتى شعرت بفقدان وعيها فسقطت مغشية عليها.

عند مالك
كان يجلس أمام البيسين ويضحك بضحكات صاخبة
- اومال يابنتي. دا ريان المنشاوي. المهم ياتقى، أنا هفاتح بابا في الموضوع. مش هنفضل مخبين كدا، بجد أنا مضايق عمري ماخبيت على بابا حاجة
طرقت بقلمها على مكتبها ثم تحدثت بصوتا هادئ
- مالك أنا مكسوفة أوي أقول لماما حاجة. لا ياعم قول أنت وتعالى وبعد كدا اعمل متفاجأة واوافق عليك
قهقه عليها ثم أجابها.

- تمام ياتقى. اللي تشوفيه. صمت للحظات ثم تحدث: - طيب مش هتقولي حاجة تديني باور لعندكم ياتقى
توردت وجنتيها ولم تجيبه. فهمس
- تقى مبترديش ليه. يعني ينفع اروح أتقدم لك وأنا معرفش إنك بتحبيني ولا لا
توقفت ودقات عنيفة تتقاذف بصدرها. فهي فجعلتها كالفراشة. ظلت صامته ولم تقو على الحديث
علي الجانب الآخر تفهم حالتها. فتحدث
- خلاص ياتقى. هسيبك براحتك مش هضغط عليكي. بس عايزة اسمع حاجة الأول.

- إنتِ موافقة تكملي حياتك معايا
ابتسمت بخفوت ووضعت يديها على نبضها الذي ينبض بسعادة من كلاماته التي زادتها فرحا فأجابته
- موافقة يامالك، قالتها ثم أغلقت الهاتف سريعا
ابتسم وهو ينظر لمياه البيسين أمامه ولم يشعر بنفسه إلا عندما قفز بالمياه بثيابه
عند بيجاد
دلف للغرفة بعد قليل وجد الممرضة تخرج بجوارها الطبيب. أشار إليها وتحدث غاضبا.

- مش عايز راجل يدخل الأوضة دي تاني. امشي من قدامي. توقفت امامه وحاولت الحديث
- دي الدكتورة طلبت أنه يشوف نبض الجنين بالسونار، نظر إليها شرز فلم يدعها تكمل حديثها فهرولت للخارج
دلف للغرفة. وجد غزل تجلس بجوارها تقرأ بمصحفها. رفعت نظرها إليه وتحدثت عندما وجدته واقفا وعيناه تبحر فوق ملامحها بوجع وحزن بآن واحد.

- بيجاد تعالى واقف كدا ليه. تحرك بخطوات مهزوزة ومازالت عيناه ترسمها فأردف: - عاملة إيه دلوقتي. مفيش جديد
هزت رأسها بإيماءة وأجابته
- كويسة عن الاول بس عايزة مراقبة عشان نطمن على نبض الجنين. وصل إلى الفراش فجلس بجوارها يمسد على خصلاتها بحنان. ثم انحنى يقبل جبينها
- معرفش إزاي عد عليا موضوع السوشيال ميديا دا. إزاي مفكرتش إنها ممكن تشوف اللي حصل، رفع بنظره وتحدث بصوتا مختنق
- اتألمت كتير مش كدا؟

توقفت غزل واتجهت تجلس بجواره ثم ربتت على كتفه
- متزعلش منها ياحبيبي. بيكون صعب أوي على الست لما تشوف جوزها وحبيبها وكل دنيتها مع واحدة تانية. وفوق دا هي متخيلة إنك خدعتها
مسح دمعة شريدة انزلقت من جفونه وتحدث بصوتا مختنق
- أنا مش زعلان أنا مضايق عشانها. مضايق عشان بقيت خاين في نظرها. مضايق وموجوع على وجعها. شكلها اتوجعت كتير عشان كدا فقدت الجنين.

مسحت غزل على خصلاته وتحدثت بحنان أموي عندما وجدت الألم يضاهي عيناه. بل وجدته جسدا مفارقا لروحه فتحدثت
- بيجاد الجنين مكنش فيه نبض من فترة. والحمد لله إنه نزل. دا كان ممكن يعملها حاجات مش كويسة وممكن يأثر على الجنين التاني. يعني ياحبيبي متزعلش عليه والحمد لله انه نزل
تنهد بمرار وتحدث إليها
-أنا مش زعلان عشان الجنين ياطنط. أنا زعلان عشان مكنتش جنبها وخدتها في حضني أخفف عليها وجعها.

ابتسمت غزل اليه. تحمد ربها على رزق ابنتها بهذا العاشق الجميل. فتحدثت
- متوجعتش ولا حاجه هي إغمى عليها وجبنها للدكتورة وقالت مفيش غير ان الجنين مفهوش نبض ونزل وبس. ولسة مفهوش وجع ولا حاجة. متشيلش نفسك فوق طاقتها ياحبيبي
أنا هخرج أشوف جواد وأنت خليك جنبها ولو أحتجت حاجة أنا موجودة
- شكرا ياطنط غزل. تعبتك معانا.

رفعت حاجبها بسخرية وتحدثت: - شوف إزاي. تصدق نسيت إنها بنتي وجاي اساعدك. ابتسم اليها. فتحركت وتركته
ظل يتأمل هيأتها لوقت لا يعلم كم مر به. إلا حينما رمشت بجفنيها وفتحت عيناها. وجدته يجلس بجوارها. رفع نظره إليها ممسكا كفيها الذي سحبته بعنف وتسائلت
- ماما فين؟
وقف يحاوطها بذراعيه ثم تحدث بهدوء رغم ضجيج قلبه مطالبا بضمها ليطمأن روحه على الدقائق التي عاشها كالجسد الذي فارق الحياة.

ظل يرسمها بعينيه حتى جعلها تغلق عيناها هاربة من نظراته فنزل بجسده يقبّلها بجانب شفتيها، فتحت عيناها سريعا. حاولت دفعه او الصراخ عليه. ولكن قلبها اللعين أوقفها عندما تقابلت نظراته التي تحمل بين طياتها الكثير والكثير من العتاب. فكيف لها أن تشك به وهي روحه التي لو فارقته لوقع صريعا لعشقها.

ظل للحظات وهو على تلك الحالة ثم همس بصوتا حزين: - تاليا كان فيه حد متفق معاها انها تحط كاميرات لبابا في أوضة نومه. غير ياسمينا اللي صورها بحمامها. فكان لازم بابا يعمل المسرحية دي كلها عشان نعرف نسيطر عليها. وكمان عمو جواد كان هناك. يعني لو باباكي شايف إني ممكن أخونك مكنش سكت. بالعكس هو اللي اقنعني. أنا مكنتش أعرف باللي حصل
لانت ملامحها المنزعجة منه ورغم ذلك مازالت على حالتها.

زفر بضيق محفور على معالم وجهه فأكمل
- معرفش إزاي عقلك خيلك اني ممكن اكون سيئ لدرجة دي واخونك وأنا روحي فيكي
استدارت بوجهها تهرب من نظرات عينيه الحزينة ثم أردفت بوهن
- إحمد ربنا إن ولادي بخير، . وقتها مكنتش عارفة هعمل معاك أيه
استدارت مرة أخرى ترمقه وتحدثت
- أنا همشي مع بابا مش هقعد مع واحد مبثقش فيّا ومبيحاولش يحكي لمراته على اي حاجة. راح خطط وكسرني
اعتدل واقفا يمسح على وجهه. ثم انثنى يحملها وهمس.

- كلمة منك ياغنى. صدقيني هقفل الباب دا وأعمل معاكي الصح ثم غمز بعينيه وأكمل
- ورغم كدا بحب اعمل الغلط مش الصح فلمي نفسك. متخليش جناني يطلع عليكِ دلوقتي
حملها وخرج وهي تلكمه بوهن ثم تحدثت
- سبني يامجنون مش عايزة أروح معاك في أي حتة
تحرك وكأنه لم يستمع لصراخها. الذي ادمى قلبه. كيف لها أن تنسى عشقه الموشوم بحبها. ضمها لصدره لعل وجعه يقل من صراخها ثم حملها بين يديه وهي تلكمه بصدره بوهن.

توقف جواد أمامه. رايح فين يلا. هتاخدها من غير ماتكمل علاجها
حاول أن يهدأ فهو في حالة لا تستجدي نقاشا أبدا، حاول أن يتنفس فجاوبه دون النظر إليه
- محدش له دعوة. ووسع من قدامي أنا بحاول مغضبش على حد. كفاية ضغط على أعصابي
اتجهت غنى تنظر لوالدها
- بابي خليه ينزلني. أنا مش عايزة أروح معاه. أنا هروح معاكم.

صمت جواد ينظر لوجه بيجاد الحزين. فعلم بحدة النقاش بينهما فتدخلت غزل تتحدث بعتاب: - انت مجنون يابيجاد. البنت تعبانة. تحرك من أمامهم وكانه لم يستمع لأحد سوى همسها له
- بكرهك يابيجاد. ابتسم بسخرية واجابها
- مش مهم المهم أنا بحبك
تحركت غزل خلفه تصيح عليه. أمسك جواد ذراعيها
- خليه ياغزل. هو مش هيفرط فيها ولا عمره هيأذيها.
تسمرت بوقفتها تنظر إليه.

- إيه اللي بتقوله دا ياجواد. البنت تعبانة وممكن تفقد جنينها التاني وهي مش طايقة تشوفه
حاوط ذراعيها متحركا للخارج
- تعالي حبيبتي خلينا نروح نرتاح اليوم كان متعب جدا ويعتبر منمتش
استدارت تنظر إليه بغضب
- دا إيه برودك دا بقولك البنت تعبانة. وممكن تتعب مش شايف هي عاملة إزاي
لوهلة صدمه حديثها فسحب نفسا ثم طرده بهدوء.

- غزل دا جوزها وحبيبها. انتِ متخيلة معنى الكلمة يعني هيخاف عليها ويحميها من نفسه ممكن تهدي. وميغركيش صراخ بنتك دا. إن كان عليها هي مش عايزة حد غيره. رفع ذقنها ينظر لمقلتيها ثم تحدث
- هو أنا اللي هقولك ولا إيه يازوزو
ابتلعت غضبها وحزنها ثم تحدثت
- أنا عارفة أنه بيحبها ياجواد. لكن هي تعبانة نفسيا ومحتجاني حبيبي لو سمحت كلمه
هز رأسه بالنفي وأجابها.

- مينفعش دلوقتي. هم الاتنين لازم يقعدوا مع بعض ويتصافوا. محدش فينا هيدخل. ممكن بقى نروح نرتاح
ماكان عليها إلا أن تومئ برأسها وتوافقه.
عند عز وربى
وصل عز لشاليه الخاص بهم بالأسكندرية
دلف للداخل وهو يحاوط جسدها. قابل المسؤل عن نظافته فسأله عز: - كله تمام ياعمو جميل
ابتسم الرجل اليه بحبور وأجابه
- تمام ياباشا لو أحتجت حاجة اتصل بيا وهتلاقني عندك خلال ثواني
تبسم له عز ثم تحدث.

- ممكن تبعت حد لبيت العيلة ينضفه كمان ياراجل ياطيب
ابتسم له الرجل وأجابه
- ادينا ساعة بس ياعز باشا وكله هيكون تمام، خرج الرجل وتركهما
كانت ربى تستند برأسها على كتفه فهمست بعد خروج الرجل
- عز أنا تعبانة وعايزة أنام أوي
حملها واتجه لغرفة النوم ثم سطحها على الفراش يحواطها بذراعيه.

- روبي مالك ياقلب عز. وشك أصفر كدا ليه. تنهد بشوق يتلمس بأنامله خديها بعدما أغلفت جفنيها وتسارعت أنفاسها من قربه. فهمست بصوتا يكاد يسمع
- حبيبي عايزة أنام ممكن أنام شوية في حضنك
صمت للحظات ينظر لوجهها وعيناها المنغلقة حتى فتحت رماديتها عندما وجدت صموته فتقابلت نظراتهما بإشتياق جارف. انخفض يهمس إليها
- بتستأذني مني ياروبي ينفع تنامي في حضني ولا لا. دا حضني دا ملكك غصب عني أنا شخصيا.

ارتفعت أنفاسها وصدرها يعلو ويهبط من همسه ونظراته التي خدرتها تماما. فرفعت ذراعيها وطوقت عنقه. وماكان عليه إلا أنه يدخل بها بنعيم جنة حبهما التي لا تنتهي.

عند جاسر وجواد
توقف جواد أمام جنى وكأنها صفعته بقوة فتسائل بصوتا حزين
- أفهم من كدا إنك رفضاني وحبيتي جاسر. يعني أنا
تدخل جاسر سريعا عندما ساءت الأوضاع بينهما فتحدث: - جواد جنى متقصدش كدا. جنى قصدها أنك دايما بتوجع قلبها وبتحطها في مواقف مش كويسة
كان جواد ينظر إليها فقط. وكأنه لم يستمع بما قاله جاسر. تحرك جاسر بخطوة إليه ثم أدار وجهه إليه.

-جواد عمو صهيب عايزك تثبت إنك بتحب بنته ومش ممكن تتخلى عنها. ودا حقه، المفروض مقولكش كدا. لكن انت فهمت غلط
رجع ببصره لجنى التي تحاول الهروب من نظراته فأجاب جاسر قائلا: - جاسر تتحمل حبيبتك تقولك أن جواد ممكن أحبه في يوم من الأيام. قالها واستدار ينظر لمقلتيه وترقرق الدمع بعينيه
- لدرجة دي شايفني معنديش رجولة
دفعته جنى بكل قوتها. تلكمه وتصرخ بوجهه.

- شوف مين اللي بيتكلم، ايوة قولي ياحضرة الظابط قولي حسيت بإيه. قولي اتقهرت زي ماقهرتني. قولي قلبك وجعك. وضعت كفيها على صدرها وانسدلت عبراتها وصاحت ببكاء
حسيت زي ماأنا حسيت. اتمنيت الموت وإنت بتسمع إنك مغفل واتلعب بمشاعرك
اتجهت لجاسر واكملت
- على الأقل أحنا اتكلمنا في النور حتى لو الموضوع تمثيل. لكن محبتش ألعب بمشاعرك وأمثل عليك واستغلك واخدك مسكن.

تراجعت بجسدها للخلف وهي تهز رأسها بعنف. وأجهشت ببكاء حار أظهر كم الألم الذي يسكن روحها ويوجع قلبها مما عانته بتلك الأيام الأخيرة
-أنا هريحكم كلكم. قالتها ثم تحركت سريعا للخارج
مسح جاسر على عنقه ثم نظر بغضب لجواد.

- عملي فيها رميو. حلها بقى ياعمو رميو. اللي بيحب بيدافع ويجاهد. أنما إنت عايز كل حاجة مباحة قدامك. قالها ثم تحرك للخارج. تذكر هاتفه اتجه سريعا ثم تناوله ينظر إليه وجسده ينتفض رعبا عندما تذكر بحديثه مع فيروز
حاول الأتصال بها عدة مرات ولكنها لم تجيبه. اتجه بالاتصال على حياة ثم باسم
قبل قليل
كان باسم يغط بنوما عميق. تململ بنومه عندما شعر بتحرر زوجته من أحضانه.
ارتفعت جفونه بتثاقل شديد وهمهم.

- رايحة فين حبيبي. استدارت بجسدها بعدما انزلت بقدميها على الأرضية
- آسفة صحيتك. هروح أشوف فيروز بقالي كتير مشفتهاش.
جذبها بذراعيه القويتين حتى اصطدمت بصدره ثم اقتطف ثغرها بقبلة ناعمة
- يعني هتسيبي حبيبك وتروحي لفيروز
وضعت ذقنها على صدره وأردفت بمراوغه
- حبيبي شكله طماع أوي وناسي اننا بقالنا سبع ساعات مخرجناش من الأوضة. دلوقتي فيروز قلقت عليا. ماهي متعرفش إننا اتصالحنا.

انتقلت أنامله لتزيح خصلاتها المتمردة على وجهها ونظر لعينيها الآسرة لقلبه ثم تحدث بصوتا مبحوح مفعم بمشاعره
- روحي شوفيها بس متتأخريش عليا، وقوليلها هنخرج نتعشى برة لو عايزة تيجي معانا
قاطعهما رنين هاتفه. حاوطها بذراع وجذب هاتفه بذراعه الأخر
- جسور بتحلم بيا ولا إيه
زفر جاسر يمسح على وجهه وتحدث
- عمو باسم فين حياة وفيروز مبيردوش على تليفوناتهم ليه
ضيق باسم عينيه واعتدل جالسا.

- مالك؟ فيه إيه يلا. وبعدين إيه حياة دي هي بتلعب معاك
لم ينتبه جاسر لحديثه وتحدث
- كنت بكلم فيروز من ساعة وحصل حاجة. لازم اكلمها تاني واطمن عليها. شكلها فهمت غلط. بحاول اتصل محدش بيرد ليكونوا هربوا تاني
اتجهت حياة لخزانة ملابسها بعدما طعنها جاسر بخنجر من كلمته. فارتدت ملابسها سريعا وهي تنظر بحزن لباسم
- هروح اشوفها واقوله اننا مبنهربش
ارجع جاسر خصلاته بعنف في حركة تنم عن مدى غضبه وتوتره.

- عمو باسم اتصرف وشوفلي فيروز فين وطمني ضروري
اعتدل متجها للمرحاض عندما شعر بسوء الأمر وتحدث ليطمأنه: - تمام ياجاسر. اهدى وأنا هشوفها فين. بس قولي إيه اللي حصل لدا كله
عند جواد وغزل وصل لمنزلهم بالأسكندرية وهو يتحدث مع صهيب
- لا ياحبيبي هي كويسة الحمدلله. وخرجت وراحت مع جوزها. مفيش داعي لوجودك، وكمان الجو بدأ يبرد هنا.

دلف وهو يحاوط خصرها ثم انهى الحديث متجها لغرفة المعيشة. جلس ثم أجلسها بجواره وقام بفك حجابها.
- لا حبيبي زعلان ومقموص وعايز اصالحه
لم تجادله كثيرا فألم معدتها بدأ يتفاقم
رجعت بظهرها على الأريكة وأغمضت عيناها تضع يديها محل الألم. ناظرها باستفهام لم تفصح عنه شفتيه
- مفيش حاجه ياحبيبي. شوية برد في معدتي. جذبها يضمها
- ألف سلامة عليكِ ياحبيبي. اعملك حاجة سخنة
أومأت برأسها بالموافقة
- لو مش هتعبك.

-تتعبيني! ياريت التعب كله يكون غزل
مسحت على وجنتيه
- تعرف ياجواد إن ربنا دا رحيم أوي. وفعلا قريب من عبده أقرب من الأم بولدها
عقد حاجبيه وتسائل
- مالك يازوزو. فيه حاجه ولا إيه؟
وضعت رأسها على صدره وتحدثت
- ربنا اخد مني حاجات كتير لكن عوضني بالأكتر والأفضل. المفروض نحمد ربنا على كل حاجة
قبل رأسها وأجابها
- فعلا ياقلبي عندك حق. شوفتي حصلنا ايه. وشوفتي ربنا كرمنا بإيه بعدها.

تسللت رائحته لانفها. فرجعت بجسدها مرة اخرى بعيدة عنه. عندما شعرت بالغثيان
فحص المكان بيعينيه فتسائل
- عز وربى مرجعوش لسة ولا إيه
ربتت على كفيه ومازالت مغمضة العينين
- راحو الشاليه. خليهم لوحدهم ياجواد. دول لسة عرسان ياحبيبي
نهض غاضبا
- نعم ياختي دول أيه عرسان. دا بقالهم شهرين ياغزل.
ابتسمت على غيرة زوجها ففتحتها.

- جواد سيب العيال خليهم يتبسطوا شوية. شهرين إيه اللي بتتكلم عنهم. نسيت إنت قعدت سنتين ياحبيبي مش شهرين
رفع حاجبه بسخريه
- نعمين. حقيقي بتشبهي العيال المجانين
أجابته بثقة
- لا طبعاً حبيبي مفيش منه اتنين. لم تكد تنهي جملتها حتى تفاجأت به يحملها متجها لغرفتهما
- طيب وحياة غزالتي إنتِ أجمل ست شافتها عنيا
لكزته بوهن شديد
- بكاش ياابو جاسر. وضعها على الفراش وهو يقهقه عليها.

- وحياة أمث جاسر بقول الحق. المهم ارتاحي وهعملك حاجة تدفي معدتك
قالها عندما قبل جبينها. قاطعه رنين هاتفه
اجابه وهو يضحك بسخرية قائلا: - ريان نعمين يابن المنشاوي
- جواد عايزك تجبلي جاكلين من تحت الأرض هي وابن الفيومي بأي طريقة
اتجه ليعد مشروبا لزوجته ثم اجابه
- من غير ماتقول ياريان. المهم الوضع عندك تمام ولا فيه حاجة
- مفيش أوس جه من شوية وعامل هيجان عندي زي حضرتك اننا خبينا عليه.

قوس جواد فمه ثم ابتسم بسخرية
- ماليش فيه. ابنك واتصرف معاه. سلام مش فاضيلك
علي الجانب الأخر
ألقى الهاتف بغضب وتحدث
- ماشي يابن الألفي. بتعلم على ريان المنشاوي. ابتسم بسخرية
- وماله ياجواد نلعب معاك منلعبش ليه.

عند بيجاد وغنى
وضعها على الفراش ودثرها بالغطاء. مش هتكلم على لبسك دا وازاي تخرجي بيه
نظرت لسقف الغرفة وكأنها لم تستمع لشيئا
اقترب يحاوطها وتحدث
- لم اكلمك تبوصيلي. مش من الإحترام لما جوزك يكلمك تردي عليه
قطبت جبينها وأردفت متهكمة: - ليه حد قالك إني هكمل معاك بعد خيانتك ليا
اشتعل غضبه بصورة كبيرة من حديثها فاحتدت نظراته واختنقت انفاسه.

- غنى متختبريش صبري. خيانة ايه دي شكلك عايزة الولد التاني ينزل ياغنى. انا معنديش مانع ياحبي. المهم إنتِ
اخترقت كلماته اعماق قلبها، فأشتعلت نيران صدرها ثم وضعت يديها على أحشائها وترقرق الدمع بعيناها
- تقصد أيه؟ فيه ولد نزل؟
زفر بضيق فهي التي اوصلته لذلك
جلس بجوارها يمسد على خصلاتها
- غنى حبيبتي ربنا أراد بكدا
دفعت يديه وتحدثت بغضب
- كله منك. أنت السبب.

بنفس ملامحه الهادئة ونبرته المتزنة الذي حاول السيطرة على نفسه بها
- الجنين مكنش فيه نبض ياغنى. يعني مالناش نصيب فيه. كان يراقب دموعها التي تحرقه بقوة
قام بإعتدالها جالسه ثم جذبها لأحضانه
- حبيبتي لو عايزة الولد التاني يجي بالسلامة لازم تخافي على نفسك وبلاش العصبية اللي ملهاش لازمة.

نظرت لوجهه القريب منها وغزت رائحته الشهية أنفها لتثير بداخلها رغبة عاتية في الأقتراب أكثر واستنشاق رائحته التي باتت تعشقها. تقابلت نظراتهما بعتاب يحمل بين طياته دقات قلوبهما التي تعزف بوجع الحب وعدم الثقة
اقترب ليلتقط ثغرها. استدارت بالجانب الأخر واحتدت نبرتها
- متفكرش هتضحك عليا زي كل مرة. ودلوقتي مش عايزاك تقرب مني خالص وياريت تنام في أوضة تانية. ياإما تاخدني عند بابا. م.

تصاعد الغضب بداخله حتى أعماه فلم يتمالك نفسه عندما تركها ووقف يتحدث ويرمقها شرزا
- مش بكيفك. انتِ مراتي والمكان اللي هكون فيه هتكوني فيه. ومش عايز أسمع كلمة تاني. صدقيني أنا مش عايز الولد اللي في بطنك. يعني احرقي في أعصابك إنتِ الخسرانة. أنا متجوز مش خاطب
افهمي الكلمتين دول
مكان ماهنام هتنامي. ومكان ماهقعد هتقعدي، ثم أشار لصدره ومش هتنامي غير هنا. عندك مانع
قالها وهو يصرخ بصوته الغاضب.

ابتلعت جمرات غضبه حين تفوه بتلك الكلمات فوقت أمامه تشير بسبابتها
- وأنا مش الجارية بتاعتك يابن المنشاوي
منع ابتسامته عندما وجدها كاحبة الكرز التي وجب إلتهامها
حاوطها بنظراته على جسدها بالكامل. ونيران صدره تحرقه خوفا على فقدان جنينه. عندما ظلت تخبط قدمها بالأرضية ظل صامتا يحاول تنظيم دقاته الهادرة وأنفاسه العارية خوفا عليها
ثم حاوطها بذراعيه واردف كلماته التي جعلت قلبها يسقط بين اقدامها.

- خلاص ياحبيبي متزعليش نفسك وقلبك. ادعي إن ربنا ياخدني ويريحك غير كدا مقدرش ابعدك عني ثم رفع كفيه يرجع خصلاتها للخلف
- ومتخافيش هدعي كمان عشان مش حابب اشوف نظرة كره واحدة في عينيكِ ليا ياغنايا. اصلك مقدرتيش تفهمي بيجاد بيحبك قد إيه
اهتزت شفتيها الشهية أمامه وتحدثت بصوتا مهزوز
- تقصد إيه يابيجاد؟
اقترب وهمس إليها.

- مش يمكن أموت وأريحك ياحبي. وتكوني أرملة مش مطلقة. دا أهون عليا بكتير وآه عندي آخر سفرية بكرة. لو عايزة تتحرري مني. ادعي اروح وماارجعش
بصعوبة رفعت نظرها لعيناه وتبدلت ملامحها الغاضبة للخائفة. فنظرت تتأمله بحب وارتجفت شفتيها
- حرام عليك يابيجاد. ليه بتقول كدا
وضع جبينه فوق جبينها
- عشان بعشقك ياغنى. وحد دعى عليا اتوجع بالعشق. وأهو إنتِ بتوجعيني.

لم تستطع كبت دمعة عيناها عندما تخيلت بعده عنها فوضعت رأسها بعنقه وحاوطت خصره
-وغناك بتموت فيك. بس واخدة على خاطرها منك. ظلت تتمسح به كقطة سيامي. متقولش كدا تاني. حبيبتك بتدلع عليك، رفعت بصرها
- إياك تبعد عني حتى لو أنا طلبت منك كدا متسمعش كلامي. واستحمل هرمونات الحمل بعد كدا. أنا واحدة مجنونة
عصرها بأحضانه وهو يخرج تنهيدة من أعماقه وتحدث
- هو فيه حد يقدر يبعد عن روحه. فداكِ بيجاد ياروح بيجاد
عند ريان.

تصاعد الغضب بداخله حتى اعماه فلم يتمالك نفسه الا وهو يرفع كفيه ويصفع ماسة
- ازاي كنتِ حقيرة كدا. إزاي قدرتي تكوني رخيصة وتسلمي نفسك لواحد حقير
بكت بنشيج وتحدثت من بين بكائها
- والله ياخالو خدرني ومحستش بحاجة
تجاهل حديثها وصاح بغضب
- وليه مقولتيش ان جاكلين جاتلك وحاولت تهددك بصورك. ليه معرفتنيش
تعرفي أبوكِ لو عرف ممكن يروح فيها
رفع نظره لاخته وصاح بغضب
- شايفة دلعك فيها وصلها لأيه. ياما حذرتك يامرام.

كانت تجلس تنظر للأسفل ودموعها تتساقط بصمت. تشهق شهقات مرتفعة
- عمر لو عرف ممكن يروح فيها ياريان عشان كدا خليت بيجاد يكتب عليها
ركل ريان المنضدة وصاح بغضب
- وانتِ كدا حلتيها يامرام. هي دي حاجة بتتخبى. آه يامرام. آه، لغتيني من حياتك
اعمل ايه دلوقتي ياربي. صور بنتك بقت في كل مكان. اعمل ايه واروح فين. ولا عمر. اغمض عيناه بقوة وظل يثور كالثور الهائج.

- رايحة تكتبِ كتاب. ايه فايدته مش عارف. من امتى وإنت غبية يامرام مش عارف
وقفت أمامه. وكان مطلوب أعمل اهيه وبنتي داخلة منهارة وانا لوحدي ياريان
صمت للحظة ينظر للبعيد
مفيش غير حل واحد. دا هيسكت الكل. ونقول ان دول اعداء حبوا يشوهوا صورتنا. بس للازم نعمل فرح ماسة وبيجاد.
بعد أسبوع بالقاهرة
استيقظ جواد على رنين هاتفه. امسكه
- ايوة ياصهيب
- جنى ياجواد. مش لاقيها في البيت. سابت البيت وبتقولي محدش يدور عليا.

اعتدل جالسا ينظر للتي تغرق بسبات عميق. تنهد ثم زفر بهدوء
- نازلك ياصهيب.
لا شيء بيني وبينك، لكن بين قلبي وقلبك قد حصل كل شيء.!
كان الرعب قد تسلل لقلبه عندما وجدها بتلك الطريقة. هرول إليها وحملها وهو يصيح بصوتا صاخب على إبنته
- إتصلي بالدكتورة بسرعة. أومأت برأسها وعبراتها تغسل وجنتيها عندما رأت والدتها بتلك الحالة
أسرع عز لعمه يحاول أن يفهم ماصار
- شوف ربى أتصلت بالدكتورة ولا لا.
قالها جواد واتجه لغرفته. قابله أوس.

تسمر بوقفته عندما وجده يحمل والدته وهي فاقدة وعيها بالكامل
- بابا قالها بصوتا مرتعش.
مفيش حاجه ياحبيبي متخفش شكل ماما أُرهقت شوية. قالها وهو متجه لغرفته
وصل لغرفته ووضعها بهدوء على فراشها كأنها أغلى الجواهر لديه، ولما لا وهي زوجته حبيبته
اتجه لقنينة عطره وحاول إفاقتها عندما قرب القنينة لأنفها وهو يمسد على خصلاتها بعدما حررها من حجابها
وصلت ربى وأوس إليها. أسرعت ربى بزجاجة المياة وحاولت أفاقتها.

صرخ والدها بوجهها.
-هو مش المفروض إنك في كلية طب. مامتك مابتفوقش ليه
بكت بنشيج وكأن عقلها توقف وهي تهز راسها
- معرفش يابابا. حاول اوس أن يهدأ من وضع والده عندما وجد الغضب والعصبية تسيطر عليه
- بابا ممكن تهدى. حضرتك مش شايف حالتها إيه. أغمض جواد عينيه وكل ذرة بمشاعره تنتحب وحزينة على حالة زوجته
أخيرا تسلل لقلبه ضوء الشمس عندما رمشت بعينيها تهمهم بإسمه.

- جواد. أقترب جواد جاثيا على ركبتيه أمامها يحتضن كفيها بيد والأخرى تمسد على خصلايتها
- حياة جواد ياملكة روحه. فتحت عيناها تنظر حولها. كانت ربى تجلس بالجانب الأخر على الفراش. ودموعها تنزرف بغزارة
حاولت غزل الأعتدال. جذبها جواد لأحضانه ينظر لأولاده
- ماما كويسة. شوفوا الدكتورة جت ولا لا
تفهم أوس حالة والده فنظر لأخته وأنسحب
رفعت ربى كف والدتها وقبلته.

- حاسة بإيه يامامي. هروح اجيب قياس الضغط. خرجت من أحضان زوجها وضمت ربى لأحضانها عندما وجدت حالتها وبكائها
- أنا كويسة حبيبة مامي. شوية أرق وهبوط في الدورة الدموية إيه يادكتورة هو أنا اللي هفهمك
تنهد جواد بوجع على أبنته فلقد فقد نفسه وأحزنها. أشار بيديه إليها: - تعالي يابابي. قبّلت جبين والدتها
- ألف سلامة عليكي يامامي ثم نهضت متجه لوالدها. وهي تزيل عبراتها.

توقفت أمامه تنظر للأسفل: - نعم يابابي. شعر بفداحة تعصبه عليها فزفر بحزن ورفع نظره إليها
- آسف يابابي. أتعصبت عليكِ، لما شوفت حالة مامي معرفتش أتحكم في غضبي، أنا قولتلك خلي بالك من ماما لأنها تعبانة
نهض يقبل جبينها ثم رفع ذقنها
- متزعليش من بابا ياحبيبتي
ألقت نفسها بأحضانه وبكت بنشيج مرتفع
- آسفة والله يابابي مكنتش متخيلة إنها تكون تعبانة كدا
ضمها لصدره بحنان أبوي يمسد على ظهرها.

- إشش إهدي خلاص هي كويسة والدكتورة دلوقتي هطمنا
أرجعت غزل لظهر فراشها وهي تغمض عيناها وتحدثت
- أنا كويسة ياقلبي. أنزلي تحت عشان أخواتك مايقلقوش
أومأت برأسها وخرجت سريعا، جلس جواد بجوارها يضمها لأحضانه
- حاسة بأيه ياحبيبي. كدا توجعي قلبي عليكِ. همست بصوتا يكاد مسموعا بسبب تعبها
- سلامة قلبك ياحبيب غزل. أخرجها من أحضانه ورغم تشبسها به إلا أنه ابعدها ينظر لمقلتيها.

- زوزو إنتِ مخبية عليا حاجة؟ أنا شوفت الأختبار ياغزل
تسائل بها جواد عندما اخترق الشك قلبه
صدمة أصابت عقلها كليا ورغم ذلك
وضعت رأسها على كتفه وهزت رأسها بالرفض
- لا ياحبيبي. رفعت رأسها مرة اخرى وأردفت
- أنا بس عملت تحليل الحمل ياجواد وفيه حمل
صمت برهة يستوعب ماإستمع إليه ثم فجأة اطلق ضحكة صاخبة مماادت إلى لمعان الدموع بعينيه
- ألف مبروك يانانا. هتكوني مامي جديد ونانا كمان.

لكمته بصدره وبكت: - جواد متتريقش من فضلك. ممكن تقولي هعمل إيه دلوقتي وأقابل ولادي بأنهي وش
اقف كدا وأقولهم باركولي يارجالة أمكم هتجبلكم اخ او أخت والصغير فيكم عنده واحد وعشرين سنة
جحظت عيناه وهز رأسه رافضا حديثها: - إيه اللي بتقوليه دا ياغزل. هنعترض على ربنا. حبيبتي دا رزق من ربنا. منقدرش نعترض على حكمه ابدا
بعد قليل وصلت الطبيبة وقامت بالكشف عليها وأكدت بحملها.

كان يزرع الردهة امام غرفته ذهابا وإيابا وبجواره عز وأوس. بينما رُبى التي دلفت مع الطبيبة
ابتسمت الطبيبة لغزل وتحدثت
- إيه يازوزو متعرفيش عندك إيه ولا إيه يادكتورة. اتجهت غزل لأبنتها وتحدثت قبل حديث الطبيبة
- حبيبتي اعملي للدكتور قهوة. أومات وخرجت. حمحمت غزل تنظر للطبيبة
- عفاف مش عايزة حد يعرف بموضوع الحمل دا. فركت يديها وأكملت.

- أنا عندي مشاكل في القلب ولازم الجنين دا ينزل بس من غير ماحد يعرف وخصوصا جواد. هتخرجي دلوقتي وتقوليله حمل كاذب وبتحصل كتير في السن دا
جلست الطبيبة تستمع إليها بإهتمام ثم تحدثت بإبانة
- غزل اللي بتقوليه دا مينفعش. اعتدلت غزل واكدت حديثها
- دا اللي لازم يتقال. جواد مينفعش يعرف بمرضي ياعفاف ولو الحمل كمل هيعرف وأنا مش مستعدة أوجع قلبه. لو سمحتِ اسمعي مني.

تنهدت بحزن وأكملت: - الوجع مابيكنش في المريض أد مابيكون في أهل المريض ياعفاف. وأنا مش مستعدة اشوف نظرة حزن من عيون حد من ولادي ولا جوزي.
رفعت نظرها إليها وأكملت
- ولادي المفروض فرحهم بعد يومين. فلو سمحتِ مش عايزة أقلب الفرح لحزن. وبما إن الحمل لسة في شهوره الأولى واللي متأكدة منه إنه لسة مكملش التاني حتى فاتصرفي بأي علاج. والشرع بيقول كدا، يعني بدل هيضرني مباح ليا أنزله
هزت الطبيبة رأسها بالموافقة.

- ربنا يستر وجواد ميعرفش. وقتها صدقيني هيو. لع فيا
ربتت على كفيها وتحدثت
- لا متخافيش جواد مش هيعرف
عند نغم وريان
كان يجلس مع المسؤلين ويتناقش عن إعداد حفل الزفاف الذي سيقام بالقاهرة. وبعد الأنتهاء دلفت نغم إليه
- إيه ياريان هتفضل شغال لحد إمتى. حبيبي ممكن تريح شوية
اعتدل متجها إليها
- خلاص ياحبي. خلصت. سحب نفسا وهو يسحبها من يدها متجها للخارج
- عندي إجتماع كمان ساعتين كدا. هحضره وننزل كلنا القاهرة.

توقفت أمامه وبدأت تتلاعب بزر قميصه
رفع ذقنها وغمز بعينيه
- إيه يانغوم عايزة تقولي إيه
حمحمت ثم تلاقت بعينيه
- فيه موضوع لازم تعرفه. ضيق عيناه مع هزة خفيفة برأسه واتجه للأريكة جلس واجلسها بجواره: - سامعك يانغم
اعتدلت تنظر إليه
- مالك . ضيق عيناه وتسائل
- ماله مالك؟
فركت يدها ثم تحدثت سريعا: - بيحب تقى بنت حازم الألفي وعايزك تكلم باباها
قوس فمه وهو ينظر بجميع الاتجاهات سوى عيناها التي أربكته ثم ردد بغموض.

- ودي حبها إمتى ياربي
ادارت وجهه إليها ونظرت مستفهمة عن حديثه
أجاب تشتتها سريعا: - مش غريبة إن تقى من كام شهر كانت معجبة بأوس والنهاردة مالك عايز يرتبط بيها. إفرض البنت لسة بتحب اوس. هيكون ردة فعل إبنك إيه
نهضت نغم وهي تدور حوله ثم أردفت
- هي ممكن تكون لسة بتفكر في أوس
أطبق على جفنيه وتحدث
- ممكن يانغم. وممكن لا، الصراحة مقدرش أحكم.

ربت على ظهرها وتحرك للخارج وهو يتحدث: - هشوف مالك كدا وبناءً على كلامه هعرف إزاي وصل إلى أنه يخطبها
بمنزل حازم الألفي
دلف أوس ينظر لعمته بإبتسامة خلابة
- مساء الفل ياعمتو
نهضت تبتسم إليه
- مساء الورد ياروح عمتو. تعالى ياحبيبي واقف كدا ليه
تحرك متجها ينظر حوله ثم تسائل
- جواد لسة مرجعش بجنى ولا إيه
قطبت جبينها وتحدثت
- هو جواد عرف مكان جنى؟
هز رأسه بالايجاب
- ايوة كلم عز من شوية وقاله هجيبها ويرجع.

اومأت برأسها تبتسم بسعادة
- الحمدلله. ربنا يكون في عون نهى دلوقتي ياحبيبتي هتتجنن عليها
نادت على العاملة وتحدثت متسائلة
- تشرب إيه ياحبيبي؟
هز رأسه رافضا: - مفيش ياعمتو. أنا جاي عايز أقعد مع تقى شوية بعد إذن حضرتك طبعا
القى كلاماته بملامح مرتجفة وهو ينظر لمليكة
نهضت مليكة وجلست بجواره
- فيه حاجة ياأوس؟ ليه عايز تقى. هي عملت حاجة زعلتك ياحبيبي؟
نهض سريعا وهو يهز رأسه بالنفي.

- لا ياحبيبتي. كنت عايز منها خدمة. هو مينفعش اطلب خدمة من بنت عمتو ولا إيه
تنهدت مليكة بحزن تنظر إليه بتمعن ثم تحدثت بهدوء رغم الحزن الذي ارتسم على وجهها
- بلاش ياحبيبي. العلاقة بينكم متوترة، متزعلش مني يااوس، لكن بنتي بتصعب عليا ودي لسة صغيرة على الوجع
سحبت نفسا ثم اتجهت متحركة تنظر عليها في الحديقة
- تقى لسة يادوب عشرين سنة. ويوم ماقلبها دق. دق للشخص الغلط
استدارت تنظر إليه وأكملت.

- أنا مش بحملك دا ياحبيبي ابدا والله. لكن بحاول أفهمك إن وجع القلب وحش وخصوصا إنك فضلت غيرها عليها
تحرك ووقف أمامها ثم وضع كفيها بين راحتيه وتحدث بصدق: - مش معنى أننا محصلش نصيب بينا ياعمتو يبقى نبعد عن بعض او ناخد جنب وموقف ونفضل مقاطعين بعض
رفع كفيها وقبله وتحدث بحديث صادقا من عينيه قبل فمه: - والله مش عيب فيها ابدا. أنا طول عمري شايفها اختي الصغيرة زيها زي ربى وجنى وعمري ماشوفتها غير كدا.

تنهد بحزن وأكمل مسترسلا
- أنا ياعمتو لو حسيت لو للحظة إني هشوفها غير اخت كنت عمري مااترددت طبعا. بس حسيت هظلمها معايا لو كنت وافقت. وكنا هنوجع بعض أوي. وكان ممكن نمل من بعض بعد فترة يبقى مااخدناش غير وجع قلوبنا لبعض
بعينين حزينتين أكمل حديثه
- عمري مااتخيلت إنها هتشوفني غير أخ ليا. تطرق بعيونا نادمة مردفا
- والله لو أعرف إنها هتكن ليا مشاعر. صدقيني عمري ماكنت فكرت. سحبته قبل مايستكمل حديثه معاتبة.

- إيه اللي بتقوله دا ياحبيبي. هو القلب عليه سلطان ياأوس. على العموم هندهلك عليها.
ضغطت على كفيه وتحدثت بإبانة
- بلاش تتكلموا في الماضي. تمام
أومأ برأسه بالموافقة. خرجت مليكة لأبنتها وتوقف أوس ينظر من النافذة عليها حيث كانت تجلس مشغولة برسمتها ولم تلاحظ وجوده. ظل يراقبها. ابتسم بخفوت عندما صورها بوداعة عصفور بجلستها البريئة وألوانها التي كانت تضعها بخصلاتها الحريرية.

تراجع للخلف يغض البصر وهو يستغفر ربه ثم ابتسم عندما تخيل ياسمينا حينما تراه ينظر هكذا
دلفت تقى بعدما ارتدت إسدالها مردفة السلامة
- السلام عليكم. إزيك ياعريس. قالتها مبتسمة
أشار بعينيه بالجلوس بجواره. تحركت بهدوء وهي تفرك كفيها وبنظرات مرتبكة
- ماما قالتلي حضرتك طالب تشوفني ياآبيه
اطلق ضحكة خافتة عندما وجدها كالطفلة التي تبلغ العشر سنوات. رفع حاجبه للأعلى ينظر على وجهها الذي يلطخه آثارا للألوان.

ضيقت عيناها عن نظراته وتسائلت
- لا ماهو سكوتك دا خطر. بقولك أنا بزهق بسرعة ياتقول بتبص على إيه وبلاش حركات الصم والبكم دي
أشاح بعينيه بعيدا عنها يحاول تمالك نفسه من الضحكات.
- شكلك عامل زي البليطشو ياتقى. تأففت من ضحكاته ثم نهضت وهي تتحدث بغيظ
- ممكن أعرف آبيه أوس ماله وجاي عايز إيه
- طيب اقعدي ومش هضحك تاني. جلست وتحدثت
- مش المفروض حضرتك عريس ولا أنا غلطانة
استدار بجسده ينظر إليها بتمعن وترقب.

- قولي إنتِ ياتقى. مش المفروض أنا عريس. يعني مش ملاحظة إن الكل باركلي إلا إنتِ
نهضت سريعا وابتعدت عن جلوسه وبدات تفرك يديها ثم نظرت إليه
- ماهو كنت هباركلك يوم الفرح. وبما أن الفرح لسة قدامه يومين.
قاطع حديثها عندما نصب عوده وتحرك يقف أمامها
- تقى لسة زعلانة مني؟
نظرت إليه وتقابلت نظراتهما لأول مرة هو بأسفاً حقيقيا وهي بندماً
ازدادت نظراتها حزناً وندما بآناً واحد ثم تحدثت.

- وهزعل منك ليه. إنت اللي المفروض تكون زعلان. دارت حوله وأكملت بصوتا متقطع
- أوس أنا آسفة بجد. كنت عيلة طايشة وكنت مفكرة إنك أكبر أحلامي. اتجهت تقف أمامه وربتت على كتفه
- إنت كنت صح لما جتلي وقولتلي عشان وهمتِ نفسك بيا من صغرك. محاولتيش تشوفي الناس برة بقلبك كنتِ بتشوفيهم بعيونك بس، مش كلامك ليا
جلست وأكملت حديثها.

- تعرف يوم كتب كتابك أنا مازعلتش. كان عادي، فلو فعلا كنت بحبك حب الحبيب كنت اتقهرت بجد. لكن الموضوع عدى وكأنك مش تعنيلي ابدا
نهضت وأمسكت كفيه ونظرت إليه
- أنا اللي مفروض أتأسفلك مش إنت. عشان وجعتك بكلامي. ورغم كدا مرحتش اشتكيت لبابا وماما بالعكس كنت راجل بجد. وحاولت تفهمني إن علاقتنا ببعض ماهي الا علاقة اخوة. وزي ماقولت ياحضرة المهندس إنت كنت إنبهار مش أكتر. حبيت شخصيتك محبتش أوس ذات نفسه.

اقترب يضم كفيها بين راحتيه وتحدث بسعادة تغمر وجهه
- هتفضلي اختي الصغيرة دايما ياتقى ووقت ماتحتاجيني هتلاقيني في ضهرك دايما
أومأت برأسها مبتسمة
- وإنت كمان هتفضل آبيه أوس الحمش ابو دم تقيل اللي كلنا بنترعب من عصبيته
ألف مبروك وبتمنى لك السعادة بجد من كل قلبي، ياسمينا حد جميل أوي وتستاهل واحد ذيك. وإنت كمان تستاهل حد جميل زيها.

قبل رأسها سريعا ثم تحرك للخارج دون حديث، كانت تقف على باب الغرفة وأستمعت لحديثهما. قابلها بإبتسامة
- عايزة حاجة ياعمتو
ضمت وجهه بين راحتيها وقبلت خديه
- ربنا يسعدك ياروح عمتو
قبل جبينها ثم تحرك للخارج وشعور الراحة يطغو عليه بالكامل
أمام البوابة الرئيسية لحي الألفي كان يقف ينتظرهما وهو يزرع الطريق أمام البوابة ذهابا وإيابا. وجد السيارة تدلف من البوابة
اتجه سريعا يقف أمامه ثم اشار لجواد
- انزل ياجواد.

توهجت عين جواد قائلا بتحدي
- لو ماتحركتش من قدام العربية هدوس عليك ياجاسر. لم يكمل حديثه عندما وجدها ترجلت من سيارته متجه لجاسر
- انت اتجننت ياجاسر إزاي توقف قدام العربية كدا
كان يطالعها بنظرات غاضبة ودّ لو صفعها على وجهها حتى ادمت. ورغم مافعلته اتت بكل بجاحة تقف أمامه وتتحدث بتلك الطريقة مما شعر بغلي الدماء بعروقه
جذبها بقوة من رسغها ودفعها بعيدا عن السيارة.

- ممكن أعرف المحترمة إزاي جالها قلب تسيب بيت ابوها لمدة تلات أيام وهو ميعرفش عنها حاجة. صاح بها جاسر بغضب
نظرت إليه والكبرياء يعتلي كل ذرة بوجهها واجابته بعيونا مشتعلة
- وانت مالك ياجاسر. آه، قولي مالك، لا إنت اخويا ولا خطيبي ولا حتى حبيبي
بعينين مذهلوتين تسمر بوقفته. ثم اتجه لجواد الذي يقف وعلامة الحزن تمتلكه
نفض يده بقوة كالملسوع عندما اطلقت قذيفة كلماتها حتى اخترقت صدره فأجابها.

- عندك حق، أنا مين! قالها ثم تحرك سريعا من أمامهما
رعشة قوية أصابتها عندما تركها وغادر بتلك الطريقة. اتجهت بنظرها لجواد كالمشتت الضائع. حاولت إستجماع نفسها وشجعاتها الواهية فأخذت نفساً عميقاً قبل أن تتحدث
- كل واحد يحترم نفسه ويعرف مكانته بعد كدا معايا. لا إنت ولا جاسر ليكو الحق تتدخلوا في حياتي
قاطع حديثها عندما وصل إليها بخطوة وسحبها بقوة لداخل السيارة.

- اركبي عشان أنا ماسك أعصابي عليكي والله مااتعدلتي ياجنى لأبوسك حتة بوسة هقطع بها شفايفك اللي عمال تشتمي في الكل بيهم. وهاخد اللسان كمان
شهقت شهقة قوية تضع يديها على فمها من هول مااستمعت من كلاماته. دفعته ثم
ترجلت سريعا متجه للداخل وهي تسبه
- هستنى ايه من واحد قليل ادب.

توجهت سريعا لمنزلها وجدت نهى تنتظرها بالخارج. وصلت جنى لوالدتها. وتوقفت أمامها للحظات. تحركت نهى إلى أن وصلت أمامها ثم رفعت ذراعيها وصفعتها
عند جواد وغزل
خرجت الطبيبة وتحدثت مع جواد مثلما قالت لها غزل. دلف جواد وهو يرمقها بنظرة خاطفة ثم سحب مقعدا وجلس بجوارها وظل يتابعها بصمت
ارتجفت نظراتها أمامه فتحدثت بصوتا حاولت أن يكون ثابت بقدر المستطاع
- فيه إيه بتبص لي كدا ليه حبيبي.

حاولت استجماع نفسها وهو لم يحد بنظراته عنها فاردفت بتوتر
-جود ممكن تطفي النور عايزة ارتاح.
جاء سؤالها بغباء لعقله الذي أكد له إنها تخفي شيئا فأردف بهدوء
- قومي غيري هنروح لدكتور تاني
نهضت كالملسوعة وصاحت بوجهه على غير عادتها
- هو إيه اللي نروح لدكتور تاني دي. ماهو أنا كويسة. مالك زعلان عشان مش هطلع اب تاني ولا إيه.

كان ينظر لأنفعالات وجهها بثبات وهدوء مميت. انتهت من ثورانها فنصب عوده يقترب منها بخطوات سلحفيه جعلت دقاتها تهرب من بين ضلوعها حتى اصطدمت بالجدار خلفها فحاوطها بذراعيه وهو يمشط بنظراته على جسدها بالكامل فهمس إليها همساً مميتا
- فيكِ إيه ياحبيبة جود بتهربي مني ليه. مخبية عني إيه
عند عمر بالأسكندرية
دلفت سيلا إليه بقهوته. ثم وضعتها أمامه على سطح مكتبه وجلست تنظر بشرود.

رفع نظره من جهازه ينظر إليها فتوقف متجها إليها، جلس بجوارها يحاوطها بذراعيه
- مالك ياحبيبي؟ سرحانة في إيه؟
وضعت رأسها على كتفها وانسدلت عبراتها على وجنتيها
- أنا تعبانة أوي ياعمر. نفسي ارجع طفلة تاني، أخرجها من أحضانه ينظر إليها بذهول وتسائل
- مالك ياحبيبة عمر. وليه الدموع الغالية دي
زفرة قوية خرجت من جوفها فتحدثت
- بابا صعبان عليا أوي هو وماما، وسفرهم في الوقت دا تعبني جدا. أنا محتاجة ماما اوي.

ضمها لحضنه ومسد على خصلاتها
- محتاجها وأنا موجود ياسيلا. يعني أنا مقصر
هزت رأسها بالنفي وأجابته
- إنت جوزي وحبيبي وكل حاجه لكن هي أمي. هي حناني هي دعوتي الحلوة وقت مااحتاجها هلاقي حضنها اللي ينسيني وجعي كله
كلمات كصاعقة ضربت صدره بقوة فأردف بشفتين مرتجفتين
- وجعك ياسيلا. يعني شايفة إني ممكن اوجعك عشان كدا ممكن تروحي ترتمي في حضن مامتك
هزت رأسها واكملت.

- أفهمني حبيبي. مفيش بنت بستغنى عن أمها ابداً. مش عارفة اوصلك إحساسي إزاي
توقف يواليها ظهره وتحدث بحزن: - اللي اعرفه وافهمه إن الست طول ماجوزها بيعتبرها أغلى حاجة عنده بتكون مش محتاجة حاجة
توقفت ثم اتجهت إليه تلقي نفسها بأحضانه وتبكي بنشيج
- عمر حقيقي أنا تعبانة. مش عارفة من ماسة ولا من ريان أخويا ولا زعلانة عشان بابا وماما كل اللي حساه إني تعبانة وبس ونفسي ارتاح ومش عارفة
خرجت من أحضانه تنظر لمقلتيه.

- متزعلش. أنا عارفة إنك مش مقصر بس معرفش مالي. يمكن اللي حصل الفترة الأخيرة هو اللي وجعني اوي كدا
عند مالك أمام حمام السباحة
كان يجلس يستمع للموسيقى. توجه إليه ريان وهو يطلق صفيرا ثم ضربه على كتفه وتحدث ساخراً
- لا. دا اللي سمعته حقيقي يلا
ضيق عيناه واعتدل جالساً أمام والده
- مش فاهم حضرتك ياداد. تقصد إيه.

جلس ريان أمامه وهو يطلق ضحكات صاخبة ثم انحنى يجذبه من تلابيب ثيابه فأردف: - وأخيراً جيت تحت ضرسي ياحيلة ابوك مستني اليوم ده بقالي كتيير يلا مستني اللحظة دي
قهقه مالك ثم انحنى مثل والده واقترب منه مقوسا فمه وتحدث بتهكم: - ومين قالك إستاذي العظيم إني مستني إنك تحطني تحت ضرسك. رفع كفيه وداعب زر قميصه وهو يرمقه غامزا
- لو على موضوع تقى تبقى غلطان ياريو باشا. أنا بعرفك مش اكتر.

قالها مالك ثم تراجع بجسده يستند على كرسيه بفخر
جحظت أعين ريان ثم سبّه بسره وصرخ بصوته: - قوم فز ياحلوف. نسيت نفسك ولا أيه علم إيه اللي بتعرفهولي دا. انا أبوك مش واحد صاحبك
رفرف مالك بأهدابه وهو يزفر ثم اتجه ببصره لوالده
- سامعك اتفضل.
ابتسم ريان بسخرية. ثم نظر لاصابعه ينفخ فيهم ورجع بنظره لولده وتحدث.

- تنزل الشغل مع اخوك. وسيبك من موضوع الجيم اللي عايز تفتحه دا. هو أنا كنت بعمل الشغل دا ليه عشان كل واحد منكم ينط لي بمشروع
كز مالك على شفتيه وكاد أن يدميها ثم انتظر إكتمال حديثه
-تلتزم بشركة من الشركات. يعني هتنزل زي أي واحد محترم بيشتغل وتتعلم كل كبيرة وصغيرة عن الشغل. الأول هتنزل زيك زي اي موظف ولما تتمكن من الشغل وقتها هسلمك الادارة
توقف وصاح بصوتا صاخب
- ننننننعم. بتقول أشتغل زي أي موظف.

دا ام بوسيبل ياداد. ريح نفسك
نهض ريان وهو يضع يديه بجيب بنطاله واتجه ينظر للبسين وتحدث بهدوء
- فيه إجتماع بعد ساعة ونص بالضبط من دلوقتي. قوم اجهز، ومن أول النهاردة هتتعلم كل حاجة
توقف مالك بمقابلته وتحدث متهكما
- ولو معملتش كدا هيحصل إيه
استدار ريان ينظر لمقلتيه
- يبقى إنسى إني امشي في جوازتك وشوف مين هيوافق بيك. والحمد لله انها طلعت بنت حازم يعني جاتلي على طبق من ذهب
قطب مابين حاجبيه وتسائل.

- يعني إيه بنت حازم؟
- يعني مستحيل يوافق غير بيا. فهمت ياشملول. تحرك بهدوء ثم توقف امامه
- مالك أنا خلفتكوا عشان لما احتاجلكم الاقيكم جنبي. ودلوقتي أنا خلاص تعبت والشغل دا كله لازم انتوا تستلموه
- بابا أنا عايز يكون ليا حياة مستقرة. مش عايز حد يقولي اعتمدت على فلوس ابوك
أجابه ريان
- ماهو إنت كدا كدا هتعتمد على أبوك. اي مشروع هتعمله هتحتاج فلوسه مش كدا ولا إيه. وبعدين إنت هتشتغل بشهادتك.

هو مش إنت حاسبات ومعلومات ولا إيه
عند غنى وبيجاد
كانا يجلسان أمام الشاطئ يتسامران بالأحاديث.
- بيجاد هنسافر القاهرة إمتى حبيبي
رجع بجسده للمقعد خلفه وأجابها
- ساعة كدا. هنسافر طيران عشان متتعبيش في العربية
وضعت رأسها على كتفه وحاوطت ذراعيه
- لو مش فرح أخواتي كنت مستحيل اخرج من باب بيتي. خايفة أوي يابيجاد على الولد
ملس على وجنتيها بإبهامه وتحدث.

- مين قالك ياحبيبي أن رعايتك هي اللي هتحميه. غلطانه، رعاية ربنا هي الحامي. أنسي ياغِنى لو سمحتِ عشان تقدري تعيشي
رفعت رأسها ونظرت لعيناه فكان قريبا منها. وأردفت: - نفسي أوي يكون ليا أولاد منك يابيجاد. فاهمة كلامك دا. أعمل إيه من حبي فيك عايزة يبقى ليا ولاد كتير
اقتربت من شفتيه وقبلته قبلة سطحية ثم وضعت يدها على دقاته التي تتقاذف بقوة بصدره وأكملت.

- بحبك حب مش طبيعي. ممكن تقول كدا حاجة زي جنون عشق. لم تكمل حديثها عندما التقط ثغرها بخاصتيه لينعم بقبلة شغوفة. فصلها عندما احتاج كلا منهما لتنفس. ثم نهض سريعا ونزع كنزته واتجه للبحر وهو يحملها
- تعالي نعوم شوية قبل مانسافر هيوحشنا البحر. وضعت رأسها بصدره عندما فقدت النطق والحركة حينما علمت بهروبه بتلك الطريقة
بالقاهرة بفيلا صهيب
اتجهت جنى تنظر لوالدها بعبراتها الغزيرة. وتحدثت.

- كنت محتاجة أبعد يابابا. كنت عايزة أرتاح وأعرف اخد قرار ابني بيه حياتي
كان جالساً ينظر بنقطة وهمية ولم ينظر إليها. اتجهت تجثو أمامه وأمسكت كفيه وقبلته
- بابا أنا آسفة حبيبي. بس والله أنا قولت لعمو جواد يعرفك. وكمان هو فهمني أنك هتتفهمني. حبيبي لو سمحت متزعلش مني
سحب كفيه من بين يديها وتوقف متجها لغرفة مكتبه دون حديث
- اطلعي فوق. مش عايزة أشوف وشك. قالتها نهى ثم تحركت متجهة لغرفتها
عند جاسر.

طرق على والديه الباب ثم دلف بعد السماح له بالدخول
- قالولي ماما تعبت. ممكن أدخل
أومأ جواد براسه. دخل جاسر متجها لوالدته يقبل جبينها
- ألف سلامة عليكي حبيبتي. مالك ياماما
ربتت على ظهره وابتسمت
- أنا كويسة حبيبي. شوية هبوط في الدورة الدموية
تحمحم جواد ثم تحدث
- جهز نفسك ياجاسر. عشان نروح نطلب لك إيد فيروز من باسم
اتجه لوالده وتسائل
- ليه يابابا. ماانا سألتها وهي وافقت
نهض جواد يحاوطه بذراعيه.

- مينفعش يابابا حتى لو البنت امها اتبرت منها لازم نعملها اهل وبما إنها عند باسم فهنروح نطلبها منه. أنا كلمته الضهر وقولت له
هز رأسه ونظر لوالدته
- ماما هتيجي معانا وهي تعبانة كدا. اعتدلت غزل جالسة وتحدثت: - أنا كويسة ياحبيبي ولازم اروح معاك. توقفت وتحركت إلى أن وصلت أمامه وضمت وجهه: - تعرف إن فرحتك دي أهم فرحة عندي. ورغم إن كلكم غلاوة واحدة. لكن إنت غير عندي.

ضمته بحنان وآهة خرجت من جوفها تبعها عبرة وأكملت مستطردة: - إنت القلب والحب كله. إنت أغلى الغوالي عليا ياجاسر. إنت أول نور دخل لقلبي بعد سنين عذاب وحزن عيشتها. إنت اول إسم رجعلي اغلى الحبايب.
اخرجته من أحضانها ومازالت دموعها تنسدل كالوديان على وجنتيها
- اول ضحكة بريئة وصلت لقلب مامي. مستكتر عليا الفرحة اللي بستناها بقالي سنين.

أزال جاسر عبراتها بحنان وطبع قبلة عميقة على جبينها: - حضرتك أعظم ام في الدنيا دي كلها. وبحبك أد العالم ومافيه من كائنات
جذبه جواد ودفعه للخارج
- طيب روح أجهز ياعريس. بدل ماأخليك ماتنفعش غفير حتى
رفع حاسر حاجبه بشقاوة كالأطفال
- غيران من إبنك ياجواد
صك جواد على أسنانه بغيظا
- جواد دا بيلعب معاك يابغل. والله مااتلميت مافيه فرح.

أسرع إليه جاسر يقبل كتفه وتحدث بشقاوته: - مين قال كدا بس. دا حضرتك سيد الناس كلها
جلست تتأملهما بحب ثم ابتسمت بسعادة على شقاوة جاسر مع والده
خرج جاسر ومازالت تنظر بشرود لهما. اتجه جواد وجلس بجوارها. ظل يرمقها بنظرات الحيرة فتحدث
- هتقدري تيجي معانا
نهضت حتى تهرب من سيطرة نظراته عليها. وأجابته
- هجهز نفسي حالا
بعد قليل وصل جواد وجاسر وغزل لمنزل باسم، استقبلهما باسم بحفاوة.

اتجه جواد بنظره في أنحاء المكان وتسائل
- فين فيروز مش باينة ليه؟
وضع باسم ساقا فوق الأخرى ونظر إلى أصابع يديه ثم نظر لجاسر
- بنتنا مش هتظهر على رجالة غريبة. ولازم نشوف حضرة الظابط هيقدر على مهرها الأول ولا ولا
قطب جواد حاجبه وتسائل: - وياترى إيه هو مهرها ياحضرة العقيد
مسح باسم على خصلاته وأرجعها للخلف وهو يرمق جاسر
- مهرها لبن العصفور. ابنك يقدر يجيبه. ماهي بنتنا غالية بردو.

قوس جواد فمه وتحدث: - قولتلي عايز لبن العصفور. وماله ياحبيبي. نجبلك لبن العصفور وريشه كمان
دنى منه ثم تحدث متهكما
- فز ياخويا شوف مراتك فين. عايزين نشوف العروسة. قال لبن العصفور. لبن لما يلوشك على وشك اللي معرفلهوش ملامح دا
قهقه باسم وهو ينظر لغزل
- آسف يادكتورة. اصل جوزك دا قادر. فبما إنا في محل والدها من حقي أأمن عليها بردو. ماهو الراجل دا وابنه مايأتمنوش، قادرين، قادرين يعني.

ابتسمت غزل إبتسامة خفيفة ونظرت لزوجها
- لا معندكش حق ياحضرة العقيد دا جواد مفيش منه
توقف باسم وهو يضرب يديه ببعضهما ثم تحدث
- هو أنا بشهد مين. بشهد أم العروسة. دا كله على ايدي يادكتورة.
حك جواد ذقنه وأجاب باسم
- لا ياخويا وانت الصادق. دا ابو العريس وامه. اي خدمة. قالها متهكما.

خرجت فيروز بزيها البسيط ورغم بساطته إلا أنه كان أنيقا. باللون الأزرق السادة. وخصلاتها التي تركتها للعنان مع وضع لمسات تجميلية بسيطة
قدمت إليهم القهوة جميعا. أشارت غزل بالجلوس بجوارها. وبعد فترة من عرض الزواج. وموافقة العروس، قام جاسر بتلبيسها خاتم الخطبة ثم همس إليها
- حاطة ملح في القهوة يافيروزتي. تمام. اتجه بنظره إلى القهوة وأشار بعينيه
- شربتها من حبي فيكِ ياروحي.

توردت وجنتيها وهي تنظر لجواد بخجلا وهمست حتى لا يسمعها غيره
- بس ياجاسر. متكسفنيش باباك بيراقبنا
تراجع خطوة عندما إزداد خجلها من والده الذي كانت عيناه تحاوطتهما
حمحم جواد ثم أردف: - بكرة هتيجي عندنا يافيروز عشان نعمل حنتك مع ياسمينا. ريان هيجيب ياسمينا وتعملوا الحنة مع بعض والفرح هيكون في الفندق. مش في البيت...
فركت يديها تنظر لباسم الذي علم بحالتها فحدث جواد
- ليه عندك ياجواد متخليها هنا. ايه الفرق.

استدار جواد وأجابه
- عشان البنات كلهم يكونوا مع بعض. ماهو مينفعش أشتت الولاد ياباسم. جاسر أخو أوس. وزي ماعملت لدا هعمل لدا. ولا إنت إيه رأيك
رفع بصره لفيروز وسألها
- لو عندك إعتراض. قولي، في الأول والأخر دي حياتك إنتِ
اتجهت ببصرها لجواد وأردفت
- اللي عمو جواد يشوفوه صح يعمله. ماهو أنا زي بنته بردو مش كدا ياعمو
نهض جواد وأومأ برأسه ثم تحدث.

- كدا ياعمو. عشان كدا مش عايز أفرق بينك وبين ياسمينا. انتوا الأتنين زي بناتي. بكرة هنكتب كتابكم كمان. عايزة تتصلي بوالدتك يابنتي وتحضر معنديش مانع مهما كانت دي والدتك
ابتسمت بحزن وأردفت
- مالوش لزوم ياعمو. هي خلاص اتبرت مني. هز رأسه بتفهم
اقتربت غزل وأخرجت سلسال من علبة مخملية ووضعته بيد إبنها.

- لبس دي لعروستك ياحبيبي. دي هديتي ليها. عايز تلبسهلها دلوقتي. عايز تسبها لبكرة براحتك. دي هدية نانا ياجاسر ليا وبما إنك أكبر أخواتك فمراتك الأولى بيها. وهي بكرة تعمل كدا مع اولادكم. ربنا يسعدكم ياحبيبي
اقتربت فيروز منها وابتسمت من بين دموعها
- ممكن أقول لحضرتك ياماما
رفعت غزل يديها إليها فهي شعرت بنفسها بهذه الفتاة التي وجدت من الدنيا حياة غير عادلة قساوة من بشر لا تمت للبشرية سوى أسما فقط.

ضمتها لأحضانها وهي تربت على ظهرها
- حبيبتي تقولي اللي إنتِ عايزاه. وطبعا انتِ زيك زي ربى وغنى. اوعي تشكِ في يوم من الأيام هيكون فيه إختلاف
رفعت بصرها لجاسر وابتسمت ثم رجعت بنظرها لفيروز
- كفاية إنك واخدة أجدع وأحن شاب بالعيلة
بفيلا صهيب
كان يجلس بمكتبه مغمض العينين. دلفت نهى وخطت تقف بجواره تمسد على ظهره
- هتفضل حابس نفسك كدا ياصهيب. جنى مموتة نفسها من العياط جوا
نزلت دموعه بغزارة ثم تحدث بصوتا متحشرج.

- هو انا ظلمتها يانهى. ظلمت بنتي لما قسيت عليها واجبرتها تتجوز بواحد تاني
ربتت نهى على كفيه وتحدثت: - متحملش نفسك فوق طاقتها ياصهيب. دا نصيب هي لسة صغيرة، ويمكن مااتعلمتش من الدنيا كفاية. ماتزعلش نفسك ومتزعلش منها هي ماهربتش هي راحت لعمها وابوها التاني واتكلمت معاه. حبت ترتاح شوية وتعرف تاخد قراره
قاطعهم دخول عز يوزع نظراته بينهما
- مالكم قاعدين كدا ليه. ثم اتجه لوالده.

- فكرتك روحت مع عمو جواد يطلبوا فيروز
مسح صهيب على وجهه وتوقف
- مقدرتش. أنا هخرج اتمشى شوية
توقف عز أمامه
- بابا حضرتك زعلان من جنى مش كدا
رفع بصره لأبنه وتحدث بإبانة: - لو أنت شايف إنها عملت حاجه متزعلش يبقى مفيش داعي للكلام ياعز. قالها صهيب ثم تحرك مغادرا
جلست نهى وهي تضع رأسها بين كفيه
- ليه كدا ياجنى. ليه تكسري ابوكِ بالطريقة دي يابنتي
جلس عز بجوار والدته ثم قبل رأسها.

- آسف ياماما لكن ضغطكم عليها هو اللي وصلها لكدا. جنى مش العيلة الصغيرة ياماما اللي لسة هنرسم حياتها. جنى كبرت دلوقتي. غير إن الجواز دا مش غصب دا حياة كاملة وهي احق واحدة تقول أقدر ولا لا
تنهدت نهى بحزن وأجابت ابنها
- عارفة دا كله يابني لكن لما الأختيار يكون غلط لازم الأهل تدخل. ابوك شاف إن جواد مينفعهاش. ومقدرش يخسر اخته بالرفض فكان لازم يعمل كدا
اومأ عز متفهما ثم تحدث.

- مش بالطريقة دي ياماما. بابا للأسف غلط اوي بضغطه على جنى. وشوفتي أخر ضغطه إيه. أن جاسر متحملش يشوف خطيبته بتتوجع وجري عليها في عز أن جنى كانت عايزة اللي يطبطب عليها زي ماجاسر عمل مع فيروز
سحب نفسا وأكمل: - كان لازم بابا يدي فرصة لجواد وجنى. ووقتها لوغلطوا هيتحملوا غلطهم. لكن مش بالطريقة الغلط دي
بعد عدة ساعات
وصل بيجاد وغنى إلى حي الألفي. قابلتهم الأسرة بترحاب شديدا. ضم صهيب غنى.

- وحشتيني اوي ياغنون. كدا تهربي يابت ومتعرفيش عمك حتى. هو جواد بس اللي له الحق. قالها صهيب بمغذى
نظر إليه ولأول مرة يجد وجع أخيه الذي يحاول أن يداريه عنه. تفهم جواد حالته عندما وجد جنى تقف بعيدا كالمنبوذة
تحرك جواد متجها إليها
- شوفتي مين اللي قلد غنون وعايز يعرف غلاوتها عند العيلة. بس كله بتخطيط العبد لله
ابتسمت جنى ابتسامة لم تصل لعينيها عندما علمت بما يفعله جواد
اقتربت غنى تضمها.

- مالوش لازمة تهربي عشان تعرفي غلاوتك ياجنجون. إنتِ غالية حبيبتي من غير اي حاجة
فين ربى. تسائلت بها غنى
بحث عز بعينيه بالمكان ولكنه لم يجدها اتجه سريعا يبحث عنها وجدها بالمطبخ تقوم بإعداد كيك الشيكولت الذي تعشقه أختها كثيرا
توقف على باب المطبخ وهو يعقد ذراعيه يراقبها بعيناه العاشقة. خطى إليها يحاوطها من الخلف. ثم أمال يقبل وجنتيها
استدارت تنظر إليه بغضب.

- عز إيه اللي عملته دا. لو حد شافنا يقول إيه. عيب على فكرة
مد يديه يمسح الشكيولاته من على شفتيها
- حبيبي بيعمل شيكولاته ولا بيكلها
استدارت تبتسم إليه وتحدثت بطفولتها
- ياسلام هو مينفعش أدوق من اللي باكله ولا إيه. دنى منها وهي تتحدث وتغمض عيناها الهالكة لقلبه ثم اقتطف قبلة بجانب شفتيها التي بها أثاراً لشكيولاته.

حاولت السيطرة على نفسها من فعلته فتحدثت بصوتا مرتعش: - عز هعيط والله عيب كدا. الحاجات دي تتعمل في أوضة النوم. متنساش فيه ناس في البيت. وعلى فكرة انا مخصماك
قالتها مستديرة وهي تشعر بدقات عنيفة تخرج من قفصها الصدري.
- خلصتي. هذا مانطقت به شفتيه
وضعت يديها على رخام المطبخ عندما شعرت بساقيها أصبحت كالهلام ولم تعد تحملنها. هذا الرجل حتما سيؤدي بها إلى الهلاك.

تفهم ماتشعر به. فحاوطها بذراعيه وأزاح خصلاتها بجانب واحداً على عنقها
- حبيبي مبيردش ليه. بقولك خلصتي تزيين الكيك
هزت رأسها ثم تراجعت تضع رأسها على صدره
- خلصت، قالتها بهدوء. مما جعله يحملها مردفاً
- طيب حبيبي لازم ياخد شاور عشان اخته جت وبتسأل عليه تحت. وطبعا مينفعش نقابلها ووشنا كله تشكوليت كدا. لازم يتغسل بالمظبوط وعلى هدواة.

قابلهما صهيب عند الدرج وهو ينظر رافعا حاجبه بتساؤل: - هو إيه يلا اللي بالمظبوط والهدواة. ومالك شايل مراتك كدا ليه. هي تعبانة ولا حاجة
انزلقت ربى سريعا من بين يدي عز وتوردت وجنتيها عندما اقترب صهيب ينظر إليها
- مالك ياعمو إنتِ تعبانة ولا حاجة. الكل كان هناك عند بابا مشفتكيش
مط عز شفتيه ووقف أمامها عندما وجد خجلها وأردف: - بقولك ياصهيب. أنا كنت سامع إنك هتخرج تتعشى برة إنت وعمو جواد. رجعت ليه ياحبيبي.

قطب صهيب حاجبه ينظر لأبنه ولم يصل لأجابته فهو تخيل تعب ربى ربما تكون حامل. ولم يخطر بذهنه مما فعله عز
جذب عز بعيدا عنها. ثم رفع ذقنها
- روبي حبيب عمو إنتِ تعبانة. حاسة بإيه
مسح عز على وجهه بعنف وهو يكز على شفتيه متحدثا: - ياختاااي يادي المصيبة. الراجل دا هيموتني ناقص عمر. جذب زوجته من ذراعيها
- تعالي يابنتي نروح اوضتنا الواحد معدش عارف يبوس مراته في البيت اللي فيه حرس الحدود دول.

هنا حجظت عين صهيب حينما شعر بغبائه وماكان من حركة ابنه إلا أنه يداعب زوجته. خرج سريعا يسب غبائه وشعر وكان أحدهم صعقه بقوة حتى وقف عقله
عند ريان ونغم.

دلف لجناحه وجدها قد انتهت من حمامها. تخرج بمأزر الأستحمام. توقف ينظر لجمالها الذي مهما يمر عليه الكثير من السنوات فمازال جمالها الذي يعشقه. نعم إنها وحدها حبيبة قلبه التي لم يتغير نبضه إليها، تحرك بهدوء إلى أن وصل إليها، كانت تبحث بين ثيابها على شيئا ترتديه. استنشقت رائحته التي تميزها من بين الآلاف. استدارت فوجدته خلفها
- حبيبي وصلت إمتى؟
اقترب يضع وجهه في حنايا عنقها يستنشق رائحتها هامسا.

- حبيبك شكله وصل متأخر أوي أوي. ينفع كدا. أهون عليكِ اخد شاور لوحدي
لكزته بكتفه وهي تطلق ضحكاته التي اذابته وحولته من عاشق لراغب. ليقتطف ليلة بارعة من ليالي عشق الريان
بعد فترة
استندت نغم على ذراعيها وهي تنظر إليه فقد ذهب بسباتا عميق. لقد أحست بالحزن على وضعه. نهضت سريعا ثم اتجهت لمرحاضها اغتسلت وانهت إرتداء ثيابها متجهة لغرفة اولادها.

تحركت اولآ إلى عمر. وقامت بالطرق على غرفته: - عمر إنزل تحت عايزة اتكلم معاك في موضوع ياحبيبي. وفعلت مع حمزة ومالك كذلك
هبط أبنائها الثلاثة ومعهم ياسمينا
جلسوا جميعا حول والدتهم. وهم ينظرون بتسائل
- فيه حاجة ياماما؟
كانت تقف بغرفة زوجها أمام النافذة تنظر بشرود للخارج استدارت توزع النظرات بينهم ثم تحدثت
- اللي هقوله دلوقتي هيكون بينا بابا ميعرفش عنه حاجة. أومأ عمر رأسه بالموافقة ثم نهض متجها لوالدته.

- ماما حضرتك كويسة
هزت رأسها بالأيجاب وتحدثت
- أنا كويسه ياحبيبي. لكن بابا اللي مش كويس. وزعت نظرها بين حمزة ومالك وتسائلت
- لحد إمتى هتفضلوا مكبرين دماغكم وسايبين باباكم هو اللي شايل كل حاجة. هتفضلوا تدلعوا لحد إمتى. ممكن تفهموني إيه اللامبالة اللي انتوا فيها دي. ممكن أعرف إمتى هحس اني خلفت رجالة مش شوية عيال
سحبت نفسا وزفرته دفعة واحدة ثم جلست وحاولت السيطرة على إنفعالها.

- بعد فرح ياسمينا كل واحد فيكم هينزل يساعد باباه في الشغل. اتجهت بنظرها لياسمينا وأكملت
- حتى إنتِ لازم تتكلمي مع جوزك وتفهميه شغلك مع والدك شئ مفروغ منه
أنا مش هسكت لحد مايجي في يوم يتصلوا بيا ويقولولي جوزك في المستشفى. هو بيعمل دا لمين. أشارت بسبابتها ونظرت لمالك.

-مش ملاحظ إنك كبرت ولسة زي ماإنت يااستاذ مالك. حضرتك عديت الخمسة والعشرين ولسة معملتش مستقبل لنفسك. لا وعايز تتجوز. إثبت نفسك وبعد كدا يبقى تعالى وقولي ياماما أنا هعرف ادير بيت.
توقف مالك وتحدث: -بابا اتكلم معايا ياماما. وضعت كفيها أمامه وقاطعت حديثه
- آخر كلام قولته. ومفيش غير اللي قولته يامالك. سمعتني. بعد فرح اختك مستحيل بابا ينزل الشغل لوحده تاني.

قالتها ثم تحركت مغادرة. دلفت غرفتهما وجدته مازال نائماً. نظرت بساعتها ثم اتجهت متحركة تداعب خصلاته التي غطاها الشيب ثم أمالت تطبع قبلة عميقة على جبينه
- ريو حبيبي. يلا ياكسلان الساعة بقت اتناشر. أيه مش هننزل القاهرة. فرح بنتنا بكرة ومعملناش حاجة
فتح جفونه بتثاقل وهو يتحدث بصوتاً متحشرج أثر النوم
- مينفعش نأجله يومين كدا لما اشبع نوم. طيب لو كدا مش هتقوم برضو. قالتها عندما طبعت قبلة بجوار شفتيه.

جذبها حتى اصطدمت بصدره وهو يداعب وجنتيها ويطلق ضحكات صاخبة فأردف
-نغمتي بتغريني. على العموم. إغرائك راقني جدا حبيبتي
عند جواد
كان يجلس بالحديقة ينتظر غزل وهو يحاوط جنى التي تبكي بأحضانه.
- مكنتش عارفة إن بابا هيغضب أوي كدا ياعمو. ربت جواد على ظهرها
- إهدي حبيبة عمو باباكِ من حقه يزعل ياجنجون وإحنا كنا عارفين ردة فعله هتكون كدا. ليه بتعيطي دلوقتي
وصل جاسر إليهما.

- بابا اتكلمت مع عمو ريان وقال هيجي على الصبح. أنا هخرج شوية مع أوس عندنا مشوار مهم
هز رأسه متفهما وأشار بيديه
تحرك جاسر دون أن ينظر لجنى. خرجت جنى من أحضان عمها وأسرعت خلفه
ظل جواد يراقب تحركها خلف إبنه. ضغط على قبضته وحدث حاله
- ياخوفي ياجنى لتكوني بتحبي جاسر وواخدة جواد مسكن. قاطعت شروده غزل
- جود بتبص على إيه. نهض ينظر إليها بغموض ثم تحدث.

- بقيتي كويسه ياغزل دلوقتي. شايفك من وقت ماجينا من عند باسم وأنت مش قادرة توقفي على رجليكِ. لو كدا بلاه العشا النهارده
هزت رأسها رافضة حديثه
- لا هنخرج. عايزة أغير جو ودا مش هيحصل غير معاك إنت وصهيب
جذبها ضاغطا على خصرها
- لسة زي ماانت يازوزو بتحطيني مع صهيب. مفكرة نفسك العيلة ام خمستاشر سنة
ابتسمت بمشاكسة ورفعت كفيها على صدره.

- ولسة زي ماانت ياجود بعد السنين دي كلها بتحاول تخبي غيرتك المجنونة بالامبالة. رفعت نفسها تطوق عنقه وأردفت: - لكن نسيت إن غزالتك كبرت وبقت تعرف مداخل جوزها حبيبها كويس
حمحم صهيب وتحدث متهكما
- لو حبين اسيبكم تكملو وصلة الغرام معنديش مانع
تراجعت غزل للخلف وهي تحمل حقيبتها متجه لسيارة زوجها.

- غلطان يادكتور. باين عليك كبرت ياصهيب ومعنتش بتفهم في الوجوه. اخوك حابب يرجع جواد ابو خمسة وعشرين سنة. وبلاش أكملك السن دا كان إيه
ضيق صهيب عيناه ينظر لجواد
- دا شكلكم كبرتوا بالسن ولسة زي ماانتوا.
- جاسر. صاحت بها جنى
توقف بمكانه ومازال يواليها بظهره، تحركت إلى أن وصلت أمامه وقفت تنظر إليه وتحدثت بصوتا متقطع
- آسفة رفع كتفيه
- ليه تتأسفي. هو أنا أمثلك إيه اصلا
نزلت دمعة شريدة من عيناها وأردفت بهمس.

- كل حاجة. قالتها متحركة سريعا لسيارة جواد الذي ينتظرها هو وغزل
استقلت السيارة بالخلف وهي تضع كفيها على فمها تمنع شهقاتها
زفر جواد ينظر لغزل التي نظرت مستفهمه عما صار. تحرك بالسيارة دون اي ردة فعل
وصل للمكان المنشود
ترجل جواد ثم ترجلت غزل وبجوارها جنى متجهين لمكانا هادئ بأحدى المطاعم على نهر النيل. وصل صهيب كذلك ونهى وجواد حازم الذي لحقهما بعد إتصال جواد به.

جلس الجميع على طاولة بالمطعم. دنت غزل من جواد وتحدثت بصوتا لا يسمعه سواه
- إيه الموضوع. إنت جايب تصالح جنى على صهيب. ولا تصالح جواد على جنى
رفع بصره لجنى حينها شعره ببعض تأنيب الضمير عندما لمح نظرة الألم في عينيها. نظر لصهيب وتحدث حتى يتأكد مما يعتريه قلبه
- ان شاء الله هنكتب كتب كتاب جاسر على فيروز بكرة ياصهيب. حضر نفسك.

دمعة شريدة انزلقت من عينيها مسحتها سريعا حتى لا يلاحظها احدا. ولكن كيف وقد التقطها جواد. هنا ضغط بقوة على كفي غزل الذي كان يحتويه مماجعلها تتألم وتصرخ
- جواد. ايدي، مالك، هنا فقط أتقن إنه شارك بخطئا فادح
أجابه صهيب: - اكيد طبعا. رمق جنى بطرف عينيه ثم تحدث. مقولتليش إيه سبب العزومة الحلوة دي. وبعدين مش غريبة على جواد بنته لسة جاية ويسبها ويعزمنا على العشا.

امسك جواد الكوب بيديه وهو يلفه. وكأنه لم يستمع لحديث كل إهتمامه انصب حول جنى بنت إخيه التي أصبحت علامة إستفهام كبيرة
طرق صهيب على المنضدة. عندما وجد الجميع ينظرون إليه ينتظرون إجابته. رفع نظره للجميع وتسائل
-فيه حاجة ولا إيه؟
كز صهيب على شفتيه وهو يضرب كفيه ببعضهما
- لا ياحبيبي جايين نتأملك.
زفر ناظر لصهيب.
- مزعل جنى ليه ياصهيب. قالها جواد وهو ينظر لجنى
نظر صهيب للبعيد وأجابه.

- أنا مش مزعل حد ياجواد. أنا اللي زعلان. لما حسيت إن ماليش إعتبار عندها. إلتوت زاوية فمه بشبه إبتسامه عابثة واتجه بانظاره إليها وإلى جواد فتحدث قائلا: - إيه الذنب اللي عملته ياجواد يخليها تعمل فيا كدا.
اقترب من جواد وأردف بإبانة: - ذنبي اني عايز أحافظ على كرامتها. ذنبي أني عايز أتاكد من حبهما لبعض. قالها وهو يشير إليهما.

سحب كما من الهواء وزفره دفعة واحدةثم أكمل حديثه: - خلي فيه منطق واحد يقول. قبل كام شهر كان بيحب واحدة. وبمجرد
سحب كما من الهواء وزفره دفعة واحدةثم أكمل حديثه: - خلي فيه منطق واحد يقول. قبل كام شهر كان بيحب واحدة. وبمجرد انها اتخطبت فجأة شعر بحبه للتانية. غير كلامه أنه حاول ياخدها مسكن
صوب نظرات لجنى وسألها.

- من إمتى وجواد بيهمك ياجنى. من إمتى وإنت بتحبيه عشان تاخدي موقف من باباكي وتدوسي عليه بكل قسوة كدا. وتسيبي بيته وتمشي وكأنه ميهمكيش. وأنتِ ماشية كدا مفكرتيش في حالتي أنا ومامتك
انسدلت دموعها بغزارة فكيف تشرح لهم مايؤلم قلبها. كيف تبرر لهم اشياءو قلبها المسكين لم يستوعبها ولم يقو عليها
هدأ صهيب عندما شعر بأنفاسه السريعة وتحدث بهدوء.

- لو شوفتي باباكي غلط فأنا يابنتي بتأسفلك اهو قدام عمك واللي إنتِ عايزاه هعمله ماهو مفيش أب بيتمنى التعاسة لأولاده
قاطعهم الجرسون الذي يقدم الأطعمة واضعا المنيو أمامهم منتظر أختيارهم للطعام
بعد لحظات سكون على الجميع نظر جواد للجرسون وطلب
- هات لنا قهوة كلنا يابني شكل العشوة انضربت. ربنا يسامحك ياللي في بالي
انحنت جنى على كفي صهيب وقبلته ببكاء قائلة.

- أنا آسفة يابابا. سامحني مكنش قصدي ازعل حضرتك. أنا كنت عايزة ابعد فترة عشان أعرف أنا عايزة إيه بالظبط
حمحم جواد ونظر لصهيب
- خالو صهيب لو سمحت متزعلش مننا ونفسي تباركلنا والله أنا بحب جنى مبلعبش بمشاعرها ابدا
ادمعت عين جنى وهي تنظر بنقطة وهمية هاربة من نظرات الجميع وتحدثت.

- وأنا اكتشفت إني مبحبكش ياجواد. يمكن اقترابنا من بعض في فترة معينة خلاني اتشتت وفكرت اني بحبك. لكن الحقيقة لما قعدت مع نفسي لقيتك زيك زي اوس وعز
حاول جواد التماسك عندما أردفت بتلك الكلمات فكانت كالنيران الملتهبة التي اخترقت صدره لتحرقها: - كذابة ياجنى. انتِ واحدة كذابة. بتقولي كدا وبس عشان ترضي خالو
هزت رأسها رافضة حديثه.

- والله مابكذب ياجواد. أنت زيك زي اخواتي. هب كالملسوع يوزع نظراته بين صهيب وجواد
- شايفين. شايفين ضغطكوا عليها عمل أيه. عايزة تتنازل عن قلبها عشان ترضيكم. ايه لسة فيه لعبة جديدة ياخالو عايز تعملها. ضرب بكفيه على الطاولة
- انتوا عايزني اموت نفسي عشان أكدلكم اني بحبها ولا ايه
توقفت جنى أمامه وصرخت بوجهه مما جعلت كل من بالمكان ينظرون إليها.

- أنا مبحبكش ياجواد. دي الحقيقة اللي اكتشفتها. كفاية بقى وجع لحد كدا
كان صهيب يستمع بذهول مما تقوله ابنته. هل ماخمنه حقيقة. هل لعبته انقلبت على ابنته. نظر لجواد الذي كان جالسا ينظر بشرود وكأنه لم يستمع إليهما ولكن هناك حريقا شب بقلبه وكيف عليه إطفائه
نهضت غزل عندما وجدت هدوء زوجها وجذبت جنى للجلوس
- جنى الناس بتبص علينا مينفعش كدا. ثم اتجهت لجواد.

- وأنت مينفعش تصرخ كدا إحنا في مكان عام. جمع جواد اشيائه
- لا عام ولاخاص يامرات خالو. أنا ماشي
قالها جواد ثم تحرك سريعا
ساد صمت مختنق بحزن أكبر من إستيعاب الجميع لحديثها، قاطعته نهى وهي تنظر لجنى
- انا مش عارفة إنتِ عايزة إي ياجنى. لما إنت مبتحبيش جواد. ليه مشيتي. وليه زعلتي مننا. حقيقي يابنتي مش عارفة انتِ عايزة إيه
بكت بنشيج لم تعد تسيطر على حالها فتحدثت من بين بكائها.

- عايزة اموت وأرتاح ياماما. أهو ارتاح وأريحكم مني. جذبتها نهى لأحضانها
- بعد الشر عنك ياحبيبة ماما ليه بتقولي كدا
نهض جواد يبسط يده إليها
- تعالي نتمشى شوية ياجنجون. الجو حلو وأهو ناكل درة مشوي إيه رأيك
عند أوس بغرفته
دلف جناحه الذي سيمكث به. وسيكون عش الزوجية. ووضع بعض الأشياء التي كانت تنقصه. دلف ياسين إليه
- كدا تمام ولا لسة ناقصك حاجة
ربت على كتف اخيه.

- تسلملي حبيبي. كله بيرفكت. بشكرك جدا ياياسو عقبال لما نتعب لك ياحبيبي
ضمه ياسين بحب اخوي
- ربنا يسعدك ياحبيبي. تحرك أوس للخارج بعد انتهائه من كل شيئا
- عمو ريان زمانه على وصول للمطار هروح استقبله. سلام ياكوتش
عند بيجاد وغنى
كانت تتسطح على الفراش وبيديها كتابا تقرأه. خرج بيجاد من المرحاض
- اجبلك حاجه تاكليها ولا إيه
هزت رأسها رافضة: - لا ماليش نفس. إنت خارج ولا إيه.

وقف أمام المرآه وقام بتمشيط خصلاته ورش عطره الذي فاحت رائحته حتى تسرب إلى رئتيها
أغمضت عيناها تستنشقه بلذة. رآى إنعكاس صورتها بالمرآة. تحرك متجها إليها
- غنايا مالك. فيه حاجة بتوجعك
أحاطته بذراعيها تمسد على خصلاته بحنو بالغ. ثم دفنت رأسها بعنقه تستنشق رائحته مغمضة العينين تكبح غلالة من الدموع تجمعت بمقلتيها عندما شعرت بإستيائها من نفسها. وكأنه شعر بها
اخرجها من أحضانه ينظر لمقلتيها.

- مالك حبيبي؟ فيكِ إيه تعبانة
رفعت بصرها إليه تكاد تسمع دقات قلبها من فرط اضطرابها من قربه ورائحته التي اصبحت ملجأها الوحيد. ثم هزت رأسها
- لا مفيش. كنت عايزة أحضنك بس
كانت تفرك يديها بالغطاء الذي يوضع على ساقيها. نظر لحركة أصابعها ثم رفع ذقنها
- هنزل على البوابة اجيب حاجة وراجعلك
اديني خمس دقايق بس. قاطعهما طرقات على باب الغرفة، دلفت ربى بعد السماح
وهي تحمل كيك من الشيكولاته وتنظر لغنى بشقاوة.

- محبتش اجي ازورك بأيدي فاضية
ضحكت غنى بصخب وهي تفتح أحضانها لأختها
- وحشتيني أوي ياحبيبة غنى. وضعت الكيك بجوارها وألقت نفسها بأحضانها
- إنتِ كمان ياغنون. وحشتيني، والولد حبيب خالته دا.
تحرك بيجاد وهو ينظر لربى
- هنزل تحت شوية خليكي معاها لما أرجع
هزت رأسها بالموافقة وتحدثت: - لو عايزني ابات معاها كمان معنديش مشكله
اخذ هاتفه وهو يغمز بطرف عينيه لغنى.

- لا ياختي مستغني عن مبياتك، مراتي مبتنميش غير في حضني انا وبس وانتِ كمان مالكيش حضن ولا إيه
توردت وجنتي ربى خجلا من حديثه. فأستدارت لغنى وهي تغمض عيناها
رفعت غنى حاجبها
- بيجو حبيبي. شوف رايح فين ياقلبي وماتقطعش الجوابات. عايزة اقعد مع أختي شوية
مساء باليوم التالي.

تجمع الجميع بمنزل جواد لعقد قران جاسر وفيروز التي وصلت بطلتها التي خطفت قلوب الجميع. كانت ترتدي فستان من اللون الأخضر الذي اظهر جمال فيروزتها بشكل مباح للجميع وبقصته الضيقة من خصرها وتنزل بوسع فياض للكاحل. وحجابها الذي ترتديه لأول مرة مماجعلها كأميرة تخرج من إحدى القصص الكرتونية.
كانت حفلة بسيطة تضم العائلة فقط. جلس الجميع بحديقة المنزل. بحث جاسر بعينيه عن جنى ثم اتجه لعز وسأله: - فين جنى ياعز؟

استدار عز وأشار بيديه بجانب جواد وأجابه: - قاعدة جنب عمو جواد أهي. اتجه جاسر إليهما. كانت تنظر للأسفل بعينين ذابلتين وقلباً ممزق. استعمت لصوته فرفعت بصرها إليه ثم ابتسمت بخفوت عندما سألها
- إيه رأيك ياجنجون. أنفع أكون عريس يابت ولا إيه
دفعه والده
- امشي ياجاسر روح هات خطيبتك عشان نكتب الكتاب. ايوة ياخويا عرفنا إنك عريس ياشملول
رفع حاجبه بسخرية لوالده.

- ايه ياحج. هو انا جيت جنبك. انا بسأل جنجون. مالك انت بس. أوعى تكون غيران عشان غزالتك مش هنا
أخذ جواد نفسا ثقيلا حتى يريح قلبه المتألم على تلك الملاك التي بجواره رفعت نظرها ووزعت نظراتها على وجهه وجسده بالكامل ثم قالت بصوتا ضعيف
- حلو ياجاسر. وأحلى عريس شافته عنيا.

فرغ شفتيه بعدم تصديق ثم دنى بجسده منها وهمس: - تعرفي الولد جواد لو سمعك بتقولي كدا ممكن يعمل فيا إيه. هيموتني ياجنى. بلاش وحياتي عندك تتغزل فيا قدامه. عايز ادخل دنيا الأول ياناس
اتجهت بنظرها لجواد حازم وتقابلت النظرات بينهما للحظات ثم رجعت بنظرها لجاسر وابتسامة من عيونها قبل شفتيها
- ولا يقدر يقرب منك. خليه بس يقرب وشوف هعمل فيه ايه
مسك جاسر قلبه بتصنع وتحدث
- آه ياقلبي. قلبي المسكين لم يتحمل ذاك.

رمقه جواد بسخط عندما شعر بالحرارة تتسرب إلى جسده من إقتراب ابنه من تلك البريئة وتحدث بصخب
- روح هات عروستك يالا. هتحايل عليك. شوفها عند ربى دلوقتي. أصل والله ارجع في كلامي
عقد جاسر حاجبيه مستغرب حالة والده
- مالك يابابا. ليه العصبية دي كلها؟
اشار للمأذون الذي وصل
- المأذون جه يااستاذ يارب تتحرك بقى
رسم قناع بارد فوق ملامحه أمام ابنه حتى لايخرج عن سيطرته ويلغي حفلته.

شعر جاسر بأن والده ليس على مايرام. تحرك بهدوء ذاهبا لخطيبته
وصل لمنزل عمه. قابلته ربى وغنى وهما يتحركون متجهين لحفلة عقد القران وبينهما فيروز. توقف ينظر لجمالها الذي سلب قلبه قبل عقله
أمسك كفيها وتحدث بعيونا سعيدة
- بعد دقايق هتكوني مراتي يافيروز. عارفة دا معناه إيه
حمحمت غنى: - نحن هنا ياجسورة. وسيب ايد البنت. لما تبقى مراتك يبقى أمسك براحتك. قالتها غنى ثم جذبت فيروز وتحركت متجه للجميع.

اجتمع الجميع حول الطاولة التي يعقد عليها عقد القران. كان جواد يحاوط بنت أخيه بأحضانه. يشعر بما تشعر به ولكن ليس بيديه شيئا. اتجه بنظره لجنى التي تضغط على شفتيها حتى لاتنزلق عبراتها وينكشف أمرها أمام الجميع. ولكن هناك أعين اخرى كانت تراقبها. ظل جواد يضمها بحنان أبوي ويتحدث معها حتى ينسيها تلك اللحظات المؤلمة لقلبها ولكن قاطع حديثه عندما سأل الشيخ المسؤل عن عقد القران.

- من وليك ياابنتي، اتجهت فيروز بعيناها لجواد وتحدثت بما صدمه: - عمو جواد الألفي
هنا صدمه جعلته غير قادر على الكلام وكأن لسانه شل. اتجه ببصره لباسم الذي أومأ له بعينيه
انتهى عقد القران واصبحت فيروز زوجة جاسر قانونا وشرعا في فرحة عامرة بين الجميع سوى بعض الأشخاص الذي تلاعب بهما القدر.

جذبت غنى وربى فيروز إلى داخل المنزل سريعا ليحتفلون. جلس عز بصمت وكأن نيران تأكل صدره بضراوة. ود لو حطم كل شيئا أمامه عندما وجد عبرات اخته تحرق وجنتيها وهي تنظر لجاسر حينما كان يردد خلف المأذون. كانت نظرات ألماً وحسرة
تحرك عز مغادرا المكان عندما شعر بلهيب سيحرق الأخضر واليابس. بينما بالداخل هناك قلوبا تتراقص فرحا. وصلت ياسمينا لأعداد حفل الحنة.

وقامت الفتيات بالرقص والأغاني. فتحت ربى الكاسيت الذي أذاع صيته بالمكان
انا لما بحب
قولي لأمك يا بنت
جاية الليلة اطلب ايدك
ولا بعمري عاقل كنت
وحياة الإله بريدك
عشتا بطول وعرض الدني
مابعمرو راسي بينحني
لما دخلتِ بعمري غِني
من عمري انشالله يزيدك
انا لما بحب بحن بجن
بهدم بحرق بقلب جن الروح بغيباتك بتحن
بتنده وينك
انا لما بحب بكفي بدربي بدوب بلحظة مني تقربي
بتضحك روحي بيفرح قلبي بضحكة عينك
بيك غلّى المهر كتير.

فكرو بيغلى عليكِ الغالي
بيك عجزني ت يصير
عليي نجم وصولك عالي
لو فيي ألماس بجيب
ما بعمرو بيغلى عالحبيب
بيرخصلك عمري و بطيب
أنا دمي ومالي
انا لما بحب بحن بجن
بهدم بحرق بقلب جن الروح بغيباتك بتحن
بتنده وينك
انا لما بحب بكفي بدربي بدوب بلحظة مني تقربي
بتضحك روحي بيفرح قلبي بضحكة عينك
غمزيني بعينك ياروح
بغمزة ببيع الكون وهمو
ع أبعد دنيا منروح
بيرخصلك هالقلب و دمو
ميلي بخصرك صوبي ميلي
تغنجي عليي تغميلي
ابني ع ذوقك سميلي.

وعد تكوني وحدك امو
غمزيني بعينك يا روح
بغمزة ببيع الكون وهمو
ع أبعد دنيا منروح
بيرخصلك هالقلب و دمو
ميلي بخصرك صوبي ميلي
تغنجي عليي تغميلي
ابني ع ذوقك سميلي
وعد تكوني وحدك امو
انا لما بحب بحن بجن
بهدم بحرق بقلب جن الروح بغيباتك بتحن
بتنده وينك
انا لما بحب بكفي بدربي بدوب بلحظة مني تقربي
بتضحك روحي بيفرح قلبي بضحكة عينك.

كانت الفرحة تعم القلوب مع رقصات البنات. بعد قليل انضمت إليهم جنى وحاولت الخوض بسعادتهم عندما أقنعت نفسها إنها لم تكن عائقا لسعادة هذه العائلة
بينما توقف جاسر بالخارج وهو يرسل رسالة لزوجته التي سُلبت أمام عينيها حتى قبل مباركته إليها
وصل بيجاد ينظر إليه بشماتة
- واقف كدا ليه يا عريس مش عيب تبص على البنات وهم بيرقصوا
رمقه جاسر بتهكم واجابه.

-وحياة ابوك مش نقصاك. أمشي من قدامي. مش كفاية مراتك اللي خطفت مراتي قبل حتى مااقولها مبروك
دنى يهمس له
- واللي يجيب لك مراتك لحد عندك تعمله ايه
استدار جاسر واضعا اصبعه على انفه يمسحها بتفكير قائلا
- اللي انت عايزه يانسيب. بجد
قهقه بيجاد عليه. ثم تحدث.

- ابوك الظريف عايز ياخد مراتي تبات معاه الليلة قوله عيب لولا إنها حامل كنت اخدتها وبتنا في بيتنا لكن للأسف مينفعش أمشي بيها وخصوصا شايفها مبسوطة بيك وبحفلة الزفت بتعتك
اقتباس من البارت القادم
ومع دقة الأيقاع والتفاف الشباب كلهم على اغنية بحبك ياصاحبي
اتجه جواد بنظره لصهيب وابتسم
- متيجي نعملها فاكر. جذبه صهيب متجها لحلبة الرقص بجوارهما ريان وباسم.

وتماسك الأصحاب بذراعيهما وهما يتحركون مع الموسيقى يلتفون حول بعضهم البعض
ومع دقة الأيقاع رقصوا كما لم يرقصوا من قبل يشدون بعضهم ليتقاسموا الحركة بالحركة والنظرات فيما بينهم، انضم حازم وسيف إليهم واكتمل النصف الغائب
وصدحت الاغنية بالمكان. وتوقف الشباب ينظرون لأبائهم وهم يتراقصون فالتفوا حولهم وهم يرددون.

لو جبنا سيرة الجدعنة اسمك لازم يتقال صحبى الى بية بفتخر من يوم ماكنا عيال مهما الايام تتعبة عمره مابص شمال في الشدة راجل جدع واقف كما الابطال
والدنيا مهما اديتة ميغيروش المال لاعمرة منى اشتكى وعمر قلبة ماشال
تشرف اى حد علشان راجل بجد لو وسط النار تسد عمرك ماتجيب وراى
تكبر من الى منك جدع من صغر سنك مقدرش استغنى عنك حبيبى وربنا.

بحبك ياصاحبى من اوانا لسة بحبى وانا مسنود عليك اخويا وحبيبى في الاوجاع طبيبى
حلو حياتى بية
توب الرجولة معمول عمولة على قد جسمك لو غبت حتى في اى حتة كفاية اسمك
توب الرجولة معمول عمولة على قد جسمك لو غبت حتى في اى حتة كفاية اسمك
لو غبت حتى في اى حتة كفاية اسمك
بحبك ياصاحبى من اوانا لسة بحبى وانا مسنود عليك اخويا وحبيبى في الاوجاع طبيبى
حلو حياتى بية.

يميل عليا الزمن ايدك بترفعنى تحب من غير تمن عمرك مابتبعنى.
في قانون العشق يقولون...
‏في العشق يُلغى المنطق
و يُترك القلب لينطق.
في العشق ننسى من نكون
نجهل ذاتنا تقف عقولنا مكبّله
أمام جنون قلوبنا.
في العشق كل خطيئه تُغتفر
و كل عيب لا نراه.
أوليس العشق آعمى!
النظرة لمن نحب كالجرعة المهدئة عندما نصاب بألم الاشتياق...
قوس جاسر فمه وهو ينظر لبيجاد بصمت. خرجت من فمه زفره وهو يهز رأسه
- موافق.

كطالب مجتهد نال شهادة تكريم خطى بيجاد متحركا وهو يدندن متجها لزوجته. إلى أن وصل أمام الباب وقام بمهاتفها
خرجت غنى بعد لحظات متجهة إليه. توقفت أمامه
- فيه حاجة ياحبيبي؟
سحبها من كفيها وتحرك بعيدا عن الأنظار. خطى إلى أن وصل أمام حمام السباحة
توقفت مرفرفة بأهدابها
- بيجاد واخدني فين. إنت ناسي عندنا حنة ومش حلوة خالص تجرني كدا
لف خصرها بذراعيه واضعاً جبينه فوق جبينها مطبق الجفنين.

- الحفلة دي هتخلص إمتى ياغنى؟
رفع أنامله يتحسس وجنتيها. ناظرا لرماديتها وصدره يعلو ويهبط ثم همس أمام شفتيها: - وحشتيني وخايف عليكِ من الصبح وإنتِ قدامي زي الفراشة اللي مبطلتش طيران وجذباني بطريقة جننتني
رفعت كفيها تضم وجنتيه ورفعت قامتها واختطفت قبلة بجانب شفتيه
- وحبيبي وحشني أوي. لكن مينفعش ياحبيبي أسيب البنات كدا وأجي لك. عيب يقولوا عليا إيه
حملها بخفة ووضعها على الجدار أمامه لاففا ذراعيه حولها.

- وماله ياقلبي. بس نسرق لحظات كدا يعني أحاول أنسى بعدك
سحبته من عنقه سريعا وانزلت بجبينها
- حبيبي باقي ساعتين بس وارجعلك تمام. ممكن تنزلني علشان أتأخرت
أقترب يضم وجهها بين كفيها يقتنص قبلته المفضلة لتعيد روحه بطعمها المسكر
ثم حاوط جسدها وأنزلها بخفة
- عايز منك خدمة بما إنك اخت العريس وتوأمه
رفع ذقنها ملمسا خديها بتمهل
- ينفع تاخدي عروسته قبل مايباركلها ياروحي. دا ظلم حبيبي
رفعت كفيها على وجنتيه.

- حبيبي الحنون العاشق اللي بيحب يساعد العاشقين اللي زيه
اطلق ضحكة من بين شفتيه وهو يقهقه على زوجته داعب أنفها ثم تحدث قائلاً: - فيه حاجه نسيتها كمان ياروحي. إن حبيبك مابيعملش حاجة لله في لله
ضيقت عيناها وسألته
- تقصد إيه مش فاهمة؟
سحبها متحركا: - حبيبي تعالي هاتِ مرات اخوكي خليه يباركلها. الولد شكله هيتجنن عشان يدوق الكريز والصراحة هو معذور
لكزته بجنبه وتحدثت غاضبة.

- احترم نفسك يابيحاد. وإياك عينك اللي هعمهالك دي تتبجح في حد
قبّل جبينها عندما وجد جاسر مقبلا عليهما يخطو بخطواته النارية وهو يطلق شرزا الى بيجاد
- دا إتفاقك معايا. تمام، خليك فاكر
جذبه بيجاد وهو يغمز لزوجته
- مش قولتلك مجنون وعايز يدوق
دفعته غنى بعيدا وتحركت تسبه ثم اتجهت بنظرها لأخيها
- هجبلك فيروز. ثم أشارت لبيجاد وتحدثت: - إياك تسمع كلامه بقولك اهو. قالتها مغادرة سريعا.

علي مهلك ياحبيبة بيجاد لتوقعي. ضربت بقدمها الأرض وهي تصيح بوجهه
- قليل أدب...
بالحديقة. اتجه الجميع للحفلة التي أقامتها غزل.
كانت الحديقة تزين ببعض الأنارة الخافتة. ويوجد بها بعض الطاولات. وهناك القلة الذين ينظمون الأطعمة والمشروبات على الطاولات. دلف بعض المدعون القرباء للعائلتين من السيدات
علي الجانب الأخر
ذهبت فيروز حيث وجود جاسر بالحديقة.

كان يقف خلف شجرة ينتظرها بلهفة. لمعت عيناه عندما وجدها تخطو خطواتها البريئة الهادئة. كملامحها التي خطفت لب قلبه وعقله
سحبها بقوة عندما وصلت إليه. حاوطها من خصرها
شهقة قوية خرجت من جوفها جراء صدمتها من فعلته
- جاسر خضتني فيه حد يعمل كدا. ألقت كلاماتها بملامح مرتجفة وعينين تهتز من نظراته التفحصية لها
- قوليلي اعمل فيكِ إيه. فيه واحدة في الدنيا تعمل اللي عملتيه الليلة
رفعت نظرها وتسائلت.

- قصدك إيه؟ هو أنا عملت حاجة
ضغط على خصرها وبداخله نيران تغلى وتحرق اوردته التي ثارت عليه تطالبه بتذوق كريزيتها المنتفخة
رفع ذقنها وحاوط وجهها بكفيه ينظر لفيروزتها
- بجد مش عارفة عملتي إيه. يعني معقول متكونيش حاسة بيا. أنتِ دلوقتي مراتي فاهمة يعني إيه الكلمة دي.

أصبح جسدها يرتعش بين يديه. لأول مرة يكون قريبا منها بهذا الحد. ارتجفت شفتيها وحاولت الحديث ولكن كأنها هربت من مخارجها الحروف. ولم تعد تقو على الحديث
نزل برأسه يضعها بحجابها يستنشق رائحتها التي وصلت إلى رئتيه كالمخدر أصاب جسده بالكامل، أحاسيس جديدة عليه ولكن بنكهة السعادة
رفع رأسه ينظر لفيروزتها التي اغلقتهما حينما شعرت بفراشات تغدغد معدتها ولم تقو على فتحهما
- فيروز. همس بها جاسر بجانب أذنيها.

افتح فيروزتي الحلوة عايز أشوف نفسي فيهم حبيبي
انزلت بكفيها وهمهمت
- جاسر لو سمحت مينفعش كدا. حد يشوفنا. دنى من شفتيها وهمس امامها
- اللي يشوف يشوف ياقلبي. نسيتي إنك مراتي دلوقتي ولا إيه
رجعت بجسدها للخلف عندما علمت بما ينوي عليه
- لازم ارجع ياجاسر. ممكن والدتك تسأل عني لو سمحت متحطنيش في موقف صعب. لو سمحت
أخرج تنهيدة من جوفه وهو يشير إليها
-خلاص يافيروز ارجعي
اقتربت تحتوي كفيه وتضمهما لقلبها.

- متزعلش مني. شايف قلبي بيدق بأسمك إزاي. رفعت نفسها وطبعت قبلة على وجنتيه ثم تحركت سريعا
اهتز جسده من فعلتها. فقد شعر بملمس شفتيها الناعم على خديه. فماذا سيحدث له لو تذوقها.
ولكن مهلا لا يفصلهما سوى ساعات قليلة
هذا ماحدث نفسه به
عند أوس وياسمينا
كانت ترتدي رداء حريري من اللون الأحمر الناري يبرز جمالها. ذو فتحة صدر واسعة. يضيق من عند الصدر. محدد منحانيتها بحذر ثم ينسدل بإتساع بسيط.

دلف للغرفة التي تتجهز بها. تسمر بوقفته عندما وجدها بتلك الطلة. تحرك متجها إليها بخطى سلحفية حتى وصل أمامها مباشرة وتحدث
- إيه الجمال دا. صورها بعينيه. إلى أن وصل لفتحة صدرها المغرية. رفع نظره إليها. وأهتزت نظراته وامنيات كثيرة تضاربه بقوة. ورغم ذلك أشار إليها متحدثا
- هتنزلي كدا. رمشت بأهدابها وهي تفرك كفيها ببعضهما. ثم رفعت زيتونتها وتقابلت بسمرة عينيه.

- لا أنت ازاي تتخيل ممكن أنزل كدا. حاوطها بذراعيه
- تعرفي كان ايه اللي ممكن يحصل لو دا حصل
رفعت بصرها إليه
- ايه اللي هتعمله أكتر من اللي عملته. قلبي وخطفته. وعقلي وسلبته. ناقص اي تاني، وبعدين دي حفلة نسائية وعلى فكرة فيروز نزلت بشعرها وفستان زيه
ضغط على خصرها بقوة
- ماليش دعوة باي واحدة غير مراتي وبس. إياكِ اشوف حتى بنت تقرب وتشوفك كدا. سمعاني، علشان منزعلش من بعض.

- على اد ماانت غيور الا انا بعشقك ياأوس
ضمها بقوة وانزل بشفتيه يلتقط ثغرها بقبلة شغوفة جعلت كلا منهما يطالب بالأكثر لولا طرقات الباب التي فصلت حالتهما
حمحم محاولا اخراج صوته وهي ماتزال بأحضانه ثم اردف قائلا: - ادخل. دلفت العاملة وهي تنظر للأسفل
الدكتورة بتقول انزلوا للحفلة تحت
أومأ براسه. ثم اتجه لزوجته
- كملي لبسك حبيبي ومش عايز ولا شعر حتى المحها.

هزت رأسها بزفرة غاضبة من غيرته المجنونة. وجد غضبها على ملامح وجهها الجميل. رجع خطوة للخلف. يداعب خصلات شعرها الحريري. ثم نزل لوجنتيها يلامسها بأنامله. رفع ذقنها
وطبع قبلة مطولة على شفتيها وتحدث
- ماتبقيش تغضبي قدامي تاني. الصراحة وقتها ماتلوميش غير نفسك. قالها ثم خرج سريعا
ابتسمت بخفوت تضع أناملها على شفتيها وشعور السعادة يغمرها. استدارت للمرآة تنهي زينتها سريعا.

بعد قليل دلفا العروسين للحفلة. أمسكت غنى بيد ياسمينا. في حين ربى دلفت للحفل وبيدها فيروز. حقا فقد كانتا جمالهما الساحر يخطف انظار الجميع
قامت البنات بحلقة دائرية حول العروسين. صدحت الأغاني بالمكان.
أشار جواد لربى
- مامتك فين ياحبيبتي
بحثت بعيناها ولكن تذكرت
- طلعت فوق من شوية.

كانت غزل بمرحاضها عندما شعرت بتقلب بمعدتها التي اجزمت على القئ ظلت تخرج بما في جوفها حتى شعرت بإنسحاب أنفاسها. جلست بأرضية المرحاض. وقامت بنزع حجابها حينما شعرت بتعرقها.

دلف جواد يبحث عنها. نادى بصوته متجها للمرحاض. تصنم بوقفته عندما وجدها بتلك الحالة. أسرع إليها. حاول على إيقافها ولكن ساقيها لم تساعدها. انحنى بجسده يضمها لصدره. متجها لفراشهما. وضعها على الفراش بهدوء. كانت قطرات العرق تتصبب بغزارة على جبينها
جلس بجوارها يزيل عرقها بكفيه المرتعشتين، لم يتحدث كأن انفاسه سحبت منه. ظل صامتا لبعض اللحظات. ورغم ذلك نظرات معاتبة من عينيه ونظرات الماً من عينيها.

دنى من وجهها يضمها لأحضانه ولم يتحدث. ظل يمسد على ظهرها بهدوء فحالتها لم تدعيه للجدال
- جواد، همست بها غزل
وضع اصبعه على شفتيها
- إشش اهدي. حاولي ترتاحي وتاخدي نفس. مش هنتكلم دلوقتي. المهم ترتاحي دلوقتي
اطبقت على جفنيها
- مينفعش لازم انزل تحت. الولاد ممكن ياخدو بالهم من غيابي.

هب واقفا كالملسوع وصاح بغضب: - متخلنيش اروح اولع في الحفلة علشان اريحك. ارتاحي ياغزل. كفاية اللي أنا فيه متخلنيش اتعصب عليكِ لو سمحتِ
اعتدلت جالسة. وامسكت كفيه حتى جلس أمامها. اخذت تتأمل ملامحه الحنونه. رغم عصبيته ولكنها عنده اغلى الأشياء. رفعت كفيه وطبعت قبلة حنونة عليهما ثم رفعت بصرها تبتسم إليه.

- أنا كويسة. الدكتورة قالتلي هتحسي بشوية ترجيع ودا عادي في حالتي. وبعدين متنساش أنا داخلة على سن اليأس يعني هكون متقلبة مزاجية شوية.
اخمدت بركانه الثائر بلمستها الحنونة وكلماتها الرطبة لقلبه. جذبها لأحضانه ولا يعلم لماذا انزلقت دمعة غائرة من عينيه.

حاوطها بذراعيه القويتين. عانقها بقوة وتحدث بصوته الحنون: - غزل مش كل شوية هقولك أنا بعشقك أد ايه. لكن المرادي هقولك مقدرش اعيش واتنفس وأنا حاسس إنك تعبانة
عصرت نفسها بأحضانه وسحبته بقوة كأنه سيتركها
- وأنا كمان بعشقك بجنون ياجود مش لسة هقولك بعد السنين دي كلها. حبيبي لو سمحت لازم انزل ووعد هقعد على الكرسي ومش هتحرك
أخرجها من أحضانه يضم وجهها بين راحتيه وتحدث بصوتا متحشرج.

- زوزو حبيبة قلبي مفيش داعي لنزولك. هي حفلة خاصة بالبنات. ونغم معاهم تحت لو سمحتِ متوجعيش قلبي عليكِ، لو بتحبي جود بجد
قبلت كتفيه ونظرت برماديتها لمقلتيه تحاور عيونها برجاءً خاص
انا مش بحب جود بس أنا بعشقه وأموت لو متنفستش انفاسه
تنهض بصوتا عال لدرجة إنها لاحظت إرتفاع صدره ثم اتخذ نفسا طويلا. فهو قليل الحيلة أمام رجائها وعينيها المهلكة لعينيه تترجاه
هز رأسه مغلوباً على أمره ثم احتوى كفيها.

- خلي بالك من نفسك لو فعلا بتحبي جود. اعرفي ان وجودك كويسة جنبي كأنك بتحيي روحي
رفعت كفه مرة أخرى ثم طبعت قبلة مطولة عليهم وهي تربت عليه
- ممكن تساعدني البس حجابي زمان بناتك قلقوا عليا.
أومأ برأسه ثم تحرك ليجلب لها حجابا
بالأسفل بجناح عز أقام الشباب حفلة لتوديع العذوبية
قاموا بتشغيل بعض الموسيقى وجلسوا يضحكون
جلس بيجاد بجوار عز
- ايه الحفلة الباردة دي يلا. ماتروح تصطلنا حد نسهر عليه.

رفع عز جانب وجهه وابتسم بسخرية
- وماله ياخويا نجبلك نجوى الشغالة. بس مقولتليش المحروس هو اللي هيودع ولا إيه
رمقه بيجاد بنظرة مشمئزة
- واطي واطي. دا اللي فهمته. أنا قصدي حمايا العزيز يحلي لنا السهرة ولا عمو صهيب بدل ماهو قاعد حارس بناته كدا، توقف فجأة ثم نهض وهو يتحرك
- لا أنا هجبلكم الأستاذ نفسه
ضيق عز عيناه.
انت اتجننت يابني. عايز عمو جواد وبابا يحضرو حفلة زي دي.

تحرك بيجاد متجها بنظره لجلوس والده مع صهيب. جذب المقعد بغضب حتى اصدر صوتا ثم جلس ينظر اليهم
- أنا مخنوق وعايز ارقص
رمقه ريان بنظره سريعة
- نعم ياخويا مخنوق وعايز ترقص. وصل جواد بتلك الأثناء وهو يردف: - حزمه ياريان خليه يورينا حركاته المغرية
قهقه بيجاد وهو يشير إليه: - كنت فين ياراجل ياكُبرة إنت. وليك عليا حلفان آه حياة النعمة. أنا جتلك مخصوص.

حدجه جواد بنظرة مشمئزة وتحدث قائلاً: - معرفش إزاي كنت اعمى لما وافقت عليك. ياخي ياريت حد ضربني قلمين وفوقوني أن كان إنت ولا الحلوف التاني
اطلق ريان ضحكات صاخبة على جواد
- عشان تعذرني وتعرف أنا مستحمل أد إيه
توقف بيجاد وهو يجذب جواد ومازال يضحك بصوتا مرتفع: - بعدين اخليك تربينا انا وعز المهم دلوقتي
تعالى والله الحفلة ماهتحلو غير بيكو. اتجه بنظره لوالده وصهيب
ياله بدل الملل اللي فوق دا.

ثبت ريان نظره على ابنه: - بلاش ياحبيبي دي سهرة شبابي بينكم. بلاها مننا. مد يديه يسحب والده
- هو انت كبرت ياريو ولا إيه. تعالى نضحك شوية. اصلي اروح ارقص مع البنات فلموني والله هعملها
ظل ريان يرمقه بنظرات تفحصية ثم همس إليه
- انت بتخطط لأيه يايلا?
عند البنات
جلست غنى تضع الحناء لفيروز
- قوليلي يافيروزة اكتبلك اسم الواد جاسر فين، أنا بقول اكتبه على كتفك
ابتسمت بخجل ثم تحدثت
- ميرسي ياغنى. أنا هكتب اسمه.

دققت غنى النظر بعيناها
- آه فهمت. طيب ياختي انتِ حرة كنت عايزة اساعد. ثم دنت منها
- على فكرة عملتها قبلك. ونصيحة مني
هتشوفي المرار. لكن معرفش الصراحة اخويا محترم ولا
لكزتها رُبى التي تجلس بجوارها وتستمع لحديثهما
- اتلمي ياغنى والله لأقول لجوزك مراتك فضحاك في كل حتة
اطلقت غنى ضحكة ساخرة
- دا ياحبيبتي مش مستني أعمله اعلانات في كل حته. صمتت تنظر لربى ثم شاكستها.

- نسيت المعدول جوزك الغالي، ماهو فرعونك خليفته في الوقاحة نسيتي بابا قاله ايه
انتهت الفتيات من رسم الحنة. ثم اكملوا سهرتهما بالغناء والرقص
عند الشباب
وضعت العاملة المشروبات الباردة أمامهم. وبدأو يتحدثون عن طفولتهم ويمزحون مع بعضهم البعض وقصص جواد عن المجرمين مع باسم
مر بعض الوقت
اتجه جواد يجلس بجوار ريان ولكن قلبه منشغلا بزوجته. قاطع شروده ريان.

- جواد مقولتش هتكمل المستشفى اللي في اسكندرية ولا هتسبها على كدا
- عز هيواصل ويشوف ناقصها إيه. أنا سبتله الموضوع دا. نظر حوله يبحث عنه
- هو راح فين هو بيجاد مش ظاهرين
دار بجميع الاتجاهات ثم توقف يتأفف
- شوف العيال. قال عايزين يحتفلوا. معرفش راحو فين
جذبه ريان وهو يضحك عليه
- سبهم ياجواد اكيد بيجاد راح لمراته. متنساش انها تعبانة
دفع ريان وتحرك وهو يردف بغضب
- قولت لهم هيباتوا عندي وممنوع واحد يقرب منهم.

عند بيجاد
وقف أمام المسبح ينتظر زوجته وهو جالسا على المقعد يتناول المثلجات. وصلت غنى إليه
- بيجاد مالك.؟ منى قالتلي إنك تعبان
سحبها من يديها واجلسها على ساقيه
- عايز احضنك شوية وحشتيني وعارف أن ابوكي القادر دا عايز يخطفك الليلة مع اننا حاولنا أنا وجاسر لكنه رافض خالص
قادر والله حمايا دا.

وضعت رأسها على صدره فهي تشعر بتعبا ثم تحدثت قائلة: - حبيبي معلش عدي الليلة ومتزعلش بابا منك. حاوطها بذراع ثم بدأ يطعمها من المثلاجات التي بيديه
- شوفي الولد جعفر هيحب الايس كريم ولا لا
ابتسمت له وأردفت: - جعفر بيحب أي حاجة من باباه اكيد
وضع الكوب أمامه ثم رفع كفيه يضم وجهها
- تعرفي نفسي اشوفك مامي أوي. هتكوني لذيذة ياعمري
ضمت وجهه هي كذلك ثم تحدثت
- وانت هتكون أحن بابي في الدنيا
دنى وهمس
- عايز ادوق.

ابتسمت واجابته: - انت على طول عايز تدوق
همس بصوتا حنون وهو يشير، على الأيس كريم
- لا عايز ادوق الايس كريم من شفايفك
وماله ياحلوف تعالى ادوقهولك
هبت غنى من على ساقيه عندما
وجدت جواد يقف خلفهما. خطى جواد وهو يرمق بيجاد بنظرات لو تقتل لقتله في الحين
- لا والله بقى جي وعامل فيها ابو جلمبو وعايزين نفرح ياعمو عشان اصدقك. وأنا زي الاهبل وافقت.
دنى ينظر إليه ثم اتجه بنظره لأبنته وهمس.

- علمناهم السرقة سابقونا على الأبواب يلا
دا أنا صايع قديم. بتلعب عليا يابيجاد انت والحلوف التاني
اتجه يبحث بعينيه عن عز. ثم اتجه مرة اخرى لبيجاد
- فين الزفت عز مكنش معاك
رفع حاجبة يتراقص بهما كالأطفال وهو يتحدث
- لا بقولك إيه متعمليش فيها دراكولا وتخوفني عشان اقولك إن عز اخد مراته وهيبات عند البيسين يتخبى منك. لا فوق ياحمايا دا أنا مصحصح أوي
اطلقت غنى ضحكة صاخبة بالمكان. رمقها بيجاد بغمزة من عينيه.

- إيه ياحبي حبيبك عجبك.
دفعه جواد وهو يصيح بوجهه
- حبك برص واربع ثعباين. أنا مطلبتش منك ياحلوف منك له تسيبوا البنات قاعدين مع فيروز وياسمين. حبكت ياخويا الحب. اللي يسمع يقول الحب ولع في الدرة
اقترب بيجاد ينظر لجواد وأمسك ياقة قميصه ثم نفضه وتحدث
- الحب مش ولع في الدرة ياحمايا. قلبي اللي ولع من بُعد مراتي عني
دفعه جواد بقوة حتى سقط بالمسبح
- طيب انزل عشان اطفيك ياخويا
اتجه بنظره لغنى التي اسرعت لزوجها.

- بيجاد. صاحت بها غنى
- عارفة لو اتحركتي خطوة كمان وحياة أمك لقعدك لحد ماتولدي عندي. وشوفي بقى الحلوف دا وقتها هيعمل ايه.
اتجه وجلس كقرفصاء ورمقه بسخرية
- ايه ياحبيبي نار قلبك طفيت
هز بيجاد رأسه حتى تناثرت المياه على وجه جواد الذي نصب عوده ينظر اليه بشماته. يبقى غير هدومك لتبرد يابيجو. ولا روح نام في حضن عديلك دفيه
تحرك وهو يجذب ابنته التي تعلقت عيناها بعين زوجها. توقفت أمام والدها.

- بابي لو سمحت. خليه يدخل يغير هدومه هيبرد
سحبها من رسغها وتحدث
- أنا ماسكه. لكن وحياتك لوحده. هو عارف مكان الهدوم كويس ياختي متخافيش عليه. دا بسبع أرواحوصل جواد حيث جلوس نغم وغزل
- غزل. خلي بالك من غنى شكلها تعبان. إياكِ تتحرك من جنبك
نهضت نغم متجهة إليها
- اقعدي ياغنى كفاية من الصبح وانتِ مفصلتيش يابنتي. ايه مش عايزة ابنك يجي.

كانت نظراتها تراقب مدخل الفيلا علها تجد زوجها. لمحته اخيرا متجها للداخل، راقبتها نغم
- ماله بيجاد ايه اللي بله كدا؟
حمحمت غنى ثم رفعت بصرها إليها وتحدثت
- بابا!
ضيقت غزل عيناها ثم التفت لبيجاد الذي دلف للمنزل
- ليه جواد يعمل كدا
ابتسمت غنى بخفوت. فهمت كلتا من غزل ونغم لما فعل جواد ذلك
ضحكت نغم بصخب
- تصدقي بحب وجودهم مع بعض اوي. بيفكرني بحمايا الدكتور محمود. كان بيعمل مع ريان كدا.

- هيفضل جواد الغيور. تعبت معاه كتير من موضوع عز وبيجاد واللي فيه فيه
ربتت نغم على يديها مبتسمة
- هو بيهزر معاهم وفي نفس الوقت غيران على بناته ياستي...
عند عز وربى
فرد عز سجادة على الأرضية بجوار المسبح. نهضت ربى تنظر إليه
- عز ايه السجادة دي. وجايباها هنا ليه
مسح على وجهه وهو ينظر إليها بخبث
- عايز أغسلها. ايه مش هتساعديني
ضيقت عيناها ونظرت مستفهمة
- عز أكيد بتهزر مش كدا
جلس ونظر إليها.

- اقعدي يابنت عمي ماتخليش الغباء يظهر دلوقتي. يعني خطفك من ورا ابوكي. وسرقت سجادة من الجنايني علشان ايه نغسلها مثلا. لا ياحبي علشان نرسم عليها الأهرامات
ظلت واقفة تنظر إليه بغموض ثم اردفت
- اوعي يكون اللي فهمته صح. وناوي نبات عليها
صفق بيديه وهو يضحك
- لا الحمدلله فهمت اخيرا.
هزت رأسها رافضة
- لا ياحبيبي مبعرفش أنا على الأرض. وبعدين هنستغطى بأيه
ضرب عز على وجنتيه وصرخ.

- دا لما افهمها كان أبوها جه. يارب غباء السنين كله اتجمع عندها الليلة
رفع نظره إليه
- عادي ياقلبي هروح أسرق سجادة من بيت ابوكي واغطيكي بيها واعتبريني مرتبة ونام عليها. كدا حلو اقتنعتي
قطبت حاجبها وتسائلت
- ازاي هتكون مرتبة ياعز. وانت رفيع اوي
جذبها بقوة حتى سقطت فوقه، تسطح على الأرضية وهي فوقه وحاوطها بذراعيها ينظر لعيناها.

- زي كدا ياحبيبة عز المهم تكوني في حضني. مش احنا اتفقنا مستحيل تباتي بعيد عن حضني
رفع ذقنها عندما وجد أثار قربه منها واردف بخبث
- ينفع تسيبي حضن عز وتباتي بعيد عنه. افرض حبيبك برد بالليل مين هيغطيه
- انا هغطيك ياحيلتها
قفزت ربى من فوقه وهي تتمتم
- بابا. هو بس. هو
اشار بسبابته: اسكتي ياحنينة. معرفش العيال دول لاحسين دماغكم ولا إيه
قوس عز فمه ونهض ينظر لعمه.

- من الأخر كدا ياعمو مراتي هتبات في حضني. اقترب جواد منه ورمقه بنظره
- عارف لو سمعت صوتك. هعمل فيك زي بيجاد
ضيق عيناه وتسائل
- ليه بيجاد فين؟ عملت فيه ايه
دفعه جواد حتى سقط بالمسبح
- كدا ياخويا، قالها جواد وهو يتحرك ساحبا ربى بيديه
وصل جواد بربى. ووقف يضع يديه بخصره
- يعني طلبت منكم خدمة ومش قادرين تعملوها. قولت لكم البنت متخلوهاش الليلة دي لوحدها علشان متحسش بالبيتم
انتهت حفلة الحنة التي أعدتها نغم وغزل.

غادرت نغم وريان مع أولادهما
عند غزل
دلفت غرفتها وجدت جواد يجلس بالشرفة يتناول قهوته بملامح. اسرعت إليه
- ايه دا ياجواد بتشرب قهوة الساعة اتنين الصبح
وضع كوب القهوة الخاص به على المنضدة امامه وحاول الخروج من حزنه. جذبها تجلس بجواره
تنهد بحرقة شديدة: - جه على بالي حبيبي اشرب قهوة. إيه مش مسموح لجوزك حبيبك ولا إيه
وضعت رأسها على كتفه وأردفت.

- جود صحتك ياحبيبي مينفعش تشرب قهوة في الوقت دا. ولا شكلك ناوي تراقب اجواز بناتك. حرام حبيبي اللي بتعمله دا
شدد من احتضانها ثم
ازال حجابها ودفن رأسه بعنقها
- لا ناوي اراقب غزالتي الليلة. رفع رأسه ينظر لوجهها الملائكي ورغم مرور السنوات إلا أنها بنظره طفلته المدللة لقلبه
وحشتيني أوي يازوزو. أوي أوي ياعمري
رفع ذقنها ينظر لترانيمه المقدسة
- حاسس بقالي سنين بعد عنك
نهضت ثم جلست على ساقيه تحاوط عنقه.

- تعرف أنا نفسي في إيه
ضم وجهها بين راحتيه
- حبيبي يأمر وجوزه عليه التنفيذ
وضعت رأسها بصدره وأردفت: - نفسي في أجازة أنا وانت وبس ونروح لشاليه بتاع الغردقة. الشالية دا له ذكريات جميلة أوي بقالنا كتير ماسفرناش هناك. كل سنة ياشرم يااسكندرية.
وضعت يديها على خديه
- نفسي نرجع ذكرياتنا هناك ياجود. عايزة أشوف نفسي بعينك هناك. عايزة اشوف غزل اللي جننت جواد. فاكر.

دنى يلتقط ثغرها بقبلة شغوفة حميمية وهو يحملها متجها لفراشهما. وضعها بهدوء ومازلت عيناه ترسم ملامحها.
لم يحيد ببصره عنها. حاوطها بذراعيه: افتحي عيونك ياغزالتي.
- عايزك تسجلي في مذكرتك. مفيش راجل في الدنيا ممكن يعشق مراته زي ماجوادك عشق غزالته
عند ريان ونغم
دلف لمرحاضه سريعا. ظل لدقائق معدودة ثم خرج يبحث عن نغم. اصطدمت به
لاح على ثغره ابتسامة متلاعبة
- كنتِ فين ياروحي. وقفت تنظر إليه بذهول.

- ايه دا إنت مش قولت هتطلع تنام. لسة صاحي
رفع حاجبه بسخرية
-نغم ايه شغل الاستعباط بتاعك دا. هو أنا مصدقت خلصت من ولادك اللي عمالين يذنوا قال إيه عايزين يروحو الكورنيش الساعة اتنين بالليل. بيحسسوني انهم اطفال عندهم عشر سنين
اقترب بخطواته عندما تراجعت بظهرها للخلف.
- هم فين صحيح مش المفروض يكونوا تحت عند البسين
تحركت من تحت ذراعيه.

- روح دور عليهم. بتلعب عليا وتقولي تعبان ياريان. وأنا اللي كنت هموت من الرعب. وسبت بنتك تبات لوحدها وحضرتك مبتفكرش غير في ليلة حمرا
وصل إليها بخطوة واحدة وحملها بخفة متجها لغرفة ابنته يرمقها بتهكم
- طول عمرك نيتك وحشة يانغومة. وعشان أثبتلك نيتك الوحشة
هنروح نبات مع بنتك. أنا اتفقت معاها على كدا
عند فيروز
جلست على الفراش بين غنى وربى وهي تحادث جاسر
- قاعدة مع اخواتك. إنت فين؟

أنا قاعد مع المضروبين عز وبيجاد وجواد ابن عمي
ضيقت نظرها وهي تنظر للهاتفها
مين اللي قاعدة وراكم بعيد دي
استدار ينظر خلفه وجد جنى تجلس بجوار تقى ولكنها لم تشعر بوجوده خلفها
نهض من مكانه وهو يتحدث
- دي جنجون وتقى. هشوفهم قاعدين للوقت دا ليه. تصبحي على خير ياحبي
وصل إليهما وجدها تنظر بهاتفها على صورها مع الجميع. وقف خلفها للحظات. شعرت به تقى. أشار لها بسبابته ان تصمت.

كانت تتنقل بين الصور بخفة. ولكنها توقفت عند احدهما. صورة تجمع بين جواد وجاسر. حركت اصبعها فكبرت الصورة تنظر إليهما مبتسمة
جذب جاسر الهاتف من يديها وهو ينظر به
- ايه يابنتي بتقارني بين الملك والحاجب ولا إيه
شعرت بصدمة اجتاحت كيانها من وجوده بتلك اللحظة. حمحمت محاولة اخراج صوتها
- جاسر بتعمل إيه هنا
توقفت تقى تنظر إليهما.

- جنى أنا تعبت ويادوب ألحق أنام شوية. عندنا فرح البرنس اللي جنبك دا بكرة. ولازم نكون مصحصحين
أومأت برأسها وأجابتها بخفوت
- روحي أنا كمان هقوم. شكلي نعست كمان
رمقها جاسر مضيقا عيناه
- مالك ياجنى. من وقت مارجعتي وانتِ بتهربي مني. انتِ قاعدة لحد دلوقتي ليه إنتِ كويسة
نهضت وهي تنظر في جميع الأتجاهات هروبا من عينيه.

- جاسر لو سمحت أنا تعبانة وعايزة أرتاح. هتديني تليفوني ولا لا. وصل جواد إليهما وهو يضع يديه بجيب بنطاله
- عز قالي إنك بتدور عليا ياجاسر فيه حاجة؟
وزع نظراته بينهما ثم تحدث متسائلا
- ممكن تفهموني مالكم انتوا الأتنين. جذب جنى من رسغها عندما تحركت مغادرة
- استني هنا أنا بكلمك. ايه نسيتي قولتي ايه امبارح ولا هترجعي تقوليلي ولا يهمك.

دفعته بوهن وأردفت: - جاسر لو سمحت بلاش نتكلم في الموضوع دا. أنا وجواد مننفعش لبعض. هو وجعني كتيير وقلبي لسة مجروح. كنت مفكرة هقدر أسامحه لكن اكتشفت أنه وهم
اتجه جواد يرمقها بنظراته
- وانتِ كمان ياجنى. حسيت إنك كنتِ مسكن مش أكتر
بخطى متعثرة تحركت جنى وهي تبكي بنشيج
- كنت متأكدة يابن عمتي. أنا شوفت رسايلك كلها ياجواد. بكرهك على اد مااحترمتك في يوم من الايام. وعلى فكرة أنا كمان عمري ماحبتك.

جحظت اعين جاسر وهو يستمع لكلاهما.
- والله لأندمك ياجواد على كلامك. اصبر عليا
أسرع خلف جنى التي أسرعت تركض بضع خطوات بلاهدي وتبكي بمرارة لما اصاب قلبها من ذلك الوهم وضياعها بغيبات الجب
جذبة قوية انتهت بها لتصطدم بصدره ودقات عنيفة أصابتها كليا
اخرجها من أحضانه
- ممكن اعرف مالك ياجنى. مش دا جواد اللي كنتِ زعلانة عشانه. مش دا اللي خصمتيني علشان انهي مسرحية باباكي.

ابعد عني ياجاسر مش عايزة اتكلم. علشان لو اتكلمت إنت أكتر واحد هتتأذي
رفعت رأسها وتقابلت برماديته وعيناها التي تنذرف عبراتها بغزارة: - أنا أكبر واحدة غبية وحمارة في الدنيا. أنا استاهل اللي بيحصل لي
دنت خطوة تنظر لمقلتيه واكملت: - جاسر إنت غالي عليا أوي فوق ماتتخيل. علشان كدا بلاش أوجع قلبك. عيش حياتك واسعد نفسك بحبيبتك
وصل عز الذي رآهما من بعيد. قطب حاجبه بدهشة وهو يوزع نظراته بينهما.

- ايه الوقفة دي. وازاي تقفوا مع بعض كدا لوحدكم في وقت زي دا
التفت ينظر لأخته بغضب
- شايف مبقاش حد مالي عينك يابنت ابويا واموي. أه هو ابن عمك لكن في حدود وأصول نراعيها
رمقها شرزا وتحدث غاضبا: - اطلعي اوضتك استنيني أنا جايلك إياكِ تنامي ياجنى زي كل يوم كدا. عارف إنك بتهربي مني
فتحت نظرها لتعترض. اشار بعينيه على باب المنزل: - ولا كلمة على فوق ياله. قالها صارخا بها
اتجه بنظره لجاسر وسأله.

- ينفع تقف معاها كدا في الوقت دا. انا عارف ومتأكد من اخلاقك لكن مينفعش ياجاسر. قالها عز وتحرك سريعا
بعد قليل وصل إليها وجدها تجلس حزينة شاردة على فراشها
- جنى ممكن نتكلم
أومأت براسها. وتحركت بجلوسها تفصح له المكان
ضمها لأحضانه ثم تنهد بحزنا
- سامعك ياجنى. احكي لأخوكي حبيبتي. قوليلي ايه اللي وجعك ياقلب أخوكي
تشبثت بقميصه تبكي بنشيج وشهقات مرتفعة تخرج من قلبها قبل جوفها.

- عز أنا عايزة أهرب من هنا. مش عايزة اقعد هنا. حاسة إني بموت. لو سمحت ياعز لو بتحبني خدني لمكان محدش يعرفني فيه
ارتعدت مفاصله والرعب يتسلل إليه. ابتلع ريقه بصعوبة. وحاول الحديث
متخذا نفسا طويلا
- جنى احكيلي حبيبتي. مين مزعلك. لو على موضوع جواد. انا هقنع بابا متخافيش
خرجت من أحضان اخيها تنظر إليه
- أنا عايزة دكتور نفسي. ممكن بعد فرح أوس توديني لدكتور نفسي
صمت للحظات يستوعب كلماتها وهمس لنفسه
- فرح أوس.

عند حياة وباسم
كان يغفو على ساقيها منذ ان رجعا من حفلة الحنة. رفعت يديها وهي تنظر إليها
واسمه المحفور داخل كفيها
أمالت برأسها تقبل وجنتيه
- حبيبي قوم علشان ننام في اوضتنا
رفرف بجفنيه محاولا الأستيقاظ.
- هي الساعة كام دلوقتي. تسائل بها باسم
نظرت لهاتفها وأجابته
- اتنين. ياله قوم عايزة أرتاح ولا عايزهم يقولوا مراتك وشها مصفر كدا ليه
اعتدل جالسا يجذبها مقبلا وجنتيها
- لا هيقولوا سهرانة مع جوزها طول الليل.

جذبت كفيه ووضعته على بطنها
- باسم هيجلنا ولد. مبروك هتبقى أب قريب
جحظت عيناه رفع نظره لعيناها مره ولبطنها مرة
- إنتِ حامل ياحياة. قولي والله
دنت وقبلته على شفتيه
- وحياة ربنا حامل وابنك هيشرف بعد سبع شهور ياحبيبي
نهض سريعا وحملها يدور بها ويطلق ضحكات صاخبة
- يالله على أجمل خبر. لا دا اغلى خبر
نزلني يامجنون. شكلك هتنزله قبل مايجي
انزلها بهدوء وهو يحاوطها بذراعيه.

- بحبك بجنون ياروح بسوم. رفع كفيها وقبل إسمه الذي يُكتب بالحناء
ربنا يخليكي ليا وتكوني أجمل ام ياحياتي.

جاء اليوم الموعود. يوم جمع القلوب قبل الأجساد. ذهبت الفتيات للفندق الذي سيقام به حفل الزفاف
توقف بيجاد بساحة الفندق وتحدث
- مش عايز ميكب اوفر. الفستان اللي جبته ياغنى اللي هيتلبس. واياكِ ألمحك بتضحكِ مع أي حد
ادارت وجهه إليها
- هتفضل مكشر كدا. طيب اضحك علشان مزعلش. والله بحبك بحبك بحبك. صدقت بقى
دنى منها ثم طبع قبلة على جبينها
- مقدرش أزعل منك ياقلبي. انزلي علشان متتأخريش.

قبلته على خديه ثم ترجلت متوجهه لربى التي كانت تنتظرها بجوار فيروز التي وصلت مع جاسر
اتى المساء سريعا على العروسين
دلف ريان لأبنته
كانت تقف بفستانها الأبيض الجميل الذي جعلها كالملاك. واظهر جمالها السخي. كان مصنوعا من التل وعليه فراشات بيضاء مطرزة باللؤلؤ. مثل طرحته التي يزينها اللؤلؤ من رأسها لكاحلها. وحجابا شفاف لوجهها اضاف لمسة سحر وجمال إليها. نعم فجمالها جمال فريد من نوعه.

دلف يخطو وهو يقرأ الموعذتين بسره. وصل إليها ثم ضم وجهها بين راحتيه يدمغها بقبلة مطولة على جبينها
- ألف مبروك ياجميلتي
ابتسمت بخجل ثم نظرت للأسفل
- الله يبارك فيكِ يابابابي
سحبها من كفيها وأجلسها على المقعد وجلس أمامها
- تعرفي حاسس بإيه دلوقتى
رفعت بصرها لوالدها وترقرقت عبراتها
انتظرت حديثه
- حاسس انهم بيسحبوا روحي مني. إنت ملكة قلبي. روحي وحياتي. بنتي الطفلة اللي كبرت وبقت عروسة تخطف القلوب.

تنهد بصوتا مرتفع وهو يضم كفيها بين راحتيه
- طيب ازاي هرجع البيت من غيرك ياياسمينا. ازاي هقدر أعيش وانتِ بعيد عن بابي ياحبيبة قلب بابي
رفعت كفيه ثم قبلته وانزرفت عبراتها
- بابي لو سمحت متوجعش قلبي أكتر ماهو موجوع. أنا مستعدة أرجع معاك ومتجوزش عشان مشفش نظرة الحزن دي في عينك.

جذبها لأحضانه وبكى بشهقة لأول مرة منذ وفاة والده. بكى ريان على فراق ابنته مدللته الغالية. بكت كذلك على بكاء والدها ظلا يحضتنان بعضهما كأنهما يودعان اشياقهما
دلفت نغم وذُهلت مما رأته اتجهت سريعا لريان
- لما انت تعمل كدا مستني مني إيه. ينفع كدا. تبوظ الميكب بتاعها
مسحت دموع ابنتها ونظرت إليها بإنبهار.

- اللهم صلي على النبي. ايه الجمال والحلاوة دي ياياسو. كدا هتخليني اغير رأيي واطلع لأوس وأقوله معندناش بنات احنا عندنا ملكة متوجة
ضمها ريان واجابها: - ماهي ملكة متوجة. دي ملكة باباها.
نهضت نغم واقفة وتحدثت
- طيب ياباباها قوم علشان تنزل ملكتك. زمان جوزها على نار تحت
علي الجهة الأخرى.

كانت فيروز تضع آخر لمساتها من حجابها الذي لا يقل جمالا وإبداع حيث جعلها اميرة خيالية من الأساطير الأغريقيه. دلفت غزل إليها تبتسم بسعادة مردفة
- ماشاء الله حبيبتي. الله اكبر. والله خايفة على الواد جاسر من جمالك دا
امسكت كفيها تديرها حول نفسها.

- لا كدا بقولك اتغري بنفسك وخليه يلف حوالين نفسه. ضحكت غنى التي كانت تجاور فيروز ثم تحدثت: - إيه رأيك يامامي أنا اللي ساعدت الميكب ارتست. انفع والله افتح صالون تجميل
ربتت غزل على ظهرها
- قومي بالسلامة الأول حبيبتي. ونصيحة مني إياكِ تقولي كدا قدام باباكي كدا. هيتبرى منك. قاطعهم دخول رُبى
دلفت وهي تفرك بكفيها. توزع نظراتها بينهم. دنت منها غزل
- مالك ياروبي فيه حاجة ياقلبي.

رفعت بصرها لفيروز. ثم اتجهت بنظرها للباب دلفت سحر والدة فيروز
- مامت فيروز عايزة تباركلها
صدمة اهتزت على اثرها فيروز وهي تنظر لوالدتها التي دلفت بزيها الأنيق. تنظر لأبنتها وعبراتها تسقط على وجنتيها
- معقول يافيروز عايزة تتجوزي من غير ماما ماتبركلك. ينفع كدا ياحبيبتي. دا أخرة جزاتي. دا اللي استحقه. اتجهت سحر والدة فيروز تنظر لغزل
- هو فيه ام ممكن تكره بنتها!

تنهدت فيروز تنهدات متقطعة وأصوات مستنكرة خرجت من جوفها من هول ماوقع على مسامعها. فصارت تهز رأسها بالنفي
- أنا جتلك وطلبت منك تحضري خطوبتي فاكرة قولتي إيه. أخرجت نفساً مطولا ثم زفرته دفعة واحدة: - قولتِ لي بنتي ماتت. وأنا مهمكيش. جاية عايزة إيه دلوقتي
ربتت غزل على كف فيروز
- حبيبتي دي مامتك وحست بغلطها وجاية تباركلك. ممكن تنسي كل الزعل منها دلوقتي وخليها تباركلك. ياله حبيبتي عشان مستنينا تحت.

اتجهت غزل بنظراتها لغنى وربى
- تعالوا يابنات نستنا برة شوية
خرجت غزل وهي تنظر لفيروز. احنا برة لما تخلصي نادينا. توقفت بالخارج ثم أمسكت الهاتف وهاتفت زوجها
- جواد مامت فيروز جت وهي معاها جوا
اشعلت كلمات غزل غضب جواد. هب واقفا ينظر لصهيب
- هطلع انزل العروسة. قابل المعازيم، قالها وتحرك سريعا. وصل أمام غرفتها
- ايه اللي جابها؟
توقفت غزل أمامه
- جواد أي اللي بتقوله دا. دي امها ومهما كان لازم تكون موجودة.

ظل يزرع المكان ذهابا وايابا وهو يردد ربنا يستر. الست دي لو عملت حاجه العواقب على جاسر مش هتكون كويسة ابداً
ربتت على كتفه وحاولت من تهدئته
- إن شاء الله مش هيحصل حاجة. هي شكلها ندمانة
قوس فمه بسخريه
- دي تندم. اسكتي ياغزل متعرفيش النوعية دي. اهو دا اللي كنت خايف منه. وبكرة كل شوية تنط للولد وهتخلي عيشته مرار
فجأة صعد احدهما ينظر لجواد مبتسماً بسخرية.

- طبعا حضرتك عارف إني أولى واحد اسلم فيروز لعريسها ولا إيه ياحضرة اللوا
ثار جواد وهو يلكمه بوجهه.
- أنت ازاي دخلت هنا ياحقير. وقفت غزل بينهما جواد لو سمحت مينفعش كدا. هنا خرج ريان الذي استمع لصيحات بالخارج
- فيه إيه ياجواد؟
ضغط جواد على قبضته بقوة حتى ابيضت مفاصله. عندما شعر بنيران الندم تتوغل داخله. فجأة احس بإنقباض شديد في قلبه يكاد يمزقه من الألم على دلوف ابنه ذلك العالم.

اتجه للاسفل سريعا دون اي كلمة.
اخذت غزل نفسا عميقا قبل أن تقول بنبرة مرتعشة تنظر لريان
- دا ابن عم فيروز. ووالدتها جوا
هز ريان رأسه متفهما وهو يرمق اسامة بنظرات تفحصية. ثم اتجه لغزل
- أنا هنزل بياسمينا. أومأت برأسها بالموافقة.
بالداخل
ضمت سحر وجهه ابنتها وهي تنظر إليها
- طالعة تاخدي العقل ياروزة. ايه الجمال دا حبيبتي. شوفتي نصايح ماما وقعتك في ظابط حليوة إزاي. ومش اي ظابط دا ابن الألفي بذات نفسه.

رعشة قوية أصابت فيروز من نظرات والدتها التي اشعرتها بوجود خطب ما
حاولت التماسك رغم اشمئزازها من كلمات والدتها ولكن لم تقو عندما قالت
- جمالك يسويه على نار هادية برافو عليكي قدرتي تعملي اللي محدش فينا قدر عليه
نزعت نفسها وتراجعت للخلف
- حضرتك جاية عايزة إيه ياماما؟
جلست سحر تضع ساقا فوق الأخرى وأردفت.

- ولا اي حاجة. أنا جاية أبارك لبنتي حبيبة قلبي. نهضت متجه للباب عندما استمعوا لصوت الموسيقى بالأسفل تدل على نزول العروس، أشارت لأسامة
- تعالى يااسامة علشان تسلم بنت عمك لجوزها
جحظت أعين فيروز عندما وجدت اسامة يدلف بإبتسامة تهكمية وهو يقترب منها
- مبروك يامراتي القديمة ومراته الجديدة
دنى وهمس كفحيح أفعى: - اللعبة مخلصتش يافيروز. اللعبة ابتدت.

صاعقة أصابت جسدها بالكامل. وألماً بقلبها وكأن احدهم هوى فوق قلبها بعصا حديدية فشعرت بألما حاد يصيبها بقوة
دفعت غزل الباب وتحدثت بحدة
- ياله يافيروز. أتأخرتي، ياسمينا بقالها فترة تحت
اقترب أسامه يرمقها بسخرية عندما وجد حالتها بتلك الطريقة. ابتسم بفخر فهو أوصلها للحالة التي نجح في التخطيط للوصول إليها
دفعته بقوة ورمقته بحدة
- إياك تلمسني ياحيوان. رفعت بصرها لوالدتها.

- عايزين مني ايه. أنا اتجوزت وبقيت مسؤلة من راجل. قالتها متجهة لغزل وأردفت متسائلة
- فين عمو جواد ياماما غزل. مش هو اللي مفروض يجي. قاطعهم دلوف باسم كالثور الهائج ركل أسامة بمعدته. ثم رفعه بيد واحدة وهبط به للأرضية حتى شعر بتكسر عظامه ثم صاح بغضب مزمجرا ينظر لسحر
- سمعوني كدا. جايين ليه ياختي. هز رأسه وهو يدور حولها حتى ارعبها
- جاية عشان تباركي لبنتك.

جذبها بقوة من ذراعها ودفعها بقوة على غزل التي وقفت مذهولة مما يصير
- خديها يادكتورة ارميها على ازبل تربيزة بس معتقدش أن عندنا ذبالة. ملحوقة
أشار بسبابته
- عيني عليكِ. انتِ ونص الراجل دا. دا حتى مفهوش أي رجولة. وانتوا فاهمين كلامي كويس.
توقفت غزل وانسدلت عبراتها
- باسم لو سمحت ممكن تهدى. الولد فرحه هيبوز. نظرت سحر لحالة غزل بشماتة
- عشان تفكروا صح قبل ماتعرفوا بتلعبوا مع مين يادكتورة.

وصل بيجاد عندما تأخرت العروس. وجد الباب مفتوحا دلف ينظر في الوجوه
- ايه ياجماعة بقالنا فترة تحت. قلقنا
رفع نظره لفيروز
- تعالي يافيروز أنا هنزلك
نهض اسامة ينظر إليه بغضب
- وأنت مين ان شاء الله. رفع بيجاد نظره لباسم
- هو إيه اللي بيحصل بالظبط
جذبه باسم من ياقة بدلته ثم دفعه على سحر
- خدي الزبالة دي وأمشوا من هنا
بكت فيروز بنشيج
- كفاية لو سمحتم. هو أنا ايه مش مكتوب عليا افرح ابدا.

اتجهت بنظرها لوالدتها وتحدثت بصوتا باكي
- لو فعلا حسيتي في يوم من الأيام إني بنتك ويهمك امرها سبيني افرح
وقف باسم بالمنتصف وأشار بسبابته
- احمدوا ربنا انكم في الفرح. ودا اللي شفعلكم عندي. قالها واتجه لغزل بأنظاره
- ظبطي مكياجها يادكتورة. مفيش وقت
ثم دفع اسامة على بيجاد.
الولد دا عايزك تعلم عليه.
رمقه بيجاد وهو يتسائل بنظراته
- مش فاهم. هو عمل إيه
حك باسم ذقنه ونظر لبيجاد
- مش راجل وجاي عامل راجل.

دفعه بيجاد للخارج، طيب نشوفه بس حاليا مشغولين
رمق باسم سحر بنظرات سخرية
- وانتِ عيني عليكِ اقسم بالله اي غلط هاخد روحك وانتوا عندكم روحين ليا
خرجت بعد دقائق معدودة فيروز بجوار غزل. كان ينتظرها باسم ويكاد نيران جحيمه تحرق الأخضر واليابس
وقفت فيروز أمامه وغلالة من العبرات محتجرة بعينيها
رفع باسم ذقنها بإبهامه.

- إنسي كل اللي سمعتيه وشوفتيه متخافيش إحنا وراكي. اتجهت بأنظارها تبحث عن جواد ثم تحدثت بصوتا متحشرج: - ماهو واضح ياعمو باسم. باين انكم وراي
زفر بيجاد بقوة متجها لزوجته التي لم تنقطع عبراتها. حاوط خصرها وهبط بها للاسفل وتحدث غاضبا:
- ممكن اعرف بتعيطي ليه دلوقتي ياغنى
أعصابي تلفت لو سمحتِ متخوفنيش عليكِ
رفعت نظرها وتلاقت بعينيه
- جاسر صعبان عليا أوي يابيجاد. ياربي دون عن البنات كلها محبش غير بنت مجرمين.

زفرة خافتة خرجت من فمه وهو يمسح على وجهه ينظر لباسم الذي حاوط ذراع فيروز متجها للأسفل
ضم غنى لأحضانه وهو يربت على ظهرها
- حبيبتي دا نصيب منقدرش نتكلم فيه. ممكن تبطلي عياط عشان رُبى جاية علينا اهو. مش عايزين نحسس جاسر بحاجه. هو اصلا تحت مولع لوحده. فبلاش نقلبها نكد. عايزين فرح يابنات فرح وبس. قالها بيجاد وهو ينظر لربى وغنى.

وصل باسم بفيروز للأسفل وهو ينظر بندما لجواد الذي يقف بجوار جاسر وملامحه يكسوه الحزن والوجع بآن واحد
وصلت فيروز لجاسر الذي وقف مستعدا بحلته الأنيقة يحمل باقة من الورود البيضاء معطرة بأنفاس حبه للقاء محبوبته. اقترب باسم يقف أمامه وهو يزفر بغضب كأن الكلمات هربت من فمه ولم يعد يعرفها
رفع كفيه يشير إلى فيروز وتحدث بعد صمت دام للحظات.

- حبوا بعض وخافوا على بعض. متبصوش وراكم ابدا خلوا قوة الحب اللي بينكم هي سعادتكم. أنا مش هوصي حد فيكم على التاني. انا هقولكم بقلوبكم هتقدروا تجتازوا المحن
هز جاسر رأسه ونظر إليها نظرة ارعشت جسدها بنبض قلبيهما. فتحدث وهو يحاوطها
- وانا بوعدك ياعمو هحبها كحبيب غائب مفتقد وطنه. وهخاف عليها كخوف الأم على رضيعها.

ابتسمت فيروز بحبور. تنظر بسحر وهيام وصمت فكانت مأخوذة بطلته الأنيقة التي أنستها ما صار منذ لحظات ثم أردفت
- وأنا هحبك كحب رسولنا للسيدة عائشة وهخاف عليك كخوف رسولنا على السيدة فاطمة الزهراء
هنا فقط ابتسم جواد وحمد ربه. دنى جواد يقبل جبينها واردف متأسفا
- ربنا يسعدكم يابنتي يارب. ثم اتجه لولده
- عيش السعادة ياحبيبي ومتفكرش غير فيما يرضي الله.

دنى جاسر اخيرا من زوجته وطبع قبلة على جبينها بقبلة بنبضه والسعاده تغلف روحه ثم همس
- مبروك يافيروزة قلبي
علي الجانب الآخر يقف أوس بجوار ريان
فاردف: عمو ريان ايه الدور مجاش عليا. على فكرة دا ظلم علشان عروستي اللي جت في الأول
ضحك الجميع على كلماته
اتجه جواد وهو يضرب كفيه ببعضهما
- اسكت ياعريس الغفلة. متنساش انه الكبير.
وقف ريان بمقابلة أوس.

- أنا مش هتكلم كتير. أنا هقولك. دي أمانة عندك حافظ عليها زي مارسولنا وصانا بالمؤنساتِ. فهي مؤنستي وحبيبتي وجنتي. فحافظ عليهم جميعا
ضمه اوس بقوة وأجابه
- ورمانة ميزاني لجنتي ياعمو. ووعد مني هحافظ عليها بنور عيني. ودقات قلبي
اقترب من ياسمينا ورفع جحابها الذي يغطي وجهها. فظهرت هالته الجميلة. لؤلؤة قلبه. ورمانة ميزانه
دنى يمضغها بقبلة مطولة على جبينها
- دمتي زوجتي وحبيبتي وقرة عيني ياياسمينة حياتي.

شعرت بتدفقات تتوغل داخلها من فرط السعادة وأنفاسها التي حاوطت روحها لتشعرها بلأمان فهمست اليه
- بحبك أوسي
ضغط على كفيها وهمس إليها
- كلمة بحبك قليلة على مااشعر به ياحياة اوس
خرجت كل عروس تطوق ذراع زوجها لساحة الزفاف
علي أنغام موسيقى تشبه نبضات القلوب. تحرك العروسين في بهو كبير يربط مقدمة القاعة بمكان جلوسهم. كان على الجانبين يوجد الراقصين المنتشرين كحبة ألماس ويخرج الدخان متصاعد حول العروسين.

حقا فكأن زفافهما زفاف ملكيا
وصل لمكانهما المخصص. اتجه كلا عريسا ينظر لعروسه كما حثهما منظم الحفل
رفع جاسر عينيه السعيدة لفيروزته. فكانت جميلة حد الفتنة. دنى برأسه وهمس إليها: - عارفة لو مخلصوش الفرح دا بسرعة ممكن يمسكوني بعمل فاضح
ابتسمت بخجل ورمقته بعيناها العاشقة
بحبك وربنا يديمك نعمة في حياتي.

تحرك دون حديث فما يشعر به لا يقو على فتح فمه حتى لو كلمة واحدة، وصل لرقصتهم الأولى. وفعل اوس مافعله جاسر. توقفا يحاوطا خصرهما بذراع وبالأخر أمسكا كفيهما يضعهما على موضع نبضهما. اسنتدتا رأسهما على كتفهما. وخفت الأضاءة حولهما، إلا من نقطة وقوفهما. صدحت الموسيقى الرومانسية لرقصتهما
دنى أوس من ياسمنته وتحدث
- أخيرا هاخدك في حضني الليلة. اخيرا حلمي اللي حلمته سنين هيتحقق.

أصابتها رعشة خفيفة من قرب انفاسه ونبضاته التي أحست بها. رفعت رأسها ثم تشابكت نظراته العاشقة بعيناها الزيتونية فأردفت
- أوس. أنا يدوب قادرة أقف على رجلي ممكن اقع بين رجليك دلوقتي
أمال برأسه يستنشق رائحتها ثم تنهد بعشقا
- عايزة توقعي وانتِ بين ايد حبيبك ياروح حبيبك
عند جاسر وفيروز
دنى يهمس إليها. بقولك يافيروزتي لو عايز اخطفك دلوقتى. قوليلي خطة.

ابتسمت بخفوت ودقات قلبها ترفرف كالفراشة من تلميحاته وعشقه الظاهر بعينيه. رفعت ذراعيها تعانقه
- جاسر عايزك تحبني على طول اوعى تيجي في يوم وحبك يقل حبيب عمري وحظي الحلو من الدنيا.
رمقها بنظرة عاشقة يتمالك نفسه بألا يقترب منها ويلثم ثغرها ليتذوق حلاوة طعمه. وحدث حاله
- تُرى كيف سيكون طعمه. ظل يناظرها وفجأة حملها بخفة وبدأ يدور بها وابتسامة خرجت من قلبه وكلمة بمعنى واحدا وهو العشق خرج من جوفه.

بحبك. بحبك. بحبك
صفق الجميع على نظرات العشق بين العروسين. انتهت الرقصة الخاصة بهما. وبدأ شباب العائلة يقتربون منهما ويرقصون ويحتفلون بسعادتهما
بنهاية القاعة كان يجلس مالك بجوارها على الطاولة، يهمس إليها
- طالعة تاخدي القلب والعقل ياتقى
نزلت بوجهها للأسفل وتوردت وجنتيها
- مالك لو سمحت قوم من هنا. قعدتك معانا مش كويسة
وضع يديه على الطاولة وهو يرمق جنى الحاضر الغائب بجلوسها
- مالها؟
هزت كتفها ودنت إليه.

- معرفش. طنط نهى بتقول تعبانة
اقتربت غنى تجلس بجوارهما توزع نظراتها بينهما
- مالك قاعد كدا ليه ماتروح ترقص مع الشباب
نظر مالك لساحة الرقص وتحدث
- ماليش أنا في الرقص الشعبي دا. ضحكت غنى وهي تنظر لتقى وجنى
- يابني دا فرح. مباح فيه كل حاجة. حتى مباح فيه تنفرد ببنات عمي وعمال تعاكس. واخدة بالي أنا
رفع نظره يرمقها بنظرات مذهولة ثم أشار على نفسه.

- أنا ياغنى. أنا بعاكس. طيب وحياة النعمه جوزك لو شافك جنبي ماهيحصل طيب. يالا بقى هويني
ضربت كفيها ببعضهما ورجعت تهمس له
- طيب اللي يزبطلك الجو تعمله إيه
حك ذقنه وهو ينظر لتقى التي كانت منشغلة بحديثها مع جنى
- اللي تطلبيه يامرات اخويا. توقفت متجهة لبيجاد الذي لمحهاوتحدثت
- هقولك بعدين. قالتها وتحركت بعيدا عنه
نظر بيجاد إليها ثم رجع بنظره لمالك
- كنتِ عايزة ايه من مالك.

هزت رأسها بالنفي وامسكت كفيه وسحبته بعيدا
- مفيش حبيبي. عايزة ارقص. ممكن ماتبعدش عني عشان نرقص مع بعض
سحبها سريعا لمكانا هادئ بعيدا عن الأنظار
وضم وجهها بين كفيه يلتقط ثغرها بقبلة سحبت أنفاسهما. فصل قبلته وصدره يعلو ويهبط
- من وقت ماشفتك بالجمال دا وكنت عايز أعمل كدا
وضعت رأسها على صدره تحاول أن تسيطر على نفسها بعد قبلته تلك. وهمست
- حرام عليك يابيجاد والله. اللي يشوفنا يقول إيه غير إنهم مش محترمين.

رفع ذقنها وتحدث بصوتا متحشرج من حالة عشقه الذي سيطرت عليه
- هقولهم محروم من مراتي بقالي تلات شهور ونص. لكزته بصدره
- اتلم يابيجاد مبتفكرش غير في كدا
دنى يهمس إليها ونظر لمقلتيها
- طيب حبيبك ماوحشكيش ياقاسية
حاوطت خصره بذراعيها. تتمسح به كقطة أليفة وهي تهمس
- اوي اوي حبيبي.
طيب تعالي معايا. توقفت تنظر اليه بذهول
- هنسيب الفرح! ونروح فين!
هزودي عشقي لحبيبي الأبدي
نزعت كفيها واسرعت للداخل وهي تطلق ضحكات صاخبة.

- وحياة ربنا مجنون
عند ريان وجواد
توقف جواد بجوار ريان وهو ينظر للشباب الذين يتراقصون وهما يرفعون جاسر وأوس بينهم وينشدون بلسانهم خلف الأغنية سطلانة
- العيال دي بتغني بتقول ايه، قالها جواد مستغربا
نظر ريان إليهم ثم رجع بنظره لجواد: - بيقولوا سطلانة. ايه ياابو الجود. انت مش أهلاوي ولا ايه. قالها غامزا بعينيه
ضرب جواد على كتف ريان ورمقه بتهكم
- لا يااخويا انا زمهلاوي
قهقه ريان وهو يرمقه.

- ماهو باين ياحضرة اللوا. انتهت رقصة الشباب. بحث جواد بعينيه على صهيب الذي كان يجلس صامتا على غير عادته بجوار غزل ونهى ومليكة. اتجه بنظره لأبنه والسعادة تغمر وجهه وهو ينظر لعروسه. تنهد بحزن وشعر بأنين يمزق قلبه حينما وجد جنى تتساقط دموعها بصمت قاتل
قاطع شروده ريان عندما أشار لأحدهما
- مين دا ياريان اللي بيسلم على جاسر
اتجه جواد بنظره للذي يشير إليه ريان فابتسم ابتسامة لم تصل لعينيه وأردف ساخرا.

- دا الضحية الجديدة للي هتلففه على الجروبات كلها وهو يستنجد
ضيق ريان عيناه وتسائل: - بتكلم نفسك ياجواد. اتجه ينظر إليه وأجابه
- دا راكان البنداري. صديق لجاسر. وكيل نيابة. واللي جنبه دي مراته لسة متجوز من يومين.

- متجوز من يومين وجاي الفرح. وبعدين شكله أكبر من جاسر. قالها ريان ثم توقف يرمق جواد
-وايه راكان دا كمان. اسماء غريبة
قهقه جواد وهو يرمقه ساخرا
- اسم الله عليك ياريو باشا، دا أنا اول ماسمعت اسمك استغربته
دفعه ريان متهكما
- لا والله وانت بقى ياابو الفوارس اللي يسمعك يقول كنت أحمد وأنا حولتك لجواد
ضحكا الأثنين ثم تسائل ريان
- مقولتليش. راكان دا لسة متجوز وجاي ازاي الفرح كان من يومين
اتجه جواد واجابه.

- مشاكل ياحبيبي بكرة تعرفها
- دا شكلك عرفت مضمون حياته. هذا ماقاله ريان
رفع جواد حاجبه بسخرية
- انت اهبل يابني، دا صديق ابني يعني لازم اجيب تاريخ ولادته
قطب ريان مابين جبينه وتسائل
- وتاريخ ميلاده ايه ياترى. ماتقوله لي علشان ابعتله هدية في عيد ميلاده
اطلق جواد ضحكة صاخبة على اثرها وصل صهيب إليهما
- مالكم بتتخانقوا على ايه. قالها صهيب.

ربت جواد على كتفه وتحدث: - كنت بعرف ريان على ضحية سيلا الجديدة. بقوله تاريخ ميلاده كلنا هنعرفه قريب ان شاء الله وربنا معاه ومعانا
ضحكة صاخبة خرجت من جوف صهيب وهو يشير لريان
- لا ماهو اول ضحية اكيد عرف العنوان
قاطعهم وصول منظم الحفل ينظر لجواد
- حضرتك جاهز يافندم الاغنية اللي حضرتك طلبتها
اتجه جواد بنظره لصهيب وريان. جاهزين
دلفو للحفل.

وتماسك الأصحاب بذراعيهما وهما يتحركون مع الموسيقى يلتفون حول بعضهم البعض
ومع دقة الأيقاع رقصوا كما لم يرقصوا من قبل يشدون بعضهم ليتقاسموا الحركة بالحركة والنظرات فيما بينهم، انضم حازم وسيف إليهم واكتمل النصف الغائب
وصدحت الأغنية بالمكان. وتوقف الشباب ينظرون لأبائهم وهم يتراقصون فالتفوا حولهم وهم يرددون.

لو جبنا سيرة الجدعنة إسمك لازم يتقال صحبى الى بية بفتخر من يوم ماكنا عيال مهما الايام تتعبه عمره مابص شمال في الشدة راجل جدع واقف كما الابطال
والدنيا مهما اديته ميغيروش المال لاعمره منى اشتكى وعمر قلبه ماشال
تشرف اى حد علشان راجل بجد لو وسط النار تسد عمرك ماتجيب وراى
تكبر من الى منك جدع من صغر سنك مقدرش استغنى عنك حبيبى وربنا.

بحبك ياصاحبى من اوانا لسة بحبى وانا مسنود عليك اخويا وحبيبى في الاوجاع طبيبى
حلو حياتى بيه
توب الرجولة معمول عمولة على قد جسمك لو غبت حتى في اى حتة كفاية اسمك
توب الرجولة معمول عمولة على قد جسمك لو غبت حتى في أى حتة كفاية إسمك
لو غبت حتى في أى حتة كفاية اسمك
بحبك ياصاحبى من اوانا لسة بحبى وانا مسنود عليك اخويا وحبيبى في الاوجاع طبيبى
حلو حياتى بيه.

يميل عليا الزمن ايدك بترفعنى تحب من غير تمن عمرك مابتبعنى
انتهت الأغنية مع احتضانهم لبعضهم البعض ثم تحركوا للخارج
اتجهت نغم لريان تنظر إليه بذهول مردفة بسعادة:
- من وقت فرح عمر أول مرة اشوفك بترقص كدا
حاوط خصرها وتحدث
- أنا وجواد خططنا نعمل فقرة رقص خاصة بينا
ربتت على ذراعيه مبتسمة
- كنت تاخد العقل حبيبي. حسيتك ابن العشرين
رفع حاجبه بسخرية مردفا.

- هخليكِ تعرفي إني لسة شباب يانغمتي ومش بالكلام بس ياروحي. دنى هامسا
بالافعال استعدي ياعروسة لفرحك الليلة
لكمته بصدره وهي تنظر حولها بخجل
- ريان اتجننت إنت عارف إحنا اتجوزنا كام مرة. حك ذقنه واصطنع التفكير
- تلات مرات بس ياروحي. وربنا اجاز في كتابه العزيز اننا نتجوز اربع مرات
عند غنى وبيجاد
- بيجاد الكل بيرقص تعالى نرقص زيهم
تحرك عندما استمع لرنين هاتفه
- حبيبي اهدي مستني مكالمة مهمة.

ضربت قدمها بالأرض. ثم لمحت مالك يجلس يصافح هاتفه. اتجهت اليه
- مالك أنا زهقانة ماتيجي ترقص معايا
وضع هاتفه على الطاولة
- نعم ياختي عايزة بيجاد يبيتني في المستشفى
زفرت ثم رفعت بصرها لتقى وتحدثت بخبث
-طيب افتكر أنا طلبت منك وأنت رفضت
سحب نفسا ثم طرده ونهض يبسط يديه أمامها
- تعالي وامري لله. ربنا يرحمك يامالك كنت اجدع شاب بالعيلة وأفشلها.

قهقهت عليه ثم تحركت متجهة لحلبة الرقص، انهى بيجاد مكالمته واتجه بيحث عنها بعينيه وجدها ترقص مع مالك. أشعلت النيران بأوردته وأحرقت صدره عندما وجد اخيه يضم خصرها وينظر لعيناها يحادثها وهي تبتسم بسعادة وكأن حديثه راق لها
اتجه سريعا إليها. وقف بجوارهما وهو يكز على شفتيه حتى لا يلكم اخيه ويسقط صف اسنانه البيضاء التي تظهر للجميع
جذبها بهدوء يحاوط خصرها ورسم ابتسامة أمام الجميع.

- حبيبي اللي بيكسر كلام جوزه. انتظري عقاب جوزك ياحبي
عند ربى وعز
جلس عز يحاوطها بذراعيه وهو يشاهد الجميع بساحة الرقص. دنى منها
- روبي مالك حبيبي. مزاجك مش حلو ليه
مسحت على وجهها وهي تنظر لجنى بحزن
- مش ملاحظ حالة جنى وجواد. حاسة الموضوع كبير أوي لدرجة أن جواد بعيد عنها حتى مش مدلها أهتمام خالص
زفر عز وهو يمسح على وجهه
- جنى تعباني أنا شخصيا. مش عارف هي عايزة ايه بالظبط.

ربتت على كفيه وتحدثت: - قرب منها ياعز بجد أنا حزينة عليها. مفيش غير الدموع بعينها
بعد قليل انتهت حفلة الزفاف وتحرك العروسين لقضاء شهر العسل بعد توديع الأهل لهما
دلفت غزل سريعا لمرحاضها عندما شعرت بشيئا يتساقط من بين ساقيها
جلست تمسك احشائها تبكي من شدة ألمها
أمسكت هاتفها وحاولت مهاتفة طبيبتها
- ايوة ياعفاف. ألحقيني بسرعة. بطني بتوجعني أوي وشكل البيبي نزل. تعالي اتصرفي حاسة بروحي بتنسحب مني.

توقف على باب المرحاض مذهولا مما استمع إليه. دفع الباب ودلف للداخل. جحظت عيناه وهو يجدها تجلس بأرضية المرحاض وتبكي من شدة آلالامها.
ليس الحبيب بجمال حديثه في الهوي بل هو من حين تألمنا داوي واحتوي
ليتنا يا زوجتي حبيبان في صورة حتى لا تُسرق عيناكِ بعيدًا عني.

وصل العروسين إلى المطار. كان بيجاد بإنتظارهم هو وزوجته. اتجه إليهم وانهى المطلوب بالمطار متجهين للطائرة الخاصة التي ستقتلع بهما حيث وجهتهم لقضاء شهر عسلهما
جلست غنى بالأمام مع زوجها
وبالخلف جلس العروسين. دنت غنى من بيجاد وهمست إليه: - عارف لو حصل حاجة لبيبي هعمل فيك إيه
جذبها من عنقها وطبع قبلة سريعة بجانب شفتيها واجابها.

- متخافيش ياعمري. هو مش إنتِ كنتِ موجودة وسمعت الدكتورة قالت إيه. يعني كل حاجة تمام. واتكلمنا كتير ياغنى لو ربنا أراد يجي هيجي.
تذكرت قبل قليل قبل إنتهاء حفل الزفاف بدقائق. سحبها من يديها واستقل سيارته
- بيجاد هنروح فين
- فيه مشوار كنت مأجله لكن جه الوقت اللي لازم اطمنك وأطمن قلبي حبيبتي
قطبت حاجبيها
- مش فاهمة يابيجاد قصدك
هز رأسه وتحدث
- اهدي ياحبي شوية وهنوصل، بعد قليل وصل امام عيادة الطبيبة النسائية.

دلفت للطبيبة وهي تتشابك بيديه. ابتسمت بسعادة وأردفت
-حبيبي جايبنا نطمن على البيبي
حاوط اكتافها وهو يشير للممرضة وتحدث
- قولي للدكتور بيجاد المنشاوي برة
توقفت غنى امامه وأردفت متسائلة
- ينفع كدا يابيجاد. تجيب الدكتورة في الوقت دا يامفتري
ضم وجهها وتحدث.

- طيب أعمل ايه ياحبي عايز اطمن عليكِ. بابا عملي مفاجأة النهاردة. بطيارة تاخد العقل. وطلب مني أسافر بالعرسان وطبعا قلبي مش مطوعني أسيبك لوحدك. وكمان العيال دول يشهيصوا وأحنا لا
لكزته وتحرتك للداخل بعدما سمحت الممرضة
تسطحت على الفراش الخاص بالكشف. ساعدها بيجاد في النوم. نهضت الطبيبة وقامت بفحصها
ابتسمت الطبيبة واردفت
- الحمدلله كل حاجه تمام. وداخلنا في الرابع مدام غنى.

نظرت بعيونها السعيدة لزوجها الذي يحتضن كفيها بيديه. فتحدثت الطبيبة
- عايزين تعرفوا نوع الجنين قالتها عندما قامت بتشغيل نبضات قلبه التي أصمت اذانهم
وقف بيجاد ينظر لصورة ولده ودموعه انسدلت على خديه، دموع الفرحة. ضغط على كف غنى وهو يبتسم عندما وجد حركاته بداخل بطنها. فنظر للطبيبة وتسائل
- هو ولد ولا بنت
أطفأت الطبيبة الجهاز ونظرت إليهما
- ولد ان شاء الله هتسموه ايه
امال لزوجته وقبل جبينها وأردف.

- مامته اللي هتسميه
خرجت من شرودها عندما رفع ذقنها يلمس وجنتيها بأبهامه
- فكري في الأجازة اللي هنعملها. يرضيكي يعني اوس وجاسر يقضو شهر عسل وأنا لا. طيب والله انا مستعجل اكتر منهم. وعايز اعمله هنا في الطيارة
قالها غامزا بطرف عينيه
لكزته بجنبه ونظرت خلفها على اخوتها
- احترم نفسك يابيجاد. احنا مش لوحدنا. ممكن حد يدخل علينا. لو ملمتش نفسك هروح اقعد معاهم
جذبها من خصرها حتى قربها إليه.

- نامي هنا في حضني لحد مانوصل. اصل شوشو عامل الغلط معايا. وانتِ عارفة ياحبي اموت في الغلط
نظرت حولها في الطائرة
مقولتليش إيه موضوع الطيارة دي
قام بتحريك مشغل الطائرة لأقلاعها. ثم اتجه بنظره وأجابها
- ريو باشا بيغريني علشان استلم شغل المجموعات دا. وأنا ماليش فيه. انا عامل زي الطائر مبحبش أقعد في مكان
امسكت كفيه وضمته
- حبيبي مش إنت وعدتني انك هتعمل شركة سياحة ليه رجعت في كلامات.

زفر بحزنا ينظر لعيناها واردف
- هعمل كدا أكيد لكن مش دلوقتي. أطمن عليكِ الأول وتولدي. وبعدها ربك يسهل
رفعت كفيها على وجنتيه وأردفت بصوتا مفعم بحبه وحده
- باباك اولى بيك يابيجاد. حرام تسيبه وتعمل نفسك وهو محتاجك. هو مكنش بيربي ويتعب علشان في الأخر كل واحد يمشي على كيفه. اقتربت وهمست اليه
- علشان وقت ماتحتاج لأبنك تلاقيه. اللي هتعمله هتلاقيه حبيبي.

ماكان منه إلا ان يلتقط ثغرها المغري امامه بقوة، بالخلف خرجت المضيفة التي تعمل بالطائرة. بقالب من الكيك يخص إحتفالهم
ابتسمت اليهم
- دي هدية مننا للعروسين الحلوين. نتمنى السعادة. ورحلة موفقة بإذن الله
وقف عز وجاسر يتناولون منها الكعكة الخاصة بهما. ثم جلس كلا منهما لزوجته
رفع جاسر حجاب زوجته وازاله بالكامل. مع ترك حجاب خفيف يغطي خصلاتها فقط. ضم وجهها بين راحتيه.

- خدي راحتك حبيبتي. لو عايزة تفكي الحجاب كله. فكيه. متخافيش اوس عمره ماهيدخل هنا
قامت بإزالة حجابها بالكامل. فانسدلت خصلاتها الشقراء المموجة بعشوائية على وجهه وظهرها ولكن تشابكت بسحاب فستانها
- جاسر شوفها كدا شبكت بالسوستة
حمحم جاسر وهرب ببصره للبعيد عندما وجدها كالفتنة التي تغزو دواخله. فاشتعل جسده، حاول الهروب من تلك المشاعر التي بدأت تضاربه
بسط اصابعه وأزالها ثم نهض سريعا متجها لبيجاد بالأمام.

عند اوس وياسمينا
كانت تغفو فوق كتفه وهو يحاوطها بذراعيه ود لو يدخلها بالكامل داخل صدره. نظر لعيناها المنغلقة فابتسم بخفوت عندما تخيلها بعد ماسيفعله بها
لمس بإبهامه وجنتيها ثم دنى يقبلها عندما شعر بملمسها تحت اصبعه
رمشت بأهدابها الكثيفة. ثم رفعت نظرها لعيناه وهي مازالت نائمة على كتفه
- بتتفرد بيا وأنا نايمة ياباشمهندس
اطلق ضحكة خافتة ثم امال برأسه والتقط ثغرها.

- حبيبي انا لو عايز انفرد صدقيني مش هتفضلي نايمة مرتاحة كدا
لكزته بكتفه وابتسمت قائلة: - بس بقى قولتلك بلاش قلة ادبك دي
اعتدلت بجلستها. مد يديها ومرر اصبعه على شفتيها
- الحمدلله الروج ثابت مش بيتمسح كنا زمانا اتفضحنا
وضعت رأسها بصدره وحاوطت خصره بذراعيها
- ربنا يخليك ليا ياأوس يارب ويرزقنا بالسعادة
طبع قبلة فوق خصلاتها
- ويبارك لي فيك ياحبيبة أوس.

عند جنى وعز
خرج عز وجنى بعد حفل الزفاف يجلسون على شاطئ النيل. حاوطها عز بذراعيه وضم رأسها لحضنه
- ايه اللي حصل ياجنى. شايفك طول الفرح ودموعك محبوسة في عينيكِ ياقلبي.
رفع ذقتها بإبهامه ونظر داخل مقلتيها وتحدث بإبانة: - عارفة لو مش عارف أصل علاقتك بجاسر. كنت قولت إنك بتحبيه. نظراتك النهارده بتقولي حاجات كتيره. أوعي تخيبي نظرتي فيكِ.

نزلت برأسها وضمته بقوة وهي تبكي بنشيج وتشهق بشهقات مرتفعة مما جعلها تضع كفيها على فمها
كور قبضته ضاغطا عليها حتى ابيضت مفاصله من شدة المه مما توصل من بكائها
تلعثم بالحديث وخرجت الحروف من بين شفتيه غير منسقة وكأن احدهم القاه بحجرا ثقيلا فوق راسه. أغمض جفنيه بألما واعدل وضعية جلوسها. يضم وجهها بين كفيه وتحدث بصوتا متحشرج حزين مانعا بكائه
- اوعي يكون فهمت صح ياجنى. أوعي. قالها وهو يمسح على وجهه بعنف.

شهقة خرجت من فمها وهي تضع يديها على وجهها. هز رأسه رافضا ما وصل لعقله
- مستحيل ياجنى اللي فهمته مستحيل إزاي بتحبي جاسر ومن اسبوعين بس كنتِ زعلانة على جواد. دا اسمه هبل
اوقفها وبدأ يهزها بعنف
- بتعيطي ليه. قوليلي اني غبي ومبفهمش: ظلت تبكي بنشيج وشهقات نزلت على صدره تحرقه
ضم رأسها لحضنه وهو يردد
- ياربي اعمل إيه. ياربي ساعدني
جلس وأجلسها بمقابلته يحتوي وجهها ثم اردف بهدوء رغم نيرانه التي تحترق داخله.

- جنى بصيلي حبيبتي واحكيلي انتِ حاسة بإيه. يعني لما بتشوفي جاسر ولما بتشوفي جواد. بيكون احساسك إيه
نظرت بعيناها الباكية وأردفت
- عايزة أروح ياعز. لو بتحبني صحيح روحني. أنا تعبانة وعايزة أرتاح
سحب كما من الهواء عندما شعر بتألم رئتيه ثم زفره مرة واحدة ونهض يحتوي كفيها متجها للسيارة
استقلت السيارة بجواره وعاد لمنزله وأفكاره الذي اوقعت به بغيبات الجب
عند جواد وغزل.

دفع باب المرحاض. لحظة ذهول ادت إلى تصنم جسده مما رآه. لحظات فقط كفيلة إنها تؤدي إلى توقف قلبه. عندما رآها تبكي بشدة وتمسك بطنها وجسدها يغمره العرق. صاعقة ضربت عقله عن التفكير عندما وجد الدماء بين ساقيها
اسرع إليها وكأنه فقد النطق للحظات
رفعها بين يديه
- غزل حبيبتي مالك. إيه اللي حصل. ايه الدم دا
رفعت وجهها الشاحب إليه وامسكت كفيه بكفيها المرتعش
- جواد وديني المستشفى. هموت.

هز رأسه سريعا وحملها بين ذراعيه ورغم انتفاضة جسده إلا انه هرول لسيارته وكأنه جندي يسارع عدوه
ازدرد ريقه بصعوبة يستجمع الكلمات التي جفت على طرف لسانه عندما وجدها اغمضت عيناها
ضمها لأحضانه وكأنه يستمد القوة منها. رآه حازم الذي كان عائدا مع ابنه من الخارج. اسرع حازم عندما وجده بتلك الهيئة
توقف أمامه ينظر لغزل التي كأنها مغشيا عليها بين يديه
- فيه إيه ياجواد. غزل مالها.

- افتح عربيتي بسرعة ياحازم ولم يكمل حديثه عندما وجد جواد متحركا بسيارته متجها إليه
وضعها بهدوء بالمقعد الخلفي وجلس بجوارها يضمها لأحضانه
- بسرعة ياجواد. خمس دقايق تكون بالمستشفى. اتصرف.
أومأ رأسه بالموافقة. وقاد سيارته بسرعة جنونية متخذا طريقا واحدا لمستشفى الألفي
ملس على وجهها وهو ينظر إليها بعينين مغروقتين بالدموع
- زوزو افتحي عيونك. ياله حبيبي متخوفنيش عليكِ.

رفعت كفيها بإنهاك وحاولت الحديث ولكنها لم تستطع. قابلت ناظراته المتألمة بنظراتها المتأسفة. همست بصوتا يكاد يسمع
- سامحني ياجواد
رفعها يضهما بقوة لصدره وكأنها ستفارقه
وتحدث قائلا: - مسامحك ياحبيبة جواد. المهم خليكِ مع جواد لحد مانوصل
وضعت كفيه تحت رأسها وانسدلت عبرة بجانب جفنيها
- جواد أنا حامل.
تنهد بألما فهو قد أستمع لحديثها ورغم ذلك أرتجفت أوصاله من الخوف وابتلع ريقه بصعوبة وأردف.

- عرفت ياحبيبة جواد. متخافيش هنوصل المستشفى وهنطمن
بعد قليل وصل للمستشفى
دلف سريعا لغرفة الكشف عند الطبيبة التي هاتفها وهو بالسيارة
جلس بالخارج ونيران مستعيرة تحرق صدره ودقات عنيفة تكاد توقف نبض قلبه من الخوف عليها. ظل يزرع الردهة ذهابا وأيابا يتضرع للرحمن الرحيم ألا يصيبها مكروه
خرجت الممرضة تجرها على فراش متحرك خاص بالمرضى متجهة لغرفة العمليات.

رآها اسرع إليها كانت غائبة عن الوعي. لنقل كانت مخدرة لتجهيزها لعملية الأجهاض
توقف امام الطبيبة وهو يشير إليها
- ايه اللي بيحصل. تحركت من امامه هروبا من نظراته التي لو تقتل لقتلتها واردفت
- لو سمحت ياجواد. لو عايزني الحق مراتك لازم اعملها عملية اجهاض. لان الولد اجهض بالفعل، قالتها ثم تحركت سريعا لغرفة العمليات
عند نغم وريان.

وصلا الأسكندرية متجهين لليخت. ترجل من السيارة ثم استدار لزوجته وانزلها بهدوء، وقفت تبتسم على زوجها المجنون
معقولة ياريان جبتنا اليخت في الجو دا. سحبها من كفيها وتحرك
- تعالي يانغمتي ماتخفيش هدفيكي
حاوطت ذراعيه وتحركت بهدوء بسبب ارتدائها لفستان طويل وحذاء بكعبا مرتفع
توقف فجأة ثم حملها بين يديه وهو يغمز إليها
- ايه هو احنا ماشين على قشر بيض ولا إيه. دا لما نوصل اليخت النهار هيطلع.

لكمته بصدره واضعة رأسها بأحضانه
- مش عايز تكبر ابدا. دا إنت جد
قهقهه عليها ثم غمز بطرف عينيه
- هتشوفي الجد دا هيعمل فيكي ايه دلوقتي. وصل لليخت وأنزلها بهدوء يمسح اليخت بعينيه ينظر للتجهيزات التي طلبها من أحد العاملين
حاوطت عنقه وتشبثت به ثم قالت بسعادة
- طول عمرك مابتنساش حاجة يابن المنشاوي
رفعها من خصرها حتى أصبحت بمستواه.

- تفتكري انا ممكن أنسى اي حاجة تخص نغمة حياتي. فاكرة ايه اللي حصل في اليخت دا طول السنين اللي فاتت
وضعت رأسها بصدره واجابته
- فاكرة كل لحظة مرينا بيها من خمسة وتلاتين سنة. خرجت تنظر لعيناه التي تشابكت بزيتونتها واكملت
- فاكرة كل كلمة وكل حركة وكل لمسة من حبيب عمري طول السنين دي
امال برأسه يضعها بعنقها يستنشق رائحتها وتحدث: - وأنا فاكر إزاي كل يوم بيعدي بحبك فيه أكتر من اللي قبله.

ظلا ينظرون لبعضهما حينما اتحدت قلوبهما فسحبها من كفيها متجها للطاولة المجهزة عليها المشروبات والمأكولات
واغاني ام كلثوم تصدح بالمكان
حاوط خصرها وسحبها ليرقص معها على أغنيته المفضلة
إنت عمري
عند ربى وعز
تجهزت ربى لزوجها فأصبحت كالعروس بليلة زفافها. دلف ناكسا رأسه وقلبه يؤلمه على اخته التي لم يعد يعرف ماذا تريد.

توقف ينظر للغرفة المجهزة والموسيقى الهادئة ورائحة العطور التي تملأ الجناح بأكمله. خطت إليه وهي تنظر لعيناه
قابلها بحركاته. نعم يريد أن ينسى همومه وجنيته الوحيدة القادرة على ذلك
وصلت أمامه وتسائلت
- جنى عاملة ايه ياحبيبي؟
نظر لشفتيها المطلية باللون الأحمر القاني ومنامة نومها التي باللون الأسود تظهر من جمال جسدها اكثر ماتخفيه. فلون منامتها مع بياض بشرتها اعطتها هالة من الجمال لا يمتلكها سواها وحدها.

جذبها بقوة حتى ارضطدمت بصدره العريض وأجابها
-جنى مين؟ هز رأسه عندما رفعت حاجبها وأردفت بسخرية
- عندى كام جنى ياعز
- اه اه افتكرت. جنى عظيمة. عظيمة خالص
ضغطت على قدميه بكعيها حتى تنتشله من حالة سكره
- عز اتلم وقولي جنى عاملة ايه
جذبها رافعا حاجبه بشبه ابتسامة وهو ينزل برأسه يدفن وجهه بعنقها ويقبلة
- ربنا يصبرني عليكِ ياروبي. قالها وهو على وضعه
اقشعر جسدها من أنفاسه على عنقها. حاولت السيطرة بوقفتها.

- عز همست بها ربى
رفع رأسه وتعلقت عيناه برماديتها
- قلبه وحياته كلها
- عايزة أجيب ولاد. كفاية كدا. إحنا داخلين على سنة. ومتقوليش باباكِ اللي طلب نأجل. انا عايزة حياتنا خاصة بينا. وأنا هتحمل تربيتهم وهاخد بالي من مذاكرتي. ضمت وجهه بين راحتيها
- حبيبي أنا بحبك اوي ونفسي يبقى عندنا أسرة.

اختلج صدره ضربات عنيفة من حديثها ود لو يحطمها بداخله. ضمها لأحضانه وهو يغمض عينيه متلذذا بقربها الضاني وعشقها اللامحدود إليه
همس بجوار اذنها
-تعرفي هموت وأجيب منك عيال. نفسي في بنوتة زيك ونسميها قمر علشان واثق هتكون قمر زي مامتها
خرج ينظر لعيناها المنغلقه. ياالله ماابدع خلقك بجمال زوجتي. هذا مااردف به لنفسه.

رفع كفيها يتخلل خصلاتها ويبعثرها بفوضيه وهو حاضن خصتيها بشفتيه. قبلة أطاحت بكلا منهما ليدخل بها لعالمه وحده. عالم ساحر مزين بعشقهما وضربات قلوبهما وهمساته الخاصة بها وحدها
بعد فترة استند بظهره على الفراش والسعادة تحتل كيانه بالكامل بعد قضاء ليلة من أجمل لياليه مع جنيته الصغيرة. ليلة كان هو الأستاذ ليعلمها من فنون العشق مايجعلها تعشقه حد الجنون.

نظر إليها وهي غافية تتوسد صدره. وضع ابهمامه مماشعر بملمسهما الناعم الذي جعله يطالب بالكثير والكثير
عند بيجاد وغنى
وصل لأحدى الجزر بأيطاليا وتعد جزيرة كابري الواقعة على ساحل أمالفي في إيطاليا واحدة من أجمل الجزر في العالم، وواحدة من الجزر السياحية المثيرة بشدة للإعجاب، هبطت الطائرة بمكانها المخصص واتجهو لأماكنهم حيث حجز واحدا بهما شاليه قريب في جزيرة كابري.

وقف بيجاد أمامهم. طبعا كل واحد هيروح الشاليه بتاعه. مش عايز أشوف وش حد فيكم إلا بعد تلاتين يوم بالظبط
توقف ينظر اليهم وتحدث
علي فكرة الجزيرة دي حلوة
فيه مكان حلو اوي اسمه الكف الأزرق.
لو عايزين يعني تتجولوا الكهف دا عبارة عن كهف بحري يتوهج فيه ضوء الشمس لينعكس جواه لوناً أزرق خلاب، بيجيله المحليون والسائحون على متن قوارب صغيرة.

وبها جبل مونتي سولارو بالتلفريك علشان تشوفوا جمال جزيرة كابري من فوق خاصة وقت شروق الشمس بيخطف الأنظار، وفيه حدائق أغسطس المتوجة بالورود الحمراء المبهرة.
وممكن في اخر عسلكم ممكن أن تذهبوا إلى ساحة أومبيرتو الأول لتناولوا أشهى المأكولات الإيطالية والتجول بين الأسواق والمحلات التجارية.
تمام. تمام. جود لك. قالها وهو يسحب غنى التي تودع اخوانها بعينيها.

- الواد دا تنك وبارد اوي بيحسسنا انه مرشد سياحي. قالها جاسر بسخرية
اطلق اوس ضحكة خافتة ناظرا لياسمينا
- ايه مش هنرتاح ولا ايه
اتجه كلا منهما لمركب تنقله لمكانه المخصص حيث يقع الشاليه بمكانا بعيدا عن الشاطئ. مكانا يتوسطه المياة كالجزيرة
وصل جاسر ودلف بعدما سم الله وبدأ يتلوا آيات من الذكر الحكيم.

رفع بصره لفيروز. ادخلي حبيبتي هنتعرف على المكان مع بعض. أمسك كفيها وهو يتنقل بين الغرف. كان يحتوي على غرفتين. غرفة بالأسفل بحماما ومطبخ
وغرفة بالأعلى يتوسطها فراش دائري وبداخله حماما صغيرا
حمل حقائبهما متجها لغرفتهما بالاعلى
رفع بصره لفيروز التي تقف تفرك يديها
- غيري حبيبي علشان نصلي جماعة. خدي راحتك وأنا هنزل تحت.

أومأت برأسها متجهة لمرحاضها. خلعت فستانها وخرجت بعد دقائق معدودة. متجهة للأسفل مردتية إسادلها تبحث عنه وجدته واقفًا ينظر للبحر وصورة بكاء جنى ترواده. أطبق على جفنيه وهمسها بأحضانه
أنا بحبه اوي ياجاسر
ضغط بكفيه على الكوب حتى تهشم بكفيه، وتنهيدة حارقة ألهبت جوفه
-ياله ياجاسر لازم تأسس حياتك، اياك تبكي على حاجة مش من نصيبك، فوق مراتك معاك، اكيد هتلاقي حبك عندها.

فاق على صوتها: -جاسر. استدار ينظر إليها قليلا، ثم اقسم بداخله
-اهلا بحياتي الجديدة. قالها وتحرك متجهًا إليها
تحرك ليقيما اول شيئا بحياتهما وهو اللجوء للرحمن الرحيم.
بعد قليل انتهى من صلاتهما. جلس على السجادة بمقابلتها ورفع ذقنها يتلو دعاء الزواج.

- فيروز قبل مانبدأ حياتنا عايزك توعديني إنك دايما تثقي في حبي لك. واوعي في يوم تبعدي عني. حتى لو جيت في يوم عليكِ وأنا صدقيني هحاول أرضي ربنا فيكي واتأكدي أنا بحبك وعمري ماهزعلك.
سحب نفسا ونظر لفيروزتها وأكمل
- حياتنا متخرجش لبرة حتى لو لأمي نفسها. تعبتي ترجعي لحضني وأنا هدوايكي. زعلتي ترجعي لحضني برضو وأنا هراضيك.

اومأت برأسها دون حديث. نهض واقفا. محاولا السيطرة على مشاعره من برائتها التي زادت بإرتدائها اسدالها
انحنى يحملها متجها لغرفتهما بلأعلى ودقات قلبه تتسارع قبل خطواته، ضغط على قلبه ليصفعه ويؤكد له أن حبيبته بين يديه
دلف للداخل وأنزلها بهدوء كقطعة أثرية يخاف عليها من الخدش.

ضم وجهها بين كفيه ينظر لفيروتها
- تعرفي بحبك أد إيه. هزت رأسها بالموافقة. أمال بجسده يهمس بجوار أذنها
- لا بلاش الصم والبكم النهاردة. النهاردة هنسطر أول حرف في ملحمة عشقنا. رفع رأسه يحاوطها بنظراته. تعرفي يعني إيه عشق الجاسر. قالها وهو ينظر لشفتيها المهتزة المغرية التي تشبه حبة التوت ولأول مرة يحتضنها بشفتيه.

قبلة أعادت دقاتها التي تصخب بصدرها. شعرت بدوار يضرب جسدها من قبلته الهالكة التي جعلت جسدها كالهلام. كان يعزف لحنا على شفتيها لتخبرها أنها عشقه وليس سواها. فحبها تغلغل لكيانه وبعثره بالكامل.

لم تشعر بنفسها إلا وهي ترفع ذراعيها وتحاوط عنقه، تحركت يديه يزيل عنها إسدالها رافعا نظره لمنامتها التي باللون الأبيض تخصص لتلك الليالي. رسم ابتسامة عاشقة. ورفع عيناه. فانتقل بيديه يعزف بأصابعه على جسدها لتصبح بعد ذلك تحت وطأة عشقه. فادخلها بمهارة المايسترو لعالم ساحر وجديدا عليها استحوز عليها كاملا فتحولت من حبيبة عاشقة لزوجة متيمة بعدما انهى ملحمة عشقه الأول لتصبح زوجته قولا وفعلا.

عند اوس وياسمينا
توقفت على باب المرحاض وهي تناديه
- اوس. تعالى ساعديني مش عارف اخلع الفستان. ابتسامة لاعوب ظهرت على وجهه وهو يتجه إليها
- عارف ياحبيتي انك مش هتعرفي تخليعه لوحدك، هو انا غبي لدرجادي
نظرت إليه غاضبة ولكمته بمعدته
- يعني بتعترف جايبلي فستان معقد علشان حضرتك تتلاعب بيا
جذبها لأحضانه وهمس لها
- لا علشان اسجل بقلبي وعيوني أول حاجة أشوفها من مراتي
انزلت ببصرها خجلا من تلميحاته.

- لو سمحت ياأوس. بلاش كلامك دا. ممكن تساعدني بقى
أدار جسدها فحالتها لم تقودها للجدال
فك زر فستانها ببطئ وأنامله تتلامس ظهرها أغمضت عيناها تحاول السيطرة على ملمس أنامله على جسدها حينما أشعرها بماس كهربي يسري بعمودها الفقري
انهى أخر زر وهي تتماسك بفستانها بكل قوتها حتى لا يسقط وتصبح عارية أمانه
هرولت بساقين هلامتين للمرحاض ودقات قلبها تتقاذف بقوة.

مسح على وجهه واتجه لمرحاضه عله يطفئ لهيبه الذي اشعلته تلك الجنية
وصلت ياسمينا بعد قليل وهي ترتدي اسدالها وأقاما صلاتهما بخشوع تاما وبعد انتهائهما. نهض أوس ثم انحنى وحملها دون حديثا متجها لغرفتهما
وصل لغرفتهما وأنزلها بهدوء ومازال محاوط جسدها ينظر لعيناها المهلكة ثم أردف دعائه
ابتسامة جذابه خرجت من بين شفتيه وهو ينظر لعيناها المنغلقة وشفتيها المرتجفة وحمرة وجنتيها. دنى يهمس اليها.

- افتحي عينك ياسمنتي. خايف اكلك بقطمة واحدة. فحاولي تدافعي عن نفسك ياقلبي
اهتز جسدها بالكامل بين يديه وهربت بعينيها التي ظهر الخوف عليهما وتحجرت الدموع بهما
ضمها بحنان عندما وجدها بتلك الحالة وهو يردف
- بهزر حبيبتي. أهدي ياعمري
رفعت رأسها تنظر إليه
- أوس احلف مش هتخوفني. ضمها رافعها من خصرها متجها للفراش. جلس وأجلسها بأحضانه يربت على ظهرها
- خايفة من حبيبك ياياسمينا. قالها عندما
وجد نظرات الخوف بعينيها.

ضمت نفسها لأحضانه وهي تهز رأسها بالرفض
- لا ياحبيبي. انا بحبك أوي أوي. لكن معرفش خايفة ليه. جلس يمسد على خصلاتها ويداعبها بكلماته العاشقة واصابعه التي كانت تتحرك بحرية تامة ناسية خوفها منه حينما امتعها بكلامه المعسول ولمساته المهلكة، وهاهنا روحه تصدر ألحانا وقلبه يعزف ترانيمه عندما اوصلها لمرحلة هو حبيبها عشقها متيم قلبها. هو وحده ومابعده لايجوز. لتصبح زوجته قولا وفعلا
عند غزل وجواد.

خرجت غزل من غرفة العمليات. متجه لغرفتها. جلس جواد بجوارها على الفراش يضمها لصدره برعاية تامة. وعبراته تنذرف بقوة كأنها ذهبت للموت
انحنى يطبع قبلة على وجنتيها
- كدا ياغزل. هان عليكِ حبيبك توجعي قلبه عليكي كدا. طيب انا مش قادر اتنفس وأنا شايفك كدا. افتحي عيونك الجميلة دي علشان روحي ترجعلي. روحي هربت مني ياغزل.

قالها وهو يضمها بقوة لصدره. استمع لطرقات على باب الغرفة. ادخل قالها بصوتا متقطع فهو طلب من الممرضة عدم دخول احدا للغرفة سوى الطبيبة فقط
دلفت الممرضة تفحصها ثم تحدثت
- فيه واحدة أسمها مليكة وحازم برة. جم من فترة لكن رفضت أدخلهم بناء على تعليمات حضرتك
اتجه بنظره للتي تسكن روحه قبل احضانه
وتحدث
- خليهم يدخلوا. دلفا كلا من مليكة التي أسرعت تجلس بجوار أخيها تسأله بلهفة.

- مال غزل ياجواد. جواد وحازم قالولي عملت عملية
قلبه بدأ يصفعه بقوة على ماصار لها دون علمه. نظر إليها وتحدث
- كانت حامل وسقطت يامليكة. بس تعبت اوي
وضعت كفيها على فمها من هول مااستمعت له. اغمض عيناه بألما ظننا منه أنها تعرف. إنت مكنتش تعرف ياجواد ولا ايه. عمرك ماخبيت حاجة عني
زاغت عيناه وتنهد بحزن وهو يهز رأسه بالرفض
هزت رأسها متفهمه وضعه.

نهض بعدما وضعها على الفراش وأعدل من نومتها ثم نظر لأخته وتحدث بصوتا حزينا
- خلي بالك منها. هشوف الدكتورة وراجعلك
أومأت بالموافقة ثم تحرك مغادرا متجها لغرفة الطبيبة التي دفع بابها ودلف لداخل بعنفا وهو يناظرها بغضب.

جلس أمامها وملامحه مضجرة بحمرة الغضب والألم معا
- سامعك. قالها جواد بفتور
تطرقت عيناها ارضا من حالته وأردفت بهدوء
- قبل كل حاجة عايزة أعرفك. غزل عملت كدا علشان حالتك دي. فلو سمحت ممكن تهدى علشان نعرف نتكلم
توقف ينظر إليها ونيران جحيمه تخرج من عيناه. طاح بيديه كل ماقابله على سطح مكتبها وصاح بقهر
- اهدى. بعد اللي حصل اهدى. دا أنا امنتك على مراتي
دنى منها والقهر والوجع يخرج من عيناه
وضعت كفيها أمامها.

- جواد غزل عندها القلب. والبيبي نزل لوحده والله محدش ادخل. احمد ربنا انه نزل
هزة عنيفة أصابت جسده. ورجفة تسللت لقلبه ادت به لعدم اتزان وقوفه. فجلس عندما شعر بانهيار عالمه وكأن بساط الأرض انسحب من تحت قدميه ولم يشعر بسوى الحرمان الفقدان. نظر إليها بعينان زاغتين بكل الأتجاهات وهو يتمتم كالمعتوه
- انتِ مجنونة. شكلك مجنونة ولا غلطانة
اقتربت بخطواتها وسحبت كرسيا وجلست بمقابلته وتحدثت بإبانة.

- شوفت صدمتك عملت فيك إيه علشان كدا غزل خبت عليك. قالتلي مش حمل أشوف وجعي بعينه
نظر إليها بذهول وكأنها صدمته بحجرا ثقيلا لصدره فتحطم قلبه لأشلاء
وقف متخبطا وبلسان ثقيلا وشفتين مرتعشتين
- هي عاملة إيه دلوقتي. أهم حاجة الحمل دا أثر عليها ولا إيه
ربتت على كتفه وتحدثت
- هي كويسة صدقني وربنا رحيم بيكم. علشان كدا الولد نزل. هو اه بقاله شهرين ونص. لكن الحمد لله مفيش مضاعفات. نزل في الوقت المناسب.

خرج بساقين لم تقو على حملانه وشعور بضعف الدنيا يحتل كيانه. جلس بخارج الغرفة. يضع رأسه بين كفيه وعبراته غسلت وجنتيه كما تغسل الأمراض ذنوبنا
نهض بعد فترة متجها للغرفة. قابله حازم عندما لاحظ تأخره. نظر لحالته المبعثرة
وقف امامه
- جواد مالك ايه اللي حصل. غزل فيها حاجه
هز رأسه بالنفي
- لا هي كويسة. خد مراتك وروح علشان ربى متاخدش بالها وبلاش حد يعرف أكد على جواد. ولما تخلص المحلول هرجع بيها على طول.

هز رأسه بالموافقة عندما وجد حالته لا تسمح بالنقاش. دلف بقلبا يرتعش عندما وجدها تتسطح على الفراش لا حول لها ولا قوة. جثى بركبتيه أمامها. يدفن وجهه بصدره وبكى كأنه لم يبك من قبل
ظل يبكي إلى أن شعر دموعه جفت. رفعت كفيها الموصولة بالمحلول ووضعتها على خصلاتها تهمس بإسمه
- جواد رفع نظره إليها بعيناه الباكية
أجابها بهمسا: - روح جواد وحياته ياغزالة قلبي. مسحت وجهها بكفيه ثم تحدثت بوهن.

- زعلان علشان ابنك. زعلان إني خبيت عليك. آسفة محبتش أعلقك وأنا عارفة إن الحمل في السن دا بيكون خطر ومبيكملش
سامح غزالتك ياروح غزالتك
ضم وجهها بين كفيه وهمس إليها
- تعرفي قلبي مش مطوعني إني أعاقبك على كدا. قلبي وجعني أوي يازوزو
وضعت كفيها محل نبض قلبه
- سلامة قلبك ياحبيب غزل. انزلقت دمعة غائرة على وجنتيه. أزالتها بإبهامها
- طيب ليه الدموع دي. كدا هتزعلني منك.

جذبها لأحضانه بقوة: - فداكي جواد وحياته كلها ياأول نبض لقلبي. فداكي حياتي كلها ياأجمل حاجة حصلت لي. افتكري دايما ياغزالتي أني مستعد أضحي بنفسي ولا أشوف نظرة حزن في عينك
نهض يحملها بين ذراعيه وهو ينظر لمقلتيها
- دلوقتي هنسافر لبعيد محدش يزعجنا أنا وانتِ وبس
لمست وجهه واردفت مبتسمة
- هحبك أكتر من كدا إيه.
سأبقيكِ سراً جميلاً بقلبي دائما. ستظلُّ تجمعُ صورتي وتلمُّها
‏وأنا انتثرتُ قصائداً وأغاني
‏وتظلُّ تبحثُ عن خيالٍ هاربٍ
‏شبحٍ يُشابهُني ولن تلقاني
‏في كلِّ ركنٍ قد تركتُ حكايةً
‏وزرعتُني عمداً بكلِّ مكانِ
‏لا شيءَ يُمكنُه إعادة ما مضى
‏أنا لن أعودَ وأنتَ لن تنساني.

عند غنى وبيجاد
بعد أسبوعين في إيطاليا. خرجا يتجولون بجزيرة كابري ويشاهدون المعالم السياحية التي تميز تلك الجزيرة
دلفا ليتناولون الطعام، جلست بجواره وبدأ يطعمها من الطعام اللذيذ الذي يشتهر به هذا المكان. امسكت بكفيه تضعها على أحشائها وهي تبتسم بسعادة
- حاسس بيه حبيبي. تشابكت نظراتهما ببعضهما. هي بلمعة عيناها من السعادة. وهو بعيناه المحجرة بالدموع
أمسك كفيها الذي تتشبث به وقبله.

- حاسس بيه ياحبيبة بيجاد. بيحتفل معانا. شوفتي الولد شقي إزاي مش مبطل حركات. قالها وهو يطلق ضحكات صاخبة
التفتت بنظراتها حولهما. ثم رفعت رأسها تقبلة قبلة سريعة على شفتيه وغمزت بطرف عيناها
- شقي زي باباه، ضمها لأحضانه يقبل رأسها
- اوعي تفكري أن الناس ممكن تحوشني عنك. ميهمنيش أي حد. فلمي نفسك ياشقية بيجاد.

قهقهت عندما علم بما كانت تنويه. وضعت رأسها على كتفه وتحدثت: - بيجاد ماما وبابا وربى وحشوني أوي. ماتيجي نرجع مصر. وبعدين ترجع لهم لما يخلصوا عسلهم
جذبها وأجلسها بين أحضانه وضمها بذراعيه وهو يهمس إليها
- مش هنرجع غير معاهم. عايز أجمع لحظات كتير مع مراتي وأدونها بذاكرتي وقلبي علشان لما ولادنا يجوا يبقى احكيلهم عن اللحظات دي
رفعت رأسها وهي بأحضانه تنظر لعيناه فكان وجهه قريبا منها.

- ولادنا! عايز ولاد كتير يابيجاد
رفع يديها وقبلها: - مش موضوع كتير عايز ولاد يكونوا سند لما نكبر بس. مش رسولنا قال تزاوجو تناسلوا. دا اللي اقصده ياحبي
عند جاسر وفيروز
استيقظت من نومها وجدت نفسها محاصرة بجسده. تتوسد ذراعيه القويتين
ظلت تنظر لملامحه التي خطفت قلبها وتذكرت ذلك اليوم
فلاش باك
وصلت في المكان الذي قالت عليه حياة. ظلت تنتظرها لفترة ليست بالقليلة.

رفعت هاتفها وقامت الأتصال بها. أجابت حياة بزفرة خافتة
- أيوة يافيروز. آسفة نسيت خالص. المهم أنا رجعت لجوزي بعد حفلة امبارح. ومينفعش تيجي عندي خالص حاليا ولا حد يعرف علاقتنا ببعض.
شهقة خرجت من فيروز مع دمعة من عينيها
- اتخليتِ عني ياحياة. أنا هربت عارفة دا معناه ايه. زمان عمي قالب الدنيا عليا.

توقفت حياة تنظر لباسم بالحديقة وأجابتها: - فيه شخص واحد اللي يقدر يساعدك ومحدش هيعرف مكانك. بس إزاي دا اللي مش عارفة أوصله. حقيقي أنا آسفة يافيروز رجوعي لباسم شقلب كل مخطاطتي
بدأت فيروز تنظر حولها بضياع وعبراتها تنسدل بقوة عبر وجنتيها. على الجانب الأخر استمعت حياة لحديثه مع جاسر
- بتقولي رايح شقة الرحاب ليه يلا ليكون عامل غرزة هناك. زفر جاسر واجابه.

- بسوم عايز ارتاح شوية من زن عيال الألفي. البيت حريقة بسبب عز وجواد. وأنا ماليش في السهوكة بتاعة الحب دي
المهم أنا هروح هناك، سلام
قاطعه باسم وتسائل، طيب ياسين لسة مكلمني وبيقول بابك عازمنا على العشا وأنا عايز أهرب
توقف جاسر وتسائل: - هو ياسين مش في الكلية. رجع امتى. شكلك واخد ولاد جواد كلهم يابسوم.

قهقه باسم وأجابه: - يابني لسة مكلمه أنا من شوية، وقالي هخرج بعد نص ساعة كدا. فبما انك اخ كبير على الفاضي فأنا قومت بالمهمة
اتجهت حياة سريعا تردف لفيروز
هقولك تعملي إيه بالظبط يافيروز ومين هيوديكي للشخص دا. اسمعيني
بعد قليل. هاتفت حياة بعض الأشخاص المخلصين لها والأقرب من حياة والدها
- هبعتكم في مكان. هتمثلوا انكوا بتجروا ورا واحدة لحد مااقولكم ترجعوا.

ابتسمت فيروز وهي تنظر لجاسر النائم. ملكا بنومه. عاشق بإستياقظه. تذكرت ذلك اليوم
دلف بهيئته لشقته وجدها تجلس تسترجع دروسها. إقترب يجلس بمقابلتها وتحدث
- نقلت لك من الجامعة اللي كنتِ فيها. بعد كدا فيه واحد هيوديكي ويجيبك لحد مااشوف هعمل ايه في المصيبة اللي جابهالي ياسين فوق دماغي
انسدلت دمعة غائرة من عينيها فهتزت شفتيها تحدثه: - شكرا لحضرتك. عارفة اني تعبتك معايا. أنا عايزة منك خدمة أخيرة.

رفع نظره إليها. تلاقت عيناها الفيروزية لعيناه الرمادية لأول مرة منذ وجودها بشقته. أنزل نظره للأسفل سريعا هروبا من نظراتها، أما هي فشعرت بشيئا يدغدغ روحها. اتجهت مرة أخرى تنظر إليه وهمست وهو مازال نائما
- مكنتش أعرف النظرة دي هتوقعني في عشقك كدا. دنت من أنفاسه ودت لو فتح عينيه التي تعشقها حين ينظر إليها بنظراته الخاصة لها وحدها.

رفعت كفيها تضعها على وجنتيه ثم قبلته بهدوء. ونزعت نفسها بهدوء من بين أحضانه عندما شعرت بجوعها. فمنذ أمس وهي لم تأكل شيئا
اتجهت تقوم بتجهيز طعامهما. نظرت بساعتها وحدثت حالتها
- تمن ساعات وأحنا نايمين. وجدت نفسها كالطائرة بين يديه القويتين وهو يقهقه عليها
- نمنا علشان حبنا مشبعنا. وأحضانا مدفيانا. ضحكت عليه وغنت بصوتها
والحب ومادفينا. انا جعانة ياحبيبي. قال حبيبي
وضعها على رخامة المطبخ غامزا إليها.

يحاوطها بذراعيه مردفا وهو يداعب انفها
- والله الحب مش مشبعنا. طيب هتفطرينا بإيه ياروح حبيبك
وضعت الجبن والزيتون والبيض والقشطة والشيكولاته والمربى بجميع انواعها واللانشون وهي تشير بعينيها
- دول ياحبيبي. اختار ياله ولا عندك مانع
نظر لعيناها غامزًا: - أنا عايز افطر عايزة حاجة تانية
هزت ساقيها وهي ترفض حديثه.

- جاسر أنا جعانة وهموت من الجوع. بليز حبيبي اقعد نفطر. مش كفاية محبوسين بقالنا أسبوعين هنا في الشاليه مفيش غير النوم
رفع حاجبه بسخرية مردفا: - كذابة ياروح جاسر خرجنا تلات تيام واتفسحنا. ضحكت بقوة وهي تعانق رقبته
- العشر دقايق دول بتسميها فسحة ياحبيبي
حملها متجها للطاولة
- اقعدي نفطر. بدل ماافطر عليكِ مغريتي
نظر للقشطة التي تضعها على التوست تتذوقها وتلتهمها ببطئ. رفع اصبعه يمسح شفتيها وغمز.

- هو ينفع القشطة ياكل قشطة. احمدي ربنا اني مبحبهاش صدقيني كنتِ زمانك قشطة في بوقي
طالعته بنظراتها ثم تسائلت
- يعني إيه. رفعها بين ذراعيه واجابها
- هعرفك دلوقتي انا بتعب من الكلام. فتشوفي بعنيكي. ايه الستات اللكاكة دي.

عند أوس وياسمينا
كانا يتجولان بين الجبال. يقومون بألتقاط الصور. مع مشاهدة الكف الأخضر الذي ذكره بيجاد. حملها أوس وهو يسرع بها عندما كانت تلتقط الصور
صفقت بيديها كالأطفال وهي تتحدث
- تصدق كدا أحسن. اهو طولت شوية وشوفت مساحات ابعد
انزلها يحاوطها بذراعيه.

- حبيبي اللي بيضايقني. رفعت ذراعيها وشبت تقبله قبلة سطحية على شفتيه مردفة: - مين اللي قال كدا ياروحي. بالعكس عايزة افهمك. بيك ياحبيبي بشوف الدنيا اكتر بكتير
ضمها لأحضانه ثم همس: - ياسمينة قلبي بقالنا ست ساعات بنتفسح. إيه مش كفاية كدا ونرجع نرتاح
أومأت برأسها ثم اشارت بيديها لأحدى المطاعم
- تعالى نشرب حاجة وبعد كدا نروح
ضم كفيها متجها للمطعم الذي اشارت اليه.
عند باسم وحياة.

جلسا أمام الطبيبة التي قامت بالكشف على حياة. وضعت الجهاز الخاص الذي يسمى السونار. وحركته ببطئ. ثم رفعت نظرها لحياة: - الأمور ممتازة مدام حياة. والحمد لله مفيش مشاكل لحد دلوقتي. لكن لازم نلتزم بالادوية المغذية من كالسيوم وحديد علشان الولد ينزل بصحة كويسة وكمان متتأثريش بيه
تسائل باسم وهو ينظر لتلك النقطة التي ظهرت على الشاشة
- بقاله أد ايه يادكتورة.

ابتسمت الطبيبة للنظرة اللهفة بعينيه ثم تحدثت: - شهرين ونص ياحضرة العقيد. يجي بالسلامة إن شاء الله
عند ياسين
جلس بكافيه يطل على النيل ينتظرها وأشواقه إليها تحرقه بالكامل. دلفت ليليان بخطواتها الهادئة التي خطفت قلبه
توقفت أمامه. نظر إليها بعينين عاشقتين وتحدث بلهفة: - اتاخرتي ليه. قلقت عليكِ
جلست وهي تبعد نظراتها عنه وتحدثت بصوت خفيض
- آسفة. كان فيه سكشن وأتأخرنا نص ساعة زيادة إنت عامل إيه.

ابتسم لخجلها ثم تحدث: - هو إنتِ مخصماني ولا إيه. هتفضلي تهربي بعينكِ بعيد عني
رفعت بصرها ونظرت كالطفلة
- ابدا والله. لكن أنا اتكلمت مع ماما قبل ماأجي وكانت زعلانة من مقابلتنا. وقالت أخر مرة اقابلك
ذُهل من حديثها. اقترب بمقعده ورفع ذقنها بإبهامه وتحدث بصوتا حزينا
- علشان كدا شايف الدموع دي بعينكِ.

رمشت بأهدابها فانزلقت عبراتها وأردفت بشفتين مرتجفتين: - أنا عمري ماخبيت حاجة عن ماما. هي زعلت أوي مني ياياسين. وغير إنك مينفعش تطلب مني نتقابل وأرفض
كور قبضته وشعر بحزن دفين وألما يمزق نياط قلبه من دموعها التي شعر بإحراقه
- طيب لو قولتلك معنتش هطلب منك نتقابل تاني. بطلي دموع لو سمحتِ متعرفيش دموعك بتعمل فيا إيه
نظرت إليه بذهول وتحدثت بحزن
- افهم من كدا إيه ياياسين. إن عادي مش هيفرق غيابي معاك.

توقفت تجمع أشيائها
- أنا اللي آستاهل إني جيت لك أصلا. نهض من مكانه ينظر إليها
- ليليان لو سمحتِ متفهمنيش غلط. أنا أصلا مكنتش راضي على مقابلاتنا دي
ترقرق الدمع بعيناها وشعرت بغصة تمنع عنها الحديث. فنظرت إليه بوجع
- شكرا ياحضرة الظابط. قالتها وتحركت سريعا من أمامه
اسرع خلفها ثم جذبها من معصمها وصاح بغضب مما أدى إلى نظرات الموجودين بالمكان إليهما.

- اقعدي متخلنيش اتصرف معاكي تصرف غبي. قالها عندما اقترب يهمس إليها وينظر حوله.
رفعت عيناه إليه فاصطدمت بوجهه القريب ونظراته الحنونة التي خدرتها بالكامل. مما اهتز جسدها فتراجعت للخلف خطوة ثم حمحمت
- عايز مني إيه؟
سحبها من رسغها متجها للطاولة
- تعالي نتكلم ياليليان شوية وبعد كدا امشي
تحركت متجهة للطاولة بعدما نزعت يديها من كفيه وجلست أمامه.

اختلج صدره ضربات عنيفة تصدر من قلبه الذي يدق بشدة من دموعها التي نزلت على صدره كقطع زجاج تشحذ جسده
وضع يديه على الطاولة وتعلقت عيناه بها
- ممكن تبطلي عياط. هقولك حاجة وبعد كدا أمشي
مسحت دموعها براحتيها محاولة تهدئة نبضات قلبها التي تدق بصدرها بعنف من رائحة عطره التي تسللت لرئتيها.
- ليليان. قالها بصوته الدافئ. ممكن تبصيلي. رفعت عيناها الباكية إليه وارتجفت شفتيها
- سمعاك ياياسين. قاعدة أهو علشان اسمعك.

ابتسم بجاذبية عندما وجد علامات الغضب تتملكها وأردف: - كدا كتير على فكرة. مش حمل الحلاوة دي. حتى في غضبك بتكوني طفلة لذيذة
رمقته بنظرة مستفهمة وتسائلت
- تقصد إيه. أخذ نفسا عميقا ثم تحدث
- أقصد إنك مجننة ياسين ياليليان. وبقيت عامل زي الطفل اللي محتاج امه تفضل جنبه دايما. ظلت عيناه تحاوط نظراتها له
- وإنتِ أم للطفل دا
رفعت وجهها فتلاقت اعينهما تفحص عن عشق كلا منهما للأخر.

ابتلع ريقه بصعوبة فأكمل: - عايزك تسمعي كلام والدتك. مينفعش نقابل بعض. لحد ماأظبط اموري. متنسيش لسة قدامي سنتين في الكلية. وقبل ماأخلص ماينفعش اخد خطوة جدية في علاقتنا
تنهد بوجع واسترسل
- عارف إني مكنتش راجل معاكِ واندفعت ورا مشاعري. وكلمنا بعض واتقابلنا من ورا اهلنا. بس عايزك تفهمي أنا عمري ما قصدت اوجعك صدقيني. ولا احطك في موقف بايخ. هو الموضوع جه كدا من غير تخطيط.

اطبقت على جفنيها في محاولة لمنع بكائها بعد الأستماع لحديثه، شعر بحالتها. فآلمه قلبه عليها فأكمل سريعا
- إنتِ شخص مهم أوي في حياتي. مش مهم بس لا تقدري تقولي إنتِ حياتي اصلا
فتحت عيناها تنظر إليه بذهولا وشعور السعادة الذي حاوطها بدى على وجهها بإبتسامة خلابة جعلتها ملكة لقلبه بكل جدارة. لم يرحم قلبها المسكين فاقترب بحسده وأكمل
- تقدري تستني حضرة الظابط سنتين لحد مايكمل كليته. وتكوني نصه التاني.

سحب كفيها الممدود ووحضنه بكفيه وأكمل
- عايزك تكوني نصي التاني ونصيبي في الدنيا يالي لي
عند جنى وعز
دلف للطبيب الذي حادثه عز عن حالة اخته وبعد عدة جلسات ذات مرة
جلس الطبيب أمامها
- قولتي لي إنك هربت من جاسر بجواد. هزت رأسها رافضة واجابته
- ابدا خالص. أنا مكنتش أعرف اهمية جاسر عندي كحبيب. هو كان دايما معايا وبيشاركني كل حاجة. كان بيعاملني زي ربى اخته بالظبط. فأنا مشيت ورا شعور إنه اخويا.

هز الطبيب رأسه بتفهم وتسائل
- طيب جواد ابن عمك إيه موضوعه
فركت كفيها ونظرت بشرود
- جواد شخصية كويسة جدا ومثالية. احنا كنا قريبين لكن مش القرابة اللي زي جاسر. حاول يقرب مني بعد ماعز خطب حبيبته، الصراحة لقيتها فرصة أبعد جواد عن خطيبة أخويا. منكرش انه شخصيته عجبتني وجذبني جدا لدرجة اقنعت نفسي إنه ممكن يكون حبيب ليا.
تنهدت بحزن ونظرت للطبيب وأكملت.

- لحد ماجه فرح أخويا وقرب مني بطريقة مش كويسة. وقتها عرفت انه مينفعش. تلاقت بعين الطبيب وأكملت
- ماهو اللي يحب بيحافظ على حبيبه. أما جواد دنى من تربيتي
أمسك الطبيب قلمه وبدأ ينظر إليه ثم سألها: - ياترى دا سبب بعدك عنه.

انسدلت دمعة من عينيها وأجابته بهزة من رأسها وتحدثت: - جواد كان واخدني مسكن لحبيبته. أنا سمعته بيقول كدا. وكمان شوفت رسايله بيقول لصاحبه. بحاول الاقي في جنى ربى. وهتجوزها عشان موجعش العيلة وافرقهم. بحاول اتخطى ربى بجنى
شهقة خرجت من فمها وهي تبكي.

- عايزني أكون حبيبته. عايز ينسى حبيبته بيا، نهض الطبيب ووضع محرمة بيديها وجلس بمقابلتها: - مايمكن الرسالة قديمة. قبل مايحس بمشاعر ناحيتك. ويمكن مايقصدش اللي فهمتيه
هزت رأسها رافضة واجابته: - للاسف الرسالة دي بعد ماقرب مني. بعد ماقالي إنك أحب شخص لقلبي. في الوقت اللي جاسر مثل عليه انه خطيبي. في عز ماكنت محتاجة لقلب حنين طعني بشدة. وفي الأخر اتصدمت اني مسكن وبديل مش أكتر. حسيت نفسي إني مش كويسة.

دا اللي خلاكي تحبي جاسر او توهمي نفسك بحبه
نزلت بنظراتها للأسفل. واجابته
- دا اللي أكدلي اني محبتش غير جاسر
رفع نظره وتسائل
-أزاي عرفتي إنك بتحبيه؟ نظرت بشرود وتحدثت
- لما جه أول مرة وأعترفلي بحبه. وقتها حسيت بوجع في قلبي. لكن معرفتش ايه السبب. لحد ماجه بابا وقاله اخطب جنى
من جوايا كنت فرحانة أوي لكن قدامه كنت مبينه اني مضايقة علشان موجعش قلبه. علشان مخلهوش يتعذب. وزي ماهو مثل على جواد أنا مثلت عليه.

- طيب ليه مااعترفتيش له باللي حساه معاه. ليه محاولتيش تدافعي عن حبك
شهقة خرجت بقوة من فمها وبكت بصخب وتحدثت من بين بكائها
- علشان هو غالي عليا. علشان موجعش قلبه. محبتش اهدم حياته. عندي اموت بعذاب حبه ولأني في يوم أشوف نظرة وجع في عينيه يادكتور
تنهد الطبيب وسجل بعض ملاحظاته ثم تحدث: - جنى لو فيه اتنين واقفين وعايزين يموتوا جاسر وجواد وانتِ معاكي رصاصة واحدة بس تنقذي بيها واحد بس. هتختاري مين.

- جاسر. قالتها سريعا دون تفكير
نظر لمقلتيها وتسائل
- قولتي جاسر مش جواد. طيب تعالي نعكس السؤال لو الرصاصة دي مع جاسر هينقذ مين فيكم انتِ ولا حبيبته
خارت قواها وهي تهز رأسها فأجابته بعد لحظات
- معرفش بس أكيد هينقذ حبيبته. ضيق عيناه وأكمل
- وممكن ينقذك إنتِ، ابتسامة شقت ثغرها متمنية لقلبها ماأردف به الطبيب. حينها ضغط على الزر. طالبا بعز الدخول
بعد شهر.

عاد العروسين من شهر عسلهما، أخذ بيجاد زوجته للأسكندرية بعد حديثهما
- يعني أول يوم في رمضان هنقضيها مع والدك مش عندنا، رفع كفيها يقبل باطنها وأردف: - حبيبي لسة أسبوعين على رمضان وقتها ربك يحلها. بس الأكيد إني هأقضي أول أيام رمضان مع بابا. مينفعش ياغنى هيزعل مني. والدك عنده جاسر وأوس وكمان أعمامك. أنا بابا مالوش غيرنا بعد سفر عمو عمر
أومأت برأسها متفهمة وأجابته بطاعة.

- حاضر ياحبيبي. أعمل حسابك تاني أسبوع هنقضيه مع بابا وماما، وبجد وحشوني أوي لولا بابا قالي هيجي كنت زعلت منك علشان مأخدتناش هناك. قالتها وهي تضع يديها على بطنها
- مش كدا ياسيفو. عايزاك تيجي بسرعة نعمل حزب على أبوك المفتري دا
قهقه بيجاد وجذبها لأحضانه
- بتتفقي مع الولد عليا ياغنى وهو لسة في بطنك. طيب ماشي. بكرة تيجي حبيبة أبوها ونعمل حزب كمان
ضيقت عيناها وسألته بغضب.

- وياترى مين حبيبة ابوها دي عندك عيال من ورايا. وضع وجهه بعنقها وهمس
- اللي هنجبها بعد سفيان إن شاء الله. اديلي بس الضوء الأخضر. وأنا هعمل فريق كرة محترف
بالقاهرة
دلفا كلا من أوس ويديه تعانق يد زوجته اتجه لوالديه. وكذلك جاسر الذي ترجل من سيارته متجها سريعا لباسم الذي كان ينتظره بجانب جواد.

- وحشتني ياحلوف. قالها باسم بابتسامة وهو يعانقه. بينما جواد الذي يحاصر ابنه بنظرات تقيمية. رفع بصره لفيروز التي تقف بجوار ياسمينا وربى
بحث جاسر بعينيه عن عمه صهيب فتسائل: - العيلة كلها موجودة فين عمو صهيب وعز
ساد صمتا بحزن على الجميع. اتجه بنظره إلى عمه سيف الذي تحدث
- عمك صهيب في بيته. تحرك سريعا قبل أن يستمع تكملة حديثه وهو ينادي على زوجته.

- فيروز هروح لعمو اشوفه. قالها متجها لمنزل عمه الذي يقابل منزلهم
اتجه لمنزل صهيب ولكن تفاجأ بتلك الحقائب التي تخرج من فيلته. كانت نظراته متعلقه بالعمال الذين حملوا الحقائب متجهين للسيارة التي تقف أمام الباب الرئيسي للفيلا. تسمر بوقفته وكأن روحه تنسحب من جسده
استمع لخطوات خلفه. استدار ينظر فوجد عمه يحاوط ابنته بذراعيه ويتحرك متجها لسيارته كأنه يذهب للجحيم.

خطى بخطوات متمهلة كالذي يخطو على لهي. با يح. رق قدمه. ثم توقف ينظر لعمه
- إيه اللي بيحصل بالظبط؟
رفعت رأسها تنظر إليه بإشتياقا عندما استمعت لصوته. ولم تشعر بنفسها إلا وهي تلقي نفسها بأحضانه وتبكي بنشيج. تتشبث به. هزة أصابت جسده بالكامل.
ثم رفع نظره لعمه وعينيه مغروقتين بالدموع ثم أردف: - مالها؟
خرج عز في تلك الأثناء. وشعر بنير. ان تحرق اوردته حينما وجد اخته بحضن ابن عمه بتلك الطريقة.

هرول سريعا يجذبها بعنف. ينظر لجاسر
- حمدالله على سلامتك ياجاسر. قالها بغضب وهو يجذب اخته متجها للسيارة
- بابا هنستناك بالعربية
وقف أمام عز ودفعه بقوة: - إنت إزاي تشدها كدا ياحمار. نسيت نفسك ولا إيه، تدخل صهيب عندما وجد نيران تخرج من أعين عز اتجاه جاسر
توقف بينهما
- اتجننتوا بتتخانقوا وأنا واقف. ثم اتجه لجاسر يرفع ذراعيه إليه
- وحشت عمك ياجسور. القى نفسه بأحضان وعيناه تشابكت بتلك التي تنظر إليه بإشتياق.

خرج من أحضان عمه يشير لجنى
- مالها جنى ياعمو؟ وليه خست كدا. فين جنى دي واحدة تانية
استدار ينظر وسأله
-جواد اللي عمل فيها كدا؟
كور عز قبضته بغضب وهو ينظر لأخته التي تساقت عبراتها منسدلة على وجنتيها ثم نظرت لعز
- ياله ياعز. قالتها بوهن متجه للسيارة
هرول خلفها كالملسوع ونظر لبكائها
- رايحين فين. ومين اللي عمل فيكِ كدا
ابتسمت بخفوت وأردفت بصوتا يكاد يسمع.

- النصيب يابن عمي. أما رايحة فين. هنروح نقعد في بيت المزرعة. محتاجة أفصل شوية واراجع حسابتي في كل شي
دنى منها ونظراته تحاوطها بالكامل. ثم ضم وجهها بين راحتيه ينظر لعيناها مباشرة: - مش عايزة تحكي لجسورة ياجنى اللي حصل. مش أنا حبيبك وقت مابتزعلي بتجري عليا وتحكيله. دلوقتي بقيت غريب.

هزة عنيفة أصابت جسدها من كلمته التي وصفها دون أن يدري يتبعها شهقة ب مرارة الألم. اتجه عز بهدوء. ينظر بوجع لأخته ثم تحدث رغم نيران قلبه وأردف.

- جاسر روح أرتاح حبيبي وأنا آسف بس زي ماإنت شايف جنى تعبانة وحقيقي لازم تبعد، بينما صهيب الذي وقف ينظر بكل الأتجاهات بألما كأن روحه تفارقه. ثم اقترب يسحب جاسر من يديه: - قولي عملت إيه في شهر العسل يارب تكون اتبسط. كانت عيناه تعانق جنى التي أغمضت عيناه بوجعا بعد حديث والدها
وقف عز يوزع نظراته بينه وبين أخته ثم لكزه. ماردتش على عمك ليه ياجاسر.

اتجه ينظر لعمه وأجابه: - كويس ياعمو. الحمدلله كله تمام. وصلت فيروز ورُبى التي نظرت لجنى بحزن
اتجهت فيروز تسلم على صهيب
- عمو صهيب ازي حضرتك، ابتسم إليها
- الحمدلله ياعمو. إنتِ عاملة إيه والولد جاسر دا عامل معاكي إيه
نظرت لجاسر بعيناها العاشقة واجابته
- جاسر مفيش أحن منه. ربنا يخليه لي
أمن صهيب على دعائها. نظرت لجنى
- عاملة إيه ياجنى وحشتيني
ابتسمت جنى واجابتها بصدق
- الحمدلله وانتِ كمان. ربنا يسعدكوا يارب.

بعد اذنكوا. تسألت فيروز
- انتو مسافرين ولا إيه. دا إحنا مصدقنا نرجع عشان نتلم كلنا مع بعض. وجاسر كان هيموت من القلق عليكِ لانك مكنتيش بتكلميه ودايما فونك مغلق
رفعت بصرها لجاسر الذي يناظرها بغموض
- معلش كنت مشغولة. بحضر دراسات عُليا. علشان ناوية أسافر برة إن شاءلله
جحظت عيناه ثم اتجه لصهيب
- نعم ياختي. إنت موافق على الكلام دا. مسح عز على وجهه بعنف يكز على أسنانه ثم تحدث.

- وانت مالك خليك في حياتك ياجاسر. دا إيه اللذقان دا. ضيقت ربى عيناها من حديث زوجها القاسي لأخيها فاتجهت إليه
- حبيبي اهدى هو بيسأل عمو. مالك ياعز ممكن تهدى. قالتها بغضب
فتح باب السيارة وأردف غاضبا
- امشي ياربى من قدامي مش يبقى إنت واخوكي الزفت دا. اتجه بنظره لجنى هتفضلي واقفة كتير ياجنى عندك.
نظر جاسر بذهول لحالة عز المنقلبه. فاتجه إليه.

- مالك يلا? محدش قادرك ليه. بينما ربى التي تعلقت عيناها الحزينة من اسلوبه الغريب في الفترة الأخيرة...
ربت عز على كتف جاسر
- آسف ياجاسر، اتعصبت عليك. وسحب جنى التي ودعتهم بنظراتها وتحدثت: - أشوف وشكم بخير. اعتني بجاسر كويس يافيروز. ومتزعليش منه لما يتعصب عصبيته وراها حنية تغرق العالم. قالتها وتحركت تستقل السيارة بالخلف.

نظر لعمه تائها يشعر بأن هناك خطب ما. لم يدعه صهيب لسؤاله الذي وجده بعينيه فتحدث: - طنط نهى من الصبح هناك زمانها قلقت على تأخيرنا ياحبيبي. يبقى هاجي كل جمعة نقضيه مع بعض
وصل جواد ينظر لجاسر وصهيب بغموض
- مالكم واقفين كدا ليه، كور صهيب قبضته وشعر بتمزق قلبه فحدث ماكان يخشاه التقائه بجواد قبل رحيله
أشار جاسر على صهيب: - حضرتك موافق أنه يسيبنا ويمشي
قطب جواد مابين حاجبه بنظرات مستفهمة
- مش فاهم تقصد إيه؟

حمحم صهيب ينظر لجنى وتحدث
- هروح أقضي كام يوم في بيت المزرعة بعيد عن الدوشة
- نعم من غير ماتعرفني، قالها جواد بنظرات حزينة، لدرجة دي ياصهيب تاخد قرار مهم كدا بعيد عني
امسك صهيب كفيه يسحبه بعيدا وتحدث
- مردتش أقولك علشان عارفك هتمانع. بنتي تعبانة ياجواد ومينفعش اسكت عليها. عايزها تبعد عن الكل
قصدك تبعدها عن جاسر مش كدا؟
صدمة أصابت صهيب من سؤاله المباغت. فابتعد بنظرات عن أخيه.

أومأ جواد برأسه وتحدث: - يومين بس ياصهيب وترجع. كدا كدا جاسر مش هيقعد معانا. ودا قراره. لازم يقعد مع مراته مستقلين علشان حاجات كتير وقبل ماتسائل. مش جنى السبب الرئيسي. أنا بس حاولت أكون مع أختياره للأخر. مستحيل تبعد عني ياصهيب. لو وصلت بيا إني اخلي جاسر بعيد عن البيت لكن إنت لا
هز رأسه رافضا
- دا ابنك ياجواد. قاطعه جواد وهي بنتي ياصهيب وانت اخوي وسندي قبل كل حاجة. مقدرش استغنى عنك.

ولا تقدر تستغنى عن ابنك ياحبيبي. ولا انا هقدر اشوف بنتي بتتوجع وأنا واقف
ادار جواد وجه صهيب ينظر لغلالة الدموع بعينيه وتحدث
- هنلاقي حل يرضي الكل. إلا انك تبعد عني سامعني. إنت بالنسبالي مش اخ بس. لو فعلا ههون عليك يبقى سيب اخوك
طالعه صهيب بنظرات حزينة
- انا سايبك مع سيف وحازم يعني مش هتكون لوحدك.
ذهل جواد من رده فسحب نفسا ورفع نظره إليه.

- إنت توأمي اللي بيفهمني من غير مااتكلم. انت صديق الحلو والمر ياصاحبي قبل ماتكون أخويا. روح ياصهيب ومفيش اكتر من اسبوع لحد ماالاقي حل يرضي الكل.

بعد اسبوعين وهو اليوم الأول للشهر الفضيل. أجتمع الجميع على المائدة بحديقة فيلا جواد. كان الجميع موجودون سوى غنى التي ذهبت مع زوجها لقضاء أول يوم بالشهر الفضيل، ترأس جواد المائدة بجواره غزل يجاورها أبنائها وبالمقابل صهيب وبالجوار سيف وحازم
انطلق مدفع الإفطار وسم الجميع بعد دعاء الإفطار ثم بدأوا بتناول التمر مع رشفات العصير، واتجهو للصلاة، الرجال بالأمام والسيدات بالخلف وصهيب الذي يؤم الصلاة.

بعد قليل انتهوا من الصلاة متجهين لتناول أول إفطار للعائلة. انتهى الجميع من طعام الأفطار متجهين للجلوس بمكان ما، الشباب يتسامرون مع بعضهم. والفتيات يعدون إليهما الحلوى المشهورة بالشهر الكريم.
كانت تجلس تمسك هاتفها تنتظر مكالمته على أحر من الجمر. توقفت سريعا عندما صدح رنين هاتفها بالأجواء. أمسكته متجهة به لمكانا هادئا
- علي وحشتني أوي. دا وعدك ليا هتكلمني أول ماتوصل.

وقف على بُعد خطوات منها وتحدث مبتسما: - والله إنتِ اكتر ياحبيبة قلبي. عاملك مفاجأة حلوة
قطبت سنا مابين عينيها وسألته: - مفاجأة إيه دي. أطلق ضحكة صاخبة وهو يجذب هاتفها من يديها
- أنا هنا وراكي
استدارت تنظر إليه بإشتياقا ولهفة. ودت لو تلقي نفسها بأحضانه ولكنها تماسكت وحاولت السيطرة على نفسها
دنى وهمس.

- وحشتيني أوي أوي. جيت من المطار على هنا وبابا معايا علشان أطلب إيد اميرتي وبعد كدا مفيش حد يبعدنا عن بعض. فهل أميرتي تقبل تشاركني حياتي
أومأت برأسها سريعا ودموعها تنسدل على خديها. مما أدى إلى تصفيق ربى
-مبروك ياحلوين. تجمعت البنات حولهما وبدأت المباركات والسعادة تستحوز على الوجوه.

قضى الشباب ليلتهم بعد قضاء صلاة القيام وكذلك البنات التي لم تصمت ضحكاتهم. ربى بشقاوتها وسنا بجمال روحها. أما عن تقى التي كانت كالفراشة بينهم حينما حادثها جواد عن رأيها بمالك وسيأتي لخطبتها بالعيد. وياسمينا التي شاركتهم فرحتهم وكأنها تربت معهم
اما فيروز فكانت تجلس بمسافة بعيدا ما تراقب جنى بهدوئها. وجمالها الهادي.

كانت جنى تجلس بمكان بعيدا. تقضي وقتها بالرسم. بسبب ما تعرضت له من آلالام لقلبها. رآها جواد حازم فخطى إليها يقف خلفها وهي تنهي رسمتها التي كانت تعبر عن فتاة جميلة تجلس أمام البحر ورغم جمال الطبيعة التي تحاصرها إلا أن عبراتها تتساقط بغزارة. خطى وجلس بجوارها. احست بوجوده. فاتجهت بنظرها إليه.

- إزيك ياجواد، تنهد حزينا ونظراته ترسمها فأردف بوجع: - آسف، قالها بقلبا يأن وجعا. ورغم وجع قلبها الذي انتابها مما فعله ابتسمت
- بتتأسف على إيه. مفيش أسف ولا حاجة. إنت عندك حق ياجواد وصدقني مش زعلانة منك أبدا. عز ساعات بيغلط وبسامحه وانت زيك زي عز. لو سمحت ماتشيلش نفسك فوق طاقتها. والمسامح ربنا
رمقها بنظرة حزينة: - جنى مكنش قصدي اتعبك والله ماكان قصدي. ربنا أعلم أنا بحبك أد أيه. حاولت نداوي بعض.

اعتصرت عيناها بقوة ثم فتحتها وتحدثت
- جواد أنا كمان بحبك. لكن حبي لك زي حب عز وفارس. ممكن يكون مشاعري خانتني في وقت من الأوقات. وحبيت أهرب بيك زي ماانت حبيت تهرب بيا. بس صدقني على أد ماقلبي وجعني منك على أد ماانا عذرتك
صعق من كلامها فتسائل: - بتهربي من مين ياجنى. مين دا
أعادت تنظر لرسمتها وكأنها صورت نفسها فتحدثت
- بهرب من مللي ياجواد. من حياتي المملة مش أكتر
أومأ برأسه متفهما ثم توقف وهو يتحدث.

- وقت ماتحتاجيني هتلاقيني عمري ماهتخلى عنك مهما حصل. إنتِ غالية عليا أوي ولسة عرضي للجواز مستمر. تعالي نداوي جراح بعض
رفعت بصرها إليه وأجابته: - أسمها تعالي نسكن وجع قلوب بعضنا ببعض. بس من وجهة نظري. تعالي نوجع بعض أكتر وأكتر.
جف حلقها ونظرت لجاسر الذي يطلق ضحكات صاخبة والسعادة تغمره وأجابته
- أبعد عني ياجواد علشان موجعش قلبك. صدقني مش هتاخد مني غير الوجع، قاطعتهم فيروز عندما وجدت نظرات الحزن بينهما.

- ممكن أقعد ولا حديث خاص. تحرك جواد دون حديث، بينما جلست فيروز بجوار جنى التي أستدارت لرسمتها تكمل تلوينها. حمحمت فيروز ورمقت جنى بنظرة ثم سألتها: - ليه مبقتيش تتكلمي مع جاسر زي الأول مع أنه حكيلي عن علاقتكم ببعض
ابتسمت جنى ومازالت تلون رسمتها وأجابتها: - فيه حاجات أتغيرت دلوقتي. ومش عايزة حد يزعل مني
حاوطتها فيروز بنظرات تقيمية فأردفت.

- ومين هيزعل. وضعت جنى الفرشاة من يديها وأستدارت: - إنتِ مش هتزعلي مني مثلا. صمتت فيروز ولم تجب. وصل جاسر إليهما ونظر بإبتسامة لجنى
- إذيك ياجنجون. رجعت لرسمتها وأجابته بخفوت الحمدلله ياجاسر
جلس بينهما ثم لكزها بكتفها
- مش ملاحظة حاجة ياجنى. لم تجبه وصارت تلون رسمتها التي أخطأت بتلوينها
عندما أحست بقرب أنفاسه منها. لا تعلم لما الآن فقط تشعر بتلك المشاعر. وهو الذي كان يجاورها ولم تشعر بتلك المشاعر.

- بت بكلمك على فكرة. وضعت الفرشاة بقوة عندما وجدت إنتزاع رسمتها وتحدثت
- جاسر مراتك جنبك ممكن تاخدها وتسبني أكمل رسمتي
صعق من قساوة حديثها فنهض يمسك يد فيروز
- أنا آسف. الحق عليا نزلت الحسين مخصوص علشان أجبلك الفانوس زي كل مرة. معرفش دمك بقى تقيل ليه. وأنا اللي مكلف نفسي وجايبلكوا كلكوا فوانيس بألف جنيه. خسرتوني الف جنيه هجبهم ازاي.

ارتعش جسدها من نبرته الحزينة المغلفة بالحنية. وحديثه الذي يحاول ان يخرجها من حزنها. فرفعت نظرها إليه وترقرق الدمع بعيناها
-آسفة مش قصدي ازعلكم. بس اتشوشت بالرسمة. جلس مرة اخرى وأردف غاضبا
- هتفضلي مخبية عليا لحد أمتى. إيه اللي اتغير في فترة شهر العسل ياجنى
تحركت فيروز عندما استمعت لهاتفها
- ايوة ياماما. لا جاسر رافض وأنا معاه متزعليش مش هقدر اجي أفطر معاكي.

نظرت لجاسر الذي يحادث جنى. ثم اعادت للحديث مع والدتها
عند جاسر
- جنى سامعك. إيه اللي حصل بينك وبين جواد. قاطعهم وصول عز الذي أسرع عندما وجد جاسر بجوارها
- سايب مراتك وقاعد هنا ليه ياجاسر
رمقه شرزا، معرفش مالكوا بقيتوا لا تتطاقوا. قالها عندما نهض متجها لفيروز
انقضى شهر رمضان سريعا واتت ليلة العيد.

كانت ربى تجلس على الأريكة بأحضانه وتقوم بعمل بعض الأبحاث على جهازها المحمول. حاوطها عز بذراعيه وهي يساعدها بتسجيل بعض النوتس الهامة
وضعت رأسها على كتفه وتحدثت بصوتا مرهق
- كفاية كدا. أنا تعبت أوي بقالي تلات ساعات وأنا قاعدة لما حاسة بتشنجات.

اتكأ بظهره على الأريكة يضمها لأحضانه. ثم قام بتقبيل عنقها وتحدث قائلا: - ريحي نفسك شوية مع جلست مساج من صوابع حبيبك هتقومي تجري في المكان. وبلاش أكملك هنعمل بعدها إيه. الليلة عيد ياحبي. وبسمع زمان إن فيه حاجات كدا قليلة ادب بتتعمل بالليلة دي. جذبها ملمسا شفتيها وأكمل
- ماتيجي نجرب الحاجات دي ونطفي النجف دا حتى بيقولوا متعب للنظر. بيقولوا إن الشموع الحمرا بتقوي النظر. قالها غامزا لها بشقاوة.

احمرت وجنتيها بحمرة الخجل وهي تطرق أنظارها من مغزى كلماته ثم لكزته بكتفه وتمتمت بهدوء: - معرفش مالك بقيت قليل الأدب أوي زيادة عن اللزوم ليه. لم نفسك يابو عيد
جحظت عيناه وهو ينظر إليها بسخرية
- يالهوي هو إنتِ حملتي وخلفتي وسمتي الولد عيد من ورايا.
دفعته بكل قوتها ونهضت متجهة للمرحاض وهي تسبه بخفوت، تسطح بظهره على الأريكة وتحدث وهو يطلق صفيرا.

- وحياتك ياحبي تظبطي المية كويس إنتِ عارفة حبيبك بيحب المياة الساقعة المطعمة بالدافية. تغلغلت روحها بإبتسامة من كلماته التي أستطاع ان يخرجها من شعورها بالأحباط إلى الأمل. وضعت يديها تحت ذقنها علامة تفكير ثم
خرجت برأسها وهي تصيح بصوتها.

- لما تيجي تاخد شاور ياحبيبي يبقى زبطها إن شاء الله تجبها من الفريزر. ثم أغلقت الباب وقامت بخلع ثيابها وخطت إلى البانيو ولكنها فزعت وانتفضت بوقفتها عندما وجدته أمامها جذبها بقوة
- عايزة تاخدي شاور ليلة العيد لوحدك ياروبي والله مايحصل أبدا. ليه حد قالك متجوزة سوسن
بمدينة شرم الشيخ
قد هلت بشائر الفجر نورا فأحيا آذانه إستعدادا لتكبيرات العيد.

فتحت غنى عيناها تتأمله بحب لوهلة نسيت ماصار لشهور. وكأن النوم بأحضانه انتشلها من آهات قلبها. ليزداد
هيمانها به عشقا. وضعت رأسها بصدره تستنشق أكسجين عطره الخلاب الذي تعشقه وخاصة بآوانتها الأخيرة.

تفقدته ببصرها فأصبح بدرها في عتمة السماء. اقتربت تقبله وتتمسح به كقطة أليفة، فتح عيناه أخيرا فلأول مرة تغفو جفونه سالما مطمئنا وقلبه هادئا بعد شهور جفاها الخوف والأنهيار على طفلهم فاليوم ابتدت زوجته بالشهر السابع لينكشف عنها الخوف من فقدان جنينهم. بدأ الأطمئنان لقلوبهم، ليتوج ليلة عيدهم بجسد يكسوه الحب. داعبت أنامله خصيلات شعرها بعشق تنطق به عينيه قبل قلبه.

رفعت بصرها وابتسمت قائلة: - صباح الحب حبيبي. عيد سعيد
اخفض رأسه يبتسم بحب يضع يديه على أحشائها ثم تحدث بصوتا مبحوح من أثر النوم
- صباح العشق والجمال على أجمل عيون شافتها عيوني ولاحت ذاكرته بمجنونته بالأمس عندما صاحت به
- هتنام بالتيشيرت يابيجاد. من إمتى؟
قوس فمه وابتسامة لاعوب على وجهه وهو ينظر إليها.

- بردان. وبعدين مش إنت اللي كنتِ زعلانة من شوية. مالك انام بالتيشيرت ولا حتى بالجلابية، اعتدلت جالسة على ركبتيها وجذبت كنزته تصرخ به
- طيب والله ماهيحصل وهشوف كلام مين اللي هيمشي. طالع حالتها وغضبها ود لو يسحقها بحالتها التي اودته لمشاعر جمة. دفعته بعدما وجدت شروده بها وخلعه لكنزته ودفنت وجهها بصدره
ضمها بذراعيه ورفع ذقنها ينظر لمقلتيها فأردف بآسف.

- آسف قالها عندما جذبها ليدخلا جنة عشقهما. خرج من ذاكرته عندما وضعت ذقنها على صدره تنظر إليه: - هننزل القاهرة دلوقتي ولا إمتى. سحبها بهدوء لتكون بمقابلته ثم حاوط خصرها وأنامله تداعب جسدها
- مستعجلة ليه حبيبي هنقضي اليوم كله هنا. وبعد كدا هننزل القاهرة
لكزته بخفة بجنبه: - إيدك يابيجاد أوعى تفكرني نسيت اللي عملته إمبارح. دنى ينظر لشفاه. ثم رفع أنامله يتحسسها.

- مش قولت قبل كدا بلاش هزارك مع مالك وحمزة ليه مابتسمعيش الكلام ياحبي. إنتِ اللي نرفزتيني. ضم وجهها بين راحتيه
- مش هخبي عليكِ وأعمل فيها الراجل المغرور. رفع كفيه وأزال خصلاتها المتمردة على وجهها وأزالها ثم ابتسم
- بغير عليكِ اوي حتى من بابا نفسه. أخذ يتأمل ملامحها الجميلة ثم رفع ذقنها وطالع مقلتيها وأستطرد بذكرياته.

- من أول ماعيننا اتقابلت وانت عندك شهور. مع إني شيلتك وانتِ لسة صغنونة أوي كنتِ أيام لسة بس وقتها كنت مضايق علشان مكنتيش بتبصيلي خالص. وقتها ماما قالتلي دي لسة صغيرة عينيها مش هتثبت غير بعد كام شهر هتبدأ تشوفك كويس وتفرق في الوشوش. لحد ماجه اليوم اللي شيلتك فيه وبصيت في اللون الرمادي اللي جذبني زي المغناطيس. مكنتش اعرف إن دا هيخرج من صدري من مجرد نظرة او ضحكة من عيونك. بحبك بجنون ياغنى. مش عارف دا عادي ولا أنا اللي اتجننت بس حقيقي بموت لو شوفت حد بيقرب منك حتى لو اخواتي وباباي.

أمسكت كفه الذي يلامس وجنتيها وقربته من ثغرها وطبعت قبلة بداخلة جعلت منه أسيرا لها. ظلت عيناهم تحاكي الكثير من العشق بينهما فأكمل
- متزعليش مني لما اتعصب عليكِ علشان قربك من أخواتي. اولاً دا غلط ثاني دا من حبي فيكِ
أخمد بركانها الذي اشعله بقلبها ببعض الكلمات التي دلفت لقلبها كنسمة ريح في يوما شديد الحرارة
عانق شفتيها بقبلة جامحة ثم فصلها وصدره يعلو ويهبط.

- وبعدين إحنا اتصالحنا بالليل وعيدنا كمان، إيه نسيتي كل حاجة بسرعة كدا. عادي ياحبي مستعد أصالحك تاني وبالهدواة خالص مالص
ابتسمت بخجل من مغذى كلماته رفع حاحبه وتسائل: - إيه حوريتي لسة زعلانة وعايزاني أصالحها ولا إيه: ضحكت بصوتا مسموع وضربته بخفة على ظهره
- لا خلاص إنت ماصدقت ولا إيه.

تنهد بصوتا عالٍ لدرجة إنها لاحظت ارتفاع صدره متخذا نفسا طويلا فتحدث قائلا: - غنى عايزك متزعليش مني لو جيت في وقت اتعصبت عليكِ. وقتها حاولي متتكلميش معايا خالص وابعدي عن الجدال أنا لما بتعصب ببقى صعب أوي. بقولك كدا عشان، وضعت أناملها على شفتيه وتحدثت
- إن شاء الله مفيش زعل بينا ليه بتقول كدا ياحبيبي. وعامة ياسيدي هبعد عنك بس مش كتير آهه.

لم يشعر بنفسه إلا حينما جذبها لأحضانه فهي تسللت لأعماق روحه دون مجهود. ذابت في حضنه اعتصر جسدها متناسيا حملها حتى دفعت يديها بألما. يتمنى يختلط عظامها بلحمه. هل يوجد هكذا عشقا. حادث به نفسه
- بيجاد حاسب بطني
زفر بضيق ثم قال
- وبعدين بقى في البطيخة اللي مانعة عني الهوى دي. لكمته بمعدته
- بطيخة في عينك. دا حبيبي وابن حبيبي وإياك تغلط فيه
رفع جاجبه ساخرا.

- شوف إزاي وأنا اللي فكرته بطيخة قرعة طلع عيل. طيب وحياة ابنك اللي فرحانة بيه دا لازم ابلبطه في المية لحد مااخرجه يسبح دلوقتي
حاولت التملص من بين أحضانه عندما علمت بنيته ولكنه حملها متجها للبحر وهو يطلق ضحكات صاخبة: - هنعيد كلنا في البحر ياروحي متخافيش
بدأت تحرك ساقيها تحاول ان تنزلق من بين ذراعيه ولكنه ضمته كانت أقوى.

بعد شهرين
بالقاهرة بفيلا جواد الألفي
كانت تجلس بجناحها. شعرت بغثيان بمعدتها هرولت للمرحاض لتخرج مافي معدتها. دلف بعد يوما شاقا في العمل بالأجتماعات بحث بعينيه بالجناح بأكمله ولكنه لم يجدها، أستمع لتأوهات بالحمام. أسرع إليها وجدها تقوم بالأستفراغ بطريقة متعبة لجسدها. حاوطها بذراعيه يساعدها على الاعتدال مع غسل وجهها. ارتعش جسدها بالكامل من مجهودها الذي انهكته في الاستيقاء.

- ياسمينا مالك حبيبي. شكلك أخدتي برد
طالعته بوهن واردفت بتقطع: - أوس شلني مش قادرة أتحرك حبيبي. حملها بين ذراعيه ووضعها على الفراش يمسد على خصلاتها بحنان. امال برأسه يقبل جبينها: - هشوف ماما كدا تتصل بدكتورة من معارفها، رمشت بأهدابها الكثيفة وتحدثت
- لا مالوش لزوم هبقى كويسة. يمكن علشان نمت في درجة تبريد عالية
هز رأسه رافضا حديثها ثم قام يهاتف والدته التي اتت إليهما.

جلست بجوارها وقامت بالكشف المبدئي وابتسمت إليها: - مبروك ياقلبي شكلك هتكوني مامي قريب. لكن لازم نعمل تحاليل الأول. بعد كلامك دا بقول حمل. لكن الكشف والتحليل عند مختص هنتاكد. رفعت كفيها تلامس وجنتيها مع ابتسامتها الخلابة
- مع أني متأكدة إنك حامل.
ابتسمت ياسمينا تطالع أوس الذي رأت سعادة بعينه لا توصف، نهضت غزل تمسد على ظهر ولدها
- مبروك ياحبيبي. بس قبل كل حاجة نتأكد الأول.
بجناح جاسر.

كانت تجلس تراجع دروسها مع الأستماع لموسيقى غربية هادئة. دلف بهدوء يبحث عنها وجدها تجلس بالشرفة وتدرس دروسها. اتجه بخطوات سلحفية وحاوطها خصرها مقبلا وجنتيها
- فيروزتي بتعمل إيه؟
تأففت بضحر وهي تضغط على بعض الورقيات التي أمامها
- أوف الموضوع دا مش عارفة استوعبه
جذبها من ذراعيها: - عندي موضوع أهم من دا كله لازم افهمهو لك. قهقهت بصوت مرتفع
- جاسر مش معقول. عندي مذاكرة كتيير وحضرتك فاضي ياحضرة الظابط.

اتجه بها للمرحاض وأنزلها بهدوء
- ينفع كدا. عايز اخد شاور والحمام مش جاهز.
قطبت مابين حاجبيها؟
-أنت جايبني علشان كدا، دنى يهمس أمام شفتيها وكاد يلامسها: - اومال إنتِ مفكرة إيه ياروحي. نيتك وحشة وظلمتي حبيبك ولازم تصالحيه. هو زعلان
ضيقت عيناها ونظرات نارية خرجت من عيناها.

- ماكر مخادع حبيبي. عرفت بخديعتك تضحك عليا. قالتها فيروز ثم دفعته بعيدا عندما استمعت لضحكاته التي ارتفعت بالمكان. دلفت للمرحاض واغلقت الباب وهي تسبه وقامت بتجهيز المرحاض ويكاد غضبها يحرق ما يقابلها. صمتت للحظات وابتسمت بغرور انثى. عندما اتجهت للبانيو وملئته مع بعض الروائح التي يعشقها وقامت بنزع ملابسها ودلفت لتأخذ حماما مريحا لأعصابها الذي أغضبها زوجها المغرور كما ادعت. جلست وهي مغمضت العينين مرة تبتسم بحبور عندما تخيلت دخوله عليها وهي بهذه الحالة.

رجعت بجسدها ووضعت رأسها على حافة البانيو تتلاعب برغوة الشاور وتبتسم بخفوت منتظرة دخوله.
- معرفش ماله بقى مغرور اوي ابن جواد الألفي. عيلة كلها تنكة. بس على مين هجيبك زاحف ياجسورتي. قالتها بإبتسامة لاعوب
بالخارج.

اتجه لشرفته يجلس بها ينظر لكتبها. ذهب بأنظاره لمنزل صهيب الذي يقابله. وجدها تجلس كعادتها بفترتها الأخيرة أمام لوحاتها وتقوم بتلوينها ولم تشعر بمن حولها. كانت نهى تجلس بجوارها تمسد على خصلاتها بحنان. وكأنها تتحدث معها ولكنها لاتعيرها وكأنها لم تشعر بها
- فيروز حبيبي هنزل شوية عند عمو صهيب وراجع لما تخلصي. اتجه سريعا حيث مرسمها الذي اتخذته هروبا به
قابله جواد على باب فيلا صهيب. طالعه مستغربا سرعته.

- رايح فين ياحبيبي. بتجري ليه كدا
ابتسم لوالده ثم اشار على مرسم جنى
- هشوف جنى شوية يابابا. حضرتك عارف مبجيش غير يومين بس هنا. فعايز منها حاجة مهمة
أمسكه من ذراعيه وسحبه
- تعالى ياجاسر عايز اتكلم معاك شوية حبيبي
بعد شهرين آخرين
بأقدام خاوية. وعينين مغروقتين بغشاوة الدموع. جلست أمام والدتها تضع بعض الأوراق التي تعد لبعض التحاليل.

طالعتها غزل مستفهمة: - إيه دا ياروبي. انسدلت دموعها على وجنتيها وتحدثت بشهقات
شوفي إنتِ يامامي، فتحت غزل الورق سريعا عندما وجدت إنهيار ابنتها أمامها
جحظت عيناها وهزت رأسها بالنفي
- لا مستحيل. أكيد فيه حاجة غلط ياقلبي
جلست تبكي ربى وكأنها لم تبك من قبل
هموت ياماما بنتك هتموت. ضمتها سريعا لأحضانها وهي تحاول أن تسيطر على حالتها اولا ثم على حالة ابنتها.

- حبيبتي إهدي ممكن يكون فيه غلط وممكن كمان. هزت رأسها واردفت
- عملته مرتين ياماما ونفس النتيجة. شوفيلي حل. رفعت كف والدتها وقبلته
- وحياتي عندك ياماما شوفيلي حل. مش هقدر أقول حاجة لعز. مش هقدر انا هنهار قدامه
ضمتها غزل وانسدلت دمعة من عينيها ثم أردفت. رب الخير لا يأتي إلا بالخير حبيبتي. وتذكري دايما إن ربنا عنده الأحسن والأفضل. أخرجتها من أحضانها تضم وجهها بين كفيها:.

- الطب اتقدم دلوقتي وكل حاجة وبقالها علاج. نسيتي غنى واللي حصلها. ازالت غزل عبرات ابنتها وتحدث بيقين إيمانها من ربها: - جهزي نفسك للحج وبعد مانيجي انا هشوف الموضوع دا ياقلبي. ومش عايزة نظرة اليأس دي. وعايزة دايما يكون عندك ثقة في ربنا.
تنهدت ثم طالعتها وتحدثت
- بلاش بابي يعرف ولا تقولي لعز حاجة دلوقتي لحد مانرجع من الحج
عند نغم وريان.

دلف لمزرعته بسيارته الفارهة. وجدها تجلس تنتظره بأبهى طلة. فكيف تكون طلتها بنظره وهي أجمل نساء حواء بنظره. رسمها بعينيه كريشة فنان مبدع
وحفرها بقلبه بدقاته التي تعد كمعزوفة لأحيائه على البقاء للعيش
اقترب بخطوات مهرولة. وكانت دقاته تسابق خطواته حتى وصل إليها. نهضت تقابله بإبتسامتها الخلابة وعيونها الزيتونية التي وقع صريعا إليها من أول لقاء جمعهما.

حاوطها خصرها بذراعيه ودنى يطبع قبلة عميقة على جبينها إن دلت فتدل على مدى عشقه التام إليها وحدها
رفعت بصرها وتحدثت بصوتها الذي يخمد بركانه إن غضب: - أتأخرت ياحضرة الدكتور
احتوى كفوفها بحب ثم طبع قبلة ببطانها وتحدث آسفا
- غصب عني يانغمتي. كنت بخلص كل اللي شغلني عنك
جذبها ثم ضمها لحضنه وحاوط خصرها.

- خلاص يانغم أنا خلاص أديت الرسالة وخلصت مهمتي. رفع ذقنها عندما وجدت حيرتها من كلاماته وأجاب على تساؤلات نظراتها
- سلمت عمر وبيجاد الشغل كله. خليت نفسي من الشغل كله. وكمان مالك وحمزة
استلموا شغلهم
احتضن وجهها بكفيه وأنزل بجبينه فوق جبينها وأكمل
- عايز الباقي من عمري يكون لنغم حياتي وعمري. وكمان لأحفادنا
حاوطت خصره بيديها الأثنين ووضعت رأسها بصدره وتحدثت.

- ربنا يخليك لينا ودايما منور حياتنا ياحبيب عمري إنت
سحبها متجها للأعلى
- تعالى نجهز نفسنا علشان السفر، غمز بطرف عينيه واعمل طقوس هتحرم منها لشهر كامل. ضحكت عليه
- جدو ريان كبر واتجنن. توقف يطالعها بمكر واردف بمغذى: - وذنب جدو ريان ايه بدل تيتة نغم كبرت وعجزت ومبقتش تنفع.

شهقة قوية خرجت من جوفها ولكن لم تتجاوز اعتاب شفتيها جراء صدمتها من حديثه فطالعته بغضب: - طيب يبقى اعملها ياريان وشوف هعمل فيك. يابجح
تعالت ضحكاته حتى ملئت المكان فجذبها يضمها لأحضانه
- ولا ستات الكون كله تساوي نظرة من نغمة حياتي، لكزته بجنبه وتحركت غاضبة
- بكاش يابن المنشاوي. حتى الولد مالك وبيجاد نسخة طبق الأصل منك
عند جاسر وفيروز
كان جالس يتلاعب بطعامه. طالعته فيروز متسائلة.

- مالك ياجاسر.؟ بقالك فترة وانت على طول سرحان!
اتجه بنظره إليها ونهض واقفا
- مفيش حاجة. أنا عايز ارجع بيت بابا. مش عارف أعيش لوحدي يافيروز. من وقت مااتولدت وحياتي كلها على اللمة
سحب نفسا وأكمل
- حياتنا باردة مفيش أجمل من لمة العيلة بلاقي نفسي بين اخواتي. حاسس بقيت منبوذ من الكل. لو سمحتِ فكري في الموضوع لحد مانرجع من الحج. أتمنى نرجع هناك.

زفرت بغضب واتجهت تقف أمامه: - ودا كان شرطي من الأول ياجاسر. إن حياتنا تكون مستقلة مش عايزة حد يتدخل في حياتنا وعلى فكرة
أنا مش هسافر معاك للحج، نظر اليها مذهولا فتسائل: - إيه اللي بتقوليه دا. احنا مش متفقين. تحركت متجهة للجلوس على الأريكة وهي تنادي للعاملة
- شيلي الأكل. حضرة الظابط مالوش نفس كالعادة، اشتعل وجهه بالغضب وتحرك لغرفته دون حديث.

زفرت ترجع خصلاتها بغضب تكاد تقتلعها وحدثت نفسها: - وبعدين معاك ياجاسر. أنا بحاول اعمل حياة هادية بعيد عن المشاكل وأنت بتجرني للمشاكل. بحاول أبعد ماما عن باباك وأنت مش عايز تفهم كدا. تحركت خلفه متجه إليه
وجدته يجلس بالشرفة ينظر بالخارج. جلست بجواره وامسكت كفيه.

- جاسر حبيبي ممكن تبصلي. استدار ينظر إليها فتحدثت بهدوء: - جاسر أنا عايزة حياتنا خاصة بينا لوحدنا. عايزة أكوّن أسرة ليا لوحدي. مش حبيت اللمة بتعتكم دي. حاسة كلكم داخلين في بعض وكمان نظرات تقربك من جنى تعبني
نهض وصاح بغضب
- وأنا فهمتك من قبل جوازنا يافيروز إن جنى زيها زي تقى وغنى وربى وزي مابعامل دي بعامل دي وعلى مااعتقد قولتلك جنى لوطلبت عيني مش هتأخر
وقفت بمقابلته وأجابته بهدوء.

- وأنا تقبلت دا علشان كانت على علاقة بجواد لكن دلوقتي مفيش رابط بينهم
ركل المقعد أمامه وصاح بها
- جنى اختتتتتي وهتفضل أختي ومهما تشوفي ولا غيرك يشوف ماليش دعوة انتو شايفين إيه. المهم أنا حاسس بإيه. وبعد كدا مش عايز كلام في الموضوع دا فهمتي. وقت ماتحسي إن جوزك عينه راحت لواحدة تانية وقتها بس ليكي تحاسبيني غير كدا لا
- والله طيب ووجع قلبي وأنا شايفكوا مع بعض زي الحبيبن دا اسميه إيه.

جلس يمسح على وجهه يستغفر ربه. رفع بصره وتسائل: - مطلوب مني إيه يافيروز؟ عايزاني ابعد عن جنى حاضر وعد مش هكلمها إلا في حدود القرابة بس. هي أصلا معدتش بتكلمني فمتخافيش. إنما افضل في الحياة الباردة دي إنسي. سمعتيني. أنا عايز ارجع أحس بنظرة ابويا الحنينة لما يقعد يحكي لنا عليه هو وماما. وقصصه الدينية. عايزة ارجع اقعد في حضن عمو صهيب وهو بيملس على شعري ويقولي كبرت ياحمار ولسة مخك زي ماهو. عايز ارجع اروح العب تنس مع عمو سيف وعمو حازم زي الأول. عايز ارجع اقعد كل جمعة مع ولاد عمي ونلعب ونحكي اللي عملناه طول الأسبوع. عايز ارجع اعيش. أنا هنا ميت.

استدار ينظر حوله بأرجاء المنزل
- بصي حواليكي كدا. مفيش غير حياة باردة رغم إننا بنحب بعض بس مفيش حياة. لو سمحتِ لو بتحبيني بجد فكري في كلامي
- تمام ياجاسر هنرجع فيلا الألفي لكن بشروطي. بس مش هسافر معاك للحج المرادي. مرة تانية نكون لوحدينا
مسح على وجهه بغضب ثم خرج ونيران صدره تحرقه بالكامل
بعد أسبوع وصل الجميع.

شدو الرحال نحو مكة المكرمة اطهر بقاع الكون حيث الكعبة المشرفة ملتقى القلوب في رحاب الله. وصلت طائرتهم إلى المملكة العربية السعودية واتجهو الى الجحفة ميقات اهل الشام ومصر والسودان. انطلقوا مع الفوج شطر المسجد الحرام لبيك اللهم لبيك لبيك لاشريك لك لبيك.

توقف جواد أمام بيت الله الحرام. بجواره اولاده وبناته ونظر مبتسما وهو يدعو الله بقلب عبدا محبا بقضاء الله وقدره ثم رفع يديه يلمس الكعبة الشريفة ودعا بقلبه قبل لسانه
اللهم زِدْ هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة، وزِدْ من شرَّفه وكرَّمه ممَّن حجَّه أو اعتمره تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًّا، اللهم أنت السلام، ومنك السلام، فحَيِّنَا ربنا بالسلام.

اتجه الجميع كل فردا بأسرته لمكانه المخصص. ليرتاحوا من عناء السفر. وفي صباح يوما جديدا. يوما مليئا بالأيمان والحب لله وحده لا شريك له يوم الوقوف بعرفات، يوما مليئا بالتكبيرات. ملبين الحجاج...
لبيك قلباً تائهاً يرجوك...
لبيك إننا متعبون؛. لبيكَ وَإِن قست القلوب، لبيكَ وَإِن فاضت الذنوب، لبيكَ إنَّا عائِدُون، تائِبُون، نادِمُون. لبيّك ا?نّا مُتعبون، اجبُرنا كا?ننا لم نرى حُزناً.

وبعد ذلك اتجهوا المبيت بمزدلفة ورمي جمرة العقبة
إلى أن توصلوا لليوم الأخير وهو المنسك الأخير وهو طواف الوداع
انتهى الجميع من مناسك الحج. اتجه جواد يضم صهيب وسيف متحركا اتجاه الفندق الذين يمكثون به. بينما تحرك جاسر مع أوس وياسين وولاد عمه عز وفارس وجواد متجهين للمدينة المنورة
كان ريان يقف منتظرا زوجته التي تقف بجوار غزل بعد انتهاء مناسك الحج بالخارج...
ابتسمت لغزل وأردفت.

- أنا هاخد ياسمينا ونلف شوية مع ريان في المدينة وبعد كدا هنرجع على هنا. رفعت بصرها لغنى
- عاملة ايه حبيبتي النهاردة. شايفة وشك متغير أوي لو تعبانة إرتاحي
أومأت برأسها وتحدثت: الحمد لله كويسة. ورغم ماقلته غنى إلا أنها تشعر بآلالاما تمزق أحشائها وظهرها
اتجهت غزل لبناتها تضمهم وهي تبتسم وتنظر إلى السماء بعيون تتلألأ بالدموع داعية الله بقلبا راضي.

الحمد لله رب العالمين، يُحب من دعاه خفيًا، ويُجيب من ناداه نجيًّا، ويزيدُ من كان منه حيِيًّا، ويكرم من كان له وفيًّا، ويهدي من كان صادق الوعد رضيًّا، الحمد لله ربّ العالمين، الّذي أحصى كلّ شيء عددًا، وجعل لكلّ شيء أمدًا، ولا يُشرك في حُكمهِ أحدًا، وخلق الجِن وجعلهم طرائِق قِددا».

«الحمد لله رب العالمين، الذي جعل لكل شيء قدرًا، وجعل لكل قدرِ أجلًا، وجعل لكل أجلِ كتابًا، الحمد لله رب العالمين، حمدًا لشُكرهِ أداءً ولحقّهِ قضاءً، ولِحُبهِ رجاءً، ولفضلهِ نماءً، ولثوابهِ عطاءً، الحمد لله رب العالمين، الذي سبحت له الشمس والنجوم الشهاب، وناجاه الشجر والوحش والدواب، والطير في أوكارها كلُ له أواب، فسبحانك يا من إليه المرجع والمآب».

رفعت بصرها لغنى التي تنظر لزوجها وهو ينتظر بالقرب منهما. تركت والدتها وأتجهت إليه. قابلها عندما وجد آثار التعب على هيئتها. وقفت أمامه تبتسمت
- خلصنا إحنا كمان. أتأخرت ليه
ضم أكتافها وهو يشير بيديه لغزل
هاخدها أنا متخافيش روحي ارتاحي
أومأت غزل إليه برأسها وعينيها تتابع ابنتها فاتجهت لربى
- شكل غنى هتولد النهاردة يارُبى
ابتسمت رُبى وهي تنظر لأختها التي تحاول أن تسير بهدوء.

- ربنا يكملها على خير ياماما. منمتش خالص امبارح طول الليل رايحة جاية وبيجاد صعب عليا والله. مسبهاش ولا لحظة
رفعت ذقنها ونظرت لمقلتيها
- دعتلك ياحبيبتي أنتِ كمان ربنا يرزقك الذرية الصالحة. ضمت والدتها
- يارب ياماما يارب. بحق هذا الفرض العظيم ربنا يرزقني ويقر عيني بمولود
ربتت على ظهرها وترقرقت عيناها وهي تؤمن على دعاء ابنتها. وصل عز إليهما
وقف ينظر مبتسما لزوجته. خرجت من أحضان والدتها وهرولت إليه.

- مبروك ياحج عز. رفعها يضمها وطبع قبلة على جبينها
- تقبل الله زوجتي الجميلة. ابتسمت بخجل تنظر إليه بهالة من عينيها التي ابهرته بسحرها ود لو يسحقها فالتو فقد اشتاق إليها كثيرا
مد يديه يحتضن كفيها وهو ينظر لغزل ووالدته التي وصلت: - معلش هخطف مراتي خمسين يوم. هنستناكم في شرم
عند غنى وبيجاد
بدأت تتحرك معه ببطئ تحاول السيطرة على آلالامها فتسائلت
- اتأخرت ليه يابيجاد، استنيتك كتير.

ضمها من اكتافها وتحدث قائلا:
- لسة يادوب مخلص. وكنت بعمل شوية تليفونات. اخبارك إيه والولا العفريت دا عامل معاكي ايه. وحشتوني اليومين دول
توقفت عندما اشتد الألم عليها ولم تعد تقو على الحركة. ضغطت على كفيه عله تستمد قوته. نظر إليها بخوفا
- حبيبتي مالك إنت تعبانة!
اتجهت سريعا ببصرها لوالدتها وهي تصرخ.

ماما إلحقيني. رفعت عيناها لزوجها بيجاد شكلي بولد. لم تكمل حديثها معه عندما شعرت بالمياه تتدفق بين ساقيها، آه صرخت بها وهي تمسك بزوجها الذي نظر إليها ورأى المياه تحت أقدامها. لحظات تمزق قلبه كأنه شعر بتوقف دقاته عندما صاحت بصرخات متتالية.

بعد قليل وصلوا إلى اقرب مشفى حيث تواجدهم. دلفت غزل مع ابنتها عندما علموا بهوية إنها طبيبة. ظل الجميع بالخارج على أعصاب تكاد تزهق الأروح بعد إتصال بيجاد بوالده وجواد
ظل يزرع المكان ذهابا وإيابا وكأن روحه تخرج من جسده. اتجه ريان إليه
- حبيبي ممكن تهدى. مش ينفع اللي بتعمله دا
نظر في ساعته.

- اتأخروا يابابا. بقالهم كتير. ربت والده على ظهره وتحدث: - حبيبي دي ولادة يعني بياخدو وقت شوية ومتاخروش ولا حاجة. هز رأسه رافضا حديث والده. اتجه ببصره لجواد الذي يجلس يقرأ بمصحفه بهدوء وكأن لا شئ يحدث حوله
قاطعه تأمله لجواد خروج غزل من غرفة العمليات. خرجت غزل وجثت على الأرض تحاول سحب نفسا طويلا. هب جواد سريعا ينظر لحالتها. جلس بمقابلتها عندما وجدها بهذه الحاله.

- غزل البنت جرالها حاجة. قالها جواد بلسانا ثقيل. هب الجميع بيقظة تامة منتظر حديثها. بينما بيجاد الذي دفع الباب ودخل للغرفة. رفعت بصرها وانسدلت دموعها
- مبروك ياجدو. جالك حفيد زي القمر. هنا توقف الزمن ومعه توقفت عقارب الساعة. دقات عنيفة أصابته بالكامل طالع زوجته بدموع الفرحة.

- غنى عاملة إيه. لم يكمل سؤاله وخرجت على سرير نقال متجهة لغرفة خاصة. بينما فحص الطبيب الطفل للأطمئنان عليه ثم اعطاه لريان الذي وقف ينتظر خروجه بينما بيجاد الذي ذهب خلف زوجته منتظر إفاقتها. جلس الجميع بالخارج ينتظرون افاقتها. بينما بالداخل جلس بجوارها يضم كفيها بين راحتيه ويقبلهما
- غنايا يلا حبيبي افتحي عيونك. كانت غزل تتابعه وهي جالسة بجوار نغم. لحظات قليلة واستمع لهمهمات تخرج من فمها.

- بيجاد ابني. مسد على خصلاتها
انا هنا حبيبي افتحي عيونك يلا علشان تشوفي ابننا. رمشت بأهدابها تحاول فتح عيونها. ابني. دنى وهمس اليها
- بتسألي على ابنك طول الوقت ومفيش مرة واحدة تسألي فيها على أبو ابنك. نهضت غزل سريعا إليها للأطمئنان عليها.

بعد أسبوع
هبطت الطائرة المتجه من الأراضي السعودية على الأراضي المصرية. ترجل الجميع متجهين لصالة المطار. منتهين معاملتهم ثم اتجهو للخارج
توقف جواد أمام ريان
- رحلة سعيدة تقبل الله مننا جميعا. حج مبرور وذنب مغفور، ابتسم الجميع اليه. أخذ سفيان من ريان وقبله على جبينه. تحرك ريان هو اولاده ثم توقف ينظر لحازم.

- على ميعادنا ان شاء الله ياباشمهندس. يوم الجمعة كتب الكتاب والخطوبة. اتجه مالك بنظره يغمز لتقى التي بعدت ببصرها عنه
أومأ حازم وهو ينظر لمليكة
- ان شاء الله. ربنا المستعان. امسك جواد الطفل ثم اعطاه لوالده.
- خلي بالك من ابنك يابغل وبطل سهوكة. اتجه ببصره لجاسر وتحدث إليه
- هتروح مع أوس ولا هتروح لباسم تجيب مراتك.
نظر جاسر للبعيد واجابه
- هروح أجيب فيروز. بس هنسافر شرم يومين كدا وأرجع على البيت.

أومأ رأسه بتفهم وتحرك يسحب غزل من كفيها وتحدث
- فيه مشوار هروحوا أنا وماما وانتوا اسبقونا. يومين كدا وهنرجع. طالع ياسمينا
فاتجه لأوس
- روح مراتك شكلها تعبانة ومتنساش إنها حامل. سحب كفيها وتحرك لسيارة الأجرة التي ستتحرك بهما. بحث جواد بنظره عن عز وربى وتسائل
- عز وربى فين. اجابته غزل
- سافروا شرم الشيخ. ضيق عيناه وتسائل
- امتى؟ اتجه بنظراته لصهيب الذي يقف يحادث حازم بعيدا وهو يضم جنى.

فسحب كف غزل وتحرك متجها إليهما.
توقف بيجاد أمامه وضيق عيناه
- مش هتقولي رايح فين وسايب الكل محتاس يابوص. رفع حاجبه بسخرية مردفا
- هو أنا مخلفك وناسيك يابني. ابوك مشي قاعدلي ليه. رفع بيجاد يديه وتصنع تظبيط ياقة قميص جواد وأردف: - لا ماهو قالي اتوصى بحماك والصراحة انت صعبان عليا. شكلك تعبان كدا فأنا هوصلك مكان ماانت رايح
ضحكت غزل بقوة على بيجاد.

أنزل جواد يديه بغضب ونظر اليه شرزا: - عارف لو لمحت ابنك بيعيط هنفخك يابيجاد. خلي بالك من الولد بدل ماانت عينك عليا
وضع الولد بيد جواد واردف متهكما
- بقولك ايه متقرفناش انت وحفيدك. خده معاك أهو يسليك بدل ماانت مش لاقي حاجة تعملها. وصل صهيب الذي قهقه بصوتا مرتفع عندما استمع لحديث بيجاد
زفر جواد بقوة وطالعه بغضب: - هقول ايه على واحد وقح ذيك. مستني مني ايه. اتجه بنظره لغنى التي تضحك على زوجها ووالدها.

- معرفش فيه حد بيحب جحش ياحمارة
ضحك الجميع على حديث جواد. فتراقص بيجاد بحاجبه
- متعلم منك يامعلم. وابعد عن مراتي متخلنيش اقلب عليك ياابو الجود. قالها وتحرك ساحبا كف زوجته وهو يحمل ابنه متجها لسيارته التي بجراج المطار
بعد فترة وصل جاسر إلى منزل باسم. فتح باسم الباب وآثار النوم على وجهه
- وحشتني يابسوم. دفعه ودلف للداخل.

اجابه باسم بتهكم: - بس انت ماوحشتنيش يازفت. رفع يديه بالامباله وتسائل: - فين فيروز. هي نايمة، مسح باسم على وجهه بغضب وأردف: - جايلي الساعة اتنين تسألني عن فيروز. اهي زفتة نايمة جوا جتك الهم انت وهي.

دلف سريعا إليها. وجدها تغط بسبات عميق. جثى أمام الفراش يمسد على وجنتيها. ثم أمال يلتقط ثغرها بقبلة مطولة استيقظت على اثرها. فتحت عيناها تنظر اليه بذهول: - جاسر إنت جيت إمتى. مال برأسه يضعها بعنقها يستنشقها كجرعة مخدر لرئتيه
- وحشتيني أوي أوي فيروزتي. لامست وجنتيه ودنت من شفتيه
- وانت كمان ياحبيبي. لم يدعها تكمل حديثها ليدخل بها لعالمه الساحر. فقد أشتاق إليها إشتياق فاق الحدود
عند غزل وجواد.

وصلا لمنزل المزرعة وترجل من السيارة متجهين للداخل. توقف أمامها احتضن وجهها. دلوقتي هنفذ وعدي لحبيبة روح جود. تمسحت بصدره وهي تضم خصره
- وحشتني أوي أوي ياجود
سحبها وهو يضحك عليها.

- لا بلاش تقولي حاجة دلوقتي. خلينا نشوف العندليب والست شادية اللي قرفتيني بيهم. صفقت كالأطفال وتحركت معه اخرج دراجته وركبها وأمسك يديها لتركب أمامه وبدأ يقودها بين الزروع الموجودة بالمزرعة ويدندن اغنيته التي وعدها بها حاجة غريبة لعبدالحليم حافظ وشادية انسجمت غزل معه وبدأت تغني معها. بعدما حررت حجابها وهي ترفع يديها كبنت تبلغ من العمر عشرون عاما. رجعت بجسدها للخلف على صدره.

- حبيبي كدا هندخل المستشفى قبل مااخد حقي من نانا غزل.

بعد شهرا ذات مساءا
دلف لغرفته وجدها تجلس على الأريكة وتحمل طفلها بين يديها وتغفو بإرهاقا
وصل بهدوء وحمل الطفل يضعه بمهده. ثم اتجه إليها يحملها متجها للفراش
وضعها بهدوء ودثرها بالغطاء وقام بإطفاء المصابيح يمسد على خصلاتها عندما فتحت عيناها.

- بيجاد سفيان بيعيط. اتجه بنظره لطفله الذي صاح بكاءا بأرجاء الغرفةثم امال وطبع قبلة على جبينها: - نامي حبيبة بيجاد وأنا ههتم مالكيش دعوة المهم ارتاحي لو بتحبي بيجاد
همست مابين نومها
- بموت فيك حبيبي. قبلها بجانب شفتيها
وبيجاد بيعشقك ياروحي. ظلا يمسد على خصلاتها وصوت بكاء ابنه يصم الاذان. زفر متحركا إليه.

- اعمل فيك ايه. هتصحي ماما ولد اد عقلة الأصبع وعامل مهرجان كان. والله لو لفيتك في الساندوتش مش هتبان فيه. حمله ينظر إليه واكمل حديثه
- بتعيط ليه ياحلوف على رأي حماي. لا بقولك ايه انا معنديش ياما ارحميني والله احطك في الخلاط مش ناقص وجع دماغ
اسمع كلام بابي كدا وخليك مؤدب علشان نعرف نعيش أسرة مع بعضينا. نظر للولد والخوف امتلكه عندما صمت.

- يخربيتك هو انت بتفهم. طيب ياحلو بدل بتفهم كدا فبلاش تصيع عليا. ورب الكعبة مالميت نفسك وسبت ماما ترتاح
صمت وبدأ يحدث حاله
-دا أقوله إيه. ماعلينا هو شكله خاف فهيسكت. اتجه يضعه بمهده مرة أخرى فاستمع لصياحه هز رأسه وهو ينظر إليه: - كدا أنا فهمت عايز تتشال يابن بيجاد وماله ياحبيبي بس كدا. تعالى حمله متجها للخارج وهو يتحدث إليه.

- هنقعد في المكتب مع بعض راجل لراجل ولو سمعت صوتك هحطك في الدرج. سمعتني يلا. قالها وهويبتسم. قبل جبينه ينظر لعيناه التي تشبه عين والدته فتحدث
- تعرف أنا بحبك أد أيه. بحبك علشان جيت لنا في وقت يأس وضغوط كتيرة. ربنا يحفظك ياحبيبي وتكون قرة عين لينا
بأقدام حافية تهرول بخفة كالفراشة على الشاطئ حتى ترتطم مياة البحر برمال الشاطئ بأقدامها وهي تحمل بيديها حذائها ذا الكعب العالي.

طالعته بنظراتها العاشقة. وجدته يسرع إليها كتمت صوت ضحكاتها وهي تقفز كالطفلة وترفع يديها كحمام سلام
- خلاص. آسفة، آسفة وحياتك مش هعملها تاني
أرتفعت أنظاره على أثر ضحكاتها التي انطلقت بصخب حينما رسمت خبثها الطفولي عليه
عض على شفتيه السفلية بغل يود أن يضعها بين فكي أنيابه ولكنها نجت من براثنه
جلس جاسر يصطنع آلالام بصدره على الشاطئ ثم وضع كفيه على صدره وكأنه لا يقو على التنفس، هرولت إليه سريعا.

جلست فيروز أمامه وتلألأ الدمع بعيناها
- حبيبي مالك إيه اللي حصل
اقترب فجاءة وتسلطت عيناه على شفتيها المرتعشة. وحدث حاله
- كيف استطاع أن يهدأ أمام كتلة هذا الجمال
أعتدل بجلسته ثم رفع أنامله يلمس بها كرزيتها التي وجبت للتذوق
دفعته بكفيها الصغيرة وتمتمت بكلمات مستائة محاولة الفرار من قبضته الفولاذية.

رفعت كفيها على زر قميصه تحدثه بصوتها الأنثوي الرقيق حينما علمت بإصراره. جذبها جاسر حتى أختلطت أنفاسهما. فيما عزمت هي أمرها على أن تفر من شظايا تحكمه اللئيم راكضة بعدما أشعرته بإستجابة لأنامله التي تتحرك بسخاء على شفتيها. ركضت بعيدا حتى وصلت إلى الشاليه ولكن فجأة اصطدمت بجواد
وقفت امامه كالتلميذة
- عمو جواد آسفه. رفع نظره لجاسر الذي وصل إليهما. طالع والده
- فيه حاجه يابابا. هز جواد رأسه وتحرك.

- لا يابابا كنت بدور على ربى وعز هما فين
اشار جاسر اتجاه الشاطئ وتحدث
- ركبوا اليخت ودخلوا البحر. اومأ برأسه وتحرك تاركهما. توقفت تفرق بيديها ونظرت بخجل لجاسر: - دلوقتي باباك يقول ايه. ضمها لأحضانه
- ولا حاجة ياحبي. بابا مفيش احن منه
وضعت رأسها على صدره واردفت
-أنا بحبك أوي ياجاسر. حضن وجهها ونزل بشفتيه يلتقط ثغرها أخيرا. ثم سحبها متجها للشاليه
علي متن سطح اليخت.

وقفت تنظر لمياه البحر وامواجه المرتطمة. حاوط خصرها بذراعيه
- عز فيه حاجة لازم تعرفها. أدار وجهها إليه ورفع ذقنها بإبهامه
- فيه ايه حبيبي
امسكت كفيه ووضعتها على بطنها ورفعت بصرها إليه
- هتكون أجمل بابي شافته عيوني. لحظات يحاول إستيعاب كلماتها. فجأة حملها وهو يدور بها ويضحك بصخب
- ياما انت كريم يارب. ظل يدور بها في وسط ضحكاته يضمها كالطفل الرضيع. انزلها بهدوء وهو يحاوط جسدها بذراعيه.

- روبي ياأجمل زهرة في حياتي. بحبك يابنت عمي. بحبك ياحب صغري وشبابي. بحبك ياأجمل هدية ليا في الدنيا. كنت عارف ربنا هيكرمنا. رفعت كفيها وانسدلت عبراتها على وجنتيها
كنت عارف ان فيه مشكلة
هز رأسه وأجابها. لو محستيش بيكي يبقى مستهلش حبك ياحبيبة عز
- أنا بعشقك ياعزي أنا. بعشق الحب علشان اتولد في قلبي بسببك
بعشقك وبعشق دنيتي علشان انت فيها
سحبها متجها للأسفل وهو يتحدث.

- لا كدا كتير على قلبي. بلاها نظري بحب العملي وأهو أسلم على ابني
عصرا على شاطئ الحب بالغردقة
استيقظ جواد من غفوته قبل المساء ومع ذهاب الشروق وإستقبال الغروب بشعاعه الأحمر. بحث عنها بالشالية ولكنها ليست موجودة. وقف ينظر من النافذة وجدها تجلس أمام الشاطئ وتدون أشياء بمذكراتها
أخذ يتنفس الصعداء عندما رآها. اتجه متحركا إليها. توقف خلفها فكانت تدون آخر جملتها.

وهكذا انتهت قصة ذلك الحب المتمرد الذي اُدعى بأنه ماليس إلا وهم للحب. فلو حبُك وهما لي فإني لعشقت هذا الوهم وكرهت همساته. فما الحب إلا حبا
نزل بجسده وحاوط جسدها من الخلف عندما وضعها بين ذراعيه
أغمضت جفونها عندما لافحها بأنفاسه قائلا
- دا لسة قصة المتمرد طاغية على حبيبي.

تطلعت غزل بعيناها التي اعتبرها ترانيمه المقدسه وأجابته: - ليه متعرفش إن المتمرد محفور بروحي. أنا وهو مينفعش ننفصل ابدا. فلو انفصلنا هنموت.

سحب كفيها حتى استقامت وأصبحت تقف بمقابلته. ثم جذبها يضمها لأحضانه. تمنى أن يدخلها بين ضلوعه حتى يُخفيها عن العالم، ذابت بحضنه واعتصرت جسده فلما لا وهو حصنها وآمانها. فمنذ أن فتحت عيناها فلم ترى ماأجمل من شخصه ولا أدفى من أحضانه. ولا أحن من لمساته. فهو الحصن المنيع. الحضن الدافئ. هو الحياة، هو عشقها هو جوادها وحدها
تحدث. متنسيش تكتبي كمان.
- عندما قلت لكِ، : قلبي أمانة عندكِ حافظي عليه.

قلتي لي حينها
وهل تؤتمن الروح عند من يسكنها
كم صدقتكِ وتركت قلبي لكِ...
فما كان إلا أنه امتزج بروحكِ فأصبحتِ لهما الحياة
رسمت عيناها ملامحه لتحفرها بنبضات قلبها
- أقترب لأخبرك إنك السعادة لقلبي وأنا بدونك جسد لا يحيى ابدا
دنى هامساً
لو سألوني ماتعني لك. لقولت لهم إنها نبض وعافية لا تفارق قلبي وروحي ابدا
وما أحببتكِ إلا أن تكونِ لي الحياة
‎.

إقتباس من الجزء الثالث
قامت فيروز بالاتصال عليه
- جاسر هتتأخر. نظر للطريق أمامه وأجابها. : - مش قبل خمس ساعات حبيبي. عندي مأمورية مهمة فيه حاجة. انتِ كويسة والبيبي كويس
زفرت بغضب واجابته: - كويسين بس زهقت من القعدة لوحدي. خطرت على بالها فكرة
- بقولك ماتكلم جنى تيجي تقعد معايا. بدل مفيش حد. هي كانت مع خطيبها ولسة راجعة
مسح على وجهه بغضب وتوقف بالسيارة.

- حاضر هكلمها لكن اتمنى متزعلهاش بكلامك زي كل مرة يافيروز
تأففت فيروز وتحدثت: - قولت لك مش قصدي ياجاسر...
نظر من نافذة سيارته وتحدث بهدوء رغم حزنه
- تمام حبيبتي خلي بالك من نفسك. اغلق معها وقام الاتصال بجنى التي دلفت حي الألفي بعدما ودعت خطيبها
خطت عدة خطوات واستمعت لهاتفها. اخرجته فنظرت لأسمه الذي يضي بصورته على شاشة هاتفها
سحبت نفسا ولملمت شتات نفسها ثم وضعت الهاتف لتسمع لصوته الحنون.

- عاملة ايه ياجنجون.
- كويسة. إنت عامل إيه وفيروز عاملة إيه من زمان متقبلناش
شعر بنيران مستعيرة بداخل صدره ولا يعلم لماذا. فأجابها
- شغلي ياجنى هعمل ايه. ربنا يوفقك ياجاسر. هذا ماقالته وهي تتحرك متجه لمنزل حازم. حمحم جاسر وأردف
- كنتِ برة مع خطيبك.

توقفت تنظر حولها فقطبت مابين حاجبيها واردفت متسائلة: - ايوة عرفت ازاي. مسح على خصلاته يرجعها للخلف واجابها: - مش مهم. المهم طالب منك حاجة. هو رجاء. انا قدامي خمس ساعات لحد ماارجع وانتِ عارفة فيروز حامل في شهورها الاولى وخايف عليها ليحصلها حاجة ممكن تروحي تقعدي معاها لحد ماارجع. آسف مش قدامي غيرك بعد سفر الكل للأسكندرية وطبعا مش كويسة اطلب من عمتو مليكة. تذكر شيئا ثم تحدث متسائلا.

- هوانت هتباتي عند عمتو مليكة
هزت رأسها بالموافقة واردفت
- ايوة مينفعش أبات لوحدي وخصوصا بعد سفر عز وربى.
جواد عندك تسائل بها جاسر
- معرفش. ثم تراجعت وتحدثت
- أنا خارجة من حي الألفي اهو خلي مراتك تعرف البواب أنا برة. نظرت للبوابة المفتوحة فتحدثت إليه: - لا البوابة مفتوحة والبواب شكله بيجب حاجة.

طيب روحي وأنا معاكي على التليفون. قالها جاسر وهو مازال بالسيارة. تحركت إلى إن وصلت لباب المنزل ووجدته مفتوحا. ظلت تنادي على فيروز ولكنها غير موجودة
- جاسر فيروز مش هنا. رأت خيال لأحدهما بالخارج فتحدثت
- استنى شايفة حد برة. يمكن فيروز هشوفها كدا. ماان خطت خطوة حتى استمعت لصوت احدهما
- البنت اهي هاتوها. تسمرت بوقفتها عندما وجدت الكثير من الرجال الذين يظهر عليهم الأجرام. فصرخت تحادثه.

- الحقني ياجاسر. فيه ناس غريبة في بيتك.
تسمر للحظات يحاول إستيعاب ماقالته. فصاح بعد برهة بها: - جنى شوفي فيروز فين وامشي من عندك بسرعة. بكت عندما وجدت احدهما يتقدم منها. فهرولت للاعلى وهو خلفها وهي تحادثه
- مش هعرف ملين الجنينة. الحقني ياجاسر. صاح بها بجسد مرتعش وهو يقود سيارته بسرعة جنونية
- جنى حبيبتي اطلعي على أوضتي بسرعة واقفلي على نفسك بالمفتاح وأنا هتصرف لو معرفتش اوصلك بسرعة. يلا حبيبي.

هوت على الدرج وهي تسرع وتبكي واحدهما خلفها يصيح بها
- هتروحي فين ياروح امك. استمع جاسر لذاك الرجل وكأن احدهما وضع سيخا حديدا بصدره تسارع بأقصى سرعته وهو يكاد بتصادم بكثيرا من الحوادث
دلفت لغرفته وأغلقت بالمفتاح عليها وجسدها يرتعش. استمعت لصياحه.

- جنى حبيبي معايا. أنا في الطريق. اهدي وحاولي تتخبي كويس. ادخلي اوضة الملابس اتصرفي. كانها لم تستمع له. امسكت هاتفها بيد مرتعشة اغلقت معه متجه الاتصال بعز كان عز يجلس بجوار جواد وهم ينظرون لطفلة اوس ويضحكون ولكن قاطع حديثهما اتصال جنى
- ايوة ياجنجون. هنا هب واقفا وكأن روحه خرجت من جسده. طالع جواد حالته.
في ايه ياعز. هرول للخارج وهو يصيح حتى توقف الجميع عن الاحتفال.

- جنى ياعمو فيه حد بيجري وراها عند جاسر
عاد بيجاد مساء من عمله. قابلته العاملة فأردف متسائلا
- أين المدام؟
أشارت بيديها على غرفة المعيشة وتحدثت باللهجة الفلبنية: - إنها تبدو مستاءة من البيبي سيدي
توجه سريعا إليها، انتفض قلبه وصرخ بعيونه المذهلة وغضب عارم
- ينفع كدا. هتفضلي كدا لحد إمتى؟
رفعت بصرها تنظر إليه بإرهاق وحاولت الحديث ولكن قواتها متلاشية. امال بجسده وتلقى منها طفله يضمه بحنان أبوي وقبله.

ثم صاح على مربيته
- الولد دا لو خرج من أوضته هعاقبك إنتِ سمعتي ولا لا، قالها بصوتا صاخب
نهضت غنى تنظر إليه بذهولاً وقلبا مفطور
- بيجاد إيه اللي بتقوله دا، لم يعرها أهتماما واحتدت نظراته للمربية التي تحركت بالطفل خوفا من بطشه
إلتفت إليها بحنق ينظر لحالتها التي ادمت قلبه، ثم إنحنى يحملها دون حديث
وضعت رأسها بصدره وتعالى بكاؤها، زفر بضيق ثم تحدث بهدوء: - مينفعش كدا ياغنى. كدا هتموتي نفسك حبيبي.

تحدثت بصوتا متحشرج بالبكاء
- أنا أم فاشلة. مش عارفة أربي الولد يابيجاد، وصل لغرفتهما ثم وضعها بحنان على الأريكة متجها للمرحاض
ورجع خلال لحظات وقام بحملها
-إنتِ أحن ام. إن لبدنك عليك حق
خدي شاور ونامي ووعد مني مش هفارقه ياستي. هحروح اضربلك إبن الكل. ب اللي غلب غنى بيجاد
لكمته بضعف بصدره وتحدثت بصوتا مرهق
- ماتشتمش ابني لو سمحت ولا تشتم باباه بقولك أهو
رفع حاجبه بعدما تخلص من ملابسها كليا ثم تحدث متهكما.

- شوف إزاي، وأنا اللي كنت مفكر إنه ابن...
وضعت كفيها على شفتيه.
تمت بحمدلله
تعليقات